نتائج البحث عن (بِعْثَتَهُ)
1-العربية المعاصرة (أرهص)
أرهصَ ب يُرهص، إرهاصًا، فهو مُرهِص، والمفعول مُرهَص به.* أرهص بالشَّيء: تنبَّأ به وتوقَّعه (أرهصوا بوقوع الحرب).
إرْهاص [مفرد]:
1 - مصدر أرهصَ ب.
2 - أَمرٌ خارق للعادة يظهره الله على يد نبيّ قبل بعثته، يكون من مُقَدِّمات النُّبُوَّة (كان ذلك إرهاصًا للنبوة).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (فضل)
فضَلَ/فضَلَ على يَفضُل، فَضْلًا، فهو فاضِل، والمفعول مفضول عليه.* فضَل الشَّيءُ:
1 - زاد على حاجته (أنفق ما فضل من ماله على الفقراء).
2 - بقِي (رغم إسرافه فضَل معه مالٌ- هل فضَل معك شيء؟).
* فضَل فلانٌ على غيره: إذا غلب بالفضل عليهم (الفضل للمبتدي وإن أحسن المقتدِي).
فضُلَ يَفضُل، فُضولًا، فهو فاضِل.
* فضُل الرجلُ: اتصف بالفضيلة؛ بدرجة رفيعة من حسن الخلق (فضُلت امرأة- فضُل أقاربه- شخصٌ فاضِل- امرأةٌ فاضلة).
* فضُل الشَّيءُ: تميَّز {وَيَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ} [قرآن]).
أفضلَ على/أفضلَ من يُفضل، إفضالًا، فهو مُفْضِل، والمفعول مُفْضَل عليه.
* أفضل عليه:
1 - زاد (رأيت صفَّهم قد أفضل على صفِّنا).
2 - أناله من فضله وأحسن إليه، أنعم عليه.
* أفضل عليه في الحسب: صار أفضل منه.
* أفضل منه: ترك منه بقية (أكل الطعام وأفضل منه).
استفضلَ/استفضلَ من يستفضل، استفضالًا، فهو مستفضِل، والمفعول مستفضَل.
* استفضل الشَّيءَ: أخذه زائدًا على حقِّه (أخذ حقَّه واستفضل ألْفًا).
* استفضل من الشَّيءِ: أبقى منه بقيَّة (أنفق الثَّروة كلَّها ولم يستفضل منها شيئًا).
تفاضلَ يتفاضل، تفاضُلًا، فهو مُتفاضِل.
* تفاضل القومُ: تنافسوا في الفضل (تفاضل أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- في أعمال البرِّ).
تفضَّلَ على يتفضّل، تفضُّلًا، فهو مُتفضِّل، والمفعول مُتفضَّلٌ عليه.
* تفضَّلَ عليه:
1 - أحسن إليه، أنعم عليه (يتفضّل على الفقراء بماله وعطفه).
2 - ادّعى الفضل عليه، تميَّز وتفوَّق (تفضَّل على زميله في العمل- {مَا هَذَا إلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} [قرآن]).
3 - تكرَّم، تلطَّف (تفضّل بقبول الدعوة- تفضَّل بالإجابة عن سؤاله) (*) تفضَّلْ (بصيغة الأمر): دعوة للمخاطب إلى الدخول أو الجلوس أو تناول شيء أو نحو ذلك- وتفضَّلوا بقبول بالغ الاحترام/وتفضَّلوا بقبول فائق الاحترام: عبارة تُذيَّل بها الرَّسائل.
فاضلَ يفاضل، مُفاضَلةً وفِضالًا، فهو مفاضِل، والمفعول مُفاضَل (للمتعدِّي).
* فاضل بين الشيئين: وازن بينهما ليحكم بفضل أحدهما على الآخر (فاضل بين وظيفتين).
* فاضل فلانًا: فاخره، غالبه في الفضل (فاضل صديقَه ففضَله).
فضَّلَ يفضِّل، تفضيلًا، فهو مُفضِّل، والمفعول مُفضَّل.
* فضَّله على غيره: ميّزه عليه، حكم له بالفضل عليه، عدَّه أحسن منه (فضَّل الموتَ على الخيانة- فضَّل صديقَه على نفسه- {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ} [قرآن]).
أفضلُ [مفرد]: جمعه أفضلون وأفاضِلُ، والمؤنث فُضْلَى، والجمع المؤنث فُضْلَيات وفُضَل: اسم تفضيل من فضُلَ: أحسن، أوفق، أتمّ (عرض الموضوع بصورة أفضل- فُضليات السيِّدات- الحل الأفضل- هذا أفضل من ذاك).
* الأفضلان: العَدْل والنَّظر.
أفضليَّة [مفرد]: مصدر صناعيّ من أفضلُ: زيادة في الفضل على مفضول، أوّلية، أوْلويّة، استحقاق (من حيث المنزلة) (نستورد هذا المنتج بسبب أفضليته) (*) الأفضليّة لكذا: يُفضَّل كذا على غيره.
تفاضُل [مفرد]: مصدر تفاضلَ.
* حساب التَّفاضُل: [في الجبر والإحصاء] فرع الرياضيّات الذي يبحث في المفاضلة أو المقارنة أو الموازنة بين جزئيات كميتين بينهما ارتباط بإيجاد معدّل تغير إحداهما بالنسبة للأخرى (درس حساب التفاضل في المرحلة الثانوية).
