نتائج البحث عن (بُعِثُوا)
1-العربية المعاصرة (دس)
دسَّ دَسَسْتُ، يَدُسّ، ادْسُسْ/دُسَّ، دَسًّا ودَسيسًا، فهو دَاسّ، والمفعول مَدْسوس.* دَسَّ الدَّسائِسَ: دبّرها وحاكها.
* دسَّ الشَّيءَ في التُّرابِ وتحتَه: دَفَنَه وأَخفاه (دسَّ كَنْزًا في الأرض- دسَّ بطاقةً في يده- {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [قرآن]) (*) دسَّ أنفَه في كذا: تدَخَّل فيما لا يعنيه.
* دسَّ له السُّمَّ ونحوَه: وضعَه له خُفْيةً في طعامٍ أو شرابٍ- دسَّ له: مَشى بالنَّميمةِ.
* دسَّ نفسَه بين الجماعة: دخل بينهم وهو ليس منهم (دسَّ نفسَه بين الأخيار).
اندسَّ/اندسَّ إلى/اندسَّ في يندسّ، اندسِسْ/اندسَّ، اندساسًا، فهو مُندَسّ، والمفعول مُندَسّ إليه.
* اندسَّ الشَّيءُ: مُطاوع دسَّ: اندفن.
* اندسَّ فلانٌ: دخل في الشيء (اندسّ في الفراش خشية البرد).
* اندسَّ بين النَّاس: اختفى، تسلّل خفية بينهم (اندسّ بين الأشجار/المتظاهرين).
* اندسَّ إلى فلانٍ: تجسّس له؛ يأتيه بأخبار الناس.
* اندسَّ الشَّيءُ في الشَّيء: دخل فيه.
تدسَّسَ يتدسَّس، تدسُّسًا، فهو مُتدسِّس.
* تدسَّسَ فلانٌ:
1 - تجسَّس.
2 - تحسَّس، تلمّس باليد.
دَسّ [مفرد]: مصدر دسَّ.
دَسَّاس [مفرد]:
1 - صيغة مبالغة من دسَّ.
2 - نمّام؛ مَنْ يَسْعى بين الناسِ بالدّسِّ والوقيعة (احذر الدسّاسين).
3 - [في الحيوان] حيَّة قصيرة حمراء محدّدة الطَّرفين لا يُدرى أيُّهما رأسُها، تندسُّ تحت التّراب فلا تظهر في الشَّمس.
دسَّاسة [مفرد]:
1 - مؤنَّث دَسَّاس.
2 - [في الحيوان] دسَّاس؛ حيّة قصيرة حمراء محدّدة الطرفين لا يُدرى أيُّهما رأسُها، تندسُّ تحت التُّراب فلا تظهر في الشمس.
دَسيس [مفرد]: جمعه دسيسُون (لغير المصدر) ودُسُس (لغير المصدر):
1 - مصدر دسَّ.
2 - جاسوسٌ؛ مَنْ يُرْسَلُ سِرًّا ليأتيَ بالأخبار (بعثوا دسيسًا ليستطلع الخبر).
دسيسة [مفرد]: جمعه دسائِسُ:
1 - دسيس، جاسوسٌ، مَنْ يُرْسَلُ سِرًّا ليأتي بالأخبار.
2 - نميمة وعداوة، مكيدة وحيلة خفيَّة (بات يحيك لهم الدَّسائسَ).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (صدر)
صدَرَ/صدَرَ إلى/صدَرَ عن/صدَرَ في/صدَرَ من يَصدُر، صُدورًا وصَدْرًا، فهو صادِر، والمفعول مَصْدورٌ (للمتعدِّي).* صدَر الكِتابُ: ظهر (صدَر العددُ الأوّل من المجلّة).
* صدَر النَّاسُ: خرجوا من قبورهم إلى الحشر، بُعثوا للحساب {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} [قرآن].
* صدَر الحُكْمُ/صدَر الحُكْمُ في القضيَّة: حَدَثَ؛ وقع وتقرَّر (صَدَر الأمرُ).
* صدَر الشَّخصَ: أصاب صَدْره.
* صدَر إلى المكان: انتهى إليه.
* صدَر عن موقفه ارتياحٌ بين أصدقائه/صدَر من موقفه ارتياحٌ بين أصدقائه: نشأ ونتج عنه ذلك (*) احتمل ما صدَر عنه: أغضى عليه وعفا عنه.
* صدَر منه عملٌ ما: فعله.
صُدِرَ يُصدَر، صَدْرًا، والمفعول مَصْدور.
* صُدِر الرَّجلُ: شكا صَدْرَه.
أصدرَ يُصدر، إصدارًا، فهو مُصدِر، والمفعول مُصدَر.
* أصدر الأمرَ: أنفذه وأذاعه (أصدر الرَّئيسُ مرسومًا/قانونًا- أصدر القاضي حكمًا ببراءة المتَّهم- أصدرت الفاكهةُ الفاسدة رائحة خبيثة).
* أصدر النَّاشرُ كتابًا: نشره ووزَّعه (أصدرت دارُ النشر الطبعةَ الثالثة من الدِّيوان- أصدر صحيفةً).
* أصدر الرُّعاةُ دوابَّهم: صرفوها عن الماء بعد ارتوائها {قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [قرآن] (*) أورد وأصدر: ابتدأ أمرًا ثم أتمَّه- يُورد ولا يُصْدِر: يشرع في عمل ولا يُتمُّه.
استصدرَ يستصدر، استصدارًا، فهو مُستصدِر، والمفعول مُستصدَر.
* استصدر الأمرَ: طلب إصدارهَ (استصدر أمرًا بتفتيش منزله- استصدرتِ الحكومةُ من مجلس النُّوَّاب قانونَ المرور).
تصدَّرَ يتصدَّر، تصدُّرًا، فهو مُتصدِّر، والمفعول مُتصدَّر (للمتعدِّي).
* تصدَّر الشَّخصُ: جلس في صدر المجلس (تصدَّرتِ العروسُ حفلَ الزِّفاف).
* تصدَّر القَومَ: تقدَّمهم وترأَّسهم (تصدَّر الوزيرُ الاجتماعَ- تصدَّر العدّاء العربيّ المتسابقين جميعهم- تصدَّر رأسَ المجموعة).
صادرَ يُصادر، مُصادَرةً، فهو مُصادِر، والمفعول مُصادَر.
* صادرتِ الدَّولةُ أموالَ الخائنين: استولت عليها عقوبة لهم (صادرتِ الحكومةُ البضائعَ المهرّبة).
صدَّرَ يصدِّر، تصديرًا، فهو مُصدِّر، والمفعول مُصدَّر.
* صدَّرَ فلانًا: قدَّمه، أجلسه في صدر المجلس.
* صدَّر المُؤلِّفُ الكِتابَ: وضع له مقدِّمة وتوطئة، مَهَّد له.
* صدَّر البِضاعةَ: أرسلها من بلدٍ إلى بلدٍ آخر (صدَّرت البلادُ العربيّة البترولَ إلى دول أوربا).
إصدار [مفرد]: جمعه إصدارات (لغير المصدر):
1 - مصدر أصدرَ.
2 - شيء مُصْدَر أو موزَّع أو منشور مثل مجموعة طوابع أو عملات عن طريق مكتب أو دائرة رسميّة.
3 - عدد من مجلَّة دوريَّة.
4 - مجموعة مُميَّزة من نسخ لطبعة كتاب تتميَّز بأنّها تختلف عن غيرها في المادَّة المطبوعة (تحظى إصدارات مكتبة الأسرة بإقبال واسع من القرَّاء).
* الضَّامنُ تغطيةَ إصدارٍ: [في الاقتصاد] الشَّخص الذي يتعهَّد بشراء ما يُصدره الغيرُ من أسهم وسندات خاصَّة أثناء فترة معيَّنة.
أَصْدَرُ [مفرد]:
1 - عظيم الصَّدْر (رياضِيٌّ أَصْدَرُ).
2 - [في التشريح] عِرْقٌ تحت الصُّدْغ، وهما أَصْدران.
تصدُّريَّة [مفرد]: مصدر صناعيّ من تصدُّر: أَحَقِّيَّة تحقيق السَّبق.
تصدير [مفرد]:
1 - مصدر صدَّرَ.
2 - كلمة يكتبها المؤلِّف في أوَّل كتابه يعبِّر فيها عن ملاحظات شخصيّة موجَّهة إلى قارئ الكتاب، وتنتهي عادة بفقرة فيها شكر للأشخاص والهيئات التي ساعدته في بحثه.
* رخصة تصدير: [في التجارة] إذن أو تصريح تصدره سلطة إداريّة مختصَّة تجيز فيه لمقدِّم الطلب شحن بضاعة معيَّنة إلى أحد البلدان الأجنبيَّة.
تصديريَّة [مفرد]:
1 - مصدر صناعيّ من تصدير: تجارة، بيع وشراء.
2 - اسم مؤنَّث منسوب إلى تصدير: (سلع تصديريَّة).
صادر [مفرد]:
1 - اسم فاعل من صدَرَ/صدَرَ إلى/صدَرَ عن/صدَرَ في/صدَرَ من.
2 - مُستند يصدر عن إدارة ويوجّه إلى باقي الإدارات.
* الصَّادرات: [في الاقتصاد] بضائع وطنيّة تُرْسل إلى بلاد أخرى لبيعها، عكسها واردات (ينبغي على الدولة زيادة صادراتها إلى الخارج- زادت صادراتُ الحبوب هذا العام).
صِدار [مفرد]: ثوبٌ سميك بلا كُمَّين وياقة يُغطَّى به الصَّدر، يمتدّ من الخِصْر وحتَّى الكَتِف، ويُرتدى خاصَّة فوق القميص.
* صِدار النَّجاة: أداة تستخدم لإبقاء الشَّخص طافيًا فوق الماء.
* صِدار الطِّفل: قطعة من قماش أو بلاستيك تُثبَّت تحت الذَّقن لإبقاء ملابس الطِّفل نظيفة أثناء تناول الطَّعام.
صَدارة [مفرد]: تقدُّم وسبق وأولويَّة (له الصَّدارة في مجتمعه- يلعب دَوْرَ الصَّدارة) (*) احتلّ مكانَ الصَّدارة.
* الصَّدارة: [في النحو والصرف] اختصاص الكلمة بوقوعها في أوَّل الكلام كأسماء الاستفهام (أين الكتاب؟).
صَدْر [مفرد]: جمعه صدور (لغير المصدر):
1 - مصدر صُدِرَ وصدَرَ/صدَرَ إلى/صدَرَ عن/صدَرَ في/صدَرَ من.
2 - مقدَّم كلِّ شيء (*) الصَّدْر الأعظم: الوزير الأكبر- ذوات الصَّدْر: ما تعيَّن له صدر- صَدْر الإسلام: بدايته- صَدْر القميص/صَدْر المكان: وجهه- صَدْر القوم: رئيسهم- صَدْر الكتاب: أوّله- صَدْر المجلس: أوسطه وأعلاه.
3 - [في التشريح] جزء ممتدّ من أسفل العنق إلى فضاء الجَوْف، وفيه القلب والرِّئتان، ويطلق الصَّدر على (القلب) لحلوله به، وفي الحشرات ذلك الجزء من الجسم الذي يكون له في المعتاد ثلاثة أزواج من الأرجل، كما يكون له في الغالب زوجان من الأجنحة (ضمّه إلى صدره- صَدْر حنون- {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} [قرآن]) (*) أثلج صَدْرَه: سرَّه وطمأنه وأسعده- أوغر صَدْرَه: أغضبه، وملأه حقدًا وكراهيةً- انشرح صَدْرَه: ابتهج وسُرَّ- بناتُ الصَّدْر: همومه ووساوسه- حزَّ في صَدْره: أثّر فيه- حَسَكُ الصَّدْر: الحِقْد والعداوة- ذات الصَّدْر/ذات الصَّدور: أسرار النفوس وخباياها، الضَّمائر والنَّوايا- رَحْبُ الصَّدْر/واسع الصَّدْر: كريم، حليم، طويل الأناة- صَدْر دافئ: حميم، الدفء القلبيّ- صَدْرك أوسع لسرِّك: تقال للحثّ على كتمان السرّ- ضيِّق الصَّدْر: سريع الغضب والسآمة، عصبيّ- عامرة الصَّدر: كبيرة الثديين- في حنايا صَدْره: في أعماقه، داخله- مكنونات الصَّدْر: أسراره- منقبض الصَّدْر: مكتئب مغتمّ.
* الصَّدر الرَّأسِيّ: [في التشريح] المنطقة الأماميَّة من جسم العنكبوت والعديد من القشريَّات، تتألَّف من اندماج الرَّأس والصَّدر.
* الصَّدر الأعظم: [في السياسة] نائب السّلطان ورئيس الوزراء في الباب العالي، كان يرأس الحكومةَ العثمانيَّة وما اشتملت عليه من المؤسَّسات المختلفة، كما كان يقود المعاركَ وحده أو في معيّة السُّلطان.
* صَدْر البَيْت الشِّعريّ: [في العروض] نصفه الأوَّل، عكسه: عَجُز.
صُدْرة [مفرد]: جمعه صُدُرات وصُدْرات وصُدَر: سترة بلا كُمِّيْن لها أزرار من الأمام تُلبس عادة فوق قميص أو بلوزة.
صَدْريَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى صَدْر: (أُصيب الطِّفلُ بنزلة صَدْرِيَّة).
* الصَّدْريَّة: جزء من الثِّياب ترتديه المرأةُ على النِّصف الأعلى من الجسم.
* العضلة الصَّدْرِيَّة: [في التشريح] إحدى عضلات الصَّدر التي تساعد على حركة الكتف والذِّراع.
* القَناة الصَّدْرِيَّة: [في التشريح] القناة الرَّئيسيَّة في الجهاز اللِّمفاويّ، التي تصعد من التَّجويف الصَّدريّ على طول العمود الفقريّ، وتقوم بتفريغ نسيج لمفاويّ ومستحلَب الطَّعام المهضوم قبل امتصاصه في الأمعاء إلى الوريد تحت الترقويّ الواقع في اليسار.
* ذَبْحة صَدْرِيَّة: [في الطب] ألم نَوْبيّ وضيق بالصدر مع إحساس بالاختناق وبالإشراف على الموت يسبّبه سوء إمداد الدَّم إلى عضلة القلب.
صُدْريّة [مفرد].
* الصُّدْريَّة: الجزء الأعلى من ثوب يمتدُّ من الأكتاف حتَّى خطّ الخَصْر.
صُدور [مفرد]: مصدر صدَرَ/صدَرَ إلى/صدَرَ عن/صدَرَ في/صدَرَ من.
صِديريّ [مفرد]: ثوب قصير يغطِّي نصفَ الجسم الأعلى، مفتوح الأمام، لا طَوقَ له ولا كُمَّيْن.
مُصادَرة [مفرد]:
1 - مصدر صادرَ.
2 - [في الاقتصاد] دفعة ماليّة منتزَعة عن طريق الحكومة في أوقات الحرب.
3 - [في القانون] عقاب موضوعه استصفاء مال المحكوم عليه واستيلاء الدَّولة عليه (مصادرة أموال المختلسين/تجّار المخدّرات/السلاح) (*) مُصادَرة الرَّأي: فرض قيود عليه- مُصادَرة عَسْكريَّة: تكليف السُّلطة العسكريَّة بالإشراف على أحد أجهزة الأمن- مُصادَرة مدنيَّة: استيلاء السُّلطة العامّة على ملكيَّة خاصّة.
مُصَدِّر [مفرد]: اسم فاعل من صدَّرَ: (هم مصدّرون للبضائع- هو من الدُّول المصدّرة للنّفط).
* مُصَدِّر لقاح: [في الطب] الشَّخص أو الحيوان الذي يحمل بُثور لقاح أو جُدريّ ويؤخذ قيحُها ليحضَّر منه لقاح ضدّ الجدريّ.
مَصْدَر [مفرد]: جمعه مَصادِرُ:
1 - اسم مكان من صدَرَ/صدَرَ إلى/صدَرَ عن/صدَرَ في/صدَرَ من: ما يُصْدَرُ عنه الشَّيء (مصدرٌ الأخبار- مصادر الطَّاقة/الدَّخْل) (*) مَصْدَر الرِّزق: أسباب العيش وموارده- مَصْدَر المتاعب/مَصْدَر المشاكل: سببهما.
2 - كتاب كالقاموس أو الموسوعة، يمكن الرجوع إليه للمعلومات الموثَّقة (مصادِر الفقه الإسلاميّ/القانون الجنائيّ/البحث- مصادِر جديرة بالثِّقة) (*) المصادِر الأوَّليَّة: التي تتضمّن المعلومات الأساسيّة والبيانات المستقاة من التحليلات والإحصاءات عن الموضوع- المصادِر الثَّانويَّة: كلُّ ما يتضمَّن التعليقات والتفسيرات الخاصَّة بالموضوع- المصادِر والمراجع- مصادِر الشِّعر الجاهليّ.
3 - [في الاقتصاد] وسيلة متاحة للتنمية الاقتصاديَّة والسياسيَّة، كالثروة المعدنيَّة والعمَّاليَّة.
4 - [في النحو والصرف] صيغة اسميّة تدل على الحدث من غير زمان مثل: إكرام، ودخول.
* المَصْدَر الميميّ: [في النحو والصرف] المَصْدَر المبدوء بميم زائدة لغير المفاعلة.
* اسم المَصْدَر: [في النحو والصرف] ما دلّ على الحدث، وحُذِف منه بعضُ حروف فعله من غير تعويض.
مُصْدِر [مفرد]:
1 - اسم فاعل من أصدرَ.
2 - [في الطب] عامل على بثّ النَّبضات العصبيّة بعيدًا عن النِّظام العصبيّ المركزيّ.
مصدريَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى مَصْدَر: (أصول/أحرف مصدريَّة).
2 - مصدر صناعيّ من مَصْدَر: ما يصدر عنه الشّيء (مصدريَّة الفكر العربيّ).
3 - [في النحو والصرف] كون الشّيء مصدرًا (نصب الاسم على المصدريَّة).
مَصْدور [مفرد]:
1 - اسم مفعول من صُدِرَ وصدَرَ/صدَرَ إلى/صدَرَ عن/صدَرَ في/صدَرَ من.
2 - [في الطب] مُصاب بداء السُّلّ في رئته.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-المعجم الوسيط (اسْتَنْفَضَ)
[اسْتَنْفَضَ] القومُ: بَعَثوا النَّفيضَةَ.و- المكانَ ونحوَه: نَفَضَه.
ويقال: استنفَضَ القومَ: تأَمُّلَهم.
و- ما عندَه: استخرجَه.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
4-المعجم الوسيط (اللِّوَاءُ)
[اللِّوَاءُ]: العَلَم، وهو دون الرَّاية.(والجمع): أَلْويَةٌ، وأَلْوِياتٌ.
ويقال: بَعَثُوا بالسِّواء واللِّواء: بعثوا يستغيثون.
و - في الجيش: عدد من الكتائب.
(وهي كلمة محدثة).
و - رتبةٌ عسكريةٌ فوق العميد ودون الفريق.
(وهي كلمة محدثة).
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
5-شمس العلوم (العريف)
الكلمة: العريف. الجذر: عرف. الوزن: فَعِيل.[العريف]: الذي يعرِف أَمْرَ القوم، قال:
*بعثوا إليَ عَريْفَهم يَتَوَسَّمُ*
أي: يتفرّس.
وعريف القوم: نقيبهم، والجميع: عُرفاء.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
6-شمس العلوم (القبيل)
الكلمة: القبيل. الجذر: قبل. الوزن: فَعِيل.[القبيل]: ما أقبلت به المرأة من غزلها حين تفتله، ومنه قولهم: ما يعرف قبيلًا من دَبير.
والقبيل: الكفيل، قال الله تعالى: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا} قال ابن قتيبة: أي كفيلًا، وقال الحسن: أي كل قبيلة على حِدَتِها.
وقال ابن جُريج: أي مقابلة نُعاينهُم ونراهم.
والقبيل: الجماعة يكونون من قبائل شتى.
وقَبيل الرَّجُل: قومه.
ويقال: إن قبيل القوم عريْفُهم.
قال:
أو كلما وردتْ عكاظَ قبيلةٌ *** بعثوا إليَ قبيلهم يتوسَّمُ
ويروى: عريفهم.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
7-معجم ما استعجم (خيبر)
خيبر: بينها وبين المدينة ثمانية برد، مشى ثلاثة أيّام.تخرج من المدينة على الغابة العليا، ثم تسلك الغابة السّفلى، ثم ترقى فى نقب يردوح، وفيه مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تسلك واديا يقال له الدّومة، وبه آبار، ثم أشمذ: جبل، ثم الشّقّة، وهى حرّة، ثم نمار، وهى من خيبر على ستة أميال. وأوّل حدّ خيبر الدّومة، ثم تصير إلى خيبر وحصونها. وسوق خيبر اليوم المرطة، وكان عثمان مصّرها؛ وفى حصنها اليوم بقية من الناس، وهو لآل عمر بن الخطّاب؛ ثم حصن وجدة، وبه نخل وأشجار، وهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم سلالم، وعظمها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الأهيل: جبل فيه آطام ليهود، ومزارع وأموال، تعرف بالوطيح، فيه طعم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى المطّلب، ثم الوادى المتّصل بالوطيح إلى خلص، كلّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يسمّى الكتيبة، والكتيبة من حصون خيبر وهناك الصّهباء
التى أعرس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى من خيبر على بريد، وحصن خيبر الأعظم القموص، وهو الذي فتحه علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وأسفله مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك نطاة والشّقّ، وهما واديان، بينهما أرض تسمّى السّبخة والمخاضة، تفضى إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعظم، الذي كان طول مقامه بخيبر فيه، وبنى عيسى ابن موسى هذا المسجد، وأنفق فيه مالا جليلا وهو على طاقات معقودة، وله رحاب واسعة، وفيه الصخرة التى صلّى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أوّل نطاة؛ وهذا المسجد يسمّى المنزلة، وفيه تصلّى الأعياد اليوم.
وفى نطاة حصن مرحب وقصره، وقع فى سهم الزّبير بن العوّام.
وبالشّقّ عين تسمّى الحمّة، وهى التى سمّاها النّبيّ صلى الله عليه وسلم قسمة الملائكة، يذهب ثلثامائها فى فلج، والثّلث الآخر فى فلج، والمسلك واحد؛ وقد اعتبرت منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، يطرح فيها ثلاث خشبات، أو ثلاث تمرات، فتذهب اثنتان فى الفلج الذي له ثلثامائها، وواحدة فى الفلج الثانى، ولا يقدر أحد أن يأخذ من ذلك الفلج أكثر من الثلث، ومن قام فى الفلج الذي يأخذ الثلثين، ليردّ الماء إلى الفلج الثانى، غلبه الماء وفاض، ولم يرجع إلى الفلج الثانى شىء يزيد على الثلث، والعين العظمى بالنّطاة تسمّى اللّحيحة.
وأوّل دار افتتحت بخيبر دار بنى قمّة، وهي بنطاة، وهى منزل الياسر أخى مرحب، وهى التى قالت فيها عائشة: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير والتّمر حتّى فتحت دار بنى قمّة.
صحّ جميع ما أوردته من كتاب السّكونى.
وقال محمد بن سهل الكاتب: سمّيت خيبر بخيبر بن قاينة بن مهلائيل، وهو أوّل من نزلها. وقال ابن إسحاق: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر، سلك على عصر.
هكذا روى عنه، بفتح العين وإسكان الصاد المهملة، بعدها راء مهملة؛ وفى بعض النسخ: عصر، بفتح الصاد.
قال: فبنى له فيها مسجد؛ قال: ثم سلك على الصّهباء، ثم أقبل حتّى نزل بواد يقال له الرّجيع، فنزل بين أهل خيبر وبين غطفان، ليحول بينهم وبين أن يمدّوا أهل خيبر، وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أوّل حصن افتتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن ناعم، ثم القموص، حصن بنى أبى الحقيق، ثم الشّقّ ونطاة والكتيبة؛ فلمّا افتتح من حصونهم ما افتتح، وحاز من أموالهم ما حاز، انتهوا إلى حصنيهم:
الوطيح والسّلالم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة، حتى
إذا أيقنوا بالهلكة، سألوه أن يسيّرهم، وأن يحقن لهم دماءهم، ففعل، فلمّا سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيّرهم، ويخلوا له الأموال، ففعل؛ ولمّا نزل أهل خيبر سألوه أن يعاملهم فى الأموال على النّصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها ففعل، على أنّه إذا شاء أن يجليهم أجلاهم، وصالحه أهل فدك على مثل ذلك.
وقال ابن لفيم العبسىّ فى افتتاح خيبر:
«رميت نطاة من الرسول بفيلق *** والشّقّ أظلم أهله بنهار»
قال ابن إسحاق: وواديا خيبر: السّرير وخلص، وهما اللذان قسمت عليها خيبر. فخلص بين قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين نسائه، قال: وأوّل سهم خرج من خيبر بنطاة سهم الزّبير بن العوّام، وهو الخوع.
وقال ابن لقيم العبسى فى الشّقّ ونطاة، وذلك عند فتح خيبر:
«رميت نطاة من الرسول بفيلق *** شهباء ذات مناكب وفقار»
«واستيقنت بالذّلّ لمّا أصبحت *** ورجال أسلم وسطها وغفار»
«ولكل حصن شاغل من خيلهم *** من عبد أشهل أو بنى النّجار»
«صبحت بنى عمرو بن زرعة غدوة *** والشّقّ أظلم ليلها بنهار»
معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع-أبو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد البكري الأندلسي-توفي 487هـ/1094م
8-معجم متن اللغة (اللواء)
اللواء: العلم "والقصر فيه لغة": الراية لا يمسكها إلا صاحب الجيش ج ألوية جج ألويات.و-: العلامة.
ويقال: بعثوا باللواء والواء أي بعثوا يستغيثون.
و-: رتبة من رتب الجيش تطلق في لبنان وسوريا والعراق علي ليوتنان جنرال.
وفي مصر علي الميجر "مولدة".
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
9-جمهرة اللغة (بقل بلق قبل قلب لبق لقب)
البَقْل: العُشب وما يُنبت الربيعُ بَقَلَتِ الأرضُ وأبْقَلت، لغتان فصيحتان، إذا أنبتت البَقْلَ.والمثل السائر: "لا تُنبت البَقْلَةَ إلا الحَقْلَةُ"، والحَقْلة: القراح الطَّيِّب الطِّين.
وبَقَلَ وجهُ الغلام وبقّل، إذا ابتدأ فيه الشَّعَر.
والباقِلاء: معروف، عربي صحيح.
وبنو باقِل: بطن من العرب.
وبنو بُقَيْلة: بطن أيضًا، عِباد بالحيرة.
والبُقْل: بطن من الأزد، وهم بنو باقل.
ويقال: دابَّة أبلَقُ بَيِّنُ البَلَق والبُلْقة.
وإبلاقَّ الدابّةُ وأبْلَقّ.
وقال قَوْم: بَلُق الدابّةُ، وهذا لا يُعرف في أصل اللغة.
والبَلَق: الفسطاط.
والبَلَق أيضًا: الباب في بعض اللغات.
وباليمن حجارة تُضيء ما وراءها كما يضيء الزجاج تُسمّى البَلَقَ.
والأبْلَقُ الفردُ: حصن بتَيْماء كان للسَّموأل بن عادِياء.
قال الأعشى:
«بالأَبلق الفَرْد من تَيماء مَنْزِلُـهُ*** حِصْن حصين وجار غيرُ غدّارِ»
ومثل من أمثالهم: "تمرَّدَ ماردٌ وعَزَّ الأبلقُ"، وهما حِصنان لهما حديث.
وزعموا أن الزبَّاء قالته.
ومن أمثالهم: "طلب الأبْلَق العقوق"، إذا طلب ما لا يمكن.
قال الشاعر:
«طَلَبَ الأبلقَ العَقُوقَ فلمَّـا*** لم يَجِدْه أراد بَيْضَ الأنُوقِ»
كأنه طلب شيئًا لم يُدركه، فطلب ما هو فوقه.
لا يقال: الأبلق إلا للذكر، والعَقوق إلا للإناث.
والبَلْقاء: موضع بالشام.
والبَلُّوقة: أرض قَفْر، تزعم العرب أنها من مساكن الجن.
وربما قالوا: بُلُّوقة بضم الباء، والفتح أكثر، والجمع بلالِق.
ويقال: انبلق الباب، إذا انفتح.
وأخبر الأصمعي أن أعرابيًا دخل البصرة فصادف قومًا يدخلون دار العُرْس، فأراد أن يدخل فدُفع فقال: انبلق لي باب فاندفقتُ فيه فدُلِظ في صدري.
وقَبْلُ: ضدُّ بَعْدُ.
والقُبُل: ضدُّ الدُّبُر.
والقَبَل: ما قابلك من جبل أو عُلْو من الأرض يقال: رأيت شخصًا بذلك القَبَل.
قال الشاعر:
«خشيةُ الله وأنّي رَجُلٌ*** إنما ذِكريَ نارٌ بقَبَلْ»
والقَبَل: أن ترى الهلال أوّلَ ما رُئي لم يرَ قبل ذلك، يقال: رأيت هلال كذا قَبَلًا فكان صغيرًا.
والقَبَل: أن يورِدَ الرجلُ إبلَه ثم يستقي لها فيصبّ عليها يقال: سقاها قَبَلًا.
والقَبَل: أن يتكلم الرجل بكلام لم يكن استعدّ له، يقال: تكلم فلان قَبَلًا فأجاده، وكلّمتُه من ذي قَبَل، أي استقبلت له الكلام.
والريح القَبول: الصَّبا لأنها تقابل الدَّبور.
وقُبالتك: ما قابلك.
والقَبيل: جيل من الناس، وقد قرئ: {قِبَلًا} و {قُبُلًا}، فمن قرأ: قُبُلًا، أراد جميع قَبيل، ومن قرأ قِبَلًا أراد مقابلةً، والله أعلم.
ويقولون: "ما يَعرف قَبيلَه من دَبيره" فقال قوم.
أراد: لا يَعرف نسب أبيه من نسب أمّه.
وقال آخرون: القَبيل: الخيط الذي يُفتل إلى قُدّام، والدبير: الذي يُفتل إلى خَلْفٍ.
والقَبيل: الكفيل، يقال: فلان قبيلي، أي كفيلي.
وقبيل القوم: عَريفهم.
قال الشاعر:
«أوَكلّما ورَدَتْ عُكاظَ قبيلة*** بعثوا إليّ عَريفَهم يتوسَّمُ»
ويَّروى: قَبيلهم.
ونحن في قِبالة فلان، أي عِرافته.
ويقال في الكفالة: قبِلَتْ تَقْبُل، وفي العين قَبِلَتْ تَقْبَل قبلًا.
ورجل أقْبَلُ، والجمع قُبْل، والأنثى قَبْلاء، وهي أن تُقْبل حدقتاه على ماقِئَيه.
والقَبَلُ عند العامة: الحَوَل الخفي وليس كذلك عند العرب، إنما الحَوَل ضد القَبَل، وذلك أن الحَوَل عندهم أن تميل إحدى الحَدَقتين إلى مُؤْخِر العين والأخرى إلى مُؤْقها.
قال الشاعر:
«ولو سمعوا منهم دعاءً يَروعهم*** إذًا لأتته الخيل أعيُنُها قُـبْـلُ»
يعني أن الخيل تجذب الأعِنَّة فتصير كالقَبَل في العين.
وأقبل الشيءُ إقبالًا، إذا ابتدأ بخير أو صلاح.
والقابلة: التي تَقْبَل الصبيَّ إذا سقط من بطن أمه.
وسئل أعرابي عن امرأة فقال: تركتها تَوَحْوَح بين القوابل، قال الشاعر:
«أطَوْرَين في عام غزَاة ورِحلةٌ*** ألا ليَّتَ قَيسًا غرَّقته القوابـلُ»
والقابِل: الذي يقبل دَلْوَ السّانية.
قال الشاعر:
«وقابِلٌ يتغنَّى كلّمـا قَـدَرَتْ*** على العَراقي يداه قائمًا دَفَقا»
ويقال: عام قابل وليلة قابلة.
وقبائل الرأس: شُعَبه التي تتّصل بينها الشؤون، وبه سُمِّيت قبائل العرب.
وقِبال النَّعْل: معروف.
ونَعْل مُقابَلة: لها قِبالان.
والشاة والناقة المقابَلة: ضِدُّ المدابَرة.
فالمقابَلة: التي تُشَقُّ أذُنها من قِبل وجهها والمدابَرة: التي تُشَق أذُنها من قِبَل قفاها.
والشَّقّ: الإقبالة والإدبارة.
والقُبْلة: خَرَزَة شبيهة بالفَلْكَة تعلَّق في أعناق الخيل.
والقُبْلة: خَرَزَة من خَرَز نساء الأعراب اللواتي يؤخِّذن بهن الرجال يَقُلن في كلامهن: "يا قُبْلَة أَقْبِليه ويا كرارِ كُرِّيه".
وهكذا جاء الكلام، وإن كان الكلام ملحونًا عن العرب، لأن العرب تُجري الأمثال على ما جاءت ولا تستعمل فيها الإعراب.
والقُبْلة: ما تتّخذه الساحرة لتُقْبِل بوجه الإنسان إلى صاحبه.
والقِبْلَة: قِبْلة الصلاة.
ويقال: ما لفلان قِبْلة، أي ما له جهة.
والقَلْب، قلب الإنسان وغيره: معروف.
والقَلْب: نجم من منازل القمر.
قال الشاعر:
«بين السِّماك وبين قَلْبِ العَقْرَبِ»
وقَلْبُ النخلة وقُلْبها لغتان.
ويُجْمَع قُلْب قِلَبَة.
ومثل من أمثالهم: "ما الخوافي كالقِلَبَة ولا الخُنّاز كالثًّعَبَة" الخُنّاز: الوَزَغَة والثُّعَبَة: أغلظ من الوَزَغَة وأشد غُبرةً، تلسع لسعًا مُنْكرًا وربما قتلت، والخوافي: ما دون القُلْب من سَعَفِ النخل يسمّيها أهل نجد: العَواهن.
وقَلَّبْت النخلةَ: نزعت قلْبَها.
وقَلْبُ كل شيء: خالصه، يقال: عربي قَلْب، أي خالص، وعربية قَلْبٌ.
وقَلَبْت الشيء لوجهه قَلْبًا، إذا كَبَبْتَه، وقلَّبته بيدي تقليبًا.
ومن أمثالهم: "إقْلِبْ قَلاّبُ"، يُضرب للرجل الذي يقلَب لسانه فيضعه حيث يشاء.
والقُلْب: السِّوار.
قال الشاعر:
«تَخول خلاخيلُ النِّساء ولا أرى*** لرملةَ خَلخالًا يجول ولا قُلْبا»
والقُلاَب: داء يأخذ في القلب فلا يلبِّث.
والقالَب: الذي يُصبّ فيه الشيء من صُفر أو غيره فيجيء مثله.
والقَليب: الرَّكيّ مذكَّر.
وأقْلَبَتِ الخبزة في المَلَّة، إذا نضج أحدُ وجهيها فاحتاجت أن تُقلب إلى الوجه الآخر.
والقِلِّيب: الذئب لغة يمانية.
قال الشاعر:
«أُتيحَ لها القِلَيبُ من بطن قَرْقَرَى*** وقد تَجْلِبُ الشرَّ البعيدَ الجوالبُ»
تَجْلِب بالتاء والكسر أنشدَناه أبو حاتم عن أبي زيد.
والقُلوْب: الذئب أيضًا.
وبنو القُلَيْب: قبيلة من العرب.
واللَّبِق.
الحاذق بالشيء إذا عمله رجل لَبِق ولَبيق.
قال الشاعر:
«وكان بتصريف القناة لَبيقا»
والمصدر اللَّباقة واللَّبَق.
ولبقت الثريدَ والشىء تلبيقًا، إذا أحكمت تليينه وضربَه حتى يلتحم.
واللَّقَب: اللَمْز والنَّبْز لقَّبته تلقيبًا.
وجمع لَقَب ألقاب.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
10-جمهرة اللغة (رعف رفع عرف عفر فرع فعر)
استُعمل من وجوهها؛ رَعَفَ الرجلُ يرعَف ويرعُف رَعْفًا، والاسم الرُّعاف، والرُّعاف: الدم بعينه.وأصل الرّعْف التقدّم، من قولهم: فرس راعِف، إذا كان يتقدمّ الخيل، فكأنّ الرُّعافَ دمٌ سَبَقَ فتقدّم.
قال الأعشى:
«به يَرْعَفُ الألفَ إذ أرْسِلَتْ***غَداةَ الرّهانِ إذا النَّقْعُ ثارا»
أي يتقدّمها، قال: التأنيث للخيل لا للألف.
وسُمّيت الرّماح رَواعفَ لأنها تقدَّم للطعن، وإن قلت إنها سمّيت رواعف لأنها تَرْعَف بالدم، أي يقطر منها إذا طُعن بها كان عربيًا جيدًا إن شاء الله تعالى.
وراعوفة البئر: حجر يتقدمّ من طَيّها نادرًا يقوم عليه السّاقي والنّاظر في البئر.
وفي الحديث: (طبّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فجُعل سِحْرُه في جُفِّ طَلْعَةٍ ثم تُرك في راعوفة)، ويقال: أرْعوفة.
وأرعفَ فلان فلانًا، إذا أعجله، زعموا، وليس بثَبْت إنما هو أزعف فلانٌ فلانًا، بالزاي، إذا أعجله.
والرفْع: ضد الخَفْض، رفعه اللهّ، أي نمّاه وكثّره.
والرفْع أيضًا: تقريبك الشيء من الشيء.
وفي التنزيل: {وفُرُش مرفوعةٍ}، أي مقرَّبة لهم، والله أعلم.
ومنه قولهم: رفعته إلى السلطان، أي قرّبته منه، والمصدر الرُّفْعان والرِّفْعان.
والرُّفْعان من قولهم: رفعتُ إلى السلطان رَفْعًا ورُفْعانًَا ورَفيعةً للشيء ترفعه.
ورجل رفيع المَنْزِلَة عند السلطان، أي عال، والاسم الرِّفْعَة.
والمِرْفَع: كل شيء رفعتَ به شيئًا فجعلته عليه، والجمع المَرافع.
وقد سمّت العرب رافعًا ورُفيْعًا ورِفاعة.
وبنو رِفاعة: بطن منهم، وهم من بني يَشْكر.
وبنو رُفَيْع: بطن أيضًا.
وتقول: فلان الأرْفع عندي قدْرًا، أي الرفيع.
والعَفْر والعَفَر: ظاهر تراب الأرض، بفتح الفاء وتسكينها، والفتح اللغة الجيدة.
وظبية عَفْراء وظبي أعفَر: يشبهان بعَفْر التراب.
وعفْرت الرجلَ تعفيرًا، إذا مرَّغته في التراب، ومنه قولهم: طعنه فعفَّره، إذا ألقاه على عَفر الأرض.
وقد سمّت العرب عُفَيْرًا وعَفّارًا ويَعْفُر ويَعْفورًا.
والعَفير: لحم يجفَّف على الرمل في الشمس.
وشربَ سَويقًا عَفيرًا: لم يُلَتّ بزيت ولا سمن.
والعَفار: شجر كثير النار يُتَخذ منه الزِّناد، الواحدة عَفارة.
وعَفارة: اسم امرأة.
قال الشاعر:
«بانَت لتَحْزُننا عَفـارَهْ***يا جارَتا ما أنتِ جارَهْ»
وعفَّرتِ الظبيةُ ولدَها، إذا سقته درَّة ثم مشت ليمشيَ خلفها فتعلّمه المشيَ.
وعَفَرْتُ الزرعَ، إذا سقيته أول سَقْية، لغة يمانية.
وعفَرْتُ النخلَ، إذا فرغت من لَقاحها في بعض اللغات.
ومثل من أمثالهم: " إقْدَحْ بعَفارٍ أو مَرْخْ، وآشددْ إن شئتَ أو أرخْ ".
قاِل الأعشى:
«زِنادُك خيرُ زنـاد الـمـلـو***كِ صادف منهن مَرْخٌ عَفارا»
«فلو أنتَ تَقْدَح فـي ظُـلـمةٍ***صَفاةً بنَبْـعٍ لأوْرَيتَ نـارا»
قال أبو بكر: لا يكون في النَّبع نار ولا في الصَّفا من الحجارة، يقول: لو قدحتَ بهما لأوريت ليُمْن نَقيبتك.
والعِفْر: الغليظ الخَلق الشديد من الرجال، رجل عِفْر، وامرأة عِفْرَة، ومنه اشتّقاق العِفْرِيَة من قولهم: رجل عِفْرِيَة نِفرِيَة، إذا كان خبيثًا، ونفْرِية إتباع.
والعِفرِيَة والعِفْراة: الشعرات النابتات في وسط الرأس يَقْشَعْرِرْنَ عند الفزع، والجمع العَفاري.
قال الراجز:
«إذ صَعِدَ الدهرُ إلى عِفْراتِهِ *** فاجتاحها بشَفرَتَيْ مِبْراتِهِ»
وعُفَيْرَة: اسم امرأة من العرب كانت من حكمائهم، وأحسب أن اشتقاق العَفَرْناة من النُّوق من هذا إن شاء اللّه، ويمكن أن يكون اشتقاقها من قولهمِ: أسد عَفَرْنَى، غليظ العنق، والنون فيه زائدة كزيادتها في رَعْشن وما أشبهه.
واعتفرَ فلان فلانًا، إذا ساوره، وكذلك اعتفره الأسدُ.
والمَعافر، بفتح الميم: موضع باليمن تُنسب إليه الثياب المَعافرية.
وقال الأصمعي: يقال: ثوبٌ مَعافر، غير منسوب، فمن نسب فهو عنده خطأ، قال أبو بكر: وقد جاء في الرجز الفصيح منسوبًا.
وزعموا أن المُعافِر الذي يمشي مع الرّفَق لينال من فضلهم، ولا أدري أعربي هو أم لا.
والعُفْرَة: لون الأعْفَر، وهي حُمرة فيها كدرة كلون الأرض العفراء، وبه سُمّيت المرأة عَفْراء.
والعُفْر من الظّباء: اللواتي يرعين عَفَرَ الأرض وسهولها، وهنّ ألأم الظّباء وأصغرها أجسامًا.
والعُرْف: عُرف الفرس والديك، والجمع أعراف وعُروف إن اضطُرّ إلى ذلك شاعر.
وأولى فلانٌ فلانًا عُرْفًا ومعروفًا وعارفة.
واعرورفَ البحرُ والسّيلُ، إذا تراكب موجُه حتى يكون له كالعُرْف.
قال الشاعر:
«وهندٌ أتى من دونها ذو غَـواربٍ***يقمِّص بالبُوصِيًّ مُعْرَوْرفٌ وَرْدُ»
غوارب: أعالي، وغارب كل شيء: أعلاه، كأن له عُرْفًا من تراكبه، يقمِّص، أي كما يقمِّص البعير.
والعُرْفان: دُوَيْبّة صغيرة تكون في الرمل.
وعَرَفْتُ فلانًا معرفة وعِرفانًا، وقال أبو حاتم: قال أبو زيد: تقول العرب: عِرْفَتي به قديمة، بمعنى معرفتي.
وعَرُفَ فلان على أصحابه يعرُف عَرافةً، إذا صار عَرِيفهم.
وعرِيف القوم: سيّدهم أو المنظور إليه منهم.
قال الشاعر:
«أو كلما وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلة***بعثوا إليّ عَريفَهم يتوسَّمُ»
فهذا في معنى الرئيس.
وقال علقمة:
«بل كل قوم وإن عَزًّوا وإن كَثُروا***عَرِيفهم بأثافي الشَّرِّ مـرجـومُ»
ويُروى: وإن كَرُموا، ويُروى: بدواعي الشَّرّ.
وضَبْع عَرْفاءُ، إذا كان لها شَعَر مثل العُرْف، والعُرْف والمَعْرَفَة واحد.
وشَمِمْتُ للشيء عَرْفًا طيّبًا، أي رائحة.
والمَعارف واحدها مَعْرَف، وهي الوجوه، قال الأصمعي: أنا منه أوْجَرُ، كأنه قال: لا أعرف لها واحدًا.
قال الهذلي:
«متكوِّرين على المعارف بينهم***ضرب كتَعْطاطِ المَزادِ الأنْجَل»
والأعراف: ضرب من النخل، قال أبو حاتم: وهو البُرْشُوم أو ما يشبهه.
قال الراجز:
«يَغْرِسُ فيها الزّاذَ والأعرافا *** والنابِجيَّ مُسْدِفًا إسدافا»
يعني الأزاذ، والنابجيّ: ضرب من التمر أسود.
والأعراف في التنزيل لا أقدِم على تفسيره للاختلاف فيه.
وعرَّفتُ الدارَ: زيّنتها وطيّبتها، وكذلك فُسِّر في التنزيل {عَرفَها لهم}، أي طيّبها وزيّنها، واللّه أعلم.
ويوم عَرَفَة: معروف لا تدخله الألف واللام.
وخرجتْ على يده عَرْفَة، وهي قَرْحَه تخرج على أطراف الأصابع.
والعَرّاف: الطبيب أو الكاهن.
قال الشاعر:
«فقلتُ لعَرّافِ اليمامة داوِني***فإنكَ إن أبرأتَني لَطبـيبُ»
وقد سمّت العرب معروفًا وعَرّافًا وعَريفًا ومعرِّفًا وعُرَيْفًا.
والفَرْع: أعلى كل شيء، والجمع فروع.
وفَرْع المرأة: شَعرها.
وامرأة فَرْعاء: كثيرة الشَّعَر، ولا يقولون للرجل أفرَغ إذا كان عظيم الجُمّة، إنما يقولون: رجل أفرَعُ، ضدّ الأصلع.
وكان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أفرَعَ، وفي الحديث: (آلفُرْعان خير أم الصُّلْعان).
وفَرَعْتُ الرجلَ بالسيف أو العصا، إذا فَرَعْتَ به رأسَه، أي علوتَه به.
وفَرعْتُ الجبل، إذا صرت في ذِروته.
وأفرعتُ في الوادي، إذا انحدرت فيه.
قال أبو حاتم: قلت للأصمعي: قال رجل من العرب: لقيتُ فلانًا فارعًا مُفْرِعًا، فقال: أي أحدنا منحدر والآخر مُصْعِد، وأنشد الأصمعي:
«شِمالَ مَن غار به مُفْرِعًا***وعن يمينِ الجالس المنْجِدِ»
قوله: من غار به، أي دخل الغور، والجالس من الجَلْس، وهو موضع.
والفَرَع: شيء كان يُعمل في الجاهلية، يُعمد إلى جلد سَقْبٍ فيُلْبَسه سَقبٌ آخرُ لترْأمه أُمُّ المنحور أو الميت.
قال الشاعر:
«وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبام من ال***أقوام سَقْبًا مجلَّلًا فَرَعـا»
العَبام: الفدَمْ الغليظ، والهَيْدَب: السحاب الثقيل المتدلّي.
والفَرَعَة: القَمْلَة الصغيرة، وبها سُمّيت فُرَيْعَة أم حسان بن ثابت.
وقد سمّت العرب فارعاُ وفُرَيْعًا.
وفارعة: اسم امرأة.
وفارِع: أطم بالمدينة.
وأما فرعون فليس باسم عربي يحكَّم فيه التصريف وأحسب أن النون فيه أصلية لأنهم يقولون: تَفَرْعَنَ، وليس من هذا الباب.
والفوارع: مواضع، وكذلك الفُروع: إكام مرتفعة.
والفَعْر لغة يمانية، وهو ضرب من النبت، زعموا أنه الهَيْشَر، ولا أدري ما صحّة ذلك، والهَيْشَر: الكنْكَر البريّ، فارسي.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
11-جمهرة اللغة (ظعك ظكع عظك عكظ كظع كعظ)
عَكَظْتُ الرجلَ أعكِظه عَكْظًا، إذا ردَدْتَ عليه وقهرته بحُجّتك.وعُكاظ بهذا سُمّي، وهي موسم من مواسم العرب لأنهم كانوا يتعاكظون فيه بالفخر.
قال الشاعر:
«أوَكلّما وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلةٌ***بعثوا إليّ عَريفهم يتوسّمُ»
ورجل عَكيظ: قصير، زعموا.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
12-العباب الزاخر (عرف)
عرفالمَعْرفَةُ والعِرْفانُ: مصدرا عَرَفْتُه أعْرِفُه.
وقولهم: ما أعْرفُ لأحد يصرعني: أي ما أعترف.
وعَرَفْتُ الفرس أعْرِفُه عَرْفًا: أي جززت عُرْفَه.
وعَرَفَه: أي جازاه. وقرأ الكسائي قوله تعالى: (عَرَفَ بعضه) بالتخفيف: أي جازى حفصة -رضي الله عنها- ببعض ما فعلت، وهذا كما تقول لمن يسيء أو يحسن: أنا أعْرِفُ لأهل الإحسان وأعْرِفُ لأهل الإساءة؛ أي لا يخفى علي ذلك ولا مقابلة بما يكون وفقًا له.
والعَرْفُ: الريح؛ طيبة كانت أو منتنة، يقال: ما أطيب عَرْفَه.
وفي المثل: لا يعجز مسك السوء عن عَرْفِ السوء. يضرب للئيم الذي لا ينفك عن قبح فعله؛ شبه بالجلد الذي لم يصلح للدباغ فنبذ جانبًا فأنتن.
وقال ابن عبّاد: العَرْفُ نبات ليس بحمض ولا عِضَاه من الثمام.
والعَرْفَةُ: قرحة تخرج في بياض الكف؛ عن ابن السكيت، يقال: عُرِفَ الرجل -على ما لم يسم فاعله-: أي خرجت به تلك القرحة.
والمَعْرُوْفُ: ضد المنكر، قال الله تعالى: (وأمر بالمَعْروفِ)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صنائع المَعْروفِ تقي مصارع السوء.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: أهل المَعْروفِ في الدنيا هم أهل المَعْروفِ في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة. أي من بذل مَعروفه في الدنيا أعطاه الله جزاء معروفه في دار الآخرة، وقيل: أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود متشفعًا فيهم شفعة الله في الآخرة في أهل التوحيد فكان عند الله وجيهًا كما كان عند الناس وجيهًا. وقال ثعلب: سألت ابن الأعرابي عن معنى هذا الحديث فقال: روى الشعبي أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمعروفهم فتبقى حسناتهم جامة فيعطونها لمن زادت سيئاتهم فتزيد حسناته فيغفر له ويدخل الجنة.
ومَعْروفٌ: فرس الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، قال يحيى بن عروة بن الزبير:
«أب لي آبي الخَسْفِ قد تعلمونـه *** وصاحب مَعْرًوْفٍ سِمَامُ الكتائب»
أبي الخسف: هو خويلد بن أسد بن عبد العُزّى، وصاحب معروف: هو الزبير رضي الله عنه.
ومَعْرُوْفٌ -أيضا-: فرس سلمة بن هند الغاضري.
وأبو محفوظ معروف بن فيرزان الكرخي -قدس الله روحه-: قبره الترياق المجرب. قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: عرضت لي حاجة أعيتني وحيرتني سنة وخمس عشرة وستمائة فأتيت قبره وذكرت له حاجتي كما تذكر للأحياء معتقدا أن أولياء الله لا يموتون ولكن ينقلون من دار إلى دار، وانصرفت، فقضيت الحاجة قبل أن أصل إلى مسكني.
ويوم عَرَفَةَ: التاسع من ذي الحجة، وتقول: هذا يوم عَرَفَةَ -غير منون-، ولا تدخلها الألف واللام.
وعَرَفاتٌ: الموضع الذي يقف الحاج به يوم عَرَفَةَ، قال الله تعالى: (فإذا أفَضْتُم من عَرَفَاتٍ)، وهي اسم في لفظ الجمع فلا تجمع. وقال الفرّاء: لا واحد لها بصحة، وقول الناس: نزلنا عَرَفَةَ شبيه بمُوَلَّدٍ وليس بعربي محض، وهي معرفة وغن كانت جمعا؛ لأن الأماكن لا تزول فصارت كالشيء الواحد وخالفت الزيدين، تقول: هؤلاء عَرَفاتٌ حسنة، تنصب النعت لأنه نكرة، وهي مَصْروفَةٌ. وقال الأخفش: غنما صُرِفَتْ لأن التاء بمنزلة الياء والواو في مسلمين ومسلمون لأنه تذكيره؛ وصار التنوين بمنزلة النون، فلما سمي به ترك على حاله كما يترك مسلمون إذا سمي به على حاله، وكذلك القول في أذرعات وعانات وعُرَيْتِنَاتٍ.
والنسبة إلى عَرَفاتٍ: عَرَفيٌّ، وينسب إليها زَنْفَلُ بن شداد العَرَفيُّ من أباع التابعين، وكان يسكنها.
وكقال ابن فارس: أما عَرَفاتٌ فقال قوم سميت بذلك لأن آدم وحواء -عليهما السلام-تعارفا بها، وقال آخرون: بل سميت بذلك لأن جبريل -عليه السلام- لما أعلم إبراهيم -صلوات الله عليه- مناسك الحج قال له: أعَرَفْتَ، وقيل: لأنها مكان مقدس معظم كأنه قد عُرِّفَ: أي طُيِّبَ.
والعارِفُ والعَرُوْفُ: الصبور، يقال: أصيب فلان فوجد عارِفًا، وقول عنترة بن شداد العبسي:
«فصبرت عارِفَةً لذلك حـرة *** ترسو إذا نفس الجبان تطلع»
يقول: حسبت نفسًا عارِفَةً أي صابرة. وقال النابغة الذبياني:
«على عارِفاتٍ للطِّعَانِ عوابس *** بهن كلوم بين دامٍ وجالـب»
أي: صابرات.
والعارِفَةُ-أيضًا-: المَعْرُوْفُ، والجمع: عَوَارِفُ.
والعَرّافُ: الكاهن، ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أتى عَرّافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
والعَرّافُ -أيضًا-: الطبيب، قال عروة بن حزام العذري:
«وقلت لعَرّافِ اليمامة دوانـي *** فإنك إن أبرأتني لطـبـيب»
«فما بي من سقم ولا طيفِ جِنَّةٍ *** ولكن عمي الحميري كذوب»
ويقال للقُنَاقِنِ: عَرّافٌ.
وقد سموا عَرّافًا.
وقال الليث: أمر مَعْروفٌ، وأنكره الأزهري.
وقال ابن عباد: عَرَفَ أي استحذى.
وقال ابن الأعرابي: عَرِفَ -بالكسر-: إذا أكثر الطيب، وعَرِفَ: إذا ترك الطيب.
والعُرْفُ -بالضم-: ضد النكر، يقال: أولاه عُرْفًا: أي معروفًا، قال الله تعالى: (وأمر بالعُرْفِ)، قال النابغة الذبياني يعتذر إلى النعمان:
«أبـى الـلـه إلا عـدلـه ووفــاءه *** فلا النكر مَعْروْفٌ ولا العُرْفُ ضائع»
والعُرْفُ -أيضًا-: الاسم من الاعتراف، ومنه قولهم: له ألفٌ عُرْفًا: أي اعْتِرافًا، وهو توكيد.
والعُرْفُ: عُرْفُ الفرس، والجمع: أعْرَافٌ، قال أمرؤ القيس:
«نمشُّ بأعرافْ الجياد أكُـفَّـنـا *** إذا نحن قمنا عن شواءٍ مُضَهَّبِ»
والعُرْفُ: موضع، قال الحُطَيْئة:
«أدار سُلَيْمى بالدَّوانِـكِ فـالـعُـرْفِ *** أقامت على الأرواح والديم الوُطْفِ»
وقوله تعالى: (والمُرْسَلاتِ عُرْفًا) يقال: هو مستعار من عُرْفِ الفرس؛ أي يتتابعون كعُرْفِ الفرس، ويقال: أرسلت بالعُرْفِ أي بالمَعْروف.
والعُرْفُ والعُرُفُ والعُرْفَةُ -والجمع: العُرَفُ والأعْرافُ-: الرمل المرتفع، قال الكميت:
«أأبكاك بالعُرَفِ المـنـزل *** وما أنت والطَّلل المحول»
والعُرَفُ: مواضع يقال لواحدة منها: عُرْفَةُ صارة؛ ولأخرى: عُرْفَةُ القَنَانِ؛ ولأخرى: عُرْفَةَ ساقٍ. وساقٌ يقال له ساقُ الفروين، وفيه يقول الكميت أيضًا:
«رأيت بعُرْفَةَ الفروين نارًا *** تُشَبُّ ودوني الفلُّوجتان»
ويقال: العًرَفُ في بلاد سعد بن ثعلبة وهم رهط الكميت.
والعُرْفَةُ: أرض بارزة مستطيلة تنبت.
والعُرْفَةُ: الحد، والجمع: عُرَفٌ.
ويقال: الأعراف في قوله تعالى: (ونادى أصحاب الأعْرَافِ) سور بين الجنة والنار.
وقال ابن دريد: الأعْرَافُ ضربٌ من النخل، وأنشد:
«يغرس فيها الزّاذ والأعْرَافا *** والنّابجي مُسْدِفًا إسْدَافـا»
وقال الأصمعي: العُرْفُ في كلام أهل البحرين: ضَرْبٌ من النخل.
والعُرْفُ: من العلام.
وذو العُرْفِ: ربيعة بن وائل ذي طوّافٍ الحضرمي، من ولده ربيعة بن عيدان بن ربيعة ذي الاعُرْفِ -رضي الله عنه-له صحبة، وقال ابن يونس: شَهِدَ فتح مصر.
وعُرْفانُ: أبو المعلى بن عُرْفانَ الأسدي، والمُعَلّى من أتباع التابعين.
والعُرُفّانُ -مثال جُرُبّانِ القميص-: دويبة صغيرة تكون في رمال عالج ورمال الدَّهْنَاءِ.
وعِرِفّانُ -بكسرتين والفاء مشددة-: صاحب الراعي الذي يقول فيه:
«كفاني عِرِفّانُ الكرى وكفيتـه *** كُلُوءَ النجوم والنعاس معانقه»
«فبات يريه عرسه وبـنـاتـه *** وبتُّ أريه النجم أين مخافقه»
وقال ثعلب: العِرِفّانُ: الرجل إذا اعترف بالشيء ودل عليه، وهذا صفة، وذكر سيبويه أنه لا يَعْرِفُه وصفا، والذي يرويه " عُرُفّانٌ" بضمتين جعله منقولا عن اسم عين.
وقال ابن دريد: عُرُفّانُ جبل؛ ويقال دويبة.
والعَارفُ والعَريْفُ بمعنى، كالعالم والعليم، قال طريف بن تميم العنبري:
«أوَكلما ودرت عكاظ قبيلة *** بعثوا إلي عَرِيْفَهُمْ يتوسَّمُ»
والعَرِيْفُ: الذي يَعْرِفُ أصحابه، والجمع: العُرَفاءُ. ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فأرجعوا حتى يرفع إلينا عُرَفاؤكم أمركم. وهو النقيب، وهو دون الرئيس.
وعَرُفَ فلان -بالضم- عَرَافَةً- مثال خَطُبَ خَطَابَةً-: أي صار عَرِيْفًا. وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت: عَرَفَ فلان علينا سنين يَعْرُفُ عِرَافَةً -مثال كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابَةً-.
والعِرْفَةُ -بالكسر-: المَعْرِفَةُ.
ويقال: ما عَرَفَ عِرْفي إلا بآخرةٍ: أي ما عَرَفَني إلا أخيرًا.
وقال ابن الأعرابي: العِرْفُ -بالكسر-: الصبر، وأنشد:
«قل لأبن قيسٍ أخـي الـرُّقَـيّاتِ *** ما أحسن العِرْفَ في المصيبات»
وعَرَفَ: أي اعترف.
والمَعْرَفَةُ -بفتح الراء-: موضع العُرْفِ من الفرس. وشيء أعْرَفُ: له عُرْفٌ، قال:
«عَنْجَرِدٌ تحلف حين أحْـلِـفُ *** كمثل شيطانِ الحَمَاطِ أعْرِفُ»
ويقال للضبع عًرْفاءُ؛ لكثرة شعر رقبتها، قال الشنفرى:
«ولي دونكم أهلون سيد عملـس *** وأرقط زُهْلُوْلٌ وعَرْفاءُ جيئلُ»
وقال متمم بن نويرة رضي الله عنه.
«يا لهفَ من عَرْفَاءَ ذاة فلـيلةٍ *** جاءت إليَّ على ثلاثٍ تخمع»
ويروى: بل لَهْفَ.
ورجل عَرُوْفَةٌ بالأمور: أي عارفٌ بها، والهاء للمبالغة.
وامرأة حسنة المَعَارِفِ: أي الوجه وما يظهر منها، واحدها: مَعْرَفٌ، قال الراعي:
«مُتَلَثِّمِيْنَ على مَعَـارِفِـنـا *** نثني لهن حواشي العصب»
ويقال: فلان من المَعَارفِ: أي المَعْرُوفينَ، كأنه يراد: من ذوي المَعَارِفِ أي ذوي الوجوه. ويقال: حيا الله المَعَارِفَ: كما يقال: حيا الله الوجوه.
وعِرْفانً -بالكسر-: مغنية مشهورة.
وعُرَيْفٌ -مصغرًا-: من الأعلام.
وأعْرَفَ الفرس: طال عُرْفُه.
والتَّعْريْفُ: الإعلام.
والتَّعْرِيْفُ: ضد التنكير.
وقوله تعالى: (عَرَّفَ بعضه): أي عَرَّفَ حفصة -رضي الله عنها- بعض ذلك.
وقوله تعالى: (عَرَّفَها لهم): أي طَيَّبها لهم، قال:
«عَرُفْتَ كاتبٍ عَرَّفَتْهُ اللطائم»
ويقال: وصفها لهم في الدنيا فإذا دخلوا عَرَفُوا تلك الصفة، ويقال: جعلهم يَعْرِفُوْنَ فيها منازلهم إذا دخلوها كما كانوا يَعْرِفُوْنَ منازلهم في الدنيا.
والتَّعْرِيْفُ: الوقوف بِعَرَفاتٍ، يقال عَرَّفَ الناس: إذا شهدوا عَرَفاتٍ.
والمُعَرَّفُ: الموقف.
واعْرَوْرَفَ: أي صار ذا عُرْفٍ.
واعْرَوْرَفَ الرجل: أي تهيأ للشر.
واعْرَوْرَفَ البحر: أي ارتفعت أمواجه.
واعْرَوْرَفَ النخل: كثف والتف كأنه عُرْفُ الضبع، قال أحَيْحَةٌ بن الجلاح يصف عَطَنَ أبله.
«مُعْرَوْرِفٌ أسبل جبـاره *** بحافتيه الشُّوْعُ والغِرْيَفُ»
واعْرَوْرِفَ الدم: أي صار له زبد مثل العُرْفِ، قال أبو كبير الهذلي:
«مُسْتَنَّةٍ سنن الـفّـلُـوِّ مُـرِشَّةٍ *** تنفي التراب بقاحزٍ مُعْرَوْرِفِ»
واعْرَوْرَفَ الرجل الفرس: إذا علا على عُرْفِه. وقال ابن عبّاد: أعْرَوْرَفَ أي ارتفع على الأعْرَافِ.
والاعْتِرافُ بالذنب: الإقرار به.
واعْتَرَفْتُ القوم: إذا سألتهم عن خبر لِتَعْرِفَه، قال بشر بن أبي خازم في آخر حياته فقيل له وَصِّ فقال:
«أسائلهُ عميرة عـن أبـيهـم *** خلال الركب تَعْتَرِفُ الركابا»
«تُرَجِّي أن أؤوب لها بنـهـبٍ *** ولم تعلم بأن السَّهْمَ صـابـا»
وربما وضعوا اعْتَرَفَ موضع عَرَفَ كما وضعوا عَرَفَ موضع اعْتَرَفَ، قال أبو ذؤيب الهذلي يصف سحابا:
«مرته النُّعَامى فلـم يَعْـتَـرِفْ *** خلاف النُّعَامى من الشأم ريحا»
أي لم يَعْرِفْ غير الجنوب لأنها أبَلُّ الرياح وأرطبها.
وقال ابن الأعرابي: اعْتَرَفَ فلان: إذا ذل وانقاد؛ وانشد الفرّاء في نوادره:
«مالكِ ترغبين ولا ترغو الخلف *** وتجزعين والمطي يَعْتَـرِفْ»
وفي كتاب يافع ويَفَعَةٍ: "وتَضْجَرِيْنَ والمطي مُعْتَرِفْ" أي مُعْتَرِفٌ بالعمل، وقيل: يصبر، وقال مُعْتَرِفٌ ويَعْتَرِفُ لأن المطي مذكر.
وتَعَرَّفْتُ ما عند فلان: أي تَطلبت حتى عَرَفْتُ.
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس -رضي الله عنهما-: يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تَعَرَّفْ إلى الله في الرخاء يَعْرِفْكَ في الشدة، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئًا لم يرد الله أن يعطيكه لم يقدروا عليه أو يصرفوا عنك شيئًا أراد الله أن يصيبك به لم يقدروا على ذلك، فإذا سألت فأسال الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن النصر معه الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا. أي أطعه واحفظه يجازك.
وتقول: ائتِ فلانًا فاسْتَعْرِفْ إليه حتى يَعْرِفَكَ.
وقد تَعَارَفَ القوم: أي عَرَفَ بعضهم بعضًا، ومنه قوله تعالى: (وجعلناكم شُعُوبًا وقبائل لِتَعَارَفُوا).
والتركيب يدل على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض وعلى السكون والطمأنينة.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
13-القاموس المحيط (لوي)
و: لَوِيَ القِدْحُ والرَّمْلُ، كَرَضِيَ، لَوًى، فهو لَوٍ: اعْوجَّ،كالْتَوَى.
واللِّوَى، كإلَى: ما الْتَوَى من الرَّمْلِ، أو مُسْتَرَقُّهُ
ج: ألْواءٌ وألْوِيَةٌ.
وألْوَيْنا: صِرْنا إليه.
ولِواءُ الحَيَّةِ: اْطِواؤُها.
ولاوَتِ الحَيَّةُ الحَيَّةَ لِواءً: الْتَوَتْ عليها.
وتَلَوَّى: انْعَطَفَ،
كالْتَوَى
وـ البَرْقُ في السَّحابِ: اضْطَرَبَ على غيرِ جِهَةٍ.
وقَرْنٌ ألْوَى: مُعْوَجٌّ
ج: لُيٌّ، بالضم، والقياسُ الكسرُ.
ولَواهُ بِدَيْنِهِ لَيًّا ولِيًّا ولِيَّانًا، بكسرهما: مَطَلَهُ.
وألْوَى الرَّجُلُ: خَفَّ زَرْعُه، وخاطَ لِواءَ الأميرِ، وأكثَرَ التَّمَنِّي،
وأَكَلَ اللَّوِيَّةَ،
وـ بِثَوْبِهِ: أشارَ،
وـ البَقْلُ: ذَوِيَ،
وـ بِحَقِّهِ: جَحَدَهُ إيَّاهُ،
كلَوَاهُ،
وـ به: ذَهَبَ،
وـ بِما في الإِناءِ: اسْتَأْثَرَ به، وغَلَبَ على غَيرِهِ،
وـ به العُقابُ: طارَتْ به،
وـ بِهِم الدَّهْرُ: أهْلَكَهُمْ،
وـ بكلامِهِ: خَالَفَ به عن جِهَتِهِ.
واللَّوِيُّ، كغَنِيٍّ: يَبِيسُ الكَلأَِ، أو بين الرَّطْب واليابِسِ. وقد لَوِيَ لَوًى، وألْوَى.
والألْوَى من الطَّرِيقِ: البَعيدُ المَجْهولُ، والشديدُ الخُصومَةِ الجَدِلُ، والمُنْفَرِدُ المُعْتَزِلُ، وهي لَيَّاءُ، وشَجَرَةٌ، كاللُّوَيِّ، كسُمَيٍّ.
واللَّوِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: ما خَبَأْتَهُ وأخْفَيْتَه
ج: لَوايَا.
واللَّوَى: وجَعٌ في المَعِدَةِ، واعْوِجاجٌ (في الظَّهْرِ). لَوِيَ، كرضِيَ، لَوًى فهو لَوٍ فيهما.
واللِّواءُ، بالمَدِّ،
واللِّوايُ: العَلَمُ
ج: ألْوِيَةٌ
جج: ألْوِياتٌ.
وألْواهُ: رَفَعَهُ.
واللَّوَّاءُ كشَدَّادٍ: طائِرٌ.
واللاَّوِيا: نَبْتٌ، ومِيسَمٌ يُكْوَى به.
واللَّوَى، بمعنَى: اللاتِي، جَمْعُ التي، وبالضم: الأباطِيلُ.
واللاؤونَ واللاؤُو، بمعنَى: الذينَ.
واللَّوَّةُ: الشَّرْهَةُ، وبالضم: العُودُ يُتَبَخَّرُ به
كاللِّيَّةِ، بالكسر.
واللَّيَّاءُ، كشدَّادٍ: الأرضُ البَعيدَةُ عن الماءِ، وغَلِطَ الجوهرِيُّ في قَصْرِهِ وتَخْفيفِه.
ولُوَيَّةُ، كسُمَيَّةَ: ع دونَ بُسْتانِ ابنِ عامرٍ.
ولِيَّةُ، بالكسر: وادٍ لثقيفٍ، أو جَبَلٌ بالطائِفِ أعْلاهُ لثقيفٍ، وأسْفَلُهُ لِنَصْرِ بنِ مُعاوِيَةَ.
واللِّيَّةُ أيضًا: القَراباتُ.
وألْواءُ الوادِي: أحْناؤُهُ،
وـ من البِلادِ: نَواحِيها.
وبَعَثُوا بالسِّواءِ واللِّواءِ، مَكْسُورَتَيْنِ، أي: بَعَثُوا يَسْتَغيثونَ.
واللِّوايَةُ، بالكسر: عَصًا تَكونُ على فَمِ العِكْمِ.
وتَلاوَوْا عليه: اجْتَمَعوا.
ولَوْلَيْتُ مُدْبِرًا: ولَّيْتُ.
والَّلاتُ: صَنَمٌ لثَقيف، فَعَلَةٌ من لَوَى، عن أبي عَلِيٍّ، وذُكِرَ في ل اهـ. وفي ل ت ت.
وزُجُّ لاوَةَ: ع بِناحِيَةِ ضَرِيَّةَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
14-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (نفض)
(نفض) - في حديث الغَار: "أنا أَنْفُض لَكَ ما حَوْلَك": أي أَحْرُسُك، وأطُوفُ هَلْ أرَى طَلَبًا.
والنَّفِيضِةُ والنَّفَضَة - بفتح الفاءِ وسُكُونها -: قوم يُبْعَثُونَ مُتَجَسِّسِين هل بالأرْض عَدُوٌّ أَو خَوْفٌ؟
وقد استنفَضُوا: بَعَثُوا ذلك. ويُقال: إذَا تَكلّمت نَهارًا فانفُضْ، وإذا تَكلّمتَ لَيلًا فاخفِضْ.
قوله: "فانفُض": أي التَفِت هَلِ ترى مَن تكْرَه؟
- وفي حديث: "كُنَّا في سَفرٍ فأنْفضْنَا"
يقالُ: أنفضَ الرجُلُ، وأقَوى، وأقْفَر، وأَوحَشَ، وأرْمَلَ: فَنِىَ زَادُه.
ويُقالُ: النِّفاضُ يُقَطِّرُ الحَلْبَ: أي إذَا أنفَضُوا وقَلَّ مَا عِنْدَهم
جَلبُوا الإبلَ للبَيْع، كأنَّهم نفَضُوا مَزَاوِدَهم، ويُقطِرُ من القِطَارِ، وأنفَضَت الجُلَّةُ: نَفِدَ ما فيها.
المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م
15-معجم البلدان (تدمو)
تَدْمُو:بالفتح ثم السكون، وضم الميم: مدينة قديمة مشهورة في برّية الشام، بينها وبين حلب خمسة أيام قال بطليموس: مدينة تدمر طولها إحدى وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع، بيت حياتها السماك الأعزل تسع درجات من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان، وقال صاحب الزيج: طول تدمر ثلاث وستون درجة وربع، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلثان قيل: سميت بتدمر بنت حسان ابن أذينة بن السّميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ ابن سام بن نوح، عليه السلام، وهي من عجائب الأبنية، موضوعة على العمد الرخام، زعم قوم أنها مما بنته الجنّ لسليمان، عليه السلام ونعم الشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني:
«إلا سليمان، إذ قال الإله له: *** قم في البرية فاحددها عن الفند»
«وخيّس الجنّ، إني قد أذنت لهم *** يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد»
وأهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل سليمان بن داود، عليه السلام، بأكثر مما بيننا وبين سليمان، ولكن الناس إذا رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه أضافوه إلى سليمان وإلى الجن.
وعن إسماعيل بن محمد بن خالد بن عبد الله القسري قال: كنت مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية حين هدم حائط تدمر، وكانوا خالفوا عليه فقتلهم وفرّق الخيل عليهم تدوسهم وهم قتلى، فطارت لحومهم وعظامهم في سنابك الخيل، وهدم حائط المدينة، فأفضى به الهدم الى جرف عظيم، فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصص كأنّ اليد رفعت عنه تلك الساعة، وإذا فيه سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها وعليها سبعون حلّة، وإذا لها سبع غدائر مشدودة بخلخالها، قال: فذرعت قدمها فإذا ذراع من غير الأصابع، وإذا في بعض غدائرها صحيفة ذهب فيها مكتوب: باسمك اللهم! أنا تدمر بنت حسان، أدخل الله الذّل على من يدخل بيتي هذا.
فأمر مروان بالجرف فأعيد كما كان ولم يأخذ مما كان عليها من الحلي شيئا، قال: فو الله ما مكثنا على ذلك إلا أياما حتى أقبل عبد الله بن عليّ فقتل مروان وفرّق جيشه واستباحه وأزال الملك عنه وعن أهل بيته وكان من جملة التصاوير التي بتدمر صورة جاريتين من حجارة من بقية صور كانت هناك، فمر بهما أوس بن ثعلبة التيمي صاحب قصر أوس الذي في البصرة فنظر إلى الصورتين فاستحسنهما فقال:
«فتاتي أهل تدمر خبّراني! *** ألمّا تسأما طول القيام؟»
«قيامكما على غير الحشايا، *** على جبل أصمّ من الرخام»
«فكم قد مرّ من عدد الليالي، *** لعصركما، وعام بعد عام»
«وإنكما، على مرّ الليالي، *** لأبقى من فروع ابني شمام»
«فإن أهلك، فربّ مسوّمات *** ضوامر تحت فتيان كرام»
«فرائصها من الإقدام فزع، *** وفي أرساغها قطع الخدام»
«هبطن بهنّ مجهولا مخوفا *** قليل الماء مصفرّ الجمام»
«فلما أن روين صدرن عنه، *** وجئن فروع كاسية العظام»
قال المدائني: فقدم أوس بن ثعلبة على يزيد بن معاوية فأنشده هذه الأبيات، فقال يزيد: لله درّ أهل العراق! هاتان الصورتان فيكم يا أهل الشام لم يذكرهما أحد منكم، فمرّ بهما هذا العراقي مرّة فقال ما قال ويروى عن الحسن بن أبي سرح عن أبيه قال: دخلت مع أبي دلف إلى الشام فلما دخلنا تدمر وقف على هاتين الصورتين، فأخبرته بخبر أوس بن ثعلبة وأنشدته شعره فيهما، فأطرق قليلا ثم أنشدني:
«ما صورتان بتدمر قد راعتا *** أهل الحجى وجماعة العشّاق»
«غبرا على طول الزمان ومرّه، *** لم يسأما من ألفة وعناق»
«فليرمينّ الدهر من نكباته *** شخصيهما منه بسهم فراق»
«وليبلينّهما الزمان بكرّه، *** وتعاقب الإظلام والإشراق»
«كي يعلم العلماء أن لا خالد *** غير الإله الواحد الخلّاق»
وقال محمد بن الحاجب يذكرهما:
«أتدمر صورتاك هما لقلبي *** غرام، ليس يشبهه غرام»
«أفكّر فيكما فيطير نومي، *** إذا أخذت مضاجعها النيام»
«أقول من التعجّب: أيّ شيء *** أقامهما، فقد طال القيام»
«أملّكتا قيام الدهر طبعا، *** فذلك ليس يملكه الأنام»
«كأنهما معا قرنان قاما، *** ألجّهما لدى قاض خصام»
«يمرّ الدهر يوما بعد يوم، *** ويمضي عامه يتلوه عام»
«ومكثهما يزيدهما جمالا، *** جمال الدّرّ زيّنه النّظام»
«وما تعدوهما بكتاب دهر، *** سجيّته اصطلام واخترام»
وقال أبو الحسن العجلي فيهما:
«أرى بتدمر تمثالين زانهما *** تأنق الصانع المستغرق الفطن»
«هما اللتان يروق العين حسنهما، *** تستعطفان قلوب الخلق بالفتن»
وفتحت تدمر صلحا، وذاك أن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، مرّ بهم في طريقه من العراق إلى الشام فتحصنوا منه، فأحاط بهم من كلّ وجه، فلم يقدر عليهم، فلما أعجزه ذلك وأعجله الرحيل قال:
يا أهل تدمر والله لو كنتم في السحاب لاستنزلناكم ولأظهرنا الله عليكم، ولئن أنتم لم تصالحوا لأرجعنّ إليكم إذا انصرفت من وجهي هذا ثم لأدخلنّ مدينتكم حتى أقتل مقاتليكم وأسبي ذراريكم فلما ارتحل عنهم بعثوا إليه وصالحوه على ما أدّوه له ورضي به.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
16-معجم البلدان (الرقيم)
الرَّقيمُ:بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وهو الذي جاء ذكره في القرآن، والرّقم والترقيم: تعجيم الكتاب ونقطة وتبين حروفه، وكتاب رقيم أي مرقوم، فعيل بمعنى مفعول، قال الشاعر:
«سأرقم في الماء القراح إليكم، *** على بعدكم، إن كان للماء راقم»
وبقرب البلقاء من أطراف الشام موضع يقال له الرقيم، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف، والصحيح أنّهم ببلاد الروم كما نذكره، وهذا الرقيم أراد كثيّر بقوله، وكان يزيد بن عبد الملك ينزله، وقد ذكرته الشعراء:
«أمير المؤمنين إليك نهوي *** على البخت الصّلادم والعجوم»
«إذا اتخذت وجوه القوم نصبا *** أجيج الواهجات من السّموم»
«فكم غادرن دونك من جهيض *** ومن نعل مطرّحة جذيم»
«يزرن، على تنائيه، يزيدا *** بأكناف الموقّر والرّقيم»
«تهنّئه الوفود إذا أتوه *** بنصر الله والملك العظيم»
قال الفرّاء في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا من آياتِنا عَجَبًا 18: 9، قالوا: هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا، وقيل: الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها، وقيل: إنّه اسم الجبل الذي فيه الكهف
يمليخا، مكسملينا، مشلينا، مرطونس، دبريوس، سرابيون، افستطيوس، واسم كلبهم قطمير، واسم ملكهم دقيانوس، واسم مدينتهم التي خرجوا منها أفسس ورستاقها الرّسّ، واسم الكهف الرقيم، وكان فوقهم القبطيّ دون الكرديّ، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم، والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية ونيقية، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما، وكان الواثق قد وجّه محمد بن موسى المنجّم إلى بلاد الرّوم للنظر إلى أصحاب الكهف والرقيم، قال: فوصلنا إلى بلد الروم فإذا هو جبل صغير قدر أسفله أقلّ من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض فتدخل السرب فتمرّ في خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين منقورة وفيه عدّة أبيات، منها: بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصيّان، وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتّشهم ويزعم أنّه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه، يريد التمويه ليدوم كسبه، فقلت: دعني أنظر إليهم وأنت بريء، فصعدت بمشقّة عظيمة غليظة مع غلام من غلماني فنظرت إليهم وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في اليد، وإذا أجسادهم مطليّة بالصبر والمرّ والكافور ليحفظها، وإذا جلودهم لاصقة بعظامهم، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه، ثمّ أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه، فلمّا أخذناه منه ذقناه وقد أنكرت أنفسنا وتهوّعنا وكأن الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنّه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم، فقلنا له: إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك، فتركناه وانصرفنا، قال غيرهم: إن بالبلقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنّه الكهف والرقيم قرب عمّان، وذكروا أن عمّان هي مدينة دقيانوس، وقيل: هي في أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين، قيل: هي مدينة دقيانوس، وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد به الكهف والرقيم، وبه قوم موتى لا يبلون كما ذكر أهلها، وقيل: إن طليطلة هي مدينة دقيانوس، وذكر عليّ ابن يحيى أنّه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلّم مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد عليهم جباب صوف وأكسية صوف وعليهم خفاف ونعال، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شيء، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة وإنّما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه، وروي عن عبادة بن الصامت قال:
بعثني أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام أو أوذنه بحرب، قال: فسرت حتى دخلت بلد الروم فلمّا دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر قيل
إن فيه أصحاب الكهف والرقيم، ودفعنا فيه إلى دير وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: إنّا نريد أن ننظر إليهم، فقالوا: أعطونا شيئا، فوهبنا لهم دينارا، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب وكان عليه باب حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك إلّا أنّها كانت أصلب من الديباج وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل فإذا بهم من ظهور الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شبّان سود الشعور وبعضهم موفورة شعورهم وبعضهم مطمومة وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف وكأنّه في ذلك اليوم ضرب، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم فأخبرونا أنّهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى باب هذا الكهف فنقيمهم أيّاما من غير أن يمسّهم أحد فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ونقلّم أظافيرهم ونقصّ شواربهم ثمّ نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها، فسألناهم من هم وما أمرهم ومنذ كم هم بذلك المكان، فذكروا أنّهم يجدون في كتبهم أنّهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح، عليه السلام، بأربعمائة سنة وأنّهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد وأنّهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا، قال عبد الله الفقير إليه: هذا ما نقلته من كتب الثقات، والله أعلم بصحته.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
17-موسوعة الفقه الكويتية (زبور)
زَبُورالتَّعْرِيفُ:
1- الزَّبُورُ: فَعُولٌ مِنَ الزَّبْرِ، وَهُوَ الْكِتَابَةُ، بِمَعْنَى الْمَزْبُورِ أَيِ: الْمَكْتُوبِ.وَجَمْعُهُ: زُبُرٌ.
