نتائج البحث عن (بَعْثُهُمْ)

1-العربية المعاصرة (إبراهيم)

إبراهيم [مفرد]:

1 - أحد الرُّسل الذين بعثهم الله تعالى لدعوة النَّاس إلى عبادة الله وحده، كنيته أبو الأنبياء ودينه الحنيفيّة، يُعرف بخليل الرحمن، وخليل الله، وهو الجدّ الأعلى للرسول صلّى الله عليه وسلّم، قام هو وابنه إسماعيل برفع قواعد البيت العتيق في مكّة المكرّمة بعد أن رحل إلى مكّة مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل، وقد أتاه الله سبحانه صحفًا تدعو إلى التوحيد {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [قرآن] (*) صحف إبراهيم: يُضرَب بها المثل في الشّيء المتروك المنسيّ- ضيف إبراهيم: يُضْرب مثلًا للضيف الكريم- مقام إبراهيم: يُضرَب مثلًا لكلّ مكان شريف ومقام كريم- نار إبراهيم: يُضرَب بها المثل في البَرد والسلامة.

2 - اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 14 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها اثنتان وخمسون آية.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-العربية المعاصرة (حشر)

حشَرَ يَحشُر ويَحشِر، حَشْرًا، فهو حاشِر، والمفعول مَحْشور.

* حشَر النَّاسَ: جَمَعَهم وحشدهم (حشر الأستاذُ طلاّبه في قاعة الدّرس- فتح حقائبه وحشر فيها ثيابَه وكتبه حَشْرًا- {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ} [قرآن]) (*) حشر أنفه في ما لا يفهمه: تدخَّل فيما لا يعنيه- حشر نَفْسَه في خِلافٍ: أقحمها- حشره على فعل شيء: ألزمه.

* حشَر اللهُ الخَلْقَ: بعثهم من مرقدهم أو مضاجعهم يوم القيامة (وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِين [حديث] - {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [قرآن]).

انحشرَ/انحشرَ في ينحشر، انحشارًا، فهو مُنحشِر، والمفعول مُنْحشَرٌ فيه.

* انحشرَ القومُ: مُطاوع حشَرَ: جُمِعوا، اجتمعوا.

* انحشر في الأمر: تدخَّل فيه.

حشَّرَ يُحشِّر، تَحْشيرًا، فهو مُحشِّر، والمفعول مُحَشَّر.

* حشَّر الشَّيءَ: جمَّعه وضمَّ بعضَه إلى بعض مع التَّدقيق والتَّضييق (حشَّر البضاعةَ في المخازن- {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِّرَتْ} [قرآن]).

حاشِر [مفرد]: جمعه حاشرون وحشّار: اسم فاعل من حشَرَ.

* الحاشر: أحد أسماء النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

حَشْر [مفرد]: جمعه حُشُور (لغير المصدر):

1 - مصدر حشَرَ.

2 - اجتماع الخلق يوم القيامة {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [قرآن].

* الحَشْر: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 59 في ترتيب المصحف، مدنيَّة، عدد آياتها أربع وعشرون آية.

* يوم الحشر: يوم القيامة.

حَشَرَة [مفرد]: جمعه حَشَرات وحَشَر:

1 - هامَة من هوامِّ الأرض كالذُّباب والخنافس (تكثر الحشرات في البِرَك والمُسْتنقعات- مكافحة الحشرات: مقاومتها لضررها- عالِم بالحشرات: عالِم طبيعيّ اختصاصيّ بالحشرات).

2 - [في الأحياء] كلّ كائن من شعبة المَفْصليّات له ثلاثة أزواج من الأرجل، وزوج أو زوجان من الأجنحة، ويقطع في تحوّله ثلاثةَ أطوار: بيضة، حورية، صرصور، أو أربعة أطوار: بيضة- يرقانة- خادرة- فراشة.

* حَشَرة المَنّ: [في الحيوان] من الحشرات الصَّغيرة، ليِّنة الجسم تتغذّى عن طريق امتصاص النباتات.

* حشرة القرمز: [في الحيوان] نوع من الحشرات ذات غشاءٍ أحمر تتغذّى على الصبَّار.

* علم الحَشَرات: [في الأحياء] علم يدرس بنية الحَشَرات وأنواعها وتحوّلاتها وطباعها وأضرارها، ومنافعها وطرق مكافحتها، ويسمَّى: الحشريّات.

* مُبيد الحشرات: [في الكيمياء والصيدلة] مادّة تقتل الحشرات في أحد أطوارها أو توقف تكاثرَها، فتَحُول دون العدوى.

حَشَرِيّ [مفرد]:

1 - اسم منسوب إلى حَشَرَة: (دَراسَة حَشَرِيَّة- مبيد حشريّ).

2 - كلّ حيوان أو طائر يغتذي بالحشرات (طائرٌ/نبات حشرِيٌّ).

* حَشَريّ الإلقاح/حَشَريّ التَّأبير: [في الزراعة] اسم للنَّبات الذي تحمل الحشرةُ لقاحَه فتضعه في سمة الزَّهرة.

مَحْشَر/مَحْشِر [مفرد]: جمعه مَحاشِرُ: اسم مكان من حشَرَ: مكان الجمع (*) أَرْض المحشر: المكان الذي تُحشر فيه الخلائقُ يوم القيامة.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


3-العربية المعاصرة (خرج)

خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من يَخرُج، خروجًا، فهو خارج، والمفعول مخروج إليه.

* خرَجَ فلانٌ وغيرُه: برز من موضِعه أو مقرّه وظهر، ضدّ دخَل {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [قرآن] (*) خرَج العملُ إلى النُّور: ظهر- خرَج ولم يَعُد.

* خرَجَ الكتابُ: صدَر، طُبِع ونُشِر.

* خرَجَ إلى المسجد: ذهب إليه- خرَج إلى فلان: قابله- خرَج بنتيجة: اكتشفها، توصّل إليها.

* خرَجَ على الحاكم: تمرّد وثار عليه ونبذ طاعته- خرَج على القانون/خرَج عن القانون: أجرم، تجاوزه وتخطّاه- خرَج عليه: برز لقتاله- خرَج عن الطَّاعة: شقّ عصا الطاعة، عصى ورفض أن يطيع.

* خرَجَ القطارُ عن الخطّ: انحرف عن قضبانه- خرَج عن الصَّواب: أخطأ- خرَج عن الموضوع: حاد عنه- خرَج عن صمته: تكلَّم، نطق- لا يخرُج عن كذا: لا يتجاوزه.

* خرَجَ عن المألوف: أتى بالشيء الغريب- خرَج على الإجماع/خرَج عن الإجماع: خالف رأي الجماعة- خرَج عن القياس: شذّ.

* خرَجَ من المِحْنةِ: تخلَّص منها (خرج من المُشْكلة) - خرَج من ثيابه: مَزَّقها.

* خرَجَ من بيته: تركه وغادره (خرَج من المشروع- خرَج من ميدان العمل) - خرَج من الحياة: مات- خرَج من تحت يده: تعلَّم منه وتربَّى عليه- خرَج من يده: فقد السيطرة عليه.

* خرَجَ من دَيْنه: قضاه، سدَّده.

* خرَجَ من دِينِهِ: كفر، وارتدّ.

أخرجَ يُخرج، إخراجًا، فهو مخرِج، والمفعول مخرَج.

* أخرجَ الشَّيءَ: أبرزه وأظهره، جعله يخرج (أخرج بطاقتَه من جيبه- أخرج النباتُ براعمَه: طرحها في السّوق- {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [قرآن]) (*) أخرج له لسانَه: سخر منه، تهكّم عليه- أخرج ما في جعبته: أبدى ما كان يُخفيه- أخرجه إلى حيِّز الوجود: أظهره.

* أخرجَ الكتابَ: أصدره، طبعه ونشره.

* أخرجَ المسرحيَّةَ: أظهرها بوسائله الفنيّة على المسرح، أو الشَّاشة (أجاد المخرِجُ إخراج الرِّواية).

* أخرجَ المعلوماتِ من الحاسوب: استخلصها وحصل عليها.

* أخرجَ فلانًا من المكان: طرده منه، جعله يتركه ويغادره، أزاله عنه (أخرج المستأجرَ من العقار- أخرج المحتلَّ من بلاده- {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} [قرآن]) - أخرج شخصًا من حياته/أخرج شخصًا من الخاطر: محى ذكره، أزاله من فكره.

* أخرجَ فلانًا إلى كذا: صيّره إلى ذلك (أخرج إلى حيِّز العمل: حقّق ونفّذ).

* أخرجَ النَّاسُ الميتَ: حملوه إلى مثواه الأخير خارج البيت.

* أخرجَ اللهُ المَوْتى: بعثهم بعد الموت {وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [قرآن].

* أخرجَ اللهُ ما في قلبه: أظهره {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ} [قرآن].

* أخرجَه عن الصَّفّ: استثناه من الصفّ- أخرجه عن الطَّريق: جعله ينحرف.

* أخرجَ شخصًا من السِّجن: أفرج عنه (أخرج شخصًا من صمته/قوقعته/عُزلته- أخرج الضحايا من تحت الأنقاض) - أخرج شخصًا من الماء: أنقذه من الغرق.

* أخرجَ الحديثَ النَّبويّ: نقله بأسانيد صحيحة.

استخرجَ يستخرج، استخراجًا، فهو مستخرِج، والمفعول مستخرَج.

* استخرجَ جوازَ السَّفر: أخرجه، طلب أو حاول إخراجه (استخرجوا الماءَ من البئر- {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} [قرآن]).

* استخرجَ صيغةً ملائمة: استنبطها (استخرج القاضي الحكمَ).

* استخرجَ المَعْدِنَ: خلّصه من ترابه (استخرج الذهبَ من المنجم).

تخارجَ يتخارج، تخارُجًا، فهو متخارِج.

* تخارجَ الشُّركاءُ:

1 - خرج كلُّ واحدٍ منهم عن ملكه إلى صاحبه بالبيع، باع بعضُهم ملكَه إلى بعض (لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا وَهَذَا عَيْنًا) [حديث].

2 - تقاسموا النفقةَ بالتساوي (تخارج الأخوة ليصلحوا الملْك المشاع بينهم).

تخرَّجَ على/تخرَّجَ في/تخرَّجَ من يتخرَّج، تخرُّجًا، فهو متخرِّج، والمفعول متخرَّج عليه.

* تخرَّجَ على فلان: تأدّب وتعلّم على يديه، وتلقى العلم عنه.

* تخرَّجَ في كلِّيَّة دار العلوم/تخرَّجَ من كلِّيَّة دار العلوم: تعلّم فيها وأتمّ تعليمَه بها، نال شهادة جامعيّة منها (تخرج في كلِّيَّة عسكريَّة- أقامت الكلِّيَّة حفلَ تخرج هذا العام) (*) طالبٌ دون التَّخرُّج: طالب كُلِّيَّة أو جامعة لمّا يحصل على البكالوريوس أو الدبلوم بعد.

* تخرَّجَ في العلم والأدب: تدّرب وتعلم.

خرَّجَ يخرِّج، تخريجًا، فهو مخرِّج، والمفعول مخرَّج وخِرِّيج.

* خرَّجَ المسألةَ: بيَّن وجهَها، وضّحها وشرحها (*) خَرَّج الرُّؤيا: فَسَّرها.

* خرَّجَ الحديثَ: [في الحديث] ذكر أسانيدَه وفحصها (لا يُعدُّ الحديثُ صحيحًا إذا لم يتمّ تخريجه).

* خَرَّجَه من القاعة: حمله على الخروج منها.

* خرَّجَ فلانًا في العلم أو الصِّناعة: درّبه وعلّمه (خرّجت الجامعةُ علماءَ بارزين).

إخراج [مفرد]:

1 - مصدر أخرجَ.

2 - نفقة، مصروف.

3 - [في الأحياء] عمليّة يتخلّص فيها الكائن الحيّ من موادّ زائدة أو نفايات مثل البول والعرق.

4 - [في الآداب] شكل الأثر الأدبيّ أو الفنِّيّ، أي تصميمه وأسلوبه وطبعه (تولّى الإخراج).

5 - [في الثقافة والفنون] عمليّة نقل القصة أو المسرحيّة بالوسائل الفنيّة إلى الشاشة أو المسرح، الترتيبات الفنيّة اللازمة للتمثيل المسرحيّ أو للمناظر السينمائيّة.

6 - [في القانون] قرار تصدره المحكمة باستبعاد أحد المتقاضين في النزاع.

7 - [في النبات] خاصيّة تشبه الإبراز في الحيوان.

استخراجيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى استخراج: (آلة استخراجيّة).

* صناعة استخراجيّة:

1 - صناعة تعتمد على الموادّ المستخرجة من باطن الأرض كالبترول ومشتقّاته (تحاول بعض دول الخليج إقامة صناعات استخراجيّة).

2 - صناعة أساسُها فصل إحدى الموادّ الدّاخلة في تكوين جسم كفصل الزّيت عن الزّيتون.

تخَارُج [مفرد]:

1 - مصدر تخارجَ.

2 - [في الفلسفة والتصوُّف] علاقة منطقيّة بين كُلِّيَّيْن أو صفتين ليس بينهما عامل مشترك.

3 - [في الفقه] أن يتصالح الورثةُ على إخراج بعضهم من الميراث على شيء معلوم.

تخريج [مفرد]: جمعه تخريجات (لغير المصدر) وتخاريجُ (لغير المصدر):

1 - مصدر خرَّجَ.

2 - مصنّف يحتوي على مختارات من الأحاديث (*) تخريج الفروع على الأصل: الكشف عن المبادئ الأساسيّة للعلوم.

3 - وجه تفسيريّ يُساق للتدليل على صحّة مسألة أو أمرٍ ما أو قبولهما (نالت تخريجاته للمسألة قبولًا لدى أساتذته).

* علم التَّخريج:

1 - دراسة المبادئ المنهجيّة في تأويل النصوص وخاصّة الدينيّة منها.

2 - [في العلوم اللغوية] نظريّة تأويل رموز لغةٍ ما بوصفها ترمز إلى عناصر ثقافيّة معيَّنة.

3 - [في النحو والصرف] حسن التأويل وبراعة استخراج الوجوه لإظهار صحّة المسألة.

خارِج [مفرد]:

1 - اسم فاعل من خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من (*) خارج على القانون/خارج عن القانون: متمرِّد عاصٍ على نهج القانون- خارج عن إرادته: ليس في قدرته أو تحت سيطرته- خارج عن السِّياق: مستقلّ عنه- خارج عن القياس: شاذٌ- كلامٌ خارج: كلام سفيه، فالت.

2 - ما لا يكون داخل شيء أو ضمنه (انظر من النافذة إلى الخارج- هذا الكلام خارج عن الموضوع- قابلته خارج حدود الوطن) (*) خارجًا: في الخارج- خارج الحِسّ: لا يدرك بالحواسّ، ولا يقع تحتها- خارج الحُكم: غير متولٍّ مقاليد الحكم- خارج المجَرَّة: متعلِّق بالفضاء الواقع خارج المجَرَّة.

3 - [في الجبر والإحصاء] نتيجة القسمة ونتيجة الجمع.

* خارج الشَّيء: ظاهره، عكسه داخِله (طلى البيت من الخارج).

* الخارِج: ما وراء حدود الوطن، البلدان الأجنبيَّة (أمضيت في الخارج عشر سنوات) (*) في الخارج: في غير الوطن، في الغربة، بعيد عن الوطن.

خارجانيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى خارِج: على غير قياس.

خارجيّ [مفرد]: جمعه خارجيّون وخوارجُ:

1 - اسم منسوب إلى خارِج: نقيض داخليّ (يتعرّض لضغط خارجيّ قويّ) (*) الفضاء الخارجيّ: ما بعد الغلاف الجويّ الأرضيّ- المظهر الخارجيّ: الجهة المقدَّمة للمشاهد- تحويل خارجيّ: تبديل العملة غالبًا لأغراض تجاريّة- جرح خارجيّ: سطحيّ- دواء للاستعمال الخارجيّ: يوضع على سطح الجسم- سبب خارجيّ: متأتٍّ من الخارج- طالب خارجيّ: لا يسكن الأقسام الداخليّة.

2 - كلُّ خارج على رأي أو سلطان.

3 - من ينتمي إلى فرقة الخوارج.

خارجيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى خارِج (*) تحصينات خارجيَّة: تحصين تمّ بناؤه خلف موقع دفاعيّ- سياسَةُ خارجيّة/شئون خارجيّة: كلّ ما يتعلّق بالسياسة مع البلدان الأجنبيّة- عيادة خارجيَّة: عيادة مُلْحقة بمستشفى يُعالج فيها المرضى غير المقيمين في المستشفى- مكالمة خارجيَّة: مكالمة هاتفيّة ذات سعر أعلى من المكالمة المحليّة- وزير خارجيّة: متولي المصالح المتعلقة بالدول الأجنبية.

* الأذن الخارجيَّة: [في التشريح] الجُزء الخارجيّ من الأُذُن الذي يشمل صيوان الأذن وصماخها والقناة السمعيَّة المؤدّية إلى طبلة الأذن.

* وزارة الخارجيّة: الوزارة المختصّة بالإشراف على أمور البلد المتّصلة بالبلاد الخارجة عنه.

خَرَاج [مفرد]: جمعه خَراجات وأَخْراج وأَخْرِجَة، جج أخاريجُ:

1 - اسم لما يُخرج من غلّة الأرض (كم خراج مزرعتك هذا العام؟) (*) خَرَاج مصر: يضرب به المثل في الكثرة.

2 - ضريبة الأرض أو الجزية التي كانت تفرض على أهل الذِّمة (*) خَرَاجُ الأرض: ضريبتُها.

3 - إتاوة تؤخذ من أموال الناس.

4 - رزق وخير {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [قرآن].

خُرَاج [مفرد]: جمعه خُراجات وأَخْرِجَة وخِرْجان:

1 - [في الطب] ما يظهر على البدن من قُروح، مايخرج بالبدن من الجروح والبُثُور، والدَّمامل (ذهب إلى الطَّبيب ليشقّ له الخُرَاج).

2 - [في الطب] تجمع صديديّ محدود في جزء متورِّم ملتهب من الجسم ينشأ عادة من عدوى بكتيريّة.

خَرْج [مفرد]: جمعه أَخْراج وخُرُوج:

1 - مجموع الإنفاق، عكسه دخل (وازن بين دَخْله وخَرْجه حتى لا يضطر للاقتراض) (*) دَخْل وخَرْج: استيراد وتصدير.

2 - ما يصلح للمرء (ما هو بخرجي: هذا لا يصلح لي- هذا خَرجك: إنك تستحقّ أو تستأهل ذلك، هذا خليق بك).

3 - ما تنتجه الأرض وغيرها من غلَّة (كان خَرْج البُستان قليلًا).

4 - رزق وأجر {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [قرآن].

5 - [في الطبيعة والفيزياء] شدّة الصَّوت المكبّر الخارج من جهاز تقوية الصَّوت.

6 - [في الطبيعة والفيزياء] قدرة ناتجة من المحوِّل الكهربائيّ.

خُرْج [مفرد]: جمعه أَخْراج وخِراج وخِرَجَة: وعاء من شَعْر أو جلد ذو عِدْلين يُوضع على ظهر الدَّابّة لوضع الأمتعة فيه (وضع أمتعتَه في الخُرْج).

خَرْجة [مفرد]: جمعه خَرَجات وخَرْجات:

1 - اسم مرَّة من خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من: هجمة شديدة، تعنيف، حِدَّة.

2 - جنازة، موكب دفن.

خَرَّاج [مفرد]: صيغة مبالغة من خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من: كثير الخروج (*) فلانٌ خرّاج ولاَّج: يضرب في العارف الخبير بالأمور.

خُرَّاج [مفرد]: جمعه خرارِيجُ: [في الطب] دُمَّل كبير، تجمُّع للقَيْح في جزء من الجسم محاط بالتهاب (أخذ مضادًّا حيويًّا لمعالجة الخُرّاج).

خِرِّيج [مفرد]: صفة ثابتة للمفعول من خرَّجَ: من أنهى مرحلة دراسيّة معيّنة، متدرِّب ومتعلِّم ومتخرِّج (حضر حفل تكريم الخِرِّيجين- خرِّيج جامعة الأزهر) (*) رابطة الخِرِّيجين/نادي الخِرِّيجين: اتّحاد يضمّ خِرِّيجي الجامعات.

خُروج [مفرد]:

1 - مصدر خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من (*) سِفر الخروج: أحد أسفار العهد القديم يُعزى إلى النبيّ موسى عليه السلام- مفتاح الخروج: زرّ في الحاسب الآلي يستخدم في الخروج من برنامج- يَوْمُ الخروج: يوم القيامة.

2 - غارة أو هجوم مُسلح من مكان مُحاط بقوّات العدوّ.

3 - [في العروض] حرف مدّ يلي هاء الوصل في القافية المُطْلَقة.

* خروج على رأي الأغلبيَّة: [في القانون] رفض أحد القضاة الموافقة على رأي الأغلبيَّة نحو ما يحدث في المحكمة العليا.

خَوَارجُ [جمع]: فرقة من الفِرق الإسلاميّة خرجوا على الإمام عليّ (رضي الله عنه) وخالفوا رأيه، وكانت تعتقد أنّ الولاية ليست وقفًا على قريش، بل هي حقٌ لخير المسلمين ولو كان عبدًا حبشيًّا، ويُطلق على من خرج على الخلفاء والسلاطين.

مَخْرَج [مفرد]: جمعه مَخارِجُ:

1 - مصدر ميميّ من خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من: خلاص، نجاة (وجد مخرجًا من الأزمة- {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [قرآن]) (*) لا مَخْرَج منه: لا خلاصَ منه، لا مَهْرَب منه- هو يعرف موالج الأمور ومخارجها: متصرِّف خبيرٌ بالأشياء.

2 - اسم مكان من خرَجَ/خرَجَ إلى/خرَجَ على/خرَجَ عن/خرَجَ من: مَنْفَذ (مَخْرَج طوارِئ).

3 - موضع خروج البُراز من البدن (*) مَخْرَجا الإنسان: القُبُل والدُبُر.

4 - (لغ، جد) موضع ينحبس عنده الهواء أو يضيق مجراه عند النطق بالصوت، مثل الشفتين ينحبس الهواءُ بانطباقهما عند النطق بالباء ونحوها (مَخْرَج الباء من الشفتين- مخارج الحروف) (*) مَخْرَجُ الصوت: نقطة في مجرى الهواء يلتقي عندها عضوان من أعضاء النطق التقاء محكمًا مع بعض الأصوات، وغير محكم مع أصوات أخرى.

5 - [في الطبيعة والفيزياء] مَنْفَس، فتحة جانبيّة تسمح بخروج الأبخرة أو الغازات وتساعد على توازن الضَّغط في داخل الأنابيب أو الأجهزة.

مُخرِج [مفرد]: اسم فاعل من أخرجَ.

* المُخْرِج: الذي يظهر العمل المسرحيّ أو الرِّوائيّ بوسائله الفنّيّة على المسرح أو على الشَّاشة (مُخرِج المسرحيّة/المسلسل).

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


4-العربية المعاصرة (رسل)

رسِلَ يَرسَل، رَسَلًا ورَسَالةً، فهو رَسْل.

* رسِل الشَّعرُ: كان طويلًا مستقيمًا غير متجعد.

أرسلَ/أرسلَ ب يُرسل، إرسالًا، فهو مُرسِل، والمفعول مُرسَل.

* أرسلَ الشَّيءَ/أرسلَ بالشَّيء:

1 - أخرجه، أطلقه من غير تقييد (أرسل الكلامَ/الطَّائرَ- أرسلت شَعرها- أرسل نفسَه على سجيتها) (*) أرسل الكلامَ على عواهنه: تكلَّم بما حضره من دون تفكير.

2 - بعثه، بعث به (أرسل حملةً/تلغرافًا/إشارة استغاثة/خطابًا- أرسل الرئيسُ مبعوثًا خاصًّا له- {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ} [قرآن]) (*) أرسل ساقه للرِّيح- أرسل في طلبه: استدعاه- أرسل قولَه مَثَلًا: جعله مما يتمثَّل الناسُ به- أرسله إلى العالم الآخر: قتله.

* أرسلَ اللهُ الرُّسلَ: بعثهم بشرع لتبليغه والعمل به {أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} [قرآن].

* أرسل الكلابَ على الصَّيد: سلّطها عليه (أرسل فلانًا عليه- {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ} [قرآن]).

استرسلَ/استرسلَ في يسترسل، استرسالًا، فهو مُسترسِل، والمفعول مسترسَلٌ فيه.

* استرسَل الشَّعرُ: رَسِلَ؛ كان مستقيمًا طويلًا غير متجعد.

* استرسل الحديثُ: سَلِس وتتابع وانبسط.

* استرسَل الشَّخصُ في حديثه: أطنب فيه واتَّسع وانبسط واستمرّ.

تراسلَ/تراسلَ في يتراسل، تراسُلًا، فهو متراسِل، والمفعول مترَاسلٌ فيه.

* تراسل الشَّخصان: تبادلا المبعوثين أو الخطابات (انقطعَ التَّراسُل بينهما) (*) تراسلا بالألحاظ: تبادلا النظرات.

* تراسل النَّاسُ في الغناء ونحوه: اجتمعوا عليه يبتدئ هذا ويمدُّ صوته ثم يسكت ويأخذ غيرُه في مدِّ الصوت وهكذا (لا تراسل في الأذان: لا تتابع في أدائه).

ترسَّلَ/ترسَّلَ في يترسَّل، ترسُّلًا، فهو مُترسِّل، والمفعول مترسَّلٌ فيه.

* ترسَّل الكاتبُ: أتى بكلامه من غير سجع ولا محسِّنات.

* ترسَّل القارئُ في قراءته: حقَّقها بلا عجلة، تمهَّل فيها (ترسّل الباحث في دراسة الموضوع متوخيًا الدِّقة).

* ترسَّل في القعود: تربَّع وأرخى ثيابه على رجليه وحوله.

راسلَ يراسل، مُراسلةً، فهو مُراسِل، والمفعول مُراسَل.

* راسل فلانًا/راسل فلانًا بالأمر/راسل فلانًا على الأمر/راسل فلانًا في الأمر: بعث إليه بمبعوث أو خطاب أو رسالة (راسل صديقَه على قَرْض- راسل الرئاسةَ بخطورة الموقف- راسل أخاه في المؤازرة) (*) صديقٌ بالمراسلة.

* راسل فلانًا الغناءَ: تابعه فيه (راسله في عمله).

رسَّلَ/رسَّلَ في يُرسِّل، ترسيلًا، فهو مُرسِّل، والمفعول مُرسَّل.

* رسَّل القارئُ قراءتَه/رسَّل القارئُ في قراءتِه: تمهَّل فيها ورتَّلها دون عَجَلَةٍ.

أَرسال [جمع]: مفرده رَسَل: جماعات من الناس أو الحيوانات (جاءت الخيلُ أرسالًا).

إرسال [مفرد]:

1 - مصدر أرسلَ/أرسلَ ب.

2 - عملية نقل البرقية أو المكالمة أو نحوهما من جهة إلى أخرى.

3 - [في الرياضة والتربية البدنية] ضرب الكرة في لعبة التِّنس أو الكرة الطائرة في بداية الجولة.

* خطُّ الإرسال: [في الرياضة والتربية البدنية] خط تحديد لا يجب تجاوزه أو تخطِّيه أثناء استهلال ضرب الكرة كما في التِّنس أو كرة اليد.

* إرسال تليفزيونيّ/إرسال إذاعيّ: عملية تشكيل الموجات الحاملة للإشارات المرئية والسَّمعية ثم تغذية هوائيات الإرسال بها لإذاعتها.

* انقطاع الإرسال: توقُّف البثِّ الإذاعيّ أو التليفزيونيّ.

* جهاز الإرسال: جهاز يقوم ببث الصوت (يقابله جهاز الاستقبال).

إرساليَّة [مفرد]:

1 - مصدر صناعيّ من إرسال: بعثة.

2 - [في التجارة] سلعة منقولة من مكان لآخر.

3 - رحلة ينظِّمها مجموعة من الأشخاص المتخصِّصين لهدف معيَّن.

4 - [في الديانات] بعثة دينيّة تقوم بالتبشير والدّعوة للمسيحيّة (تكثر الإرساليّات التبشيريّة المسيحيّة في أفريقيا).

تراسُل [مفرد]:

1 - مصدر تراسلَ/تراسلَ في.

2 - [في الحاسبات والمعلومات] استخدام الحواسيب ومعدّات اتِّصالات المعطيات لنقل الرسائل من شخص لآخر، كالبريد الإلكترونيّ أو البريد الصوتيّ أو الفاكس.

رَسَالة [مفرد]: مصدر رسِلَ.

رِسالة [مفرد]: جمعه رِسالات ورسائل:

1 - خطاب (حرَّر رسالة- بعَث برسالة مسجَّلة- رسالة مُشفَّرة) (*) حَمَام رسائليّ: حمام يقوم بحمل الرسائل ويسمَّى (حمام زاجل) - رسائل ديوانيّة: مكاتبات تختصّ بتصريف شئون الدولة.

2 - كتابٌ موجز يشتمل على قليل من المسائل تكون ذات موضوع واحد (هل قرأت رسالة ابن سينا في أسباب حدوث الحروف؟ - تم نشر طبعة جديدة من رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّيّ).

3 - وسيلة اتصال تنقل بالكلمات أو الإشارات أو بوسيلة أخرى من شخصٍ ما أو محطّة أو من مجموعة لأخرى (*) الرِّسالة الإخباريّة: تقرير مطبوع يزوّد بالأخبار والمعلومات ذات الأهمية لجماعة معينة- الرِّسالة المحليّة: رسالة ترسل وتُسَلَّم من مكتب البريد نفسه- الرِّسالة المسَلْسَلَة: رسالة تبعث إلى عدّة أشخاص مع الرجاء أن يبعث كل منهم بنُسخ عنها إلى عدد معيَّن من الأشخاص- رسالة جوِّيّة: رسالة تبعث جوًّا من ورق خفيف الوزن يُطوى ليشكل ظرفًا للإرسال مقابل رسم بريدي منخفض نسبيًّا.

4 - بحث مُبتكَر يقدم للحصول على شهادة عليا وتسمى في بعض البلاد العربية أُطروحة (رسالة ماجستير/دكتوراه).

5 - ما أُمر رُسُل الله بتبليغه (الرسالة المحمدية- {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} [قرآن]).

* الرَّسائل الإخوانيَّة: رسائل متبادلة بين الكتاب والشُّعراء تعبِّر عن مشاعرهم نثرًا ونظمًا من مدح، وهجاء، واعتذار، وعتاب.

رَسْل [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من رسِلَ.

رَسَل [مفرد]: جمعه أرسال (لغير المصدر):

1 - مصدر رسِلَ.

2 - جماعة من النَّاس أو الحيوانات (جاءت الإبلُ أرسالًا).

رِسْل [مفرد]: رِفْقٌ وتُؤَدَة (*) على رِسْلِك: تمهَّل، تَأنَّ ولا تتعجَّل.

رَسُول [مفرد]: جمعه رُسْل ورُسُل:

1 - مبعوث، شخص يحمل الرَّسائل أو ينقل رسالة شفوية أو يقوم برحلة قصيرة لتوصيل رسالة (ويستوي فيه الواحد وغيره) (كان رسولَ خير- أوفد المتمردون رسولين للتفاوض- هَمَّ رُسُل دولتنا للتفاوض).

2 - من يبعثه الله تعالى بشرع يعمل به ويبلغه (محمد رسول الله وخاتم الرسل- {مَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاَغُ} [قرآن] - {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [قرآن]).

3 - مَلَكٌ {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ} [قرآن].

4 - واحد من المجموعة التي تكوّنت من اثنى عشر تابعًا اختارهم السيد المسيح للتبشير بالإنجيل.

* الرَّسول: محمد صلَّى الله عليه وسلَّم {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} [قرآن] (*) رسول الله: محمد صلى الله عليه وسلم.

رَسوليّ [مفرد]: [في الديانات] ما يصدُر من مقررات وإرشادات عن الكرسي الرَّسولي عند الكاثوليك، أي عن مقام الحَبْر الأعظم عندهم (بَرَكة/فضيلة رسوليّة- قاصد رسوليّ: أسقف يرسله الكرسيّ الرسوليّ إلى بلد ما نائبًا عنه).

مُراسِل [مفرد]:

1 - اسم فاعل من راسلَ.

2 - من يقوم بوظيفة توصيل الخطابات والنشرات بين موظفي الإدارة الواحدة (مراسل الوزارة/المدير العام- مراسل الصحيفة الخاص- مراسل حربي).

* مراسل صحفيّ: موظف في مؤسَّسة صحفيّة أو إذاعيّة أو تلفزيونيّة مهمته جمع الأخبار والمقالات.

مِرسال [مفرد]: جمعه مَراسيلُ: مبعوث، رسول (مِرسال خير- أوفد مِرسالًا للتفاوض).

مُرسَل [مفرد]: جمعه مرسَلون (للعاقل):

1 - اسم مفعول من أرسلَ/أرسلَ ب (*) المرسَل إليه: الشخص المرسلة إليه البضائع وغيرها.

2 - رسول، نبيّ، من يبعثه الله بشرع يعمَل به ويبلّغه {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا} [قرآن].

* مجاز مُرسَل: [في البلاغة] إسناد صفة أو فكرة أو عمل إلى غير صاحبه لعلاقة بين المُسند إليه وصاحب الصفة، أو هو استعمال الكلمات في غير ما وُضعت له لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ.

* نثرٌ مُرسَل: [في الآداب] خالٍ من السجع والمحسنات (نثر أحمد أمين مُرسَل، أما نثر أحمد حسن الزيات فمسجوع).

* شعرٌ مُرسَل: [في الآداب] شعر لا يتقيد بقافية واحدة بل يعتمد على الإيقاعات الصوتيّة الطبيعيّة، وهو متحرِّر من قوالب الأوزان، فيعتمد على التفعيلة المتكَرِّرة بدلًا من البحر العروضي (يشيع الشِّعر المُرسَل بين شعراء العربية المحدثين).

مُرسَل [مفرد]: جمعه مَراسيلُ.

* حديث مُرسَل: [في الحديث] ما سقَط من إسناده الصحابيّ كأن يقول التابعيّ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يذكر الصحابيّ الذي أخذه عنه.

مُرسِل [مفرد]:

1 - اسم فاعل من أرسلَ/أرسلَ ب.

2 - [في الحاسبات والمعلومات] عمل متكرِّر يتحكّم بالمُدخَلات والمُخرَجات التي تدخل في نظام التَّشغيل.

3 - جهاز لاسلكي محمول باليد ومشغَّل بالبطاريَّة (*) مُرْسِل ومُسْتَقبِل: جهاز لاسلكيّ محمول باليد ومشغّل بالبطاريّة يسمح بالاتِّصال بين طرفين.

مُرسَلات [جمع]: مفرده مُرْسَلَة.

* المُرسلات:

1 - الرِّياح أو الملائكة أو الخيل {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا. فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} [قرآن].

2 - اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 77 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها خمسون آية.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


5-العربية المعاصرة (نشر)

نشَرَ يَنشُر، نَشْرًا، فهو ناشِر، والمفعول مَنْشور ونَشير.

* نشَر الجندَ/نشَر الأشياءَ: فرَّقهم ووزَّعهم (نشر الراعي غنمَه في المرعى- نشر العدوُّ جيشَه في أنحاء جبهة القتال- نشر البضاعة- {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} [قرآن]) (*) نشَر اللَّيل أجنحتَه: أقبل، حلَّ.

* نشَر الثَّوبَ: بسطه ومدَّه، عكسه طواه (نشرتِ المرأةُ الثيابَ المبللة- {وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [قرآن]: مبسوط مفتوح- {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [قرآن]) - نشَر غسيلَه القذر: أظهر أمرًا يجب إخفاؤه، جاهر بسيِّئاته.

* نشَر النَّجَّارُ الخشبَ: شقَّه مستخدِمًا المنشار.

* نشَر الخبرَ: أذاعه وأشاعه (نشرت وكالاتَ الأنباء خبرَ اندلاع الحرب- نشرَ مذهبًا/أفكارًا/دعوةً/الرُّعبَ).

* نشَر الكتابَ: طبعه ووزَّعه (نشَر ديوانًا/بحثًا- ما زال الأديبُ الناشئ يبحث عن دار تنشر روايتَه).

* نشَر رائحةً: أفاحها وبعثها.

نشَرَ يَنشُر، نَشْرًا ونُشُورًا، فهو ناشِر، والمفعول مَنْشور.

* نشَر اللهُ الموتَى: بعَثَهم وأحْياهم {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [قرآن] - {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُورًا} [قرآن].

أنشرَ يُنشر، إنشارًا، فهو مُنشِر، والمفعول مُنشَر.

* أنشر اللهُ الموتَى: نشرهم؛ أحيْاهم وبعثهم بعد الموت {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ. ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [قرآن].

* أنشر اللهُ الأرضَ: أحياها بالماء {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [قرآن].

* أنشر الرِّياحَ: أثارها.

انتشرَ ينتشر، انتشارًا، فهو مُنتشِر.

* انتشر الشَّيءُ:

1 - انبسَط وامتدّ (انتشر الحريقُ في المبنى- انتشر الوباءُ في البلاد- انتشار الأسلحة النوويَّة- معاهدة تحرِّم انتشار الأسلحة النوويَّة- انتشرتِ السُّحُبُ في الفضاء) (*) انتشر النَّهار: طال وامتدّ.

2 - تفرَّق (انتشر الضُّوءُ في المكان- إعادة انتشار القوّات- انتشر الناسُ في الأسواق- {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [قرآن] - {وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [قرآن]).

3 - راج وكثُر استعماله (انتشر زيّ/تصميم/لون).

* انتشر الخبرُ: ذاع وشاع (انتشرتِ الفضيحةُ- الحديث السوء سريع الانتشار).

نشَّرَ ينشِّر، تنشيرًا، فهو مُنشِّر، والمفعول مُنشَّر.

* نشَّر الثَّوبَ والكتابَ ونحوَهما: نشَره؛ بسطَه ومدَّه (نشّرتِ المرأةُ الغسيلَ على الحبل- {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [قرآن]).

مِنْشار [مفرد]: جمعه مناشِيرُ: اسم آلة من نشَرَ1: أداة ذات أسنان يُشقّ بها الخَشَبُ وغيرُه (منشار يدويّ/كهربائيّ).

* منشار دائريّ: منشار آليّ لقطع الخشب أو المعدن يتألّف من قرص مسنَّن يدور بسرعة عالية.

* أبو مِنْشار: [في الحيوان] جنس سمك له هيكل غضروفيّ، يمتاز بمقدّم طويل مفلطح كالنصل، على جانبيه أسنان منشاريّة، وهو من الأسماك المفترسة.

* منشار الجمجمة: [في الطب] أداة جراحيَّة لها حوافّ شبيهة بالمنْشار، دائريّة الشكل، تستخدم لقصّ العظام وخاصَّة من الجمجمة.

مَنْشَر [مفرد]: جمعه مناشِرُ:

1 - اسم مكان من نشَرَ1: مكان مُعدّ للنشْر والتجفيف (مَنْشَر غسيل/تبغ/جلد- نشرتِ المرأةُ الثيابَ في المنشر).

2 - مصنع نَشْر الخشب والرخام (منشَر خشب/رُخام).

مَنْشَرة [مفرد]: جمعه مَنْشرات ومناشِرُ: مَنْشَر؛ مصنَع نشْر الخشب أو الرُّخام (مَنْشَرة خشب/رُخام).

مِنْشَرة [مفرد]: اسم آلة من نشَرَ1: آلة نشر الخشب، وهي أكبر من المنشار.

مَنْشور [مفرد]: جمعه منشورون (للعاقل) ومنشورات ومناشِيرُ:

1 - اسم مفعول من نشَرَ ونشَرَ.

2 - بيان بأمر من الأمور يُذاع بين الناس ليعلموه، كلُّ ما يُطبع ويُنشر (منشور وزاريّ/حكوميّ/رئاسيّ/ملكيّ- وزّع منشورات سياسيّة- منشورات علميّة).

3 - [في الهندسة] جسم كثير السطوح قاعدتاه أو طرفاه مضلَّعان متساويان ومتماثلان ومتوازيان، وكلّ سطح من سطوحه الأخرى الجانبيّة متوازي أضلاع وينسب عادة إلى شكل قاعدتيه (منشور ثلاثيّ/رباعيّ).

ناشِر [مفرد]: مؤنثه: ناشِرة، والجمع المؤنث ناشِرات ونواشِرُ:

1 - اسم فاعل من نشَرَ ونشَرَ (*) جاء ناشرًا أذنيه: أي: طامعًا.

2 - مَنْ يحترف طبع الكتب وتوزيعها (اتِّحاد الناشرين العرب- للناشرين دور كبير في النهضة الثقافيَّة).

3 - [في الحيوان] حيَّة سامَّة تتميّز بعنق مبطّط مستعرض ينفتح عند الغيظ، وهي: الصِّلُّ المصريّ.

* قائمة الناشر: قائمة بالكتب التي نشرها ناشر مُعيَّن ولا تزال متاحة بالسُّوق.

* بدون ناشر: إشارة في بطاقات الفهرسة إلى عدم الاستدلال على اسم الناشر.

ناشِرة [مفرد]: جمعه ناشِرات ونواشِرُ (لغير العاقل):

1 - صيغة المؤنَّث لفاعل نشَرَ ونشَرَ.

2 - [في التشريح] أحد الأوردة تحت الجلْد في باطن الذِّراع.

نُشارة [مفرد]: ما يسقط من الخشب ونحوه عند الشَّقّ (نُشارة خشَب- قد تستخدم النشارة فِراشًا لدواجن الطَّير).

نِشارة [مفرد]: حرفة النَّشَّار (يمتهن النِّشارةَ).

نَشْر [مفرد]:

1 - مصدر نشَرَ ونشَرَ (*) يَوْمُ النَّشْر: يوم القيامة.

2 - طبْع الكتب والصحف وبيعها (حريّة النشر- ازدهار حركة النشر يعدُّ مؤشِّرًا للنهضة الثقافية) (*) بيانات النَّشر: اسم المطبعة التي قامت بطبع الكتاب ومكان وزمان الطبع، وعنوان المطبعة، وتوضع عادةً في أسفل صفحة العنوان أو في أسفل آخر صفحة من الكتاب- حقُّ التَّأليف والنَّشر: حقّ خاصّ بمؤلِّف أو ناشر في استثمار عمل أدبيّ أو فنيّ أو علميّ لعدّة سنوات- دار النَّشْر: مؤسّسة تقوم بطبع الكتب وتوزيعها وعرضها للبيع.

3 - ريح طيِّبة (له نَشْر طيِّب- هبّ في الحديقة نشْرٌ منعش).

4 - قوم متفرِّقون لا يجمعهم رئيس (جاء العمال إلى المصنع نشرًا).

نَشْرة [مفرد]: جمعه نَشَرَات ونَشْرات:

1 - اسم مرَّة من نشَرَ ونشَرَ.

2 - بيان يُكتب ويُنشر في إحدى وسائل الإعلام المكتوبة أو المسموعة أو المرئيَّة، ليُعلم ما فيه (نشرة إخباريّة/طبيّة/ناطقة/سياسيّة/جويَّة) (*) نشرة الأخبار/نشرة الأنباء: ما يقرأه المذيع في الرَّاديو والتلفاز من أخبار محليَّة وخارجيَّة ليطّلع عليها الجمهور أو الرأي العام- نشرة الأسعار: ورقة رسميّة تكتب عليها أسعار السِّلع ويُلزم البائع بها.

3 - صحيفة مطبوعة (نشْرة شهريَّة/أسبوعيّة/دوريَّة).

نَشَّار [مفرد]: نجّار، من يحترف نشر الخشب (يعمل نشَّارًا- كلّفت النشَّارَ إصلاح المقعد الخشبي).

نُشور [مفرد]:

1 - مصدر نشَرَ (*) يَوْمُ النُّشور: يوم القيامة.

2 - انتشار طلبًا للرِّزق {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} [قرآن].

نَشير [مفرد]: صفة ثابتة للمفعول من نشَرَ1: منشور (ثوب نشير).

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


6-المعجم الوسيط (حَشَرهم)

[حَشَرهم] -ُِ حَشْرًا: جمعهم وساقهم.

ويقال: حشر اللهُ الخَلْق حَشْرًا: بعثَهم من مضاجِعهم وساقَهُمْ.

و- الجدْبُ الناسَ: جمعهم إلى الأمْصَار.

و- الجَدْبُ الماشية ونحوَها: أَهلكَها.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


7-المعجم الوسيط (نَشَرَتِ)

[نَشَرَتِ] الأَرضُ -ُ نُشُورًا: أَصابها الربيعُ فأَنبتت.

و- الشَّجرُ: أَورق.

و- الشيءَ نَشْرًا: فرَّقه.

ويقال: نشر الراعي غَنَمَهُ في المَرْعى.

و- الكتابَ أَو الثَّوبَ أَو نحوَهما: بسَطه.

و- الخَبرَ أَو المقالَ: أَذاعه.

و- الكتابَ أَو الصحيفةَ: أَخرجه مطبوعًا.

(وهو موَلَّد).

و- الخشبةَ ونحوَها: شقَّها.

و- اللهُ الموتى نَشْرًا، ونُشورًا: بعثَهم وأَحياهم.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


8-القاموس المحيط (السرع)

السَّرَعُ، محركةً، وكعِنَبٍ،

والسُّرعةُ، بالضم: نَقيضُ البُطْءِ، سَرُعَ، كَكَرُمَ سُرْعَةً، بالضم، وسِرَعًا، كعِنَبٍ.

والله، عز وجل، سريعُ الحسابِ، أي: حِسابُه واقِعٌ لا مَحالَةَ، أو لا يَشْغَلُه حِسابٌ عن حِسابٍ، ولا شيءٌ عن شيءٍ، أو تُسْرِعُ أفْعالُه فلا يُبْطِئْ شيءٌ منها عما أراد جَلَّ وعَزَّ، لأنه بغيرِ مُباشَرَةٍ ولا عِلاجٍ، فهو سبحانه يُحاسِبُ الخَلْقَ بعدَ بَعْثِهِم وجَمْعِهِم في لَحْظَةٍ، بِلا عَدٍّ ولا عَقْدٍ، {وهو أسْرَعُ الحاسبينَ}، وكأَميرٍ: ابنُ عِمْرانَ الشاعرُ، والمُسْرِعُ، ج: سُرْعَانٌ، بالضم، والقَضيبُ يَسْقُطُ من البَشامِ، ج: سِرْعانٌ، بالكسر.

وأبو سَريعٍ: العَرْفَجُ، أو النارُ التي فيه. وكسفينةٍ: عَيْنٌ.

وحِجْرٌ سُراعةٌ، كثُمامةٍ: سَريعةٌ.

والسَّرَعَ السَّرَعَ، أي الوَحى الوَحى.

وسُرْعانَ ذا خُروجًا، مثلثةَ السينِ، أي: سَرُعَ ذا خُروجًا، نُقِلَتْ فَتْحَةُ العينِ إلى النونِ فَبُنِيَ عليه،

وسَرْعَانَ: يُسْتَعْمَلُ خَبَرًا مَحْضًا، وخَبَرًا فيه معنَى التَّعَجُّبِ،

ومنه: لَسَرْعانَ ما صَنَعْتَ كذا، أي: ما أسْرَعَ،

وأما "سَرْعانَ ذا إهالَةً" فأصْلُه: أن رَجُلًا كانت له نَعْجَةٌ عَجْفاءُ، ورُغامُها يَسيلُ من مَنْخِرَيْها لهُزالِها، فقيل له: ما هذا؟ فقال: ودكُها، فقال السائلُ ذلك، وَنَصَبَ إهالَةً على الحالِ، أي: سَرُعَ هذا الرُّغامُ حالَ كونِهِ إهالَةً، أو تَمييزٌ على تقديرِ نَقْلِ الفِعْلِ، كقولِهم: تَصَبَّبَ زيدٌ عَرَقًا، والتقديرُ: سَرْعانَ إهالَةُ هذه، يُضْرَبُ لمن يُخْبِرُ بِكَيْنونةِ الشيءِ قبلَ وقْتِهِ.

وَسَرَعانُ الناسِ، محركةً: أوائِلُهُم المُسْتَبِقونَ إلى الأمرِ، ويُسَكَّنُ،

وـ من الخَيْلِ: أوائِلُها، وقد يُسَكَّنُ، ووَتَرُ القَوْسِ.

وسَرَعانُ عَقَبِ المَتْنَيْنِ: شِبهُ الخُصَلِ تُخَلَّصُ من اللحمِ ثم تُفْتَلُ أوْتارًا للقِسِيِّ العَرَبيَّةِ، الواحدةُ: بهاءٍ،

والسَّرَعانُ: الوَتَرُ القَويُّ، أو العَقَبُ الذي يَجمَعُ أطْرافَ الريشِ، أو خُصَلٌ في عُنُقِ الفرسِ أو في عَقَبِه، أو الوَتَرُ المأْخوذُ من لَحْمِ المَتْنِ، وما سِواهُ ساكِنُ الراءِ.

والسَّرْعُ، ويكسرُ: قَضيبُ الكَرْمِ الغَضُّ لِسَنَتِه، أو كلُّ قَضيبٍ رَطْبٍ،

كالسَّرَعْرَعِ، والسَّرَعْرَعُ أيضًا: الطويلُ، والشابُّ الناعِمُ اللَّدْنُ، وكمِنبرٍ: السريعُ إلى خيرٍ أو شَرٍّ. وكمِحْرابٍ: أبْلَغُ منه، وفي الحديثِ: "مَساريعُ في الحربِ".

والسَّرْوَعَةُ: كالزَّرْوَحَةِ زِنَةً ومعنىً، ومنه: "فأخذ بِهِم بينَ سَرْوَعَتَيْنِ"

وة بمَرِّ الظَّهْرانِ، وَجَبَلٌ بِتهامَةَ. وأبو سَرْوَعَةَ، (ولا يكسرُ)، وقد تُضَمُّ الراءُ: عقْبَةُ بنُ الحارثِ الصحابيُّ.

وسُراوِعُ: ع.

والأساريعُ: شُكُرٌ تخرجُ في أصْلِ الحَبَلَةِ، ورُبَّما أُكِلَتْ حامِضَةً رَطْبَةً، وظَلْمُ الأسْنانِ، وماؤُها، وخُطوطٌ وطَرائِقُ في القَوْسِ، ودودٌ بيضٌ حُمْرُ الرؤوسِ تكونُ في الرملِ وفي

وادٍ يُعْرَفُ بظَبْيٍ، الواحدُ: أُسْروعٌ ويُسْروعٌ، بضَمِّهما، والأصلُ: يَسْرُوعٌ، بالفتح، وضُمَّ إتْباعًا للراءِ.

وأُسْروعُ الظَّبْيِ: عَصَبَةٌ تَسْتَبْطِنُ رِجْلَهُ ويَدَهُ.

وأَسْرَعَ في السَّيْرِ: كسَرُعَ، وهو في الأصْلِ مُتَعَدٍّ، كأنه ساقَ نفسَه بِعَجَلَةٍ، أو أسْرَعَ المَشْيَ، غيرَ أَنه لَمَّا كانَ مَعْروفًا عندَ المُخاطبينَ، اسْتُغْنِيَ عن إظهارِه، ومنه الحديثُ: "فَلْيُسْرِعِ المَشْيَ".

وأسْرَعوا: إذا كانت دَوابُّهُم سِراعًا،

والمُسارَعَةُ: المُبادَرَةُ،

كالتَّسارُعِ.

وتَسَرَّعَ إلى الشَّرِّ: عَجَّلَ.

والسَّريعُ، كأَميرٍ: القَضيبُ يَسْقُطُ من شَجَرِ البَشامِ.

ج: سُرْعانٌ، بالكسر والضم.

القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م


9-معجم البلدان (رجيع)

رَجيعٌ:

على فعيل، ورجيع الشيء: رديئه، والرجيع: الرّوث، والرجيع من الدوابّ: ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكالّ، وكل شيء يردّد فهو رجيع لأن معناه مرجوع، والرجيع:

هو الموضع الذي غدرت فيه عضل والقارة بالسبعة نفر الذين بعثهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، معهم، منهم: عاصم بن ثابت حميّ الدّبر وخبيب ابن عدي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، وهو ماء لهذيل، وقال ابن إسحاق والواقدي: الرجيع ماء لهذيل قرب الهدأة بين مكّة والطائف، وقد ذكره أبو ذؤيب فقال:

«رأيت، وأهلي بوادي الرّجي *** ع من أرض قيلة، برقا مليحا»

وبه بئر معاوية وليس ببئر معونة، بالنون، هذا غير ذاك، وذكر ابن إسحاق في غزاة خيبر أنّه، عليه الصلاة والسلام، حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبني له فيها مسجد ثمّ على الصهباء ثم أقبل حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر فعسكر به، وكان يروح لقتال خيبر منه، وخلّف الثقل بالرجيع والنساء والجرحى، وهذا غير الأوّل لأن ذاك قرب الطائف وخيبر من ناحية الشام خمسة أيام عن المدينة فيكون بين الرجيعين أكثر من خمسة عشر يوما، وبئر معاوية قد ذكرت في الآبار، وقال حسان ابن ثابت:

«أبلغ بني عمرو بأنّ أخاهم *** شراه امرؤ قد كان للشرّ لازما»

«شراه زهير بن الأغرّ وجامع، *** وكانا قديما يركبان المحارما»

«أجرتم فلمّا أن أجرتم غدرتم، *** وكنتم بأكناف الرّجيع لهاذما»

«فليت خبيبا لم تخنه أمانة، *** وليت خبيبا كان بالقوم عالما»

وقال حسان بن ثابت أيضا:

«صلّى الإله على الذين تتابعوا *** يوم الرّجيع فأكرموا وأثيبوا»

«رأس السريّة مرثد وأميرهم *** وابن البكير إمامهم وخبيب»

«وابن لطارق وابن دثنة منهم *** وافاه ثمّ حمامه المكتوب»

«والعاصم المقتول عند رجيعهم *** كسب المعالي، إنّه لكسوب»

«منع المقادة أن ينالوا ظهره *** حتى يجالد، إنّه لنجيب»

إنّما ذكرت هذه القطعة وإن كانت ساقطة لأن ذكر أصحاب الرجيع جميعهم فيها.

معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م


10-موسوعة الفقه الكويتية (تجارة)

تِجَارَةٌ

التَّعْرِيفُ:

1- التِّجَارَةُ فِي اللُّغَةِ وَالِاصْطِلَاحِ: هِيَ تَقْلِيبُ الْمَالِ، أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ.وَهِيَ فِي الْأَصْلِ: مَصْدَرٌ دَالٌّ عَلَى الْمِهْنَةِ، وَفِعْلُهُ تَجَرَ يَتْجُرُ تَجْرًا وَتِجَارَةً.