تفاضُليّ [مفرد]: اسم منسوب إلى تفاضُل.
* السِّعر التَّفاضليّ/المعدَّل التَّفاضليّ: اختلاف في قيمة الأجر المدفوع للعمل نفسه لاختلاف الظُّروف.
* أجور تفاضليّة: أجور تتفاوت بحسب الظروف.
تفضيل [مفرد]: مصدر فضَّلَ.
* أفعل التَّفضيل/اسم التَّفضيل: [في النحو والصرف] صيغة تدل على وصف شيء بزيادة على غيره.
فاضِل [مفرد]: جمعه فاضلون وفُضَلاءُ، والمؤنث فاضلة، والجمع المؤنث فاضلات وفواضل: اسم فاعل من فضُلَ وفضَلَ/فضَلَ على.
* الفاضِل: تُستخدم في الخطاب المباشر خاصَّة في التَّحيّات (الأستاذ الفاضل).
فُضالة [مفرد]: جمعه فُضالات:
1 - فَضْلة، بقيّة الشَّيء (فُضالة الطعام/المائدة/احتراق الخشب).
2 - مادّة ثانويّة تُستخلص خلال تصنيع مادة رئيسيّة.
فَضَّال [مفرد]: صيغة مبالغة من فضُلَ وفضَلَ/فضَلَ على: (المؤمن فضَّال على غيره: كثير الفضل).
فَضْل [مفرد]: جمعه فُضول (لغير المصدر):
1 - مصدر فضَلَ/فضَلَ على (*) بفضْل كذا: بسببه- فضلًا عن/فضلًا على: من باب أولى، بالإضافة إلى، علاوة على- كان له الفضل في كذا/يرجع إليه الفضل في كذا: لولاه ما تحقق- مِنْ فضلك: أرجوك (تُستخدم كطلب مُهذَّب).
2 - إحسان بلا مقابل، هِبة، نعمة (كان من أصحاب الفضل- هذا من فضل ربي- {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ} [قرآن] - {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [قرآن]: بالإسلام أو القرآن).
3 - زيادة، بقيّة (تصدَّقْ من فضل مالِك).
4 - رزق {يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [قرآن].
* ذو الفضل: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المُنعِم بما لا يلزمه {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [قرآن].
* ربا الفضل: [في الفقه] بيع الشيء بهدف زيادة العوض أو مضاعفته، كأن يبيع أحدهم رطلًا برطلين، أو يقرض مبلغًا من المال بهدف الحصول عليه فيما بعدُ مضاعفًا.
فَضْلة [مفرد]: جمعه فَضَلات وفَضْلات وفِضال:
1 - فُضالة، بقيَّة الشَّيء (فَضَلات المائدة- فَضْلة طعام) (*) فَضَلات الجسم: ما يخرج منه من براز وبول.
2 - قطعة متبقّية من طاقة الثوب بعد البيع منها (اشترت فَضْلَة قماش لتصنع ثوبًا).
3 - [في النحو والصرف] ما يمكن حذفه من الجملة والاستغناء عنه، عكسه عُمْدة.
فُضْلى [مفرد]: جمعه فُضْلَيات وفُضَل: مؤنَّث أفضلُ: (الاستقامة هي السياسة الفُضْلى- فُضْليات السيدات).
فُضول [مفرد]:
1 - مصدر فضُلَ.
2 - ما لا فائدة فيه (إنَّ هذا من فُضول الكلام).
3 - تطفُّل، تدخُّل المرء فيما لا يعنيه (أثاره فُضوله- تطلّع إليه بفضول).
4 - رغبة في المعرفة (الطفل لديه فضول زائد- أذكى ذلك من فُضُولها: أثارها).
* فُضول البدن: [في الطب] ما يخرج منه طبيعيًّا بدون معالجة كالعرق والرِّيق.
* فُضول مرضيّ: [في علوم النفس] فضول ناتج من اختلال نفسيّ، فضول يظهر على نحو شبيه بالاضطراب العقليّ ويدل عليه.
* حلف الفضول: حلف جرى بين قبائل من قريش أيام الرسول صلّى الله عليه وسلّم قبل بعثته تعاهدوا فيه على ألاّ يجدوا مظلومًا في مكّة إلاّ نصروه.
فُضوليّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى فُضول: مُتطَفِّل؛ من يتدخل فيما لا يعنيه (لا تكن فضوليًّا- جارٌ فُضوليّ).
2 - [في الفقه] مَنْ لم يكن وليًّا ولا وصيًّا ولا أصيلًا ولا وكيلًا.
فضيل [مفرد]: جمعه فُضَلاءُ: فاضِل، مُتَّصف بالفضيلة، حسن الخلق (كان شخصًا فضيلًا- أيها السادة الفضلاء) (*) الشَّهرُ الفضيل: شهر رمضان.
فَضيلة [مفرد]: جمعه فَضائلُ:
1 - درجة رفيعة في الفضل وحسن الخلق، ميزة أخلاقيّة، عكسها رذيلة (الصبر فضيلة- ربُّوا البنات على الفضيلة) (*) أمّهات الفضائل: الحكمة- العفة- الشجاعة- العقل.