وَالزَّبُورُ: كِتَابُ دَاوُدَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَمَا أَنَّ التَّوْرَاةَ هِيَ الْمُنَزَّلَةُ عَلَى مُوسَى- عليه الصلاة والسلام-، وَالْإِنْجِيلُ هُوَ الْمُنَزَّلُ عَلَى عِيسَى- عليه الصلاة والسلام-.وَالْقُرْآنُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ- صلى الله عليه وسلم-.قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}.وَكَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سُورَةً، لَيْسَ فِيهَا حُكْمٌ، وَلَا حَلَالٌ، وَلَا حَرَامٌ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ، وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّمْجِيدُ وَالثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ.
الْحُكْمُ الْإِجْمَالِيُّ:
أَوَّلًا: مَسُّ الزَّبُورِ لِلْمُحْدِثِ:
2- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَسُّ الْقُرْآنِ لِلْمُحْدِثِ، لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}.وَلِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ».
وَأَلْحَقَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِهِ كُتُبَ التَّفْسِيرِ إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ فِيهِ أَكْثَرَ. (ر: مُصْحَف).
أَمَّا الْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ الْأُخْرَى، كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا:
فَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَا يُكْرَهُ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ: وَصُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَشِيثٍ إِنْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا، وَالنَّصُّ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ ظَنَّ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُبَدَّلَ مِنْهَا- وَهُوَ الْغَالِبُ- لَا يُكْرَهُ مَسُّهُ عِنْدَهُمْ.
ثَانِيًا: وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِالزَّبُورِ:
3- الْإِيمَانُ بِمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ وَاجِبٌ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ، وَالزَّبُورُ كِتَابٌ أُنْزِلَ عَلَى دَاوُدَ- عليه الصلاة والسلام- كَمَا تَقَدَّمَ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، كَمَا وَجَبَ الْإِيمَانُ عَلَى مَا أُنْزِلَ إِلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ((، لقوله تعالى: {قُولُواآمَنَّا بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَمُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.
يَعْنِي لَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ بِأَنْ نُؤْمِنَ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَنَكْفُرَ بِبَعْضٍ كَمَا فَعَلَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، بَلْ نَشْهَدُ لِجَمِيعِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا رُسُلَ اللَّهِ وَأَنْبِيَاءَهُ بُعِثُوا بِالْحَقِّ وَالْهُدَى.
وَالْإِيمَانُ الْوَاجِبُ بِالزَّبُورِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ هُوَ الْإِيمَانُ بِهَا عَلَى مَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا التَّحْرِيفُ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
18-موسوعة الفقه الكويتية (غيبة)
غَيْبَةالتَّعْرِيفُ:
1- الْغَيْبَةُ- بِالْفَتْحِ- مَصْدَرُ غَابَ.وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ: الْبُعْدُ، يُقَالُ: غَابَ الشَّيْءُ يَغِيبُ غَيْبًا وَغَيْبَةً وَغِيَابًا أَيْ بَعُدَ، وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى التَّوَارِي.يُقَال: غَابَتِ الشَّمْسُ إِذَا تَوَارَتْ عَنِ الْعَيْنِ.
وَالْغِيبَةُ- بِالْكَسْرِ- ذِكْرُ شَخْصٍ بِمَا يَكْرَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَهُوَ حَقٌّ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْغَيْبَةِ:
غَيْبَةُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ:
2- لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا- وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا وَلِيٌّ- عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَيُرَاعَى فِي النِّكَاحِ وِلَايَةُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا غَابَ الْأَقْرَبُ.
فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ- عَدَا زُفَرَ- وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ إِذَا غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً جَازَ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَ دُونَ السُّلْطَانِ.لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَهَذِهِ لَهَا وَلِيٌّ، كَمَا قَالَ الْبُهُوتِيُّ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ.وَلَيْسَ مِنَ النَّظَرِ التَّفْوِيضُ إِلَى مَنْ لَا يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ إِلَى الْأَقْرَبِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ أَقْرَب، بَلْ لِأَنَّ فِي الْأَقْرَبِيَّةِ زِيَادَةَ مَظِنَّةٍ لِلْحِكْمَةِ، وَهِيَ الشَّفَقَةُ الْبَاعِثَةُ عَلَى زِيَادَةِ إِتْقَانِ الرَّأْيِ لِلْمُوَلِّيَةِ.فَحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ أَصْلًا سُلِبَتْ إِلَى الْأَبْعَدِ كَمَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ، فَإِذَا غَابَ الْأَبُ مَثَلًا زَوَّجَهَا الْجَدُّ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى السُّلْطَانِ، كَمَا إِذَا مَاتَ الْأَقْرَبُ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي غِيَابِ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَقْرَبِ قَائِمَةٌ؛ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ حَقًّا لَهُ صِيَانَةً لِلْقَرَابَةِ، فَلَا تَبْطُلُ بِغَيْبَتِهِ.
وَحَدُّ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا تَصِلُ إِلَيْهَا الْقَوَافِلُ فِي السَّنَةِ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ، وَقِيلَ: أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِأَقْصَاهُ، وَقِيلَ: إِذَا كَانَ بِحَالٍ يَفُوتُ الْخَاطِبُ الْكُفْءُ بِاسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْوَلِيِّ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْغَيْبَةَ الْمُنْقَطِعَةَ هِيَ مَا لَا تُقْطَعُ إِلاَّ بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، قَالَ الْبُهُوتِيُّ نَقْلًا عَنِ الْمُوَفَّقِ: وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ.فَإِنَّ التَّحْدِيدَ بَابُهُ التَّوْقِيفُ وَلَا تَوْقِيفَ، وَتَكُونُ الْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لِأَنَّ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ.
وَقَالُوا: إِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ أَسِيرًا أَوْ مَحْبُوسًا فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ لَا يُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ تَتَعَذَّرُ فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ صَحَّ، لِأَنَّهُ صَارَ كَالْبَعِيدِ، كَمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا لَا يُعْلَمُ مَحَلُّهُ أَقَرِيبٌ هُوَ أَمْ بَعِيدٌ؟ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ قَرِيبُ الْمَسَافَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْمُجْبِرَ الْأَقْرَبَ إِذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً زَوَّجَ الْحَاكِمُ ابْنَةَ الْغَائِبِ الْمُجْبَرَةِ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا فِي غَيْبَةٍ قَرِيبَةٍ، لَا لِلْحَاكِمِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ وَبِدُونِ تَفْوِيضِهِ، حَتَّى إِنَّهُمْ قَالُوا: يُفْسَخُ النِّكَاحُ أَبَدًا إِذَا زَوَّجَ الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ.
وَهَذَا- أَيْ تَحَتُّمُ الْفَسْخِ- إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ جَارِيَةً عَلَيْهَا.وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ، وَكَانَتِ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إِضْرَارُهُ بِهَا بِغَيْبَتِهِ بِأَنْ قَصَدَ تَرْكَهَا مِنْ غَيْرِ زَوَاجٍ، فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ: إِمَّا أَنْ تَحْضُرَ تَزَوُّجَهَا أَوْ تُوَكِّلَ وَكِيلًا يُزَوِّجُهَا، وَإِلاَّ زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَا فَسْخَ، سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَوْ لَا.
وَحَدُّ الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَسَافَةُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ذَهَابًا، وَحَدُّ الْبَعِيدَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ.
أَمَّا الْغَيْبَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدَّيْنِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمُهُ كَمَا قَالَ الدُّسُوقِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي النِّصْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ، وَيُلْحَقُ بِالْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ فَيُفْسَخُ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي غِيَابِ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ.أَمَّا غَيْبَةُ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْمُجْبِرِ الْأَقْرَبِ، فَحَدُّهَا الثَّلَاثُ فَمَا فَوْقَهَا، فَإِذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا، وَدَعَتْ لِكُفْءٍ.وَأَثْبَتَتْ مَا تَدَّعِيهِ مِنَ الْغَيْبَةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْكَفَاءَةِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدُ، فَلَوْ زَوَّجَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأَبْعَدُ صَحَّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ نَسَبًا أَوْ وَلَاءً إِلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِالْبَلَدِ، أَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، زَوَّجَ سُلْطَانُ بَلَدِ الزَّوْجَةِ أَوْ نَائِبُهُ، لَا سُلْطَانُ غَيْرِ بَلَدِهَا، وَلَا الْأَبْعَدُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ وَلِيٌّ، وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ لَهُ، فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ، وَقِيلَ: يُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ كَالْجُنُونِ.قَالَ الشَّيْخَانِ: وَالْأَوْلَى لِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يُزَوِّجَ، أَوْ يَسْتَأْذِنَهُ فَيُزَوِّجَ الْقَاضِي لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ.أَمَّا فِيمَا دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ فَلَا يُزَوِّجُ إِلاَّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِقِصَرِ الْمَسَافَةِ، فَيُرَاجَعُ لِيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ كَمَا لَوْ كَانَ مُقِيمًا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ: يُزَوِّجُ؛ لِئَلاَّ تَتَضَرَّرَ بِفَوَاتِ الْكُفْءِ الرَّاغِبِ كَالْمَسَافَةِ الطَّوِيلَةِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ خَوْفٍ جَازَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُزَوِّجَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِغَيْبَةِ وَلِيِّهَا ثُمَّ قَدِمَ وَقَالَ: كُنْتُ زَوَّجْتُهَا فِي الْغَيْبَةِ، قُدِّمَ نِكَاحُ الْحَاكِمِ.
التَّفْرِيقُ لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ:
3- غَيْبَةُ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ لَا تَخْلُو عَنْ حَالَيْنِ.
الْأُولَى: أَنْ تَكُونَ غَيْبَةً قَصِيرَةً غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ بِحَيْثُ يُعْرَفُ خَبَرُهُ وَيَأْتِي كِتَابُهُ.فَهَذَا لَيْسَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ تَطْلُبَ التَّفْرِيقَ إِذَا لَمْ يَتَعَذَّرِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الزَّوْجِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
الثَّانِيَةُ: الْغَيْبَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا خَبَرُهُ، بِأَنْ لَمْ يُدْرَ مَوْضِعُهُ وَحَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْغَيْبَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ عِنْدَهُمْ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ يَمْضِيَ مِنَ الزَّمَنِ مَا لَا يَعِيشُ إِلَى مِثْلِهِ غَالِبًا.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَقَدْ قَسَّمُوا حَالَاتِ الْغَيْبَةِ إِلَى أَقْسَامٍ وَبَيَّنُوا لِكُلِّ قِسْمٍ حُكْمَهُ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي: (طَلَاقٍ ف 87 وَمَا بَعْدَهَا، وَمَفْقُودٍ)
أَثَرُ غَيْبَةِ الزَّوْجِ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ:
4- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فَرْضِ الْقَاضِي لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ النَّفَقَةَ أَوْ عَدَمِ فَرْضِهَا، وَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي:
فَفِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلَانِ لِأَبِي حَنِيفَةَ.
الْأَوَّلُ: لِلْقَاضِي فَرْضُ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ إِذَا طَلَبَتْهَا، وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، هَذَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالزَّوْجِيَّةِ، أَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ عِنْدَ آخَرَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْمَالِ وَالزَّوْجِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقَامُ عَلَى غَائِبٍ.وَأَجَازَ زُفَرُ ذَلِكَ.
وَقَيَّدَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ الْغِيَابَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِفَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بِمَا إِذَا كَانَ مُدَّةَ سَفَرٍ، أَيْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ، فَإِنَّهُ فِيمَا دُونَهَا يَسْهُلُ إِحْضَارُهُ وَمُرَاجَعَتُهُ، وَنُقِلَ عَنِ الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَفْرِضُ نَفَقَةَ عُرْسِ الْغَائِبِ عَنِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ أَكَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ أَمْ لَا، وَذَكَرَ مِثْلَهُ عَنِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ، حَتَّى لَوْ ذَهَبَ إِلَى الْقَرْيَةِ وَتَرَكَهَا فِي الْبَلَدِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي أَرَادَ الْغَيْبَةَ فِيهِ قَبْلَ سَفَرِهِ لِمُدَّةِ غِيَابِهِ عَنْهَا، أَوْ يُقِيمُ لَهَا كَفِيلًا يَدْفَعُهَا لَهَا، وَإِذَا سَافَرَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَدْفَعْ نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُقِمْ لَهَا كَفِيلًا بِهَا، وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ وَطَلَبَتْ نَفَقَتَهَا فَرَضَ الْحَاكِمُ لَهَا النَّفَقَةَ فِي مَالِ الزَّوْجِ الْغَائِبِ.وَلَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ، وَكَذَا فِي دَيْنِهِ الثَّابِتِ عَلَى مَدِينِهِ، وَبِيعَتْ دَارُهُ فِي نَفَقَتِهَا بَعْدَ حَلِفِهَا بِاسْتِحْقَاقِهَا لِلنَّفَقَةِ فِي مَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مُوجِبَ النَّفَقَةِ التَّمْكِينُ، وَيَحْصُلُ بِالْفِعْلِ أَوْ أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهِ تَعْرِضُ نَفْسَهَا، وَتُخْبِرَهُ: أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إِلَيْك، فَلَوْ غَابَ عَنْ بَلَدِهَا قَبْلَ عَرْضِهَا إِلَيْهِ وَرَفَعَتِ الْأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ مُظْهِرَةً لَهُ التَّسْلِيمَ، كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ الْحَالَ فَيَجِيءُ الزَّوْجُ لَهَا يَتَسَلَّمُهَا أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَجِيءُ يُسَلِّمُهَا لَهُ أَوْ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنَ الْأَمْرَيْنِ مَعَ إِمْكَانِ الْمَجِيءِ أَوِ التَّوْكِيلِ، وَمَضَى زَمَنُ إِمْكَانِ وُصُولِهِ لَهَا، فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ فِي مَالِهِ مِنْ حِينِ إِمْكَانِ وُصُولِهِ، وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْرِضٍ.
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا عُلِمَ مَكَانُ الزَّوْجِ، فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ كَتَبَ الْحَاكِمُ إِلَى الْحُكَّامِ الَّذِينَ تَرِدُ عَلَيْهِمُ الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ عَادَةً لِيُنَادِيَ بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَعْطَاهَا الْقَاضِي نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ، وَأَخَذَ مِنْهَا كَفِيلًا بِمَا يَصْرِفُ لَهَا؛ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ، أَمَّا إِذَا غَابَ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ تَسَلُّمِهَا فَإِنَّ النَّفَقَةَ تُقَرَّرُ عَلَيْهِ، وَلَا تَسْقُطُ بِغَيْبَتِهِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنْ غَابَ الزَّوْجُ مُدَّةً وَلَمْ يُنْفِقْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى، سَوَاءٌ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.فَرَضَهَا حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٌ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما-: «أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا» قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ- رضي الله عنه-؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعِوَضِ فَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، وَقَالَ: هَذِهِ نَفَقَةٌ وَجَبَتْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَزُولُ مَا وَجَبَ بِهَذِهِ الْحُجَجِ إِلاَّ بِمِثْلِهَا، وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى كَالنَّفَقَةِ، وَإِذَا أَنْفَقَتِ الزَّوْجَةُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ مَالِهِ فَبَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا رَجَعَ عَلَيْهَا الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مُنْذُ مَاتَ، لِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ ارْتَفَعَ بِمَوْتِ الزَّوْجِ، فَلَا تَسْتَحِقُّ مَا قَبَضَتْهُ مِنَ النَّفَقَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ بَائِنًا فِي غَيْبَتِهِ فَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ.
التَّوْكِيلُ أَثْنَاءَ الْغَيْبَةِ:
5- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ تَوْكِيلِ الْغَائِبِ غَيْرَهُ فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ إِبْرَامَهَا، كَمَا أَجَازُوا الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِيفَائِهَا وَاسْتِيفَائِهَا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ، وَالشَّخْصُ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْمُعَامَلَةَ أَوْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى السُّوقِ، أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لِلْقِيَامِ بِالْعَمَلِ بِنَفْسِهِ.
6- وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْكِيلِ الْغَائِبِ غَيْرَهُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْحُدُودِ مِنَ الْغَائِبِ، وَكَذَا فِي الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ خُصُومَةَ الْوَكِيلِ تَقُومُ مَقَامَ خُصُومَةِ الْمُوَكِّلِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ- إِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِإِثْبَاتِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ، فَيُتَحَرَّزُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.
7- وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِوَاسِطَةِ الْوَكِيلِ:
فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حَقٍّ لآِدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ، كَقَوَدٍ وَحَدِّ زِنًا وَشُرْبٍ- وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ- كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْخُصُومَاتِ، قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: كُلُّ مَا جَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ جَازَ اسْتِيفَاؤُهُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَغَيْبَتِهِ، كَالْحُدُودِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ بَعِيدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا لَبَعَثَ وَأَعْلَمَ وَكِيلَهُ بِعَفْوِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ، أَلَا تَرَى أَنَّ قُضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يَحْكُمُونَ فِي الْبِلَادِ وَيُقِيمُونَ الْحُدُودَ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ مَعَ احْتِمَالِ النَّسْخِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ إِلاَّ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَوِ اسْتَوْفَاهُ الْوَكِيلُ مَعَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ كَانَ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ عَفَا، أَوْ أَنَّ الْمَقْذُوفَ قَدْ صَدَّقَ الْقَاذِفَ أَوْ أَكْذَب شُهُودَهُ فَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ.
وَلِتَفْصِيلِ الْمَسْأَلَةِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (وَكَالَةٍ).
غَيْبَةُ الشَّفِيعِ:
8- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ غَيْبَةَ مُسْتَحِقِّ الشُّفْعَةِ لَا تُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ.
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَةَ مَا يَعْلَمُ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ.لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا»
9- وَاسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ حَالَاتٍ، مِنْهَا: إِذَا كَانَ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ غَائِبًا: فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَنْتَظِرُ لِحُضُورِ الْغَائِبِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ طَلَبِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ، يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ إِذَا حَضَرَ وَطَلَبَ قُضِيَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ كَأَنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَوْ جَارَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ فَوْقَهُ كَأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ جَارًا وَالثَّانِي شَرِيكًا فَيَقْضِي لِلْغَائِبِ الَّذِي حَضَرَ بِالْكُلِّ، وَتَبْطُلُ شُفْعَةُ الْأَوَّلِ.وَإِنْ كَانَ دُونَهُ، كَأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ شَرِيكًا وَالَّذِي حَضَرَ جَارًا مَنَعَهُ.وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ تَثْبُتُ عِنْدَهُمْ فِي حَالَةِ عَدَمِ الشَّرِيكِ.وَقَالَ الْأَبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ أَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ مَا يَشْفَعُ فِيهِ هُوَ وَشَرِيكُهُ الْغَائِبُ.ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ مِنَ الشُّفَعَاءِ حِصَّتُهُ مِنَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ مِنَ الْحَاضِرِ إِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْعُهْدَةِ، أَيْ ضَمَانِ ثَمَنِ حِصَّةِ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إِنْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ أَوِ اسْتُحِقَّتْ:
فَفِي رَأْيٍ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الشَّفِيعِ الَّذِي حَضَرَ ابْتِدَاءً وَأَخَذَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إِنَّمَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ لَا مِنَ الْمُشْتَرِي؛ وَلِأَنَّ الَّذِي حَضَرَ لَوْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَلَا تَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي، بَلْ تَبْقَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً.
وَفِي رَأْيٍ آخَرَ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ الْأَوَّلَ إِنَّمَا أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْغَائِبِ نِيَابَةً عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي غَيْبَةً حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ، فَلْيُوَكِّلْ فِي طَلَبِهَا إِنْ قَدَرَ عَلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ، لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ، وَيُعْذَرُ الْغَائِبُ فِي تَأْخِيرِ الْحُضُورِ، وَإِلاَّ بِأَنْ عَجَزَ عَنِ التَّوْكِيلِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ لَهَا عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلًا وَامْرَأَتَيْنِ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْأَظْهَرِ.
وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا فَحَضَرَ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ الْغَيْبَةِ، وَأَثْبُت الشُّفْعَةَ، وَحَكَمَ لَهُ بِهَا، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَى بَلَدِ الْبَيْعِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهَا تَقَرَّرَتْ بِحُكْمِ الْقَاضِي.
وَمِثْلُهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا مَسْأَلَةَ التَّوْكِيلِ إِلاَّ فِي قِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ.
كَفَالَةُ النَّفْسِ فِي غَيْبَةِ الْمَكْفُولِ:
10- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَلَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا.فَإِذَا قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أَوْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ أَوْ بِوَجْهِهِ كَانَ كَفِيلًا بِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى صِحَّتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} وَهَذَا أَيْضًا قَوْلُ شُرَيْحٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ.
وَحُكْمُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ هُوَ وُجُوبُ إِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ قَدْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ، فَيَلْزَمُ إِحْضَارُهُ عَلَى الْكَفِيلِ بِطَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ.وَأَضَافُوا: فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا وَإِلاَّ يُجْبَرْ عَلَى إِحْضَارِهِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (كَفَالَةٍ).
الْقَضَاءُ عَلَى شَخْصٍ فِي غَيْبَتِهِ:
11- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، فَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِهِ بِشُرُوطٍ، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ.وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (قَضَاءٍ).
نَصْبُ الْوَكِيلِ عَنْ شَخْصٍ فِي غَيْبَتِهِ:
12- إِذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْحُضُورِ وَإِرْسَالِ وَكِيلٍ إِلَى الْمَحْكَمَةِ فَهَلْ يُنْصَبُ لَهُ وَكِيلٌ مُسَخَّرٌ يُنْكِرُ عَلَى الْغَائِبِ، فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.أَوْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ دُونَ نَصْبِ الْمُسَخَّرِ؟ لِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْحُضُورِ وَإِرْسَالِ وَكِيلٍ إِلَى الْمَحْكَمَةِ بَعْد دَعْوَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، يُحْضَرُ إِلَيْهَا جَبْرًا، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِحْضَارُهُ يُدْعَى إِلَى الْمَحْكَمَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي أَيَّامٍ مُتَفَاوِتَةٍ.فَإِنْ أَبَى الْمَجِيءَ أَفْهَمَهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ سَيَنْصِبُ لَهُ وَكِيلًا وَيَسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الْحُضُورِ وَإِرْسَالِ وَكِيلٍ نَصَبَ الْحَاكِمُ لَهُ وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ، وَسَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَتِهِ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُبَلِّغُ الْحُكْمَ الْغِيَابِيَّ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَإِذَا حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غِيَابًا إِلَى الْمَحْكَمَةِ وَتَشَبَّثَ بِدَعْوَى صَالِحَةٍ لِدَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَتُفَصَّلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُوجِبِ، وَإِنْ لَمْ يَتَشَبَّثْ بِدَفْعِ الدَّعْوَى، أَوْ تَشَبَّثَ وَلَمْ يَكُنْ تَشَبُّثُهُ صَالِحًا لِلدَّفْعِ يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ لَا يَجُوزُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لِلْقَاضِي الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَتِ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ مَعَ الْأَمْنِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ: إِمَّا تَقْدُمْ أَوْ وَكِّلْ، فَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ وَلَا وَكَّلَ حَكَمَ عَلَيْهِ، وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ مِنَ الْمُدَّعِي مَعَ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ، لِيَجِدَ الْغَائِبُ لَهُ مَدْفَعًا عِنْدَ قُدُومِهِ.لِأَنَّهُ بَاتَ عَلَى حُجَّتِهِ إِذَا قَدِمَ، وَالْغَيْبَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ فِي هَذَا كَالْبَعِيدَةِ.وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي نَصْبَ مُسَخَّرٍ يُنْكِرُ عَلَى الْغَائِبِ عِنْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقِرًّا، فَيَكُونُ إِنْكَارُ الْمُسَخَّرِ كَذِبًا.وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَصْبُهُ، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ النَّصْبِ وَعَدَمِهِ.
وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُهُ، لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِنْكَارِ مُنْكِرٍ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اخْتَبَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يُنَادِي عَلَى بَابِهِ ثَلَاثًا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَحْضُرْ سَمَّرَ بَابَهُ وَخَتَمَ عَلَيْهِ، وَيَجْمَعُ أَمَاثِلَ جِيرَانِهِ وَيُشْهِدُهُمْ عَلَى إِعْذَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ سَمَّرَ وَخَتَمَ مَنْزِلَهُ بِطَلَبٍ مِنَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يُنَادِي عَلَى بَابِهِ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَ فُلَانٍ أَقَامَ عَنْهُ وَكِيلًا وَحَكَمَ عَلَيْهِ.فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَقَامَ عَنْهُ وَكِيلًا وَسَمِعَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَحَكَمَ عَلَيْهِ كَمَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
19-موسوعة الفقه الكويتية (نعي)
نَعْيٌالتَّعْرِيفُ:
1- النَّعْيُ وَالنُّعْيَانُ لُغَةً: خَبَرُ الْمَوْتِ، أَوْ نِدَاءُ الدَّاعِي، أَوِ الدُّعَاءُ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَالْإِشْعَارُ بِهِ، النَّاعِي: الَّذِي يَأْتِي بِخَبَرِ الْمَوْتِ، أَوْ بِإِذَاعَةِ مَوْتِ الشَّخْصِ أَوْ يَنْدُبُهُ.
قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا قُتِلَ مِنْهُمْ شَرِيفٌ أَوْ مَاتَ بَعَثُوا رَاكِبًا إِلَى قَبَائِلِهِمْ يَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
(ر: جَنَائِز ف 4).
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ- النَّدْبُ:
2- النَّدْبُ مِنْ مَعَانِي النَّدْبِ فِي اللُّغَةِ: الْبُكَاءُ مَعَ تَعْدِيدِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِلَفْظِ النِّدَاءِ، كَوَاسَيِّدَاهُ، وَاجَبَلَاهُ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّعْيِ أَنَّ النَّدْبَ قَدْ يَقْتَرِنُ بِالنَّعْيِ، وَقَدْ يَحْصُلُ بَعْدَهُ، فَلَيْسَ هُنَاكَ تَلَازُمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِخْبَارِ بِالْمَوْتِ.
ب- النَّوْحُ:
3- النَّوْحُ لُغَةً: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ مَعَ رَنَّةٍ، وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: «أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَلاَّ نَنُوحَ».وَعَنْ أَبَى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ».
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النَّوْحِ وَالنَّعْيِ أَنَّ النَّعْيَ الْمُطْلَقَ الْإِعْلَامُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ بُكَاءٌ أَمْ لَا، أَمَّا النَّوْحُ فَهُوَ الْإِعْلَامُ الْمُقْتَرِنُ بِالْبُكَاءِ، وَقَدْ يَحْصُلُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ بِالْمَوْتِ.
صِيغَةُ النَّعْيِ:
4- لَمْ يَذْكُرِ الْفُقَهَاءُ صِيغَةً مُحَدَّدَةً لِلنَّعْيِ، بَعْدَ اسْتِبْعَادِ مَا كَانَ مُبَاهَاةً وَمُفَاخَرَةً وَلَكِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى اخْتِيَارِ مَا فِيهِ تَذَلُّلٌ وَاسْتِرْحَامٌ.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِنَحْوِ: مَاتَ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- كَانَ يُؤْذِنُ بِالْجِنَازَةِ، فَيَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ فَيَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ دُعِيَ فَأَجَابَ، أَوْ أَمَةُ اللَّهِ دُعِيَتْ فَأَجَابَتْ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلنَّعْيِ:
5- اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ النَّعْيِ، حَتَّى فِي الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ، مَا بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَلِذَا اخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ أَقْوَالَهُمْ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ إِذْ لَمْ تَتَوَارَدْ عَلَى الصُّورَةِ الْمُطْلَقَةِ لِلنَّعْيِ.
قَالَ الْمُبَارَكْفُورِيُّ نَقْلًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ: يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ:
1- إِعْلَامُ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ، فَهَذَا سُنَّةٌ.
2- دَعْوَةُ الْحَفْلِ لِلْمُفَاخَرَةِ بِالْكَثْرَةِ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ.
3- الْإِعْلَامُ بِنَوْعٍ آخَرَ، كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا مُحَرَّمٌ.
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: النَّعْيُ لَيْسَ مَمْنُوعًا كُلُّهُ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَهُ وَلَمْ يُنْقَلْ رَأْيٌ فِقْهِيٌّ بِوُجُوبِ النَّعْيِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مُفْلِحٍ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ حَتَّى لِلْقَرِيبِ، فَقَالَ: وَلَا يَلْزَمُ إِعْلَامُ قَرِيبٍ.
النَّعْيُ الْمُسْتَحَبُّ:
6- النَّعْيُ الْمُسْتَحَبُّ أَوِ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ عَلَى حَسَبِ تَعْبِيرِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ- هُوَ عَلَى مَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِهِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَابْنُ سِيرِينَ- مَا كَانَ فِيهِ إِعْلَامُ الْجِيرَانِ وَالْأَصْدِقَاءِ.
قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ جِيرَانُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ حَتَّى يُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ.
رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ النَّخَعِيِّ: لَا بَأْسَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ أَنْ يُؤْذَنَ صَدِيقُهُ وَأَصْحَابُهُ، إِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُطَافَ فِي الْمَجْلِسِ فَيُقَالَ: أَنْعِي فُلَانًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ بِاخْتِصَارٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ، فِي شَرْحِ حَدِيثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ».فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْإِعْلَامِ بِالْمَيِّتِ، لَا عَلَى صُورَةِ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ، بَلْ مُجَرَّدُ إِعْلَامِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَشْيِيعِهِ وَقَضَاءِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ، وَالَّذِي جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ النَّعْيِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هَذَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ الْمَفَاخِرِ وَغَيْرِهَا.
وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيَتَوَجَّهُ اسْتِحْبَابُهُ، لِإِعْلَامِهِ- صلى الله عليه وسلم- أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ، وَقَوْلِهِ عَنِ الَّذِي يُقِمُّ الْمَسْجِدَ، أَيْ يَكْنُسُهُ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» أَيْ أَعْلَمْتُونِي، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يُؤْذِنَ الرَّجُلُ بِالْمَوْتِ صَدِيقَهُ وَحَمِيمَهُ.
وَحَدِيثُ الَّذِي يُقِمُّ الْمَسْجِدَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ فِي إِيذَانِ أَصْحَابِ الْمَنْعِيِّ وَأَقَارِبِهِ هُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- «أَنْ أَسْوَدَ (رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً كَانَ يُقِمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ (قَالَ الرَّاوِي): فَحَقَّرُوا شَأْنَهُ قَالَ: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ».
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتَحَبَّ النَّعْيَ لِلْغَرِيبِ الَّذِي إِذَا لَمْ يُؤْذَنُ بِهِ لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ.
وَالْوَجْهُ فِي الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ ابْنِ قُدَامَةَ أَنَّ فِي كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ أَجْرًا لَهُمْ وَنَفْعًا لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنْهُمْ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ، وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ».
وَقَالَ- صلى الله عليه وسلم- كَذَلِكَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ».
وَيَشْمَلُ حُكْمُ الِاسْتِحْبَابِ، النِّدَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: إِنْ كَانَ الْمَنْعِيُّ عَالِمًا أَوْ زَاهِدًا فَقَدِ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ النِّدَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ لِجِنَازَتِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ عَلَى هَيْئَةِ التَّفْخِيمِ.
النَّعْيُ الْمُبَاحُ:
7- النَّعْيُ الْمُبَاحُ هُوَ مَا اقْتُصِرَ فِيهِ عَلَى الْإِعْلَامِ بِالْمَوْتِ بِصُورَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ عَمَلٍ مُحَرَّمٍ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: مَحْضُ الْإِعْلَامِ بِذَلِكَ لَا يُكْرَهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا.
وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: لَا بَأْسَ بِإِعْلَامِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِمَوْتِهِ لِيَقْضُوا حَقَّهُ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الْأَزِقَّةِ وَالْأَسْوَاقِ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ نَعْيَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تَنْوِيهٌ بِذِكْرِهِ وَتَفْخِيمٌ بَلْ يَقُولُ: الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ...فَإِنَّ نَعْيَ الْجَاهِلِيَّةِ مَا كَانَ فِيهِ قَصْدُ الدَّوَرَانِ مَعَ الضَّجِيجِ وَالنِّيَاحَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ».كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ.
وَجَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ النِّدَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَمَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَحَصَرَ الْحَنَابِلَةُ النَّعْيَ الْمُبَاحَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نِدَاءٌ، قَالَ الرَّحِيبَانِيُّ: لَا بَأْسَ بِإِعْلَامِ أَقَارِبِهِ وَإِخْوَانِهِ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ، «لِإِعْلَامِهِ- صلى الله عليه وسلم- أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ»، وَفِيهِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابٌ وَنَفْعٌ لِلْمَيِّتِ.
قَالَ ابْنُ الْمُرَابِطِ- مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ- مُبَيِّنًا الْحِكْمَةَ فِي الْإِبَاحَةِ: مُرَادُهُ أَنَّ النَّعْيَ الَّذِي هُوَ إِعْلَامُ النَّاسِ بِمَوْتِ قَرِيبِهِمْ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِدْخَالُ الْكَرْبِ وَالْمَصَائِبِ عَلَى أَهْلِهِ، لَكِنَّ فِي تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ مَصَالِحَ جَمَّةً لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَادَرَةِ لِشُهُودِ جِنَازَتِهِ وَتَهْيِئَةِ أَمْرِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ النَّوَوِيُّ لِلْإِبَاحَةِ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْقَائِلُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ ثُمَّ قَالَ: الصَّحِيحُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ الْإِعْلَامَ بِمَوْتِهِ لِمَنْ يَعْلَمُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ إِنْ قُصِدَ بِهِ الْإِخْبَارُ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذِكْرُ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ وَالتَّطْوَافُ بَيْنَ النَّاسِ يَذْكُرُهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَهَذَا نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَقَدْ صَحَّتِ الْأَحَادِيثُ بِالْإِعْلَامِ فَلَا يَجُوزُ إِلْغَاؤُهَا.
النَّعْيُ الْمَكْرُوهُ:
8- لِلنَّعْيِ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ صُورَتَانِ:
الْأُولَى: أَنَّهُ مَا كَانَ لِغَيْرِ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ أَوْ جَارٍ أَوْ مَنْ يُرْجَى إِجَابَةُ دُعَائِهِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مَا كَانَ بِنِدَاءٍ، وَعَلَيْهِ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: كُرِهَ صِيَاحٌ بِمَسْجِدٍ، أَوْ بِبَابِهِ، بِأَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ قَدْ مَاتَ فَاسْعَوْا إِلَى جِنَازَتِهِ مَثَلًا، إِلاَّ الْإِعْلَامَ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ أَيْ مِنْ غَيْرِ صِيَاحٍ فَلَا يُكْرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلَا يُسْتَحَبُّ النَّعْيُ، وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ بَلْ يُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: يُكْرَهُ إِعْلَامُ غَيْرِ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ.وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ: أَوْ جَارٍ، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلِ دِينٍ.
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الْكَرَاهَةَ فِي نَعْيِ الْمَيِّتِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالْبَغَوِيُّ.
النَّعْيُ الْمُحَرَّمُ:
9- النَّعْيُ الْمُحَرَّمُ- عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ- هُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى النَّحِيبِ وَالْبُكَاءِ بِصَوْتٍ عَالٍ، وَتَعْدَادِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ وَمَزَايَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَاهَاةِ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: مِنْ هَدْيِهِ- صلى الله عليه وسلم- تَرْكُ النَّعْيِ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، «فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ- رضي الله عنه- قَالَ: إِذَا مِتُّ فَلَا تُؤْذِنُوا بِي، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَنْهَى عَنِ النَّعْيِ».
وَقَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: النَّعْيُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ بِدْعَةٌ أَيْ مَا كَانَ بِالنَّحِيبِ وَالنَّدْبِ وَالْجَزَعِ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ السُّخْطَ عَلَى مَوْتِ الْمَنْعِيِّ يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ مِنَ الظَّالِمِ، وَحُكْمُ الْمَوْتِ عَلَى الْعِبَادِ عَدْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ، لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ.
وَمِمَّا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ مُحَرَّمٌ مَا كَانَ عَلَى صُورَةِ النَّعْيِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَفِي صِفَتِهِ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: أَكَانُوا يَكْرَهُونَ النَّعْيَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانُوا إِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُلُ رَكِبَ رَجُلٌ دَابَّةً ثُمَّ صَاحَ فِي النَّاسِ: أَنْعِي فُلَانًا.
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
20-موسوعة الفقه الكويتية (هدنة 2)
هُدْنَة -2أَثَرُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ عَلَى عَقْدِ الْهُدْنَةِ:
13- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فَسَادِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ عِنْدَ اقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ مِنَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِلِ الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ شَرْطٌ فَاسِدٌ بَطَلَ الشَّرْطُ وَلَا يَجِبِ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا تَبْطُلُ الْهُدْنَةُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْبُيُوعِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي تَبْطُلُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ؛ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ جَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ وَلَيْسَتْ بِأَوْكَدَ مِنْ عُقُودِ الْمُنَاكَحَاتِ الَّتِي لَا تَبْطُلُ بِفَسَادِ الْمَهْرِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ إِلَى فَسَادِ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ مَعًا، أَمَّا فَسَادُ الشَّرْطِ فَلِأَنَّهُ أَحَلَّ حَرَامًا؛ وَأَمَّا فَسَادُ الْعَقْدِ فَلِاقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ.
صِفَةُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ:
14- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِفَةِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ أَهُوَ لَازِمٌ أَمْ جَائِزٌ؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ- الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ- إِلَى أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ، فَإِنْ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْعَاقِدِ وَلَا لِلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ نَقَضُهُ، وَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ، أَوْ يَصْدُرَ مِنْهُمْ مَا يَقْتَضِي الِانْتِقَاضَ مِنْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} فَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي عَقَدَ الْعَهْدَ أَوْ عُزِلَ فَلَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُ نَقْضُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ عَقَدَهَا بِاجْتِهَادِهِ فَلَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ الْعَقْدُ فَاسِدًا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ الْجَدِيدِ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي نَقْضُ أَحْكَامِ غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ قَبْلَهُ بِاجْتِهَادِهِ.
وَلِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفِ بِالْعُهُودِ لَمْ يَسْكُنْ إِلَى عُقُودِهِ وَقَدْ نَحْتَاجُ إِلَيْهَا؛ أَمَّا إِنْ بَانَ فَسَادُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ فَيُلْغَى، وَيُعْلَنُ إِلَيْهِمْ بِفَسَادِ الْهُدْنَةِ وَيُبْلَغُونَ مَأْمَنَهُمْ، فَإِنْ دَخَلَ بَعْضُهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ بِهَذَا الصُّلْحِ كَانَ آمِنًا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُعْتَقِدًا بِالْأَمَانِ وَيُرَدُّ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يُقَرُّ بِدَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْهُدْنَةَ لَمْ تَصِحَّ.
15- وَإِنْ شَرَطَ الْإِمَامُ لِنَفْسِهِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ مَا يَنْفِي لُزُومَهُ فَقَدْ أَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَمَنَعَهُ الْحَنَابِلَةُ.
فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ تَعْلِيقُ اسْتِدَامَةِ الْهُدْنَةِ عَلَى مَشِيئَةِ الْإِمَامِ يَنْقُضُهَا مَتَى شَاءَ، فَإِنْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَتِهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُقَدَّرَةِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- حِينَ وَادَعَ يَهُودَ خَيْبَرَ قَالَ: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» وَيَكُونُ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا فِيهَا إِذَا أَرَادَ نَقْضَهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ الَّتِي تُمْنَعُ الْجَهَالَةُ فِيهَا؛ وَإِذَا جَازَ إِطْلَاقُهَا بِغَيْرِ مُدَّةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ، وَإِنْ قَالَهُ الرَّسُولُ- صلى الله عليه وسلم- لِأَهْلِ خَيْبَرَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوحِي إِلَى رَسُولِهِ مُرَادَهُ دُونَ غَيْرِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: أُقِرُّكُمْ مَا شِئْتُ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَشِيئَتِهِ فِيمَا يَرَاهُ صَلَاحًا مِنِ اسْتِدَامَةِ الْهُدْنَةِ أَوْ نَقْضِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَهَا عَلَى مَشِيئَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مُتَحَكِّمِينَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ- صلى الله عليه وسلم-: «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى».
وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْقِدَهَا عَلَى مَشِيئَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الِاجْتِهَادِ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ فِي تَدْبِيرِ الدُّنْيَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الْأَمَانَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ الْعِبَادِ، فَإِنْ تَكَامَلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ مِنْهُ صَحَّ وُقُوفُ الْهُدْنَةِ عَلَى مَشِيئَتِهِ، وَإِنْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْهَا لَمْ تَصِحَّ الْهُدْنَةُ.وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ الْهُدْنَةَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ صِفَةٍ، بَلْ قَالَ: هَادَنْتُكُمْ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَهَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ: إِنْ شَرَطَ الْإِمَامُ نَقْضَ الْعَهْدِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ.وَكَذَا إِنْ شَرَطَ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى ضِدِّ الْمَقْصُودِ فَلَمْ يَصِحَّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ غَيْرُ لَازِمٍ مُحْتَمِلٍ لِلنَّقْضِ، فَلِلْإِمَامِ نَبْذُهُ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنَّ فِي الْمُوَادَعَةِ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ فَوَادَعَهُمْ، ثُمَّ نَظَرَ فَوَجَدَ أَنَّهَا شَرٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَبَذَ إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ فِي الِانْتِهَاءِ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الِابْتِدَاءِ لَمَنَعَ عَقْدَهَا وَاسْتِدَامَتَهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَمَّا تَبَدَّلَتْ كَانَ النَّبْذُ جِهَادًا، وَإِبْقَاءُ الْعَهْدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَرْكٌ لِلْجِهَادِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَهُوَ أَمْرٌ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.
فَإِنْ رَأَى نَقْضَهَا فَلَا بُدَّ مِنَ النَّبْذِ تَحَرُّزًا مِنَ الْغَدْرِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْعُمُومَاتِ: نَحْوَ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ- رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» وَقَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: «كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ- رضي الله عنه- وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ، وَكَانَ يَسِيرُ فِي بِلَادِهِمْ حَتَّى إِذَا انْقَضَى الْعَهْدُ أَغَارَ عَلَيْهِمْ.فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ فَرَسٍ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، وَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ- رضي الله عنه- فَسَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَحُلَّنَّ عَهْدًا وَلَا يَشُدَّنَّهُ حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهُ أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ بِالنَّاسِ».
وَلَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ مُدَّةِ بُلُوغِ الْخَبَرِ إِلَى جَمِيعِهِمْ، وَيَكْتَفِي مِنْ ذَلِكَ مُدَّةً يَتَمَكَّنُ رَئِيسُهُمْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالنَّبْذِ مِنْ إِنْفَاذِ الْخَبَرِ إِلَى مَمْلَكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَنْتَفِي الْغَدْرُ.فَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ أَوْ تَفَرَّقُوا، أَوْ خَرَّبُوا حُصُونَهُمُ اتِّكَالًا عَلَى الْأَمَانِ فَحَتَّى يَعُودُوا كُلُّهُمْ إِلَى مَأْمَنِهِمْ وَيُعَمِّرُوا حُصُونَهُمْ مِثْلَ مَا كَانَتْ تَوَقِّيًا مِنَ الْغَدْرِ.
وَالْمُرَادُ بِالنَّبْذِ إِعْلَانُهُمْ نَقْضَ الْعَهْدِ.وَيَكُونُ النَّبْذُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ الْأَمَانُ، فَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّبْذُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ بِأَنْ أَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ سِرًّا يُكْتَفَى بِنَبْذِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ.
آثَارُ الْهُدْنَةِ:
16- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ إِذَا تَمَّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ أَمِنَ الْمُوَادِعُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ، وَوَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ- إِذَا مَاتَ أَوْ عُزِلَ- حِمَايَتُهُمْ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ أَذَى أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمُقِيمِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَمَّنَهُمْ مِمَّا هُوَ تَحْتَ حُكْمِهِ وَفِي قَبْضَتِهِ وَفَاءً بِالْعَهْدِ، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} فَلَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ.
أَمَّا حِمَايَتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَكَذَا حِمَايَةُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَلَا تَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ الْهُدْنَةَ الْتِزَامُ الْكَفِّ عَنْهُمْ فَقَطْ لَا حِفْظُهُمْ، بِخِلَافِ عَقْدِ الذِّمَّةِ حَيْثُ نَدْفَعُ عَنْهُمْ مَا نَدْفَعُ عَنْ أَنْفُسِنَا.
وَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ قَوْمٌ مِنَ الْمُوَادِعِينَ إِلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُوَادَعَةٌ، فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْبَلْدَةَ، فَهَؤُلَاءِ آمِنُونَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ أَفَادَ الْأَمَانَ لَهُمْ فَلَا يَنْتَقِضُ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا فِي الْأَمَانِ الْمُؤَبَّدِ- وَهُوَ عَقْدُ الذِّمَّةِ- أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِدُخُولِ الذِّمِّيِّ دَارَ الْحَرْبِ كَذَا هَذَا، وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ فِي دَارِ الْمُوَادَعَةِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ دَارِهِمْ بِأَمَانٍ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فَهُوَ آمِنٌ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْمُوَادِعِينَ بِأَمَانِهِمْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَلَوْ عَادَ إِلَى دَارِهِ ثُمَّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ كَانَ فَيْئًا لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُ وَنَأْسِرَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى دَارِهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْمُوَادَعَةِ فَبَطَلَ حُكْمُ الْمُوَادَعَةِ فِي حَقِّهِ.
فَإِذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ فَهَذَا حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ أَمَانٍ.
وَلَوْ أَسَرَ أَهْلُ دَارٍ أُخْرَى وَاحِدًا مِنَ الْمُوَادِعِينَ فَغَزَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ كَانَ الْمَأْسُورُ فَيْئًا، وَلَوْ دَخَلَ إِلَيْهِمْ تَاجِرٌ فَهُوَ آمِنٌ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَمَّا أُسِرَ فَقَدِ انْقَطَعَ حُكْمُ دَارِ الْمُوَادَعَةِ فِي حَقِّهِ وَإِذَا دَخَلَ تَاجِرًا لَمْ يَنْقَطِعْ.
مَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْهُدْنَةُ:
أ- أَهْلُ الْحَرْبِ:
17- يَجُوزُ عَقْدُ الْهُدْنَةِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ مِنْ نَصَارَى وَيَهُودٍ أَمْ غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ.وَالْأَصْلُ فِي هَذَا عُمُومُ قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَفَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَوَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍإِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} وقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} وَلِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- هَادَنَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَهَادَنَ قُرَيْشًا وَقَبَائِلَ عَرَبِيَّةً أُخْرَى وَكَانَ عَامَّتُهُمْ وَثَنِيِّينَ.
ب- الْمُرْتَدُّونَ:
18- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى جَوَازِ مُوَادَعَةِ الْمُرْتَدِّينَ إِذَا غَلَبُوا عَلَى دَارٍ مِنْ دُورِ الْإِسْلَامِ وَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ حَرْبٍ، وَخِيفَ مِنْهُمْ وَلَمْ تُؤْمَنْ غَائِلَتُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ دَفْعِ الشَّرِّ لِلْحَالِ، وَرَجَاءَ رُجُوعِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَتَوْبَتِهِمْ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَالٌ، لِأَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْجِزْيَةِ، وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ إِلاَّ مِنْ كَافِرٍ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَى بَلْدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كِيَانٌ فَلَا يُعْقَدُ لَهُمْ هُدْنَةٌ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْرِيرَ الْمُرْتَدِّينَ عَلَى الرِّدَّةِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: وَإِنِ ارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ تَقَرُّرِ إِسْلَامِهِمْ وَحَارَبُوا بَعْدَ ارْتِدَادِهِمُ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ فَكَالْمُرْتَدِّينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْأَصْلِيِّينَ؛ فَيُحْكَمُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا بِحُكْمِ الْكُفَّارِ النَّاقِضِينَ لِلْعَهْدِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمُرْتَدِّينَ إِذَا انْحَازُوا إِلَى دَارٍ يَنْفَرِدُونَ بِهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَصِيرُوا فِيهَا مُمْتَنِعِينَ يَجِبُ قِتَالُهُمْ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ مُنَاظَرَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِيضَاحِ دَلَائِلِهِ، وَيَجْرِي عَلَى قِتَالِهِمْ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالْإِعْذَارِ حُكْمُ قِتَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ.
ج- الْبُغَاةُ:
19- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُوَادَعَةُ الْبُغَاةِ بِمَالٍ.فَإِنْ وَادَعَهُمُ الْإِمَامُ بِمَالٍ بَطَلَتِ الْمُوَادَعَةُ، وَإِنْ طَلَبُوهَا أُجِيبُوا إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ مَالٍ وَكَانَ فِي عَقْدِهَا مَصْلَحَةٌ لِأَهْلِ الْجَمَاعَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (بُغَاة ف 22).
نَقْضُ الْهُدْنَةِ:
20- عَقْدُ الْهُدْنَةِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا عَنِ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ يُنْهِي الْعَهْدَ بِانْتِهَاءِ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إِلَى النَّبْذِ، حَتَّى كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْزُوَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُؤَقَّتَ إِلَى غَايَةٍ يَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إِلَى النَّاقِضِ.وَإِذَا كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِالْهُدْنَةِ الْمُؤَقَّتَةِ فَمَضَى الْوَقْتُ وَهُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَأْمَنِهِ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لَهُ يُوهِمُ الْغَدْرَ وَالتَّغْرِيرَ، فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ عَقْدُ الْهُدْنَةِ مُطْلَقًا عَنِ الْوَقْتِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ إِطْلَاقَهُ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ أَوْ مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ عِنْدَ مَنْ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ، فَالَّذِي يَنْتَقِضُ بِهِ نَوْعَانِ: تَصْرِيحٌ وَدَلَالَةٌ.
فَالتَّصْرِيحُ هُوَ النَّبْذُ صَرِيحًا.
وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّبْذِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ النَّقْضِ دَلَالَةً:
أ) خُرُوجُ قَوْمٍ مِنْ دَارِ الْمُوَادَعَةِ بِإِذْنِ مَلِكِهِمْ وَقَطْعُهُمُ الطَّرِيقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ إِذْنَ مَلِكِهِمْ بِذَلِكَ دَلَالَةُ النَّبْذِ.
ب) قِتَالُهُمُ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شُبْهَةٌ كَأَنْ أَعَانُوا الْبُغَاةَ مُكْرَهِينَ فَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ.
ج) مُكَاتَبَتُهُمْ أَهْلَ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ.
د) قَتْلُهُمْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا بِدَارِ الْإِسْلَامِ عَمْدًا إِنْ لَمْ يُنْكِرْ غَيْرُ الْقَاتِلِ عَلَيْهِ بَعْدَ عِلْمِهِ.
ه) إِيوَاؤُهُمْ عَيْنًا لِلْكُفَّارِ.
و) أَخْذُهُمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ.
ز) سَبُّهُمُ اللَّهَ أَوِ الْقُرْآنَ أَوْ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-.
ح) فِعْلُ شَيْءٍ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي نَقْضِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِهِ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ فِعْلَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ نَاقِضٌ لِلْهُدْنَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَهْلُ الْهُدْنَةِ أَنَّهُ نَاقِضٌ.
وَبِالنَّظَرِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ نَوَاقِضِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ يُمْكِنُنَا إِرْجَاعُهَا إِلَى الْأَسْبَابِ التَّالِيَةِ:
أ- الْعُدُولُ عَنِ الْمُوَادَعَةِ فِي الظَّاهِرِ.
ب- الْخِيَانَةُ فِي الْبَاطِنِ.
ج- الْعُدُولُ عَنِ الْمُجَامَلَةِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.
د- النَّبْذُ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ إِذَا رَأَى نَقْضَ الصُّلْحِ أَصْلَحَ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ.
أَوَّلًا: الْعُدُولُ عَنِ الْمُوَادَعَةِ فِي الظَّاهِرِ:
21- مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ الْمُوَادَعَةُ فِي الظَّاهِرِ، وَهِيَ الْكَفُّ عَنِ الْقِتَالِ وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لِلنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْهُدْنَةِ مِثْلُ مَا يَجِبُ لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنْ عَدَلَ أَهْلُ الْهُدْنَةِ عَنِ الْمُوَادَعَةِ إِلَى ضِدِّهَا فَقَاتَلُوا قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَتَلُوا قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَخَذُوا مَالَ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَتْ هُدْنَتُهُمْ بِفِعْلِهِمْ وَلَمْ يُفْتَقَرْ إِلَى حُكْمِ الْإِمَامِ لِنَقْضِهَا، وَجَازَ أَنْ يَبْدَأَ بِقِتَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ وَيَشُنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ وَيَهْجُمَ عَلَيْهِمْ غِرَّةً وَبَيَاتًا، وَجَرَى ذَلِكَ فِي نَقْضِ الْهُدْنَةِ مَجْرَى تَصْرِيحِهِمْ بِالْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا الْهُدْنَةَ.
وَقَدْ غَزَا النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- أَهْلَ مَكَّةَ بَعْدَ الْهُدْنَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا نَقَضُوا الْعَهْدَ بِمُعَاوَنَتِهِمْ بَنِي كِنَانَةَ عَلَى قِتَالِ خُزَاعَةِ، وَكَانَتْ حُلَفَاءَ لِلنَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-، وَلِذَلِكَ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَسْأَلُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- تَجْدِيدَ الْعَهْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ فَلَمْ يُجِبْهُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- إِلَى ذَلِكَ، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى النَّبْذِ إِلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوا نَقْضَ الْعَهْدِ بِنَصْبِ الْحَرْبِ لِحُلَفَاءِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-.
ثَانِيًا: الْخِيَانَةُ فِي الْبَاطِنِ:
22- مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ تَرْكُ الْخِيَانَةِ بِأَنْ لَا يَسْتَسِرَّ أَهْلُ الْهُدْنَةِ بِفِعْلٍ مَا يَنْقُضُ الْهُدْنَةَ لَوْ أَظْهَرُوهُ، مِثْلَ أَنْ يُمَايِلُوا فِي السِّرِّ عَدُوًّا أَوْ يَقْتُلُوا فِي السِّرِّ مُسْلِمًا، أَوْ يَأْخُذُوا لَهُ مَالًا، أَوْ يَزْنُوا بِمُسْلِمَةٍ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْمُهَادِنَ لَوْ تَجَسَّسَ أَخْبَارَ الْمُسْلِمِينَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ كَرْهًا أَوْ سَرَقَ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ.
وَإِذَا اسْتَشْعَرَ الْإِمَامُ مِمَّنْ هَادَنَهُ وَظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِيَانَتِهِمْ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ إِلَى أَنَّهُ جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ بِأَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنْ لَا عَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} يَعْنِي إِذَا خِفْتَ غَدْرَهُمْ وَخُدْعَتَهُمْ وَإِيقَاعَهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ وَفَعَلُوا ذَلِكَ خَفْيًا وَلَمْ يُظْهِرُوا نَقْضَ الْعَهْدِ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ أَيْ أَلْقِ إِلَيْهِمْ فَسْخَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْعَهْدِ وَالْهُدْنَةِ حَتَّى يَسْتَوِيَ الْجَمِيعُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَهُوَ مَعْنَى قوله تعالى: {عَلَى سَوَاءٍ} لِئَلاَّ يَتَوَهَّمُوا أَنَّكَ نَقَضْتَ الْعَهْدَ بِنَصْبِ الْحَرْبِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ نَبْذُ عَهْدِهِمْ وَإِنْذَارُهُمْ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خِيَانَتُهُمْ نَبَذَهُ بِلَا إِنْذَارٍ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِذَا ظَهَرَتْ آثَارُ الْخِيَانَةِ وَثَبَتَتْ دَلَائِلُهَا وَجَبَ نَبْذُ الْعَهْدِ لِئَلاَّ يُوقِعَ التَّمَادِي عَلَيْهِ فِي الْهَلَكَةِ، وَجَازَ إِسْقَاطُ الْيَقِينِ هَهُنَا بِالظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ، وَإِذَا كَانَ الْعَهْدُ قَدْ وَقَعَ فَهَذَا الشَّرْطُ عَادَةٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَفْظًا، إِذْ لَا يُمْكِنُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يَنْتَقِضُ عَهْدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِمُجَرَّدِ خِيَانَتِهِمْ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ الْإِمَامِ لِنَقْضِهَا.
وَحُكِيَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبِذُ عَقْدَ الْهُدْنَةِ كَمَا لَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِالتُّهْمَةِ.
ثَالِثًا: الْعُدُولُ عَنِ الْمُجَامَلَةِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ:
23- مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ الْمُجَامَلَةُ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، فَهِيَ فِي حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ أَغْلَظُ مِنْهَا فِي حُقُوقِ الْكُفَّارِ الْمُهَادِنِينَ، فَيَلْزَمُهُمْ فِي حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَبِيحِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَيَبْذُلُوا لَهُمُ الْجَمِيلَ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَلَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَبِيحِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.
وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَبْذُلُوا لَهُمُ الْجَمِيلَ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} فَإِنْ عَدَلَ الْكُفَّارُ الْمُهَادِنُونَ عَنِ الْجَمِيلِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فَكَانُوا يُكْرِمُونَ الْمُسْلِمِينَ فَصَارُوا يَسْتَهِينُونَ بِهِمْ، وَكَانُوا يُضَيِّفُونَ الرُّسُلَ وَيَصِلُونَهُمْ فَصَارُوا يَقْطَعُونَهُمْ، وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ كِتَابَ الْإِمَامِ فَصَارُوا يَطْرَحُونَهُ، وَكَانُوا يَزِيدُونَهُ فِي الْخِطَابِ فَصَارُوا يَنْقُصُونَهُ، فَهَذِهِ رِيبَةٌ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ شَكَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا بِهَا نَقْضَ الْهُدْنَةِ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُرِيدُوا بِهَا نَقْضَهَا، فَيَسْأَلُهُمُ الْإِمَامُ عَنْهَا وَعَنِ السَّبَبِ فِيهَا، فَإِنْ ذَكَرُوا عُذْرًا يَجُوزُ مِثْلُهُ قَبِلَهُ مِنْهُمْ وَكَانُوا عَلَى هُدْنَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا عُذْرًا أَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى عَادَتِهِمْ مِنَ الْمُجَامَلَةِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، فَإِنْ عَادُوا أَقَامَ عَلَى هُدْنَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعُودُوا نَقَضَهَا بَعْدَ إِعْلَامِهِمْ بِنَقْضِهَا.
ذِكْرُهُمُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- بِسُوءٍ:
24- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ هَذَا السَّبِّ عَلَى عَقْدِ الْهُدْنَةِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ مِمَّا يَنْتَقِضُ بِهِ الْعَهْدُ هُوَ سَبُّهُمُ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ الْقُرْآنَ أَوِ الرَّسُولَ- صلى الله عليه وسلم- أَوْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ- عليهم السلام- مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ انْتِقَاضِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِسَبِّ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-، لِأَنَّ سَبَّ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- كُفْرٌ مِنَ الْكَافِرِ الْمُهَادِنِ؛ وَالْكُفْرُ الْمُقَارِنُ لِعَقْدِ الْهُدْنَةِ لَا يَمْنَعُ عَقْدَ الْهُدْنَةِ فِي الِابْتِدَاءِ فَالْكُفْرُ الطَّارِئُ لَا يَرْفَعُهُ فِي حَالِ الْبَقَاءِ رَوَى عُرْوَةُ «عَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: فَقَدْ قُلْتُ: عَلَيْكَ».
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا سَبٌّ مِنْهُمْ لَهُ- صلى الله عليه وسلم-، وَلَوْ كَانَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ لَقَتَلَهُمْ لِصَيْرُورَتِهِمْ حَرْبِيِّينَ.
وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ بِمَا إِذَا لَمْ يُعْلِنِ الْمُهَادِنُ السَّبَّ، أَمَّا إِذَا أَعْلَنَ بِالسَّبِّ أَوِ اعْتَادَهُ وَكَانَ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ قُتِلَ وَلَوِ امْرَأَةً، وَبِهِ يُفْتَى.
رَابِعًا: نَبْذُ الْهُدْنَةِ إِذَا رَآهُ الْإِمَامُ أَصْلَحَ:
25- صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ الْمُوَادَعَةَ خَيْرًا فَوَادَعَ أَهْلَ الْحَرْبِ ثُمَّ نَظَرَ فَوَجَدَ مُوَادَعَتَهُمْ شَرًّا لِلْمُسْلِمِينَ نَبَذَ إِلَى مَلِكِهِمُ الْمُوَادَعَةَ وَقَاتَلَهُمْ.
بُلُوغُ الْمُهَادِنِ مَأْمَنَهُ بَعْدَ نَقْضِ الْعَهْدِ:
26- وَعِنْدَ نَبْذِ الْعَهْدِ يَجِبُ إِبْلَاغُ مَنْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْهُدْنَةِ إِلَى مَأْمَنِهِ، لَكِنْ مَنْ عَلَيْهِ حَقُّ آدَمِيٍّ مِنْ مَالٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوَّلًا.
وَالْمُعْتَبَرُ فِي إِبْلَاغِ الْكَافِرِ الْمَأْمَنَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ أَهْلِ عَهِدِهِمْ ويُلْحِقَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاكْتَفَى ابْنُ كَجٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِإِلْحَاقِهِ بِأَوَّلِ بِلَادِ الْكُفْرِ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ إِلْحَاقُهُ بِبَلَدِهِ الَّذِي يَسْكُنُهُ فَوْقَ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَوَّلِ بِلَادِ الْكُفْرِ وَبَلَدِهِ الَّذِي يَسْكُنُهُ بَلَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَحْتَاجُ إِلَى الْمُرُورِ عَلَيْهِ.
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْبَحْرِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَأْمَنَانِ لَزِمَ الْإِمَامَ إِلْحَاقُهُ بِسَكَنِهِ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ يَسْكُنُ بَلَدَيْنِ فَالِاخْتِيَارُ لِلْإِمَامِ.
أَحْوَالُ نَقْضِ الْهُدْنَةِ مِنْ قِبَلِ الْكُفَّارِ الْمُهَادِنِينَ:
27- نَقْضُ الْهُدْنَةِ مِنْ قِبَلِ الْكُفَّارِ الْمُهَادِنِينَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَإِنْ كَانَ النَّقْضُ مِنْ جَمِيعِهِمُ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ جَمِيعًا وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمَانٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ.
وَإِنْ كَانَ النَّقْضُ مِنْ بَعْضِهِمْ فَإِمَّا أَنْ يُظْهِرَ الْبَعْضُ الْآخَرُ الرِّضَا بِهَذَا النَّقْضِ أَوْ يَسْكُتُوا عَنْهُ أَوْ يُظْهِرُوا الْكَرَاهَةَ لَهُ.
فَإِنْ أَظْهَرَ الْبَعْضُ الْآخَرُ الرِّضَا فِي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَيَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ جَمِيعًا، النَّاقِضُونَ وَالرَّاضُونَ بِهِ، وَيَصِيرُونَ جَمِيعُهُمْ حَرْبًا.
وَكَذَا إِنْ سَكَتَ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَلَمْ يُظْهِرُوا رِضًا بِالنَّقْضِ وَلَا كَرَاهَةً لَهُ فِي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ انْتَقَضَ عَهْدُ الْجَمِيعِ، وَيَكُونُ سُكُوتُهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وَكَذَلِكَ كَانَتْ سُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ، بَاشَرَ عَقْرَهَا أُحَيْمِرُ وَهُوَ الْقَدَّادُ بْنُ سَالِفٍ، وَأَمْسَكَ قَوْمُهُ عَنْهُ، فَأَخَذَ اللَّهُ جَمِيعَهُمْ بِذَنْبِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا}.
وَقَدْ وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَهَمَّ بَعْضُهُمْ بِقَتْلِهِ، فَجَعَلَهُ نَقْضًا مِنْهُمْ لِعَهْدِهِ فَغَزَاهُمْ وَأَجْلَاهُمْ.
وَوَادَعَ يَهُودَ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَعَانَ بَعْضُهُمْ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْخَنْدَقِ، وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي أَعَانَهُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ: حُيَيُّ بْنُ أَخْطُبَ وَأَخُوهُ وَآخَرُ، فَنَقَضَ بِهِ عَهْدَهُمْ وَغَزَاهُمْ حَتَّى قَتَلَ رُمَاتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَهُمْ.
وَهَادَنَ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ بَنُو بَكْرٍ فِي حِلْفِ قُرَيْشٍ، وَخُزَاعَةُ فِي حِلْفِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-، فَجَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- نَقْضًا لِعَهْدِ جَمِيعِهِمْ فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُحَارِبًا، وَأَخْفَى عَنْهُمْ أَثَرَهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ وَفَتَحَ مَكَّةَ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُمْسِكَ يَجْرِي عَلَيْهِ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ بَعْضِهِمْ لِلْهُدْنَةِ مُوجِبًا لِأَمَانِ جَمِيعِهِمْ وَإِنْ أَمْسَكُوا، كَانَ نَقْضُ بَعْضِهِمْ مُوجِبًا لِحَرْبِ جَمِيعِهِمْ إِذَا أَمْسَكُوا.
وَإِنْ كَانَ النَّقْضُ مِنْ بَعْضِهِمْ وَأَظْهَرَ الْبَعْضُ الْآخَرُ الْكَرَاهَةَ لِلنَّقْضِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ انْتَقَضَ الْعَهْدُ فِي حَقِّ النَّاقِضِينَ فَقَطْ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَقَضَ السُّوقَةُ الْعَهْدَ وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّئِيسُ وَالْأَشْرَافُ بِذَلِكَ، فَفِي انْتِقَاضِ الْعَهْدِ فِي حَقِّ السُّوقَةِ وَجْهَانِ: وَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِعَقْدِهِمْ فَكَذَا بِنَقْضِهِمْ.
وَلَوْ نَقَضَ الرَّئِيسُ وَامْتَنَعَ الْأَتْبَاعُ وَأَنْكَرُوا، فَفِي الِانْتِقَاضِ فِي حَقِّهِمْ قَوْلَانِ.وَجْهُ النَّقْضِ: أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ الْعَقْدُ فِي حَقِّ الْمَتْبُوعِ فَكَذَا التَّابِعُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ إِنْ أَنْكَرُوا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بِأَنِ اعْتَزَلُوهُ أَوْ بَعَثُوا إِلَى الْإِمَامِ بِأَنَّا مُقِيمُونَ عَلَى الْعَهْدِ لَمْ يَنْتَقِضْ.
وَإِذَا انْتَقَضَ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ، فَإِنْ تَمَيَّزُوا فَذَاكَ، وَإِلاَّ فَلَا يُبَيِّتُهُمُ الْإِمَامُ وَلَا يُغَارُ عَلَيْهِمْ إِلاَّ بَعْدَ الْإِنْذَارِ، وَيَبْعَثُ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَنْقُضُوا لِيَتَمَيَّزُوا أَوْ يُسَلِّمُوهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا مَعَ الْقُدْرَةِ صَارُوا نَاقِضِينَ أَيْضًا.
وَمَنْ أُخِذَ مِنْهُمْ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ مِنَ النَّاقِضِينَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ، وَإِلاَّ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ.
هُدْهُدٌ
انْظُرْ: أَطْعِمَة.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
21-الغريبين في القرآن والحديث (نعى)
(نعى)في حديث شداد بن أوس: (يا نعايا العرب) قال الأصمعي: إنما هو يا نعاء العرب وتأويلها أنع العرب وكانت العرب إذا قتل منهم شريف أو مات بعثوا راكب إلى القبائل ينعاه إليهم ويقول: نعا فلانا أويقول يا نعا العرب فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك كأنه يقول: هلكت العرب بموت فلان والنعي الرجل الميت.
والنعي: الفعل ويجوز أن يجمع النعي نعايا مثل صفى وصفايا وبرى وبرايا ويقولون يا نعيان العرب وهو جمع ناع كما يقول راع وراعيان قال أبو بكر: هذا الحرف نعيت بمنزلة قولهم في الإغراء نطا دون ذلك وقوله يا نعياء العرب أي هؤلاء نعاء فحذف يا هولاء إذ كانت العرب تنادي بيا بها الأسماء ولا تنادي بها الأفعال فمن كلام العرب يا قم بمعنى يا هذا قم ويا ضربا أي يا هؤلاء ضربا، وقال ذو الرمة.
«ألا يا سلمى يا دارمي على البلى *** ولا زال منهلا بجر عائك القطر»
وبعد يا اسم مستأنث، قالوا: يا لعنة الله على الكافرين، ويا رحمة الله على المؤمنين.
قال الشاعر:
«يا لعنة الله الأقوام كلها *** والصالحين على سمعان من جار»
أراد يا هؤلاء لعنة الله وقال الله تعالى: {ألا يسجدوا} أي يا هؤلاء اسجدوا.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
22-معجم الرائد (لواء)
لواء:1- مصدر: لاوى.
2- علم.
3- مقاطعة معينة من البلاد.
4- عدد معلوم من الجند.
5- رتبة عسكرية تعادل رتبة «جنرال».
6- «أمير اللواء»: رتبة عسكرية.
7- «بعثوا بالسواء واللواء»: أي بعثوا يستغيثون.
الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
23-تاج العروس (ضرب)
[ضرب]ضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْبًا، والضَّرْب مَعْرُوفٌ وضَرَّبَه مُشَدَّدًا وهو ضَارِبٌ وضَرِيبٌ كأَميرٍ وضَرُوبٌ كَصَبُور وضَرِبٌ كَكَتِفٍ ومِضْرَبٌ بكسر الميم كَثِيرُه أَي الضَّرْب أَو شَدِيدُه ومَضْرُوبٌ وضَرِيبٌ كِلَاهُمَا بِمَعْنًى. وقَدْ جَمعَ المُؤَلِّفُ بَيْنَ هَذِه الصِّفَاتِ دُونَ تَمْيِيز بَيْنَ فَاعِل أَو مَفْعُولٍ أَو صِفَةٍ مُشَبَّهَة أَوْ أَسمَاءِ مُبَالَغَةٍ، في نَمَطٍ وَاحِدٍ، وهو نَوْعٌ من التَّخْلِيطِ يَنْبَغِي التَّنْبِيهْ لَهُ، كَذَا قَالَه شَيْخُنَا.
والمِضْرَبُ والمِضْرَابُ بكَسْرِهِما جَمِيعًا ما ضُرِبَ بِهِ.
وضَرُبَتْ يَدُه كَكَرُمَ: جَادَ ضَرْبُها.
ومِنَ المَجَازِ: ضَرَبَتِ الطيرُ تَضْرِبُ: ذَهَبَت والطَّيْرُ الضَّوَارِبُ التي تَبْتَغِي أَي تَطْلُب الرِّزْقَ. وفي لسان العرب: هي المُخْتَرِقَاتُ في الأَرْض الطَّالِبَاتُ أَرزَاقَها.
ومن المَجَازِ: ضَرَبَ عَلى يَدَيْه: أَمْسَكَ، وضَرَبَ بِيَدِه إِلَى كَذَا: أَهْوَى. وضَرَبَ عَلَى يَده: كَفَّه عَن الشَّيْء.
وضَرَبَ على يَدِ فُلَانٍ إِذَا حَجَر عَلَيْه. وعن اللَّيْثِ: ضَرَبَ يَدَهُ إِلَى عَمَل كَذَا، وضَرَب على يَدِ فُلَانٍ إِذَا مَنَعَه مِنْ أَمْرٍ أَخَذَ فِيه كقَوْلِك: حَجَر عَلَيْه. وفي حَديث ابْن عُمَر: «وأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِه» أَي أَعْقِدَ مَعه البَيْعَ؛ لأَنَّ مِنْ عَادَةِ المُتَبَايِعَين أَن يَضَع [أَحَدُهما] يَدَه في يَد الآخر عند عَقْدِ التَّبَايُع.
قلت: وفي الأَسَاس في بَابِ المَجَاز: ضَرَبَ عَلَى يَدِه: أَفْسَدَ عَلَيْه مَا هُو فِيهِ. وضَرَبَ القَاضِي على يَدِه: حَجَرَه ومن المَجَازِ: ضَرَبَ في الأَرْضِ وفي سبيلِ اللهِ، كما في الأَسَاسِ، يَضْرِب ضَرْبًا وضَرَبَانًا مُحَرّكَةً ومَضْرَبًا بالفتح: خَرَجَ فِيهَا تَاجِرًا أَو غَازِيا، أَو ضَرَبَ فيها إِذَا نَهَضَ وأَسْرَعَ في السَّيْرِ أَو ضَرَبَ: ذَهَبَ يَضْرِبُ الغَائِطَ والخَلَاءَ والأَرْضَ إِذَا ذَهَب لقضاءِ الحَاجَة. ومِنْهُ الحَدِيثُ: «لا يَذْهَبُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الغَائِطَ يَتَحَدّثَان».
وفي حَدِيثِ المُغِيرَةِ «أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم انْطَلَق حتى تَوَارَى عَنِّي فضَرَبَ الخَلَاءَ ثم جَاءَ».
ويُقَالُ: ضَرَبَ فُلان الغَائِطَ إِذَا مَضَى إِلَى مَوْضع يَقْضِي فِيه حَاجَتَه، وهو مَجَازٌ. وقيل: ضَرَبَ: سَارَ في ابتغاء الرِّزْقِ.
وفي الحَدِيث: «لا تُضْرَبُ أَكْبَادُ الإِبِل إِلّا إِلى ثلاثَةِ مَسَاجِد».