دَلِيلُ مَشْرُوعِيَّةِ التِّجَارَةِ:

2- الْأَصْلُ فِي التِّجَارَةِ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}.

وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ».

3- وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ التِّجَارَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ، لِأَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُ بَعْضُهُمْ إِلَى مَا فِي أَيْدِي بَعْضٍ، وَهَذِهِ سُنَّةُ الْحَيَاةِ، وَتَشْرِيعُ التِّجَارَةِ وَتَجْوِيزُهَا هُوَ الطَّرِيقُ إِلَى وُصُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى غَرَضِهِ، وَدَفْعِ حَاجَتِهِ.

الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ- الْبَيْعُ:

4- الْبَيْعُ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا، أَمَّا التِّجَارَةُ فَهِيَ: عِبَارَةٌ عَنْ شِرَاءِ الشَّخْصِ شَيْئًا لِيَبِيعَهُ بِالرِّبْحِ.فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَصْدُ الِاسْتِرْبَاحِ فِي التِّجَارَةِ، سَوَاءٌ تَحَقَّقَ أَمْ لَا.

ب- السَّمْسَرَةُ:

5- السَّمْسَرَةُ لُغَةً: هِيَ التِّجَارَةُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: السِّمْسَارُ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِمَّنْ يُعَالِجُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِيهِمْ عَجَمًا، فَتَلَقَّوْا هَذَا الِاسْمَ عَنْهُمْ، فَغَيَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ.

وَالسَّمْسَرَةُ اصْطِلَاحًا: هِيَ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالسِّمْسَارُ هُوَ: الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَوَسِّطًا لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الدَّلاَّلَ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى السِّلَعِ، وَيَدُلُّ الْبَائِعَ عَلَى الْأَثْمَانِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

6- التِّجَارَةُ مِنَ الْمِهَنِ الْمَعِيشِيَّةِ، الَّتِي يُمَارِسُهَا الْإِنْسَانُ بِغَرَضِ الْكَسْبِ، وَهُوَ كَسْبٌ مَشْرُوعٌ لِأَنَّهُ يَسُدُّ حَاجَاتِ الْمُجْتَمَعِ فَتَدْخُلُ أَصَالَةً فِي دَائِرَةِ الْإِبَاحَةِ، وَقَدْ تَطْرَأُ عَلَيْهَا سَائِرُ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ: كَالْوُجُوبِ، وَالْحُرْمَةِ، وَالْكَرَاهَةِ إِلَخْ.حَسَبَ الظُّرُوفِ وَالْمُلَابَسَاتِ الَّتِي تُصَادِفُهَا.

وَيَعْنِي الْفُقَهَاءُ بِالْأَحْكَامِ الْمُتَّصِلَةِ بِالتِّجَارَةِ (بِالْإِضَافَةِ إِلَى كُتُبِ الْفِقْهِ الْأَسَاسِيَّةِ) بِمَا يُورِدُونَهُ فِي كُتُبِ الْحِسْبَةِ، وَكُتُبِ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَكُتُبِ الْفَتَاوَى، وَخَصَّهَا بَعْضُهُمْ بِالتَّأْلِيفِ كَالسَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِهِ «الِاكْتِسَابُ فِي الرِّزْقِ الْمُسْتَطَابِ»، وَأَبُو بَكْرٍ الْخَلاَّلُ فِي «كِتَابِ التِّجَارَةِ».وَقَدِ اُسْتُحْدِثَتْ أَوْضَاعٌ وَتَنْظِيمَاتٌ تِجَارِيَّةٌ يُعْرَفُ حُكْمُهَا مِمَّا وَضَعَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ قَوَاعِدَ عَامَّةٍ وَمَا تَعَرَّضُوا إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامٍ.

كَمَا يَتَنَاوَلُ الْفُقَهَاءُ بَعْضَ أَحْكَامٍ خَاصَّةٍ بِمَالِ التِّجَارَةِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْعُرُوضِ، كَوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، كَالْبَزِّ وَالْعَقَارَاتِ، وَتَغَيُّرِ النَّوْعِ الْمُخْرَجِ وَقَدْرِهِ فِيمَا كَانَ زَكَوِيًّا مِنَ الْمَالِ فِي الْأَصْلِ إِذَا صَارَ لِلتِّجَارَةِ، كَالنَّعَمِ وَالْمُعَشَّرَاتِ، وَتَرِدُ بَعْضُ أَحْكَامٍ لِلتِّجَارَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَاتِ الْأُخْرَى.

فَضْلُ التِّجَارَةِ:

7- التِّجَارَةُ مِنْ أَفْضَلِ طُرُقِ الْكَسْبِ، وَأَشْرَفِهَا إِذَا تَوَقَّى التَّاجِرُ طُرُقَ الْكَسْبِ الْحَرَامِ وَالْتَزَمَ بِآدَابِهَا.

جَاءَ فِي الْأَثَرِ: «سُئِلَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَقَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» قَالَ الشَّرْقَاوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: قَوْلُهُ: «وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» إِشَارَةٌ إِلَى التِّجَارَةِ.

الْمَحْظُورَاتُ فِي التِّجَارَةِ:

8- يَحْرُمُ فِي التِّجَارَةِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْغِشِّ وَالْخِدَاعِ، وَتَرْوِيجُ السِّلْعَةِ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ.فَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْمُصَلَّى، فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلاَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ».

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَدْ خَسِرُوا وَخَابُوا: قَالَ: الْمَنَّانُ، وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ».

9- وَمِنَ الْمَحْظُورَاتِ تَلَقِّي الْجَلَبِ: وَهُوَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْحَضَرِيُّ الْبَدَوِيَّ، قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى السُّوقِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَتَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (تَلَقِّي الرُّكْبَانِ).

10- وَمِنْهَا الِاحْتِكَارُ: لِحَدِيثِ: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ».وَحَدِيثِ: «لَا يَحْتَكِرُ إِلاَّ خَاطِئٌ» وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (احْتِكَارٌ).

11- وَمِنْهَا: سَوْمُ الْمَرْءِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ: وَهُوَ أَنْ يَتَفَاوَضَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَيَتَقَارَبَ الِانْعِقَادُ، فَيَجِيءَ آخَرُ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ تِلْكَ السِّلْعَةَ وَيُخْرِجَهَا مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ.

12- وَمِنْهَا: الْمُتَاجَرَةُ مَعَ الْعَدُوِّ بِمَا فِيهِ تَقْوِيَتُهُمْ عَلَى حَرْبِنَا كَالسِّلَاحِ وَالْحَدِيدِ، وَلَوْ بَعْدَ صُلْحٍ، لِأَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ الْمُتَاجَرَةُ مَعَهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ.

آدَابُ التِّجَارَةِ:

13- مِنْ آدَابِ التِّجَارَةِ: السَّمَاحَةُ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَاسْتِعْمَالُ مَعَالِي الْأَخْلَاقِ، وَتَرْكُ الْمُشَاحَّةِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ بِالْمُطَالَبَةِ.

وَالْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ سَهْلًا إِذَا بَاعَ، سَهْلًا إِذَا اشْتَرَى، سَهْلًا إِذَا اقْتَضَى»

14- وَمِنْ آدَابِهَا: تَرْكُ الشُّبُهَاتِ كَالِاتِّجَارِ فِي سُوقٍ يَخْتَلِطُ الْحَرَامُ فِيهِ بِالْحَلَالِ، وَكَالتَّعَامُلِ مَعَ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ، لِحَدِيثِ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: أَمِنَ الْحَلَالِ هِيَ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ؟، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ».

15- وَمِنْهَا: تَحَرِّي الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ.جَاءَ فِي الْأَثَرِ «التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ».

16- وَمِنْهَا: التَّصَدُّقُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لِحَدِيثِ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالْإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ، فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ».

17- وَمِنْهَا: التَّبْكِيرُ بِالتِّجَارَةِ.رَوَى صَخْرٌ الْغَامِدِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» وَقِيلَ: إِنَّ صَخْرًا كَانَ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تُجَّارَهُ بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ.

وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ:

18- تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِ التِّجَارَةِ.وَمَالُ التِّجَارَةِ: كُلُّ مَا قُصِدَ الِاتِّجَار بِهِ عِنْدَ اكْتِسَابِ الْمِلْكِ بِمُعَاوَضَةٍ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةُ وَالْحَسَنُ وَجَابِرُ بْنُ مَيْمُونٍ وَطَاوُسٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْجَدِيدِ.

وَفَصَّلَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ التَّاجِرِ الْمُدِيرِ (وَهُوَ مَنْ يَبِيعُ بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ وَيَخْلُفُ بِغَيْرِهِ، كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ) فَإِنَّهُ يُزَكِّي كُلَّ حَوْلٍ، وَبَيْنَ التَّاجِرِ الْمُحْتَكِرِ وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ بِعَرْضِ التِّجَارَةِ السُّوقَ لِتَرْتَفِعَ الْأَثْمَانُ.فَهَذَا لَا زَكَاةَ عَلَى تِجَارَتِهِ إِلاَّ بِالتَّنْضِيضِ (تَحَوُّلُ السِّلْعَةِ إِلَى نَقْدٍ) وَلَوْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ.

وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِمَّا نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ».وَخَبَرِ: «وَفِي الْبَزِّ صَدَقَةٌ».

وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ، فَثَبَتَ أَنَّهَا تَجِبُ فِي قِيمَتِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الْحَوْلَ وَالنِّصَابَ مُعْتَبَرَانِ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ.

وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيلِ مُصْطَلَحَ: (زَكَاةٌ) زَكَاةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


11-موسوعة الفقه الكويتية (حسبة 3)

حِسْبَةٌ -3

أَقْسَامُ الْمَعْرُوفِ:

23- يَنْقَسِمُ الْمَعْرُوفُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهُمَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.وَالثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.وَالثَّالِثُ: مَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.

وَمَعْنَى حَقِّ اللَّهِ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَحَقِّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ.لِأَنَّ التَّكَالِيفَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ كَالْإِيمَانِ وَتَحْرِيمِ الْكُفْرِ، وَقِسْمٌ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ فَقَطْ كَالدُّيُونِ وَالْأَثْمَانِ، وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ أَوْ حَقُّ الْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا كَانَ حَقًّا مَحْضًا لِلْعَبْدِ وَبَيْنَ حَقِّ اللَّهِ أَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ الْمَحْضَ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ، وَإِلاَّ فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلاَّ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ فَيُوجَدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْعَبْدِ، وَلَا يُوجَدُ حَقُّ الْعَبْدِ إِلاَّ وَفِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِصِحَّةِ الْإِسْقَاطِ، فَكُلُّ مَا لِلْعَبْدِ إِسْقَاطُهُ فَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ إِسْقَاطُهُ فَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ خُصُومٌ فِي إِثْبَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى نِيَابَةً عَنْهُ تَعَالَى لِكَوْنِهِمْ عَبِيدَهُ، أَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَلَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ انْتِصَابَهُ خَصْمًا.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْمُتَعَلِّقُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ضَرْبَانِ:

24- أَحَدُهُمَا: مَا يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِهِ فِي الْجَمَاعَةِ دُونَ الِانْفِرَادِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ:

الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَتَلْزَمُ فِي وَطَنٍ مَسْكُونٍ، فَإِنْ كَانُوا عَدَدًا قَدِ اتُّفِقَ عَلَى انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ كَالْأَرْبَعِينَ فَمَا زَادَ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَأْخُذَهُمُ الْمُحْتَسِبُ بِإِقَامَتِهَا، وَيَأْمُرَهُمْ بِفِعْلِهَا وَيُؤَدِّبَ عَلَى الْإِخْلَالِ بِهَا، وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا قَدِ اخْتُلِفَ فِي انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ فَلَهُ فِيهِمْ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

إِحْدَاهَا: أَنْ يَتَّفِقَ رَأْيُ الْمُحْتَسِبِ وَرَأْيِ الْقَوْمِ عَلَى انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ الْعَدَدِ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُسَارِعُوا إِلَى أَمْرِهِ بِهَا، وَيَكُونُ فِي تَأْدِيبِهِمْ عَلَى تَرْكِهَا أَلْيَنَ مِنْهُ فِي تَأْدِيبِهِمْ عَلَى تَرْكِ مَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَ رَأْيُهُ وَرَأْيُ الْقَوْمِ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا وَهُوَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا لَوْ أُقِيمَتْ أَحَقُّ.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَرَى الْقَوْمُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بِهِمْ وَلَا يَرَاهُ الْمُحْتَسِبُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَارِضَهُمْ فِيهَا، وَلَا يَأْمُرَ بِإِقَامَتِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْهَا وَيَمْنَعَهُمْ مِمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ.

الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَرَى الْمُحْتَسِبُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بِهِمْ وَلَا يَرَاهُ الْقَوْمُ، فَهَذَا مِمَّا فِي اسْتِمْرَارِ تَرْكِهِ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ مَعَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَزِيَادَتِهِ، فَهَلْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا اعْتِبَارًا بِهَذَا الْمَعْنَى أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا اعْتِبَارًا بِالْمَصْلَحَةِ لِئَلاَّ يَنْشَأَ الصَّغِيرُ عَلَى تَرْكِهَا، فَيَظُنَّ أَنَّهَا تَسْقُطُ مَعَ زِيَادَةِ الْعَدَدِ كَمَا تَسْقُطُ بِنُقْصَانِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِأَمْرِهِمْ بِهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَى اعْتِقَادِهِ، وَلَا يَقُودُهُمْ إِلَى مَذْهَبِهِ، وَلَا أَنْ يَأْخُذَهُمْ فِي الدِّينِ بِرَأْيِهِ مَعَ تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ نُقْصَانَ الْعَدَدِ يَمْنَعُ مِنْ إِجْزَاءِ الْجُمُعَةِ.

الْمِثَالُ الثَّانِي: صَلَاةُ الْعِيدِ وَهَلْ يَكُونُ الْأَمْرُ بِهَا مِنَ الْحُقُوقِ اللاَّزِمَةِ، أَوْ مِنَ الْحُقُوقِ الْجَائِزَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: مَنْ قَالَ إِنَّهَا مَسْنُونَةٌ قَالَ: يُنْدَبُ الْأَمْرُ بِهَا، وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ قَالَ: الْأَمْرُ بِهَا يَكُونُ حَتْمًا.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ:

صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِقَامَةُ الْأَذَانِ فِيهَا لِلصَّلَوَاتِ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَامَاتِ مُتَعَبَّدَاتِهِ الَّتِي فَرَّقَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الشِّرْكِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ مَحَلَّةٍ أَوْ بَلَدٍ عَلَى تَعْطِيلِ الْجَمَاعَاتِ فِي مَسَاجِدِهِمْ، وَتَرْكِ الْأَذَانِ فِي أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ، كَانَ الْمُحْتَسِبُ مَنْدُوبًا إِلَى أَمْرِهِمْ بِالْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ، وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ لَهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، عَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي اتِّفَاقِ أَهْلِ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهَلْ يَلْزَمُ السُّلْطَانَ مُحَارَبَتُهُمْ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

فَأَمَّا مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ مِنْ آحَادِ النَّاسِ أَوْ تَرَكَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ لِصَلَاتِهِ، فَلَا اعْتِرَاضَ لِلْمُحْتَسِبِ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَجْعَلْهُ عَادَةً وَإِلْفًا، لِأَنَّهَا مِنَ النَّدْبِ الَّذِي يَسْقُطُ بِالْأَعْذَارِ، إِلاَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ اسْتِرَابَةٌ، أَوْ يَجْعَلَهُ إِلْفًا وَعَادَةً وَيَخَافُ تَعَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ، فَيُرَاعِي حُكْمَ الْمَصْلَحَةِ بِهِ فِي زَجْرِهِ عَمَّا اسْتَهَانَ بِهِ مِنْ سُنَنِ عِبَادَتِهِ، وَيَكُونُ وَعِيدُهُ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مُعْتَبَرًا بِشَوَاهِدِ حَالِهِ، كَاَلَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يَسْتَعِدُّوا إِلَيَّ بِحُزَمٍ مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ تُحَرَّقُ بُيُوتٌ عَلَى مَنْ فِيهَا».

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَأْمُرُ بِهِ آحَادَ النَّاسِ وَأَفْرَادَهُمْ كَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا، فَيُذَكِّرُ بِهَا وَيَأْمُرُ بِفِعْلِهَا، وَيُرَاعِي جَوَابَهُ عَنْهَا، فَإِنْ قَالَ: تَرَكْتُهَا لِنِسْيَانٍ، حَثَّهُ عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَ ذِكْرِهِ وَلَمْ يُؤَدِّبْهُ، وَإِنْ تَرَكَهَا لِتَوَانٍ أَدَّبَهُ زَجْرًا وَأَخَذَهُ بِفِعْلِهَا جَبْرًا، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى مَنْ أَخَّرَهَا وَالْوَقْتُ بَاقٍ لِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي فَضْلِ التَّأْخِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ، وَلَكِنْ لَوْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ عَلَى تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَاتِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا، وَالْمُحْتَسِبُ يَرَى فَضْلَ تَعْجِيلِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ لَا؟

مَنْ رَأَى أَنَّهُ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ رَاعَى أَنَّ اعْتِيَادَ تَأْخِيرِهَا وَإِطْبَاقَ جَمِيعِ النَّاسِ عَلَيْهِ مُفْضٍ إِلَى أَنَّ الصَّغِيرَ يَنْشَأُ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَقْتُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ عَجَّلَهَا بَعْضُهُمْ تَرَكَ الْمُحْتَسِبُ مَنْ أَخَّرَهَا مِنْهُمْ وَمَا يَرَاهُ مِنَ التَّأْخِيرِ.

فَأَمَّا الْأَذَانُ وَالْقُنُوتُ فِي الصَّلَوَاتِ إِذَا خَالَفَ فِيهِ رَأْيَ الْمُحْتَسِبِ، فَلَا اعْتِرَاضَ لَهُ فِيهِ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ، وَإِنْ كَانَ يَرَى خِلَافَهُ، إِذَا كَانَ مَا يُفْعَلُ مُسَوَّغًا فِي الِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ إِذَا فَعَلَهَا عَلَى وَجْهٍ سَائِغٍ يُخَالِفُ فِيهِ رَأْيَ الْمُحْتَسِبِ مِنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمَائِعَاتِ، وَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ تَغَيَّرَ بِالْمَذْرُورَاتِ الطَّاهِرَاتِ، أَوِ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَسْحِ أَقَلِّ الرَّأْسِ، وَالْعَفْوِ عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنَ النَّجَاسَةِ، فَلَا اعْتِرَاضَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ.

الْقِسْمُ الثَّانِي مَا تَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ:

25- الْمَعْرُوفُ الْمُتَعَلِّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ضَرْبَانِ: عَامٌّ وَخَاصٌّ.

فَأَمَّا الْعَامُّ فَكَالْبَلَدِ إِذَا تَعَطَّلَ شِرْبُهُ، أَوِ اسْتُهْدِمَ سُورُهُ، أَوْ كَانَ يَطْرُقُهُ بَنُو السَّبِيلِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ فَكَفُّوا عَنْ مَعُونَتِهِمْ، نَظَرَ الْمُحْتَسِبُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ، لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ مَصْرُوفٌ إِلَى سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِمْ فِيهِ ضَرَرٌ أَمَرَ بِإِصْلَاحِ شِرْبِهِمْ، وَبِنَاءِ سُورِهِمْ وَبِمَعُونَةِ بَنِي السَّبِيلِ فِي الِاجْتِيَازِ بِهِمْ، لِأَنَّهَا حُقُوقٌ تَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ دُونَهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتُهْدِمَتْ مَسَاجِدُهُمْ وَجَوَامِعُهُمْ، فَأَمَّا إِذَا أُعْوِزَ بَيْتُ الْمَالِ كَانَ الْأَمْرُ بِبِنَاءِ سُورِهِمْ، وَإِصْلَاحِ شِرْبِهِمْ، وَعِمَارَةِ مَسَاجِدِهِمْ وَجَوَامِعِهِمْ، وَمُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيلِ فِيهِمْ مُتَوَجِّهًا إِلَى كَافَّةِ ذَوِي الْمُكْنَةِ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمْ فِي الْأَمْرِ بِهِ، فَإِنْ شَرَعَ ذَوُو الْمُكْنَةِ فِي عَمَلِهِمْ وَفِي مُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيلِ، وَبَاشَرُوا الْقِيَامَ بِهِ، سَقَطَ عَنِ الْمُحْتَسِبِ حَقُّ الْأَمْرِ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُمُ الِاسْتِئْذَانُ فِي مُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيلِ، وَلَا فِي بِنَاءِ مَا كَانَ مَهْدُومًا، وَلَكِنْ لَوْ أَرَادُوا هَدْمَ مَا يُرِيدُونَ بِنَاءَهُ مِنَ الْمُسْتَرَمِّ وَالْمُسْتَهْدَمِ لَمْ يَكُنْ لَهُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى هَدْمِهِ إِلاَّ بِاسْتِئْذَانِ وَلِيِّ الْأَمْرِ دُونَ الْمُحْتَسِبِ، لِيَأْذَنَ لَهُمْ فِي هَدْمِهِ بَعْدَ تَضْمِينِهِمُ الْقِيَامَ بِعِمَارَتِهِ، هَذَا فِي السُّورِ وَالْجَوَامِعِ، وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ الْمُخْتَصَرَةُ فَلَا يَسْتَأْذِنُونَ فِيهَا.

وَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِبِنَاءِ مَا هَدَمُوهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِإِتْمَامِ مَا اسْتَأْنَفُوهُ.فَأَمَّا إِذَا كَفَّ ذَوُو الْمُكْنَةِ عَنْ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ وَعِمَارَةِ مَا اسْتَرَمَّ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَامُ فِي الْبَلَدِ مُمْكِنًا وَكَانَ الشِّرْبُ، وَإِنْ فَسَدَ أَوْ قَلَّ مُقْنِعًا تَرَكَهُمْ وَإِيَّاهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمُقَامُ فِيهِ لِتَعَطُّلِ شِرْبِهِ وَانْدِحَاضِ سُورِهِ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا يَضُرُّ بِدَارِ الْإِسْلَامِ تَعْطِيلُهُ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُفْسِحَ فِي الِانْتِقَالِ عَنْهُ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ النَّوَازِلِ إِذَا حَدَثَتْ فِي قِيَامِ كَافَّةِ ذَوِي الْمُكْنَةِ بِهِ، وَكَانَ تَأْثِيرُ الْمُحْتَسِبِ فِي مِثْلِ هَذَا إِعْلَامُ السُّلْطَانِ وَتَرْغِيبُ أَهْلِ الْمُكْنَةِ فِي عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَلَدُ ثَغْرًا مُضِرًّا بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ أَمْرُهُ أَيْسَر وَحُكْمُهُ أَخَفَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَ أَهْلَهُ جَبْرًا بِعِمَارَتِهِ، لِأَنَّ السُّلْطَانَ أَحَقُّ أَنْ يَقُومَ بِعِمَارَتِهِ، وَإِنْ أَعْوَزَهُ الْمَالُ فَيَقُولُ لَهُمُ الْمُحْتَسِبُ مَا دَامَ عَجَزَ السُّلْطَانُ عَنْهُ: أَنْتُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ الِانْتِقَالِ عَنْهُ أَوِ الْتِزَامِ مَا يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ الَّتِي يُمْكِنُ مَعَهَا دَوَامُ اسْتِيطَانِهِ.فَإِنْ أَجَابُوا إِلَى الْتِزَامِ ذَلِكَ كَلَّفَ جَمَاعَتَهُمْ مَا تَسْمَحُ بِهِ نُفُوسُهُمْ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ وَيَقُولُ: لِيُخْرِجْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ وَتَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ، وَمَنْ أَعْوَزَهُ الْمَالُ أَعَانَ بِالْعَمَلِ حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتْ كِفَايَةُ الْمَصْلَحَةِ أَوْ تَعَيَّنَ اجْتِمَاعُهَا بِضَمَانِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمُكْنَةِ قَدْرًا طَابَ بِهِ نَفْسًا، شَرَعَ الْمُحْتَسِبُ حِينَئِذٍ فِي عَمَلِ الْمَصْلَحَةِ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ بِمَا الْتَزَمَ بِهِ، وَإِنْ عَمَّتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِالْقِيَامِ بِهَا حَتَّى يَسْتَأْذِنَ السُّلْطَانَ فِيهَا، لِئَلاَّ يَصِيرَ بِالتَّفَرُّدِ مُفْتَاتًا عَلَيْهِ، إِذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ مَعْهُودِ حِسْبَتِهِ، وَإِنْ قَلَّتْ وَشَقَّ اسْتِئْذَانُ السُّلْطَانِ فِيهَا أَوْ خِيفَ زِيَادَةُ الضَّرَرِ لِبُعْدِ اسْتِئْذَانِهِ جَازَ شُرُوعُهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ.

وَأَمَّا الْخَاصُّ فَكَالْحُقُوقِ إِذَا مُطِلَتْ، وَالدُّيُونِ إِذَا أُخِّرَتْ، فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا مَعَ الْمُكْنَةِ إِذَا اسْتَعْدَاهُ أَصْحَابُ الْحُقُوقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْحُبْسَ حُكْمٌ وَلَهُ أَنْ يُلَازِمَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يُلَازِمَ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِنَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ لِافْتِقَارِ ذَلِكَ إِلَى اجْتِهَادٍ شَرْعِيٍّ فِيمَنْ يَجِبُ لَهُ وَعَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قَدْ فَرَضَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَدَائِهَا، وَكَذَلِكَ كَفَالَةُ مَنْ تَجِبُ كَفَالَتُهُ مِنَ الصِّغَارِ لَا اعْتِرَاضَ لَهُ فِيهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ، وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الشُّرُوطِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِيهَا.فَأَمَّا قَبُولُ الْوَصَايَا وَالْوَدَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا أَعْيَانَ النَّاسِ وَآحَادَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا عَلَى الْعُمُومِ حَثًّا عَلَى التَّعَاوُنِ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ تَكُونُ أَوَامِرُهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. 26- الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَأَخْذِ الْأَوْلِيَاءِ بِإِنْكَاحِ الْأَيَامَى مِنْ أَكْفَائِهِنَّ إِذَا طَلَبْنَ، وَإِلْزَامِ النِّسَاءِ أَحْكَامَ الْعِدَدِ إِذَا فُورِقْنَ، وَلَهُ تَأْدِيبُ مَنْ خَالَفَ فِي الْعِدَّةِ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ تَأْدِيبُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَمَنْ نَفَى وَلَدًا قَدْ ثَبَتَ فِرَاشُ أُمِّهِ وَلُحُوقُ نَسَبِهِ أَخَذَهُ بِأَحْكَامِ الْآبَاءِ أَوْ عَزَّرَهُ عَلَى النَّفْيِ أَدَبًا، وَيَأْخُذُ أَرْبَابَ الْبَهَائِمِ بِعَلَفِهَا إِذَا قَصَّرُوا فِيهَا، وَأَلاَّ يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا لَا تُطِيقُ، وَمَنْ أَخَذَ لَقِيطًا فَقَصَّرَ فِي كَفَالَتِهِ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِ الْتِقَاطِهِ مِنَ الْتِزَامِ كَفَالَتِهِ أَوْ تَسْلِيمِهِ إِلَى مَنْ يَلْتَزِمُهَا وَيَقُومُ بِهَا، وَكَذَلِكَ وَاجِدُ الضَّوَالِّ إِذَا قَصَّرَ فِيهَا أَخَذَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْقِيَامِ بِهَا أَوْ تَسْلِيمِهَا إِلَى مَنْ يَقُومُ بِهَا، وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلضَّالَّةِ بِالتَّقْصِيرِ وَلَا يَكُونُ بِهِ ضَامِنًا لِلَّقِيطِ، وَإِذَا سَلَّمَ الضَّالَّةَ إِلَى غَيْرِهِ ضَمِنَهَا وَلَا يَضْمَنُ اللَّقِيطَ بِالتَّسْلِيمِ إِلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ عَلَى نَظَائِرِ هَذَا الْمِثَالِ يَكُونُ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ.

مَعْنَى الْمُنْكَرِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ

27- الْمُنْكَرُ ضِدُّ الْمَعْرُوفِ وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْدِيدِ مَعْنَاهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى الْكُفْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِمُحَرَّمَاتِ الشَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ فِي كُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ الشَّرْعُ.وَاسْتَعْمَلَهُ آخَرُونَ فِي كُلِّ مَا عُرِفَ بِالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ قُبْحُهُ وَقَالَ غَيْرُهُمْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، هُوَ مَا تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ السَّلِيمَةُ وَتَتَأَذَّى بِهِ مِمَّا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ وَنَافَرَهُ الطَّبْعُ وَتَعَاظَمَ اسْتِكْبَارُهُ وَقَبُحَ غَايَةَ الْقُبْحِ اسْتِظْهَارُهُ فِي مَحَلِّ الْمَلأَِ لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ».

وَالْمُنْكَرُ مِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَحْظُورٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِمْ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ يُسَاوِي الْمُحَرَّمَ، وَيُسَمَّى أَيْضًا مَعْصِيَةً وَذَنْبًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ وَالْمَحْظُورِ، أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْمُنْكَرِ الْمَكْرُوهِ مُسْتَحَبٌّ، وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْفَاعِلُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَجَبَ ذِكْرُهُ لَهُ، فَإِنَّ لِلْكَرَاهَةِ حُكْمًا فِي الشَّرْعِ يَجِبُ تَبْلِيغُهُ إِلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ.أَمَّا الْمَحْظُورُ فَالنَّهْيُ عَنْهُ وَاجِبٌ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَحْظُورٌ إِذَا تَحَقَّقَ شَرْطُهُ، وَبِهَذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ، أَوْ يَكُونَ مُدْرَكُ عَدَمِ التَّحْرِيمِ فِيهِ ضَعِيفًا.

شُرُوطُ الْمُنْكَرِ:

28- يُشْتَرَطُ فِي الْمُنْكَرِ الْمَطْلُوبِ تَغْيِيرُهُ مَا يَلِي: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا فِي الشَّرْعِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: الْمُنْكَرُ أَعَمُّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، إِذْ مَنْ رَأَى صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرِيقَ خَمْرَهُ وَيَمْنَعَهُ، وَكَذَا إِنْ رَأَى مَجْنُونًا يَزْنِي بِمَجْنُونَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَهَذَا لَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ، إِذْ مَعْصِيَةٌ لَا عَاصِيَ بِهَا مُحَالٌ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبَا الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ عَاصِيَيْنِ، بَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُلَابِسًا لِمَفْسَدَةٍ وَاجِبَةِ الدَّفْعِ وَالْآخَرُ تَارِكًا لِمَصْلَحَةٍ وَاجِبَةِ التَّحْصِيلِ، وَسَاقَا جُمْلَةَ أَمْثِلَةٍ لِلْمُنْكَرِ الَّذِي يَجِبُ تَغْيِيرُهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ.

أَحَدُهَا: أَمْرُ الْجَاهِلِ بِمَعْرُوفٍ لَا يَعْرِفُ وُجُوبَهُ، وَنَهْيُهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَا يَعْرِفُ تَحْرِيمَهُ كَنَهْيِ الْأَنْبِيَاءِ- عليهم السلام- أُمَمَهُمْ أَوَّلَ بَعْثِهِمْ.

الثَّانِي: قِتَالُ الْبُغَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَيْهِمْ فِي بَغْيِهِمْ لِتَأَوُّلِهِمْ.

الثَّالِثُ: ضَرْبُ الصِّبْيَانِ عَلَى مُلَابَسَةِ الْفَوَاحِشِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ.

الرَّابِعُ: قَتْلُ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ إِذَا صَالُوا عَلَى الدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُمْ إِلاَّ بِقَتْلِهِمْ.

الْخَامِسُ: إِذَا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ أَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ بِالْعَفْوِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَأَرَادَ الِاقْتِصَاصَ، فَلِلْفَاسِقِ أَنْ يَدْفَعَهُ بِالْقَتْلِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إِلاَّ بِهِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ.

السَّادِسُ: ضَرْبُ الْبَهَائِمِ فِي التَّعْلِيمِ وَالرِّيَاضَةِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الشِّرَاسِ وَالْجِمَاحِ، وَكَذَلِكَ ضَرْبُهَا حَمْلًا عَلَى الْإِسْرَاعِ لِمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ وَالْقِتَالِ. وَلَا يَقْتَصِرُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْكَبِيرَةِ، بَلْ يَجِبُ النَّهْيُ عَنِ الصَّغَائِرِ أَيْضًا.

الشَّرْطُ الثَّانِي

29- أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مَوْجُودًا فِي الْحَالِ بِأَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مُسْتَمِرًّا عَلَى فِعْلِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ تَرْكُ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْفِعْلِ لَمْ يَجُزْ إِنْكَارُ مَا وَقَعَ عَلَى الْفِعْلِ، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنِ الْحِسْبَةِ عَلَى مَنْ فَرَغَ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَاحْتِرَازٌ عَمَّا سَيُوجَدُ، كَمَنْ يَعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الشُّرْبِ فِي لَيْلَةٍ فَلَا حِسْبَةَ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالْوَعْظِ، وَإِنْ أَنْكَرَ عَزْمَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَعْظُهُ أَيْضًا، فَإِنَّ فِيهِ إِسَاءَةَ ظَنٍّ بِالْمُسْلِمِ، وَرُبَّمَا صُدِّقَ فِي قَوْلِهِ، وَرُبَّمَا لَا يُقْدِمُ عَلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ لِعَائِقٍ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ حَالَتَانِ

الْحَالَةُ الْأُولَى: الْإِصْرَارُ عَلَى فِعْلِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ إِحْدَاثِ تَوْبَةٍ فَهَذَا يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَفِي رَفْعِهِ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ السَّتْرِ وَاسْتِحْبَابِهِ وَعَلَى سُقُوطِ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ وَعَدَمِهِ، أَمَّا عَنْ وُجُوبِ السَّتْرِ وَاسْتِحْبَابِهِ فَإِنَّ لِلْعُلَمَاءِ أَقَاوِيلَ نُوجِزُهَا فِي الْآتِي:

ذَهَبَ الْأَحْنَافُ إِلَى أَنَّ الشَّاهِدَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ (أَسْبَابُ الْحُدُودِ) مُخَيَّرٌ بَيْنَ حِسْبَتَيْنِ: بَيْنَ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ أَنْ يَسْتُرَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ.قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ}

وَقَالَ- عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» وَقَدْ نَدَبَهُ الشَّرْعُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنْ شَاءَ اخْتَارَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ فَأَقَامَهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ جِهَةَ السَّتْرِ فَيَسْتُرُ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَالسَّتْرُ أَوْلَى.

وَأَمَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَسْبَابِ الْحُدُودِ نَحْوُ طَلَاقٍ وَإِعْتَاقٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ وَنَحْوِهَا مِنْ أَسْبَابِ الْحُرُمَاتِ تَلْزَمُهُ إِقَامَةُ الشَّهَادَةِ حِسْبَةً لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى إِقَامَتِهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ.وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ إِنِ اسْتَدَامَ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّضَاعِ وَالْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ التَّحْرِيمُ يَنْقَضِي بِالْفَرَاغِ مِنْ مُتَعَلَّقِهِ كَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الرَّفْعِ وَعَدَمِهِ، وَالتَّرْكُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّتْرِ الْمَطْلُوبِ فِي غَيْرِ الْمُجَاهِرِ بِالْفِسْقِ.وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّ سَتْرَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ فَيَكُونُ تَرْكُ الرَّفْعِ وَاجِبًا.

وَذَكَرَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْصِيلًا خُلَاصَتُهُ أَنَّ الزَّوَاجِرَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ زَاجِرٌ عَنِ الْإِصْرَارِ عَلَى ذَنْبٍ حَاضِرٍ، أَوْ مَفْسَدَةٍ مُلَابِسَةٍ لَا إِثْمَ عَلَى فَاعِلِهَا وَهُوَ مَا قُصِدَ بِهِ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ الْمَوْجُودَةِ وَيَسْقُطُ بِانْدِفَاعِهَا.

30- النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَقَعُ زَاجِرًا عَنْ مِثْلِ ذَنْبٍ مَاضٍ مُنْصَرِمٍ أَوْ عَنْ مِثْلِ مَفْسَدَةٍ مَاضِيَةٍ مُنْصَرِمَةٍ وَلَا يَسْقُطُ إِلاَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يَجِبُ إِعْلَامُ مُسْتَحِقِّهِ لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَوْ يَسْتَوْفِيَهُ، وَذَلِكَ كَالْقِصَاصِ فِي النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَكَحَدِّ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ مُسْتَحِقَّهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا الْأَوْلَى بِالْمُتَسَبِّبِ إِلَيْهِ سَتْرُهُ كَحَدِّ الزِّنَى وَالْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ.ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الشُّهُودُ عَلَى هَذِهِ الْجَرَائِمِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ لَزِمَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا وَأَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَرْبَابَهَا وَإِنْ كَانَتْ زَوَاجِرُهَا حَقًّا مَحْضًا لِلَّهِ فَإِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ بِهَا، فَيَشْهَدُوا بِهَا مِثْلَ أَنْ يَطَّلِعُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَى تَكَرُّرِ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى شُرْبِ الْخُمُورِ وَإِتْيَانِ الذُّكُورِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي السَّتْرِ عَلَيْهِ مِثْلَ زَلَّةٍ مِنْ هَذِهِ الزَّلاَّتِ تَقَعُ نُدْرَةً مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ ثُمَّ يُقْلِعُ عَنْهَا وَيَتُوبُ مِنْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا «لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- لِهَزَّالٍ: يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ»

وَحَدِيثِ: «وَأَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» وَحَدِيثِ: «مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»

وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: عَدَمُ الْإِنْكَارِ وَالتَّبْلِيغُ عَلَى الذَّنْبِ الْمَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى سُقُوطِ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ، فَإِنِ اعْتَقَدَ الشَّاهِدُ سُقُوطَهُ لَمْ يَرْفَعْهُ وَإِلاَّ رَفَعَهُ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُصِرًّا عَلَى الْمُحَرَّمِ لَمْ يَتُبْ، فَهَذَا يَجِبُ إِنْكَارُ فِعْلِهِ الْمَاضِي وَإِنْكَارُ إِصْرَارِهِ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


12-موسوعة الفقه الكويتية (سفر 2)

سَفَر -2

حُكْمُ السَّفَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ:

19- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ السَّفَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا تَعَلَّقَ بِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيتُهُ.وَالْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، وَحَدَّدُوا ذَلِكَ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ.وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا تَمَكَّنَ الْمُسَافِرُ مِنْ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ، فَلَا يَحْرُمُ حِينَئِذٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ.كَمَا اسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ التَّضَرُّرَ مِنْ فَوْتِ الرُّفْقَةِ، فَلَا يَحْرُمُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ.

وَأَمَّا السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَهُوَ مَحَلُّ خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى كَرَاهَةِ السَّفَرِ قَبْلَ الزَّوَالِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ سَافَرَ مِنْ دَارِ إقَامَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَعَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ أَنْ لَا يُصْحَبَ فِي سَفَرِهِ، وَلَا يُعَانَ فِي حَاجَتِهِ»

قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِبَاحَتِهِ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ إِلاَّ إِذَا أَتَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ فَلَا يُكْرَهُ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ السَّفَرِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ السَّفَرِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيْضًا- وَأَوَّلُهُ الْفَجْرُ- لِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الْمَنْزِلِ قَبْلَهُ، وَالْجُمُعَةُ مُضَافَةٌ إِلَى الْيَوْمِ.فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ تَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ وَإِلاَّ فَلَا.وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا أَوْ طَاعَةً فِي الْأَصَحِّ.

كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِخَبَرِ «مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ».

سَفَرُ الْمَدِينِ:

20- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ- فِي الْجُمْلَةِ- عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إِذْنِ دَائِنِهِ.

وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَمْنَعَ الْمَدِينَ مِنَ السَّفَرِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إِلاَّ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ طَوِيلًا وَيَحِلُّ الدَّيْنُ فِي أَثْنَائِهِ.

وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لَهُ السَّفَرَ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَلَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ.

وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ السَّفَرَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجَلُ قَرِيبًا أَمْ بَعِيدًا.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (غَرِيم) (وَدَيْن).

آدَابُ السَّفَرِ:

21- لِلسَّفَرِ آدَابٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:

(1) إِذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُ الْمُسَافِرِ عَلَى السَّفَرِ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي، وَيَخْرُجَ مِنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ، وَيَقْضِيَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ دُيُونِهِمْ، وَيَرُدَّ الْوَدَائِعَ، وَيَسْتَحِلَّ كُلَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ، وَيَكْتُبَ وَصِيَّتَهُ وَيُشْهِدَ عَلَيْهَا، وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ مِنْ دُيُونِهِ، وَيَتْرُكَ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إِلَى حِينِ رُجُوعِهِ.

وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَدْعُوَ بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ يُنْظَرُ (اسْتِخَارَة) وَيَنْبَغِي إِرْضَاءُ وَالِدَيْهِ وَمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِرُّهُ وَطَاعَتُهُ.

(2) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ مَنْ هُوَ مُوَافِقٌ رَاغِبٌ فِي الْخَيْرِ كَارِهًا لِلشَّرِّ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ جَمَاعَةً؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنَ الْوَحْدَةِ مَا سَرَى رَاكِبٌ بِلَيْلٍ.يَعْنِي وَحْدَهُ».

(3) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنْ فَاتَهُ فَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ بَاكِرًا، وَدَلِيلُ الْخَمِيسِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «أَقَلُّ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَخْرُجُ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ» وَدَلِيلُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ» وَدَلِيلُ الْبُكُورِ حَدِيثُ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ- رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا.قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَوْ سَرِيَّةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِرًا وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تُجَّارَهُ بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ».

وَيُسْتَحَبُّ السُّرَى فِي آخِرِ اللَّيْلِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ».

(4) وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ السَّفَرَ» وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلاَّ وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ»

(5) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَدِّعَ أَهْلَهُ وَجِيرَانَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ وَسَائِرَ أَحْبَابِهِ وَأَنْ يُوَدِّعُوهُ، وَيَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ، زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَيَسَّرَ الْخَيْرَ لَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ.لِحَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- كَانَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا: هَلُمَّ أُوَدِّعُكَ كَمَا وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ» وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ- رضي الله عنه- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ الْجَيْشَ قَالَ: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ».

وَعَنْ أَنَسٍ- رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي.فَقَالَ: زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، فَقَالَ: زِدْنِي، فَقَالَ: وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، قَالَ: زِدْنِي.قَالَ: وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ».

(6) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَمِّرَ الرُّفْقَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَفْضَلَهُمْ وَأَجْوَدَهُمْ رَأْيًا وَيُطِيعُونَهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ».

(7) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُكَبِّرَ إِذَا صَعِدَ الثَّنَايَا وَشَبَهَهَا، وَيُسَبِّحَ إِذَا هَبَطَ الْأَوْدِيَةَ وَنَحْوَهَا، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا» وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ- رضي الله عنه- قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا.فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ سَمِيعٌ قَرِيبٌ» وَيُسْتَحَبُّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى قَرْيَةٍ يُرِيدُ دُخُولَهَا أَوْ مَنْزِلٍ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا.

لِحَدِيثِ صُهَيْبٍ- رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلاَّ قَالَ حِينَ يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا أَذْرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا.وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا».

(8) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَدْعُوَ فِي سَفَرِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ مُجَابَةٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ».

(9) السُّنَّةُ لِلْمُسَافِرِ إِذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ» وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ طُرُوقًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ فِي اللَّيْلِ، بَلِ السُّنَّةُ أَنْ يَقْدَمَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَإِلاَّ فَفِي آخِرِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ إِلاَّ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً» وَقَدْ أَوْصَلَ النَّوَوِيُّ آدَابَ السَّفَرِ إِلَى اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أَدَبًا فَصَّلَهَا فِي كِتَابِهِ الْمَجْمُوعِ.

(

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


13-موسوعة الفقه الكويتية (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)

الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-

1- الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: الدُّعَاءُ لَهُ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَالتَّعْظِيمُ لِأَمْرِهِ.قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ مِنَ اللَّهِ:

رَحْمَتُهُ، وَرِضْوَانُهُ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: الدُّعَاءُ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَمِنَ الْأُمَّةِ: الدُّعَاءُ لَهُ، وَالِاسْتِغْفَارُ، وَالتَّعْظِيمُ لِأَمْرِهِ.

الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-:

2- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-، لِلْأَمْرِ بِهَا، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ- سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ عِنْدَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى؛ بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ.ثُمَّ أَمَرَ جَلَّ شَأْنُهُ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ؛ لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمَيْنِ: السُّفْلِيِّ وَالْعُلْوِيِّ جَمِيعًا، وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

3- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي مَوَاطِنَ، وَاسْتِحْبَابِهَا فِي مَوَاطِنَ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَوَاطِنِ الْوُجُوبِ.

4- فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.وَقَالُوا: تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْعُمْرِ مَرَّةً لِلْأَمْرِ بِهَا فِي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَجِبُ كُلَّمَا ذُكِرَ- صلى الله عليه وسلم-.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ «بِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي تَعْلِيمِ التَّشَهُّدِ- بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَلْفَاظَ التَّشَهُّدِ: إِذَا قُلْتَ هَذَا، أَوْ فَعَلْتَ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ».

وَقَالُوا: وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَجُمْلَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ عِنْدَهُمْ، وَبِهِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ فَإِنْ أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- عَامِدًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كُرِهَ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.أَوْ سَاهِيًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ تَعَمَّدَ بِإِتْيَانِهَا.

5- وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهَا تَجِبُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ، وَبَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَفِي خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَلَا تَجِبُ خَارِجَ ذَلِكَ.وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فَلَمْ يَكُنْ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ أَوْلَى مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ.وَوَجَدْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِمَا وَصَفْنَا؛ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ، لَا فِي خَارِجِهَا.فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ «أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ.

فَقَالَ: تَقُولُونَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ تُسَلِّمُونَ عَلَيَّ».

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنِ «النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمَّا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَلَّمَهُمْ كَيْفَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، لَمْ يَجُزْ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- أَنْ نَقُولَ: التَّشَهُّدُ وَاجِبٌ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَالْخَبَرُ فِيهِمَا عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- زِيَادَةُ فَرْضِ الْقُرْآنِ.

وَقَالَ- رحمه الله-: فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ- وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ- أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّشَهُّدَ، وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-.وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَتَشَهَّدْ فِيهَا، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ- فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا.وَإِنْ تَشَهَّدَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ حَتَّى يَجْمَعَهُمَا جَمِيعًا.وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهُمَا عَلَى وَجْهِهِمَا أَتَى بِمَا أَحْسَنُ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُجْزِهِ إِلاَّ بِأَنْ يَأْتِيَ بِاسْمِ تَشَهُّدٍ، وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-.وَإِنْ أَحْسَنَهُمَا فَأَغْفَلَهُمَا، أَوْ عَمَدَ بِتَرْكِهِمَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا.

وَقَدْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.

فَمِنَ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ.وَمِنْ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعِينَ: إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ، وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ.

أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ، فَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْقَوْلِ الْجَدِيدِ لِلشَّافِعِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَالْآجُرِّيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا، وَيُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ إِنْ تَرَكَهُ.

الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- خَارِجَ الصَّلَاةِ:

6- تُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم- خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَتَتَأَكَّدُ فِي مَوَاطِنَ مِنْهَا: يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتُهَا، وَعِنْدَ الصَّبَاحِ، وَعِنْدَ الْمَسَاءِ، وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَعِنْدَ قَبْرِهِ- صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَعِنْدَ الدُّعَاءِ، وَبَعْدَهُ وَعِنْدَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقَوْمِ، وَتَفَرُّقِهِمْ، وَعِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ- صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ التَّلْبِيَةِ، وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ، وَعَقِبَ خَتْمِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْهَمِّ وَالشَّدَائِدِ، وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ، وَعِنْدَ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ إِلَى النَّاسِ، وَعِنْدَ الْوَعْظِ، وَإِلْقَاءِ الدَّرْسِ، وَعِنْدَ خِطْبَةِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ فِي النِّكَاحِ.

وَفِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُجْتَمَعُ فِيهِ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

أَلْفَاظُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-:

7- رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ- صِيَغٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهَا.قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ: إِنَّ أَفْضَلَ صِيَغِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: أَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).

وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقُلْنَا: قَدْ عَلِمْنَا- أَوْ عَرَفْنَا- كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».

وَهُنَاكَ صِيَغٌ أُخْرَى.وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ هُوَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ.

الصَّلَاةُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ:

8- أَمَّا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُسَلَّمُ.قَالَ تَعَالَى فِي نُوحٍ: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} وَفِي إِبْرَاهِيمَ: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} وَفِي مُوسَى وَهَارُونَ: {سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ}.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي».وَقَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ مَشْرُوعَةٌ.

الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ:

9- أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» فَهَذَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا أَفْرَدَ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ.فَقَالَ قَائِلُونَ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} وَقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} وَقَوْلِهِ: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}.

وَبِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى».

وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجُوزُ إِفْرَادُ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا شِعَارٌ لِلْأَنْبِيَاءِ إِذَا ذُكِرُوا، فَلَا يَلْحَقُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، فَلَا يُقَالُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ- صلى الله عليه وسلم-، أَوْ قَالَ: عَلِيٌّ- صلى الله عليه وسلم-، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا، كَمَا لَا يُقَالُ: مُحَمَّدٌ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ شِعَارِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

أَمَّا السَّلَامُ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ- مِنَ الشَّافِعِيَّةِ- أَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَائِبِ، وَلَا يُفْرَدُ بِهِ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ.وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيُخَاطَبُ بِهِ، فَيُقَالُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَسَلَامٌ عَلَيْكَ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَلَكِنْ يُدْعَى لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ بِالْمَغْفِرَةِ.

- رحمه الله-

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


14-المعجم الغني (أَنْشَرَ)

أَنْشَرَ- [نشر]، (فعل: رباعي. متعدٍّ)، أَنْشَرَ، يُنْشِرُ، المصدر: إِنْشارٌ.

1- "أَنْشَرَ اللَّهُ الْمَوْتَى": أَحْياهُمْ، بَعَثَهُمْ، نَشَرَهُمْ.

2- "أَنْشَرَ الأرْضَ": أَحْياها بِالماءِ.

3- "أَنْشَرَ الرِّيحَ": أَثارَها.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


15-المعجم الغني (حَشَرَ)

حَشَرَ- [حشر]، (فعل: ثلاثي. متعدٍّ، مزيد بحرف)، حَشَرْتُ، أَحْشُرُ، اُحْشُرْ، المصدر: حَشْرٌ.

1- "حَشَرَ الأطْفَالَ فِي غُرْفَةٍ ضَيِّقَةٍ": جَمَعَهُمْ وَكَدَّسَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

2- "يَحْشُرُ أفْكَارًا لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالْمَوْضُوعِ": يُدْخِلُهَا. اللَّهُمَّ احْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ. (حديث):

3- "حَشَرَ اللَّهُ القَوْمَ": بَعَثَهُمْ. {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} [الأنعام: 22]:

4- "حَشَرَ نَفْسَهُ فِي مَوْضُوعٍ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ": أقْحَمَهَا.

5- "حَشَرَهُ عَنْ وَطَنِهِ": جَلَاهُ.

6- "حَشَرَ السَّكِّينَ فِي اللَّحْمِ": أَدْخَلَهُ فِيهِ بِشِدَّةٍ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


16-المعجم الغني (نَشَرَ)

نَشَرَ- [نشر]، (فعل: ثلاثي. متعدٍّ)، نَشَرَ، يَنْشُرُ، المصدر: نَشْرٌ، نُشُورٌ. "نَشَّرَ اللَّهُ الْمَوْتَى": بَعَثَهُمْ، أَحْيَاهُمْ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


17-معجم الرائد (حشر)

حشر يحشر ويحشر حشرا:

1- حشر القوم: جمعهم.

2- حشر الله الناس: بعثهم بعد الموت.

3- حشرهُ عن بلاده: أبعده عنها.

4- حشر الجدب الماشية: أهلكها.

5- حشر العود: براه.

6- حشرهُ: زاحمه.

7- حشرهُ: ضايقه.

8- حشر الشيء في الشيء: أدخله فيه بشدة.

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


18-تاج العروس (جرد)

[جرد]: الجَرَدُ، محرّكَةً: فَضَاءٌ لا نباتَ فيه. قال أَبو ذُؤَيب يَصف حِمارًا وأَنّه يأْتِي الماءَ ويَشرَبُ لَيْلًا:

يَقْضِي لُبَانتَه باللَّيْل ثُمَّ إِذَا *** أَضْحَى تَيَمَّمَ حَزْمًا حَوْلَه جَرَدُ

ومن المَجاز مَكَانٌ جَرْدٌ، تَسمية بالمصدر، وأَجْرَدُ وجَرِدٌ، ككتِفٍ: لا نَباتَ به. جَرِدَ الفَضَاءُ كفَرِحَ جَرَدًا.

وأَرْضٌ جَرْدَاءُ وجَرِدَةٌ، كفَرحَة كذلك. وقد جَرِدَت جَرَدًا.

وجمْع الأَجْردِ الأَجارِدُ، وقد جاءَ ذِكْره في الحديث. وقد جَرَدَهَا القَحْطُ جَرْدًا، هكذا ضبطَ في سائر النُّسخ، والصواب جَرّدَها تجريدًا، كما في اللِّسان وغيره.

وسَنَةٌ جَارُودٌ: مُقْحِطة شديدةُ المَحْلِ، كأَنَّهَا تُهلِك النّاسَ، وهو مَجَازٌ. وكذلك الجارودَة.

وجَرَدَه؛ أَي الشيْ‌ءَ يَجرُدُه جَرْدًا وجَرَّدَه تَجريدًا: قَشَرَه.

قال:

كأَنّ فَدَاءَها إِذْ جَرَّدُوهُ *** وطَافُوا حَولَهُ سُلَكٌ يَتيمُ

ويروى «حَرَّدوه»، بالحاءِ المهملة وسيأْتي.

وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْدًا: نَزَعَ عنه شَعرَه، وكذلك جَرَّده تَجريدًا. قال طَرفةُ:

كسِبْتِ اليَمَانِي شَعْرُه لم يُجَرَّدِ

وجَرَدَ القَومَ يَجْرُدهم جَرْدًا سأَلَهُم فَمَنعُوه، أَو أَعْطَوْه كارِهينَ. وجَرَدَ زَيْدًا من ثَوْبهِ: عَرَّاه، كجَرّده تجريدا.