2 - لقب يسبق اسم الملك أو المفتي أو الشيخ، أو غيرهم من أصحاب المقامات الرَّفيعة (فضيلة شيخ الأزهر/المفتي) (*) صاحب الفضيلة: لقب يسبق الشيخ أو عالم الدِّين.
3 - مَزِيّة (فضيلة العقل إحكام الفكر- فضيلة السفر بالطائرة سرعة الوصول وقلة الجهد) (*) أمُّ الفضائل: كنية العلم.
فواضلُ [جمع]: مفرده فاضلة:
1 - نساء فاضلات.
2 - نعم جسيمة.
* فواضل المال: غلة الأرض وأرباح التجارة وغيرها.
مُفاضَلة [مفرد]:
1 - مصدر فاضلَ: (لا مفاضلة بينهما).
2 - [في علوم النفس] عملية تفكير يوازن فيها بين أمرين بقصد اختيار أحدهما.
مِفضال [مفرد]: مؤنثه: مِفْضال ومِفْضالَة: صيغة مبالغة من فضُلَ وفضَلَ/فضَلَ على: كثير الفضل والعطاء (رجل مِفضال: ذو معروف- امرأة مِفْضال/مِفْضالَة).
مُفضَّل [مفرد]:
1 - اسم مفعول من فضَّلَ.
2 - مُقرَّب (صديقه المفضَّل).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-العربية المعاصرة (نصر)
نصَرَ يَنصُر، نَصْرًا ونُصْرةً، فهو ناصر، والمفعول مَنْصور.* نصَر مظلومًا: أيَّده وأعانه ونجده (عقد له لواءَ النصر- هبَّ أصحابُه إلى نُصْرته- نصره الله على عدوِّه- انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا [حديث] - {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [قرآن]).
* نصَره من عدوِّه: خلَّصه وحماه ونجَّاه منه {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [قرآن].
استنصرَ/استنصرَ ب يستنصر، استِنصارًا، فهو مُستنصِر، والمفعول مُستنصَر.
* استنصر فلانًا/استنصره على فلانٍ: طلب منه النُّصرةَ والإغاثة والإعانة والتَّأييد {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [قرآن].
* استنصرَ بفلان: استنجده، استغاث به (استنصر بجاره عند هجوم اللصوص عليه).
انتصرَ/انتصرَ على/انتصرَ من يَنتصِر، انتصارًا، فهو مُنتصِر، والمفعول مُنتصَرٌ عليه.
* انتصر الرَّجُلُ: امتنع وقاوم {هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ} [قرآن].
* انتصر على خصمه: غلبَه وقهره واستظهر عليه (قائدٌ منتصر- انتصار الحقّ/ساحق في الانتخابات- انتصر المجاهدون على جيوش الاستعمار- أعظم المنتصرين مَن انتصر على نفسه [مثل أجنبيّ]).
* انتصر من عدوِّه: انتقم منه {وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ} [قرآن].
تناصرَ يتناصر، تناصُرًا، فهو مُتناصِر.
* تناصر القومُ: أيَّد بعضُهم بعضًا، وتعاونُوا على النّصر (تناصر الحلفاءُ على العدو- {مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ} [قرآن]).
* تناصرتِ الأخبارُ: صدّق بعضُها بعضًا (توالت أنباء الحادث تتناصر).
تنصَّرَ/تنصَّرَ ل يتنصَّر، تنصُّرًا، فهو مُتنصِّر، والمفعول مُتنصَّرٌ له.
* تنصَّر الشَّخصُ: دخل في النصرانيَّة (تنصَّر وثنيُّون- شعبٌ مُتنصِّر).
* تنصَّر لصديقه: سعى في نصرِه (تنصَّر لمظلوم- متنصِّرٌ للحقِّ).
ناصرَ يناصر، مُناصرةً، فهو مُناصِر، والمفعول مُناصَر.
* ناصر صديقَه في الانتخابات: نصَره، أيّده، عاوَنه على أمره (ناصر جارَه في وجه المعتدي- ناصَر أخاه/أصدقاءه/الحكومَة/قضيّة/حزبًا/القانونَ/مبدأً- مناصِر للحقِّ- مناصَرة المبادئ).
نصَّرَ ينصِّر، تنصيرًا، فهو مُنصِّر، والمفعول مُنصَّر.
* نصَّر ولدَه: جعله نصرانيًّا (نصَّر بلدًا- شعبٌ مُنصَّر- سياسة التنصير- كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) [حديث].
أنصار [جمع]: مفرده نصير وناصِر: أتباع ومدافعون (أنصار حزب/زعيم/الانفصال- {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [قرآن]).
* الأنصار: أهل مدينة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الذين نصروه حين هاجر من مكة إليهم في المدينة، وهم خلاف المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} [قرآن].
انتِصار [مفرد]: جمعه انتصارات (لغير المصدر):
1 - مصدر انتصرَ/انتصرَ على/انتصرَ من.
2 - فوز، وغَلَبة وظَفَر (انتصارات الجيش على العدوّ- انتصار سياسيّ- فخور بانتصاراته).
تنصيريَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى تنصير: (حملات/مخطّطات تنصيريّة).
2 - مصدر صناعيّ من تنصير: (نجحت التنصيرية في بعض البلاد الإفريقية: إدخال الغير من النصرانيّة).