أَي لا تُرْكَبُ فلا يُسَارُ عَلَيْهَا، يقال: ضَرَبْتُ في الأَرْضِ إِذَا سَافَرْتَ تَبْتَغِي الرِّزْقَ. يقال: إِنَّ لي في أَلْفِ دِرْهَم لمَضْرَبًا أَي ضَرْبًا. وضربتُ في الأَرْضِ أَبْتَغِي الخيرَ مِن الرِّزْقِ. قال الله عزّ وجلّ: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} أَي سَافَرْتُم. وقوله: {لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} إِذَا سَارَ فِيهَا مُسَافِرًا، فهو ضَارِبٌ.
والضَّرْب يَقَع على جَمِيعِ الأَعْمَال إِلَّا قَلِيلًا، ضَرَبَ في التِّجَارة وَفِي الأَرْضِ وفي سَبِيلِ اللهِ. وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: «إِذَا كَانَ كَذَا وكَذَا، وذَكَر فِتْنَة، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِه».
قال أَبُو مَنْصُور أَي أَسْرَعَ الذَّهَابَ في الأَرْضِ فِرَارًا من الفِتن، وقِيلَ: أَسْرَع الذَّهَابِ في الأَرْضِ بأَتْبَاعِه.
وفي تَهْذِيب ابْن القَطَّاع: وضَرَبَ في سَبِيلِ اللهِ وفي الأَرْضِ لِلتِّجَارَةِ ضَرْبًا: قَصَدَ.
وضَرَبَ بِنَفْسِه الأَرْضَ ضَرْبًا: أَقَامَ، وفي الحَدِيثِ: «حَتَّى ضَرَبَ النّاسُ بِعَطَن» أَي رَوِيتْ إِبِلُهم حَتَّى بَرَكَت وأَقَامَتْ مَكَانَها كَأَضْرَب يُقَالُ: أَضْرَبَ الرَّجُلُ في البيت: أَقَامَ.
قال ابن السِّكِّيت: سَمِعْتُهَا من جَمَاعَةٍ من الأَعْرَاب. ومَا زَال مُضْرِبًا فِيهِ أَي لَمْ يَبْرَح فهو ضِدٌّ. وضَرَب الفَحْلُ الناقَةَ يَضْرِبُها ضِرَابًا بالكَسْرِ: نَزَا عَلَيْهَا أَي نَكَح. وأَضْرَبَ فُلَانٌ [ناقَتَه] أَي أَنْزَى الفَحْلَ عَلَيْهَا.
ضَرَبَها وأَضْرَبْتُها إِيَّاهُ، الأَخِيرَةُ على السَّعَة. وقد أَضْرَبَ الفحلُ النَّاقَةَ يُضْرِبُهَا إِضْرَابًا فَضَرَبها الفَحْلُ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا وضِرَابًا، وقد أَغفَله المصنف، كما أَغْفَل شيخُنَا أَضْرَبْتُهَا إِيَّاه مع تَبَجُّحَاتِه. قال سِيبَوَيْه: ضَرَبَهَا الفحلُ ضِرَابًا كالنِّكَاح، قال: والقِيَاس ضَرْبًا، وَلَا يَقُولُونَه، كما لَا يَقُولُون: نَكْحًا، وهو القِيَاسُ. قُلْت: ومِثْلُه قولُ الأَخْفَشِ خِلَافًا للفَرَّاءِ فإِنَّه جَوَّزَه قِيَاسًا. وفي الحَدِيثِ «أَنَّه نَهَى عَن ضِرَابِ الجَمَل» هو نَزْوُه عَلَى الأُنْثَى، والمُرَادُ بالنَّهْيِ مَا يُؤْخَذُ عَلَيْه من الأُجْرَةِ لا عَن نَفْسِ الضِّرَابِ، وتَقْديرُه: نَهَى عَنْ ثَمَنِ ضِرَابِ الْجَمَل كنَهْيه عَنْ عَسِيبِ الفَحْل أَي ثمنه. ومنهالحَدِيثُ الآخر: «ضِرَابُ الفَحْلِ من السُّحْتِ» أَي أَنَّه حَرَامٌ، وَهَذَا عَامٌّ في كُلِّ فَحْل. ويقال: أَتَتِ النَّاقَةُ عَلَى مَضْرِبِهَا، بالكَسْر؛ أَي على زَمَنِ ضِرَابِها والوَقْتِ الَّذِي ضَرَبَهَا الفَحْلُ فِيهِ، جَعَلُوا الزَّمَانَ كالمَكَانِ.
ومن المَجَاز: ضَرَبَت النَّاقَةُ وفي غيرِ القَامُوسِ «المَخَاضُ» شَالَتْ بِذَنَبِهَا. قال شيخنا: وفي نُسْخَة صَحِيحَة بأَذْنَابِهَا، بصِيغَة الجَمْعِ فيَكُونُ من إِطْلَاقِ الجَمْعِ عَلَى المُفْرَد أَو تَسْمِيَةِ كُلِّ جُزْءٍ باسْمِ الكُلّ. قلت: ومِثْلُهُ في المُحْكَم ولِسَانِ الْعَرَب. والَّذِي في تَهْذِيبِ ابْنِ القَطَّاع: والنُوق ضَرْبا: شَالَتْ بأَذْنَابِهَا فَضَرَبَتْ بِهِ أَو بِهَا فَرْجَهَا، وفي نُسْخَة فُرُوجَهَا، ومِثْلُه في الأَسَاس وغَيْره فَمَشَتْ، وَهِي ضَوَارِبُ. ونَاقَةٌ ضَارِبٌ على النَّسَب وضَارِبَةٌ على الفِعْلِ، ونَاقَةٌ ضَارِبٌ، كتَضْرَابِ. وقال اللِّحْيَانيّ: هي الَّتِي ضُرِبَت فَلَمْ يُدْرَ أَلَاقِحٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ لَاقِح.
ومِنَ المَجَازِ: ضَرَبَ الشيءَ بالشَّيْءِ: خَلَطَه. ونَقَلَ شَيْخُنَا عَن بَعْضِهِم تَقْيِيدَه باللَّبَنِ، ولَمْ أَجِدْه في دِيوَان.
والذي في لِسَانِ الْعَرَب وغَيْرِه: وضَرَبْتُ بَيْنَهُم في الشَّرِّ: خَلَطْتُ كَضَرَّبَه تَضْريبًا.
والتَّضْرِيبُ بين القَوْمِ: الإِغْرَاءُ. والتَّضْريبُ أَيْضًا: تَحْرِيضُ الشُّجَاعِ في الحَرْبِ. يُقَالُ: ضَرَّبَه وحَرَّضَهُ.
وفي لِسَان العَرَب: ضُرِبَت الشَّاةُ بِلَوْنِ كَذَا أَي خُولِطَت؛ ولِذَلِكَ قَالَ اللُّغَوِيُّونَ: الجَوزَاءُ مِنَ الغَنَم: الَّتِي ضُرِبَ وَسَطُها بِبَيَاضٍ مِنْ أَعْلَاهَا إِلَى أَسْفَلِهَا.
وضَرَبَ في المَاءِ: سَبَحَ. والضَّارِبُ: السَّابِحُ في المَاءِ... قال ذو الرُّمَّةِ:
لَيَالِيَ اللهْو تُطْبِينِي فَأَتبَعُه *** كَأَنَّنِي ضَارِبٌ في غَمْرَةِ لَعِبُ
ومن المجاز: ضَرَبَ العُقْرُبان إِذَا لَدَغَ. يقال: ضَربَت العَقْرَبُ تَضْرِب ضَرْبًا: لَدَغَتْ.
ومن المَجَازِ: ضَرَبَ العِرْقُ ضَرْبًا وضَرَبَانًا: نَبَضَ وخَفَقَ، وضرَبَ العِرْقُ ضَرَبَانا إِذَا آلَمَه تَحرَّك بقُوَّةٍ.
والضَّارِبُ: المُتَحَرِّكُ.
والمَوْجُ يَضْطَربُ أَي يَضْرِبُ بَعْضُه بَعْضًا. والاضْطرَابُ: الحَرَكَة. واضْطَرَبَ البَرْقُ في السحَاب: تَحَرَّكَ.
وضَرَبَ الليلُ عَلَيْهِم: طَالَ. قال:
ضَرَبَ اللَّيْلُ عَلَيْهِم فرَكَدْ
والضَّارِبُ: الطَّوِيلُ من كُلِّ شَيْءٍ، ومِنْه قَوْلُه:
وَرَابَعَتْنِي تَحْتَ لَيْلٍ ضَارِب *** بِسَاعِدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خَاضِبِ
وضَرَبَ عن الشيء: كَفَّ وأَعْرَضَ. وضَرَبَ عَنْه الذِّكْرَ، وأَضْرَبَ عَنْه: صَرَفَه. وأَضْرَب عَنه أَعْرَضَ. قال عَزَّ وجَلَّ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أَي نُهْمِلُكُم فَلَا نُعَرِّفكم ما يَجِبُ عَلَيْكُم لأَنْ {كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ}، [أي لأنْ أسرفتم] والأَصْلُ في قَوْلِه: ضَرَبْتُ عَنه الذِّكْر أَنَّ الرَّاكِبَ إِذَا رَكِبَ دَابَّةً فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَه عَنْ جِهَتِه ضَرَبَه بعَصَاه ليَعْدِلَه عَن الْجِهَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا فوُضِعَ الضَّرْبُ مَوْضِعَ الصَّرْفِ والعَدْلِ. يُقَالُ: ضَرَبْتُ عَنْه وأَضْرَبْتُ، وقِيل [في] قوْله [تعالى]: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أَنَّ مَعْنَاهُ أَفَنَضْرِب القرآن عَنْكُم ولا نَدْعُوكُم بِهِ إِلَ الإِيمان صَفْحًا أَي مُعْرِضِين عَنْكُم. أَقَامَ صَفْحًا وهو مَصْدَرٌ مُقَامَ صَافِحِين، وهذَا تَقْرِيعٌ لَهُم وإِيجَابٌ للحُجَّة عَلَيْهِم وإِنْ كَانَ لَفْظُه لَفْظَ اسْتِفْهَام.
ويقال: ضَرَبتُ فُلَانًا عَنْ فُلَان؛ أَي كَفَفْتُه عَنْهُ فأَضْرَبَ عَنْهُ إِضْرَابًا، إِذَا كَفَّ. وأَضْرَبَ فُلَانٌ عن الأَمْرِ فهُو مُضْربٌ إِذَا كَفَّ. وأَنْشَدَ:
أَصْبَحتُ عَنْ طَلَبِ المَعِيشَة مُضْرِبًا *** لَمَّا وَثِقْتُ بأَنَّ مَالَكَ مَالي
وضَرَبَ بِيَدِه إِلى الشَّيْءِ: أَشَار.
ومِنَ المَجَازِ: ضَرَبَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا إِذَا بَعَّدَ ما بَيْنَنَا وفَرّق، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وأَنْشَد لِذِي الرُّمَّة:
فإِنْ تَضْرِبِ الأَيَّامُ يامَيَّ بَيْنَنَا *** فلا ناشِرٌ سِرًّا ولا مُتَغَيِّرُ
ومن المجاز أَيضًا: ضرَب بذَقَنِهِ الأَرْضَ إِذَا جَبُنَ وخَافَ شَيْئًا فخرِقَ بالأَرض، وزاد في الأَسَاس أَو استحيا. قال الرَّاعِي يَصِفُ غِرْبَانًا خَافَتْ صَقْرًا:
ضَوَارِبُ بالأَذْقَان من ذي شَكِيمَة *** إِذَا ما هَوَى كالنَّيْزَكِ المُتَوَقِّدِ
ومن المجاز في الحَدِيثِ: «فضَرَبَ الدَّهْرُ* من ضَرَبَانِه». ويُرْوَى «مِنْ ضَرْبِه» أَي مَرَّ من مُروره ومضى بعضُه وذهب.
وفي لسان العرب: وقَوْلُهُم: فضَرَبَ الدَّهْرُ ضَرَبَانه كقَوْلِهِم: فقَضَى مِنَ الْقَضَاء، وضَرَبَ الدَهرُ مِن ضَرَبَانِه أَنْ كَانَ كَذَا وكَذَا.
وفي التَّهْذِيب لابْنِ القَطَّاع: وضَرَبَ الدَهْرُ ضَرَبَانه: أَحْدَثَ حَوَادِثَه.
ومن المجاز: الضَّرْبُ بالفَتْح، ورُوِيَ عَنِ الزَّمَخْشَرِيّ بالكَسْرِ أَيضًا كالطَّحنِ هُوَ المِثْلُ والشَّبِيهُ. قاله ابنُ سِيدَه.
وجَمْعُه ضُرُوبٌ. وقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِي: الضَّرْبُ: الشَّكْلُ في القَدِّ والخَلْق. وقوله عَزّ وجلّ: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ} أَي يُمَثِّلُه حَيْثُ ضَرَبَ مَثَلًا للحَقِّ والبَاطِلِ، والكَافِرِ والمُؤْمِنِ في هَذِه الآيَة. ومَعْنَى قَوْله عَزَّ وجَلَّ: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا} أَي اذكُرْ لَهُم ومَثِّل لَهُم.
يُقَالُ: عِنْدِي مِنْ هَذَا الضَّرْبِ شَيءٌ كَثِيرٌ أَي مِنْ هَذَا المِثَالِ. وَهَذِه الأَشْيَاءُ عَلَى ضَرْبٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى مِثَال.
قال ابن عَرَفَة: ضَرْبُ الأَمْثَالِ: اعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِغَيْرِه. قال شَيْخُنَا: وَفِي شَرْح نَظْمِ الفَصِيح: ضَرْبُ المَثَلِ: إِيرادُه ليُتَمَثَّل بِهِ وَيُتَصَوَّر ما أَرَادَ المُتَكَلِّمُ بَيَانَه لِلْمُخَاطَب. يُقَالُ: ضَرَب الشَّيْءَ مَثَلًا، وضَرَبَ بِهِ. وتَمَثَّلَه وتَمَثَّلَ به. ثُمَّ قَالَ: وهذا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِم: ضَرْبُ المَثَلِ: اعْتِبَارُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وتَمْثِيلُه بِهِ. انْتَهَى، وقَوْلُه تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ}. قال أَبْو إِسْحَاق: مَعْنَاه اذكُرْ لَهُم مَثَلًا. وهذِه الأَشْيَاءُ عَلَى هَذَا الضَّرْبِ أَي عَلى هَذَا المِثَال، فمَعْنَى {اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا}: مَثِّل لُهم مَثَلًا. قال: و {مَثَلًا} مَنْصُوبٌ لأَنَّه مَفْعُولٌ بِهِ، ونَصبَ قَوْلَه: {أَصْحابَ الْقَرْيَةِ} لأَنَّهُ بَدلٌ مِنْ قَوْله (مَثَلًا)، كأَنَّه قال: اذكُر لَهُم أَصْحَابَ القَرْيَة أَي خَبَرَ أَصْحَابِ القَرْيَةِ. قُلْت: ويَجُوزُ أَنْ يَكُون مَنْصُوبًا على أَنه مَفْعُولٌ ثَانٍ كما هو رأْيُ ابْنِ مَالِك.
وفي الكَشَّافِ: ضَرْبُ المَثَلِ: اعْتِبَارُه وصُنْعُه.
وقَال الرَّاغِبُ: الضَّرْبُ: إِيقَاعُ شَيْءٍ على شيْءٍ. قُلْت: وقَيَّدَه بَعْضُهُم بأَنَّه إِيقَاعٌ بِشِدَّة، وبِتَصَوُّرِ اخْتِلَاف الضَّرْبِ خُولِفَ بَيْن تَفَاسِيرِه.
وقال شَيْخُنَا: قَالُوا: ويَرِد ضَرَب بمَعْنَى وَصَفَ، وبَيَّنَ، وجَعَل، وضَرَبَ له وَقْتًا: عَيَّنَه، وإِلَيْه: مَالَ. وضَرب مَثَلًا: ذكره، فيَتَعَدَّى لمَفْعُولٍ وَاحِدٍ، أَو صَيَّر، فلمَفْعُولَيْنِ، وإِلَيْه مالَ ابْنُ مَالِكٍ. وعِبَارَةُ الجَوْهَرِيّ: ضَرَبَ الله مَثَلًا أَي وَصَفَ وبَيَّنَ، ثم إِنه اخْتُلِفَ في أَنَّ ضَرْبَ المَثَل مَأْخُوذٌ مِمَّاذَا؟
فقِيل: من ضَرْبِ الدِّرْهَم صَوْغُه لإِيقَاعِ المَطَارِق، سُمِّيَ به لتَأْثِيرِه في النُّفُوسِ. وقِيلَ: إِنَّه مأْخُوذٌ من الضَّرِيبِ أَي المَثِيلِ. تَقُولُ: هو ضَرِيبُه، وهُمَا مِنْ ضَرِيبٍ وَاحِد؛ لأَنَّه يَجْعَلُ الأَوَّلَ مِثْلَ الثَّاني. وقيل: مِنْ ضَرْبِ الطِّينِ عَلَى الجِدَارِ. وقِيلَ: مِنْ ضَرْبِ الخَاتَم ونَحْوِه؛ لأَن التَّطْبِيقَ وَاقعٌ بَيْن المَثَلِ وبَيْنَ مَضْرِبه كما في الخَاتَم على الطَّابِع كما حَقَّقَه شَيْخُنَا ومثْلُه مُفَرَّقًا في لسَان الْعَرَب والمُحْكَمِ وغَيْرِهِمَا مِنْ دَوَاوِين اللُّغَةِ.
والضَّرْبُ: الرَّجُلُ المَاضِي النَّدْبُ الذي لَيْسَ بِرَهْل.
قال طَرَفَةُ:
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَه *** خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وفي صفة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام «أَنَّه ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ».
وهو الخَفِيفُ اللَّحْمِ الممشوقُه المُسْتَدِقّ. وفي رواية: «فإِذا رَجُلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرَّأْسِ» وهو مُفْتَعِلٌ من الضَّرْبِ، والطَّاءُ بَدَلٌ من تَاءِ الافْتِعَالِ. وفي صفَةِ الدجّال: «طُوَالٌ ضَرْبُ من الرِّجَالِ» وجَمْعُه ضُرُب، بِضَمَّتَيْن. قال أَبُو العِيَالِ:
صُلَاةُ الحرب لم تُخْشِعْ *** هُمُ ومَصَالِتٌ ضُرُب
قاله ابْنُ جِنِّي. وقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُون جمع ضَرُوب، كَذَا في لِسَانِ الْعَرَب.
والضَّرْبُ: الصِّفَةُ. والضَّرْبُ: الصِّنْفُ بالكَسْرِ من الشَّيْءِ وفي نُسْخَةٍ: مِنَ الأَشْيَاءِ.
يقَال: هَذَا مِنْ ضَرْب ذَلِكَ أَيْ مِنْ نَحْوِه وصِنْفِه، والجَمْعُ ضُرُوبٌ. أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
أَرَاكَ مِنَ الضَّرْب الّذِي يَجْمَعُ الهَوَى *** وحَوْلَكَ نِسْوَانٌ لهُنُّ ضُرُوبُ
كالضَّرِيب. والضَّرْبُ أَيضًا: مصدر بمعنى المَضْرُوب وهو مَعْطُوفٌ على قوله: والصِّنْف، وضُبِطَ في بَعْضِ النُّسَخ مَخْفُوضًا على أَنَّه مَعْطُوفٌ على قَوْله كالضَّرْب، وهو خطأٌ.
والَّذِي في لِسَانِ الْعَرَب ما نَصُّه والضَّرِيبُ: المَضْرُوبُ.
ومن المجاز: الضَّرْبُ: المَطَرُ الخَفِيفُ. قال الأَصْمَعِيُّ: الدِّيمَةُ: مَطَرٌ يَدُومُ مَعَ سُكُون. والضَّرْبُ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا. والضَّرْبَةُ: الدّفْعة من المطر الخفيف. وقد ضَربتْهم السماء.
والضَّرَبُ: العَسَلُ الأَبْيَضُ الغَليظُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ. قال أَبُو ذُؤَيْب الهُذَلِيّ في تأْنِيثه:
وما ضَرَبٌ بَيْضَاءُ يَأْوِي مَلِيكُها *** إِلى طُنُفٍ أَعْيَا بِرَاقٍ ونَازِلِ
بأَطْيَبَ مِنْ فِيهَا إِذا جِئْتَ طَارِقًا *** وأَشْهَى إِذَا نَامَت كِلَابُ الأَسَافِل
مليكها: يَعْسُوبُها. والطُّنُفُ: حَيَدٌ يَنْدُرُ من الجَبَل قد أَعْيَا بمَنُ يَرْقَى ومن يَنْزِل.
وقيل: الضَّرْبُ: عَسَلُ البَرِّ. قال الشَّمَّاخُ:
كَأَنَّ عُيُونَ النَّاظِرِينَ يَشُوقُها *** بهَا ضَرَبٌ طابَتْ يَدَا مَنْ يَشُورُهَا
وهو بالتَّسْكِين لُغَةٌ فِيهِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَة، قَالَ: وَذَلِكَ قَلِيلٌ وبالتَّحْرِيكِ أَشْهَرٌ. والضَّرَبَة: الضَّرَبُ، وقِيلَ: هِيَ الطَّائِفَة مِنْه. وقَالَ الشَّاعرُ:
... كأَنَّما *** رِيقَتُه مسْكٌ عَلَيْه ضَرَبْ
وفي حَدِيثِ الحَجَّاجِ: «لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَبِ» هو، بفَتْح الرَّاءِ، العَسَلُ الأَبْيَضُ الغَلِيظُ، ويروى بالصَّادِ، وهو العَسَلُ الأَحْمَر، وقد أَغْفَلَه المُؤَلِّف في مَحَلِّه كما أَغْفَلَ الضَّرِيبَ هُنَا، وهو الشَّهْدُ، وقد ذَكَره بِنَفْسِه في «تَرْقِيقِ الأَسَل»، وهو في نُسْخَة مُصَحَّحة من كِفَايَة المُتَحَفِّظ أَيْضًا، أَشَار لِذَلِكَ شَيْخُنَا، وأَنْشَدَ في لِسَان الْعَرَب قَوْلَ الجُمَيْح:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكَأْس فِيهم إِذَا انْتَشَوْا *** دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّرِيبِ المُعَسَّلِ
ومثلُه في التَّكْمِلَةِ.
والضَّرْبُ مِنْ بَيْتِ الشِّعْرِ: آخِرُه كقَوْلِه: فَحَوْمل، مِنْ قَوْله:
بِسِقْط اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
والجَمْعُ أَضْرُبٌ وضُرُوبٌ.
والضَّرِيبُ: الرَّأْسُ سُمِّي بِذَلِكَ لكَثْرَة اضْطِرَابِهِ.
والضَّرِيبُ: المُوَكَّلُ بالقِدَاحِ وأَنْشَدَ لِلْكُمَيْتِ:
وعَدَّ الرَّقِيبُ خِصَالَ الضَّرِي *** ب لا عَنْ أَفَانِينَ وَكْسًا قِمَارَا
أَو الَّذِي يَضْرِب بِهَا أَي القِدَاح. قال سِيبَوَيْهِ: هو فَعِيل بمَعْنى فَاعِل، وهو ضَرِيبُ قِدَاح، قال: ومِثْلُه قَوْلُ طَرِيفِ ابْنِ مَالِك العَنْبَرِيّ:
أَوَكُلَّمَا وَرَدَتْ عُكَاظَ قَبِيلَةٌ *** بَعَثُوا إِليَّ عَرِيفَهُم يَتوسَّمُّ
إِنَّمَا يُرِيدُ عَارِفَهم.
وجَمْعُ الضَّرِيب ضُرَبَاء. قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدُ رَابِئ ال *** ضُّرَبَاءِ خَلْفَ النَّجْم لا يَتَتَلَّعُ
كالضَّارِب.
وفي الأَسَاسِ، ومِنَ المَجَازِ: وضَرَب القِدَاحَ، وهو ضَرِيبِي: لِمَنْ يَضْرِبُهَا مَعَكَ [وهم ضُرَبائي].
والضَّرِيبُ: القِدْحُ الثَّالِثُ من قِدَاح المَيْسِرِ. وذَكر اللِّحْيَانِيُّ أَسْمَاءَ قِدَاحِ المَيْسِر الأَوَّل والثَّاني ثم قَالَ: والثَّالِثُ: الرَّقِيبُ، وبعضُهم يُسَمِّيه الضَّرِيبَ، وفِيه ثَلَاثَةُ فُرُوض، وله غُنْمُ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا إِنْ فَازَ، وعَلَيْه غُرْم ثَلَاثَةٍ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَفُز، كَذَا فِي لِسَان العَرَبِ.
وضَرِيبُ الشَّوْلِ: اللَّبَنُ يُحْلَبُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، عَنْ أَبِي نَصْر، ومِثْلُه في الصَّحَاحِ. وقَالَ الأَصْمَعِيُّ: إِذَا صُبَّ بَعْضُ اللَّبَنِ على بَعْضٍ فهو الضَّرِيبُ. وعَنِ ابْنِ سِيدَه: الضَّرِيبُ من اللبن: الذي يُحْلَبُ منْ عدَّة لِقَاحٍ في إِنَاءٍ وَاحِدٍ فيُضْرَبُ بَعْضُه بِبَعْضٍ، ولا يُقَالُ ضَرِيبٌ لأَقَلٌّ مِنْ لَبَن.
ثَلَاثِ أَيْنُق. قال بَعْضُ أَهْلِ البَادِيَة: لَا يَكُونُ ضَرِيبًا إِلَّا مِنْ عدَّة مِنَ الإِبِل، فمِنْهُ ما يكون رَقِيقًا، ومِنْه مَا يَكُون خَاثِرًا. قال ابْنُ أَحْمَر:
وما كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي *** ضَرِيبَ جِلَادِ الشَّوْلِ خمْطًا وصَافِيَا
أَي سَبَب مَنِيَّتي، فَحذَفَ.
وقِيلَ: هُوَ ضَرِيب إِذَا حُلِبَ عَلَيْه من اللَّيْل، ثم حُلِبَ عَلَيْه من الغَدِ فضُرِبَ بِهِ.
وعن ابْنِ الأَعْرَابِيّ: ويُقَالُ: فُلَانٌ ضَرِيبُ فُلَانٍ أَي نَظِيرُه. وضَريبُ الشَّيْءِ: مِثْلُه وشَكْلُه، ومثلُه عَنِ ابْنِ سِيدَه في المحكم، وقد تَقَدَّمَ، وجَمْعُه ضُرَبَاء. وفي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِذَا ذَهَبَ هذَا وضُرَبَاؤُه».
هُمُ الأَمْثَالُ والنُّظَرَاءُ.
والضَّرِيبُ: النَّصِيبُ.
والضَّرِيبُ: البَطِينُ من النَّاسِ وغَيْرِهِم.
والضَّرِيبُ: الثَّلْجُ والجَلِيدُ والصَّقِيعُ الَّذِي يَقَع بالأَرْضِ. وَفِي الحَدِيثِ: «ذَاكرُ اللهِ في الغَافِلِين مثلُ الشَّجَرَةِ الخَضْرَاءِ وَسَطَ الشَّجَر الذِي تَحَاتَّ مِنَ الضَّرِيبِ» أَي البَرْد والجَلِيد. والضَّرِيبُ: رَدِيءُ الحَمْضِ. أَو هُوَ مَا تَكَسَّر مِنْه أَي مِنَ الحَمْضِ.
وكَزُبَيْر أَبُو السُّلَيْل ضُرَيْبُ بن نُقَيْر بن شَمِير القَيْسيّ الجَرِيريّ من أَهْل البصرة، سيأْتي ذكره في ن ق ر.
والمِضْرَب أَي كمِنْبَر كما هو مَضْبُوطٌ عِنْدَنَا، وضَبَطَه شيخُنَا كمَجْلِس، والعَامَّةُ يَنْطِقُونه كمَقْعَد، وكل ذلك عَلَى غير صَوَاب، وإِنما لم يُقيِّد مع أَنَّ الإِطلَاقَ يقتضي الفَتْح على مَا هُوَ قَاعِدَته، وبه اشْتَبَه على كَثِيرٍ من الشُّرَّاح لِقَرِينَةِ مَا بَعْده، وهو قوله: «وبفَتْحِ المِيمِ» الفُسْطَاطُ العَظِيمُ وهو فُسْطَاط المَلِك. جَمْعُه مَضَارِبُ.
وبِفَتْح المِيمِ والرَّاءِ أَيْضًا: العَظْمُ الَّذِي فِيهِ المُخُّ. ومِنَ الْمَجَاز: تَقُولُ لِلشَّاةِ إِذَا كَانَت مَهْزُولَةً: مَا يُرِمّ منها مَضْرَب.
أَيْ إِذَا كُسِر عَظْمٌ من عِظَامِها أَو قَصَبها لم يُصَبْ فِيها مُخُّ.
واضْطَرَبَ الشيءُ: تَحَرَّك ومَاجَ كَتَضَرَّبَ. والاضْطِرَابُ: تَضَرُّبُ الوَلَدِ في البطن.
واضْطَرَب البَرْقُ في السَّحَابِ: تَحَرَّك. واضْطَرَب الرَّجُلُ: طَالَ مَعَ رَخَاوَةٍ. ورجُلٌ مُضْطَرِبُ الخَلْقِ: طَوِيلٌ غَيْرُ شَدِيد الأَسْرِ. واضْطَرَب أَمْرُهُ: اخْتَلَّ. يُقَالُ: حَدِيثٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ، وأَمْرٌ مُضْطَرِبٌ.
واضْطَرَبَ: اكْتَسَبَ. قال الكُمَيْتُ.
رَحْبُ الفِنَاءِ اضْطِرَابُ المَجْدِ رَغْبَتُه *** والمَجْدُ أَنْفَعُ مَضْروبٍ لمُضْطرِبِ
قال الصَّاغَانيّ: والرِّوَايَة الصَّحيحَةُ مَصْرُوب لمُصْطَرِب، بالصَّادِ المهملة؛ أَي أَنْفَع مَجْمُوع لجَامع.
واضْطَرَبَ: جَاءَ بمَا سَأَلَ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ. «وفي الحَدِيث أَنَّه صلى الله عليه وسلم اضْطَرَبَ خَاتَمًا من حَدِيدٍ» أَي سَأَل أَن يُضْرَبَ لَهُ ويُصَاغَ، وهو افْتَعَل من الضَّرْب بمَعْنَى الصِّيَاغَة، والطَّاءُ بَدَلٌ من التَّاء.
وضَارَبَهُ أَي جَالَدَه، والقَوْمُ ضَارَبُوا كَتَضَارَبُوا واضْطَرَبُوا بِمَعْنى.
ويُقَالُ: اضْطَرَب حَبْلُهُم واضْطَرَبَ الحَبْلُ بَيْنَ القَوْمِ، وفي نُسْخَةِ الكفوي «خَيْلهُم» وهو خَطَأ، إِذَا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهم.
وفي الأَسَاسِ، ومِن المَجَازِ: في رأْيِه اضْطِرَابٌ مِنْه أَي ضَجَر، انتهى.
ومن المجاز: الضَّرِيبَةُ: الطَّبِيعَةُ والسَّجِيَّةُ. يُقَالُ: هَذِه ضَرِيبَتُه الَّتِي ضُرِبَ عَلَيْهَا وضُرِبَها، وضُرِبَ عَنِ اللِّحْيَانِي ولم يَزُدْ عَلَى ذَلِك شَيْئًا؛ أَي طُبِعَ. وفي الحَدِيثِ: «أَنَّ المُسْلِم المُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجَةَ الصُّوَّامِ بحُسْنِ ضَرِيبَتِه» أَي سَجِيَّتِه وطَبِعَتِه. تَقُولُ: فلانٌ كَريمٌ الضَّرِيبَةِ ولَئيم الضَّرِيبَةِ.
وكذلك تقُول في النَّحِيتَة والسَّلِيقَةِ والنَّحِيزَة [والتُّوسِ] والسُّوس والغَرِيزة والنِّحَاس والخيم.
والضَّريبةُ: الخَلِيقَةُ. يُقَالُ: خُلِق النَّاسُ عَلَى ضَرَائِبَ شَتَّى. ويُقَالُ: إِنه لكَرِيمُ الضَّرَائب. وقَالَ ابْنُ سِيدَه: رُبَّمَا سُمِّي السيَّفُ نَفْسُه ضَرِيبَة. قال جَرِيرٌ.
وإِذَا هَزَزْتَ ضَرِيبَةً قَطَّعْتَهَا *** فَمَضَيْتَ لا كَزِمًا ولا مَبْهُورَا
والذي صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ من أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَنَّ ضَرِيبَة السَّيْفِ حَدُّه، وقِيلَ: هو دُونَ الظُّبَة، وقيل: هو نَحْوٌ مِنْ شِبْرٍ في طَرَفِهِ كالمَضْرَبِ والمَضْرَبَةِ بفَتْح المِيمِ وتُكْسَرُ رَاؤُهُمَا وتُضَمُّ أَي الرَّاءُ في الأَخِيرِ، حَكَاهَ سِيبَوَيْه وقَال: جَعَلُوه اسْمًا كالحَدِيدَة يَعْنِي أَنَّهُمَا لَيْسَتَا عَلَى الفِعْل.
والضَّرِيبَةُ: الصُّوفُ أَو الشَّعَر يُنْفَشُ ثم يُدْرَجُ ويُشَدّ بخَيْطٍ ليُغْزَلَ فهي ضَرَائِبُ. والضَّرِيبَةُ: الصوفُ يُضْرَبُ بالمِطْرَقِ، وقِيلَ: الضَّرِيبَةُ: القِطْعَةُ من القُطْنِ وقيل: مِنْهُ ومن الصُّوفِ.
والضَّرِيبَةُ: الرَّجُلُ المَضْرُوبُ بالسَّيْفِ، وإِنَّمَا دَخَلَتْه الهَاءُ وإِنْ كَانَ بمَعْنَى مَفْعُول لأَنَّه صَارَ في عِدَادِ الأَسْمَاءِ كالنَّطِيحَة والأَكِيلَةِ. وفي التَّهْذِيب: الضَّرِيبَةُ: كُلُّ شَيْءٍ ضَرَبْتَهُ بِسَيْفكِ مِنْ حَيٍّ أَو مَيِّت.
والضَّرِيبَةُ: وَادٍ حِجَازِيٌّ يَدْفَعُ سَيْلهُ في ذَاتِ عِرْقٍ.
ومن المجاز: الضَّرِيبَةُ وَاحِدَةُ الضَّرَائِبِ وَهِيَ التي تُؤْخَذُ في الأَرْصَادِ والجزْيةِ ونَحْوِها.
ومِنْه ضَرِيبَةُ العَبْدِ أَي غَلَّةُ العَبْدِ. وفي حَدِيثِ الحَجَّامِ: «كم ضَرِيبَتُكَ»؟
وَهِيَ ما يُؤَدِّي العَبْدُ إِلى سَيِّدِه من الخَرَاجِ المُقَرَّر عَلَيْه [وهي]، فَعيلة بمَعْنَى مَفْعُولَة، وتُجْمَعُ عَلَى ضَرَائِب. ومنه حَدِيثُ الإِمَاءِ الَّلاتِي كانَتْ عَلَيْهِن لَمَوالِيهِن ضَرَائبُ. يُقَالُ: كم ضَرِيبَةُ عَبْدِك في كُلِّ شَهْر.
والضَّرَائِبُ: ضَرَائِبُ الأَرَضِين، وَهيَ وَظَائِفُ الخراج عَلَيْهَا.
وضَرَبَ عَلَى العبد الإِتَاوَةَ ضَرْبًا: أَوْجَبَهَا عَلَيْه بالتّأْجِيلِ.
وقال أَبُو حَنِيفَة: ضَرِبَ النَّبَاتُ كفَرِح ضَرَبًا، فهو ضَرِبٌ ضَرَبَه البَرْدُ زَادَ ابْنُ القَطَّاعِ في التَّهْذِيبِ والرِّيحُ فأَضَرَّ بِه.
وعن أَبِي زَيْد: الأَرْضُ ضَرِبَةً إِذَا أَصَابَهَا الجَلِيدُ واحْتَرَقَ نَبَاتُهَا، وقد ضَرِبَتِ الأَرْضُ ضَرَبًا، وأَضْرَبَهَا الضَّرِيبُ إِضْرَابا. وقال غيرُه: وأَضْرَبَ البَرْدُ والرِّيحُ النَّبَات حتى ضَرِبَ ضَرَبًا فهو ضَرِبٌ إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْه القُرُّ. وضَرَبَهُ البَرْدُ حَنَّى يَبِسَ. وضُرِبَتِ الأَرْضُ، وأَضْرَبْنَا، وضُرِبَ البَقْلُ وجُلِدَ وصُقِعَ. وأَصْبَحَتِ الأَرْضُ ضَرِبَةً وصَقِعَةً، ويُقَالُ للنَّبَاتِ ضَرِبٌ ومَضْرِب.
والضَّارِبُ: المَكَانُ ذُو الشَّجَر، والضَّارِبُ: الوَادِي يَكُونُ فِيهِ شَجَر، يقال: عَلَيْكَ بِذَلِك الضَّارِب فانْزِلْهُ، وأَنْشَد:
لَعَمْركَ إِنَّ البَيْتَ بالضَّارِبِ الَّذِي *** رأَيْتَ وإِنْ لَمْ آتِهِ لِيَ شَائِق
وقيل: الضَّارِبُ: المَكَانُ المُطْمَئنُّ من الأَرْضِ بِه شَجَرٌ. وقيل: الضَّارِبُ: القِطْعَةُ من الأَرْض الغَلِيظَةُ تَسْتَطِيلُ في السَّهْلِ، [و] قِيلَ: هو مُتَّسَعُ الوَادِي، والكُلّ مُتَقَارِب.
والضَّارِبُ: اللَّيْلُ المُظْلِمُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ ظُلْمَتُه يَمِينًا وشِمالًا ومَلأَتِ الدُّنْيَا. وضَرَبَ اللَّيْلُ بأَرْوَاقِه: أَقْبَلَ. قال حُمَيْدٌ:
سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ واللَّيْلُ ضَارِبٌ *** بأَرْوَاقِه والصُّبْحُ قَدْ كَادَ يَسْطَعُ
والضَّارِبُ: النَّاقَةُ تَكُونُ ذَلُولًا فإِذَا لَقِحَت تَضْرِبُ حَالِبَهَا مِنْ قُدَّامِها. وقيل: الضَّوَارِبُ من الإِبِل: الَّتي تَمْتَنِع بَعْدَ اللِّقَاح فتُعِزُّ أَنْفُسَهَا فلا يُقْدَرُ عَلَى حَلْبِهَا، وقد تَقَدَّم.
والضَّارِبُ: شِبْهُ الرَّحَبَة في الوَادِي، الجمع: ضَوَارِبُ. قال ذُو الرُّمَّة:
قد اكْتَفَلَتْ بالحَزْن واعْوَجَّ دُونَها *** ضَوَارِبُ من غَسَّان مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا
ويقال: هو يَضْرِبُ المَجْدَ أَي يَكْتَسِبُه، وقد تَقَدَّم الإِنْشَاد ويَضْرِبُ لَهُ الأَرْضَ كُلَّهَا أَي يَطْلُبُه في كُلِّ الأَرْضِ، عَنْ أَبِي زَيْد.
واسْتَضْرَبَ العَسَلُ: ابْيَضَّ وغَلُظَ وصَار ضَرَبًا، كَقَوْلهِم: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، واستَتْيَسَ العَنْزُ بمَعْنَى التَّحَوُّل مِنْ حَال إِلَى حَال. وعَسَلٌ ضَرِيبٌ: مُسْتَضْرِبٌ.
واسْتَضْرَبَت النَّاقَةُ: اشْتَهَتِ الفَحْلَ لِلضِّرَابِ.
وضَرَابِيَةُ كقُرَاسِيَةٍ، بالضَّمِّ، كُورَةٌ وَاسعَةٌ بمصْر من الحَوْفِ في الشَّرْقِيَّة.
ومن المجَازِ: ضَارَبَه وضَارَبَ له إِذا اتَّجَرَ في مَالِه، وَهِيَ القِرَاضُ.
والمُضَارَبَةُ: أَن تُعْطِيَ إِنْسانًا مِن مَالِكَ مَا يَتَّجِرُ فِيه على أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَكُمَا، أَو يَكُونَ لَهُ سَهْم مَعْلُومٌ من الرِّبْح، وكأَنَّه مأْخُوذٌ من الضَّرْبِ في الأَرْضِ لطَلَب الرِّزْقِ. قال اللهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ}.
قال الأَزهريّ: وعلى قِيَاسِ هَذَا المَعْنَى يُقَالُ للعَامِل: ضَارِبٌ، لأَنَّه هُوَ الَّذِي يَضْرِب في الأَرْض. قَالَ: وَجَائِز أَن يَكُونَ كُلُّ وَاحِد مِن رَبِّ المَالِ ومِنَ الْعَامِل يُسَمَّى مُضَارِبًا؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا يُضَارِبُ صَاحِبَه وكذَلِكَ المُقَارِض.
وقال النَّضْرُ: المُضَارِبُ: صَاحِبُ المَالِ، والَّذِي يَأْخُذُ المَالَ، كِلَاهُمَا مُضَارِب، هَذَا يُضَارِبُه وذَاكَ يُضَارِبُه. وفي حَدِيث الزُّهْرِيّ: «لا تَصْلُح مُضَارَبَةُ مَنْ طُعْمَتُه حَرَامٌ».
ومن المَجَازِ قَوْلُهم: فُلانٌ مَا يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلَةٍ بفَتْح المِيمِ وكَسْرِ الرَّاءِ ولا مَنْبِض عَسَلَة أَي مِنَ النَّسَبِ والمَالِ، يقال ذَلِك إِذَا لَم يَكُن له نَسَبٌ مَعْرُوفٌ ولا يُعْرف إِعْرَاقُه في نَسَبِه.
وفي المحكم: ما يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلَةٍ أَي أَصْلٌ ولا قَوْمٌ ولا أَبٌ ولا شَرَفٌ. كما يُقَالُ: إِنَّه لكَرِيمُ المَضْرِب شَرِيفُ المَنْصِبَ. وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ {فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا}. قال الزَّجَّاج: مَنَعْنَاهم السَّمْعَ أَنْ يَسْمَعُوا. والمَعْنَى: أَنَمْنَاهم ومَنَعْنَاهم أَن يَسْمَعُوا، لأَن النَّائِمَ إِذَا سَمِعَ انْتَبَه. والأَصْلُ في ذلك: أَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْمَعُ إِذَا نَامَ. وفي الحديث: «فَضَرَبَ اللهُ على أَصْمِخَتِهِم» أَي نَامُوا فلم يَنْتَبِهُوا. والصِّمَاخ: ثقْبُ الأُذُن.
وفي الحَدِيثِ: «فَضَرَبَ عَلَى آذَانِهِم» هو كنايَة عن النَّوْمِ.
مَعْنَاهُ حَجَبَ الصَوتَ والحِسَّ أَنْ يَلِجَا آذَانَهم فَيَنْتَبِهُوا، فكَأَنَّهَا قد ضُرِبَ عَلَيْهَا حِجَابٌ. ومنهحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ: «ضُرِبَ عَلَى أَصْمِخَتِهِم فما يَطُوفُ بالبَيْتِ أَحَدٌ» كَذَا في لسان العرب.
ويقال: جَاءَ مُضْطَرِبَ العِنَانِ أَي مُنْهَزِمًا مُنْفَرِدًا.
وضَرَّب الشُّجَاعَ في الحَرْب تَضْرِيبًا: حَرَّضَهُ وأَغْرَاهُ.
وضَرَّب النَّجَّادُ المُضَرَّبَةَ تَضْرِيبًا إِذَا خَاطَهَا. وبِسَاطٌ مُضَرَّبٌ إِذَا كَان مَخِيطًا.
وضَرَّبَ إِذَا تَعَرَّضَ للثَّلْج، وهو الضَّرِيبُ.
وضَرَّب أَيضًا إِذَا شَرِبَ الضَّرِيبَ وهو الشَّهْد، وقد أَغْفله المصنف في محله وأَطلقه هنا، وقد تقَدَّمَت الإِشَارَةُ إِليه.
وضَرَّبَتْ عَيْنهُ إِذَا غَارَت، نقله الصاغانيّ، كحَجَّلَت.
وأَضْرَبَ القومُ إِضْرَابًا كأَجْلَدُوا وأَصْقَعُوا: وَقَعَ عَلَيْهِم الضَّرِيبُ، وهو الصَّقِيعُ والجَلِيدُ الَّذِي يَقَعُ بالأَرْضِ، وقَدْ تَقَدَّم.
وأَضْرَبَتِ السَّمُومُ المَاءَ: أَنْشَفَتْه* حَتَّى تُسْقِيَه الأَرْضَ. قَالَه اللَّيْثُ.
وأَضْرَب الخُبْزُ أَي خُبْزُ المَلَّة، فَهُوَ مُضْرِبٌ إِذَا نَضَجَ وآنَ لَهُ أَنْ يُضْرَبَ بالعَصَا أَو يُنْفَضَ عنه رَمَادُه وتُرَابُه.
وخَبْزٌ مُضْرِبٌ وَمَضْرُوبٌ قال ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ خُبْزَةً:
ومَضْرُوبَةٍ في غَيْر ذَنْبٍ بَرِيئةٍ *** كَسَرْتُ لأَصْحَابي على عَجَلٍ كَسْرَا
وضَاربْت الرجلَ مُضَارَبَةً وضِرَابًا، وتَضارب القَومُ واضْطَرَبُوا: ضَرَبَ بَعْضُهُم بَعْضًا. وضَارَبَه فَضَرَبَهُ يَضْرُبُه كنَصَرَه: غَلَبَهُ في الضَّرْب أَي كَانَ أَشَدَّ ضَرْبًا مِنْه. وفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ما قالوا: إِن أَفْعَالَ المُغَالَبَة كُلَّهَا مِنْ بَابِ نَصَر، ولو كَانَ أَصْلُهَا من غَيْر بَابِه كَهَذَا. وفارَصْتُه فَفَرَصْتُه ونحو ذلك إِلا خَاصَمْتُه فَخَصَمْتُه فأَنا أَخْصِمُه فإِن مُضَارِعَه جَاءَ بالكَسْرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وهو شَاذٌّ، قالَهُ شَيْخُنَا.
* ومما أَغْفَلَه المُصَنِّفُ واسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ قَوْلُهم: ضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبه ضَرْبًا: دَقَّه حَتَّى رَسَبَ في الأَرْضِ. وَتِدٌ ضَرِيبٌ: مَضْرُوبٌ، هذه عن اللِّحْيَاني.
وفي الحَدِيث: «يَضْطَرِبُ بِنَاءً في المَسْجِد» أَي يَنْصِبُه ويُقِيمُه على أَوْتَادٍ مَضْرُوبَةٍ في الأَرْضِ.
ومن المجاز: ضَرَبَ الدِّرْهَمَ يَضْرِبْه ضَرْبًا: طَبَعَه، وهذا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمِير. ودرهمٌ ضَرْبٌ، وَصَفُوه بالمَصْدَرِ وَوَضَعُوه مَوْضِعَ الصِّفَةِ كقَوْلِهِم: ماءٌ سَكْبٌ وغَوْرٌ، وإِنْ شِئْتَ نَصَبْتَ على نِيَّة المَصْدَرِ وهو الأَكْثَر؛ لأَنَّه لَيْسَ مِن اسْمِ ما قَبْله ولا هُوَ هُوَ، كَذَا في لِسَانِ الْعَرَبِ.
ومن الأَسَاس في المجاز: وضَرَبَ عَلَى المَكْتُوب أَي خَتَم. وضَرَب الجُرْحُ والضِّرْسُ: اشْتَدَّ وَجَعُه. وفي لِسَانِ العَرب: ضُرِبَ بِبَلِيَّةِ: رُمِيَ بِهَا لأَنّ ذَلِكَ ضَرْب.
ومن المجاز: ضَرَبَ البَعِيرُ في جَهَازِه أَي نَفَر فلَم يَزَل يَلْتَبِطُ ويَنْزُو حَتَّى طَرَحَ عَنْه كُلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَدَاتِه وحِمْلِه.
ومن المجاز أَيضًا قَوْلُهم: ضَرَبَتْ فِيهِ فُلَانَةُ بعِرْقٍ ذِي أَشَبٍ؛ أَي الْتِبَاسٍ أَي أَفْسَدَت نَسَبَهم بِوِلَادَتِهَا فِيهِم، وقِيل: عَرَّقَتْ فِيهِم عِرْقَ سَوْء.
وَمن المجاز أَيضًا: أَضْرَبَ أَي أَطْرَقَ، تَقُولُ: حَيَّةٌ مُضْرِبَةٌ وَمُضْرِبٌ. ورأَيْت حَيَّةً مُضْرِبًا إِذا كانت ساكِنَة لا تَتَحرَّك.
والمَضْرُوبُ: المُقِيمُ في البَيْت.
ولَقَب نُوحِ بْنِ مَيْمُون بْنِ أَبِي الرِّجَالِ العِجْليّ، تَرْجَمَه البنداريّ في ذَيْله على تَارِيخ بغداد. والمُضَرِّب، كمُحدِّث ومُعَظَّم، لقبُ عُقْبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبي سُلْمَى الشَّاعر. وبِالوَجْهَيْن ضُبِطَ في نُسْخَة الصَّحَاح في بَاب «ل ب ب» فليُرَاجَعْ.
والضَّرَّابُ: لَقَب أَبِي عَليٍّ عَرفة بْن مُحَمّد المِصْرِيّ ثِقَة، تُوُفِّي سنة 340 وأَبُو القَاسِم عَبْدُ العَزِيز بن أَبي محمد الحَسَن بْنِ إِسْمَاعِيل بْنِ مُحَمَّد الغَسَّانِيّ الضَّرَّاب مُحَدِّثٌ، رَوَى عن أَبِيهِ كِتَابَ الْحَمَاسَة.
وفي الحديث: «الصُّدَاع ضَرَبَانٌ في الصُّدْغَيْن» أَي حَرَكَةٌ بقُوَّة. وفي الحَدِيث: «نَهَى عَنْ ضَرْبَة الغَائِصِ» وهو أَن يقول الغَائِصُ في البحْر للتَّاجِر: أَغُوصُ غَوْصَةً فما أَخْرَجْتُ فهو لَكَ بِكَذَا، فيتَّفِقَان عَلَى ذَلِكَ، ونُهِي عنه لأَنه غَرَرٌ.
وعن ابن الأَعْرَابِيّ: المَضَارِبُ: الحِيَلُ في الحُرُوب.
ومن المجاز: ضُرِبَت عَلَيْه الذِّلَّة. وضَرَب خَاتَمًا، وأَضْرَبَه لِنَفْسِه، وأَضْرَبَ عن الأَمْر: عَزَفَ عَنْه. وطَرِيقُ مَكَّةَ ما ضَرَبَهَا العَامَ قَطْرَةٌ. وأَضْرَبَ جَأْشًا لأَمْرِ كذا: وَطَّنَ نَفْسَه عَلَيْه. وضَرَبَ الفَخَّ عَلَى الطَّائِرِ، وهو الضَّارُوبُ، كَمَا فِي الأَسَاسِ.
والضَّرِيبَةُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَب.
وقال أَبو زَيْد: يُقَالُ: ضَرَبْتُ له الأَرْضَ كُلَّهَا أَي طَلَبْتُه في كُلِّ الأَرْض. وقال غيره: يقال: فُلَانٌ أَعْزَبُ عَقْلًا مِنْ ضَارِبٍ، يَعْنُونَ مَاضِيًا إِلى غَائِط.
وضَارِبُ السَّلَم: مَوْضِعٌ باليَمَامَةِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
24-تاج العروس (ثأد)
[ثأد]: الثَّأَد، محرّكَةً: الثَّرَى والنَّدَى نفْسُه. وعن ابن الأَعرابيّ: الثَّأَد: القَذَر. وفي الصّحاح: الثَّأَد: النَّدى، والقُرُّ، قال ذو الرُّمّة:فبَاتَ يُشْئزه ثَأْدٌ ويُسهِره *** تَذَؤُبُ الرِّيحِ والوَسواسُ والهِضَبُ
قال: وقد يُحرَّك.
ومَكَانٌ ثَئِدٌ، ككَتِفٍ: نَدٍ، ولَيلَةٌ ثَئِدَةٌ وذاتُ ثأَد. ورجُلٌ ثَئِدٌ: مَقرُورٌ. ثَئِدَ النَّبْتُ، كفَرِح، ثَأَدًا فهو ثَئِدٌ: نَدِيَ. قال الأَصمعيّ: قيل لبعض العرب: أَصِبْ لنا مَوْضِعًا؛ أَي اطْلُبْ، فقال رائدُهم: وَجَدتُ مكانًا ثَئِدًا مَئِدًا. وقال زيدُ بن كُثْوَةَ: بَعَثُوا رائدًا فَجاءَ وقال: عُشْبٌ ثَأْدٌ مَأْدٌ، كأَنّه أَسْوُقُ نساءِ بني سَعْد.
ومن المَجاز: فخِذٌ ثَئِدَةٌ: رَيَّا مُمتَلِئةٌ. عَبَّر عَن النَّعمة بالرُّطُوبة، كما في الأَساس.
وعن الفرّاءِ: الثَّأَدَاءُ والدَّأَثَاءُ: الأَمَةُ. والحَمقاءُ، كلاهما بالتحريك لمكان حرْف الحَلْق. ومالَهُ ثَئِدَتْ أُمُّه، كما يقال حَمُقَتْ. قال أَبو عُبَيْد: ولم أَسمَع أَحدًا يقول هذا بالفتح غير الفرّاءِ، والمعروف ثأْدَاءُ ودَأْثاءُ. قال الكُميت:
ومَا كنّا بنِي ثأْدَاءَ لمَّا *** شَفَيْنَا بالأَسِنّة كلَّ وِتْرِ
وقال ابن السِّكّيت: وليس في الكلام فَعَلَاءُ بالتحريك إِلّا حرفٌ واحدٌ، وهو الثَّأَدَاءُ، وقد يُسكّن، يعني في الصِّفات. وأَمّا الأَسماءُ فقد جاءَ فيها حرفان: قَرَمَاءُ وَجَنَفَاءُ، وهما موضعان. وقال ابنُ بَرِّيّ: قد جاءَ على فَعَلَاءَ سِتَّة أَمْثلة، وهي ثَأَدَاءُ، وسَحَنَاءُ، ونَفَسَاءُ لُغة في نُفَساءَ، وجَنَفَاءُ، وقَرَماءُ، وحَسَداءُ، هذه الثلاثة أَسمَاءُ مَواضِعَ.
قال الشاعر في جَنَفاءَ.
رَحَلْتُ إِليك مِن جَنَفَاءَ حتّى *** أَنَخْتُ فِنَاءَ بَيتكَ بالمَطَالي
وقال السُّلَيْك بن السُّلَكَة في قَرَماءَ:
عَلى قَرَمَاءَ عالِيةٍ شَواهُ *** كأَنَّ بَياضَ غُرتِهِ خِمَارُ
وقالَ لَبِيد في جَسَدَاءَ.
فبِتْنَا حَيثُ أَمْسَيْنَا ثَلاثًا *** على جَسَداءَ تَنبحُنَا الكِلابُ
وما أَنا ابنُ تَأَدَاءَ؛ أَي لستُ بِعَاجِزٍ، وقيل: أَي لم أَكن بَخيلًا لئيمًا. وهذا المعَنى أَراد الّذي قال لعُمَر بن الخطّاب رضي الله عنه عامَ الرَّمَادة «لقد انكَشفْتَ وما كنْتَ فيها ابن ثَأْدَاء» أَي لم تكنْ فيها كابْنِ الأَمَةِ لئيمًا.
وفي الأَساس: قولهم يا ابن الثَّأْداءِ؛ أَي الأَمَة، كيا ابنَ الرَّطْبَة. وإِذا استُضعِفَ رَأْيُ الرَّجُلِ قيل: إِنّه لابنُ ثأْدَاء.
والثَّأَدَ، محرّكَةً وتُسكّن: الأَمْرُ القَبِيحُ، كذا عن ابن الأَعرابيّ. والثّأْد: البُسْر الَّليِّن، عن أَبي حنيفةَ. والنَّباتُ الناعِمُ الغَضُّ. ثَأْدٌ وثَعْدٌ ومَعْدٌ. وقد ثَئِدَ إِذا نَدِيَ. وقد مرَّ ذلك عن زَيد بن كُثْوةَ.
ومن المَجاز: الثَّأَد: المكانُ غَيرُ المُوَافِقِ. تقول ـ أَقمت فُلانًا على ثأَدٍ؛ لأَنَّ المكان النَّدِيَّ لا يَقرُّ عليه. ومنه قول الشاعر:
زَجورٌ لنفْسي أَن تُقِيمَ على الهَوَى *** على ثَأدٍ أَو أَن نقول لها حِنّي
ومنه أَيضًا: قولهم: لأُثْئدَنَّ مَبْرَكَكَ، كما في الأَساس.
ويقال للمرأَة إِنَّهَا لَثَأْدةُ الخَلْق، بهاءِ؛ أَي الكثيرةُ اللَّحْمِ، كذا عن ابن شُمَيل. وفي بعض النُّسخ. المُكتنِزة الَّلحْم. وفيها ثَآدةٌ كجَهالَةٍ؛ أَي سِمَنٌ.
* ومما يُستدرك عليه:
الأَثْآدُ: العُيوب، عن ابن الأَعرابيّ. وقال أَبو حنيفةَ: إِذا نَعَتَّ غُضُوضَةَ النَّباتِ قلْتَ: مَعَدَ وثَأَدَ وَنَاعَمَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
25-تاج العروس (فرد)
[فرد]: الفَرْدُ: نِصْفُ؟؟ والفَرْد: المُتَّحِدُ، ج: فِرَادٌ، بالكسرِ، على القِيَاسِ في جَمْع فَعْل بالفتح.وعن اللّيثِ: الفَرْدُ في صِفاتِ الله تعالى: مَن لا نظِيرَ لَهُ ولا مِثْلَ ولا ثانِيَ.
قال الأَزهريُّ: ولم أَجِدْه في صفاتِ الله تعالى التي وَرَدَت في السُّنَّةِ، قال: ولا يُوصَف اللهُ تعالى إِلا بما وَصَفَ به نفْسَه، أَو وصَفَه به النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، قال: ولا أَدري من أَين جاءَ به الليثُ. والفَرْدُ: الوِتْر، والجمع: أَفرادٌ وفُرَادَى، على غيرِ قياسٍ، كأَنَّه جمع فَرْدَانَ كسَكْرَى وسَكْرَان، وسُكَارَى. وبعضُهم أَلحقَه بالأَلفاظ الثّلاثةِ الّتي ذكرت في: فرخ.
والفَرْد: الجانِبُ الوَاحِدُ من اللَّحْيِ، كأَنَّهُ يُتَوَهَّم مُفْرَدًا، والجَمْع أَفرادٌ، قال ابن سيده: وهو الّذي عَنَاه سيبويِه بقوله: نحو فَرْدٍ وأَفرادٍ، ولم يَعْنِ الفَرْدَ الّذِي هو ضِدّ الزَّوجِ، لأَن ذلك لا يكاد يُجْمَع.
والفَرْد من النِّعَالِ: السِّمْطُ التي لم تُخْصَفْ طاقًا على طاقٍ ولم تُطارَقْ، وفي الحديث: «جاءَ رَجُلٌ يشكو رَجُلًا من الأَنصارِ شَجَّه، فقال:
يا خَيْرَ مَن يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدِ *** أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
أَراد النَّعْلَ الّتي هي طاقٌ واحدٌ، وهم يُمدَحُون بِرِقَّةِ النِّعَال، وإِنما يَلْبَسُهَا مُلوكُهم وسادتُهم. أَراد: يا خَيْرَ الأَكابِرِ من العَرَب، لأَنَّ لُبْس النِّعَال لهم دون العَجَم. كذا في اللِّسَان.
ويقال: شْيءٌ فارِدٌ وفَرْدٌ، بفتْح فسكون وفردٌ، كجَبَلٍ، وكَتِفٍ، ونَدُسٍ وعُنُقٍ وسَحْبَانَ وحَلِيمٍ وقَبُولٍ: مُتَفَرِّدٌ، ويُنْشَد بيتُ النابغة:
مِنْ وَحْشِ وجْرَةَ مَوْشِيٍّ أَكارِعُهُ *** طاوِى المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ
بفتح الرّاءِ، وضمّها، وكسرها مع فتح الفاءِ، وبضمتين، وكذلك: ثَوْر فارِدٌ وفَرَدٌ وفَرُدٌ وفَرِدٌ وفَرِيد بمعنَى مُنفردٍ.
وشَجَرةٌ فارِدٌ وفارِدَةٌ: مُتَنَحِّيَةٌ انفردَت عن سائرِ الأَشجارِ، قال المسيَّب بن عَلَسٍ:
في ظِلِّ فارِدَةٍ مِنَ السِّدْرِ
وسِدْرَةٌ فارِدَةٌ: انفردَت عن سائر السِّدْرِ. وظَبْيَةٌ فارِدٌ: مُنْفَرِدةٌ، انْقَطَعَتْ عن القطِيعِ، وناقَةُ فارِدةٌ، ومِفْرَادٌ، وفَرُودٌ كصَبُورٍ، إِذا كانت تَنْفَرِدُ وتَتَنَحَّى في المَرْعَى والمَشْرُوب.
والذَّكَر فارِدٌ لا غَيْرُ.
وأَفرادُ النُّجومِ وفُرُودُها: الّتي تَطْلُع في آفاقِ السَّماءِ، وهي الدَّرَارِيُّ، سُمَّيَت بذلك لتَنَحِّيها وانفرادِهَا من سائِر النُّجومِ.
وعن ابن الأَعرابيِّ: فَرَّدَ الرَّجلُ تَفْرِيدًا، إِذا تَفَقَّهَ، واعتزَلَ النَّاسَ، وخَلَا لِمُرَاعَاة الأَمْرِ والنَّهْيِ، ومنه الحديثُ: «طُوبَى للمُفَرِّدِينَ» وهي روايةٌ من الحديث المرويِّ عن أَبي هُريرة، رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ الله، صلى الله عليه وسلم، كان في طَرِيقِ مكَّةَ على جَبَلٍ، يقال له: بُجْدَانُ فقال: سِيرُوا، هذا بُجْدَانُ، سَبَقَ المُفَرِّدُون، قالوا: يا رسولَ الله، ومن المُفَرِّدُون؟ قال: الذَّاكِرُون الله كثيرًا والذاكرات». هكذا رواه مُسْلِمٌ في صَحِيحِه.
ويقال أَيضًا: هُم المُهْتَرُون بِذِكْرِ الله تعالى كما جاءَ ذلك في روايةٍ أُخْرَى، ونصُّها: «قال: الذين أُهْتِرُوا في ذِكر الله. يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثقالَهُمْ، فيأْتُون يَومَ القِيَامَةِ خِفَافًا» وهم أَي المُفَرِّدون أَيضًا على قول القُتَيْبِيِّ في تفسير الحديث: الهَرْمَى الذين قد هَلَكَتْ، كذا في النسخ، وفي بعضها: هَلَكَ لِداتُهُمْ، بالكسرِ؛ أَي من الناسِ، وذَهَب القَرْنُ الّذي كانوا فيه، وَبقواهم يَذْكُرون الله عَزَّ وجَلَّ. وفي بعض النسخ: هَلَكت لَذّاتُهم. قال أَبو منصور: وقولُ ابنِ الأَعرَابِيِّ في التَّفْرِيد عندي أَصْوَبُ من قول القُتَيْبِيّ.
وراكِبٌ مُفَرِّدٌ: ما مَعَهُ غَيْرُ بَعِيرِهِ. وفي الأَساس: بَعَثُوا في حاجَتِهِم راكِبًا مُفَرِّدًا: لا ثانِيَ مَعَه.
وفَرِدَ بالأَمرِ، مثلّثَةَ الرّاءِ، الفتحُ هو المشهور، قال ابنُ سِيدَه: وأُرى اللِّحْيَانيَّ حكَى الكَسْرَ والضّمَّ. وَأَفْرَدَ، وانفَرَدَ، واستَفْرَدَ، إِذا تَفَرَّدَ بِهِ، وقال أَبو زَيْدٍ: فَرَدْتُ بهذا الأَمْرِ أَفرُدُ به فُرُودًا، إِذا انفرَدْت به.
وقولُهم جاءُوا فُرَادًا وفِرَادًا بالضّمّ والكسر مع التنوين، وفُرادَى كسُكَارَى، وفُرَادَ، كثُلاثَ ورُبَاعَ، وفَرَادَ، بالفتح، غَيْرَ منصرفَيْنِ، وفَرْدَى كسَكْرَى؛ أَي واحِدًا بَعْدَ واحِدٍ، قال أَبو زَيْدٍ عن الكِلابِيِّين: جِئْتُمونا فُرَادى، وهم فُرَادٌ وأَزواجٌ، نَوَّنوا قال: وأَما قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى} فإِنَّ الفَرَّاءَ قال: فُرَادَى جمْعٌ، قال: والعرب تقول: قَوْمٌ فُرَادَى، وفُرَادَ، فلا يُجْرُونها، شُبِّهَتْ بثُلَاثَ ورُبَاعَ، قال: والوَاحِدُ: فَرَدٌ، بالتحريك، وفَرِدٌ ككَتِفٍ، وفَرِيد، كأَمِير، وفَرْدَانُ كسَكْرَانَ، ولا يَجُوزُ فَرْدٌ في هذا المعنى؛ أَي بفتْح فسكون، قال الفرَّاءُ: وأَنشدني بعضُهم:
تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِ *** فُرَادَى وَمثنَى أَضْعَفَتْهَا صَوَاهِلُهْ
وفي «بصائر ذوي التمييز» للمصنِّف: هو قَولُ تَمِيمِ بنِ أُبيِّ بن مُقْبل، يصف فرسًا. ويروى أَيضًا: «أُحَادَ ومَثْنَى» ثم قال: وجاءَ فَرْدَى، مثال سَكْرَى، ومنه قِراءَة الأَعرجِ ونافِعٍ، وأَبي عَمْرٍو ولقد جِئْتُمُونا فَرْدَى.
واستَفْرَد فُلانًا: انفَرَدَ بِهِ واستَفْرَد الشْيءَ: أَخرَجَهُ من بين أَصحابِهِ وأَفْرَدَه: جَعَلَهُ فَرْدًا.
وفي الأَساس: واستَفْردْته فحدَّثْته [بشُقورى] أَي وَجدتُه فردًا لا ثانِيَ مَعَه. ويقال: استَطْرَدَ للقَوْمِ فلمَّا استَفْرَدَ منهم رَجُلًا كَرَّ عليه فجَدَّلَهُ.
وفَرْدٌ بفتح فسكون، وفِرْدٌ، بالكسر، وفُرْدٌ، بالضّمّ، وفَرْدَةُ، كتَمْرَة، وَفَرَدَى، كَجَمَزَى، وفارِدٌ، والفُرُداتُ، الأخِير بِضَمَّتَيْنِ، كُلّ ذلكَ أَسماءُ مواضع جاءَ ذِكْرُ آخرِهَا في قول عَمْرِو بنِ قَميئةَ. وأَمَّا بِفَتْحٍ فسُكونٍ، فجَبَلٌ بَيْنَ جَبَلَيْن، يقال لهما: الفَرْدَانِ، وأَمَّا بكسر فسكون فمَوْضعٌ عِنْدَ بَطْنِ الإِيادِ، من بلاد يَرْبُوع بن حَنْظَلَة، ثَمَّ وَقْعَةٌ. كذا في المعجم.
وفَارِدٌ: جَبَل بَنَجْدٍ، وفَرْدَةُ: جَبَلٌ بالبادِيَةِ ورَمْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، قال الراعي:
إِلَى ضَوْءِ نارٍ بين فَرْدَةَ والرَّحَى
وقيل: موضعٌ بينَ المدينةِ والشامِ انتهى إِليه زَيْدُ بنُ حارِثةَ لَمَّا بَعَثَه النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، لاعتراض عِيرِ قُرَيْش، ورُوِيَ قولُ عَبِيدٍ:
فَفَرْدَةٌ فَقَفَا عِبِرٍّ *** ليس بها مِنْهُمُ عَرِيبُ
وقد تقدم في: موضع ر د.
وقال لبيد:
بِمَشارِقِ الجَبَلَيْنِ أَو بِمُحَجَّرٍ *** فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ فرُخَامُها
وفَرْدَةُ: جَبَلٌ آخَرُ لِطَيِّئٍ يقال له: فَرْدَةُ الشّموس.
وفَرْدَة ماءٌ لِجَرْمٍ، وهُنَاكَ قبْرُ زيدِ الخَيْلِ، أَو هو بالقاف، وسيأَتي.
وفي قول الشاعر:
لَعَمْرِي لأَعْرَابِيَّةٌ في عَبَاءَةٍ *** تَحُلَّ الكَثِيبَ من سُوَيْقَةَ أَو فَرْدَا
فقيل: إِنَّه مُرَخَّم من فَرْدَة، رخَّمه في غيرِ النداءِ اضطرارًا.
وقولُهم: فُلانٌ يُفَصِّل كلامَه تَفْصِيلَ الفَرِيدِ، الفَريدُ: الشَّذْرُ الذي يَفْصِلُ بين اللُّؤْلُؤِ والذَّهَبِ، ويقال له: الجَاوَرْسَقُ، بلسان العَجَم، ج: فَرَائِدُ، وقيل: الفَرِيد، بغير هاءٍ الجَوْهَرَةُ النَّفِيسَةُ، كأَنَّهَا مُفْرَدَةٌ في نَوْعِها، كالفَرِيدَةِ، بالهَاءِ. والفَرِيدُ أَيضًا الدُّرُّ، إِذا نُظِمَ وفُصِّلَ بِغيرِه، وفَسَّر العِصَامُ الفَرِدَةَ بالدُّرَّةِ الثَّمِينَةِ التي تُحْفَظُ في ظَرْفٍ على حِدَةٍ، ولا تُخْلَطُ باللآلئِ، لِشَرَفِها.
قال شيخُنَا: وهذه القُيُودُ تَفَقُّهاتٌ منه، على عَادَتِه.
وبائِعُهَا، وصانِعُها: فَرَّادٌ.
وقلا إِبراهِيمُ الحَرْبيّ: الفَرِيدُ جمْع لفَرِيدةٍ، وهي الشَّذْرُ من فِضَّةٍ كاللُّؤْلُؤ، وفَرائدُ الدُّرِّ: كبَارُها.
والفَرِيد، أَيضًا المَحَالُ الّتي انفردَتْ فوَقَعَتْ بين آخِرِ المَحَالاتِ السِّتِّ الّتي تَلِي دَأْيَ العُنُقِ، وبينَ السِّتِّ الّتي بينَ العَجْبِ وبَيْن هذه، كالفَرَائِدِ، سُمِّيَتْ بِه لانفِرَادِهَا، وقيل: الفَرِيدَةُ: المَحَالَةُ الّتي تَخْرُج من الصَّهْوَةِ الّتي تَلِي المَعَاقِمَ، وإِنَّمَا دُعِيَتْ فَرِيدَةً لإِنَّهَا وَقَعَتْ بينَ فَقَارِ الظَّهْرِ ومَعَاقِمِ العَجُزِ، والمَعَاقِمُ: مُلْتَقَى أَطْرَافِ العِظَامِ.
والفُرْدُودُ، كسُرْسُورٍ، كما هو نصُّ التكملة، وفي بعض النُّسخ: الفُرُودُ: كَوَاكِبُ زاهِرةٌ، مُصْطَفَّةٌ خَلْفَ، وفي بعض النُّسخ: حَوْلَ الثُّرَيَّا، وهي النَّسَقُ أَيضًا، قاله ابنُ الأَعرابيِّ. ويقال: الفُرُودُ هذه نُجومٌ حولَ حَضَارِ. أَحدِ المُحْلِفَيْنِ، أَنشَدَ ثَعْلَبٌ:
أَرَى نارَ لَيْلَى بالعَقِيقِ كأَنَّهَا *** حَضَارِ إِذا ما أَعْرَضَتْ وفُرُودُها
كذا في اللسان.
قلْت: وثانِي المُحْلِفَيْنِ الوَزْن، وهما كَوكَبانِ يَطْلُعانِ قَبْلَ سُهَيْلٍ، تقول العرب: حَضَارِ والوَزْنُ مُحْلِفَان وذلك أَنَّهما يَطْلُعان قَبْلَه، فيَظنُّ النَّاسُ بكلِّ واحدٍ منهما أَنَّه سُهَيْلٌ، فيتَحالفون على ذلك. وفي كتاب «أَنواء العرب»: ويكونُ مع حَضارِ كواكِبُ صِغارٌ، يقالُ لها: الفُرُودُ، سُمِّيَتْ بذلك لانفِرادِهَا عنه من جانب. وذَهَبٌ مُفَرَّدٌ كمُعَظَّمٍ مُفَصَّلٌ بالفَرِيدِ. ومن سَجَعَاتِ الأَساس: كَم في تَفَاصِيلِ المُبَرَّد، مِن تَفْصِيلٍ فَرِيدٍ ومُفْرَّد.
والفِرِنْدَادُ بالكسر: شَجَرٌ قاله ابنُ سيده و: موضع به قَبْرُ ذي الرُّمَّةِ الشاعرِ المشهورِ. وقيل: رَمْلَةٌ مُشْرِفَةٌ في بلادِ بَنِي تَمِيمٍ، ويزعُمون أَنَّ قَبر ذي الرُّمَّة في ذِرْوَتِهَا قال ذو الرُّمَّة:
ويافِعٌ من فِرِنْدَادَيْنِ مَلْمُومُ
ثَنَّاه ضرورةً.
وفي التهذيب: فِرِنْدَادٌ: جَبَلٌ بناحيةِ الدَّهْنَاءِ، وبِحِذائِهِ جَبَلٌ آخَرُ، ويقال لهما معًا: الفِرِنْدَادَانِ. وأَنشدَ بيتَ ذي الرُّمة، ذكَره في الرُّباعيِّ.
والفَوارِدُ مِن الإِبلِ: الَّتي لا تُشْبِهُهَا فُحُولٌ.
ويقال: لَقِيتُه فَرْدَيْنِ؛ أَي لم يكن مَعَنَا أَحَدٌ، وعبارة اللسان لَقِيتُ زيدًا فَرْدَيْنِ، إِذا لم يكن معكما أَحدٌ.
والفَرْدَيْنِ، بصيغة التَّثْنِية: قناةٌ.
وزيادُ بنُ الفَرْدِ أَو ابنُ أَبِي الفَرْدِ، ويقال: القرْد، بالقاف: صَحابِيٌّ لم يَصِحَّ حَدِيثُه. كذا في معجم الصَّحَابَة.
وَحفْصٌ الفَرْدُ المِصْرِيُّ، أَبو حفصٍ مِنَ الجَبْرِيَّةِ مشهورٌ، من المتكلِّمين. وكان قد تَلمذَ أَبا يُوسُفَ، وناظرَ الشافِعِيَّ.
والفَرْدُ: اسم سَيْفِ عبدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ بن ثَعْلَبَةَ الأَنصاريّ، أَبي محمَّدٍ النّقيبِ البَدْريِّ، رضي الله عنه.
والفارِدُ من السُّكَّرِ: أَجْوَدُهُ وأَبْيَضُهُ.
والفارِد جَبَلٌ بِنَجْدٍ، تقدَّمَ ذِكْره.
والفُرَدَةُ، كَهُمَزَةٍ: مَن يَتْرُك الرُّفْقَة، ويَذْهَبُ وَحْدَه.
والفُرْدَاتُ بضمّ الفاءِ وسكون الراءِ الآكامُ.
ويقال: سَيْفٌ فَرْدٌ، بفتح فسكون، وَفَرِدٌ، ككَتِفٍ، وفَريدٌ كأَمِيرٍ، وفَرَدٌ، محرّكَة، وفَرْدَدٌ، كجعفرٍ، وفِرِنْدٌ، بالكسر؛ أَي لا نَظيرَ له من جَوْدتِه، فهو مُنْقَطِعُ القَرِينِ، هكذا فَسَّر ابن السِّكّيت في قوله:
طاوِي المَصِيرِ كسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفردِ
قال: الفَرَدُ والفُرُدُ، بالفتح والضّمِّ، ولم أَسمعْ بالفَرَد إِلَّا في هذا البيتِ. والذي في التكملة: سيف فَرِدٌ فَرِيدٌ: ذو فِرِنْد. فتأَمَّلْ ذلك.
وأَفْرَدَهُ: عَزَلَهُ.
وأَفْرَدَ إِليه رَسُولَا: جَهَّزَهُ.
وأَفردَت المَرْأَةُ: وضَعَتْ واحدةً، هكذا في النُّسْخَة: وفي بعْضها: واحدًا، فهي مُفْرِدٌ، ومُوحِدٌ، ومُفِذٌّ. وزاد في الأَساس: وأَتْأَمَت، إِذا وَضَعَت اثْنَيْنِ. قال الأَزهريُّ ولا يُقالُ ذلك في الناقَةِ، لأَنَّها لا تَلِدُ إِلَّا واحِدًا، كذا في اللسان.
وفَرْدَدُ، كجعفر: قرية بِسَمَرْقَنْدَ، منها أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ ابن منصورِ بنِ شُرَيْحٍ، عن محمّد بن أَيّوبَ الرازيّ.
* ومِمَّا يستدرك عليه:
المُفْرَد: ثَوْرُ الوَحْشِ. وفي قصيدة كَعْب:
تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهَقٍ
شَبَّهَ به النّاقَةَ.
وفي الحديث: «لا تُعَدُّ فارِدَتُكم» يعني الزائدةَ على الفَرِيضةِ؛ أَي لا تُضَمُّ إِلى غَيرِهَا فَتُعَدّ معها وتُحْسَب. وقال الزّمخشريُّ في الأَساس: الفاردةُ هنا. هي التي أَفرَدْتَها عن الغَنَمِ تَحْلبُها في بَيْتِك.
وفي حديث أَبي بَكْرٍ: «فَمِنْكُمْ المُزْدَلِفُ صاحِبُ العِمَامَةِ الفَرْدَةِ» إِنَّما قِيل لَه ذلك، لأَنّه كان إِذا رَكِبَ لم يَعْتَمَّ معه غَيْرُه إِجلالًا له.