وحكَى الفارسيّ عن ثعلب: جَرَّده من ثَوبه وجَرّده إِيّاه، فتجَرَّدَ وانْجَرَدَ؛ أَي تَعَرَّى. قال سيبويه: انجَرَدَ ليست للمطاوَعة إِنَّمَا هي كفَعَلْتُ.

وجَرَدَ القُطْنَ: حَلَجَه، نقله الصاغانيّ.

ومن المجاز ثَوْبٌ جَرْدٌ؛ أَي خَلَقٌ قد سقَط زِئْبِرُه، وقيل هو الذي بين الجَدِيد والخَلَق.

ومن المَجاز: رَجُلٌ أَجْرَدُ: لا شَعرَ عليه؛ أَي على جَسَدِهِ.

وفي صِفته صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم أَنه: «أَجْرَدُ ذُو مَسْرَبُة» قال ابن الأَثير: الأَجرَدُ الّذي ليس على بَدَنِه شَعرٌ، ولم يكن صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم كذلك وإِنَّمَا أَراد به أَنَّ الشَّعرَ كان في أَماكنَ من بَدَنِه كالمَسْرَبُة والسَّاعدينِ والسَّاقَيْن، فإِنَّ ضِدَّ الأَجردِ الأَشعرُ، وهو الّذي على جميع بَدَنِه شَعرٌ.

وفي حديث صِفة أَهل الجَنّة «جُرْدٌ مُرْدٌ متكَحِّلون».

ومن المَجاز: فَرَسٌ أَجْرَدُ وكذلك غَيره من الدّوابّ: قَصيرُ الشَّعَرِ، وزاد بعضُهم: رَقِيقُه. وقد جَرِدَ، كفَرِحَ، وانجَرَدَ. وذلك من علاماتِ العِتْق والكرَمِ. وقَولهم أَجْرَدُ القوائِمِ، إِنَّمَا يُريدونَ أَجْرَدَ شَعرِ القوائمِ، قال:

كأَنّ قُتُودي والقِيانُ هَوَتْ به *** من الحَقْبِ جَرداءُ اليَديْن وَثِيقُ

وتَجرَّدَ الفَرسُ وانجَردَ: تَقدَّمَ الحَلْبةَ فخرَجَ منها، ولذلك قيل: نَضَا الفَرسُ الخَيْلَ، إِذا تقدّمَها، كأَنَّه أَلقاها عن نَفْسِه كما يَنضُو الإِنسانُ ثَوْبَهُ عنه.

والأَجْرَدُ: السَّبَّاقُ؛ أَي الّذي يَسبِق الخَيلَ ويَنجردُ عنها لسُرْعَته، عن ابن جنّي، وهو مَجاز.

ومن المَجَاز أَيضًا جرَدَ السَّيْفَ من غَمده كنَصَرَ، وجَرّده تجريدًا: سَلَّه. وسَيْفٌ مُجَرَّد: عُريانُ. وجرَّدَ الكِتَابَ والمُصحفَ تَجريدًا: لم يَضْبِطْه؛ أَي عَرّاه من الضَّبط والزِّيادات والفَواتِح. ومنه‌قَولُ عبدِ الله بن مسعودٍ وقد قرأَ عنده رَجلٌ فقال: أَستعيذ بالله من الشَّيطان الرجيم، فقال: «جَرِّدُوا القُرْآنَ ليَرْبُوَ فيه صَغِيرُكم، ولا يَنأَى عنه كَبيرُكُم ولا تُلْبِسُوا به شيئًا ليسَ منه» وكان إِبراهِيم يقول: أَراد بقوله جَرِّدُوا القرآنَ من النّقْط والإِعراب والتعجيم وما أَشبهَها.

وقال أبو عبيد أَراد لا تَقْرِنُوا به شيئًا من الأَحاديث الّتي يَرْويها أَهلُ الكِتَاب، ليكون وحدَه مُفردًا.

وعن ابن شُميل: جَرَّدَ فُلانٌ الحَجَّ تَجريدًا، إِذا أَفْردَه ولم يَقْرِنْ، وكذا تَجَرَّدَ بالحَجّ. قال السُّيُوطي: لم يَحْكِ ابنُ الجَوزيّ والزَّمخشريّ سواه كما نقله شيخنا.

وجَرَّدَ الرَّجلُ تجرِيدًا: لَبِسَ الجُرُودَ، بالضّمّ، اسمٌ للخُلْقَانِ من الثِّياب، يقال: أَثوابٌ جُرُودٌ. قال كُثَيّر عزَّةَ:

فلا تَبْعَدَنْ تَحتَ الضَّرِيحةِ أَعْظُمٌ *** رَمِيمٌ وأَثْوابٌ هُناك جُرُودُ

والتَجَرُّد التَّعَرِّي. ويقال امرأَةٌ بضَّةُ الجُرْدَة، بضمّ الجيم، والمُجرَّدِ، كمعظَّم والمُتجَّرِدِ، بفتح الراء المشدّدة وكسرها، والفتح أَكثرُ؛ أَي بَضّةٌ عند التّجرُّد. وفي صفته صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم «أَنّه كان أَنْوَرَ المتَجَرَّدِ» أَي ما جُرِّدَ عنه الثِّيابُ من جَسَده وكُشِفَ، يريد أَنّه كان مُشْرِقَ الجَسَدِ. والمُتَجرَّدُ على هذا مَصدرٌ. ومثْل هذا رَجُلُ حَرْبٍ أَي عند الحَرْب، فإِنْ كَسَرْتَ الرّاءَ أَردْتَ الجِسْمَ. وفي التّهذيب: امرأَة بَضّةُ المُتجرَّدِ، إِذا كانَت بَضّةَ البَشَرَةِ إِذَا جُرِّدَت من ثَوبِها.

وتَجَرَّد العَصِيرُ: سَكَنَ غَلَيَانُه. وتَجردَّتِ السُّنْبُلَةُ وانْجَرَدَتْ: خَرَجَتْ من لَفَائِفِها، وكذلك النَّوْرُ عن كِمَامه.

ومن المَجاز: تجرّدَ زيدٌ لأَمْره، إِذا جَدَّ فيه، ومنه تَجَرَّدَ للعِبادة. وجَرَّدَ للقِيَام بكذا. وكذلك تجرَّدَ في سَيْرِه وانجَردَ، وكذلك قالوا: شَمَّرَ في سَيرهِ.

وتَجرَّدَ بالحَجّ: تَشَبّهَ بالحاجّ، مأْخُوذٌ ذلك من حديث عُمَرَ «تجرَّدُوا بالحجّ وإِنْ لم تُحْرِموا».

قال إِسحاق بن منصور: قلْت لأَحمدَ: ما قَوْلُه تَجرَّدوا بالحَجّ؟ قال: تَشبَّهُوا بالحاجّ وإِن لم تكونوا حُجّاجًا.

ومن المَجاز خَمْرٌ جَرْدَاءُ: صافِيَةٌ، منجرِدَةٌ عن خُثاراتِها وأَثفَالِهَا، عن أَبِي حنيفةَ. وأَنشد للطِّرِمّاح:

فلمّا فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ *** وصَرَّحَ أَجْرَدُ الحَجَرَاتِ صَافِي

وانْجَرَدَ بِه السَّيْلُ، هكذا باللّام في سائِر النُّسخ، والصَّواب على ما في الأَساس واللّسَان وغيرهما من كُتب الغريب: انجَرَدَ به السَّيْر: امْتَدَّ وطالَ من غير لَيٍّ على شَي‌ءٍ. وقالُوا: إِذا جَدَّ الرَّجُلُ في سَيْرِه فمضَى يقال: انجَرَدَ فذَهَبَ، وإِذا جدَّ في القِيام بأَمْرٍ قيل: تَجرَّد.

وانجَرَدَ الثَّوْبُ: انسَحَق ولأنَ كجرَدَ.

وفي حديث أَبي بكرٍ «ليسَ عِندَنَا من مالِ المُسْلِمين إِلّا جَرْدُ هذه القَطيفةِ» أَي الّتي انجَردَ خَمْلُهَا وخَلَقَتْ.

والجَرْدُ، بفتح فسكون: الفَرْجُ، للذّكر والأُنثَى. وفي بعضِ النُّسخ «الفرخ»، بالخَاءِ المعجمة، وهو تحريف والذَّكَر. قال شيخُنا: من عطْف الخاصّ على العامّ والجَرْد: التُّرْسُ، والبَقِيَّةُ مِنَ المال.

وفي التَّهذيب: قال الرّياشيّ: أَنشدني الأَصمعيُّ في النون مع الميم:

أَلَا لَها الوَيْلُ علَى مُبِينِ *** علَى مُبِينِ جَرَدِ القَصِيمِ

الجَرَد، بالتَّحْرِيك: د، هكذا في سائر النُّسخ. وفي الصّحاح: اسم مَوضعٍ ببلادِ تَمِيمٍ، والقَصِيمُ نَبْتٌ، وقيل مَوضعٌ بعَينه مَعروف في الرِّمال المتَّصلة بجِبالِ الدَّهْنَاءِ.

والجَرَدُ، محرّكَةً: عَيْبٌ، م؛ أَي معروف في الدَّوَابِّ، أَو هو بالذَّال المعجمة، وقد حكى ذلك. والفِعل منه جَرِدَ جَرَدًا. قال ابن شُميل: الجَرَدُ: وَرَمٌ في مُؤَخَّر عُرْقُوبِ الفَرَسِ يَعْظُم حتّى يَمنَعَهُ المَشْيَ والسَّعْيَ. وقال أَبو منصور: ولم أَسمعْه لغيره، وهو ثِقَةٌ مأْمونٌ.

والجَارُودُ: المشئومُ، بالهمزة، وفي بعض النّسخ «المشتوم» من الشَّتْم. وهو مَجَاز، كأَنّه يَجْرُد الخَيْرَ لشُؤْمه.

وفي اللِّسان: الجَرْدُ أَخْذُكَ الشيْ‌ءَ عن الشَّيْ‌ءِ حَرْقًا وسَحْقًا، ولذلك سُمِّيَ المشئومُ جارودًا. والجارُودُ لَقَبُ بِشْرِ بن عَمرو بن حَنَشِ بن المُعَلَّى، من بني عبد القيس العَبْديِّ الصحابيّ رضي ‌الله‌ عنه، كُنْيته أَبو المُنْذر، وقيل أَبو غِياث وهو أَصحُّ، وضبطَه عبد الغَنيّ، أَبو عتّابٍ، وذكرهما أَبو أَحمدَ الحَاكم، له حديث، وقُتِلَ بفارِسَ، في عقَبَةِ الطِّينِ سنةَ إِحدى وعِشرِين، وقيل بنَهاوَنْدَ مع النُّعْمَانِ بن المُقرِّن، سُمِّيَ به لأَنَّه فَرَّ بإِبلِهِ الجُرْدِ؛ أَي الّتي أَصابَهَا الجَرَدُ إِلى أَخوالِهِ من بني شَيبانَ ففَشَا ذلك الدَّاءُ في إِبلِهِمْ فأَهْلَكَهَا. وفيه يقول الشاعر:

لقَدْ جَرَدَ الجارُودُ بَكْرَ بنَ وَائِلِ

ومعناهُ شُئِمَ عليهم، وقيل: استأْصل ما عندَهم.

والجَارُودِيَّة: فِرْقةٌ من الزَّيْديَّة من الشِّيعَة نُسِبَتْ إِلى أَبي الجارودِ زيادِ بن أَبي زِيادٍ، وفي بعض النُّسخ «ابن أَبي زِياد».

وأَبو الجارود هو الّذي سمَّاه الإِمَامُ الباقرُ سُرحُوبًا وفَسَّره بأَنّه شيطانٌ يَسكْن البَحْرَ.

مِن مَذهَبِهِم النصُّ من النّبيِّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم على إِمامة عليٍّ وأَولاده، وأَنَّه وَصَفَهم وإِنْ لم يُسمِّهم، وأَنَّ الصحابَةَ رضي ‌الله‌ عنهم وحَماهم كَفَروا بمخالَفَتِه وتَرْكِهم الاقتداءَ بعليٍّ رضي ‌الله‌ عنه بعد النّبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم. والإِمامةُ بعد الحَسن والحُسين شُورَى في أَولادهما، فمَنْ خَرَجَ منهم بالسَّيْف وهو عالمٌ شُجاعٌ فهو إِمامُ. نقله شيخُنَا في شرْحه.

ومن المَجاز: ضرَبَهُ بجريدةٍ. الجَريدَةُ هي سَعَفةٌ طَوِيلَةٌ رَطْبَةٌ، قال الفارسيّ: أَو يابِسَة وقيل الجَريدةُ للنّخلة كالقَصِيب للشَّجرة، أَو الجَريدةُ هي التي تُقَشَّرُ من خُوصِها كما يُقَشَّر القَضيبُ من وَرَقِه، والجمعُ جَرِيدٌ وجرائدُ، وقيل هي السَّعَفَة ما كانتْ، بلُغةِ أَهْل الحِجاز. وفي الصّحاح: الجَريد: الذي يُجْرَد عنه الخُوصُ، ولا يُسمَّى جَريدًا ما دَامَ عليه الخُوصُ وإِنَّمَا يُسَمَّى سَعَفًا.

ومن المَجاز: الجَرِيدَة: خَيلٌ لا رَجَّالَةَ فيها ولا سُقّاط.

ويقال: نَدَبَ القائدُ جَرِيدَةً من الخَيل، إِذا لم يُنْهِضْ معهم راجلًا. قال ذو الرُّمَّة يَصفُ عَيْرًا:

يُقَلِّب بالصَّمَّانِ قُودًا جَرِيدةً *** تَرَامَى بهِ قِيعَانُه وأَخَاشِبُهْ

ويقال جَريدةٌ من الخَيْل للجَماعةِ جُردَت من سائرها لوَجْهٍ، كالجُرِد بالضّمّ.

والجَريدة: البَقيَّةُ من المال.

ومن المَجاز «أَشأَمُ من جَرَادَةَ» الجَرَادَةُ امرأَةٌ، وهي قَيْنَةٌ كانت بمكّةَ، ذكَرُوا أَنها غَنَّتْ رِجالًا بعَثَهُم عادٌ إِلى البَيت يَستسقون، فأَلْهتْهم عن ذلك، وإِيّاهَا عنَى ابنُ مُقْبِلٍ بقوله:

سِحْرًا كما سَحَرتْ جَرَادَةُ شَرْبَها *** بغُرُورِ أَيّامٍ ولَهْوِ لَيالِي

والجَرَادَةُ: اسمُ فَرس عَبدِ الله بنِ شُرَحْبِيلَ، سُمِّيَت بواحِدِ الجَرَادِ، على التشبيه لها بها، كما سمّاهَا بعضهم خَيْفَانَة. والجَرَادَة أَيضًا فَرسٌ لأَبِي قَتَادَةَ الحَارِثِ بن رِبْعِيِ السُّلَميّ الصّحابِيّ، تُوفِّيَ، سنة أَربع وخمسين. وفرسٌ آخَرُ لسَلَامةَ بن نَهَارِ بن أَبي الأَسْود بن حُمْرَانَ بن عَمْرو بن الحارث بن سَدوس. وآخَرُ لعَامرِ بن الطُّفَيْل سيِّد بني عامر في الجاهلّية، وأَخَذَها بعْدُ سَرْحُ بنُ مالكٍ الأَرَجِيّ كما نقلَه الصاغانيّ، كلُّ ذلك على التَّشبيه.

وجَرَادَةُ العَيَّارِ: فَرَسٌ، وأَنكرَه بعضُهم. وقال في قول ابن أَدهمَ النّعاميّ الكَلبيّ:

ولقدْ لَقيِت فَوَارسًا من رَهْطِنا *** غَنَظَوك غَنْظَ جَرَادَةِ العَيّارِ

ما ذكَره المصنّف، وهو قوله: أَو العَيّارُ اسمُ رَجلٍ أَثْرَم أَخَذَ جَرادةً ليأْكلَها فخَرَجَتْ من مَوضِعِ الثَّرَمِ بَعدَ مُكابَدَةِ العَنَاءِ فصار مَثلًا قال الصّاغانيّ: وهو الصّواب.

وفي قِصّة أَبي رِغالٍ: فغَنَّتْه الجَرَادَتانِ، وهما مُغنِّيتَانِ كانتا بمكّة في الجاهليّة مشهورتان بحُسْن الصَّوتِ والغنَاءِ، أَو أَنّهما كانتا للنُّعْمَانِ بن المُنْذر.

ومن المَجاز: يَومٌ جَريدٌ وأَجْردُ؛ أَي تامٌّ، وكذلك الشَّهر، عن ثعلب. وفي الأَساس: ويقال مَضَى عليه عامٌ أَجْرَدُ وجَرِيدٌ، وسنة جَردَاءُ كاملة متجرِّدة من النّقص.

والمجرَّدُ كمعظَّم والجُرْدانُ بالضّمّ، والأَجْرَدُ: قَضِيبُ ذَواتِ الحافِر، أَو هو عامٌّ، وقيل هو في الإِنسان أَصْلٌ وفيما سواهُ مُستعارٌ. الجمع: أَي جمْع الجُردَانِ جَرَادينُ.

ومن المَجاز: ما رَأَيْتُه مُذْ أَجْردَانِ وجَرِيدَانِ ومُذْ أَبْيضانِ، يريد يَوْمَينِ أَو شَهْرينِ تامَّيْن.

والجَرَّاد، ككَتّان: جلَّاءُ آنِيَةِ الصُّفْر.

والإِجْرِدُّ بالكسر كإِكْبِرٍّ؛ أَي مشدَّدة الراءِ، وقد يُخفّف فيكون كإِثْمِدٍ: نَبتٌ يَدلُّ على الكَمْأَةِ. قال.

جَنَيْتُها من مُجْتَنًى عَوِيصِ *** من مَنْبِتِ الإِجردِّ والقصيصِ

وقال النَّضر: الإِجرِدُّ: بَقلٌ له حَبٌّ كأَنّه الفُلْفُل.

والجَرَاد، بالفتح، معروف أَي معروف، الواحدة جَرَادةٌ، للذَّكر والأُنثَى. قال الجوهريّ: وليس الجَرَادُ بذَكَرٍ للجَرَادة، وإِنَّمَا اسمٌ للجنْس، كالبَقر والبَقرة، والَّتمْر والتَّمرة، والحَمَام والحَمَامة، وما أَشبهَ ذلك، فحَقُّ مُذكَّرِه أَن لا يكون مُؤَنَّثُه من لفْظه، لئلَّا يَلتَبِس الواحدُ المذكَّر بالجمْع. قال أَبو عُبيد: قيل: هو سِرْوِةٌ، ثمَّ دَبَّى، ثم غَوْغَاءُ، ثم خَيفَانٌ ثمّ كُتْفَانٌ، ثمّ جَرَادٌ. وقِيل: الجَرادُ الذَكرُ، والجرادَة الأُنثَى. ومن كلامهم: رأَيْتُ جَرَادًا على جَرَادةٍ. كقَولهم: رأَيْت نَعَامًا على نَعامة. قال الفارسيّ:

وذلك موضوعٌ على ما يُحافِظون عليه ويَتْركون غَيرَه الغالبَ إِليه من إِلزام المؤنَّث العلَامةَ، المُشعِرة بالتأْنيث، وإِن كان أَيضًا غيرُ ذلك من كلامهم واسعًا كثيرًا، يعنِي المؤنّث الّذي لا علامةَ فيه، كالعَيْن والقِدْر، والمذكَّر الذي فيه علَامة التأْنيث كالحَمَامَة والحَيّة. قال أَبو حنيفة: قال الأَصمعيّ: إِذا اصْفَرَّت الذُّكور واسْودّت الإِناثُ ذَهَبَ عنها الأَسماءُ، إِلَّا الجَرَادَ، يعني أَنَّه اسمٌ لا يُفارِقها. وذَهَب أَبو عُبيدٍ في الجَرَاد إِلى أَنه آخِرُ أَسمائِه.

وجَرَادٌ: موضع، وجَبَلٌ، قيل: سُمِّيَ الموضِع بالجَبَل، وقيل بالعكس، وقيل هما مُتباعدانِ، ومنه قول بعض العرب: «تَركْت جَرَادًا كأَنَّها نَعامَةٌ باركة» أَي كثيرَ العُشْب، هكذا أَورده الميدانيّ وغيره.

جُرِدَت الأَرضُ فهي مجرودة، إِذا أَكلَ الجَرادُ نَبْتَها.

وجَرَدَ الجَرَادُ الأَرضَ يَجْرُدها جرْدًا: احْتَنَكَ ما عليها من النَّبَات فلم يُبْقِ منه شيئًا، وقيل: إِنَّما سُمِّيَ جَرَادًا بذلك.

قال ابن سيده: فأَمّا ما حكاه أَبو عُبيد من قَولهم: أَرْضٌ مَجرودَةٌ [من الجراد] فالوَجْه عندي أَن يكون مَفعولة، من جَرَدَهَا الجَرادُ. والآخَرُ أَن يُعْنَى بها كَثيرَتُه؛ أَي الجَرَادِ، كما قالوا أَرْضٌ مَوحوشَة: كثيرةُ الوَحْشِ، فيكون على صِيغة مفعول من غيرِ فعْلٍ إِلّا بِحسَب التَّوَهُّمِ، كأَنه جُرِدَت الأَرْضُ؛ أَي حَدَثَ فيها الجَرَادُ، أَو كأَنَّهَا رُمِيَتْ بذلك.

وجَرِدَ الرّجُلُ، كفَرِحَ، جَرَدًا، إِذا شَرِيَ جِلْدُه مِنْ أَكْلِهِ؛ أَي الجَرَادِ، فهو جَرِدٌ. كذا وَقعَ في الصّحاح واللِّسان وغيرهما، وفي بعض النُّسخ «عن أَكْله».

وجُرِدَ الإِنسانُ، كعُنِيَ أَي مبنيًّا للمجهول، إِذا أَكلَ الجَرادَ ف شَكَا بَطْنَه عَنْ أَكْله، فهو مَجْرُود. وجُرِدَ الزَّرْعُ: أَصابَهُ الجَرادُ.

ومن المَجاز قولُهم: ما أَدرِي أَي جَرَادٍ، هكذا في الصّحاح. وفي الأَساس واللّسان: أَيُّ الجَراد عَارَه، أَيْ أَيُّ النّاسِ ذَهَبَ به.

والجُرَادِيّ، كغُرَابيّ: قرية بصَنْعاء اليَمَنِ، نقله الصاغانيّ.

والجُرَادَة، بالضّمّ: اسم رَمْلَة بأَعلى البادِيَةِ بينَ البَصرة واليَمامة.

وجُرَادٌ، كغُرَابٍ: ماءٌ أَو مَوضعٌ بديارِ بني تَميمٍ، بين حائل والمَرُّوت. ويقال هو جَرَدُ القَصيمِ، وقيل: أَرضٌ بين عُلْيَا تَميمٍ وسُفْلَى قَيسٍ.

ويقال: رُمِيَ فُلانٌ على جَرَدِهِ، محرّكةً، وأَجْرَدِهِ أَي على ظَهْرِهِ.

ودَرَابُ ـ كسَحَاب ـ جِرْدَ، بكسر فسكون: مَوْضِعانِ، هكذا في سائر النُّسخ، والّذي في اللِّسان وغيره «مَوضع»، بالإِفراد. قال: فأَمّا قَول سيبويه: فدَرَاب جِرْد كدَجَاجَة، ودَرَاب جِرْدَين كدَجاجتين فإِنَّه لم يُرِد أَنَّ هُناك دَرَاب جِرْدَين، وإِنّما يُريد أَن جِرْد بمنزلةِ الهاءِ في دَجاجة، فكما تجي‌ءُ بعَلَم التثْنيةِ بعد الهاءِ في قَوْلك دَجاجَتَيْن كذلك تَجِي‌ء بعَلَمِ التَّثْنِيَةِ بعد جِرْد، وإِنَّمَا هو تَمثيلٌ من سيبويه، لا أَنَّ دَرَاب جِرْدَين معروفٌ.

وابنُ جَرْدَةَ، بالفتح، كان من مُتمَوِّلِي بَغْدَادَ، وإِليه نُسبتْ خَرَابَةُ ابنِ جَرْدَةَ ببغدادَ، نقله الصاغانيّ.

وجُرَادَى، كفُعَالَى، وفي بعض النُّسخ «كفُرَادَى» موضع، عن ابن دُريد.

وجُرْدَانُ، كعُثمَانَ: وادٍ بينَ عَمْقَيْنِ ووَادِي حَبَّانَ من اليَمَن، كما هو نَصُّ التكملة، وسياقُ المصنّف لا يخلو عن قُصور.

والمُتَجَرِّدةُ: اسمُ امرأَةِ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِر مَلِكِ الحِيرَة.

وجَرُودٌ كصَبُورٍ: موضع بدمَشْقَ من شَرْقيِّهَا بالغُوطة.

وأُجارِدُ بالضّمّ، كأُباتر، وهي من الأَلفاظ التسعة الّتي وَردَت على أُفاعِل، بالضّمّ، على ما قاله ابن القَطّاع، وجارِدٌ، هكذا في سائر النُّسخ التي بين أَيدينا، ومثله في اللِّسان وغيره: مَوضِعَانِ، وقد شَذّ شيخنا حيث جعلَه أَجارِد، بزيادة الهمزة المفتوحة في أَوّله.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

الجُرَادة، بالضمّ: اسمٌ لما جُرِدَ من الشيْ‌ءِ أَي قُشِرَ.

والجَرْدَة، بالفتح: البُرْدَة المُنْجرِدة الخَيفَة، وهو مَجاز.

وفي الأَساس؛ أَي لأَنّهَا إِذا أَخلَقَتْ انتفضَ زِئبرُها واملاسَّتْ.

وفي الحديث: «وفي يَدِهَا شَحْمَةٌ وعلى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ»، تصغير جَرْدَة، وهي الخِرْقَة البالية.

والسَّمَاءُ جَرْدَاءُ إِذا لم يكنْ فيها غَيْم.

وفي الحديث «إِنَّكمْ في أَرضٍ جَرَدِيَّة» قيل. هي منسوبة إِلى الجَرَدِ، محرّكةً، وهي كلُّ أَرض لا نَبَاتَ بها.

وفي حديث أَبي حَدْرَدٍ: «فَرَمَيْتُه على جُرَيْدَاءِ بَطْنِه» أَي وَسَطَه، وهو موضع القَفا المنجردِ عن اللَّحْم، تصغير الجَرْدَاءِ.

ومن المَجاز: خَدٌّ أَجْرَدُ: لا نَبَاتَ به.

وكان للنّبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم نَعْلانِ جَردَاوَانِ؛ أَي لا شَعرَ عَليهما.

والتّجريد: التّشذيب.

وعن أَبي زيد: يقال للرجل إِذا كان مُستحيِيًا ولم يكن بالمنبسِط في الظُّهور: ما أَنتَ بمنْجرِد السِّلْك، وهو مَجَاز، والَّذي في الأَساس: «ما أَنت بمنْجرِد السِّلْك» أَي لست بمشهور.

وانجرَدَت الإِبلُ من أَوْبَارِهَا، إِذا سقَطَتْ عنها.

وتَجَرَّدَ الحِمَارُ: تَقدّمَ الأُتُنَ فخَرَجَ عنها.

ورَجلٌ مُجْرَدٌ، كمُكْرَم: أُخرِجَ من ماله، عن ابن الأَعرابيّ.

ويقال: تَنَقَّ إِبلًا جَرِيدةً؛ أَي خِيارًا شِدَادًا.

والمجرود: المقشور، وما قُشِرَ عنه: جُرَادَةٌ.

ومن المَجازِ: قَلْبٌ أَجردُ؛ أَي ليس فيه غِلٌّ ولا غِشّ.

والجَرْداءُ: الصَّخرةُ الملساءُ.

ومن المَجاز: لَبنٌ أَجرَدُ: لا رغْوَةَ له، قال الأَعشى:

ضَمِنَتْ لنا أَعْجازَه أَرْماحُنا *** مِلْ‌ءَ المَرَاجلِ والصَّريحَ الأَجْرَدَا

وناقَةٌ جَرْداءُ: أَكولٌ.

وأَبو جَرَادةَ: عامرُ بن رَبيعةَ بن خُوَيْلد بن عَوْف بن عامرِ، أَخي عُبَادةَ وعُمَر. وَوَالد خَفاجةَ بن عقيل أَخي قُشَيرٍ وجَعْدَة والحَريشِ أَولادِ كَعْبٍ أَخي كِلاب ابني ربيعَةَ بن عَامر بن صَعْصعة، صاحِب عليّ رضي ‌الله‌ عنه، وهو جَدّ بني جَرَادَةَ بحَلَب.

وقرأْت في معجم شيوخ الحافظ الدِّمياطيّ قال: عيسَى بن عبد الله بن أَبي جَرادةَ، نقل من البصرة مع أَبيه سنة إِحدى وخمسين، في طاعونِ الجارف إِلى حَرّانَ ثم إِلى حَلَب، فولَد بها موسى وولدَ موسى هارُونَ وعبدَ الله، فهارُونُ جَدّ بني العَدِيم، وعبدُ الله جَدّ بني أَبي جَرَادَة. انتهى.

وجردو: قَريَة بالفيّوم.

وجَرَدُ القَصِيم من القَريتين على مَرْحَلَةٍ، وهما دون رَامَةَ بِمرْحَلةٍ، ثم إِمَّرَة الحِمَي ثم طِخْفَة ثم ضَرِيّة.

والمِجْرَد كمِنْبَر: مِحْلَجُ القُطْنِ. وكمُعَظَّم: الذَّكرُ، كالأَجْرد.

والجَرَدَةُ، محرّكَةً، من نواحِي اليَمامَة، وبالفتح نَهرٌ بمصر مخرجُه من النّيل.

والجَرْدَاءُ: فرسُ أَبي عَديّ بن عامر بن عُقَيْل.

والمجرود: مَن جَرَدَه السَّفَرُ أَو العَمَلُ.

والجَرْدَة والتَّجْرِيدة: الجَرِيدة من الخَيْل.

وتَجرِيدةُ عامرٍ: قَرْيةٌ بشرقيّةِ مصرَ.

وخُسْرُ وجِرْد: قَرْيَة من ناحِيةِ بَيْهقَ وبقِيَ من الأَمثال قَولهم «أَحْمَى من مُجِير الجَرادِ» وهو مُدْلِجُ بن سُوَيْدٍ الطائيّ.

وأَجَارِدُ، بفتح الهمزة: اسم مَوضع كذا عن ابن القطّاع.

والجارُود بن المُنذر صحابيّ، وهو غير الّذِي ذكرَه المصنّف، روى عنه ابن سيرين والحَسنُ شيئًا يَسيرًا.

وجَرادٌ أَبو عبد الله العقيليّ، وجَرَاد بن عَبْسٍ من أَعْراب البَصرة، صحابِيَّانِ. وأَبو عاصمٍ الجَرَادِيُّ الزاهِدُ، كان في عصْرِ مالِكِ بن دينارٍ، نُسِبَ إِلى جَدٍّ له.

وجُرَادَةُ، بالضّمّ: ماءٌ في دِيار بني تَميم.

وجَرْدَانُ، كسَحْبَانَ: بلدٌ قُرْبَ زَابُلِسْتانَ بين غَزْنَة وكابُلَ، به يَصيف أَهْلُ أَلَبَانَ.

والجِرَادُ، كَكِتَاب: بادية بين الكوفة والشام [جرهد]: اجْرَهَدَّ الرَّجلُ في سَيْرِه أَسْرعَ. واجْرَهَدّ الطّريقُ: امْتَدَّ. واجْرَهَدّ اللَّيْلُ: طالَ. واجْرَهَدّ في السَّيْرِ استَمَرّ. واجْرَهَدَّ القَوْمُ: قَصَدُوا القَصْدَ. واجْرهَدّت الأَرضُ لم يُوجَد فيها نَبْتٌ ولا مَرْعًى. واجْرَهَدّت السَّنَةُ:

اشتَدَّت وصَعُبَتْ. قال الَأخطل:

مَسامِيحُ الشّتَاءِ إِذا اجْرَهَدّتْ *** وَعزَّتْ عندَ مَقْسَمِها الجَزورُ

أَي اشتدَّتْ وامتَدَّ أَمْرُها.

جَرْهَدَةُ: الوُحَاءُ في السَّيْر. والجَرْهَدَة. جَرَّةُ الماءِ.

ويقال هي جِرْهَدَّة كالمِرْزَبَّة، بكسر الميم.

والجرْهدُ، كجعفَر وسُنْبُل: السَّيَّارُ النَّشِيطُ، قاله أَبو عَمْرو.

والمُجْرَهِدُّ: المُسْرِعُ في الذَّهَاب. قال الشَّاعِرُ:

لم تُراقِبْ هناك ناهِلةَ الوا *** شِينَ لمّا اجْرَهَدّ ناهِلُهَا

وبه سُمِّيَ جَرْهَدُ بنُ خُوَيلِدٍ وقيل ابنُ ازاح بن عدِيّ الأسْلَميّ أَبو عبد الرحمن، صَحابيٌّ من أَهْلِ الصُّفَّة شَهدَ الحُدَيْبِيةَ، رضي ‌الله‌ عنه.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


19-تاج العروس (نشر)

[نشر]: النَّشْرُ: الرِّيح الطَّيِّبةُ، قال مُرَقِّشٌ:

النَّشْرُ مِسْكٌ والوُجُوه دَنَا *** نِيرٌ وأَطْرَافُ الأَكُفِّ عَنَمْ

أَو أَعَمُّ؛ أَي الرِّيحُ مُطلقًا من غير أَن يُقَيّد بطِيبٍ أَو نَتْنٍ.

وهو قَولُ أَبي عُبَيْد، أو رِيحُ فَمِ المَرْأَةِ وأَنْفِهَا وأَعْطَافِهَا بعدَ النَّوْمِ، وهُوَ قولُ أَبي الدُّقَيْش، قال امرُؤ القَيْسِ:

كأَنَّ المُدَامَ وصَوْبَ الغَمامِ *** ورِيحَ الخُزَامَى ونَشْرَ القُطُرْ

ومن المَجَازِ: النَّشْرُ إِحْيَاءُ المَيِّت، كالنُّشُورِ والإِنْشارِ، وقد نَشَرَ الله المَيِّتَ يَنْشُره نَشْرًا ونُشُورًا وأَنْشَرَه: أَحْيَاهُ، وفي الكِتَابِ العَزِيز: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها} قرأْها ابنُ عَبّاس كيف نُنْشِرُهَا، وقَرَأْها الحَسَن نَنْشُرُهَا، وقال الفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ كَيْفَ نُنْشِرُهَا فإِنْشَارُهَا إِحْيَاؤُهَا، واحتَجَّ ابنُ عَبَّاس بقوله تعالى: {ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ} قال: ومن قرأَ كَيْفَ نَنْشُرُها، وهي قِرَاءَةُ الحَسَن فكأَنَّه يَذهبُ بها إِلى النَّشْرِ والطَّيِّ. والوَجْهُ أَن يُقَالَ: أَنْشَرَ الله المَوْتَى فنَشَرُوا هُمْ إِذا حَيُوا، وأَنْشَرَهم الله: أَحْيَاهُم. وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيّ لأَبِي ذُؤَيْب:

لو كانَ مِدْحَةُ حَيٍّ أَنْشَرَتْ أَحَدًا *** أَحْيَا أَبُوَّتَكِ الشُمَّ الأَمَادِيحُ

والنَّشْرُ: الحَيَاةُ. يقال: نَشَرَهُ نَشْرًا ونُشُورًا، كأَنْشَرَهُ فَنَشَرَ هو؛ أَي المَيِّتُ، لا غير، نُشُورًا: حَيِيَ وعاشَ بعد المَوْت. وقال الزّجّاج: نَشَرَهُم الله بَعَثَهم، كما قال تَعَالَى: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} وقال الأَعْشَى:

حَتَّى يَقُولَ الناسُ ممَّا رَأَوْا *** يَا عَجَبًا لِلْميِّت النّاشِرِ

والنَّشْرُ: الكَلأُ إِذا يَبِس فأَصابَه مَطَرٌ في دُبُرِ الصَّيْفِ فاخْضَرَّ، وهو رَدِي‌ءٌ للرَّاعِيَةِ يَهرُبُ الناسُ منه بأَمْوَالهم، يُصِيبُهَا منه السَّهَام إِذا رَعَتْه في أَوّل ما يَظْهَر، وقد نَشَرَ العُشْبُ نَشْرًا. وقال أَبو حنيفة: ولا يَضُرُّ النَّشْرُ الحَافِرَ، وإِذا كَان كذلِك تَرَكوه حتى يَجِفَّ فتَذْهَب عنه أُبْلَتُه؛ أَي شَرّه، وهو يكون من البَقْلِ والعُشْبِ، وقيل: لا يكون إِلّا من العُشْب، وقد نَشَرَت الأَرْضُ.

والنَّشْر: انْتِشَارُ الوَرَقِ، وقيل: إِيرَاقُ الشَّجَرِ، وبكلٍّ منهما فَسَّرَ ابنُ الأَعْرَابِيّ قولَ الشاعر:

كأَنَّ على أَكْتَافِهم نَشْرَ غَرْقَدٍ *** وقد جَاوَزُوا نَيَّانَ كالنَّبَطِ الغُلْفِ

وقيل: النَّشْر هنَا الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، عن ابن الأَعْرَابِيّ أَيضًا.

والنَّشْر: الجَرَبُ، عن ابن الأَعرابيّ أَيضًا.

والنَّشْر: خِلافُ الطَّيِّ، كالتَّنشِيرِ، نَشَرَ الثَّوْبَ ونحوَه يَنْشُرُهُ نَشْرًا ونَشَّرَهُ: بَسَطَهُ، وصُحُفٌ مُنَشَّرَةٌ، شُدِّدَ لِلْكَثْرَة.

والنَّشْرُ: نَحْتُ الخَشَبِ، وقد نَشَرَ الخَشَبَةَ يَنْشُرُهَا نَشْرًا: نَحَتَهَا، وهو مَجازٌ. وفي الصّحاح: قَطَعَهَا بالْمِنْشَارِ.

والنَّشْرُ: التَّفْرِيقُ، والقَوْمُ المُتَفَرِّقُون الذِين لا يَجْمَعُهُم رئيسٌ، ويُحَرَّكُ، يُقَال: جاءَ القَوْم، نَشَرًا؛ أَي مُتَفَرِّقين، ورأَيْت القَوْمَ نَشَرًا؛ أَي مُنْتَشِرِين.

ومن المَجَاز: النَّشْرُ: بَدْءُ النَّبَاتِ في الأَرْضِ. يقال: ما أَحْسَنَ نَشْرَها. والنَّشْرُ: إِذاعَة الخَبَرِ، وقد نَشَرَه يَنْشِرُهُ، بالكَسْرِ، ويَنْشُرُه، بالضمّ: أَذاعَه، فانْتَشَر.

ومُحَمَّد بن نَشْر، محدّث هَمْدَانيّ، رَوَى عنه لَيْثُ بن أَبِي سُلَيْم، وضَبطَه الحَافِظ في التَّبْصِير بالتَّحْتِيَّة بدلَ النُّون وقال فيه: يَرْوِي عن لَيْثِ بن أَبي سُلَيْم ثم قال: قلْت هو هَمْدانيّ، روى عن ابنِ الحنفيَّة. ففي كلام المصنّف نظرٌ من وَجْهَيْن. وقرأْت في ديوان الذَّهَبِيّ ما نَصه: محمّد بن نَشْر المَدَني، عن عَمْرِو بن نَجِيح، نَكِرَةٌ لا يُعْرَف. قلت.

ولعل هذا غير الذي ذَكرَه المصنِّف فليُنْظَر. وقوله تعالى: وهُوَ الَّذِي يُرْسِل الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَته هو بضَمَّتَيْن، وقرئ نُشْرًا، بضمٍّ فسكون، وقرئ نَشْرًا، بالفتح، وقُرِئ نَشَرًا، بالتحْرِيك، فالأَول جَمْع نَشُور، كرَسُول ورُسُل، والثاني: سكّن الشين استِخْفَافًا؛ أَي طلبًا للخِفَّة، والثالث معناه إِحْيَاء بنَشْرِ السَّحَاب الذِي فيه المَطَر، الذي هو حَياةُ كلِّ شَيْ‌ءٍ، والرّابع شاذُّ، عن ابن جِنّي، قال: وقرِئَ بها. وعلى هذا قالوا ماتت الرِّيح: سَكَنَت، قال:

إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَموتَ الرِّيحُ *** فَأَقْعُد اليَوْمَ وأَسْتَريحُ

قِيل: مَعْنَاه وهو الّذِي يُرْسِل الرِّيَاحَ مُنْشِرَةً نَشَرًا قَالَهُ الزَّجَّاج. قال: وقرِي‌ءَ بُشُرًا، بالباءِ، جمْع بَشيرَة، كقوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ}.

ونَشَرَتِ الرّيحُ: هَبَّتْ في يَوْمِ غَيْمٍ خاصَّةً. عن ابن الأَعْرَابيّ.

وقوله تعالى: {وَالنّاشِراتِ نَشْرًا} قال ثَعْلب: هي المَلائكة تَنشُر الرّحمةَ. وقيلَ: هي الرِّيَاحُ تَأْتِي بالمَطَر.

ومن المَجَاز: نَشَرَتِ الأَرْضُ تَنْشُر نُشُورًا، بالضَّمّ: أَصَابَهَا الرَّبِيعُ فأَنبتَتْ، فهي ناشِرَة.

ومن المَجَاز: النُّشْرَة، بالضَّمِّ: رُقْيَةٌ يُعَالَجُ بهَا المَجْنُون والمَرِيضُ ومَنْ كَان يُظَنُّ أَنّ به مَساًّ من الجِنّ، وقد نَشَرَ عنه، إِذا رَقاه، ورُبَّمَا قالُوا للإِنْسَانِ المَهْزُولِ الهالِك: كأَنَّهُ نُشْرَة. قال الكِلابيّ: وإِذا نُشِرَ المَسْفُوعُ كان كأَنَّمَا أُنْشِطَ من عِقَال؛ أَي يُذْهَب عنه سريعًا، سُمِّيَت نُشْرَة لأَنّه يُنَشَّر بها عَنْهُ ما خَامَره من الدَّاءِ؛ أَي يُكْشَف ويُزَال. وفي الحَدِيث: «أَنّه سُئِلَ عن النُّشْرَةِ فَقَال: هي من عَمَلِ الشَّيْطَان» وقال الحَسَن: النُّشْرَة من السِّحْر.

وانْتَشَر المَتَاعُ وغيرُهُ: انْبَسَطَ، وقد نَشَرَه نَشْرًا، كتَنَشَّرَ.

وفي الحَدِيث. «أَنَّه لم يَخرُجْ في سَفَرٍ إِلَّا قال حين يَنهَضُ من جُلُوسه: اللهُمَّ بِكَ انْتَشَرْتُ». قال ابنُ الأَثِير: أَي ابتدأْتُ سَفَرِي. وكلّ شي‌ءٍ أَخذتَه غَضًّا طَرِيًّا فقد نَشَرْتَه وانتَشَرْتَه، ويُرْوَى بالبَاءِ المُوَحَّدَة والسِّين المُهْمَلة. وقد ذُكِر في محلِّه.

وانْتَشَرَ النهارُ وغيرُه: طالَ وامْتَدَّ.

ومن المَجَاز: انْتَشَرَ الخَبَرُ في النَّاس: انْذَاعَ، وانتَشَرَت الإِبلُ والغَنَمُ: افْتَرَقَت، وفي بعض النسخ: تَفَرَّقَت عن غِرَّة من راعيهَا، ونَشَرَها هو يَنْشُرها نَشْرًا.

وهي النَّشَرُ، محرَّكَةً.

ومن المَجَاز: انْتَشَر الرَّجُلُ، إِذا أَنْعَظَ، وانْتَشَر ذَكَرُه، إِذا قامَ. وانْتَشَرَ العَصَبُ: انْتَفَخَ للإِتْعَابِ، قال أَبُو عُبَيْدَة: والعَصَبَةُ التي تَنْتَفخُ هي العُجَايَةُ قال: وتَحَرُّكُ الشَّظَى كانتِشَارِ العَصَبِ غير أَنّ الفَرَسَ لانْتِشَارِ العَصَبِ أَشدُّ احِتمالًا منه لتَحَرُّكِ الشَّظَى. وقال غيره: انْتِشَار عَصَبِ الدّابَّة في يَدِه أَنْ يُصيبَه عَنَتٌ فيَزول العَصَبُ عن مَوضعه. وانْتَشَرَت النَّخْلَةُ: انبسَط سَعَفُهَا.

ونَشَر الخَشَبَة بالمنْشَار.

والمِنْشَارُ: ما نُشِرَ بِهِ، والمِنْشَار أَيضًا: خَشَبَةٌ ذاتُ أَصابعَ يُذَرَّى بها البُرُّ ونَحْوُه.

والنَّوَاشِر: عَصَبُ الذِّرَاعِ من داخِلٍ وخارِجٍ، أَو عُرُوقٌ وعَصَبٌ في باطِن الذِّرَاع، وهي الرَّواهِشُ أَيضًا.

وقال أَبو عَمْرو والأَصمعيّ هي عُرُوقُ باطِنِ الذِّرَاع، قال زُهَيْرٌ:

مَرَاجِيعُ وَشْمٍ في نَوَاشِرِ مِعْصَمِ

أَو هي العَصَبُ في ظَاهِرها، وَاحِدَتُهَا ناشِرَةٌ، واقتصر الجَوْهَرِيُّ على ما ذَهَب إِليه الأَصمعيُّ وأَبو عَمْرٍو.

ويقَال: ما أَشْبَهَ خَطَّه بتَنَاشِيرِ الصِّبْيَان، التَّنَاشِير: كتَابَةٌ لِغلْمَان الكُتَّابِ، وهي خُطُوطُهُم في المَكْتَبِ، بلا واحِد، قاله ابنُ سِيدَه.

ونَاشِرَةُ بنُ أَغْوَاثٍ الذي قَتَلَ هَمَّامًا غَدْرًا، وقِصَّتُه مشهورةٌ في كُتُب التَّوارِيخ، واستوفاهَا البَلاذُرِيّ في المَفَاهِيم. وفيه يقولُ القَائِلُ:

لقدْ عَيَّلَ الأَيْتَامَ طَعْنةُ نَاشِرَهْ *** أَنَاشِرَ لا زالتْ يمينُك آشِرَهْ

ومالكُ بن زَيْدٍ* المَعَافريّ، سمع أَبا أَيُّوب وابنَ عُمَر، وعنه أَبو قَبِيل المَعَافِريُّ وعبّاس بن الفَضل، عن أبي داوود النَّخَعِيّ ومحمّد بن عَنْبَس عن إِسحاق بن يَزِيد وغَيْرِه، وعنه محمّد بن محمود الكِنْديّ الكوفيّ، وعَبْد الرَّحْمن بن مُزْهِر وهذا الأَخِير لم يَذكره الحافظ في التَّبْصير، وَذَكرَ ضِمامَ بنَ إِسماعيل المَعَافِريّ، الناشِرِيُّون، محَدِّثُون، كلّهم إِلى جَدِّهم ناشِرَة، أَمّا مَالِكُ بن زَيْدٍ فمن بني ناشِرَة بن الأَبْيَض بن كَنَانَة بن مُسْلِيةَ بن عامِر بن عَمْرِو بن عُلَةَ بن جَلْد، بَطْن من هَمْدَان، قَالهَ ابنُ الأَثِير.

ونَشْوَرَتِ الدَّابَّةُ من عَلَفِهَا نِشْوارًا، بالكَسْر: أَبْقَت من عَلَفِها عن ثَعْلب، وحَكَاه مع المِشْوار الذي هو ما أَلْقَتِ الدَّابَةُ من عَلَفِها، قال: فوَزْنُه على هذا نَفْعَلَتْ، قال: وهذا بناءٌ لا يُعْرَف، كذا نقله ابنُ سِيدَه، وقال الجوْهَرِيُّ: والنِّشْوَار: ما تُبْقِيه الدّابَّةُ من العَلَف، فارسيٌّ معرّب.

وفي الحَدِيث: «إِذا دَخل أَحدكم الحَمَّام فعليه بالنَّشِير ولا يَخْصِف». النَّشِير، كَأَمير: المِئْزَر، سُمِّيَ به لأَنّه يُنْشَر لِيُؤْتَزَرَ به. والنَّشِير: الزَّرْعُ إِذا جُمِعَ وهم لا يَدُوسُونَه.

وفي التَّكمْلة: المَنْشُور: الرَّجلُ المنْتَشِرُ الأَمْرِ، والمَنْشُور: ما كان غَيْرَ مَخْتُومٍ من كُتُبِ السُّلْطَان، وهو المَشْهُور بالفَرَمَان الآنَ والجَمْعُ المَنَاشِيرُ.

والمَنْشُورَةُ، بهاءٍ: المَرْأَةُ السَّخِيَّة الكَرِيمَةُ، كالمَشْنُورَة، عن ابن الأَعرابيّ.

والنُّشَارَةُ، بالضمّ: مَا سَقَط من الْمِنْشَارِ في النَّشْرِ، كالنُّحَاتَة.

وإِبِلٌ نَشَرَى، كجَمَزَى: انْتَشَر فيها الجَرَبُ، وفي التَّكْمِلَة: نَشْرَى، كسَكْرَى، والفِعْلُ نَشِرَ كفَرِح، إِذا جَرِبَ بعد ذَهَابِه ونَبَتَ الوَبَرُ عليه حَتَّى يَخْفَى، وبه فُسِّر قَولُ عُمَيْرِ بن الحُبَاب:

وفِينَا وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنَا تَضَاغُنٌ *** كما طَرَّ أَوبَارُ الجِرَابِ على النَّشْرِ

والتَّنْشِيرُ مثْلُ التَّعْوِيذ بالنُّشْرَة والرُّقْيَة، وقد نَشَّر عنه تَنْشِيرًا، ومنه الحديث أَنَّه قال: «فلعَلَّ طَبًّا أَصابَه» يعني سِحْرًا، ثم نَشَّرَه بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ}، وهو مجاز.

قال الزمخشريّ: كأَنَّك تُفَرِّق عنه العِلّةَ.

والنَّشَرُ، محرَّكَةً: المُنْتَشرُ، ومنه الحديث: «اللهُمَّ اضْمُمْ نَشَرِي» أَي ما انتَشرَ من أَمْرِي، كقولهم: لَمَّ الله شَعَثِي. وفي حديث عائِشَةَ رضي ‌الله‌ عنها تَصِفُ أَباها: «فرَدَّ نَشَرَ الإِسلام على غَرِّهِ»؛ أَي رَدَّ ما انتَشَر من الإِسْلام إِلى حَالَتِه التي كانَت على عهد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌وسلم، تَعنِي أَمْرَ الرِّدّة وكِفايةَ أَبِيها إِيّاه. وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعُول. ويقال: اتَّق على غَنَمِك النَّشَر، وهو أَن تَنْتَشِر الغَنَمُ باللَّيْل فَتَرْعَى.

والمُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ البَاهِلِيّ أَخُو أَعْشَى باهِلَةَ لأُمِّهِ أَحَدُ الأَشْراف كان يَسْبِقُ الفَرَسَ شَدًّا.

ونُشُورُ، بالضمّ: قرية بالدِّينَوَرِ، نقله الصّاغانيّ، قلتُ ومنها أَبو بَكْرٍ محمّدُ بن عُثْمَانَ بن عَطَاءٍ النُّشُورِيّ الدِّينوَرِيّ، سمع الحَدِيثَ ودَخلَ دِمْياطَ، وكان حَسَنَ الطّريقةِ.

والنُّشُرُ، بضَمَّتَيْن: خُرُوجُ المَذْيِ من الإِنْسَان، نقله الصاغانيّ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

أَرضُ المَنْشَر: الأَرْضُ المُقَدّسة من الشام؛ أَي مَوْضع النُّشور، جاءَ في الحديث، وهي أَرْضُ المَحْشَرِ أَيضًا.

وفي الحَدِيثِ: «لا رَضَاعَ إِلَّا ما أَنْشَر اللَّحْمَ وأَنْبَتَ العَظْمَ» أَي شَدَّه وقَوّاه. قال ابنُ الأَثِير ويُرْوىَ بالزاي. ونَشْرُ الأَرْضِ بالفَتْح: مَا خَرَجَ من نَبَاتها. وقال اللَّيْث: النَّشْرُ: الكَلأُ يَهِيجُ أَعلاه وأَسْفَلُه نَدِيٌّ أَخْضَرُ، وبه فُسِّر قَولُ عُمَيْرِ بن الحُبَاب السّابِق يقولُ: ظاهِرُنا في الصُّلْح حَسَنٌ في مَرْآةِ العَيْن، وباطِنُنا فاسِدٌ كما تَحسُن أَوْبارُ الجَرْبَى عن أَكل النَّشْرِ وتحتها دَاءٌ منه في أَجْوافها. وقال ابنُ الأَعرابيّ: النَّشَر: نَبَاتُ الوَبَرِ على الجَرَبِ بَعْدَ ما يَبْرَأُ.

والنَّشَرُ: محركة: أَنْ تَرْعَى الإِبلُ بَقْلًا قد أَصابَه صَيْفٌ وهو يَضرُّها، ومنه قولُهُم: اتَّقِ على إِبلِك النَّشَرَ. ويُقال: رأَيْتُ القَوْمَ نَشَرًا؛ أَي مْنُتَشرين، واكْتَسَى البَازِي رِيشًا نَشَرًا؛ أَي مُنتَشِرًا طَوِيلًا.

وجاءَ ناشِرًا أُذُنَيْه، إِذا جاءَ طائعًا، كذا في الأَساس وفي نسخة اللّسَان طامِعًا، وعزَاه لابن الأَعْرَابِيّ، وهو مَجاز. ونَشَرُ الماءِ، محرَّكةً: ما انْتَشَر وتَطَايَرَ عند الوُضُوءِ، وفي حديث الوُضُوءِ: «فإِذا استَنْشَرْت واستَنْثَرْت خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِك وفِيكَ وخَيَاشِيمِك مع الماءِ»، قال الخَطَّابِيّ: المَحْفُوظ اسْتَنْثَيْت بمعنَى استَنْشَقْت. قال: فإِن كان محفوظًا فهو من انْتِشَار المَاءِ وتَفَرُّقهِ.

وقال شَمِرٌ: أَرْضٌ ماشِرَةٌ، وهي التي قد اهْتَزَّ نَبَاتُهَا واسْتَوَتْ وَرَويَت من المَطَرِ. وقال بَعضُهُم: أَرْضٌ ناشِرَةٌ بهذا المعنى.

والنَّشْرَةُ، بالفَتْح: النَّسِيمُ، وقد ذَكرَه أَبو نُخَيْلةَ في شِعْره.

وتَنَشَّرَ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَرْقَى.

