نتائج البحث عن (الرُّقَبَاءَ)

1-العربية المعاصرة (خرب)

خرَبَ يَخرُب، خَرْبًا، فهو خارِب، والمفعول مَخْروب.

* خرَب الآلةَ: عطّلها، منعها من أن تكون لها منفعة (*) خرَبَ نظامًا: أفسده وبلبله.

* خرَبَ الدَّارَ: هدمها، جعلها خَرَابًا- خرَبَ الدُّنيا: أقام الدنيا وأقعدها، أثار ضجَّة كبرى، أحدث بلبلة وصَخَبًا- يخرب بيتَه بيده: أي يقضى على مستقبله بنفسه.

خرِبَ يَخرَب، خَرَابًا وخرَبًا، فهو خَرِب وخَرْبانُ/خربانٌ.

* خرِبتِ الآلةُ: تعطَّلت عن أن تؤتي منفعتها، كفَّت عن النَّفْع (خرِبتِ السيارةُ- ساء التصرُّف في المؤسّسة فخرَِبتْ).

* خرِب المكانُ: خلا من الأحياء، عكسه عمَر (أصبحت المدن الفلسطينيّة خرابًا بعد القصف الجويّ لها- إذا اصطلح الفأرة والسِّنَّور خرِب دكّان العطار [مثل]: التنبيه إلى انتشار الخراب عند اتفاق الرُّقباء- {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [قرآن]).

أخربَ يُخرب، إخرابًا، فهو مخرِب، والمفعول مخرَب.

* أخرب المكانَ: تركه خرابًا، هدمه، دمّره (أخربت الحربُ البلادَ- {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} [قرآن]).

انخربَ ينخرب، انخرابًا، فهو مُنخرِب.

* انخربَ البيتُ: مُطاوع خرَبَ: انهدم، انهار.

تخرَّبَ يتخرَّب، تخرُّبًا، فهو متخرِّب.

* تخرَّبتِ الآلةُ: مُطاوع خرَّبَ: تعطَّلت وفسدت، لم تعُدْ تؤدِّي منفعتها.

خرَّبَ يخرِّب، تخريبًا، فهو مخرِّب، والمفعول مخرَّب.

* خرَّب الماكينةَ: خَرَبَها، عطّلها أو أفسدها (خرّب سيارة).

* خرَّب الدَّارَ: خَرَبَها، هدمها ودمّرها، صيَّرها خرابًا (حذّر من تخريب الآثار العامة- {يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [قرآن]).

أخْرَبُ [مفرد]: [في العروض] جزء دخله الخَرْب.

تَخْريب [مفرد]:

1 - مصدر خرَّبَ.

2 - تدمير للممتلكات أو إعاقة للعمليّات المعتادة من قبل المدنييّن أو عملاء العدوّ في الحرب (سياسة التَّخريب) (*) تخريبُ النِّظام: إفسادُ النِّظام والعبث به.

تخريبيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى تَخْريب: تدمير متعمَّد لمبانٍ ومنشآت عامة بهدف سياسيّ غالبًا (قام المتظاهرون بأعمال تخريبيّة).

خراب [مفرد]:

1 - مصدر خرِبَ.

2 - خَرِب (وصف بالمصدر) (فلان على حافة الخراب: يكاد الخراب ينزل به- دمَّرت القنابلُ المدينة فصارت خرابًا) (*) أَرْضٌ خراب: سادها الدّمار والخراب.

خَرَابة [مفرد]: جمعه خَرَابات وخَرَائبُ: موضع الخراب (أصبح الإقليم خرابة بعد هلاك من فيه- قصفت الصواريخُ المدينةَ حتى حولتها إلى خرائب).

خَرْب [مفرد]: مصدر خرَبَ.

* الخَرْب: [في العروض] اجتماع الخرم، وهو حذف أوَّل التَّفعيلة المبدوءة بوتد مجموع مع الكفِّ، وهو حذف السَّابع السَّاكن من التفعيلة، فتتحوَّل (مفاعيلن إلى فاعيلُ).

خَرَب [مفرد]: جمعه أخراب (لغير المصدر) وخراب (لغير المصدر):

1 - مصدر خرِبَ.

2 - ذكر الحُبارى.

خَرِب [مفرد]: مؤنثه: خَرِبة، والجمع المؤنث خَرَائبُ وخِرَب:

1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من خرِبَ (*) خَرِبُ الذِّمَّة: عديم الشرف.

2 - غير عامر، خالٍ وخاوٍ.

خَرْبانُ/خَرْبانٌ [مفرد]: جمعه خَرْبَى/خربانون، والمؤنث خَرْبَى/خرْبانة، والجمع المؤنث خَرْبَى/خربانات: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من خرِبَ.

خَرِبة [مفرد]: جمعه خَرِبات وخَرَائبُ وخِرَب: موضع الخراب (كَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَخِرَبٌ) [حديث].

خَرُّوب [جمع]: مفرده خَرُّوبة: [في النبات] شجر مثمر من الفصيلة القرنية، يؤكل ويستعمل علفًا للماشية وهو نبات دائم الخضرة، وتُطلق الكلمة أيضًا على ثمار ذلك الشّجر، وهي ثمار حلوة مستطيلة تشبه القرن في شكلها، ولونها يميل إلى السواد (*) عصير الخرّوب: مشروب يصنع من ثمار الخرّوب.

خَرّوبة [مفرد]: جمعه خَرُّوب:

1 - واحدة الخرُّوب.

2 - حبَّة الخروب يوزن بها.

خَرْنوب/خُرْنوب [جمع]: مفرده خَرْنوبة/خُرْنوبة: خَرُّوب، شجر له ثمر حلو يشبه القرن في شكله، يؤكل ويستعمل علفًا للماشية.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-العربية المعاصرة (رصد)

رصَدَ يَرصُد، رَصْدًا ورَصَدًا، فهو راصد، والمفعول مَرْصود.

* رصَد الأسدُ فريستَه: راقبها وقعد لها (رصَد النجومَ في السَّماء- رصَد الأسدُ فريستَه- رصَد العَدُوَّ: راقب تحرُّكاته ليحدِّد موقعَه- والمنايا رَصَدٌ.. للفتى حيث سَلَك).

* رصَد الحسابَ/رصَد الدَّرجةَ: كتبها في السِّجلّ الخاصّ بذلك.

* رصَد مبلغًا لمشروع: خصَّصه له (رصد مبلغًا لبناء مسجد/للزواج).

* رصَد الأحداثَ والوقائعَ: سجَّلها، أرَّخَ لها.

أرصدَ يُرصد، إرصادًا، فهو مُرصِد، والمفعول مُرصَد.

* أرصدَ الحسابَ: رصَدَه، أظهره وأحصاه وأحضره (يُرصد التاجر حسابه كل شهر: يوازن بين جانب المدين وجانب الدائن).

* أرصد الرَّقيبَ: جعله يرصد الطريق أو الناس، أي يراقبهم (أرصد الحاكمُ الرقباءَ خوف انتشار الفتنة).

* أرصد له شيئًا: أعدَّه (أرصدت الدولة الجيش للقتال- {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ} [قرآن]: ترقُّبًا وإعدادًا) (*) أرصد له خيرًا أو شرًّا: جازاه به.

ترصَّدَ/ترصَّدَ ل يترصَّد، ترصُّدًا، فهو مُترصِّد، والمفعول مُترصَّد.

* ترصَّد فلانًا/ترصَّد لفلان: ترقّبه (ترصَّد خبرًا/عدوَّه- ترصّدت الشرطة لشخص مشتَبَهٍ فيه- يترصد علماء الفلك حركات الكواكب وعلاقاتها).

إرصاد [مفرد]:

1 - مصدر أرصدَ.

2 - [في الآداب] أن يُذكَر قبل آخر فقرة أو البيت ما يدل على آخره متى عُرِف رَوِيُّه.

راصِد [مفرد]: جمعه راصدون ورَصَد ورُصَّاد، والمؤنث راصِدة، والجمع المؤنث راصِدات ورُصَّد:

1 - اسم فاعل من رصَدَ.

2 - من يقوم في المرْصَد بمراقبة النجوم والكواكب.

رَصْد [مفرد]: جمعه أَرصاد (لغير المصدر):

1 - مصدر رصَدَ.

2 - فِعْل الراصد المُراقب (رصْد الأفلاك- محطة للأرصاد الجوّيَّة) (*) محطَّة الأرصاد الجوّيّة: موقع يتمُّ فيه جمع معلومات الأرصاد الجويَّة وتسجيلها ونشرها.

* سفينة الرصد: مكتب يسافر في المحيطات مجهَّز للقيام بالرصد الجويّ.

* الأرصاد الجوِّيَّة: [في الفلك] علم يبحث أحوال الجوّ وبخاصة العمليَّات الطَّبيعيَّة التي تحدث في الجو كالضَّغط الجوِّيّ والحرارة والرِّياح والرُّطوبة وتساقط الأمطار. إلخ.

* تقرير الأرصاد: [في الفلك] النشرة الجوية.

* مصلحة الأرصاد الجوِّيَّة: [في الفلك] الإدارة الخاصة بملاحظة تغيرات الطقس وتسجيلها.

* الرَّصد الفلكيّ: [في الفلك] مراقبة النّجوم وحركاتها وما يتَّصل بها بواسطة آلات الرَّصد.

رَصَد [مفرد]: جمعه أَرصاد (لغير المصدر):

1 - مصدر رصَدَ.

2 - [في الفلك] اسم موضع تُعيَّن فيه حركة الكواكب (غالبًا في صيغة الجمع).

3 - راصِدٌ، مُراقِب {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [قرآن].

4 - حَرَس من الملائكة {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [قرآن].

رَصيد [مفرد]: جمعه أَرصدة: مجموع ما للمُودع من أموال في حسابه الجاري بالمصرِف (كم رصيدي في المصرف الآن؟ - قرَّروا تجميد الأرصدة) (*) الرَّصيد لا يسمح: المبلغ الباقي في الرصيد لا يغطي مقدار المطلوب- شيك بدون رصيد: ليس له غطاء كافٍ يسمح بصرفه.

* رصيد الذَّهب: [في الاقتصاد] الذهب الضامن لإصدار الأوراق النقديّة.

* رصيدٌ دائن: [في الاقتصاد] رصيد الحساب الذي يزيد فيه مجموع المبالغ الدائنة على مجموع المبالغ المدينة.

* رصيد قديم: [في الاقتصاد] رصيد لا يحوي شيئًا وصاحبه مقترض من المصرف.

* رصيد مدين: [في الاقتصاد] رصيد الحساب الذي تزيد فيه المبالغ المدينة على مجموع المبالغ الدائنة.

مِرْصاد [مفرد]: جمعه مَرَاصِيدُ:

1 - طريق الرَّصد والمُراقبة (قعد/وقف له بالمرصاد: راقبه- {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [قرآن]: مراقبك فلا يخفى عليه شيء من أفعالك).

2 - مَحْبِس {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} [قرآن].

3 - [في الفلك] آلة يقال لها تلسكوب ينظر بها إلى الكواكب وترصد أو تراقب بها الأجرام السماويَّة.

مَرْصَد [مفرد]: جمعه مَراصِدُ:

1 - اسم مكان من رصَدَ: مكان الرَّصد والمراقبة (مَرْصَد قيادة- {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [قرآن]) (*) بمرصد منِّي: بمرأًى.

2 - [في الفلك] مبنى تُعيَّن فيه حركات الكواكب وأحوال الطَّقس وتُسجَّل فيه الزلازل (مرصد جوِّيّ) (*) المرصد الطَّائر: جهاز يسجِّل آليًّا عدَّة عناصر جوّيّة كالحرارة والضغط والرطوبة، يحمله منطاد مملوء بالأيدروجين- مرصدة جويَّة: آلة في الطائرة تدوِّن الحرارة والضغط الجوي والرطوبة في وقت واحد.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


3-شمس العلوم (تَتَلَّع)

الكلمة: تَتَلَّع. الجذر: تلع. الوزن: التَّفَعُّل.

[تَتَلَّع] في مشيه: إِذا مدّ عنقه.

وتَتَلَّعَ: إِذا تقدَّم.

ويقال: لزم فلان مكانَه فما يتَتَلَّع: إِذا لم يُرد البَرَاح، أي لا يرفع رأسه للنهوض، قال أبو ذؤيب:

فَوَرَدْنَ والْعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابِئِ الضْ *** ضُرَبَاءِ فَوْقَ النَّجْمِ لا يَتَتَلَّعُ

فوردن: يعني الحُمُر.

والعيّوق: نجم.

والضُّرَباء: الذين يضربون القداح، ويروى «الرُّقَبَاء».

والرابئ: الرقيب.

والنجم ههنا: اثثريّا.

شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م


4-شمس العلوم (نَهَدَ يَنْهَدُ)

الكلمة: نَهَدَ يَنْهَدُ. الجذر: نهد. الوزن: فَعَلَ/يَفْعَلُ.

[نهد]: النهود: النهوض.

نهد إِلى العدو: إِذا نهض وفي الحديث: «دخل ابن عمر المسجد الحرام وعليه ثوبان مَعَافريان فنهد الناس إِليه يسألونه» أي نهضوا إِليه.

وأصل النهود الارتفاع.

قال أبو دؤاد:

كمقاعد الرقباء للض *** رباء أيديهم مواهد

أي مرتفعة.

والضُّرَباء: الذي يضربونه بالقداح والرقباء: الأمناء عليهم.

شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م


5-جمهرة اللغة (برق بقر ربق رقب قبر قرب)

البَرْق: معروف، والجمع البروق.

والسحابة بارقة، والجمع بوارق.

وسُمّيت السيوف بارقةً وبوارقَ تشبيهًا بالبرق.

وأبْرَقْنا نحن وأرْعَدْنا، إذا رأينا البَرْقَ وسمعنا الرعدَ.

ويقال: بَرَقَ الرجل بَرْقًا، إذا تهدد.

وإنك لتَبْرُق لي وتَرْعُد، إذا جاء متهددًا.

وأنشد الأصمعي:

«إذا جاوَزَتْ من ذاتِ عِرْقٍ ثَنـيَّةً*** فقُل لأبي قابوسَ ما شئت فآرْعُدِ»

وبَرِقَ الرجلُ يَبْرَق بَرَقًا، إذا شَخَصَ بطَرْفه مِن فَزَع أو عَجَبٍ.

قال الشاعر:

«ولو أن لقمانَ الحكيمَ تعرَّضَتْ*** لعينيه مَيّ سافِرًا كاد يَبْـرَقُ»

وفي التنزيل: {فإذا بَرِقَ البصرُ}.

وبَرَقَ الشيءً بريقًا وبَرَقانًا، إذا لمع.

قال الشاعر:

«كأنَّ بَريقَه بَرَقان سَـحْـل*** جَلا عن مَتْنِه حُرُض وماءُ»

السحْل: الثوب الأبيض.

والأبْرَق والبُرْقة والبَرْقاء واحد، وهي آكام فيها طين وحجارة.

وجمع أبْرَق أبارِق، وجمع بَرْقاء بَرْقاوات وجمع برْقَة بُرَق.

وجَبَل أبْرَقُ، إذا كان ذا لونين، سواد وبياض أو غير ذلك.

ورجل بُرْقان، إذا كان برّاق البَدَن.

والبَرَق: الحَمَل، أعجمي معرَّب.

وبنو بارق: قبيلة من العرب.

وبارِق: موضع بالسَّواد قريب من الكوفة.

وقد سمَّت العرب بارقًا وبُريقًا وبُرْقانًا.

وناقة بَروق، وهي التي تَشول بذنَبها، ليست بلاقح.

ومثل من أمثالهم: " ما أطيق تَكْذابَك وتَأثامَك تَشول بلسانك شَوَلان البَروق ".

قال الشاعر:

«أم كيف ينْقعُ ما تُعطي البَروقُ به*** رِئمانَ أنف إذا ما ضُنَّ باللبَـنِ»

ويروى: العَلوق به.

والبَرْوَق: نبت ضعيف يُغنيه اليسير من ندى الليل فينبت.

ومثل من أمثالهم: "أشْكَر من بَرْوَقَة ".

والبُراق: الدابَّة التي حُمل عليها النبي صلّى الله عليه وسلّم.

اشتقاقها من البرْق إن شاء الله.

وبَراقة: اسم.

وامرأة برّاقة الجسم، أي صافيته.

قال الشاعر:

«برّاقةُ الجيد واللَّبّاتِ واضحة*** كأنها ظَبية أفضَى بها لبب»

والبُرْقان من الجراد: التي تستبين فيه خطوط سود وحمر.

والبَقَر: معروفة، من الأهلي والوحشي.

وجمع البَقر باقِر وبقير وبيْقور.

قال الشاعر:

«ما لي رأيُتك بعد أهلكَ موحِشًا*** قفْرًا كحوض البَاقِر المتهدم»

وقال آخر:

«عُشَر مّا ومثله سَلع مّـا*** عائل مّا وعالتِ البَيْقُورا»

قال أبو بكر: " ما" في هذا البيت صلة، وهي لغة ثَقَفيّة، وقد تكلم بها غيرهم.

والسلَع: نبت؛ وعائل من قولهم: عالَني، أي أثقلَني.

وقوله: عالت البيقّورا، أي أثقلت هذه السنةُ البيقورَ بالهُزال والضُّرّ.

وقد قرئ: {إن البَقَر نَشابَهَ علينا} وإن الباقر تَشابَهَ علينا.

وبَقِرَ الرجلُ، إذا فزع فلم يبرح.

وبقَرْتُ البطنَ أبقُره بقرًا، إذا شققته، فهو بَقير ومَبقور.

والبَقيرة: خِرقة يُجعل لها جيب يلبسُها الصِّبيان، فكأنها قد بقرت، أي شُقَّت.

وتبقَّر الرجلُ في المال، إذا اتّسع فيه، مثل تبحّر.

ولعِب الصبيانُ البُقَيْرَى، وهي لعبة، يبقرون الأرضَ ويجعلون فيها خبيئًا، وهو التبقير، ولاعبها المُبَقر.

قال الشاعر:

«أبَنَّتْ فما تنفكُّ حول مُتالِعٍ*** لها مثل آثار المُبَقِّرِ مَلْعَب»

أبنت: أقامت، ومُتالِع: جبل، وبَيْقَر: موضع، الياء فيه زائدة، هو مأخوذ من البَقْر، أي الشَّقّ.

والبَيْقَران: نبت ذكره أبو مالك، لا أدري ما صحَّته.

وذكر بعض أهل اللغة أنه كان يقال فيما مضى: بَيْقَرَ الرجلُ، إذا خرج من الشام إلى العراق: وأنشدوا:

«ألا هل أتاها والحوادثُ جَـمَّة*** بأنّ امرَأ القيس بن تَمْلِكَ بَيْقَرا»

وبَيْقَرَ الرجلُ، إذا عدا منكِّسًا رأسَه خاضعًا.

قال الشاعر:

«فباتَ يَجتابُ شُقارَى كمـا*** بَيْقَرَ مَن يمشي إلى الجَلْسَدِ»

والجَلْسَد: صنم كان في الجاهلية.

والرِّبْقُ: حُبيل يشدّ في عُنُق الحَمَل أو البَهْمة، والجمع أرباق، ويقال له الرِّبْقَة أيضًا.

وبَهْم مرَبَّق، إذا قرن بالأرباق، والشاة مَربوق ورَبيق.

وفي الحديث عن عمر: (حجّوا بالذُّرِّية لا تأكلوا أرزاقَها وتتركوا أرباقَها في أعناقها).

وقطعت رِبْقَةَ فلان، إذا كان في همّ ففرَّجت عنه.

وأخرج فلان رِبْقَةَ الإسلام من عُنقه، إذا فارق الجماعةَ.

والرَّقَبَة: معروفة.

ورَقَبْتُ الرجلَ أرْقُبُه رِقْبَةً وارتقبته ارتقابًا، إذا انتظرته.

وأعتقَ فلان رقبةً، إذا أعتقَ نسمة.

ورقبتُ الرجلَ والدابة، إذا طرحتَ في رقبته حبلًا.

وأعطى من رَقَبَة ماله، أي من خالصه.

وفككتُ رقبةَ فلان، إذا أطلقتَه من أسْره.

والرقْبَى، مقصور في وزن فُعْلَى: أن يعطيَ الرجلُ دارًا أو أرضًا رجلًا فإن مات قبله رجعتْ إلى وَرَثَته، وإنما سُمِّيت رُقْبَى لأن كل واحد منهما يراقب موتَ صاحبه.

والمَراقب واحدها مَرْقب، وهي المَرابي واحدها مَرْبأ، وهو موضع الرَّبيئة.

والمَرْقَب من الجبل: الموضع الذي يقعد فيه الرَّبيئة، وجمعه مَراقب.

والرقيبة: كل ما استترتَ به لترميَ صيدًا.

ورجل رَقَبان ورَقَبانيّ: غليظ الرقبة.

والأرْقَب: الغليظ الرَّقبة من الأسْد والرِّجال؛ رجل أرْقبُ وامرأة رَقْباءُ.

والرَّقيب: النجم الذي ينوء من المشرق فيغيب رَقيبُه في المغرب.

والرقيب: الرجل المشرف على أصحاب المَيْسِر.

قال الشاعر:

«كمقاعد الرُّقَباء لـل*** ضُرَباء أيديهم نَواهِدْ»

ويروى: كمجالس الرقباء.

ويقال: نَهَدَ بيده، إذا تناول بها.

وإنما سمِّي العَيوق رَقيب الثُّرَيّا تشبيهًا برقيب المَيْسِر.