وفي الحديث: «لا يَغُلَّ فارِدَتُكم» فَسَّرَه ثعلبٌ فقال: معناه مَن انفرَدَ مِنْكُم، مثْل واحدٍ أَو اثنين، فأَصاب غَنِيمَةً فلْيَرُدَّها على الجَمَاعَةِ، ولا يَغُلَّها. أَي لا يَأْخذْها وَحْدَه.
واسْتَفْرَدْتُ الشيءَ، إِذا أَخذْته فَرْدًا لا ثانِي له ولا مِثْل، قال الطِّرِمَّاحُ يذْكُر قِدْحًا من قِدَاحِ المَيْسِرِ:
إِذَا انْتَحَتْ بالشَّمَالِ بارِحَةً *** جالَ بَرِيحًا واستفرَدَتْهُ يَدُهْ
الفارِدُ والفَرَدُ: الثَّوْرُ.
وعَدَدْتُ الجَوْزَ، أَو الدَّرَاهِمَ أَفرادًا؛ أَي واحدًا واحدًا.
وفَرْدٌ: كَثيبٌ مُنْفَرِدٌ عن الكُثْبَانِ، غَلَبَ عليه ذلك، و [ليس] فيه الأَلفُ والّلام حتّى جُعِلَ ذلك اسمًا له كزَيْدٍ، ولم يُسمَع فيه الفَرْد.
وفي حديثِ الحُدَيْبِيَة: «لأُقاتِلَنّهم حتى تَنْفَرِدَ سالِفَتِي» أَي حتَّى أَموتَ. السالِفةُ: صَفْحةُ العُنُقِ وكَنَى بانفِرَادِهَا عن المَوْتِ، لأَنَّهَا لا تَنْفَرِدُ عَمَّا يَلِيها إِلّا به.
واستفَردَ الغَوَّاصُ الدُّرَّةَ: لم يَجِدْ معَها أُخرَى. كذا في الأَساس.
وفُرُودُ النُّجومِ، مثل أَفرادِهَا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
26-تاج العروس (نفض)
[نفض]: نَفَضَ الثَّوْبَ يَنْفُضُهُ نَفْضًا، وكذا الشَّجر: حرَّكَهُ لِيَنْتَفِضَ، قال ذُو الرُّمَّةِ:كَأَنَّمَا نَفَضَ الأَحْمَالَ ذَاوِيةً *** على جَوَانِبِه الفِرْصَادُ والعِنَبُ
وقال ابنُ سِيدَه: نَفَضَهُ يَنْفُضُهُ نَفْضًا، فانْتَفَضَ.
وفي الصّحاح: نَفضَتِ الإِبِلُ: نُتِجَتْ، وهذِه عن ابن دُريْدٍ، زادَ في اللِّسَانِ: كأَنْفَضَت، قال الصّاغَانِيُ: ويُرْوَى على هذِه اللُّغَةِ قَوْلُ ذي الرُّمَّةِ يَصِفُ فَحْلًا:
سِبَحْلًا أَبا شَرْخَيْنِ أَحْيَا بَنَاتِه *** مقَالِيتُهَا فهْيَ اللُّبَابُ الحَبَائسُ
كِلَا كَفْأَتَيْهَا تَنْفُضانِ ولم يَجِدْ *** له ثِيلَ سَقْبٍ في النِّتاجَيْنِ لامِسُ
له؛ أَي للفحْلِ، ورَواه الجَوْهرِيُّ «لهَا» وهو غَلَطٌ، قال: ويُرَوْى تُنْفِضَانِ؛ أَي من أَنْفَضَت. ومُقْتَضَى عِبَارَةِ اللِّسانِ أَنَّه يُرْوى: تَنْفُضَانِ؛ أَي من نَفَضَت، وتُنْفَضَانِ، مبنيًّا للمجْهُولِ، من نَفَضت. قال: ومَنْ رَوَى «تُنْفَضَانِ» فمَعْنَاه تُسْتَبْرآنِ، من قَوْلِك: نَفَضْتُ المكَانَ، إِذا نَظَرْتَ إِلى جَمِيعِ ما فِيهِ حتَّى تَعْرِفَه. ومن رَوَى تَنْفُضَان فمَعْنَاهُ: كُلُّ واحِدٍ من الكفْأَتَيْنِ تُلْقِي مَا في بَطْنِهَا من أَجِنَّتِهَا. ثُمَّ ظاهِرُ كَلامِ الزَّمَخْشَرِيِّ في الأَساسِ أَنّه من المَجَاز.
ومن المَجَازِ أَيْضًا: نَفَضَتِ المَرْأَةُ كَرِشَها، إِذا كَثُرَ وَلَدُها، وهي نَفُوضٌ: كَثِيرةُ الولَدِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
ومن المجَازِ: نَفَضَ القَوْمُ، إِذا ذَهَبَ زَادُهُم وفَنِيَ، كأَنْفَضَ.
ونَفَضَ الزَّرْعُ سبَلًا: خَرجَ آخِرُ سُنْبُلِهِ.
ونَفَضَ الكَرْمُ: تَفَتَّحَتْ عَنَاقِيدُهُ.
ومن المَجَازِ: نَفَضَ المَكَانَ يَنْفُضُهُ نَفْضًا، إِذا نَظَر إِلى جَمِيعِ ما فِيهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ، نقله الجَوْهَرِيُّ، وأَنشدَ قولَ زُهَيْرٍ يصف بَقَرَةً فقدَتْ وَلدَها:
وَتَنْفُضُ عنها غَيْبَ كُلِّ خَمِيلَةٍ *** وتَخْشَى رُمَاةَ الغَوْثِ من كُلِّ مَرْصَدِ
تَنْفُضُ؛ أَي تَنْظُر هَلْ تَرى فيه مَا تَكْرَهُ أَم لا، والغَوْثُ: قَبِيلةٌ من طَيِّئ.
وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْر والغار: «أَنا أَنْفُضُ لك ما حَوْلَك» أَي أَحْرُسُك وأَطُوفُ هل أَرَى طالِبًا.
ورَجُلٌ نَفُوضٌ للمَكانِ: مُتَأَمِّلٌ له، كاسْتَنْفَضَه وتَنَفَّضَهُ، نقَلَه الجَوْهرِيُّ.
واسْتَنْفَضَ القَوْمَ: تَأَمَّلَهُم، وقولُ العُجَيْرِ السَّلُولِيِّ:
إِلى مَلِكٍ يَسْتَنْفِضُ القَوْمَ طَرْفُه *** له فَوْقَ أَعْوَادِ السَّرِيرِ زَئِيرُ
يقول: يَنْظُرُ إِلَيْهِم فيَعْرِفُ مَنْ بيَدِهِ الحَقُّ مِنْهُم. وقِيلَ: معناه أَنَّه يُبْصِرُ في أَيِّهم الرأْيُ، وأَيّهم بخلاف ذلك، واسْتَنْفَضَ الطَرِيقَ كذلِكَ.
ومن المجَاز: نَفَضَ الصِّبْغُ نُفُوضًا: ذَهَبَ بَعْضُ لَوْنِهِ، قال ابنُ شُمَيْلٍ: إِذا لُبِسَ الثَّوْبُ الأَحْمَرُ أَو الأَصْفَرُ فذَهَب بعضُ لَوْنِه قِيلَ: قد نَفَضَ صِبْغُهُ نَفْضًا، قال ذُو الرُّمَّة:
كَسَاكَ الَّذِي يَكْسُو المَكَارِمَ حُلَّةً *** من المَجْدِ لا تبْلَى بَطِيئًا نُفُوضُهَا
وفي حَدِيثِ قَيْلَةَ: «مُلَاءَتَانِ كَانَتَا مَصْبُوغَتَيْن وقد نَفَضَتَا»؛ أَي نَصَلَ لَوْنُ صِبْغِهما، ولم يَبْقَ إِلاَّ الأَثَرُ.
ومن المَجَاز: نَفَضَ السُّوَرَ: قَرَأَهَا، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: النَّفْضُ: القِرَاءَةُ، وفلانٌ يَنْفُضُ القُرآن كُلَّه ظَاهِرًا؛ أَي يَقْرَؤُه.
والنُّفَاضَةُ، بالضَّمِّ: نُفاثَةُ السِّواكِ وضُوازَتُه، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
وقالَ غَيْرُه: النُّفَاضَةُ: مَا سَقَطَ من المَنْفُوضِ إِذا نُفِضَ، كالنُّفَاضِ، بالضَّمِّ، ويُكْسَرُ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: نُفَاضَةُ كَلِّ شَيْءٍ: ما نَفَضْتَهُ فسَقَطَ منه، وكذلِكَ هو من الوَرَقِ، قالوا: نُفَاضٌ من وَرَقٍ، وأَكْثَر ذلِكَ في وَرقِ السَّمُرِ خاصّةً، يُجْمَعُ ويُخْبَطُ في ثَوْب.
والنِّفْضُ، بالكَسرِ: خُرْءُ النَّحْلِ في العَسّالَةِ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ وأَبي حَنِيفَة.
أَوْ: ما ماتَ منه فِيهَا، نقله الصَّاغَانيُّ.
أَو النِّفْضُ: عَسلٌ يُسَوِّسُ فيُؤْخَذُ فيُدَقُّ فيُلْطَخُ به مَوْضِعُ النَّحْلِ مع الآسِ فيَأْتِيه النَّحْلُ فيُعَسِّلُ فيه، أَو هو بالقافِ، وهذَا هو الصَّوابُ، وهكَذَا روَاه الهَجَرِيُّ، وأَمَا الفَاءُ فتَصْحِيفٌ.
والنَّفَضُ، بالتَّحْرِيكِ: المَنْفُوضُ، وهو: ما سَقَطَ من الوَرَقِ والثَّمَرِ، وهو فَعَلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ، كالقَبَضِ بمعنى المَقْبُوضِ، والهَدَمِ بمعنَى المَهْدُومِ.
والنَّفَضُ أَيضًا: ما تَسَاقَطَ من حَبّ العِنَبِ حِينَ يُوجَدُ بعضُه في بَعْضٍ، وفي اللِّسَانِ: حين يَأْخُذُ بعضُهُ ببَعْضٍ.
والمِنْفَضُ، كمِنْبَرٍ: المِنْسَفُ، وهو وِعَاءٌ يُنْفَضُ فيه التَّمْرُ.
والمِنْفَاضُ: المرأَةُ الكَثِيرَةُ الضَّحِكِ، نقله ابنُ عبّادٍ هكذَا، أَوْ هِيَ بالصّادِ المُهْمَلَةِ، وهو الصّوابُ، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه.
ومن المَجَازِ: النَّافِضُ: حُمَّى الرِّعْدَةِ، وفي الصّحاح: النَّافِضُ من الحُمَّى: ذاتُ الرِّعْدَة، قال ابنُ سِيدَه مُذَكَّرٌ. ويُقَال: نَفَضَتْه، وأَخَذَتْهُ حُمَّى بِنَافِضٍ، بزيادَةِ الحَرْفِ، وهو الأَعْلَى وحُمَّى نَافِضٍ، بالإِضَافة، وقد يُقَال: حُمَّى نافِضٌ، فيُوصَفُ به، وفي حديث الإِفك: «فأَخَذَتْهَا حُمَّى بنَافِضٍ» أَي برِعْدَةٍ شَدِيدَةٍ، كأَنَّهَا نَفَضَتْهَا؛ أَي حَرَّكَتْهَا.
وقال الأَصْمَعِيّ: إِذَا كَانَت الحُمَّى نافِضًا قِيلَ: نَفَضَتْهُ الحُمَّى فهو مَنْفُوضٌ.
والنُّفضَةُ، كبُسْرَةٍ، ورُطَبَةٍ، والنُّفَضَاءُ، كالعُرَوَاءِ: رِعْدَةُ النَّافِضِ.
وقال البَرَاءُ بنُ مالكٍ، رضِيَ الله عنه، يومَ اليَمَامَةِ لخَالدِ بِن الوَلِيدِ، رضي الله عنه: «طِدْنِي إِلَيْك» وكان تُصِيبُهُ عُرَوَاءُ مثلُ النُّفَضَةِ حتّى يُقَطَّر.
ذَكَر الجَوْهَرِيُّ الأَولَى والثّالِثَةَ، ونقل الصّاغَانِيُّ الثَّانِيةَ، وبها رُوِيَ الحَدِيثُ، والاسْمُ: النَّفَاضُ، كسحابٍ.
وقال ابنُ الأَعْرابِيّ: النَّفَائِضُ: الإِبِلُ الَّتِي تَنْفُض؛ أَي تَقْطَعُ الأَرْضَ ومن المَجَازِ: أَنْفَضُوا: أَرْمَلُوا، أَو أَنْفَضُوا: هَلَكَتْ أَمْوالُهُمْ، وأَنْفَضُوا: فَنِيَ زَادُهُم، وهو بِعَيْنِه معنَى أَرْمَلُوا، وعبارة الصّحاحِ: أَنْفَضَ القَوْمُ: هَلَكَت أَمْوَالُهم، وأَنْفَضُوا أَيضًا، مثل أَرْمَلُوا: فَنِيَ زَادُهم. وفي المُحْكَم: أَنْفَضَ القَومُ نَفِد طَعَامُهم وزَادُهم، مثل أَرْمَلُوا، قالَ أَبو المُثَلَّمِ:
لَهُ ظَبْيَةٌ ولهُ عُكَّةٌ *** إِذَا أَنْفَضَ الزّاد لم تُنْفِضِ
والَّذِي قَرَأْتُه في الدِّيوان:
«إِذا أَنْفَضَ الحَيُّ»...
ويُرْوَى: «لم يُنْفِضِ.
وفي الحَدِيث: «كُنَّا في سَفَرٍ فأَنْفَضْنَا» أَي، فَنِيَ زَادُنا، كأَنَّهم نَفَضُوا مَزاوِدَهم لخُلُوِّها، وهو مِثْلُ أَرْمَلَ وأَقْفَرَ.
أَو أَنْفَضُوا زَادَهُم: أَفْنَوْهُ وأَنْفَدُوه، قاله ابنُ دُرَيْدٍ، وجَعَلَه مُتَعَدِّيًا، والاسمُ: النّفاضُ، كسَحَابٍ وغُرَابٍ، الفَتْحُ عن ثَعْلَبٍ، وكانَ يَقُولُ: هو الجدْبُ، ومنه المَثَلُ: النُفَاضُ يُقَطِّرُ الجَلَب»، فعَلَى قولِ منْ قال: النُّفَاضُ: فَنَاءُ الزّادِ، يقولُ في مَعْنَى المَثَلِ: إِذا ذَهَبَ طَعَامُ القَوْمِ أَو مِيرَتهُم قَطرُوا إِبِلَهم الَّتِي كانُوا يَضِنُّونَ بها، فجَلَبُوها للبَيْعِ، فبَاعُوها واشْتَرَوْا بثَمَنِهَا مِيرَةً. وعلَى قوْلِ ثَعْلَبٍ: أَي إِذا جَاءَ الجَدْبُ جُلِبَت الإِبِلُ قِطَارًا قِطَارًا لِلْبَيْعِ، ومآلُهما وَاحِدٌ.
وأَنْفَضَت الجُلَّةُ: نُفِضَ جميع ما فِيها من التَّمْرِ.
وانْتَفَضَ الكَرْمُ: نَضُرَ وَرَقُه، قال أَبو النَّجْمِ:
وانْشَقَّ عن فُطْحٍ سَوَاءٍ عُنْصُلُهْ *** وانْتفَضَ البَرْوقُ سُودًا فُلْفُلُهْ
وانْتَفَضَ الذَّكَرَ: اسْتَبْرَأَهُ ممّا فيه من بَقِيَّةِ البوْلِ، ومنه حدِيثُ ابنِ عُمَرَ: «أَنَّه كان يَمُرُّ بالشَّعْبِ من مُزْدَلِفَةَ فيَنْتَفِضُ ويَتَوضَأُ»، كاسْتَنْفَضَهُ.
والنِّفَاضُ، ككِتَابٍ: إِزارٌ للصِّبْيَانِ، قاله الجَوْهَرِيُّ، وأَنشدَ للرّاجِزِ:
جارِيَةٌ بَيْضَاءُ في نِفَاضِ *** تَنْهَضُ فيه أَيَّمَا انْتِهَاضِ
كنَهَضانِ البَرْقِ ذِي الإِيماضِ
وقال ابنُ عَبّادٍ: يُقَالُ: أَتَانَا وما علَيْهِ من نِفَاض؛ أَي شَيء من الثِّيَابِ، وجَمْعُه النُّفُضُ.
والنِّفَاض: بِساطٌ يَنْحَتُّ عليه وَرَقُ السَّمُرِ ونَحْوِه، وذلِك أَنْ يُبْسَطَ له ثُوْبٌ، ثمّ يُخْبَطُ بالعَصَا، فذلِك الثَّوْبُ نِفَاضٌ.
وج: نُفُضٌ، بضَمَّتين.
والنِّفَاضُ أَيضًا: ما انْتَفَضَ عليهِ من الوَرَقِ، كالأَنافِيضِ، نقله الصّاغانِيُّ، ووَاحِدَةُ الأَنَافِيضِ أَنْفُوضَةٌ.
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: الأَنَافِيضُ: ما تَسَاقَطَ من الثَّمَرِ في أُصولِ الشَّجَرِ.
ومن المَجاز: النُّفُوضُ: البُرْءُ من المَرَضِ، وقد نَفَضَ من مَرَضِه.
والنَّفِيضَةُ، كسَفِينَةٍ: نحو الطَّلِيعَة، نَقَلَه الجَوْهَريُّ.
قال: والنَّفَضَةُ، مُحَرَّكَةً: الجَمَاعَةُ يُبْعَثُون في الأَرْضِ مُتَجسِّسِينَ؛ لِيَنْظُرُوا هلْ فيهَا عَدُوٌّ أَمْ لا، زاد اللَّيْث: أَو خوف، وأَنْشَدَ الجَوْهَريُّ لسَلْمَى الجُهَنِيَّةِ تَرْثِي أَخاها أَسْعَدَ، قال ابنُ برِّيّ: صوابُه سُعْدَى الجُهَنِيَّة، قلتُ: وهي سُعْدَى بِنْتُ الشَّمَرْدَلِ:
يَرِدُ المِيَاهَ حَضِيرَةً ونَفِيضَةً *** وِرْدَ القَطَاةِ إِذَا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
تَعْنِي إِذَا قَصُرَ الظِّلُ نِصْفَ النَّهَارِ. والجمْعُ: النَّفَائضُ.
قلتُ: وحَضِيرَةً ونَفِيضَةً منصوبانِ على الحالِ، والمَعْنَى: أَنَّه يَغْزُو وحْدَه في مَوْضِع الحَضِيرَةِ والنَّفِيضةِ، وقد تقَدّم أَيضًا في «ح ض ر».
واسْتَنْفَضَهُ، واسْتَنْفَضَ ما عنده، أَي: اسْتَخْرَجَهُ، قال رُؤْبَةُ:
صَرَّحَ مَدْحِي لكَ واسْتِنْفَاضِي *** سَيْبَ أَخٍ كالغَيْثِ ذي الرِّيَاضِ
واسْتَنْفَضَ: بَعَثَ النَّفِيضَةَ أَي الطَّلِيعَةَ، كما في الصّحاحِ. وفي الأَسَاس واللِّسَان: اسْتَنْفَضَ القومُ: بَعَثُوا النَّفَضَةَ الَّذِينَ يَنْفُضُون الطُّرُقَ.
واسْتَنْفَضَ بالحَجَرِ: اسْتَنْجَى، ومنه الحَدِيثُ: «ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضُ بها» أَي أَسْتَنْجِي بها، وهو من نَفْضِ الثَّوْبِ؛ لأَنَّ المُسْتَنْجِيَ يَنْفُضُ عن نَفْسِه الأَذَى بالحَجَر؛ أَي يُزِيلُه ويَدْفَعُه.
وقال أَبو ذُؤَيْبٍ يصفُ المَفَاوِزَ:
على طُرُقٍ كنُحورِ الرِّكا *** بِ تَحْسبُ آرَامَهُنَّ الصُّرُوحَا
بِهِنَّ نَعامٌ بنَاه الرِّجَا *** لُ تُلْقِي النَّفائِضُ فيه السَّرِيحَا
قال الجَوْهَرِيُّ: هذا قولُ الأَصْمَعِيِّ، وهكذا رواه أَبو عَمْرو النَّفائضُ، بالفَاءِ، إِلاّ أَنَّهُ قال في تَفْسِيرها: إِنَّهَا الإِبِلُ الهَزْلَى، أَو هي الإِبِلُ الَّتِي تَقْطَعُ الأَرْضَ، وهو قوْل ابنِ الأَعْرَابِيِّ، وقد تَقدَّم ذلِكَ بعَيْنِه قَرِيبًا، فذِكْرُه ثَانِيًا تَكْرارٌ.
أَو النَّفائِضُ: الَّذِين يَضْرِبُونَ بالحَصَى هَلْ وَراءَهُمْ مَكْرُوهٌ أَوْ عَدُوٌّ. وأَراد بالسَّرِيحِ نِعَالَ النَّفائِضِ؛ أَي أَنَّهَا قد تَقَطَّعَتْ، وقال الأَخْفَشُ: تَقَطَّعتْ تِلْك السُّيُورُ حتّى يُرْمَى بها، من بُعْدِ هذِه الطُّرُق، ويُرْوَى: «فيها السَّرِيحا»، أَي: في الطُّرُقِ، «وفيه» ذَهَبَ إِلى معْنَى الطَّرِيقِ.
ومن المَجَازِ: يقولُون: إِذَا تَكَلَّمْتَ نهَارًا فانْفُضْ؛ أَي الْتَفِتْ هَلْ تَرَى مَنْ تَكْرَهُ، وإِذَا تَكَلَّمْتَ لَيْلًا فاخْفِضْ؛ أَي اخْفِض الصَّوْتَ.
والنِّفِّيضَى، كالخِلِّيفَى، وكالزِّمِكَّى وكجَمَزَى: الحرَكَةُ والرِّعْدَةُ، كما في العُبَابِ.
* وممّا يُسْتَدْرك عليه:
نَفَّضَه تَنْفِيضًا: نَفَضه، شُدِّدَ للمُبَالَغَةِ.
والنَّفْضُ، بالفَتْح: أَن تَأْخُذَ بيَدِكَ شَيْئًا فَتَنْفُضَه تُزَعْزِعُه وتُتَرْتِرُه وتَنْفُض التُّرَابَ عنه.
ونَفَضُ العِضَاهِ: خَبَطُها.
وما طاحَ من حَمْلِ الشَجَرِ فهو نَفَضٌ، وفي المُحكَمِ: النَّفَضُ: ما طَاحَ من حَمْلِ النَّخْلِ وتَساقَط في أُصُولِه من الثَّمَرِ.
والنَّفْضُ، بالفَتْح، من قُضْبَانِ الكَرْمِ: بعد ما يَنْضُرُ الوَرَقُ، وقَبْلَ أَن تَتَعَلَّق حَوَالِقُه، وهو أَغَضُّ ما يكون وأَرْخَصُه، والوَاحِدَةُ نَفْضَةٌ.
والْإِنْفَاضُ: المَجَاعةُ والحَاجَةُ: ويُقَال: نَفَضْنَا حَلَائِبَنَا نَفْضًا، واسْتَنْفَضْنَاها، وذلِكَ إِذَا اسْتَقْصَوْا عَلَيْهَا في حَلْبِهَا، فلمْ يَدَعُوا في ضُرُوعِهَا شيئًا من اللَّبَنِ.
وقال ابنُ شُمَيْلٍ: قَوْمٌ نَفَضٌ، مُحَرَّكَةً؛ أَي نَفَضُوا زادهُم.
ونُفُوضُ الأَرْضِ: نَبَائِثُها.
والنَّفِيضَةُ: الجَماعَة، وقيل: الرَّبِيئَةُ، وقيل: المِيَاهُ ليس عليها أَحَدٌ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
والنُّفْضَةُ، بالضّمّ: المَطْرَة تُصِيبُ القِطْعَةَ من الأَرْضِ وتُخْطِئُ القطْعَةَ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وقال ابنُ عَبّادٍ: النُّفَّاضُ، كرُمّانٍ: شَجَرَةٌ إِذا أَكَلَها الغَنَمُ ماتَتْ منه.
والمِنْفَضُ، والْمِنْفَاضُ: كِسَاءٌ يَقَعُ عليه النَّفَضُ، نقله الزَّمَخْشَرِيُّ.
وانْتَفَضَ فُلانٌ من الرِّعْدَة، وانْتَفَضَ الفَرَسُ.
وفُلانٌ يسْتَنْفِضُ طَرْفُهُ القَوْمَ؛ أَي يُرْعِدُهم بهَيْبَتِه.
ودَجَاجَةٌ مُنْفِضٌ: نَفضَت بَيْضَها وكَلّت.
وانْتفَضَ الفَصِيلُ ما في الضَّرْعِ: امْتَكَّهُ.
ونَفَضَ الطَّرِيقَ نَفْضًا: طَهَّرَه من اللُّصُوص والدُّعَّارِ.
وقام يَنْفُضُ الكَرَى.
ويُقَال: نَفَضَ الأَسْقامَ عنه واستْصَحَّ؛ أَي اسْتَجْلب صِحَّتُهُ.
وخَرجَ فلانٌ نَفِيضَةً؛ أَي نَافِضًا للطَّرِيق حافِظًا له، وكُلّ ذلِك مَجاز.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
27-تاج العروس (عكظ)
[عكظ]: عَكَظَهُ يَعْكِظُه عَكْظًا: حَبَسَه. وعَكَظَ الشَّيْءَ يَعْكِظُه: عَرَكَهُ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: قَهَرَهُ بِحُجَّتِهِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ فَخْرَه، قالَ: وبه سُمِّيَ عُكَاظٌ كغُرَابٍ: سُوقٌ بصَحْراءَ.وقالَ الأَصْمَعِيُّ: عُكَاظٌ: نَخْلٌ في وَادٍ بَيْنَهُ وبَيْنَ الطَّائِفِ لَيْلَةٌ. وبَيْنَهُ وبَيْنَ مَكَّةَ ثَلاثُ لَيَالٍ، وبِهِ كانْتَ تُقَامُ سُوقُ العَرَبِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيّ: قِيلَ: عُكَاظٌ: مَاءٌ بَيْن نَخْلَةَ والطّائِفِ إِلى بَلَدٍ يُقَالُ له: العِتْقُ، كانَتْ مَؤسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ الجاهِلِيَّةِ، تَقُومُ هِلالَ ذِي القَعْدَةِ، وتَسْتَمِرُّ عِشْرِينَ يَوْمًا قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: وكانَتْ تَجْتَمِعُ فِيها قَبَائِلُ العَرَبِ، فيَتَعَاكَظُونَ؛ أَي يَتَفَاخَرُونَ ويَتَنَاشَدُونَ ما أَحْدَثُوا من الشِّعْرِ ثُم يَتَفَرَّقُونَ. زادَ الزَّمَخْشَرِيّ: كانَتْ فِيها وَقَائِعُ وحُرُوبٌ.
وفي الصّحاح: فيُقِيمُونَ شَهْرًا يَتَبَايَعُونَ ويَتَفَاخَرُونَ، ويَتَنَاشَدُونَ شِعْرًا، فلَمَّا جاءَ الإِسْلامُ هَدَمَ ذلِكَ. قَالَ اللِّحْيَانيّ: أَهْلُ الحِجَازِ يُجْرُونَهَا، وتَمِيم لا يُجْرُونَها، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي ذُؤَيْبٍ:
إِذا بُنِيَ القِبَابُ على عُكَاظٍ *** وقَامَ البَيْعُ واجْتَمَعَ الأُلُوفُ
أَرادَ: بِعُكَاظ.
وقال أُميَّة بنُ خَلَف الخُزاعِي يَهْجُو حَسَّان بنَ ثَابِت رَضِي الله عنه:
أَلا مَنْ مُبْلِغ حَسّان عَنّي *** مُغَلْغَلَةً تَدِبّ إِلى عُكَاظِ
في أَبيات تَقَدَّم ذِكْرُها في «شوظ» فأَجَابَهُ حَسّان رَضِيَ الله عَنْه:
أَتانِي عَنْ أُمَيَّةَ زُورُ قَوْلٍ *** وما هُوَ المَغِيبِ بِذِي حِفاظِ
سَأَنْشُر إِنْ بَقِيتُ لكُمْ كَلامًا *** يُنَشَّرُ في المَجَنَّةِ مَعْ عُكَاظِ
قَوَافِيَ كالسِّلامِ إِذا اسْتَمَرَّتْ *** مِنَ الصُّمِّ المُعَجْرَفَةِ الغِلاظِ
تَزوُرُكَ إِنْ شَتَوْتَ بكُلِّ أَرْضٍ *** وتَرْضَخُ فِي مَحَلّكَ بالمَقَاظِ
بَنَيْتُ عَلَيْكَ أَبْيَاتًا صِلابًا *** كأَمرِ الوَسْقِ قُعِّضَ بالشِّظاظِ
مجَلِّلةً تُعَمِّمُه شَنارًا *** مُضَرَّمَةً تَأَجَّجُ كالشّواظِ
كهَمْزَةِ ضَيْغَمٍ يَحْمِي عَرِينًا *** شَدِيدِ مَغارِزِ الأَضْلاعِ خاظِي
تَغُضُّ الطَّرْفَ أَنْ أَلْقَاكَ دُونِي *** وتَرْمِي حِينَ أُدْبِرُ باللِّحاظ
وقال طَرِيفُ بنُ تَمِيمٍ:
أَوَ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قَبِيلَةٌ *** بَعَثُوا إِلَيَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
ومنه الأَدِيمُ العُكَاظِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَيْهَا، كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، وهو ما حُمِلَ إِلَى عُكَاظ فبِيعَ بِهَا.
وتَعَكَّظَ أَمْرُهُ: الْتَوَى، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ، كما سَيَأْتِي بَيَانُه. وقِيلَ: تَعَكَّظَ عَلَيْه أَمْرُه؛ أَي تَعَسَّرَ وتَشَدَّدَ، وتَمَنَّع.
قال عَمْرُو بنُ مَعْدِي كَرِبَ:
فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي أَطاعُوا الرَّشا *** دَ لَمْ يُبْعِدُونِي ولَمْ أَظْلمِ
ولكِنَّ قَوْمِي أَطاعُوا الغُوا *** قريةَ حَتَّى تَعَكَّظَ أَهْلُ الدَّمِ
وتَعَكَّظَ فُلانٌ: اشتَدَّ سَفَرُهُ وبَعُدَ، هكَذَا نَقَلَهُ، وهو غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِلأُصُول، فإِنَّ المَنْقُولَ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ: إِذا اشتَدَّ علَى الرَّجُلِ السَّفَرُ وبَعُدَ، قِيلَ: تَنَكَّظَ، فإِذَا الْتَوَى عَلَيْه أَمْرُهُ فقَدْ تَعَكَّظَ. قال: تَقُولُ العَرَبُ: أَنْتَ مَرَّةً تَعَكَّظُ، ومَرَّةً تنكَّظ. تَعَكَّظُ: تَمَنَّعُ. وتَنَكَّظُ: تَعْجَل، كما في اللّسَان والعُبَابِ والتَّكْمِلَة. وقد اشْتَبَهَ على المُصَنّف تَعَكَّظ بتَنَكَّظ، وسيَأْتِي ذلِكَ في «ن ك ظ».
وتَعَكَّظَ القَوْمُ: تَحَبَّسُوا يَنْظُرُونَ في أُمُورِهم، قِيلَ: ومنه سُمِّيَتْ عُكاظ.
وقالَ إِسْحَاقُ بنُ الفَرَجِ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ: عَكَّظَهُ عَنْ حاجَتِهِ ونَكَّظَهُ تَعْكِيظًا وتَنْكِيظًا، إِذا صَرَفَهُ عَنْهَا.
وعَكَّظَ عَلَيْهِ حاجَتَهُ ونَكَّظَ؛ أَي نَكَدَهَا.
وعَكَّظَ في الإِيصاءِ: بالَغَ فِيه، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.
وعَاكَظَهُ، ودَالَكَهُ، وعَاسَرَهُ، ومَاعَسَهُ: لَوَاهُ ومَطَلَهُ.
والعَكِيظُ كَأَمِيرٍ: القَصِيرُ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ.
والتَّعَاكُظُ: التَّجَادُل والتَّحاجُّ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
رَجُلٌ عَكِظٌ، ككَتِفٍ، أَيْ عَسِرٌ. يُقَالُ: إِنَّهُ لَعَكِظُ العَطَاءِ؛ أَي عَسِرُهُ. والعَكِظُ أَيْضًا: القَصِيرُ، كما فِي اللِّسَان.
وعَكَظْتُ الأَدِيمَ عَكْظًا؛ أَي مَعَسْتُهُ ودَلَكْتُه في الدِّباغ.
وتَعَاكَظَ القَوْمُ: تَعَارَكُوا.
ويَوْمَا عُكَاظٍ: من أَيّامِهِمْ، قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
تغَيَّبْتُ عَنْ يَوْمَيْ عُكَاظَ كِلَيْهِما *** وإِنْ يَكُ يَوْمٌ ثَالِثٌ أَتَغَيَّبُ
نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ.
قُلْتُ: وهُمَا مِنْ أَيَّامِ الفِجَارِ، كما تَقَدَّم في «ف الجمع: ر».
وتَعَكَّظُوا في مَوْضِع كَذا: اجْتَمَعُوا وازْدَحَمُوا، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ. وقالَ: هو مَأْخُوذٌ من عُكاظ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
28-تاج العروس (عرف)
[عرف]: عَرَفَه يَعْرِفُه مَعْرِفَةً، وعِرْفانًا، وعِرْفَةً بالكسرِ فيهما وعِرِفّانًا، بكسْرَتَيْنِ مُشَدَّدَةَ الفاءِ: عَلِمَه واقتصر الجوهريُّ على الأَوّلَيْنِ، قال ابنُ سِيده: وينْفَصِلان بتَحْدِيدٍ لا يَليقُ بهذا المَكانِ.وَقال الرّاغِبُ: المَعْرِفةُ والعِرْفانُ: إِدْراكُ الشيءِ بتَفَكُّرٍ وَتَدَبُّرٍ لأَثَرِهِ، فهي أَخصُّ من العِلمِ، ويُضَادُّه الإِنكارُ، وَيُقال: فلانٌ يعرِفٌ الله ورَسُولَه، ولا يُقال: يَعْلمُ الله متَعَدِّيًا إلى مفعولٍ واحدٍ لمّا كانَ مَعرِفَةُ البَشَرِ لله تعالَى هو تَدبُّرُ آثارِه دُونَ إدْراكِ ذاتِه، ويُقالُ: الله يَعْلَمُ كذا، ولا يُقالُ: يَعْرِفُ كذا؛ لمّا كانت المَعْرِفةُ تُسْتَعْمَلُ في العِلْمِ القاصِرِ المُتَوَصَّلِ إِليه بتَفَكُّر، وأَصْلُه من عَرَفْتُهُ، أي: أَصَبْتُ عَرْفَه، أي رائِحَتَه، أو من أَصَبْتُ عَرْفَه: أي خَدَّهُ فهو عارِفٌ، وعَريفٌ، وعَرُوفَةٌ يَعْرِفُ الأُمورَ، ولا يُنْكِرُ أَحَدًا رآه مرّةً، والهاءُ في عَرُوفَة للمُبالَغَةِ، قال طَرِيفُ بْنُ مالِكٍ:
أَوَ كُلَّما وَرَدَتْ عُكاظَ قبِيلَةٌ *** بَعَثُوا إِليَّ عَرِيفَهُم يَتَوَسَّمُ؟
أي: عارِفَهم، قال سِيبَوَيْه: هو فَعِيل بمَعْنى فاعِلٍ، كقْولِهم: ضَرِيبُ قِداحٍ.
وعَرَفَ الفَرَسَ عَرْفًا، بالفتحِ، وذِكْرُ الفتح مُسْتَدْرَكٌ: جَزَّ عُرْفَه يقال: هو يَعْرِفُ الخيل: إذا كانَ يَجُزُّ أَعْرافَها، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ والجَوْهَرِيُّ وابنُ القَطّاعِ.
وعَرَف بذَنْبِه، وكذا عَرَفَ لَهُ: إذا أَقَرَّ به، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
عَرَفَ الحِسانُ لها غُلَيِّمَةً *** تَسْعَى مع الأَتْرابِ في إِتْبِ
وَقال أَعرابِيٌّ: ما أَعْرِفُ لأَحَدٍ يَصْرَعُنِي: أي لا أُقِرُّ بِهِ.
وعَرَفَ فُلانًا: جازاهُ، وقَرَأَ الكِسائِيّ قولَه عزَّ وجَلّ: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثًا فَلَمّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَفَ} بَعْضَه وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ: أيْ جازَى حَفْصَةَ رَضِيَ الله تَعالَى عَنْها ببَعْضِ ما فَعَلَتْ قال الفَرّاءُ: من قَرَأَ «عَرَّفَ» بالتّشْديدِ، فمَعْناه أَنّه عَرَّفَ حَفْصَةَ بعضَ الحَدِيثِ وترَكَ بَعْضًا، ومن قَرأَ بالتَّخْفِيف، أَرادَ غَضِبَ من ذلِكَ، وجازَى عَلَيهِ، قال: ولعَمْرِي جازَى حَفْصَةَ بطَلاقِها، قال: وهو وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بذلِك أَبو عَبْدِ الرَّحْمنِ السُّلَمِيّ.
أَو مَعْناهُ: أَقَرَّ ببَعْضِه {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}، ومنه قولُهم: أَنا أَعْرِفُ للمُحْسِنِ والمُسِئِ: أي لا يَخْفَى عليَّ ذلكَ ولا مُقابَلَتُه بما يُوافِقُه وفي حدِيثِ عَوْفِ بن مالِكٍ: «لتَرُدَّنَّهُ أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عندَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم» أي لأُجازِيَنَّك بها حتَّى تَعْرِف سُوءَ صَنِيعِك، وهي كلمةٌ تُقالُ عند التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ، وقالَ الأَزْهَري: قَرَأَ الكِسائِيُّ وَالأَعْمشُ عن أَبِي بَكْرٍ عن عاصِمٍ «عَرَف بَعْضُه» خفيفةً، وَقرأَ حَمْزةُ ونافِعٌ وابنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وابنُ عامِرٍ اليَحْصُبِيُّ بالتّشْدِيدِ.
والعَرْفُ: الرِّيحُ طيِّبَةً كانَتْ أَو مُنْتِنةً يُقال: ما أَطْيَبَ عَرْفَه! كما في الصِّحاحِ، وأَنشدَ ابنُ سِيدَه:
ثَناءٌ كَعُرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه *** وَلَيْسَ له إلّا بَنِي خالِدٍ أَهْلُ
وَقال البُرَيْقُ الهُذَلِيُّ في النَّتْنِ:
فلَعَمْرُ عَرْفِكِ ذِي الصُّماخِ كما *** عَصَبَ السِّفادُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
وأَكْثَرُ اسْتِعمالِه في الطَّيِّبَةِ ومنهالحَدِيثُ: «من فَعَل كَذَا وَكَذَا لم يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ» أي: رِيحَها الطَّيِّبَةَ.
وفي المثل: «لا يَعْجَزُ مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ» كما في الصِّحاحِ، قال الصاغانيُّ: يُضْرَبُ للَّئِيمِ الذي لا يَنْفَكُ عن قُبْحِ فِعْلِه، شُبِّهَ بجِلْدٍ لَم يَصْلُحْ للدِّباغِ فنُبِذَ جانِبًا، فأَنْتَنَ.
والعَرْفُ: نَباتٌ، أو الثُّمامُ، أو نَبْتٌ ليْسَ بحَمْضٍ ولا عِضاهٍ من الثُّمامِ كذا في المُحيطِ واللِّسانِ.
والعَرْفَةُ بهاءٍ: الرِّيحُ.
والعَرْفَةُ: اسمُ من اعْتَرَفَهُم اعْتِرافًا: إذا سَأَلَهُم عن خَبَرٍ ليَعْرِفَه، ومنه قولُ بِشْرِ بنِ أَبي خازِمٍ:
أَسائِلَةٌ عُمَيْرَةُ عن أَبِيها *** خِلالَ الجَيْشِ تَعْتَرِفُ الرِّكابَا
ويُكْسَرُ.
والعَرْفَةُ أيضًا: قُرْحَةٌ تَخْرُجُ في بَياضِ الكَفِّ نقله الجوهريُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ.
ويُقال: عُرِف الرَّجلُ كعُنِيَ عَرْفًا، بالفَتْحِ وفي بعضِ النُّسخِ عِرْفانًا بالكسرِ، فهو معْرُوفٌ: خَرَجَتْ به تِلكَ القُرْحَةُ، كما في الصِّحاح.
والمَعْرُوفُ: ضِدُّ المُنْكَرِ قال الله تعالَى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} وفي الحَدِيث: «صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ».
وَقال الرّاغِبُ: المَعْرُوفُ: اسمٌ لكلِّ فِعْلٍ يُعْرَفُ بالعَقْلِ وَالشَّرْعِ حُسْنُه، والمُنْكَرُ: ما يُنْكَرُ بِهِما، قال تَعالى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وقالَ تعالَى: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} ومن هذا قيل للاقْتِصادِ في الجُودِ: مَعْرُوفٌ، لَمّا كانَ ذلِك مُسْتَحْسَنًا في العُقولِ، وبالشَّرْعِ نحو: {وَمَنْ كانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وقولُه: {وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أي بالاقْتِصادِ، وَالإِحسانِ، وقولُه: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) أي: رَدٌّ بالجَمِيلِ ودُعاءٌ خيرٌ من صَدَقَةٍ هكذا.
ومعْرُوفٌ: فَرَسُ سَلَمَةَ بنِ هِنْد الغاضِرِيِّ من بَنِي أَسَدٍ، وَفيه يَقُولُ:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفًا عليهِم كأَنَّه *** إذا ازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوفُ بنُ مُسْكانَ: باني الكعبَةِ شَرَّفها الله تَعالَى، أَبُو الوَلِيدِ المَكِّيُّ، صَدُوقٌ مُقْرِئُ مَشْهُورٌ، مات سنة 165 ومُسكانُ كعُثْمانَ، وقِيلَ بالكَسْرِ، هكَذا هو بالسِّينِ المُهْمَلةِ، والصوابُ بالمُعْجَمة.
ومَعْرُوفُ بنُ سُوَيْدٍ الجُذامِيُّ: أَبو سَلَمَةَ البَصْرِيُّ، رَوَى له أَبو دَاوُدَ والنِّسائِيّ.
ومَعْرُوفُ بنُ خَرَّبُوذَ المَكِّيُّ: مُحَدِّثانِ وقد تَقَدَّم ضبطُ خَرَّبُوذَ في موضِعِه، قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ: تابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَليسَ له في البُخارِيّ غيرُ موضعٍ واحدٍ، وفي كِتابِ الثِّقاتِ لابن حِبّان، يَرْوِي عن أَبِي الطُّفَيْلِ، قال: وكانَ ابنُ عُيَيْنَةَ يقولُ: هو مَعْرُوفُ بْنُ مُشْكانَ، رَوَى عنه ابنُ المُباركِ، وَمَرْوانُ بنُ معاوِيَةَ الفَزارِيُّ.
وأَبو محْفُوظٍ مَعْرُوفُ بنُ فَيْرُوزانَ الكَرْخِيُّ قَدَّسَ الله رُوحَه من أَجِلَّةِ الأَولِياءِ، وقَبْرُه التِّرْياقُ المُجَرَّبُ ببَغْدادَ لقَضاءِ الحاجاتِ، قال الصّاغانِيُّ: عَرَضَتْ لِي حاجَةٌ، وَحَيَّرَتْنِي في سنةِ خَمْسَ عَشرَةَ وسِتَّمائةٍ، فأَتَيْتُ قَبْرَهُ، وَذَكَرْتُ له حاجَتِي، كما تُذْكَرُ للأَحْياءِ مُعْتَقِدًا أنَّ أَوْلياءَ الله لا يَمُوتُونَ، ولكِنْ يُنْقَلُون من دارٍ إلى دارٍ، وانْصَرَفْتُ، فقُضِيَت الحاجَةُ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إلى مَسْكَنِي.
قلتُ: وفاتَه مِمَّن اسمُه مَعْرُوفٌ جماعَةٌ من المُحَدِّثِينَ منهم: مَعْرُوفُ بنُ محَمّدٍ أَبو المَشْهُورِ عن أَبي سَعِيدِ بنِ الأَعْرابِيّ، ومَعْرُوفُ بنُ أَبِي مَعْرُوفٍ البَلْخِيّ، ومَعْرُوفُ بنُ هُذَيْلٍ الغَسّانِيُّ، ومَعْرُوفُ بنُ سُهَيْلٍ: مُحَدِّثُون، وهؤلاءِ قد تُكُلِّمَ فيهِم. ومَعْرُوفٌ الأَزْدِيُّ الخَيّاط، أَبُو الخَطّابِ مَوْلَى بنِي أُمَيَّةَ، وَمَعْرُوفُ بنُ بَشِيرٍ أَبُو أَسْماء، وهؤلاءِ من ثِقاتِ التّابِعِينَ.
ومَعْرُوفَةُ بِهاءٍ: فَرَسُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوّامِ القُرَشِيِّ الأَسَدِيّ، هكذا في سائِرِ النّسَخِ، وهو غَلَطٌ، والصوابُ أَنّ اسمَ فَرسِه مَعْرُوف بغير هاءٍ، وهي التي شَهِدَ عليها حُنَيْنًا، وَمثله في اللِّسان والعُبابِ، وأَنْشدَ الصّاغانِيُّ ليَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ:
أَبٌ لِيَ آبِي الخَسْفِ قَدْ تَعْلَمُونَه *** وَصاحِبُ مَعْرُوفٍ سِمامُ الكَتائِبِ
وَقد تَقَدّم ذلك في «خسف».
ويَوْمُ عَرَفَةَ: التّاسِعُ من ذِي الحِجَّةِ تَقُول: هذا يَوْمُ عَرَفَةَ غيرَ مُنَوَّنٍ، ولا تَدْخُلُه الأَلِفُ والّلامُ، كما في الصِّحاحِ.
وعَرَفاتٌ: موقِفُ الحاجِّ ذلِكَ اليَوْمَ، على اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا من مَكَّةَ على ما حَقَّقَه المُتَكَلِّمُونَ على أَسماءِ المَواضِع، وغَلِطَ الجَوْهَرِيُّ فقَالَ: مَوْضِعٌ بمِنًى وكذا قَوْلُ غيرِه: موضِعٌ بمَكَّةَ، وإِن أُريدَ بذلك قُرْبَ مِنًى ومَكَّةَ فلا غَلَطَ، قال ابنُ فارِسٍ: أَمّا عَرفاتٌ فقَالَ قَومٌ: سُمِّيَتْ بذلِكَ لأَنَّ آدَمَ وحَوّاءَ عليهماالسلام تَعارَفَا بِها بعد نُزُولِهما من الجَنَّةِ.
أَو لِقَوْلِ جِبْرِيلَ لإِبْراهِيمَ عليهماالسلام، لمّا عَلَّمَه المَناسِكَ وأَراهُ المَشاهِدَ أَعَرَفْت؟ أَعَرَفْتَ؟ قال: عَرَفْتُ عَرَفْتُ.
أَو لأَنَّها مُقدَّسَةٌ مُعَظَّمَةٌ، كأَنَّها عُرِفَتْ؛ أي طُيِّبَتْ.
وَقِيلَ: لأَنَّ الناسَ يَتَعارَفُونَ بها. زادَ الرّاغِبُ: وقيل: لِتَعرُّفِ العِبادِ فيها إلى الله تَعالَى بالعِباداتِ والأَدْعِيَةِ.
قال الجَوْهَرِيُّ: وهو اسمٌ في لَفْظِ الجَمْعِ، فلا يُجْمعُ كأَنّهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ منها عَرَفة، ونقَلَ الجَوْهرِيُّ عن الفَرّاءِ أَنَّه قالَ: لا واحِدَ له بصِحَّةٍ وهي مَعْرِفَةٌ وإِنْ كانَ جَمْعًا؛ لأَنَّ الأَماكِنَ لا تَزُولُ، فصارَتْ كالشَّيْءِ الواحِدِ وخالَفَ الزَّيْدِينَ، تقولُ: هؤَلاءِ عرفاتٌ حَسَنَةً، تنصِبُ النَّعْت لأَنَّه نَكِرَةٌ، وهي مَصْرُوفَةٌ قال سِيبَويْه: والدَّلِيلُ على ذلِك قولُ العَرَب: هذهِ عَرَفاتٌ مُبارَكًا فِيهَا، وهذِه عَرَفاتٌ حَسَنَةً، قال: ويَدُلُّكَ على كَوْنِها مَعْرِفَةً أَنّكَ لا تُدْخِلُ فيها أَلفًا وَلامًا، وإِنما عَرفاتٌ بمَنْزِلَةِ أَبانَيْنِ، وبمنزلةِ جَمْعٍ، ولو كانت عَرَفاتٌ نَكِرَةً لكانَتْ إِذَنْ عَرَفاتٌ في غيرِ مَوْضِعٍ، وَقال الأَخْفَشُ: وإِنّما صُرِفَتْ عَرَفاتٌ لأَنَّ التاءَ بمَنْزلَةِ الياءِ وَالواوِ في مُسْلِمينَ ومُسْلِمُون لأَنّه تَذْكِيرُه، وصار التَّنْوِينُ بمنزلةِ النّونِ، فلمّا سُمِّيَ به تُرِكَ على حالِه، كما يُتْرَكُ مُسْلِمُون إذا سُمِّيَ به على حالِه، وكذلِك القولُ في أَذْرِعاتٍ، وعاناتٍ، وعُرَيْتِناتٍ، كما في الصِّحاحِ.
والنِّسْبَةُ عَرَفيٌّ محَرَّكَةً.
وزَنْفَلُ بنُ شَدّادٍ العَرَفيُّ من أَتْباعِ التّابِعِينَ، رَوَى عن ابنِ أَبِي مُلَيْكَةَ سَكَنَها فَنُسِب إِليها ذَكَرَهُ الصّاغانِيُّ والحافِظُ.
قال الجَوْهَرِيُّ: وقَوْلُهمُ: نَزَلْنا عَرَفَةَ شَبِيهُ مُوَلَّدٍ وليسَ بعرِبِيٍّ مَحْضٍ.
والعارِفُ، والعَرُوفُ: الصَّبُورُ يُقال: أُصِيبَ فُلانٌ فوُجِدَ عارِفًا.
والعارِفَةُ: المَعْرُوفُ، كالعُرْفِ بالضّمِّ، يُقال: أَوْلاهُ عارِفَةً: أي مَعْرُوفًا، كما في الصِّحاحِ ج: عَوارِفُ ومنه سَمَّى السُّهْرَوَرْدِيُّ كتابه «عَوارِفَ المعارِفِ».
والعَرّافُ كشَدّادٍ: الكاهِنُ.
أَوالطَّبِيبُ كما هو نَصُّ الصِّحاح.
وَمن الأَوّل الحَدِيثُ: «من أَتَى عَرّافًا فَسأَلَه عَنْ شَيْءٍ لم يُقْبَلْ مِنْهُ صلاةٌ أَرْبَعينَ لَيْلَةً».
وَمن الثّانِي قولُ عُرْوَةَ بنِ حِزامٍ العُذْرِيِّ:
وَقُلْتُ لعَرّافِ اليَمامَةِ داوِنِي *** فإِنَّكَ إِنْ أَبْرَأْتَنِي لطَبِيبُ
فما بِيَ مِنْ سُقْمٍ ولا طَيْفِ جِنَّةٍ *** وَلكنَّ عَمِّي الحِمْيَرِيَّ كَذُوبُ
هكذا فَصَّلَه الصّاغانِيُّ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «من أَتَى عَرّافًا أو كاهِنًا فقَدْ كَفَرَ بما أُنْزِلَ على مُحَمّدٍ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم» قال ابن الأثِيرِ: العَرّافُ: المنَجِّمُ، أَو الحازِي الذي يَدَّعِي عِلْمَ الغَيْبِ الذي استَأْثرَ الله بعِلْمِه، وَقالَ الرّاغِبُ: العَرّافُ: كالكاهِنِ، إلّا أنَّ العَرّاف يُخَصُّ بمَنْ يُخْبِرُ بالأَحْوالِ المُسْتَقْبَلَةِ، والكاهِنُ يخبِرُ بالأَحْوالِ الماضِيَةِ.
وعَرّافٌ: اسمٌ.
وقال اللَّيْثُ: يُقالُ: أَمْرٌ عارِفٌ: أي مَعْرُوفٌ فهو فاعِلٌ بمعْنى مَفْعُولٍ، وأَنْكَره الأَزْهَريُّ، وقال: لم أَسْمَعْهُ لغيرِ اللَّيْثِ، والّذِي حَصَّلْناه للأَئِمَّةِ: رَجُلٌ عارِفٌ: أي صَبُورٌ، قاله أَبو عُبَيْدَةَ وغيرُه.
وقال ابنُ الأَعرابيِّ: عَرِفَ الرَّجُلُ، كسَمِعَ: إذا أَكْثَرَ من الطِّيبِ.
والعُرْفُ، بالضمِّ: الجُودُ.
وقِيلَ: هو اسْمُ ما تَبْذُلُه وتُعْطِيه.
والعُرْفُ: مَوْجُ البَحْرِ وهو مجازٌ.
والعُرْفُ: ضِدُّ النُّكْرِ وهذا قد تَقَدَّم له، فهو تَكْرارٌ، وَمنه قَوْلُ النّابِغَةِ الذَّبْيانِيِّ ـ يَعْتَذِرُ إلى النُّعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ ـ:
إلى الله إِلا عَدْله ووَفَاءَه *** فلا النُّكْرُ مَعْرُوفٌ، ولا العُرْفُ ضائِعُ
والعُرْفُ: اسمٌ من الاعْتِرافِ الّذِي هو بمَعْنَى الإقْرارِ، تَقُول: لَهُ عليَّ أَلْفٌ عُرْفًا: أي اعْتِرافًا وهو تَوْكِيدٌ، نقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والعُرْفُ: شَعَرُ عُنُقِ الفَرَسِ وقِيل: هو مَنْبِتُ الشَّعَرِ وَالرِّيشِ من العُنُقِ، واسْتَعْمَلَه الأَصْمَعِيُّ في الإِنْسانِ، فقَالَ: جاءَ فلانٌ مُبْرَئِلًّا للشَّرِّ: أي نافِشًا عُرْفَه، جَمْعُه أَعْرافٌ وعُرُوفٌ، قال امْرُؤُ القَيْسِ:
نَمُشُّ بأَعْرافِ الجِيادِ أَكُفَّنَا *** إذا نَحْنُ قُمْنا عَنْ شِواءِ مُضَهَّبِ
ويُضَمُّ راؤُه كعُسُرٍ، وعُسْرٍ.
والعُرْفُ: موضع قال الحُطَيْئةُ:
أَدارَ سُلَيْمَى بالدَّوانِكِ فالعُرْفِ *** أَقامَتْ علَى الأَرْواحِ والدِّيَمِ الوُطْفِ
وَفي المُعْجَمِ: في دِيارِ كِلابٍ به مُلَيْحَةُ: ماءَهٌ من أَطْيَبِ المِياهِ بنَجْدٍ، يخرجُ من صَفًا صَلْدٍ.
والعُرْفُ: عَلَمٌ.
والعُرْفُ: الرَّمْلُ والمَكانُ المُرْتَفِعانِ، ويُضَمُّ راؤُه وَفي الصِّحاح: العُرْفُ: الرَّمْلُ المُرتَفِعُ، قال الكُمَيْتُ:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ *** وَما أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟!
وَقالَ غيرُه: العُرْفُ هُنا: موضِعٌ أو جَبَلٌ، كالعُرْفةِ بالضّمِّ، ج: كصُرَدٍ، وجمْعُ العُرْفِ: أَعْرافٌ، مثل أَقْفالٍ.
والعُرْفُ: ضَرْبٌ من النَّخْلِ قال الأَصْمَعِيُّ: في كلامِ أَهل البَحْرَيْنِ.
وَقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الأَعْرافُ: ضربٌ من النَّخْلِ، وأَنْشَد:
يَغْرِسُ فيها الزّاذَ والأَعْرافَا *** والنّابِجِيَّ مُسْدِفًا إِسْدافَا
أَو هي: أَوَّلُ ما تُطْعِمُ وقِيلَ: إذا بَلَغَت الإِطْعامَ.
أَو هي: نَخْلَةٌ بالبَحْرَيْنِ تُسَمَّى البُرْشُومَ وهو بعينهِ الذي نَقَلَه الأَصْمَعِيُّ وابنُ دُرَيْدٍ.
والعُرْفُ: شجَرُ الأُتْرُجِّ نَقَلَه الجوهَرِيُّ، كأَنَّه لرائِحَتِه.
والعُرْفُ من الرَّمْلَةِ: ظَهْرُها المُشْرِفُ وكذا من الجَبَلِ، وَكُلِّ عالٍ.
والعُرُف: جَمْعُ عَرُوفٍ كصَبُورٍ للصّابِرِ.
والعُرْفُ: جَمْعُ العَرْفاءِ من الإِبِلِ والضِّباعِ ويُقال: ناقَةٌ عَرْفاءُ: أي مُشْرِفَةُ السَّنامِ، وقِيلَ: ناقَةٌ عَرْفاءُ: إذا كانَتْ مذَكَّرَةً تُشْبِه الجِمالَ، وقيلَ لها: عَرْفاءُ لِطُولِ عُرْفِها، وَأَمّا العَرْفاءُ من الضِّباعِ فسيأْتِي للمُصَنِّفِ فيما بَعْدُ.
والعُرْفُ: جَمْعُ الأَعْرَفِ من الخَيْلِ والحَيّاتِ يُقال: فَرَسٌ أَعْرَفُ: كثيرُ شَعَرِ المَعْرَفَةِ، وكذا حَيَّةٌ أعْرَفُ.
ويُقال: طارَ القَطَا عُرْفًا بالضَّم: أي مُتَتابِعَةً بَعْضُها خَلْفَ بَعْضٍ، ويُقالُ: جاءَ القَوْمُ عُرْفًا عُرْفًا أي مُتَتابِعَةً كذلِك ومنه حدِيثُ كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ: «جاءُوا كأَنَّهُم عُرْفٌ» أي يَتْبَعُ بعضُهُمْ بَعْضًا، قِيلَ: ومنه قَولُه تَعالى: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا وهي المَلائِكَةُ أُرْسِلَتْ مُتَتابِعَةً، مُستعارٌ من عُرْفِ الفَرَسِ.
أَو أَرادَ أَنَّها تُرْسَلُ بالمَعْرُوفِ والإِحْسانِ، وقُرِئت: عُرْفًا، وعُرُفًا.
وذُو العُرْفِ، بالضَّمِّ: رَبِيعَةُ بنُ وائِل ذِي طَوّافٍ الحَضْرَمِيُّ وقد تَقَدَّم ذكرُ أبيهِ في «طوف» من وَلَدِه الصّحابِيُّ رَبِيعَةُ بنُ عَيْدانَ بنِ رَبِيعَةَ ذِي العُرْفِ الحَضْرَمِيُّ، ويُقالُ: الكِنْدِيُّ ـ رضي الله عنه ـ شَهِدَ فتحَ مِصْر، قاله ابنُ يُونُسَ، وهو الذي خاصَمَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في أَرْضٍ، وتقَدَّم الاخْتلافُ في ضَبْطِ اسمِ أَبيهِ، هلْ هو عَيْدانُ، أو عَبْدانُ.
والعُرُفُ* كعُنُقٍ: ماءٌ لبَنِي أَسَدٍ من أَحْلَى المِياهِ.
وأَيضًا: موضع وبه فَسَّرَ غيرُ الجَوْهَرِيِّ قولَ الكُمَيْتِ السّابِقَ.
والمُعَلَّى بنُ عُرْفانَ بنِ سلَمَةَ الأَسَدِيُّ الكُوفيُّ بالضَّمِّ: من أَتْباعِ التّابِعِينَ ضَبَطَه الصّاغانِيُّ هكذا.
قلتُ: وهو أَخُو ابنِ أَبِي وائِلٍ شَقِيقِ ابن سَلَمَةَ، يَرْوِي عن عَمِّه، قال يَحْيَى وأَبو زُرْعَةَ والدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيفٌ، وقالَ البُخارِيُّ وأَبو حاتِمٍ: مُنْكَرُ الحَدِيثِ، وقال النسائِيُّ وَالأَزْدِيّ: مَتْرُوكُ الحَدِيثِ وقال ابنُ حِبّان: يَرْوِي الموْضُوعاتِ عن الأَثْباتِ، لا يَحِلُّ الاحْتِجاجُ به، قاله ابنُ الجَوْزِيِّ والذَّهَبِيُّ.
وعُرُفّانٍ، كجُرُبّانٍ، وعِفِتّانٍ ثُم فَسَّر الوَزْنَيْنِ بقولِه: بضَمَّتَيْن مُشَدَّدَةً، وبِكَسْرَتَيْنِ مُشَدَّدَةً وفيه لَفُّ ونَشْرٌ مَرتَّبٌ، قال أَبو حَنِيفَةَ: جُنْدَبٌ ضَخْمٌ كالجَرادَةِ له عُرْفٌ، لا يَكُونُ إلّا في رِمْثَةٍ، أو عُنْظُوانَةٍ وقد اقْتَصرَ على الضَّبْطِ الأَوّلِ. أَو دُوَيْبَةٌ صَغِيرَةٌ تكونُ برملِ عالِجٍ أَو رِمالِ الدَّهْناءِ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: العُرُفّانُ بالضبط الأَوّل: جَبَلٌ أَو دُوَيْبَّةٌ.
والعِرِفّانِ، بكَسْرَتَيْنِ مُشَدَّدَةً فقَط: اسمُ رَجُلٍ، وهو صاحبُ الرّاعِي الشاعِرِ الذي يَقُولُ فيه:
كَفانِي عِرِفّانُ الكَرَى وكَفيْتُه *** كُلُوءَ النُّجُومِ والنُّعاسُ مُعانِقُهْ
فباتَ يُرِيهِ عِرْسَهُ وبَناتِه *** وَبتُّ أُرِيهِ النَّجْمَ أَيْنَ مَخافِقُهْ
وقال ثَعْلَبٌ: العِرِفّانُ هنا: الرّجلُ المُعْتَرِفُ بالشيءِ الدَّالُّ عَلَيهِ وهذا صِفَةٌ، وذكر سِيبَوَيْه أَنه لا يَعْرِفُه وَصْفًا ويُضَم مع التّشْدِيدِ، وهكذا رواهُ سِيبَويْه، جَعَلَه مَنْقُولًا عن اسمِ عينٍ.
وعِرْفانُ، كعِتْبانَ: مُغَنِّيَةٌ مَشْهُورةٌ نَقَله الصّاغانِيَّ.
والعُرْفَةُ، بالضمِّ: أَرْضٌ بارِزَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ تُنْبِتُ.
والعُرْفَةُ أَيضًا: الحَدُّ بينَ الشّيَئَيْنِ كالأُرْفَةِ ج: عُرَفٌ كصُرَدٍ.
والعُرَفُ: ثَلاثَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، في بلادِ العَرَبِ، منها عُرْفَةُ صارَةَ، وعُرْفَةُ القَنانِ، وعُرْفَةُ ساقٍ وهذا يُقالُ لهُ: ساقُ الفَرْوَيْنِ وفِيهِ يَقُولُ الكُمَيْتُ:
رَأَيْتُ بعُرْفَةِ الفَرْوَيْنِ نارًا *** تُشَبُّ ودونِيَ الفَلُّوجَتانِ
وعُرْفَةُ الأَمْلَحِ، وعُرْفَةُ خَجَا، وعُرْفَةُ نِباطٍ، وغيرُ ذلك ويُقال: العُرَفُ في بلادِ ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدٍ، وَهُمْ رَهْطُ الكُمَيْتِ، وفي اللِّسانِ: العُرْفَتانِ ببلادِ بنِي أَسَدٍ. والأَعْرافُ: ضَرْبٌ من النَّخْلِ عن ابنِ دُرَيْدٍ، وخَصَّهُ الأَصْمَعِيُّ بالبَحْرَيْنِ، وقد تقَدَّم شاهِدُه.
والأَعْرافُ: سُورٌ بينَ الجَنَّةِ والنّارِ وبه فُسِّرَ قولُه تعالى: {وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ} وقالَ الزَّجّاجُ: الأَعْرافُ: أَعالِي السُّورِ، واخْتُلِفَ في أَصْحابِ الأَعْرافِ، فَقِيلَ: هم قَوْمٌ اسْتوَتْ حَسَناتُهم وسيئاتهم فلم يستحقّوا الجَنَّةَ بالحَسَناتِ، ولا النارَ بالسَّيِّئاتِ، فكانُوا على الحِجابِ الّذِي بينَ الجَنَّةِ والنّارِ، قالَ: ويَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْناه ـ والله أَعْلَمُ ـ: {عَلَى الْأَعْرافِ}: على مَعْرَفَةِ أَهْلِ الجَنَّةِ وأَهْلِ النّارِ هؤلاءِ الرِّجالُ، وقِيلَ: {أَصْحابُ الْأَعْرافِ}: أَنْبِياءُ، وقِيلَ: مَلائِكَةٌ على ما هو مُبَيِّنٌ في كُتُب التّفاسِيرِ.
والأَعْرافُ من الرِّياحِ: أعالِيها وأَوائِلُها، وكذلك من السَّحابِ والضَّبابِ، وهو مجازٌ.
وأَعْرافُ: نَخْلٌ وهِضابٌ وفي بعضِ النُّسَخِ ـ وهو الصَّواب ـ وأَعْرافُ نَخْلٍ: هِضابٌ حُمْرٌ لبَنِي سَهْلَة هكَذا في النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ، صوابُه حُمْرٌ في أَرْضٍ سهْلَةٍ، كما هو نَصُّ المُعْجَمِ لياقُوت، وأَنشدَ:
يا مَنْ لثَوْرٍ لَهَقٍ طَوّافِ *** أَعْيَنَ مشّاءٍ على الأَعْرافِ
وَيومُ الأَعْرافِ: من أَيّامِهِمْ.
وقال أَبُو زِياد: في بِلادِ العَرَب بُلْدانٌ كَثيرةٌ تُسَمَّى الأَعْراف، منها: أَعْرافُ لُبْنَى، وأَعْرافُ غَمْرَةَ وغيرُهما، وَهي مَواضِعُ في بِلادِ العَرَبِ، قال طُفَيْلٌ الغَنَوِيُّ:
جلَبْنَا من الأَعرافِ أَعْرافِ غَمْرَةٍ *** وَأَعْرافِ لُبْنَى الخَيْلَ مِنْ كُلِّ مَجْلَبِ
عِرابًا وحُوًّا مُشْرِفًا حَجَبَاتُها *** بَناتِ حِصانٍ قَدْ تُخُيِّرَ مُنْجِبِ
بناتِ الأَغَرِّ والوَجِيهِ ولاحِقٍ *** وَأَعْوَجَ ينْمِي نِسْبَةَ المُتَنَسِّبِ
والعَريفُ، كأَمِيرٍ: مَنْ يُعَرِّف أَصْحابَه، ج: عُرَفاءُ ومنهالحدِيثُ: «فارْجِعُوا حتّى يَرْفَع إِلينا عُرَفاؤكُم أَمْرَكُم».
وعَرُفَ الرَّجُلُ، ككَرُمَ وضَرَب عَرافَةً مصدر الأَول، وَاقْتَصَر الصّاغانيُّ والجَوْهَريُّ على البابِ الأَوّلِ، أي: صارَ عَرِيفًا، ويُقال أَيضًا: عَرَفَ فلانٌ عَلَيْنا سِنَين، يعْرُفُ عِرافَةً ككَتَبَ كِتابَةً: إذا عَمِلَ العِرافَةَ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
والعَرِيفُ: رَئِيسُ القَوْمِ وسَيِّدُهم سُمِّي به؛ لأَنَّه عُرِفَ بذلِكَ أَو لمعْرِفَتِه بسِياسةِ القَوْمِ.
أَو النَّقِيبُ، وهو دُونَ الرَّئِيسِ وفي الحَدِيث: «العِرافَةُ حقٌ، والعُرَفاءُ في النّارِ» وقال ابنُ الأَثِيرِ: العُرَفاءُ جمعُ عَرِيفٍ، وهو القَيِّمُ بأمورِ القَبِيلَةِ أو الجَماعةِ من النّاسِ، يَلِي أُمُورَهُم، ويَتَعَرَّفُ الأَمِيرُ منهُ أَحْوالَهُم، فِعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ، وقولُه: «العِرافَةُ حَقٌّ»: أي فِيها مَصْلَحَةٌ للنّاسِ، وَرِفْقٌ في أُمورِهم وأَحوالِهم، وقولُه: «والعُرَفاءُ في النّارِ»: تَحْذِيرٌ من التَّعَرُّضِ للرِّياسَةِ؛ لِمَا في ذلكَ من الفِتْنَةِ؛ فإِنّه إذا لَم يَقُمْ بحَقِّه أَثِمَ، واسْتَحَقَّ العُقُوبَةَ، ومنه حدِيثُ طاوُس: «أَنَّه سأَلَ ابنَ عَبّاسٍ: ما مَعْنَى قَوْلِ النّاسِ: «أَهْلُ القُرآنِ عُرَفاءُ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ فقَالَ: رُؤَساؤُهم» وقال عَلْقَمَةُ بنُ عَبْدَةَ:
بل كُلُّ حَيٍّ وإِنْ عَزُّوا وإِنْ كَرُمُوا *** عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
وعَرِيفُ بنُ سَرِيعٍ، وابنُ مازِنٍ: تابِعِيّانِ أَما الأَولُ فإِنّه مِصْرِيّ يَرْوِي عنْ عبدِ الله بنِ عَمْرٍو وعنه تَوْبَةُ بنُ نَمْرٍ، ذكرهُ ابنُ حِبّانٍ في الثّقاتِ، وأَما الثّانِي، فإِنّه حَكَى عن عَلِيِّ بْنِ عاصِمٍ، قاله الحافِظُ.
وعَرِيفُ بنُ جُشَمَ: شاعِرٌ فارِسٌ وهو من أَجدادِ دُرَيْدِ ابنِ الصِّمَّةِ وغيرِه من الجُشَمِيِّينَ.
وابنُ العَرِيفِ: أَبُو القاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الوَلِيدِ القُرْطُبِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ: نَحْوِيُّ شاعِرٌ.
وفاته: أَبو العَبّاسِ بنُ العَرِيفِ: مَعْرُوفٌ، نقله الحافِظُ.
قلت: وهو أَبو العَبّاسِ أَحمَدُ بنُ مُحمَّدِ بنِ مُوسَى بنِ عَطاءِ الله الصِّنْهاجِيُّ الطَّنْجِيُّ نَزِيلُ المَرِيَّةِ، والمُتوفَّى بمَرّاكُشَ سنة 536 أَخَذ عن أَبِي بَكْرٍ عبدِ الباقِي بنِ مُحَمّدِ بْنِ بُرْيال الأَنْصارِيّ، تلميذِ أَبي عَمْرٍو الطَّلَمَنْكِيِّ، وعنه مُحْيِي الدّينِ ابنُ العَرَبِيِّ، وغَيْرُه، كَما ذَكَرْناهُ في رِسالَتِنا: «إِتْحاف الأَصْفياءِ بسُلّاك الأَوْلِياءِ».
وكَزُبَيْرٍ: عُرَيْفُ بْنُ دِرْهَمٍ أَبُو هُرَيْرةَ الكُوفيُّ عن الشَّعْبِيِّ.
وعُرَيْفُ بْنُ إِبْراهِيمَ يَرْوِي حَدِيثَه يَعْقُوبُ بنُ مُحَمّدٍ الزّهرّيْ.
وعُرَيْفُ بنُ مُدْرِكٍ وغيرُ هؤلاءِ: مُحَدِّثُونَ.
والحارِثُ بنُ مالِكِ بنِ قَيْسِ بن عُرَيْفٍ: صَحابِيُّ، لم أَجِدْ ذِكْره في المَعاجِمِ.
وعُرَيْفُ بنُ آبَدَ كأَحْمَدَ في نَسِبِ حَضْرَمَوْتَ من اليَمَنِ.
وفي الصِّحاحِ: العِرْفُ بالكَسر، من قَوْلِهم: ما عَرَفَ عِرْفي [بالكسرِ] * إِلّا بِأَخَرَةٍ: أي ما عَرَفَنِي إلّا أَخِيرًا.
و* العِرْفَةُ، بالكسر: المَعْرِفَةُ وهذا تقدم ذكره في أَولِ المادة، عند سَرْدِه مَصادِرَ عَرَفَ.
وقال ابنُ الأَعرابِيِّ: العِرْفُ بالكسرِ: الصَّبْرُ وأَنشَد لأبِي دَهْبَلٍ الجُمَحِيِّ:
قُلْ لابْنِ قَيْسٍ أَخِي الرُّقَيّاتِ *** ما أَحْسَنَ العِرْفَ في المُصِيباتِ
وقد عَرَفَ للأَمْرِ يعْرفُ من حَدِّ ضَرَبَ، واعْتَرَفَ أي: صَبَرَ، قال قَيْسُ بنُ ذَرِيحٍ:
فيا قَلْبُ صَبْرًا واعْتِرافًا لِما تَرَى *** وَيا حُبَّها قَعْ بالَّذِي أَنْتَ واقَعُ
والمَعْرَفَةُ، كَمَرْحَلَةٍ: مَوْضِعُ العُرْفِ من الفَرَسِ من النّاصِيَةِ إلى المِنْسَجِ، وقِيلَ: هو اللَّحْمُ الّذي يَنْبُتُ عَلَيه العُرْفُ.
والأَعْرفُ من الأَشياءِ: مالهُ عُرْفٌ قال:
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ *** كمِثْلِ شَيْطانِ الحَماطِ أَعْرَفُ
والعَرْفاءُ: الضَّبُعُ، لكَثْرَةِ شَعَرِ رَقَبَتِها وقِيلَ: لطُولِ عُرْفِها، وأَنشدَ ابنُ بَرَيٍّ للشَّنْفَرَى:
وَلِي دُونَكُم أَهْلُونَ سِيدٌ عَمَلَّسٌ *** وَأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفاءُ جَيْأَلُ
وَقال الكُمَيْتُ:
لها راعِيَا سُوءٍ مُضِيعانِ مِنْهُما *** أَبو جَعْدَةَ العادِي وعَرْفاءُ جَيْأَلُ
ويُقال: امْرَأَةٌ حَسَنةُ المَعارِفِ: أي الوَجْهِ وما يَظْهَرُ مِنْها، واحِدُها مَعْرَفٌ، كمَقْعَدٍ سُمِّيَ به لأَنَّ الإِنسانَ يُعْرَفَ بهِ، قال الرَّاعِي:
مُتَلَثِّمِينَ على مَعارِفِنَا *** نَثْنِي لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
وَقِيل: المَعارِفُ: مَحاسِنُ الوَجْهِ.
ويُقال: هو من المَعارِفِ: أي المَعْرُوفِينَ كأَنَّه يُرادُ به من ذَوِي المَعارِفِ، أي: ذَوي الوُجُوهِ.
ومن سجَعاتِ المَقاماتِ الحَرِيريّةِ: حَيّا الله المعارفَ وَإِنْ لم يَكُنْ مَعارِف. أي حيّا الله الوُجُوهَ.
وأَعْرَفَ الفَرَسُ: طالَ عُرْفُه.
والتَّعْرِيفُ: الإِعْلامُ يُقال: عَرَّفَه الأَمْرَ: أَعْلَمَه إِيّاه، وَعَرَّفَهُ بَيْتَه: أَعْلَمَه بمَكانِه، قال سِيبَوَيْه: عَرَّفْتُه زَيْدًا، فذَهَبَ إلى تَعْدِيَةِ عَرَّفْتُ بالتَّثْقِيل إلى مَفْعُولَيْنِ، يعني أَنَّك تَقُول: عَرَفْتُ زَيْدًا، فيَتَعَدَّى إلى مَفْعُولَيْنِ، قال: وأَمّا عَرَّفْتُه بزْيدٍ، فإِنَّما تُرِيدُ عرَّفْتُه بهذِه العَلامَةِ وأَوْضَحْتُه بها، فهو سِوَى المَعْنَى الأَوّلِ، وإِنّما عَرَّفْتُه بزيدٍ، كقَوْلِكَ سَمَّيْتُه بزَيْدٍ.
والتَّعْرِيفُ: ضِدُّ التَّنْكِيرِ وبه فُسِّرَ قولُه تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} على قِراءَةِ من قَرأَ بالتَّشْدِيدِ.
والتَّعْرِيفُ: الوُقُوفُ بعرَفاتٍ يُقال: عَرَّفَ الناسُ: إذا شَهِدُوا عَرَفاتٍ، قال أَوْسُ بنُ مَغْراءَ:
وَلا يَرِيمُونَ للتَّعْرِيفِ مَوْقِفَهم *** حتّى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانَا
وهو المُعَرَّفُ، كمُعَظَّمٍ: الموْقِفُ بعَرَفاتٍ وفي حَدِيثِ ابنِ عَبّاسٍ: « {ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وذلِكَ بعدَ المُعَرَّفِ» يريدُ بعدَ الوُقُوفِ بعَرَفَةَ، وهو في الأَصْلِ موضِعُ التَّعْرِيفِ، ويكونُ بمعنى المَفْعُول.
ومن المَجازِ: اعْرَوْرَفَ الرَّجلُ: إذا تَهَيَّأَ للشَّرِّ واشْرَأبَّ له.
ومن المَجازِ أَيضًا: اعْرَوْرَفَ البَحْرُ: إذا ارْتَفَعَت أَمْواجُه كالعُرْفِ.
وَكذلِكَ اعْرَوْرَفَ السَّيْلُ: إذا تَراكَمَ وارْتَفَعَ.
ومن المجاز أَيضًا: اعْرَوْرَفَ النَّخْلُ: إذا كَثُفَ والْتَفَّ كأَنّه عُرْفُ الضَّبُعِ قال أُحَيْحَةُ بنُ الجُلاحِ يصِفُ عَطَنَ إِبِلِه:
مُعْرَوْرِفٌ أَسْبَلَ جبّارُه *** بحافَتَيْهِ الشُّوعُ والغِرْيَفُ
واعْرَوْرَفَ الدَّمُ صارَ له زَبَدٌ مثلُ العُرْفِ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:
مُسْتَنَّةٍ سنَنَ الفُلُوِّ مُرِشَّةٍ *** تَنْفي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
واعْرَوْرَفَ الرَّجُلُ الفَرَسَ: إذا علا عَلَى عُرْفِه نَقَلَه الصّاغانيُّ.