والمُنْتَشِرَ بنُ الأَجْدَع أَخو مَسْرُوقٍ، روى عنه ابنُه محمّد بن المُنْتَشِر، وأَخُوه المُغِيرَة بن المُنْتَشِر، ذكره ابنُ سَعْد في الفُقَهَاءِ، وأَبو عُثْمَان عاصِمُ بن مُحَمَّد بن النَّصِير ابن المُنْتَشر البَصْرِيّ، عن مُعْتَمِر، وعنه مُسْلِمٌ وأَبو دَاوُود وغيرُهما.

ونَشَرْتُ: من قُرَى مِصْر بالغَرْبِيَّة.

والمِنْشَارُ، بالكَسْر: حِصْنُ قريبٌ من الفُرَات. وقال الحازمِيُّ: مِنْشَارٌ: جَبَلٌ أَظنُّه نَجْدِياًّ.

وبنو ناشِرَةَ بَطْنٌ من المَعَافِر. وناشِرَةُ بن أُسَامَةَ بن وَالِبَة بن الحارِث بنِ ثَعْلَبَة بن دُودَانَ بن أَسَدٍ، بطنٌ آخَرُ، منهم بِشْرُ بن أَبي خَازِمٍ واسمُه عَمْرُو بن عَوْف بن حِمْيَر بن ناشرَة، الشّاعرُ، ذكره ابنُ الكَلْبِيّ.

ونُشَيْرٌ، مُصَغَّرًا: مَوْضَعٌ ببلاد العَرَب.

والنّاشِريُّون: فُقَهَاءُ زَبِيدَ بل اليَمَنِ كلّه، وهم أَكبرُ بيت في العِلْم والفقْه والصّلاح، وبهم كان يُنْتَفَع في أَكثر بلاد اليَمَنِ، يَنتسبون إِلى ناشِرِ بن تَيْم بن سَمْلَقة بَطْن من عَكِّ ابنِ عَدْنَان، وإِليه نُسِب حِصْنُ ناشِر باليَمَنِ. وحَفِيدُه ناشِرٌ الأَصغرُ ابنُ عامر بن ناشِر، نزلَ أَسفلَ وَادِي مَوْر، وابْتَنَى بها القَرْية المَعْرُوفَة بالنّاشِرَّيِة، في أَوّل المِائَة الخَامِسَة، منهم القاضي مُوَفّق الدّين عليّ بن محمّد بن أَبي بَكْرِ بن عبد الله النَّاشِرِيّ، شاعر الأَشْرَف، تُوُفيِّ سنة 739 بتعِزّ، وحفيده الشِّهَاب أَحمد بن أَبي بَكْرِ بن عليّ، إِليه انتهتْ رِيَاسَةُ العِلْمِ بزَبِيدَ، وكان مُعَاصِرًا للمُصنِّف؛ وكذا أَخوه عليُّ بن أَبي بَكْرٍ الحَاكِم بزَبِيد، ووالدُهما القاضِي أَبو بَكْر تَفقَّه بأَبِيه، وهُو ممّن أَخذَ عنه ابنُ الخَيَّاط حافظُ الدِّيَار اليَمَنِيَّة، تُوُفِّيَ بتَعِزّ سنة 772 ومنهم القاضي أَبو الفُتُوح عبدُ الله بن محمّد بن عبدِ الله بن عُمَر النّاشِريّ، تَفَقَّه على أَبيه وعلى القَاضي جَمال الدّين الريميّ، وتُوفِّي بالمَهْجَم قاضيًا بها سنة 814 وله إِخْوةٌ أَربعةٌ كلّهُم تَوَلَّوا الخَطَابةَ والتَّدْرِيس بالمَهْجَم والكدراءِ، ومنهم الفَقِيه النّاسِك إِبراهِيمُ بنُ عِيسى بن إِبراهِيم النَّاشِرِيّ، توفِّي بالكدراءِ سنة 817.

وفيها توفّى المُصَنِّف بزَبِيدَ. ومنهم الفَقِيهُ الشاعر عليّ بن محمّد بن إِسماعيل النّاشريّ، توفِّي بحَرَض سنة 812 وقد أَلّف فيهم أَبو محمد عثمان ابن عُمَرَ بن أَبي بَكْرٍ النّاشرِيّ الزَّبِيديّ كِتابًا سَمَّاه البُسْتَان الزَّاهِر في طَبَقَات علماءِ بني نَاشِر، وكذلك الإِمَام المُفْتِي أَبو الخُطَبَاءِ محمّد بن عبد الله بن عمر النّاشرِيّ فقد اسْتوْفَى ذِكْرَهم في كتابه: غُرَر الدُّرَر في مختصر السِّيَر وأَنساب البَشَر.

والأُنْشُورُ: بَطْنٌ من عَكِّ بن عَدْنَان، يَنْزِلُون قبِليّ تَعِزّ، على نِصْف يومٍ منها. وناشِرُ بنُ حامِد بن مغرب: بطْنٌ من عَكّ، وهو جَدّ المَكاسِعَة باليَمَن.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


20-تاج العروس (سرع)

[سرع]: السَّرَعُ، مُحَرَّكَةً، وكعِنَبٍ والسُّرْعَةُ، بالضَّمِّ: نَقِيضُ البُطْءِ، سَرُعَ، ككَرُمَ، سُرْعَةً، بالضَّمِّ، وسَرَاعَةً وسِرْعًا، بالكَسْرِ وسِرَعًا، كعِنَبٍ، وسَرْعًا، بالفَتْحِ، وسَرَعًا، مُحَرَّكةً، فهو سَرِيعٌ وسَرِعٌ وسُرَاعٌ، والأُنْثَى بهَاءٍ، وسَرْعَانُ، والأُنْثَى سَرْعَى. ويُقَالُ: سَرِعَ، كعَلِم. قال الأَعْشَى يُخَاطِبُ ابْنَتَه:

وِاسْتخْبِرِي قَافِلَ الرُّكْبَانِ وانْتَظِري *** أَوْبَ المُسَافِرِ إِنْ رَيْثًا وإِنْ سَرَعَا

قالَ الجَوْهَرِيُّ: وعَجِبْتُ من سُرْعَةِ ذاكَ، وسِرَعِ ذاكَ، مثل: صِغَرِ ذاكَ، عن يَعْقُوبَ. وَاللهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ سَرِيعُ الْحِسابِ؛ أَي حِسَابُه وَاقِعٌ لا مَحالَةَ، وكُلُّ وَاقِع فهو سَرِيعٌ أَو سُرْعَةُ حِسابِ الله: أَنَّه لا يَشْغَلُه حِسَاب وَاحِدٍ عن حِساب آخَرَ، ولا يَشْغَلُه شَيْ‌ءٌ عن شَيْ‌ءٍ، أَو مَعْنَاهُ تُسْرِعُ أَفْعالُه، فَلا يُبْطِئُ شَيْ‌ءٌ مِنْها عَمّا أَرادَ، جَلَّ وعَزَّ؛ لأَنَّه بغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ ولا عِلاجٍ، فهو ـ سُبْحَانَه وتعالَى ـ يُحَاسِبُ الخَلْقَ بعدَ بَعْثِهم وجَمْعِهم في لَحْظَةٍ بلا عَدٍّ ولا عَقْدٍ، {وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ}.

وفي المُفْرَداتِ والبَصَائِر: وقولُه عَزَّ وجَلَّ: {إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ} و {سَرِيعُ الْعِقابِ} تَنْبِيهٌ على ما قالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

وِكأَمِيرٍ: سَرِيعُ بنُ عِمْرَانَ الهُذَلِيُّ الشّاعِرُ لم أَجِدْ له ذِكْرًا في دِيوانِ أَشْعَارِهم رِوَايَة أَبي بَكْرٍ القارِي.

وِالسَّرِيعُ: المُسْرِعُ وهذا يَدُلُّ على أَنَّ سَرُعَ وأَسْرَعَ وَاحدٌ، وقد فَرَّقَ سِيبَوَيْهِ بَيْنَهُمَا، كما سَيَأْتِي، ج: سُرْعَانٌ، بالضَّمِّ، ككَثِيبٍ وكُثْبَانٍ، وبه

رُوِيَ حَدِيثُ ذِي اليَدَيْنِ: «فخَرَج سُرْعَانُ النّاسِ» على ما سَمِعْتُه من شَيْخِي العَلّامَةِ السّيِّدِ مَشْهُورِ بنِ المُسْتَرِيحِ الأَهْدَلِيّ الحُسَيْنِيّ حينَ إِقرائه صَحِيحَ البُخَارِيِّ في ثغر الحُدَيِّدَةِ، أَحَدِ ثُغورِ اليَمَنِ في سنة أَلْفِ وماية وأَرْبَعَةٍ وسِتِّينَ.

وِالسَّرِيعُ: القَضِيبُ يَسْقُطُ من البَشَامِ، ج: سِرْعانٌ، بالكَسْرِ، وسَيَأْتِي فِي آخِرِ المادَّةِ أَنَّه يُجْمَعُ بالضَّمِّ والكَسْرِ.

وِأَبُو سَرِيعٍ: كُنْيَةُ العَرْفَج، أَو النّار الَّتِي فِيه، وهذا قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو، وأَنشدَ:

لا تَعْدِلَنَّ بأَبِي سَرِيعِ *** إِذا غَدَتْ نَكْبَاءُ بالصَّقِيعِ

والصَّقِيع: الثَّلْج.

وِسَرِيعَةُ، كَسَفِينَةٍ: اسمُ عَيْن.

وِحِجْرٌ سُرَاعَةٌ، كثُمامَةٍ: سَرِيعَةُ، قالَتْ امرأَةُ قَيْسِ بنِ رَواحَةَ:

أَيْنَ دُرَيْدٌ فهو ذُو بَرَاعَهْ *** حَتَّى تَرَوْهُ كَاشِفًا قِنَاعَهْ

تَعْدُو به سَلْهَبَةٌ سُرَاعَهْ

هكَذَا أَنْشَدَه ابنُ دُرَيْدٍ، كما في العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ، وقال ابنُ بَرِّيّ: فَرَسٌ سَرِيعٌ وسُرَاعٌ، قال عَمْرُو بن مَعْدِيكَرِبَ.

حَتَّى تَرَوْه كاشِفًا...

إِلى آخِره.

وِقَوْلُهم: السَّرَعَ، السَّرَعَ أَي الوَحَا الوَحَا*، هكَذَا هو مُحَرَّكًا، كما هو مَضْبُوطٌ عندنَا، وفِي الصّحاحِ: كعِنَبٍ فيهما، وضَبَط الوَحا بالقَصْر وبالمَدِّ.

وِقَوْلُهم: سرْعَانَ ذا خُرُوجًا، مُثَلَّثَة السِّينِ، عن الكِسَائِيِّ، كما نقلَه الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْ سَرُعَ ذا خُرُوجًا، نُقِلَتْ فَتْحَةُ العَيْنِ إِلى النُّونِ، لأَنَّهُ مَعْدُولٌ من سَرُعَ فبُنِيَ عليه كما في الصّحاحِ والعُبَابِ. وسَرْعانَ: يُسْتَعْمَلُ خَبَرًا مَحْضًا، وخَبَرًا فيه مَعْنَى التَّعَجُّبِ، ومنه قَوْلُهم: لَسَرْعَانَ ما صَنَعْتَ كذا؛ أَي ما أَسْرَعَ، وقال بِشْرُ بنُ أَبِي خازمِ:

أَتَخْطُبُ فِيهِم بعد قَتْلِ رِجَالِهمْ *** لَسَرْعَانَ هذا! والدِّمَاءُ تَصَبَّبُ

وفي العُبَاب:

وِحَالفْتُمُ قوْمًا هَرَاقُوا دِماءَكُم *** لَسَرْعَانَ...

الخ ويُرْوَى: «لَوَشْكَانَ» وهذِه الرِّواية أَكثرُ.

وِأَمّا قَوْلُهُم فِي المَثَلِ: «سرْعَانَ ذا إِهَالَةً»، فأَصْلُه أَنّ رَجُلًا كانَتْ له نَعْجَةٌ عَجْفَاءُ، ورُغَامُهَا يَسِيلُ من مَنْخِرَيْهَا؛ لِهُزَالِهَا، فقِيلَ له: ما هذَا الَّذِي يَسِيلُ؟ فقَال: وَدَكُهَا، فقال السّائِلُ ذلِكَ القَوْلَ. هذَا نَصُّ العُبَابِ، وفي اللِّسَان: وأَصْلُ هذَا المَثَل أَنَّ رَجُلًا كانَ يُحَمَّقُ، اشْتَرَى شَاةً عَجْفَاءَ يَسِيلُ رُغَامُها هُزَالًا وسُوءَ حَالٍ، فظَنَّ أَنّه وَدَكٌ، فقال: «سَرْعَانَ ذا إِهالَةً» قال الصّاغَانيُّ: ونَصَبَ إِهالَةً على الحالِ وذا: إِشارةٌ إِلى الرُّغامِ؛ أَي سَرُعَ هذا الرُّغَامُ حَالَ كَوْنِه إِهالَةً. أَو هُو تِمْيِيزٌ على تَقْدِيرِ نَقْلِ الفِعْلِ، كَقَوْلِهم: تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقًا، والتَّقْدِيرُ: سَرْعَانَ إِهَالَةُ هذِه. يُضْرَب مَثلًا لِمَنْ يُخْبِرُ بكَيْنُونَةِ الشَّيْ‌ءِ قَبْلَ وَقْتِه، كما في العُبَابِ.

وَسَرَعَانُ النّاس، مُحَرَّكَةً: أَوائِلُهُم المُسْتَبِقُون إِلى الأَمْرِ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ فِيمَنْ يُسْرِعُ من العَسْكَرِ، وكان ابن الأعرابي يُسَكِّنُ، ويَقُولُ سَرْعَانُ الناسِ: أَوائِلُهُم. وقال القُطَامِيُّ ـ في لُغَةِ مَنْ يُثَقِّلُ، فيَقُول: سَرَعان ـ:

وِحَسِبْتُنَا نَزَعُ الكَتِيبَة غُدْوَةً *** فيُغَيِّفُون ونَرْجِعُ السَّرَعَانَا

وقال الجَوْهَرِيّ ـ في سَرَعانِ النّاسِ بالتَّحْرِيك: أَوَائلهم ـ يلزمُ الإِعْرَابُ نُونَه في كُلِّ وَجْهٍ، وفي حَدِيثِ سَهْوِ الصَّلاةِ: «فخَرَج سَرَعَانُ النّاسِ، وكذا حَدِيثُ يَوْمِ حُنَيْنٍ: «فخَرَج سَرَعَانُ النّاسِ وأَخِفّاؤُهُمْ» رُوِيَ فيهِمَا بالفَتْح والتَّحْرِيك، ويُرْوَى بالضَّمِّ أَيضًا، على أَنَّه جَمْعُ سَرِيع، كما تَقَدَّمَ.

وِالسَّرَعَانُ من الخَيْلِ: أَوَائِلُهَا، وقَدْ يُسَكَّنُ، قال أَبُو العَبّاس: إِنْ كانَ السَّرَعانُ، وَصْفًا في النّاسِ قِيل: سَرَعانُ وسَرْعَانُ، وإِذا كانَ في غَيْرِ النّاسِ فسَرَعَانُ أَفْصَح، ويَجُوزُ سَرْعَان.

وِالسَّرَعانُ مُحَرَّكةً: وَتَرُ القَوْسِ عن أَبِي زَيْدٍ، قال ابنُ مَيّادَةَ:

وِعَطَّلْتُ قَوْسَ اللهْوِ من سَرَعَاتِها *** وِعَادَتْ سِهَامي بَيْنَ رثٍّ ونابل

ويُرْوَى «بين أَحْنَى وناصِل».

أَو سَرَعَانُ عَقَبِ المَتْنَيْن: شِبْهُ الخُصَلِ، تُخَلَّصُ من اللَّحْمِ، ثم تُفْتَلُ أَوْتَارًا للْقِسِيِّ العَرَبِيَّةِ، قالَ الأَزْهَرِيَّ: سَمِعْتُ ذلِكَ من العَرَبِ، قالَ أَبو زَيْدٍ: الوَاحِدَةُ بهَاءٍ.

أَو السَّرَعَانُ*: الوَتَرُ القَوِيُّ، وهو بعَيْنِه مثلُ قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ الَّذِي تَقَدَّم.

أَو السَّرَعَانُ: العَقَبُ الذِي يَجْمَع أَطْرَافَ الرِّيشِ ممّا يَلِي الدّائِرَةَ. وهذَا قولُ أَبِي حَنِيفَةَ.

أَو خُصَلٌ في عُنُق الفَرَسِ، أَو في عَقَبهِ، الوَاحِدَةُ سَرَعَانَةُ.

أَو السَّرَعانُ بالتَّحْرِيك: الوَتَرُ المَأْخُوذُ من لَحْمِ المَتْنِ، وما سِوَاهُ ساكِنُ الرّاءِ.

وِالسَّرْعُ، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ: قَضِيبٌ من قُضْبانِ الكَرْمِ الغَضّ لسَنَتِهِ والجَمْع: سُرُوعٌ، أَو كُلُّ قَضِيب رَطْبٍ سَرْعٌ، كالسَّرَعْرَعِ وفي التَّهْذِيبِ: السَّرْعُ: قَضِيبُ سَنَةٍ مِن قُضْبَانِ الكَرْمِ، قال: وهي تَسْرُعُ سُرُوعًا، وهُنَّ سَوَارِعُ، والوَاحِدَةُ سَارِعَةٌ. قال: والسَّرْعُ: اسمُ القَضِيبِ من ذلِكَ خاصَّةً.

وِالسَّرَعْرَعُ: القَضِيبُ ما دَامَ رَطْبًا غَضًّا طَرِيًّا لسَنَتِه، والأُنْثَى سَرَعْرَعَةٌ، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:

لَمَّا رَأَتْنِي أُمُّ عَمْرٍو أَصْلَعَا *** وِقَدْ تَرَانِي لَيِّنًا سَرَعْرَعَا

أَمْسَحُ بالأَدْهَانِ وَصْفًا أَفْرَعا

قالَ الأَزْهَرِيُّ: والسَّرْغُ ـ بالغَيْنِ المُعْجَمَةِ ـ: لغةٌ في السَّرْعِ، بمَعْنَى القَضِيبِ الرَّطْبِ، وهي السُّرُوع والسُّرُوغُ.

وِالسَّرَعْرَع أَيضًا: الدَّقِيقُ الطَّوِيلُ، عن اللَّيْثِ، وأَنْشَدَ:

ذَاكَ السَّبَنْتَى المُسْبِلَ السَّرَعْرَعَا

وِالسَّرَعْرَعُ أَيضًا: الشابُّ النّاعمُ اللَّدْنُ، ووَقَعَ في نُسَخِ العُبابِ: النّاعِمُ البَدَنِ، والأُولى الصَّوابُ، قال الأَصْمَعِيُّ: شَبَّ فلانٌ شَبَابًا سَرَعْرَعًا.

وِالسَّرَعْرَعَةُ من النِّسَاءِ: اللَّيِّنَةُ الناعِمَة.

وِالمِسْرَعُ، كمِنْبَرٍ: السَّرِيعُ إِلى خَيْرٍ أَو شَرٍّ.

وِالمِسْراعُ، كمِحْرَابٍ: أَبْلَغُ منه؛ أَي الشَّدِيدُ الإِسْرَاعِ في الأُمُورِ، مثل مِطْعَانٍ، وهو من أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ. وفي الحَدِيثِ أَي حَدِيثِ خَيْفَانَ ـ وفي العُبابِ: عُثْمَانَ رضِيَ الله عَنْه ـ: «وأَمَّا هذا الحَيُّ من مَذْحِجٍ، فمَطَاعِيمُ في الجَدْب، مَسارِيعُ في الحَرْبِ» وقد تَقَدَّمَ في «ج بلد ب».

وِالسَّرْوَعَةُ، كالزَّرْوَحَةِ زِنَةً ومَعْنًى: الرّابِيَةُ من الرَّمْلِ وغَيْرِه، نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ، وفي العُبَابِ: رَابِيَةٌ من رَمْلِ العَصِلِ، وهو رَمْلٌ مُعوَجٌّ، سُمِّيَ بالعَصَلِ وهو الالْتِواءُ، ووقَعَ في بعضِ النُّسَخِ كالسَّرْوَحَةِ، وهو غَلَطٌ، وفي العُبابِ، كالزَّرْوَعَة، بالعَيْنِ، وقيل: السَّرْوَعَة: النَّبَكَةُ العَظِيمَةُ من الرَّمْلِ، ويُجْمَع سَرْوَعَات وسَرَاوِع ومنه الحَدِيثُ أَنَّه قالَ ـ لَمّا لَقِيَه خالدُ بنُ الوَلِيدِ ـ: «هَلُمَّ هاهُنِا: فأَخَذَ بهِم بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ ومالَ بِهمْ عَن سَنَنِ الطَّرِيق» نقله الهَرَوِيُّ، وفسَّرَه الأَزْهَرِيُّ.

وِسَرْوَعَةُ: قرية، بمَرِّ الظَّهْرَانِ.

وِسَرْوَعَةُ: جَبَلٌ بِتهَامَةَ، نَقَلَهُمَا الصّاغَانِيُّ.

وِأَبُو سَرْوَعَةَ، ولا يُكْسَرُ، وقد تُضَمُّ الراءُ، وفي بعضِ النُّسَخ أَبو سَرْوَعَةَ كجَرْوَقَة، وفَرُوقَة: عُقْبَةُ بن الحارِثِ بن عامِرِ بن نَوْفَلِ بنِ عبْدِ مَنافٍ النَّوْفَليّ القُرَشِيُّ الصَّحَابِيُّ، رضِي الله عنه، قالَ المِزِّيُّ: رَوَى عنه عبدُ الله بنُ أَبي مُلَيْكَة. قلتُ: وعُبَيْدُ بنُ أَبي مَرْيَم، وجَعله في العُبَاب مَخْزُومِيًّا، والصَّوَابُ ما ذَكَرْنَا، وفي التَّكْمِلَة: وأَصحابُ الحَدِيثِ يَقُولُون: أَبُو سِرْوَعَةَ، بكسرِ السِّينِ، قُلْتُ: وهكَذَا ضَبَطَه النَّوَوِيُّ بالوَجْهَيْن، ثمّ قال: وبعضُهُم يقول: أَبو سَرُوعَة مثال فَرُوقَة ورَكُوبة، والصّوابُ ما عليهِ أَهْلُ اللُّغَةِ.

ثم إِنَّ شَيْخَنا ذَكَر أَنَّ كونَ أَبي سَرْوَعَة هو عُقْبَة بن الحارِثِ هو قولُ أَهْلِ الحَدِيثِ، وتَبِعَهُم المُصَنِّفُ هُنَا، وقالَ أَهلُ النَّسَبِ: أَبو سَرْوَعَةَ بنُ الحارِث: أَخُو عُقْبَة بنِ الحارِثِ، كما في الاسْتِيعَابِ ومُخْتَصَرة وغيرِهِما. قلتُ: وهو قولُ الزُّبَيْرِ وعَمِّه مُصْعَب، وقَرَأْتُ في أَنْسَابِ أَبِي عُبَيْدٍ القاسِمِ بنِ سَلّامٍ الأَزْذِيِّ أَنّ الحارِثَ بنَ عامِرِ بنِ نَوْفَلٍ قُتِلَ يومَ بَدْرٍ كافِرًا.

وِسُرَاوِعُ، بضَمِّ السَّينِ، وكَسرِ الوَاوِ: موضع، عن الفارِسِيِّ، وأَنْشَدَ لابْنِ ذَرِيحٍ:

عَفَا سَرِفٌ من أَهْلِهِ فسُرَاوِعُ *** فَوادِي قُدَيْدٍ فالتِّلاعُ الدَّوَافِعُ

وقَالَ غيرُه: إِنَّمَا هو سَرَاوِعُ، بالفَتْحِ، ولم يَحْكِ سِيبَوَيْهٌ فُعَاوِل، ويُروَى: فشُراوِعُ، وهي رِوايةُ العامَّة.

وِالأَسَارِيعُ: شُكُرٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الحَبَلَةِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وزاد غيرُه: وهي الَّتِي يَتَعَلَّقُ بها العِنَبُ، ورُبَّمَا أُكِلَتْ وهي رَطْبَة حامِضَة الواحِدُ أُسْرُوعٌ.

وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: الأَسارِيعُ: ظَلْمُ الأَسْنَانِ ومَاؤُهَا، يقالُ: ثَغْرٌ ذُو أَسِارِيعَ أَي ظَلْمٍ، وقيل: خُطُوط وطُرُق، نَقَلَه الزمخشريّ، وقال غيره: الأَسارِيع: خُطُوطٌ وطَرَائقُ في سِيَةِ القَوْسِ وَاحِدُهَا أُسْرُوعٌ ويُسْرُوع. وفي صِفَتِهِ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم كَأَنَّ عُنُقَه أَسارِيعُ الذَّهَب» أَي طرائِقُه، وفي الحَدِيث «كان على صَدْره الحَسَنُ أَو الحُسَيْنُ، فبالَ، فرأَيْتُ بَوْلَه أَسارِيعَ» أَي طَرائِقَ.

وِالأَسَارِيعُ: دُودٌ يَكُونُ على الشَّوْكِ، وقيلَ: دودٌ بِيض الأَجْسَادِ حُمْرُ الرُّؤُوس يكونُ* في الرَّمْلِ، تُشَبَّه بها أَصابعُ النِّسَاءِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن القَنانِيِّ، وقال الأَزْهَرِيُّ: هي دِيدانٌ تَظْهَرُ في الرَّبِيعِ، مُخَطَّطَةٌ بسَوادٍ وحُمْرَة، ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ، قال: الأُسْرُوعُ، واليُسْرُوعُ: دُودَةٌ حَمْراءُ تَكُونُ في البَقْلِ، ثم تَنْسَلِخُ فتَصِيرُ فَرَاشَةً، قالَ ابنُ بَرِّيّ: اليُسْرُوعُ: أَكبَرُ من أَنْ يَنْسَلِخُ فيَصِيرَ فَرَاشَةً؛ لأَنَّهَا مقدارُ الإصْبَعِ مَلْسَاءُ حَمْراءُ، وقالَ أَبو حَنِيفَة: الأُسْرُوعُ: طُولُ الشِّبْرِ أَطْوَلُ ما يَكُونُ، وهو مُزَيَّنٌ بأَحْسَنِ الزَّينَةِ، من صُفْرَة وخُضْرَةٍ وكُلِّ لَوْنٍ، لا تَرَاهُ إِلّا في العُشْبِ، وله قَوَائمُ قِصَارٌ، ويَأْكُلُهَا الكِلَابُ والذِّئابُ والطَّيْرُ، إِذا كَبِرتْ أَفْسَدَتِ البَقْلَ، فجدَعت أَطْرَافَه، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِذي الرُمَّةِ:

وِحَتَّى سَرَتْ بَعْدَ الكَرَى في لَوِيِّهِ *** أَسارِيعُ مَعْرُوفٍ وصَرَّتْ جَنَادِبُهْ

واللَّوِيُّ: ما ذَبُلَ من البَقْل، يقول: قد اشتَدَّ الحَرُّ، فإِنَّ الأَسارِيعَ لا تَسْرِي على البَقْلِ إِلَّا لَيْلًا؛ لأَنَّ شِدَّةَ الحَرِّ بالنَّهَارِ تَقْتُلُهَا، ويُوجَدُ هذا الدُّودُ أَيْضًا في وَادٍ بتِهَامَةَ يُعْرَفُ بظَبْيٍ، ومنه قَوْلُهُمْ: كأَنَّ جِيدَها جِيدُ ظَبْيٍ، وكأَنَّ بَنَاتَهَا أَسارِيعُ ظَبْيٍ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لامْرِئ القَيْسِ:

وِتَعْطُو برَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كأَنَّهُ *** أَسارِيعُ ظَبْيٍ أَو مَسَاوِيكُ إِسْحِلِ

يُقال: أَسارِيعُ ظَبْيٍ، كما يُقَال: سِيدُ رَمْلٍ، وضَبُّ كُدْيَةٍ، وثَوْرُ عَدَابٍ الوَاحِدُ أُسْرُوعٌ ويُسْرُوعٌ، بضَمِّهِما قالَ الجَوْهَرِيُّ: والأَصْلُ يَسْرُوعٌ، بالفَتْحِ، لأَنَّه ليسَ في كَلامِ العَربِ يُفْعُول، قال سِيبَوَيْهٌ: وإِنَّمَا ضُمَّ أَوّلُه إِتْبَاعًا للرّاءِ؛ أَي لِضَمَّتِهَا، كما قالُوا: أَسْوَدُ بنُ يُعْفُرَ.

وِأُسْرُوعُ الظَّبْيِ، بالضّمِّ: عَصَبَةٌ تَسْتَبْطِنُ رِجْلَه وَيَدَه، قالَه أَبو عَمْرٍو.

وِأَسْرَعَ في السَّيْرِ، كسَرُع، قال ابنُ الأَعْرَابِيّ: سَرِع الرجُلُ، إِذا أَسْرَعَ في كَلامِه وفِعَالِه: وفَرَّقَ سِيبَوَيْهٌ بَيْنَهُمَا، فقال: أَسْرَعَ: طَلَبَ ذلِكَ من نَفْسِه وتَكَلَّفه، كأَنَّهُ أَسْرَعَ المَشْيَ؛ أَي عَجَّلَه، وأَمّا سَرُعَ فكأَنَّهَا غَرِيزَةٌ، وهو فِي الأَصْلِ مُتَعَدٍّ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ: كَأَنَّهُ ساقَ نَفْسَه بعَجَلَةٍ. أَو قَوْلُك: أَسْرع: فِعْلٌ مُجَاوِزٌ يقعُ مَعْنَاه مُضْمَرًا على مَفْعُولٍ به، ومَعْنَاه: أَسْرَعَ المَشْيَ وأَسْرَع كذا، غيرَ أَنَّه لَمَّا كانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ المُخَاطَبِين اسْتُغْنِيَ عن إِظْهَارِه، فأُضْمِرَ، قالَهُ اللَّيْثُ، واسْتَعْمَل ابنُ جِنِّي أَسْرَعَ مُتَعَدِّيًا، فقال ـ يعْنِي العَرَب ـ: «فمِنْهُم من يَخِفُّ ويُسْرِعُ قَبُولَ ما يَسْمَعُه» فهذَا إِمّا أَنْ يَكُونَ يَتَعَدَّى بحَرْفٍ وبغَيْرِ حَرْفٍ، وإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَرادَ إِلى قَبُولِه، فحَذَفَ وأَوْصَلَ، وِمنه الحَدِيثُ: «إِذا مَرَّ أَحَدُكُم بطِرْبَالٍ مَائلٍ، فَلْيُسْرِعِ المَشْيَ».

وِأَسْرَعُوا: إِذا كانَتْ دَوَابُّهُم سِرَاعًا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي زَيْدِ، كما يُقَال: أَخَفُّوا، إِذا كانَتْ دَوَابُّهُمْ خِفَافًا.

وِالمُسَارَعَةُ: المُبَادَرَةُ إِلى الشَّيْ‌ءِ، كالتَّسارُعِ والإِسْرَاعِ، قالَ الله عَزَّ وجَلَّ: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقالَ جَلَّ وعَزَّ: {نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ}.

وِتَسَرَّع إِلى الشَرِّ: عَجَّلَ، قال العَجّاجُ:

أَمْسَى يُبَارِي أَوْبَ مَن تَسَرَّعا

ويُقَالُ: تَسَرَّعَ بالأَمْرِ: بَادَرَ بهِ.

وِالسَّرِيعُ، كأَمِيرٍ: القَضِيبُ يَسْقُطُ من شَجَرِ البَشَامِ، ج:

سُرْعانُ، بالكَسْرِ والضَّمِّ، وسَبَقَ له في أَوَّلِ المادَّةِ هذا بعَيْنِه، واقتَصَرَ هُنَاك في الجَمْعِ عَلَى الكَسْرِ فقط، وهو تَكْرارٌ ومُخَالَفَة.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

سَرِعَ يَسْرَعُ كعَلِمَ: لغة في سَرُعَ.

وِالسَّرعُ، بالكسرِ والفَتْح، والسَّرَعُ، محرَّكَةً، والسِّرَاعَة: السُّرْعَةُ.

وهو سَرِعٌ، ككَتِف، وسُرَاعٌ، بالضّمِّ، وهي بهَاءٍ.

ورَجُلٌ سَرْعَانُ، وهي سَرْعَى.

وِسَرَّعَ كَأَسْرَعَ، قال ابنُ أَحْمَرَ:

أَلَا لَا أَرَى هذا المُسَرِّعَ سابِقًا *** وِلا أَحَدًا يَرْجُو البَقِيَّةَ بَاقِيًا

وأَرادَ بالبَقِيَّةِ: البَقَاءَ.

وفَرَسٌ سُرَاعٌ: سَرِيعٌ، نَقَلَه ابنُ بَرِّيّ: وِالسُّرْعَةُ: الإِسْرَاعُ.

وِتَسَرَّعَ الأَمْرُ، كسَرُعَ، قال الرّاعي:

فَلَوْ أَنَّ حَقَّ اليَوْمِ منكم إِقَامَةٌ *** وِإِنْ كانَ صَرْحٌ قد مَضَى فَتَسَرَّعَا

وجاءَ سَرْعًا، بالفَتْحِ: سَريعًا.

وِسَرُعَ ما فَعَلْت ذاكَ، ككَرمَ، وسَرْعَ، بالفتح، وسُرْعَ، بالضَّمِّ، كلُّ ذلِكَ، بمعنَى سَرْعَانَ، قال مالكُ بنُ زغْبَةَ الباهِليّ:

أَنَوْرًا سَرْعَ ماذَا يا فَرَوقُ *** وِحَبْلُ الوَصْل مُنْتَكِثٌ حذِيقُ

أَراد: سَرعٌ، فخَفَّف، والعَرَبُ تُخَفِّفُ الضَّمَّة والكسْرَةَ لثِقْلِهما، فتقول للفَخِذِ: فَخْذٌ، وللعَضُدِ. عَضْدٌ، ولا تَقُول للحَجَرِ: حَجْرٌّ؛ لِخِفَّة الفَتْحَة، كما في الصّحاحِ. وقوله: أَنَوْرًا، معناه: أَنَوارًا ونِفَارًا يا فَرُوق، وما: صِلَةٌ، أَراد سَرُعَ ذا نَوْرًا.

وعن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: سَرُعَانَ ذا خُروجًا، بضمِّ الرّاءِ.

وقولُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ:

وِظَلَّتْ تَعَدَّى من سَرِيع وسُنْبُكِ *** تَصَدَّى بأَجْوَازِ اللُّهُوبِ وتَرْكُدُ

فَسَّرَهُ ابنُ حَبِيبٍ فقال: سَرِيعٌ وسُنْبُكٌ: ضَرْبَانِ من السَّيْرِ.

قلتُ: وهذا البَيْتُ لم يَرْوِه أَبو نَصْر، ولا أَبُو سَعِيد، ولا أَبُو مُحَمَّدِ، وإِنَّما رَوَاه الأَخْفَشُ، وقال الفَرَّاءُ: يقالُ: اسْعَ على رِجْلِكَ السُّرْعَى.

وِسَرُوعُ، كصَبُور: من قرَى الشّام.

وِسَرِيعُ بنُ الحَكَمِ السَّعْدِيّ: من بَنِي تَمِيمٍ، له وِفَادَةٌ.

وكُرَيْزُ بنَ وقّاص بن سَرِيع، وأَخُوه سَهْلٌ، وسَرِيعُ بنُ سَرِيع: مُحَدِّثُونَ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


21-تاج العروس (قطع)

وِالقُطَيْعَاءُ، كحُمَيْرَاءَ: ضَرْبٌ من التَّمْرِ قاله كُرَاعٌ، فلَمْ يُحَلِّه، أَو هو التَّمْرُ الشِّهْرِيزُ وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:

وِباتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعَاءَ جَارَهُمْ *** وِعِنْدَهُمُ البَرْنِيُّ في جُلَلٍ ثُجْلِ

ورِوَايَةُ الأَزْهَرِيّ والدِّينَوَرِيِّ: «في جُلَلٍ دُسْمِ» وفي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ: «يَقْذِفُونَ فيه مِن القُطَيْعَاءِ».

وِيُقَالُ: اتَّقُوا القُطَيْعَاءَ، أَي: أَن يَنْقَطِعَ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ في الحَرْبِ.

وِالأَقْطَعُ: المَقْطُوعُ اليَدِ، ج: قُطْعَانٌ، بالضَّمِّ كأَسْوَدَ وسُودانٌ، ولَهُ جَمْعٌ ثانٍ قَدْ تَقَدَّمَ في كَلامِ المُصَنِّفِ، وهو القُطْعُ بالضمِّ، فانْظُرْ كَيْفَ فَرَّقَهُما في مَوْضِعَيْنِ، ورُبَّمَا يَظُنَّ المُرَاجعُ أَنّه لا يُجْمَعُ إِلّا عَلى قُطْعانٍ، وليس كذلِكَ.

وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الأَقْطَعُ: الأَصَمُّ وأَنْشَدَ:

إِنَّ الأُحَيْمِرَ حِينَ أَرْجُو رِفْدَهُ *** عَمْرًا لأَقْطَعُ سَيِّئُ الإِصْرانِ

الإِصْرَانُ: جمعُ أَصْرٍ، وهو سَمُّ الأَنْفِ.

وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: الحَمامُ إِذا كانَ في بَطْنِه بَيَاضٌ فهو أَقْطَعُ. قُلْتُ: وهكذا ذَكَرَهُ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الله الأَصْفَهَانِيُّ في «كِتابِ غَرِيبِ الحَمَامِ».

وِمن المَجَازِ: مَدَّ فُلانٌ ومَتَّ أَيْضًا، التّاءُ بَدَلٌ من الدّالِ إِلَيْنَا بثَدْيٍ غَيْرِ أَقْطَعَ: إِذا تَوَسَّلَ إِلَيْنَا بقَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ، قالَ:

دَعَانِي فَلَمْ أُورَأْ بهِ فأَجَبْتُهُ *** فمَدَّ بثَدْيٍ بَيْنَنَا غَيْرِ أَقْطَعَا

وِالقاطِعُ والْمِقْطَعُ، كمِنْبَر: المِثَالُ الّذِي يُقْطَعُ بهِ الثَّوْبُ والأَدِيمُ ونَحْوُهُما، اسْمٌ كالكَاهِلِ والغَارِبِ، كالقِطاعِ، ككِتاب، الأَخِيرُ عن أَبِي الهَيْثَمِ، وأَنْكَرَ القاطِعَ، وقالَ: هُوَ مِثْلُ لِحاف ومِلْحَف، وسِرادِ ومِسْرَدٍ، وقِرَامٍ ومِقْرَم.

وِالقِطَاعُ أَيْضًا: الدَّرَاهِمُ بلُغَةِ هُذَيْلٍ، نَقَلَه ابنُ عَبّادِ، وفي بَعْضِ النُّسَخِ: الدِّرْهَمُ، وهُوَ غَلَطٌ.

وِيُقَالُ: هذا زَمَنُ القِطاعِ؛ أَي قِطَاعِ التَّمْر، بالكَسْرِ ويُفْتَحُ عَنِ اللِّحْيَانيِّ أَي الصِّرامِ وفي الصِّحاحِ: الجِرام، يُقَالُ: قَطَعَ النَّخْلَ يَقْطَعُه قَطْعًا وقِطاعًا، أَيْ صَرَمَهُ.

وِمن المَجَازِ: أَقْطَعَهُ قَطِيعَةً، أَي: طائِفَةً من أَرْضِ الخَراجِ. والإِقْطَاعُ يَكُونُ تَمْلِيكًا، ويَكُونُ غَيْرَ تَمْلِيكٍ، قالَ ابنُ الأَثِيرِ: والقَطَائِع إِنّما تَجُوزُ في عَفْوِ البِلادِ الَّتِي لا مِلْكَ لأَحدٍ فِيها، ولا عِمارَةَ فِيها لأَحدٍ، فيُقْطِعُ الإِمَامُ المُسْتَقْطِعَ مِنْهَا قَدْرَ ما يَتَهَيَّأُ له عِمارَتُه بإِجْرَاءِ الماءِ إِلَيْهِ، أَوْ باسْتِخْرَاجِ عَيْنٍ منه، أَو بتَحَجُّرٍ عليه للبِناءِ فيهِ.

قالَ الشّافِعِيُّ: ومن الإِقْطَاعِ إِقْطَاعُ إِرْفَاقٍ لا تَمْلِيكٍ، كالمُقَاعَدةِ بالأَسْوَاقِ الَّتِي هِيَ طُرُقُ المُسْلِمينَ، فمَنْ قَعَدَ في مَوْضِعٍ منها كانَ لَهُ بقَدْرِ ما يَصْلُحُ لَهُ ما كانَ مُقِيمًا فيهِ، فإِذا فارَقَه لم يَكُنْ له مَنْعُ غَيْرِه منه، كأَبْنِيَةِ العَرَبِ وفَساطِيطِهِم، فإِذا انْتَجَعُوا لم يَمْلِكُوا بِهَا حَيْثُ نَزَلُوا.

ومِنْهَا: إِقْطَاعُ السُّكْنَى، وفي الحَدِيثِ: «لَمَّا قَدِمَ النبِيُّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم المَدِينَةَ أَقْطَعَ النّاسَ الدُّورَ» مَعْنَاهُ أَنْزَلَهُم في دُورِ الأَنْصَارِ يَسْكُنُونَها مَعَهُم، ثُمَّ يَتَحَوَّلُونَ عَنْهَا، ومنه‌الحَدِيثُ: «أَنّه أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلًا» يُشْبِه أَنَّهُ إِنّمَا أَعْطَاهُ ذلِكَ مِنَ الخُمُسِ الّذِي هو سَهْمُه، لِانَّ النَّخْلَ مالٌ ظاهِرُ العَيْنِ، حاضِرُ النَّفْعِ، فلا يَجُوزُ إِقْطَاعُه، وأَمّا إِقْطَاعُ المَوَاتِ فهُوَ تَمْلِيكٌ.

وِمن المَجَازِ: أقْطَعَ فلانًا قُضْبانًا من الكَرْمِ: أَذِنَ لَهُ في قَطْعِهَا.

وِالدَّجَاجَةُ: أَقَفَّتْ.

وِالنَّخْلُ: أَصْرَمَ.

وِمن المَجَازِ: أَقْطعَتِ القَوْمُ: إِذا انْقَطَعَتْ عَنْهُم مِياهُ السَّمَاءِ فرَجَعُوا إِلى أَعْدَادِ المِيَاهِ، قالَ أَبُو وَجْزَةَ:

تَزُورُ بِيَ القَوْمَ الحَوَارِيَّ إِنَّهُمْ *** مَنَاهِلُ أَعْدَادٌ إِذا النّاسُ أَقْطَعُوا

وِأَقْطَعَ فُلانًا: جاوَزَ بهِ نَهْرًا، وكذا قَطَعَ بِه، وهو مجازٌ. ومن المَجَازِ: أَقْطَعَ فُلانٌ: إِذا انْقَطَعَتْ حُجَّتهُ، وبَكَّتُوه بالحَقِّ فلَمْ يُجِبْ، فهو مُقْطِعٌ بكَسْرِ الطاءِ.

وِالمُقْطَعُ بفَتْحِ الطّاءِ: البَعِيرُ الَّذِي جَفَرَ عَنِ الضِّرابِ يُقَالُ: هذا عَوْدٌ مُقْطَعٌ، قالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ ـ رضي ‌الله‌ عنه ـ يصِفُ امْرَأَتَه:

قامَتْ تُبَكِّي أَنْ سَبَأْتُ لِفِتْيَةٍ *** زِقًّا وخابِيَةً بعَوْدٍ مُقْطَعِ

وهو مَجَازٌ.

وِالمُقْطَعُ: مَنْ لا يُرِيدُ النِّسَاءَ، عن ابنِ عَبّادٍ، وهو مَجَازٌ، وفي اللِّسَان أَقْطَعَ، وأُقْطِعَ: ضَعُفَ عن النِّكَاحِ، وأُقْطِعَ به إِقْطَاعًا، فهُوَ مُقْطَعٌ: إِذا لم يُرِدِ النِّسَاءَ، ولم يَنْهَضْ عُجارِمُه.

وِالمُقْطَعُ: مَنْ لا دِيوَانَ له، كَما في اللِّسَانِ والمُحِيطِ، وفي الحَدِيثِ: «كانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَوْ مُقْطَعِينَ» وهُوَ بفَتْحِ الطاءِ؛ لِانَّ الجُنْدَ لا يَخْلُونَ من هذَيْنِ الوَجْهَيْنِ، ومِنْ ذلِكَ قَوْلُ أَهْلِ الخِطَطِ: هذِهِ القَرْيَةُ كانَتْ وَقْفًا عَلَى المُقْطَعِينَ، وهُوَ مَجَازٌ. والبَعِيرُ مُقْطَعٌ: إِذا قامَ مِنَ الهُزَالِ، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ، وهُوَ مَجَازٌ.

وِالغَرِيبُ في البَلَدِ إِذا أُقْطِعَ عَنْ أَهْلِه إِقْطاعًا، فهو مُقْطَعٌ عنهُمْ، ومُنْقَطِعٌ، وهُوَ مَجَازٌ وكذلِكَ الرَّجُلُ يُفْرَضُ لِنُظَرائهِ ويُتْرَكُ هُوَ مُقْطَعٌ، وهُوَ مَجَازٌ.

وِالمُقْطَعُ أَيْضًا: المَوْضِعُ الّذِي يُقْطَعُ فِيهِ النَّهْرُ من المَعَابِرِ وغَيْرِهَا، وقد أَقْطَعَه بهِ.

وِمِنَ المَجَازِ: تَقْطِيعُ الرَّجُلِ: قَدُّه وقامَتُه يُقَالُ: إِنَّه لحَسَنُ التَّقْطِيعِ، أَي: حَسَنُ القَدِّ، وشَيْ‌ءٌ حَسَنُ التَّقْطِيعِ، أَي: حَسَنُ القَدِّ.

وِمِنَ المَجَازِ: التَّقْطِيعُ في الشِّعْرِ، هو: وَزْنُه بأَجْزَاءِ العَرُوضِ وتَجْزِئَتُه بالأَفْعَالِ.

وِمن المَجَاز: التَّقْطِيعُ: مَغَصٌ في البَطْنِ عن أَبِي نَصْرٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، كالتَّقْضِيعِ بالضّادِ.

وِمِنَ المَجَازِ: قَطَّعَ الفَرَسُ الجَوَادُ الخَيْلَ تَقْطِيعًا: إِذا سَبَقَهَا أَي: خَلَّفَهَا ومَضَى، ومنه قَوْلُ النّابِغَةِ الجَعْدِيِّ ـ رضي ‌الله‌ عنه ـ يَصِفُ فَرَسًا:

يُقَطِّعُهُنَّ بتَقْرِيبه *** وِيَأْوِي إِلى حُضُرٍ مُلْهِبِ

وِقالَ اللّيْثُ: يُقَالُ: قَطَّعَ الله تَعَالَى عَلَيْهِ العَذَابَ، أَي: لَوَّنَهُ عليه وجَزَّأَهُ ضُرُوبًا منه.

وِمن المَجَازِ: قَطَّعَ الخَمْرَ بالمَاءِ تَقْطِيعًا: مَزَجَهَا، فتَقَطَّعَتْ: امتَزَجَتْ وتَقَطَّعَ فيهِ الماءُ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يُقَطِّعُ مَوضُوعَ الحَدِيثِ ابتِسامُها *** تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ في نُزَفِ الخَمرِ

مَوضُوعُ الحَدِيثِ: مَحفُوظُه، وهو أَنْ تَخْلِطَهُ بالابتِسَامِ، كما يُخْلَطُ الماءُ بالخَمرِ إِذا مُزِجَ.

وِمِنَ المَجَازِ: المُقَطَّعَةُ كمُعَظَّمَةِ، والمُقَطَّعاتُ: القِصارُ من الثِّيَابِ، اسمٌ واقِعٌ على الجِنْسِ، لا يُفْرَدُ له واحِدٌ، لا يُقَالُ للجُبَّةِ الصَّغِيرَةِ: مُقَطَّعَةٌ، ولا للقَمِيصِ مُقَطَّعٌ، ويُقَالُ لِجُمْلَةِ الثِّيَابِ القِصَارِ: مُقَطَّعَاتٌ ومُقَطَّعَةٌ، الوَاحِدُ ثَوْبٌ، كالإِبِلِ واحِدُهَا بَعِيرٌ، والمَعْشَرِ واحِدُهُم رَجُلٌ، ولا واحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وفي الحَدِيثِ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم وعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ لَهُ» قالَ ابنُ الأَثِيرِ: أَيْ ثِيابٌ قِصَارٌ؛ لأَنَّهَا قُطِعَتْ عن بُلُوغِ التَّمامِ، ومِثْلُه قَوْلُ أَبِي عُبَيْدِ، وأَنْكَرَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ ذلِك، واسْتَدَلَّ بحَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ في صِفَةِ نَخْلٍ الجَنَّةِ، قالَ: «نَخْلُ الجَنَّةِ سَعَفُهَا كُسْوَةٌ لأَهْلِ الجَنَّةِ، مِنْهَا مُقطَّعاتُهُم وحُلَلُهُم» قال شَمِرٌ: لم يَكُنْ يَصِفُهَا بالقِصَرِ، لأَنَّه عَيْبٌ.

أَو المُقَطَّعَاتُ: بُرُودٌ عَلَيْهَا وَشْيٌ مُقَطَّعٌ، هذا قَوْلُ شَمِرٍ، وبه فُسِّرَ حَدِيثُ ابنِ عَبّاسٍ، وقال شَمِرٌ أَيْضًا: المُقَطَّعُ من الثِّيَابِ: كُلُّ ما يُفَصَّلُ ويُخَاطُ مِنْ قُمُصٍ وجِبابٍ وسَراوِيلاتٍ وغَيْرِهَا، وما لا يُقَطَّعُ منه كالأَرْدِيَةِ والأُزُرِ والمَطَارِفِ والرِّياطِ الّتِي لم تُقطَّعْ، وإِنَّمَا يُتَعَطَّفُ بها مَرَّةً، وُيتَلَفَّعُ بها مَرَّة أُخْرَى، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:

كأَنّ نِصْعًا فَوْقَه مُقَطَّعا *** مُخَالِطَ التَّقْلِيصِ إِذْ تَدَرَّعَا

قالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: يَقُول: كأَنَّ عَلَيْهِ نِصْعًا مُقَلَّصًا عنه، يَقُولُ: تَخالُ أَنَّه ألبس ثَوْبًا أَبْيَضَ مُقَلَّصًا عنه، لم يَبْلُغْ كُراعَه، لأَنَّها سُودٌ لَيْسَتْ على لَوْنِه.

وِمن المَجَازِ: المُقَطَّعاتُ مِنَ الشِّعْرِ: قِصَارُه، وأَراجيزُه سُمِّيَتِ الأَرَاجِيزُ مُقَطَّعاتٍ لِقِصَرِها، ويُرْوَى أَنَّ جَرِيرَا قال للعجّاجِ، وكان بَيْنَهُمَا اخْتِلافٌ في شَيْ‌ءٍ ـ: أَما والله لَئِنْ سَهِرْتُ له لَيْلَةً لأَدَعَنَّهُ وقَلَّما تُغْنِي عَنْهُ مُقَطَّعَاتُه، يَعْنِي أَبْيَاتَ الرَّجَزِ.

وِالحَدِيدُ المُقَطَّعُ، كمُعَظَّمٍ: المُتَّخَذُ سِلاحًا، يُقال: قَطَّعْنا الحَدِيدَ، أَيْ: صَنَعْنَاهُ دُرُوعًا وغَيْرَهَا من السِّلاحِ، قالَ الرّاعِي:

فقُودُوا الجِيَادَ المُسْنِفَاتِ وأَحْقِبُوا *** عَلَى الأَرْحِبِيّاتِ الحَدِيدَ المُقَطَّعَا

وِيُقَالُ للقَصِيرِ مِنَ الرِّجَالِ: إِنَّهُ مُقَطَّعٌ مُجَذَّرُ.

وِمِنَ المَجَازِ: صِدْتُ مُقَطَّع الأَسْحَارِ: اسْمٌ للأَرْنَبِ السَّرِيعَةِ، ويُقَالُ لها أَيْضًا: مُقَطّعَةُ السُّحُورِ، وقد تَقَدَّمَ بيانُه في «س ح ر» فراجِعْه.

وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في الشِّياتِ: المُتَقَطِّعَةُ من الغُرَرِ: الَّتِي ارْتَفَع بَيَاضُها مِنَ المَنْخِرَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَ الغُرَّةُ عَيْنَيْهِ دُونَ جَبْهَتِهِ.

وِمن المَجَاز: انْقُطِعَ بهِ ـ مَجْهُولًا ـ: إِذا عَجَزَ عن سَفَرِه مِنْ نَفَقةٍ ذَهَبَتْ، أَو قامَتْ عليهِ راحِلَتُه، أَو أَتَاهُ أَمْرٌ لا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَتَحَرَّكَ معه، ولو قالَ: «وانْقُطِعَ به ـ مَجْهُولًا ـ كأُقْطِعَ بهِ» لأَفَادَ الاخْتِصَارَ.

وِمِنَ المجازِ: مُنْقَطَعُ الشَّيْ‌ءِ، بفَتْحِ الطّاءِ: حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ طَرَفُه.

وِالمُنْقَطِعُ، بكَسْرِ الطّاءِ: الشَّيْ‌ءُ نَفْسُه.

وِهُوَ مُنْقَطِعُ القَرِينِ، بِكَسْرِها، أَي: عَدِيمُ النَّظِيرِ في السَّخاءِ والكَرَمِ، قالَ الشَّمّاخُ:

رَأَيْتُ عَرَابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو *** إِلَى الخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ القَرِينِ

وِقَاطَعَا مُقَاطَعَةً: ضِدُّ واصَلَا.

وِقاطَعَ فُلانٌ فُلانًا بسَيْفَيْهِما: إِذا نَظَرَا أَيُّهُما أَقْطَعُ؛ أَي أَكْثَرُ قَطْعًا، وكَذلِكَ قاطَعَ الرَّجُلانِ بسَيْفَيْهِما.

وِاقْتَطَعَ مِنْ مالِهِ قِطْعَةً: أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا لنَفْسِه مُتَمَلِّكًا، ومِنهُ الحَدِيثُ في اليَمِينِ: «أَو يَقْتَطِع بِهَا مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ»، وهو افْتَعَلَ مِنَ القَطْعِ.

وِمن مَجَازِ المَجَازِ: جاءَت الخَيْلُ مُقْطَوْطِعَاتٍ، أَي: سِرَاعًا، بَعْضُها في إِثْرِ بَعْضٍ، كَذَا في الصِّحاح والعُبَابِ.

وِالقَطَعُ، مُحَرَّكَةً: جَمْعُ قَطَعَةٍ مُحَرَّكَةً أَيْضًا: وهي بَقِيَّةُ يَدِ الأَقْطَعِ، وقد سَبَقَ لَهُ ذلِكَ.