وذو الرُّقَيبة: أحد فرسان العرب.

وأشْعَرُ الرقَبان: لقب رجل من العرب.

والمرأة الرقوب: التي لا يعيش لها ولد.

قال الشاعر:

«باتَت على إرَم عَذوبًا*** كأنها شيخة رَقوبُ»

والقبر: معروف، قبرت الرجلَ، إذا عفنته، وأقبرته، إذا أعَنْتَ على دفنه أو جعلتَ له موضعَ قبر.

كذا فسر أبو عبيدة في قوله جل ثناؤه: {ثُمَّ أماتَهُ فاقْبَرَه}، يريد أنه ألهمَ تبارك وتعالى كيف يُدفن الميت ببعث الغراب إلى ابن آدمٍ الذي قتل أخاه.

قالت بنو تميم للحَجاج، وكان قتل صالحًا وصلبه: " أقْبِرْنا صالحًا "، فقال: " دونَكُموه "، أرادوا: إيذنْ لنا أن نقبره.

هذا صالح بن عبد الرحمن مولى لبني سعد ثم لبني الذيال، وبنو الذيّال: البطن الذي منهم عمرو بن جُرْموز، وهو الذي نقل ديوان العراق من الفارسية إلى العربية.

وأرض قَبور: غامضة.

ونخلة قَبورٌ وكَبوس: التي يكون حملُها في سَعَفها.

والمَقْبَرة والمَقْبُرة والمَقْبَر: موضع القبور، والجمع مَقابر.

وقَرُبَ الشيء قُربًا: ضد البعد.

ويقال: قَرُبْتُ من فلان قُربًا، وتقرَّبت تِقِرّابًا وتَقَرُّبًا.

وقريب الرجل: مدانيه مِن نَسَب أمّ أو أب، والجمع قَرابة وقُرَباء وأقْرِباء.

ومثل من أمثالهم: "دون كل قُرَيْبَى قُرَيْبَى ".

وقَرابِين الملك: خاصّته، الواحد قُرْبان.

قال الشاعر:

«وما لي لا أحِبهمُ ومنهم*** قَرابِينُ الإله بنو قُصَيِّ»

أي أنهم أولياء الله تبارك وتعالى.

والقِرْبة: معروفة.

وقِراب السيف: جِلد يكون فيه وليس بالغِمد، والجمع قُرُب.

قال الشاعر:

«يا رَبةَ البيتِ قومي غيرَ صاغِرةٍ*** ضُمي إليك رِحالَ القوم والقُرُبا»

وقربتِ الإبل الماء إذا طلبته، فهي قوارب وأهلها مُقْرِبون.

وليلة القرَب: ليلة طلب الماء.

قال الشاعر:

«يقاسون جيشَ الهُرْمُزان كأنهم*** قواربُ أحواض الكُلابِ تَلوبُ»

أي تحوم على الماء؛ لاب يلوب وحام يحوم، إذا دار حول الماء.

وشاة مُقْرِب، إذا دنا وِلادُها.

وفرس مُقرَبة والجمع مُقْرَبات، وهي التي تُدنَى وتُقرب ولا تُترك أن ترود، وإنما يُفعل ذلك بالإناث خاصة لئلا يَقْرَعَها فحل لئيم.

وقرّب الفرسُ تقريبًا، وهو تقريبان: التقريب الأدنى، وهو الإرخاء؛ والتقريب الأعلى، وهو الثعْلَبية.

وقرب الفرس تقريبًا، وهو دون الحُضْر.

وقالت هند بنت عُتْبَة:

«لَنَهْبِطَـن يَثْـرِبَـهْ*** بغارةٍ منشعِـبَـهْ»

«فيها الخيولُ المُقْرَبَهْ*** كل جوادٍ سَلْهَبَـهْ»

والمُقْربَة: المُكْرَمَة.

وقُرْب الفرس: كَشْحُه، وهو الخَصْر، والجمع أقراب.

وتقول: هذه الدراهم قُراب مائة.

وإناء قَرْبان، إذا قاربَ أن يمتلىء.

وما له عند الله قُرْبَة، أي شيء يقرِّبه منه.

والقُرْبان: الأضاحيّ.

وكل ما تُقَربُ إلى الله فهو قُرْبان.

وقارِبُ السفينة: معروف، وهو الصغير الذي يتبعها.

وقُرْبان الملك: قَرابته، والجمع قَرابين.

قال الأعشى:

«كأنّك لم تشهد قرابينَ جَمَّةً*** تَعيث ضِباع فيهمُ وعَواسلُ»

وقُراب كل شيء: ما قارب الامتلاءَ.

وفي الحديث: (يقول الله تعالى: لو أتاني ابنُ آدم بقُراب الأرض خطايا تلقَّيتُه بقرابها مَغْفِرَةً ما لم يُشرك بي شيئًا).

والمَقْربة: القَرابة، هكذا قال أبو عُبيدة.

جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م


6-جمهرة اللغة (دعق دقع عدق عقد قدع قعد)

الدَّعْق من قولهم: دَعَقَتِ الإبلُ الحوضَ، إذا خبطته حتى تَثْلِمَه من جوانبه.

ودَعَقَ القومُ الطريقَ، إذا وطِئوه وطأً شديدًا، والطريق مدعوق.

والدَّقْع: أصل بناء الدَّقْعاء، وهو التراب الدقيق، ومنه قولهم: فقير مُدْقِع، كأنه لَصِقَ بالأرض الدَّقْعاء.

وفي بعض اللغات يقول الرجل: رمى الله فلانًا بالدّوْقَعَة، كأنها فَوْعَلَة من الدَّقْع.

والعَدْق: الجمع؛ عَدَقْتُ الشيء أعدِقه عَدْقًا، إذا جمعته.

وتسمّى الحديدة التي فيها الكلاليب الذي يسمّيه المولَّدون الخُطّاف: عَوْدَقَة.

وربما سُمِّيت اللَّبَجَة عَوْدَقَة؛ واللّبَجَة: حديدة لها خمسة مخاليب تُنصب للذئب يُجعل فيها اللحم فإذا اجتذبها نشِبت في خَطْمه.

والمِعْدَقَة، زعم قوم أنها اللَّبَجَة أيضًا.

وعَقَدْتُ الحبلَ والعهدَ وغيرَهما أعقِده عَقْدًا.

وأعقدتُ العسلَ والقَطِران إعقادًا، إذا طبخته حتى يَخْثُر.

والعِقْد، بكسر العين: السِّمْط من الجوهر ونحوه.

والعَقِد: الرمل المتراكب المتداخل بعضُه في بعض؛ أرض عَقِدَة وأرَضون عَقِدات.

وكلب أعْقَدُ، وهو الملتوي الذنب كأن في ذنبه عُقدة، وكذلك الذئب.

وتيس أعْقَدُ، إذا كان في رأس قضيبه غِلَظ كالعُقدة.

وظبي عاقد، إذا كان في عنقه التواء.

والبناء المعقود: الذي قد جُعلت له عقود فعُطفت كالأبواب؛ وأحسبها كلمة مولَّدة.

وفلان عَقيد بني فلان، إذا كان حليفهم، وكذلك عَقيد النَّدى.

وبنو عُقْدَة: بطن من العرب، يُنسب إليهم عُقَديّ.

وبنو عُقْدَة: بطن أيضًا في شيبان.

وبنو عُقَيْدَة: قبيلة من قريش، إن شاء الله، يُنسب إليهم عُقَيْديّ.

واعتقدَ فلانٌ عُقْدَة، إذا اشترى أرضًا.

والمَعاقد: العهود بين القوم؛ يقال: تعاقد القوم، إذا تعاهدوا وتعاضدوا.

والمِعْقاد: خيط يُنظم فيه خَرَزات ويعلَّق في أعناق الصبيان أو في أعضادهم.

وعقّد الرجلُ كلامه تعقيدًا، إذا عمّاه وأعْوَصَه.

وجاء فلان عاقدًا عُنُقَه، إذا لواها تكبّرًا، واليَعْقِيد: عسل يُعْقَد.

قال أبو بكر: ليس في كلام العرب يَفْعِيل إلاّ يَعْقِيد ويَعْضِيد.

والقَدْع: مصدر قَدَعْتُ الإنسانَ وغيره أقدَعه قَدْعًا، إذا كففته عمّا يريد.

وقَدَعْتُ الفرسَ باللِّجام، إذا كبحته به.

وتقادع القومُ بالرِّماح، إذا تطاعنوا بها.

وانقدع الرجلُ عن الشيء، إذا استحيا منه.

والمِقْدَعة: عصا يأخذها الرجلُ بيده فيدفع بها عن نفسه.

وقَعَدَ الإنسان يقعُد قعودًا؛ قال أبو حاتم: قالت أم الهيثم: قعدتِ الرَّخَمَة، إذا جثمت، والرجل قاعد والمرأة قاعدة.

وامرأة قاعد، بغير هاء، إذا قعدت عن الزَّوج.

والمُقْعَد: الزَّمِن الذي لا يستطيع القيام.

وكان المُقْعَد رجلًا يبري السّهام بمكة؛ وفي بعض كلام الزُّبير:

«بطَبْعِ خَبّابٍ وريشِ المُقْعَدِ»

يعني خَبّاب بن الأرَتّ بن عبد الله بن خَبّاب صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

والقُعْدَة: ما ركِبْتَه من شيء؛ يقال: نعم القُعْدَةُ هذا الفرسُ.

وأُقعد الرجلُ إقعادًا، إذا زَمِنَ.

والقَعود: الفصيل من الإبل.

والمَقاعد: مواضع القعود في الحرب وغيرها.

ومَقاعد رُقَباء المَيْسِر: المواضع التي يُشرِفون منها على أهل المَيْسِر إذا أجالوا قِداحهم.

قال الشاعر:

«كمقاعد الرُّقباء للضُّ***رَباء أيديهم نَواهِـدْ»

وفي التنزيل: {مَقاعِدَ للقتال}.

وقَعَدَ القومُ عن ثأرهم، إذا لم ينبعثوا له.

ويقال: جمل أَقْعَدُ وبه قَعَدٌ، إذا كان في وَظيفَي رجليه تطأمنٌ كالاسترخاء.

ورجل قُعْدُد وقُعْدَد، له موضعان، يقال: فلان قُعْدد في بني فلان، إذا كان خاملًا؛ ومثله قُعْدُود، والجمع قَعاديد.

ووَرِث فلانٌ بني فلان بالقُعْدُد، إذا كان أقربَهم نسبًا الى الجدّ الأكبر.

وقَعَدَ فلان قِعْدَةً حسنة، وما أحسنَ قِعْدَتَه؛ وقَعَدَ قَعْدَةً واحدةً ثم قام.

وسُمِّي ذو القَعْدَة لأنهم كانوا يقعدون فيه عن الغزو.

وقعيدة الرجل: امرأته القاعدة في البيت.

قال الحطيئة:

«أُطوِّف ما أُطوِّف ثمّ آوي***الى بيتٍ قَعيدتُه لَكـاعِ»

ويقولون: قَعْدَكَ الله، وقَعيدَك الله، في معنى القَسَم.

قال الشاعر:

«قَعيدَكِ ألاّ تُسمعيني مَـلامةً***ولا تَنْكَئي قَرْحَ الفؤاد فيَيْجعا»

ويُروى: فقَعْدَكِ ألا تُسمعيني مَلامةً.

وقواعد البيت: أساسه وأصول حيطانه، الواحدة قاعدة.

قال الشاعر:

«أرْسَى قواعدَه وشَيّد فرعَه***فله الى سَبَبِ السماء سبيلُ»

وقال آخر:

«إذا الأمورُ اعْرَوْرَتِ الشَّدائدا *** أرْسَى البِنا وأثبتَ القواعدا»

«مِحرابَ حَرْبٍ يَقْرَعُ القَنادِدا»

وجمع القاعد من النساء عن الزوج: قواعِد.

قال حُميد بن ثور الهلالي:

«إزاءُ مَعاشٍ لا يزال نِطاقُهـا***شديدًا وفيها سَوْرَةٌ وهي قاعدُ»

وجمع القاعدة قُعود وقاعدات.

قال الشاعر:

«فلو أن ما في بطنه بين نسوةٍ***حَبِلْنَ ولو كانت قواعدَ عُقَّرا»

وقال آخر:

«سَمِعْنَ بيومه فظَلِلْن نَوْحًا***قُعودًا ما يُخَلُّ لهنّ عُودُ»

ورُوي أيضًا: ما يُحَلّ، أي ما يُحَطّ عن إبلهن شيء مما عليها.

والقُعُدات: السروج والرِّحال والرحائل التي كانت تتّخذها العرب.

قال الشاعر:

«فبئسَ القومُ كنتم يوم سالتْ***على القُعُدات أستاهُ الرِّباب»

ورواه: يوم شالت.

قال أبو عُبيدة: هذا البيت مصنوع لأن الرِّباب تربّبت بعد الكُلاب وإنما جاز للأخطل أن يذكر الرِّباب في الكُلاب لأنه قاله في الإسلام وقد تربَّبت الرِّباب.

والقَعيد: الذي يجيئك من ورائك، وهو يُتشاءم به.

وفَرخ الحمام وكلِّ طائر يسمَّى مُقْعَدًا.

والقَعَد: داء يصيب الإبل.

جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م


7-جمهرة اللغة (دنه دهن نده نهد هدن هند)

الدَّنَه مثل الدَّلَه، تُقلب اللام نونًا.

والدُّهن: معروف، وكل شيء دهنتَه فهو مدهون ودهين، وجمع الدُّهن أدهان.

وناقة دَهين، إذا قلّ لبنُها.

ودَهَنَ المطرُ الأرضَ، إذا بلّها بَلاًّ يسيرًا.

وبنو داهن وبنو دُهْن: حيّان من العرب، ومن بني دُهْن عمّار الدُّهني المحدِّث.

وقد سمّت العرب دُهَيْنًا.

والمُدْهُن: ما جُعل فيه الدُّهن، وهو أحد ما جاء على مَفْعُل مضموم الأول ممّا يُستعمل باليد ممّا أوله ميم.

والمُدْهُن أيضًا: نَقْرٌ في صخرة يجتمع فيه ماء السماء.

وداهنتُ الرجل مداهنةً ودِهانًا، إذا واربته فأظهرت له خلافَ ما تضمر؛ والمدهَنة: المخادَعة؛ وأدهنتُ إدهانًا، فأنا مُدْهِنْ، إذا غششت.

والدَّهْناء، يُمدّ ويُقصر: بلد معروف.

وقال بعض المفسّرين في قوله عزّ وجلّ: {وَرْدَةً كالدِّهان}، أي حمراء شديدة الحُمرة لأنهم يقولون إن السماء تصير نارًا والله أعلم، كالدِّهان في صفة الدُّهن.

والنَّدْه: الزَّجْر والكفّ عن الشيء؛ يقال: نَدَهْتُ الإبل أندَهها نَدْهًا فهي مندوهة، إذا زجرتها أو رددتها عن وِجهتها.

وكان الرجلُ في الجاهلية يقول لامرأته: اذهبي فلا أنْدَهُ سَرْبَك؛ أي أنت طالق، فكانت تطلق بهذه الكلمة.

والنَّهْد: العظيم من الخيل وغيرها؛ رجل نَهد وفرس نَهد: عظيم الخَلْق، والأنثى نَهْدَة.

والنَّهيدة: الزُّبدة العظيمة.

وكل شيء دنا منك فقد نَهَدَ.

والناهد: التي قد عظم حجمُ ثديها حتى بدا ولم يتكسّر.

وتناهد القومُ الشيءَ، إذا تناولوه بينهم.

قال الشاعر:

«كمقاعد الرُّقَباء للضُّ***رباء أيديهم نَواهـدْ»

وتناهد القومُ في الحرب، إذا تناهضوا لها.

وكل ناهض فهو ناهد.

ونهدتُ الى القوم، إذا قمت إليهم.

وقيل لسلمان بن ربيعة رحمه الله وهو بالكوفة إن الأعاجم قد اجتمعوا بالمدائن فقال: انهَدوا بنا إليهم، أي انهضوا.

قال أبو بكر: وهذا أحد ما عُدَّ من فصاحة سلمان رضي الله تعالى عنه.

وبنو نَهْد: قبيلة من العرب.

ونَهْدان: اسم، وكذلك نُهيد ومُناهِد.

والهُدْنة: السّكون؛ هدّنت الرجل تهدينًا وهادنته مهادنةً، إذا وادعتَه الحربَ، والاسم الهُدنة.

ومنه حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: "هُدنة على دَخَنٍ"، أي موادعة تحتها عداوة.

والهِدان: الرجل الثقيل الجبان.

وهِند: اسم، أصله التّهنيد؛ يقال: هنّدته النساءُ، إذا سلبن عقله.

قال الراجز:

«شاقَكَ من هَنّادةَ التهنيدُ *** موعودُها والباطلُ الموعودُ»

والهِند: جيل معروف.

والسيف المهنَّد وكذلك الهُنْدُواني منسوب الى الهند.

وقد سمّت العرب: هَنّادًا وهُنَيْدًا.

وهُنَيْدَة: المائة من الإبل، معرفة لا تدخلها الألف واللام.

قال جرير:

«أعطَوا هُنيدةَ يحدوها ثمانـيةٌ***ما في عطائهم مَنٌّ ولا سَرَفُ»

وفي العرب بطون يُنسبون الى أمهات يُسمّين هِنْدًا: بنو هِند في كندة، وبنو هِند في بكر بن وائل وأحسب في قُضاعة، أيضًا.

وهِند: صنم، وقد سمّوا عبد هِند كما سمّوا عبد يَغوث.

وعمرو بن هند: رجل من الشعراء المجوَّدين.

وقد سمّوا الرجل هندًا: هِند بن أبي هالةَ، أمّه خديجة زوج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهِند بن أسماء: رجل من بني الحارث بن كعب.

قال الشاعر:

«قتلتَ في حَرَمٍ مِنّـا أخـا ثـقةٍ***هندَ بنَ أسماءَ لا يَهْنئْ لك الظَّفَرُ»

وبنو هِند: بطن من العرب، وكذلك بنو هَنّاد.

جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م


8-معجم الأفعال المتعدية بحرف (رتب)

(رتب) على كذا يرتب رتوبا أقام ورتب في الصلاة أنتصب قائما ورتب في الأمر حتى كفاه ورتب الطلائع في المراتب والمراقب وهي مواضع الرقباء في الجبال.

معجم الأفعال المتعدية بحرف-موسى بن الحاج محمد بن الملياني الأحمدي الدراجي المسيلي الجزائري (الملقب نويوات)-صدر:1398هـ/1977م


9-معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (الاختصار)

الاختصار:

الاختصار هو الايجاز، وقد قال عنه عياش بن صحار هو «اللمحة الدالة» حينما سأله معاوية: «ما أقرب الاختصار»؟ وهذا الاسلوب من أبرز أساليب العرب، فقد اهتموا بالعبارة الموجزة والكلام المختصر ليسهل حفظه ويكون تأثيره في النفوس عظيما. وقد حدّد البلاغيون والنقاد أسلوب التعبير تبعا للموضوع فقال ابن منقذ وهو يتحدث عن الاسهاب والاطناب والاختصار والاقتصار: «اعلم أنّ كل واحد من هذه الأقسام له موضع يأتي فيه فيحمد فان أتى في غيره لم يحمد. فان كان في الترغيب والترهيب والاصطلاح بين العشائر والاعتذار والانذار الى الأعداء والعساكر وما أشبه ذلك فيستحب فيه التطويل والشرح.

وأما غير ذلك فيستحب فيه الاختصار والاقتصار».

ومدحت العرب التطويل والتقصير فقال الشاعر:

«يرمون بالخطب الطوال وتارة***وحي الملاحظ خيفة الرّقباء »

وقال السيوطي عن الاختصار: «الايجاز والاختصار بمعنى واحد كما يؤخذ من المفتاح وصرّح به الخطيبي. وقال بعضهم: الاختصار خاص بحذف الجمل فقط بخلاف الايجاز. قال الشيخ بهاء الدين: وليس بشيء». وذلك لأنّ الايجاز عند البلاغيين قد يكون بحذف الكلمة أو الجملة أو الجمل وهو ما سمّوه «ايجاز الحذف».

معجم المصطلحات البلاغية وتطورها-أحمد مطلوب-صدر: 1403هـ/1983م


10-معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (الإسهاب)

الإسهاب:

أسهب الرجل: أكثر الكلام فهو مسهب ـ بفتح الهاء ـ ولا يقال بكسرها وهو نادر. وقال أبو علي البغدادي: رجل مسهب ـ بالفتح ـ إذا أكثر الكلام في الخطأ فان كان ذلك في صواب فهو مسهب ـ بالكسر ـ لا غير.

قال الجاحظ: «قال أبو الحسن قيل لا ياس: ما فيك عيب إلا كثرة الكلام. قال: فتسمعون صوابا أم خطأ؟

قالوا: لا بل صوابا. قال: فالزيادة من الخير خير. وليس كما قال، للكلام غاية ولنشاط السامعين نهاية، وما فضل على قدر الاحتمال ودعا الى الاستثقال والملال فذلك الفاضل هو الهذر، وهو الخطل، وهو الاسهاب الذي سمعت الحكماء يعيبونه». وذكر أنّهم كانوا يكرهون السلاطة والهذر والتكلف والاسهاب والاكثار لما في ذلك من التزيّد والمباهاة. وذكر أنّ ناسا قالوا لابن عمر: ادع الله لنا بدعوات. فقال: «اللهمّ ارحمنا وعافنا وارزقنا».