* الحركة التنصيريَّة: حركة تهدف إلى جعل الغير يدين بالنّصرانيَّة.
ناصِر [مفرد]: جمعه ناصرون وأنصار ونُصَّار، والمؤنث ناصِرة، والجمع المؤنث ناصِرات ونُصَّار ونواصرُ: اسم فاعل من نصَرَ (*) أخَذ بناصِره: ساعده وأعانه.
* النَّاصِر: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المُيسِّر للغلبة.
ناصريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى ناصِر: مِنْ أنصار الرئيس المصريّ الرّاحل جمال عبد الناصر، المعتنقين آراءَه (الحزب الناصريّ- اتِّجاه ناصريّ).
ناصريَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى ناصِر: (فتاة ناصريّة).
2 - مصدر صناعيّ من ناصِر.
3 - [في السياسة] اسم مذهب واتِّجاه سياسيّ منسوب إلى اسم رئيس مصر الأسبق جمال عبد الناصر.
نَصْر [مفرد]: مصدر نصَرَ (*) علامة النَّصر: إشارة باليد تشير إلى النصر أو التضامن أو الموافقة برفْع إصْبَعَي السبابة والوُسطى على شكل حرف V- نشوة النصر- هبَّت رياحُ النَّصر: ظهرت علاماته.
* النَّصْر: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 110 في ترتيب المصحف، مدنيَّة، عدد آياتها ثلاث آيات.
* قَوْس النَّصْر: قَوْس يُنصب في الطّريق العام، ويُزَيَّن احتفالًا بعيد وطنيّ أو قدوم زعيم.
نَصْرانِيّ [مفرد]: جمعه نَصَارَى، والمؤنث نَصْرانِيّة، والجمع المؤنث نَصْرانِيّات ونَصَارَى: مَنْ يتَّبع دينَ المسيح (رجلٌ نصرانيّ- {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ} [قرآن] - {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} [قرآن]).
نَصْرانيّة [مفرد]: مؤنَّث نَصْرانِيّ: (تزوّج بنصرانيّة أثناء بعثته).
* النَّصرانيَّة: [في الديانات] دين المسيح عيسى عليه السَّلام (اعتنق النصرانيَّةَ).
نُصرة [مفرد]: مصدر نصَرَ.
نَصِير [مفرد]: جمعه أنصار ونُصراءُ: صيغة مبالغة من نصَرَ: كثير التَّأييد والعون بدعم وقوَّة {فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [قرآن].
* النَّصير: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الذي لا يخذل وليَّه.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
4-المعجم الوسيط (الإرْهاص)
[الإرْهاص] (شَرْعًا): الأمرُ الخارِقُ للعادة يظهر للنبي قبل بعثته.المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
5-شمس العلوم (الإِحجاج)
الكلمة: الإِحجاج. الجذر: حجج. الوزن: الْإِفْعَال.[الإِحجاج]: أحججْتُ الرَّجُلَ: أي بعثته ليحج.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
6-معجم متن اللغة (عين الماء)
عين الماء: الحياة للناس.وتقول لمن بعثته واستعجلته: بعين ما أرينك أي لا تلو على شيء فكأني أنظر إليك.
وقالوا: هو عبد عين وصديق عين أي ما دمت تراه.
ولقيته أول ذي عين أي أول كل شيء.
وفعلته عمد عين وعمدا على عين أي بجد ويقين.
وصنع على عين أي عمدا.
وأنت على عيني.
في الإكرام والحفظ جميعا.
وما بالدار عين أي أحد.
ونظرت الأرض بعين أو بعينين، إذا طلع ما ترعاه الماشية بغير استمكان (ز).
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
7-التوقيف على مهمات التعاريف (الهدى)
الهدى: السيرة السوية. ومنه حديث "اهتدوا بهدي عمار". ذكره المطرزي.الهدية ما بعثته لغيرك إكراما.
التوقيف على مهمات التعاريف-زين الدين محمد المدعو بعبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-توفي: 1031هـ/1622م
8-القاموس المحيط (الحج)
الحَجُّ: القَصْدُ، والكَفُّ، والقُدُومُ، وسَبْرُ الشَّجَّةِبالمِحْجَاجِ: لِلمِسْبارِ، والغَلَبَةُ بالحُجَّةِـ وكَثْرَةُ الاخْتِلافِ والتَّرَدُّدِ، وقَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ، وهو حاجٌّ وحاجِج، ج: حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ وحَجٌّ، وهي حاجَّةٌ من حَواجَّ، وبالكسر: الاسْمُ.
والحِجَّةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ، شاذٌّ لأِنَّ القِياسَ الفتحُ، والسَّنَةُ، وشَحْمَةُ الأُذُنِ، ويُفْتَحُ، وبالفتح: خَرَزَةٌ أو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّقُ في الأُذُنِ، وبالضم: البُرْهانُ.
والمِحْجاجُ: الجَدِلُ.
وأحْجَجْتُهُ: بَعَثْتُهُ لِيَحُجَّ.
وحَجَّةِ اللَّهِ لا أفعلُ، بفتح أوَّلِهِ وخَفْضِ آخِرِهِ: يَمِينٌ لهمْ.
وحَجْحَجَ: أقامَ، ونَكَصَ، وكَفَّ، وأمْسَكَ عَمَّا أرادَ قَوْلَهُ.