وِالقُطَعُ كصُرَدٍ: القاطِعُ لرَحِمِه وقد سَبَقَ له ذلِكَ، فهُوَ تَكْرَارٌ.

وِالقُطَعُ أَيْضًا: جَمْعُ قُطْعَةٍ بالضّمِّ للطَّائِفَةِ المَفْرُوزَةِ من الأَرْضِ، وقَدْ تَقَدَّم.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَليه:

انْقَطَع، وتَقَطَّعَ، كِلاهُمَا: مُطَاوِعُ قَطَعَهُ واقْتَطَعَه، الأَخِيرُ شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ.

وِتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم: تَقَسَّمُوه.

وِتَقَطَّعَتِ الأَسْبَابُ: انْقَطَعَتْ.

وقِيلَ: تَقَطَّعُوا أَمْرَهُم: تَفَرَّقُوا فِي أَمْرِهِمْ، عَلَى نَزْعِ الخافِضِ.

وِالتَّقْطِيعُ: التَّخْدِيشُ.

وِقَطَّعَهُ تَقْطِيعًا: فَرَّقَهُ.

وِالتَّقْطِيعُ: الانْقِطَاعُ، ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

كأَنَّ ابْنَةَ السَّهْمِيِّ دُرَّةُ قامِسِ *** لَهَا بَعْدَ تَقْطِيعِ النُّبُوحِ وَهِيجُ

أَي بَعْدَ انْقِطَاعِ النُّبُوحِ، والنُّبُوحُ: الجَمَاعَاتُ، أَرادَ بَعْدَ الهُدُوِّ والسُّكُونِ باللَّيْلِ. وتَقَاطَعَا: ضِدُّ تَوَاصَلَا.

وِتَقَاطَعَ الشَّيْ‌ءُ: بانَ بَعْضُهُ من بَعْضٍ.

وِالمَقَاطِيعُ: جَمْعُ قِطْعٍ، بالكَسْرِ لِلنَّصْلِ القَصِيرِ، جاءَ على غَيْرِ واحِدِهِ نادِرًا، كأَنَّهُ إِنَّمَا جَمَعَ مِقْطَاعًا، ولم يُسْمَعْ، كما قالُوا: مَلامِحُ ومَشَابِهُ، ولَمْ يَقُولُوا: مَلْمَحَة ولا مَشْبَهَة.

وقالَ الأَصْمَعِيُّ: ورُبَّمَا سَمَّوا القِطْعَ مَقْطُوعًا، والمَقَاطِيعُ جَمْعُه، وقالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ:

وِشَقَّتْ مَقَاطِيعُ الرُّمَاةِ فُؤادَهُ *** إِذا يَسْمَعُ الصَّوْتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ

وِالمِقْطَاعُ، كمِحْرَابٍ: ما قَطَعْتَ بهِ.

وسَيْفٌ قاطِعٌ، وقَطّاعٌ، ومِقْطَعٌ.

وِالقَطّاعُ: سَيْفُ عِصَامِ بنِ شَهْبَر.

وأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ السَّعْديُّ، عُرِفَ ابنِ القَطّاعِ اللُّغَوِيّ المِصْرِيّ المُتَوَفَّى سَنَةَ خَمْسِمائَة وخَمْسَةَ عَشَرَ.

ورَجُلٌ لَطّاعٌ قَطّاعٌ: يَقْطَعُ نِصْفَ اللُّقْمَةِ، ويَرُدُّ الثّانِي، واللَّطّاعُ مَذْكُورٌ في مَوْضِعِه.

وكَلامٌ قاطِعٌ، على المَثَلِ، كقولِهِمْ: نافِذٌ.

ويَدٌ قَطْعَاءُ: مَقْطُوعَةٌ.

وقالَ اللَّيْثُ: يَقُولُونَ: قُطِعَ الرَّجُلُ، ولا يَقُولُونَ: قُطِعَ الأَقْطَعُ؛ لأَنَّ الأَقْطَعَ لا يَكُونُ أَقْطَعَ حَتَّى يَقْطَعَهُ غَيْرُه، ولو لَزِمَهُ ذلِكَ من قِبَلِ نَفْسِه لَقِيلَ: قَطِعَ، أَو قَطُعَ.

وِقَطَعَ الله عُمُرَهُ، على المَثَلِ.

وِقُطِعَ دابِرُهُم، أَي: اسْتُؤْصِلُوا من آخِرِهِمْ.

وشَرَابٌ لَذِيذُ المَقْطَع، أَي: الآخِرِ والخاتِمَةِ، وهو مَجَازٌ.

ويُقَالُ للفَرَسِ الجَوَادِ: تَقَطَّعَتْ عليه أَعْنَاقُ الخَيْلِ: إِذا لَمْ تَلْحَقْه، ومِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ رضِيَ الله عنهما: «لَيْسَ فِيكُم مَنْ تَقَطَّعُ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ مثلَ أَبِي بَكْرٍ» أَي لَيْسَ فيكُم سابِقٌ إِلَى الخَيْراتِ، تَقَطَّعُ أَعْنَاقُ مُسَابِقِيهِ، حَتّى لا يَلْحَقَه أَحَدٌ مِثْل أَبِي بَكْرٍ، وفي حَدِيثِ أَبِي رزين: «فإِذا هِيَ يُقَطَّعُ دُونَهَا السّرَابُ» أَي: تُسْرِعُ إِسْرَاعًا كَثِيرًا تَقَدَّمَتْ بهِ وفَاتَتْ، حَتّى إِنَّ السّرَابَ يَظْهَرُ دُونَهَا؛ أَي مِنْ وَرَائِها؛ لبُعْدِهَا في البَرِّ.

وِمُقَطَّعاتُ الشَّيْ‌ءِ: طَرَائِقُه الّتِي يتَحَلَّلُ إِلَيْهَا، ويَتَركَّبُ مِنْها، كمُقَطَّعَاتِ الكلامِ.

وِمَقَاطِيعُ الشِّعْرِ: ما تَحَلَّلَ إِليهِ وتَرَكَّبَ منه من أَجْزَائِه الَّتِي يُسَمِّيها العَرُوضِيُّونَ الأَسْبَابَ والأَوْتادَ.

وقالَ سِيبَوَيْه: قَطَعْتُه: أَوْصَلْتُ إِليهِ القَطْعَ، واسْتَعْمَلْتُه فيهِ.

وِانْقَطَعَ الشّيْ‌ءُ: ذَهَبَ وَقْتُه، ومنه قَوْلُهم: انْقَطَعَ البَرْدُ، والحَرُّ، وهو مَجَازٌ.

وِانْقَطَعَ الكَلامُ: وَقَفَ فلَمْ يَمْضِ.

وِانْقَطَعَ لِسانُه: ذَهَبَتْ سَلاطَتُه.

وهو أَقْطَعُ القَوْلِ: قَطِيعُهُ. واقْتُطِعَ دُونَه: أُخِذَ وانْفُرِدَ بهِ.

وِقَطَع بَعْثًا: أَفْرَدَ قَوْمًا بَعَثَهُم في الغَزْوِ بعَيْنِهِم من غَيْرِهِمْ.

وِأَقْطَعْتُ الشَّيْ‌ءَ: إِذا انْقَطَعَ عنكَ يقال: قد أَقْطَعْتُ الغَيْثَ.

وهو قَطُوعٌ لإِخْوَانِه، كصَبُورٍ كما في اللِّسَانِ، وقَطِيعٌ لإِخْوَانِه، كأَمِيرٍ، كما في الأَساسِ: إِذا كانَ لا يَثْبُتُ على مُؤاخاةٍ، وهو مَجَازٌ.

وِتَقَاطَعَتْ أَرْحَامُهُم: تَحَاصَّتْ وهو مَجازٌ.

ورَجُلٌ مِقْطَعٌ وقَطّاعٌ، كمِنْبَرٍ وشَدّادٍ: يَقْطَعُ رَحِمَهُ.

وِقَطَّعَ تَقْطِيعًا، شُدِّدَ للكَثْرَةِ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ للبَعِيثِ:

طَمِعْتُ بلَيْلَى أَنْ تَرِيعَ وإِنَّمَا *** تُقَطِّعُ أَعْنَاقَ الرِّجالِ المَطامِعُ

وقوله تعالى: {أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ} أَي: تَعُودُوا إِلى أَمْرِ الجاهِلِيَّةِ، فتُفْسِدُوا في الأَرْضِ، وتَئِدُوا البَنَاتِ.

ورَجُلٌ قَطِيعٌ: مَبْهُورٌ بَيِّنُ القَطاعَة، وكذلك الأُنْثَى بغَيْرِ هاءٍ.

وامْرَأَةٌ قَطُوعٌ وقَطِيعٌ: فاتِرَةُ القِيَامِ، وقد قَطُعَتْ، ككَرُمَ.

وِالقُطُع، بضمَّتَيْنِ في الفَرَسِ: انْقِطَاعُ بَعْضِ عُرُوقهِ.

وِاسْتَقْطَعَهُ القَطِيعَةَ: سأَلَه أَن يُقْطِعَهِ إِيّاهَا، قالَ ابنُ الأَثِيرِ: أَي سَأَلَه أَن يَجْعَلَهَا لَهُ إِقْطاعًا، يَتَمَلَّكُها ويَسْتَبِدُّ بِهَا.

وِالقُطْعُ، بالضَّمِّ: وَجَعٌ في البَطْنِ، ومَغَصٌ.

وِالقِطْعَةُ من الغَنَمِ، بالكَسْرِ، كالقَطِيعِ.

ورَجُلٌ مُقَطَّعٌ، كمُعَظَّمٍ: مُجَرَّبٌ.

ويُقَالُ: الصَّوْمُ مَقْطَعَةٌ للنِّكاحِ، كما في الصِّحاحِ، والهَجْرُ مَقْطَعَةٌ للوُدِّ، كما في الأَساسِ، وهو مَجَازٌ.

وِالقِطْعَةُ والقِطاعُ، بكَسْرِهِما: طائِفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ.

وقولُه تَعَالَى: {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ} أَي خِيطَتْ وسُوِّيَتْ، وجُعِلَتْ لَبُوسًا لَهُم.

وِالمَتَقَطِّعُ: القَصِيرُ.

وِتَقَطَّعَتِ الظِّلالُ: قَصُرَتْ.

وِالقِطْعُ، بالكَسْرِ: ضَرْبٌ من الثِّيَابِ المُوَشّاةِ، والجَمْعُ قُطُوعٌ.

وِقاطَعَهُ عَلَى كَذَا مِنَ الأَجْرِ والعَمَلِ ونَحْوِه مُقَاطَعَةً، وهو مَجَازٌ.

قالَ اللَّيْثُ: ومُقَطَّعَةُ الشَّعَرِ: هَناتٌ صِغارٌ مِثْلُ شَعَرِ الأَرَانِبِ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا لَيْسَ بشَيْ‌ءٍ.

ويُقَالُ للأَرْنَبِ السَّرِيعَةِ أَيْضًا: مُقَطِّعَةُ السُّحُورِ، ومُقَطِّعَةُ النِّيَاطِ، وقال آخر:

مَرَطَى مُقَطِّعَةٍ سُحُورَ بُغَاتِهَا *** مِنْ سُوسِهَا التَّوْتِيرُ مَهْمَا تُطْلَبِ

أَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ:

كَأَنِي إِذْ مَنَنْتُ عَلَيْكَ فَضْلِي *** مَنَنْتُ عَلَى مُقَطِّعَةِ القُلُوبِ

أُرَيْنِبُ خُلَّةٍ باتَتْ تَغَشَّى *** أَبارِقَ كُلُّها وَخِمٌ جَدِيبُ

ويُقَال: هذا فَرَسٌ يُقَطِّعُ الجَرْيَ، أَي: يَجْرِي ضُرُوبًا من الجَرْيِ؛ لمَرَحِه ونَشَاطِهِ.

وهُوَ مُنْقَطِعُ العِقَالِ في الشَّرِّ والخُبْثِ، أَي: لا زاجِرَ لَهُ، وهو مَجازٌ.

وِالمُقَطَّعُ مِنَ الذَّهَبِ، كمُعَظَّمٍ: اليَسِيرُ، كالحَلَقَةِ والقُرْطِ والشَّنْفِ والشَّذْرَةِ، وما أَشْبَهَها.

وأَرْضٌ قَطِعَةٌ، كفَرِحَةٍ: لا يُدْرَى أَخُضْرَتُهَا أَكْثَرُ أَم بَيَاضُها الَّذِي لا نَبَاتَ به، وقِيلَ: الَّذِي بِها نِقَاطٌ من الكَلإِ.

وِأَقْطَعَتِ السَّمَاءُ بمَوْضِعِ كَذَا: انْقَطَعَ المَطَرُ هُنَاكَ، وأَقْلَعَتْ، وهو مَجَازٌ، يُقَالُ: مَطَرَت السَّمَاءُ بمَوْضِعِ كَذَا، وأَقْطَعَتْ بِبَلَدِ كذا.

وِأَقْطَعَ الله هذِهِ الشُّقَّةَ، أَي: أَنْفَذَهَا، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

وِاقْتَطَعَ ما فِي الإنَاءِ: شَرِبَه.

وِقَطَعَ المَفَازَةَ قَطْعًا: جازَهَا.

وعَيْنٌ قاطِعَةٌ، وعُيُونُ الطّائِفِ قَوَاطِعُ إِلّا قَلِيلًا.

وِانْقَطَعَ إِلَى فُلانٍ: إِذا انْفَرَدَ بصُحْبَتِه خاصَّةً، وهو مَجَازٌ.

وهُوَ مُنْقَطِعُ العِذارِ: إِذا لَمْ تَتَّصِلْ لِحْيَتُه في عارِضَيْهِ.

ومَا عَلَيْهَا إِلّا قِطَعٌ مِنَ الحَلْيِ، كعِنَبٍ، أَي: شي‌ءٌ قَلِيلٌ من نَحْوِ شَذْرٍ.

والقِطَعِيُّونَ، بالكَسْرِ: مُحَدِّثُونَ، مِنْهُمْ: الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَزارِيُّ الكوفي القِطَعِيُّ، عن يَحْيَى بنِ زَكَرِيّا بنِ سُفْيَانَ، وعنه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الهَرَوَانِيّ.

وأَبُو يعْقُوب إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ القِطَعِيُّ الكُوفِيُّ عن سَعِيدِ بنِ يَحْيَى الأَمَوِيِّ، وعنه الإِسْمَاعِيلِيُّ، ذكره المالِينِيُّ.

وعَبْدُ الله بنُ عَلِيِّ بنِ القَاسِمِ القِطَعِيُّ، كُوفِيٌّ أَيضًا، روى عنه مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيُّ، كذا في التَّبْصِيرِ.

وِالقُطَيْعُ، كزُبَيْرٍ: قَرْيَةٌ باليَمَنِ، وقد دَخَلْتُهَا، وقَرَأْتُ بِهَا الحَدِيثَ عَلَى شَيْخِنَا المُعَمَّرِ سُلَيْمَانِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الهَجّامِ، الحُسَيْنِيِّ الأَهْدَلِيِّ، برِوَايَتِه عن خاتِمَةِ المُسْنِدِينَ إِلَيْه، عِمَادِ الدِّينِ يَحْيَىَ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الحُسَيْنِيِّ الزَّبِيدِيِّ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


22-المصباح المنير (فتر)

فَتَرَ عَنْ الْعَمَلِ فُتُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ انْكَسَرَتْ حِدَّتُهُ وَلَانَ بَعْدَ شِدَّتِهِ وَمِنْهُ فَتَرَ الْحَرُّ إذَا انْكَسَرَ فَتْرَةً وَفُتُورًا وَطَرْفٌ فَاتِرٌ لَيْسَ بِحَدِيدٍ وقَوْله تَعَالَى {عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} [المائدة: 19] أَيْ عَلَى انْقِطَاعِ بَعْثِهِمْ وَدُرُوسِ أَعْلَامِ دِينِهِمْ وَالْفِتْرُ بِالْكَسْرِ مَا بَيْنَ طَرَفِ الْإِبْهَامِ وَطَرَفِ السَّبَّابَةِ بِالتَّفْرِيجِ الْمُعْتَادِ.

المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م


23-لسان العرب (لقح)

لقح: اللِّقاحُ: اسْمُ مَاءِ الْفَحْلِ مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ؛ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امرأَتان أَرضعت إِحداهما غُلَامًا وأَرضعت الأُخرى جَارِيَةً: هَلْ يتزوَّج الغلامُ الْجَارِيَةَ؟ قَالَ: لَا، اللِّقاح وَاحِدٌ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: اللِّقاح اسْمٌ لِمَاءِ الْفَحْلِ فكأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَراد أَن مَاءَ الْفَحْلِ الَّذِي حَمَلَتَا مِنْهُ وَاحِدٌ، فَاللَّبَنُ الَّذِي أَرضعت كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُرْضَعَها كَانَ أَصله مَاءَ الْفَحْلِ، فَصَارَ المُرْضَعان وَلَدَيْنِ لِزَوْجِهِمَا لأَنه كَانَ أَلْقَحهما.

قَالَ الأَزهري: وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ اللِّقاحُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ الإِلْقاحُ؛ يُقَالُ: «أَلْقَح الْفَحْلُ النَّاقَةَ إِلقاحًا ولَقاحًا»، فالإِلقاح مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ، واللَّقَاحُ: اسْمٌ لِمَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، كَقَوْلِكَ أَعْطَى عَطاء وإِعطاء وأَصلح صَلاحًا وإِصلاحًا وأَنْبَت نَباتًا وإِنباتًا.

قَالَ: وأَصل اللَّقاح للإِبل ثُمَّ اسْتُعِيرَ فِي النِّسَاءِ، فَيُقَالُ: لَقِحَت إِذا حَمَلَتْ، وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ شَمِرٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ.

واللَّقاحُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ لَقِحَتْ النَّاقَةُ تَلْقَحُ إِذا حَمَلَتْ، فإِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا قِيلَ: اسْتَبَانَ لَقاحُها.

ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ لاقِحٌ وقارِحٌ يَوْمَ تَحْمِلُ فإِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، فَهِيَ خَلِفَةٌ.

قَالَ: وقَرَحتْ تَقرَحُ قُرُوحًا ولَقِحَتْ تَلْقَح لَقاحًا ولَقْحًا وَهِيَ أَيام نَتاجِها عَائِذٌ.

وَقَدْ أَلقَح الفحلُ الناقةَ، ولَقِحَتْ هِيَ لَقاحًا ولَقْحًا ولَقَحًا: قَبِلْتُهُ.

وَهِيَ لاقِحٌ مِنْ إِبل لوَاقِح ولُقَّحٍ، ولَقُوحٌ مِنْ إِبل لُقُحٍ.

وَفِي الْمَثَلِ: اللَّقُوحُ الرِّبْعِيَّةُ مالٌ وطعامٌ.

الأَزهري: واللَّقُوحُ اللَّبُونُ وإِنما تَكُونُ لَقُوحًا أَوّلَ نَتاجِها شَهْرَيْنِ ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَشهر، ثُمَّ يَقَعُ عَنْهَا اسْمُ اللَّقوحِ فَيُقَالُ لَبُونٌ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ثُمَّ هِيَ لَبُونٌ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيُقَالُ نَاقَةٌ لَقُوحٌ ولِقْحَةٌ، وَجَمْعُ لَقُوحٍ: لُقُحٌ ولِقاحٌ ولَقائِحُ، وَمَنْ قَالَ لِقْحةٌ، جَمَعها لِقَحًا.

وَقِيلَ: اللَّقُوحُ الحَلُوبة.

والمَلْقوحوَالْمَلْقُوحَةُ: مَا لَقِحَتْه هِيَ مِنَ الفحلِ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تُنْتَجُ فِي أَوَّل الرَّبِيعِ فَتَكُونُ لِقاحًا واحدتُها لِقْحة ولَقْحةٌ ولَقُوحٌ، فَلَا تَزَالُ لِقاحًا حَتَّى يُدْبِرَ الصيفُ عَنْهَا.

الْجَوْهَرِيُّ: اللِّقاحُ، بِكَسْرِ اللَّامِ.

الإِبلُ بأَعيانها، الْوَاحِدَةُ لَقُوح، وَهِيَ الحَلُوبُ مِثْلُ قَلُوصٍ وقِلاصٍ.

الأَزهري: المَلْقَحُ يَكُونُ مَصْدَرًا كاللَّقاحِ؛ وأَنشد:

يَشْهَدُ مِنْهَا مَلْقَحًا ومَنْتَحا وَقَالَ فِي قَوْلِ أَبي النَّجْمِ: وَقَدْ أَجَنَّتْ عَلَقًا مَلْقُوحَا

يَعْنِي لَقِحَتْه مِنَ الفَحل أَي أَخذته.

وَقَدْ يُقَالُ للأُمَّهات: المَلاقِيحُ؛ وَنَهَى عَنْ أَولادِ المَلاقِيح وأَولاد المَضامِين فِي الْمُبَايَعَةِ لأَنهم كَانُوا يَتَبَايَعُونَ أَولاد الشَّاءِ فِي بُطُونِ الأُمهات وأَصلاب الْآبَاءِ.

والمَلاقِيحُ فِي بُطُونِ الأُمهات، والمَضامِينُ فِي أَصلاب الْآبَاءِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمَلَاقِيحُ مَا فِي الْبُطُونِ، وَهِيَ الأَجِنَّة، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا مَلْقُوحة مِنْ قَوْلِهِمْ لُقِحَتْ كَالْمَحْمُومِ مِنْ حُمَّ والمجنونِ مِنْ جُنَّ؛ وأَنشد الأَصمعي:

إِنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوامِلِ ***خَيْرًا مِنَ التَّأْنانِ والمَسائِلِ

وعِدَةِ العامِ، وعامٍ قابلِ، ***مَلْقوحةً فِي بطنِ نابٍ حائِلِ

يَقُولُ: هِيَ مَلْقوحةٌ فِيمَا يُظْهِرُ لِي صاحبُها وإِنما أُمُّها حَائِلٌ؛ قَالَ: فالمَلْقُوح هِيَ الأَجِنَّة الَّتِي فِي بُطُونِهَا، وأَما الْمَضَامِينُ فَمَا فِي أَصلاب الفُحُول، وَكَانُوا يَبِيعُونَ الجَنينَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَيَبِيعُونَ مَا يَضْرِبُ الفحلُ فِي عَامِهِ أَو فِي أَعوام.

وَرُوِيَعَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنه قَالَ: لَا رِبا فِي الْحَيَوَانِ، وإِنما نَهَى عَنِ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ المَضامِين والمَلاقِيح وحَبَلِ الحَبَلَةِ؛ قَالَ سَعِيدٌ: فالملاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ، وَالْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ الإِناث، قَالَ المُزَنِيُّ: وأَنا أَحفظ أَن الشَّافِعِيَّ يَقُولُ الْمَضَامِينُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي بُطُونِ الإِناث؛ قَالَ الْمُزَنِيُّ: وأَعلمت بِقَوْلِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ فأَنشدني شَاهِدًا لَهُ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ:

إِنَّ المَضامِينَ، الَّتِي فِي الصُّلْبِ، ***ماءَ الفُحُولِ فِي الظُّهُورِ الحُدْبِ،

لَيْسَ بمُغْنٍ عَنْكَ جُهْدَ اللَّزْبِ وأَنشد فِي الْمَلَاقِيحِ:

منيَّتي مَلاقِحًا فِي الأَبْطُنِ، ***تُنْتَجُ مَا تَلْقَحُ بَعْدَ أَزْمُنِ

قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

ابْنُ الأَعرابي: إِذا كَانَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ حَمْلٌ، فَهِيَ مِضْمانٌ وضامِنٌ وَهِيَ مَضامِينُ وضَوامِنُ، وَالَّذِي فِي بَطْنِهَا مَلْقوح ومَلْقُوحة، وَمَعْنَى الْمَلْقُوحِ الْمَحْمُولُ وَمَعْنَى اللَّاقِحِ الْحَامِلُ.

الْجَوْهَرِيُّ: المَلاقِحُ الفُحولُ، الْوَاحِدُ مُلقِحٌ، والمَلاقِحُ أَيضًا الإِناث الَّتِي فِي بُطُونِهَا أَولادها، الْوَاحِدَةُ مُلْقَحة، بِفَتْحِ الْقَافِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مَلْقوح، وَهُوَ جَنِينُ النَّاقَةِ؛ يُقَالُ: لَقِحَت الناقةُ وَوَلَدُهَا مَلْقُوحٌ بِهِ إِلَّا أَنهم اسْتَعْمَلُوهُ بِحَذْفِ الْجَارِ وَالنَّاقَةُ مَلْقُوحَةٌ، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه مِنْ بَيْعِ الغَرَر، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي الْمَضَامِينِ مُسْتَوْفًى.

واللِّقْحَةُ: النَّاقَةُ مِنْ حِينِ يَسْمَنُ سَنامُ وَلَدِهَا، لَا يَزَالُ ذَلِكَ اسْمَهَا حَتَّى يَمْضِيَ لَهَا سَبْعَةُ أَشهر ويُفْصَلَ وَلَدُهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيْل، وَالْجَمْعُ لِقَحٌ ولِقاحٌ، فأَما لِقَحٌ فَهُوَ الْقِيَاسُ، وأَما لِقاحٌ فَقَالَ سِيبَوَيْهِ كَسَّروا فِعْلَة عَلَى فِعالٍ كَمَا كسَّروا فَعْلَة عَلَيْهِ، حَتَّى قَالُوا: جَفْرَةٌ وجِفارٌ، قَالَ: وَقَالُوا لِقاحانِ أَسْودانِ جَعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ إِبلانِ، أَلا تَرَى أَنهم يَقُولُونَ لِقاحة وَاحِدَةٌ كَمَا يَقُولُونَ قِطعة وَاحِدَةٌ؟ قَالَ: وَهُوَ فِي الإِبل أَقوى لأَنه لَا يُكَسَّر عَلَيْهِ شَيْءٌ.

وَقِيلَ: اللِّقْحة واللَّقحة النَّاقَةُ الْحَلُوبُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ وَلَا يُوصَفُ بِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَقْحة فُلَانٍ وَجَمْعُهُ كَجَمْعِ مَا قَبْلَهُ؛ قَالَ الأَزهري: فإِذا جَعَلْتَهُ نَعْتًا قُلْتَ: نَاقَةٌ لَقُوحٌ.

قَالَ: وَلَا يُقَالُ نَاقَةٌ لَقْحة [لِقْحة] إِلا أَنك تَقُولَ هذه لِقْحة [لَقْحة] فُلَانٍ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِقْحةٌ ولِقَحٌ ولَقُوحٌ ولَقائح.

واللِّقاحُ: ذَوَاتُ الأَلبان مِنَ النُّوقِ، وَاحِدُهَا لَقُوح ولِقْحة؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

مَنْ يكنْ ذَا لِقَحٍ راخِياتٍ، ***فَلِقاحِي مَا تَذُوقُ الشَّعِيرا

بَلْ حَوابٍ فِي ظِلالِ فَسِيلٍ، ***مُلِئَتْ أَجوافُهُنّ عَصِيرا

فَتَهادَرْنَ لِذاك زَمَانًا، ***ثُمَّ مُوِّتْنَ فكنَّ قُبُورا

وَفِي الْحَدِيثِ: «نِعْمَ المِنْحة اللِّقْحة»اللَّقْحَةُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: النَّاقَةُ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بالنَّتاج.

وَنَاقَةٌ لاقِحٌ إِذا كَانَتْ حَامِلًا؛ وَقَوْلُهُ:

وَلَقَدْ تَقَيَّلَ صَاحِبِي مِنْ لَقْحةٍ [لِقْحةٍ] ***لَبنًا يَحِلُّ، ولَحْمُها لَا يُطْعَمُ

عَنَى باللِّقْحة فِيهِ المرأَة المُرْضِعَة وَجَعَلَ المرأَة لِقْحة لِتَصِحَّ لَهُ الأُحْجِيَّة.

وتَقَيَّلَ: شَرِبَ القَيْل، وَهُوَ شُربُ نِصْفِ النَّهَارِ؛ وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ اللَّقَحَ لإِنْباتِ الأَرضين المُجْدِبة؛ فَقَالَ يَصِفُ سَحَابًا:

لَقِحَ العِجافُ لَهُ لِسَابِعِ سبعةٍ، ***فَشَرِبْنَ بعدَ تَحَلُّؤٍ فَرَوِينا

يَقُولُ: قَبِلَتِ الأَرَضون ماءَ السَّحَابِ كَمَا تَقْبَلُ الناقةُ ماءَ الْفَحْلِ.

وَقَدْ أَسَرَّت النَّاقَةُ لَقَحًا ولَقاحًا وأَخْفَتْ لَقَحًا ولَقاحًا؛ قَالَ غَيْلان:

أَسَرَّتْ لَقَاحًا، بعدَ ما كانَ راضَها ***فِراسٌ، وَفِيهَا عِزَّةٌ ومَياسِرُ

أَسَرَّتْ: كَتَمَتْ وَلَمْ تُبَشِّر بِهِ، وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ إِذا لَقِحَتْ شَالَتْ بِذَنْبِهَا وزَمَّت بأَنفها وَاسْتَكْبَرَتْ فَبَانَ لَقَحُها وَهَذِهِ لَمْ تَفْعَلْ مِنْ هَذَا شَيْئًا.

ومَياسِرُ: لِينٌ؛ وَالْمَعْنَى أَنها تَضْعُفُ مَرَّةً وتَدِلُّ أُخرى؛ قَالَ:

طَوَتْ لَقَحًا مثلَ السِّرارِ، فَبَشَّرتْ ***بأَسْحَمَ رَيَّان العَشِيَّة، مُسْبَلِ

قَوْلُهُ: مِثْلَ السِّرار أَي مِثْلَ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ السِّرار.

وَقِيلَ: إِذا نُتِجَتْ بعضُ الإِبل وَلَمْ يُنْتَجْ بعضٌ فَوَضَعَ بعضُها وَلَمْ يَضَعْ بَعْضُهَا، فَهِيَ عِشارٌ، فإِذا نُتِجَت كلُّها ووضَعَت، فَهِيَ لِقاحٌ.

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ فأَشار بِيَدَيْهِ: تَلَقَّحتْ يَدَاهُ؛ يُشَبَّه بِالنَّاقَةِ إِذا شَالَتْ بِذَنْبِهَا تُرِي أَنها لاقِحٌ لِئَلَّا يَدْنُوَ مِنْهَا الفحلُ فَيُقَالُ تَلَقَّحتْ؛ وأَنشد:

تَلَقَّحُ أَيْدِيهم، كأَن زَبِيبَهُمْ ***زَبِيبُ الفُحولِ الصِّيدِ، وَهِيَ تَلَمَّحُ

أَي أَنهم يُشيرون بأَيديهم إِذا خَطَبُوا.

والزبيبُ: شِبْهُ الزَّبَدِ يَظْهَرُ فِي صامِغَي الخَطِيب إِذا زَبَّبَ شِدْقاه.

وتَلَقَّحَت النَّاقَةُ: شَالَتْ بِذَنْبِهَا تُرِي أَنها لاقِحٌ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ.

واللَّقَحُ أَيضًا: الحَبَلُ.

يُقَالُ: امرأَة سَريعة اللَّقَحِ وَقَدْ يُستعمل ذَلِكَ فِي كُلِّ أُنثى، فإِما أَن يَكُونَ أَصلًا وإِما أَن يَكُونَ مُسْتَعَارًا.

وَقَوْلُهُمْ: لِقاحانِ أَسودان كَمَا قَالُوا: قَطِيعَانِ، لأَنهم يَقُولُونَ لِقاحٌ وَاحِدَةٌ كَمَا يَقُولُونَ قَطِيعٌ وَاحِدٌ، وإِبل وَاحِدٌ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: واللِّقْحَةُ اللَّقُوحُ، وَالْجُمَعُ لِقَحٌ مِثْلُ قِرْبَة وقِرَبٍ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه أَوصى عُمَّاله إِذ بَعَثَهُمْ فَقَالَ: وأَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَراد بِلِقْحة الْمُسْلِمِينَ عَطَاءَهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِلِقْحةِ المسلِمين دِرَّةَ الفَيْءِ والخَراج الَّذِي مِنْهُ عَطَاؤُهُمْ وَمَا فُرض لَهُمْ، وإِدْرارُه: جِبايَتُه وتَحَلُّبه، وجمعُه مَعَ العَدْلِ فِي أَهل الْفَيْءِ حَتَّى يَحْسُنَ حالُهُم وَلَا تَنْقَطِعَ مَادَّةُ جِبَايَتِهِمْ.

وَتَلْقِيحُ النَّخْلِ: مَعْرُوفٌ؛ يُقَالُ: لَقَّحُوا نخلَهم وأَلقحوها.

واللَّقاحُ: مَا تُلْقَحُ بِهِ النَّخْلَةُ مِنَ الفُحَّال؛ يُقَالُ: أَلْقَح القومُ النخْلَ إِلقاحًا ولَقَّحوها تَلْقِيحًا، وأَلْقَحَ النَّخْلَ بالفُحَّالةِ ولَقَحه، وَذَلِكَ أَن يَدَعَ الكافورَ، وَهُوَ وِعاءُ طَلْع النَّخْلِ، لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا بَعْدَ انْفِلَاقِهِ، ثُمَّ يأْخذ شِمْراخًا مِنَ الفُحَّال؛ قَالَ: وأَجودُه مَا عَتُقَ وَكَانَ مِنْ عَامِ أَوَّلَ، فيَدُسُّون ذَلِكَ الشِّمْراخَ فِي جَوْفِ الطَّلْعة وَذَلِكَ بقَدَرٍ، قَالَ: وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلا رَجُلٌ عَالِمٌ بِمَا يَفْعَلُ، لأَنه إِن كَانَ جَاهِلًا فأَكثر مِنْهُ أَحْرَقَ الكافورَ فأَفسده، وإِن أَقلَّ مِنْهُ صَارَ الكافورُ كثيرَ الصِّيصاء، يَعْنِي بِالصِّيصَاءِ مَا لَا نَوَى لَهُ، وإِن لَمْ يُفعل ذَلِكَ بِالنَّخْلَةِ لَمْ يُنْتَفَعْ بِطَلْعِهَا ذَلِكَ الْعَامَ؛ واللَّقَحُ: اسْمُ مَا أُخذَ مِنَ الفُحَّال ليُدَسَّ فِي الْآخَرِ؛ وَجَاءَنَا زَمَنُ اللَّقَاح أَي التلْقيحِ.

وَقَدْ لُقِّحَتِ النخيلُ، وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ: لُقِحتْ، بِالتَّخْفِيفِ، واسْتَلْقَحَتِ النخلةُ أَي آنَ لَهَا أَن تُلْقَح.

وأَلْقَحَتِ الريحُ السحابةَ وَالشَّجَرَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحْمِلُ.

واللَّواقِحُ مِنَ الرِّيَاحِ: الَّتِي تَحْمِلُ النَّدَى ثُمَّ تَمُجُّه فِي السَّحَابِ، فإِذا اجْتَمَعَ فِي السَّحَابِ صَارَ مَطَرًا؛ وَقِيلَ: إِنما هِيَ مَلاقِحُ، فأَما قَوْلُهُمْ لواقِحُ فَعَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ؛ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: قِيَاسُهُ مَلاقِح لأَن الرِّيحَ تُلْقِحُ السحابَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى لَقِحَت، فَهِيَ لاقِح، فإِذا لَقِحَت فَزَكَتْ أَلْقَحت السحابَ فَيَكُونُ هَذَا مِمَّا اكْتُفِيَ فِيهِ بِالسَّبَبِ مِنَ الْمُسَبِّبِ، وضِدُّه قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ؛ أَي فإِذا أَردت قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، فاكتفِ بالمُسَبَّب الَّذِي هُوَ الْقِرَاءَةُ مِنَ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الإِرادة؛ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ اللَّهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}؛ أَي إِذا أَردتم الْقِيَامَ إِلى الصَّلَاةِ، هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ ابْنِ سِيدَهْ؛ وَقَالَ الأَزهري: قرأَها حَمْزَةُ: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ، فَهُوَ بَيِّنٌ وَلَكِنْ يُقَالُ: إِنما الرِّيحُ مُلْقِحَة تُلْقِحُ الشَّجَرَ، فَقِيلَ: كَيْفَ لَوَاقِحُ؟ فَفِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن تَجْعَلَ الرِّيحَ هِيَ الَّتِي تَلْقَحُ بِمُرُورِهَا عَلَى التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَيَكُونَ فِيهَا اللِّقاحُ فَيُقَالُ: رِيحٌ لاقِح كَمَا يُقَالُ نَاقَةٌ لَاقِحٌ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ أَنه وَصَفَ رِيحَ الْعَذَابِ بِالْعَقِيمِ فَجَعَلَهَا عَقِيمًا إِذ لَمْ تُلْقِحْ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ وَصْفُهَا باللَّقْح وإِن كَانَتْ تُلْقِح كَمَا قِيلَ ليلٌ نائمٌ وَالنَّوْمُ فِيهِ وسِرٌّ كَاتِمٌ، وَكَمَا قِيلَ المَبْرُوز والمحتوم فَجَعَلَهُ مَبْرُوزًا وَلَمْ يَقُلْ مُبْرِزًا، فَجَازَ مَفْعُولٌ لمُفْعِل كَمَا جَازَ فَاعِلٌ لمُفْعَل،

إِذ لَمْ يَزِدِ البناءُ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا قَالَ: مَاءٌ دَافِقٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَوَاقِحُ حَوَامِلُ، وَاحِدَتُهَا لَاقِحٌ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: رِيحٌ لَاقِحٌ أَي ذَاتُ لَقَاحٍ كَمَا يُقَالُ دِرْهَمٌ وَازِنٌ أَي ذُو وَزْن، وَرَجُلٌ رَامِحٌ وَسَائِفٌ وَنَابِلٌ، وَلَا يُقَالُ رَمَحَ وَلَا سافَ وَلَا نَبَلَ، يُرادُ ذُو سَيْفٍ وَذُو رُمْح وَذُو نَبْلٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَأَي حَوَامِلَ، جُعِلَ الرِّيحُ لَاقِحًا لأَنها تَحْمِلُ الْمَاءَ وَالسَّحَابَ وتقلِّبه وتصرِّفه، ثُمَّ تَسْتَدِرُّه فَالرِّيَاحُ لِوَاقِحُ أَي حَوَامِلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:

حَتَّى سَلَكْنَ الشَّوَى مِنْهُنَّ فِي مَسَكٍ، ***مِنْ نَسْلِ جَوَّابةِ الآفاقِ، مِهْداجِ

سَلَكْنَ يَعْنِي الأُتُنَ أَدخلن شَوَاهُنَّ أَي قَوَائِمَهُنَّ فِي مَسَكٍ أَي فِيمَا صار كالمَسَكِ لأَيديها، ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ مِنْ نَسْلِ رِيحٍ تَجُوبُ الْبِلَادَ، فَجَعَلَ الْمَاءَ لِلرِّيحِ كَالْوَلَدِ لأَنها حَمَلَتْهُ، وَمِمَّا يُحَقِّقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرياحَ نُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِه حَتَّى إِذا أَقَلّتْ سَحابًا ثِقالًا} أَي حَمَلَتْ، فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْتَاجُ إِلى أَن يَكُونَ لاقِحٌ بِمَعْنَى ذِي لَقْحٍ، وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ السَّحَابَ فِي الْمَاءِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رياحٌ لَواقِحُ وَلَا يُقَالُ ملاقِحُ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ، وَقَدْ قِيلَ: الأَصل فِيهِ مُلْقِحَة، وَلَكِنَّهَا لَا تُلْقِحُ إِلا وَهِيَ فِي نَفْسِهَا لاقِحٌ، كأَن الرياحَ لَقِحَت بخَيْرٍ، فإِذا أَنشأَتِ السحابَ وَفِيهَا خيرٌ وَصَلَ ذَلِكَ إِليه.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرِيحٌ لاقحٌ عَلَى النَّسَبِ تَلْقَحُ الشجرُ عَنْهَا، كَمَا قَالُوا فِي ضِدِّهِ عَقِيم.

وحَرْب لاقحٌ: مَثَّلَ بالأُنثى الْحَامِلِ؛ وَقَالَ الأَعشى:

إِذا شَمَّرَتْ بالناسِ شَهْبَاءُ لاقحٌ، ***عَوانٌ شديدٌ هَمْزُها، وأَظَلَّتِ

يُقَالُ: هَمَزَتْه بِنَابٍ أَي عضَّتْه؛ وَقَوْلُهُ:

وَيْحَكَ يَا عَلْقَمةُ بنَ ماعِزِ ***هَلْ لَكَ فِي اللَّواقِحِ الجَوائِزِ؟

قَالَ: عَنَى باللَّواقح السِّياط لأَنه لصٌّ خَاطَبَ لِصًّا.

وشَقِيحٌ لَقِيحٌ: إِتباع.

واللِّقْحةُ واللَّقْحةُ: الغُراب.

وَقَوْمٌ لَقَاحٌ وحَيٌّ لَقاحٌ لَمْ يدِينُوا لِلْمُلُوكِ وَلِمَ يُمْلَكُوا وَلَمْ يُصِبهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ سِباءٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

لَعَمْرُ أَبيكَ والأَنْبَاءُ تَنْمِي، ***لَنِعْمَ الحَيُّ فِي الجُلَّى رِياحُ

أَبَوْا دِينَ المُلُوكِ، فَهُمْ لَقاحٌ، ***إِذا هِيجُوا إِلى حَرْبٍ، أَشاحوا

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الحيُّ اللَّقاحُ مُشْتَقٌّ مِنْ لَقاحِ الناقةِ لأَن النَّاقَةَ إِذا لَقِحتْ لَمْ تُطاوِع الفَحْلَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ.

وَفِي حَدِيثِ أَبي مُوسَى ومُعاذٍ: «أَما أَنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ اللَّقُوحِ»أَي أَقرؤه مُتَمَهِّلًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِتَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ، كاللَّقُوحِ تُحْلَبُ فُواقًا بَعْدَ فُواقٍ لِكَثْرَةِ لَبَنها، فإِذا أَتى عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشهر حُلِبتْ غُدْوَةً وَعَشِيًّا.

الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ وَتَقُولُ الْعَرَبُ: إِن لِي لَقْحَةً [لِقْحَةً] تُخْبرني عَنْ لِقاحِ النَّاسِ؛ يَقُولُ: نَفْسِي تُخْبِرُنِي فَتَصدُقني عَنْ نفوسِ النَّاسِ، إِن أَحببت لَهُمْ خَيْرًا أَحَبُّوا لِي خَيْرًا وإِن أَحببت لَهُمْ شَرًّا أَحبوا لِي شَرًّا؛ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كَثْوَة: الْمَعْنَى أَني أَعرف مَا يَصِيرُ إِليه لِقاح النَّاسِ بِمَا أَرى من لَقْحَتي [لِقْحَتي]، يُقَالُ عِنْدَ التأْكيد لِلْبَصِيرِ بخاصِّ أُمور النَّاسِ وعوامِّها.

وَفِي حَدِيثِ رُقْية الْعَيْنِ: «أَعوذ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ مُلْقِحٍ ومُخْبل تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ: «أَن المُلْقِح الَّذِي يولَد لَهُ»، والمُخْبِل الَّذِي لَا يولَدُ لَهُ، مِن أَلْقَح الفحلُ الناقةَ إِذا أَولدها».

وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَمْعَر، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَحَيَّةُ وادٍ نَغْرَةٌ صَمْعَرِيَّةٌ ***أَحَبُّ إِليكم، أَم ثَلاثٌ لَوَاقِحُ؟

قَالَ: أَراد باللَّواقِح العقارب.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


24-لسان العرب (جرد)

جرد: جَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْدًا وجَرَّدَهُ: قشَره؛ قَالَ:

كأَنَّ فداءَها، إِذْ جَرَّدُوهُ ***وَطَافُوا حَوْله، سُلَكٌ يَتِيمُ

وَيُرْوَى حَرَّدُوهُ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وسيأْتي ذِكْرُهُ.

واسمُ مَا جُرِدَ مِنْهُ: الجُرادَةُ.

وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْدًا: نَزَعَ عَنْهُ الشَّعْرَ، وَكَذَلِكَ جَرَّدَه؛ قَالَ طَرَفَةُ:

كسِبْتِ الْيَمَانِيِّ قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ

وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَجْرَدُ لَا شَعْرَ عَلَيْهِ.

وثَوْبٌ جَرْدٌ: خَلَقٌ قَدْ سَقَطَ زِئْبِرُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بَيْنَ الْجَدِيدِ والخَلَق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً؟ ***هَبِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟

أَي لَا تَرْقَع الأَخْلاق وتَتركْ أَسعدَ قَدْ خَرَّقته الرِّمَاحُ فأَيُّ ***تُصِلحُ بَعْدَهُ.

والجَرْدُ: الخَلَقُ مِنَ الثِّيَابِ، وأَثْوابٌ جُرُودٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

فَلَا تَبْعَدَنْ تَحْتَ الضَّريحةِ أَعْظُمٌ ***رَميمٌ، وأَثوابٌ هُناكَ جُرودُ

وشَمْلَةٌ جَرْدَةٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ، شَفَيْنا أُحاحَهُ ***غَدَاتَئِذٍ، فِي جَرْدَةٍ، مُتَماحِلِ

بَوْشِيٌّ: كَثِيرُ الْعِيَالِ.

متماحِلٌ: طَوِيلٌ: شَفَيْنَا أُحاحَهُ أَي قَتَلْناه.

والجَرْدَةُ، بِالْفَتْحِ: البُرْدَةُ المُنْجَرِدَةُ الخَلَقُ.

وانْجَرَدَ الثوبُ؛ أي انسَحَق ولانَ، وَقَدْ جَرِدَ وانْجَرَدَ؛ وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا جَرْدُ هَذِهِ القَطِيفَةِ»؛ أي الَّتِي انجَرَدَ خَمَلُها وخَلَقَتْ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: «قَالَتْ لَهَا امرأَة: رأَيتُ أُمي فِي الْمَنَامِ وَفِي يَدِهَا شَحْمَةٌ وَعَلَى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ»، تَصْغِيرُ جَرْدَة، وَهِيَ الخِرْقة الْبَالِيَةُ.

والجَرَدُ مِنَ الأَرض: مَا لَا يُنْبِتُ، وَالْجَمْعُ الأَجاردُ.

والجَرَدُ: فضاءٌ لَا نَبْتَ فِيهِ، وَهَذَا الِاسْمُ لِلْفَضَاءِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ وأَنه يأْتي الْمَاءَ لَيْلًا فَيَشْرَبُ:

يَقْضِي لُبَانَتَهُ بالليلِ، ثُمَّ إِذا ***أَضْحَى، تَيَمَّمَ حَزْمًا حَوْلهُ جَرَدُ

والجُرْدَةُ، بِالضَّمِّ: أَرض مسْتوية متجرِّدة.

ومكانٌ جَرْدٌ وأَجْرَدُ وجَرِدٌ، لَا نَبَاتَ بِهِ، وفضاءٌ أَجْرَدُ.

وأَرض جَرْداءُ وجَرِدَةٌ، كَذَلِكَ، وَقَدْ جَرِدَتْ جَرَدًا وجَرَّدَها القحطُ تَجْريدًا.

والسماءُ جَرْداءُ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْم مِنْ صَلَع.

وَفِي حَدِيثِ أَبي مُوسَى: «وَكَانَتْ فِيهَا أَجارِدُ أَمْسَكَتِ الماءَ»أَي مواضعُ منْجَرِدَة مِنَ النَّبَاتِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «تُفْتَتحُ الأَريافُ فَيَخْرُجُ إِليها الناسُ، ثُمَّ يَبْعَثُون إِلى أَهاليهم إِنكم فِي أَرض جَرَديَّة»؛ قِيلَ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى الجَرَدِ، بِالتَّحْرِيكِ، وَهِيَ كُلُّ أَرض لَا نَبَاتَ بِهَا.

وَفِي حَدِيثِ أَبي حَدْرَدٍ: «فَرَمَيْتُهُ عَلَى جُرَيداءِ مَتْنِهِ»أَي وَسَطِهِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَفَا المنْجَرِد عَنِ اللَّحْمِ تصغيرُ الجَرْداء.

وَسَنَةٌ جارودٌ: مُقْحِطَةٌ شَدِيدَةُ المَحْلِ.

ورجلٌ جارُودٌ: مَشؤُومٌ، مِنْهُ، كأَنه يَقْشِر قَوْمَهُ.

وجَرَدَ القومَ يجرُدُهُم جَرْدًا: سأَلهم فَمَنَعُوهُ أَو أَعطَوْه كَارِهِينَ.

والجَرْدُ، مُخَفَّفٌ: أَخذُك الشيءَ عَنِ الشيءِ حَرْقًا وسَحْفًا، ولذلك سمي المشؤوم جَارُودًا، والجارودُ العَبْدِيُّ: رجلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَاسْمُهُ بِشْرُ بنُ عَمْرٍو مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَسُمِّيَ الجارودَ لأَنه فَرَّ بِإِبِلِه إِلى أَخواله مِنْ بَنِي شَيْبَانَ وبإِبله دَاءٌ، فَفَشَا ذَلِكَ الدَّاءُ فِي إِبل أَخواله فأَهلكها؛ وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

لَقَدْ جَرَدَ الجارودُ بكرَ بنَ وائِلِ وَمَعْنَاهُ: شُئِمَ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: استأْصل مَا عِنْدَهُمْ.

وَلِلْجَارُودِ حَدِيثٌ، وَقَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَقُتِلَ بِفَارِسَ فِي عَقَبَةِ الطِّينِ.

وأَرض جَرْداءُ: فَضَاءٌ وَاسِعَةٌ مَعَ قِلَّةِ نَبْتٍ.

وَرَجُلٌ أَجْرَدُ: لَا شَعْرَ عَلَى جَسَدِهِ.

وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أَجرَدُ ذُو مَسْرَبةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَجرد الَّذِي لَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ شَعْرٌ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ وإِنما أَراد بِهِ أَن الشَّعْرَ كَانَ فِي أَماكن مِنْ بَدَنِهِ كَالْمَسْرَبَةِ وَالسَّاعِدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، فإِن ضدَّ الأَجْرَد الأَشعرُ، وَهُوَ الَّذِي عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ شَعْرٌ.

وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ: «جُرْدٌ مُرْدٌ مُتَكَحِّلون»، وخَدٌّ أَجْرَدُ، كَذَلِكَ.

وَفِي حَدِيثِ أَنس: «أَنه أَخرج نَعْلَيْنِ جَرْداوَيْن فَقَالَ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»؛ أي لَا شَعْرَ عَلَيْهِمَا.

والأَجْرَدُ مِنَ الخيلِ والدوابِّ كلِّها: القصيرُ الشعرِ حَتَّى يُقَالَ إِنه لأَجْرَدُ الْقَوَائِمِ.

وَفَرَسٌ أَجْرَدُ: قَصِيرُ الشَّعْرِ، وَقَدْ جَرِدَ وانْجَرَدَ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ العِتْق والكَرَم؛ وَقَوْلُهُمْ: أَجردُ الْقَوَائِمِ إِنما يُرِيدُونَ أَجردُ شَعْرِ الْقَوَائِمِ؛ قَالَ:

كأَنَّ قتودِي، والقِيانُ هَوَتْ بِهِ ***مِنَ الحَقْبِ، جَردَاءُ الْيَدَيْنِ وثيقُ

وَقِيلَ: الأَجردُ الَّذِي رقَّ شَعْرُهُ وَقَصُرَ، وَهُوَ مَدْحٌ.

وتَجَرَّد مِنْ ثَوْبِهِ وانجَرَدَ: تَعرَّى.

سِيبَوَيْهِ: انْجَرَدَ لَيْسَتْ لِلْمُطَاوَعَةِ إِنما هِيَ كَفَعَلْتُ كَمَا أَنَّ افتَقَرَ كضَعُفَ، وَقَدْ جَرَّده مِنْ ثَوْبِهِ؛ وَحَكَى الفارسيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ: جَرَّدهُ مِنْ ثَوْبِهِ وجرَّده إِياه.

وَيُقَالُ أَيضًا: فُلَانٌ حسنُ الجُرْدةِ والمجرَّدِ والمتجرَّدِ كَقَوْلِكَ حَسَنُ العُريةِ والمعَرّى، وَهُمَا بِمَعْنًى.

والتجريدُ: التَّعْرِيَةُ مِنَ الثِّيَابِ.

وتجريدُ السَّيْفِ: انْتِضَاؤُهُ.

والتجريدُ: التشذيبُ.

والتجرُّدُ: التعرِّي.

وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ أَنورَ المتجرِّدِ

أَي مَا جُرِّدَ عَنْهُ الثِّيَابُ مِنْ جَسَدِهِ وكُشِف؛ يُرِيدُ أَنه كَانَ مُشْرِقَ الْجَسَدِ.

وامرأَة بَضَّةُ الجُرْدةِ والمتجرِّدِ والمتجرَّدِ، وَالْفَتْحُ أَكثر، أَي بَضَّةٌ عِنْدَ التجرُّدِ، فالمتجرَّدِ عَلَى هَذَا مَصْدَرٌ؛ وَمِثْلُ هَذَا فُلَانٌ رجلُ حَرْبٍ أَي عِنْدَ الْحَرْبِ، وَمَنْ قَالَ بَضَّةُ المتجرِّد، بِالْكَسْرِ، أَراد الجسمَ.

التَّهْذِيبُ: امرأَةٌ بَضَّةُ المتجرَّدِ إِذا كَانَتْ بَضَّةَ البَشَرَةِ إِذا جُرِّدَتْ مِنْ ثَوْبِهَا.

أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ مُسْتَحْييًا وَلَمْ يَكُنْ بالمنبسِطِ فِي الظُّهُورِ: مَا أَنتَ بمنجَرِدِ السِّلْكِ.

والمتجرِّدةُ: اسْمُ امرأَةِ النعمانِ بْنِ المنذِر مَلِكَ الحَيرةِ.

وَفِي حَدِيثِ الشُّراةِ: «فإِذا ظَهَرُوا بَيْنَ النَّهْرَينِ لَمْ يُطاقوا ثُمَّ يَقِلُّون حَتَّى يَكُونَ آخرهُم لُصوصًا جرَّادين»أَي يُعْرُون الناسَ ثِيَابَهُمْ ويَنْهَبونها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُالْحَجَّاجِ؛ قَالَ لأَنس: لأُجَرِّدَنَّك كَمَا يُجَرَّدُ الضبُأَي لأَسْلُخَنَّك سلخَ الضبِّ، لأَنه إِذا شُوِيَ جُرِّدَ مِنْ جِلْدِهِ، وَيُرْوَى: لأَجْرُدَنَّك، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ.