فقالوا: لو زدتنا يا أبا عبد الرحمن. قال: نعوذ بالله من الاسهاب».

ويتضح أنّ الجاحظ يريد الاسهاب المتكلف، أما الذي يوجبه المقام فذلك محمود، قال: «فأما ما ذكرتم من الاسهاب والتكلف والخطل والتزيد فانما يخرج الى الاسهاب المتكلف والى الخطل المتزيد»، وقال: «ووجدنا الناس إذا خطبوا في الصلح بين العشائر أطالوا، واذا أنشدوا بين السماطين في مديح الملوك أطالوا، وللاطالة موضع وليس ذلك بخطل، وللاقلال موضع وليس ذلك من عجز».

وهذا ما ذهب اليه ابن منقذ حينما تحدث عن الاسهاب والاطناب والاختصار والاقتصار، وقال: «اعلم أنّ كل واحد من هذه الأقسام له موضع يأتي فيه فيحمد، فان أتى في غيره لم يحمد. فان كان في الترغيب والترهيب والاصلاح بين العشائر والاعذار والانذار الى الأعداء والعساكر وما أشبه ذلك فيستحب فيه التطويل والشرح، وأما غير ذلك فيستحب فيه الاختصار والاقتصار، وقد أتى الكتاب العزيز بهما جميعا، وذلك لما يصلح بالمكانين، وقد مدحت العرب التطويل والتقصير فقالوا:

«يرمون الخطب الطوال وتارة***يومون مثل تلاحظ الرقباء»

ومدح بعضهم خطيبا فقال:

«إذا هو أطنب في خطبة***قضى للمطيل على المقصر»

«وإن هو أوجز في خطبة***قضى للمقلّ على المكثر »

وعرّفه الكلاعي تعريفا بديعا فقال إنّه «ما رفل ثوب لفظه على جسده معناه» ثم قال: «موطن الاسهاب ما يكتب به الى عامة وتقرع به آذان جماعة كالصلح بين العشائر والتحضيض على الحرب والتحذير من المعصية والترغيب في الطاعة وغير ذلك مما له بال. فحينئذ يجب على الكاتب ان يبدئ ويعيد ويحذر بالتكرير وينذر بالترديد». وهذا ما قاله الجاحظ وابن منقذ من قبل.

معجم المصطلحات البلاغية وتطورها-أحمد مطلوب-صدر: 1403هـ/1983م


11-معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (المبسوط)

المبسوط:

البسط: نقيض القبض، بسطه يبسطه بسطا فانبسط وبسّطه فتبسط.

المبسوط هو الكلام المطوّل، وقد قال الجاحظ بعد قول الشاعر:

«يرمون بالخطب الطوال وتارة***وحي الملاحظ خيفة الرّقباء»

«فذكر المبسوط في موضعه والمحذوف في موضعه والموجز والكناية والوحي باللحظ ودلالة الإشارة». ويؤتى بالمبسوط إذا اقتضاه المقام.

معجم المصطلحات البلاغية وتطورها-أحمد مطلوب-صدر: 1403هـ/1983م


12-معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (مراعاة مقتضى الحال)

مراعاة مقتضى الحال:

أولى الجاحظ هذه المسألة اهتماما كبيرا ونقل بعض الأقوال التي تذهب الى أنّ مراعاة مقتضى الحال من أهم ما ينبغي أن يتمسك به الشاعر أو الخطيب أو الكاتب، وقد جاء عن عبد الله بن مسعود قوله: «حدّث الناس ما مدحوك بأبصارهم وأذنوا لك بأسماعهم، واذا رأيت منهم فترة فأمسك» ونقل الجاحظ قول الزيادي:

«يرمون بالخطب الطّوال وتارة***وحي الملاحظ خيفة الرّقباء»

وقال: «فمدح كما ترى الإطالة في موضعها والحذف في موضعه».

وذكر الجاحظ أنّ «الله تبارك وتعالى إذا خاطب العرب والأعراب أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي والحذف، واذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم جعله مبسوطا وزاد في الكلام». وقال إنّ البلغاء «إذا خطبوا في صلح بين العشائر أطالوا، واذا أنشدوا الشعر بين السماطين في مديح الملوك أطالوا. فللإطالة موضع وليس ذلك بخطل وللإقلال موضع وليس ذلك من عجز» وانتهى الجاحظ الى أنّ الذي قال: «لكل مقام مقال» قد أصاب في القول.

معجم المصطلحات البلاغية وتطورها-أحمد مطلوب-صدر: 1403هـ/1983م


13-المنجد في اللغة (الناهد)

والنَّاهِد من كلِّ شىءٍ: الشاخص، والجميعُ النَّوَاهد، قال أبو دُوادٍ الإيادي: [مرفل الكامل]

«كمجالِسِ الرُّقَباء لِلضْـ *** ضُرَبَاءِ أَيْدِيْهِمْ نَوَاهِدْ»

المنجد في اللغة-علي بن الحسن الهُنائي الأزدي، أبو الحسن الملقب بـ «كراع النمل»-توفي بعد: 309هـ/921م


14-تاج العروس (رقب)

[رقب]: الرَّقِيبُ هُوَ اللهُ، وهُوَ الحَافِظُ الذي لا يَغِيبُ عنه شي‌ءٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وفي الحديث: «ارْقُبُوا مُحَمَّدًا في أَهْلِ بَيْتِهِ» أَي احْفَظُوهُ فِيهِم، وفي آخَرَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُقَبَاءَ أَي حَفَظَةً يكونونَ مَعَه، والرَّقِيبُ: الحَفِيظُ، والرَّقِيبُ: المُنْتَظِرُ، ورَقِيبُ القَوْمِ: الحَارِسُ وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبَةٍ لِيَحْرُسَهُمْ، والرَّقِيبُ: الحَارِسُ الحَافِظُ، ورَقِيبُ الجَيْشِ: طَلِيعَتُهُمْ والرَّقِيبُ: أَمِينُ وفي بعض النسخ «مِن» أَصْحَابِ المَيْسِرِ قال كعب بن زُهَيْر:

لَهَا خَلْفَ أَذْنَابِهَا أَرْمَلٌ *** مَكَانَ الرَّقِيبِ مِنَ اليَاسِرِينَا

أَوْ رَقِيبُ القِدَاحِ هو الأَمِينُ عَلَى الضَّرِيبِ وقِيلَ: هو المُوَكَّلُ بِالضَّرِيبِ، قاله الجوهريّ، وهو الذي رَجَّحَه ابن ظَفَرٍ في شَرْح المَقَامَاتِ الحرِيرِيَّةِ، ولا مُنَافَاةَ بين القَوْلَيْنِ، قاله شيخُنا، وقيل: الرَّقِيبُ: هو الرَّجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَةِ في المَيْسِرِ، ومَعْنَاهُ كُلُّه سَوَاءٌ، والجَمْعُ رُقَبَاءُ، وفي التهذيب: ويقال: الرَّقِيبُ: اسْمُ السَّهْمِ الثَّالِثِ مِنْ قِدَاحِ المَيْسَرِ، وأَنشد:

كَمَقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّ *** رَبَاءِ أَيْدِيِهِمْ نَوَاهِدْ

وفي حديث حَفْرِ زَمْزَمَ:

«فَغَارَ سَهْمُ اللهِ ذِي الرَّقِيبِ

وهو مِن السِّهَامِ التي لَها نَصِيبٌ، وهي سبعةٌ، قال في المجمل: الرَّقِيبُ: السَّهْمُ الثَّالِثُ من السَّبْعَة التي لها أَنْصِبَاءُ، وذكر شيخُنَا رحمه ‌الله: قِدَاحُ المَيْسِرِ عَشَرَةٌ، سَبْعَةٌ منها لها أَنصباءُ، ولها ثلاثة إِنما جَعلوا لها للتكثير فَقَطْ وَلَا أَنْصِبَاءَ لها، فَذَوَاتُ الأَنْصِبَاءِ أَوَّلُهَا: الفَذُّ وفيه فُرْضَةٌ وَاحِدَةٌ وله نَصِيبٌ وَاحِدْ، والثاني التَّوْأَمُ، وفيهِ فُرْضَتَانِ وله نَصِيبَانِ، والرَّقِيبُ وفيه ثَلاثُ فُرَضٍ وله ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ، والحِلْسُ وفيه أَرْبَعُ فُرَضٍ، ثُمَّ النَّافِسُ وفيه خَمْسُ فُرَضٍ، ثم المُسْبِلُ وفيه سِتُّ فُرَض، ثم المُعَلَّى وهو أَعْلَاهَا، وفيه سَبْعُ فُرَضٍ وله سَبْعَةُ أَنْصِبَاءَ. وأَمَّا التي لا سَهْمَ لَهَا: السَّفِيحُ والمَنِيحُ والوَغْدُ، وأَنشدنا شيخنا، قال: أَنشدنا أَبُو عَبْدِ الله محمدُ بن الشاذِلِيّ أَثْنَاءَ قِرَاءَةِ المَقَامَات الحرِيرِيَّةِ:

إِذَا قَسَمَ الهَوَى أَعْشَارَ قَلْبِي *** فَسَهْمَاكِ المُعَلَّى والرّقِيبُ

وفيه تَوْرِيَةٌ غَرِيبَةٌ في التعبير بالسَّهْمَيْنِ، وأَرَادَ بهما عَيْنَيْهَا، والمُعَلَّى له سبعةُ أَنصباءَ، والرَّقِيبُ له ثَلاثَة، فلم يَبْقَ له من قَلْبِه شي‌ءٌ، بل اسْتَوْلَى عليه السَّهْمَانِ.

والرَّقِيبُ: نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ المَطَرِ يُرَاقِبُ نَجْمًا آخَرَ، وإِنَّمَا قِيلَ لِلْعَيُّوقِ رَقيبُ الثُّرَيَّا تَشْبِيهًا بِرَقِيبِ المَيْسِرِ، ولذلك قال أَبو ذُؤَيب:

فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابِئِ *** الضُّرَبَاءِ خَلْفَ النَّجْمِ لَا يَتَتَلَّعُ

والرَّقِيبُ: فَرَسُ الزِّبْرِقَانِ بنِ بَدْرٍ كأَنَّه كانَ يُرَاقِبُ الخَيْلَ أَنْ تَسْبِقَه.

والرَّقِيبُ: ابنُ العَمِّ.

والرَّقِيبُ: ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ، كأَنَّهُ يَرْقُبُ مَنْ يَعَضُّ، أَو حَيَّةٌ خَبِيثَةٌ الجمع: رَقِيبَاتٌ وَرُقُبٌ بضَمَّتَيْنِ كذا في التهذيب.

والرَّقِيبُ: خَلَفُ الرَّجُلِ مِن وَلَدِه وعَشِيرَتِه، ومن ذلك قولُهُم: نِعْمَ الرَّقِيبُ أَنْتَ لأَبِيكَ وسَلَفِكَ؛ أَي نِعْمَ الخَلَفُ، لِأَنَّه كالدَّبَرَانِ لِلثُّرَيَّا.

ومن المجاز: الرَّقيبُ: النجْمُ الذي في المَشْرِق يُرَاقِبُ الغَارِبَ أَوْ مَنَازِلُ القَمَرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَقِيبٌ لِصَاحِبِهِ كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهَا وَاحِدٌ سَقَطَ آخَرُ مثْلُ الثُّرَيَّا رَقِيبُهَا الإِكْلِيلُ إِذَ طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشَاءً غَابَ الإِكْلِيلُ، وإِذا طَلَعَ الإِكليلُ عِشَاءً غَابَتِ الثُّرَيَّا، ورَقِيبُ النَّجْمِ: الذي يَغِيبُ بِطُلُوعِه، وأَنشد الفرّاءُ:

أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ لَاقِيًا *** بُثَيْنَةَ أَوْ يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُهَا

قال المُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الهَيْثَمِ يقولُ: الإِكْلِيلُ: رَأْسُ العَقْرَب، ويُقَالُ: إِنَّ رَقِيبَ الثُّرَيَّا مِنَ الأَنْوَاءِ: الإِكْلِيلُ، لأَنَّهُ لا يَطْلُعُ أَبَدًا حتى تَغِيبَ، كَمَا أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ، والزُّبَانَانِ: رَقِيبُ البُطَيْنِ، والشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ، والنَّعَائِمُ: رَقِيبُ الهَنْعَةِ، والبَلْدَةُ، رَقِيبُ الذِّرَاعِ وَلَا يَطْلُعُ أَحَدُهُمَا أَبَدًا إِلَّا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه، فَلَا يَلْقَى أَحَدُهمَا صَاحِبَهُ.

ورَقَبَهُ يَرْقُبُهُ رِقْبَةً ورِقْبَانًا بِكَسْرِهِمَا ورُقُوبًا بالضَّمِّ، ورَقَابَةً ورَقُوبًا ورَقْبَةَ بفَتْحِهِنَّ: رَصَدَهُ وانْتَظَرَه، كَتَرَقَّبَهُ وارْتَقَبَهُ والتَّرَقُّبُ: الانْتِظَارُ، وكذلكَ الارْتِقَابُ، وقولُه تَعَالَى {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} معناهُ لَمْ تَنْتَظِرْ، والتَّرَقُّبُ: تَوَقُّعُ شىْ‌ءٍ وتَنَظُّرُهُ.

ورَقَبَ الشَّىْ‌ءَ يَرْقُبُه: حَرَسَه، كَرَاقَبَه مُرَاقَبَةً ورِقَابًا قَالَهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ، وأَنشد:

يُرَاقِبُ النَّجْمَ رِقَابَ الحُوتِ

يَصِفُ رَفِيقًا لهُ، يقولُ: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصًا عَلَى الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ علَى المَاءِ، وهو مجازٌ، وكذلك قَوْلُهُم: بَاتَ يَرْقُبُ النُّجُومَ ويُرَاقِبُهَا، كَيَرْعَاهَا ويُرَاعِيهَا.

ورَقَبَ فُلَانًا: جَعَلَ الحَبْلَ فِي رَقَبَتِهِ.

وارْتَقَبَ المَكَان: أَشْرَفَ عَلَيْهِ وعَلَا، والمَرْقَبَةُ والمَرْقَبُ: مَوْضِعُهُ المُشرِفُ يَرْتَفعُ عليه الرَّقِيبُ ومَا أَوْفَيْت عَلَيْهِ مِن عَلَمٍ أَوْ رَابِيَةٍ لتَنْظُرَ من بُعْدٍ، وعن شمر: المَرْقَبَةُ: هي المَنْظَرَةُ في رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ حِصْنٍ، وجَمْعُهُ مَرَاقِبُ، وقال أَبو عَمْرٍو: المَرَاقِبُ: ما ارتَفَعَ مِن الأَرْضِ وأَنشد:

وَمَرْقَبَةٍ كالزُّجِّ أَشرَفْتُ رأْسَها *** أُقَلِّبُ طَرْفِي في فَضَاءٍ عَرِيضِ

والرِّقْبَةُ بالكَسْرِ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ مُحَرَّكةً، هو الفَزَعُ.

والرُّقْبَى كَبُشْرَى: أَنْ يُعْطِيَ الإِنْسَانُ إِنْسَانًا مِلْكًا كالدَّارِ والأَرْضِ ونَحْوِهِمَا فَأَيُّهُمَا ماتَ رَجَعَ الملْكُ لِوَرَثَتِهِ وهِي مِن المُرَاقَبَةِ، سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يُرَاقِبُ مَوْتَ صاحِبِه أَو الرُّقْبَى: أَنْ يَجْعَلَهُ أَي المَنْزِلَ لِفُلَانٍ يَسْكُنُهُ، فَإِنْ ماتَ فَفُلَانٌ يَسْكُنُهُ، فكُلُّ واحِدٍ منهما يَرْقُبُ موتَ صاحبِه وقَدْ أَرْقَبَه الرُّقْبَى، وقال اللِّحْيَانُّي: أَرْقَبَه الدَّارَ: جَعَلَهَا له رُقْبَى ولِعَقبِه بعدَه بمنزلة الوَقْفِ وفي الصحاح: أَرْقَبْتُه دَارًا أَوْ أَرْضًا: إِذا أَعْطَيْتَهُ إِيَّاهَا فكانَتْ للباقِي مِنْكُمَا وقلتَ: إِن مِتُّ قَبْلَكَ فهي لك وإِنْ مِتَّ قَبْلِي فهي لي، والاسْمُ [منه] الرُّقْبَى.

قلت: وهِيَ لَيْسَتْ بِهِبَةٍ عندَ إِمَامِنَا الأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّدٍ، وقال أَبُو يُوسُفَ: هي هِبَةٌ، كالعُمْرَى، ولم يَقُلْ به أَحَدٌ من فُقَهَاءِ العِرَاقِ، قال شيخُنَا: وأَمَّا أَصحابُنَا المَالِكِيَّةُ فإِنهم يَمْنَعُونَهَا مُطْلَقًا. وقال أبو عبيد: أَصْلُ الرُّقْبَى مِن المُرَاقَبَةِ، ومثلُه قولُ ابن الأَثير، ويقالُ: أَرْقَبْتُ فلانًا دَارًا، فهو مُرْقَبٌ، وأَنَا مُرْقِبٌ، والرَّقُّوبُ كَصَبُورٍ مِن النِّساءِ: المَرْأَةُ التي تُرَاقِبُ مَوْتَ بَعْلِهَا لِيَمُوتَ فَتَرِثَه ومِن الإِبلِ: النَّاقَةُ التي لَا تَدْنُو إِلى الحَوْضِ مِنَ الزِّحَامِ وذلك لِكَرَمِها، سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّهَا تَرْقُبُ الإِبلَ فإِذا فَرَغَتْ مِنْ شُرْبِهَا شَرِبَتْ هِي، ومن المجاز: الرَّقُوبُ من الإِبلِ والنساءِ: التي لا يَبْقَى أَي لا يَعِيشُ لهَا وَلَدٌ قال عَبِيدٌ:

كَأَنَّهَا شَيْخَةٌ رَقُوبُ.

أَو التي مَاتَ وَلَدُهَا، وكذلك الرَّجُلُ، قال الشاعر:

فَلمْ يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنَا مِثْلَ أُمِّنَا *** وَلَا كَأَبِينَا عَاشَ وهْوَ رَقُوبُ

وقال ابنُ الأَثيرِ: الرَّقُوبُ في اللُّغَةِ لِلرَّجُلِ والمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَعِشْ لَهُمَا وَلَدٌ، لِأَنَّهُ يَرْقُبُ مَوْتَهُ ويَرْصُدُهُ خَوْفًا عليه، ومِن الأَمْثَالِ «وَرِثْتُهُ عَنْ عَمَّةٍ رَقُوبٍ» قال المَيْدَانِيُّ: الرَّقُوبُ مَنْ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فهي أَرْأَفُ بابْنِ أَخِيهَا، وفي الحَدِيثِ أَنَّه قَالَ: مَا تَعُدُّونَ فِيكم الرَّقُوبَ؟ قَالوا: الَّذِي لَا يَبْقَى لَهُ وَلَدٌ، قَالَ: «بَلِ الرَّقُوبُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا»، قال أَبُو عُبَيْدِ: وكذلك مَعْنَاهُ في كَلَامِهِم، إِنَّمَا هُوَ عَلَى فَقْدِ الأَوْلَادِ، قال صَخْرُ الغَيِّ:

فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلَاتٍ رَقُوبٍ *** بِوَاحِدِهَا إِذَا يَغْزُو تُضِيفُ

قال: وهذا نحوْ قولِ الآخَر: إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دِينَهُ، ولَيْسَ هَذَا أَن يَكُونَ مَنْ سُلِبَ مَالَه ليسَ بمَحْرُوبٍ.

وأُمُّ الرَّقُوبِ مِنْ كُنَى الدَّاهِيَةِ.

والرَّقَبَةُ، مُحَرَّكَةً: العُنُقُ أَوْ أَعْلَاهُ أَوْ أَصْلُ مُؤَخَّرِهِ ويُوجَدُ في بَعْضِ الأُمَّهَاتِ أَوْ مُؤَخَّر أَصْلِهِ الجمع: رِقَابٌ وَرَقَبٌ مُحَرَّكَةً وأَرْقُبٌ على طَرْحِ الزَّائِدِ، حَكَاهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ، ورَقَبَاتٌ.

والرَّقَبَةُ المَمْلُوكُ، وأَعْتَقَ رَقَبَةً أَي نَسَمَةً، وفَكَّ رَقَبَةً: أَطْلَقَ أَسيرًا، سُمِّيت الجُمْلَةُ باسْمِ العُضْوِ لِشَرَفِهَا، وفي التنزيل {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ} إِنهم المُكَاتَبُونَ، كذا في التهذيب، وفي حديث قَسْمِ الصَّدَقَاتِ {وَفِي الرِّقابِ} يريدُ المُكَاتَبِينَ مِن العَبيدِ يُعْطَوْنَ نَصِيبًا مِن الزَّكَاةِ يَفكُّونَ به رِقَابَهُمْ ويَدْفَعُونَه إِلى مَوَالِيهِم، وعن الليثِ: يُقَالُ: أَعْتَقَ الله رَقَبَتَهُ، وَلَا يُقَالُ: أَعْتَقَ اللهُ عُنُقَهُ، وفي الأَسَاس: ومن المجاز: أَعْتَقَ اللهُ رَقَبَتَهُ، وأَوْصَى بِمَالِهِ في الرِّقَابِ، وقال ابنُ الأَثِيرِ: وقد تَكَرَّرَتِ الأَحاديثُ في ذِكْرِ الرَّقَبَةِ وعِتْقِهَا وتَحْرِيرِهَا وفَكِّهَا، وهي في الأَصْلِ: العُنُقُ، فجُعِلَتْ كِنَايَةً عن جَمِيعِ ذَاتِ الإِنْسَانِ، تَسْمِيَةً للشَّيْ‌ءِ بِبَعْضِه، فَإِذا قالَ: أَعْتِقْ رقَبَةً، فكأَنَّه قال أَعْتِقْ عَبْدًا أَو أَمَةً، ومنه قَوْلُهُم: ذَنْبُهُ في رَقَبَتِه، وفي حديث ابن سِيرينَ «لَنَا رِقَابُ الأَرْضِ» أَي نَفْسُ الأَرْضِ، يَعْنِي ما كان من أَرْضِ الخَرَاجِ فهو للمُسْلِمِينَ ليس لأَصحابِه الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلام شيْ‌ءٌ لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً، وفي حديث بِلالٍ «والرَّكَائِب المُنَاخَة، لَكَ رِقَابُهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ» أَيْ ذَواتُهُنَّ وأَحْمَالُهُنَّ.