والحَجَوَّجُ، كَحَزَوَّرٍ: الطريقُ يَسْتَقِيمُ مَرَّةً ويَعْوَجُّ أُخْرى.
والحُجُجُ، بضمَّتينِ: الطُّرُقُ المُحَفَّرةُ، والجِراحُ المَسْبُورَةُ.
والحَجَاجُ، ويُكْسَرُ: الجانِبُ، وعَظْمٌ يَنْبُتُ عليه الحاجِبُ، وحاجِبُ الشَّمْسِ.
والحَجْحَجُ: الفَسْلُ.
ورأسٌ أحَجُّ: صُلْبٌ.
وفَرَسٌ أحَجُّ: أحَقُّ.
وحَجَّاجٌ: اسْمٌ،
وة ببَيْهَقَ. ويَحُجُّ الفاسِيُّ، أبو عِمْرانَ مُوسى بنُ أبي حاجٍّ: فَقِيهٌ.
والتَّحاجُّ: التخاصُمُ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
9-القاموس المحيط (لبد)
لَبَدَ، كنَصَرَ وفَرِحَ،لُبُودًا ولَبَدًا: أقامَ، ولَزِقَ،
كأَلْبَدَ، وكصُرَدٍ وكتِفٍ: مَنْ لا يَبْرَحُ مَنْزِلَهُ، ولا يَطْلُب مَعاشًا.
وكصُرَدٍ: آخِرُ نُسورِ لُقْمانَ، بَعَثَتْهُ عادٌ إلى الحَرَمِ يسْتَسقِي لَها، فلما أُهْلِكوا، خُيِّرَ لُقْمانُ بَيْنَ بَقاءِ سَبْعِ بَعَراتٍ سُمْرٍ، مِنْ أَظْبٍ عُفْرٍ، في جَبَلٍ وَعْرٍ، لا يَمَسُّها القَطْرُ، أو بَقاءِ سَبْعَةِ أنْسُرٍ، كُلَّما هَلَكَ نَسْرٌ خَلَفَ بعدَهُ نَسْرٌ، فاخْتارَ النُّسورَ، وكانَ آخِرُها لُبَدًا.
ولُبَّدَى ولُبَّادَى، ويُخَفَّفُ: طائِرٌ يقالُ له:
لُبادَى البُدِي، ويُكَرَّرُ حتى يَلْتَزِقَ بالأرضِ، فَيُؤْخَذَ.
والمُلْبِدُ: البَعيرُ الضَّارِبُ فَخِذَيْهِ بِذَنَبِهِ.
وتَلَبَّدَ الصُّوفُ ونحوُهُ: تَداخَلَ، ولَزقَ بعضُه ببعضٍ،
وـ الطَّائِرُ بالأرضِ: جَثَمَ عليها،
وكُلُّ شَعَرٍ أو صُوفٍ مُتَلَبِّدٍ: لِبْدٌ ولِبْدَةٌ ولُبْدَةٌ، ج: ألْبَادٌ ولُبودٌ.
واللَّبَّادُ: عاملُها.
واللِّبْدَةُ، بالكسرِ: شَعَرُ زُبْرَةِ الأَسَدِ،
وكُنْيَتُه: ذُو لِبْدَةَ، ونُسالُ الصِّلِّيانِ، وداخِلُ الفَخِذِ، والجَرادَةُ، والخِرْقَةُ يُرْقَعُ بها صَدْرُ القَميصِ، أو القَبيلَةُ يُرْقَعُ بها قَبُّهُ،
ود بَيْنَ بَرْقَةَ وإِفْرِيقيَّةَ، وبلا هاءٍ: الأَمْرُ،
وبِساطٌ م، وما تَحْتَ السَّرْجِ.
وذُو لِبْدٍ: ع بِبِلادِ هُذَيْلٍ، وبالتحريكِ: الصُّوفُ، ودَعَصُ الإِبِلِ مِنَ الصِّلِّيانِ.
وألْبَدَ السَّرْجَ: عَمِلَ لِبْدَهُ،
وـ الفَرَسَ: شَدَّه،
وـ القِرْبَةَ: جَعَلَها في جُوالق،
وـ رأسَهُ: طأطأهُ عند الدُّخولِ،
وـ الشيءَ بالشيءِ: ألصَقَهُ،
وـ الإِبِلُ: خَرَجَتْ أَوْبارُها، وتَهَيَّأَت لِلسِّمَنِ،
وـ بَصَرُ المُصَلِّي: لَزِمَ مَوْضِعَ السُّجودِ.
واللُّبَّادَةُ، كَرُمَّانةٍ: ما يُلْبَس من اللُّبُودِ لِلمَطَرِ.
واللَّبِيد: الجُوالِقُ، والمِخْلاةُ، وابنُ رَبيعَةَ بنِ مالِكٍ، وابنُ عُطارِدِ بنِ حاجِبٍ، وابنُ أزْنَمَ الغَطَفَانِيُّ: شُعَراءُ.
وكَزُبَيْرٍ وكَرِيمٍ: طائِرٌ. وأبو لُبَيْدِ بنُ عَبَدَةَ: شاعِرٌ فارِسٌ.