والجَرْدُ: أَخذ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ عَسْفًا وجَرْفًا؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ الجارودُ وَهِيَ السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ المَحْل كأَنها تُهْلِكُ النَّاسَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «وَبِهَا سَرْحةٌ سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نَبِيًّا لَمْ تُقْتَلْ وَلَمْ تُجَرَّدْ»أَي لَمْ تُصِبْهَا آفَةٌ تُهْلِكُ ثَمرها وَلَا وَرَقَهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ جُرِدَتِ الأَرضُ، فَهِيَ مَجْرُودَةٌ إِذا أَكلها الجرادُ.

وجَرَّدَ السيفَ مِنْ غِمْدِهِ: سَلَّهُ.

وتجرَّدَتِ السُّنْبُلَةُ وانجَرَدَتْ: خَرَجَتْ مِنْ لَفَائِفِهَا، وَكَذَلِكَ النَّورُ عَنْ كِمامِهِ.

وَانْجَرَدَتِ الإِبِلُ مِنْ أَوبارها إِذا سَقَطَتْ عَنْهَا.

وجَرَّدَ الكتابَ والمصحفَ: عَرَّاه مِنَ الضَّبْطِ وَالزِّيَادَاتِ وَالْفَوَاتِحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ قرأَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَستعيذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَقَالَ: جَرِّدوا القرآنَ لِيَرْبُوَ فِيهِ صَغِيرُكُمْ وَلَا يَنْأَى عَنْهُ كَبِيرُكُمْ، وَلَا تَلبِسوا بِهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَعْنَاهُ لَا تَقْرِنُوا بِهِ شَيْئًا مِنَ الأَحاديث الَّتِي يَرْوِيهَا أَهل الْكِتَابِ لِيَكُونَ وَحْدَهُ مُفْرَدًا، كأَنه حثَّهم عَلَى أَن لَا يَتَعَلَّمَ أَحد مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ غَيْرَهُ، لأَن مَا خَلَا الْقُرْآنِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى إِنما يُؤْخَذُ عَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَهُمْ غَيْرُ مأْمونين عَلَيْهَا؛ وَكَانَ إِبراهيم يَقُولُ: أَراد بِقَوْلِهِ جَرِّدوا القرآنَ مِنَ النَّقْط والإِعراب وَالتَّعْجِيمِ وَمَا أَشبهها، وَاللَّامُ فِي ليَرْبُوَ مِنْ صِلَةِ جَرِّدوا، وَالْمَعْنَى اجْعَلُوا الْقُرْآنَ لِهَذَا وخُصُّوه بِهِ واقْصُروه عَلَيْهِ، دُونَ النِّسْيَانِ والإِعراض عَنْهُ لينشأَ عَلَى تَعْلِيمِهِ صِغَارُكُمْ وَلَا يَبْعُدَ عَنْ تِلَاوَتِهِ وَتَدَبُّرِهِ كِبَارُكُمْ.

وتجرَّدَ الحِمارُ: تقدَّمَ الأُتُنَ فَخَرَجَ عَنْهَا.

وتجَرَّدَ الفرسُ وانجرَدَ: تقدَّم الحَلْبَةَ فَخَرَجَ مِنْهَا وَلِذَلِكَ قِيلَ: نَضَا الفرسُ الخيلَ إِذا تَقَدَّمَهَا، كأَنه أَلقاها عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يَنْضُو الإِنسانُ ثوبَه عَنْهُ.

والأَجْرَدُ: الَّذِي يَسْبِقُ الخيلَ ويَنْجَرِدُ عَنْهَا لِسُرْعَتِهِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ.

ورجلٌ مُجْرَد، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ: أُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

وتجَرَّدَ الْعَصِيرُ: سَكَنَ غَلَيانُه.

وخمرٌ جَرداءُ: منجردةٌ مِنْ خُثاراتها وأَثفالها؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِلطِّرِمَّاحِ:

فَلَمَّا فُتَّ عَنْهَا الطينُ فاحَتْ، ***وصَرَّح أَجْرَدُ الحَجَراتِ صَافِي

وتجَرَّدَ للأَمر: جَدَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ تجَرَّد فِي سَيْرِهِ وانجَرَدَ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: شَمَّرَ فِي سَيْرِهِ.

وانجرَدَ بِهِ السيرُ: امتَدَّ وَطَالَ؛ وإِذا جَدَّ الرَّجُلُ فِي سَيْرِهِ فَمَضَى يُقَالُ: انجرَدَ فَذَهَبَ، وإِذا أَجَدَّ فِي الْقِيَامِ بأَمر قِيلَ: تجَرَّد لأَمر كَذَا، وتجَردَّ لِلْعِبَادَةِ؛ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ: تجرَّدُوا بِالْحَجِّ وإِن لَمْ تُحرِموا.

قَالَ إِسحاق بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لأَحمد مَا قَوْلُهُ تجَرَّدوا بِالْحَجِّ؟ قَالَ: تَشَبَّهوا بِالْحَاجِّ وإِن لَمْ تَكُونُوا حُجَّاجًا، وَقَالَ إِسحاق بْنُ إِبراهيم كَمَا قَالَ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: جَرَّدَ فُلانٌ الحَجَّ وتجَرَّدَ بِالْحَجِّ إِذا أَفرده وَلَمْ يُقْرِنْ.

والجرادُ: مَعْرُوفٌ، الواحدةُ جَرادة تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَيْسَ الجرادُ بِذَكَرٍ لِلْجَرَادَةِ وإِنما هُوَ اسْمٌ لِلْجِنْسِ كَالْبَقَرِ وَالْبَقَرَةِ وَالتَّمْرِ وَالتَّمْرَةِ وَالْحَمَامِ وَالْحَمَامَةِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ، فحقُّ مُذَكَّرِهِ أَن لَا يَكُونُ مؤنثُه مِنْ لَفْظِهِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ الواحدُ المذكرُ بِالْجَمْعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قِيلَ هُوَ سِرْوَةٌ ثُمَّ دَبَى ثُمَّ غَوْغاءُ ثُمَّ خَيْفانٌ ثُمَّ كُتْفانُ ثُمَّ جَراد، وَقِيلَ: الْجَرَادُ الذَّكَرُ وَالْجَرَادَةُ الأُنثى؛ وَمِنْ كَلَامِهِمْ: رأَيت جَرادًا عَلَى جَرادةٍ كَقَوْلِهِمْ: رأَيت نَعَامًا عَلَى نَعَامَةٍ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَذَلِكَ موضوعٌ عَلَى مَا يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ، وَيَتْرُكُونَ غيرَه بِالْغَالِبِ إِليه مِنْ إِلزام المؤَنث العلامةَ المشعرةَ بالتأْنيث، وإِن كَانَ أَيضًا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاسِعًا كَثِيرًا، يَعْنِي المؤَنث الَّذِي لَا عَلَامَةَ فِيهِ كَالْعَيْنِ والقدْر والعَناق وَالْمُذَكَّرَ الَّذِي فِيهِ علامةُ التأْنيث كَالْحَمَامَةِ والحَيَّة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ الأَصمعي إِذا اصفَرَّت الذكورُ وَاسْوَدَّتِ الإِناثُ ذَهَبَ عَنْهُ الأَسماء إِلا الجرادَ يَعْنِي أَنه اسْمٌ لَا يُفَارِقُهَا؛ وَذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ فِي الْجَرَادِ إِلى أَنه آخِرُ أَسمائه كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَالَ أَعرابي: تَرَكْتُ جَرَادًا كأَنه نَعَامَةٌ جَاثِمَةٌ.

وجُردت الأَرضُ، فَهِيَ مجرودةٌ إِذا أَكل الجرادُ نَبْتَها.

وجَرَدَ الجرادُ الأَرضَ يَجْرُدُها جَرْدًا: احْتَنَكَ مَا عَلَيْهَا مِنَ النَّبَاتِ فَلَمْ يُبق مِنْهُ شَيْئًا؛ وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ جَرادًا بِذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرضٌ مجرودةٌ، مِنَ الْجَرَادِ، فَالْوَجْهُ عِنْدِي أَن يَكُونَ مَفْعُولَةً مِنْ جَرَدَها الجرادُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِلْآخَرِ أَن يَعْنِيَ بِهَا كثرةَ الْجَرَادِ، كَمَا قَالُوا أَرضٌ موحوشةٌ كثيرةُ الْوَحْشِ، فَيَكُونُ عَلَى صِيغَةِ مَفْعُولٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ إِلا بِحَسَبِ التَّوَهُّمِ كأَنه جُردت الأَرض أَي حَدَثَ فِيهَا الْجَرَادُ، أَو كأَنها رُميَتْ بِذَلِكَ، فأَما الجرادةُ اسْمُ فَرَسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَحْبيل، فإِنما سُمِّيَتْ بِوَاحِدِ الْجَرَادِ عَلَى التَّشْبِيهِ لَهَا بِهَا، كَمَا سَمَّاهَا بَعْضُهُمْ خَيْفانَةً.

وجَرادةُ العَيَّار: اسْمُ فُرَسٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

والجَرَدُ: أَن يَشْرَى جِلْدُ الإِنسان مِنْ أَكْلِ الجَرادِ.

وجُردَ الإِنسانُ، بِصِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلهُ، إِذا أَكل الجرادَ فَاشْتَكَى بطنَه، فَهُوَ مجرودٌ.

وجَرِدَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، جَرَدًا، فَهُوَ جَرِدٌ: شَرِيَ جِلْدُه مِنْ أَكل الجرادِ.

وجُرِدَ الزرعُ: أَصابه الجرادُ.

وَمَا أَدري أَيُّ الجرادِ عارَه أَي أَيُّ النَّاسِ ذَهَبَ بِهِ.

وَفِي الصِّحَاحِ: مَا أَدري أَيُّ جَرادٍ عارَه.

وجَرادَةُ: اسمُ امرأَةٍ ذَكَرُوا أَنها غَنَّتْ رِجَالًا بَعَثَهُمْ عَادٌ إِلى الْبَيْتِ يَسْتَسْقُونَ فأَلهتهم عَنْ ذَلِكَ؛ وإِياها عَنَى ابْنُ مُقْبِلٍ بِقَوْلِهِ:

سِحْرًا كَمَا سَحَرَتْ جَرادَةُ شَرْبَها، ***بِغُرورِ أَيامٍ ولَهْوِ ليالِ

والجَرادَتان: مُغَنِّيَتَانِ لِلنُّعْمَانِ؛ وَفِي قِصَّةِ أَبي رِغَالٍ: فَغَنَّتْهُ الجرادَتان.

التَّهْذِيبُ: وَكَانَ بِمَكَّةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَيْنَتَانِ يُقَالُ هُمَا الْجَرَادَتَانِ مَشْهُورَتَانِ بِحُسْنِ الصَّوْتِ وَالْغِنَاءِ.

وخيلٌ جَرِيدَةٌ: لَا رَجَّالَةَ فِيهَا؛ وَيُقَالُ: نَدَبَ القائدُ جَريدَةً مِنَ الْخَيْلِ إِذا لَمْ يُنْهِضْ مَعَهُمْ رَاجِلًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ عَيْرًا وأُتُنَه:

يُقَلِّبُ بالصَّمَّانِ قُودًا جَريدةً، ***تَرامَى بِهِ قِيعانُهُ وأَخاشِبُه

قَالَ الأَصمعي: الجَريدةُ الَّتِي قَدْ جَرَدَها مِنَ الصِّغار؛ وَيُقَالُ: تَنَقَّ إِبلًا جَرِيدَةً أَي خِيَارًا شِدَادًا.

أَبو مَالِكٍ: الجَريدةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْخَيْلِ.

والجاروديَّةُ: فِرَقَةٌ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ نُسِبُوا إِلى الْجَارُودِ زِيَادِ بْنِ أَبي زِيَادٍ.

وَيُقَالُ: جَريدة مِنَ الْخَيْلِ لِلْجَمَاعَةِ جُرِّدَتْ مِنْ سَائِرِهَا لِوَجْهٍ.

والجَريدة: سَعفة طَوِيلَةٌ رَطْبَةٌ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: هِيَ رَطْبَةً سفعةٌ وَيَابِسَةً جريدةٌ؛ وَقِيلَ: الْجَرِيدَةُ لِلنَّخْلَةِ كَالْقَضِيبِ لِلشَّجَرَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى اشْتِقَاقِ الْجَرِيدَةِ فَقَالَ: هِيَ السَّعَفَةُ الَّتِي تُقَشَّرُ مِنْ خُوصِهَا كَمَا يُقَشَّرُ الْقَضِيبُ مِنْ وَرَقِهِ، وَالْجَمْعُ جَريدٌ وجَرائدُ؛ وَقِيلَ: الْجَرِيدَةُ السعَفة مَا كَانَتْ، بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ؛ وَقِيلَ: الْجَرِيدُ اسْمُ وَاحِدٍ كَالْقَضِيبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ أَن الْجَرِيدَ جَمْعُ جَرِيدَةٍ كَشَعِيرٍ وَشَعِيرَةٍ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «ائْتني بِجَرِيدَةٍ».

وَفِي الْحَدِيثِ: «كُتِبَ الْقُرْآنُ فِي جَرائدَ»، جَمْعُ جَرِيدَةٍ؛ الأَصمعي: هُوَ الجَريد عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ، وَاحِدَتُهُ جَرِيدَةٌ، وَهُوَ الْخُوصُ وَالْجُرْدَانُ.

الْجَوْهَرِيُّ: الْجَرِيدُ الَّذِي يُجْرَدُ عَنْهُ الْخُوصُ وَلَا يُسَمَّى جَرِيدًا مَا دَامَ عَلَيْهِ الْخُوصُ، وإِنما يُسَمَّى سَعَفًا.

وَكُلُّ شَيْءٍ قَشَرْتَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَدْ جَرَدْتَهُ عَنْهُ، وَالْمَقْشُورُ: مَجْرُودٌ، وَمَا قُشِرَ عَنْهُ: جُرادة.

وَفِي الْحَدِيثِ: «الْقُلُوبُ أَربعة: قَلْبٌ أَجرَدُ فِيهِ مثلُ السِّرَاجِ يُزْهِرُ»أَي لَيْسَ فِيهِ غِلٌّ وَلَا غِشٌّ، فَهُوَ عَلَى أَصل الْفِطْرَةِ فَنُورُ الإِيمان فِيهِ يُزهر.

ويومٌ جَريد وأَجْرَدُ: تَامٌّ، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ.

وعامٌ جَريد أَي تَامٌّ.

وَمَا رأَيته مُذْ أَجْرَدانِ وجَريدانِ ومُذْ أَبيضان: يريدُ يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْنِ تَامَّيْنِ.

والمُجَرَّدُ والجُردانُ، بِالضَّمِّ: الْقَضِيبُ مِنْ ذَوَاتِ الْحَافِرِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الذَّكَرُ مَعْمُومًا بِهِ، وَقِيلَ هُوَ فِي الإِنسان أَصل وَفِيمَا سِوَاهُ مُسْتَعَارٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

إِذا رَوِينَ عَلَى الخِنْزِير مِنْ سَكَرٍ، ***نادَيْنَ: يَا أَعظَمَ القِسِّين جُرْدانا

الْجَمْعُ جَرادين.

والجَرَدُ فِي الدَّوَابِّ: عَيْبٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ حُكِيَتْ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ جَرِدَ جَرَدًا.

قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الجَرَدُ وَرَمٌ فِي مؤَخر عُرْقُوبِ الْفَرَسِ يَعْظُمُ حَتَّى يمنعَه المشيَ والسعيَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ وَهُوَ ثِقَةٌ مأْمون.

والإِجْرِدُّ: نَبْتٌ يَدُلُّ عَلَى الكمأَة، وَاحِدَتُهُ إِجْرِدَّةٌ؛ قَالَ:

جَنَيْتُها مِنْ مُجْتَنىً عَويصِ، ***مِنْ مَنْبِتِ الإِجْرِدِّ والقَصيصِ

النَّضِرُ: الإِجْرِدَّ بَقْلٌ يُقَالُ لَهُ حَبٌّ كأَنه الْفُلْفُلُ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِجْرِدٌ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، مِثْلُ إِثمد، وَمَنْ ثُقِّلَ، فَهُوَ مِثْلُ الإِكْبِرِّ، يُقَالُ: هُوَ إِكْبِرُّ قَوْمِهِ.

وجُرادُ: اسْمُ رَمَلَةٍ فِي الْبَادِيَةِ.

وجُراد وجَراد وجُرادَى: أَسماء مَوَاضِعَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ: تَرَكْتُ جَرادًا كأَنها نَعَامَةٌ بَارِكَةٌ.

والجُراد والجُرادة: اسْمُ رَمْلَةٍ بأَعلى الْبَادِيَةِ.

وَالْجَارِدُ وأُجارد، بِالضَّمِّ: مَوْضِعَانِ أَيضًا، وَمِثْلُهُ أُباتر.

والجُراد: مَوْضِعٌ فِي دِيَارِ تَمِيمٍ.

يُقَالُ: جَرَدُ القَصِيم وَالْجَارُودُ وَالْمَجْرَدُ وَجَارُودٌ أَسماء رِجَالٍ.

ودَرابُ جِرْد: مَوْضِعٌ.

فأَما قَوْلُ سِيبَوَيْهِ: فَدِرَابُ جِرْدَ كَدَجَاجَةٍ وَدِرَابُ جِرْدَيْنِ كَدَجَاجَتَيْنِ فإِنه لَمْ يُرِدْ أَن هُنَالِكَ دِرَابَ جِرْدين، وإِنما يُرِيدُ أَن جِرْد بِمَنْزِلَةِ الْهَاءِ فِي دَجَاجَةٍ، فَكَمَا تَجِيءُ بِعَلَمِ التَّثْنِيَةِ بَعْدَ الْهَاءِ فِي قَوْلِكَ دَجَاجَتَيْنِ كَذَلِكَ تَجِيءُ بِعَلَمِ التَّثْنِيَةِ بَعْدَ جِرْدَ، وإِنما هُوَ تَمْثِيلٌ مِنْ سِيبَوَيْهِ لَا أَن دِرَابَ جِرْدَيْنِ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

تدلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ ***بِجَرْداءَ، مِثْلِ الوَكْفِ يَكْبُو غُرابُها

يَعْنِي صَخْرَةً مَلْسَاءَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَصِفُ مُشْتَارًا لِلْعَسَلِ تَدَلَّى عَلَى بُيُوتِ النَّحْلِ.

وَالسَّبُّ: الْحَبْلُ.

وَالْخَيْطَةُ: الْوَتِدُ.

وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا تَعُودُ عَلَى النَّحْلِ.

وَقَوْلُهُ: بِجَرْدَاءَ يُرِيدُ بِهِ صَخْرَةً مَلْسَاءَ كَمَا ذُكِرَ.

وَالْوَكْفُ: النَّطْعُ شَبَّهَهَا بِهِ لِمَلَاسَتِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ: يَكْبُو غُرَابُهَا أَي يَزْلَقُ الْغُرَابُ إِذا مَشَى عَلَيْهَا؛ التَّهْذِيبُ: قَالَ الرِّيَاشِيُّ أَنشدني الأَصمعي فِي النُّونِ مَعَ الْمِيمِ:

أَلا لَهَا الوَيْلُ عَلَى مُبين، ***عَلَى مُبِينٍ جَرَدِ القَصِيم

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِحَنْظَلَةَ بْنِ مُصْبِحٍ، وأَنشد صَدْرَهُ: يَا رِيَّها اليومَ عَلَى مُبين

مُبِينُ: اسْمُ بِئْرٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِبِلَادِ تَمِيمٍ.

والقَصِيم: نَبْتٌ.

والأَجاردة مِنَ الأَرض: مَا لَا يُنْبِتُ؛ وأَنشد فِي مِثْلِ ذَلِكَ:

يطعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمٍ، ***تَحْتَ الذُّنابى فِي مكانٍ سُخْن

وَقِيلَ: القَصيم مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ مَعْرُوفٌ فِي الرِّمَالِ الْمُتَّصِلَةِ بِجِبَالِ الدَّعْنَاءِ.

وَلَبَنٌ أَجْرَدُ: لَا رَغْوَةَ لَهُ؛ قَالَ الأَعشى:

ضَمِنَتْ لَنَا أَعجازَه أَرماحُنا، ***مِلءَ المراجِلِ، والصريحَ الأَجْرَدا

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


25-لسان العرب (درر)

درر: دَرَّ اللبنُ وَالدَّمْعُ وَنَحْوُهُمَا يَدِرُّ ويَدُرُّ دَرًّا ودُرُورًا؛ وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ.

إِذَا حُلِبَتْ فأَقبل مِنْهَا عَلَى الْحَالِبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ قِيلَ: دَرَّتْ، وإِذا اجْتَمَعَ فِي الضَّرْعِ مِنَ الْعُرُوقِ وَسَائِرِ الْجَسَدِ قِيلَ: دَرَّ اللبنُ.

والدِّرَّةُ، بِالْكَسْرِ: كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَسَيَلَانُهُ.

وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ: «غَاضَتْ لَهَا الدِّرَةُ»، وَهِيَ اللَّبَنُ إِذا كَثُرَ وَسَالَ؛ واسْتَدَرَّ اللبنُ وَالدَّمْعُ وَنَحْوُهُمَا: كَثُرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

إِذا نَهَضَتْ فيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها، ***كَقِتْر الغلاءِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها

اسْتَعَارَ الدَّرَّ لِشِدَّةِ دَفْعِ السِّهَامِ، وَالِاسْمُ الدِّرَّةُ والدَّرَّة؛ وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ مَا اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ والجِرَّةُ، وَاخْتِلَافُهُمَا أَن الدِّرَّةَ تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو.

والدَّرُّ: اللَّبَنُ مَا كَانَ؛ قَالَ:

طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ، حَتَّى كأَنها ***فَلافِلُ هِندِيٍّ، فَهُنَّ لُزُوقُ

أُمهاتُ الدَّر: الأَطْباءُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نَهَى عن ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ»أَي ذَوَاتِ اللَّبَنِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مصدرَ دَرَّ اللَّبَنَ إِذا جَرَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «لَا يُحْبَسُ دَرُّكُم»؛ أَي ذواتُ الدَّرِّ، أَراد أَنها لَا تُحْشَرُ إِلى المُصَدِّقِ وَلَا تُحْبَسُ عَنِ المَرْعَى إِلى أَن تَجْتَمِعَ الْمَاشِيَةُ ثُمَّ تُعَدُّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الإِضرار بِهَا.

ابْنُ الأَعرابي: الدَّرُّ الْعَمَلُ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لِلَّهِ دَرُّكَ، يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا، كَقَوْلِهِمْ: قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَكفره وَمَا أَشعره.

وَقَالُوا: لِلَّهِ دَرُّكَ أَي لِلَّهِ عَمَلُكَ يُقَالُ هَذَا لِمَنْ يُمْدَحُ وَيُتَعَجَّبُ مِنْ عَمَلِهِ، فإِذا ذُمَّ عَمَلُهُ قِيلَ: لَا دَرَّ دَرُّهُ وَقِيلَ: لِلَّهِ دَرُّك مِنْ رَجُلٍ مَعْنَاهُ لِلَّهِ خَيْرُكَ وَفِعَالُكَ، وإِذا شَتَمُوا قَالُوا: لَا دَرَّ دَرُّه أَي لَا كَثُرَ خَيْرُهُ، وَقِيلَ: لِلَّهِ دَرُّك أَي لِلَّهِ مَا خَرَجَ مِنْكَ مِنْ خَيْرٌ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَصله أَن رَجُلًا رأَى آخَرَ يَحْلِبُ إِبلًا فَتَعَجَّبَ مِنْ كَثْرَةٍ لِبَنْهَا فَقَالَ: لِلَّهِ دَرُّك، وَقِيلَ: أَراد لِلَّهِ صَالِحُ عَمَلِكَ لأَن الدَّرَّ أَفضل مَا يُحْتَلَبُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وأَحسبهم خَصُّوا اللَّبَنَ لأَنهم كَانُوا يَفْصِدُون النَّاقَةَ فيشربون دمها ويَقْتَطُّونَها فَيَشْرَبُونَ مَاءَ كِرْشِهَا فَكَانَ اللبنُ أَفضلَ مَا يَحْتَلِبُونَ، وَقَوْلُهُمْ: لَا دَرَّ دَرُّه لَا زَكَا عَمَلُهُ، عَلَى الْمَثَلِ، وَقِيلَ: لَا دَرَّ دَرُّه أَي لَا كَثُرَ خَيْرُهُ.

قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرُّه؛ الأَصل فِيهِ أَن الرَّجُلَ إِذا كَثُرَ خَيْرُهُ وَعَطَاؤُهُ وإِنالته النَّاسَ قِيلَ: لِلَّهِ درُّه أَي عَطَاؤُهُ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَشَبَّهُوا عَطَاءَهُ بِدَرِّ النَّاقَةِ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ حَتَّى صَارُوا يَقُولُونَهُ لِكُلِّ مُتَعَجِّبٍ مِنْهُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وربما استعملوه مِنْ غَيْرِ أَن يَقُولُوا لِلَّهِ فَيَقُولُونَ: دَرَّ دَرُّ فُلَانٍ وَلَا دَرَّ دَرُّه؛ وأَنشد:

دَرَّ دَرُّ الشَّبابِ والشَّعَرِ الأَسْود ******

وَقَالَ آخَر:

لَا دَرَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَهُمْ ***قِرْفَ الحَتِيِّ، وَعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ

وَقَالَ ابْنُ أَحمر:

بانَ الشَّبابُ وأَفْنَى ضِعفَهُ العُمُرُ، ***للهِ دَرِّي فَأَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ؟

تَعْجَّبَ مِنْ نَفْسِهِ أَيّ عَيْشٍ مُنْتَظَرٍ، ودَرَّت النَّاقَةُ بِلَبَنِهَا وأَدَرَّتْهُ.

وَيُقَالُ: درَّت النَّاقَةُ تَدِرُّ وتَدُرُّ دُرُورًا ودَرًّا وأَدَرَّها فَصِيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُونَ الْفَصِيلِ إِذا مَسَحَ ضَرْعَها.

وأَدَرَّت النَّاقَةُ، فَهِيَ مُدِرٌّ إِذا دَرَّ لَبَنُهَا.

وَنَاقَةٌ دَرُورٌ: كثيرةُ الدَّرِّ، ودَارٌّ أَيضًا؛ وضَرَّةٌ دَرُورٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

مِنَ الزَّمِرَاتِ أَسبل قادِماها، ***وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ

وَكَذَلِكَ ضَرْعٌ دَرُورٌ، وإِبل دُرُرٌ ودُرَرٌ ودُرَّارٌ مِثل كَافِرٍ وكُفَّارٍ؛ قَالَ:

كانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوها ويَصْبَحُها ***مِنْ هَجْمَةٍ، كَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّارِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن دُرَّارًا جَمْعُ دَارَّةٍ عَلَى طَرْحِ الْهَاءِ.

واسْتَدَرَّ الحَلُوبَةَ: طَلَبَ دَرَّها.

والاسْتِدْرَارُ أَيضًا: أَن تَمْسَحَ الضَّرْعَ بِيَدِكَ ثُمَّ يَدِرَّ اللبنُ.

ودَرَّ الضَّرْعُ بِاللَّبَنِ يَدُرُّ دُرورًا، ودَرَّت لِقْحَةُ الْمُسْلِمِينَ وحَلُوبَتُهُمْ يَعْنِي فَيْئَهم وخَرَاجَهم، وَأَدَرَّهُ عُمَّالُه، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الدِّرَّةُ.

ودَرَّ الخَرَاجُ يَدِرُّ إِذا كَثُرَ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه أَوصى إِلى عُمَّالِهِ حِينَ بَعَثَهُمْ فَقَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمْ: أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ اللَّيْثُ: أَراد بِذَلِكَ فَيْئَهُمْ وَخَرَاجَهُمْ فَاسْتَعَارَ لَهُ اللِّقْحَةَ والدِّرَّةَ.

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا طَلَبَ الْحَاجَةَ فَأَلَحَّ فِيهَا: أَدَرَّها وإِن أَبَتْ أَي عَالَجَهَا حَتَّى تَدِرَّ، يُكَنَّى بالدَّرِّ هُنَا عَنِ التَّيْسِيرِ.

ودَرَّت العروقُ إِذا امتلأَت دَمًا أَو لَبَنًا.

ودَرَّ العِرْقُ: سَالَ.

قَالَ: وَيَكُونُ دُرورُ العِرْقِ تَتَابُعُ ضَرَبانه كَتَتَابُعِ دُرُورِ العَدْوِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: فَرَسٌ دَرِيرٌ.

وَفِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِكْرِ حَاجِبَيْهِ: بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّه الْغَضَبُ؛ يَقُولُ: إِذا غَضِبَ دَرَّ العِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، وَدُرُورُهُ غِلَظُهُ وَامْتِلَاؤُهُ؛ وَفِي قَوْلِهِمْ: بَيْنَ عَيْنَيْهِ عِرْقٌ يُدِرُّه الْغَضَبُ، وَيُقَالُ يُحَرِّكُهُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ أَي يَمْتَلِئُ دَمًا إِذا غَضِبَ كَمَا يَمْتَلِئُ الضَّرْعُ لَبَنًا إِذا دَرَّ.

ودَرَّت السَّمَاءُ بِالْمَطَرِ دَرًّا ودُرُورًا إِذا كَثُرَ مَطَرُهَا؛ وَسَمَاءٌ مِدْرَارٌ وَسَحَابَةٌ مِدْرَارٌ.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلسَّمَاءِ إِذا أَخالت: دُرِّي دُبَس، بِضَمِّ الدَّالِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ مِنْ دَرَّ يَدُرُّ.

والدِّرَّةُ فِي الأَمطار: أَن يَتْبَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَجَمْعُهَا دِرَرٌ.

وَلِلسَّحَابِ دِرَّةٌ أَي صَبٌّ، وَالْجَمْعُ دِرَرٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:

سَلامُ الإِلهِ ورَيْحانُه، ***ورَحْمَتُهُ وسَمَاءٌ دِرَرْ

غَمامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ، ***فَأَحْيَا البِلَاد وطَابَ الشَّجَرْ

سماءٌ دِرَرٌ أَي ذاتُ دِرَرٍ.

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: «دِيَمًا دِرَرًا»: هُوَ جَمْعُ دِرَّةٍ.

يُقَالُ لِلسَّحَابِ دِرَّة أَي صَبٌّ وَانْدِفَاقٌ، وَقِيلَ: الدِّرَرُ الدارُّ، كَقَوْلِهِ تعالى: {دِينًا قِيَمًا}؛ أَي قَائِمًا.

وَسَمَاءٌ مِدْرارٌ أَيتَدِرُّ بِالْمَطَرِ.

والريحُ تُدِرُّ السَّحابَ وتَسْتَدِرُّه أَي تَسْتَجْلبه؛ وَقَالَ الحادِرَةُ وَاسْمُهُ قُطْبَةُ بْنُ أَوس الغَطَفَانِيُّ:

فَكأَنَّ فَاهَا بَعْدَ أَوَّلِ رَقْدَةٍ ***ثَغَبٌ بِرابِيَةٍ، لَذيذُ المَكْرَعِ

بِغَرِيضِ سارِيَةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبَا، ***مِنْ مَاءِ أَسْحَرَ، طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ

وَالثَّغَبُ: الْغَدِيرُ فِي ظِلِّ جَبَلٍ لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ، فَهُوَ أَبرد لَهُ.

وَالْغَرِيضُ: الْمَاءُ الطَّرِيُّ وَقْتَ نُزُولِهِ مِنَ السَّحَابِ.

وأَسحرُ: غديرٌ حُرُّ الطِّين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ هَذَا الشَّاعِرُ بِالْحَادِرَةِ لِقَوْلِ زَبَّانَ بنَ سَيَّارٍ فِيهِ:

كأَنَّكَ حادِرَةُ المَنْكِبَيْنِ، ***رَصْعَاءُ تُنْقِضُ فِي حادِرِ

قَالَ: شَبَّهَهُ بِضفْدَعَةٍ تُنْقِضُ فِي حَائِرٍ، وإِنقاضها: صَوْتُهَا.

وَالْحَائِرُ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ فِي مُنْخَفِضٍ مِنَ الأَرض لَا يَجِدُ مَسْرَبًا.

وَالْحَادِرَةُ: الضَّخْمَةُ الْمَنْكِبَيْنِ.

وَالرَّصْعَاءُ وَالرَّسْحَاءُ: الْمَمْسُوحَةُ الْعَجِيزَةِ.

وللسَّاقِ دِرَّةٌ: اسْتِدْرَارٌ لِلْجَرْيِ.

وللسُّوقِ دِرَّة أَي نَفَاقٌ.

ودَرَّت السُّوقُ: نَفَقَ مَتَاعُهَا، وَالِاسْمُ الدِّرَّة.

ودَرَّ الشَّيْءُ: لانَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِذا اسْتَدْبَرَتْنا الشمسُ دَرَّتْ مُتُونُنا، ***كأَنَّ عُرُوقَ الجَوفِ يَنْضَحْنَ عَنْدَما

وَذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ: إِن اسْتِدْبَارَ الشَّمْسِ مَصَحَّةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

تَخْبِطُ بالأَخْفَافِ والمَنَاسِمِ ***عَنْ دِرَّةٍ تَخْضِبُ كَفَّ الهاشِمِ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: هَذِهِ حَرْبٌ شَبَّهَهَا بِالنَّاقَةِ، ودِرَّتُها: دَمُها.

ودَرَّ النباتُ: الْتَفَّ.

ودَرَّ السِّراجُ إِذا أَضاء؛ وَسِرَاجٌ دارٌّ ودَرِيرٌ.

ودَرَّ الشيءُ إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ.

والإِدْرارُ فِي الْخَيْلِ: أَن يُقِلَّ الفرسُ يَدَهُ حِينَ يَعْتِقُ فَيَرْفَعُهَا وَقَدْ يَضَعُهَا.

ودَرَّ الفرسُ يَدِرٌ دَرِيرًا ودِرَّةً: عَدَا عَدْوًا شَدِيدًا.

ومَرَّ عَلَى دِرَّتِهِ أَي لَا يَثْنِيهِ شَيْءٌ.

وَفَرَسٌ دَرِيرٌ: مُكْتَنِزُ الخَلْقِ مُقْتَدِرٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَليدِ، أَمَرَّهُ ***تَتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ

وَيُرْوَى: تَقَلُّبُ كَفَّيْهِ، وَقِيلَ: الدَّرِير مِنَ الْخَيْلِ السَّرِيعُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ السَّرِيعُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الإِدْرَارُ فِي الْخَيْلِ أَن يَعْتِقَ فَيَرْفَعَ يَدًا وَيَضَعُهَا فِي الْخَبَبِ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:

لَمَّا رَأَتْ شَيْخًا لَهَا دَرْدَرَّى ***فِي مِثلِ خَيطِ العِهِنِ المُعَرَّى

قَالَ: الدَّرْدَرَّى مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ دَرِيرٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي مِثْلِ خَيْطِ الْعِهِنِ الْمُعَرَّى ""يُرِيدُ بِهِ الْخُذْرُوفَ، وَالْمُعَرَّى جُعِلَتْ لَهُ عُرْوَةٌ.

وَفِي حَدِيثِ أَبي قِلابَةَ: «صَلَّيْتُ الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَتْ حِمَارًا دَرِيرًا»؛ الدَّرِيرُ: السَّرِيعُ الْعَدْوِ مِنَ الدَّوَابِّ الْمُكْتَنِزُ الْخَلْقِ، وأَصل الدَّرِّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اللبنُ.

ودَرَّ وَجْهُ الرَّجُلِ يَدِرُّ إِذا حَسُنَ وَجْهُهُ بَعْدَ الْعِلَّةِ.

الْفَرَّاءُ: والدَّرْدَرَّى الَّذِي يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ.

وأَدَرَّت المرأَةُ المِغْزَلَ، وَهِيَ مُدِرَّةٌ ومُدِرٌّ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَب، إِذا فَتَلْتَهُ فَتْلًا شَدِيدًا فرأَيته كأَنه وَاقِفٌ مِنْ شِدَّةِ دَوَرَانِهِ.

قَالَ: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَمْهَرَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: إِذا رأَيته وَاقِفًا لَا يَتَحَرَّكُ مِنْشِدَّةِ دَوَرَانِهِ.

والدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ الَّذِي يَغْزِلُ بِهِ الرَّاعِي الصوفَ؛ قَالَ: "" جَحَنْفَلٌ يَغْزِلُ بالدَّرَّارَة وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: «أَتيتك وأَمْرُك أَشدُّ انْفِضاحًا مِنْ حُقِّ الكَهُولِ فَمَا زلتُ أَرُمُّه حَتَّى تَرَكْتُه مِثْلَ فَلْكَةِ المُدِرِّ»؛ قَالَ: وَذَكَرَ الْقُتَيْبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَغَلِطَ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وأَما الْمُدِرُّ، فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، الغَزَّالُ؛ وَيُقَالُ للمِغزَلِ نَفْسِهِ الدَّرَّارَةُ والمِدَرَّةُ، وَقَدْ أَدرّت الْغَازِلَةُ دَرَّارَتَها إِذا أَدارتها لِتَسْتَحْكِمَ قُوَّةَ مَا تَغْزِلُهُ مِنْ قُطْنٍ أَو صُوفٍ، وَضُرِبَ فَلْكَةُ الْمُدِرِّ مَثَلًا لإِحكامه أَمره بَعْدَ اسْتِرْخَائِهِ وَاتِّسَاقِهِ بَعْدَ اضْطِرَابِهِ، وَذَلِكَ لأَن الغَزَّال لا يأْلو إِحكامًا وَتَثْبِيتًا لِفَلْكَةِ مِغْزَلِه لأَنه إِذا قَلِقَ لَمْ تَدِرَّ الدَّرَّارَةُ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَراد بِالْمُدِرِّ الْجَارِيَةَ إِذا فَلَكَ ثَدْيَاهَا ودَرَّ فِيهِمَا الْمَاءُ، يَقُولُ: كَانَ أَمرك مُسْتَرْخِيًا فأَقمته حَتَّى صَارَ كأَنه حَلَمَةُ ثَدْيٍ قَدْ أَدَرَّ، قَالَ: والأَول الْوَجْهُ.

ودَرَّ السَّهْمُ دُرُورًا: دَارَ دَوَرَانًا جَيِّدًا، وأَدَرَّه صاحِبُه، وَذَلِكَ إِذا وَضَعَ السَّهْمَ عَلَى ظُفْرِ إِبهام الْيَدِ الْيُسْرَى ثُمَّ أَداره بإِبهام الْيَدِ الْيُمْنَى وَسَبَّابَتِهَا؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ دُرُورُ السَّهْمِ وَلَا حَنِينُهُ إِلا مِنِ اكْتِنَازِ عُودِه وَحُسْنِ اسْتِقَامَتِهِ وَالْتِئَامِ صَنْعَتِهِ.

والدِّرَّة، بِالْكَسْرِ: الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا، عَرَبِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الدِّرَّة دِرَّةُ السُّلْطَانِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا.

والدُّرَّةُ: اللُّؤْلُؤَةُ الْعَظِيمَةُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَا عَظُمَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَالْجَمْعُ دُرٌّ ودُرَّاتٌ ودُرَرٌ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِلرَّبِيعِ بْنِ ضَبْعٍ الْفَزَارِيِّ:

أَقْفَرَ مِنْ مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجَّيْنِ، ***إِلَّا الظِّبَاءَ والبَقَرَا

كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ، ***فِي نِسْوَةٍ كُنَّ قَبْلَها دُرَرَا

وكَوْكَبٌ دُرِّيُّ ودِرِّيٌّ: ثاقِبٌ مُضِيءٌ، فأَما دُرِّيٌّ فَمَنْسُوبٌ إِلى الدُّرِّ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فُعِّيْلًا عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ قَلْبًا لأَن سِيبَوَيْهِ حَكَى عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ كَوْكَبٌ دُرِّيءٌ، قَالَ: فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا مُخَفَّفًا مِنْهُ، وأَما دِرِّيٌّ فَيَكُونُ عَلَى التَّضْعِيفِ أَيضًا، وأَما دَرِّيٌّ فَعَلَى النِّسْبَةِ إِلى الدُّرِّ فَيَكُونُ مِنَ الْمَنْسُوبِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَا يَكُونُ عَلَى التَّخْفِيفِ الَّذِي تَقَدَّمَ لأَن فَعِّيْلًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ إِلَّا مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ سَكِّينةٌ؛ فِي السِّكِّينَةِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: {كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ}؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَنْ قرأَه بِغَيْرِ هَمْزَةٍ نَسَبَهُ إِلى الدُّر فِي صَفَائِهِ وَحُسْنِهِ وَبَيَاضِهِ، وَقُرِئَتْ دِرِّيٌّ، بِالْكَسْرِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ دِرِّيٌّ يَنْسُبُهُ إِلى الدُّرِّ، كَمَا قَالُوا بَحْرٌ لُجِّيُّ ولِجِّيٌّ وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وَقُرِئَ دُرِّيء، بِالْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَجَمْعُ الْكَوَاكِبِ دَرَارِيّ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ»؛ أَي الشَّدِيدَ الإِنارَةِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الْعَظِيمُ الْمِقْدَارِ، وَقِيلَ: هُوَ أَحد الْكَوَاكِبِ الْخَمْسَةِ السَّيَّارة.

وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ: «إِحدى عَيْنَيْهِ كأَنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ».

ودُرِّيُّ السَّيْفِ: تَلأْلُؤُه وإِشراقُه، إِما أَن يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلى الدُّرّ بِصَفَائِهِ وَنَقَائِهِ، وإِما أَن يَكُونَ مُشَبَّهًا بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ:

كلُّ يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ ***عَضْبٍ، جَلا القَيْنُ عَنْ دُرِّيِّه الطَّبَعَا

وَيُرْوَى عَنْ ذَرِّيِّه يَعْنِي فِرِنْدَهُ مَنْسُوبٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْلُ الصِّغَارُ، لأَن فِرِنْدَ السَّيْفِ يُشَبَّهُ بِآثَارِ الذَّرِّ؛ وَبَيْتُ دُرَيْد يُرْوَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا:

وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقًا، ***وطُول السُّرَى دُرِّيَّ عَضْب مُهَنَّدِ

وذَرِّيَّ عَضْبٍ.

ودَرَرُ الطَّرِيقِ: قَصْدُهُ وَمَتْنُهُ، وَيُقَالُ: هُوَ عَلَى دَرَرِ الطَّرِيقِ أَي عَلَى مَدْرَجَتِه، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي عَلَى قَصْدِهِ.

وَيُقَالُ: دَارِي بِدَرَر دَارِك أَي بِحِذَائِهَا.

إِذا تَقَابَلَتَا، وَيُقَالُ: هُمَا عَلَى دَرَرٍ وَاحِدٍ، بِالْفَتْحِ، أَي عَلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ.

ودَرَرُ الرِّيحِ: مَهَبُّها؛ وَهُوَ دَرَرُك أَي حِذاؤك وقُبالَتُكَ.

وَيُقَالُ: دَرَرَك أَي قُبالَتَكَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها، ***والقُفُّ مِمَّا تَرَاهُ فَوْقَه دَرَرَا

واسْتَدَرَّتِ المِعْزَى: أَرادت الْفَحْلَ.

الأُمَوِيُّ: يُقَالُ لِلْمِعْزَى إِذا أَرادت الْفَحْلَ: قَدِ اسْتَدَرَّت اسْتِدْرارًا، وللضأْن: قَدِ اسْتوْبَلَتِ اسِتيبالًا، وَيُقَالُ أَيضًا: اسْتَذْرَتِ المِعْزَى اسْتِذْرَاءً مِنَ الْمُعْتَلِّ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.

والدَّرُّ: النَّفْسُ، وَدَفَعَ اللَّهُ عَنْ دَرِّه أَي عَنْ نَفْسه؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ.

ودَرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

أَلا يَا لَهْفَ نَفْسِي بعدَ عَيْشٍ ***لَنَا، بِجُنُوبِ دَرَّ فَذي نَهِيقِ

والدَّرْدَرَةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الْمَاءِ إِذا انْدَفَعَ فِي بُطُونِ الأَودية.

والدُّرْدُورُ: مَوْضِعٌ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ يَجِيشُ ماؤُه لَا تَكَادُ تَسْلَمُ مِنْهُ السَّفِينَةُ؛ يُقَالُ: لَجَّجُوا فَوَقَعُوا فِي الدُّرْدُورِ.

الْجَوْهَرِيُّ: الدُّرْدُور الْمَاءُ الَّذِي يَدُورُ وَيُخَافُ مِنْهُ الْغَرَقُ.

والدُّرْدُرُ: مَنْبِتُ الأَسنان عَامَّةً، وَقِيلَ: مَنْبِتُهَا قَبْلَ نَبَاتِهَا وَبَعْدَ سُقُوطِهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَغَارِزُهَا مِنَ الصَّبِيِّ، وَالْجَمْعُ الدَّرَادِر؛ وَفِي الْمَثَلِ: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فَكَيْفَ أَرجوك بِدُرْدُرٍ؟ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هَذَا رَجُلٌ يُخَاطِبُ امرأَته يَقُولُ: لَمْ تَقْبَلِي الأَدَبَ وأَنت شَابَّةٌ ذَاتُ أُشُرٍ فِي ثَغْرِكِ، فَكَيْفَ الْآنَ وَقَدْ أَسْنَنْتِ حَتَّى بَدَتْ دَرَادِرُكِ، وَهِيَ مَغَارِزُ الأَسنان؟.

ودَرِدَ الرجلُ إِذا سَقَطَتْ أَسنانه وَظَهَرَتْ دَرادِرُها، وَجَمْعُهُ الدُّرُدُ، وَمِثْلُهُ: أَعْيَيْتَني مِنْ شُبَّ إِلى دُبَّ أَي مِنْ لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَن دَبَبْتَ.

وَفِي حَدِيثِ ذِي الثُدَيَّةِ المقتولِ بالنَّهْروان: «كَانَتْ لَهُ ثُدَيَّةٌ مِثْلَ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ» أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَج تَجِيءُ وَتَذْهَبُ، والأَصل تَتَدَرْدَرُ فَحَذَفَتْ إِحدى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا؛ وَيُقَالُ للمرأَة إِذا كَانَتْ عَظِيمَةَ الأَليتين فإِذا مَشَتْ رَجَفَتَا: هِيَ تُدَرْدِرُ؛ وأَنشد:

أُقْسِمُ، إِن لَمْ تأْتِنا تَدَرْدَرُ، ***لَيُقْطَعَنَّ مِنْ لِسانٍ دُرْدُرُ

قَالَ: والدُّرْدُرُ هَاهُنَا طَرف اللِّسَانِ، وَيُقَالُ: هُوَ أَصل اللِّسَانِ، وَهُوَ مَغْرِز السِّنِّ فِي أَكثر الْكَلَامِ.

ودَرْدَرَ البُسْرَةَ: دَلَكَهَا بدُرْدُرِه ولاكَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ وَقَدْ جَاءَهُ الأَصمعي: أَتيتني وأَنا أُدَرْدِرُ بُسْرَة.

ودَرَّايَةُ: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ.

والدَّرْدَارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ مَعْرُوفٌ.

وَقَوْلُهُمْ: دُهْ دُرَّيْنِ وسعدُ القَيْنُ، مِنْ أَسماء الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ، وَيُقَالُ: أَصله أَن سَعْدَ القَيْنَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ يَدُورُ فِي مَخَالِيفِ الْيَمَنِ يَعْمَلُ لَهُمْ، فإِذا كَسَدَ عَمَلُهُ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: دُهْ بَدْرُودْ، كأَنه يودِّع الْقَرْيَةَ، أَي أَنا خَارِجٌ غَدًا، وإِنما يَقُولُ ذَلِكَ ليُسْتَعْمَلَ، فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَضَرَبُوا بِهِ الْمَثَلَ فِي الْكَذِبِ.

وَقَالُوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْمَثَلِ مَا رَوَاهُ الأَصمعي وَهُوَ: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، مِنْ غَيْرِ وَاوِ عَطْفٍ وَكَوْنُ دُهْدُرَّيْنِ مُتَّصِلًا غَيْرَ مُنْفَصِلٍ، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هُوَ تَثْنِيَةُ دُهْدُرٍّ وَهُوَ الْبَاطِلُ، وَمِثْلُهُ الدُّهْدُنُّ فِي اسْمِ الْبَاطِلِ أَيضًا فَجَعَلَهُ عَرَبِيًّا، قَالَ: وَالْحَقِيقَةُ فِيهِ أَنه اسْمٌ لِبَطَلَ كَسَرْعانَ وهَيهاتَ اسْمٌ لِسَرُعَ وَبَعُدَ، وسَعْدُ فَاعِلٌ بِهِ والقَيْنُ نَعْتُه، وَحُذِفَ التَّنْوِينُ مِنْهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تأْويله بَطَلَ قَوْلُ سَعْدِ القَيْنِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبو عَلِيٍّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَن يَنْزِلَ فِي الْحَيِّ فيُشِيع أَنه غَيْرُ مُقِيمٍ، وأَنه فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ لِيُبَادِرَ إِليه مَنْ عِنْدَهُ مَا يَعْمَلُهُ وَيُصْلِحُهُ لَهُ، فَقَالَتِ الْعَرَبُ: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه مُصَبِّح؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: دُهْدُرَّينِ سَعْدَ القَيْنَ، بِنَصْبِ سَعْدٍ، وَذَكَرَ أَن دُهْدُرَّيْنِ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضمار فِعْلٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْضِي أَن دُهْدُرَّين اسْمٌ لِلْبَاطِلِ تَثْنِيَةُ دُهْدُرٍّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا لِلْفِعْلِ كَمَا جَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ، فكأَنه قَالَ: اطْرَحُوا الْبَاطِلَ وسَعْدَ القَيْنَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِصَحِيحٍ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ كَمَا رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ مُنْفَصِلًا فَقَالُوا دُهْ دُرَّيْنِ وَفُسِّرَ بأَن دُهْ فِعْلُ أَمر مِنَ الدَّهاءِ إِلَّا أَنه قُدِّمَتِ الْوَاوُ الَّتِي هِيَ لَامُهُ إِلى مَوْضِعِ عَيْنِهِ فَصَارَ دُوهْ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَصَارَ دُهْ كَمَا فَعَلْتَ فِي قُلْ، ودُرَّيْنِ مِنْ دَرَّ يَدِرُّ إِذا تَتَابَعَ، وَيُرَادُ هَاهُنَا بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْرَارُ، كَمَا قَالُوا لَبَّيْك وحَنَانَيْكَ ودَوَالَيْكَ، وَيَكُونُ سَعْدُ القَيْنُ مُنَادًى مَفْرَدًا وَالْقَيْنُ نَعْتُهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: بالغْ فِي الدَّهاء وَالْكَذِبِ يَا سَعْدُ القَيْنُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ إِلَّا أَنه كَانَ يَجِبُ أَن تُفْتَحَ الدَّالُ مِنْ دُرَّين لأَنه جَعَلَهُ مِنْ دَرَّ يَدِرُّ إِذا تَتَابَعَ، قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَقُولَ إِن الدَّالَ ضُمَّتْ للإِتباع إِتباعًا لِضَمَّةِ الدَّالِ مِنْ دُهْ، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


26-لسان العرب (نشر)

نشر: النَّشْر: الرِّيح الطيِّبة؛ قَالَ مُرَقِّش:

النَّشْر مِسْك، والوُجُوه دَنانِيرٌ، ***وأَطرافُ الأَكفِّ عَنَمْ

أَراد: النَّشْرُ مثلُ رِيحِ الْمِسْكِ لَا يَكُونُ إِلا عَلَى ذَلِكَ لأَن النَّشْرَ عَرضٌ وَالْمِسْكَ جَوْهَرٌ، وَقَوْلُهُ: والوُجوه دَنَانِيرُ، الْوَجْهُ أَيضًا لَا يَكُونُ دِينَارًا إِنما أَراد مِثْلَ الدَّنَانِيرِ، وَكَذَلِكَ قَالَ: وأَطراف الأَكف عَنَم إِنما أَراد مثلَ العَنَم لأَن الْجَوْهَرَ لَا يَتَحَوَّلُ إِلى جَوْهَرٍ آخَرَ، وعَمَّ أَبو عُبَيْدٍ بِهِ فَقَالَ: الَّنشْر الرِّيحُ، مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيِّدَهَا بِطَيِّبٍ أَو نَتْن، وَقَالَ أَبو الدُّقَيْش: النَّشْر رِيحُ فَمِ المرأَة وأَنفها وأَعْطافِها بَعْدَ النَّوْمِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَمَامِ ***ورِيحَ الخُزامى ونَشْرَ القُطُرْ

وَفِي الْحَدِيثِ: «خَرَجَ مُعَاوِيَةُ ونَشْرُه أَمامَه»، يَعْنِي ريحَ الْمِسْكِ؛ النَّشْر، بِالسُّكُونِ: الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ، أَراد سُطوعَ رِيحِ الْمِسْكِ مِنْهُ.

ونَشَر اللَّهُ الْمَيِّتَ يَنْشُره نَشْرًا ونُشُورًا وأَنْشره فَنَشَر الميتُ لَا غَيْرَ: أَحياه؛ قَالَ الأَعشى:

حَتَّى يقولَ الناسُ مِمَّا رَأَوْا: ***يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها}؛ قرأَها ابْنُ عَبَّاسٍ: " (كَيْفَ نُنْشِرُها)، وقرأَها الْحَسَنُ: نَنْشُرها "؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ كَيْفَ نُنشِرها، بِضَمِّ النُّونِ، فإِنْشارُها إِحياؤها، وَاحْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تعالى: {ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ}، قَالَ: وَمَنْ قرأَها نَنْشُرها وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ فكأَنه يَذْهَبُ بِهَا إِلى النَّشْرِ وَالطَّيِّ، وَالْوَجْهُ أَن يُقَالَ: أَنشَرَ اللَّهُ الْمَوْتَى فَنَشَرُوا هُمْ إِذا حَيُوا وأَنشَرَهم اللَّهُ أَي أحْياهم؛ وأَنشد الأَصمَعي لأَبي ذُؤَيْبٍ:

لَوْ كَانَ مِدْحَةُ حَيٍّ أَنشرَتْ أَحَدًا، ***أَحْيا أُبوَّتَك الشُّمَّ الأَمادِيحُ

قَالَ: وبعض بني الحرث كَانَ بِهِ جَرَب فَنَشَر أَي عَادَ وحَيِيَ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ نَشَرهُم اللَّهُ أَي بعثَهم كَمَا قَالَ تعالى: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء: «لَكَ المَحيا والمَمَات وإِليك النُّشُور».