وقال ابنُ عَبّادٍ: اعْرَوْرفَ الرَّجلُ: ارْتَفَع علَى الأَعْرافِ.
ويُقال: اعْتَرَفَ الرَّجُلُ بهِ أي بذَنْبِه: أَقَرَّ به، ومنه حدِيثُ عُمَرَ رضي الله عنه: «اطْرُدُوا المُعْتَرِفِينَ» وهم الَّذِين يُقِرُّون على أَنْفُسِهِم بما يَجِبُ عليهم فيهِ الحَدُّ والتَّعْزِيرُ، كأَنَّه كَرِه لَهُم ذلِك، وأَحَبَّ أَنْ يَسْتُرُوه.
واعْتَرَفَ فُلانًا: إذا سَأَلَه عن خَبَرٍ ليَعْرِفَه والاسمُ العِرْفَةُ، بالكَسْرِ، وقد تَقَدَّم شاهدُه من قولِ بِشْرٍ.
واعْتَرَفَ الشَّيْءَ: عَرَفَه قال أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ سَحابًا:
مَرَتْه النُّعامَى فلم يَعْتَرِفْ *** خِلافَ النُّعامَى مِن الشَّأْمِ رِيحَا
وَرُبّما وَضَعُوا اعْتَرَفَ موضِعَ عَرَفَ، كما وَضَعُوا عَرَفَ موضِعَ اعْتَرَف.
وقال ابنُ الأَعرابِيِّ: اعْتَرَفَ فُلانٌ: إذا ذلَّ وانْقادَ وأَنْشَدَ الفَرَّاءُ في نوادِرِه:
ما لَكِ تَرْغِينَ ولا يَرْغُو الخَلِفْ *** وتَجْزَعِينَ والمَطِيُّ يَعْتَرِفْ
أي: يَنْقادُ بالعملِ، وفي كِتاب «يافِع ويَفَعَة»: والمَطِيُّ مُعْتَرِف.
واعْتَرَفَ إِليَّ: أَخْبَرَنِي باسْمِه وشَأْنِه كأَنّه أَعْلَمَه به.
وتَعَرَّفْتُ ما عِنْدَك: أي تَطَلَّبْتُ حتّى عَرَفْتُ ومنهالحَدِيثُ: «تَعَرَّفْ إلى الله في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّة».
ويُقال: ائْتِه فاسْتَعْرِفْ إِليهِ حَتَّى يَعْرِفَكَ وفي اللِّسانِ: أَتَيْتُ مُتَنَكِّرًا ثم اسْتَعْرَفْتُ: أي عَرَّفْتُه مَنْ أَنا، قال مُزاحِمٌ العُقَيْلِيُّ:
فاسْتَعْرِفا ثُمّ قُولَا: إنَّ ذا رَحِمٍ *** هَيْمانَ كَلَّفَنا من شَأْنِكُم عَسَرَا
فإِن بَغَتْ آيةً تَسْتَعْرِفانِ بِها *** يَوْمًا، فقُولَا لَها: العُودُ الَّذِي اخْتُصِرَا
وتَعارفُوا: عَرَفَ بَعْضُهُمْ بعْضًا ومنه قَولُه تَعالى: {وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا}.
وسَمَّوْا عَرَفَةَ مُحَرَّكَةً، ومَعْرُوفًا، وكزُبَيْرٍ، وأَمِيرٍ، وَشَدّادٍ، وقُفْلٍ، وما عَدا الأَوَّلَ فقد ذَكَرَهم المُصَنِّفُ آنِفًا، فهو تَكْرارٌ، فتَأَمَّلْ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
أَمْرٌ عَرِيفٌ: معروفٌ، فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُولٍ.
وَأَعْرَفَ فُلانٌ فُلانًا، وعَرَّفَه: إذا وَقَفَهُ على ذَنْبِه، ثم عَفَا عنه. وعَرَّفَه بِهِ: وسَمَهُ.
وَهذا أَعْرَفُ مِنْ هذا، كَذا في كِتاب سِيبَوَيْهِ، قال ابنُ سِيدَه: عِنْدِي أَنَّه على تَوَهُّم عَرُفَ؛ لأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّما هو مَعْرُوفٌ لا عارفٌ، وصِيغَةُ التَّعَجُّبِ إِنّما هِيَ من الفاعِل دونَ المَفْعُولِ، وقد حَكَى سِيبَوَيْه: ما أَبْغَضَه إِليَّ: أي أَنَّه مُبْغَضٌ، فتَعَجَّبَ من المَفْعُول كما يُتَعَجَّبُ من الفاعِلِ، حتَّى قال: ما أَبْغَضَنِي له، فعَلَى هذا يَصْلُحُ أَنْ يكونَ أَعْرَفُ هنا مُفاضَلَةً وتَعَجُّبًا من المَفْعُولِ الَّذِي هو المَعْرُوف.
والتَّعْرِيفُ: إِنشادُ الضّالَّةِ، نَقَلَه الجَوْهَريُّ.
وَتَعَرَّفَ الرَّجُلُ، واعْتَرَفَ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لطَرِيفٍ العَنْبَرِيّ:
وَتَعَرَّفُونِي إِنَّنِي أَنا ذَاكُمُو *** شاكٍ سِلاحِي في الفَوارِسِ مُعْلَمُ
وَاعْتَرَفَ اللُّقَطَةَ: عَرَّفَها بصِفَتِها وإِنْ لم يَرَها في يدِ الرَّجُلِ، يقال: عَرَّفَ فلانٌ الضّالَّةَ: أي ذَكَرَها وطَلَبَ مَنْ يَعْرِفُها، فجاءَ رَجُلٌ يَعْتَرِفُها: أي يَصِفُها بصِفَةٍ يُعْلِمُ أَنّه صاحِبُها.
وَاعْتَرَفَ له: وصَفَ نفسَه بصفةٍ يُحَقِّقُه بها.
وَاسْتَعْرَفَ إِليه: انْتَسَب له.
وَتَعَرَّفَهُ المَكانَ، وفيهِ: تأَمَّلَه بِه، وأَنشَدَ سِيبَوَيْه:
وَقالُوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِنْ مِنىً *** وَما كُلُّ من وافَى مِنىً أَنا عارِفُ
وَمَعارِفُ الأَرضِ: أَوْجُهُها وما عُرِف مِنْها.
وَنَفْسٌ عَرُوفٌ: حامِلَةٌ صَبورٌ إذا حُمِلَتْ على أَمرٍ احْتَمَلَتْه.
قال الأَزْهَرِيُّ: ونفسٌ عارِفَةٌ، بالهاءِ مِثْلُه، قال عَنْتَرَةُ:
فصَبَرْتُ عارِفَةً لذلِكَ حُرَّةً *** تَرْسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
يَقُول: حَبَسْتُ نَفْسًا عارِفَةً، أي: صابرَةً.
وَالعَوارِفُ: النُّوقُ الصُّبُرُ، وأَنشدَ ابنُ بَرِّيٍّ لمُزاحِمٍ العُقَيْلي:
وقَفْتُ بها حَتّى تَعالَتْ بيَ الضُّحَى *** وَمَلَّ الوُقُوفَ المُبْرَياتُ العَوارِفُ
المُبْرَياتُ: التي في أُنُوفِها البُرَةُ.
وَالعُرُف، بضمَّتَيْنِ: الجُودُ، لغةٌ في العُرْفِ بالضم، قال الشّاعِرُ:
إنَّ ابنَ زَيْدٍ لا زالَ مُسْتَعْمَلًا *** بالخَيْرِ يُفْشِي في مِصْرِه العُرُفَا
وَالمَعْرُوف: الجُودُ إذا كانَ باقْتِصادٍ: وبه فَسَّرَ ابنُ سِيدَه ما أَنشَدَه ثَعْلَبٌ:
وَما خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى في شَبابِه *** إذا لم يَزِدْهُ الشَّيْبُ حِينَ يَشِيبُ
وَالمَعْرُوف: النُّصْحُ، وحُسنُ الصُّحْبَةِ مع الأَهْلِ وغيرِهم من النّاسِ، وهو من الصِّفاتِ الغالِبَةِ.
وَيُقال للرَّجُلِ ـ إِذا وَلَّى عنكَ بِوُدِّه ـ: قد هاجَتْ مَعارِفُ فُلانٍ، وهي ما كُنْتَ تَعْرِفُه من ضَنِّه بكَ، ومعنَى هاجَتْ: يبِسَتْ، كما يَهيجُ النَّباتُ إذا يَبِسَ.
وَالتَّعْرِيفُ: التَّطْيِيبُ والتَّزْيِينُ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ} أي: طَيَّبَها، قال الأَزهَرِيُّ: هذا قولُ بعضِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، يقال: طَعامٌ مُعَرَّفٌ: أي مُطَيَّبٌ، وقال الفَرّاءُ: معناه يَعْرِفُونَ منازِلَهُم حَتَّى يكونَ أَحَدُهم أَعْرَفَ بمَنْزِلِه [في الجَنَّةِ مِنْهُ بمَنْزِله] إِذا رَجَع من الجُمُعَةِ إلى أَهْلِه، وقالَ الرّاغِبُ: {عَرَّفَها لَهُمْ} بأَن وَصَفَها وَشَوَّقَهُم إِليها.
وَطَعامٌ مُعَرَّفٌ: وُضِعَ بعضُه على بعضٍ.
وَعَرُفَ الرَّجُلُ، ككَرُمَ: طابَ رِيحُه.
وَعَرِفَ، كعَلِم: إذا تَرَكَ الطِّيبَ، عن ابنِ الأَعرابيِّ.
وَأَرْضٌ مَعْرُوفَةٌ: طَيِّبَةُ العَرْفِ. وتَعَرَّفَ إِليه: جَعَله يَعْرِفُه.
وَعَرَّفَ طَعامَه: أَكْثَر إِدامَهُ.
وَعَرَّفَ رَأْسَهَا بالدُّهْن: روّاهُ.
وَاعْرَوْرَفَ الفَرَسُ: صارَ ذا عُرْفٍ.
وَسَنامٌ أَعْرَفُ: أي طَوِيلٌ ذُو عُرْفٍ.
وَناقَةٌ عَرْفاءُ: مُشْرِفَةُ السَّنامِ، وقيل: إذا كانَتْ مُذَكَّرةً تُشْبِهُ الجِمالَ.
وَجَبَلٌ أَعْرَفُ: له كالعُرْفِ.
وَعُرْفُ الأَرْضِ، بالضَّمِّ: ما ارْتَفَعَ منها، وحَزْنٌ أَعرَفُ: مُرْتَفِعٌ.
وَالأَعْرافُ: الحَرْثُ الذِي يَكُونُ على الفُلْجانِ والقَوائِدِ.
وَعَرَّفَ الشَّرَّ بينَهم: أَرَّثَه، أُبْدِلَت الأَلِفُ لمكانِ الهَمْزَةِ عَيْنًا، وأُبْدِل الثّاءُ فاءً، قالَهُ يَعْقُوبُ في المُبْدَلِ، وأَنشد:
وَما كُنْتُ مِمَّن عَرَّفَ الشَّرَّ بينَهُم *** وَلا حينَ جَدَّ الجِدُّ مِمَّنْ تَغَيَّبَا
: أي أَرَّثَ.
وَمَعْرُوفٌ: وادٍ لَهُم، أَنشَدَ أَبُو حنِيفَةَ:
وَحَتَى سَرَتْ بعدَ الكَرَى في لَوِيِّهِ *** أسارِيعُ مَعْرُوفٍ وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وَتَعارَفُوا: تَفاخَرُوا، ويُرْوَى بالزاي أَيضًا، وبهما فُسِّرَ ما في الحَدِيثِ: «أَنّ جارِيَتَيْن كانَتَا تُغَنِّيانِ بما تَعارفَت الأَنْصارُ يومَ بُعاثٍ».
وَتَقُولُ ـ لمَنْ فِيه جَرِيرَةٌ ـ: ما هو إِلا عُوَيْرِفٌ.
وَقُلَّةٌ عَرْفاءُ: مرتَفِعَةٌ، وهو مجازٌ.
وَعَرَفْتُه: أَصَبْتُ عَرْفَه، أي: خَدَّه.
وَالعارِفُ ـ في تَعارُفِ القومِ ـ: هو المُخْتَصُّ بمَعْرِفَةِ الله، ومَعْرِفةِ مَلَكُوتِه، وحُسْنِ مُعامَلَتِه.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: عَرَفَ: اسْتَحْذَى.
وقد عَرَفَ عندَ المُصِيبَةِ: إذا صَبَرَ.
وَعَرُفَ، ككَرُمَ، عَرافَةً: طابَ رِيحُه.
وَأَعْرفَ الطَّعامُ: طابَ عَرْفُه، أي رائِحَتُه.
وَالأَعَارفُ: جِبالُ اليمامَةِ، عن الحَفْصِيِّ.
وَالأَعْرَفُ: اسمُ جَبَلٍ مُشْرِفٍ على قُعَيْقِعانَ بمَكَّةَ.
وَالأُعَيْرِفُ: جَبَلٌ لطَيِّئٍ، لهم فيه نَخْلٌ، يُقالُ له: الأَفِيقُ.
وَعَرَف، مُحَرَّكَةً: من قُرَى الشِّحْرِ باليَمَنِ.
وَعَبْدُ الله بنُ مُحمَّدِ بنِ حُجْرٍ العَرّافيُّ بالفتح [مع التَّشديد] رَوَى عن شيخٍ يُكْنَى أَبا الحَسَنِ، وعنه حَسَنُ ابنُ يَزْدادَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
29-تاج العروس (وسم)
[وسم]: الوَسْمُ: أَثَرُ الكَيِّ يكونُ في الأَعْضاءِ.قالَ شيْخُنا: هذا هو الاسْمُ المُطْلقُ العام، والمُحقِّفونَ يُسَمّونَ كُلّ سِمَةٍ باسْمٍ خاصٍّ.
واسْتَوْعَبَ ذلك السّهيليّ في الرَّوْض.
وذَكَرَ بعضُه الثَّعالبيُّ في فقْهِ اللُّغَةِ.
* قُلْتُ: الذي ذَكَرَ السّهيليّ في الرَّوضِ مِن سِماتِ الإِبِلِ: السطاع والرقمة والخباط والكشاح والعلاط وقيد الفرس والشعب والمشيطفة والمعفاة والقرمة والجرفة والخطاف والدلو والمشط والفرتاج والثؤثور والدماغ والصداع واللجام والهلال والخراش هذا ما ذكره وفاته العراض واللحاظ والتلحيظ والتحجين والصقاع والدمع وقد ذكرهن المصنف كلهن في مواضع من كتابه. وقال الليثُ: الوَسَمُ أثرُ كَيّة يقالُ: موسُومٌ أي قد وُسِمَ بسِمَةٍ يُعْرَفُ بها إما كيّة وإما قطع في أُذُنٍ أَو قَرْمةٌ تكون علامةً له وقوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} تقدم في خرطم ج. وُسومٌ أنشد ثعلب:
ترشح إلا موضع الوسومِ
وسَمَه يَسِمُه وَسْمًا وَسِمَةً كعِدَةٍ إذا أثر فيه بكيّ والهاء في سِمةٍ عوض من الواو.
قال شيخنا: فالسِّمَةُ هنا مصدرٌ وتكون اسمًا بمعنى العلامة والأصل فيها أن تكون بكيّ ونحوه، ثم أطلقوها على كل علامةٍ، وفي الحديث: «أنه كان يَسِمُ إبل الصّدقة»، أي يُعلم عليها بالكيّ فاتَّسَمَ أصله أو تسم ثم وقع فيه الإِبدالُ والإدغامُ.
وِالوِسامُ وِالسِّمةُ بكسرِهما: ما وُسِمَ به الحيوانُ من ضروبِ الصُّوَرِ.
وِالمِيسَمُ بكسر الميم: المِكْواةُ أو الشَّيء الذي يوسم به الدواب. وفي الحديث: «وفي يدهِ المِيسَمُ» هي الحديدة التي يُكْوَى بها. قال ابن برِّي: اسمٌ للآلة التي يُوسمُ بها وأصله مُوسَمٌ فقلبت الواو بالكسرة الميم.
الجمع: مَواسِمُ وِمَياسِمُ الأخيرة معاقبة. وقال الجوهريّ: أصل الياء واو فإن شئتَ قلتَ في جَمْعِهِ مَياسِمَ على اللفظ وإِن شِئتَ مواسِمَ على الأصل.
وِقال ابن برِّي: الميسم اسمٌ لأثر الوسم أيضًا كقول الشَّاعر:
وِلو غيرُ أخوالي أرادوا نقيصتي *** جَعلتُ لهم فوق العَرانِينِ ميسُما
فليس يُريدُ جعلتُ لهم حديدةً وإنما يريد جعلت أثَرَ وَسْمٍ وِمن المجازِ مَوْسِمُ الحجِّ كمجلسٍ مُجْتَمَعَهُ وكذا موسم السوق والجمع مواسم.
قال اللّحيانيّ: ذو مجاز موسم وإنما سميت هذه كلها مواسم لاجتماعِ الناسِ والأسواقِ فيها، وفي الصِّحاحِ سُمِّي بذلك لأَنَّه مَعْلَمٌ يجتمع إليه. قال الليث وكذلك كانت أسواق الجاهلية وأنشد الجوهريّ:
حياضُ عِراكٍ هدّمَتها المواسمُ
يريد أهل المواسم وَوَسَّمَ تَوْسِيمًا: شَهِدَهُ كعرّف تعريفًا وعيّد تعييدًا عن ابن السكيت وِمن المجاز تَوَسَّم الشَّيءَ إذا تَخَيَّلَهُ: وفي الأساس: إذا تبين فيه أَثَره وِتَوَسَّم فيه الخيرَ تَفَرَّسَهُ كما في الصِّحاح. قال شيخُنا: وأَصْلُه: عَلِمَ حقيقتَه بسِمَتِه، ويقال: توَسَّمه إذا نظره من قرنِهِ إلى قَدمِهِ واستقصى وجوهَ معرفته ومنه شاهِدُ التلخيص:
بعثوا إليّ عريفهم بِتَوَسُّمِ
وِالوَسْمَةُ، بالفتحِ وكَفَرِحَةٍ الأولى لغةٌ في الثانية، كما أشار له الجوهريّ قال: ولا يقالُ: وُسمة بالضم. وقال الأزهريّ: كلام العرب الوسِمَة بكسرِ السين. قاله الفراءُ وَغيره من النحويين؛ وفي المحكم: التثقيل لأهل الحجاز وغيرهم يخففونها وهو العظلم كما في الصحاح وهو ورَقُ النِّيلِ أَوْ نباتٌ آخر يُخْضَبُ بوَرقِهِ وقال اللَّيث: شجرةٌ ورقُها خضاب وفيه قُوَّةٌ مُحَلَّلَةٌ وِمِن المجاز المِيسَمُ، بكسر الميم، وِالوَسامةُ: أَثَرُ الحُسْنِ والجمالِ والعتقِ؛ يقال: امرأةٌ ذاتُ مِيسَمٍ إذا كان عليها أثر الجمال، نقله الجوهري قال ابن كلثوم:
خَلطْن بميسمٍ حَسَبًا ودينًا
وفي الحديثِ: «تنكح المرأة لميسمها»، أي لحُسنها من الوِسامة. وقَدْ وَسُمَ الرَّجُلُ ككَرُمَ وَسامةً وِوَسامًا أيضًا بحذف الهاء مثل جَمُلَ جمالًا بفتحهما وهذا التقييد مستغنى عنه لأن الإِطلاق كافٍ في ذلك. قال الكُميتُ يمدح الحسينَ بنَ عليٍّ رضي اللهُ تعالَى عنهما:
يَتَعرّفنَ حُرُّ وَجهٍ عليه *** عقبةُ السّرْ وِظاهرًا والوِسامِ
فهو وَسِيمٌ؛ أَي حَسَنُ الوَجْهِ والسيمي. وقال ابن الأعرابي: الوَسِيمُ الثابتُ الحسنِ كأنه قد وُسِمَ. وفي صفته صلى الله عليه وسلم: «وسيمٌ قَسيمٌ» أي حَسَنٌ وضيءٌ ثابتٌ.
ج، وُسَماء هكذا في النسخ وفي بعضها: وَسْمَى وكِلاهُما غيرُ صوابٍ، والصوابُ وِسام بالكسر. يقال قومٌ وِسامٌ وهي بهاء وجمعه: وسامٌ أيضًا كظريفةٍ وظِرافٍ وصبيحةٍ وصِباحٍ كما في الصحاح، فكان الأولى في العبارة أن يقول: فهو وَسيمٌ وهي بهاء، جمعهِ وسام وبه سَمَّوْا أَسماء: اسم امرأة مشتق من الوسامة وهمزتُه الأولى مبدلةٌ من واوٍ قال شيخنا: وهذا قول سيبويه وهو الذي ضخمه جماعةٌ، ولذا اختاره المُصَنِّف فوزنُ أسماء عليه فَعْلاء. وقال المبرّدُ أنه منقول من جمع الاسم فَوَزْنُهُ أفعَالٌ وهمزته الأولى زائدة والأخيرة أصلية وتبعه ابن النَّحَّاس في شرح المعلقات، قيل: والأصل كونه عَلَم مؤنث كما ذكره هو أيضًا فيمنع وإن سُمِّي به مذكر، قالوا: والتسمية بالصفات كثيرة دون الجموع اه.
وقال ابن بري: وأما أسماء اسمُ امرأةٍ فاختلف فيه منهم من يجعله فعلًا والهمزة فيه أصلًا ومنهم من يجعله بدلًا من واو وأصله عندهم وَسْمَاءُ ومنهم من يجعل همزته قطعًا زائدة ويجعله جمعَ اسمٍ سُمِّيَتُ به المرأة، ويقوي هذا الوجه قولُهُمْ في تصغيره سُمَيَّة ولو كانت الهمزة أصلًا لم تحذف اه. ثم قال شيخنا: وذكر العصام أن أصل أَسْمَاء وَسْمَاء ككَرْمَاء كما يدل له قولُ القاموسِ وبه سُمِّي فيه نظر اه.
* قُلْت: ووجه النظر أنّ قوله وبه سُمِّي ليس هو كما ظنّ أنه راجع إلى لفظِ وَسْمًا، وإنما المراد أنه مشتق من الوَسَامَةِ على أنّ قولَه وَسْمًا، في نسخ القاموس تحريف، والصواب وِسام بالكسر كما قدمناه؛ ثم نقل شيخنا عن بعض من صنّف في أسماء الصحابة أن أسماء مما وقع علمًا للمذكر كما وقع علمًا للمؤنث وعدّد من ذلك شيئًا كثيرًا وفَصّل بعضهم فقال: الموضوع للإناث منقول من الصفة وأصله وَسْماء والموضوع للمذكر منقول من الجمع وهو أَسْماء جمع اسم وكل ذلك لا يخلو عن نظر اه.
* قُلْتُ: ومِن المذكر: أَسْماءُ بْنُ الحَكم عن علي بن أبي طالب، وِأَسْماءُ بن عبيد الضّبعِيِّ عن الشعبيِّ وغيرِهما.
وَوَاسَمَه في الحُسْنِ فَوَسَمَه أي غَلَبَهُ فيه وفي الصحاح: به وِالوَسْمِيُّ مطرُ الرَّبيعِ الأوَّلُ كذا نص الصِّحاح، وفي المُحْكم: مطرُ أولِ الرّبيع وهو بعد الخريفِ لأنه يَسِمُ الأَرضَ بالنباتِ فيصير فيها أثرًا في أول السنة ثم يتبعه الولي في صميم الشتاء، ثم يتبعه الربعي. وقال ابن الأعرابيّ: نجوم الوَسمي أولُها فرغُ الدلو المؤخّر، ثم الحوتُ ثم الشَّرَطانِ ثم البُطَيْن ثم النَّجْم، وهو آخِرُ الصَّرْفة ويَسْقُطُ آخِرَ الشِّتاءِ.
وِالأرضُ مَوْسومةٌ: أَصابَها الوَسْمِيُّ.
وِتَوَسَّمَ الرجلُ: طَلَبَ كَلَأَ الوَسْمِيِّ، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ عن الأَصْمَعيّ؛ وأَنْشَدَ للنابِغَةِ الجَعْديّ:
وِأَصْبَحْنَ كالدَّوْمِ النَّواعِم غُدْوَةً *** على وِجْهَةٍ من ظاعِنٍ مُتَوسِّم
وِمَوْسومٌ: فَرَسُ مالِكِ بنِ الجُلاحِ.
وِمُسلِمُ بنُ خَيْشَنَة الكِنانيُّ أَخُو أَبي قرصافَةَ له ذِكْر في حدِيثِ أَخِيه، يقالُ: كان اسْمُه ميسَمًا فَغَيَّرَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، لأنَّ المِيْسَمَ المِكْوَاة.
وِدِرْعٌ مَوْسومةٌ: أَي مُزَيَّنَةٌ بالشِّيَةِ مِن أَسْفَلِها؛ عن شَمِرٍ.
وِوَسِيمٌ، كأَميرٍ: اسْمٌ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
اتَّسَمَ الرجلُ: إذا جَعَلَ لنفْسِه سِمةً يُعْرَفُ بها.
وفي الحَدِيْثِ: «على كلِّ مِيسمٍ مِن الإنْسانِ صَدَقَةٌ».
قالَ ابنُ الأثيرِ: هكذا جاء في رِوايَةٍ، فإن كانَ مَحْفوظًا فالمرادُ به أَنَّ على كلِّ عُضْوٍ مَوْسومٍ بصُنْع اللهِ.
وِالمُتَوَسِّمُ: المُتَحَلِّي بسِمَةِ الشيوخِ.
وهو مَوْسومٌ بالخَيْرِ والشَّرِّ.
وقد وَسَمَه بالهِجاءِ.
وحَكَى ثَعْلَب: أَسَمْتُه بمعْنَى وَسَمْتُه. وأَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك؛ أَي لا تُجاوِزَنَّ قَدْرَك.
وصدَقَني وَسْمَ قِدْحِه: كصَدَقَني سِنَّ بَكْرِه.
وِالمَواسِيمُ: الإِبِلُ المَوْسومةُ؛ وبه فُسِّر قَوْلُ الشاعِرِ:
حِياضُ عِراكٍ هَدَّمَتْها المَواسِمُ
وِتَوَسَّمَ: اخْتَضَبَ بالوَسْمَةِ.
وهو أَوْسَمُ منه: أَي أَحْسَن منه.
وِوَسمَ وَجْهُه: حَسُنَ؛ وبه فُسِّر قَوْله:
كغصْنِ الأراكِ وَجْهه حينَ وسما
وِالوَسْمُ: الوَرَعُ، والشِّين لُغَةٌ فيه.
قالَ ابنُ سِيْدَه: ولسْتُ منها على ثِقَةٍ.
وِوَسِيمٌ، كأَميرٍ: قَرْيةٌ بالجِيزَةِ على ضفَّةِ النِّيلِ مِن الغَرْبِ، وقد دَخَلْتها، وهي على ثلاثَةِ فَراسِخ مِن مِصْرَ، وقد ذُكِرَتْ في حدِيثِ عُمَرَ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه، رَوَاه بكرُ بنُ سوادَةَ عن أَبي عطيف عن عميرِ بنِ رفيعِ قالَ: قالَ لي عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: يا مِصْري أيْنَ وَسِيم مِن قُراكم؟ فقُلْتُ: على رأْسِ مِيلٍ يا أَميرٍ المُؤْمِنِين.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
30-تاج العروس (لو لوو لولو)
[لوو]: ولَوِيَ القِدْحُ والرَّمْلُ، كرَضِيَ، يَلْوَى لَوًا، كذا في النسخِ، وفي كتابِ أبي عليِّ: لَوَى وقالَ: يكْتَبُ بالياءِ، فهو لَوٍ، مَنْقُوصٌ: اعْوَجَّ، كالْتَوَى فيهما، عن أبي حنيفَةَ.واللِّوَى، كإِلَى: الاسْمُ منه، وهو ما الْتَوَى من الرَّمْلِ.
وقالَ الجَوْهرِي: وهو الجَدَدُ بعْدَ الرَّمْلةِ؛ ونقلَه القالِي عن الأصْمعي وأَنْشَدَ لامْرئِ القَيْسِ:
بسقْطِ اللِّوى بينَ الدَّخُولِ فحَوْمَلِ
وفي التهذيبِ: اللِّوَى: مُنْقَطَعُ الرَّمْلةِ.
وفي الأساسِ: مُنْعَطَفُه.
أَو مُسْتَرَقُّهُ؛ كما في المُحْكم، الجمع: ألْواءٌ، وكَسَّرَه يعقوب على أَلْوِيَةٍ فقالَ يَصِفُ الضِّمَخ: ينبتُ في أَلْوِيَةِ الرَّمْلِ ودَكادِكِه، وإِيَّاه تبعَ الجَوْهرِي، فقالَ: وهما لِوَيانِ، والجَمْعُ الأَلْويةُ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وفِعَل لا يُجْمَع على أَفْعِلةٍ.
وأَلْوَيْنا: صِرْنا إليه. يقالُ: أَلْوَيْتم؛ أَي بَلَغْتُم لِوَى الرَّمْلِ.
ولِواءُ الحيَّةِ، كذا في النسخِ والصَّوابُ لِوَى الحيَّة حِواؤُها، وهو انْطِواؤُها، كما هو نَصُّ المُحْكم والقالِي؛ زادَ الأخيرُ: والْتِواؤُها، قالَ: وهو اسْمٌ لا مَصْدَر.
ولاوَتِ الحيَّةُ الحيَّةَ ملاواةً ولِواءً: الْتَوَتْ عليها.
وتَلَوَّى الماءُ في مَجْراه: انْعَطَفَ ولم يَجْرِ على الاسْتِقَامَةِ؛ كالْتَوَى.
وتَلَوَّى البَرْقُ في السَّحابِ: اضْطَرَبَ على غيرِ جِهَةٍ.
وقَرْنٌ أَلْوَى: أَي مُعْوَجٌّ، الجمع: لُيٌّ، بالضَّمِّ حَكَاها سِيْبَوَيْه، قالَ: وكذلكَ سَمِعْناها مِن العَرَبِ، قالَ: ولم يَكْسِرُوا، وإن كانَ ذلكَ القِياس، وخالَفُوا بابَ بِيض لأنَّه لمَّا وَقَعَ الإدْغامَ في الحرْف ذهَبَ المدُّ وصارَ كأنَّه حرْفٌ متحرِّكٌ، والقِياسُ الكسرُ لمجاوَرَتِها الياء.
ولَواهُ دَيْنَه وبدَيْنِهِ لَيًّا بالفتح، ولِيًّا ولِيَّانًا، بكسرهما، الذي في المُحْكم بالكَسْر والفَتْح فيهما معًا، واقْتَصَرَ الجَوْهرِي على الفَتْح في لَيَّان وهي اللُّغَةُ المَشْهورَةُ؛ وعَجِيبٌ من المصنِّفِ كيفَ تَرَكَه مع شُهْرتِهِ، وما ذلكَ إلَّا قُصُورٌ منه؛ وحكَى ابنُ برِّي عن أبي زَيدٍ قالَ: لِيّان، بالكسر، لُغَيَّةٌ؛ مَطَلَهُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لذي الرُّمَّة:
تُرِيدِينَ لَيَّاني وأَنْت مَلِيئَةٌ *** وأُحْسِنُ يا ذاتَ الوِشاحِ التَّقاضِيا
ويُرْوَى: تُسِيئِينَ لَيَّاني، وفي التّهذيبِ: تُطِيلِينَ.
وفي الحديثِ: «لَيُّ الواجِدِ يُحِل عِرْضَه وعُقوبَتَه»، وقالَ الأعْشى:
يَلْوِينَني دَيْني النَّهارَ وأَقْتَضِي *** دَيْني إذا وَقَدَ النُّعاسُ الرُّقَّدا
وأَلْوَى الرَّجُلُ: خَفَّ؛ كذا في النسخِ والصَّوابُ جَفَّ؛ زَرْعُه، بالجيم كما هو نَصّ التَّهْذيب.
وأَلْوى: خاطَ لِواءَ الأميرِ؛ نقلَهُ الأزْهرِي.
وقيلَ: عَمِلَه ورَفَعَه؛ عن ابنِ الأعْرابي؛ ولا يقالُ لَواهُ، كذا في المُحْكم.
وأَلْوى: أَكْثَر التَّمَنِّي؛ نقلَه الأزْهرِي أَيْضًا؛ أَي إذا أَكْثَر مِن حَرْف لَوْ في كَلامِه، وهو مِن حُرُوف التَّمنِّي.
وأَلْوَى: أَكَلَ اللَّوِيَّةَ، كغَنِيَّةٍ، وهو ما يدَّخِرُه الرَّجُل لنَفْسِه أَو للضَّيْف؛ كما سَيَأْتي.
وأَلْوَى بثَوْبِه: إِذا لَمَعَ وأَشارَ؛ كما في الصِّحاحِ؛ وبيدِهِ كذلكَ، كما في الأساسِ.
وفي التهذيبِ: قيلَ: أَلْوَى بثَوْبِه الصَّريخُ والمرأَةُ بيدَيْها.
وأَلْوَى البَقْلُ: ذَبُلَ وذَوَى وَجَفَّ.
وأَلْوَى بحقِّه: إذا جَحَدَهُ إِيَّاه، كلَوَاه حقَّه ليًّا؛ وهذه عن ابن القطَّاع.
وأَلْوَى به: ذَهَبَ؛ ومنه الحديثُ: «أنَّ جِبريلَ، عليهالسلام، رَفَعَ أَرْضَ قَوْمِ لُوط ثم أَلْوَى بها حتى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ ضُغاءَ كِلابِهم» أَي ذَهَبَ بها.
وفي الصِّحاح: أَلْوَى فلانٌ بحقِّي إذا ذَهَبَ به.
وأَلْوَى بما في الإناءِ من الشَّرابِ: اسْتَأْثَرَ به وغَلَبَ على غيرِهِ؛ وقد يقالُ ذلكَ في الطَّعام؛ وقولُ ساعِدَةَ الهُذَليّ:
سادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثَمانِيًا *** يُلْوِي بعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ
أَي يَشْرَب ماءَها فيذْهَب به.
وأَلْوَتْ به العُقابُ: أَخَذَتْه وطارَتْ به؛ وفي الأساس: ذَهَبَتْ.
وفي الصِّحاح: أَلْوَتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبُ أي ذَهَبَتْ به، وفي التهذيب: مثل أَيْهات أَلْوَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ كأنَّها داهِيَةٌ، لم يفسِّر الأصْمعي أَصْلَه.
ومِن المجازِ: أَلْوَى بهم الدَّهْرُ؛ أَي أَهْلَكَهُم؛ قالَ الشاعرُ:
أَصْبَحَ الدَّهْرُ وقد أَلْوَى بهم *** غَيْرَ تَقْوالِك من قيلٍ وقالِ
وأَلْوَى بكَلامِه: خالَفَ به عن جِهَتِه؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
واللَّوِيُّ كغَنِيِّ: يَبِيسُ الكَلإ والبَقْلِ، كما في المُحْكم.
وقال الجَوْهري: هو على فَعِيلٍ ما ذَبُلَ من البَقْلِ.
أَو ما كانَ منه بينَ الرَّطْبِ واليابسِ؛ عن ابنِ سِيدَه.
وقد لَوِيَ، كرَضِيَ لَوًى وأَلْوَى صارَ لَوِيًّا؛ وتقدَّمَ أَلْوَى قرِيبًا فهو تِكْرار.
والأَلْوَى من الطَّريقِ: البَعِيدُ المَجْهولُ، وقد لَوِيَ لَوًى.
والأَلْوَى: الشَّديدُ الخُصومَةِ الجَدِلُ السَّلِيطُ الذي يَلْتَوِي على خَصْمِه بالحجَّةِ ولا يُقِرُّ على شيءٍ واحِدٍ.
وفي المَثَلِ: لتَجِدَنَّ فلانًا أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَر؛ يُضْرَبُ في الرجُلِ الصَّعْبِ الخلقِ الشَّديدِ اللَّجاجَةِ؛ قالَ الشاعرُ:
وجَدْتَني أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرّ *** أَحْمِلُ ما حُمِّلْتُ من خَيْرٍ وشَرّ
والأَلْوَى: المُنْفَرِدُ المُعْتَزِلُ عن النَّاسِ؛ قال الشَّاعرُ يصِفُ امْرأَةً:
حَصانٌ تُقْصِدُ الألْوَى *** بعَيْنَيْها وبالجيدِ
وهي لَيَّاءُ. قالَ الأزْهرِي: ونِسْوةٌ لِيَّانٌ، وإن شِئْتَ بالتاءِ لَيَّاواتٍ، والرِّجالُ أَلْوُونَ، والتاءُ والنونُ في الجماعاتِ لا يمتَنِعُ منهما شيءٌ من أَسْماءِ الرِّجالِ والنِّساءِ ونُعوتِهما، وإن فعل فهو لَوَى يَلْوِي لَوًى، ولكن اسْتَغْنَوْا عنه بقوْلِهم لَوَى رأْسَه.
والألْوَى: شَجَرَةٌ تُنْبِت حِبالًا تَعَلَّقُ بالشَّجَرِ وتَلْتَوِي عليها، ولها في أَطْرافِها ورقٌ مدوَّرٌ في طَرَفِه تَحْديدٌ؛ كاللُّوَيِ، كسُمَيِّ؛ كذا في المُحْكم.
واللَّوِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: ما خَبَأْتَهُ لغيرِكَ من الطَّعامِ؛ قالَهُ الجَوْهرِي؛ وأَنْشَدَ:
قُلْتُ لذاتِ النُّقْبةِ النَّقِيَّهْ *** قُومي فَغَدِّينا من اللَّوِيَّهْ
وفي التهذيبِ: ما يدَّخِره الرَّجلُ لنفْسِه أَو للضَّيْفِ؛ قالَ:
آثَرْت ضَيْفَكَ باللَّوِيَّة والذي *** كانتْ له ولِمِثْلِه الأَذْخارُ
وفي المُحْكم: اللَّويَّةُ: ما خَبَأْتَهُ عن غيرِكَ وأَخْفَيْتَه؛ وقيلَ: هي الشيءُ يُخْبَأُ للضَّيْفِ؛ وقيلَ: هي ما أَتْحَفَتْ به المرأَةُ زائِرَها أَوْ ضَيْفَها؛ والوَلِيَّةُ: لُغَةٌ فيها مَقْلوبَةٌ؛ الجمع: لَوايَا ووَلايَا يثْبتُ القَلْبُ في الجَمْعِ أَيْضًا؛ وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه:
الآكِلُونَ اللَّوايا دُونَ ضَيْفِهِم *** والقِدْرُ مَخْبوءَةٌ منها أَثافِيها
قالَ الأزْهرِي: وسَمِعْت كِلابيًّا يقولُ لقَعِيدةٍ له: أَينَ لَويَاكِ وحَواياكِ ألا تُقَدِّمينَها إلينا؟ أَرادَ: أَينَ مَا خَبَأْتِ من شَحْمةٍ وقَديدةٍ وشبهِهما من شيءٍ يُدَّخَر للحقوقِ.
واللَّوَى، بالفتح مَقْصور: وَجَعٌ يكونُ في المَعِدَةِ؛ وفي كتابِ القالِي: في الجَوْفِ؛ ومِثْلُه في الصِّحاح؛ زادَ القالِي: عن تخمَةٍ، يُكْتَبُ بالياءِ.
واللَّوَى: اعْوِجاجٌ في الظَّهْرِ. يقالُ: فَرَسٌ به لَوًى، إذا كانَ مُلْتَوِي الخلِقِ؛ وهذا فَرَسٌ ما به لَوًى ولا عَصَلٌ؛ وأَنْشَدَ القالِي للعجَّاج:
شَدِيد جلز الصّلْب مَعْصُوب الشَّوَى *** كالكَرِّ لا شخبٍ ولا به لَوَى
وقد لَوِيَ، كرَضِيَ، لَوًى يُكْتَبُ بالياءِ، فهو لَوٍ، مَنْقوصٌ، فيهما؛ أَي في الوَجَعِ والاعْوِجاجِ. يقالُ: لَوِيَ الرجلُ ولَوِيَ الفَرَسُ.
واللِّواءُ، بالمدِّ أي مع الكسْرِ، وإنَّما أَطْلَقَه لشُهْرتِه؛ وأَنْشَدَ القالِي للَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
حتى إذا رفعَ اللِّواء رأَيْته *** تحْتَ اللِّواءِ على الخَميسِ زَعِيما
وقال كعْبُ بنُ مالِكٍ:
إنَّا قَتَلْنا بقَتْلانا سُرَاتكم *** أَهْل اللِّواءِ ففيم يكثُرُ القِيل؟
واللِّوايُ، قالَ الجَوْهرِي: هي لُغَةٌ لبعضِ العربِ؛ وأَنْشَدَ:
غَداةَ تَسايَلَتْ من كلِّ أَوْبٍ *** كتائبُ عاقِدينَ لهم لِوايا
العَلَمُ؛ قالَ القالِي: هو الذي يُعْقَدُ للأميرِ؛ الجمع: أَلْوِيَةٌ، وجج جَمْعُ الجَمْع أَلْوِياتٌ؛ وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه:
جُنْحُ النَّواصِي نحوُ أَلْوياتِها
وأَلْوَاهُ: عَمِلَه ورَفَعَهُ، ولا يقالُ لَواهُ؛ كما في المُحْكم.
واللَّوَّاءُ، كشَدَّادٍ: طائِرٌ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه، كأنَّه سُمِّي باسْمِ الصَّوْتِ.
واللَّاوِيا: نَبْتٌ؛ وهو في المُحْكم وكتابِ القالِي مَمْدودٌ، وقالا: ضَرْبٌ من النَّبْتِ.
وأَيْضًا: مِيسَمٌ يُكْوَى به؛ عن ابنِ سِيدَه.
وقالَ القالِي: هي الكَاوِياءُ، وقد تقدَّمَ.
واللَّوَى: بمعْنَى اللَّاتِي، التي هي جَمْعُ التي، أَصْلُه اللَّواتِي، سَقَطَتْ منه التاءُ والياءُ ثم رُسِمَت بالياءِ، يقالُ: هنَّ اللَّوَى فَعَلْنَ؛ حَكَاهُ اللّحْياني؛ وأَنْشَدَ:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ *** مِنَ اللَّوَى شُرِّفْن بالصِّرارِ
وقد تقدَّم هذا للمصنِّفِ في التي.
واللُّوَى، بالضَّمِّ: الأباطِيلُ.
وقالَ الجَوْهرِي: اللَّاؤُونَ جَمْعُ الذي مِن غيرِ لَفْظِه، وفيه ثلاثُ لُغاتٍ: اللَّاؤُونَ في الرَّفْع، واللَّائِينَ في النَّصْبِ والخَفْض، واللَّاؤُو، بلا نونٍ، قالَ ابن جنِّي: حَذَفُوا النونَ تَخْفِيفًا؛ كُلُّه بمعْنَى الذينَ. قالَ الجَوْهرِي: واللّائِي، بإثْباتِ الياءِ، في كلِّ حالٍ يَسْتَوِي فيه الرِّجالُ والنِّساءُ، ولا يُصَغَّرُ، لأنَّهم اسْتَغْنوا عنه باللَّتِيَّاتِ للنِّساءِ، وباللَّذيُّون للرِّجالِ، وقد تقدَّم ذلكَ.
واللَّوَّةُ: الشَّرْهَةُ؛ كذا في النسخِ والصَّوابُ الشَّوْهَةُ بالواوِ، كما هو نصُّ التهذيبِ. وفي المُحْكم: السَّوْأَةُ.
ويقالُ: هذه والله الشَّوْهَةُ واللَّوْأَةُ واللَّوَّةُ، وقد لَوَّأَ اللهُ به، بالهَمْزِ؛ أَي شَوَّهَ؛ قالَ الشاعرُ:
وكنت أُرَجِّي بعد نَعْمانَ جابرًا *** فَلَوَّأَ بالعَيْنَين والوَجْه جابرُ
واللُّوَّةِ، بالضَّمِّ: العُودُ القماري الذي يُتَبَخَّرُ به، لُغَةٌ في الأَلُوَّةُ، فارِسيٌّ مُعَرَّبٌ، كاللِّيَّةِ، بالكسر، قالَ ابنُ سِيدَه: وهو فارِسيٌّ مُعَرَّبٌ.
واللَّيّاءُ، كشَدَّادٍ: الأرضُ البَعِيدَةُ عن الماءِ؛ هكذا ضَبَطَه القالِي في كتابِه وقالَ: هي الأرضُ التي بَعُدَ ماؤُها، واشْتَدَّ السَّيْرُ فيها؛ وأَنْشَدَ للعَجَّاج:
نازِحةُ المِياهِ والمُسْتافِ *** لَيَّاءُ عن مُلْتَمِسِ الإخْلَافِ
ذات فيافٍ بَيْنها فَيافِ
قالَ: وأَنْشَدْناه أَبو بكْرِ بْنُ الأنْبارِي، قالَ: المُسْتافُ الذي ينْظرُ ما بعْدَها، والإخْلاف: الاسْتِقاءُ، أي هي بَعِيدَةُ الماءِ فلا يَلْتَمِسُ بها الماءَ مَنْ يُريدُ اسْتِقاءَهُ.
وغَلِطَ الجَوْهرِي في قَصْرِه وتَخْفِيفِه، ونَصّه في كتابِه: واللَّيّا، مَقْصورٌ: الأرضُ البَعِيدَةُ من الماءِ، فالقَصْر ضَبْطُه كما تَرَى، وأمَّا التَّخْفيفُ والكَسْر فهو مِن ضَبْطِه بخطِّه في النسخِ الصَّحِيحةِ.
فقوْلُ شيْخنا: ليسَ في كَلامِه ما يدلُّ على قَصْرٍ وتَخْفيفٍ، وكأنَّ نسْخَةَ المصنِّفِ مُحَرَّفةً فاعْتَمَدَ التَّحْريفَ على الاعْتِراضِ غَيْر متجه، فتأَمَّل.
ولُوَيَّةُ، كسُمَيَّة: موضع بالغَوْرِ قُرْبَ مكَّةَ دُونَ بُسْتانِ ابنِ عامِرٍ في طرِيقِ حاجِّ الكُوفَةِ، وكان قَفْرًا قِيًّا، فلمَّا حَجَّ الرَّشيدُ اسْتَحْسَنَ فَضاءَهُ فبَنَى فيه وغَرَسَ في خيفِ الجَبَلِ وسمَّاهُ خيفُ السَّلام، قالَهُ نَصْر.
ولِيَّةُ، بالكَسر وتَشْديدِ التَّحْتِيَّةِ: وادٍ لثقيفٍ بالحِجازِ.
وفي المُحْكم: مَكانٌ بوادِي عُمَان.
أَو جَبَلٌ بالطَّائِفِ أَعْلاهُ لثقيفٍ وأَسْفَلَه لنَصْرِ بنِ مُعاوِيَةَ، وفرَّقَ بَيْنهما الصَّاغاني فضَبَطَ الأوَّل بالتَّخْفيفِ، والثَّاني بالتَّشْديدِ.
واللِّيَّةُ، أَيْضًا بالتَّشْديدِ: القَراباتُ الأَدْنُونَ، وقد جاءَ في الحديثِ هكذا بالتَّشْديدِ في بعضِ رواياتِهِ، وهو مِن اللّيِّ كأن الرَّجُل يَلْوِيَهم على نَفْسِه ويُرْوَى بالتَّخْفِيفِ أَيْضًا؛ قالَهُ ابنُ الأثيرِ.
وأَلْوَاءُ الوادِي: أَحْناؤُه، جَمْعُ لِوًى، بالكسْر. وكذا الألْواءُ من البِلادِ نَواحِيها جَمْعُ لِوًى أَيْضًا. ويقالُ: بَعَثُوا بالسِّواءِ واللِّواءِ، مَكْسُورَتَيْنِ، أَي: بَعَثُوا يَسْتغيثونَ.
واللِّوايَةُ، بالكسر: عَصًا تكونُ على فَمِ العِكْم يُلْوَى بها عليها.
وتَلاوَوْا عليه: اجْتَمَعُوا، تَفاعَلُوا مِن الليِّ، كأنَّهم لَوَى بعضُهم على بعضٍ.
ولَوْلَيْتُ مُدْبِرًا: أَي وَلَّيْتُ.
واللَّاتُ: صَنَمٌ لثقيفٍ، وهي صَخْرَةٌ بَيْضاءُ مُرَبَّعَة بَنَوا عليها بنيةً ويُذْكَر مع العُزَّى، وهي اليَوْمِ تحْتَ مَنارَةِ مَسْجِدِ الطائِفِ؛ فَعَلَةٌ، بالتَّحْريكِ، من لَوَى عليه؛ أَي عَطَفَ وأَقامَ؛ عن أَبي عليِّ الفارِسِيّ، قالَ: يدلُّكَ عليه قولُه تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ}. وقد ذُكِرَ في «ل ا ه»، وفي «ل ت ت».
وزَجُّ لاوَةَ: موضع بناحِيَةِ ضَرِيَّةَ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
تَلَوَّتِ الحَيَّةُ: انْطَوَتْ. وتَلَوَّى من الجُوعِ تَلَوِّي الحَيَّة.
وأَلْوَتِ الأرضُ: صارَ بَقْلُها لَوِيًّا.
ولَوى لَوِيةً والْتَوَاها: اتَّخَذَها.
وعُودٌ لَوٍ: أَي مُلْتَوٍ.
وحَكَى ثَعْلب: لَوِيتُ لاءً حَسَنَةً؛ أَي عَمِلْتها؛ ونقلَهُ اللّحْياني عن الكِسائي، ومَدْلاءً لأنَّه قد صَيَّرها اسْمًا، والاسْمُ لا يكونُ على حَرْفَيْن وضعًا، قالَ: وإذا نَسَبْتَ إليها قُلْت لَوَوِيٌّ.
وقَصِيدَةٌ لَوِوِيَّةٌ: قافِيَتُها لا؛ قالَ الكِسائي: وهذه لاءٌ ملوَّاةٌ أَي مَكْتُوبَةٌ.
ولاوَى: اسْمُ رجُلٍ أَعْجَمِيِّ؛ قيلَ: هو مِن ولدِ يَعْقوب عليهالسلام.
ولَاوَى فلانًا: خالَفَهُ.
ولَاوَيْتُ: قُلْتُ: لا.
وقالَ: ابنُ الأعْرابي: لَوْلَيْت بهذا المَعْنَى.
وكبشٌ أَلْوَى وشاةٌ لَيَّاءُ مِن شاءٍ لييين.
وألْوَى: عَطَفَ على مُسْتَغِيثٍ.
وألْوَتِ الحَرْبُ بالسَّوامِ: إذا ذهَبَتْ بها وصاحِبُها يَنْظُر إليها؛ وهو مجازٌ. والألْوَى: الكَثيرُ المَلاوِي؛ وأَيْضًا: الشَّديدُ الالْتِواء.
و {لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ}: قُرِئَ بشدِّ وخفِّ، والتَّشْديدُ للكثْرَةِ.
ولَوِيتُ عن هذا الأمْرِ كرَضِيتُ: أَي التَوَيْت عنه؛ قالَ:
إذا الْتَوَى بي الأمْرُ أَو لَوِيتُ *** مِن أَيْنَ آتي الأمرَ إذا أُتِيتُ؟
ولُوَيُّ بنُ غالِبٍ، بلا هَمْزٍ، لُغَةُ العامَّة؛ نقلَهُ الأزْهرِي.
ولَوَى عليه الأمْرَ تَلْوِيَةً: عَرَضَهُ، كما في التهذيبِ؛ وفي الأساسِ: عَوَّصَه عليه.
والْتَوَى عليه الأمْر: اعْتَاصَ.
والْتَوَتْ عليَّ حاجَتِي: تَعَسَّرَتْ.
ومُلْتَوَى الوادِي: مُنْحناهُ.
ويقالُ للرَّجلِ الشَّديدِ: ما يُلْوَى ظَهْرُه؛ أَي لا يَصْرعُه أَحَدٌ.
وهو يَلْوِي أَعْنَاقَ الرِّجالِ: أَي يَغْلبُهم في الجِدَالِ.
والمَلاوِي: الثَّنايَا المُلْتَوِيَةُ التي لَا تَسْتَقِيمُ.
يقالُ: سَلَكُوا المَلاوِي.
وملّوةُ، بتَشْديدِ اللامِ: مدينةٌ بالصَّعِيدِ.
والألْوِيَةُ: المَطارِدُ، وهي دونَ الأَعْلامِ والبُنود؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
ولِواءُ الحَمْدِ: ممَّا اخْتُصَّ به صلى الله عليهوسلم، يومَ القِيامَةِ.
واللّواءُ: العلامَةُ؛ وبه فسِّرَ الحديثُ: «لكلِّ غادِرٍ لواءٌ يومَ القِيامَةِ»؛ أَي علامَةٌ يُشْتَهَرُ بها.
ولَوَى عنه عطفَه: إذا ثَناهُ وأَعْرَضَ عنه أَو تَأَخَّرَ، ويُشَدَّدُ.
واللّيُّ: التّشدُّدُ والصَّلابَةُ.
واللِّوَى، بالكسر: وادٍ في جَهَنَّم، أَعاذَنا اللهُ منه.
واللِّوا، بالكسر مَقْصورٌ: لُغَةٌ في اللِّواءِ، بالمدِّ، وقد جاءَ في شِعْر حسَّان: أَصْحابُ اللِّوا، أَيْضًا نقلَهُ الخطابي.
وقالَ يَعْقُوب: اللِّوى وريام: وادِيانِ لنَصْر وجشمٍ؛ وأَنْشَدَ للحقيق:
وإني من بغضي مَسُولاء واللّوى *** وبطنِ رِيام مُحَجّلُ القيدِ نَازعُ
ولَوَى الرجُلُ لَوًى: اشْتَدَّ بُخْلُه.
وأَلْوَى بالحَجَرِ: رَمَى به.
واللِّوَى: مَوْضِعٌ بينَ ضريَّةَ والجديلَةِ على طرِيقِ حاجِّ البَصْرةِ.
واللَّوَّاءُ، كشدَّادٍ: عقبَةٌ بينَ مكَّةَ والطائِفِ؛ عن نَصْر.
واللَّيَّاءُ، كشدَّادٍ: مَوْضِعٌ في شِعْرٍ، عن نَصْر أَيْضًا.
وأَلْوَى الأميرُ له لِواءً: عَقَدَه.
واسْتَلْوَى بهم الدَّهْرُ: كألْوَى.
قالَ ابنُ برِّي: وقد يَجِيءُ اللَّيَّانُ بمعْنَى الحَبْسِ وضِدّ التَّسْريح؛ وأَنْشَدَ:
يَلْقَى غَريمُكُم من غيرِ عُسْرَتِكُمْ *** بالبَذْلِ مَطْلًا وبالتَّسْريحِ لَيَّانا
وذَنَبٌ أَلْوَى: مَعْطوفٌ خَلْقَةً مثْلُ ذَنَبِ العَنزِ.
وجاءَ بالهَواءِ واللّواءِ: أَي بكلِّ شيءٍ، وسَيَأْتِي للمصنِّفِ في «ه ي ا».
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
31-لسان العرب (ضرب)
ضرب: الضَّرْبُ مَعْرُوفٌ، والضَّرْبُ مَصْدَرُ ضَرَبْتُه؛ وضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْبًا وضَرَّبَه.وَرَجُلٌ ضارِبٌ وضَرُوبٌ وضَريبٌ وضَرِبٌ ومِضْرَبٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: شديدُ الضَّرْب، أَو كَثِيرُ الضَّرْب.
والضَّريبُ: المَضْروبُ.
والمِضْرَبُ والمِضْرابُ جَمِيعًا: مَا ضُرِبَ بِهِ.
وضَارَبَهُ أَي جالَدَه.
وتَضاربا واضْطَرَبا بمَعنًى.
وضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبُه ضَرْبًا: دَقَّه حَتَّى رَسَب فِي الأَرض.
ووَتِدٌ ضَرِيبٌ: مَضْرُوبٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
وضَرُبَتْ يَدُه: جَادَ ضَرْبُها.
وضَرَبَ الدِّرْهمَ يَضْرِبُه ضَرْبًا: طَبَعَه.
وَهَذَا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمير، ودِرْهَمٌ ضَرْبٌ؛ وَصَفُوه بالمَصْدَر، ووَضَعُوه موضعَ الصِّفَةِ، كَقَوْلِهِمْ ماءٌ سَكْبٌ وغَوْرٌ.
وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ عَلَى نيَّة الْمَصْدَرِ، وَهُوَ الأَكثر، لأَنه لَيْسَ مِنَ اسْمِ مَا قَبْلَه وَلَا هُوَ هُوَ.
واضْطَرَبَ خاتَمًا: سأَل أَن يُضْرَبَ لَهْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْطَرَبَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَب»أَي أَمَرَ أَن يُضْرَبَ لَهُ ويُصاغَ؛ وَهُوَ افْتَعَل مِنَ الضَّرْبِ: الصِّياغةِ، والطاءُ بَدَلٌ مِنَ التاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «يَضْطَرِبُ بِنَاءً فِي الْمَسْجِدِ» أَي يَنْصِبه ويُقِيمه عَلَى أَوتادٍ مَضْروبة فِي الأَرض.
ورجلٌ ضَرِبٌ: جَيِّدُ الضَّرْب.
وضَرَبَتْ العَقْربُ تَضْرِبُ ضَرْبًا: لَدَغَتْ.
وضَرَبَ العِرْقُ والقَلْبُ يَضْرِبُ ضَرْبًا وضَرَبانًا: نَبَضَ وخَفَقَ.
وضَرَبَ الجُرْحُ ضَرَبانًا وضَرَبه العِرْق ضَرَبانًا إِذا آلَمَهُ.
والضَّارِبُ: المُتَحَرِّك.
والمَوْجُ يَضْطَرِبُ أَي يَضْرِبُ بعضُه بَعْضًا.
وتَضَرَّبَ الشيءُ واضْطَرَبَ: تَحَرَّكَ وماجَ.
والاضطِرابُ: تَضَرُّبُ الْوَلَدِ فِي البَطْنِ.
وَيُقَالُ: اضْطَرَبَ الحَبْل بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهم.
واضْطَرَب أَمْره: اخْتَلَّ، وحديثٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ، وأَمْرٌ مُضْطَرِبٌ.
والاضْطِرابُ: الحركةُ.
والاضطِرابُ: طُولٌ مَعَ رَخاوة.
ورجلٌ مُضْطَرِبُ الخَلْقِ: طَويلٌ غَيْرُ شَدِيدِ الأَسْرِ.
واضْطَرَبَ البرقُ فِي السَّحَابِ: تَحَرَّكَ.
والضَّريبُ: الرأْسُ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ اضْطِرابه.
وضَريبةُ السَّيْفِ ومَضْرَبُه ومَضْرِبُه ومَضْرَبَتُه ومَضْرِبَتُه: حَدُّه؛ حَكَى الأَخيرتين سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ: جَعَلُوهُ اسْمًا كالحَديدةِ، يَعْنِي أَنهما لَيْسَتَا عَلَى الْفِعْلِ.
وَقِيلَ: هُوَ دُون الظُّبَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ نحوٌ مَنِ شِبْرٍ فِي طَرَفِه.
والضَّريبةُ: مَا ضَرَبْتَه بالسيفِ.
والضَّريبة: المَضْروبُ بِالسَّيْفِ، وإِنما دَخَلَتْهُ الهاءُ، وإِن كَانَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، لأَنه صَارَ فِي عِدادِ الأَسماءِ، كالنَّطِيحةِ والأَكِيلَة.
التَّهْذِيبَ: والضَّريبَة كلُّ شيءٍ ضربْتَه بسَيفِك مِنْ حيٍّ أَو مَيْتٍ.
وأَنشد لِجَرِيرٍ:
وإِذا هَزَزْتَ ضَريبةً قَطَّعْتَها، ***فمَضَيْتَ لَا كَزِمًا، وَلَا مَبْهُورا
ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّي السيفُ نفسُه ضَريبةً.
وضُرِبَ بِبَلِيَّةٍ: رُمِيَ بِهَا، لأَن ذَلِكَ ضَرْبٌ.
وضُرِبَتِ الشاةُ بلَوْنِ كَذَا أَي خولِطَتْ.
وَلِذَلِكَ قَالَ اللغَويون: الجَوْزاءُ مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي ضُرِبَ وَسَطُها ببَياضٍ، مِنْ أَعلاها إِلى أَسفلها.
وضَرَبَ فِي الأَرضِ يَضرِبُ ضَرْبًا وضَرَبانًا ومَضْرَبًا، بِالْفَتْحِ، خَرَجَ فِيهَا تاجِرًا أَو غازِيًا، وَقِيلَ: أَسْرَعَ، وَقِيلَ: ذَهَب فِيهَا، وَقِيلَ: سارَ فِي ابْتِغاءِ الرِّزْقِ.
يُقَالُ: إِن لِي فِي أَلف دِرْهَمٍ لمَضْرَبًا أَي ضَرْبًا.
والطيرُ الضَّوارِبُ: الَّتِي تَطْلُبُ الرِّزْقَ.
وضَرَبْتُ فِي الأَرض أَبْتَغِي الخَيْرَ مِنَ الرِّزْقِ؛ قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}؛ أَي سَافَرْتُمْ، وَقَوْلُهُ تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ}.
يُقَالُ: ضَرَبَ فِي الأَرض إِذا سَارَ فِيهَا مُسَافِرًا فَهُوَ ضارِبٌ.
والضَّرْبُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الأَعمال، إِلا قَلِيلًا.
ضَرَبَ فِي التِّجَارَةِ وَفِي الأَرض وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وضارَبه فِي الْمَالِ، مِنَ المُضارَبة: وَهِيَ القِراضُ.
والمُضارَبةُ: أَن تُعْطِيَ إِنسانًا مِنْ مَالِكَ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ عَلَى أَن يَكُونَ الربحُ بَيْنَكُمَا، أَو يكونَ لَهُ سهمٌ معلومٌ مِنَ الرّبْح.
وكأَنه مأْخوذ مِنَ الضَّرْب فِي الأَرض لِطَلَبِ الرِّزْقِ.
قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}؛ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا الْمَعْنَى، يُقَالُ لِلْعَامِلِ: ضارِبٌ، لأَنه هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ فِي الأَرضِ.
قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَمِنَ الْعَامِلِ يُسَمَّى مُضاربًا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُضارِبُ صاحِبَه، وَكَذَلِكَ المُقارِضُ.
وَقَالَ النَّضْرُ: المُضارِبُ صاحبُ الْمَالِ وَالَّذِي يأْخذ المالَ؛ كِلَاهُمَا مُضارِبٌ: هَذَا يُضارِبُه وَذَاكَ يُضارِبُه.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَضْرِبُ المَجْدَ أَي يَكْسِبُه ويَطْلُبُه؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
رَحْبُ الفِناءِ، اضْطِرابُ المَجْدِ رَغْبَتُه، ***والمَجْدُ أَنْفَعُ مَضْرُوبٍ لمُضْطَرِبِ
وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: «لَا تَصْلُح مُضارَبةُ مَن طُعْمَتُه حَرَامٌ».
قَالَ: المُضارَبة أَن تُعْطِيَ مَالًا لِغَيْرِكَ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَكُونَ لَهُ سَهْمٌ معلومٌ مِنَ الرِّبْحِ؛ وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ الضَّرْب فِي الأَرض والسَّيرِ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ.
وضَرَبَت الطيرُ: ذَهَبَتْ.
والضَّرْب: الإِسراع فِي السَّير.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُضْرَبُ أَكباد الإِبل إِلَّا إِلى ثَلَاثَةِ مساجدَ» أَي لَا تُرْكَبُ وَلَا يُسارُ عَلَيْهَا.
يُقَالُ: ضَرَبْتُ فِي الأَرض إِذا سافَرْتَ تَبْتَغِي الرزقَ.
والطَّيْرُ الضَّوارِبُ: المُخْتَرِقاتُ فِي الأَرضِ، الطالِباتُ أَرزاقَها.
وضَرَبَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَضْرِبُ ضَرْبًا: نَهَضَ.
وضَرَبَ بنَفْسه الأَرضَ ضَرْبًا: أَقام، فَهُوَ ضِدٌّ.
وضَرَبَ البعيرُ فِي جَهازِه أَي نَفَرَ، فَلَمْ يَزَلْ يَلْتَبِطُ ويَنْزُو حَتَّى طَوَّحَ عَنْهُ كلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَداتِه وحِمْلِه.
وضَرَبَتْ فِيهِمْ فلانةُ بعِرْقٍ ذِي أَشَبٍ أَي التِباسٍ أَي أَفْسَدَتْ نَسَبَهُم بولادَتِها فِيهِمْ، وَقِيلَ: عَرَّقتْ فِيهِمْ عِرقَ سَوْءٍ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: «إِذا كَانَ كَذَا، وذكَرَ فِتْنةً، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبه»؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ:؛ أي أَسْرَع الذهابَ فِي الأَرض فِرَارًا مِنَ الْفِتَنِ؛ وَقِيلَ: أَسرع الذهابَ فِي الأَرض بأَتْباعه، ويُقالُ للأَتْباع: أَذْنابٌ.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: جاءَ فلانٌ يَضْرِبُ ويُذَبِّبُ أَي يُسْرِع؛ وَقَالَ المُسَيَّب:
فإِنَّ الَّذِي كُنْتُمُ تَحْذَرُونْ، ***أَتَتْنا عُيونٌ بِهِ تَضْرِبُ
قَالَ وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
ولكنْ يُجابُ المُسْتَغيثُ وخَيْلُهم، ***عَلَيْهَا كُماةٌ، بالمَنِيَّة، تَضْرِبُ
أَي تُسْرِعُ.
وضَرَبَ بيدِه إِلى كَذَا: أَهْوَى.
وضَرَبَ عَلَى يَدِه: أَمْسَكَ.
وضَرَبَ عَلَى يَدِه: كَفَّهُ عَنِ الشيءِ.
وضَرَبَ عَلَى يَدِ فُلانٍ إِذا حَجر عَلَيْهِ.
اللَّيْثُ: ضَرَبَ يَدَه إِلى عَمَلِ كَذَا، وضَرَبَ عَلَى يَدِ فُلانٍ إِذا مَنَعَهُ مِنْ أَمرٍ أَخَذَ فِيهِ، كَقَوْلِكَ حَجَرَ عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «فأَرَدْتُ أَن أَضْرِبَ عَلَى يَدِه» أَي أَعْقِدَ مَعَهُ الْبَيْعَ، لأَن مِنْ عَادَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَن يَضَعَ أَحدُهما يَدَه فِي يَدِ الْآخَرِ، عِنْدَ عَقْدِ التَّبايُع.
وَفِي الْحَدِيثِ: «حَتَّى ضَرَبَ الناسُ بعَطَنٍ»أَي رَوِيَتْ إِبلُهم حَتَّى بَرَكَتْ، وأَقامت مكانَها.
وضارَبْتُ الرجلَ مُضارَبةً وضِرابًا وتضارَبَ القومُ واضْطَرَبُوا: ضَرَبَ بعضُهم بَعْضًا.
وضارَبَني فَضَرَبْتُه أَضْرُبُه: كنتُ أَشَدَّ ضَرْبًا مِنْهُ.
وضَرَبَتِ المَخاضُ إِذا شالتْ بأَذْنابها، ثُمَّ ضَرَبَتْ بِهَا فُروجَها ومَشَت، فَهِيَ ضَوارِبُ.
وَنَاقَةٌ ضاربٌ وَضَارِبَةٌ: فضارِبٌ، عَلَى النَّسَب؛ وضاربةٌ، عَلَى الفِعْل.
وَقِيلَ: الضَّوارِبُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَمْتَنِعُ بَعْدَ اللِّقاح، فتُعِزُّ أَنْفُسَها، فَلَا يُقْدَرُ عَلَى حَلْبها.
أَبو زَيْدٍ: نَاقَةٌ ضاربٌ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ ذَلُولًا، فإِذا لَقِحَتْ ضَرَبَتْ حالبَها مِنْ قُدَّامها؛ وأَنشد:
بأَبوال المَخاضِ الضَّوارِبِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَراد جَمْعَ ناقةٍ ضارِب، رَوَاهُ ابنُ هَانِئٍ.
وضَرَبَ الفحلُ الناقةَ يضْرِبُها ضِرابًا: نَكَحَهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: ضَرَبها الفحْلُ ضِرابًا كَالنِّكَاحِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ ضَرْبًا، وَلَا يَقُولُونَهُ كَمَا لَا يَقُولُونَ: نَكْحًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وناقةٌ ضارِبٌ: ضَرَبها الفحلُ، عَلَى النَّسب.
وناقةٌ تَضْرابٌ: كضارِبٍ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي ضُرِبَتْ، فَلَمْ يُدْرَ أَلاقِحٌ هِيَ أَم غَيْرُ لَاقِحٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نَهى عَنْ ضِرابِ الجَمَل»، هُوَ نَزْوُه عَلَى الأُنثى، وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ: مَا يؤْخذ عَلَيْهِ مِنَ الأُجرة، لَا عَنْ نَفْسِ الضِّرابِ، وتقديرُه: نَهى عَنْ ثَمَنِ ضِرابِ الجمَل، كَنَهْيِهِ عَنْ عَسِيبِ الفَحْل أَي عَنْ ثَمَنِهِ.
يُقَالُ: ضَرَبَ الجَملُ الناقةَ يَضْرِبُها إِذا نَزا عَلَيْهَا؛ وأَضْرَبَ فلانٌ ناقتَه أَي أَنْزَى الفَحْلَ عَلَيْهَا.
وَمِنْهُ الحديثُ الآخَر:
ضِرابُ الفَحْلِ مِنَ السُّحْتِ
أَي إِنه حَرَامٌ، وَهَذَا عامٌّ فِي كُلِّ فَحْلٍ.
والضَّارِبُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَضْرِبُ حالبَها.
وأَتَتِ الناقةُ عَلَى مَضْرِبها، بِالْكَسْرِ، أَي عَلَى زَمَنِ ضِرابها، وَالْوَقْتِ الَّذِي ضَرَبَها الفحلُ فِيهِ.
جَعَلُوا الزَّمَانَ كَالْمَكَانِ.
وَقَدْ أَضْرَبْتُ الفَحْلَ الناقةَ فضَرَبها، وأَضْرَبْتُها إِياه؛ الأَخيرةُ عَلَى السَّعة.
وَقَدْ أَضْرَبَ الرجلُ الفحلَ الناقةَ، فضَرَبها ضِرابًا.
وضَريبُ الحَمْضِ: رَدِيئُه وَمَا أُكِلَ خَيْرُه وبَقِيَ شَرُّه وأُصولُه، وَيُقَالُ: هُوَ مَا تَكَسَّر مِنْهُ.
والضَّريبُ: الصَّقِيعُ والجَليدُ.
وضُرِبَتِ الأَرضُ ضَرْبًا وجُلِدَتْ وصُقِعَتْ: أَصابها الضَّريبُ، كَمَا تَقُولُ طُلَّتْ مِنَ الطَّلِّ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ضَرِبَ النباتُ ضَرَبًا فَهُوَ ضَرِبٌ: ضَرَبَه البَرْدُ، فأَضَرَّ بِهِ.
وأَضْرَبَتِ السَّمائمُ الماءَ إِذا أَنْشَفَتْه حَتَّى تُسْقِيَهُ الأَرضَ.
وأَضْرَبَ البَرْدُ والريحُ النَّباتَ، حَتَّى ضَرِبَ ضَرَبًا فَهُوَ ضَرِبٌ إِذا اشتَدَّ عَلَيْهِ القُرُّ، وضَرَبَهُ البَرْدُ حَتَّى يَبِسَ.
وضُرِبَتِ الأَرضُ، وأَضْرَبَها الضَّريبُ، وضُرِبَ البقلُ وجُلِدَ وصُقِعَ، وأَصْبَحَتِ الأَرضُ جَلِدَة وصَقِعَةً وضَرِبَةً.
وَيُقَالُ لِلنَّبَاتِ: ضَرِبٌ ومَضْرب؛ وضَرِبَ البقلُ وجَلِدَ وصَقِعَ، وأَضْرَبَ الناسُ وأَجْلَدُوا وأَصْقَعُوا: كُلُّ هَذَا مِنَ الضَّريبِ والجَلِيدِ والصَّقِيعِ الَّذِي يَقَعُ بالأَرض.
وَفِي الْحَدِيثِ: «ذاكرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ مثلُ الشَّجَرة الخَضْراءِ، وَسَطَ الشَّجَر الَّذِي تَحاتَّ مِنَ الضَّريبِ»، وَهُوَ الأَزيزُ أَي البَرْدُ والجَلِيدُ.
أَبو زَيْدٍ: الأَرضُ ضَرِبةٌ إِذا أَصابها الجَلِيدُ فأَحْرَقَ نَباتَها، وَقَدْ ضَرِبَت الأَرضُ ضَرَبًا، وأَضْرَبَها الضَّريب إِضْرابًا.
والضَّرَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: العَسل الأَبيض الْغَلِيظُ، يُذَكَّرُ ويؤَنث؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْب الهُذَلي فِي تأْنيثه:
وَمَا ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَأْوِي مَلِيكُها ***إِلى طُنُفٍ؛ أَعْيا، بِراقٍ ونازِلِ
وخَبَرُ مَا فِي قَوْلِهِ:
بأَطْيَبَ مِن فِيهَا، إِذا جِئْتَ طارِقًا، ***وأَشْهَى، إِذا نامَتْ كلابُ الأَسافِل
يَأْوي مَلِيكُها أَي يَعْسُوبُها؛ ويَعْسوب النَّحْلِ: أَميره؛ والطُّنُفُ: حَيَدٌ يَنْدُر مِنَ الجَبَل، قَدْ أَعْيا بِمَنْ يَرْقَى وَمَنْ يَنْزِلُ.
وَقَوْلُهُ: كلابُ الأَسافل: يُرِيدُ أَسافلَ الحَيِّ، لأَن مَواشيَهم لَا تَبِيتُ مَعَهُمْ فرُعاتُها، وأَصحابُها لَا يَنَامُونَ إِلا آخِرَ مَنْ يَنامُ، لِاشْتِغَالِهِمْ بحَلْبها.
وَقِيلَ: الضَّرَبُ عَسَلُ البَرِّ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
كأَنَّ عُيونَ النَّاظِرينَ يَشُوقُها، ***بِهَا ضَرَبٌ طابَتْ يَدا مَنْ يَشُورُها
والضَّرْبُ، بِتَسْكِينِ الرَّاءِ: لُغَةٌ فِيهِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَذَاكَ قَلِيلٌ.
والضَّرَبَةُ: الضَّرَبُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الطَّائِفَةُ مِنْهُ.
واسْتَضْرَبَ العسلُ: غَلُظَ وابْيَضَّ وَصَارَ ضَرَبًا، كَقَوْلِهِمْ: اسْتَنْوَقَ الجملُ، واسْتَتْيَسَ العَنْزُ، بِمَعْنَى التَّحَوُّلِ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ؛ وأَنشد:
*********كأَنَّما ***رِيقَتُه مِسْكٌ، عَلَيْهِ ضَرَب
والضَّريبُ: الشَّهْدُ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ قولَ الجُمَيْح:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكَأْسِ فِيهِمْ، إِذا انْتَشَوا، ***دَبِيبَ الدُّجَى، وَسْطَ الضَّريبِ المُعَسَّلِ
وعسلٌ ضَريبٌ: مُسْتَضْرِبٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ: «لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَبِ»؛ هُوَ بِفَتْحِ الراءِ: الْعَسَلُ الأَبيض الْغَلِيظُ، وَيُرْوَى بِالصَّادِ: وَهُوَ الْعَسَلُ الأَحمر.
والضَّرْبُ: المَطَر الْخَفِيفُ.
الأَصمعي: الدِّيمَةُ مَطَر يَدُوم مَعَ سُكُونٍ، والضَّرْبُ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا.
والضَّرْبةُ: الدَّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ وَقَدْ ضَرَبَتْهم السماءُ.
وأَضْرَبْتُ عَنِ الشيءِ: كَفَفْتُ وأَعْرَضْتُ.
وضَرَبَ عَنْهُ الذِّكْرَ وأَضْرَبَ عَنْهُ: صَرَفَه.
وأَضْرَبَ عَنْهُ أَي أَعْرَض.
وقولُه عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا""""؟} أَي نُهْمِلكم، فَلَا نُعَرِّفُكم مَا يَجب عليكم، ل {أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِين} َ أَي لأَنْ أَسْرَفْتُمْ.
والأَصل فِي قَوْلِهِ: ضَرَبْتُ عَنْهُ الذِّكْرَ، أَن الرَّاكِبَ إِذا رَكِبَ دَابَّةً فأَراد أَن يَصْرِفَه عَنْ جِهَتِه، ضَرَبه بعَصاه، ليَعْدِلَه عَنِ الْجِهَةِ الَّتِي يُريدها، فوُضِعَ الضَّرْبُ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْلِ.
يُقَالُ: ضَرَبْتُ عَنْهُ وأَضْرَبْتُ.
وَقِيلَ فِي قَولِهِ: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا: إِن مَعْنَاهُ أَفَنَضْرِبُ القرآنَ عَنْكُمْ، وَلَا نَدْعُوكم إِلى الإِيمان بِهِ صَفْحًا أَي مُعْرِضين عَنْكُمْ.
أَقامَ صَفْحًا وَهُوَ مَصْدَرٌ مقامَ صافِحين.
وَهَذَا تَقْريع لَهُمْ، وإِيجابٌ لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وإِن كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ اسْتِفْهَامٍ.
وَيُقَالُ: ضَرَبْتُ فُلَانًا عَنْ فُلَانٍ أَي كَفَفْتُهُ عَنْهُ، فأَضْرَبَ عَنْهُ إِضْرابًا إِذا كَفَّ.