ومِنَ المجازِ قَوْلُهُم: مَنْ أَنْتُمْ يَا رِقَابَ المَزَاوِدِ؟ أَيْ يَا عَجَمُ، والعَرَبُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقَابِ المَزَاوِدِ، لأَنَّهُمْ حُمْرٌ.

ورَقَبَةُ: اسْمٌ والنِّسْبَةُ إِليه رَقَبَاوِيٌّ، قال سيبويهِ: إنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبَة لَمْ تُضِفْ إِليه إِلَّا عَلَى القِياسِ.

ورَقَبَةُ: مَوْلَى جَعْدَةَ، تَابِعِيٌّ عن أَبي هريرةَ، ورَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ بنِ رَقَبَةَ بنِ عبدِ الله بنِ خَوْتَعَةَ بنِ صَبرَةَ تَابِعُ التابِع وأَخُوهُ كَرِبُ بنُ مَصْقَلَةَ، كَانَ خَطِيبًا كأَبِيهِ في زَمَنِ الحَجَّاجِ، وفي حاشية الإِكمال: رَوَى رَقَبَةُ عن أَنَسِ بنِ مالكٍ فيما قِيلَ، وثَابِتٍ البُنَانِيِّ وأَبِيهِ مَصْقَلَةَ، وعنه أَشْعَثُ بنُ سَعِيدٍ السَّمَّانُ وغيرُهُ، رَوَى له التِّرْمِذِيُّ وَمَلِيحُ بنُ رَقَبَةَ مُحَدِّثٌ شَيْخٌ لِمَخْلَدٍ الباقرْحيّ، وَفَاته عَبْدُ الله بنُ رَقَبَةَ العَبْدِيُّ، قُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ.

والأَرْقَبُ: الأَسَدُ، لِغِلَظِ رَقَبَتِه، والأَرْقَبُ: الغَلِيظُ الرَّقَبَةِ، هو أَرْقَبُ بَيِّنُ الرَّقَبَةِ كالرَّقَبَانِيّ على غيرِ قياسِ، وقال سيبويه: هُوَ من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ والرَّقَبَانِ، مُحَرَّكَتَيْن قال ابنُ دُريدٍ: يقال: رَجُلٌ رَقَبَانِيٌّ، ويقالُ لِلْمَرْأَةِ: رَقْبَاءُ، لَا رَقَبَانِيَّةٌ، ولا يُنْعَتُ به الحُرَّةُ والاسْمُ الرَّقَبُ مُحَرَّكَةً هو غِلَظُ الرَّقَبَةِ، رَقِبَ رَقَبًا.

وذُو الرُّقَيْبَةِ كَجُهَيْنَةَ: أَحَدُ شُعَرَاءِ العَرَبِ وهو لَقَبُ مَالِكٍ القُشَيْرِيِّ لأَنَّه كانَ أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حَاجِبَ بنَ زُرَارَةَ التَّمِيمِيّ يَوْمَ جَبَلَةَ، كَذَا في لسان العرب، وفي المستقصى: أَنَّه أَسَرَاه ذُو الرُّقَيْبَةِ والزَّهْدَمَانِ، وأَنَّهُ افْتَدَى مِنْهُمْ بِأَلْفَيْ نَاقَةٍ وأَلْفِ أَسِيرٍ يُطْلِقُهُمْ لَهُمْ، وقد تَقَدَّم، وذُو الرُّقَيْبَة مالكُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ زُهيْرِ بن أَبِي سُلْمَى المُزَنِيُّ أَحَد الشُّعَرَاءِ، وأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ حَدِيثَهُ في السُّنَنِ مِن طريقِ الحَجَّاجِ بنِ ذي الرُّقَيْبَةِ عَنْ أَبِيهِ عن جَدِّهِ في بَابِ مَنْ شَبَّبَ ولَمْ يُسَمِّ أَحَدًا، واسْتَوْفَاهُ الأُدْفُوِيُّ في الإِمْتَاعِ وَرَقَبَانُ مُحَرَّكَةً: موضع والأَشْعَرُ الرَّقَبَانُ: شَاعِرٌ واسْمُه عَمْرُو بنُ حَارِثَةَ.

ومن المجاز: يقال: وَرِثَ فُلَانٌ مَالًا عَنْ رِقْبَةٍ، بالكَسْرِ؛ أَي عن كَلَالَة لم يَرِثْهُ عن آبَائِهِ وَوَرِثَ مَجْدًا عن رِقْبَةِ، إذا لَمْ يَكُنْ آباؤُهُ أَمْجَادًا، قال الكُمَيْت:

كَانَ السَّدَى والنَّدَى مَجْدًا ومَكْرُمَةً *** تِلْكَ المَكَارِمُ لَمْ يُورَثْنَ عَنْ رِقَبِ

أَي وَرِثَهَا عن دُنًى فَدُنًى من آبائِه، ولم يَرِثْهَا مِنْ وَرَاءُ وَرَاءُ.

والمُرَاقَبَةُ في عَرُوضِ المضَارِعِ والمُقْتَضَبِ: هو أَنْ يَكُونَ الجُزْءُ مَرَّةً مَفَاعِيلُ وَمَرَّةً مَفَاعِيلُنْ، هكذا في النسخ الموجودة بأيدينا ووجدتُ في حاشية كتابٍ تَحْتَ مَفَاعِيلُنْ ما نَصُّه: هكذا وُجِدَ بخَطِّ المُصنّف، بإِثبات الياءِ وصوابه مفاعِلُنْ، بحذفها، لأَنَّ كلًّا من اليَاءِ والنُّونِ تُرَاقِبُ الأُخْرَى.

قلتُ: ومثلُه في التهذيبِ ولسان العَرَب، وزَادَ في الأَخِيرِ: سُمِّيَ بذلك لأَنَّ آخِرَ السَّبَبِ الذي في آخر الجُزْءِ وهو النُّونُ من مفاعيلُنْ لا يَثْبُت مع آخر السَّبَبِ الذي قبله، وليست بمُعَاقَبَة، لأَنّ المُرَاقَبَةَ لا يَثْبُتُ فيها الجُزْآنِ المُتَرَاقِبَان، والمعَاقَبَةُ يَجْتَمعُ فيها المُتَعَاقِبَانِ، وفي التهذيب عن الليث: المُرَاقَبَةُ في آخِرِ الشِّعْرِ [عند التجزئة] بَيْنَ حَرْفَيْنِ: هو أَنْ يَسْقُطَ أَحَدُهُما وَيَثْبُتَ الآخَرُ، وَلَا يَسْقُطَانِ [معًا] وَلَا يَثْبُتَانِ جميعًا، وهو في مَفَاعِيلُن التي للمضارِعِ لا يجوز أَن يتمّ، إِنما هو مَفَاعِيلُ أَو مَفَاعِلُنْ، انتهى، وقالَ شيخُنا عند قوله «والمُرَاقَبَةُ» بَقِيَ عَلَيْهِ المُرَاقَبَةُ في المُقْتَضَبِ فإِنها فيه أَكثرُ.

قلتُ: ولعلَّ ذِكْرَ المُقْتَضَبِ سَقَطَ من نسخة شيخِنَا فأَلْجأَهُ إِلى ما قال، وهو موجودٌ في غيرِ مَا نُسَخٍ، ولكن يقال: إِن المؤلف ذكر المضارع والمُقْتَضَب ولم يذكر في المثال إِلا ما يختصّ بالمضارع، فإِن المُرَاقَبَةَ في المُقْتَضَب أَن تُرَاقِبَ وَاوُ مَفْعُولَات فَاءَه وبالعَكْسِ، فيكون الجزءُ مرّةً مَعُولَات فينقل إِلى مَفَاعِيل ومَرَّة إِلى مَفْعَلَات فينقل إِلى فاعِلَات، فتأَمّل تَجِدْ.

والرَّقَابَةُ مُشَدَّدَةً: الرَّجُلُ الوَغْدُ الذي يَرْقُبُ للقومِ رَحْلَهُم إِذا غَابُوا.

والمُرَقَّبُ كمُعَظَّمٍ: الجِلْدُ الذي يُسْلَخُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ورَقَبَتِه. والرُّقْبَةُ بالضَّمِّ لِلنَّمِرِ كالزُّبْيَةِ لِلْأَسَدِ والذِّئْبِ.

والمَرْقَب: قَرْيَةٌ من إِقليم الجِيزَة.

وَمَرْقَبُ مُوسَى مَوْضِعٌ بمِصْرَ.

وأَبُو رَقَبَةَ: من قُرى المُنُوفِيّة.

وأَرْقَبانُ: مَوْضِعٌ في شِعْرِ الأَخْطَلِ، والصَّوابُ بالزَّايِ، وسيأْتي.

ومَرْقَبُ، قريَةُ تُشْرِف على ساحِلِ بَحْرِ الشأْمِ.

والمَرْقَبَةُ: جَبَلٌ كان فيه رُقَباءُ هُذيل. [بين يسوم والضَّهْيأتين].

وذُو الرَّقِيبَةِ، كسَفَينَةٍ: جَبَلٌ بِخَيْبَرَ، جاءَ ذِكْرُه في حَدِيثِ عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ.

والرَّقْبَاءُ هِيَ الرَّقُوبُ التي لا يَعِيشُ لها وَلَدٌ، عن الصاغانيّ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


15-تاج العروس (بشم)

[بشم]: البَشَمُ، محرَّكةً: التُخمَةُ، ورُبَّما بَشِمَ الفَصِيلُ مِن كَثْرةِ شُرْبِ اللَّبَنِ حتى يَدْقى سَلْحًا فَيَهْلِك.

وقيلَ: البَشَمُ أَنْ يُكْثِرَ مِن الطَّعامِ حتى يَكْرُبَه. وفي حَدِيْث الحَسَنِ: «وأَنْت تَتَجَشَّأُ مِن الشِّبَع بَشَمًا».

وفي حَدِيْث سَمُرة بن جُنْدَب: وقيلَ له إنَّ ابنَكَ لم يَنَمِ البارِحَةَ بَشَمًا، قالَ: لو مَاتَ ما صلَّيْت عليه.

والبَشَمُ: السَّآمَةُ، وهو مجازٌ، وقد بَشِمَ، كفَرِحَ، مِن الطَّعامِ بَشَمًا إذا اتَّخَمَ.

وبَشِمَ منه إذا سَئِمَ وأَبْشَمَهُ الطَّعامُ: أَتْخَمَهُ، وأَنْشَدَ ثَعْلَب للحَذْلميِّ:

ولم تَبِتْ حُمَّى به تُوصّمُهْ *** ولم يُجَشِّئْ عن طَعام يُبْشِمُهْ

كأَن سَفُّودَ حديدٍ مِعْصَمُهْ

والبَشَامُ، كسَحابٍ: شَجَرٌ عَطِرُ الرَّائحةِ طَيِّبُ الطَّعْمِ.

وفي حَدِيْث عُتْبة بن غَزْوان: «ما لنا طَعامٌ إلَّا وَرَقَ البَشَامِ».

وقالَ أَبو حَنيفَةَ: يُدَقُّ وَرَقُهُ ويُخْلَطُ بالحِنَّاءِ يُسَوِّدُ الشَّعَرَ.

وقالَ مُرَّةُ: البَشَامُ شَجَرٌ ذُو ساقٍ وأَفْنانٍ ووَرَقٍ صِغارٍ أَكْبَر مِن وَرَقِ الصَّعْتَرِ ولا ثَمَرَ له، وإذا قُطِعَت وَرَقَتُه أَو قُصِفَ غُصْنُه هُريقَ لَبَنًا أَبْيض.

قالَ غيرُه: ويُسْتاكُ بقُضُبِهِ، واحِدَتُه بَشامَةٌ، قالَ جَريرٌ:

أَتَذْكُر يومَ تَصْقُل عارِضَيْها *** بِفَرعِ بَشامةٍ سُقِيَ البَشامُ

يعْنِي أَنَّها أَشارَتْ بسِواكِها، فكانَ ذلِكَ وداعَها ولم تتكلَّم خِيْفَة الرُّقَباءِ.

وبهاءٍ: بَشَامَةُ بنُ الغَدِيرِ، وبَشامَةُ بنُ حَزْنٍ النَّهْشليُّ، شاعِرانِ، وقد ذُكِرَ الأوَّل في «غ بلد ر».

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

بَشْمٌ، بفتحٍ فسكونٍ، مَوْضِعٌ بالحِجازِ، وأَيْضًا: ماءٌ بينَ الرَّيِّ وطَبَرسْتان، شَدِيدُ البَرْدِ كَثيرُ الثَّلْجِ قد بُنِي على كلّ ضفَّةٍ كِنٌ يلْجأُ إليه إذا أَخذَهُ البَرْدُ، ورَبّما قَتَلَه الثَّلْجِ قَبْل وُصُولِه إلى الكُنِّ، ويُسَمَّى ذلِكَ الكُنّ جانبوزة، قالَهُ نَصْرُ.

والبشمَةُ: كُحْلُ السّودَانِ، أَوْرَدَه المصنِّفُ في ك ح ل.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


16-تاج العروس (عشو)

[عشو]: والعَشا، مَقْصورَةً: سُوءُ البَصَرِ باللَّيْلِ والنَّهارِ يكونُ في الناسِ والدّوابِّ والإِبلِ والطَّيْرِ، كما في المُحْكم.

وقال الراغبُ: ظُلْمةٌ تَعْتَرِضُ العَيْنَ.

وفي الصِّحاح: هو مَصْدرُ الأَعْشى لمَنْ لا يُبْصِرُ باللّيْلِ ويُبْصِرُ بالنّهارِ؛ كالعَشاوَةِ.

أَو هو العَمَى؛ أَي ذهابُ البَصَرِ مُطْلقًا؛ وقد عَشِيَ، كرَضِيَ ودعا، يَعْشَى ويَعْشُو عَشًى، مَقْصورٌ مَصْدَرُ عشى، وهو عَشٍ، مَنْقُوصٌ، وأَعْشَى وهي عَشْواءُ، ورجُلانِ أَعْشَيانِ وامْرأَتانِ عَشْواوانِ.

وقد أَعْشاهُ اللهُ، فعَشِيَ، وهما يَعْشَيانِ، ولم يقولوا يَعْشَوَانِ، لأنَّ الواوَ لمَّا صارَتْ في الواحِدِ ياءً لكَسْرَةِ ما قَبْلها تُرِكَتْ في التَّثْنِيَةِ على حالِها؛ كما في الصِّحاح.

وقولُه تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ}؛ أَي يَعْمَ.

وعَشَّى الطَّيْرَ تَعْشِيةً: أَوْقَدَ لها نارًا لتَعْشَى منها فتُصادَ، كذا في المُحْكم.

وتَعاشَى عن كذا: تَجاهَلَ، كأنَّه لم يَرَه كتَعامَى على المَثَلِ.

ومن المجازِ: خَبَطَهُ خَبْطَ عَشْواءَ: لم يَتَعَمَّدْهُ، كما في المُحْكم.

وفي الصِّحاح: ركِبَ فلانٌ العَشْواءَ إذا خَبَطَ أَمْرَه ورَكِبَه على غيرِ بَصِيرَةٍ وبَيانٍ؛ وقيلَ: حَمَلَه على أَمْرٍ غَيْر مُسْتَبينِ الرشدِ فرُبَّما كان فيه ضلالُه، وأَصْلُه مِن العَشْواءِ، وهي النَّاقَةُ التي لا تُبْصِرُ أَمامَها، فهي تخْبِطُ بيَدَيْها كلَّ شي‌ءٍ ولا تَتَعَهَّدُ مَواضِعَ أَخْفَافِها؛ وقيلَ: أَصْلُه مِن عَشْواءِ الليْل أَي ظلْمائِهِ؛ ويُضْرَبُ هذا مَثَلًا للشارِدِ الذي يَرْكَبُ رأْسَه ولا يَهْتَمُّ لعاقِبَتِه.

وعَشا النَّارَ وعَشا إليها عَشْوًا، بالفَتْح، وعُشُوًّا، كعُلُوِّ: رآها لَيْلًا من بعيدٍ فقَصَدَها مُسْتَضِيئًا، بها يَرْجُو بها هُدًى وخَيْرًا.

قال الجوهريُّ: وهذا هو الأصْلُ ثم صارَ كلُّ قاصِدٍ عاشِيًا.

وقيلَ: عَشَوْتُ إلى النارِ عَشْوًا إِذا اسْتَدْلَلْتُ عليها ببَصَرٍ ضَعِيفٍ؛ قالَ الحُطَيْئة:

مَتَى تأْتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ *** تَجِدْ خَيرَ نارٍ عندَها خَيْرُ مُوقِدِ

والمَعْنى: مَتَى تَأْتِهِ عاشِيًا.

كاعْتَشَاها واعْتَشَى بها.

والعُشْوَةُ، بالضَّم والكسر: تلكَ النَّارُ التي يُسْتَضاءُ بها؛ أَو ما أُخِذَ من نارٍ لتقْتبسَ.

وقالَ الجوهريُّ: شُعْلَةُ النارِ؛ وأَنْشَدَ:

كعُشْوةِ القابِسِ تَرْمِي بالشَّرر

والعُشْوَةُ: رُكوبُ الأمْرِ على غيرِ بَيانٍ وبَصِيرَةٍ، ويُثَلَّثُ. يقالُ: أَوطأْنَنِي عَشْوَةً وعِشْوةً وعُشْوَةً؛ أَي أَمْرًا مُلْتَبِسًا، وذلكَ إذا أَخْبَرْتَه بما أَوْقَعْتَه به في حِيْرَةٍ أَو بَلِيَّةٍ؛ كما في الصِّحاحِ.

والعَشْوةُ، بالفَتْح: الظُّلْمَةُ تكونُ باللّيْلِ وبالسَّحرِ؛ كالعَشْواءِ.

أَو العَشْوَةُ: ما بينَ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلى رُبْعِه؛ ومنه قوْلُهم: مَضَى مِن اللّيْلِ عَشْوَةُ.

والعِشاءُ، ككِساءٍ: أَوَّلُ الظَّلامِ؛ أَو مِن صَلاةِ المَغْربِ إلى العَتَمَةِ؛ أَو مِن زَوالِ الشَّمْسِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ.

قالَ الجوهريُّ: زَعَمَهُ قوْمٌ، وأَنْشَدُوا:

غَدَوْنا غَدْوَةً سَحَرًا بليْلٍ *** عِشاءً بعدَ ما انْتَصَف النَّهارُ

والعَشِيُّ، كغَنِيِّ، والعَشِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: آخِرُ النَّهارِ.

وفي الصِّحاح: مِن صَلاةِ المَغْربِ إلى العَتَمَةِ؛ تقولُ أَتَيْته عَشِيّ أَمْسٍ وعَشِيَّةَ أَمْسٍ انتَهَى، وقيلَ العَشِيُّ بلا هاءٍ آخِرُ النّهارِ، فإذا قُلْتَ عَشِيَّة فهو ليَوْمٍ واحِدٍ ويُقالُ جِئْتُه عَشِيَّةً وأَتَيْتُه العَشِيَّةَ ليَوْمِك وأَتَيْته عَشِيَّ غدٍ، بِلا هاءٍ، إِذا كانَ للمُسْتَقْبلٍ، وأَتَيْتك عَشِيًّا غَيْر مُضافٍ، وأَتَيْته بالعَشِيِّ والغَدِ: أَي كلِّ عَشِيَّةٍ وغَدَاةٍ.

{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا}، إنَّما هو في مِقْدارِ ما بينَ الغَدَاةِ والعَشِيِّ.

وقالَ الراغِبُ: العَشِيُّ مِن زَوالِ الشَّمْسِ إلى الصَّباح؛ قالَ، عزّ وجلّ: {عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها}.

وقالَ الأزْهري: صَلاةُ العِشاءِ هي التي بعدَ صَلاةِ المَغْربِ، وإذا زَالَتِ الشمْسُ دُعِيَ ذلكَ الوَقْتُ العَشِيّ، ويَقَعُ العَشِيُّ على ما بينَ الزَّوالِ والغُروبِ؛ كلُّ ذلكَ عَشِيٌّ، فإذا غابَتْ فهو العِشاءُ.

وقولُه تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها}؛ إنْ قُلْتَ هل للعَشِيَّةِ ضُحًى؟ قيلَ: هذا جَيِّد من كَلامِهم، يُقالُ آتِيكَ العَشِيَّةَ أَو غداتها والغَدَاةَ أَو عَشِيَّتَها فالمعْنَى: لم يَلْبَثُوا إلَّا عَشِيَّة أَو ضُحى العَشِيَّة، أَضافَ الضُّحَى إلى العَشِيَّة.