ولَبَدَ الصُوفَ، كَضَرَبَ: نَفَشَهُ، وبَلَّهُ بِماءٍ ثم خاطَهُ، وجَعَلَه في رَأسِ العَمَدِ وِقايَةً لِلبِجادِ أنْ
يَخْرِقَهُ، كلَبَّدَهُ.
ومالٌ لُبَدٌ ولابِدٌ ولُبَّدٌ: كَثيرٌ.
واللُّبَّدَى: القَوْمُ المُجْتَمِعُ.
والتَّلْبِيد: التَّرْقِيعُ،
كالإِلْبادِ، وأنْ يَجْعَلَ المُحْرمُ في رَأسِهِ شَيْئًا منْ صَمْغٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعْرُهُ.
واللَّبُودُ: القُرادُ.
والْتَبَدَ الوَرَقُ: تَلَبَّدَتْ،
وـ الشَّجَرَةُ: كَثُرَتْ أوراقُها.
واللاّبِدُ والمُلْبِدُ وأبو لُبَدٍ، كصُرَدٍ وعِنَبٍ: الأَسدُ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
10-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (بعث)
(بعث) - قَولُه تعالى: {إِذِ انْبَعَثَ أشْقَاها}.هو انْفعَل من البَعْث، ومعناه: الِإسراعُ في الطَّاعة للبَاعِث المُحرِّض. يقال: بَعثتُه: أي حَرَّضتُه فانبعَثَ.
- في حديث عُمَر: "لَمَّا صَالَح نَصارَى أَهلِ الشَّام كتبوا له، لا نُخرِج سَعانِينَ ولا بَاعُوثًا".
الباعوث: استِسْقاء النَّصَارى يخرجون بصُلْبانِهم إلى الصَّحارى فيَسْتَسْقَون.
وقيل: هو بالغَيْن المُعْجَمة والتَّاء المَنْقُوطَة باثْنَتَيْن من فَوقِها. وهو اسمُ عِيدٍ لهم عَجَمِى.
- في الحَدِيث: "ذِكْرُ يَومِ بُعاث".
وهي من حُروبِ الجاهِلِيَّة، بَيْن الأَوسِ والخَزْرَج. وبُعاثُ: اسم حِصْن للأَوسِ، وقد يقال بالغَيْن المُعْجَمة، ولا يَصِحّ.
- في حديث عائِشَة: "فبَعَثْنَا البَعِيرَ فإذا العِقْدُ تَحتَه".
: أي هَيَّجْناه وأَقْمنَاه فانْبَعَثَ.
المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م
11-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (حدا)
(حدا) - في الحَدِيثِ: "كان له حَادٍ جَيِّدُ الحُداءِ".الحَدْو: سَوْقُ الِإبل وزَجْرُها بالغِناء لها، والفعل منه حَدَا يَحدُو من قَولِهِم: حَدوتُه على كَذَا: أي بَعَثْته وحَرَّضْتُه عليه.
المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م
12-المعجم الاشتقاقي المؤصل (رشد)
(رشد): {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10]في [تاج] "الرَشادة: الصخرة. وسمع الأزهري غير واحد من العرب يقول: الرَشَادة: الحَجَر الذي يملأ الكف. قال وهو صحيح ".
° المعنى المحوري
صلابة أثناء الشيء وتماسكها تماسكًا شديدًا -كالحجر والصخرة. (وليس هناك استعمالات مادية إلا هذا وقولهم "حَبّ الرشاد بقلة لها
حَبٌّ حِرّيف: هو الحُرْف. لكن الأزهري قال إن هذا -يعني لفظ "حب الرشاد "-اسم بديل لاسم الحُرْف لتشاؤمهم منه. فيسْتَبْعَد لأنه بذلك لا يعبر عن المسمَّى.
أما الرُشْد والرَشَد في الاستعمال المعنوى أي غير المادي فقد غلب -في [ل، تاج] - تفسيرُه بالهداية بمعنى الدلالة على الطريق مطلقًا، وغلب على سائر المعاني، كما أنه أُجمل فعُرِّفَ بنقيض الغَىّ، وأن مراشد الطريق مقاصدُه. ولبعد الهداية إلى الطريق (مطلقًا) عن المعنى المحوري (الصلابة..)، ولأن الراغب لم يحسم المعنى فقال "الرُشْد والرَشَد: خلاف الغيّ، ويستعمل استعمال الهداية "ثم علق على آيتَى رُشْد التيم، ورُشد إبراهيم عليه السلام بأن بين الرُشْدين بونا بعيدًا، ولم يبيّنْه، وحكى عن (بعضهم) أَن الرُشْد يقال في الأمور الدنيوية، والرشَد -أي بالتحريك -في الأخروية لا غير- لذا تحولتُ عن المصدرين الأساسيين: [ل، تاج]، ونظرت في غيرهما.