وأَضْرَبَ فلانٌ عَنِ الأَمر فَهُوَ مُضْرِبٌ إِذا كَفَّ؛ وأَنشد:
أَصْبَحْتُ عَنْ طَلَبِ المَعِيشةِ مُضْرِبًا، ***لَمَّا وَثِقْتُ بأَنَّ مالَكَ مالِي
وَمِثْلُهُ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً؟ وأَضْرَبَ أَي أَطْرَقَ.
تَقُولُ رأَيتُ حَيَّةً مُضْرِبًا إِذا كَانَتْ سَاكِنَةً لَا تَتَحَرَّكُ.
والمُضْرِبُ: المُقِيمُ فِي الْبَيْتِ؛ وأَضْرَبَ الرجلُ فِي الْبَيْتِ: أَقام؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُهَا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الأَعراب.
وَيُقَالُ: أَضْرَبَ خُبْزُ المَلَّةِ، فَهُوَ مُضْرِبٌ إِذا نَضِجَ، وآنَ لَهُ أَنْ يُضْرَبَ بالعَصا، ويُنْفَضَ عَنْهُ رَمادُه وتُرابُه، وخُبْزٌ مُضْرِبٌ ومَضْرُوبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ خُبْزَةً:
ومَضْرُوبةٍ، فِي غيرِ ذَنْبٍ، بَريئةٍ، ***كَسَرْتُ لأَصْحابي، عَلَى عَجَلٍ، كَسْرَا
وَقَدْ ضَرَبَ بالقِداحِ، والضَّريبُ والضَّارِبُ: المُوَكَّلُ بالقِداحِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَضْرِبُ بِهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، يُقَالُ: هُوَ ضَريبُ قداحٍ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ طَريفِ بْنِ مَالِكٍ العَنْبَريّ:
أَوَكُلَّما وَرَدَتْ عُكاظَ قَبيلةٌ، ***بَعَثُوا إِليَّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ
إِنما يُرِيدُ عارِفَهم.
وَجَمْعُ الضَّريب: ضُرَبَاءُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب:
فَوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَدُ رابئِ ***الضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ لَا يَتَتَلَّعُ
والضَّريب: القِدْحُ الثَّالِثِ مِنْ قِداحِ المَيْسر.
وَذَكَرَ اللِّحْيَانِيُّ أَسماءَ قِداحِ المَيْسر الأَول وَالثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّالِثُ الرَّقِيبُ، وبعضُهم يُسميه الضَّريبَ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوضٍ وَلَهُ غُنْم ثلاثةِ أَنْصباء إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن لَمْ يَفُزْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَريبُ القِداحِ: هُوَ المُوَكَّل بِهَا؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وعَدَّ الرقيبُ خِصالَ الضَّريب، ***لَا عَنْ أَفانِينَ وَكْسًا قِمارَا
وضَرَبْتُ الشيءَ بالشيءِ وضَرَّبته: خَلَطْتُه.
وضَرَبْتُ بَيْنَهُمْ فِي الشَّرِّ: خَلَطْتُ.
والتَّضريبُ بَيْنَ الْقَوْمِ: الإِغْراء.
والضَّريبة: الصوفُ أَو الشَّعَر يُنْفَش ثُمَّ يُدْرَجُ ويُشَدُّ بِخَيْطٍ ليُغْزَل، فَهِيَ ضَرائب.
وَالضَّرِيبَةُ: الصوفُ يُضْرَبُ بالمِطْرَقِ.
غَيْرُهُ: الضَّريبةُ القِطْعة مِنَ القُطْنِ، وَقِيلَ مِنَ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ.
وضَريبُ الشَّوْلِ: لَبَنٌ يُحْلَبُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ فَهُوَ الضريبُ.
ابْنُ سِيدَهْ: الضَّريبُ مِنَ اللَّبَنِ: الَّذِي يُحْلَب مِنْ عِدَّةِ لِقاح فِي إِناء وَاحِدٍ، فيُضْرَبُ بعضُه بِبَعْضٍ، وَلَا يُقَالُ ضَريبٌ لأَقَلَّ مِنْ لبنِ ثلاثِ أَنْيُقٍ.
قَالَ بَعْضُ أَهل الْبَادِيَةِ: لَا يَكُونُ ضَريبًا إِلا مِنْ عِدَّة مِنَ الإِبل، فَمِنْهُ مَا يَكُونُ رَقيقًا وَمِنْهُ مَا يَكُونُ خاثِرًا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَمَا كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِيَّتِي ***ضَريبَ جِلادِ الشَّوْلِ، خَمْطًا وصافِيا
أَي سَبَبُ مَنِيَّتِي فَحَذَف.
وَقِيلَ: هُوَ ضَريبٌ إِذا حُلِبَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ حُلِبَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ، فضُرِبَ بِهِ.
ابْنُ الأَعرابي: الضَّريبُ: الشَّكْلُ فِي القَدِّ والخَلْقِ.
وَيُقَالُ: فلانٌ ضَريبُ فلانٍ أَي نَظِيرُهُ، وضَريبُ الشيءِ مثلُه وَشَكْلُهُ.
ابْنُ سِيدَهْ: الضَّرْبُ المِثْل والشَّبيهُ، وَجَمْعُهُ ضُرُوبٌ.
وَهُوَ الضَّريبُ، وَجَمْعُهُ ضُرَباء.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِذا ذَهَبَ هَذَا وضُرَباؤُه: هُمُ الأَمْثالُ والنُّظَراء»، وَاحِدُهُمْ ضَريبٌ.
والضَّرائبُ: الأَشْكالُ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ}؛ أَي يُمَثِّلُ اللهُ الحقَّ والباطلَ، حَيْثُ ضَرَبَ مَثَلًا لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا}؛ أَي اذْكُرْ لَهُمْ ومَثِّلْ لَهُمْ.
يُقَالُ: عِنْدِي مِنْ هَذَا الضَّرْبِ شيءٌ كَثِيرٌ أَي مِنْ هَذَا المِثالِ.
وَهَذِهِ الأَشياءُ عَلَى ضَرْبٍ واحدٍ أَي عَلَى مِثالٍ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ضَرْبُ الأَمْثال اعتبارُ الشَّيْءِ بغيرِه.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ}؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ اذْكُرْ لَهُمْ مَثَلًا.
وَيُقَالُ: هَذِهِ الأَشياء عَلَى هَذَا الضَّرْب أَي عَلَى هَذَا المِثالِ، فَمَعْنَى اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا: مَثِّلْ لَهُمْ مَثَلًا؛ قَالَ: ومَثَلًا مَنْصُوبٌ لأَنه مَفْعُولٌ بِهِ، ونَصَبَ قَوْلُهُ أَصْحابَ الْقَرْيَةِ، لأَنه بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَثَلًا، كأَنه قَالَ: اذْكُرْ لَهُمْ أَصحابَ الْقَرْيَةِ أَي خَبَر أَصحاب الْقَرْيَةِ.
والضَّرْبُ مِنْ بَيْتِ الشِّعْر: آخرُه، كَقَوْلِهِ: [فَحَوْمَلِ] مِنْ قَوْلِهِ: بسقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ وَالْجَمْعُ: أَضْرُبٌ وضُرُوبٌ.
والضَّوارِبُ: كالرِّحابِ فِي الأَوْدية، وَاحِدُهَا ضارِب.
وَقِيلَ: الضارِبُ الْمَكَانُ المُطمئِنّ مِنَ الأَرضِ بِهِ شَجَرٌ، والجمعُ كالجَمع، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَدِ اكْتَفَلَتْ بالحَزْنِ، واعْوَجَّ دُونَها ***ضَواربُ، مِنْ غَسَّانَ، مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا
وَقِيلَ: الضارِبُ قِطْعة مِنَ الأَرض غَلِيظَةٌ، تَسْتَطِيلُ فِي السَّهْل.
والضارِبُ: المكانُ ذُو الشَّجَرِ.
والضَّارِبُ: الْوَادِي الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الشَّجَرُ.
يُقَالُ: عَلَيْكَ بِذَلِكَ الضَّارِبِ فأَنْزِلْه؛ وأَنشد:
لَعمرُكَ إِنَّ البيتَ بالضارِبِ الَّذِي ***رَأَيتَ، وإِنْ لَمْ آتِه، لِيَ شَائِقُ
والضاربُ: السابحُ فِي الماءِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لياليَ اللَّهْوِ تُطْبِينِي فأَتْبَعُه، ***كأَنَّنِي ضارِبٌ فِي غَمْرةٍ لَعِبُ
والضَّرْبُ: الرَّجل الخفيفُ اللَّحْمِ؛ وَقِيلَ: النَّدْبُ الْمَاضِي الَّذِي لَيْسَ برَهْل؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ، الَّذِي تَعْرِفُونَه، ***خَشاشٌ كرأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وَفِي صِفَةِ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَنه ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ
؛ هُوَ الْخَفِيفُ اللَّحْمِ، المَمْشُوقُ المُسْتَدِقُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ:
فإِذا رجلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرأْسِ، وَهُوَ مُفتَعلٌ مِنَ الضَّرْبِ، وَالطَّاءُ بَدَلٌ مِنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ.
وَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ: طُوَالٌ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ
؛ وَقَوْلُ أَبي العِيالِ:
صُلاةُ الحَرْبِ لم تُخْشِعْهُمُ، ***ومَصَالِتٌ ضُرُبُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: ضُرُبٌ جَمْعُ ضَرْبٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ ضَرُوب.
وضَرَّبَ النَّجَّادُ المُضَرَّبةَ إِذا خاطَها.
والضَّريبة: الطَّبِيعَةُ والسَّجِيَّة، وَهَذِهِ ضَريبَتُه الَّتِي ضُرِبَ عَلَيْهَا وضُرِبَها.
وضُرِبَ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَي طُبِعَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ المُسْلِمَ المُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجةَ الصُّوَّامِ، بحُسنِ ضَرِيبَتِه»أَي سَجِيَّته وَطَبِيعَتِهِ.
تَقُولُ: فلانٌ كَريمُ الضَّرِيبة، ولَئيم الضَّرِيبةِ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي النَّحِيتَةِ والسَّلِيقةِ والنَّحِيزَة والتُّوس؟ والسُّوسِ والغَرِيزةِ والنِّحَاسِ والخِيمِ.
والضَّريبةُ: الخلِيقةُ.
يُقَالُ: خُلِقَ الناسُ عَلَى ضَرَائبَ شَتَّى.
وَيُقَالُ: إِنه لكريمُ الضَّرائبِ.
والضَّرْبُ: الصِّفَة.
والضَّرْبُ: الصِّنْفُ مِنَ الأَشياءِ.
وَيُقَالُ: هَذَا مِنْ ضَرْبِ ذَلِكَ أَي مِنْ نَحْوِهِ وصِنْفِه، وَالْجَمْعُ ضُروبٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَراكَ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي يَجْمَعُ الهَوَى، ***وحَوْلَكَ نِسْوانٌ، لَهُنَّ ضُرُوبُ
وَكَذَلِكَ الضَّرِيبُ.
{وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} أَي وَصَفَ وبَيَّن، وَقَوْلُهُمْ: ضَرَبَ لَهُ المثلَ بِكَذَا، إِنما مَعْنَاهُ بَيَّن لَهُ ضَرْبًا مِنَ الأَمثال أَي صِنْفًا مِنْهَا.
وَقَدْ تَكَرَّر فِي الْحَدِيثِ
ضَرْبُ الأَمْثالِ، وَهُوَ اعْتبارُ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ وتمثيلُه بِهِ.
والضَّرْبُ: المِثالُ.
والضَّريبُ: النَّصِيبُ.
والضَّرِيبُ: البَطْنُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ.
والضَّرِيبةُ: واحدةُ الضَّرائِبِ الَّتِي تُؤْخَذ فِي الأَرْصاد والجِزْية وَنَحْوِهَا؛ وَمِنْهُ ضَريبة العَبْدِ: وَهِيَ غَلَّتُه.
وَفِي حَدِيثِ الحَجَّامِ: «كَمْ ضَرِيبَتُكَ؟»الضَّريبة: مَا يؤَدِّي العبدُ إِلى سَيِّدِهِ مِنَ الخَراجِ المُقَرَّرِ عَلَيْهِ؛ وَهِيَ فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعولة، وتُجْمَعُ عَلَى ضرائبَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الإِماءِ اللَّاتِي كَانَ عليهنَّ لمَواليهنَّ ضَرائبُ.
يُقَالُ: كَمْ ضَرِيبةُ عَبْدِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ والضَّرَائبُ: ضَرائِبُ الأَرَضِينَ، وَهِيَ وظائِفُ الخَراجِ عَلَيْهَا.
وضَرَبَ عَلَى العَبدِ الإِتاوَةَ ضَرْبًا: أَوْجَبَها عَلَيْهِ بالتأْجيل.
وَالِاسْمُ: الضَّرِيبةُ.
وضَارَبَ فلانٌ لفُلانٍ فِي مَالِهِ إِذا اتَّجَرَ فِيهِ، وقارَضَه.
وَمَا يُعْرَفُ لفُلانٍ مَضرَبُ ومَضرِبُ عَسَلَةٍ، وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ مَضْرَبُ ومَضرِبُ عَسَلةٍ أَي مِنَ النَّسبِ وَالْمَالِ.
يُقَالُ ذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْروفٌ، وَلَا يُعْرَفُ إِعْراقُه فِي نَسَبه.
ابْنُ سِيدَهْ: مَا يُعْرَفُ لَهُ مَضْرِبُ عَسَلة أَي أَصْلٌ وَلَا قَوْمٌ وَلَا أَبٌ وَلَا شَرَفٌ.
والضارِبُ: الليلُ الَّذِي ذَهَبَتْ ظُلْمته يَمِينًا وَشِمَالًا ومَلأَتِ الدُّنْيَا.
وضَرَبَ الليلُ بأَرْواقِه: أَقْبَلَ؛ قَالَ حُمَيد:
سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ ضارِبٌ ***بأَرْواقِه، والصُّبْحُ قَدْ كادَ يَسْطَعُ
وَقَالَ:
يَا ليتَ أُمَّ الغَمْرِ كانَتْ صاحِبي، ***ورَابَعَتْني تَحْتَ ليلٍ ضارِبِ،
بسَاعِدٍ فَعْمٍ، وكَفٍّ خاضِبِ والضَّارِبُ: الطَّويلُ مِنْ كُلِّ شيءٍ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَرَابَعَتْنِي تَحْتَ لَيْلٍ ضَارِبِ
وضَرَبَ الليلُ عَلَيْهِمْ طَالَ؛ قَالَ:
ضَرَبَ الليلُ عليهمْ فَرَكَدْ وَقَوْلُهُ تعالى: {فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَنَعْناهم السَّمْعَ أَن يَسْمَعُوا، وَالْمَعْنَى: أَنَمْناهم ومَنَعْناهم أَن يَسْمَعُوا، لأَن النَّائِمَ إِذا سَمِعَ انْتَبه.
والأَصل فِي ذَلِكَ: أَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْمَعُ إِذا نَامَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتهم» أَي نامُوا فَلَمْ يَنْتَبِهُوا، والصِّمَاخُ: ثَقْبُ الأُذُن.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ»؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ النَّوْمِ؛ وَمَعْنَاهُ: حُجِبَ الصَّوتُ والحِسُّ أَنْ يَلِجا آذانَهم فيَنْتَبهوا، فكأَنها قَدْ ضُرِبَ عَلَيْهَا حِجابٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ"""" أَبي ذَرٍّ: ضُرِبَ عَلَى أَصْمِخَتهم، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحدٌ.
وَقَوْلُهُمْ: فَضَرَب الدهرُ ضَرَبانَه، كَقَوْلِهِمْ: فَقَضَى مِنَ القَضَاءِ، وضَرَبَ الدهْرُ مِنْ ضَرَبانِه أَنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ضَرَبَ الدهْرُ بَيْنَنا أَي بَعَّدَ مَا بَيْنَنا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فإِنْ تَضْرِبِ الأَيامُ، يَا مَيّ، بينَنا، ***فَلَا ناشِرٌ سِرًّا، وَلَا مُتَغَيِّرُ
وَفِي الْحَدِيثِ: «فضَرَبَ الدهرُ مِنْ ضَرَبانِه، وَيُرْوَى: مِنْ ضَرْبِه» أَي مَرَّ مِنْ مُروره وذَهَبَ بعضُه.
وجاءَ مُضْطَرِبَ العِنانِ أَي مُنْفَرِدًا مُنْهَزِمًا.
وضَرَّبَتْ عينُه: غارَتْ كَحجَّلَتْ.
والضَّرِيبةُ: اسمُ رجلٍ مِنَ الْعَرَبِ.
والمَضْرَبُ: العَظْمُ الَّذِي فِيهِ مُخٌّ؛ تَقُولُ لِلشَّاةِ إِذا كَانَتْ مَهْزُولةً: مَا يُرِمُّ مِنْهَا مَضْرَبٌ أَي إِذا كُسِرَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِهَا أَو قَصَبِها، لَمْ يُصَبْ فِيهِ مُخٌّ.
والمِضْرابُ: الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ العُود.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الصُّداعُ ضَرَبانٌ فِي الصُّدْغَيْنِ».
ضَرَبَ العِرْقُ ضَرْبًا وضَرَبانًا إِذا تحرَّك بقوَّةٍ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «عَتَبُوا عَلَى عثمانَ ضَرْبَةَ السَّوطِ وَالْعَصَا»أَي كَانَ مَنْ قَبْلَه يَضْرِبُ فِي الْعُقُوبَاتِ بالدِّرَّة والنَّعْل، فَخَالَفَهُمْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «النَّهْيُ عَنْ ضَرْبةِ الغائِص هُوَ أَن يَقُولَ الغائِصُ فِي الْبَحْرِ لِلتَّاجِرِ: أَغُوصُ غَوْصَةً، فَمَا أَخرجته فَهُوَ لَكَ بِكَذَا، فيتفقان عَلَى ذَلِكَ، ونَهَى عَنْهُ لأَنه غَرَر».
ابْنُ الأَعرابي: المَضارِبُ الحِيَلُ فِي الحُروب.
والتَّضْريبُ: تَحْريضٌ للشُّجاعِ فِي الْحَرْبِ.
يُقَالُ: ضَرَّبه وحَرَّضَه.
والمِضْرَبُ: فُسْطاط المَلِك.
والبِساطُ مُضَرَّبٌ إِذا كَانَ مَخِيطًا.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا خافَ شَيْئًا، فَخَرِق فِي الأَرض جُبْنًا: قَدْ ضَرَبَ بذَقَنِه الأَرضَ؛ قَالَ الرَّاعِي يصِفُ غِربانًا خافَتْ صَقْرًا:
ضَوارِبُ بالأَذْقانِ مِنْ ذِي شَكِيمةٍ، ***إِذا مَا هَوَى، كالنَّيْزَكِ المُتَوَقِّدِ
أَي مِنْ صَقْر ذِي شَكِيمَةٍ، وَهِيَ شِدَّةُ نَفَسِهِ.
وَيُقَالُ: رأَيت ضَرْبَ نساءٍ أَي رأَيت نِسَاءً؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
وضَرْبَ نِساءٍ لَوْ رآهنَّ ضارِبٌ، ***لَهُ ظُلَّةٌ فِي قُلَّةٍ، ظَلَّ رانِيا
قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ ضَرَبْتُ لَهُ الأَرضَ كلَّها أَي طَلَبْتُه فِي كُلِّ الأَرض.
وَيُقَالُ: ضَرَبَ فلانٌ الْغَائِطَ إِذا مَضَى إِلى مَوْضِعٍ يَقْضِي فِيهِ حاجتَه.
وَيُقَالُ: فلانٌ أَعْزَبُ عَقْلًا مِنْ ضارِبٍ، يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى.
ابْنُ الأَعرابي: ضَرْبُ الأَرضِ البولُ والغائطُ فِي حُفَرها.
وَفِي حَدِيثِ المُغِيرة: «أَن النَّبِيَّ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقَ حَتَّى تَوارَى عَنِّي، فضَرَبَ الخَلَاءَ ثُمَّ جَاءَ يُقَالُ: ذَهَبَ يَضْرِبُ الغائطَ والخلاءَ والأَرْضَ إِذا ذَهَبَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: لَا يَذْهَب الرَّجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ يَتَحَدَّثان.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
32-لسان العرب (ثأد)
ثأد: الثَّأَدُ: الثَّرَى.والثَّأَدُ: النَّدَى نفسُه.
والثَّئِيد: الْمَكَانُ النَّدِيُّ: وثَئِدَ النبتُ ثَأَدًا، فَهُوَ ثَئِدٌ: نَدِيَ؛ قَالَ الأَصمعي: قِيلَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: أَصِبْ لَنَا مَوْضِعًا أَي اطْلُبْ، فَقَالَ رَائِدُهُمْ: وجدتُ مَكَانًا ثَئِدًا مَئِدًا.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوَةَ: بَعَثُوا رَائِدًا فَجَاءَ وَقَالَ: عُشْبٌ ثَأْدٌ مَأْدٌ كأَنه أَسْوُقُ نِسَاءِ بَنِي سَعد؛ وَقَالَ رَائِدٌ آخَرُ: سَيْلٌ وبَقْلٌ وبَقِيلٌ، فَوَجَدُوا الأَخير أَعقلهما.
ابْنُ الأَعرابي: الثَّأْدُ النَّدَى وَالْقَذِرُ والأَمر الْقَبِيحُ؛ الصِّحَاحُ: الثأْدُ النَّدَى والقُرُّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَباتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ، ويُسْهِرُهُ ***تَذَؤُّبُ الريحِ، والوَسْواسُ والهَضَبُ
قَالَ: وَقَدْ يُحَرَّكُ.
وَمَكَانٌ ثَئِدٌ أَي ندٍ.
وَرَجُلٌ ثَئِدٌ أَي مَقْرورٌ؛ وَقِيلَ: الأَثْآدُ العُيوبُ، وأَصله البَلَلُ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للمرأَة إِنها لَثَأْدَةُ الخَلْق أَي كَثِيرَةُ اللَّحْمِ.
وَفِيهَا ثَآدَةٌ مِثْلُ سَعَادَةٍ.
وفخذٌ ثَئِدَةٌ: رَيَّاء مُمْتَلِئَةٌ.
وَمَا أَنا بِابْنِ ثَأْداءَ وَلَا ثَأَداء أَي لستُ بِعَاجِزٍ؛ وَقِيلَ: أَي لَمْ أَكن بَخِيلًا لَئِيمًا.
وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد الَّذِي قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عامَ الرَّمادَة: لَقَدِ انكشفتْ وَمَا كنتَ فِيهَا ابنَ ثَأْداءَ أَي لَمْ تَكُنْ فِيهَا كَابْنِ الأَمة لَئِيمًا، فَقَالَ: ذَلِكَ لَوْ كنتُ أُنفق عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ؛ وَقِيلَ فِي الثأْداء مَا قِيلَ فِي الدَّأْثاءِ مِنْ أَنها الأَمة وَالْحَمْقَاءُ جَمِيعًا.
وَمَا لَهُ ثَئِدَت أُمُّه كما يقال حَمِقَتْ [حَمُقَتْ].
الْفَرَّاءُ: الثَّأَداءُ والدَّأَثاءُ الأَمة، عَلَى الْقَلْبِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ أَسمع أَحدًا يَقُولُ هَذَا بِالْفَتْحِ غيرَ الْفَرَّاءِ، وَالْمَعْرُوفُ ثَأْداءُ ودَأْثاءُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا كُنَّا بَنِي ثَأْدَاءَ، لَمَّا ***شَفَيْنا بالأَسِنَّةِ كلَّ وَتْرِ
وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ: حَتَّى شَفَيْنَا.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ: «لَقَدْ هممتُ أَن أَجعل مَعَ كُلِّ أَهل بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مثلَهُم فإِن الإِنسان لَا يَهْلِكُ عَلَى نِصْفِ شِبَعِه، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ فعلتَ ذَلِكَ مَا كنتَ فِيهَا بِابْنِ ثَأْدَاءَ»؛ يَعْنِي بِابْنِ أَمة؛ أي مَا كُنْتَ لَئِيمًا؛ وَقِيلَ: ضَعِيفًا عَاجِزًا.
وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: دَأَثاءَ وسَحَناء لِمَكَانِ حُرُوفِ الْحَلْقِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعَلاءُ، بِالتَّحْرِيكِ، إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الثَّأَدَاءُ، وَقَدْ يُسَكَّنُ يَعْنِي فِي الصِّفَاتِ؛ قَالَ: وأَما الأَسماء فَقَدْ جاءَ فِيهِ حَرْفَانِ قَرَماءُ وجَنَفَاءُ، وَهُمَا مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جَاءَ عَلَى فَعَلاءَ سِتَّةُ أَمثلة وَهِيَ ثَأَداءُ وسَحَناءُ ونَفَساءُ لُغَةٌ فِي نُفَساء، وجَنَفاءُ وقَرَماءُ وحَسَداءُ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَسماء مواضعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي جَنَفاءَ:
رَحَلْتُ إِلَيْكَ مِنْ جَنَفاءَ، حَتَّى ***أَنَخْتُ فِناءَ بَيْتِك بالمَطَالي
وَقَالَ السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ فِي قَرَماءَ:
عَلَى قَرَماءَ عالِيَة شَوَاهُ، ***كَأَنَّ بياضَ غُرَّته خِمارُ
وَقَالَ لَبِيدٌ فِي حَسَداءَ:
فَبِتْنا حيثُ أَمْسَيْنا ثَلَاثًا ***عَلَى حَسَداءَ، تَنْبَحُنا الكِلابُ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
33-لسان العرب (رقد)
رقد: الرُّقاد: النَّوْم.والرَّقْدَة: النَّوْمَةُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ عَنِ اللَّيْثِ: الرُّقود النَّوْمُ بِاللَّيْلِ، والرُّقادُ: النَّوْمُ بِالنَّهَارِ؛ قَالَ الأَزهري: الرُّقاد والرُّقُود يَكُونُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {قالُوا يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا}؛ هَذَا قَوْلُ الْكُفَّارِ إِذا بُعِثُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَانْقَطَعَ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ مرقدنا، ثم قالت لهم الْمَلَائِكَةُ: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا مِنْ صِفَةِ المَرْقَد، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: حَقٌّ مَا وعَد الرَّحْمَنُ؛ وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ المَرْقَد مَصْدَرًا، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَوْضِعًا وَهُوَ الْقَبْرُ، وَالنَّوْمُ أَخو الْمَوْتِ.
ورَقَدَ يَرْقُدُ رَقْدًا ورُقُودًا ورُقادًا: نَامَ.
وَقَوْمٌ رُقُود أَي رُقَّد.
والمَرْقَد، بِالْفَتْحِ: الْمَضْجَعُ.
وأَرْقَدَهُ: أَنامه.
والرَّقُود والمِرْقِدَّى: الدَّائِمُ الرُّقاد؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَقَدْ رَقَيْتَ كِلابَ أَهلِكَ بالرُّقَى، ***حَتَّى تَرَكْتَ عَقُورَهُنَّ رَقُودا
وَرَجُلٌ مِرْقِدَّى مِثْلُ مِرْعِزَّى أَي يَرْقَدُّ فِي أُموره.
والمُرْقِدُ: شَيْءٌ يُشرب فينوِّم مَن شَرِبَهُ ويُرْقِدُه.
والرَّقْدَة: هَمْدة مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
ورَقَدَ الحَرُّ: سَكَنَ.
والرَّقْدَة: أَن يُصِيبَكَ الْحَرُّ بَعْدَ أَيام رِيحٍ وَانْكِسَارٍ مِنَ الوَهَج.
ورَقَدَ الثوبُ رَقْدًا ورُقادًا: أَخلق.
وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ: رَقَدَتِ السوقُ كَسَدت، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى نَامَتْ.
وأَرْقَد بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ.
ابْنُ الأَعرابي: أَرْقَدَ الرَّجُلُ بأَرض كَذَا إِرْقادًا إِذا أَقام بِهَا.
والارقِدادُ والارْمِدادُ: السَّيْرُ، وَكَذَلِكَ الإِغْذاذُ.
ابْنُ سِيدَهْ: الِارْقِدَادُ سُرْعَةُ السَّيْرِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: ارْقَدَّ ارْقِدادًا أَي أَسرع؛ وَقِيلَ: الِارْقِدَادُ عَدْوُ الناقِزِ كأَنه نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَرْقَدُّ.
يُقَالُ: أَتيتك مُرْقَدًّا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
فظلَّ يَرْقَدُّ مِنَ النَّشاط، ***كالبَرْبَريّ لَجَّ فِي انخِراط
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ ظَلِيمًا:
يَرْقَدُّ فِي ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَتْبَعُه ***حَفِيفُ نافجَة، عُثْنُونها حَصِب
يَرْقَدُّ: يُسْرِعُ فِي عَدْوِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ السُّرْعَةِ وَمِنَ النُّقَازِ وَمِنَ الذهاب على الوجه.
والرَّاقَدانُ: طَفْرُ الجَدْي والحَمَل وَنَحْوِهِمَا من النشاط.
المُرْقَدُّ: الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي المُرْقِدُ مُخَفَّفٌ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ هُوَ.
والراقُودُ: دَنٌّ طَوِيلُ الأَسفل كَهَيْئَةِ الإِرْدَبَّة يُسَيَّع دَاخِلُهُ بِالْقَارِ، وَالْجَمْعُ الرَّوَاقِيدُ معرَّب، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «لَا يَشْرَبُ فِي رَاقُودٍ وَلَا جرَّة»؛ الراقُود: إِناءُ خَزَفٍ مُسْتَطِيلٌ مقيَّر، وَالنَّهْيُ عَنْهُ كَالنَّهْيِ عَنِ الشُّرْبِ فِي الْحَنَاتِمِوَالْجِرَارِ الْمُقَيَّرَةِ.
ورُقاد والرُّقاد: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
أَلا قُلْ للأَمير: جُزِيتَ خَيْرًا ***أَجِرْنا مِنْ عُبَيدةَ والرُّقادِ
ورَقْد: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: وَادٍ فِي بِلَادِ قَيْسٍ، وَقِيلَ: جَبَلٌ وَرَاءَ إِمَّرَةَ فِي بِلَادِ بَنِي أَسد؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وأَظْهَرَ فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه ***عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ
وَقِيلَ: هُوَ جَبَلٌ تُنْحَتُ مِنْهُ الأَرْحِية؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ كِرْكِرَة الْبَعِيرِ ومَنْسِمَه:
تَفُضُّ الحَصَى عَنْ مُجْمِرات وَقِيعِه، ***كَأَرْحاءِ رَقْدٍ، زَلَّمَتْها المَناقِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما وَصَفَ ذُو الرُّمَّةِ مَنَاسِمَ الإِبل لَا كِرْكِرَةَ الْبَعِيرِ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ.
وتَفُضُّ: تُفَرِّقُ أَي تُفَرِّقُ الْحَصَى عَنْ مَنَاسِمِهَا.
وَالْمُجْمِرَاتُ: الْمُجْتَمِعَاتُ الشَّدِيدَاتُ.
وزَلَّمَتها الْمَنَاقِرُ: أَخَذت مِنْ حَافَاتِهَا.
والرُّقادُ: بَطْنٌ مِنْ جَعْدة؛ قَالَ:
مُحافَظَةً عَلَى حَسَبي، وأَرْعَى ***مَساعِي آلِ ورْدٍ والرُّقاد
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
34-لسان العرب (رود)
رود: الرَّوْدُ: مَصْدَرُ فِعْلِ الرَّائِدِ، وَالرَّائِدُ: الَّذِي يُرْسَل فِي الْتِمَاسِ النُّجْعَة وَطَلَبِ الكلإِ، وَالْجَمْعُ رُوَّاد مِثْلُ زَائِرٍ وزُوَّار.وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين: «يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَيَخَرُجُونَ أَدلة»أَي يَدْخُلُونَ طَالِبِينَ لِلْعِلْمِ مُلْتَمِسِينَ لِلْحِلْمِ مِنْ عِنْدِهِ وَيَخْرُجُونَ أَدلة هُداة لِلنَّاسِ.
وأَصل الرَّائِدِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ يُبْصِر لَهُمُ الكلأَ وَمَسَاقِطَ الْغَيْثِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ: وَسَمِعْتُ الرُّوَّاد يَدْعُونَ إِلى رِيَادَتِهَا؛ أي تَطْلُبُ النَّاسَ إِليها، وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: «إِنَّا قوم رادَةٌ»؛ وهو جَمْعُ رَائِدٍ كَحَاكَةٍ وَحَائِكٍ،؛ أي نَرْوُدُ الْخَيْرَ وَالدِّينَ لأَهلنا.
وَفِي شِعْرِ هُذَيْلٍ: رادَهم رَائِدُهُمْ، وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ فِي لُغَتِهَا، فإِما أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، وإِما أَن يَكُونَ فَعَلًا، إِلا أَنه إِذا كَانَ فَعَلًا فإِنما هُوَ عَلَى النسَب لَا عَلَى الْفِعْلِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ رَجُلًا حَاجًّا طَلَبَ عَسَلًا:
فباتَ بِجَمْعٍ، ثُمَّ تمَّ إِلى مِنًى، ***فأَصبح رَأْدًا يَبتغِي المزْجَ بالسَّحْل
أَي طَالِبًا؛ وَقَدْ رَادَ أَهله مَنْزِلًا وَكَلَأً، وَرَادَ لَهُمْ رَوْدًا ورِيادًا وَارْتَادَ وَاسْتَرَادَ.
وَفِي حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وأُخته: «فاستَراد لأَمر اللَّهِ»أَي رَجَعَ وَلَانَ وَانْقَادَ، وَارْتَادَ لَهُمْ يَرْتَادُ.
وَرَجُلٌ رادٌ: بِمَعْنَى رَائِدٍ، وَهُوَ فَعَل، بِالتَّحْرِيكِ، بِمَعْنَى فَاعِلٍ كالفَرَط بِمَعْنَى الْفَارِطِ.
وَيُقَالُ: بَعَثْنَا رَائِدًا يرود لنا الكلأَ وَالْمَنْزِلَ وَيَرْتَادُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَي يَنْظُرُ وَيَطْلُبُ وَيَخْتَارُ أَفضله.
قَالَ وجاءَ فِي الشِّعْرِ: بَعَثُوا رَادَهُمْ أَي رَائِدَهُمْ؛ وَمِنْ أَمثالهم: الرائدُ لَا يَكْذب أَهلَه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي لَا يَكْذِبُ إِذا حَدَّثَ، وإِنما قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَنه إِن لَمْ يَصْدُقهم فَقَدْ غَرَّرَ بِهِمْ.
وَرَادَ الكلأَ يَرُوده رَوْدًا ورِيادًا وَارْتَادَهُ ارْتِيَادًا بِمَعْنًى أَي طَلَبَهُ.
وَيُقَالُ: رَادَ أَهلَه يَرُودُهُمْ مَرْعىً أَو مَنْزِلًا رِيَادًا وَارْتَادَ لَهُمُ ارْتِيَادًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «إِذا أَراد أَحدكم أَن يَبُولَ فليَرتَدْ لِبَوْلِهِ» أَي يَرْتَادُ مَكَانًا دَمِثًا لَيِّنًا مُنْحَدِرًا، لِئَلَّا يَرْتَدَّ عَلَيْهِ بَوْلُهُ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ رَشاشُه.
وَالرَّائِدُ: الَّذِي لَا مَنْزِلَ لَهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الْحُمَّى رائدُ الْمَوْتِ»أَي رَسُولُ الْمَوْتِ الَّذِي يَتَقَدَّمُهُ، كَالرَّائِدِ الَّذِي يُبْعَثُ ليَرتاد مَنْزِلًا وَيَتَقَدَّمُ قَوْمَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَوْلِدِ:
أُعيذُك بِالْوَاحِدِ، مِنْ شَرِّ كلِّ حَاسِدٍ وكلِّ خَلْقٍ رَائِدٍ
أَي يَتَقَدَّمُ بِمَكْرُوهٍ.
وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مُسترادٌ لِمِثْلِهِ، وَفُلَانَةٌ مُسْتَرَادٌ لِمِثْلِهَا أَي مِثلُه وَمِثْلُهَا يُطلب ويُشَحُّ بِهِ لِنَفَاسَتِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُسترادُ مِثلِه أَو مِثلِها، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ولكنَّ دَلًّا مُسترادًا لمِثلِه، ***وَضَرْبًا للَيْلى لَا يُرى مِثلُه ضَرْبًا
ورادَ الدارَ يَرُودُها: سأَلها؛ قَالَ يَصِفُ الدَّارَ:
وَقَفْتُ فِيهَا رَائِدًا أَرُودُها
وَرَادَتِ الدوابُّ رَوْدًا وَرَوَدانًا واسترادتْ: رَعَتْ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَكَانَ مِثلَينِ أَن لَا يَسرحَوا نَعَمًا، ***حيثُ استرادَتْ مواشيهمْ، وتسريحُ
ورُدْتُها أَنا وأَردتها.
والروائدُ: الْمُخْتَلِفَةُ مِنَ الدَّوَابِّ؛ وَقِيلَ: الروائدُ مِنْهَا الَّتِي تَرْعَى مِنْ بَيْنِهَا وَسَائِرُهَا مَحْبُوسٌ عَنِ الْمَرْتَعِ أَو مَرْبُوطٌ.
التَّهْذِيبُ: وَالرَّوَائِدُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي تَرْتَعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنَّ روائدَ المُهْراتِ مِنْهَا
ورائدُ الْعَيْنِ: عُوَّارُها الَّذِي يَرُودُ فِيهَا.
وَيُقَالُ: رادَ وِسادُه إِذا لَمْ يَسْتَقِرَّ.
والرِّيادُ وذَبُّ الرِّياد: الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يُمَشِّي بِهَا ذَبُّ الرِّيادِ، كأَنه ***فَتًى فارسيٌّ فِي سراويلِ رَامِحُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رادتِ الإِبلُ ترودُ رِيادًا اخْتَلَفَتْ فِي الْمَرْعَى مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً وَذَلِكَ رِيادُها، وَالْمَوْضِعُ مَرادٌ؛ وَكَذَلِكَ مَرادُ الرِّيحِ وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُذهَبُ فِيهِ ويُجاء؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
والآلُ فِي كلِّ مَرادٍ هَوْجَلِ وَفِي حَدِيثِ قَسٍّ: «ومَرادًا لمَحْشرِ الخَلْق طُرّا»أَي مَوْضِعًا يُحْشَرُ فِيهِ الْخَلْقُ، وَهُوَ مَفْعل مِنْ رادَ يَرْودُ.
وإِن ضُمَّت الْمِيمُ، فَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُرادُ أَن يُحْشَرَ فِيهِ الْخَلْقُ.
وَيُقَالُ: رادَ يَرودُ إِذا جَاءَ وَذَهَبَ وَلَمْ يَطْمَئِنْ.
وَرَجُلٌ رَائِدُ الوِسادِ إِذا لَمْ يَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ لِهَمٍّ أَقلَقَه وَبَاتَ رائدَ الْوِسَادَ؛ وأَنشد:
تَقُولُ لَهُ لَمَّا رأَت جَمْعَ رَحلِه: *** أَهذا رئيسُ القومِ رادَ وِسادُها؟
دَعَا عَلَيْهَا بأَن لَا تَنَامَ فَيَطْمَئِنَّ وِسَادُهَا.
وامرأَة رادٌ ورَوادٌ، بِالتَّخْفِيفِ غير مهموز، ورَؤُود؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عَلِيٍّ: طَوَّافَةٌ فِي بُيُوتِ جَارَاتِهَا، وَقَدْ رادتْ تَرودُ رَوْدًا وَروَدَانًا ورُؤودًا، فَهِيَ رادَة إِذا أَكثرت الِاخْتِلَافَ إِلى بُيُوتِ جَارَاتِهَا.
الأَصمعي: الرادَة مِنَ النِّسَاءِ؛ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، الَّتِي تَرودُ وَتَطُوفُ، والرَّأَدة، بِالْهَمْزِ.
السَّرِيعَةُ الشَّبَابُ، مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَرَادَتِ الريحُ تَرودُ رَوْدًا ورُؤودًا وروَدَانًا: جَالَتْ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا تَحَرَّكَتْ، ونَسَمَتْ تَنْسِمِ نَسَمانًا إِذا تَحَرَّكَتْ تَحَرُّكًا خَفِيفًا.
وأَراد الشيءَ: شاءَه؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الإِرادَة تَكُونُ مَحَبَّة وَغَيْرَ مَحَبَّةٍ؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِذا مَا المرءُ كَانَ أَبوه عَبْسٌ، ***فَحَسْبُكَ مَا تريدُ إِلى الْكَلَامِ
فإِنما عَدَّاهُ بإِلى لأَن فِيهِ مَعْنَى الَّذِي يُحْوِجُكَ أَو يَجِيئُكَ إِلى الْكَلَامِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
أُريدُ لأَنسى ذِكرَها، فكأَنما ***تَمثَّلُ لِي لَيْلى بكلِّ سبيلِ
أَي أُريد أَن أَنسى.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى إِرادتي بِهَذَا لَكَ أَي قَصْدِي بِهَذَا لَكَ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَجَدا فِيها جِدارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ}؛ أَي أَقامه الخَضِرُ.
وَقَالَ: يُرِيدُ والإِرادة إِنما تَكُونُمِنَ الْحَيَوَانِ، والجدارُ لَا يُرِيدُ إِرادَة حَقِيقِيَّةً لأَنَّ تَهَيُّؤه لِلسُّقُوطِ قَدْ ظَهَرَ كَمَا تَظْهَرُ أَفعال الْمُرِيدِينَ، فَوُصِفَ الْجِدَارُ بالإِرادة إِذ كَانَتِ الصُّورَتَانِ وَاحِدَةً؛ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ وَالشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فِي مَهْمَةٍ قَلِقَتْ بِهِ هاماتُها، ***قَلَقَ الفُؤُوسِ إِذا أَردنَ نُضولا
وَقَالَ آخَرُ:
يُريدُ الرمحُ صدرَ أَبي بَراء، ***ويَعدِلُ عَنْ دِماءِ بَني عَقيل
وأَرَدْتُه بكلِ ريدَة أَي بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنواع الإِرادة.
وأَراده عَلَى الشَّيْءِ: كأَداره.
والرَّودُ والرُّؤْدُ: المُهْلَة فِي الشَّيْءِ.
وَقَالُوا: رُوَيْدًا أَي مَهلًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَهُوَ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْفِعْلِ.
وَقَالُوا رُوَيدًا أَي أَمهِلْه وَلِذَلِكَ لَمْ يُثن وَلَمْ يُجْمع وَلَمْ يُؤَنَّثْ.
وَفُلَانٌ يَمْشِي عَلَى رُودٍ أَي عَلَى مَهَل؛ قَالَ الجَموحُ الظَّفَرِيُّ:
تَكادِ لَا تَثلِمُ البَطحاءَ وَطْأَتُها، ***كأَنها ثَمِلٌ يَمِشي عَلَى رُودِ
وَتَصْغِيرُهُ رُوَيد.
أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: تَكْبِيرُ رويدٍ رَوْدٌ وَتَقُولُ مِنْهُ أَرْوِدْ فِي السيرِ إِرْوادًا ومُرْوَدًا أَي ارْفُقْ؛ وَقَالَ إمرُؤ القيس:
جَوَادُ المَحَصَّةِ والمُرْوَدِ
وَبِفَتْحِ الْمِيمِ أَيضًا مِثْلَ المُخْرَج والمَخرج؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده جوادَ، بِالنَّصْبِ، لأَن صدرَه:
وأَعدَدْتُ لِلْحَرْبِ وثَّابَةً
والجَواد هُنَا الْفَرَسُ السَّرِيعَةُ.
والمَحَثَّة: مِنَ الْحَثِّ؛ يَقُولُ إِذا اسْتَحْثَثْتَهَا فِي السَّيْرِ أَو رَفَقْتَ بِهَا أَعطتك مَا يُرْضِيكَ مِنْ فِعْلِهَا.
وَقَوْلُهُمْ: الدهرُ أَرودُ ذُو غِيَرٍ أَي يَعمل عَمَلَهُ فِي سُكُونٍ لَا يُشَعر بِهِ.
والإِرواد: الإِمهال، وَلِذَلِكَ قَالُوا رُوَيدًا بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِمْ إِرْوادًا الَّتِي بِمَعْنَى أَرْوِدْ، فكأَنه تَصْغِيرُ التَّرْخِيمِ بِطَرْحِ جَمِيعِ الزَّوَائِدِ، وَهَذَا حُكْمُ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ التَّحْقِيرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ فِي رُوَيْدٍ لأَنه جَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ أَرْوِدْ، غَيْرَ أَن رُويدًا أَقرب إِلى إِرْوادٍ مِنْهَا إِلى أَرْوِدْ لأَنها اسْمٌ مِثْلُ إِرواد، وَذَهَبَ غَيْرُ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن رُويدًا تَصْغِيرُ رُود؛ وأَنشد بَيْتَ الْجَمُوحِ الظُّفْرِيِّ:
كأَنها ثَمِلٌ يَمْشِي عَلَى رُود
قَالَ: وَهَذَا خطأٌ لأَن رُودًا لَمْ يُوضَعْ مَوْضِعَ الْفِعْلِ كما وضعت إِرواد بِدَلِيلِ أَرود.
وَقَالُوا: رُويدك زَيْدًا فَلَمْ يَجْعَلُوا لِلْكَافِ مَوْضِعًا، وإِنما هِيَ لِلْخِطَابِ وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: أَرَأَيتك زَيْدًا أَبو مَنْ؟ وَالْكَافُ لَا مَوْضِعَ لَهَا لأَنك لَوْ قُلْتَ أَرأَيت زَيْدًا أَبو مَنْ هُوَ لَا يَسْتَغْنِي الْكَلَامُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَسَمِعْنَا مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ أَردتَ الدَّرَاهِمَ لأَعطيتك رُوَيْدَ مَا الشِّعرِ؛ يُرِيدُ أَرْوِدِ الشِّعْرَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَوْ أَردت الدارهم لأُعْطِيَنَّك فَدَعِ الشِّعْرَ؛ قَالَ الأَزهري: فَقَدْ تَبَيَّنَ أَن رُويد فِي مَوْضِعِ الْفِعْلِ ومُتَصَرَّفِهِ يَقُولُ رُويدَ زَيْدًا، وإِنما يَقُولُ أَرود زَيْدًا؛ وأَنشد:
رُويدَ عَلِيًّا، جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمِّهم ***إِلينا، وَلَكِنْ وُدُّهم مُتَماينُ
قَالَ: رَوَاهُ ابْنُ كَيْسَانَ [وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ مُتيامِنُ]
وَفَسَّرَهُ أَنه ذَاهِبٌ إِلى الْيَمَنِ.
قَالَ: وَهَذَا أَحب إِليّ مِنْ مُتَمَايِنُ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ رُوَيْدَ زَيْدٍ كَقَوْلِهِ غَدْرَ الْحَيِّ وضَرْبَ الرِّقاب؛ قَالَ: وَعَلَى هَذَا أَجازوا رُويدك نَفْسَكَ زَيْدًا.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ يَكُونُ رُوَيْدُ صِفَةً فَيَقُولُونَ سَارُوا سَيْرًا رُويدًا، وَيَحْذِفُونَ السَّيْرَ فَيَقُولُونَ سَارُوا رُويدًا يَجْعَلُونَهُ حَالًالَهُ، وَصَفَ كَلَامَهُ واجتزأَ بِمَا فِي صَدْرِ حَدِيثِهِ مِنْ قَوْلِكَ سَارَ عَنْ ذِكْرِ السَّيْرِ؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ ضَعْهُ رُوَيْدًا أَي وَضَعًا رُوَيْدًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ يُعَالِجُ الشَّيْءَ إِنما يُرِيدُ أَن يَقُولَ عِلَاجًا رُوَيْدًا، قَالَ: فَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْحَالِ إِلا أَن يَظْهَرَ الْمَوْصُوفُ بِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْحَالِ وَعَلَى غَيْرِ الْحَالِ.
قَالَ: وَاعْلَمْ أَن رُوَيْدًا تَلْحَقُهَا الْكَافُ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ أَفعِلْ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ رُوَيْدَكَ زَيْدًا وَرُوَيْدَكُمْ زَيْدًا، فَهَذِهِ الْكَافُ الَّتِي أُلحقت لِتَبْيِينِ الْمُخَاطَبِ فِي رُوَيْدًا، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب لأَنها لَيْسَتْ بِاسْمٍ، وَرُوَيْدٌ غَيْرُ مُضَافٍ إِليها، وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلى زَيْدٍ لأَنه اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ يَعْمَلُ عَمَلَ الأَفعال، وَتَفْسِيرُ رُوَيْدٍ مَهْلًا، وَتَفْسِيرُ رُوَيْدَكَ أَمهِلْ، لأَن الْكَافَ إِنما تَدْخُلُهُ إِذا كَانَ بِمَعْنَى أَفعِل دُونَ غَيْرِهِ، وإِنما حُرِّكَتِ الدَّالُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فنُصبَ نَصْبَ الْمَصَادِرِ، وَهُوَ مُصَغَّرٌ مَأْمُورٌ بِهِ لِأَنَّهُ تَصْغِيرُ التَّرْخِيمِ مِنْ إِرْوَادٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَرْوَدَ يُرْوِد، وَلَهُ أَربعة أَوجه: اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَصِفَةٌ وَحَالٌ وَمَصْدَرٌ، فَالِاسْمُ نَحْوَ قَوْلِكَ رُوَيْدَ عَمْرًا أَي أَروِدْ عَمْرًا بِمَعْنَى أَمهِلْه، وَالصِّفَةُ نَحْوَ قَوْلِكَ سَارُوا سَيْرًا رُويدًا، وَالْحَالُ نَحْوَ قَوْلِكَ سَارَ القومُ رُويدًا لَمَّا اتَّصَلَ بِالْمَعْرِفَةِ صَارَ حَالًا لَهَا، وَالْمَصْدَرُ نَحْوَ قَوْلِكَ رُوَيْدَ عَمْرٍو بالإِضافة، كَقَوْلِهِ تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقابِ}.
وَفِي حَدِيثِ أَنْجَشَةَ: «رُويدَك رِفْقًا بِالْقَوَارِيرِ»أَي أَمهل وتأَنّ وارفُق؛ وَقَالَ الأَزهري عِنْدَ قَوْلِهِ: فَهَذِهِ الْكَافُ الَّتِي أُلحقت لِتَبْيِينِ الْمُخَاطَبِ فِي رُوَيْدًا، قَالَ: وإِنما أُلحقت الْمَخْصُوصَ لأَن رُوَيْدًا قَدْ يَقَعُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ والأُنثى، فإِنما أَدخل الْكَافَ حَيْثُ خِيف الْتِبَاسُ مَنْ يُعْنى مِمَّنْ لَا يُعْنى، وإِنما حُذِفَتْ فِي الأَول اسْتِغْنَاءً بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ لأَنه لَا يَعْنِي غَيْرَهُ.
وَقَدْ يُقَالُ رُوَيْدًا لِمَنْ لَا يَخَافُ أَن يَلْتَبِسَ بِمَنْ سِوَاهُ تَوْكِيدًا، وَهَذَا كَقَوْلِكَ النَّجاءَكَ والوَحاك تَكُونُ هَذِهِ الْكَافُ عَلَمًا للمأْمورين والمنهبين.
قَالَ وَقَالَ اللَّيْثَ: إِذا أَردت بِرُوَيد الْوَعِيدَ نَصَبْتَهَا بِلَا تَنْوِينٍ؛ وأَنشد:
رُويدَ تَصَاهَلْ بالعِراقِ جِيادَنا، ***كأَنك بالضحَّاك قَدْ قَامَ نادِبُه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ، وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: وَقَدْ يَكُونُ رُوَيْدًا لِلْوَعِيدِ، كَقَوْلِهِ:
رُويدَ بَنِيَ شيبانَ، بعضَ وَعيدِكم ***تُلاقوا غَدًا خَيْلي عَلَى سَفَوانِ
فأَضاف رُوَيْدًا إِلى بَنِي شَيْبَانَ وَنَصَبَ بعضَ وَعِيدِكُمْ بإِضمار فِعْلٍ، وإِنما قَالَ رُوَيْدَ بَنِي شَيْبَانَ عَلَى أَن بَنِي شَيْبَانَ فِي مَوْضِعِ مَفْعُولٍ، كَقَوْلِكَ رُوَيْدَ زيدٍ وكأَنه أَمر غَيْرَهُمْ بإِمهالهم، فَيَكُونُ بَعْضَ وَعِيدِكُمْ عَلَى تَحْوِيلِ الْغَيْبَةِ إِلى الْخِطَابِ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بَنِي شَيْبَانَ مُنَادَى أَي أَمهلوا بعضَ وَعِيدِكُمْ، وَمَعْنَى الأَمر هاهنا التأْهير وَالتَّقْلِيلُ مِنْهُ، وَمَنْ رَوَاهُ رويدَ بني شيبانَ بعضَ وَعِيدِهِمْ كَانَ عَلَى الْبَدَلِ لأَن مَوْضِعَ بَنِي شَيْبَانَ نُصِبَ، عَلَى هَذَا يَتَّجِهُ إِعراب الْبَيْتِ؛ قَالَ: وأَما مَعْنَى الْوَعِيدِ فَلَا يَلْزَمُ وإِنما الْوَعِيدُ فِيهِ بِحَسَبِ الْحَالِ لأَنه يَتَوَعَّدُهُمْ بِاللِّقَاءِ وَيَتَوَعَّدُونَهُ بِمِثْلِهِ.
قَالَ الأَزهري: وإِذا أَردت برُويد الْمُهْلَةَ والإِرواد فِي الشَّيْءِ فَانْصُبْ وَنَوِّنْ، تَقُولُ: امْشِ رُوَيْدًا، قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَروِدْ فِي مَعْنَى رُوَيْدًا الْمَنْصُوبَةِ.
قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ فِي بَابِ رُوَيْدًا: كأَنّ رُوَيْدًا مِنَ الأَضداد، تَقُولُ رُوَيْدًا إِذا أَرادوا دَعْه وخَلِّه، وإِذا أَرادوا ارْفُقْ بِهِ وأَمسكه قَالُوا: رُوَيْدًا زَيْدًا أَيضًا، قَالَ: وتَيْدَ زَيْدًا بِمَعْنَاهَا، قَالَ: وَيَجُوزُ إِضافتها إِلى زَيْدٍ لأَنهما مَصْدَرَانِ كَقَوْلِهِ تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقابِ}.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «إِن لِبَنِي أُمية مَرْوَدًا يَجرون إِليه»، هُوَ مَفْعَل مِنَ الإِرْوادِ الإِمهال كأَنه شَبَّهَ الْمُهْلَةَ الَّتِي هُمْ فِيهَا بِالْمِضْمَارِ الَّذِي يَجْرُونَ إِليه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.
التَّهْذِيبُ: والرِّيدة اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الِارْتِيَادِ والإِرادة، وأَراد الشَّيْءَ: أَحبه وعُنِيَ بِهِ، وَالِاسْمُ الرِّيدُ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ: «إِن الشَّيْطَانَ يُرِيدُ ابْنَ آدَم بِكُلِّ رِيدَةٍ»أَي بِكُلِّ مَطْلَب ومُراد.
يُقَالُ: أَراد يُرِيدُ إِرادة، وَالرَّيْدَةُ الِاسْمُ مِنَ الإِرادة.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ: هَرَدْتُ الشَّيْءَ أُهَريدُه هِرادةً، فإِنما هُوَ عَلَى الْبَدَلِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: أُريد لأَن تَفْعَلَ مَعْنَاهُ إِرادتي لِذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}.
الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: والإِرادة الْمَشِيئَةُ وأَصله الْوَاوُ، كَقَوْلِكَ رَاوَدَهُ أَي أَراده عَلَى أَن يَفْعَلَ كَذَا، إِلا أَن الْوَاوَ سُكِّنَتْ فَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلى مَا قَبْلَهَا فَانْقَلَبَتْ فِي الْمَاضِي أَلفًا وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ يَاءً، وَسَقَطَتْ فِي الْمَصْدَرِ لِمُجَاوَرَتِهَا الأَلف السَّاكِنَةَ وَعَوَّضَ مِنْهَا الْهَاءَ فِي آخِرِهِ.
قَالَ اللَّيْثُ: وَتَقُولُ راوَدَ فُلَانٌ جَارِيَتَهُ عَنْ نَفْسِهَا وراوَدَتْه هِيَ عَنْ نَفْسِهِ إِذا حَاوَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ الْوَطْءَ وَالْجِمَاعَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ}؛ فَجَعَلَ الْفِعْلَ لَهَا.
وراوَدْتُه عَلَى كَذَا مُراوَدَةً ورِوادًا أَي أَردتُه.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «حَيْثُ يُراوِدُ عمَّه أَبا طَالِبٍ عَلَى الإِسلام»أَي يُراجعه ويُرادُّه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ الإِسراء:
قَالَ لَهُ مُوسَى، صَلَّى الله عليهما وَسَلَّمَ: قَدْ وَاللَّهِ راودْتُ بَنِي إِسرائيل عَلَى أَدنى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ.
وراودْته عَنِ الأَمر وَعَلَيْهِ: دَارَيْتُهُ.
وَالرَّائِدُ: العُود الَّذِي يَقْبِضُ عَلَيْهِ الطَّاحِنُ إِذا أَداره.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرائدُ مَقْبِضُ الطَّاحِنِ مِنَ الرَّحَى.
ورائدُ الرَّحَى: مَقْبِضُها.
وَالرَّائِدُ: يَدُ الرَّحَى.
والمِرْوَدُ: الْمَيْلُ وَحَدِيدَةٌ تَدُورُ فِي اللِّجَامِ ومِحورُ الْبَكْرَةِ إِذا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ.
وَفِي حَدِيثِ مَاعِزٍ: «كَمَا يَدْخُلُ المِرْوَدُ فِي المكحُلةِ»؛ المِرْوَدُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الْمَيْلُ الَّذِي يُكْتَحَلُ بِهِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.
والمِرْوَدُ أَيضًا: المَفْصِل.
والمِرْوَدُ: الوَتِدُ؛ قَالَ:
داوَيْتُه بالمَحْضِ حَتَّى شَتَا، ***يَجتذِبُ الأَرِيَّ بالمِرْوَد
أَراد مَعَ المِروَد.
وَيُقَالُ: رِيحٌ رَوْدٌ لَيِّنَةُ الهُبوب.
وَيُقَالُ: رِيحٌ رَادَّةٌ إِذا كَانَتْ هَوْجاء تَجيءُ وَتَذْهَبُ.
وريح رائدة: مثل رادة، وَكَذَلِكَ رُواد؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَصَعْصَعَ إِن أُمَّكَ، بَعْدَ لَيْلِي، ***رُوادُ الليلِ، مُطْلَقَةُ الكِمام
وَكَذَلِكَ امرأَة رُوَادٌ ورَادة ورائدة.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
35-لسان العرب (فرش)
فرش: فَرَشَ الشَّيْءَ يفْرِشُه ويَفْرُشُه فَرْشًا وفَرَشَه فانْفَرَش وافْتَرَشَه: بسَطَه.اللَّيْثُ: الفَرْشُ مَصْدَرُ فَرَشَ يَفْرِش ويفْرُش وَهُوَ بَسْطُ الْفِرَاشِ، وافْتَرشَ فُلَانٌ تُرابًا أَو ثَوْبًا تَحْتَهُ.
وأَفْرَشَت الْفَرَسُ إِذا اسْتَأْتَتْ أَي طَلَبَتْ أَن تُؤْتى.
وافْتَرشَ فُلَانٌ لسانَه: تَكَلَّمَ كَيْفَ شَاءَ أَي بَسَطَهُ.
وافْتَرشَ الأَسدُ وَالذِّئْبُ ذِرَاعَيْهِ: رَبَضَ عَلَيْهِمَا وَمَدَّهُمَا؛ قَالَ:
تَرى السِّرْحانَ مُفْتَرِشًا يَدَيه، ***كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ
وافتَرَشَ ذِرَاعَيْهِ: بَسَطَهُمَا عَلَى الأَرض.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنِ افْتِرَاشِ السَّبُعِ "، وَهُوَ أَن يَبْسُط ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا يُقِلَّهما ويرْفَعَهما عَنِ الأَرض إِذا سَجَد كَمَا يَفْتَرشُ الذئبُ وَالْكَلْبُ ذِرَاعَيْهِ وَيَبْسُطُهُمَا.
والافْتِراشُ، افْتِعالٌ: مِنَ الفَرْش والفِراش.
وافْتَرَشَه أَي وطِئَه.
والفِراشُ: مَا افْتُرِش، وَالْجَمْعُ أَفْرِشةٌ وفُرُشٌ؛ سِيبَوَيْهِ؛ وإِن شِئْتَ خفَّفْت فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ.
وَقَدْ يُكَنَّى بالفَرْش عَنِ المرأَة.
والمِفْرَشةُ: الوِطاءُ الَّذِي يُجْعل فَوْقَ الصُّفَّة.
والفَرْشُ: المَفْروشُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشًا}؛ أَي وِطاءً لَمْ يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْرَارُ عَلَيْهَا.
وَيُقَالُ: لَقِيَ فُلَانٌ فُلَانًا فافْتَرَشَه إِذا صرَعَه.
والأَرض فِراشُ الأَنام، والفَرْشُ الفضاءُ الْوَاسِعُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ أَرض تَسْتوي وتَلِين وتَنْفَسِح عَنْهَا الْجِبَالُ.
اللَّيْثُ: يُقَالُ فَرَّش فُلَانٌ دَارَهُ إِذا بلّطَها، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ إِذا بَسَطَ فِيهَا الآجُرَّ والصَفِيحَ فَقَدْ فَرَّشَها.
وتَفْرِيشُ الدَّارِ: تَبْلِيطُها.
وجمَلٌ مُفْتَرِشُ الأَرض: لَا سَنام لَهُ، وأَكمةٌ مُفْتَرِشةُ الأَرض كَذَلِكَ، وكلُّه مِنَ الفَرْشِ.
والفَرِيشُ: الثَوْرُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي لَا سَنَامَ لَهُ؛ قَالَ طُرَيْحٌ:
غُبْس خَنابِس كُلُّهُنَّ مُصَدّرٌ، ***نَهْدُ الزُّبُنّة كالفَرِيشِ شَتِيمُ
وفَرَشَه فِراشًا وأَفْرَشَه: فَرَشَه لَهُ.
ابْنُ الأَعرابي: فَرَشْتُ زَيْدًا بِساطًا وأَفْرَشْته وفَرَّشْته إِذا بَسَطت لَهُ بِساطًا فِي ضيافتِه، وأَفْرَشْته إِذا أَعْطَيته فَرْشًا مِنَ الإِبل.
اللَّيْثُ: فَرَشْت فُلَانًا أَي فَرَشْت لَهُ، وَيُقَالُ: فَرَشْتُه أَمْري أَي بَسَطْتُهُ كلَّهُ، وفَرَشْت الشَّيْءَ أَفْرِشُه وأَفْرُشُه: بَسَطْتُهُ.
وَيُقَالُ: فَرَشَه أَمْرَه إِذا أَوسَعه إِياه وبسَطه لَهُ.
والمِفْرَشُ: شَيْءٌ كالشاذَكُونَة.
والمِفْرَشةُ: شَيْءٌ يَكُونُ عَلَى الرحْل يَقعد عَلَيْهَا الرَّجُلُ، وَهِيَ أَصغرُ مِنَ المِفْرَش، والمِفْرَش أَكبرُ مِنْهُ.
والفُرُشُ والمَفارِشُ: النِّساءُ لأَنهن يُفتَرَشْن؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ: " مِنْهُمْ وَلَا هُلْك المَفارِش عُزَّل "أَي النِّسَاءُ، وافْتَرَشَ الرَّجُلُ المرأَة للّذَّة.
والفَريشُ: الجاريةُ يَفْتَرِشُها الرجلُ.
اللَّيْثُ: جَارِيَةٌ فَرِيشٌ قَدِ افْتَرَشَها الرَّجُلُ، فَعِيلٌ جَاءَ مِنِ افْتَعَل، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمع جَارِيَةٌ فَرِيش لِغَيْرِهِ.
أَبو عَمْرٍو: الفِراش الزَّوْجُ والفِراش المرأَة والفِراشُ مَا يَنامان عَلَيْهِ والفِراش الْبَيْتُ والفِراشُ عُشُّ الطائرِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ: " حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلى فِراش عَزِيزَةٍ والفَراشُ: مَوْقِع اللِّسَانِ فِي قَعْرِ الفمِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}؛ قَالُوا: أَراد بالفُرُشِ نساءَ أَهل الْجَنَّةِ ذواتِ الفُرُشِ.
يُقَالُ لامرأَة الرَّجُلِ: هِيَ فِراشُه وإِزارُه ولِحافُه، وَقَوْلُهُ مَرْفُوعَةٍ رُفِعْن بالجَمال عَنْ نِسَاءِ أَهلِ الدُّنْيَا، وكلُّ فاضلٍ رَفِيعٌ.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الولدُ للفِراشِ ولِلْعاهِر الحجَرُ "؛ مَعْنَاهُ أَنه لِمَالِكِ الفِراشِ وَهُوَ الزَّوْجُ والمَوْلى لأَنه يَفْتَرِشُها، هذا مِنْ مُخْتَصَرِ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ عز وجل: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، يُرِيدُ أَهلَ القريةِ.
والمرأَة تُسَمَّى فِراشًا لأَن الرَّجُلَ يَفْتَرِشُها.
وَيُقَالُ: افْتَرَشَ القومُ الطريقَ إِذا سَلَكُوهُ.
وافْتَرشَ فلانٌ كريمةَ فلانٍ فَلَمْ يُحْسنْ صُحْبَتَهَا إِذا تَزَوَّجَهَا.
وَيُقَالُ: فلانٌ كريمٌ مُتَفَرِّشٌ لأَصحابه إِذا كَانَ يَفْرُشُ نفسَه لَهُمْ.
وَفُلَانٌ كريمُ المَفارِشِ إِذا تَزَوَّجَ كرائمَ النِّساء.
والفَرِيشُ مِنَ الْحَافِرِ: الَّتِي أَتى عَلَيْهَا مِنْ نِتاجها سبعةُ أَيام وَاسْتَحَقَّتْ أَن تُضرَبَ، أَتانًا كَانَتْ أَو فَرَسًا، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالفَرِيشِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالْجَمْعُ فَرائشُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذُو ازْملٍ وسَقَتْ ***لَهُ الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيادِيدُ
الأَصمعي: فرسٌ فَرِيشٌ إِذا حُمِلَ عَلَيْهَا بَعْدَ النِّتاج بِسَبْعٍ.
والفَرِيشُ مِنْ ذَوَاتِ الْحَافِرِ: بِمَنْزِلَةِ النُّفَساء "مِنَ النِّسَاءِ إِذا طهُرت وَبِمَنْزِلَةِ العُوذِ مِنَ النُّوقِ.
والفَرْشُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ النَّبَاتُ.
والفَرْشُ: الزَّرْعُ إِذا فَرَّشَ.
وفَرَشَ النباتُ فَرْشًا: انْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الأَرض.
والمُفَرِّشُ: الزَّرْعُ إِذا انْبَسَطَ، وَقَدْ فَرَّشَ تَفْريشًا.
وفَراشُ اللِّسَانِ: اللُّحْمَةُ الَّتِي تَحْتَهُ، وَقِيلَ: هِيَ الْجِلْدَةُ الخَشْناء الَّتِي تَلِي أُصولَ الأَسْنان العُلْيا، وَقِيلَ: الفَراشُ مَوْقع اللِّسَانِ مِنْ أَسفل الحَنَك، وَقِيلَ: الفَراشَتانِ بِالْهَاءِ غُرْضُوفانِ عِنْدَ اللَّهاة.
وفَراشُ الرأْس: عِظامٌ رِقاق تَلِي القِحْف.
النَّضْرُ: الفَراشانِ عِرْقان أَخْضران تَحْتَ اللِّسَانِ؛ وأَنشد يَصِفُ فَرَسًا:
خَفِيف النَّعامةٍ ذُو مَيْعةٍ، ***كَثِيف الفَراشةِ نَاتِي الصُّرَد
ابْنُ شُمَيْلٍ: فَراشا اللجامِ الحَديدتانِ اللَّتَانِ يُرْبط بِهِمَا الْعِذَارَانِ، والعذَارانِ السَّيْرانِ اللَّذَانِ يُجْمعان عِنْدَ القَفا.
ابْنُ الأَعرابي: الفَرْشُ الْكذِبُ، يُقَالُ: كَمْ تَفْرُش كَمْ وفَراشُ الرأْس: طرائقُ دِقاق مِنَ القِحْف، وَقِيلَ: هُوَ مَا رَقَّ مِنْ عظْم الْهَامَةِ، وَقِيلَ: كلُّ رقيقٍ مِنْ عظمٍ فَراشَةٌ، وَقِيلَ: كُلُّ عَظْمٍ ضُرب فَطَارَتْ مِنْهُ عظامٌ رِقاقٌ فَهِيَ الفَراش، وَقِيلَ: كُلُّ قُشور تَكُونُ عَلَى العظْم دُونَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هِيَ العِظامُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ رأْس الإِنسان إِذا شُجّ وكُسِر، وَقِيلَ: لَا تُسمى عِظامُ الرأْس فَراشًا حَتَّى تَتَبَيَّنَ، الْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فَراشةٌ.
والمُفَرِّشةُ والمُفْتَرِشةُ مِنَ الشِّجاجِ: الَّتِي تَبْلُغُ الفَراش.
وَفِي حَدِيثِ "مَالِكٍ: «فِي المُنَقِّلَةِ الَّتِي يَطيرُ فَراشُها خمسةَ عشرَ»؛ المُنَقِّلَةُ مِنَ الشِّجاج الَّتِي تُنَقِّلُ الْعِظَامَ.
الأَصمعي: المُنَقِّلة مِنَ الشِّجَاجِ هِيَ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا فَراشُ الْعِظَامِ وَهِيَ قِشْرَةٌ تَكُونُ عَلَى الْعَظْمِ دُونَ اللَّحْمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ: " ويَتْبَعُها منهمْ فَراشُ الحَواجِب "والفَراش: عَظْمُ الْحَاجِبِ.
وَيُقَالُ: ضرَبه فأَطارَ فَراشَ رأْسه، وَذَلِكَ إِذا طَارَتِ الْعِظَامُ رِقاقًا مِنْ رأْسه.
وَكُلُّ رَقِيقٍ مِنْ عَظْمٍ أَو حديدٍ، فَهُوَ فَراشةٌ؛ وبه سميت فَراشةُ القُفل لرِقَّتِها.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: «ضَرْبٌ يَطِير مِنْهُ فَراشُ الهامِ»؛ الفَراشُ: عِظَامٌ رِقَاقٌ تَلِي قِحْف الرأْس.
الْجَوْهَرِيُّ: المُفَرِّشةُ الشَّجّةُ الَّتِي تَصْدَع الْعَظْمَ وَلَا تَهْشِم، والفَراشةُ: مَا شخَص مِنْ فُرُوعِ الْكَتِفَيْنِ فِيمَا بَيْنَ أَصْل الْعُنُقِ وَمُسْتَوَى الظَّهْرِ وَهُمَا فَراشا الْكَتِفَيْنِ.
والفَراشَتان: طرَفا الْوَرِكَيْنِ فِي النُّقْرة.
وفَراشُ الظَّهْر: مَشكّ أَعالي الضُّلُوع فِيهِ.
وفَراشُ القُفْل: مَناشِبُه، واحدتُها فَراشة؛ حَكَاهَا أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحْسبها عَرَبِيَّةً.
وكلُّ حديدةٍ رَقِيقَةٍ: فَراشةٌ.
وفَراشةُ القُفْل: مَا يَنْشَبُ فِيهِ.
يُقَالُ: أَقْفَلَ فأَفْرَشَ.
وفَراشُ النَّبِيذ: الحَبَبُ الَّذِي عَلَيْهِ.
والفَرْشُ: الزَّرْع إِذا صَارَتْ لَهُ ثلاثُ ورَقاتٍ وأَرْبعٌ.
وفَرْشُ الإِبِلِ وغيرِها: صِغارُها، الواحدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سواءٌ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسمع لَهُ بِجَمْعٍ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا سُمِّيَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَشَها اللَّهُ فَرْشًا أَي بَثَّها بَثًّا.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}؛ وفَرْشُها: كِبارُها؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
لَهُ إِبلٌ فَرْشٌ وذاتُ أَسِنَّة ***صُهابيّة، حانَتْ عَلَيْهِ حُقُوقُها
وَقِيلَ: الفَرْشُ مِنَ النَّعَم مَا لَا يَصْلح إِلا لِلذَّبْحِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَمُولةُ مَا أَطاقَ العملَ والحَمْلَ.
والفَرْشُ: الصغارُ.
وقال أَبو إِسحق: أَجْمَع أهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَن الفَرْشَ صِغارُ الإِبل.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الفَرْشُ صغارُ الإِبل، وإِن الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ مِنَ الفَرْش.
قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ}، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ حَمُولة وفرْشًا جَعَلَهُ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَعَ الإِبل؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنشدني غيرهُ مَا يُحَقّق قَوْلَ أَهل التَّفْسِيرِ:
ولنا الحامِلُ الحَمُولةُ، والفَرْشُ ***مِنَ الضَّأْن، والحُصُونُ السيُوفُ
وَفِي حَدِيثِ أُذَينةَ: «فِي الظُّفْرِ فَرْشٌ مِنَ الإِبل»؛ هُوَ صغارُ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا لَا يَصْلُحُ إِلا لِلذَّبْحِ.
وأَفْرَشْتُه: أَعْطَيته فَرْشًا مِنَ الإِبل، صِغَارًا أَو كِبَارًا.
وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ يَذْكُرُ السَّنَة: «وتركَتِ الفَرِيش مُسْحَنْكِكًا»أَي شديدَ السَّوَادِ مِنَ الِاحْتِرَاقِ.
قِيلَ: الفَراش الصغارُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: هَذَا غيرُ صَحِيحٍ عِنْدِي لأَن الصِّغارَ مِنَ الإِبل لَا يُقَالُ لَهَا إِلا الفَرْش.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: " لَكُمُ الْعَارِضُ والفَريشُ "؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هِيَ الَّتِي وَضَعَت حَدِيثًا كالنُّفَساء مِنَ النِّسَاءِ.
والفَرْشُ: مَنَابِتُ العُرْفُط؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَشْعَث أَعْلى مَالِهِ كِففٌ لَهُ ***بفَرشِ فلاةٍ، بينَهنَّ قَصِيمُ
ابْنُ الأَعرابي: فَرْشٌ مِنْ عُرْفُط وقَصِيمَةٌ مِنْ غَضًا وأَيكةٌ مِنْ أَثْلٍ وغالٌّ مِنْ سَلَم وسَليلٌ مِنْ سَمُر.
وفَرْشُ الْحَطَبِ وَالشَّجَرِ: دِقُّه وصِغارُه.
وَيُقَالُ: مَا بِهَا إِلا فَرْشٌ مِنَ الشَّجَرِ.
وفَرْشُ العِضاهِ: جماعتُها.
والفَرْشُ: الدارةُ مِنَ الطّلْح، وَقِيلَ: الفَرْشُ الغَمْضُ مِنَ الأَرض فِيهِ العُرْفُطُ والسَّلَم والعَرْفَجُ والطَّلْح والقَتاد والسَّمُر والعَوْسجُ، وَهُوَ يَنْبُتُ فِي الأَرض مُسْتَوِيَةً مِيلًا وَفَرْسَخًا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ أَراها وشَواها الحُبْشا ***ومِشْفَرًا، إِن نطَقَتْ، أَرَشَّا
كمِشْفَرِ النابِ تَلُوكُ الفَرْشا "ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: إِن الإِبل إِذا أَكلت الْعُرْفُطَ وَالسَّلَمَ استَرْخت أَفواهُها.
والفَرْشُ فِي رِجْل الْبَعِيرِ: اتساعٌ قَلِيلٌ وَهُوَ مَحْمُودٌ، وإِذا كثُر وأَفرط الرَّوَحُ حَتَّى اصطَكَّ العُرْقوبان فَهُوَ العَقَل، وَهُوَ مَذْمُومٌ.
وَنَاقَةٌ مَفْرُوشةُ الرِّجْل إِذا كَانَ فِيهَا اسْطار وَانْحِنَاءٌ؛ وأَنشد الْجَعْدِيُّ:
مَطْويَّةُ الزَّوْرِ طيَّ البئْرِ دَوْسَرة، ***مَفْروشة الرِّجْل فَرْشًا لَمْ يَكُنْ عَقَلا
وَيُقَالُ: الفَرْشُ فِي الرِّجْل هُوَ أَن لَا يَكُونَ فِيهَا انْتِصابٌ وَلَا إِقْعاد.
وافْتَرَشَ الشيءُ أَي انْبَسَطَ.
وَيُقَالُ: أَكَمَةٌ مُفْتَرِشةُ الظَّهْر إِذا كَانَتْ دكَّاءَ.
وَفِي حَدِيثِ طَهْفة: «لَكُمُ العارِض والفَريشُ»؛ الفَريشُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا انْبَسط عَلَى وَجْهِ الأَرض وَلَمْ يَقُم عَلَى سَاقٍ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الفَرْشُ مَدْح والعَقَل ذمٌّ، والفَرْشُ اتِّسَاعٌ فِي رِجْل الْبَعِيرِ، فَإِنْ كثُر فَهُوَ عَقَل.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفَرْشةُ الطريقةُ الْمُطْمَئِنَّةُ مِنَ الأَرض شَيْئًا يقودُ اليومَ وَاللَّيْلَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ.
وَلَا يَكُونُ إِلا فِيمَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض وَاسْتَوَى وأَصْحَرَ، وَالْجَمْعُ فُرُوش.
والفَراشة: حِجَارَةٌ عِظَامٌ أَمثال الأَرْحاء تُوضَعُ أَوّلًا ثُمَّ يُبْنى عَلَيْهَا الركِيبُ وَهُوَ حَائِطُ النَّخْلِ.
والفَراشةُ: الْبَقِيَّةُ تَبْقَى فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي تُرَى أَرض الْحَوْضِ مِنْ وَرَائِهِ مِنْ صَفائه.
والفَراشةُ: مَنْقَع الْمَاءِ فِي الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ.