* قُلْت: وقد يُرادُ بالعَشِيِّ اللّيْلُ لمَكانِ العِشاءِ، وهي الظُّلْمةُ؛ وبه فُسِّر قولُ الشاعِرِ:

هَيْفاءُ عَجْزاءُ خَرِيدٌ بالعَشِيِّ *** تُضْحَكُ عن ذِي أُشُرٍ عَذْبٍ نَقِي

أَرادَ المُبالَغَة في اسْتِحْيائِها، لأنَّ اللَّيْل قد يُعْدَمُ فيه الرُّقباءُ؛ أَي إذا كانَ ذلكَ مع عَدَم هَؤُلاء فما ظنُّك بتَجَرّدِها نَهارًا؛ ويجوزُ أَن يُرِيدَ اسْتِحياءَها عندَ المُباعَلَةِ لأَنَّها أَكْثَرُ ما تكونُ لَيْلًا.

الجمع: عَشايا وعَشِيَّاتٌ؛ شاهِدُ عَشِيَّات قولُ الشَّاعِرِ:

أَلا لَيْتَ حَظِّي من زِيارَةِ أُمِّيَهْ *** غَدِيَّات قَيْظٍ أَو عَشِيَّات أَشْتِيَهْ

وأصْلُ عَشايا عشايو قُلِبَت الواوُ ياءً لتَطرّفِها بعدَ الكَسْرةِ ثم قُلِبَتِ الياءُ الأُولى هَمْزةً ثم أُبْدِلَتِ الكَسْرةُ فَتْحةً، ثم الياءُ أَلِفًا، ثم الهَمْزَةُ ياءً، فصارَ عَشايا بعدَ خَمْسَة أَعْمالٍ، كذا في شُرُوحِ الشافِيَةِ والألْفِيّة.

والعَشِيُّ: السَّحابُ يَأْتِي عَشِيًّا.

وحُكِيَ: لَقِيتُهُ عُشَيْشَةً وعُشَيْشانًا وعُشَّانًا، بالتَّشديدِ؛ كذا في النُّسخِ والصَّوابُ عُشَيّانًا؛ وعُشَيْشِيَةً، كجُوَيْرِيَةٍ، وعُشَيْشِياتٍ وعُشَيْشِياناتٍ وعُشَيَّانات، كُلُّه نادِرٌ.

وفي الصِّحاح: تَصْغيرُ العَشِيِّ عُشَيَّانٌ، على غيرِ قِياسِ مُكَبَّره، كأَنَّهم صَغَّروا عَشْيانًا، والجمْعُ عُشَيَّاناتٍ، وقيلَ أَيْضًا في تصْغِيرِه عُشَيْشِيانٌ والجمْعُ عُشَيشِياناتٍ وتَصْغيرُ العَشِيَّةِ عُشَيْشِيَةٌ والجمْعُ عُشَيْشِيات، انتَهَى.

وقال الأزْهريُّ: ولم أَسْمَعْ عُشَيَّة في تَصْغيرِ عَشِيَّة لأنَّه تَصْغِيرُ عَشْوَةٍ، أَوَّل ظُلْمةِ اللّيْلِ، فأَرادُوا أَنْ يَفْرِّقوا بَيْنَهما.

والعِشْيُ، بالكسْرِ، والعَشاءُ، كسَماءٍ: طَعامُ العَشِيِّ.

قالَ الجوهريُّ: العَشاءُ، بالفَتْح والمدِّ، الطَّعامُ بعَيْنِه، وهو خِلافُ الغَداءِ، الجمع: أَعْشِيَةٌ وعُشِيّ؛ هكذا في النسخِ بضمِّ العَيْن وكَسْر الشِّين وتَشْديدِ الياءِ وهو غَلَطٌ والصَّوابُ أنَّ الكَلامَ تمَّ عنْدَ قوْلِه أَعْشِيَة، ثم ابْتَدَأَ في مَعْنًى آخَر فقالَ: وعَشِيَ؛ أَي كرَضِيَ، وعَشَى كدَعَا وهذا قد أَهْمَلَهُ؛ وتَعَشَّى كُلّه أَكَلَهُ؛ أَي العَشاءَ.

وهو عاشٍ وعَشْيانُ؛ وأَصْلُه عَشْوانٌ، وكذا غَدْيانٌ وأَصْلُه غَدْوان؛ ومِن كَلامِهم: لا يَعْشَى إلَّا بعدَ ما يَعْشُو أَي بعدَ ما يَتَعَشَّى؛ ومُتَعَشِّ. يقالُ إذا قيلَ، تَعَشَّ، قُلْت:

ما بي من تَعَشِّ، ولا تَقُلْ: ما بي من عَشاءٍ.

وعَشاهُ يَعْشُوه عَشْوًا ويَعْشيه عَشْيانًا؛ كذا في النسخِ والصَّوابُ عَشْيًا، كما في المُحْكم؛ أَطْعَمَه إِيَّاهُ؛ أَي العَشاءَ؛ كعَشَّاهُ، بالتَّشْديدِ، وأَعْشاهُ.

والعَواشِي: الإبِلُ والغَنَمُ التي تَرْعَى لَيْلًا، صفَةٌ غالبَةٌ.

وفي الصِّحاح: العَواشِي: هي التي تَرْعَى لَيْلا؛ قالَ:

تَرَى المِصَكَّ يَطْرُدُ العَواشِيَا *** جِلَّتَها والأُخَرَ الحَواشِيَا

وبعيرٌ عَشِيٌّ، كغَنِيٍّ: يُطيلُ العَشاءَ، وهي بهاءٍ.

وعَشا الإِبِلَ، كدَعا، وعَشَّاها، بالتَّشديدِ، رَعاها لَيْلًا.

وعَشِيَ عليه عَشًا، كرَضِيَ: ظَلَمَهُ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.

وابنُ السِّكِّيت: عَشِيَتِ الإِبِلُ تَعْشَى عَشًا: إذا تَعَشَّتْ فهي عاشِيَةٌ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.

ومِن المجازِ: عَشَّى عنه تَعْشِيةً: إذا رَفَقَ به، وكَذلكَ ضَحَّى عنه.

وفي الأساس: عشِّ رُويدًا وضحِّ رُويدًا: أَمر برَعْي الإِبِل عَشِيًّا وضُحًى على سَبِيلِ الأَناةِ والرِّفْقِ، ثم صارَ مَثَلًا في الأَمْرِ بالرِّفْقِ في كلِّ شي‌ءٍ، انتَهَى؛ وكَذلكَ عَشِّ ولا تَغْتَرَّ والعُشْوانُ، بالضَّمِّ: تَمْرٌ أَوْ نَخْلٌ؛ أَي ضَرْبٌ منهما؛ الأُوْلى عن ابنِ دُرَيْدٍ.

كالعَشْواءِ، وهو ضَرْبٌ من متأَخِّر النَّخْلِ حَمْلًا. وصلاتا العَشِيِّ: الظُّهْرُ والعَصْرُ؛ نقلَهُ الأزْهري لكَوْنِهما في آخِرِ النَّهارِ بعدَ الزَّوالِ.

والعِشاءانِ: المَغْرِبُ والعَتَمَة؛ نقلَهُ الجوهريُّ وابنُ فارِسَ، وهو على قولِ مَنْ قالَ: إنَّ العَشِيَّ والعِشاءَ مِن صَلاةِ المَغْربِ إلى العَتَمَةِ؛ كما في المِصْباحِ.

وأَعْشَى: أَعطَى.

واسْتَعْشاهُ: وَجَدَهُ عاشِيًا؛ أَي جائِرًا في حقِّ أَصْحابِه.

واسْتَعْشَى نارًا: اهْتَدَى بها.

والعِشْوُ، بالكسْرِ: قَدَحُ لَبَنٍ يُشْرَبُ ساعَةَ تَرُوحُ الغَنَمُ أَو بعدَها.

وعَشَا الرَّجُلُ: فَعَلَ فِعْلَ الأَعْشَى.

واعْتَشَى: سارَ وقْتَ العِشاءِ، كاهْتَجَرَ سارَ في الهاجِرَةِ.

والمُسَمَّى بالأَعْشى عدَّةُ شُعَراءٍ في الجاهِلِيَّةِ والإِسْلام، منهمْ: أَعْشَى باهِلَةَ، جاهِلِيٌّ واسْمُه عامِرٌ يكنَى أبا قحْفان وأَعْشَى بَني نَهْشَلِ بنِ دارِمٍ، هو الأَسْودُ بنُ يَعْفُرَ النَّهْشَليُّ جاهِلِيٌّ، وتقدَّمَ الاخْتِلافُ في ضَبْطِ اسْمِ والِدِ في «ع ف ر». وأَعْشَى هَمْدانَ، هو عبدُ الرحمنِ بنِ الحارِثِ من بَني مالِكِ بنِ جشمِ ابنِ حاشدٍ. وأَعْشَى بَني أَبي ربِيعَةَ، كذا في النسخِ، وفي التكْمِلَةِ: أَعْشَى بَني ربيعَةَ بنِ ذُهْلِ بنِ شَيْبان بنِ ثَعْلَبَةُ، واسْمُه عبدُ اللهِ بنُ خارِجَةَ مِن بَني قَيْسِ بنِ عَمْرِو بنِ أَبي ربيعَةَ المَذْكُور. وأَعْشَى طِرْوَدٍ، كدِرْهَمٍ، وبَنُو طِرْوَدٍ مِن بَني فهمِ بنِ عَمْرِو بنِ قيْسِ بنِ فهمٍ.

وأَعْشَى بَني الحِرْمازِ بنِ مالِكِ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ، ويُعْرفُ أَيْضًا بأَعْشَى بَني مازِنٍ، ومازِنُ وحِرْمازُ أَخَوان.

وقالَ الآمديُّ: أَهْلُ الحديثِ يقولونَ: أَعْشَى بَني مازِنٍ، والثَّبْتُ أَنَّه أَعْشَى بَني الحِرْمازِ؛ وصَوّبَه الصَّاغاني.

وأَعْشَى بَني أَسدٍ. وأَعْشَى بَني عُكلٍ مِن تيم الرّبابِ، اسْمُه كهَمْسٌ وأَعْشَى ابن، كذا في النُّسخِ ومِثْلُه في التكْملَةِ، مَعْرُوفٌ اسْمُه خَيْثَمةُ. وأَعْشَى بَنِي عُقَيْلٍ، واسْمُه مُعاذُ. وأَعْشَى بَنِي مالِكِ بنِ سعْدٍ. وأَعْشَى بَني عَوْفٍ اسْمُه ضابِئٌ من بني عَوْفِ بنِ همام. وأَعْشى بَنِي ضَوْرَة اسْمُه عبدُ اللهِ. وأَعْشَى بَني جِلّانَ مِن بَني عنْزَةَ اسْمُه سَلَمَةُ. وأَعْشَى بَني قَيْسٍ أَبو بَصِيرٍ جاهِلِيٌّ.

والأعْشَى التَّغْلَبِيُّ هو النُّعْمانُ، ويقالُ له: ابنُ جاوَانَ، وهو مِن الأَراقِمِ مِن بَني معاوِيَةَ بنِ بكْرِ بنِ حبيبِ بنِ عَمْرِو بنِ غنمِ بنِ تَغْلب؛ شُعراءُ وغيرُهم من العُشْي، جَمْعُ الأَعْشَى كَأَحْمَر وحُمْرٍ؛ جماعَةٌ؛ ذكَرَ المصنِّفُ منهم سِتَّةَ عَشَرَ رجُلًا تبْعًا للصَّاغاني في تكْمِلَتِه. وابنُ سِيدَه اقْتَصَرَ على السَّبْعةِ المَشاهِير؛ وأَوْصَلَها أَرْبابُ النَّظائِرِ إلى عِشْرِين.

وقد وَجَدْت أَنا واحِدًا مِن بَني سعْدِ بنِ ضبيعَةَ بنِ قَيْسِ بنِ ثَعْلَبَة الأَعْشى الشَّاعِر واسْمُه مَيْمونُ بنُ قَيْسٍ.

وقرَأْتُ في كتابِ الحماسَةِ ما نَصُّه: ودَخَلَ أَعْشَى ربيعَةَ، وهو مِن شَيْبان مِن بَطْنٍ منهم، يقالُ لهم بَنُو أَمامَةَ، على عبدِ الملِكِ بنِ مَرْوان فقالَ له: يا أَبا المُغِيرَةَ ما بَقِيَ مِن شِعْرِك إلى آخِرِ ما قالَ فلا أَدْرِي هو أَعْشَى بَنِي أَبي ربيعَةَ الذي ذَكَرَه المصنِّفُ أَوَّلَا أَمْ غَيْره، فليُنْظر.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

عَشَا عن الشي‌ءِ يَعْشُو: ضَعُفَ بَصَرَه عنه.

وتَعَاشَى: أَظْهَرَ العَشا وليسَ به.

وفي الصِّحاح: أَرى من نَفْسِه أَنَّه أَعْشَى.

والعاشِيَةُ: كلُّ شي‌ءٍ يَعْشُو باللَّيْلِ إلى ضَوْءِ نارٍ مِن أَصْنافِ الخَلْقِ.

والعاشِي: القاصِدُ.

وأَعْشاهُ اللهُ: جَعَلَه أَعْشَى.

وجاءَ عَشْوةً: أَي عِشاءً، لا يتمكَّن؛ لا تقولُ: مضَتْ عَشْوَةٌ.

وعَشا يَعْشُو: تَعَشَّى.

والعَشْوَةُ العَشاءُ، كالغَدْوَةِ فِي الغَداءِ عاميَّةٌ.

وعِشْيُ الإِبِلِ، بالكسْر: ما تَتَعَشَّاهُ؛ وأَصْلُه الواوُ.

وفي المَثَلِ: العاشِيَةُ تَهِيجُ الآبِيَةَ؛ أَي إذا رَأَتِ التي تأْبَى العَشاءَ التي تَتَعَشَّى تَبِعَتْها فتَعَشَّتْ معها.

وبعيرٌ عَشٍ وناقَةٌ عَشِيَةٌ، كفَرحَةٍ: يَزِيدَان على الإِبِلِ في العَشا، كِلاهُما على النَّسَبِ دُونَ الفِعْل.

والعُقابُ العَشْواءُ: التي لا تُبالِي كيفَ خَبَطَتْ وأَيْنَ ضَرَبَتْ بمخالِبِها.

وعَشا عن كذا: صَدَرَ عنه؛ قيلَ: ومنه قولُه تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ}.

وعَشا عن النارِ: أَعْرَضَ ومَضَى عن ضَوْئِها.

وعَشِيَ عن حَقِّه، كعَمِي زِنَةً ومَعْنًى.

وإنَّهم لفي عشوى أَمْرهم: أَي في حَيْرةٍ وقِلَّة هِدَايةٍ.

والعَشْواءُ: فَرَسُ حسَّان بن مسلمَةَ بنِ خرزِ بنِ لوذان.

وتَعشاهُ: أَعْطاهُ عشْوَةً.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


17-المصباح المنير (رقب)

رَقَبْتُهُ أَرْقُبُهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ حَفِظْتُهُ فَأَنَا رَقِيبٌ وَرَقَبْتُهُ وَتَرَقَّبْتُهُ وَارْتَقَبْتُهُ وَالرِّقْبَةُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ انْتَظَرْتُهُ فَأَنَا رَقِيبٌ أَيْضًا وَالْجَمْعُ الرُّقَبَاءُ وَالرَّقُوبُ وِزَانُ رَسُولٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَالْأَرَامِلِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْكَسْبَ وَلَا كَسْبَ لَهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْتَقِبُ مَعْرُوفًا وَصِلَةً وَالرَّقُوبُ أَيْضًا الَّذِي لَا وَلَد لَهُ وَالْمَرْقَبُ وِزَانُ جَعْفَرٍ الْمَكَانُ الْمُشْرِفُ يَقِفُ عَلَيْهِ الرَّقِيبُ وَرَاقَبْتُ اللَّهَ خِفْتُ عَذَابَهُ وَأَرْقَبْتُ زَيْدًا الدَّارَ إرْقَابًا وَالِاسْمُ الرُّقْبَى وَهِيَ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبه لِتَبْقَى لَهُ وَالرَّقَبَةُ مِنْ الْحَيَوَانِ مَعْرُوفَةٌ وَالْجَمْعُ رِقَابٌ وقَوْله تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَفِي فَكِّ الرِّقَابِ يَعْنِي الْمُكَاتَبِينَ قَالُوا وَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ مَمْلُوكٌ فَيُعْتَقُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُكَاتَبًا.

المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م


18-لسان العرب (رقب)

رقب: فِي أَسماءِ اللَّهِ تعالى: الرَّقِيبُ: وَهُوَ الحافظُ الَّذِي لَا يَغيبُ عَنْهُ شيءٌ}؛ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «ارْقُبُوا مُحَمَّدًا فِي أَهل بَيْتِهِ» أَي احفَظُوه فِيهِمْ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا مِن نَبيٍّ إِلّا أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ» أَي حَفَظَة يَكُونُونَ مَعَهُ.

والرَّقيبُ: الحَفِيظُ.

ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْبانًا، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، ورُقُوبًا، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه.

والتَّرَقُّبُ: الِانْتِظَارُ، وَكَذَلِكَ الارْتِقابُ.

وقوله تعالى: {لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}؛ مَعْنَاهُ لَمْ تَنتَظِرْ قَوْلِي.

والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ.

ورَقِيبُ الجَيْشِ: طَلِيعَتُهم.

ورَقِيبُ الرجُلِ: خَلَفُه مِنْ ولدِه أَو عشِيرتِه.

والرَّقِيبُ: المُنْتَظِرُ.

وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا.

والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ: الموضعُ المُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عَلَيْهِ الرَّقِيبُ، وَمَا أَوْفَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر مِنْ بُعْدٍ.

وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قَالَ:

بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه

أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هُنَا: الجَدَدُ مِنَ الأَرض.

شَمِرٌ: المَرْقَبة هِيَ المَنْظَرةُ فِي رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه مَراقِبُ.

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَراقِبُ: مَا ارتَفَعَ مِنَ الأَرض؛ وأَنشد:

ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها، ***أُقَلِّبُ طَرْفي فِي فَضاءٍ عَريضِ

ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقابًا: حَرَسَه، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد: يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ

يَصِفُ رَفِيقًا لَهُ، يَقُولُ: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصًا عَلَى الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ عَلَى الماءِ؛ يَنْظُرُ النَّجْمَ حِرْصًا عَلَى طُلوعِه، حَتَّى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ.

والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ.

ورَقِيبُ القومِ: حارِسُهم، وَهُوَ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم.

والرَّقِيبُ: الحارِسُ الحافِظُ.

والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ، الَّذِي يَرْقُب لِلْقَوْمِ رَحْلَهم، إِذا غابُوا.

والرَّقِيبُ: المُوَكَّل بالضَّريبِ.

ورَقِيبُ القِداحِ: الأَمِينُ عَلَى الضَّريبِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

لَهَا خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ، ***مكانَ الرَّقِيبِ مِنَ الياسِرِينا

وَقِيلَ: هُوَ الرجُلُ الَّذِي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة فِي المَيْسِرِ، وَمَعْنَاهُ كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ.

التَّهْذِيبُ، وَيُقَالُ: الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ مِنْ قِدَاحِ المَيْسِرِ؛ وأَنشد:

كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ ***للضُّرَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ

قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَفِيهِ ثلاثةُ فُروضٍ، وَلَهُ غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لَمْ يَفُزْ.

وَفِي حَدِيثِ حَفْرِ زَمْزَم: «فغارَ سَهُمُ اللهِ ذِي الرَّقِيبِ»؛ الرَّقِيبُ: الثالِثُ مِنْ سِهام الْمَيْسِرِ.

والرَّقِيبُ: النَّجْمُ الَّذِي فِي المَشْرِق، يُراقِبُ الغارِبَ.

ومنازِلُ القمرِ، كُلُّ واحدٍ مِنْهَا رَقِيبٌ لِصاحِبِه، كُلَّما طَلَع مِنْهَا واحِدٌ سقَطَ آخَرُ، مِثْلُ الثُّرَيَّا، رَقِيبُها الإِكلِيلُ إِذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا.

ورَقِيبُ النَّجْمِ: الَّذِي يَغِيبُ بِطُلُوعِه، مِثْلُ الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

أَحَقًّا، عبادَ اللَّهِ، أَنْ لَسْتُ لاقِيًا ***بُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها؟

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ.

وَيُقَالُ: إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا مِنَ الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبدًا حَتَّى تَغِيبَ؛ كَمَا أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ، لَا يَطْلُع الغَفْرُحَتَّى يَغِيبَ الشَّرَطانِ؛ وَكَمَا أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ، لَا يَطْلُع أَحدُهما إِلَّا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه، فَلَا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وَكَذَلِكَ الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ.

وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِيهًا برَقِيبِ المَيْسِرِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ ***الضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لَا يَتَتَلَّع

النَّجْمُ هَاهُنَا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ.

والرَّقِيب: نَجْمٌ مِنْ نُجومِ المَطَرِ، يُراقبُ نجْمًا آخَر.

وراقبَ اللهَ تَعَالَى فِي أَمرِهِ أَي خافَه.

وابنُ الرَّقِيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقان بْنِ بَدْرٍ، كأَنه كَانَ يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه.

والرُّقْبى: أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ دَارًا أَو أَرْضًا، فأَيُّهما ماتَ، رَجَعَ ذَلِكَ المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وَهِيَ مِنَ المُراقَبَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه.