يُقَالُ: نَشَر الميتُ يَنْشُر نُشُورًا إِذا عَاشَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وأَنْشَره اللَّهُ أَي أَحياه؛ وَمِنْهُ يَوْمُ النُّشُور.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، رضي اللَّهُ عَنْهُمَا: «فَهلَّا إِلى الشام أَرضِ المَنْشَر»أَي موضِع النُّشُور، وَهِيَ الأَرض الْمُقَدَّسَةُ مِنَ الشَّامِ يحشُر اللَّهُ الْمَوْتَى إِليها يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ أَرض المَحْشَر؛ وَمِنْهُ الحديث: " لا رَضاع إِلا مَا أَنشر اللَّحْمَ وأَنبت الْعَظْمَ؛ أي شَدَّهُ وَقَوَّاهُ مِنَ الإِنْشار الإِحْياء، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالزَّايِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحمتِه}، وَقُرِئَ: نُشْرًا ونَشْرًا.

والنَّشْر: الْحَيَاةُ.

وأَنشر اللهُ الريحَ: أَحياها بَعْدَ مَوْتٍ وأَرسلها نَشْرًا ونَشَرًا، فأَما مَنْ قرأَ نُشُرًا فَهُوَ جَمْعُ نَشُور مِثْلُ رَسُولٍ ورسُل، وَمَنْ قرأَ نُشْرًا أَسكن الشينَ اسْتِخفافًا، وَمَنْ قرأَ نَشْرًا فَمَعْنَاهُ إِحْياءً بِنَشْر السَّحَابِ الَّذِي فِيهِ الْمَطَرُ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، ونَشَرًا شَاذَّةٌ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَقُرِئَ بِهَا وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَاتَتِ الرِّيحُ سكنتْ؛ قَالَ:

إِنِّي لأَرْجُو أَن تَمُوتَ الرِّيحُ، ***فأَقعُد اليومَ وأَستَرِيحُ

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قرأَ نَشْرًا فَالْمَعْنَى: وَهُوَ الَّذِي يُرسِل الرِّيَاحَ مُنْتَشِرة نَشْرًا، وَمَنْ قرأَ نُشُرًا فَهُوَ جَمْعُ نَشور، قَالَ: وَقُرِئَ بُشُرًا، بِالْبَاءِ، جَمْعُ بَشِيرة كَقَوْلِهِ تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ}.

ونَشَرتِ الريحُ: هَبَّتْ فِي يَوْمِ غَيْمٍ خَاصَّةً.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَالنَّاشِراتِ نَشْرًا}، قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تنشُر الرَّحْمَةَ، وَقِيلَ: هِيَ الرِّيَاحُ تأْتي بِالْمَطَرِ.

ابْنُ الأَعرابي: إِذا هبَّت الرِّيحُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ قِيلَ: قَدْ نَشَرت وَلَا يَكُونُ إِلا فِي يَوْمِ غَيْمٍ.

ونَشَرتِ الأَرض تنشُر نُشُورًا: أَصابها الربيعُ فأَنبتتْ.

وَمَا أَحْسَنَ نَشْرها أَي بَدْءَ نباتِها.

والنَّشْرُ: أَن يَخْرُجَ النَّبْت ثُمَّ يبطئَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فييبَس ثُمَّ يصيبَه مَطَرٌ فَيَنْبُتَ بَعْدَ اليُبْسِ، وَهُوَ رَدِيء للإِبل وَالْغَنَمِ إِذا رعتْه فِي أَوّل مَا يَظْهَرُ يُصيبها مِنْهُ السَّهام، وَقَدْ نَشَر العُشْب نَشْرًا.

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَلَا يَضُرُّ النَّشْرُ الحافِرَ، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ تَرَكُوهُ حَتَّى يَجِفَّ فَتَذْهَبَ عَنْهُ أُبْلَتُه أَي شرُّه وَهُوَ يَكُونُ مِنَ البَقْل والعُشْب، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا مِنَ العُشْب، وَقَدْ نَشَرت الأَرض.

وعمَّ أَبو عُبَيْدٍ بالنَّشْر جميعَ مَا خَرَجَ مِنْ نَبَاتِ الأَرض.

الصِّحَاحُ: والنَّشْرُ الكلأُ إِذا يَبِسَ ثُمَّ أَصابه مَطَرٌ فِي دُبُرِ الصَّيْفِ فَاخْضَرَّ، وَهُوَ رَدِيءٌ لِلرَّاعِيَةِ يهرُب النَّاسُ مِنْهُ بأَموالهم؛ وَقَدْ نَشَرتِ الأَرض فَهِيَ ناشِرة إِذا أَنبتتْ ذَلِكَ.

وَفِي حَدِيثِ مُعاذ: «إِن كلَّ نَشْرِ أَرض يُسلم عَلَيْهَا صاحِبُها فإِنه يُخرِج عَنْهَا مَا أُعطِيَ نَشْرُها رُبْعَ المَسْقَوِيّ وعُشْرَ المَظْمَئِيِ»؛ قَوْلُهُ رُبعَ المَسْقَوِيّ قَالَ: أَراه يَعْنِي رُبعَ العُشْر.

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: نَشْر الأَرض، بِالسُّكُونِ، مَا خَرَجَ مِنْ نَبَاتِهَا، وَقِيلَ: هُوَ فِي الأَصل الكَلأُ إِذا يَبِسَ ثُمَّ أَصابه مَطَرٌ فِي آخِرِ الصَّيف فَاخْضَرَّ، وَهُوَ رَدِيءٌ لِلرَّاعِيَةِ، فأَطلقه عَلَى كُلِّ نَبَاتٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.

والنَّشْر: انتِشار الورَق، وَقِيلَ: إِيراقُ الشَّجَر؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

كأَن عَلَى أَكتافِهم نَشْرَ غَرْقَدٍ ***وَقَدْ جاوَزُوا نَيَّان كالنَّبَطِ الغُلْفِ

يَجُوزُ أَن يَكُونَ انتشارَ الْوَرَقِ، وأَن يَكُونَ إِيراقَ الشَّجَرِ، وأَن يَكُونَ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي.

والنَّشْر: الجَرَب؛ عَنْهُ أَيضًا.

اللَّيْثُ: النَّشْر الكلأُ يُهَيِّجُ أَعلاه وأَسفله ندِيّ أَخضر تُدْفِئُ مِنْهُ الإِبل إِذا رَعَتْهُ؛ وأَنشد لعُمير بْنِ حُبَابٍ:

أَلا رُبَّ مَن تدعُو صَدِيقًا، وَلَوْ تَرى ***مَقالتَه فِي الغَيب، ساءَك مَا يَفْرِي

مَقالتُه كالشَّحْم، مَا دَامَ شاهِدًا، ***وَبِالْغَيْبِ مَأْثُور عَلَى ثُغرة النَّحْرِ

يَسرُّك بادِيهِ، وَتَحْتَ أَدِيمِه ***نَمِيَّةُ شَرٍّ تَبْتَرِي عَصَب الظَّهر

تُبِينُ لَكَ العَيْنان مَا هُوَ كاتِمٌ ***مِنَ الضِّغْن، والشَّحْناء بالنَّظَر الشَّزْر

وفِينا، وإِن قِيلَ اصْطَلَحْنَا، تَضاغُنٌ ***كَمَا طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ عَلَى النَّشْر

فَرِشْني بِخَيْرٍ طالَما قَدْ بَرَيْتَني، ***فخيرُ الْمَوَالِي مَنْ يَرِيشُ وَلَا يَبرِي

يَقُولُ: ظاهرُنا فِي الصُّلح حسَن فِي مَرْآة الْعَيْنِ وَبَاطِنُنَا فَاسِدٌ كَمَا تحسُن أَوبار الجَرْبى عَنْ أَكل النَّشْر، وَتَحْتَهَا داءٌ مِنْهُ فِي أَجوافها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ: النَّشْر فِي هَذَا الْبَيْتِ نَشَرُ الجرَب بَعْدَ ذَهَابِهِ ونَباتُ الوبَر عَلَيْهِ حَتَّى يَخْفَى، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

يُقَالُ: نَشِرَ الجرَب يَنْشَر نَشَرًا ونُشُورًا إِذا حَيِيَ بَعْدَ ذَهَابِهِ.

وإِبل نَشَرى إِذا انْتَشَرَ فِيهَا الجَرب؛ وَقَدْ نَشِرَ البعيرُ إِذا جَرِب.

ابْنُ الأَعرابي: النَّشَر نَبات الوبَر على الجرَب بعد ما يَبرأُ.

والنَّشْر: مَصْدَرُ نَشَرت الثوب أَنْشُر نَشْرًا.

الْجَوْهَرِيُّ: نَشَر المتاعَ وغيرَه ينشُر نَشْرًا بَسَطَه، وَمِنْهُ رِيحٌ نَشُور وَرِيَاحٌ نُشُر.

والنَّشْر أَيضًا: مَصْدَرُ نَشَرت الْخَشَبَةَ بالمِنْشار نَشْرًا.

والنَّشْر: خِلَافُ الطَّيِّ.

نَشَر الثوبَ وَنَحْوَهُ يَنْشُره نَشْرًا ونَشَّره: بَسَطه.

وَصُحُفٌ مُنَشَّرة، شُدّد لِلْكَثْرَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه لَمْ يخرُج فِي سَفَر إِلا قَالَ حِينَ ينهَض مِنْ جُلوسه: اللَّهُمَّ بِكَ انتَشَرت»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي ابتدأْت سفَري.

وكلُّ شَيْءٍ أَخذته غَضًّا، فَقَدْ نَشَرْته وانْتَشَرته، ومَرْجِعه إِلى النَّشْر ضِدِّ الطَّيِّ، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذا دَخَل أَحدكم الحمَّام فَعَلَيْهِ بالنَّشِير وَلَا يَخْصِف»؛ هُوَ المِئْزر سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُنْشَر ليُؤْتَزَرَ بِهِ.

والنَّشِيرُ: الإِزار مِنْ نَشْر الثَّوْبِ وبسْطه.

وتَنَشَّر الشيءُ وانْتَشَر: انْبَسَط.

وانْتَشَر النهارُ وَغَيْرُهُ: طَالَ وامْتدّ.

وانتشَر الخبرُ: انْذاع.

ونَشَرت الخبرَ أَنشِره وأَنشُره أَي أَذعته.

والنَّشَر: أَن تَنْتَشِر الغنمُ بِاللَّيْلِ فَتَرْعَى.

والنَّشَر: أَن ترعَى الإِبل بَقْلًا قَدْ أَصابه صَيف وَهُوَ يَضُرُّهَا، وَيُقَالُ: اتَّقِ عَلَى إِبلك النَّشَر، وَيُقَالُ: أَصابها النَّشَر أَي ذُئِيَتْ عَلَى النَّشَر، وَيُقَالُ: رأَيت الْقَوْمَ نَشَرًا أَي مُنْتشِرين.

وَاكْتَسَى البازِي رِيشًا نَشَرًا أَي مُنتشِرًا طَوِيلًا.

وانتشَرت الإِبلُ وَالْغَنَمُ: تَفَرَّقَتْ عَنْ غِرّة مِنْ رَاعِيهَا، ونَشَرها هُوَ ينشُرها نشْرًا، وَهِيَ النَّشَر.

والنَّشَر: الْقَوْمُ المتفرِّقون الَّذِينَ لَا يَجْمَعُهُمْ رَئِيسٌ.

وَجَاءَ الْقَوْمُ نَشَرًا أَي متفرِّقين.

وَجَاءَ ناشِرًا أُذُنيه إِذا جَاءَ طامِعًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

والنَّشَر، بِالتَّحْرِيكِ: المُنتشِر.

وضَمَّ اللَّهُ نَشَرَك أَي مَا انتشَر مِنْ أَمرِك، كَقَوْلِهِمْ: لَمَّ اللَّهُ شَعَثَك وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «فرَدَّ نَشَر الإِسلام عَلَى غَرِّهِ» أَي رَدَّ مَا انْتَشَرَ مِنَ الإِسلام إِلى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْنِي أَمرَ الرِّدة وَكِفَايَةَ أَبيها إِيّاه، وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.

أَبو الْعَبَّاسِ: نَشَرُ الْمَاءِ، بِالتَّحْرِيكِ، مَا انْتَشَرَ وَتَطَايَرَ مِنْهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ.

وسأَل رَجُلٌ الحسَن عَنِ انتِضاح الْمَاءِ فِي إِنائه إِذا توضأَ فَقَالَ: وَيْلَكَ أَتملك نَشَر الْمَاءِ؟ كُلُّ هَذَا مُحَرَّكُ الشِّينِ مِنْ نَشَرِ الْغَنَمِ.

وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ: «فإِذا اسْتنْشَرتَ واستنثرتَ خرجتْ خَطايا وَجْهِكَ وَفِيكَ وخَياشِيمك مَعَ الْمَاءِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَحْفُوظُ اسْتَنْشيت بِمَعْنَى»استنْشقْت، قَالَ: فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنَ انتِشار الْمَاءِ وَتَفَرُّقِهِ.

وانتشَر الرَّجُلُ: أَنعظ.

وانتشَر ذكَرُه إِذا قَامَ.

ونَشَر الْخَشَبَةَ ينشُرها نَشْرًا: نَحتها، وَفِي الصِّحَاحِ: قَطَعَهَا بالمِنْشار.

والنُّشارة: مَا سَقَطَ مِنْهُ.

والمِنْشار: مَا نُشِر بِهِ.

والمِنْشار: الخَشَبة الَّتِي يُذرَّى بِهَا البُرُّ، وَهِيَ ذَاتُ الأَصابع.

والنواشِر: عَصَب الذِّرَاعِ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، وَقِيلَ: هِيَ عُرُوق وعَصَب فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ: هِيَ العَصَب الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا، وَاحِدَتُهَا نَاشِرَةٌ.

أَبو عَمْرٍو والأَصمعي: النواشِر والرَّواهِش عُرُوقُ باطِن الذِّرَاعِ؛ قَالَ زُهَيْرٍ: " مَراجِيعُ وَشْمٍ فِي نَواشِرِ مِعْصَمِ الْجَوْهَرِيُّ: النَّاشِرة وَاحِدَةُ النَّواشِر، وَهِيَ عُرُوقُ بَاطِنِ الذِّرَاعِ.

وانتِشار عَصَب الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ: أَن يُصِيبَهُ عَنَتٌ فَيَزُولَ العَصَب عَنْ مَوْضِعِهِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الانْتِشار الانتِفاخ فِي العصَب للإِتعاب، قَالَ: والعَصَبة الَّتِي تنتشِر هِيَ العُجَاية.

قَالَ: وتحرُّك الشَّظَى كانتِشار العَصَب غَيْرَ أَن الفرَس لانتِشار العَصَب أَشدُّ احْتِمَالًا مِنْهُ لِتَحَرُّكِ الشَّظَى.

شَمِرٌ: أَرض ماشِرة وَهِيَ الَّتِي قَدِ اهتزَّ نَبَاتُهَا وَاسْتَوَتْ وروِيت مِنَ المطَر، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرض نَاشِرَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى.

ابْنُ سِيدَهْ: والتَّناشِير كِتَابٌ للغِلمان فِي الكُتَّاب لَا أَعرِف لَهَا وَاحِدًا.

والنُّشرةُ: رُقْيَة يُعالَج بِهَا الْمَجْنُونُ والمرِيض تُنَشَّر عَلَيْهِ تَنْشِيرًا، وَقَدْ نَشَّر عَنْهُ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للإِنسان الْمَهْزُولِ الهالكِ: كأَنه نُشْرة.

والتَّنْشِير: مِنَ النُّشْرة، وَهِيَ كالتَّعوِيذ والرُّقية.

قَالَ الْكِلَابِيُّ: وإِذا نُشِر المَسْفُوع كَانَ كأَنما أُنْشِط مِنْ عِقال أَي يَذْهَبُ عَنْهُ سَرِيعًا.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ: فَلَعَلَّ طَبًّا أَصابه يَعْنِي سِحْرًا، ثُمَّ نَشَّره بِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ "أَي رَقَاهُ؛ وَكَذَلِكَ إِذا كَتب لَهُ النُّشْرة.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه سُئل عَنِ النُّشْرة فَقَالَ: هِيَ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ»؛ النُّشرة، بِالضَّمِّ: ضرْب مِنَ الرُّقية والعِلاج يعالَج بِهِ مَنْ كَانَ يُظن أَن بِهِ مَسًّا مِنَ الجِن، سُمِّيَتْ نُشْرة لأَنه يُنَشَّر بِهَا عَنْهُ مَا خامَرَه مِنَ الدَّاء أَي يُكشَف ويُزال.

وَقَالَ الْحَسَنُ: النُّشْرة مِنَ السِّحْر؛ وَقَدْ نَشَّرت عَنْهُ تَنشِيرًا.

وناشِرة: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:

لَقَدْ عَيَّل الأَيتامَ طَعنةُ ناشِرَهْ ***أَناشِرَ، لَا زالتْ يمينُك آشِرَهْ

أَراد: يَا ناشِرَةُ فرخَّم وَفَتَحَ الرَّاءَ، وَقِيلَ: إِنما أَراد طَعْنَةَ ناشِر، وَهُوَ اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فأَلحق الْهَاءَ لِلتَّصْرِيعِ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لأَنه لَمْ يُرْوَ إِلا أَناشِر، بِالتَّرْخِيمِ، وَقَالَ أَبو نُخَيلة يذكُر السَّمَك:

تَغُمُّه النَّشْرة والنَّسِيمُ، ***وَلَا يَزالُ مُغْرَقًا يَعُومُ

فِي الْبَحْرِ، والبحرُ لَهُ تَخْمِيمُ، ***وأُمُّه الواحِدة الرَّؤُومُ

تَلْهَمُه جَهْلًا، وَمَا يَرِيمُ يَقُولُ: النَّشْرة وَالنَّسِيمُ الَّذِي يُحيي الْحَيَوَانَ إِذا طَالَ عَلَيْهِ الخُمُوم والعَفَن والرُّطُوبات تغُم السَّمَكَ وتكرُبه، وأُمّه الَّتِي وَلَدَتْهُ تأْكله لأَن السَّمَك يأْكل بعضُه بَعْضًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَرِيمُ مَوْضِعَهُ.

ابْنُ الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إِذا كَانَتْ سخيَّة كَرِيمَةً، قَالَ: وَمِنَ المَنْشُورة قوله تعالى: {نُشُرًا بَيْنَ يدَيْ رحمتِه}؛ أَي سَخاء وكَرَمًا.

والمَنْشُور مِنْ كُتب السُّلْطَانِ: مَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ.

ونَشْوَرَت الدَّابَّةُ مِنْ عَلَفها نِشْوارًا: أَبقتْ مِنْ عَلَفِهَا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَحَكَاهُ مَعَ المِشْوار الَّذِي هُوَ مَا أَلقتِ الدَّابَّةُ مِنْ عَلَفها، قَالَ: فَوَزْنُهُ عَلَى هَذَا نَفْعَلَتْ، قَالَ: وَهَذَا بِنَاءٌ لَا يُعرف.

الْجَوْهَرِيُّ: النِّشْوار مَا تُبقيه الدَّابَّةُ مِنَ العَلَف، فارسي معرب.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


27-لسان العرب (شبه)

شبه: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، وَالْجَمْعُ أَشْباهٌ.

وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: مَاثَلَهُ.

وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم.

وأَشْبَه الرجلُ أُمَّه: وَذَلِكَ إِذَا عَجَزَ وضَعُفَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَصْبَحَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أُمِّهِ، ***مِنْ عِظَمِ الرأْسِ وَمِنْ خُرْطُمِّهِ أَراد مِنْ خُرْطُمِهِ

فَشُدِّدَ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الخُرْطُوم، وَبَيْنَهُمَا شَبَه بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ مَشَابِهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا مَحاسِن ومَذاكير.

وأَشْبَهْتُ فُلَانًا وشابَهْتُه واشْتَبَه عَلَيَّ وتَشابَه الشيئانِ واشْتَبَها: أَشْبَهَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه.

وَفِي التَّنْزِيلِ: {مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ}.

وشَبَّهه إِياه وشَبَّهَه بِهِ مَثَّلَهُ.

والمُشْتَبِهاتُ مِنَ الأُمور: المُشْكِلاتُ.

والمُتَشابِهاتُ: المُتَماثِلاتُ.

وتَشَبَّهَ فلانٌ بِكَذَا.

والتَّشْبِيهُ: التَّمْثِيلُ.

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: « وذَكَر فِتْنَةً فَقَالَ تُشَبَّهُ مُقْبِلَةً وتُبَيِّنُ مُدْبِرَةً »؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَن الْفِتْنَةَ إِذَا أَقبلت شَبَّهَتْ عَلَى الْقَوْمِ وأَرَتْهُمْ أَنهم عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَدْخُلُوا فِيهَا ويَرْكَبُوا مِنْهَا مَا لَا يَحِلُّ، فَإِذَا أَدبرت وَانْقَضَتْ بانَ أَمرُها، فعَلِمَ مَنْ دخل فيهاأَنه كَانَ عَلَى الْخَطَأِ.

والشُّبْهةُ: الالتباسُ.

وأُمورٌ مُشْتَبِهةٌ ومُشَبِّهَةٌ: مُشْكِلَة يُشْبِهُ بعضُها بَعْضًا؛ قَالَ:

واعْلَمْ بأَنَّك فِي زَمانِ ***مُشَبِّهاتٍ هُنَّ هُنَّهْ

وَبَيْنَهُمْ أَشْباهٌ أَي أَشياءُ يتَشابهون فِيهَا.

وشَبَّهَ عَلَيْهِ: خَلَّطَ عَلَيْهِ الأَمْرَ حَتَّى اشْتَبه بِغَيْرِهِ.

وَفِيهِ مَشابهُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَشْباهٌ، وَلَمْ يَقُولُوا فِي وَاحِدَتِهِ مَشْبَهةٌ، وَقَدْ كَانَ قِيَاسُهُ ذَلِكَ، لَكِنَّهُمُ اسْتَغْنَوْا بشَبَهٍ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَلامِح ومَذاكير؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَمْ يَسْرِ رجلٌ قَطُّ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ إِلَّا أَصْبَح وَفِي وَجْهِهِ مَشابِهُ مِنْ أُمِّه.

وَفِيهِ شُبْهَةٌ مِنْهُ أَي شَبَهٌ.

وَفِي حَدِيثِ الدِّياتِ: « دِيَةُ شِبْهِ العَمْدِ أَثْلاثٌ »؛ هُوَ أَن تَرْمِيَ إِنسانًا بشيءٍ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ أَن يَقْتُل مِثْلُه، وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِكَ قَتْلُهُ، فيُصادِفَ قَضاءً وقَدَرًا فيَقَعَ فِي مَقْتَلٍ فيَقْتُل، فَيَجِبُ فِيهِ الديةُ دُونَ الْقِصَاصِ.

وَيُقَالُ: شَبَّهْتُ هَذَا بِهَذَا، وأَشْبَه فلانٌ فُلَانًا.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ}؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ يُشْبِهُ بعضُها بَعْضًا.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ"، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: الْمُتَشَابِهَاتُ الم الر، وَمَا اشْتَبه عَلَى الْيَهُودِ مِنْ هَذِهِ وَنَحْوِهَا.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ مُسَلَّمًا لَهُ، وَلَكِنَّ أَهل الْمَعْرِفَةِ بالأَخبار وَهَّنُوا إسْنادَه، وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَذْهَبُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنه قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ مَا لَمْ يُنْسَخْ، والمُتَشابِهات مَا قَدْ نُسِخَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: المُتَشابِهاتُ هِيَ الآياتُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي ذِكْرِ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ ضَرْبَ قَوْلِه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ، وضَرْبَ قولِه: وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ؛ فَهَذَا الذي تَشَابَهَ عَلَيْهِمْ، فأَعْلَمهم اللَّهُ الوَجْهَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَى أَن هَذَا المُتَشابِهَ عَلَيْهِمْ كَالظَّاهِرِ لَوْ تَدَبَّرُوه فَقَالَ: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ، أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؛ أَي إِذَا كُنْتُمْ أَقررتم بالإِنشاء وَالِابْتِدَاءِ فَمَا تُنْكِرُونَ مِنَ الْبَعْثِ والنُّشور، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهل الْعِلْمِ وَهُوَ بَيِّنٌ وَاضِحٌ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ}؛ أَي أَنهم طَلَبُوا تَأْوِيلَ بَعْثِهِمْ وإِحيائهم فأَعلم اللَّهُ أَن تأْويل ذَلِكَ وَوَقْتَهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ؛ يُرِيدُ قِيَامَ السَّاعَةِ وَمَا وُعِدُوا مِنَ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَاللَّهُ أَعلم.

وأَما قَوْلُهُ: وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا"، فَإِنَّ أَهل اللُّغَةِ قَالُوا مَعْنَى مُتَشابِهًا يُشْبِهُ بعضُه بَعْضًا فِي الجَوْدَة والحُسْن، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مُتَشابِهًا "يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي الصُّورَةِ وَيَخْتَلِفُ فِي الطَّعْم، وَدَلِيلُ الْمُفَسِّرِينَ قَوْلُهُ تعالى: {هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ}؛ " لأَن صُورتَه الصورةُ الأُولى، ولكنَّ اختلافَ الطَّعْمِ مَعَ اتِّفَاقِ الصُّورَةِ أَبلغُ وأَغرب عِنْدَ الْخَلْقِ، لَوْ رأَيت تُفَّاحًا فِيهِ طَعْمُ كُلِّ الْفَاكِهَةِ لَكَانَ نِهَايَةً فِي العَجَبِ.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: آمِنُوا بمُتَشابهِه واعْمَلُوا بمُحْكَمِه "؛ المُتَشابه: مَا لَمْ يُتَلَقَّ مَعْنَاهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما إِذَا رُدَّ إِلَى المُحْكم عُرف مَعْنَاهُ، وَالْآخَرُ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ، فالمُتَتَبِّعُ لَهُ مُبْتَغٍ لِلْفِتْنَةِ لأَنه لَا يَكَادُ يَنْتَهِي إِلَى شَيْءٍ تَسْكُنُ نَفْسُه إِلَيْهِ.

وَتَقُولُ: فِي فُلَانٍ شَبَهٌ مِنْ فُلَانٍ، وَهُوَ شِبْهُه وشَبَهُه وشَبِيهُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الرَّمْلَ:

وبالفِرِنْدادِ لَهُ أُمْطِيُّ، ***وشَبَهٌ أَمْيَلُ مَيْلانيُ

الأُمْطِيُّ: شَجَرٌ لَهُ عِلْكٌ تَمْضَغُه الأَعراب.

وَقَوْلُهُ: وشَبَهٌ، هُوَ اسْمُ شَجَرٍ آخَرَ اسْمُهُ شَبَهٌ، أَمْيَلُ: قَدْ مَالَ، مَيْلانيُّ: مِنَ المَيل.

وَيُرْوَى: وسَبَطٌ أَمْيَلُ، وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ أَيضًا.

حَيْثُ انْحَنى ذُو اللِّمَّةِ المَحْنِيُ "حَيْثُ انْحَنَى: يَعْنِي هَذَا الشَّبَه.

ذُو اللِّمَّةِ: حَيْثُ نَمَّ العُشْبُ؛ وشَبَّهه بلِمَّةِ الرأْس، وَهِيَ الجُمَّة.

فِي بَيْضِ وَدْعانَ بِساطٌ سِيُ بَيْضُ وَدْعانَ: موضعٌ.

أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وشَبَّه الشيءُ إِذَا أَشْكَلَ، وشَبَّه إِذَا سَاوَى بَيْنَ شَيْءٍ وَشَيْءٍ، قَالَ: وسأَلته عَنْ قَوْلِهِ تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا}، فَقَالَ: لَيْسَ مِنَ الاشْتِباهِ المُشْكِل إِنَّمَا هُوَ مِنَ التشابُه الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: المُشْتَبِهاتُ مِنَ الأُمور المُشْكِلاتُ.

وَتَقُولُ: شَبَّهْتَ عليَّ يَا فلانُ إِذَا خَلَّطَ عَلَيْكَ.

واشْتَبَه الأَمْرُ إِذَا اخْتَلَطَ، واشْتَبه عليَّ الشيءُ.

وَتَقُولُ: أَشْبَهَ فلانٌ أَباه وأَنت مِثْلُهُ فِي الشِّبْهِ والشَّبَهِ.

وَتَقُولُ: إِنِّي لَفِي شُبْهةٍ مِنْهُ، وحُروفُ الشِّينِ يُقَالُ لَهَا أَشْباهٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يكونُ سَواءً فإِنها أَشْباهٌ كَقَوْلِ لَبِيدٍ فِي السَّواري وتَشْبيه قوائمِ النَّاقَةِ بِهَا:

كعُقْرِ الهاجِريِّ، إِذَا ابْتَناهُ، ***بأَشْباهٍ خُذِينَ عَلَى مِثالِ

قَالَ: شَبَّه قَوَائِمَ نَاقَتِهِ بالأَساطين.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وغيرُه يَجْعَلُ الأَشباهَ فِي بَيْتِ لَبِيدٍ الآجُرَّ لأَن لَبِنَها أَشْباهٌ يُشْبِه بعضُها بَعْضًا، وَإِنَّمَا شَبَّه نَاقَتَهُ فِي تَمَامِ خَلْقِها وحَصانةِ جِبِلَّتها بقَصْر مَبْنِيٍّ بِالْآجُرِّ، وجمعُ الشُّبْهةِ شُبَهٌ، وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الاشْتِباهِ.

رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: اللَّيَنُ يُشَبَّهُ عَلَيْهِ.

وَمَعْنَاهُ أَن المُرْضِعَة إِذَا أَرْضَعَتْ غُلَامًا فإِنه يَنْزِعُ إِلَى أَخلاقِها فيُشْبِهُها، وَلِذَلِكَ يُختار للرَّضاعِ امرأةٌ حَسَنَةُ الأَخلاقِ صحيحةُ الْجِسْمِ عاقلةٌ غيرُ حَمْقاء.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ زيادٍ السَّهْمِيّ قَالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن تُسْتَرْضَعَ الحمْقاء فَإِنَّ اللَّبنَ يُشَبَّه.

وَفِي الْحَدِيثِ: « فَإِنَّ اللَّبَنَ يَتَشَبَّهُ».

والشِّبْهُ والشَّبَهُ: النُّحاس يُصْبَغُ فيَصْفَرُّ.

وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبٌ مِنَ النُّحَاسِ يُلْقى عَلَيْهِ دواءٌ فيَصْفَرُّ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه إِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ أَشْبَه الذهبَ بِلَوْنِهِ، وَالْجَمْعُ أَشْباهٌ، يُقَالُ: كُوزُ شَبَهٍ وشِبْهٍ بِمَعْنًى؛ قَالَ المَرَّارُ:

تَدينُ لمَزْرُورٍ إِلَى جَنْب حَلْقَةٍ، ***مِنَ الشِّبْهِ، سَوَّاها برِفْقٍ طَبِيبُها

أَبو حَنِيفَةَ: الشَّبَهُ شَجَرَةٌ كَثِيرَةُ الشَّوْك تُشْبِهُ "السَّمُرَةَ وَلَيْسَتْ بِهَا.

والمُشَبَّهُ: المُصْفَرُّ مِنَ النَّصِيِّ.

والشَّباهُ: حَبٌّ عَلَى لَوْنِ الحُرْفِ يُشْرَبُ لِلدَّوَاءِ.

والشَّبَهانُ: نَبْتٌ يُشْبِهُ الثُّمام، وَيُقَالُ لَهُ الشَّهَبانُ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والشَّبَهانُ والشُّبُهانُ ضَرْبٌ مِنَ العِضاه، وَقِيلَ: هُوَ الثُّمامُ، يَمانية؛ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ:

بوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ صَدْرُهُ، ***وأَسْفَلُه بالمَرْخِ والشَّبَهانِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ الْبَيْتُ للأَحْوَل اليَشْكُري، وَاسْمُهُ يَعْلى، قَالَ: وَتَقْدِيرُهُ وَيَنْبُتُ أَسفلُه المَرْخَ؛ عَلَى أَن تَكُونَ الْبَاءُ زَائِدَةً، وإِن شِئْتَ قَدَّرْتَه: ويَنْبُتُ أَسفلُه بالمَرْخِ، فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ لَمَّا قَدَّرْتَ الْفِعْلَ ثُلَاثِيًّا.

وَفِي الصِّحَاحِ: وَقِيلَ الشَّبَهانُ هُوَ الثُّمامُ مِنَ الرَّيَاحِينِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والشَّبَهُ كالسَّمُرِ كَثِيرُ الشَّوْكِ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


28-لسان العرب (سرا)

سرا: السَّرْوُ: المُروءَةُ والشَّرَفُ.

سَرُوَ يَسْرُو سَراوَةً وسَرْوًا أَي صَارَ سَرِيًّا؛ الأَخيرة عنسيبويه واللحياني.

الْجَوْهَرِيُّ: السَّروُ سَخاءٌ فِي مُرُوءَةٍ.

وسَرَا يَسْرو سَرْوًا وسَرِيَ، بِالْكَسْرِ، يَسْرَى سَرًى وسَرَاءً وسَرْوًا إِذَا شَرُفَ، وَلَمْ يَحْكِ اللِّحْيَانِيُّ مَصْدَرَ سَرَا إِلَّا مَمْدُودًا.

الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ سَرَا يَسْرُو وسَرِيَ، بِالْكَسْرِ، يَسْرَى سَرْوًا فِيهِمَا وسَرُوَ يَسْرُو سَرَاوةً أَيْ صارَ سَريًّا.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي سَرَا ثَلَاثَ لُغَاتٍ فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ، وَكَذَلِكَ سَخِي وسَخا وسَخُوَ، وَمِنَ الصَّحِيحِ كَمَل وكَدَر وخَثَر، فِي كُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ.

وَرَجُلٌ سَريٌّ مِنْ قوم أَسْرِياءَ وسُرَوَاءَ؛ كلاهما عن اللحياني.

والسَّرَاةُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَلَيْسَ بِجَمْعٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَدَلِيلُ ذلك قولهم سَرَواتٌ؛ قال الشَّاعِرُ:

تَلْقَى السَّرِيَّ مِنَ الرِّجَالِ بِنفسه، ***وابنُ السَّرِيِّ، إِذَا سَرَا، أَسْراهُما

أَي أَشْرَفُهما.

وَقَوْلُهُمْ: قومٌ سَرَاةٌ جمعُ سَرِيٍّ، جَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ أَن يُجْمَع فَعِيلٌ عَلَى فَعَلَة، قَالَ: وَلَا يُعرَف غَيْرُهُ، وَالْقِيَاسُ سُرَاةٌ مِثْلَ قُضاةٍ ورُعاةٍ وعُراةٍ، وَقِيلَ: جَمعه سَرَاةٌ، بِالْفَتْحِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ: وَقَدْ تُضَمُّ السِّينُ، وَالِاسْمَ مِنْهُ السَّرْو.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « أَنه مَرَّ بالنَّخَع فَقَالَ أَرَى السَّرْوَ فِيكُمْ متَرَبّعًا»؛ أي أَرى الشَّرَف فِيكُمْ مُتَمَكِّنًا.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَوْضُوعُ سَرَاةٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ اسمٌ مفردٌ لِلْجَمْعِ كنَفَرٍ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ مكَسَّر، وَقَدْ جمِعَ فَعِيلٌ الْمُعْتَلُّ عَلَى فُعَلاءَ فِي لَفْظَتَيْن: وَهُمَا تَقيٌّ وتُقَواء، وسَريٌّ وسُرَوَاء وأَسْرِيَاء.

قال: حكى ذلك السِّيرافي تَفْسِيرِ فَعِيلٍ مِنَ الصِّفَاتِ فِي بَابِ تَكْسِيرِ مَا كَانَ مِنَ الصِّفَاتِ عِدَّتَهُ أَربعةُ أَحرف.

أَبو الْعَبَّاسِ: السَّرِيُّ الرَّفيع فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمَعْنَى سَرُوَ الرجلُ يَسْرُو أَي ارْتَفَع يَرْتَفِع، فَهُوَ رَفِيعٌ، مأْخوذ مِنْ سَرَاةِ كلِّ شَيْءٍ مَا ارْتَفَع مِنْهُ وعَلا، وجمعُ السَّراةِ سَرَواتٌ.

وتَسَرَّى أَي تَكَلَّف السَّرْوَ.

وتَسَرَّى الجاريةَ أَيضًا: مِنَ السُّرّيَّة، وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَصله تَسَرَّر مِنَ السُّرور، فأَبدلوا مِنْ إِحْدَى الرَّاءَاتِ يَاءً كَمَا قَالُوا تقضَّى مَنْ تَقَضّضَ.

وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثُ أُمّ زَرْعٍ: فَنَكَحْتُ بعدَهُ سَرِيًّا "أَي نَفِيسًا شَريفًا، وَقِيلَ: سَخِيًا ذَا مُرُوءَة؛ وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ:

أَتَوْا نارِي فَقُلْتُ: مَنُونَ؟ قَالُوا: ***سَرَاةُ الجِنِّ، قلتُ: عِمُوا ظَلامَا

وَيُرْوَى: سُراةُ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْبَيْتُ بِمَعْنًى آخَرَ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي أَثناء هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.

ورجلٌ مَسْرَوَانٌ وامرأَة مَسْرَوانَةٌ: سَرِيّانِ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي.

وامرأَة سَريَّة مِنْ نِسْوة سَرِيَّات وسَرَايا.

وسَرَاةُ المالِ: خِيارُه، الْوَاحِدُ سَرِيٌّ.

يُقَالُ: بعيرٌ سَرِيٌّ وَنَاقَةٌ سَرِيَّة؛ وَقَالَ:

مِنْ سَرَاةِ الهِجانِ، صَلَّبَها العُضُّ ***ورِعْيُ الحِمَى وطُولُ الحِيالِ

واسْتَرَيْتُ الشيءَ واسْتَرْتُهُ، الأَخيرةُ عَلَى القَلبِ: اخْترْته؛ قَالَ الأَعشى:

فَقَدَ أَطَّبِي الكاعِبَ المُسْتَراةَ ***منْ خِدْرِها، وأُشِيعُ القِمارَا

وَفِي رِوَايَةٍ: وَقَدْ أُخْرِجُ الكاعِبَ المُسْتَراةَ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اسْتَرَيْته اخْتَرْته سَرِيًّا.

وَمِنْهُ قَوْلُ سجَعَة الْعَرَبِ وذكَرَ ضروبَ الأَزْنادِ فَقَالَ: وَمَنِ اقْتدَح المَرْخَ والعَفارْ فَقَدِ اخْتارَ واسْتَارْ.

وأَخَذْت سَرَاتَه أَي خِيارَه.

واسْتَرَيْت الإِبلَ "والغَنَمَ والناسَ: اخْتَرْتهم، وَهِيَ سَرِيُّ إبِلِهِ وسَراةُ مالِهِ.

واسْتَرَى الموتُ بَنِي فُلَانٍ أَيِ اخْتارَ سَراتَهم.

وتَسَرَّيْته: أَخَذْت أَسراه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:

لَقَدْ تَسَرَّيْت إِذَا الْهَمُّ وَلَجْ، ***واجْتَمَع الهَمُّ هُمومًا واعْتَلَجْ،

جُنادِفَ المِرْفَقِ مَبْنِيَّ الثَّبَجْ "والسَّرِيُّ: المُخْتار.

والسُّرْوَة والسِّرْوَة؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: سَهْم صَغِيرٌ قَصِيرٌ، وَقِيلَ: سَهْمٌ عَرِيضُ النَّصْلِ طويلُهُ، وَقِيلَ: هُوَ المُدَوَّر المُدَمْلَك الَّذِي لَا عَرْض لَهُ، فأَما العَريضُ الطَّوِيلُ فَهُوَ المِعْبَلَة.

والسِّرْية: نصلٌ صَغِيرٌ قَصير مُدَوَّر مُدَمْلَك لَا عَرْض لَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تَكُونَ هَذِهِ الْيَاءُ وَاوًا لأَنهم قَالُوا السِّرْوة فَقَلَبُوهَا يَاءً لِقُرْبِهَا مِنَ الْكَسْرَةِ.

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: السِّرْوة والسُّرْوة أَدقُّ مَا يَكُونُ مِنْ نِصَالِ السِّهَامِ يَدْخُلُ فِي الدُّرُوعِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: السِّرْوة نصلٌ كأَنه مِخْيَط أَو مِسَلَّة، وَالْجَمْعُ السِّرَاء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْقَزَّازُ وَالْجَمْعُ سِرىً وسُرىً؛ قَالَ النَّمِرُ:

وَقَدْ رَمَى بِسُراهُ اليومَ مُعْتَمِدًا ***فِي المَنْكِبَيْنِ، وَفِي الساقَيْن والرَّقَبَهْ

وَقَالَ آخَرُ:

كَيْفَ تَراهُنَّ بِذي أُراطِ، ***وهُنَّ أَمثالُ السُّرَى المِراطِ؟

ابْنُ الأَعرابي: السُّرى نِصالٌ دِقاقٌ، وَيُقَالُ قِصارٌ يُرْمى بِهَا الهَدَفُ.

وَقَالَ الأَسدي: السِّرْوَةُ تُدْعَى الدِّرْعِيَّة، وَذَلِكَ أَنها تَدْخُلُ فِي الدِّرْعِ ونصالُها مُنْسَلكَة كالمِخْيطِ؛ وَقَالَ ابْنُ أَبي الحُقَيقِ يَصِفُ الدُّرُوعَ:

تَنْفي السُّرى، وجِيادَ النَّبْل تَتْرُكُهُ ***مِنْ بَيْن مُنْقَصِفٍ كَسْرًا ومَفْلُولِ

وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: « كانَ إِذَا الْتاثَتْ راحِلَة أَحدِنا طَعَن بالسِّرْوةَ فِي ضَبْعِها »، يَعْنِي فِي ضَبْع النَّاقة؛ السِّرْية والسِّرْوة: وَهِيَ النِّصال الصِّغَارُ، والسُّرْوَة أَيضًا.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنَّ الوَليدَ بنَ المُغيرة مَرَّ بِهِ فأَشار إِلَى قَدَمِه فأَصابَتْه سِرْوَةٌ فجَعَلَ يَضْرِبُ سَاقَهُ حتَّى ماتَ».

وسَرَاةُ كُلِّ شيءٍ: أَعْلاه وظَهْرُه ووسَطه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِحُمَيْدٍ بْنِ ثَوْرٍ:

سَراةَ الضُّحى، مَا رِمْنَ حتَّى تَفَصَّدَتْ ***جِباهُ العَذارى زَعْفَرانًا وعَنْدَما

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: فَمَسَحَ سَراةَ البَعِير وذِفْراهُ.

وسَرَاةُ النهارِ وغيرهِ: ارْتِفاعُه، وَقِيلَ: وَسَطُه؛ قَالَ البُرَيق الْهُذَلِيُّ:

مُقِيمًا عِندَ قَبْر أَبي سِباعٍ سَراةَ ***الليلِ، عندَكَ، والنَّهارِ

فَجَعَلَ لِلَّيْلِ سَراةً، وَالْجَمْعُ سَرَوَات، وَلَا يكَسَّر.

التهذيب: وسَرَاةُ النهارِ وقتُ ارتِفاعِ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ.

يُقَالُ: أَتَيْته سَرَاةَ الضُّحى وسَرَاةَ النَّهَارِ.

وسَرَاةُ الطَّرِيقِ: مَتْنُه ومُعْظَمُه.

وَفِي الْحَدِيثِ: « لَيْسَ لِلنِّسَاءِ سَرَوَاتُ الطَّريق »، يَعْنِي ظُهورَ الطَّرِيقِ ومُعظَمَه ووَسَطَه ولكِنَّهنَّ يَمْشِينَ فِي الجَوانِبِ.

وسَرَاة الْفَرَسِ: أَعلى مَتْنِه؛ وَقَوْلُهُ:

صَرِيفٌ ثمَّ تَكْلِيفُ الفَيافي، ***كأَنَّ سَرَاةَ جِلَّتِها الشُّفُوفُ

أَراد: كأَنَّ سَرَوَاتِهِنَّ الشُّفوفُ فوضَعَ الواحدَ موضِعَ الجَمْع؛ أَلا تَرَاهُ قَالَ قَبْلَ هَذَا:

وقوفٌ فوقَ عِيسٍ قَدْ أُمِلَّتْ، ***براهُنَّ الإِناخَةُ والوَجيفُ

وسَرا ثَوْبَه عَنْهُ سَرْوًا وسَرَّاه: نَزَعه، التَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:

حَتَّى إِذَا أَنْفُ العُجَيْرِ جَلَّى ***بُرْقُعَه، وَلَمْ يُسَرِّ الجُلَّا

وسَرَى متاعَه يَسْرِي: أَلْقاه عَنْ ظَهْرِ دابَّته.

وسَرَى عَنْهُ الثوبَ سَرْيًا: كَشَفه، وَالْوَاوُ أَعلى، وَكَذَلِكَ سَرى الجُلَّ عَنْ ظَهْر الفَرَس؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

فَسَرَوْنا عَنْهُ الجلالَ، كَمَا سُلَّ ***لِبَيْعِ اللَّطِيمَة الدَّخْدارُ

والسَّرِيُّ: النَّهْر؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: الجَدْول، وَقِيلَ: النَّهْر الصَّغِيرُ كالجَدْول يَجْرِي إِلَى النَّخْل، وَالْجَمْعُ أَسْرِيَة وسُرْيانٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ مِثْلَ أَجْرِبة وجُرْبانٍ، قَالَ: وَلَمْ يُسْمع فِيهِ بأَسْرِياءَ.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}؛ رُوِيَ" عَنِ الْحَسَنِ أَنه كَانَ يَقُولُ: كَانَ وَاللَّهِ سَرِيًّا مِنَ الرِّجَالِ، يَعْنِي عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقِيلَ لَهُ: أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَمِّي النَّهْرَ سَرِيًّا، فَرَجَعَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: السَّرِيُّ الجَدْول، وَهُوَ قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ.

وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ قَوْلَ لَبِيَدٍ يَصِفُ نَخْلًا نَابِتًا عَلَى مَاءِ النَّهْرِ:

سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وسَرِيُّهُ، ***عُمٌّ نَواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرومُ

وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنس: « يَشتَرطُ صاحبُ الأَرضِ على المُساقي خَمَّ العَيْنِ وسَرْوَ الشِّرْبِ »؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يُرِيدُ تَنْقِيةَ أَنْهارِ الشِّرْبِ وسَواقيه، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ سَرَوْت الشَّيْءَ إِذَا نَزَعْته، قَالَ: وسأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَنْهُ فَقَالُوا: هِيَ تَنْقِية الشَّرَبات.

والشَّرَبة: كالحَوْض فِي أَصل النَّخْلة مِنْهُ تَشْرب، قَالَ: وأَحسِبه مِنْ سَرَوْت الشَّيْءَ إِذَا نَزَعْته وكَشَفْت عَنْهُ، وخَمُّ العَيْنِ: كَسْحُها.

والسَّراةُ: الظَّهْرُ؛ قَالَ:

شَوْقَبٌ شَرْحَبٌ كأَنَّ قَناةً ***حَمَلَتْه، وَفِي السَّراةِ دُمُوجُ

وَالْجَمْعُ سَرَوات، وَلَا يُكَسَّر.

وسُرِّيَ عَنْهُ: تَجلَّى هَمُّه.

وانْسَرَى عَنْهُ الهَمُّ: انْكَشف، وسُرِّيَ عَنْهُ مِثْلُهُ.

والسَّرْوُ: مَا ارْتَفع مِنَ الْوَادِي وانْحَدَر عَنْ غَلْظِ الجَبَل، وَقِيلَ: السَّرْوُ مِنَ الجَبَل مَا ارْتَفَع عَنْ مَوْضِعِ السَّيلْ وانْحَدَر عَنْ غَلْظ الجبَل.

وَفِي الْحَدِيثِ: « سَرْوُ حِمْيَر، وَهُوَ النَّعْفُ والخَيْفُ، وَقِيلَ: سَرْوُ حِمْيَر مَحَلَّتها».

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « لئِنْ بَقِيت إِلَى قابِلٍ ليَأْتِيَنَّ الراعِيَ بِسَرْو حِمْيَر حَقُّه لَمْ يَعْرَقْ جَبِينهُ فِيهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: ليَأْتِيَنَّ الراعِيَ بسَرَوَات حمْيَرَ »، وَالْمَعْرُوفُ فِي وَاحِدَةِ سَرَواتٍ سَراة.

وسَراة الطريقِ: ظَهْرهُ ومُعْظَمهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" رِياحِ بنِ الحرثِ: فصَعِدوا سَرْوًا "أَي مُنْحَدرًا مِنَ الجَبل.

والسَّرْوُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ سَرْوَة.

والسَّرَاءُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ سَرَاءة؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

رَآهَا فُؤَادي أُمَّ خِشْفٍ خَلا لَهَا، ***بقُور الوِراقَيْن، السَّرَاءُ المُصَنَّفُ

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ كِبار الشَّجَرِ يَنْبُتُ فِي الْجِبَالِ، وَرُبَّمَا اتُّخِذَ مِنْهَا القِسِيُّ العَرَبيَّة.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وتُتَّخذ القِسِيُّ مِنَ السَّراءِ، وَهُوَ مِنْ عُتْقِ الْعِيدَانِ وشَجَرِ الجِبال؛ قَالَ لَبِيدٌ:

تَشِينُ صِحاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّةٍ، ***بعُودِ السَّراء، عِنْدَ بابٍ مُحَجَّب

يَقُولُ: إِنَّهُمْ حَضَرُوا بَابَ الْمَلِكِ وَهُمْ مُتنَكِّبو قسِيِّهِمْ فَتَفَاخَرُوا، فَكُلَّمَا ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ مأْثَرة خَطَّ لَهَا فِي الأَرض خَطًّا، فأَيّهم وُجِدَ أَكثر خُطوطًا كَانَ أَكْثَرَ مآثِرَ فَذَلِكَ شَيْنُهم صِحَاحَ البِيد.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: والسَّراءُ ضَرْب من شَجر القِسِيِّ، الْوَاحِدَةُ سَراءَةٌ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السَّراءُ، بِالْفَتْحِ مَمْدُودٌ، شَجَرٌ تُتَّخذ مِنْهُ الْقِسِيُّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يصفُ وَحْشًا:

ثلاثٌ كأَقْواسِ السَّراء، وناشِطٌ ***قَدِ انحَصَّ، مِنْ لَسِّ الغَمِير، جحافِلُهْ

والسَّرْوةُ: دودَةٌ تَقَعُ فِي النَّبَاتِ فتأْكلُه، وَالْجَمْعُ سَرْوٌ.

وأَرضٌ مَسْرُوَّة: مِنَ السَّرْوةِ.

والسِّرْوُ: الجَرادُ أَولَ مَا يَنْبُتُ حِينَ يخرُجُ مِنْ بَيْضِه.

الْجَوْهَرِيُّ: والسِّرْوةُ الجَرادة أولَ مَا تكونُ وَهِيَ دُودَةٌ، وأَصله الْهَمْزُ، والسِّرْيَةُ لُغَةٌ فِيهَا.

وأَرض مَسْرُوَّة ذاتُ سِرْوةٍ، وَقَدْ أَنكر عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ السِّرْوةَ فِي الجَرادة وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ السِّرْأَةُ، بِالْهَمْزِ لَا غيرُ، مَنْ سَرَأَت الجرادةُ سَرْأً إِذَا بَاضَتْ.

وَيُقَالُ: جَرادةٌ سَرُوٌّ، وَالْجُمَعُ سِرَاءٌ.

وسَراةُ اليَمَنِ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ سَرَوَات؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ فَقَالَ: وبالسَّرَاة شَجَرُ جَوْزٍ لَا يُرَبَّى.

والسُّرَى: سَيرُ الليلِ عامَّتهِ، وَقِيلَ: السُّرَى سيرُ الليلِ كلِّه، تُذَكِّرهُ الْعَرَبُ وتؤَنِّثهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ اللِّحْيَانِيُّ إِلَّا التأْنيث؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:

قلتُ: هَجِّدْنا فَقَدْ طَالَ السُّرَى، ***وقَدَرْنا إنْ خَنى الليلِ غَفَل

قَدْ يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ ذكَّر، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُريد طالَتِ السُّرَى فحذَفَ عَلَامَةَ التأْنيث لأَنه لَيْسَ بِمُؤَنَّثٍ حَقِيقِيٍّ، وَقَدْ سَرَى سُرىً وسَرْيَةً وسُرْيَةً فَهُوَ سارٍ؛ قَالَ:

أَتَوْا نَارِي فقلْتُ: مَنُونَ؟ قَالُوا: ***سُرَاةُ الجِنِّ، قلتُ: عِمُوا صَباحا

وسَرَيْت سُرىً ومَسْرىً وأَسْرَيْت بِمَعْنَى إِذَا سِرْت لَيْلًا، بالأَلف لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ، وجاءَ القرآنُ العزيزُ بِهِمَا جَمِيعًا.

وَيُقَالُ: سَرَيْنا سَرْيةً وَاحِدَةً، وَالِاسْمُ السُّرْيةُ، بِالضَّمِّ، والسُّرَى وأَسْراهُ وأَسْرَى بِهِ.

وَفِي الْمَثَلِ: ذَهَبُوا إسْراءَ قُنْفُذَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ القُنْفُذَ يَسْرِي ليلَه كلَّه لَا يَنَامُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

حَيِّ النَّضِيرَةَ رَبَّةَ الخِدْرِ، ***أَسْرَتْ إليكَ وَلَمْ تكُنْ تُسْري

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رأَيت بِخَطِّ الْوَزِيرِ ابْنِ الْمَغْرِبِيِّ: حَيِّ النصِيرة؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ: " أَسْرَتْ إليهِ مِنَ الجَوْزاءِ سارِيَةٌ "وَيُرْوَى: سَرَت؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

فباتَ وأَسْرَى القومُ آخرَ ليْلِهِمْ، ***وَمَا كَانَ وقَّافًا بغيرِ مُعَصَّرِ

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ لَهُ: « مَا السُّرَى يَا جابِرُ »؛ السُّرَى: السَّيرُ بِاللَّيْلِ، أَراد مَا أَوْجبَ مَجيئَك فِي هَذَا الْوَقْتِ.

واسْتَرَى كأَسْرَى؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

وخَفُّوا فأَمّا الجامِلُ الجَوْنُ فاسْترَى ***بلَيلٍ، وأَمّا الحَيُّ بعدُ، فأَصْبَحُوا

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي قولَ كُثَيِّرٍ:

أَرُوحُ وأَغْدُو مِنْ هَواكِ وأَسْتَرِي، ***وَفِي النَّفْسِ مِمَّا قَدْ عَلِمْتِ عَلاقِمُ

وَقَدْ سَرَى بِهِ وأَسْرَى.

والسَّرَّاءُ: الكثِيرُ السُّرى بالليلِ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}، وَفِيهِ أَيضًا: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ، فنزَل الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِاللُّغَتَيْنِ.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: سَرَيْت بالليل وأَسْرَيْت، فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ.

وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ}، قَالَ: مَعْنَاهُ سَيَّرَ عَبْدَه.