وفَراشُ القاعِ وَالطِّينِ: مَا يَبِسَ بَعْدَ نُضُوب الْمَاءِ مِنَ الطِّينِ عَلَى وَجْهِ الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ مِنَ الضَّحْضاح؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحُمُر:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه ***فَراشًا، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ
والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ مِنَ العَرَقِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَرَقِ: عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد: " فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف هَذَا الْبَيْتَ إِنما الْمَعْرُوفُ بَيْتُ لَبِيدٍ:
عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم ***فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب
قَالَ: وأَرى ابْنَ الأَعرابي إِنما أَراد هَذَا الْبَيْتَ فأَحالَ الروايةَ إِلا أَن يَكُونَ لَبِيدٌ قَدْ أَقْوى فَقَالَ: فَرَاشُ الْمَسِيحِ فَوْقَهُ يَتَصَبَّبُ قَالَ: وإِنما قُلْتُ إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هَذِهِ القصيدةِ مجرورٌ، وأَوّلُها:
أَرى النفسَ لَجّتْ فِي رَجاءٍ مُكَذَّبِ، ***وَقَدْ جَرّبَتْ لَوْ تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ
وَرَوَى الْبَيْتَ: كَالْجُمَانِ المُحَبّبِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ رفعَ الفَراشَ ونَصَبَ المِسْكَ فِي الْبَيْتِ رفَعَ الدِّيباجَ عَلَى أَن الْوَاوَ لِلْحَالِ، ومَنْ نَصَبَ الفَراشَ رفعَهما.
والفَرَاشُ: دوابٌّ مِثْلُ الْبَعُوضِ تَطير، واحدتُها فَراشةٌ.
والفرَاشةُ: الَّتِي تَطير وتَهافَتُ فِي السِّراج، وَالْجَمْعُ فَراشٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ، قَالَ: الفَراش مَا تَراه كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ فِي النَّارِ، شَبَّهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الناسَ يومَ البَعْث بِالْجَرَادِ المُنْتَشر وبالفَراش الْمَبْثُوثِ لأَنهم إِذا بُعِثُوا يمُوج بعضُهم فِي بَعْضٍ كَالْجَرَادِ الَّذِي يَمُوج بعضُه فِي بَعْضٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ كالغَوْغاءِ مِنَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُول يَوْمَئِذٍ بعضُهم فِي بَعْضٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَراشُ الَّذِي يَطِير؛ وأَنشد:
أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم ***حِلْمُ الفَراشِ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي
أَزرَى بحِلمِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ ***مثلُ الفَراش غَشِين نَارَ الْمُصْطَلِي
وَفِي الْمَثَلِ: أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فتَتَقادَعُ بِهِمْ جَنْبةُ السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ»؛ هُوَ بِالْفَتْحِ الطَّيْرُ الَّذِي يُلْقي نفسَه فِي ضَوْءِ السِّراج؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «جَعَلَ الفَراشُ وَهَذِهِ الدوابُّ تَقَعُ فِيهَا».
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ مِنَ الرِّجَالِ.
وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بِجَنَاحَيْهِ وبسَطَهما؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ رَبِيئَةً:
فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ البَيْض ***شَدًّا، وَقَدْ تَعالى النهارُ
وَيُقَالُ: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشًا إِذا جَعَلَ يُرَفْرِف عَلَى الشَّيْءِ، وَهِيَ الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَجَاءَتِ الحُمَّرةُ فَجَعَلَتْ تفَرّش»؛ هُوَ أَن تَقْرب مِنَ الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف.
وضرَبَه فَمَا أَفْرَش عَنْهُ حَتَّى قَتَلَه أَي مَا أَقْلعَ عَنْهُ، وأَفْرَش عَنْهُمُ الموتُ أَي ارْتفع؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وَقَوْلُهُمْ: مَا أَفْرَشَ عَنْهُ أَي مَا أَقْلَع؛ قَالَ يزيد" بْنُ عَمْرِو بْنِ الصَّعِق:
نحْنُ رُؤوسُ القومِ بَيْنَ جَبَلَهْ، ***يومَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَلَهْ،
نَعْلُوهُمُ بِقُضُبٍ مُنْتَخَلَهْ، ***لَمْ تَعْدُ أَن أَفْرَشَ عَنْهَا الصَّقَلَهْ
أَي أَنها جُدُدٌ.
وَمَعْنَى مُنْتَخَلة: مُتَخَيَّرة.
يُقَالُ: تَنَخَّلْت الشيءَ وانْتَخَلْته اخْتَرْته.
والصَّقَلةُ: جمعُ صاقِل مِثْلُ كَاتِبٍ وكَتَبة.
وَقَوْلُهُ لَمْ تَعْدُ أَن أَفْرَشَ أَي لَمْ تُجاوِزْ أَن أَقْلَع عَنْهَا الصقلةُ أَي أَنها جُدُدٌ قَرِيبةُ العهدِ بالصَّقْلِ.
وَفَرَشَ عَنْهُ: أَرادَه وتهيّأَ لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِلا أَن يَكُونَ مَالًا مُفْتَرَشًا»أَي مَغْصُوبًا قَدِ انْبَسطت فِيهِ الأَيْدي بِغَيْرِ حَقٍّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: افْتَرَش عِرْضَ فلانٍ إِذا اسْتباحَه بالوَقِيعة فِيهِ، وحقيقتُه جَعَله لِنَفْسِهِ فِراشًا يطؤُه.
وفَرْش الجَبَا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثيّر عَزَّةَ:
أَهاجَك بَرْقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ، ***تضَمَّنَه فَرْشُ الجَبا فالمَسارِبُ؟
والفَرَاشةُ: أَرض؛ قَالَ الأَخطل:
وأَقْفَرت الفَراشةُ والحُبَيّا، ***وأَقْفَر، بَعْد فاطِمةَ، الشَّقِيرُ
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فَرْش، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ، وادٍ سلَكه النبي، صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، حِينَ سارَ إِلى بدر، واللَّه أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
36-لسان العرب (عرف)
عرف: العِرفَانُ: الْعَلَمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لَا يَليق بِهَذَا الْمَكَانِ، عَرَفَه يَعْرِفُه عِرْفَة وعِرْفَانًا وعِرِفَّانًا ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ سَحابًا:مَرَتْه النُّعامَى، فَلَمْ يَعْتَرِفْ ***خِلافَ النُّعامَى مِنَ الشامِ رِيحا
وَرَجُلٌ عَرُوفٌ وعَرُوفَة: عَارِفٌ يَعْرِفُ الأُمور وَلَا يُنكِر أَحدًا رَآهُ مَرَّةَ، وَالْهَاءُ فِي عَرُوفَة لِلْمُبَالَغَةِ.
والعَرِيف والعارِفُ بِمَعْنًى مِثْلُ عَلِيم وَعَالِمٍ؛ قَالَ طَرِيف بْنِ مَالِكٍ العَنْبري، وَقِيلَ طريف بن عمرو:
أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ، ***بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
أَي عَارِفَهم؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَقَوْلِهِمْ ضَرِيبُ قِداح، وَالْجَمْعُ عُرَفَاء.
وأَمر عَرِيفٌ وعَارِف: مَعروف، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع أَمْرٌ عَارِف أَي مَعْرُوفٌ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَالَّذِي حصَّلناه للأَئمة رَجُلٌ عَارِف أَي صَبور؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ.
والعِرْف، بِالْكَسْرِ: مِنْ قَوْلِهِمْ مَا عَرَفَ عِرْفي إِلَّا بأَخَرةٍ أَي مَا عَرَفَني إِلَّا أَخيرًا.
وَيُقَالُ: أَعْرَفَ فُلَانٌ فُلَانًا وعَرَّفَه إِذَا وقَّفَه عَلَى ذَنْبِهِ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ.
وعَرَّفَه الأَمرَ: أَعلمه إِيَّاهُ.
وعَرَّفَه بيتَه: أَعلمه بِمَكَانِهِ.
وعَرَّفَه بِهِ: وسَمه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَرَّفْتُه زَيْدًا، فذهَب إِلَى تَعْدِيَةِ عَرَّفَت بِالتَّثْقِيلِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، يَعْنِي أَنك تَقُولُ عَرَفَت زَيْدًا فيتعدَّى إِلَى وَاحِدٍ ثُمَّ تُثْقِلُ الْعَيْنَ فيتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، قَالَ: وأَما عَرَّفْته بِزَيْدٍ فَإِنَّمَا تُرِيدُ عَرَّفْته بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ وأَوضَحته بِهَا فَهُوَ سِوى الْمَعْنَى الأَوَّل، وَإِنَّمَا عَرَّفْته بِزَيْدٍ كَقَوْلِكَ سمَّيته بِزَيْدٍ، وَقَوْلُهُ أَيضًا إِذَا أَراد أَن يُفضِّل شَيْئًا مِنَ النحْو أَو اللُّغَةِ عَلَى شَيْءٍ: والأَولأَعْرَف؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه عَلَى تَوَهُّمِ عَرُفَ لأَن الشَّيْءَ إِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف لَا عَارِف، وَصِيغَةُ التَّعَجُّبِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ، وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض، فتعَجَّب مِنَ الْمَفْعُولِ كَمَا يُتعجّب مِنَ الْفَاعِلِ حَتَّى قَالَ: مَا أَبْغضَني لَهُ، فَعَلَى هَذَا يصْلُح أَن يَكُونَ أَعْرَف هُنَا مُفاضلة وتعَجُّبًا مِنَ الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الْمَعْرُوفُ.
والتعريفُ: الإِعْلامُ.
والتَّعريف أَيضًا: إِنْشَادُ الضَّالَّةِ.
وعَرَّفَ الضالَّة: نَشَدها.
واعْتَرَفَ القومَ: سأَلهم، وَقِيلَ: سأَلهم عَنْ خَبر لِيَعْرِفَهُ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عَنْ أَبيها، ***خِلالَ الجَيْش، تَعْتَرِفُ الرِّكابا؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويأْتي تَعَرَّفَ بِمَعْنَى اعْتَرَفَ؛ قَالَ طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفُونِي أَنَّني أَنا ذاكُمُ، ***شاكٍ سِلاحي، فِي الفوارِس، مُعْلَمُ
وَرُبَّمَا وَضَعُوا اعتَرَفَ مَوْضِعَ عَرَفَ كَمَا وَضَعُوا عَرَفَ مَوْضِعَ اعْتَرَفَ، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ السَّحَابَ وَقَدْ تقدَّم فِي أَوَّل التَّرْجَمَةِ أَي لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها.
وتَعَرَّفْت مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي تَطلَّبْت حَتَّى عَرَفت.
وَتَقُولُ: ائْتِ فُلَانًا فاسْتَعْرِفْ إِلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَكَ.
وَقَدْ تَعَارَفَ القومُ أَي عَرَفَ بعضهُم بَعْضًا.
وأَما الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ اللُّقَطةِ: «فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْتَرِفُها فَمَعْنَاهُ معرفتُه إِيَّاهَا بِصِفَتِهَا وَإِنْ لَمْ يرَها فِي يَدِكَ».
يُقَالُ: عرَّف فُلَانٌ الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ مَنْ يَعْرِفها فَجَاءَ رَجُلٌ يَعْتَرِفُها أَي يَصِفُهَا بِصِفَةٍ يُعْلِم أَنه صَاحِبُهَا.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ تَعْرِفُون ربَّكم؟ فَيَقُولُونَ: إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاه»أَي إِذَا وصَف نَفْسَهُ بِصِفَةٍ نُحَقِّقُه بِهَا عَرَفْنَاهُ.
واسْتَعْرَفَ إِلَيْهِ: انْتَسَبَ لَهُ ليَعْرِفَه.
وتَعَرَّفَه المكانَ وَفِيهِ: تأَمَّله بِهِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَقَالُوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى، ***وَمَا كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عَارِفُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}، وَقُرِئَ: عَرَفَ بَعْضَهُ، بِالتَّخْفِيفِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ عَرَّفَ بِالتَّشْدِيدِ فَمَعْنَاهُ أَنه عَرَّفَ حَفْصةَ بعْضَ الْحَدِيثِ وترَك بَعْضًا، قَالَ: وكأَنَّ مَنْ قرأَ بِالتَّخْفِيفِ أَراد غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَجَازَى عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُسيء إليك: والله لأَعْرِفَنَّ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وَقَالَ الفرَّاء: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بِذَلِكَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ الأَزهري: وقرأَ الْكِسَائِيُّ والأَعمش عَنْ أَبي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَرَفَ بعضَه، خَفِيفَةً، وقرأَ حَمْزَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ اليَحْصُبي عَرَّفَ بَعْضَهُ "، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَفِي حَدِيثِ عَوْف بْنِ مَالِكٍ: «لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»؛ أي لأُجازِينَّك بِهَا حَتَّى تَعرِف سُوءَ صَنِيعِكَ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ.
وَيُقَالُ للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لِمَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بعلْمِه.
والعَرَّافُ: الْكَاهِنُ؛ قَالَ عُرْوة بْنُ حِزام:
فَقُلْتُ لعَرَّافِ اليَمامة: داوِني، ***فإنَّكَ، إِنْ أَبرأْتَني، لَطبِيبُ
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أَتى عَرَّافًا أَو كاهِنًا فَقَدْ كفَر بِمَا أُنزل عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الَّذِي يدَّعي عِلْمَ الْغَيْبِ الَّذِي استأْثر اللَّهُ بِعِلْمِهِ.
والمَعارِفُ: الوجُوه.
والمَعْرُوف: الْوَجْهُ لأَن الإِنسان يُعرف بِهِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
مُتَكَوِّرِين عَلَى المَعارِفِ، بَيْنَهم ***ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
والمِعْرَاف وَاحِدٌ.
والمَعَارِف: مَحَاسِنُ الْوَجْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
وامرأَة حَسَنةُ المَعَارِف أَي الْوَجْهُ وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا، وَاحِدُهَا مَعْرَف؛ قَالَ الرَّاعِي:
مُتَلفِّمِين عَلَى مَعَارِفِنا، ***نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
ومَعَارِفُ الأَرض: أَوجُهها وَمَا عُرِفَ مِنْهَا.
وعَرِيفُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ.
والعَرِيفُ: الْقَيِّمُ وَالسَّيِّدُ لِمَعْرِفَتِهِ بِسِيَاسَةِ الْقَوْمِ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ بَيْتَ طَرِيف العَنْبري، وَقَدْ تقدَّم، وَقَدْ عَرَفَ عَلَيْهِمْ يَعْرُف عِرَافَة.
والعَرِيفُ: النَّقِيب وَهُوَ دُونَ الرَّئِيسِ، وَالْجَمْعِ عُرَفاء، تَقُولُ مِنْهُ: عَرُفَ فُلَانٌ، بِالضَّمِّ، عَرَافَة مِثْلَ خَطُب خَطابة أَي صَارَ عَرِيفًا، وَإِذَا أَردت أَنه عَمِلَ ذَلِكَ قُلْتَ: عَرَفَ فُلَانٌ عَلَيْنَا سِنين يَعْرُفُ عِرَافَة مِثَالُ كتَب يكتُب كِتابة.
وَفِي الْحَدِيثِ: «العِرَافَةُ حَقٌّ والعُرَفَاء فِي النَّارِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُرَفَاء جَمْعُ عَرِيف وَهُوَ القَيِّم بأُمور الْقَبِيلَةِ أَو الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ يَلي أُمورهم ويَتَعَرَّفُ الأَميرُ مِنْهُ أَحوالَهُم، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، والعِرَافَةُ عَملُه، وَقَوْلُهُ" العِرَافَة حَقٌّ أَي فِيهَا مَصلحة لِلنَّاسِ ورِفْق فِي أُمورهم وأَحوالهم، وَقَوْلُهُ العُرَفَاء فِي النَّارِ تَحْذِيرٌ مِنَ التعرُّض للرِّياسة لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ أَثمَ وَاسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ، وَمِنْهُ حديث طاووس: أَنَّهُ سأَل ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا مَعْنَى قَوْلِ النَّاسِ: أَهْلُ الْقُرْآنِ عُرَفَاء أَهل الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: رُؤساء أَهل الْجَنَّةِ "؛ وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَة:
بَلْ كلُّ حَيٍّ، وَإِنْ عَزُّوا وَإِنْ كَرُموا، ***عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والعُرْف، بِالضَّمِّ، والعِرْف، بِالْكَسْرِ: الصبْرُ؛ قَالَ أَبو دَهْبَل الجُمَحِيُّ:
قُلْ لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ: ***مَا أَحْسَنَ العِرْفَ [العُرْفَ] فِي المُصِيباتِ
وعَرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ: صَبَر؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:
فَيَا قَلْبُ صَبْرًا واعْتِرَافًا لِما تَرى، ***وَيَا حُبَّها قَعْ بِالَّذِي أَنْتَ واقِعُ
والعَارِفُ والعَرُوف والعَرُوفَةُ: الصَّابِرُ.
ونَفْس عَرُوف: حامِلة صَبُور إِذا حُمِلَتْ عَلَى أَمر احتَمَلَتْه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ، ***عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ
أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بِالذُّلِّ بَعْدَ النعْمةِ، وَيُرْوَى وابْتِحاح مِنَ البُحبُوحةِ "، وَهَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي.
وَيُقَالُ: نَزَلَتْ بِهِ مُصِيبة فوُجِد صَبورًا عَرُوفًا؛ قَالَ الأَزهري: وَنَفْسُهُ عَارِفَة بِالْهَاءِ مِثْلُهُ؛ قَالَ عَنْترة:
وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني، ***لَا يُنْجِني مِنْهَا الفِرارُ الأَسْرَعُ
فصَبَرْتُ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً، ***تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ وَلَا تَطلَّع إِلَى الخَلْق كنفْس الْجَبَانِ؛ يَقُولُ: حَبَسْتُ نَفْسًا عَارِفَةً أَي صَابِرَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ}؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بِهَا حَتَّى تَعالَتْ بيَ الضُّحى، ***ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوَارِفُ
المُبرياتُ: الَّتِي فِي أُنوفِها البُرة، والعَوَارِفُ: الصُّبُر.
وَيُقَالُ: اعْتَرَفَ فُلَانٌ إِذَا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ: " أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ "أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر مُعْتَرِفْ لأَن لَفْظَ الْمَطِيِّ مُذَكَّرٌ.
وعَرَفَ بذَنْبه عُرْفًا واعْتَرَفَ: أَقَرَّ.
وعَرَفَ لَهُ: أَقر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
عَرَفَ الحِسانُ لَهَا غُلَيِّمةً، ***تَسْعى مَعَ الأَتْرابِ فِي إتْبِ
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لَا أُقِرُّ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «أَطْرَدْنا المعترِفين»؛ هُمُ الَّذِينَ يُقِرُّون عَلَى أَنفسهم بِمَا يَجِبُ عليهم فيه الحدّ والتعْزيز.
يُقَالُ: أَطْرَدَه السُّلْطَانُ وطَرَّده إِذَا أَخرجه عَنْ بَلَدِهِ، وطرَدَه إِذَا أَبْعَده؛ وَيُرْوَى: " اطْرُدُوا الْمُعْتَرِفِينَ "كأَنه كَرِهَ لَهُمْ ذَلِكَ وأَحبّ أَن يَسْتُرُوهُ عَلَى أَنفسهم.
والعُرْفُ: الِاسْمُ مِنَ الاعْتِرافِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عُرْفًا أَي اعتِرافًا، وَهُوَ تَوْكِيدٌ.
وَيُقَالُ: أَتَيْتُ مُتنكِّرًا ثُمَّ اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته مَنْ أَنا؛ قَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفَا ثُمَّ قُولا: إنَّ ذَا رَحِمٍ ***هَيْمان كَلَّفَنا مِنْ شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيَةً تَسْتَعْرِفانِ بِهَا، ***يَوْمًا، فقُولا لَهَا العُودُ الَّذِي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر.
والعُرْفُ: ضِدُّ النُّكْر.
يُقَالُ: أَوْلاه عُرفًا أَي مَعْروفًا.
والمَعْرُوف والعَارِفَةُ: خِلَافُ النُّكر.
والعُرْفُ والمَعْرُوف: الجُود، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَا تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشَّاعِرُ ثَانِيهِ فَقَالَ:
إِنَّ ابنَ زَيْدٍ لَا زالَ مُسْتَعْمِلًا ***للخَيْرِ، يُفْشِي فِي مِصْرِه العُرُفا
والمَعْرُوف: كالعُرْف.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفًا}، أَي مُصَاحَبًا مَعْرُوفًا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: المَعْرُوف هُنَا مَا يُستحسن مِنَ الأَفعال.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}، قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: المَعْرُوف الكسْوة والدِّثار، وأَن لَا يُقَصِّرَ الرَّجُلُ فِي نَفَقَةِ المرأَة الَّتِي تُرْضع وَلَدَهُ إِذَا كَانَتْ وَالِدَتَهُ، لأَن الْوَالِدَةَ أَرْأَفُ بِوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وحقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يأْتمر فِي الْوَلَدِ بِمَعْرُوفٍ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا}؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا: إِنَّهَا أُرْسِلَت بالعُرف والإِحسان، وَقِيلَ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ أُرسلوا لِلْمَعْرُوفِ والإِحسان.
والعُرْفُ والعَارِفَة والمَعرُوفُ وَاحِدٌ: ضِدُّ النُّكْرِ، وَهُوَ كلُّ مَا تَعْرِفه النَّفْسُ مِنَ الخيْر وتَبْسَأُ بِهِ وتَطمئنّ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ أُرسلت مُتتابعة.
يُقَالُ: هُوَ مُستعار مِنْ عُرْف الْفَرَسِ أَي يتتابَعون كعُرْف الْفَرَسِ.
وَفِي حَدِيثِ كعْب بْنِ عُجْرةَ: «جَاؤُوا كأَنَّهم عُرْف» أَي يتْبَع بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقُرِئَتْ عُرْفًا وعُرُفًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلَاتُ هِيَ الرُّسُل.
وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ المَعْرُوف فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرف مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ والإِحسان إِلَى النَّاسِ، وَكُلِّ مَا ندَب إِلَيْهِ الشرعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَي أَمْر مَعْروف بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رأَوْه لَا يُنكرونه.
والمَعْرُوف: النَّصَفةُ وحُسْن الصُّحْبةِ مَعَ الأَهل وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ، والمُنكَر: ضِدُّ ذَلِكَ جَمِيعِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَهل المَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهل المَعْرُوف فِي الْآخِرَةِ» أَي مَن بَذَلَ مَعْرُوفَهُ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا آتَاهُ اللَّهُ جَزَاءَ مَعروفه فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: أَراد مَن بَذَلَ جاهَه لأَصحاب الجَرائم الَّتِي لَا تبلُغ الحُدود فيَشفع فِيهِمْ شفَّعه اللَّهُ فِي أَهل التَّوْحِيدِ فِي الْآخِرَةِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَعْنَاهُ قَالَ: يأْتي أَصحاب الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيُغْفر لَهُمْ بِمَعْرُوفِهِمْ وتَبْقى حسناتُهم جَامَّةً، فيُعطونها لِمَنْ زَادَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَيُغْفَرُ لَهُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَجْتَمِعُ لَهُمُ الإِحسان إِلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وَمَا خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى فِي شَبابِه، ***إِذَا لَمْ يَزِدْه الشَّيْبُ، حِينَ يَشِيبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَكُونُ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ ضِد الْمُنْكَرِ وَمِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ الْجُودُ.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا ولَّى عَنْكَ بِوده: قَدْ هَاجَتْ مَعَارِفُ فُلَانٍ؛ ومَعَارِفُه: مَا كُنْتَ تَعْرِفُه مِنْ ضَنِّه بِكَ، وَمَعْنَى هَاجَتْ أَي يبِست كَمَا يَهيج النَّبَاتُ إِذَا يَبِسَ.
والعَرْفُ: الرِّيحُ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً.
يُقَالُ: مَا أَطْيَبَ عَرْفَه وَفِي الْمَثَلِ: لَا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عَنْ عَرْفِ السَّوْء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهِ: العَرف الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ والمُنْتِنة؛ قَالَ:
ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه، ***وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا بَنِي خالِدٍ أَهْلُ
وَقَالَ البُرَيق الهُذلي فِي النَّتن:
فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذِي الصُّماحِ، كَمَا ***عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ
وعَرَّفَه: طَيَّبَه وزَيَّنَه.
والتَّعْرِيفُ: التطْييبُ مِنَ العَرْف.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ}، أَي طَيَّبها؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا: " عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ "يَقُولُ: كَمَا عَرُفَ الإِتْبُ وَهُوَ البقِيرُ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: يُعَرِّفُونَ مَنازِلهم إِذَا دَخَلُوهَا حَتَّى يَكُونَ أَحدهم أَعْرَف بِمَنْزِلِهِ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَهله؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ عَرَّفَها لَهُمْأَي طيَّبها.
يُقَالُ: طَعَامٌ معرَّف أَي مُطيَّب؛ قَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ يَهْجُوَ عِقَالَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُفين:
فتُدْخلُ أَيْدٍ فِي حَناجِرَ أُقْنِعَتْ ***لِعادَتِها مِنَ الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قَالَ: أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت لِلْفَمِ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: عَرَّفَها لَهُمْ "؛ قَالَ: هُوَ وَضْعُكَ الطَّعَامَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ.
ابْنُ الأَعرابي: عَرُفَ الرجلُ إِذَا أَكثر مِنْ الطِّيب، وعَرِفَ إِذَا ترَكَ الطِّيب.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَجِدْ عَرْف الْجَنَّةِ» أَي ريحَها الطيِّبة.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: «حبَّذا أَرض الْكُوفَةِ أَرضٌ سَواء سَهلة مَعْرُوفَةٌ» أَي طَيِّبَةُ العَرْفِ»، فأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخاء يَعْرِفْك فِي الشدَّة، فإنَّ معناه أَي اجْعَلْهُ يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فِيمَا أَوْلاك مِنْ نِعمته، فَإِنَّهُ يُجازِيك عِنْدَ الشدَّة وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وعَرَّفَ طَعامه: أَكثر أُدْمَه.
وعَرَّفَ رأْسه بالدُّهْن: رَوَّاه.
وطارَ القَطا عُرْفًا عُرْفًا: بعضُها خلْف بَعْضٍ.
وعُرْف الدِّيك والفَرَس وَالدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا: مَنْبِتُ الشَّعْرِ والرِّيش مِنَ العُنق، وَاسْتَعْمَلَهُ الأَصمعي فِي الإِنسان فَقَالَ: جَاءَ فُلَانٌ مُبْرَئلًّاًّ للشَّرِّ أَي نافِشًا عُرفه، وَالْجَمْعُ أَعْرَاف وعُرُوف.
والمَعْرَفة، بِالْفَتْحِ: مَنْبِت عُرْف الْفَرَسِ مِنَ النَّاصِيَةِ إِلَى المِنْسَج، وَقِيلَ: هُوَ اللَّحْمُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ العُرْف.
وأَعْرَفَ الفَرسُ: طَالَ عُرفه، واعْرَوْرَفَ: صَارَ ذَا عُرف.
وعَرَفْتُ الْفَرَسَ: جزَزْتُ عُرْفَه.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جُبَير: «مَا أَكلت لَحْمًا أَطيَبَ مِنْ مَعْرَفة البِرْذَوْن»أَي مَنْبت عُرْفه مِنْ رَقَبته.
وسَنام أَعْرَفُ: طَوِيلٌ ذُو عُرْف؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَعور الشَّنِّيِّ: " مُسْتَحْملًا أَعْرَفَ قَدْ تَبَنَّى "وَنَاقَةٌ عَرْفَاء: مُشْرِفةُ السَّنام.
وَنَاقَةٌ عَرْفَاء إِذَا كَانَتْ مذكَّرة تُشبه الْجِمَالَ، وَقِيلَ لَهَا عَرْفاء لطُول عُرْفها.
والضَّبُع يُقَالُ لَهَا عَرْفَاء لِطُولِ عُرفها وَكَثْرَةِ شَعْرِهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للشنْفَرَى:
وَلِي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ، ***وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفَاء جَيأَلُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
لَهَا راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ مِنْهُمَا: ***أَبو جَعْدةَ العادِي، وعَرْفَاء جَيْأَلُ
وضَبُع عَرْفَاء: ذَاتُ عُرْف، وَقِيلَ: كَثِيرَةُ شَعْرٍ الْعُرْفِ.
وَشَيْءٌ أَعْرَفُ: لَهُ عُرْف.
واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ: تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فَصَارَ لَهُ كالعُرف.
واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إِذَا صَارَ لَهُ مِنَ الزبَد شِبْهُ الْعُرْفِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ طَعْنَة فارتْ بِدَمِ غَالِبٍ:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة، ***تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
واعْرَوْرَفَ فُلَانٌ لِلشَّرِّ كَقَوْلِكَ اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّا.
وعُرْف الرمْل والجبَل وَكُلِّ عالٍ ظَهْرُهُ وأَعاليه، وَالْجَمْعُ أَعْراف وعِرَفَة وَقَوْلُهُ تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ}؛ الأَعْرَاف فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ عُرْف وَهُوَ كُلُّ عَالٍ مُرْتَفِعٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الأَعْرَافُ أَعالي السُّور؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الأَعْرَاف أَعالي سُور بَيْنَ أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ، وَاخْتُلِفَ فِي أَصحاب الأَعْرَاف فَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ فَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الْجَنَّةَ بِالْحَسَنَاتِ وَلَا النَّارَ بِالسَّيِّئَاتِ، فَكَانُوا عَلَى الحِجاب الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، عَلَى الأَعراف عَلَى مَعْرِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ، فَقَالَ قَوْمٌ: ما ذكرنا أَن اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، وَقِيلَ: أَصحاب الأَعراف أَنبياء، وَقِيلَ: مَلَائِكَةٌ وَمَعْرِفَتُهُمْ كُلًّا بسيماهم أَنهم يَعْرِفُونَ أَصحاب الْجَنَّةِ بأَن سِيمَاهُمْ إِسْفَارُ الوجُوه وَالضَّحِكُ وَالِاسْتِبْشَارُ كَمَا قَالَ تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ}؛ ويعرِفون أَصحاب النَّارِبِسِيمَاهُمْ، وَسِيمَاهُمْ سَوَادُ الْوُجُوهِ وغُبرتها كَمَا قَالَ تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ}؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعُهُ عَلَى الأَعراف عَلَى أَهل الْجَنَّةِ وأَهل النَّارِ.
وجبَل أَعْرَفُ: لَهُ كالعُرْف.
وعُرْفُ الأَرض: مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَعْرَاف.
وأَعْرَاف الرِّياح وَالسَّحَابِ: أَوائلها وأَعاليها، وَاحِدُهَا عُرْفٌ.
وحَزْنٌ أَعْرَفُ: مُرْتَفِعٌ.
والأَعْرَافُ: الحَرْث الَّذِي يَكُونُ عَلَى الفُلْجانِ والقَوائدِ.
والعَرْفَةُ: قُرحة تَخْرُجُ فِي بَيَاضِ الْكَفِّ.
وَقَدْ عُرِفَ، وَهُوَ مَعْروف: أَصابته العَرْفةُ.
والعُرْفُ: شَجَرُ الأُتْرُجّ.
والعُرْف: النَّخْلُ إِذَا بَلَغَ الإِطْعام، وَقِيلَ: النَّخْلَةُ أَوَّل مَا تُطْعَمُ.
والعُرْفُ والعُرَفُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ بالبحرَيْن.
والأَعْرَاف: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ أَيضًا، وَهُوَ البُرْشُوم؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
نَغْرِسُ فِيهَا الزَّادَ والأَعْرَافَا، ***وَالنَّائِحي مسْدفًا اسْدافا
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذَا كَانَتِ النَّخْلَةُ بَاكُورًا فَهِيَ عُرْف.
والعَرْفُ: نَبْت لَيْسَ بِحَمْضٍ وَلَا عِضاه، وَهُوَ الثُّمام.
والعُرُفَّانُ والعِرِفَّانُ: دُوَيْبّةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي الرَّمْل، رمْلِ عالِج أَو رِمَالِ الدَّهْناء.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُرُفَّان جُنْدَب ضَخْمٌ مِثْلُ الجَرادة لَهُ عُرف، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ.
وعُرُفَّانُ: جَبَلٌ.
وعِرِفَّان والعِرِفَّانُ: اسْمٌ.
وعَرَفَةُ وعَرَفَاتٌ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، مُعَرَّفَةٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهَا عرفةَ، ويومُ عَرَفَةَ غَيْرُ مُنَوَّنٍ وَلَا يُقَالُ العَرفةُ، وَلَا تَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَرَفَاتٌ مَصْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: هَذِهِ عَرفاتٌ مُبارَكًا فِيهَا، وَهَذِهِ عَرَفَاتٌ حسَنةً، قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى مَعْرِفَتِهَا أَنك لَا تُدخل فِيهَا أَلفًا وَلَامًا وَإِنَّمَا عَرَفَاتٌ بِمَنْزِلَةِ أَبانَيْنِ وَبِمَنْزِلَةِ جَمْعٍ، وَلَوْ كَانَتْ عَرَفَاتٌ نَكِرَةً لَكَانَتْ إِذًا عرفاتٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، قِيلَ: سُمِّيَ عَرَفَةَ لأَن النَّاسَ يَتَعَارَفُونَ بِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ عَرَفَةَ لأَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، طَافَ بِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَ يُرِيهِ المَشاهِد فَيَقُولُ لَهُ: أَعرفْتَ أَعرفت؟ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: عَرِفْتُ عَرِفْتُ، وَقِيلَ: لأَنّ آدَمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ وَكَانَ مِنْ فِرَاقِهِ حوَّاء مَا كَانَ فَلَقِيَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَرَفها وعرَفَتْه.
والتَّعْرِيفُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَاتٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْد: " ثُمَّ أَتى التَّعْرِيفَ يَقْرُو مُخْبِتًا "تَقْدِيرُهُ ثُمَّ أَتى مَوْضِعَ التَّعْرِيفِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ.
وعَرَّفَ القومُ: وَقَفُوا بِعَرَفَةَ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ مَغْراء:
وَلَا يَريمون للتَّعْرِيفِ مَوْقِفَهم ***حَتَّى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانا
وَهُوَ المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَذَلِكَ بَعْدَ المُعَرَّفِ»، يُرِيدُ بَعْدَ الوُقوف بعرفةَ.
والمُعَرَّفُ فِي الأَصل: مَوْضِعُ التعْريف وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعَرَفَات موضع بِمنًى وَهُوَ اسْمٌ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يُجْمع، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا وَاحِدَ لَهُ بِصِحَّةِ، وَقَوْلُ النَّاسِ: نَزَلْنَا بعَرَفَة شَبيه بمولَّد، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْض، وَهِيَ مَعْرِفَة وَإِنْ كَانَ جَمْعًا لأَن الأَماكن لَا تَزُولُ فَصَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَخَالَفَ الزيدِين، تَقُولُ: هَؤُلَاءِ عَرَفَاتٌ حسَنةً، تَنْصِب النعتَ لأَنه نكِرة وَهِيَ مَصْرُوفَةٌ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ}؛ قَالَ الأَخفش: إِنَّمَا صُرِفَتْ لأَن التَّاءَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ فِي مُسلِمين وَمُسْلِمُونَ لأَنه تَذْكِيرُهُ، وَصَارَ التَّنْوِينُ بِمَنْزِلَةِ النُّونِ، فَلَمَّا سُمِّيَ بِهِ تُرِك عَلَى حَالِهِ كَمَا تُرِك مُسْلِمُونَ إِذَا سُمِّيَ بِهِ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَذْرِعاتٍ وعاناتٍ وعُرَيْتِنات والعُرَفُ: مَواضِع مِنْهَا عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ صارةَ.
والعُرُفُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ جَبَلٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ، ***وَمَا أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى قَوْلِهِ العُرْف.
والعُرُفُ: الرَّمْلُ الْمُرْتَفِعُ؛ قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ عُسْر وعُسُر، وَكَذَلِكَ العُرْفَةُ، وَالْجَمْعُ عُرَف وأَعْرَاف.
والعُرْفَتَانِ: بِبِلَادِ بَنِي أَسد؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ:
وَمَا كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بَيْنَهُمْ، ***وَلَا حِينَ جَدّ الجِدُّ مِمَّنْ تَغَيَّبا
فَلَيْسَ عرَّف فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا أَراد أَرَّث، فأَبدل الأَلف لِمَكَانِ الْهَمْزَةِ عيْنًا وأَبدل الثَّاءَ فَاءً.
ومَعْرُوف: اسْمُ فَرَسِ الزُّبَيْر بْنِ الْعَوَّامِ شَهِدَ عَلَيْهِ حُنَيْنًا.
ومَعْرُوف أَيضًا: اسْمُ فَرَسِ سلمةَ بْنِ هِند الغاضِريّ مِنْ بَنِي أَسد؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفًا عَلَيْهِمْ كأَنه، ***إِذَا ازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوف: وادٍ لَهُمْ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وَحَتَّى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى فِي لَوِيِّهِ ***أَساريعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ عزف: أَن جَارِيَتَيْنِ كَانَتَا تُغَنِّيان بِمَا تَعازَفَت الأَنصار يَوْمَ بُعاث، قَالَ: وَتُرْوَى بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَي تَفاخَرَتْ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
37-لسان العرب (نعا)
نعا: النَّعْوُ: الدائرةُ تَحْتَ الأَنف.والنَّعْو الشَّقُّ فِي مِشْفَر البَعِير الأَعْلى، ثُمَّ صَارَ كلُّ فَصْلٍ نَعْوًا؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
تُمِرُّ عَلَى الوِراكِ، إِذا المَطايا ***تقايَسَتِ النَّجادَ مِنَ الوَجِينِ،
خَريعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّواحي، ***كأَخْلاقِ الغَريفةِ ذِي غُضُونِ
خَريعُ النَّعْوِ: لَيِّنُه أَي تُمِرُّ مِشْفَرًا خَريع النَّعْوِ عَلَى الوِراك، والغَريفةُ النَّعل.
وَقَالَ اللحياني: النَّعْوُ مشَقُّ مِشْفَرِ الْبَعِيرِ فَلَمْ يَخُصَّ الأَعلى وَلَا الأَسفل، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نُعِيٌّ لَا غَيْرُ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النَّعْوُ مَشَقُّ المِشفر، وَهُوَ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ التَّفِرة للإِنسان.
ونَعْوُ الحافِر: فَرْجُ مُؤخَّره؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
والنَّعْوُ: الفَتْقُ الَّذِي فِي أَلْيَة حافِرِ الفَرَس.
والنَّعْوُ: الرُّطَبُ.
والنَّعْوَةُ: مَوْضِعٌ، زَعَمُوا.
والنُّعَاء: صَوْتُ السِّنَّوْر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قضيناعَلَى هَمْزَتِهَا أَنها بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ لأَنهم يَقُولُونَ فِي مَعْنَاهُ المُعاء، وَقَدْ مَعا يَمْعُو، قَالَ: وأَظنُّ نُونَ النُّعَاء بَدَلًا مِنْ مِيمِ الْمِعَاءِ.
والنَّعْيُ: خَبَر الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ النَّعِيُّ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والنَّعْيُ والنَّعِيُّ، بِوَزْنِ فَعيل، نِداء الدَّاعِي، وَقِيلَ: هُوَ الدُّعاء بِمَوْتِ الْمَيِّتِ والإِشْعارُ بِهِ، نَعَاه يَنْعَاه نَعْيًا ونُعْيَانًا، بِالضَّمِّ.
وَجَاءَ نَعِيُّ فلانٍ: وَهُوَ خَبَرُ مَوْتِهِ.
وَفِي الصِّحَاحِ: والنَّعْيُ والنَّعِيُّ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: النَّعِيُّ الرَّجل الميِّت، والنَّعْيُ الفِعْل؛ وأَوقع ابْنُ مَجْكان النَّعْيَ عَلَى النَّاقَةِ العَقير فَقَالَ:
زَيَّافةٍ بنْتِ زَيَّافٍ مُذَكَّرةٍ، ***لَمَّا نَعَوْها لِراعي سَرْحِنا انْتَحَبا
والنَّعِيُّ: المَنْعِيُّ.
وَالنَّاعِي: الَّذِي يأْتي بِخَبَرِ الْمَوْتِ؛ قَالَ:
قامَ النَّعِيُّ فأَسْمَعا، ***ونَعَى الكَريمَ الأَرْوَعا
ونَعاءِ: بِمَعْنَى انْعَ.
وَرُوِيَ عَنْ شدَّاد بْنِ أَوس أَنه قَالَ: يَا نَعايا الْعَرَبِ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي وَغَيْرِهِ: إِنما هُوَ فِي الإِعراب يَا نَعَاءِ العَرَبَ، تأْويلُه يَا هَذَا انْعَ العربَ؛ يأْمر بِنَعْيِهِمْ كأَنه يَقُولُ قَدْ ذَهَبَتِ العربُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوس: « يَا نَعايا الْعَرَبِ إِن أَخوف مَا أَخاف عَلَيْكُمُ الرِّياء والشَّهْوةُ الخَفِيَّةُ »، وَفِي رِوَايَةٍ: يَا نُعْيانَ العربِ.
يُقَالُ: نَعَى الميتَ يَنْعاهُ نَعْيًا ونَعِيًّا إِذا أَذاعَ مَوْتَهُ وأَخبر بِهِ وإِذا نَدَبَه.
قَالَ الزَّمخشري: فِي نَعايا ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن يَكُونَ جَمْعَ نَعِيٍّ وَهُوَ الْمَصْدَرُ كصَفِيٍّ وصَفايا، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ اسْمَ جَمْعٍ كَمَا جَاءَ فِي أَخِيَّةٍ أَخايا، وَالثَّالِثُ أَن يَكُونَ جَمْعَ نَعاءِ الَّتِي هِيَ اسْمُ الْفِعْلِ، وَالْمَعْنَى يَا نَعايا الْعَرَبِ جِئنَ فَهَذَا وقَتكنَّ وزمانكُنَّ، يُرِيدُ أَن الْعَرَبَ قَدْ هَلَكَتْ.
والنُّعْيان مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّعْي.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: خَفْض نَعاءِ مِثْلُ قَطامِ ودَراكِ ونَزال بِمَعْنَى أَدْرِكْ وانْزِلْ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
نَعَاءِ جُذامًا غَيْرَ مَوتٍ وَلَا قَتْلِ، ***ولكِنْ فِراقًا للدَّعائِمِ والأَصْلِ
وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذا قُتِلَ مِنْهُمْ شَرِيفٌ أَو مَاتَ بَعَثُوا رَاكِبًا إِلى قَبَائِلِهِمْ يَنْعاه إِليهم فنَهى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ لَهُ قَدْرٌ رَكِبَ رَاكِبٌ فَرَسًا وَجَعَلَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ وَيَقُولُ: نَعَاءِ فُلَانًا أَي انْعَه وأَظْهِرْ خَبَرَ وَفَاتِهِ، مبنيةٌ عَلَى الْكَسْرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي هَلَكَ فُلَانٌ أَو هَلكت الْعَرَبُ بِمَوْتِ فُلَانٍ، فَقَوْلُهُ يَا نعاءِ العربَ مَعَ حَرْفِ النِّدَاءِ تَقْدِيرُهُ يَا هَذَا انْعَ الْعَرَبَ، أَو يَا هَؤُلَاءِ انْعَوا الْعَرَبَ بِمَوْتِ فُلَانٍ، كَقَوْلِهِ: أَلا يَا اسْجُدوا أَي يَا هَؤُلَاءِ اسْجُدُوا، فِيمَنْ قرأَ بِتَخْفِيفٍ أَلا، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَرْوِيهِ يَا نُعْيانَ الْعَرَبِ، فَمَنْ قَالَ هَذَا أَراد الْمَصْدَرَ، قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ النُّعْيان جمعَ النَّاعِي كَمَا يُقَالُ لِجَمْعِ الرَّاعي رُعْيان، وَلِجَمْعِ الْبَاغِي بُغْيان؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لخَدَمه إِذا جَنَّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلُ فثَقِّبوا النِّيرَانَ فَوْقَ الإِكام يَضْوي إِليها رُعْيانُنا وبُغْيانُنا.
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يُجْمَعُ النَّعِيُّ نَعَايَا كَمَا يُجْمع المَريُّ مِنَ النُّوق مَرايا والصَّفِيُّ صَفَايَا.
الأَحمر: ذَهَبَتْ تَمِيمُ فَلَا تُنْعَى وَلَا تُسْهى أَي لَا تُذكر.
والمَنْعَى والمَنْعَاة: خَبَرُ الْمَوْتِ، يُقَالُ: مَا كانَ مَنْعَى فُلَانٍ مَنْعَاةً وَاحِدَةً، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَنَاعِيَ.
وتَنَاعَى القومُ واسْتَنْعَوْا فِي الْحَرْبِ: نَعَوْا قَتْلاهم ليُحرِّضوهم عَلَى الْقَتْلِ وطلَب الثأْر، وَفُلَانٌ يَنْعَى فُلَانًا إِذا طلَب بثأْره.
والنَّاعِي: المُشَنِّع.
ونَعَى عَلَيْهِ الشيءَ يَنْعَاه: قبَّحه وَعَابَهُ عَلَيْهِ ووبَّخه.
ونَعَى عَلَيْهِ ذُنوبه: ذَكرها لَهُ وشَهَره بِهَا.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « إِن اللَّهَ تَعَالَى نَعى عَلَى قَوْمٍ شَهَواتِهم»؛ أي عَابَ عَلَيْهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « تَنْعَى عليَّ امْرَأً أَكرمه اللَّهُ عَلَى يَدَيَ »أَي تَعِيبني بِقَتْلِي رَجُلًا أَكرمه اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى يدَيَّ؛ يَعْنِي أَنه كَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَن يُسْلِمَ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى يَعْقُوبَ حَكَى فِي الْمَقْلُوبِ نَعَّى عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ ذَكَرَهَا لَهُ.
أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ: أَنْعَى عَلَيْهِ ونَعَى عَلَيْهِ شَيْئًا قَبِيحًا إِذا قَالَهُ تَشْنِيعًا عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ الأَجدع الهمْداني:
خَيْلانِ مِنْ قَوْمِي وَمِنْ أَعْدائِهمْ ***خَفَضُوا أَسِنَّتَهم، فكلٌّ نَاعِي
هُوَ مِنْ نَعَيْتُ.
وَفُلَانٌ يَنْعَى عَلَى نَفْسِهِ بالفَواحش إِذا شَهَرَ نفسَه بتَعاطِيه الفَواحشَ، وَكَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ نَعَوْا عَلَى أَنفسهم بالفَواحش وأَظْهَرُوا التَّعَهُّر، وَكَانَ الْفَرَزْدَقُ فَعُولًا لِذَلِكَ.
ونَعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَمرًا إِذا أَشادَ بِهِ وأَذاعه.
واسْتَنْعَى ذِكرُ فُلَانٍ: شاعَ.
واسْتَنْعَتِ الناقةُ: تقَدَّمت، واسْتَنْعَت تَرَاجَعَتْ نَافِرَةً أَو عَدَتْ بِصَاحِبِهَا.
واسْتَنْعَى القومُ: تفَرَّقوا نَافِرِينَ.
والاسْتِنْعَاء: شِبْهُ النِّفار.
يُقَالُ: اسْتَنْعَى الإِبلُ وَالْقَوْمُ إِذا تفرَّقوا مِنْ شَيْءٍ وَانْتَشَرُوا.
وَيُقَالُ: اسْتَنْعَيْت الغنَم إِذا تَقَدَّمْتَها ودَعَوْتَها لِتَتْبَعَكَ.
واسْتَنْعَى بِفُلَانٍ الشرُّ إِذا تَتَابَعَ بِهِ الشَّرُّ، واستَنْعَى بِهِ حُبُّ الخَمر أَي تَمادى بِهِ، وَلَوْ أَن قَوْمًا مُجْتَمِعِينَ قِيلَ لَهُمْ شَيْءٌ فَفَزِعُوا مِنْهُ وتفَرَّقوا نَافِرِينَ لَقُلْتَ: اسْتَنْعَوْا.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْمَقْلُوبِ: اسْتَنَاعَ واسْتَنْعَى إِذا تقدَّم، وَيُقَالُ: عطَفَ؛ وأَنشد:
ظَلِلْنا نَعُوجُ العِيسَ فِي عَرصَاتِها ***وُقوفًا، ونَسْتَنْعِي بِهَا فنَصُورُها
وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
وَكَانَتْ ضَرْبَةً مِنْ شَدْقَمِيٍّ، ***إِذا مَا اسْتَنَّتِ الإِبلُ اسْتَناعا
وَقَالَ شِمْرٌ: اسْتَنْعَى إِذا تقدَّم لِيَتْبَعُوهُ، وَيُقَالُ: تَمادى وتتابع.
قال: ورُبَّ ناقةٍ يَسْتَنْعِي بِهَا الذئبُ أَي يَعْدُو بَيْنَ يَدَيْهَا وَتُتْبِعُهُ حَتَّى إِذا امَّازَ بِهَا عَنِ الحُوارِ عَفَقَ عَلَى حُوارِها مُحْضِرًا فَافْتَرَسَهُ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والإِنْعَاء أَن تَسْتَعِيرَ فَرَسًا تُراهِنُ عَلَيْهِ وذِكْرُه لِصَاحِبِهِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: لا أَحُقُّه.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
38-أساس البلاغة (نفض)
نفضنفض الثوب والشجرة. ونفض عنه الغبار والتراب. ونفّض الثياب والشجر. قال أبو ذؤيب:
تنفّض مهده وتذود عنه *** وما تغنى التمائم والعكوف
وأصابوا اليوم نفضًا كثيرًا وأنافيض وهو ما تساقط من الثمر في أصول الشجر. وبسطوا المنفض والمنفاض وهو ثوب أو كساء يقع عليه النفض. وأنفضت الجلّة: نفض ما فيها.
ومن المجاز: نفضته الحمّى، وبه نافض، وأخذته الحمّى بنافض، وانتفض من الرّعدة. وانتفض الفرس. وفلان يستنفض طرفه القوم أي يرعدهم لهيبته. ودجاجة منفض: نفضت بيضها وكفّت. وأنفض القوم: فني زادهم، وأصله: أن ينفضوا مزاودهم. وقريء «حتى ينفضوا». واستنفضت ما عنده: استخرجته. قال رؤبة:
لا تنس مدحي لك واستنفاضي *** سيب فتى كالغيث ذي الرياض
وانتفض الفصيل ما في الضرع: امتكّه. وحلبت الناقة حتى انتفضت لبنها. وامرأة نفوض: نفضت ولدها عن بطنها. وعليه ثوب ينفض. يقال: نفض الثوب نفوضًا. وثوب نافض: قد ذهب صبغه. ونفض من مرضه نفوضًا: برئ منه. وذكر نصيب بناته فقال:
نفضت عليهنّ من جلدتي
ونفض الطريق: طهّره من اللصوص والدّعار. وقال زهير:
وتنفض عنها غيب كل خميلة *** وتخشى رماة الغوث في كل مرصد
ويقال: إذا كنت في نهار فانفض، وإذا كنت في ليلٍ فاخفض. وقام ينفض الكرى. قال الطرمّاح:
فقاموا ينفضون كرى ليالٍ *** تمكّن في الطّلى بعد العيون
وقال بشر:
وأضحى ينفض الغمرات عنه *** كوقف العاج ليس به كدوح
يريد الثور الناجي من الكلاب. ويقال نفض الأسقام عنه واستصحّ أي استحكمت صحته. واستنفض القوم: بعثوا النّفضة الذين ينفضون الطّرق. وخرج فلان نفيضة: نافضًا للطريق حافظًا له.
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
39-مجمل اللغة (قبل)
قبل: ما أقبل من الإنسان.والقبيل: لا أقبلت به المرأة من غزلها حين تفتله.
(وهو الذي يكون إليها).
والقبلة: (للمسجد)، [سميت بذلك] لأن الناس يقبلون عليها في صلاتهم، وهي كذلك.
وقبل: خلاف بعد.
وفعل ذلك قبلًا، أي: مواجهة.
ولا قبل لي به، أي: لا طاقة (به).
وهذا من قبله، أي: من عنده.
وقبائل العرب
واحدتهم قبيلة.
والقبال: زمام النعل.
وقابلت النعل: جعلت لها قبالين.
ويقال: (إن) القبل (شبه) الفحج.
وهو تباعد ما بين الرجلين.
وشاة مقابلة: قطعت من أذنها قطعة لم تبن وتركت معلقة من قدم، فإن كانت من أخر فهي مدابرة.
والقابلة: الليلة (المقبلة).
والعام القابل: (هو) المقبل، ولا يقال منه فعل.
والقابلة التي تقبل الولد عند الولادة.
والقبول من الرياح: الصبا، لأنها تستقبل الدبور.
وقبلت الشيء قبولًا.
والقبل في العين إقبال السواد على المحجر.
ويقال: (بل) هو إقباله على الأنف.
والقبل: النشز من الأرض يستقبلك، تقول رأيت بذلك القبل شخصًا.
والقبيل: الكفيل، يقال: (قبل) به قبالة.
وافعل ذلك من ذي قبل، أي: فيما تستأنف، وأقبلنا على الإبل، إذا استقينا على رؤوسها وهي تشرب، وذلك القبل.
وفلان مقتبل الشباب: لمن يبن فيه أثر كبر.
والقابل: الذي يقبل دلو السانية.
والقبلة: خرزة شبيهة بالفلكة تعلق في أعناق الخيل.
وهي أيضًا: شيء تتخذه الساحرة تقبل بوجه الإنسان إلى صاحبه.
وقبائل الرأس: شعبه التي تصل بينها الشؤون، وبها سميت قابئل العرب.
وقبيل القوم: عريفهم، وأنشد (ابن دريد):
أو كلما وردت عكاظ قبيلة
بعثوا إلي عريفهم يتوسم
ونحن في قبالة فلان، أي: عرافته.
وما لكلام فلان قبلة، أي: (ماله) جهة.
والقبيل: جماعة من قبائل شتى.
والقبيلة: بنو أب واحد.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
40-مقاييس اللغة (عزم)
(عَزَمَ) الْعَيْنُ وَالزَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الصَّرِيمَةِ وَالْقَطْعِ.يُقَالُ: عَزَمْتُ أَعْزِمُ عَزْمًا.
وَيَقُولُونَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا فَعَلْتَ كَذَا، أَيْ جَعَلْتَهُ أَمْرًا عَزْمًا، أَيْ لَا مَثْنَوِيَّةَ فِيهِ.
وَيُقَالُ: كَانُوا يَرَوْنَ لِعَزْمَةِ الْخُلَفَاءِ طَاعَةً.
قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَزْمُ: مَا عُقِدَ عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِنْ أَمْرٍ أَنْتَ فَاعِلُهُ، أَيْ مُتَيَقِّنُهُ.
وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ عَزِيمَةٌ، أَيْ مَا يَعْزِمُ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْرِمَ الْأَمْرَ، بَلْ يَخْتَلِطُ فِيهِ وَيَتَرَدَّدُ.
وَمِنَ الْبَابِ قَوْلُهُمْ: عَزَمْتُ عَلَى الْجِنِّيِّ، وَذَلِكَ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ مِنْ عَزَائِمِ الْقُرْآنِ،.
وَهِيَ الْآيَاتُ الَّتِي يُرْجَى بِهَا قَطْعُ الْآفَةِ عَنِ الْمَؤُوفِ.
وَاعْتَزَمَ السَّائِرُ، إِذَا سَلَكَ الْقَصْدَ قَاطِعًا لَهُ.
وَالرَّجُلُ يَعْزِمُ الطَّرِيقَ: يَمْضِي فِيهِ لَا يَنْثَنِي.
قَالَ حُمَيْدٌ:
مُعْتَزِمًا لِلطُّرُقِ النَّوَاشِطِ.
وَأُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ -: الَّذِينَ قَطَعُوا الْعَلَائِقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنَ الَّذِينَ بُعِثُوا إِلَيْهِمْ، كَنُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، إِذْ قَالَ: {لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]، وَكَمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - إِذْ تَبَرَّأَ مِنَ الْكُفَّارِ وَبَرَّأَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْهُمْ، وَأَمَرَهُ بِقِتَالِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]، ثُمَّ قَالَ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5].
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
41-مقاييس اللغة (قبل)
(قَبَلَ) الْقَافُ وَالْبَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ تَدُلُّ كَلِمُهُ كُلُّهَا عَلَى مُوَاجَهَةِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ، وَيَتَفَرَّعُ بَعْدَ ذَلِكَ.فَالْقُبُلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: خِلَافُ دُبُرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مُقَدَّمَهُ يُقْبِلُ عَلَى الشَّيْءِ.
وَالْقَبِيلُ: مَا أَقْبَلَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ غَزْلِهَا حِينَ تَفْتِلُهُ.
وَالدَّبِيرُ: مَا أَدْبَرَتْ بِهِ.
وَذَلِكَ.
مَعْنَى قَوْلِهِمْ: مَا يَعْرِفُ قَبِيلًا مِنْ دَبِيرٍ.
وَالْقِبْلَةُ سُمِّيَتْ قِبْلَةً لِإِقْبَالِ النَّاسِ عَلَيْهَا فِي صَلَاتِهِمْ، وَهِيَ مُقْبِلَةٌ عَلَيْهِمْ أَيْضًا.
وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ قِبَلًا، أَيْ مُوَاجَهَةً.
وَهَذَا مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ، أَيْ مِنْ عِنْدِهِ، كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَقْبَلَ بِهِ عَلَيْكَ.
وَالْقِبَالُ: زِمَامُ الْبَعِيرِ وَالنَّعْلِ.
وَقَابَلْتُهَا: جَعَلْتُ لَهَا قِبَالَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ.
وَشَاةٌ مُقَابَلَةٌ: قُطِعَتْ مِنْ أُذُنِهَا قِطْعَةٌ لَمْ تَبِنْ وَتُرِكَتْ مُعَلَّقَةً مِنْ قُدُمٍ.
[فَإِنْ كَانَتْ] مِنْ أُخُرٍ فَهِيَ مُدَابَرَةٌ.
وَالْقَابِلَةُ: اللَّيْلَةُ الْمُقْبِلَةُ.
وَالْعَامُ الْقَابِلُ: الْمُقْبِلُ.
وَلَا يُقَالُ مِنْهُ فَعَلَ.
وَالْقَابِلَةُ: الَّتِي تُقَبِّلُ الْوَلَدَ عِنْدَ الْوِلَادِ.
وَالْقَبُولُ مِنَ الرِّيَاحِ: الصَّبَا، لِأَنَّهَا تُقَابِلُ الدَّبُّورَ أَوِ الْبَيْتَ.
وَقَبِلْتُ الشَّيْءَ قَبُولًا.
وَالْقَبَلُ فِي الْعَيْنِ: إِقْبَالُ السَّوَادِ عَلَى الْمَحْجِرِ، وَيُقَالُ بَلْ هُوَ إِقْبَالُهُ عَلَى الْأَنْفِ.
وَالْقَبَلُ: النَّشَْزُ مِنَ الْأَرْضِ يَسْتَقْبِلُكَ.
تَقُولُ: رَأَيْتُ بِذَلِكَ الْقَبَلِ شَخْصًا.
"وَالْقَبِيلُ: الْكَفِيلُ; يُقَالُ قَبِلَ بِهِ قَبَالَةً، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقْبِلُ عَلَى الشَّيْءِ يَضْمَنُهُ."
وَافْعَلْ ذَلِكَ إِلَى عَشْرٍ مِنْ ذِي قَبَلٍ، أَيْ فِيمَا يُسْتَأْنَفُ مِنَ الزَّمَانِ.
وَيُقَالُ: أَقْبَلْنَا عَلَى الْإِبِلِ، إِذَا اسْتَقَيْنَا عَلَى رُؤُوسِهَا وَهِيَ تَشْرَبُ.
[وَ] ذَلِكَ هُوَ الْقَبَلُ.
وَفُلَانٌ مُقْتَبَلُ الشَّبَابِ: لَمْ يَبِنْ فِيهِ أَثَرُ كِبَرٍ وَلَمْ يُوَلَّ شَبَابُهُ.
وَقَالَ:
لَيْسَ بِعَلٍّ كَبِيرٍ لَا شَبَابَ بِهِ *** لَكِنْ أُثَيْلَةُ صَافِي اللَّوْنِ مُقْتَبَلُ
وَالْقَابِلُ: الَّذِي يَقْبَلُ دَلْوَ السَّانِيَةِ.
قَالَ:
وَقَابِلٌ يَتَغَنَّى كُلَّمَا قَبَّضَتْ *** عَلَى الْعِرَاقِيِّ يَدَاهُ قَائِمًا دَفَقَا
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْقَبَلَةُ: [خَرَزَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْفَلْكَةِ تُعَلَّقُ فِي أَعْنَاقِ الْخَيْلِ]، وَيُقَالُ الْقَبَلَةُ: شَيْءٌ تَتَّخِذُهُ السَّاحِرَةُ تُقْبِلُ بِوَجْهِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْآخَرِ.
"وَقَبَائِلُ الرَّأْسِ: شُعَبُهُ الَّتِي تَصِلُ بَيْنَهَا الشُّؤُونَ; وَسُمِّيَتْ ذَلِكَ لِإِقْبَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الْأُخْرَى; وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ."
وَقَبِيلُ الْقَوْمِ: عَرِيفُهُمْ.
وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ يَتَعَرَّفُ أُمُورَهُمْ.
قَالَ:
أَوَكُلَّمَا وَرَدَتْ عُكَاظَ قَبِيلَةٌ *** بَعَثُوا إِلَيَّ قَبِيلَهُمْ يَتَوَسَّمُ
وَنَحْنُ فِي قَبَالَةِ فُلَانٍ، أَيْ عِرَافَتِهِ، وَمَا لِفُلَانٍ قِبْلَةٌ، أَيْ جِهَةٌ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهَا وَيُقْبِلُ عَلَيْهَا.
وَيَقُولُونَ: الْقَبِيلُ: جَمَاعَةٌ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى، وَالْقَبِيلَةُ: بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ.
وَهَذَا عِنْدَنَا قَدْ قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ لِبَنِي أَبٍ وَاحِدٍ قُبَيْلٌ.
قَالَ لَبِيَدٌ:
وَقَبِيلٌ مِنْ عُقَيْلٍ صَادِقٌ.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا قِبَلَ لِي بِهِ، أَيْ لَا طَاقَةَ، فَهُوَ مِنَ الْبَابِ، أَيْ لَيْسَ هُوَ كَمَا يُمْكِنُنِي الْإِقْبَالُ.
فَأَمَّا قَبْلُ الَّذِي هُوَ خِلَافُ بَعْدَ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ يُتَمَحَّلُ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَى الزَّمَانِ.
وَهُوَ عِنْدَنَا إِلَى الشُّذُوذِ أَقْرَبُ.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
42-صحاح العربية (نفض)
[نفض] نَفَضْتُ الثوبَ والشجر أنْفُضُهُ نَفْضًا، إذا حرَّكته ليَنْتَفِضَ.ونَفَّضْتُهُ شدِّد للمبالغة.
والنَفَضُ، بالتحريك: ما تساقط من الورق والثمر، وهو فعل بمعنى مفعول، كالقبض بمعنى المقبوض.
والنفاض بالضم والنفاضة: ما سقط عن النفض.
والمنفض: المنسف.
ونفضت المرأة كَرِشَها فهي نَفوضٌ: كثيرةُ الولدِ.
ونَفَضَتِ الإبلُ أيضًا وأَنْفَضَتْ: نُتِجَتْ.
قال ذو الرمة: كلا كفأتيها تنفضان ولم يجد *** لها ثيل سقب في النتاجين لامس *** ويروى " تنفضان ".
والنافِضُ من الحمَّى: ذات الرعدة.
يقال: أخذته حُمَّى نافِضٌ.
ونَفَضَتْهُ الحمَّى فهو مَنْفوضٌ.
والنُفْضَةُ بالضم: النُفَضاءُ، وهي رِعْدةُ النافِضِ.
والنُفْضَةُ أيضًا: المطَرة تصيب القطعة من الأرض وتخطئ القطعة.
وأَنْفَضَ القومُ، أي هلكت أموالهم.
وأَنْفَضوا أيضًا، مثل أرملوا، إذا فَني زادهم والاسم النفاض بالضم.
ومنه قولهم: " النفاض يقطر الجلب " وكان ثعلب يفتحه ويقول: هو الجدب، أي إذا جاء الجدب جلبت الابل قطارا قطارا للبيع.
والنفاض بالكسر: إزار من أُزُر الصبيان.
يقال: ما عليه نفاض.
قال الراجز
*** جارية بيضاء في نفاض *** والنفضة بالتحريك: الجماعة يُبْعَثونَ في الأرض لينظروا هل فيها عدوٌّ أو خوفٌ.
وكذلك النفيضة نحو الطليقة.
قالت سلمى الجُهَنيّة تَرْثي أخاها أسعَدَ: يَرِد المياه حضيرَةً ونَفيضةً *** وِرْدَ القطاةِ إذا اسْمَأَلَّ التُبَّعُ *** تعني إذا قَصُرَ الظلُّ نصفَ النهار.
والجمع النفائض.
قال أبو ذؤيب يصف المفاوز: بهن نعام بناه الرجا *** ل تلقى النفائض فيه السريحا *** هذا قول الاصمعي.
وهكذا رواه أيضا أبو عمرو بالفاء، إلا أنه قال في تفسيره: إنها الهزلى من الابل.
ورواه غيره بالقاف، جمع نقض، وهى التى جهدها السير.
وقد نفضت المكان نفضا، واسْتَنْفَضْتُهُ وتَنَفَّضْتُهُ، إذا نظرت جميع ما فيه.
قال زهير يصف البقرة: وتَنْفُضُ عنها غَيْبَ كُلِّ خميلةٍ *** وتخشى رُماة الغَوْثِ من كل مرصد
واستنفض القوم، أي بعثوا النَفيضَةَ.
ويقال: " إذا تكلَّمتَ ليلًا فاخفِضْ، وإذا تكلَّمتَ نهارًا فانْفُضْ "، أي التفتْ هل ترى من تكره.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
43-صحاح العربية (عرف)
[عرف] عَرَفْتُهُ مَعْرِفَةً وعِرْفانًا.وقولهم: ما أعرِفُ لأحدٍ يصرعني، أي ما أعترفُ.
وعَرَفْتُ الفرسَ: أي جَزَزْتُ عُرْفَهُ.
والعَرْفُ: الريحُ طيّبةً كانت أو منتنة.
يقال: ما أطيب عَرْفَهُ.
وفي المثل: " لا يَعْجِزَ مَسْكُ السَوْءِ عن عَرْفِ السَوْءِ ".
والعَرْفَةُ: قرحةٌ تخرج في بياض الكفّ عن ابن السكيت.
يقال: عرف الرجال فهو معروف، أي خرجت به تلك القَرحة.
والمَعْروفُ: ضدّ المنكر والعُرْفُ: ضد النكر.
ويقال: أولاه عرفا، أي معروفا.
والمعرف أيضا: الاسم من الاعتراف، ومنه قولهم: له عليَّ ألفٌ عُرْفًا، أي اعترافًا، وهو توكيد.
والعُرْفُ: عُرْفُ الفرسِ.
وقوله تعالى: {والمُرسَلاتِ عُرفًا}، يقال هو مستعار من عُرْفِ الفرس، أي يتتابعون كعُرْفِ الفرس ويقال: أُرْسِلَتْ بالعُرْفِ، أي بالمعروفِ.
والمَعْرَفَةُ بفتح الراء: الموضع الذي ينبت عليه العُرْفُ.
والعُرْفُ والعُرُفُ: الرملُ المرتفُع.
قال الكميت: أبكاك بالعرف المنزل وما أنت والطلل المحول وهو مثل عسر وعسر.
وكذلك العُرْفَةُ، والجمع عُرَفٌ وأعْرافٌ.
ويقال الأعرافُ الذي في القرآن: سورٌ بين الجنة والنار.
وشئ أعرف، أي له عرف.
وأعرف الفرس، أي طال عُرْفُهُ.
واعْرَوْرَفَ أي صار ذا عُرْفٍ.
واعْرَوْرَفَ الرجلُ، أي تهيأ للشر.
واعْرَوْرَفَ البحرُ، أي ارتفعت أمواجه.
ويقال للضبع عَرْفاءُ، سُمِّيَتْ بذلك لكثرة شعرها.
والعِرْفُ بالكسر، من قولهم: ما عرف عرفى إلا بأخرة، أي ما عرفَني إلا أخيرًا.
وتقول: هذا يوم عرفة غير منون، ولا تدخله الالف واللام.
وعرفات: موضع بمنى، وهو اسم في لفظ الجمع فلا يجمع.
قال الفراء ولا واحد له بصحة.
وقول الناس: نزلنا عرفة شبيه بمولد، وليس بعربي محض.
وهى معرفة وإن كان جمعا، لان الا ما كن لا تزول، فصار كالشئ الواحد، وخالف الزيدين.
تقول: هؤلاء عرفات حسنة، تنصب النعت لانه نكرة.
وهى مصروفة.
قال تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات} قال الاخفش: إنما صرفت لان التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مسلمين ومسلمون، لانه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة النون، فلما سمى به ترك على حاله
كما يقال مسلمون إذا سمى به على حاله.
وكذلك القول في أذرعات وعانات وعريتنات.
والعارِفُ: الصبورُ.
يقال: أصيب فلان فَوُجِدَ عارِفًا.
والعَروفُ مثله.
قال عنترة: فصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً ترْسو إذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ يقول: حبستُ نَفسًا عارِفَة، أي صابرةً.
والعارفَةُ أيضًا: المعروفُ.
ورجلٌ عَروفَةٌ بالأمور، أي عارفٌ بها، والهاء للمبالغة.
والعريفُ والعارِفُ بمعنًى، مثل عليمٍ وعالمٍ.
وأنشد الأخفش: أوَ كُلما وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلة بعثوا إليَّ عَريفَهُمْ يَتَوَسَّمُ أي عارِفَهُمْ.
والعَريفُ: النقيبُ، وهو دون الرئيس، والجمع: عُرَفاءُ.
تقول منه عَرُفَ فلانٌ بالضم عَرافَةً، مثل خُطب خَطابَةً، أي صار عريفًا، وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت: عرف فلان علينا
سنين يعرف عرافة، مثال كتب يكتب كتابة.
والتعريف: الاعلام.
والتعريف أيضا: إنشاد الضالة.
والتَعْريفُ: التطييب، من العَرْفِ.
وقوله تعالى: {عَرّفَها لهم} أي طَيَّبَها.
قال الشاعر يخاطب رجلا ويمدحه:
عرفت كإتب عرفته اللطائم *** يقول: كما عرف الاتب، وهو البقير.
والعَرَّافُ: الكاهنُ والطبيبُ.
قال الشاعر: فقلت لعَرَّافِ اليَمامةِ داوني فإنك إن أبْرَأْتَني لَطبيبُ والتعريفُ: الوقوفُ بعَرَفاتٍ.
يقال: عَرَّفَ الناسُ، إذا شهدوا عَرَفاتٍ، وهو المُعَرَّفُ، للموقف.
والاعتِرافُ بالذنب: الإقرارُ به.
واعْتَرَفْتُ القومَ، إذا سألتَهم عن خبر لتَعرِفَهُ.
قال الشاعر: أسائِلةٌ عُمَيْرَةُ عن أبيها خِلالِ الرَكْبِ تَعْتَرِفُ الرِكابا وربَّما وضعوا اعْتَرَفَ موضعَ عَرَفَ، كما وضعوا عَرَفَ موضع اعْتَرَفَ.
قال أبو ذؤيب يصف سحابا
مرته النعامى لم يعترف خِلافَ النُعامى من الشأم ريحا أي لم يَعرِف غير الجنوب، لأنَّها أبَلُّ الرياحِ وأرطَبُها.
وتَعَرَّفْتُ ما عند فلان، أي تطلّبتُ حتَّى عَرَفتُ.
وتقول: ائتِ فلانًا فاسْتَعْرِفْ إليه حتَّى يعرفك.
وقد تَعارَفَ القومُ، أي عَرَفَ بعضُهم بعضًا.
وامرأةٌ حسنة المَعارِفِ، أي الوجه وما يظهر منها، واحدها مَعْرَفٌ.
قال الراعي: مُتَلَفِّمينَ على مَعارِفِنا نَثْني لهنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
44-منتخب الصحاح (عرف)
عَرَفْتُهُ مَعْرِفَةً وعِرْفانًا.وقولهم: ما أعرِفُ لأحدٍ يصرعني، أي ما أعترفُ.
وعَرَفْتُ الفرسَ: أي جَزَزْتُ عُرْفَهُ.
والعَرْفُ: الريحُ طيّبةً كانت أو منتنةً.
يقال: ما أطيب عَرْفَهُ.
وفي المثل: لا يَعْجِزَ مَسْكُ السَوْءِ عن عَرْفِ السَوْءِ.
والعَرْفَةُ: قرحةٌ تخرج في بياض الكفّ عن ابن السكيت.
يقال: عُرِفَ الرجل فهو مَعْروفٌ، أي خرجت به تلك القَرحة.
والمَعْروفُ: ضدّ المنكر.
والعُرْفُ: ضد النُكْرِ.
يقال: أولاه عُرْفًا، أي معروفًا.
والعُرْفُ أيضًا: الاسمُ من الاعتراف، ومنه قولهم: له عليَّ ألفٌ عُرْفًا، أي اعترافًا، وهو توكيد.
والعُرْفُ: عُرْفُ الفرسِ.
وقوله تعالى: والمُرسَلاتِ عُرفًا، يقال هو مستعار من عُرْفِ الفرس، أي يتتابعون كعُرْفِ الفرس، ويقال: أُرْسِلَتْ بالعُرْفِ، أي بالمعروفِ.
والمَعْرَفَةُ بفتح الراء: الموضع الذي ينبت عليه العُرْفُ.
والعُرْفُ والعُرُفُ: الرملُ المرتفُع.
قال الكميت:
أأبْكاكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ *** وما أنتَ والطَلَلُ المُحْوِلُ
وكذلك العُرْفَةُ، والجمع عُرَفٌ وأعْرافٌ ويقال الأعرافُ الذي في القرآن: سورٌ بين الجنة والنار.
وشيء أعْرَفُ، أي له عُرْفٌ.
وأعْرَفَ الفرسُ، أي طال عُرْفُهُ.
واعْرَوْرَفَ أي صار ذا عُرْفٍ.
واعْرَوْرَفَ الرجلُ، أي تهيأ للشر.
واعْرَوْرَفَ البحرُ، أي ارتفعت أمواجه.
ويقال للضبع عَرْفاءُ، سُمِّيَتْ بذلك لكثرة شعرها.
والعِرْفُ بالكسر، من قولهم: ما عَرَفَ عِرْ في إلا بأخَرَةٍ، أي ما عرفَني إلا أخيرًا.
والعارِفُ: الصبورُ.
يقال: أصيب فلان فَوُجِدَ عارِفًا.
والعَروفُ مثله.
قال عنترة:
فصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً *** ترْسو إذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ
يقول: حبستُ نَفسًا عارِفَة، أي صابرةً.
والعارفَةُ أيضًا: المعروفُ.
ورجلٌ عَروفَةٌ بالأمور، أي عارفٌ بها؛ والهاء للمبالغة.
والعريفُ والعارِفُ بمعنًى، مثل عليمٍ وعالمٍ.
وأنشد الأخفش:
أوَ كُلما وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلة *** بعثوا إليَّ عَريفَهُمْ يَتَوَسَّمُ
أي عارِفَهُمْ.
والعَريفُ: النقيبُ، وهو دون الرئيس، والجمع: عُرَفاءُ.
تقول منه عَرُفَ فلانٌ بالضم عَرافَةً، مثل خُطب خَطابَةً، أي صار عريفًا، وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت: عَرَف فلان علينا سنين يَعرُفُ عِرافَةً.
والتَعْريفُ: الإعْلامُ.
والتعريفُ أيضًا: إنشادُ الضالةِ.
والتَعْريفُ: التطييب، من العَرْفِ.
وقوله تعالى: عَرّفَها لهم أي طَيَّبَها.
والعَرَّافُ: الكاهنُ والطبيبُ.
قال الشاعر:
فقلت لعَرَّافِ اليَمامةِ داوني *** فإنك إن أبْرَأْتَني لَطبيبُ
والتعريفُ: الوقوفُ بعَرَفاتٍ.
يقال: عَرَّفَ الناسُ، إذا شهدوا عَرَفاتٍ، وهو المُعَرَّفُ، للموقف.
والاعتِرافُ بالذنب: الإقرارُ به.
واعْتَرَفْتُ القومَ، إذا سألتَهم عن خبر لتَعرِفَهُ.
قال الشاعر:
أسائِلةٌ عُمَيْرَةُ عن أبيها *** خِلالِ الرَكْبِ تَعْتَرِفُ الرِكابا
وربَّما وضعوا اعْتَرَفَ موضعَ عَرَفَ، كما وضعوا عَرَفَ موضع اعْتَرَفَ.
قال أبو ذؤيب يصف سحابًا:
مَرَتْهُ النُعامى فلم يَعْتَرِفْ *** خِلافَ النُعامى من الشأم ريحا
أي لم يَعرِف غير الجنوب؛ لأنَّها أبَلُّ الرياحِ وأرطَبُها.
وتَعَرَّفْتُ ما عند فلان، أي تطلّبتُ حتَّى عَرَفتُ.
وتقول: ائتِ فلانًا فاسْتَعْرِفْ إليه حتَّى يعرفك.
وقد تَعارَفَ القومُ، أي عَرَفَ بعضُهم بعضًا.
وامرأةٌ حسنة المَعارِفِ، أي الوجه وما يظهر منها، واحدها مَعْرَفٌ.
قال الراعي:
مُتَلَفِّمينَ على مَعارِفِنا *** نَثْني لهنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
45-منتخب الصحاح (نفض)
نَفَضْتُ الثوبَ والشجر أنْفُضُهُ نَفْضًا، إذا حرَّكته ليَنْتَفِضَ.ونَفَّضْتُهُ شدِّد للمبالغة.
والنَفَضُ، بالتحريك: ما تساقطَ من الورق والثمر.
والنُفاضُ بالضم والنُفاضَةُ: ما سقطَ من النَفْضِ.