وَقِيلَ: الرُّقْبَى: أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه.

وَقَدْ أَرْقَبه الرُّقْبَى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَى، ولِعَقبِه بَعْدَهُ بمنزلةِ الوقفِ.

وَفِي الصِّحَاحِ: أَرْقَبْتُه دَارًا أَو أَرضًا إِذا أَعطيتَه إِياها فَكَانَتْ لِلْبَاقِي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فَهِيَ لَكَ، وإِن مُتَّ قَبْلِي، فَهِيَ لِي؛ والاسمُ الرُّقْبى: وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العُمْرَى والرُّقْبَى: «أَنَّهَا لِمَنْ أُعْمِرَها»، وَلِمَنْ أُرْقِبَها، ولوَرَثَتِهِما مِنْ بعدِهِما.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي ابنُ عُلَيَّة، عَنْ حجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عَنِ الرُّقْبَى، فَقَالَ: هُوَ أَن يَقُولَ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ، وَقَدْ وَهَبَ لَهُ دَارًا: إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَكِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصلُ الرُّقْبَى مِنَ المُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا، إِنما يَرْقُبُ مَوْتَ صاحِبِه؛ أَلا تَرَى أَنه يَقُولُ: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَكَ؟ فَهَذَا يُنْبِئك عَنِ المُراقَبة.

قَالَ: وَالَّذِي كَانُوا يُريدون مِنْ هَذَا أَن يَكُونَ الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى صاحِبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِعَ بِهِ مَا دامَ حَيًّا، فإِذا ماتَ الموهوبُ لَهُ، لَمْ يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ مِنْهُ شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنَقْضِ ذَلِكَ، أَنه مَنْ مَلَك شَيْئًا حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِه.

قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ فُعْلى مِنَ المُراقَبَةِ.

والفُقهاءُ فِيهَا مُختَلِفون: مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قَالَ: وَجَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ آثارٌ كثيرةٌ، وَهِيَ أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً، واشترط فيها شرطًا أَنَّ الهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشَّرْطَ باطِلٌ.

وَيُقَالُ: أَرْقَبْتُ فُلَانًا دَارًا، وأَعْمَرْتُه دَارًا إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بِهَذَا الشَّرْطِ، فَهُوَ مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ.

وَيُقَالُ: وَرِثَ فلانٌ مَالًا عَنْ رِقْبَةٍ أَي عَنْ كلالةٍ، لَمْ يَرِثْهُ عَنْ آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْدًا عَنْ رِقْبَةٍ إِذا لَمْ يَكُنْ آباؤُهُ أَمْجادًا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

كَانَ السَّدَى والنَّدى مَجْدًا ومَكْرُمَةً، ***تِلْكَ المَكارِمُ لَمْ يُورَثْنَ عَنْ رِقَبِ

أَي وَرِثَها عَنْ دُنًى فدُنًى مِنْ آبائِهِ، وَلَمْ يَرِثْهَا مِنْ وراءُ وراءُ.

والمُراقَبَة، فِي عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ، أَن يَكُونَ الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن آخرَ السَّببِ الَّذِي فِي آخِرِ الجزءِ، وَهُوَ النُّونُ مِنْ مَفاعِيلُن، لَا يَثْبُتُ مَعَ آخِر السَّببِ الَّذِي قَبْلَه، وَهُوَ الياءُ فِي مَفاعِيلُن، وَلَيْسَتْ بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ المُراقَبَة لَا يَثْبُت فِيهَا الْجُزْآنِ المُتراقِبانِ، وإِنما هُوَ مِنَ المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر، والمُعاقَبة يَجْتمعُ فِيهَا المُتعاقِبانِ.

التَّهْذِيبُ، اللَّيْثُ: المُراقَبَة فِي آخِرِ الشِّعْرِ عِنْدَ التَّجْزِئَة بَيْنَ حَرْفَيْنِ، وَهُوَ أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، وَلَا يَسْقُطانِ مَعًا، وَلَا يَثْبُتان جَمِيعًا، وَهُوَ فِي مَفاعِيلُن الَّتِي للمُضارع لَا يَجُوزُ أَن يتمَّ، إِنما هُوَ مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ.

والرَّقِيبُ: ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ.

والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِن النِّساءِ: الَّتِي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت، فَتَرِثَه.

والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: الَّتِي لَا تَدْنُو إِلى الحوضِ مِنَ الزِّحامِ، وَذَلِكَ لكَرَمِها، سُميت بِذَلِكَ، لأَنها تَرقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ مِنْ شُرْبِهنّ، شَربَت هِيَ.

والرَّقُوبُ مِنَ الإِبل والنِّساءِ: الَّتِي لَا يَبْقَى لَهَا وَلَدٌ؛ قال عبيد:

لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ

وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي ماتَ وَلَدُها، وَكَذَلِكَ الرجُل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَمْ يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمِّنا، ***وَلَا كأَبِينا عاشَ، وَهُوَ رَقُوبُ

وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قَالَ: مَا تَعُدُّون الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: الَّذِي لَا يَبْقى لَه ولَد؛ قَالَ: بَلِ الرَّقُوبُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّم مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي كلامِهِم، إِنما هُوَ عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:

فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ ***بوَاحِدِها، إِذا يَغْزُو، تُضِيفُ

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَكَأَنَّ مَذْهَبُه عِنْدَهُمْ عَلَى مَصائِب الدُّنْيَا، فجَعَلَها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَقْدِهِم فِي الْآخِرَةِ؛ وَلَيْسَ هَذَا بخلافِ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّهُ تحويلُ الْمَوْضِعِ إِلى غيرِه، نَحْوُ حَدِيثِهِ الْآخَرِ: إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وَلَيْسَ هَذَا أَن يكونَ مِنْ سُلِبَ مالَه، لَيْسَ بمحْروبٍ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: الرَّقُوبُ فِي اللُّغَةِ: الرَّجُلُ والمرأَة إِذا لَمْ يَعِشْ لَهُمَا وَلَدٌ، لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفًا عَلَيْهِ، فنَقَلَه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى الَّذِي لَمْ يُقَدِّم مِنْ الْوَلَدِ شَيْئًا أَي يموتُ قَبْلَهُ تَعْرِيفًا، لأَن الأَجرَ والثوابَ لِمَنْ قَدَّم شَيْئًا مِنَ الْوَلَدِ، وأَن الاعتِدادَ بِهِ أَعظم، والنَّفْعَ بِهِ أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كَانَ فِي الدُّنْيَا عَظِيمًا، فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ عَلَى الصبرِ، وَالتَّسْلِيمِ للقضاءِ فِي الْآخِرَةِ، أَعظم، وأَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَدُه فِي الْحَقِيقَةِ مَنْ قَدَّمه واحْتَسَبَه، وَمَنْ لَمْ يُرزَق ذلك، فهو كالذي لَا وَلدَ لَهُ؛ وَلَمْ يَقُلْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبطالًا لِتَفْسِيرِهِ اللُّغَوِيِّ، إِنما هُوَ كقولِه:

إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه

، لَيْسَ عَلَى أَن مَنْ أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ.

والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وَقِيلَ: أَعلاها؛ وَقِيلَ: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة عَلَى طَرْح الزائِدِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:

تَرِدْ بِنَا، فِي سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ ***مِنْهَا، عِرَضناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ

وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فَقَالَ:

تَظَلُّ، عَلَى الثَّمْراءِ، مِنْهَا جَوارِسٌ، ***مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها

والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَبًا.

وَهُوَ أَرْقَب: بَيِّن الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضًا عَلَى غَيْرِ قياسٍ.

والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِنْ نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ.

وَيُقَالُ للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ: رَقْباءُ لَا تُنْعَتُ بِهِ الحُرَّة.

وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: يُقَالُ رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضًا، وَلَا يُقَالُ للمرأَة رَقَبانِيَّة.

والمُرَقَّبُ: الجلدُ الَّذِي سُلِخَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لَمْ تُضِفْ إِليه إِلّا عَلَى القياسِ.

ورَقَبَه: طَرَحَ الحَبْلَ فِي رَقَبَتِه.

والرَّقَبةُ: الْمَمْلُوكُ.

وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً.

وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيرًا، سُمِّيت الْجُمْلَةُ باسمِ العُضْوِ لشرفِها.

التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ؛ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ فِي الرقابِ إِنهم المُكاتَبون، وَلَا يُبْتَدَأُ مِنْهُ مَمْلُوكٌ فيُعْتَقَ.

وَفِي حَدِيثِ قَسْم الصَّدَقاتِ: «وَفِي الرِّقابِ»، يريدُ المُكاتَبين مِنَ الْعَبِيدِ، يُعْطَوْنَ نَصِيبًا مِنَ الزكاةِ، يَفُكون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم.

اللَّيْثُ يُقَالُ: أَعتق اللهُ رَقَبَتَه، وَلَا يُقَالُ: أَعْتَقَ اللَّهُ عُنُقَه.

وَفِي الْحَدِيثِ: «كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً».

قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تكَرَّرَتِ الأَحاديث فِي ذِكْرِ الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وَهِيَ فِي الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عَنْ جَمِيعِ ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قَالَ: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدًا أَو أَمَة؛ وَمِنْهُ قولُهم: دَيْنُه فِي رَقَبَتِه.

وَفِي حَدِيثِ ابنِ سِيرين: «لَنا رِقابُ الأَرضِ»، أَي نَفْس الأَرضِ، يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ أَرضِ الخَراجِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، لَيْسَ لأَصحابهِ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِ قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً.

وَفِي حَدِيثِ بِلالٍ: «والرَّكائِب المُناخَة»، لكَ رِقابُهُنَّ وَمَا عليهِنَ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ.

وَفِي حَدِيثِ الخَيْلِ: «ثُمَّ لمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقابِها وظُهورِها»؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عَلَيْهَا.

وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ الْعَرَبِ، وَهُوَ لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كَانَ أَوْقَصَ، وَهُوَ الَّذِي أَسَرَ حاجبَ بْنَ زُرارة يَوْمَ جَبَلَة.

والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ مِنْ فُرْسانِ العَرَب.

وَفِي حَدِيثِ عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذِي الرَّقِيبة وَهُوَ، بِفَتْحِ الراءِ وكسرِ القافِ، جَبَل بخَيْبَر.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


19-لسان العرب (بشم)

بشم: البَشَم: تُخَمَةٌ عَلَى الدَّسَمِ، وَرُبَّمَا بَشِمَ الفَصِيلُ مِنْ كَثْرَةِ شُرْب اللبَن حَتَّى يَدْقى سَلْحًا فَيَهلِك.

يُقَالُ: دَقِيَ إِذا كثُر سَلْحُه.

ابْنُ سِيدَهْ: البَشَمُ التُّخَمة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُكْثِرَ مِنْ الطَّعَامِ حَتَّى يَكْرُبَه.

يُقَالُ: بَشِمْت مِنَ الطَّعَامِ، بِالْكَسْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَسَنِ: وَأَنْتَ تَتَجَشَّأُ مِنَ الشِّبَع بَشَمًا، وأَصله فِي الْبَهَائِمِ، وَقَدْ بَشِم وأَبْشَمه الطَّعامُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِلْحَذْلَمِيِّ: " وَلَمْ يُجَشِّئْ عَنْ طَعام يُبْشِمُهْ "قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَز لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسي؛ وَقَبْلَهُ: " وَلَمْ تَبِتْ حُمَّى بِهِ تُوَصِّمُهْ وَبَعْدَهُ: كأنَّ سَفُّودَ حَديدٍ مِعْصَمُه وَفِي حَدِيثِ سمُرة بْنِ جُنْدَب: «وَقِيلَ لَهُ إِنَّ ابنَك لَمْ يَنَمِ البارِحةَ بَشَمًا، قَالَ: لَوْ مَاتَ مَا صلَّيْت عَلَيْهِ»؛ البَشَمُ: التُّخَمة عَنِ الدَّسَم؛ وَرَجُلٌ بَشِمٌ، بِالْكَسْرِ.

وبَشِمَ الفَصِيلُ: دَقِيَ مِنَ اللبَن فَكَثُرَ سَلْحُه.

وبَشِمْت مِنْهُ بَشمًا أَي سَئمْت.

والبَشامُ: شَجَرٌ طيِّب الرِّيحِ والطَّعْم يُستاكُ بِهِ.

وَفِي حَدِيثِ عُبادة: «خيرُ مالِ المُسْلِم شاةٌ تأْكلُ مِنْ ورَق القَتاد والبَشام».

وَفِي حَدِيثِ عَمرو بْنِ دِينار: «لَا بأسَ بنَزْع السِّواك مِنَ البَشامةِ».

وَفِي حَدِيثُ عُتْبة بْنِ غَزْوان: مَا لَنَا طَعام إِلَّا وَرَقُ البَشام "؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَشام يُدَقُّ ورَقُه ويُخْلَط بالحِنَّاء للتَّسْويد.

وَقَالَ مرَّة: البَشام شجَر ذُو ساقٍ وأَفْنانٍ وورَقٍ صِغار أَكْبَرَ مِنْ وَرَقِ الصَّعْتَر وَلَا ثَمَر لَهُ، وإِذا قُطِعت وَرقَتُه أَو قُصِف غُصْنُه هُريقَ لبَنًا أَبيض، وَاحِدَتُهُ بَشامة؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَتَذْكُر يومَ تَصْقُل عارِضَيْها ***بِفَرعِ بَشامةٍ؛ سُقِيَ البَشامُ

يَعْنِي أَنها أَشارَتْ بسِواكِها، فَكَانَ ذَلِكَ وداعَها وَلَمْ تتكلَّم خِيفة الرُّقَباء؛ وَصَدْرُ هَذَا الْبَيْتِ فِي التَّهْذِيبِ: " أَتَذْكُر إِذ تُوَدِّعُنا سُلَيْمَى وبَشامةُ: اسْمُ رَجُلٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


20-لسان العرب (عشا)

عشا: العَشَا، مقصورٌ: سوءُ البَصَرِ بالليلِ والنهارِ، يكونُ فِي الناسِ والدَّوابِّ والإِبلِ والطَّيرِ، وَقِيلَ: هُوَ ذَهابُ البَصَرِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يصحُّ إِذَا تأَمَّلته، وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يُبْصِر بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: العَشَا يكونُ سُوءَ البصَرِ مِنْ غيرِ عَمًى، ويكونُ الَّذِي لَا يُبْصِرُ باللَّيْلِ ويُبْصِرُ بالنَّهارِ، وَقَدْ عَشا يَعْشُو عَشْوًا، وَهُوَ أَدْنَى بَصَرِه وَإِنَّمَا يَعْشُو بعدَ ما يَعْشَى.

قال سيبويه: أَمالوا العَشَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَواتِ الواوِ، تَشْبيهًا بذَوات الواوِ مِنَ الأَفعال كغَزا وَنَحْوِهَا، قَالَ: وَلَيْسَ يطَّرِدُ فِي الأَسْماء إِنَّمَا يَطَّرِدُ فِي الأَفْعالِ، وَقَدْ عَشِيَ يَعْشَى عَشًى، وَهُوَ عَشٍ وأَعْشَى، والأُنثى عَشْوَاء، والعُشْوُ جَمعُ الأَعْشَى؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: العُشْوُ مِنَ الشُّعراء سَبْعة: أَعْشَى بَنِي قَيْسٍ أَبو بَصِير، وأَعْشَى باهلَةَ أَبو قُحافة وأَعْشَى بَني نَهْشَلٍ الأَسْودُ بنُ يَعْفُرَ، وَفِي الإِسلام أَعْشَى بَني رَبيعة مِنْ بَنِي شَيْبانَ، وأَعْشَى هَمْدان، وأَعْشَى تَغْلِب بنُ جاوانَ، وأَعْشَى طِرْوَدٍ مِنْ سُلَيْم، وَقَالَ غَيْرُهُ: وأَعْشَى بَني مازِنٍ مِنْ تَمِيم.

ورَجُلان أَعْشَيَانِ، وامرأتانِ عَشْوَاوَانِ، وَرِجَالٌ عُشْوٌ وأَعْشَوْنَ.

وعَشَّى الطَّيْرَ: أَوْقَد لَهَا نَارًا لتعَشى مِنْهَا فَيَصِيدُهَا.

وعَشا يَعْشُو إِذَا ضَعُفَ بَصَرُه، وأَعْشَاهُ اللَّهُ.

وَفِي حَدِيثِ ابنِ المُسَيَّب: « أَنه ذَهَبَتْ إحدْى عَينَيْه وَهُوَ يَعْشُو بالأُخْرى »أَي يُبْصِر بِهَا بَصَرًا ضَعِيفًا.

وعَشا عَنِ الشَّيْءِ يَعْشُو: ضَعُفَ بَصَرُه عَنْهُ، وخَبَطَه خَبْطَ عَشْواء: لَمْ يَتَعَمَّدْه.

وفلانٌ خابطٌ خَبْطَ عَشْوَاء، وأَصْلُه مِنَ الناقةِ العَشْواءِ لأَنها لَا تُبْصِر مَا أَمامَها فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْها، وَذَلِكَ أَنها تَرْفَع رَأْسها فَلَا تَتَعَهَّدُ مَواضِعَ أَخْفافِها؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

رأَيْتُ المَنايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ، مَنْ تَصِبْ ***تُمِتْهُ، ومَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ

وَمِنْ أَمثالهم السَّائرة: وهو يَخْبِط خَبْطَ عَشْوَاء، يضرَبُ مَثَلًا للسَّادِرِ الَّذِي يَرْكَبُ رَأْسَهُ وَلَا يَهْتَمُّ لِعاقِبَتِهِ كالنَّاقَة العَشْوَاء الَّتِي لَا تُبْصِرُ، فَهِيَ تَخْبِطُ بيَدَيْها كلَّ مَا مَرَّت بِهِ، وشَبَّه زُهَيرٌ الْمَنَايَا بخَبْطِ عَشْواءَ لأَنَّها تَعُمُّ الكُلَّ وَلَا تَخُصُّ.

ابْنُ الأَعرابي: العُقابُ العَشْواءُ الَّتِي لَا تُبالي كيْفَ خَبَطَتْ وأَيْنَ ضَرَبَتْ بمخالِبها كالنَّاقة العَشْوَاء لَا تَدْرِي كَيْفَ تَضَع يَدَها.

وتَعَاشَى: أَظْهَرَ العَشا، وأَرى مِنْ نَفْسِه أَنه أَعْشَى وَلَيْسَ بِهِ.

وتَعَاشَى الرجلُ فِي أَمْرِه إِذَا تَجَاهَلَ، عَلَى المَثَل.

وعَشَا يَعْشُو إِذَا أَتى نَارًا للضِّيافَة وعَشَا إِلَى النَّارِ، وعَشَاها عَشْوًا وعُشُوًّا واعْتَشَاها واعْتَشَى بِهَا، كلُّه: رَآهَا لَيْلًا عَلَى بُعْدٍ فقَصَدَها مُسْتَضِيئًا بِهَا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

مَتَى تأْتِهِ تَعْشُو إِلى ضَوْء نارِهِ، ***تَجِدْ خَيرَ نارٍ، عندَها خَيرُ مُوقِدِ

أَي مَتَى تأْتِهِ لَا تَتَبَيَّن نارَهُ مِنْ ضَعْف بَصَرِك؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وُجُوهًا لَوْ أنَّ المُدْلِجِينَ اعْتَشَوْا بِهَا، ***صَدَعْنَ الدُّجى حتَّى تَرى اللّيْلَ يَنْجَلي

وعَشَوْتُه: قَصَدْتُه لَيْلًا، هَذَا هُوَ الأَصْلُ ثُمَّ صَارَ كلُّ قاصِدٍ عاشِيًا.

وعَشَوْت إِلى النارِ أَعْشُو إِليها عَشْوًا إِذا اسْتَدْلَلْتَ عَلَيْهَا بِبَصَرٍ ضَعيفٍ، ويُنْشد بَيْتُ الحُطيئة أَيضًا، وفسَّره فَقَالَ: الْمَعْنَى مَتَى تَأْتِه عَاشِيًا، وَهُوَ مَرْفُوعٌ بَيْنَ مَجْزُومَيْن لأَن الفعلَ المُسْتَقْبَل إِذا وَقَع مَوقِعَ الْحَالِ يَرْتَفِع، كَقَوْلِكَ: إِن تأْتِ زَيْدًا تُكْرِمُه يَأْتِكَ، جَزَمْتَ تأْتِ بأَنْ، وجَزَمْتَ يأْتِكَ بِالْجَوَابِ، ورفَعْتَ تُكْرِمُه بَيْنَهُمَا وجَعَلْتَه حَالًا، وإِن صَدَرْت عَنْهُ إِلى غَيْرِهِ قُلْتَ عَشَوْتُ عَنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}؛ " قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ مَنْ يُعْرضْ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَمَنْ قرأَ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ فَمَعْنَاهُ مَن يَعْمَ عَنْهُ، وَقَالَ القُتَيبي: مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ "أَي يُظْلِمْ بَصَرُه، قَالَ: وَهَذَا قولُ أَبي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَرُدُّ قولَ الْفَرَّاءِ وَيَقُولُ: لَمْ أَرَ أَحدًا يُجيزُ عَشَوْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَعْرَضْتُ عَنْهُ، إِنما يُقَالُ تَعَاشَيْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَي تَغافَلْت عَنْهُ كأَني لَمْ أَرَهُ، وَكَذَلِكَ تعامَيْت، قَالَ: وعَشَوْتُ إِلى النَّارِ أَي اسْتَدْلَلْت عَلَيْهَا ببَصَرٍ ضَعِيفٍ.