يُقَالُ: أَسْرَيْت وسَرَيْت إذا سِرْتَ ليلًا.

وأَسْراهُ وأَسْرَى بِهِ: مثلُ أَخَذَ الخِطامَ وأَخَذَ بالخِطامِ، وَإِنَّمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا "، وَإِنْ كَانَ السُّرَى لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ للتأْكيد، كَقَوْلِهِمْ: سِرْت أَمسِ نَهَارًا والبارِحةَ لَيْلًا.

والسِّرايَةُ: سُرَى اللَّيْلِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، ويَقلّ فِي الْمَصَادِرِ أَن تَجِيءَ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ لأَنه مِنْ أَبنية الْجَمْعِ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يُؤَنِّثُ السُّرَى والهُدى، وَهُمْ بَنُو أَسد، توهُّمًا أَنهما جمعُ سُرْيَةٍ وهُدْيَةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ هَذَا أَي تأْنيث السُّرى قَوْلُ جرير:

هُمُ رَجَعُوها بعدَ ما طالتِ السُّرى ***عَوانًا، ورَدُّوا حُمْرةَ الكَيْنِ أَسْودا

وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ}؛ مَعْنَى يَسْرِ يَمْضِي، قَالَ: سَرى يَسْري إِذَا مَضى، قَالَ: وَحُذِفَتِ الْيَاءُ مِنْ يَسْرِي لأَنها رأْس آيَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلُهُ: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ، إِذَا يُسْرى فِيهِ كَمَا قَالُوا لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فِيهِ.

وَقَالَ: فَإِذَا عَزَم الأَمرُ أَي عُزِمَ عليه.

والسارية من السحاب: التي تجيءُ لَيْلًا، وَفِي مَكَانٍ آخَرَ: السارِية السَّحَابَةِ الَّتِي تَسْري لَيْلًا، وَجَمْعُهَا السَّوَارِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

سَرَتْ عَلَيْهِ، مِنَ الجَوْزاءِ، ***سارِيَةٌ تُزْجِي الشَّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ البرَد

ابْنُ سِيدَهْ: والسَّارِيَة السَّحَابَةُ الَّتِي بَيْنَ الغادِيَة وَالرَّائِحَةِ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّارِيَة المَطْرة الَّتِي تَكُونُ بِاللَّيْلِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

رأَيتُكَ تَغْشَى السَّارِياتِ، وَلَمْ تَكُنْ ***لتَرْكَبَ إلَّا ذَا الرّسُوم المُوقَّعا

قِيلَ: يعني ب السَّارِيَات الحُمُرَ لأَنها تَرْعى لَيْلًا وتَنَفَّسُ وَلَا تُقِرُّ بِاللَّيْلِ، وتَغْشى أَي تُرْكَبُ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَنَى بغِشْيانِها نِكاحَها، لأَن الْبَيْتَ لِلْفَرَزْدَقِ يَهْجُو جَرِيرًا وكأَنه يَعِيبُهُ بِذَلِكَ؛ وَاسْتَعَارَ بعضُهم السُّرى للدَّواهي والحُرُوبِ والهُمُومِ فَقَالَ فِي صِفَةِ الحرب أَنشده ثعلب للحرث بْنِ وَعْلَةَ:

ولكنَّها تَسْري، إِذَا نَامَ أَهلُها، ***فتأْتي عَلَى مَا لَيْسَ يَخْطُر فِي الوَهْمِ

وَفِي حَدِيثِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالسَبْعِينَ مِنْ قَوْمِهِ: « ثُمَّ تَبْرُزُونَ صَبيحَةَ سارِيةٍ »أَيْ صَبيحةَ ليلةٍ فِيهَا مَطَر.

والسَّارِيَة: السَّحَابَةُ تُمْطِر لَيْلًا، فاعِلة مِنَ السُّرى سَيرِ الليلِ، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

تَنْفي الرِّيَاحُ القَذَى عَنْهُ، وأَفْرَطَه، ***مِنْ صَوْبِ ساريةٍ، بيضٌ يَعالِيلُ

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الحَساء إِنَّهُ يَرْتُو فؤادَ الحَزِين ويَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقيم »؛ قَالَ الأَصمعي: يَرْتو بِمَعْنَى يَشُدُّه ويقوِّيه، وَأَمَّا يَسْرُو فَمَعْنَاهُ يكشِفُ عَنْ فؤادِه الأَلم ويُزيلُه، وَلِهَذَا قِيلَ سَرَوْت الثَّوْبَ وَغَيْرَهُ عَنِّي سَرْوًا وسَرَيتُه وسَرَّيته إِذَا أَلقَيته عَنْكَ ونَضَوْتَه؛ قَالَ ابْنُ هَرِمَةَ:

سَرَى ثوْبَه عَنْكَ الصِّبا المُتَخايلُ، ***ووَدَّعَ لِلْبَينِ الخَلِيطُ المُزايِلُ

أَي كشَف.

وسَرَوْت عنيِ دِرْعِي، بِالْوَاوِ لَا غَيْرَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « فَإِذَا مَطرَتْ يَعْنِي السَّحابةَ سُرِّي عَنْهُ »أَي كُشِف عَنْهُ الخَوْفُ، وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ، وخاصَّةً فِي ذِكْرِ نُزول الوَحْي عَلَيْهِ، وكلُّها بِمَعْنَى الكشْفِ والإِزالة.

والسَّرِيَّةُ: مَا بَيْنَ خَمْسَةِ أَنفسٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْخَيْلِ نَحْوُ أَربِعمائةٍ، ولامُها ياءٌ.

والسَّرِيَّة: قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ؛ يقال: خيرُ السَّريا أَرْبعُمائةِ رجلٍ.

التَّهْذِيبِ: وأَما السَّرِيَّة مِنْ سَرايا الجيوشِ فَإِنَّهَا فَعِيلة بِمَعْنَى فاعِلَة، سُمِّيت سريَّةً لأَنها تَسْري لَيْلًا فِي خُفْيةٍ لئلَّا يَنْذَرَ بِهِمُ العدوُّ فيَحْذَروا أَو يَمْتَنِعُوا.

يُقَالُ: سرَّى قائِدُ الجيشِ سَرِيَّةً إِلَى العدوِّ إِذَا جرَّدَها وَبَعَثَهَا إِلَيْهِمْ، وَهُوَ التَّسْرِيةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « يَردُّ مُتَسَرِّيهِم عَلَى قاعدِهم »؛ المُتَسَرِّي: الَّذِي يَخْرُجُ فِي السَّرِيَّة وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ يبلُغ أَقصاها أَربعمائةٍ، وجمعُها السَّرايا، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم يَكُونُونَ خُلاصة الْعَسْكَرِ وخِيارَهم مِنَ الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفيس، وَقِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم يُنَفَّذون سِرًّا وخُفْيةً، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ لأَن لَامَ السِّر راءٌ وَهَذِهِ ياءٌ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الإِمامَ أَو أَمير الجيشِ يبعثُهم وَهُوَ خارجٌ إِلَى بِلَادِ العدوِّ، فَإِذَا غنِموا شَيْئًا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَيْشِ عامَّة لأَنهم رِدْءٌ لَهُمْ وفِئَةٌ، فأَما إِذَا بَعَثَهُمْ وَهُوَ مُقِيمٌ فَإِنَّ الْقَاعِدِينَ مَعَهُ لَا يُشارِكونهم فِي المغْنَم، وَإِنْ كَانَ جَعَلَ لَهُمْ نَفَلًا مِنَ الغنِيمة لَمْ يَشْرَكْهم غيرُهم فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا.

وَفِي حَدِيثِ سعدٍ: « لا يَسِيرُ ب السَّرِيَّة »أَي لَا يَخرُج بنفسهِ مَعَ السَّرِيَّة فِي الغَزْوِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَسير فِينَا بالسِّيرَةَ النَّفيسة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « أَنه قَالَ لأَصحابه يَوْمَ أُحُدٍ اليومَ تُسَرَّوْنَ أَيْ يُقتل سَريُّكُمْ، فقُتِل حمزَةُ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ».

وَفِي الْحَدِيثِ: « لَمَّا حَضَرَ بَنِي شيبانَ وكلَّم سَرَاتَهم وَمِنْهُمُ المُثَنَّى بنُ حارِثَة »أَي أشرافَهم.

قَالَ: وَيُجْمَعُ السَّراةُ عَلَى سَرَوات؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" الأَنصار: افتَرَقَ ملَؤُهُم وقُتِلَت سَرَوَاتُهم أَي أَشْرافُهم.

وسَرَى عرقُ الشَّجَرة يَسْرِي فِي الأَرض سَرْيًا: دَبَّ تَحْتَ الأَرض.

والسَّارِيَةُ: الأُسْطُوانَة، وَقِيلَ: أُسْطُوانة مِنْ حِجارة أَو آجُرٍّ، وَجَمْعُهَا السَّوَارِي.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه نَهَى أَن يُصَلَّى بَيْنَ السَّوَارِي »؛ يُرِيدُ إِذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لأَجل انْقِطَاعِ الصَّفِّ.

أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ هُوَ يُسَرِّي العَرَق عَنْ نفْسِه إِذَا كَانَ يَنْضَحُه؛ وأَنشد: " يَنْضَحْنَ ماءَ البدنِ المُسَرَّى "وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُسَارِي إبِلَ جارِه إِذَا طَرَقَها ليَحْتلِبَها دُونَ صاحِبِها؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:

فَإِنِّي، لَا وأُمِّكَ، لَا أُسَارِي ***لِقاحَ الجارِ، مَا سَمَر السَّمِيرُ

والسَّرَاةُ: جَبَلٌ بناحِية الطَّائِفِ.

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الطَّوْدُ الجَبل المُشْرف عَلَى عرَفَة يَنْقاد إلى صَنْعاءَ يقال لَهُ السَّرَاةُ، فأَوَّله سَرَاة ثَقيفٍ ثُمَّ سَراةُ فَهمٍ وعدْوانَ ثُمَّ الأَزْدِ ثُمَّ الحَرَّةِ آخِرُ ذَلِكَ.

الْجَوْهَرِيُّ: وَإِسْرَائِيلُ اسمٌ، وَيُقَالُ: هُوَ مُضَافٍ إِلَى إِيلٍ، قَالَ الأَخفش: هُوَ يُهْمز وَلَا يُهْمَزُ، قَالَ: وَيُقَالُ فِي لغةٍ إِسْرَائِينَ، بِالنُّونِ، كَمَا قَالُوا جِبْرِينُ وَإِسْمَاعِينُ، وَاللَّهُ أَعلم.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


29-مجمل اللغة (نشر)

نشر: النشر: الريح الطيبة.

وريح نشر: منتشرة واسعة.

ونشر الله الميت، وأنشر، فنشروا، إذا بعثهم.

ونشرت الأرض: أصابها الربيع فأنبتت، وهي الناشرة، وذلك النبات: هو النشر، وهو ردي للراعية.

ويقال: بل النشر: الكلأ ييبسُ ثم يصيبه المطر فيخرج منه شيء كهيئةِ

الحلمة، وذلك داء.

والنواشر: عروق باطن الذراعين.

والانتشار: انتفاخ غصب الدابة من تعب، وهو عيب.

والنشوار: ما تبقيه الدابةُ من العلف.

ونشرتُ الخشبة بالمنشار نشرًا.

ونشرت الكتاب: خلاف طويته.

والنشر: أن تنتشر الغنم ليلًا فترعى، وهي بفتح الشين.

واكتسى البازي ريشًا نشرًا، أي: منتشرًا واسعًا طويلًا.

مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م


30-مقاييس اللغة (أول)

(أَوَلَ) الْهَمْزَةُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ: ابْتِدَاءُ الْأَمْرِ وَانْتِهَاؤُهُ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَهُوَ مُبْتَدَأُ الشَّيْءِ، وَالْمُؤَنَّثَةُ الْأُولَى، مِثْلُ أَفْعَلَ وَفُعْلَى، وَجَمْعُ الْأُولَى أُولَيَاتٌ مِثْلُ الْأُخْرَى.

فَأَمَّا الْأَوَائِلُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: تَأْسِيسُ بِنَاءِ أَوَّلٍ مِنْ هَمْزَةٍ وَوَاوٍ وَلَامٍ، وَهُوَ الْقَوْلُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: تَأْسِيسُهُ مِنْ وَاوَيْنِ بَعْدَهُمَا لَامٌ.

وَقَدْ قَالَتِ الْعَرَبُ لِلْمُؤَنَّثَةِ أَوَّلَةٌ.

وَجَمَعُوهَا أَوَّلَاتٌ وَأَنْشَدَ فِي صِفَةِ جَمَلٍ:

آدَمُ مَعْرُوفٌ بِأَوَّلَاتِهِ *** خَالُ أَبِيهِ لِبَنِي بَنَاتِهِ

أَيْ: خُيَلَاءُ أَبِيهِ ظَاهِرٌ فِي أَوْلَادِهِ.

أَبُو زَيْدٍ: نَاقَةٌ أَوَّلَةٌ وَجَمَلٌ أَوَّلٌ: إِذَا تَقَدَّمَا الْإِبِلَ.

وَالْقِيَاسُ فِي جَمْعِهِ أَوَاوِلُ، إِلَّا أَنَّ كُلَّ وَاوٍ وَقَعَتْ طَرَفًا أَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ بَعْدَ أَلِفٍ سَاكِنَةٍ قُلِبَتْ هَمْزَةً.

الْخَلِيلُ: رَأَيْتُهُ عَامًا أَوَّلَ يَا فَتَى، لِأَنَّ أَوَّلَ عَلَى بِنَاءِ أَفْعَلَ، وَمَنْ نَوَّنَ حَمَلَهُ عَلَى النَّكِرَةِ.

قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

مَا ذَاقَ ثُفْلًا مُنْذُ عَامٍ أَوَّلِ.

ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: خُذْ هَذَا أَوَّلَ ذَاتِ يَدَيْنِ، وَأَوَّلَ ذِي أَوَّلَ، وَأَوَّلَ أَوَّلَ، أَيْ: قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ.

وَيَقُولُونَ: أَمَّا أَوَّلُ ذَاتِ يَدَيْنِ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ.

وَالصَّلَاةُ.

الْأُولَى سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا صُلِّيَ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: كَانَ الْجَاهِلِيَّةُ يُسَمُّونَ يَوْمَ الْأَحَدِ الْأَوَّلَ.

وَأَنْشَدُوا فِيهِ:

أُؤَمِّلُ أَنْ أَعِيشَ وَأَنَّ يَوْمِي *** بِأَوَّلَ أَوْ بأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ

وَالْأَصْلُ الثَّانِي قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَيِّلُ الذَّكَرُ مِنَ الْوُعُولِ، وَالْجَمْعُ أَيَائِلُ.

وَإِنَّمَا سُمِّيَ أَيِّلًا لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى الْجَبَلِ يَتَحَصَّنُ.

قَالَ أَبُو النَّجْمِ:

كَأَنَّ فِي أَذْنَابِهِنَّ الشُّوَّلِ *** مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ قُرُونَ الْأَيِّلِ

شَبَّهَ مَا الْتَزَقَ بِأَذْنَابِهِنَّ مِنْ أَبِعَارِهِنَّ فَيَبِسَ، بِقُرُونِ الْأَوْعَالِ.

وَقَوْلُهُمْ آلَ اللَّبَنُ، أَيْ: خَثُرَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْثُرُ [إِلَّا] آخِرَ أَمْرِهِ.

قَالَ الْخَلِيلُ أَوْ غَيْرُهُ: الْإِيَالُ عَلَى فِعَالٍ: وِعَاءٌ يُجْمَعُ فِيهِ الشَّرَابُ أَيَّامًا حَتَّى يَجُودَ.

قَالَ:

يَفُضُّ الْخِتَامَ وَقَدْ أَزْمَنَتْ *** وَأَحْدَثَ بَعْدَ إِيَالٍ إِيَالَا

وَآلَ يَؤُولُ، أَيْ: رَجَعَ.

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: أَوَّلَ الْحُكْمَ إِلَى أَهْلِهِ، أَيْ: أَرْجَعَهُ وَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ.

قَالَ الْأَعْشَى:

أُؤَوِّلُ الْحُكْمَ إِلَى أَهْلِهِ.

قَالَ الْخَلِيلُ: آلَ اللَّبَنُ يَؤُولُ أَوْلًا وَأَوُولًا: خَثُرَ.

وَكَذَلِكَ النَّبَاتُ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: آلَ اللَّبَنُ عَلَى الْإِصْبَعِ، وَذَلِكَ أَنْ يَرُوبَ فَإِذَا جَعَلْتَ فِيهِ الْإِصْبَعَ قِيلَ آلَ عَلَيْهَا.

وَآلَ الْقَطِرَانُ: إِذَا خَثُرَ.

وَآلَ جِسْمُ الرَّجُلِ: إِذَا نَحُفَ.

وَهُوَ مِنَ الْبَابِ، لِأَنَّهُ يَحُورُ وَيَحْرِي، أَيْ: يَرْجِعُ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ.

وَالْإِيَالَةُ السِّيَاسَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ مَرْجِعَ الرَّعِيَّةِ إِلَى رَاعِيهَا.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: آلَ الرَّجُلُ رَعِيَّتَهُ يَؤُولُهَا: إِذَا أَحْسَنَ سِيَاسَتَهَا.

قَالَ الرَّاجِزُ:

يَؤُولُهَا أَوَّلُ ذِي سِياسِ.

وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا: أُلْنَا وَإِيلَ عَلَيْنَا أَيْ سُسْنَا وَسَاسَنَا غَيْرُنَا.

وَقَالُوا فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:

بِمُؤَتَّرٍ تَأْتَالُهُ إِبْهَامُهَا.

هُوَ تَفْتَعِلُ مِنْ أَلْتُهُ أَيْ أَصْلَحْتُهُ.

وَرَجُلٌ آيِلُ مَالٍ، مِثَالُ خَائِلِ مَالٍ، أَيْ: سَائِسُهُ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: رَدَدْتُهُ إِلَى آيِلَتِهِ، أَيْ: طَبْعِهِ وَسُوسِهِ.

وَآلُ الرَّجُلِ أَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ هَذَا أَيْضًا لِأَنَّهُ إِلَيْهِ مَآلُهُمْ وَإِلَيْهِمْ مَآلُهُ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ يالَ فُلَانٍ.

وَقَالَ طَرَفَةُ:

تَحْسَِبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً *** يالَ قَوْمِي لِلشَّبَابِ الْمُسْبَكِرْ

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُخَفَّفٌ مِنْهُ، قَوْلُ شَاعِرٍ:

قَدْ كَانَ حَقُّكَ أَنْ تَقُولَ لِبَارِقٍ *** يَا آلَ يَارِقَ فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ

وَآلُ الرَّجُلِ شَخْصُهُ مِنْ هَذَا أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ آلُ كُلِّ شَيْءٍ.

وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِآلِهِ، وَهُمْ عَشِيرَتُهُ، يَقُولُونَ آلُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَبَا بَكْرٍ.

وَفِي هَذَا غُمُوضٌ قَلِيلٌ.

قَالَ الْخَلِيلُ: آلُ الْجَبَلِ أَطْرَافُهُ وَنَوَاحِيهِ.

قَالَ:

كَأَنَّ رَعْنَ الْآلِ مِنْهُ فِي الْآلْ *** إِذَا بَدَا دُهَانِجٌ ذُو أَعْدَالْ

وَآلُ الْبَعِيرِ: أَلْوَاحُهُ وَمَا أَشْرَفَ مِنْ أَقْطَارِ جِسْمِهِ.

قَالَ:

مِنَ اللَّوَاتِي إِذَا لَانَتْ عَرِيكَتُهَا *** يَبْقَى لَهَا بَعْدَهَا آلٌ وَمَجْلُودُ

وَقَالَ آخَرُ:

تَرَى لَهُ آلًا وَجِسْمًا شَرْجَعَا.

وَآلُ الْخَيْمَةِ: الْعَُمَُدُ.

قَالَ:

فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٌ *** وَسُفْعٌ عَلَى آسٍ وَنُؤْيٌ مُعَثْلَبُ

وَالْآلَةُ: الْحَالَةُ.

قَالَ:

سَأَحْمِلُ نَفْسِي عَلَى آلَةٍ *** فَإِمَّا عَلَيْهَا وَإِمَّا لَهَا

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ، وَهُوَ عَاقِبَتُهُ وَمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} [الأعراف: 53].

يَقُولُ: مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ فِي وَقْتِ بَعْثِهِمْ وَنُشُورِهِمْ.

وَقَالَ الْأَعْشَى:

عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّهَا *** تَأَوُّلُ رِبِعِيِّ السِّقَابِ فَأُصْحِبَا

يُرِيدُ مَرْجِعَهُ وَعَاقِبَتَهُ.

وَذَلِكَ مِنْ آلَ يَؤُولُ.

مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م


31-تهذيب اللغة (لقح)

لقح: الليث: اللِّقاحُ: اسمُ ماءِ الفحل، واللقَّاح: مصدر قولك: لَقِحَت الناقةُ تَلْقَح لَقاحًا إذا حملت، فإذا استبان حَمْلُها قيل استبان لَقاحُها فهي لاقِح.

قال: والمَلْقَح: يكون مصدرًا كاللَّقاح وأنشد:

* يشهَدُ منها مَلْقَحًا ومَنْتَحا*

وقال في قول أبي النجم:

* وقد أَجَنّتْ عَلَقا ملقوحا*

يعني لَقِحَتْهُ من الفَحْل أي أخَذَته.

وروي عن ابن عباس أنه سُئل عن رجل له امرأتان أرضعت إحداهُما غلامًا، وأرضَعَت الأخرى جارية: هل يتزوّج الغلام الجارية؟ قال: لا، اللِّقاحُ واحد.

قلت: قد قال الليث: اللِّقاح: اسمِ لِمَاء الفحل، فكأنّ ابن عباس أراد أن ماء الفَحْل الذي حَمَلتا منه واحد، فاللبن الذي أرضَعَت كلُّ واحدة منهما مُرْضَعَها كان أصله ماء الفحل، فصار المُرْضعان وَلَدَين لزوجهما: لأنه كان ألقَحَهما.

قلت: ويحتمل أن يكون اللَّقاحُ في حديث ابن عباس معناه الإلقاح.

يقال: ألقَحَ

الفحل الناقة إلقاحًا ولَقَاحًا فالإلقاح مصدر حقيقي، واللَّقَاح اسم يقوم مَقام المصدر، كقولك أعْطَى عَطاء وإعطاء وأصلح إصلاحًا وصلاحًا، وأنبت إنباتًا ونَباتًا.

قلت: وأصلُ اللَّقاح للإبل، ثم استُعيرَ في النساء، فيقال: لَقِحَت إذا حَمَلت.

قال ذلك شَمِر وغيره من أهل العربية.

وقال الليث: أولاد الملَاقِيح والمضَامِين نُهي عن ذلك في المُبَايَعة، لأنهم كانوا يَتَبَايعون أولادَ الشَّاة في بطون الأمَّهات وأصلابِ الآباء، قال: فالملَاقِيح في بطون الأمَّهات، والمضامين في أصلاب الفحول.

وقال أبو عُبيد: الملَاقِيح: ما في البطون وهي الأَجِنَّة، الواحدة منها مَلْقُوحَة، قال وأنشدني الأصمعيّ:

إنَّا وجدنا طَرَدَ الهَوَامِل *** خيرًا من التَّأَنَانِ والمسائِل

وعِدَةِ العامِ وعامٍ قابِلِ *** ملقُوحَةً في بَطْن نابٍ حَائِلِ

يقول: هي مَلْقُوحة فيما يُظْهر لي صاحبُها، وإنما أُمها حائِل.

قال: فالملقوحُ هي الأجِنَّة التي في بطونها، وأما المضامين فما في أصلاب الفُحُول.

وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة، ويبيعون ما يَضْرِب الفحلُ في عامه أو في أعوام.

قلت: وروى مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المُسَيّب أنه قال: لا ربا في الحيوان، وإنما نُهَي من الحيوان عن ثلاث: عن المضامين والملاقِيح، وحَبَلِ الحَبَلة.

قال سعيد: والملاقيحُ: ما في ظُهُور الجمال، والمضامينُ: ما في بطون الإناث.

وقال المُزَنيُّ: أنا أحفظ أن الشافعيّ يقول: المضامين: ما في ظُهُورِ الجِمال، والملاقيحُ: ما في بُطُون إناثِ الإبل.

قال المُزَني: وأَعْلَمْتُ بقوله عبد الملك بن هشام فأنشدني شاهدًا له من شعر العرب:

إنَّ المَضَامِينَ التي في الصُّلْب *** ماءَ الفُحُول في الظُّهُور الحُدْب

لَسْنَ بمُغْنٍ عنك جُهْدَ اللَّزْبِ

وأنشد في الملاقيح:

مَنَّيْتَني ملاقِحا في الأبْطُن *** تُنتَج ما تَلْقَح بعد أَزْمُن

قلت: وهذا هو الصُّواب.

وأخبرني المُنذِري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: إذا كان في بطن الناقة حَمْل فهي ضامِن ومِضْمان وهن ضَوَامِنُ ومَضَامِينُ، والذي في بطنها مَلْقُوح ومَلْقُوحَة.

قلت: ومعنى المَلْقُوح المَحْمُول، ومعنى اللَّاقح الحامِل.

وقال الليث: أَلْقَحَ الفحلُ الناقَة.

واللِّقْحَةُ: الناقة الحَلُوب، فإذا جعلته نعتًا قلت: نَاقةٌ لَقُوحٌ، ولا يقال ناقة لِقْحَة، إلا أنك تقول: هذه لِقْحَة فُلان.

قال: واللِّقَاحُ جمع اللِّقْحَة، واللُّقُح جَمْع لَقُوح.

قال: وإذا نُتِجت الإبل فَبَعْضُها قد وَضَع وبَعْضُها لم يَضَعْ فهي عِشار، فإذا وضعت

كلها فهي لِقَاحٌ.

وأخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابي يقال: لَقِحَت الناقة تَلْقَح لَقَاحًا ولَقْحًا، وناقة لاقِح وإبِل لواقِحُ ولُقَّح.

واللَّقُوح: اللَّبُون، وإنما تكون لَقُوحًا أوَّل نَتاجِها شَهْرين أو ثلاثة أشهر، ثم يَقَع عنها اسم اللَّقُوح، فيقال: لَبُون.

قال: ويقال: ناقة لَقُوح ولِقْحة.

وجمع لَقُوح لُقُح ولِقَاحٌ ولَقائحُ، ومن قال لِقْحَة جمعها لِقَحًا.

قال: وحيّ لَقاح: إذا لم يُمْلَكُوا ولم يَدِينُوا للمُلُوك.

وروي عن عمر أنه أوصى عُمَّاله إذْ بعثهم فقال: وأَدِرُّوا لِقْحَة المسلمين.

قال شمر: قال بعضهم: أرادَ بلِقْحة المسلمين عطاءهم.

قلت: أراه أراد بلِقْحة المسلمين دِرَّةَ الفَيْء والخراج الذي منه عطاؤُهم وما فُرِض لهم، وإدراره: جِبايَتُه وتَحَلُّبه وجمعُه مع العدل في أهل الفَيْء حتى تَحْسُن حالُهم، ولا تنقطع مادّةُ جِبايتهِم.

وقال ابن شُمَيْل: يقال: لِقْحَة ولِقَح ولَقُوح ولَقَائحُ.

واللِّقاح: ذواتُ الألْبَان من النُّوق، واحدها لَقُوح ولِقْحة.

قال عديّ بن زيد:

من يَكُنْ ذا لِقَحٍ راخيات *** فلِقاحي ما تَذُوقُ الشَّعِيرا

بل حوابٍ في ظِلالِ فَسِيلٍ *** مُلِئَتْ أَجْوافُهُن عَصِيرا

فتهادَرْن كذاك زمانًا *** ثم مَوَّتن فكُنَّ قُبُورا

قال شمر: وتقول العرب: إنّ لي لقْحَة تُخْبِرني عن لِقاح النَّاس.

يقول: نفسي تُخْبِرُني فَتَصْدُقُني عن نفوس الناس: إنْ أحْبَبْتُ لهم خَيْرًا أَحَبُّوا لي خيرًا.

وإن أحببت لهم شرًا أحبوا لي شرًا.

وقال زيد بن كَثْوة: المعنى: أنِّي أعرف ما يصير إليه لِقَاحُ الناس بما أرى من لِقْحَتِي، يقال: عند التأْكيد للبَصَرِ بخاصِّ أُمُور الناس أو عَوَامّها.

وأخبرني المُنْذِرِيّ عن أبي الهَيْثَم أنه قال: تُنْتَجُ الإبلُ في أوَّل الرَّبيع فتكون لِقاحًا واحدتها لِقْحَة ولَقْحة ولَقُوح فجَمْع لَقُوح لقائح ولُقُح، وجمع اللِّقْحَة لِقَاح، فلا تزال لِقَاحا حتى يُدْبِرَ الصيفُ عنها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ: ناقة لاقِح وقارح يوم تَحْمِل، فإذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفَة.

قال: وقَرَحَت تَقْرَحَ قُرُوحًا، ولَقِحَت تَلْقَح لَقَاحا ولَقْحا وهي أيام نتَاجِها عائذٌ.

الليث: اللَّقَاح: ما يُلْقَح به النَّخْلة من الفُحَّال، تقول: أَلْقَحَ القومُ النخلَ إلْقَاحا، ولَقَّحُوها تَلْقِيحًا، واستَلْقَحت النَّخْلة أي أَنَى لها أن تُلْقَح.

قال: وأَلْقَحَت الرِّيحُ الشجرة ونحو ذلك في كل شيء يُحْمل.

قال: واللَّواقحُ من الرِّياح: التي تَحْمل النَّدَى ثم تَمُجُّه في السَّحاب فإذا اجْتَمَع في السحابِ صار مطرًا.

وحربٌ لاقحُ: مُشبَّهة بالأنثى الحامِل.

وقال الفرّاء: في قول الله جلّ وعزّ:

{وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ} [الحِجر: 22]، قرأها حمزة {وأَرْسَلْنَا الرِّيحَ لَوَاقِحَ} لأن الريحَ في معنى جمع، قال: ومن قرأ {الرِّياحَ لَواقِحَ} فهو بَيِّن، ولكن يُقالُ: إنما الرِّيحُ مُلْقِحة تُلْقح الشجر فكيف قِيلَ لواقِح؟ ففي ذلك معنيان أحدُهما أن تجعل الريحَ هي التي تَلْقَح بمرورِها على التُّرابِ والماءِ فيكون فيها اللِّقاحُ فيقال رِيحٌ لاقِح كما يقال: ناقة لاقِحٌ، ويَشْهَد على ذلك أنه وصف رِيحَ العذاب بالعقِيم {1} فجعلها عَقِيمًا إذ لم تَلْقَح.

قال: والوجهُ الآخر أن يكون وَصَفَها باللَّقْح وإن كانت تُلْقح كما قيل: ليل نائم والنَّوْم فيه، وسرٌّ كاتمٌ، وكما قيل: المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ فجعله مَبْرُوزًا ولم يقل مُبْرِزًا، فجاز مَفْعُول لمُفْعَل، كما جاز فاعِل لِمَفْعُول إذ لم يزدِ البِناءُ على الفِعْل، كما قيل ماء دافِق.

وأخبرني المُنْذِرِيّ عن الحَرَّانِي عن ابن السِّكِّيت قال: لواقِحُ: حَوَامل، واحدتها لاقِح.

قال: وسَمِعْتُ أبا الهَيْثَم يقول: ريحٌ لاقِحٌ أي ذاتُ لِقاح كما يُقال: دِرْهَم وازِنٌ أي ذو وَزْنٍ، ورجل رامِحٌ وسائِفٌ ونابِل، ولا يقال: رَمَح ولا سافَ ولا نَبَل، يُرادُ ذو رُمْح وذو سَيْفٍ وذو نَبْل.

قلت: وقيل: معنى قوله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ} [الحِجر: 22] أي حوامِل جعل الريح لاقحًا لأنها تحمل الماء والسحاب وتقلّبه وتصرّفه ثم تَسْتَدِرّه، فالرياح لواقح أي حوامل على هذا المعنى، ومنه قولُ أبي وَجْزَة:

حتى سَلَكْنَ الشَّوَى مِنْهُنّ في مَسَك *** من نَسْلِ جَوَّابَةِ الآفاق مِهْدَاج

سلكْنَ يعنِي الأُتُن أدخلن شَواهُنَّ أي قوائمهن في مَسَك أي في ماء صار كالمَسَك لأيديها، ثم جعل ذلك الماء من نَسْلِ ريح تجوب البلاد، فجعل الماء للريح كالولد: لأنها حملته.

ومما يحقق ذلك قولُ الله جلّ وعزّ: {يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحابًا ثِقالًا} [الأعرَاف: 57] أي حَمَلت، فهذا على المعنى لا يحتاج إلى أن يكون لاقِحٌ بمعنى ذي لَقْح، ولكنها حاملة تحمِلُ السحاب والماء.

ويقال للرجل إذا تكلم فأشار بيديه: تلقَّحَتْ يداه، يُشَبَّه بالناقة إذا شالت بذنبها تُرِي أنها لاقح لئِلَّا يدنو منها الفَحْلُ فيقال تلقَّحت، وأنشد

تَلَقَّحُ أيدِيهم كأَنّ زَبِيبَهُم *** زبيبُ الفُحُول الصِّيدِ وهي تَلَمَّحُ

أي: أنهم يُشيرون بأيديهم إذا خطبوا، والزَّبيبُ: شِبْه الزَّبَدِ يظهر في صامِغَي الخطيب إذا زَبَّبَ شِدْقاه.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


32-تهذيب اللغة (سبأ)

[سبأ: 7، 8].

وضَرْبَ قوله: {وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} [الصافات: 15 ـ 17] فهذا الذي تَشابَه عليهم فأَعلمهم الله جلّ وعزّ الوجهَ الذي ينبغي أن يستدلّوا به على أنّ هذا المُتشابه عليهم كالظاهر لو تدبَّروه، فقال: {وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ {78} قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ} إلى قوله: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يّس: 78 ـ 81]، أي إذا كنتم قد أقررتم بالإنشاء والابتداء فما تُنكرون من البَعْث والنُّشور؟ وهذا قولُ كثيرٍ من أهل العلم، وهو بيِّن واضح، وممّا يدلّ على هذا القول قولُه جلّ وعزّ: {فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]، أي أنهم طلبوا تأويل بَعْثِهم وإحيائهم، فأعلم الله أنَّ تأْويلَ ذلك ووقتَه لا يَعلمُه إلّا الله جلّ وعزّ.

والدَّليل على ذلك قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعرَاف: 53] يريد قيامَ الساعة وما وُعدوا من البَعْث والنُّشور وهذا قولُ كثير من أهل العلم والله أعلم.

وأمَّا قولُه عزوجل {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا} [البَقَرَة: 25] فإن أهل اللغة قالوا: معنى قوله: مُتَشابِهًا يُشْبِه بعضُه بعضًا في الجودِة والحُسْن.

وقال المفسِّرون: مُتَشابِهًا يُشْبه بعضُه بعضًا في الصُّورة، ويختلف في الطعم، ودليل المفسِّرين قوله جلّ وعزّ: {هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ} [البَقَرَة: 25] لأنّ صُورته الصُّورة الأولى، ولكنَّ اختلافَ الطُّعوم مع اتِّفاق الصُّورة أَبلَغ وأَغْرب عند الخلق، لو رأيْتَ تُفَّاحًا فيه طَعم كلِّ الفاكهة لكان نهايةً في العجب.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال: شَبِّه الشيءُ: إذا أَشْكَل، وشَبَّه: إذا ساوَى بين شيءٍ وشيء.

قال: وسأَلْتُه عن قوله: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا)، فقال: ليس من الاشتباه المُشْكِل، إنَّما هو من التَّشابُه الذي هو بمعنى الاشتباه.

وقال الليث: المُشْبهات من الأمور: المُشْكِلات، وتقول: شَبَّهتَ عليّ يا فلانُ: إذا خَلَّط عليك، واشْتَبَه الأمر: إذا اخْتَلط، وتقول: أَشْبَه فلانٌ أباه، وأنتَ مثله في الشَّبه والشِّبْه، وفيه مَشابِه من فلان، ولم أَسمع فيه مَشْبَهة من فلان، وتقول: إنِّي لفي شُبْهَةٍ منه.

رُوِي عن عمَرَ أنه قال: اللَّبَنُ يُشْبَه عليه، ومعناه أَنَّ المُرْضِعة إذا أَرْضَعتْ غلامًا فإِنه يَنْزع إلى أَخلاقِها فيُشْبِهها، ولذلك يُختار للرَّضيع امرأةٌ عاقلةٌ غيرُ حَمْقاءَ.

وفي الحديث: نَهى رسولُ الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم أن تُسْتَرْضَعَ الحَمقاء، فإنَّ اللَّبن يُشَبَّه.

وحُروف الشين يقال لها: أَشْباه، وكذلك كلُّ شيءٍ يكون سواءً فإِنها أَشباه، كقول لَبِيدٍ في السَّواري وتَشْبِيه قوائم النَّاقة بها:

كعُقْرِ الهاجِريّ إذا ابْتَناه *** بِأَشْباهٍ حُذِين على مِثالِ

قال: شبَّه قوائمَ ناقتِه بالأساطين.

قلت: وغيرُه يَجْعَلُ الأشباهَ في بيت لَبِيد الآجُرَّ؛ لأنّ لَبِنَها أَشباهٌ يُشْبه بعضُها بعضًا، وإنما شبَّه ناقته في تمام خَلْقِها وحَصانة جِبِلَّتِها بقَصْرٍ مَبنِي بالآجرّ.

وقال الليث: الشَّباه حَبٌّ عَلَى لَوْن الحُرْف يُشْرَبُ للدَّواء.

والشَّبَهان: الثُّمام، ومنه قوله:

وأسفلُه بالمَرخِ والشَّبَهان *

وجمع الشُّبْهَة: شُبَه، وهو اسمٌ من الأشْباه.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


33-تهذيب اللغة (نشر)

نشر: قال الله جلَّ وعَزَّ: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْمًا} [البقرة: 259]، قرأها ابن عباس {نُنشِرُها}، وقرأ الحسن: {نَنْشرُها}.

أبو العباس، عن ابن الأعرابيّ: أَنشرَ اللهُ الميِّتَ ونَشرَهُ، فنشر الميِّتُ لا غير.

وقال الفراء: من قرأها (كيف نُنشْرُها) بضم النون، فإنشارها إحْياؤُها.

واحْتَجَ

ابن عباس بقوله: {ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس: 22].

قال: ومن قرأها (نَنْشرها) فَكأَنه يَذْهَب إلى النشرِ والطّيّ، والوجه أن يقال: أنشرَ اللهُ الموْتى فنَشروا هم إذا حَيُوا، كما قال الأعشى:

حتى يَقولَ النّاس ما رَأَوْا *** يا عَجَبًا لِلميِّت النّاشرِ

قال: وسمِعْت بعضَ بني الحارث يقول: كانَ به جَرَبٌ فنُشر، إذا عادَ وحَيِيَ.

وقال الزجاج: يقال: نَشَرَهُمُ الله أي، بَعَثهم، كما قال الله: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].

وقال جلّ وعزَّ: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57] وقرىء {نُشُرًا} و {نُشْرًا}.

قال أبو إسحاق: من قرأ (نَشْرًا) فمعناه إحْياء بنشر السَّحاب الذي فيه حَياةُ كلِّ شيء، ومن قرأ: (نُشْرًا) و (نُشُرًا)، فهو جمع نَشور، مثل: رَسُول، ورُسُل ورُسْل.

وقال في قوله: {وَالنَّاشِراتِ نَشْرًا} [المرسلات: 3] هي الرِّياح تأْتِي بالمَطَر.

الحَرانيّ، عن ابن السِّكِّيت: النَّشْرُ أن يَخْرُجَ النَّبْتُ يُبْطِيءُ عنه المطر فيَيْبَس ثم يُصِيبُه مطرٌ بعدَ الْيُبْس، فينْبُت، وهو ردِيء للغَنم والإبل في أول ما يَظْهر.

قال: مصدر نَشرْتُ الثوبَ أَنْشُرُه نَشْرًا، ومصدر نَشَرْتُ الخَشَبَةَ بالمنْشار أنشرُها نَشْرًا، والنّشْرَ: أَنْ تَنْتَشرَ الغَنمُ باللّيل فَتَرْعَى.

وأخبرني المنذريّ: عن أبي الهيثم، عن نُصَير الرازي، قال: النّشرُ: أن تَرْعَى الإبل بَقْلًا قد أَصابه صَيْفُ، وهو يَضُرُّها.

ويقال: اتّقِ على إبِلِك النَّشْر.

ويقال: أصابَها النَّشَر، أي دَوِيَتْ عن النَّشر.

وقال أبو عُبَيد: النَّشْرُ: الرِّيح.

وقال الليث: النَشْرُ نَشرُ الرِّيح الطّيبة.

وفي الحديث: خَرَجَ معاوية ونَشْرُه أمامَه، يعني رِيحَ المِسْك.

وقال أبو الدُّقَيْش: النَّشْرُ: ريحُ فَمِ المرأة وأَنْفِها وأَعْطافها بعد النّوم، وأنشد غيره:

* ورَيحَ الْخُزَامَى ونَشْرَ الْقُطُرْ*

وقال الليث: النَّشْرُ: الْكَلأُ يَهيجُ أَعْلاه، وأَسْفَله نَدٍ أَخْضَر، تَدْوَى منه الإبِلُ إذَا رَعَتْه، وأنشد:

وَفِينَا وَإنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضَاغُنٌ *** كما طَرَّ أَوْبَارُ الجِرابِ على النَّشِر

قلت: وقال غيره: النَّشْرُ في هذا البيت نَشْر الجَرَبِ بعد خَفَائِهِ ونَبَاتِ الْوَبَرِ عليه، وهذا هو الصَّواب.

يقال: نشَرَ الجَرَبُ يَنْشُرُ نَشْرًا ونُشُورًا، إذا حَيِيَ بَعد ذَهابِه.

ويقال: جاءَ الجيشُ نَشَرًا، أي مُتَفَرِّقِين.

وضَمَّ اللهُ نَشَرَكَ، أي ما انْتَشَر من أَمْرِك كقولهم: لَمَّ اللهُ شَعَثَك.

وقال أبو العباس: نَشَرُ الماء: ما تَطاير منه عند الوُضوء.

وسأل رجلٌ الحسن عن انْتِضَاحِ الماءِ في إنَائِه إذا تَوَضَّأَ، فقال: وَيْلَكَ! أَتَمْلِكُ نَشَرَ الْماء، يعني ما يَنْتَشرُ منه، كلُّ هذا مُحَرَّك الشين مثلُ نَشَرِ الْغَنَمِ وانْتَشَرَ ذَكَرُه إذا قَامَ، وانتشار عَصَبِ الدَّابَّةِ في يدِه: أَنْ يُصِيبَه عَنَتٌ فَيَزُولَ الْعَصَبُ عن مَوْضعه.

وقال أبو عبيدة: الانتِشَار: انْتِفَاخٌ في العصب للإِتْعاب.

قال: والعَصَبَةُ التي تَنْتَشِرُ هي العُجَابَة.

قال: وتَحَرُّكُ الشَّظَى كانْتِشَارِ الْعَصَب غير أنَّ الفرس لانْتِشَارِ العَصَب أشَدُّ احْتمالًا منه لتحريك الشَّظى.

أبو عُبيد، عن أبي عَمرو والأصمعيّ: النَّواشِرُ والرَّوَاهِسُ: عُروق باطِنِ الذِّراع.

وقال زهير:

* مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَوَاشِرِ مِعْصَمِ*

ثعلب، عن ابن الأعربيّ: امرأة مَنْشُورَةٌ ومَشْبورَةٌ، إذا كانت سَخِيَّةٌ كَريمة.

قال: ومن المنشُورَة قوله: {نشرًا بين يدي رحمته} [الأعراف: 57].

أي سخاء وكرامة.

وقال الليث: النُّشْرَةُ: عِلاجُ رُقْيَةٍ يُعالج بها المَجْنُون، يُنَشَّرُ بها عنه تَنشِيرًا، ورُبَّما قالوا للإنسان المهزول الهالك، كأنَّهُ نُشْرَة، والتّناشِيرُ: كتابَةَ الغِلمان في الكُتّاب، والمنْشُور من كُتُب السلطان: ما كان غَيْرَ مَخْتُوم.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ، قال: النَّشْرُ نَبَاتُ الوَبَرِ على الجَرَبِ بعد ما يَبْرَأُ.

والنَّشْرُ: نَفَيانُ الطّهُور.

والنَّشْرُ: الحيَاة.

والنَّشْرُ: الرِّيجُ الطّيَّبَةُ.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


34-تهذيب اللغة (در)

در: قال الليث: دَرّ اللبنُ يَدِرُّ دَرّا، وكذلك الناقة إذا حُلِبَتْ فأَقبَل منها على الحالب شيء، كثير، قيل: دَرّتْ وإذا اجتمع في الضَّرْع من العُرُوقِ وسائر الجَسَد قيل: درَّ اللبنُ ودرّت العُرُوقِ إذا امتلأتْ دَما.

ودَرّت السماءُ إذا كثُرَ مطرُها، وسحابةٌ مِدْرار وناقةٌ دَرُورٌ.

ورُوي عن عمر بن الخطّاب أنه أَوصَى عُمَّاله حين بعثهم فقال في وصيَّته لهم: أُدِرُّوا لِقحة المسلمين.

قال الليث: أراد بذلك فَيْئَهم وخراجهم،

قال: والاسم من ذلك الدَّرّة.

وقال غيره: يقال دَرَّت الناقةُ تَدِر وتَدُرّ إذا امتلأت لبنا، وأدَرّها فصيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُون الفصيل، إذا مَسَح ضَرْعها، ويقال للسماء إذا أخالتْ: دُرِّي دُبَسْ بضمّ الدال، رَوَى ذلك عن العرب ابنُ الأعرابي وهذا من دَرَّ يدُرّ.

وقال أبو الهيثم: دَرّتْ الناقةُ تَدِر دُرُورا ودرّا، وتدُرّ أيضا، قال: ودرَّ السِّراجُ وسراج درّارٌ ودَرِير، ودَرَّ الفَرَسُ دِرّة فهو دَرِير إذا أسْرَعَ في عَدْوه، قال: وأصلُ الدّرّ في كلام العرب اللّبَن.

قال: ويقال: لله دَرُّك.

وقال الليث: لله دَرّك معناه لله خيْرُك وفِعالُكَ، يقال هذا لمن يُمدح ويتعجب من عمله، وإذا شتَموا قالوا: لا درّ درُّهُ أي لا كثُر خيْرُه.

قال: والدَّرِير من الخيْل السَّريع المكتَنز الخلْق المقتدِر.

وقال ابن شميل في قولهم: لله دَرُّك، أي لله ما خرج منك من خير.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الدَّرّ العمل من خير أو شرّ، ومنه قولُهم: لله درُّك يكون مدحا، ويكون ذمّا كقولهم: قاتَله الله ما أكفره، وما أشعَرَه.

قال: والدَّرُّ النّفْس.

والدَّرّ اللبن، ودَرَّ وجهُ الرجل يَدِرّ إذا حَسُنَ وجهُه بعد العِلة، ودرَّ الخَراج يدرّ إذا كثُر، ودرَّ الشيء إذا جُمِع، ودرّ إذا عُمِل.

وقال أبو زيد: الدِّرَّة في الأمطار أن يَتبَع بعضُها بعضا، وجمعُها دِرَرٌ.

سلمة عن الفرَّاء قال: الدَّردَرَّى الذي يذهب ويجيء في غير حاجة.

وقال أبو عبيدة: الإدرار في الخيل أن يُقلَّ الفرسُ يدَه حينَ يعْتَق فيرفعها وقد يضعُها في الْخَببِ.

وقال الزجَّاج في قول الله جل وعزّ: {كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ} [النور: 35]، من قرأ بغير همز، نسبَه إلى الدُّر في صفائِه وحُسْنه.

قال: وقرئت {دِرِّىٌ} بالكسر.

وقال الفرّاء: من العرب من يقول: كوكب دِرّيّ ينسبُه إلى الدُّر، كما قالوا: بَحْرٌ لُجّيّ ولِجّيّ، وقرئتْ دِرِّيءٌ بالهمز وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

وقال الليث: الدُّر العِظام من اللؤلؤ، الواحدة دُرّة، قال: والكوكب الدُّرّيّ: الثاقبُ المضيء وجمع الكواكب دراريّ.

قالوا: ودَرَّايةُ: من أسماء النِّسَاء.

والدُّرْدُورُ: موضعٌ من البحر يجيشُ ماؤه وقلَّما تسلم السفينة منه، يقال: لجَّجُوا فوقعوا في الدُّرْدُور، ويقال: دَرِدَ الرجُل فهو أَدْرَدُ إذا سَقطتْ أسنانُه وظهرَتْ دَرادِرُها وجمعُه الدُّرْدُ.

ومن أمثال العرب السائرة: أَعيَيْتني بأُشُرٍ، فكيفَ أرجوكِ بدُرْدُرٍ.

قال أبو عبيد: قال أبو زيد: هذا يُخاطب امرأتَه يقول: لم تقبَلي الأدبَ وأنت شَابَّةٌ ذات أشُرٍ في ثغرك، فكيف الآن وقد أسنَنْتِ حتى بدتْ دَرَادرُك وهي مَغارِزُ الأسنان، ودرَّد الرجل إذا سقطت أسنانه وظهرت درادره.

قال: ومثلُه: أعتيتني من شُبَ إلى دُبَ، أي من لدن شبَبتَ إلى أن دَببْتَ، والدِّرّة: درَّة السلطان التي يضرب بها.

الأصمعي، يقال: فلان دَرَرَكَ أي قُبالتك.

وقال ابن أحمر:

كانت مَناجعَها الدَّهْنا وجَانِبُها *** والقُفُّ ممّا تراه فوْقَهُ دَرَرَا

وقال أبو سعيد: يقال هو على دَرر الطريق، أي على مَدْرَجته.

وقال أبو زيد: يقال: فلان على درر الطريق، ودَارِي بِدَرَرِ دارك أي بحذائها إذا تقابلَتا.

وفي حديث عَمرو بن العاص أنه قال لمعاوية: أتيتُك وأَمرُك أشدُّ انفِضاحا من حُقِّ الكهول، فما زلتُ أَرُمُّه حتى تركتُه مثل فلكة المُدِرِّ.

وذكر القُتيبيّ هذا الحديث فأخطأَ في لفظه ومعناه: وحُقُّ الكهول بَيتُ العنْكبوت وقد مرَّ تفسيرُه، وأما المُدِرُّ فهو الغزّال: ويقال للمغزَل نفسها الدَّرّارَة، وقد أدرَّت الغزَّالة درّارَتها، إذا أدارتْها لتستحكم قوَّة ما تغزله من قطن أو صُوف، وضرَب فلكةَ المُدرّ مثلا لاستحكام أمرِه بعد استرخائه، واتساقه بعد اضطرابه، وذلك أن الغزَّال يُبالغ في إحكام فلكة مِغزَله وتقويمها لئلا تقلقَ إذا أدَرَّ الدّرّارَة.

أبو عبيد: سمعتُ الأمويّ يقول: يقال للمِعزَى إذا أرادت الفحلَ قد استدرّت استدرِارا، وللضأن قد استوْبلتْ استِبيالا.

وفي حديث ذي الثُّديّة المقتول بالنهْروان، كانت له ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعة تدَرْدَرُ أي تمرْمَرُ وترجرَج.

وقال أبو عمرو: يقال للمرأة إذا كانت عظيمَة الألْيَتين، فإذا مشتْ رَجفَتا هي تَدَرْدَرُ.

وأنشد فقال:

أُقسم إن لم تأْتنا تَدَرْدَرُ *** ليُقطعنَّ من لسانٍ دُرْدُرُ

قال والدُّردُرُ ههنا طرف اللسان، ويقال: هو أصلُ اللسان، وهو مَغرز السنّ في أكثر الكلام.

وأنشد أبو الهيثم:

لما رأتْ شيخا لها دَوْدرَّى *** في مثل خيْط العهْن المُعَرَّى

قال: الدوْدرّى من قولهم فرس درير، والدليلُ عليه قولُه:

* في مثل خيْط العِهن المُعرى*

يريد به الخذرُوف، والمُعرّى: جُعلتْ له عُروَة، والدَّرْدارُ ضرب من الشجر معروف.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


35-معجم العين (در)

در: دَرَّ اللَّبَنُ يَدُرُّ دَرًّا، وكذلك الناقةُ إذا حُلِبَتْ فأقبَلَ منها على الحالب شيءٌ كثير، قيل: دَرَّتْ وإذا اجتَمَعَ في الضَّرْعِ من العُروقِ وسائر الجَسَد قيل: دَرَّ اللَّبَنُ ودَرَّت العُروق إذا امتَلأَتْ دَمًا.

ودَرَّت السَّماءُ إذا كَثُرَ مَطَرُها، وسَحابةٌ مِدْرارٌ وناقةٌ دَرورٌ، وقال:

وقالوا لدنياهم أفيقي فدرت

وروِيَ عن عُمَرَ بنِ الخطّاب أَنّه أَوصَى عُمّالَه حين بعَثَهم فقال في وصيته لهم: أدروا لقحة المُسلمين، أراد بذلك فَيئَهم وخَراجَهم، والأسمُ من كلِّ ذلك الدِّرَّةُ.

وفي الشَّتْم يقال: لا دَرَّ دَرُّه، أي لا كَثُرَ خيرُه، ولِلّهِ دَرُّكَ أي خيرُك وفَعالُك.

والدَّريرُ من الدَّوابِّ: السريعُ المُكتَنِزُ الخَلْق، المُقتَدِر، قال:

درير كخذروف الوليد أمَرَّه *** تتابُعُ كَفَّيْهِ بخَيْطٍ موصل

والدُّرُّ: العِظامُ من اللُّؤْلُؤِ، والواحدةُ دُرَّةٌ.

وكوكَبٌ دُرِّيُّ أي ثاقِب مُضيءٌ وجمعُه دَراريُّ.

ودَرّاية من أسماء النساء.

والدُّردور: موضعٌ من البحر يجيش ماؤه، وقَلَّما تَسلَمُ السفينةُ منه، يقال: لَجَّجُوا فوَقَعُوا في الدُّرْدور.

والدُّرْدُرُ: موضع مَنابِت الأسنان قبل نَباتها وبعدَ سُقوطِها.

ويقال: دَرِدَ الرجلُ فهو أدرَدُ إذا سقطَتْ أسنانهُ وظَهَرتْ دَرادِرُها، وجمعُه الدُّرْد.

ومن أمثال العَرَب السائرة: أَعيَيْتِني بأُشُرٍ فكيف أرجوك بدرْدرٍ.

ودِرَّةُ السُّلْطانِ: ما يضرب بها.

العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com