والمِنْفَضُ: المِنْسَفُ.
ونَفَضَتِ المرأةُ كَرِشَها فهي نَفوضٌ: كثيرةُ الولدِ.
ونَفَضَتِ الإبلُ أيضًا وأَنْفَضَتْ: نُتِجَتْ.
والنافِضُ من الحمَّى: ذات الرعدة.
يقال: أخذته حُمَّى نافِضٌ.
ونَفَضَتْهُ الحمَّى فهو مَنْفوضٌ.
والنُفْضَةُ بالضم: النُفَضاءُ، وهي رِعْدةُ النافِضِ.
والنُفْضَةُ أيضًا: المطَرة تصيب القطعة من الأرض وتخطئ القطعة.
وأَنْفَضَ القومُ، أي هلكت أموالهم.
وأَنْفَضوا أيضًا، مثل أرملوا، إذا فَني زادهم والاسمُ النُفاضُ.
والنِفاضُ بالكسر: إزارٌ من أُزُر الصبيان.
يقال: ما عليه نِفاضٌ.
والنَفَضَةُ بالتحريك: الجماعةُ يُبْعَثونَ في الأرض لينظروا هل فيها عدوٌّ أو خوفٌ.
وكذلك النَفيضةُ نحو الطليقة.
قالت سعدى الجُهَنية ترثي أخاها أسعد:
يَرِدُ المياهَ حَضيرةً ونَفيضَةً *** وِرْدَ القَطاةِ إذا اسْمَأَلَّ التُبَّعُ
تعني إذا قَصُرَ الظلُّ نصفَ النهار.
والجمع النَفائِضُ.
وقد نَفَضْتُ المكانَ نَفْضًا، واسْتَنْفَضْتُهُ وتَنَفَّضْتُهُ، إذا نظرت جميع ما فيه.
قال زهير يصف البقرة:
وتَنْفُضُ عنها غَيْبَ كُلِّ خميلةٍ *** وتخشى رُماة الغَوْثِ من كلِّ مَرْصَدِ
واسْتَنْفَضَ القومُ، أي بعثوا النَفيضَةَ.
ويقال: إذا تكلَّمتَ ليلًا فاخفِضْ، وإذا تكلَّمتَ نهارًا فانْفُضْ، أي التفتْ هل ترى من تكره.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
46-المحيط في اللغة (بعث)
البَعْثُ: الإِرْسَالُ، ويُقالُ للمَبْعُوْث: بَعْثٌ.والنُّشُور، ومنه: يَوْمُ البَعْث.
وضُرِبَ البَعْثُ على الجُنْد: أي بُعِثُوا إِلى العَدُوّ.
وبَعَثْتُ البَعيرَ فانْبَعَثَ: هِجْتَه.
وبَعَثْتُه من النَّوم: نَبَّهْتَه.
ورَجُلٌ بَعِثٌ: لا يستقِرُّ مكانَه ولا يَغْلِبُه النَّوْمُ.
وبَعَّثَ أمْرَه: خَلَّطَه، قال: ولا أحُقُّه.
وأَراه بَغَّثَ - مُعْجَمَةً - من البُغْثَة: وهي اخْتِلاطُ السَّواد بالبَيَاض ونحوِه.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
47-المحيط في اللغة (نفض)
النَّفْضُ: أنْ تَنْفُضَ التًرَابَ عن الشَّيْءِ؛ والشَّجَرَةَ حَتّى تَنْفُضَ ثَمَرَتَها.والنَّفَضُ: ما تَسَاقَطَ من غَيْرِ نَفْضٍ في أُصُول الشَّجَرِ.
وقيل: هو العِنَبُ.
وأنْفَضْتُ جُلَّةَ التَّمْرِ: نَفَضْت ما فيها.
والمِنْفَضُ: ثَوْبٌ يُنْفَضُ فيه.
وثَوْبٌ نافِضٌ نَفَضَ صِبْغه نُفُوْضًا: أي ذَهَبَ.
ونُفُوْضُ الأرْضِ: نَبَائثُها التي تُلْقى على شَطِّ النهرِ.
والنُّفْضَةُ: المَطْرَةُ تُصِيْبُ القِطْعَةَ من الأرْضِ وُتخْطِئُ القِطْعَةَ، يُقالُ: أرْضٌ مُنَفَّضَةٌ تَنْفِيْضًا.
وحَلَبْتُ الناقَةَ حَتّى انْتَفَضْتُ لَبَنَها: أي لم أدَعْ في ضَرْعِها شَيْئًا.
والاسْتِنْفاضُ: اسْتخراجُ الشَّيْءِ.
والنَفَضَةُ: قَوْمٌ يُبْعَثُونَ في الأرْضِ هَلْ بها عَدُوُ أو خَوْفٌ.
واسْتَنْفَضَ القَوْمُ: بَعَثُوا النًفِيْضَةَ، من قَوْلِ الشاعِر:
يَرِدُ المِيَاهَ حَضِيْرَةً وَنَفِيْضَةً
والحَضِيْرَةُ: الجَماعَةُ، والنَّفِيْضَةُ: الواحِدُ.
والنُّفَاضُ: الفَقْرُ وخِفَةُ الزّادِ.
وفي الحَدِيث: (النُّفَاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ) أي إذا خَفَّتْ أزْوَادُهم بالبادِيَةِ جَلَبُوا إبِلَهم.
وأنْفَضَ القَوْمُ: فَنِيَ زادُهم.
وقَوْلُه: تَرى كُفْأَتَيْهِ تُنْفِضَانِ أي تُذْهِبُ كُلَّ شَيْءٍ في بُطُونِها من أوْلادِها، من قَوْلهم: نَفَضَتِ النّاقَةُ بوَلَدِها: أي رَمَتْ به.
وأنْفَضَتِ الإبلُ: نُتِجَتْ كُلُّها.
ودَجاجَةٌ مُنْفِضٌ: كَفَّتْ عن البَيْض.
والنّافِضُ: الحُمّى، ورِعْدَتُها: نَفَضَانُها، وبه نافِضٌ.
وحُمّى نَفَضى - على وَكَرى -: ذاتُ نافِضَةٍ.
والنَّفْضُ: من قُضْبَانِ الكَرْمِ بَعْدَما يَنْضُر الوَرَقُ قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّقَ حَوَالِقُه، وقد انْتَفَضَ الكَرْمُ، الواحِدَةُ نَفْضَةٌ.
والنَّفَاضُ: من أُزُرِ الصبْيَانِ، يُقال: أتانا وما عليه نِفَاضٌ: أي شَيْءٌ من الثِّياب.
وهو - أيضًا -: بِسَاطُ الخَبَطِ - وهو وَرَقُ السَّمُرِ - يُبْسَطُ له ثَوْبٌ ثُمَّ يُخْبَطُ بالعَصا فَيَنْحَتَ عليه الوَرَق، فالثَّوْبُ نِفَاضٌ، وجَمْعُه نُفُضٌ.
وهو - أيضًا -: ما انْتَفَضَ من الوَرَقِ، وكذلك الأنافِيْضُ.
والنُفُوْضُ: البُرْءُ من المَرَض.
والنُفْاضُ: شَجَرَةٌ إذا أكَلَتْها الغَنَمُ ماتَتْ عنه، وفي الحديث: (كنُفّاضِ الغَنَمِ).
والمِنْفَاضُ من النِّسَاء: الكثيرةُ الضحِكِ.
والنِّفْضُ: خُرْءُ النَّحْلِ في العَسّالةِ.
وقيل: ما ماتَ من النَّحْلِ فيها.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
48-المحيط في اللغة (لو)
لَوْ: حَرْفُ أُمْنِيَّةٍ.وتكونُ مَوْقُوْفَةً بَيْنَ نَفْيٍ وأُمْنِيَّةٍ.
وتُجْعَلُ (لَوْ) مَكانَ (لَعَلَّ)؛ يقولون: لَوْ أنَّكَ مُرِيْبٌ: أي لَعَلَّكَ.
و (لا): حَرْفٌ يُجْحَدُ ويُنفَى به.
وتكونُ زائدةً.
وهذه لاءٌ مَكْتُوْبَةٌ يَمُدُّوْنَها، وتَصْغِيْرُها لُيَيَّةٌ.
ولَوَّيْتُ لاءً حَسَنَةً، ولاءٌ مُلَوّاةٌ.
وقَوْلُهم: كَلاّ ولاَ: مَعْنَاه السُّرْعةُ.
و (لا) يكُونُ بمعنى (لَمْ) نَحْو قَوْلِكَ: لا خَرَجَ زَيْدٌ: أي لم يَخْرُجْ زَيْدٌ.
و (لَنْ): أصْلُه (لا أَنْ) وُصِلَتْ لكَثْرَتِها في الكلامِ.
و (لَوْلاَ) مَعْنَيَانِ: أحَدُهما (هَلاّ) والآخَرُ (لَوْ لَمْ يَكُنْ).
ووَقَعَ القَوْمُ في لَوْلاَءٍ شَدِيْدَةٍ: إذا تَلاَوَمُوا فقالوا: لَوْلاَ ولَوْلا.
و (لي): حَرْفَانِ مُتَبَايِنَانِ قُرِنَا؛ واللاّمُ لاَمُ إضَافَةٍ.
و (لاتَ): يُنْفى بها كما يُنْفَى ب (لا)؛ إلاَّ أنَّها لا تُوْقَعُ إلاَّ على الزَّمَانِ، كقَوْلِه عَزَّ وجَلَّ: (ولاتَ حِيْنَ مَنَاصٍ).
واللَّوِيَّةُ: ما ذَخَرَتِ المَرْأَةُ من طَعَامِها مِمَّا يُؤْكَلُ في شِتَاءٍ أو غَيْرِه، والجَمِيْعُ اللَّوِيّاتُ واللَّوَايَا.
ولَوَتِ المَرْأَةُ تَلْوِي لَيًّا ولَوِيًّا: ادَّخَرَتِ اللَّوِيَّةَ.
وهي اللِّوَايَةُ أيضًا، وجَمْعُها لِوَايَاتٌ.
وأَلْوَيْتُكَ على نَفْسي: إذا آثَرْتَه.
واللَّوِيَّةُ أيضًا: البَقِيَّةُ من الشَّيْءِ.
واللأى بوَزْنِ اللَّعَا: الثَّوْرث الوَحْشِيُّ، والجَمِيْعُ الأَلأَءُ على وَزْنِ الأَلْعَاء.
والبَقَرَةُ: لأْيٌ بوَزْنِ لَعْيٍ.
والَّلأْوَاءُ: من شَدَائِدِ الدَّهْرِ، يُجْمَعُ على فُعْلاَوَاتٍ، وكذلك اللَّوْلاَءُ.
والَّلأْيُ بوَزْنِ اللَّعْيِ: البُطْءُ والالْتِوَاءُ في الأمْرِ، يقولونَ: بَعْدَ لأْيٍ: أي بَعْدَ جَهْدٍ ومَشَقَّةٍ.
وألأَى الرَّجُلُ: بمَعْنى أفْلَسَ، فهو مُلْءٍ.
وألأَتْ عليه بِضَاعَتُه: أي ضاقَ عليه عَيْشُه.
ولأَيْتُ أَلأى: أي لَبِثْتُ بوَزْنِ لَعَيْتُ أَلْعى.
واللُّؤْلُؤُ: مَعْرُوْفٌ، وصاحِبُه اللأّلُ.
واللِّئَالَةُ: حِرْفَةُ اللأّلِ وصَنْعَتُه.
ولَوْنٌ لُؤْلُؤَانٌ: يُشْبِهُ اللُّؤْلُؤَ.
وقَوْلُه:
يُلاَلِيْنَ الدُّمُوْعَ على عَدِيٍّ
أي يُحْدِرْنَها كالّلألي.
واللُّؤْلُؤَةُ: البَقَرَةُ الوَحْشِيَّةُ.
ولأْلأَتِ النّارُ: لأْلأَ لَهِيْبُها.
واللأْلاَءُ: النُّوْرُ.
وفي المَثَلِ: (لا أُكَلِّمُكَ ما لأْلأَتِ الفُوْرُ بأذْنَابِها) يَعْني النُّفَّرَ من الوَحْشِ إذا حَرَّكَتْ أذْنَابَها.
ويقولونَ للذَّكَرِ من الكَرَوَانِ اللَّيْلُ.
واللَّيْلُ: ضِدُّ النَّهَارِ، وظَلاَمُ اللَّيْلِ، وتَصْغِيْرُها لُيَيْلَةٌ.
ولَيْلَةٌ لَيْلاَءُ ولَيْلٌ أَلْيَلُ وذُوْ لَيْلٍ: شَدِيْدُ الظُّلْمَةِ؛ واللَّيْلُ: الظُّلْمَةُ.
وجَمْعُ اللَّيْلَةِ: لَيَائِلُ ولَيَالٍ على القَلْبِ، ويُجْمَعُ على اللُّيُوْلِ أيضًا.
ورَجُلٌ لائلٌ: يَسِيْرُ باللِّيْلِ؛ ولَيْلِيٌّ.
وعامَلْتُهُ مُلاَيَلَةً.
وألْبَسَ لَيْلٌ لَيْلًا: أي رَكِبَ بَعْضُه بَعْضًا.
وفي المَثَلِ: (لَيْسَ لِوِلْدَانِكَ لَيْلٌ فاغْتَمِدْ) أي ارْكَبْ لَيْلَتَكَ واجْعَلْها غِمْدًا، و (اللَّيْلُ أَخْفَى للوَيْلِ)، ويقولونَ: لا تُخْلِفْني كما فَعَلْتَ لَيْلَةَ ذي لَيْلَةٍ؛ ولَيْلَةَ لَيْلَةٍ، واللِّصُّ ابْنُ اللَّيْلِ.
والْتَأَتْ علينا الحاجَةُ: أي الْتَوَتْ.
ولَوَى يَلْوي لَيًّا.
ولَوَيْتُ الحَبْلَ والدَّيْنَ لَيّانًا.
ولأَلْوِيَنَّ دَيْنَكَ مَلْوىً شَدِيْدًا.
وامْرَأَةٌ لَوّاءُ العُنُقِ ولَيّاؤها.
والألْوَى: وَتَرُ القَوْسِ المَلْوِيّ طاقَاتُه.
والإِلْوَاءُ: أنْ تَرْفَعَ بشَيْءٍ فتُشِيْرَ به، ألْوى بثَوْبِه صَرِيْخًا.
وأَلْوَتِ المَرْأَةُ بيَدِها؛ والحَرْبُ بالسَّوَامِ: أي ذَهَبَتْ بها وصاحِبُها يَنْظُرُ إليها.
والإِلْوَاءُ: أنْ تُخَالِفَ بالكَلاَمِ عن جِهَتِه.
والرَّجُلُ الأَلْوَى: المُجْتَنِبُ المُعْتَزِلُ.
والذي لا يُدْرَكُ ما وَرضاءَ ظَهْرِه، (إنَّه لأَلْوى بَعِيْدُ المُسْتَمَرِّ)، والأُنْثى لَيّاءُ ونِسْوَةٌ لِيّانٌ وإنْ شِئْتَ لَيّاوَاتٌ، وقد لَوِيَ يَلْوى لَوىً، وقيل: لَوّاءُ ولُوَّةٌ كحَوّاءَ وحُوَّةٍ.
ولَوَيْتُ عن الشَّيْءِ والْتَوَي.
والأَلْوَى: المُلْتَوِي.
ولَوِيَتْ عَقِبُ الخُفِّ: اعْوَجَّتْ.
ولَوَّيْتُ عليه الأمْرَ: عَوَّصْته.
ولَوَيْتُ عليه مُخَفَّفٌ: انْتَظَرْتُه وأَقَمْتُ عليه؛ لَيًّا.
ولَوَّأْتُ به: أي عَذَّبْته.
ولَوّى بوَجْهِه: أعْرَضَ.
ولَوَّأْتُ به الأرْضَ: ضَرَبْته.
واسْتَلْوى فلانٌ بكذا: ذَهَبَ.
واللَّوَى مَقْصُوْرٌ: داءٌ يَأْخُذُ في المَعِدَةِ، لَوِيَ يَلْوَى لَوىً.
واللِّوَاءُ مَمْدُوْدٌ: لِوَاءُ الوالي.
وأَلْوَى الأَمِيْرُ له لِوَاءً: عَقَدَه له.
ولِوَى الرَّمْلِ مَقْصُوْرٌ: ما يَلِي الجَلَدَ، وما كانَ من نَوَاحِي الرَّمْلِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ.
وأَلْوى القَوْمُ فهم مُلْوُوْنَ: بَلَغُوا لِوَى الرَّمْلِ، وقد ألْوَيْتُم فانْزِلُوا.
والأَلْوَاءُ والأَلْوِيَةُ: جَمْعُ لِوَى الرَّمْلِ.
وأَلْوَاءُ البِلاَدِ: نَوَاحِيْها.
وألْوَاءُ الوادي: أحْنَاؤه.
واللِّوَى: اسْمُ وادٍ من أوْدِيَةِ بَنِي سُلَيْمٍ.
والمَلْوَاةُ: الثَّنِيَّةُ، وجَمْعُها مَلاَوٍ.
واللَّوِيُّ: اليابِسُ من البَقْلِ، أَلْوى البَقْلُ إلْوَاءً: صارَ لَوِيًّا.
ولُوَيُّ بن غالِبٍ: أكْرَمُ قُرَيْشٍ.
ولاَوَى بن يَعْقُوْبَ النَّبِيّ عليهما السَّلاَمُ.
واللِّيَاءُ: شَيْءٌ أبْيَضُ شَدِيْدُ البَيَاضِ؛ يُؤْكَلُ؛ مِثْلُ الحِمّصِ، ويُقال للمَرْأَةِ البَيْضَاءِ: كأنَّها اللِّيَاءُ.
وسَمَكَةٌ في البَحْرِ يُتَّخَذُ منها التِّرَسَةُ الجَيِّدَةُ.
ويقولونَ: بَعَثُوا إلينا بالهِيَاءِ واللِّيَاءِ؛ والسِّيَاءِ واللِّيَاءِ؛ والسِّوَاءِ واللِّوَاءِ: أي بَعَثُوا يَسْتَغِيْثُوْنَ.
ويا لِيَاهُ: أي يا غَوْثَاه.
واللِّوَايَةُ في العِكْمِ: خَشَبَةٌ تُشَدُّ بالحَبْلِ إليه.
واللِّيَاءُ: الأرْضُ التي بَعُدَ ماؤها واشْتَدَّ السَّيْرُ فيها.
واللِّيَّةُ واللُّوَّةُ: لُغَتَانِ في الأَلُوَّةِ الذي هو العُوْدُ.
ولِيَّةُ الرَّجُلِ: مَنْ يَلِيْهِ من أهْلِه، ويُقال: لِئَةٌ بالهَمْزِ.
وأُمُّ لَيْلى: كُنْيَةُ الخَمْرِ.
ولَيْلى: هي النَّشْوَةُ.
قَوْلُهم: إمَّا لا فافْعَلْ كذا: أي إنْ لم تَفْعَلْ ذاكَ فافْعَلْ ذا.
والْقَ زَيْدًا وإلاَّ فَلاَ: أي وإنْ لا تَلْقَ زَيْدًا فَدَعْ.
و (أَلاَ) مَعْناه هَلاّ في حَالِ تَنْبِيْهٍ، وقد يُرْدَفُ ب (لا) أُخْرى فيُقال:
ألاَلاَ من سَبِيْلٍ إلى هِنْدِ
جَعَلَ (أَلاَ) تَنْبِيْهًا و (لا) نَفْيًا.
و (أَلاّ): اسْتِثْنَاءٌ.
وإيْجَابٌ أيضًا.
و (إلى): من حُرُوْفِ الصِّفَاتِ.
وتكونُ بمَعْنى عَلى كَقَوْلِهم: جَزِعْتُ إليهم: أي عليهم.
وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: {هذا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيْمٌ} أي إلَيَّ.
وتَرَكْتُ الطَّعَامَ من ذي إلَيْنا: أي من ذاتِ أنْفُسِنا.
ونَفِذَ ما إلَيْه: أي ما عِنْدَه.
وما سَكِرْتُ ولا إلَيه: أي ولا قَارَبْتُه أيضًا.
والألاَءُ: شَجَرٌ وَرَقُه وحَمْلُه دِبَاغٌ؛ وهو شِتَاءً وصَيْفًا أخْضَرُ، والواحِدَةُ أَلاَءَةٌ.
وأرْضٌ مَأْلأَةٌ.
وأَدِيْمٌ مَأْلُوْءٌ: مَدْبُوْغٌ به؛ ومَأْلِيٌّ: مِثْلُه.
والإِلَى: النِّعْمَةُ، وجَمْعُه الإِلاَءُ والآلاَءُ.
والأَلاَءُ: الخِصَالُ الصّالِحَةُ، الواحِدُ إلىً وأَلىً.
وكَيْفَ أَلاَءُ فَرَسِكَ: أي ما يُوْلِيْكَ من جِرَائِه وكِفَايَتِه.
والأَلْوُ: الضَّرْبُ واللَّطْمُ.
والعَطِيَّةُ أيضًا.
وعُوْدُ أَلُوَّةٍ: أجْوَدُ ما يُتَبَخَّرُ به؛ وأُلُوَّةٌ: لُغَةٌ؛ وَلِيَّةٌ ولُوَّةٌ، وأَلاَوِيَةٌ: جَمْعُ أَلُوَّةٍ، وفي الحَدِيْثِ: (مَجَامِرُهم الأَلُوَّةُ) و (الأَلِيَّةُ) و (الأَلْوَةُ) و (الأُلْوَةُ).
والأَلِيَّةُ: اليَمِيْنُ، والأَلْيَةُ: مِثلُها.
وآلَيْتُ إيْلاءً وائْتَلَيْتُ ائْتِلاَءً، وتَأَلّى تَأَلِّيًا، وهو بَرُّ المُؤْتَلى.
والإِيْلاَءُ: أنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ باللهِ لا يَقْرَب امْرَأَتَه أرْبَعَةَ أشْهُرٍ.
وأَلَيْتُ عن حاجَتي وأَلَّيْتُ: أي تَمَكَّثْتُ عنها حَتّى تكادَ تَفُوْتُ.
وأَلَّيْتُ تَأْلِيَةً: أَبْطَأْتُ؛ مِثْلُ أَلَوْتُ.
والمُؤْتَلِي: المُطِيْقُ.
والمُوْلِي: المُعْوِزُ.
وما أَلَوْتُ عن الجَهْدِ في حاجَتِك.
وما أَلَوْتُ نُصْحًا.
ومنه الإِلِيُّ والأُلِيُّ والأُلُوُّ، ولا يَأْلُو أُلِيًّا ولا يَأْتَلي.
ولا آلُوْ كذا: أي لا أسْتَطِيْعُه.
ومَثَلٌ: (فَلا تَأْلُ أنْ تَتَوَدَّدَ إلى النَّاسِ).
وفي الدُّعَاء عليه: (لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيْتَ).
وآلَى الرَّجُلُ: إذا تَمَكَّثَ في الأَمْرِ.
وآلَ عليه: أشْبَل وعَطَفَ.
والأَلُّ: الطَّرْدُ، آَلَّه يَؤُلُّه.
والإِلُّ: الرُّبُوْبِيَّةُ.
وقُرْبى الرَّحِمِ.
والأصْلُ الجَيِّدُ.
والمَعْدِنُ.
وجَمْعُ إلِّ القَرَابَةِ: أُلُوْلٌ، وهي الأَلاَلُ أيضًا، وتَأَلَّلْتُ إليه: أي تَوَسَّلْتُ.
والإِلُّ: جَبَلٌ بعَرَفَاتٍ؛ مَعْرِفَةٌ.
وهو الضَّلاَلُ ابْنُ الأَلاَلِ، وهو ابْنُ ضَالٍّ: مِثْلُه، وهو ضَالٌّ أَلٌّ.
والأَلِيْلُ: الشِّدَّةُ.
والأَلِيْلَةُ: ما يَجِدُ الإِنسانُ من وَجَعِ الحُمّى ونَحْوِها في جَسَدِه دُوْنَ الأنِيْنِ، يُقال: أَلَّ يَئِلُّ أَلِيْلًا.
والأَلَلُ والأَلِيْلُ: الصَّوْتُ.
وأَلَّ الرَّجُلُ في الدُّعَاءِ: جَأَرَ فيه، وفي الحَدِيْثِ: (عَجِبَ رَبُّكُم من أَلِّكُم وقُنُوْطِكُم).
وأَلِيْلُ الماءِ: صَلِيْلُه.
والأَلاّلُ: الصَّلاّلُ.
وأَلَّ الرَّجُلُ في السَّيْرِ: إذا أسْرَعَ؛ يَؤُلُّ أَلاًّ.
وفَرَسٌ مِئَلٌّ: سَرِيْعٌ.
وأَلَّ لَوْنُه: إذا صَفَا وبَرَقَ؛ يَؤُلُّ ويَئِلُّ.
وأَلَّ السَّيْفُ: رَقَّتْ حَدِيْدَتُه.
وفي أسْنَانِه أَلَلٌ بالأَلِفِ: أي قِصَرٌ.
وثَوْبٌ مَأْلُوْلٌ: إذا خِيْطَ خِيَاطَتَه الأُوْلى قَبْلَ الكَفِّ، وقد أَلَلْتُه أَؤُلُّه أَلاًّ والآلَةُ: أَدَاةُ الحَرْبِ من السِّلاَحِ وغَيْرِها.
وسائرُ الأَدَوَاتِ: آلَةٌ.
والأَلَّةُ: خَشَبَةٌ يُبْنى عليها، وجَمْعُها أَلاّتٌ.
والحَرْبَةُ؛ وجَمْعُها إلاَلٌ، والجِنْسُ الأَلُّ، وسُمِّيَتْ أَلَّةً لدِقَّتِها.
وأَلَّه يَؤُلُّه: أي طَعَنَه بها، ومنه قَوْلُهم: (ما لَهُ أُلَّ وغُلَّ).
وأُذُنٌ مُؤَلَّلَةٌ: مُحَدَّدَةٌ؛ ومَأْلُوْلَةٌ، أُلَّتْ أُذُنُه وأُلِّلَتْ.
وفُوْقٌ مُؤَلَّلٌ: صَغِيْرٌ.
وثَوْرٌ مُؤَلَّلٌ: في لَوْنِه شَيْءٌ من سَوَادٍ وسائرُه أبْيَضُ.
وفي الظَّبْيِ أَلَلٌ وأُلَلٌ، وهو جَمْعُ أُلَّةٍ.
والأَلَلُ: الجُدَّةُ من السَّوَادِ في البَيَاضِ.
ورَجُلٌ مُؤَلَّلُ الوَجْهِ: مَسْنُوْنُه.
والأَلَلُ والأَلَلاَنِ: وَجْهَا السِّكِّيْنِ وغَيْرِها حَتّى القَدَح.
وكُلُّ شَيْءٍ عَرِيْضٍ: له أَلَلاَنِ، والجَمِيْعُ الإِلاَلُ.
وهو أيضًا: أنْ يَقَعَ التَّسَرُّرُ بَيْنَ لَحْمَةِ تِحْلِئَةِ السِّقَاءِ وأَدَمَتِه فيَفْسُد، يُقال: أَلِلَ السِّقَاءُ يَأْلَلُ، وكذلك إذا تَخَرَّقَ.
وسِقَاءٌ قد مَشى أَلَلاَه.
والمِئْلاَةُ: خِرْقَةٌ تكونُ مَعَ النّادِبَةِ في المَنَاحَةِ تَخْتَصِرُ بها، والجَمِيْعُ المَآلِي، وآلَتْ إيْلاَءً: اتَّخَذَتْ مِئْلاَةً.
والمُتَأَلِّيَةُ من النِّسَاءِ: المُسَلِّبَةُ التي لَبِسَتِ السِّلاَبَ والسَّوَادَ.
وأَيْلَةُ: اسْمُ بَلْدَةٍ.
وإيْلِيَاءُ: مَدِيْنَةُ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وأَيْلُوْلُ: اسْمُ شَهْرٍ من شُهُوْرِ الرُّوْمِ.
وأَوَالُ: قَرْيَةٌ على شاطِىءِ البَحْرِ.
والأَيِّلُ: الذَّكَرُ من الأوْعَالِ، والجَمِيْعُ الأَيَايِلُ، وهو الإِيَّلُ والأُيَّلُ أيضًا، وسُمِّيَ بذاكَ لأنَّه يَؤُوْلُ إلى الجِبَالِ يَتَحَصَّنُ بها.
والأَيِّل: ألْبَانُ الأَيَايِلِ.
والإِيَالُ: وِعَاءٌ يُؤَالُ شَرابًا ونَحْوَه، أُلْتُ الشَّرَابَ أَؤُوْلُ أوْلًا.
وآلَ الرَّجُلُ: فَرَّ ونَجَا، والآئِلُ: النّاجي.
ولا يَؤُوْلُ من فلانٍ شَيْءٌ: أي لَيْسَ له صَيُّوْرٌ.
وآلَ عن الشَّيْءِ: ارْتَدَّ عنه.
وآلَ عليه: أي أشْبَلَ وَعَطَفَ.
وآلَ اللَّبَنُ يَؤُوْلُ أَوْلًا وأُؤُوْلًا: إذا خَثَرَ، وكذلك البَوْلُ.
وآلَ لَحْمُ النّاقَةِ: ضَمُرَتْ وانْحَسَرَ لَحْمُها.
ورَدَدْتُه إلى إيْلَتِه: أي طَبِيْعَتِه وسُوْسِه.
وأُلْتُه: سُسْتُه.
والإِيَالَةُ: السِّيَاسَةُ، آلَه يَؤُوْلُه، ومنه: آئِلُ مالٍ.
وفي المَثَلِ: (أُلْنَا وإيْلَ عَلَيْنا)، وائْتَالَه ائْتِيَالًا: بمَعْنَاهُ.
وقد تكونُ الإِيْلَةُ: الأَقْرِبَاء الَّذِيْنَ يَؤُوْلُ إليهم في النَّسَبِ.
والمَوْئِلُ: المَلْجَأُ؛ مِنْ أُلْتُ، وكذلك المَآلُ.
وآلَ الشَّيْءُ: رَجَعَ، والأَوْلُ: المُرَاجَعَةُ.
وأَوِّلِ الحُكْمَ: أي أَرْجِعْهُ إلى أَهْلِهِ، وفي الدُّعَاءِ: أَوَّلَ اللهُ عليكَ.
والآلُ: السَّرَابُ.
وآلُ الرَّجُلِ: قَرَابَتُه وأهْلُ بَيْتِه، وتَصْغِيْرُهُ: أُهَيْلٌ.
وآلُ البَعِيْرِ: ألْوَاحُه وما أشْرَفَ من أقْطَارِ جِسْمِهِ.
وآلُ الخَيْمَةِ: عَمَدُها، والجَبَلِ: أطْرَافُه ونَوَاحِيْه.
وقَوْلُه: يا لَبَكْرٍ: أي يا آلَ بَكْرٍ، وهذه لاَمُ الاسْتِغَاثَةِ.
وأَلِيَّةُ الرَّجُلِ الدُّنْيَا: آلُهُ الأَدْنوْنَ.
ولِيْتُه: مَنْ يَلِيْه.
والآلَةُ: شَدِيْدَةق من شَدَائِدِ الدّهْرِ.
والحَالَةُ، هو بآلَةِ سَوْءٍ.
والطَّرِيْقَةُ.
والنَّعْشُ للمَيِّتِ.
وأَدَاةُ الصّانِعِ التي يَؤُوْلُ إليها ويَسُوْسُها.
والآيِلُ من النَّبَاتِ: حِيْنَ يُعْرَفُ كَثْرَتُه من قِلَّتِه، آلَ يَؤُوْلُ أُؤُوْلًا.
وأَلْيَةُ الشّاةِ والإِنْسَانِ، وكَبْشٌ آلَى وأَلْيَانٌ، ونَعْجَةٌ أَلْيَانَةٌ وآلَى وأَلْيَاءُ.
ورَجُلٌ أَلاّءٌ: يَبِيْعُ الأَلْيَةَ.
وأَلْيَةُ الخِنْصِرِ: اللَّحْمَةُ التي تَحْتَها.
وأَلْيَةُ الحافِرِ: مُؤَخَّرُه.
وامْرَأَةٌ أَلْيَانَةٌ؛ من نِسَاءٍ أَلاَءٍ وأَلْيَانَاتٍ.
وأَلْيَةُ الوادي: ذَنَبُه.
وأَلْيَةُ: مَاءٌ من مِيَاهِ بَني سُلَيْمٍ.
والأَوَائِلُ: من الأوَّلِ، ومنهم مَنْ يَقُوْلُ: أَوَّلُ: تَأْسِيْسُ بِنَائِه من هَمْزَةٍ وواوٍ ولامٍ، ومنهم من يقول: هو مِنْ وَاوَيْنِ بَعْدَهما لامٌ.
والأَوَّلُ والأُوْلى: بمَنْزِلَةِ أفْعَلَ وفُعْلى، والجَمِيْعُ الأُوْلَيَاتُ.
ورَأَيْتُه عامًا أَوَّلَ، ومَنْ نَوَّنَ حَمَلَه على النَّكِرَةِ.
ولَقِيْتُه غَدَاةَ الأَوَّلِ، وأُوْلى ثَلاَثِ لَيَالٍ.
ونَاقَةٌ أَوَّلَةٌ وجَمَلٌ أَوَّلُ: إذا تَقَدَّمَ الإِبِلَ.
وافْعَلْ ذاكَ أوَّلَ ذي أَوِيْلٍ: أي أَوَّلًا.
وأَولَ الرَّجُلُ: صارَ أَوَّلًا.
والأَوَّلُ: اسْمُ يَوْمِ الأَحَدِ.
وفلانٌ أُوْلى بأُوْلى: أي قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ.
والأُلُّ: لُغَةٌ في اَوَّلِ.
والتَّأَوُّلُ والتَّأْوِيْلُ: تَفْسِيْرُ الكَلاَمِ الذي تَخْتَلِفُ مَعَانِيْه.
وهو أيضًا: أَنْ تَنْظُرَ في وُجُوْهِ القَوْمِ أَيُّهُم تَنْتَقِرُ لأَمْرٍ، ومنه: تَأَوَّلْتُ في فلانٍ الأَجْرَ: إذا طَلَبْتَه وتَحَرَّيْتَه.
وقيل في قَوْلِ الأَعْشى:
ولكِنَّها كانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّها
أي مَرْجِعُه وعاقِبَتُه.
والتَّأْوِيْلَةُ: بَقْلَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيْحِ تَنْبُتُ في أَلْوِيَةِ الرَّمْلِ.
ويُقال من الإِيْلاَءِ: تَأَلّى وائْتَلَى: إذا حَلَفَ على أمْرِ غَيْبٍ.
وأُلَى: في لُغَةٍ يُقْصَرُ، وأهْلُ الحِجَازِ يَمُدُّوْنَ: أُلاَءِ.
والهاءُ في أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ إذا قال هَأُوْلئكَ في المُخَاطَبَةِ.
ويَقُوْلُونَ: أُلاَلِكَ فَعَلُوا: بمَعْنى أُوْلَئِكَ.
وهُمُ اللاّئِيْنَ فَعَلُوا ذاكَ واللاّؤُوْنَ: بمَعْنى الَّذِيْنَ.
وأَوْلَى: كَلِمَةُ تَلَهُّفٍ ووَعِيْدٍ.
وأُوْلُوْ، والمُؤَنَّثُ أُوْلاَتُ، والواحِدُ: ذُو.
ويقولونَ: (لا آتيْكَ أُلْوَةَ بنَ هُبَيْرَةَ) أي أَبَدًا.
وأُلْوَةُ: اسْمُ رَجُلٍ.
اليَلَلُ: قِصَرٌ في الأسْنَانِ والْتِزَاقُها مَعَ اخْتِلاَفِ نِبْتَةٍ، رَجُلٌ أَيَلُّ وامْرَأَةٌ يَلاّءُ، وقد يَلِلْتَ، وقَوْمٌ يُلٌّ.
وقُفٌّ أَيَلُّ: أي غَلِيْظٌ مُرْتَفِعٌ.
وحافِرٌ أَيَلُّ: قَصِيْرُ الُّنْبُكِ.
ويَلْيَلُ: اسْمُ جَبَلٍ، وقيل: مَوْضِعٌ، قال جَرِيْرٌ:
قَطَعَتْ حَبَائلَها بأعْلى يَلْيَلِ
وَلِيَ الوالي يَلي وِلاَيَةً، ووَلَى الشَّيْءَ يَلِيْه: بمَعْنى وَلِيَه.
والوِلاَيَةُ: مَصْدَرُ المَوْلى من فَوْقُ، والمُوَالاَةُ: اتِّخَاذُ المَوْلى.
والوَلاَءُ: مَصْدَرُ المَوْلى من تَحْتُ.
والوُلآءُ: القَوْمُ إذا كانوا يَدًا واحِدَةً.
وبَنُو فُلانٍ وَلاَءٌ على بَني فلانٍ: أي يَعْضُدُوْنَهُم، و (الوَلاَءُ للكُبْرِ).
وهُمْ وَلاَيَةٌ عَلَيَّ: أي مُتَوَالُوْنَ مُجْتَمِعُوْنَ.
ويُقال للوُلاَةِ: الوُلَى.
والوَلِيُّ: وَلِيُّ اليَتِيْمِ ونَحْوِه.
والأَوْلِيَةُ: جَمْعُ الوَلِيِّ؛ بمَنْزِلَةِ الأَوْلِيَاءِ.
والوَلاَيَا: المَوَالي، وكذلك المُوَالِيْنَ.
والمَوْلى: ابْنُ العَمِّ.
وتكونُ بمَعْنى الأُوْلى؛ كقَوْلِه عَزَّ ذِكْرُه: (هِيَ مَوْلاَكُم) أي هيَ أَوْلى بكم.
والمَوْلَى: الوَلِيُّ، واللهُ تَعالى مَوْلاَه: أي وَلِيُّه.
والمُوَالاَةُ: أنْ تُوَالِيَ بَيْنَ رَمْيَتَيْنِ أو فِعْلَيْنِ مَهْما كانَ.
وأَصَبْتُه بثَلاَثَةِ أسْهُمٍ وِلاَءً: على الوِلاَءِ.
والمُوَالاَةُ: التَّمْيِيْزُ والتَّفْرِيْقُ، وهو الوِلاَءُ أيضًا.
ووَالى غَنَمَه: أي عَزَلَهُنَّ، وتَوَالى بَنُو فلانٍ عن بَني فلانٍ: أي عَزَلَ كُلُّ واحِدٍ منهم إبِلَه على حِدَةٍ.
والوَلِيُّ: المَطَرُ الذي يَلي الوَسْمِيَّ، وُلِيَتِ الأرْضُ وَلْيًا فهي مَوْلِيَّةٌ.
والوَلِيَّةُ: الحِلْسُ، والجَمِيْعُ الوَلاَيا.
وقيل في قَوْلِ النَّمِرِ:
عَنْ ذَاتِ أَوْلِيَةٍ
إنَّه عَنى سَنَامًا شَبَّهَه بالوَلِيَّةِ وهي البَرْذَعَةُ، وقيل: جَمْعُ وَلِيٍّ للأَوْلِيَاءِ، وقيل: أكَلَتْ وَلْيًا من المَطَرِ.
والوَلاَيَا: القَبَائِلُ؛ كُلُّ قَبِيْلَةٍ: وَلِيَّةٌ.
ووَلّى الرَّجُلُ: إذا أَدْبَرَ، وتَوَلَّى: أجْمَعُ.
واسْتَوْلى على الشَّيْءِ: صارَ في يَدِه.
والوَلْيُ: القُرْبُ.
وأَوْلَيْتُ أنْ أفْعَلَ كذا: أي دَنَوْتُ أنْ أفْعَلَه، وأَقْرَبْتُ: مِثْلُه.
وأَوْلَى له: أي قارَبَ الهَلاَكَ والمَكْرُوهَ؛ وهو وَعِيْدٌ.
ويكونُ بمَعْنى اسْمٍ للتَّفْضِيْلِ: أي أدْنى لكَ وأقْرَبُ؛ من الوَلْيِ أيضًا، ومنه قَوْلُهم: شَطَّ وَلْيُ النَّوى.
والوَلْيُ: القَصْدُ، ومنه قيل للقَرَابَةِ: الوَلاَءُ والوَلاَيَةُ.
وهُمْ وَالِيَتُنا: أي جِيْرَانُنا الذين يَلُوْنَنا.
والوَيْلُ: حُلُوْلُ الشَّرِّ.
والوَيْلَةُ: الفَضِيْحَةُ والبَلِيَّةُ، والجَمِيْعُ الوَيْلاَتُ.
ووَيَّلْتُ فلانًا: أكْثَرْت له من ذِكْرِ الوَيْلِ.
وهما يَتَوَايَلاَنِ.
ووَيْلٌ وائلٌ: كقَوْلِهِم شُغْلٌ شاغِلٌ، ويُنْصَبُ.
وقيل: الوَيْلُ بابٌ من أبْوَابِ جَهَنَّمَ.
وتَوَيَّلَ فلانٌ: قال يا وَيْلاه.
ووَلْوَلَتِ المرْأةُ: قالتْ يا وَيْلَها، وتَوَلْوَلَتْ: مِثْلُه.
وقيل: الوَلْوَلُ ذَكَرُ الهامِ، وسُمِّيَ بذلك لأنَّه يُوَلْوِلُ أبَدًا.
وكانَ يُقال لسَيْف عَتّاب بنِ أَسِيْدٍ: وَلْوَلٌ.
والوَأْلُ: المَلْجَأُ، وكذلك المَوْئِلُ.
ووَأَلْتُ إليه: لَجَأْتُ؛ أَئِلُ.
والوَائلُ: اللاّجي.
وائْتَأَلْتُ على فلانٍ: أي اعْتَمَدْتُ عليه.
والمُسْتَوْئِلُ من الحُمُرِ: الذي يَلْتَجِىءُ إلى حِرْزٍ، وكذلك اسْتَوْلَى.
وذَهَبَ وَأْلي إلى كذا: أي وَهْمِي.
والوَأْلَةُ: أبْعَارُ الغَنَمِ قد اخْتَلَطَتْ بأبْوَالِها في مَرَابِضِها.
والمُوْئِلُ: المَكَانُ الكَثِيْرُ الوَأْلَةِ.
وأَوْأَلَ المَكَانُ.
والمُوَاءَلَةُ: مُلاَوَذَةُ الطائرِ بشَيْءٍ مَخَافَةَ الصَّيْدِ.
وإلَةُ الرَّجُلِ بوَزْنِ صِلَةٍ: هم الذين يَئِلُ إليهم ويَئِلُوْنَ إليه، وهؤلاءِ إلَتُكَ: أي الذي يَرْأَبُ الصَّدْعَ والقَدَحَ.
ويُصْلِحُ بَيْنَ النّاسِ، ووَأَلَ بَيْنَهم، ومنه وائلُ بنُ بَكْرٍ؛ وقيل: بَكْرُ بنُ وائلٍ.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
49-تهذيب اللغة (نعي)
نعي: وقال الليث: نعى يَنْعَى نَعْيًا.وجاءنا نَعْي فلان: وهو خبر موته.
والنعِيّ بوزن فعيل: نداء الناعي.
والنعِيّ أيضًا: هو الرجل الذي يَنْعَى.
ورُوي عن شدّاد بن أوس أنه قال: يا نَعَايا العرب.
قال أبو عبيد: قال الأصمعي وغيره، إنما هو في الإعراب يا نعاءِ العربَ تأويله: انعَ العرب، يأمر بنعيهم.
كأنه يقول: قد ذهبت العرب.
وقال أبو عبيد: خَفْضُ نَعَاءِ مثل قولهم قَطَام ودَراك ونزال.
وأنشد للكميت:
نعاء جُذاما غير مَوت ولا قتل *** ولكن فراقا للدعائم والأصل
قال: وبعضهم يرويه يا نُعْيان العرب.
فمن قال هذا أراد المصدر؛ يقال: نعيته نَعْيًا ونُعيانًا.
قلت: ويكون النُعْيان جمعًا للناعي، كما يقال لجمع الراعي: رُعْيان، ولجمع الباغي: بُغْيان وسمعت بعض العرب يقول لخَدمه: إذا جَنّ عليكم الليلُ فثقّبوا النيران فوق الآكام يَضْوِي إليها رُعياننا وبغياننا.
قلت: وقد يجمع النعِيّ نعايا، كما تجمع المَرِيّ من النوق مرايا، والصَفِيّ صفايا.
ومن قال: يا نعاء العربَ فمعناه: يا هذا انع العرب، ويا أيها الرجل انعهم.
ويقال: فلان ينعى على نفسه بالفواحش إذا شَهَر نفسه بتعاطيه الفواحش.
وكان امرؤ القيس من الشعراء الذين نَعَوا على أنفسهم بالفواحش، وأظهروا التعهّر.
وكان الفرزدق فَعُولًا لذلك.
ونعى فلان على فلان أمرًا إذا أشاد به وأذاعه.
وفلان ينعى فلانًا إذا طلب بثأره.
وكانت العرب إذا قُتل منهم رجل شريف أو مات، بعثوا راكبًا إلى قبائلهم ينعاه إليهم، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وقال أبو زيد: النَعِيّ: الرجل الميت.
والنَعْي: الفعل.
وقال ابن الأعرابي: الناعي المشنِّع.
يقال: نعى عليه أمره إذا قبَّحه عليه.
عمرو عن أبيه: قال يقال: أَنْعَى عَليه، ونعى عليه شيأ قبيحًا إذا قاله تشنيعًا عليه.
أبو عبيد عن الأحمر: ذهبت تميم فلا تُنْعَى ولا تُسْهى ولا تُنْهى أي لا تُذكر.
وتناعى بنو فلان في الحرب إذا نَعَوا قتلاهم ليحرّضوهم على الطلب بالثأر.
وقال الليث: النعِيّ: الناعي الذي ينعي.
وأنشد قوله:
قام النعِيّ فأسمعا *** ونَعَى الكريمَ الأروعا
قال: والاستغناء: شبه النفار.
قال: ولو أن قومًا مجتمعين قيل لهم شيء ففزعوا منه وتفرقوا نافرين لقلت: استْنَعوا.
والناقة إذا نفرت فقد استنعت.
وقال أبو عبيد في باب المقلوب: استناع واستنعى إذا تقدم، ويقال: عطف.
وأنشد:
ظلِلنا نعوج العِيس في عَرَصاتها *** وقوفًا ونستنعي بها فنصورها
وقال شمر ـ فيما أخبرني عنه الإياديّ ـ: استنعى إذا تقدم فذهب ليتبعوه.
ويقال: تمادى.
قال ورُبّ ناقة يستنعِي بها الذئبُ أي يعدو بين يديها وتتبعه، حتى إذا امّاز بها عن الحُوَار عَفَق على حوارها مُحضِرًا فافترسه.
وقال أبو عبيد: استناع واستنعى إذا تقدّم.
وأنشد:
وكانت ضربة من شَدْقَمِيّ *** إذا ما اسْتَنَّت الإبل استناعا
وقال أبو عمرو: استناع واستنعى إذا تمادى وتتابع.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
50-تهذيب اللغة (رقد)
رقد: قال الليث: الرُّقود: النوم بالليل، والرُّقاد: النوم.قلت: الرُّقاد والرُّقود يكونان بالليل والنهار عند العرب.
ومنه قول الله جلَّ وعزَّ: {قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} [يس: 52]، هذا قول الكفار إذا بُعثوا يومَ القيامة.
وانقطع الكلام عند قوله: {مِنْ مَرْقَدِنا} ثم قالت لهم الملائكة: {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52].
ويجوز أن يكون هذا من صفة المرقد وتقول الملائكة: حقّ ما وعد الرحمن.
والرقْدة: هَمْدةُ ما بين الدُّنيا والآخرة.
ويحتمل أن يكون المرقد مصدرًا، ويحتمل أن يكون موضعًا وهو القبر.
والنوم أخو الموت.
وقال الليث: الرَّاقُود: دَنٌّ كهيئة إِردبَّة يُسيَّع باطنُه بالقار.
وجمعُه الرواقيد.
وقال ابن الأعرابيّ في الراقُود نحوه.
أبو عبيد: الارقداد والارمداد: السُّرعة، وكذلك الإغذاذ.
ومنه قوله:
فَظلّ يرقَدُّ من النَّشاطِ
وقال: الارقداد: عَدْوُ النافر، كأنه قد نَفَر من شيء فهو يَرْقُدُّ.
يقال: أتيتُك مُرْقَدًّا.
ورَقْد: اسم جَبَلٍ أو وادٍ في بلاد قيس.
وأنشد ابن السكّيت:
كأرحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المناقِرُ
زلَّمَتْها، أي: سَوّتْها.
المنذريّ عن ابن الأعرابيّ: أرقدَ الرجلُ بأرض كذا إرقادًا، إذا أقامَ بها.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
51-تهذيب اللغة (فرش)
فرش: ثعلب، عن ابنِ الأعْرابيّ: فَرَشْتُ زَيدًا بِسَاطًا، وأَفْرَشْتُه وفَرَّشْتُه، إذا بَسَطْتَ له بِسَاطًا في ضِيَافَتِه، وأَفْرَشْتُه: أَعْطَيْتَه فَرَشًا من الإبل صغارًا أو كِبَارًا.وقال الليث الْفَرْشُ مَصْدَرُ فَرَشَ يَفْرُشُ، وهو بَسْطُ الفِراش، والْفَرْشُ: الزَّرْعُ الذي بثَلاث وَرَقات أوْ أكثر، ويقال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشًا، إذا جَعَلَ يُرَفْرِفُ على الشيء، وهي الشَّرْشَرَةُ والرَّفْرَفَةُ.
ويقال: ضَرَبَهُ فما أَفْرَشَ عنه حتى مات، أي ما أَقْلَعَ عنه، ونَاقَةٌ مَفْرُوشَةُ الرِّجْل، إذا كان فيها انْئِطَارٌ وانْحِنَاءٌ، وأَنشد:
* مَفْرُوشَةُ الرِّجْلِ فَرْشًا لَمْ يَكُنْ عَقَلَا*
وقال ابن الأعرابيّ: الْفَرْشُ مَدْحٌ، والعَقْلُ ذَمٌّ، والفَرْشُ اتّساعٌ في رِجْلِ البَعير، فإن كَثُرَ فهو عَقَل.
الليث: فَرَشْتُ فُلانًا، أَيْ فَرَشْتُ له، ويقال: فَرشْتُهُ أَمْرِي، أي بَسَطْتُه كُلَّه،
وافْتَرش فَلانٌ تُرابًا أو ثوبًا تحته، وافْتَرَشَ فلانٌ لسانَه يَتَكَلَّمْ كيف ما يشاء.
ورُوِي عن النَّبي صلى الله عليه وسلم «أَنَّه نَهَى في الصَّلاةِ عن افتِراشِ السَّبُع، وهو أن يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ ولا يُقِلَّهما عن الأرض، مُخَوِّيًا إذا سَجَدَ، كما يَفْتَرِشُ الكَلبُ ذِرَاعَيه» والذِّئبُ مثله إذا رَبَضَ عليهما ومَدَّهما على الأرْض.
قال الشاعر:
تَرَى السِّرْحَانَ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ *** كأَنَّ بَيَاضَ لَبَّتِهِ الصَّديعُ
ويقال: لَقِيَ فلانٌ فلانًا فافتَرَشَهُ، إذا صَرَعَه، والأرْضُ فِراشُ الأنام.
وقال الليث: يقال: فَرَشَ فلانٌ دارَه، إذا بَلَّطَها باجُرِّ أَوْ صَفِيح.
وفِراشُ اللِّسان اللحْمة الَّتي تَحْتَها، وفِراشُ الرَّأْسِ: طرائق رِقَاقٌ من القَحْفِ.
وقال أبو عُبيد: قال الأصمعيّ: المُنَقِّلَةُ من الشّجاج هي الَّتي يَخْرج منها فَراشُ العِظَام، وهي قِشْرَةٌ تكونُ على العَظمِ دون اللحم.
وقال النابغة:
* ويَتْبَعُهَا منهم فَرَاشُ الحَواجِبِ*
وقال الليث: فَرَاشُ القَاعِ والطِّين ما يَبِسَ بعد نُضُوب الماءِ من الطِّين على وَجْه الأرض.
وقال أبو عُبيد: الفراشُ أقلُّ من الضَّحْضَاح.
وقال ذو الرُّمة:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطَافُه *** فَراشًا وأَنّ البَقْلَ ذَاوٍ ويَابِسُ
وقال الزَّجاح في قوله الله: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: 4]: الفَراشُ: ما تراه كصغار الْبَقّ، يَتَهافَتُ في النار، شَبَّه الله تبارك وتعالى الناس يوم البَعث بالْجَرادِ المنْتَشر، وبالفَراشِ المبْثُوث؛ لأنهم إذا بُعِثُوا يَمُوجُ بعضهم في بعض كالجراد الذي يموجُ بعضه في بعض.
وقال الفراء في قوله: (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ): يريد كالغَوْغَاءِ من الجَرادِ يَرْكَبُ بعضُه بعضًا، كذلك الناسُ يومئذ يَجُول بعضهم في بعض.
وقال الليث: الفَرَاشُ: الذي يَطيرُ، وأنشد قوله:
أَوْدَى بِحِلْمِهُمُ الْفِياشُ فَحِلْمُهم *** حلْمُ الفَراشِ غَشِينَ نَارَ المُصْطَلي
قال: ويقال: للخفيف من الرِّجال: فَرَاشة.
قال: ويقال: ضَربَةُ فأطارَ فراشَ رأسه، وذلك إذا طارت العِظَامُ رِقاقًا من رأسه.
وكل رقيقٍ من عظم أو حديد فهو فَرَاشَة، وبه سُمِّيت فراشة القُفْل لرِقَّتها.
قال: والفراشَ: عظم الحاجب، والمِفْرَشُ: شيء يكون مثل الشَّاذَ كُونك.
قال: والمِفْرَشةُ تكون على الرَّحْل يَقعد
عليها الرجل، وهو أصغر من المفرش.
وفي «نوادر الأعراب»: أَفْرَشت الفرسُ، إذا استأنَتْ.
وقال أبو عُبيدة: الفَرِيشُ من الخيل: التي أتى عليها بعد وِلادَتها سبعة أيام، وبلغَت أن يَضرِبها الفَحْل، وجمعها فَرَائش.
وقال الشماخ:
رَاحَتْ يُقَحْمها ذُو أَزْمَلٍ وسَقَتْ *** لَهُ الفرائشُ والسُّلبُ القيَاديدُ
وقال الليث: جاريةُ فَريشٌ، قد افترَشها الرجل، فعيلٌ جاء من «افْتعل».
قلت: ولم أسمَع «جارية فريش» لغيره.
والفَرِيشُ من الحافرَ بمنزلة النُّفساءَ من النِّساء إذا طهرت، وبمنزلة العائِذ من الإبل.
عمرو عن أبيه: الفراشُ: الزَّوج، والفِراشُ: المرأة، والفِراش: ما يَنَامانِ عليه، والفِراش: البيتُ، والفِراش: عُشُّ الطَّائِرِ.
وقال الهُذَلِيّ:
* حتى انْتَهَيْتُ إلى فراشِ عزيزَةٍ*
أراد: وَكْرَ العُقاب.
والفَراش: موقع اللِّسان في قَعْرِ الفم.
وقال الفرَّاء في قول الله جلَّ وعزَّ: {وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142]، قال: الحَمُولةُ: ما أطاقَ العملَ والحمْل، والفَرْش: الصِّغار.
وقال أبو إسحاق: أجْمَع أهلُ اللغة على أنَ الفَرْشُ: صغارُ الإبل، وأنَّ الغَنَم والبقرِ من الفَرْش.
قال: والّذي جاء في التفسير يدل عليه قوله جلّ وعزّ: {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 143]، فلما جاءَ هذا بدلًا من قوله: {حَمُولَةً وَفَرْشًا}، جعله للبقَر والغنم من الإبل.
قلت: وأنشد غَيرُه ما يحقِّق قولَ أهلِ التفسير:
ولَنَا الحَامِلُ الحَمولةُ والفرْ *** شُ من الضَّأْنِ والحُصُونُ الشِّيوفُ
وأخبرني المنذريّ، عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ: قال: يقال: أفرَش عنهم الموت، أي ارْتَفع، ويقال: ضرَبهُ فما أفرَشَ عنه حتى قَتَله، أي أقْلعَ عنه.
قال: والفرْشُ: الغَمْضُ من الأرْض فيه العُرْفُط والسَّلَمُ، وإذا أكلته الإبل اسْتَرخَت أفواهها، وأنشد:
* كَمِشفرِ النّابِ تلوكُ الفرْشَا*
وقال الليث: الفرْشُ من الشجر والحطبِ: الدِّقُّ والصَّغار.
يقال: ما بها إلّا فرشٌ من الشجر.
قال: والفرْشُ من النّعَمِ التي لا تصلُح إلّا للذَّبح.
وقول النبي عليهالسلام: «الوَلدُ للفراشِ وللعاهِر الحجَر»؛ معناه أنّه لِمالك
الفراشِ، وهو الزَّوْج، ومالك الأمَة؛ لأنه يَفترشها بالحقّ، وهذا من مُخْتَصر الكلام.
كقوله جلَّ وعزّ: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها} [يوسف: 82]، يريد أهل القرية.
ويقال: افترشَ القومُ الطريق إذا سلكوه، وافترشَ فُلانٌ كريمةَ بني فلان فلمْ يُحسِن صُحْبَتَها إذا تَزَوَّجها؛ ويقال: فلان كريم متفرِّشٌ لأصحابه، إذا كان يَفْرشُ نفسَه لهم.
وقال أبو عبيدة: فراشا الكِتفَيْن: ما شخصَ من فُروعهما إلى أصْل العُنُق ومستَوى الظّهر.
وقال النضر: الفَراشَان: عِرْقَانِ أَخْضَرَان تَحت اللّسان، وأنشد:
خفيفُ النّعامةِ ذُو مَيْعةٍ *** كثيفُ الفراشةِ، ناتِي الصُّرَد
يصف فَرسًا.
أبو عُبَيد: الْفَراش: حَبَبُ الْعَرَق في قول لبيد:
* فَرَاشُ المَسِيحِ كالْجُمانِ الْمُحَبَّبِ*
وقال ابن شُميل: فَرَاشا اللِّجام: الْحَدِيدَتان اللَّتان يُرْبَطُ بهما الْعِذَارَان، والْعِذاران: السَّيْرَان اللَّذان يُجْمعان عند الْقَفَا.
وقال ابنُ الأَعرابيّ: الْفَرْشُ: الكَذِب، يقال: كم تَفْرُشُ!، أي كم تَكْذِبُ!.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
52-تهذيب اللغة (ثاد)
ثاد: أبو عُبيد: الثَّأَدُ النَّدَى نفسه، والثَّئِيدُ المكان النَّدِيُّ.وقال شمر: قال الأصمعيّ: قيل لبعض الأعراب: أَصِبْ لنا مَوْضعا أي اطلبه.
فقال رائدهم: وجدت مكانا ثَئِدا مَئِدا.
وقال ابن الأعرابيّ: الثَّأَدُ النَّدَى والقَذَر، والأمرُ القبيحُ.
وقال غيره: الأثْآدُ العُيوب، وأصله البَلَلُ.
وقال ابن السكيت: قال زيد بن كُثْوَة: بَعَثوا رَائدا فجاء وقال: عُشْبٌ ثَأْدٌ مَأْدٌ كأنَّه أَسْوُقُ نِساءِ بني سَعْدٍ.
وقال رائد آخر: سَيْلٌ وبَقْلٌ وبُقَيل فوجدوا الآخر أعقلهما.
أبو عُبَيد عن الفراء: الثَّأَدَاءُ والدَّأثاءُ الأمَة.
قال أبو عبيد: ولم أسمع أحدا يقول هذين بالفتح غير الفراء، والمعروف ثَأْدَاءُ ودَأْثَاءُ.
قال الكميت:
وما كُنَّا بني ثَأْدَاءَ لمَّا *** شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلُّ وَتْرِ
شمر عن ابن شميل: يقال للمرأة إنها لَثَأْدَةُ الخَلْق أي كثيرةُ اللَّحم، وفيها ثَآدةٌ مِثال سَعَادَةٍ.
وقال ابن زيد: ما كنتُ فيها ابن ثأْداء أي لم أكن عاجزا.
وقال غيره: لم أكن بَخيلا لَئيما، وهذا المعنى أَرادَهُ الّذي قال لعمر بن الخطاب عام الرَّمادة: لقد انْكَشَفتْ وما كنتَ فيها ابن ثأداء، أي لم تَكُنْ فيها كابن الأمة لئيما، فقال: ذاك لو كنتُ أنفق عليهم من مال الخطاب.
انتهى والله أعلم.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
53-تهذيب اللغة (رود ريدرأد)
[رود ـ ريد ـ رأد]: قال الليث: الرَّوْد مصدرُ فِعل الرائِد، يقال: بَعَثْنا رائدا يَرُود لنا الكلأ والمنزلَ ويرتاده، والمعنى واحد، أي ينْظُرُ ويَطْلُبُ ويختار أفضلَه.قال: وجاء في الشعر: بعثوا رادَهم أي رائدهم، ومن أَمثالهم: الرائدُ لا يَكْذِبُ أهلَه، يُضربُ مَثَلا لِلَّذي لا يَكْذِب إذا حَدَّث.
ويقال: رَادَ أهله يَرُودهم مَرْعًى أو منزلا رِيادا، وارْتادَ لَهُمْ ارْتيادا.
وفي الحديث: «إذا أراد أحدكم أن يَبُولَ فَلْيَرتَدْ لبوله» أي يرتاد مكانا دَمِثا لَيِّنا مُنحَدِرا لِئلا يَرْتَدَّ عليه بوله.
أبو عبيد عن أبي زيد: الرَّائد العُود الّذي يَقْبِض عليه الطَّاحِن.
قال الليث: والرائد الّذي لا منزل له، والرِّيدةُ اسم يُوضَعُ مَوضع الارْتِياد والإرادة.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الرَّيدَانةُ: الريحُ
الطَّيِّبَةُ.
وقال غيره: ريح رَيْدةٌ لَيِّنة الهبوب وأنشد:
* جَرَتْ عليها كُلُّ ريح رَيْدَةً*
وأنشد الليث:
إذا رِيدَةٌ مِن حيثُ ما نَفَحَتْ له *** أتاهُ بِريَّاها خَلِيلٌ يُوَاصِلُه
قال ويقال: ريح رُود أَيْضا.
وقال الأصمعيّ: الرَّادَةُ من النساء غير مهموز التي ترود وتَطُوف، وقد رَادت ترود رَوَدَانا، قال: والرَّأدة بالهمزة والرُّؤُودَةُ على وزن فُعُولة كل هذا السرِيعةُ الشباب في حسن غِذَاء، وقال غيره: تَرأَدَتِ الجاريةُ تَرَؤدا وهو تَثَنِّيها من النَّعْمة.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الرَّأْدُ: رَأْدُ اللَّحْيِ وهو أصله النَّاتِىءُ تحت الأذن والجمع أرْآد، والمرأة الرُّؤْدُ وهي الشابة الحسنة الشباب، وتُجمع أرآدٌ أيضا، وامرأة رَادَةٌ في معنى رُؤْدٌ، وقد تَرَأَّدَ إذا تَفَيَّأ وتثنَّى، قال: وَرَادَتْ الريحُ تَرودُ رَوَدانا إذا تحركتْ وجالتْ وَنَسَمتْ تَنْسِمُ نَسَمانا إذا تحركتْ تحرُّكا خفيفا.
الحراني عن ابن السكيت قال: الرَّيْدُ حَرْفٌ من حروف الجَبَل وجمعه رُيُود.
قال: والرِّئْدُ التِّرب يقال: هو رِئْدها أي تِرْبها والجميع أرْآدٌ.
وقال كثير فلم يُهْمِزْ:
وقد درَّعوها وهي ذاتُ مُؤَصَّدٍ *** مَجُوبٍ لَمَّا يَلْبَسِ الدِّرعُ رِيدُها
وقال أبو زيد: تَرَأَّدْتُ في قيامي تَرَؤُّدا، وذلك إذا قُمتَ فأخذتك رِعْدةٌ فِي قيامك حتى تَقومَ.
وقال الليث: الرَّأْدُ: رَأْدُ الضُّحى وهو ارتفاعها.
يقال: تَرحَّلَ رأْدَ الضحى وَتَرَأَّد كذلك، وتَرَأَّدَتِ الحَيَّةُ إذا اهْتَزَّتْ في انْسيابها وأنشد:
كأَن زِمَامها أَيمٌ شُجاع *** تَرَأَّدَ في غُصونٍ مُغْطئلَّه
قال: والجارية الممشوقة تَرَأَّدُ في مِشْيَتِها، ويقال للغُصن الّذي نَبَتَ من سَنَته أَرْطَب ما يكون وأَرْخصه: رُؤْدٌ، والواحدة رُؤْدَةٌ، وسمِّيت الجاريةُ الشابةُ تشبيها به، قال: والرِّيد بلا همزة الأمر الّذي تريده وتزاولُه، والرّئْدُ التِّرب مهموز.
أبو عبيد عن أصحابه: تكبيرُ رُوَيْدُ: رَوْدٌ وأنشد:
يَمْشِي ولا تَكْلِمُ البَطْحَاءَ مِشيتُه *** كأَنه فاتر يَمْشِي عَلَى رُودِ
وأفادني المنذري لسيبويه من كتابه في تفسير قولهم: رُوَيْدَ الشعر يَغِبُّ قال: سمعنا من يقول: والله لو أردتَ الدراهم لأعطيتك رُوَيْد ما الشعر، يريد أرْوِد
الشعر، كقول القائل: لو أَرَدْت الدراهم لأعطيتك فَدعْ الشعرَ، فقد تبين أن رُوَيْدَ في موضع الفعل ومُتَصَرّفةٌ تقول: رُوَيْدَ زَيْدا كأنما تقول: أَرْوِدْ زيدا وأنشد:
رُوَيْدَ عَلِيّا جُدَّ ما ثَدْيُ أُمَّهم *** إلينا ولكنْ وُدُّهُم متمَايِنُ
وتكون رُوَيدا أيضا صفة لقولك ساروا سيرا رويدا، ويقولون أيضا: ساروا رُويدا فتحذف السير وتجعله حالا به، وصف كلامه واجتزأ بما في صدر حديثه من قولك: سار عن ذكر السِّير، ومن ذلك قول العرب: ضَعه رويدا أي وَضْعا رويدا.
قال: وتكون رُوَيدا للرجل يُعالج الشيءَ رُوَيدا إنما يريد أن تَقول عِلاجا رويدا فهذا على وجه الحال إلا أَنْ يَظْهَر الموصوفُ به فيكون على الحال وعلى غير الحال.
قال: واعلم أن روَيدا يَلْحَقها الكافُ وهي في موضع افْعَلْ وذلك قولك: رُوَيدك زيدا، ورُويدكم زيدا، فهذه الكاف التي أُلْحِقت لِيَتَبَيَّنَ المخاطَبُ في رُوَيدا؛ إنما أُلحقت المخصوصَ لأن رويدا قد يقع للواحد والجميع والمذكر والأنثى؛ فإنما أدخل الكاف حيث خِيفَ التباسُ مَن يُعْنَى ممن لا يُعْنَى؛ وإنما حُذِفتْ من الأول استغناء بعلم المخاطب، أنهُ لا يَعْني غيره؛ وقد يقال: رُوَيدك لمن لا يخاف أن يلتبس بمن سواه توكيدا، وهذا كقولك: النَّجاءَك والوَحَاكَ، تكون هذه الكاف عَلَما لِلمأمورين والمنهيِّين.
وقال الليث: إذا أردت برويدا الوعيد نصبتها بلا تنوين وأنشد:
رُوَيْدَ تُصاهِلْ بالعراق جِيادنا *** كَأَنَّكَ بالضَّحاكِ قد قام نادِبُه
وإذا أَردتَ برويدَ المُهلة والإروادَ في المَشْي فانصبْ ونَوِّنْ تقول: امشِ رُوَيدا.
قال: وتقول العرب: أرْوِدْ في معنى رويدا المنصوبة قال: والإرادةُ أصلُها الواو، ألا ترى أنك تقول: رَاوَدْتُه أي أَردتُه على أن يفعل كذا؛ وتقول: رَاوَدَ فلانٌ جاريتَه عن نفسها وراودَتْه هي عن نفسِه إذا حاول كل واحد منهما من صاحبه الوطء والجماع؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ: {تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف: 30] فجعل الفِعل لها، والرَّوائدُ من الدَّواب التي ترتع ومنه قول الشاعر:
كَأَنَ رَوَائدَ المُهْراتِ مِنْها*
ويقال: رَادَ يَرود إذا جاءَ وذَهب، ولم يَطمئن، ورجلٌ رائد الوِساد إذا لم يَطْمَئن عليه، لِهَمٍّ أَقْلَقَه، وبات رائدَ الوساد وأنشد:
تَقُولُ له لما رَأَتْ جَمْعَ رَحْلِه *** أَهذا رئيسُ القوم رَادَ وِسَادُها
دعا عليها بألَّا تَنام فَيَطْمئن وِسادُها.
وفي الحديث: «الحُمَّى رَائِدُ الموت» أي رَسولُ الموت كالرَّائِدِ الّذي يُبْعث لِيرْتادَ مَنزِلا.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
54-معجم العين (بعث)
بعث: البَعْثُ: الإِرسالُ، كبعث الله من في القبور.وَبَعَثْتُ البعيرَ أرسلتُه وحللت عِقالُه، أو كان باركًا فَهِجْتُهُ.
قال:
أُنيخها ما بدا لي ثم أَبْعَثُها *** كأنها كاسر في الجو فتخاء
وبعثته من نومه فانبعث، أي: نبّهته.
ويومُ البَعْثِ: يومُ القيامة.
وضرب البَعْثُ على الجند إذا بعثوا، وكل قوم بُعِثوا في أمرٍ أو في وَجْه فهم بَعْثٌ.
وقيل لآدم: ابعَثْ بَعْثَ النار فصار البَعْثُ بَعْثًا للقوم جماعة.
هؤلاء بَعْثٌ مثل هؤلاء سفر وركب.
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
55-معجم العين (رقد)
رقد: الرُّقادُ والرُّقودُ: النوم بالليل، والرقدة أيضًا: همدة ما بين الدنيا والآخرة ويقول المشركون: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا.إذا بعثوا، فردت الملائكة: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ.
والرّاقودُ: حب كهيئة الأردبة يسيع داخله بالقار، ويجمع رواقيد.
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
56-معجم العين (نفض)
نفض: النَّفَضُ: ما تساقَطَ من غير نَفضٍ في أُصول الشَّجَر من أنواع الثَّمَر.ونُفُوضُ الأرضِ: راشانُها، بمعنى التُّراب، وهي فارسية، إِنَّما هي أشرافها، وقيل: تُفُوض الأرض التُّرابُ يُلقَى على شَطِّ النَّهْرِ من النَّهْر.
والنُّفاضةُ: ما انتَفَضَ من التَّمْر.
والنَّفَضَةُ: قومٌ يُبْعَثونَ إلى عَدُوِّهم ينفُضُونَ الارضَ مُتَجّسسين لينظروا هل فيها عدوّ أو خوف.
واستَنْفَضَ القومُ: بعثوا النفضة.
وفلان نَفيضةٌ اذا كانَ ينفُضُ الطريقَ وحدَه، قال الفرزدق:
تَرِد المِياهَ حَضيرةً ونَفيضةً *** وِرْدَ القَطاةِ اذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
وقال آخر:
أقْبَلَتْ تنفض الخَلاءَ برجليها *** وتَمشي تَخَلُّجَ المَجْنونِ
والحَضيرةُ: الجماعةُ من القوم، والنَّفيضةُ الواحدة.
والنّافِضُ: الحُمَّى ورِعْدَتُها ونَفَضانُها، ونَفَضَتِ الحُمَّى، وأخَذَتْه الحُمَّى بنافِضٍ وصالبٍ.
والإنفاضُ: ذَهاب الزّادِ، وأنْفَضَ القَومُ.
وأنْفَضَت جُلّةُ التَّمْر اذا نَفَضْتَ ما فيها من التَّمْر.
والنَّفَضُ من قضبانِ الكرم بعد ما ينْضُر الوَرَق وقبلَ أن يَتَعَلَّقَ حَوالقُه وهو أَغَضُّ ما يكون وأرخَصُه، وقد انتفَضَ الكَرْمُ عند ذلك، والواحدة نفضة.
والنَّفْضُ: ما ماتَ من النَّحْل في المُعَسَّل.
والنَّفَضُ: ما كانَ من الأرَضَين ليس بمعمور.
ونَفَضَ الثَّوبُ: ذَهَبَ صِبْغُه.
وتَنَفَّض الرجلُ: قَضَى حاجتَه.
والنِّفاض: إِزارٌ من أزُرُ الصِّبيان، قال:
جاريةٌ بيضاءُ في نِفاضِ
(ويقال: استَنْفَضَ ما عنده أي استَخرَجَه، وقال رؤبة:
صَرّح مَدْحي لك واستِنفاضي)
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
57-معجم العين (فرط)
فرط: الفَرْطُ: الحِينُ من الزَّمانِ.والفَرَطُ: ما سبق من عمل وأجر.
وفُرِطَ له ولدٌ: مات صغيرًا.
وفي الدّعاء: اللهمّ اجعله لنا فَرَطًا
أي: أجرًا يتقدّمُنا حتى نرد عليه.
والفارِطُ: الذي يسبِق القوم إلى الماء.
والفارطانِ: كوكبانِ مُتباينانِ أمامَ سرير بناتِ نَعْش، شُبِّها بالفارط الذي يبعثه القوم لحَفْر القَبر، قال أبو ذؤيب:
وقد بعثوا فُرّاطَهُم فتأثّلوا *** قليبًا سفاها كالإماء القواعد
وأفراط الصّباح: أَوائلُ تَباشِيره، الواحدُ: فُرطٌ، قال
باكَرْتُهُ قبل الغَطاط اللُّغَّطِ *** وقَبلَ جَوْنِيِّ القَطا المُخَطَّط
وقَبْلَ أَفْراطِ الصَّباحِ الفُرَّطِ
وفَرَطَ إلينا من فُلانٍ خيرٌ أو شرٌّ، أي: عَجِلَ، ومنه قوله جل وعز: إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا، أَوْ أَنْ يَطْغى، أي: يَسْبق ويَعجَل.
وفرّط علينا، أي: عَجَّل علينا بمكروه.
والإفراطُ: إعجالُ الشّيء في الأَمْر قبل التَّثبُّت.
وأَفْرَط فُلانٌ في أمرِهِ، أي: عَجِل فيه وجاوز القَدْر.
والسَّحابةُ تُفرِطُ الماءَ في أوّل الوسمّي، إذا عجّلتْ فيه.
قال كَعْب بن زُهَير:
تجلو الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَةُ *** من صَوْبِ سارية بيض يعاليل
والفَرَطُ: الأَمْر الذّي يُفَرِّط فيه صاحبُه، وتقول: كلّ أمرٍ من فلانٍ فَرَط.
وفرّط فلانٌ في جَنب الله، أي: ضَيَّع حظّه من عندِ الله في اتّباع دينه ورضوانه.
وفرّط اللهُ عنه ما يكرهُ، أي: نجّاه، يستعمل في الشِّعْر.
وكلّ شيءٍ جاوز قدره فهو مُفْرِطٌ.
طُولٌ مُفْرطِ، وقِصَرٌ مُفرِط.
وتفارطته الهُمومُ، أي: لا تُصيِبهُ الهمومُ إلاّ في الفَرْط.
وفَرَسٌ فُرُطٌ: السّريع الذي يتقدّم الخيلَ ويَسبِقُها، قال لبيد:
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تَحْمِلُ شِكَّتي *** فُرُطٌ، وِشاحي، إذ غدوتُ، لجامُها
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
58-معجم العين (رود)
رود: الرَّوْد: مصدر فعل الرائد، يقال: بَعَثْنا رائدًا يرود لنا الكَلأَ والمنزِلَ، ويَرتادُه بمعنى واحد أي يطلبُ وينظر فيختار أفضَله، وجاء في الشعر: بَعَثوا رادَهم أي رائدَهم.ومن أمثالهم: الرائدُ لا يكذِبُ أهلَه، يُضرَبُ مثلًا للّذي لا يكذب إذا حَدَّثَ.
ويقال: رادَ أهلَه يَرودَهم مَرْعىً أو مَنزِلًا ريادًا، وارتادَ لهم ارتيادًا.
وفي الحديث: إذا أراد أحدُكم أن يبُولَ فليَرْتَدْ لبَولِه
أي يرتاد مكانًا دَمِثًا لينا منحدرا لئلاّ يرتَدَّ عليه بَولُه.
والرائد: الذي لا منزلَ له.
والإِرادة أصلها الواو، ألا ترى أنك تقول: راوَدْتُه أي أردْتُه على أن يفعَلَ كذا، وتقول: راوَدَ فلانٌ جاريتَه عن نفسها، وراوَدَته هي عن نفسه إذا حاوَل كلٌّ منهما من صاحبه الوَطْءَ والجماعَ، ومنه قول الله- جلَّ وعزَّ-: تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ، فجَعَل الفعل لها.
والرّوائد من الدَّوابِّ: التي ترتَع ومنه قول الشاعر:
كأنَّ رَوائد المُهْرات منها
ويقال: رادَ يَرودُ إذا جاء وذَهَبَ، ولم يَطْمَئِنَّ، ورجل رائدُ الوِساد إذا لم يَطمِئنَّ عليه، لهم أقلقه، وبات رائدَ الوِسادِ، وأنشد:
تقولُ له لما رأتْ جمع رَحْلِهِ *** أهذا رئيسُ القومِ.
راد وسادها
دَعَا عليها بألاّ تنام فيطمَئِنَّ وسادُها.
وفي الحديث: الحُمَّى رائد الموتِ
أي رسولُ الموت كالرائدِ الذي يُبعَث ليرتادَ منزِلًا.
والرِّيدةُ اسمٌ يوضَعُ موضعَ الارتياد والإِرادة.
والرِّيدة: ريحٌ رَيْدةٌ ليِّنةُ الهبوب، وأنشَدَ:
إذا رِيدةٌ من حيث ما نَفَحَت له *** أتاه برَيّاها خليل يُواصلُهْ
ويقال: ريح رود أيضا.
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م