قَالَ الأَزهري: أَغْفَل القُتَيْبي موضعَ الصوابِ واعْتَرَض مَعَ غَفْلَتِه عَلَى الْفَرَّاءِ يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ لأَبَيِّن عُوارَه فَلَا يَغْتَرَّ بِهِ الناظرُ فِي كِتَابِهِ.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عَشَوْتُ إِلى النَّارِ أَعْشُو عَشْوًا أَي قَصَدتُها مُهْتَدِيًا بِهَا، وعَشَوْتُ عَنْهَا أَي أَعْرَضْت عَنْهَا، فيُفرِّقون بَيْنَ إِلى وعَنْ موصولَيْن بِالْفِعْلِ.

وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ عَشَا فلانٌ إِلى النَّارِ يَعْشُو عَشْوًا إِذا رأَى نَارًا فِي أَوَّل اللَّيْلِ فيَعْشُو إِليها يَسْتضِيءُ بضَوْئها.

وعَشَا الرجلُ إِلى أَهلِه يَعْشُو: وَذَلِكَ مِنْ أَوَّل اللَّيْلِ إِذا عَلِمَ مكانَ أَهلِه فقَصدَ إِليهم.

وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: عَشِيَ الرجلُ يَعْشَى إِذا صَارَ أَعْشَى لَا يُبْصِرُ لَيْلًا؛ وَقَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلي فجعَل الاعْتِشَاء بِالْوُجُوهِ كَالِاعْتِشَاءِ بِالنَّارِ يَمْدَحُ قَوْمًا بِالْجَمَالِ:

يَزينُ سَنا الماوِيِّ كلَّ عَشِيَّةٍ، ***عَلَى غَفلات الزَّيْنِ والمُتَجَمَّلِ،

وُجُوهٌ لوَانَّ المُدْلِجينَ اعْتَشَوْا بِهَا، ***سَطَعْنَ الدُّجى حَتَّى ترَى الليْلَ يَنْجَلي

وعَشَا عَنْ كَذَا وَكَذَا يَعْشُو عَنْهُ إِذا مَضى عَنْهُ.

وعَشَا إِلى كَذَا وَكَذَا يَعْشُو إِليه عَشْوًا وعُشُوًّا إِذا قَصَد إِليه مُهْتَدِيًا بضَوْء نارِه.

وَيُقَالُ: اسْتَعْشَى فلانٌ نَارًا إِذا اهْتَدى بِهَا؛ وأَنشد:

يَتْبعن حُرُوبًا إِذا هِبْنَ قَدَمْ، ***كأَنه باللَّيْلِ يَسْتَعْشِي ضَرَم

يَقُولُ: هُوَ نَشِيطٌ صادِقُ الطَّرْفِ جَرِيءٌ عَلَى الليلِ كأَنه مُسْتَعْشٍ ضَرَمةً، وَهِيَ النارُ، وَهُوَ الرجلُ الَّذِي قَدْ ساقَ الخارِبُ إِبله فطَرَدَها فَعَمَد إِلى ثَوْبٍ فشَقَّه وفَتَلَه فَتْلًا شَدِيدًا، ثُمَّ غَمَره فِي زَيْتٍ أَو دُهْن فرَوَّاهُ، ثُمَّ أَشْعل فِي طَرَفِه النَّارَ فاهْتَدى بِهَا واقْتَصَّ أَثَرَ الخارِبِ ليَسْتَنْقِذَ إِبلَه؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ، وإِنما أَتى القُتَيْبيَّ فِي وَهْمِهِ الخَطَأُ مِنْ جِهَةِ أَنه لَمْ يَفْرُق بَيْنَ عَشَا إِلى النَّارِ وعَشَا عَنْهَا، وَلَمْ يَعْلَم أَن كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا ضِدُّ الْآخَرِ مِنْ بَابِ المَيْلِ إِلى الشيءِ والمَيْل عَنْهُ، كَقَوْلِكَ: عَدَلْت إِلى بَنِي فلانٍ إِذا قَصدتَهم، وعَدَلْتُ عَنْهُمْ إِذا مَضَيْتَ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ مِلْتُ إِليهم ومِلْت عَنْهُمْ، ومَضيْت إِليهم ومضيْت عَنْهُمْ، وَهَكَذَا قَالَ أَبو إِسحق الزجَّاج فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِأَي يُعْرِض عَنْهُ كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ}؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ مَنْ أَعرض عَنِ الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنِ الْحِكْمَةِ إِلى أَباطِيل المضلِّين نُعاقِبْه بشيطانٍ نُقَيِّضُه لَهُ حَتَّى يُضِلَّه وَيُلَازِمَهُ قَرِينًا لَهُ فَلَا يَهْتدي مُجازاةً لَهُ حِينَ آثرَ الباطلَ عَلَى الْحَقِّ البيِّن؛ قَالَ الأَزهري: وأَبو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ مَعْرِفَةٍ بِالْغَرِيبِ وأَيام الْعَرَبِ، وَهُوَ بَليدُ النَّظَرِ فِي بَابِ النَّحْوِ ومقَاييسه.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: « أَنَّ رَجُلًا أَتاه فَقَالَ لَهُ كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلٌ هَلْ يَضُرُّ مَعَ الإِيمان ذَنْبٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: عَشِ وَلَا تَغْتَرَّ، ثُمَّ سأَل ابنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ مثلَ ذَلِكَ »؛ هَذَا مَثَلٌ لِلْعَرَبِ تَضْربُه فِي التَّوْصِية بالاحتِياط والأَخْذِ بالحَزْم، وأَصلُه أَن رَجُلًا أَراد أَن يَقْطَع مَفازَة بإبلِه وَلَمْ يُعَشِّها، ثِقَةً عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الكَلإِ، فَقِيلَ لَهُ: عَشِّ إِبلَك قَبْلَ أَن تُفَوِّزَ وخُذْ بِالِاحْتِيَاطِ، فإِن كَانَ فِيهَا كلأٌ لَمْ يَضُرَّك مَا صنَعْتَ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِيهَا شيءٌ كنتَ قَدْ أَخَذْت بالثِّقة والحَزْم، فأَراد ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ هَذَا اجتَنِبِ الذنوبَ وَلَا تَرْكبْها اتِّكالًا عَلَى الإِسلام، وخُذْ فِي ذَلِكَ بالثِّقة وَالِاحْتِيَاطِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ تَعَشَّ إِذا كنتَ فِي سَفَرٍ وَلَا تَتَوانَ ثِقةً مِنْكَ أَنْ تتَعَشَّى عِنْدَ أَهلِكَ، فلَعَلَّك لَا تَجِدُ عِنْدَهُمْ شَيْئًا.

وَقَالَ اللَّيْثُ: العَشْوُ إِتْيانُكَ نَارًا تَرْجُو عِنْدَهَا هُدًى أَو خَيْرًا، تَقُولُ: عَشَوْتُها أَعْشُوها عَشْوًا وعُشُوًّا، والعَاشِيَة: كُلُّ شيءٍ يعشُو بالليلِ إِلى ضَوءِ نارٍ مِنْ أَصنافِ الخَلقِ الفَراشِ وغيرِه، وَكَذَلِكَ الإِبل العَوَاشِي تَعْشُو إِلى ضَوءِ نارٍ؛ وأَنشد:

وعَاشِيَةٍ حُوشٍ بِطانٍ ذَعَرْتُها ***بضَرْبِ قَتِيلٍ، وَسْطَها، يَتَسَيَّفُ

قَالَ الأَزهري: غَلِطَ فِي تَفْسِيرِ الإِبلِ العَوَاشِي أَنها الَّتِي تَعْشُو إِلى ضَوْءِ النارِ، والعَوَاشِي جمعُ العَاشِيَة، وَهِيَ الَّتِي تَرْعى لَيْلًا وتتَعَشَّى، وَسَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ: والعُشْوَة والعِشْوَة: النارُ يُسْتَضاءُ بِهَا.

والعَاشِي: القاصِدُ، وأَصلُه مِنْ ذَلِكَ لأَنه يَعْشُو إِليه كَمَا يَعْشُو إِلى النَّارِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:

شِهابي الَّذِي أَعْشُو الطريقَ بضَوْئِه ***ودِرْعي، فَلَيلُ الناسِ بَعْدَك أَسْوَدُ

والعُشْوَة: مَا أُخِذَ مِنْ نارٍ ليُقْتَبس أَو يُسْتَضاءَ بِهِ.

أَبو عَمْرٍو: العُشْوَة كالشُّعْلة مِنَ النارِ؛ وأَنشد:

حَتَّى إِذا اشْتالَ سُهَيْلٌ بسَحَرْ، ***كعُشْوَةِ القابِسِ تَرْمي بالشَّرر

قَالَ أَبو زَيْدٍ: ابْغُونا عُشْوَةً أَي نَارًا نَسْتَضيءُ بِهَا.

قَالَ أَبو زَيْدٍ: عَشِيَ الرجلُ عَنْ حَقِّ أَصحابِه يَعْشَى عَشًى شَدِيدًا إِذا ظَلَمَهم، وَهُوَ كَقَوْلِكَ عَمِيَ عَنِ الْحَقِّ، وأَصله مِنَ العَشَا؛ وأَنشد:

أَلا رُبَّ أَعْشَى ظالِمٍ مُتَخَمِّطٍ، ***جَعَلْتُ بعَيْنَيْهِ ضِياءً، فأَبْصَرا

وَقَالَ: عَشِيَ عليَّ فلانٌ يَعْشَى عَشًى، مَنْقُوصٌ، ظَلَمَني.

وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلرِّجَالِ يَعْشَوْنَ، وهُما يَعْشَيَانِ، وَفِي النِّسَاءِ هُنَّ يَعْشَيْن، قَالَ: لمَّا صَارَتِ الْوَاوُ فِي عَشِيَ يَاءً لكَسْرة الشِّينِ تُرِكَتْ فِي يَعْشَيَانِ يَاءً عَلَى حالِها، وَكَانَ قِياسُه يَعْشَوَانِ فتَرَكوا الْقِيَاسَ، وَفِي تَثْنِيَةِ الأَعْشَى هُمَا يَعْشَيانِ، وَلَمْ يَقُولُوا يَعْشَوانِ لأَنَّ الْوَاوَ لمَّا صَارَتْ فِي الْوَاحِدِ يَاءً لكَسْرة مَا قَبْلَها تُرِكَت فِي التَّثْنية عَلَى حَالِهَا، والنِّسْبة إِلى أَعْشَى أَعْشَوِيٌّ، وإِلى العَشِيَّةِ عَشَوِيٌّ.

والعَشْوَةُ والعُشْوَةُ والعِشْوَةُ: رُكوبُ الأَمْر عَلَى غَيْرِ بيانٍ.

وأَوْطأَني عَشْوَةً وعِشْوَةً وعُشْوَة: لبَسَ عليَّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنه حَمَله عَلَى أَن يَرْكَب أَمرًا غيرَ مُسْتَبينِ الرُّشْدِ فرُبَّما كَانَ فِيهِ عَطَبُه، وأَصله مِنْ عَشْوَاءِ اللَّيْلِ وعُشْوَتِه مثلُ ظَلْماءِ اللَّيْلِ وظُلْمَته، تَقُولُ: أَوْطَأْتَني عَشْوَةً أَي أَمْرًا مُلْتَبِسًا، وَذَلِكَ إِذا أَخْبَرْتَه بِمَا أَوْقَعْتَه بِهِ فِي حَيْرَةٍ أَو بَلِيَّة.

وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ: أَوطَأْته عَشْوَة أَي غَرَرْته وحَمَلْته على أَن يَطَأَ مَا لَا يُبْصِرُه فرُبَّما وَقَعَ فِي بِئْرٍ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: « خَبَّاط عَشَوَات»؛ أي يَخْبِطُ فِي الظَّلامِ والأَمر المُلْتَبِس فيَتَحَيَّر.

وَفِي الْحَدِيثِ: « يَا مَعْشَرَ العَرَب احْمَدُوا اللهَ الَّذِي رَفَعَ عنكمُ العُشْوَةَ »؛ يُرِيدُ ظُلْمة الكُفْرِ كُلَّما ركِبَ الإِنسانُ أَمرًا بجَهْلٍ لَا يُبْصرُ وجْهَه، فَهُوَ عُشْوَة مِنْ عُشْوَة اللَّيْلِ، وَهُوَ ظُلْمة أَوَّله.

يُقَالُ: مَضى مِنَ اللَّيْلِ عَشْوَة، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ أَوَّلِه إِلى رُبْعه.

وَفِي الْحَدِيثِ: « حَتَّى ذَهَبَ عَشْوَةٌ مِنَ اللَّيْلِ».

وَيُقَالُ: أَخَذْتُ عَلَيْهم بالعَشْوَة أَي بالسَّوادِ مِنَ اللَّيل.

والعُشْوَة، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الأَمْرُ المُلْتَبس.

وَرَكِبَ فلانٌ العَشْوَاءَ إِذا خَبَطَ أَمرَه عَلَى غيرِ بَصِيرة.

وعَشْوَةُ اللَّيْلِ والسَّحَر وعَشْوَاؤه: ظُلْمَتُه.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الأَكوع: « فأَخَذَ عَلَيْهِمْ بالعَشْوَةِ» أَي بالسَّوادِ مِنَ اللَّيْلِ، ويُجْمَع عَلَى عَشَواتٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ فِي سَفَر فاعْتَشَى فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ »أَي سَارَ وقتَ العِشاء كَمَا يُقَالُ اسْتَحَر وابْتَكَر.

والعِشاءُ: أَوَّلُ الظَّلامِ مِنَ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ صلاةِ المَغْرِب إِلى العَتَمة.

والعِشَاءَانِ: المَغْرِب والعَتَمة؛ قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِصَلَاتَيِ المَغْرِب والعِشاءِ العِشَاءَانِ، والأَصلُ العِشاءُ فغُلِّبَ عَلَى المَغْرِب، كَمَا قَالُوا الأَبَوان وَهُمَا الأَبُ والأُمُّ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ.

وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العِشَاءُ حينَ يُصَلّي الناسُ العَتَمة؛ وأَنشد:

وَمُحَوَّلٌ مَلَثَ العِشَاءِ دَعَوْتُه، ***والليلُ مُنْتَشِرُ السَّقِيط بَهِيمُ

قَالَ الأَزهري: صَلاةُ العِشاءِ هِيَ الَّتِي بعدَ صلاةِ المَغْرِب، ووَقْتُها حينَ يَغِيبُ الشَّفَق، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ}.

وأَما العَشِيُّ فَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِذا زَالَتِ الشَّمْسُ دُعِي ذَلِكَ الوقتُ العَشِيَّ، فَتَحَوَّلَ الظلُّ شَرْقِيًّا وتحوَّلت الشمْسُ غَرْبيَّة؛ قَالَ الأَزهري: وَصَلَاتَا العَشِيِّ هُمَا الظُّهْر والعَصْر.

وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « صَلَّى بِنَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحْدى صلاتَي العَشِيِّ، وأَكْبَرُ ظَني أَنها العَصْر، وَسَاقَهُ ابْنُ الأَثير فَقَالَ: صَلى بِنَا إحْدى صَلَاتَيِ العَشِيِّ فسَلَّم مِنَ اثْنَتَيْن »، يريدُ صلاةَ الظُّهْر أَو العَصْر؛ وَقَالَ الأَزهري: يَقَع العَشِيُّ عَلَى مَا بَيْنَ زَوالِ الشمْسِ إِلَى وَقْت غُروبها، كُلُّ ذَلِكَ عَشِيٌّ، فَإِذَا غابَتِ الشَّمْسُ فَهُوَ العِشَاءُ، وَقِيلَ: العَشِيُّ منْ زَوالِ الشَّمْس إِلى الصَّباح، وَيُقَالُ لِما بَيْنَ المَغْرِب والعَتَمة: عِشاءٌ؛ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ العِشَاء مِنْ زَوال الشَّمْسِ إِلى طُلوع الفَجْر، وأَنشدوا فِي ذَلِكَ:

غَدَوْنا غَدْوَةً سَحَرًا بليْلٍ ***عِشاءً، بعدَ ما انْتَصف النَّهارُ

وَجَاءَ عَشْوَةَ أَي عِشاءً، لَا يتمكَّن؛ لَا تَقُولُ مضتْ عَشْوَةٌ.

والعَشِيُّ والعَشِيَّةُ: آخرُ النَّهَارِ، يُقَالُ: جئتُه عَشِيَّةً وعَشِيَّةَ؛ حَكَى الأَخيرةَ سِيبَوَيْهِ.

وأَتَيْتُه العَشِيَّةَ: ليوْمِكَ، وَآتِيهِ عَشِيَّ غدٍ، بِغَيْرِ هاءٍ، إِذا كَانَ للمُسْتَقبل، وأَتَيتك عَشِيًّا غَيْرُ مضافٍ، وآتِيه بالعَشِيِّ وَالْغَدِ أَي كلَّ عَشيَّة وغَداةٍ، وإِني لَآتِيهِ بالعَشَايا والغَدايا.

وَقَالَ اللَّيْثُ: العَشِيُّ، بِغَيْرِ هاءٍ، آخِرُ النهارِ، فإِذا قُلْتَ عَشِيَّة فَهُوَ لِيوْم واحدٍ، يُقَالُ: لَقِيته عَشِيَّةَ يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، ولَقِيته عَشِيَّةً مِنَ العَشِيّات، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها}، يَقُولُ القائلُ: وَهَلْ للعَشِيَّة ضُحًى؟ قَالَ: وَهَذَا جَيِّد مِنْ "كَلَامِ الْعَرَبِ، يُقَالُ: آتِيك العَشِيَّةَ أَو غداتَها، وَآتِيكَ الغَداةَ أَو عَشِيَّتَها، فَالْمَعْنَى لَمْ يَلْبثوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضُحى العَشِيَّة، فأَضاف الضُّحى إِلى العَشِيَّة؛ وأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

أَلا لَيتَ حَظِّي مِنْ زِيارَةِ أُمِّيَهْ ***غَدِيَّات قَيْظٍ، أَو عَشِيَّات أَشْتِيَهْ

فإِنه قَالَ: الغَدَوات فِي القَيْظ أَطْوَلُ وأَطْيَبُ، والعَشِيَّاتُ فِي الشِّتاءِ أَطولُ وأَطيبُ، وَقَالَ: غَدِيَّةٌ وغَدِيَّات مثلُ عَشِيَّةٍ وعَشِيَّات، وَقِيلَ: العَشِيُّ والعَشِيَّة مِنْ صلاةِ المَغْرِب إِلَى العَتمة، وَتَقُولُ: أَتَيْتُه عَشِيَّ أَمْسِ وعَشِيَّة أَمْسِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا}، وليسَ هُناك بُكْرَةٌ وَلَا عَشِيٌّ وَإِنَّمَا أَراد لهُم رزْقُهُم فِي مِقْدار، بَيْنَ الغَداةِ والعَشِيِّ، وَقَدْ جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَنَّ معْناه ولهُمْ رِزْقُهُم كلَّ ساعةٍ، وتصٌغِيرُ العَشِيِّ عُشَيْشِيانٌ، عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ عِنْدَ شَفىً وَهُوَ آخِرُ ساعةٍ مِنَ النَّهار، وَقِيلَ: تَصْغِيرُ العَشِيِّ عُشَيَّانٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسِ مُكَبَّره، كَأَنَّهُمْ صَغَّروا عَشيْانًا، وَالْجَمْعُ عُشَيَّانات.

ولَقِيتُه عُشَيْشِيَةً وعُشَيْشِيَاتٍ وعُشَيْشِياناتٍ وعُشَيَّانات، كلُّ ذَلِكَ نَادِرٌ، وَلَقِيتُهُ مُغَيْرِبانَ الشَّمْسِ ومُغَيْرِباناتِ الشَّمْسِ.

وَفِي حَدِيثِ جُنْدَب الجُهَني: « فأَتَيْنا بَطْنَ الكَديد فنَزَلْنا عُشَيْشِيَةً »، قَالَ: هِيَ تَصْغِيرُ عَشِيَّة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، أُبْدلَ مِنَ الْيَاءِ الوُسْطى شِينٌ كأَنّ أَصلَه عُشَيِّيةً.

وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: أَتَيْتُه عُشَيْشَةً وعُشَيْشِيانًا وعُشيَّانًا، قَالَ: وَيَجُوزُ فِي تَصْغيرِ عَشِيَّةٍ عُشَيَّة وعُشَيْشِيَةٌ.

قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ فِي تَصْغِيرِ عَشِيَّة عُشَيْشِيَةٌ، جَاءَ نَادِرًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَمْ أَسْمَع عُشَيَّة فِي تَصْغِيرِ عَشِيَّة، وَذَلِكَ أَنَّ عُشَيَّة تصْغِيرُ العَشْوَة، وَهُوَ أَولُ ظُلْمة اللَّيْلِ، فأَرادوا أَن يَفْرُقوا بَيْنَ تَصْغِيرِ العَشِيَّة وَبَيْنَ تَصغير العَشْوَة؛ وأَمَّا مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:

هَيْفاءُ عَجْزاءُ خَرِيدٌ بالعَشِي، ***تَضْحَكُ عَنْ ذِي أُشُرٍ عَذْبٍ نَقِي

فَإِنَّهُ أَراد باللَّيل، فإمَّا أَن يَكُونَ سَمَّى الليلَ عَشِيًا لمَكانِ العِشاء الَّذِي هُوَ الظُّلْمَةُ، وإمَّا أَن يَكُونَ وَضَعَ العَشِيَّ موضِعَ اللَّيْلِ لقُرْبِه مِنْهُ مِنْ حَيْثُ كانَ العَشِيُّ آخِرَ النَّهار، وآخرُ النَّهارِ مُتَّصِلٌ بأَوَّل اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا أَرادَ الشاعرُ أَنْ يُبالغَ بتَخَرُّدِها واسْتِحيائِها لأَنَّ الليلَ قَدْ يُعْدَمُ فِيهِ الرُّقَباءُ والجُلَساءُ، وأَكثرُ مَنْ يُسْتَحْيا مِنْهُ، يَقُولُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ هَؤُلاء فَمَا ظَنُّكَ بتَخَرُّدِها نَهارًا إِذَا حَضَرُوا؟ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنَى بِهِ اسْتِحياؤها عِنْدَ المُباعَلَة لأَنَّ المُباعَلَة أَكثرُ مَا تَكُونُ لَيْلًا.

والعِشْيُ: طَعامُ العَشيّ والعِشاءِ، قُلِبَتْ فِيهِ الواوُ يَاءً لقُرْب الْكَسْرَةِ.

والعَشاءُ: كالعِشْيِ، وجَمعه أَعْشِيَة.

وعَشِيَ الرجلُ يَعْشَى وعَشَا وتَعَشَّى، كلُّه: أَكلَ العَشاء فَهُوَ عاشٍ.

وعَشَّيْت الرجلَ إِذَا أَطْعَمته العَشَاءَ، وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤكَلُ بَعْدَ العِشاء.

وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَضَر العَشَاءُ والعِشَاءُ فابْدَؤوا بالعَشَاءِ "؛ العَشَاء، بِالْفَتْحِ والمدِّ: الطعامُ الَّذِي يؤكَلُ عِنْدَ العِشَاء، وَهُوَ خِلاف الغَداءِ وأَراد بالعِشاءِ صلاةَ الْمَغْرِبِ، وَإِنَّمَا قدَّم العَشاء لئلَّا يَشْتَغِل قلْبُه بِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا قِيلَ إِنَّهَا الْمَغْرِبُ لأَنها وقتُ الإِفطارِ ولِضِيقِ وقتِها.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْمَثَلِ سَقَطَ العَشَاءُ بِهِ عَلَى سِرْحان؛ يُضْرَبُ للرجُلِ يَطْلُب الأَمر التَّافِه" فيقَع فِي هَلَكةٍ، وأَصله أَنَّ دابَّة طَلبَت العَشاءَ فَهَجَمَتْ عَلَى أَسَدٍ.

وَفِي حَدِيثِ الْجَمْعِ بعَرفة: « صلَّى الصَّلاتَيْن كلُّ صلاةٍ وحْدها والعَشَاءُ بَيْنَهُمَا »أَي أَنه تَعَشَّى بَيْنَ الصَّلاتَيْن.

قَالَ الأَصمعي: وَمِنْ كَلَامِهِمْ لَا يَعْشَى إلا بعد ما يَعْشُو أَي لَا يَعْشَى إلا بعد ما يَتَعَشَّى.

وَإِذَا قِيلَ: تَعَشَّ، قلتَ: مَا بِي مِنْ تَعَشٍّ أَي احْتِيَاجٍ إِلَى العَشاءِ، وَلَا تقُلْ مَا بِي عَشاءٌ.

وعَشَوْتُ أَي تَعَشَّيْتُ.

ورجلٌ عَشْيَانٌ: مُتَعَشٍّ، والأَصل عَشْوانٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ أَشاوَى فِي الشُّذُوذِ وطَلَب الخِفَّة.

قَالَ الأَزهري: رجلٌ عَشْيَان وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الواوِ لأَنه يُقَالُ عَشَيته وعَشَوته فأَنا أَعْشُوه أَي عَشَّيْته، وَقَدْ عشِيَ يَعْشَى إِذَا تَعشَّى.

وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ مِنَ الغَداء والعَشاء رجلٌ غَدْيان وعَشْيان، والأَصل غَدْوان وعَشْوان لأَنَّ أَصْلَهُما الواوُ، وَلَكِنَّ الواوُ تُقْلَب إِلَى الْيَاءِ كَثِيرًا لأَن الْيَاءَ أَخفُّ مِنَ الواوِ.

وعَشاه عَشْوًا وعَشْيًا فتَعَشَّى: أَطْعَمَهُ العَشاءَ، الأَخيرةُ نادرةٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

قَصَرْنا عَلَيْه بالمَقِيظِ لِقاحَنَا، ***فَعَيَّلْنَه مِنْ بَينِ عَشْيٍ وتَقْييلِ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لقُرْط بْنِ التُّؤام الْيَشْكُرِيُّ:

كانَ ابنُ أَسْماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه ***مِنْ هَجْمَةٍ، كفَسِيلِ النَّخلِ دُرَّارِ

وعَشَّاهُ تَعْشِية وأَعْشاه: كَعَشاه قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فأَعْشَيْتُه، مِنْ بَعدِ مَا راثَ عِشْيُهُ، ***بسَهْمٍ كسَيْرِ التَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ

عدّاه بالباء فِي مَعْنَى غَذَّيْتُه.

وعَشَّيْتُ الرجُل: أَطْعَمْتُهُ العَشاءَ.

وَيُقَالُ: عَشِّ إِبِلَكَ وَلَا تَغْتَرَّ؛ وَقَوْلُهُ:

باتَ يُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِرِ، ***يَقْصِدُ فِي أَسْؤُقِها، وجائِرِ

أَي أَقامَ لهَا السَّيْفَ مُقامَ العَشاءِ.

الأَزهري: العِشْيُ مَا يُتَعَشَّى بِهِ، وجَمْعه أَعْشَاء؛ قَالَ الحُطَيْئة:

وقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَعْشَاءَ صادِرَةٍ ***للْخِمْسِ، طالَ بِهَا حَوْزي وتَنْساسِي

قَالَ شَمِرٌ: يقولُ انْتَظَرْتُكُمُ انْتِظارَ إبِلٍ خَوامِسَ لأَنَّها إِذَا صَدَرَتْ تَعَشَّت طَويلًا، وَفِي بُطونِها ماءٌ كثيرٌ، فَهِيَ تَحْتاجُ إِلَى بَقْلٍ كَثِيرٍ، وواحدُ الأَعْشَاء عِشْيٌ.

وعِشْيُ الإِبلِ: مَا تَتَعشَّاه، وأَصلُه الْوَاوُ.

والعَوَاشِي: الإِبل والغَنم الَّتِي تَرْعَى بالليلِ، صِفَةٌ غالبَةٌ والفِعْلُ كالفِعْل؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

يَعْشَى، إِذَا أَظْلَم، عَنْ عَشائِه، ***ثُمَّ غَدَا يَجْمَع مِنْ غَدائِهِ

يَقُولُ: يَتَعَشَّى فِي وَقْتِ الظُّلْمة.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ عَشِيَ بِمَعْنَى تَعَشَّى.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: « مَا مِنْ عاشِيَةٍ أَشَدَّ أَنَقًا وَلَا أَطْولَ شِبَعًا مِنْ عالِمٍ مِن عِلْمٍ »؛ الْعَاشِيَةُ: الَّتِي تَرْعَى بالعَشِيِّ مِنَ المَواشِي وغيرِها.

يُقَالُ: عَشِيَت الإِبلُ وتَعَشَّتْ؛ الْمَعْنَى: أَنَّ طالِبَ العِلْمِ لَا يكادُ يَشْبَعُ مِنْهُ، كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ: " مَنْهُومانِ لَا يَشْبَعانِ: طالِبُ عِلْمٍ وطالِبُ دُنْيا.

وَفِي كِتَابِ أَبي مُوسَى: مَا مِنْ عاشِيَة أَدوَمُ أَنقًا وَلَا أَبْعَدُ مَلالًا مِنْ عَاشِيَةِ عِلْمٍ.

وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: العَشْوُ إتْيانُكَ نَارًا تَرْجُو عندَها خَيْرًا.

يُقَالُ: عَشَوْتُه أَعْشُوه، فأَنا عاشٍ "مِنْ قَوْمٍ عاشِيَة، وَأَرَادَ بالعَاشِيَة هَاهُنا طَالِبِي العِلْمِ الرَّاجينَ خيرَه ونَفْعَه.

وَفِي الْمَثَلِ: العَاشِيَةُ تَهِيجُ الآبِيَةَ أَي إِذَا رَأتِ الَّتِي تأبَى الرَّعْيَ الَّتِي تَتَعَشَّى هاجَتْها للرَّعْي فرَعَتْ مَعَهَا؛ وَأَنْشَدَ:

تَرَى المِصَكَّ يَطْرُدُ العَواشِيَا: ***جِلَّتَها والأُخرَ الحَواشِيَا

وبَعِيرٌ عَشِيٌّ: يُطِيلُ العَشاءَ؛ قَالَ أَعْرابيٌّ وَوَصَفَ بَعيرَه: " عريضٌ عَروُضٌ عَشِيٌّ عَطُوّ "وعَشَا الإِبلَ وعَشَّاها: أَرْعاها لَيْلًا.

وعَشَّيْتُ الإِبلَ إِذَا رَعَيْتَها بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.

وعَشِيَت الإِبلُ تَعْشَى عَشًى إِذَا تَعشَّت، فَهِيَ عَاشِيَة.

وجَمَلٌ عَشٍ وَنَاقَةٌ عَشِيَة: يَزيدان عَلَى الإِبلِ فِي العَشاء، كلاهُما عَلَى النَّسَب دُونَ الْفِعْلِ؛ وَقَوْلُ كُثَيِّر يَصِفُ سَحَابًا:

خَفِيٌّ تَعَشَّى فِي الْبِحَارِ ودُونَه، ***مِنَ اللُّجِّ، خُضْرٌ مُظْلِماتٌ وسُدَّفُ

إِنَّمَا أَراد أَنَّ السحابَ تَعَشَّى مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ، جَعَلَه كالعَشاءِ لَهُ؛ وَقَوْلُ أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاح:

تَعَشَّى أَسافِلُها بالجَبُوب، ***وتأْتي حَلُوبَتُها مِنْ عَل

يَعْنِي بِهَا النَّخْلَ، يَعْنِي أَنها تَتَعَشَّى مِنْ أَسفل أَي تَشْرَبُ الماءَ ويأْتي حَمْلُها مِنْ فَوْقُ، وعَنى بِحَلُوبَتِها حَمْلَها كأَنه وَضَعَ الحَلُوبة موضعَ المَحْلُوب.

وعَشِيَ عَلَيْهِ عَشًى: ظَلَمه.

وعَشَّى عَنِ الشَّيْءِ: رَفَقَ بِهِ كَضَحَّى عَنْهُ.

والعُشْوان: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَو النَّخْلِ.

والعَشْواءُ، مَمْدودٌ: ضربٌ مِنْ متأخِّر النخلِ حَمْلًا.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


21-أساس البلاغة (رتب)

رتب

رتب الشيء: ثبت ودام. وله عز راتب وترتب. قال الكميت:

وعمّى عمرو بن الخثارم قوله *** بني من يفاع المجد ما هو ترتب

كان عمه نسابة فيقول: قوله يرفعني. والصبي يترب الكعب: يقيمه. وقد رتب الكعب رتوبًا.

وتقول: رتب فلان رتوب الكعب، في المقام الصعب. ورتب في الصلاة: انتصب قائمًا. ورتب في الأمر حتى كفاه. ورقي في رُتب الدرج ومراتبها. ورتّب الأشياء ورتّب الطلائع في المراتب والمراقب وهي مواضع الرقباء في الجبال. قال الشماخ:

ومرتبة لا يستقال بها الردى *** تلافى بها حلمي عن الجهل حاجز

وما في عيشه رتب: شدة. وما في أمره رتب ولا عتب إذا كان سهلًا مستقيمًا.

ومن المجاز: لفلان مرتبة عند السلطان ومنزلة. وهو من أهل المراتب، وهو في أعلى الرتب.

أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م


22-المحيط في اللغة (رقب)

رَقَبْتُ الإنسانَ رِقْبَةً ورِقْبانًا: وهو أنْ يَنْظُرَه.

والرقِيب: الحارِسُ.

والحافِظُ.

والأمِيْنُ في المَيْسِرِ المُوَكَّلُ بالضَّرِيْبِ.

وضَرْبٌ صت الحَيّاتِ خَبِيْثٌ، والجميع الرقِيْبَات والرُّقُبُ.

والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّر وتَوَقُّعُ شَيْءٍ، من قَوْله عَزِّ وجل: (ولم تَرْقُبْ قَوْلِي).

والرُّقْبى في الحَدِيث: هو أنْ يقول الرَّجلُ للرَّجُل: إن مُت قبْلي رَجَعَ إلَيَ مَنْزِلي وإن مُتُّ قَبْلَكَ فهو لَكَ.

وهو من المُرَاقَبَةِ، كأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَرْقُبُ مَوْتَ صاحِبِه، وتقول: أرْقَبْتُكَ الدارَ أي جَعَلْتُها لكَ رُقْبى.

وفي الحديث: (لا رُقْبى؛ فَمَنْ أرْقِبَ شَيْئًا فهو لِوَرَثَةِ المُرْقِبِ).

وما وُرِّثَ فلانٌ عن رَقْبٍ.

والرَّقُوْبُ من الأرامِل والشُّيُوْخ: الذي لا وَلَدَ له ولا يَسْتَطيعُ أنْ يَكْسِبَ لنَفْسِه.

وقيل: الذي لم يُقَدِّمْ من وَلَدِه شَيْئًا.

والمَرْأةُ الرَّقْبَاءُ: التي لا يَعِيْشُ لها وَلَدٌ.

والرَّقَبَةُ: مُؤخَّرُ أصْل العُنُق.

والأرْقَبُ والرَّقَبَانيًّ؛ الغَليظُ الرَّقَبَة، والأمَةُ الرَّقْبَاءُ.

والرَّقَبُ: جَمْعٌ كالرِّقَاب.

ويُقال للعَجَم: رِقَابُ المَزَاوِدِ أي حَمْرَاءُ.

والرُّقْبَةُ للنَمِرِ: مِثْلُ الزُّبْيَةِ للذِّئب، رَقَبُوا للنَّمِرِ.

المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م


23-تهذيب اللغة (رقب)

رقب: قال الليث: رَقَبَ الإنسانَ يرقَبُ رِقْبَةً ورِقْبانًا، وهو أن يَنتظره.

ورقيب القوم: حارِسهم، وهو الذي يُشرف على مَرقَبةٍ ليحرسهم.

ورقيب الميسر: الموكَّل بالضَّرِيب.

ويقال: الرقيب اسم السهم الثالث.

وقال أبو دُوَادٍ الإياديّ:

كمقَاعد الرُّقَباءِ للضُ *** رَباءِ أيديهم نواهِدْ

وقول الله جل وعز: {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: 94]، معناه: لم تنتظر قولي.

قال: والترقُّب: تَنظر شيء وتوقُّعُه.

قال: والرقيب: الحفيظ.

وفي حديث النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم أنه قال: «ما تَعُدّون فيكم الرَّقوب؟» قالوا: الذي لا يَبْقى له ولد.

قال: بل الرّقُوب الذي لم يقدِّم من ولده شيئًا.

قال أبو عبيد: وكذلك معناه في كلامهم إنما هو على فَقْد الأولاد.

وقال صخرُ الغَيّ:

فما إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ رَقُوبٍ *** بواحِدِها إذا يَغْزُو تضِيفُ

قال أبو عبيد: فكان مذهبه عندهم على مصائب الدنيا فجَعَلها رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم على فَقْدِهم في الآخرة، وليس هذا بخلافِ ذاك في المعنى، ولكنّه تحويل الموضع إلى غيره نحوحديثه الآخر: «إن المحْرُوبَ مِنْ حُرِبَ دينَه».

وليس هذا أن يكون مَن سُلِب ماله ليس بمحروب.

وقيل: الرّقوب: الناقة التي لا تدنو إلى الحوض مع الزِّحام، وذلك لكرمها.

حكاه أبو عبيد.

وقال الليث: الرَّقَبة: مؤخّر أصل العُنُق.

والأرقَب الرَّقَبانيّ: الغليظ الرقَبة.

ويقال للأَمة الرَّقَبانيّة رَقْباء، لا تُنعَت به الحُرّة.

وقال ابن دريد: يقال: رجل رَقَبانٌ ورقبانيّ أيضًا، ولا يقال للمرأة رَقَبانيّة.

وقال الله في آية الصَّدَقات: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ} [التوبة: 60].

قال المفسّرون: (وَفِي الرِّقابِ) هم المكاتَبون ولا يُبتدأ منه مَمْلوك فيُعتَق.

وقال الليث: يقال: أعتَقَ اللهُ رقبتَه، ولا يقال: أعتَقَ اللهُ عُنقَه.

والرَّقيب: ضَرْبٌ مِن الحيّات خبيث والجمْع الرَّقيبات والرُّقُب.

وقال شمر: المَرْقَبة هي المَنظرة في رأس جَبَل أو حِصْن، وجمعه مراقب.

قال: وقال أبو عمرو: المَراقب: ما ارتفع من الأرض.

وأنشد:

ومَرْقبَةٍ كالزُّجّ أشرفْتُ رأسَها *** أُقَلِّبُ طرفي في فضاءِ عريضِ

وفي حديث النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم في العُمْرَى والرُّقْبَى: «إنها لمن أُعمِرَها ولِمن أُرقِبَها ولوَرثتهما من بعدهما».

قال أبو عبيد: حدّثني ابن عُلَيَّة عن حجّاج أنه سأل أبا الزبير عن الرُّقْبى فقال: هو أن يقول الرجل للرجُل وقذ وَهَب له دارًا: إن متَّ قَبْلي، رجعَتْ إليّ، وإنْ متُّ قبلَك فهي لك.

قال أبو عبيد: وأصل الرُّقْبى من المراقبة، كأنَّ كلَّ واحد منهما إنما يَرْقُب موت صاحبِه.

ألا ترى أنه يقول: إنْ مُتَّ قَبْلي

رجعَتْ إليّ، وإنْ مُتُّ قبلَك فهي لك، فهذا ينبئك عن المراقبة.

قال: والذي كانوا يريدون من هذا أن يتفضَّل عن صاحبه بالشيء فيستمتع به ما دام حيًّا، فإذا مات الموهوبُ لم يَصِل إلى ورثته منه شيء، فجاءت سنّةُ رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم بنَقْضِ ذلك، أنه من ملك شيئًا حياتَه فهو لورثته من بعد موته.

قال: وجاءت في هذا الباب آثارٌ كثيرة وهي أصلٌ لكلِّ من وَهَب هِبَةً واشترط فيها شرطًا، أنَّ الهبة جائزة، وأن الشرط باطل.

ويقال: أرقبتُ فلانًا دارًا، وأعمَرْتُه دارًا: إذا أعطيتَه إيّاها بهذا الشرط فهو مرقَب وأنا مُرْقِب.

ويقال: ورِثَ فلانٌ مالًا عن رِقْبَةٍ، أي: عن كلالَةٍ، لم يَرِثه عن آبائه.

ووَرِثَ مجدًا عن رِقْبَة: إذا لم يكن آباؤه أمجادًا.

وقال الكُميْت:

كانَ السَّدَى والنَّدَى مجدًا ومكرمةً *** تلك المَكارِمُ لم يُورَثْن عن رِقَبِ

أي: وَرِثَها عن دُنًى فَدُنًى مِن آبائه، ولم يَرثْها من وراءُ وراءُ.

ورَقيبُ الثريّا: رأسُ الإكليل.

وأنشد الفراء:

أحقًّا عبادَ الله أنْ لست لاقيًا *** بُثينَةَ أو يَلقَى الثُّريّا رَقيبُها

وسمعت المنذريّ يقول: سمعتُ أبا الهيثم يقول: الإكليل: رأس العقرب.

ويقال: إنَ رقيب الثُّريّا من الأنواء الإكليل، لأنه لا يَطلُع أبدًا حتى تغيب، كما أن الغَفْر رقيبُ الشَّرَطَين لا يَطلع الغَفْر حتى يغيبَ الشَّرَطان، وكما أن الزُّبانَيَيْن رقيبُ البُطَين لا يَطلُع أحدهما أبدًا إلّا بسقوط صاحبه وغَيْبوبته فلا يلقى أحدُهما صاحبَه.

وكذلك الشَّوْلَة رقيبُ الهَقْعة، والنَّعائم رقيبُ الهَنْعة.

والبَلْدة رقيب الذِّراع.

وقال الليث: المُراقَبة في أجزاء الشعر عند التجزئة بين حرفين، هو أن يَسقُط أحدُهما ويَثبُت الآخر، ولا يَسقُطان جميعًا ولا يَثبُتان جميعًا، وهو في مَفاعيلُن التي للمضارع لا يجوز أن يتمّ، وإنما هو مفاعيلُ أو مَفَاعِلُنْ.

قال: ورقيبُ الجيش: طليعتهم.

ورقيب الرجل: خَلَفُه مِن وَلَدِه أو عشيرته.

ورقيب كلِّ شيء: آخره، حتى قالوا: رقيب الغُبار.

قال عديّ بن زيد يصف فرسًا اتبع غبارَ الجيش:

كأنَّ ريِّقَهُ شؤبوبُ غادية *** لما تقفّى رقيب النَّقع مُسطارا

أي: تبع آخر النقع.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com