جاء في [الفروق] عن أبي عمرو بن العلاء أن الرُشْد: الصلاحُ ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6]، وأضاف أن الرَشَد -بالتحريك: الاستقامة في الدين ومنه {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]، (قراءة أبي عمرو بالتحريك). وهذا مناسب للمعنى المحوري، لأن الصلاح من باب الصلابة، لأن الصلاح صحة وسلامة، كما أن الصلاح مناسَبةٌ لما يراد "أديم يصلح للنعل "، [تاج] (أي بمتانته ومقداره]. وفي [لفروق] أيضًا "المرشد: الهادي للخير والدالّ على طريق الرشد. إذا دَلّه على الطريق المؤدي إلى الغرض المطلوب فقد أرشده، وإذا قَبِل هو قولَ الدالّ فسلك قَصْدَ السبيل فهو
راشد، وإذا بَعَثَتْهُ نفسه على سلوك الطريق القاصد فهو رشيد " [ينظر الفروق باب 6 1 الفقرتين 1، 10، وفي تحقيق عيون السود 235، 238]. وفي المصباح "الرُشْد: الصلاح، وهو خلاف الغي والضلال، وهو إصابة الصواب. وهو لِرَشْدة أي صحيح النسب "وفي الأساس "هو يمشي على الطريق الأسدّ الأرشد، وتقول للمسافر "راشدًا مهديًّا "ولا يَعْمَى عليكَ الرَشَدُ. إذا أصاب وجه الأمر ".
فالتحرير أن معنى الرُشْد هو صلاح الأمر وكونه على الوجه الصحيح، ويصح تفسيره بنقيض الغيّ، وبالهداية إلى ما هو صواب خاصة. ورُشْد الصبي استحكام صواب نظرتِه إلى الأمور وتقويمها وتصريفه مع الجِدّ والصلابة على ذلك. وتفسير الإرشاد باهداية ينبغي أن يكون مقيدًا بالهداية إلى الطريق الأسدّ الصحيح الصائب الأقصد، لا مطلق الهداية إلى طريق ما. فإن الهداية قد تستعمل في هذه الدلالة المطلقة لما لا يستحبّ الوصول إليه {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 23]. ويؤيد أن الهداية في أصلها: دلالة مطلقة وأن الرُّشْد أخصّ قوله تعالى: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن: 2]. حيث استعمل الهداية في الدلالة والرُشْد بمعنى الحق والصواب أو الخير. {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة 256] استبان الإيمان من الكفر [بحر 2/ 292] (أي تبين الصواب والحق وهو لزوم الإيمان بالله ولذا فلا إكراه، بل كل يتحمل مسئولية موقفه) ومثلها في معنى الرُشْد ما في [الأعراف 146، الجن: 2] {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} [الأنبياء: 51] أي من قبل النبوة هدينَاه للحق والصواب من أمر الدين. وفسر أيضًا بالنبوة مغ أقوال أخرى [ينظر قر 11/ 296، بحر 9/ 298]. وأما {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] فقد كان علم الخضر معرفةً
ببواطنَ قد أُوحِيت إليه، وعلم موسى الأحكام والفتيا بالظاهر [بحر 6/ 139] أقول: ومجال علم الخضر غامض، فكان موسى يشترط.
وعن موقف الأئمة من رُشْد الصغير {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]، أهو العقل أم إحكام التصرف؟ [ينظر قر 5/ 37]. وفي قوله تعالى على لسان الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10]. (أي بإرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، لأنهم إنْ أَبَوْا هلكوا كالأمم السابقة، وإن آمنوا اهتدوا (- أي رَشَدوا) عن [قر 19/ 14]. {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة 186] يتهدون لمصالح دينهم ودنياهم [بحر 2/ 54، قر 2/ 314] {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 87] أي ذو رشد أو بمعنى راشد أو مرشد أي صالح أو مصلح.. [قر 9/ 177]، وفيه "شديد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر "وهذا كأنه ناظر إلى الصلابة والحدة في الأصل اللغوي، ومثلها يقال في ما في [هود 87 تهكما، 97]. {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17]، ومن تعرض للخذلان فلن مجد من يليه ويرشده بعد خذلان الله (إياه) [الكشاف 2/ 681]، {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7]: الرشَد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه من الرشادة الصخرة. اهـ [قر 16/ 314] وبالاهتداء لمصالح الدين والدنيا يفسَّر الرشَد -بالتحريك؛ والرشاد في كل آياتهما.
المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
13-معجم البلدان (غيل)
غَيْلٌ:بالفتح ثم السكون ثم لام، وهو الماء الذي يجري على وجه الأرض، ومنه الحديث: ما يسقي الغيل ففيه الغيل، والغيل في حديث آخر: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلونه فلا يضرّهم، قالوا: الغيلة هو الغيل وهو أن يجامع المرأة وهي مرضع، وقيل: أن ترضع الطفل أمّه وهي حامل، والغيل أيضا: الساعد الممتلئ الريّان، وغيل: موضع في صدر يلملم في قول غريب ابن بيئة بن لام:
«لعمري لقد أبكت قريم وأوجعوا *** بجزعة بطن الغيل من كان باكيا»
وغيل أيضا: موضع قرب اليمامة، قال بعضهم:
«يبري لها من تحت أرواق الليل *** غملّس ألزق من حمى الغيل»
والغيل أيضا: واد لبني جعدة في جوف العارض يسير في الفلج وبينهما مسيرة يوم وليلة. والغيل غيل البرمكي: وهو نهر يشق صنعاء اليمن، وفيه يقول شاعرهم:
«وا عويلا! إذا غاب الحبيب *** عن حبيبه إلى من يشتكي؟»
«يشتكي إلى والي البلد *** ودموعه مثل غيل البرمكي»
وهذا شعر غير موزون وهو مع ذلك ملحون أوردناه كما سمعناه من الشيخ أبي الربيع سليمان بن عبد الله الرّيحاني صديقنا، أيده الله، وأنشد أبو علي لأبي الجيّاش:
«والغيل شطّان حلّ اللؤم بينهما، *** شطّ الموالي وشطّ حلّه العرب»
«تغلغل اللؤم في أبدان ساكنه *** تغلغل الماء بين اللّيف والكرب»
وقال أبو زياد: الغيل فلج من الأفلاج، وقد مرّ الفلج في موضعه، وقال نصر: الغيل واد لجعدة بين جبلين ملآن نخيلا وبأعلاه نفر من بني قشير وبه منبر، وبينه وبين الفلج سبعة فراسخ أو ثمانية، والفلج قرية عظيمة لجعدة، وقال البحتري الجعدي:
«ألا يا ليل قد برح النهار، *** وهاج الليل حزنا والنهار»
«كأنك لم تجاوز آل ليلى، *** ولم يوقد لها بالغيل نار»
وقال عثمان بن صمصامة الجعدي ومرّ به حمزة بن عبد الله بن قرّة يريد الغيل:
«وقد قلت للقري: إن كنت رائحا *** إلى الغيل فاعرض بالسلام على نعم»
«على نعمنا لا نعم قوم سوائنا، *** هي الهمّ والأحلام لو يقع الحلم»
«فإن غضب القرّيّ في أن بعثته *** إليها، فلا يبرح على أنفه الرّغم»
والغيل: بلد بصعدة باليمن، خرج منه بعض الشعراء، منهم: محمد بن عبيد أبو عبد الله بن أبي الأسود الصعدي، شاعر قديم وأصله من غيل صعدة.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
14-موسوعة الفقه الكويتية (رؤية الهلال 2)
رُؤْيَةُ الْهِلَالِ -2اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ:
14- اخْتِلَافُ مَطَالِعِ الْهِلَالِ أَمْرٌ وَاقِعٌ بَيْنَ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ كَاخْتِلَافِ مَطَالِعِ الشَّمْسِ، لَكِنْ هَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي بَدْءِ صِيَامِ الْمُسْلِمِينَ وَتَوْقِيتِ عِيدَيِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَسَائِرِ الشُّهُورِ فَتَخْتَلِفُ بَيْنَهُمْ بَدْءًا وَنِهَايَةً أَمْ لَا يُعْتَبَرُ بِذَلِكَ، وَيَتَوَحَّدُ الْمُسْلِمُونَ فِي صَوْمِهِمْ وَفِي عِيدَيْهِمْ؟
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ، وَهُنَاكَ مَنْ قَالَ بِاعْتِبَارِهَا، وَخَاصَّةً بَيْنَ الْأَقْطَارِ الْبَعِيدَةِ، فَقَدْ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: بِأَنَّهُ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتُهُمْ، وَأَوْجَبُوا عَلَى الْأَمْصَارِ الْقَرِيبَةِ اتِّبَاعَ بَعْضِهَا بَعْضًا، وَأَلْزَمُوا أَهْلَ الْمِصْرِ الْقَرِيبِ فِي حَالَةِ اخْتِلَافِهِمْ مَعَ مِصْرٍ قَرِيبٍ مِنْهُمْ بِصِيَامِهِمْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَصِيَامِ الْآخَرِينَ ثَلَاثِينَ اعْتِمَادًا عَلَى الرُّؤْيَةِ أَوْ إِتْمَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ أَنْ يَقْضُوا الْيَوْمَ الَّذِي أَفْطَرُوهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ حَسَبَ مَا ثَبَتَ عِنْدَ الْمِصْرِ الْآخَرِ، وَالْمُعْتَمَدُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فَإِذَا ثَبَتَ الْهِلَالُ فِي مِصْرٍ لَزِمَ سَائِرَ النَّاسِ فَيُلْزَمُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى جَمِيعِ أَقْطَارِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ فِي أَحَدِهَا.
وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا التَّعْمِيمَ فَاسْتَثْنَى الْبِلَادَ الْبَعِيدَةَ كَثِيرًا كَالْأَنْدَلُسِ وَخُرَاسَانَ.
وَبَيَّنَ الْقَرَافِيُّ اخْتِلَافَ مَطَالِعِ الْهِلَالِ عِلْمِيًّا، وَذَكَرَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِهِ مُكْتَفِيًا بِهِ عَنِ الْبَقِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِلْمِ الْهَيْئَةِ: وَهُوَ أَنَّ الْبِلَادَ الْمَشْرِقِيَّةَ إِذَا كَانَ الْهِلَالُ فِيهَا فِي الشُّعَاعِ وَبَقِيَتِ الشَّمْسُ تَتَحَرَّكُ مَعَ الْقَمَرِ إِلَى الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ فَمَا تَصِلُ الشَّمْسُ إِلَى أُفُقِ الْمَغْرِبِ إِلاَّ وَقَدْ خَرَجَ الْهِلَالُ عَنِ الشُّعَاعِ فَيَرَاهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَلَا يَرَاهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ.وَاسْتَنْتَجَ مِنْ هَذَا الْبَيَانِ وَمِنَ اتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعِهِمْ عَلَى اخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمُرَاعَاةِ ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ بِحَيْثُ أَفْتَوْا بِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ أَخَوَانِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ حُكِمَ بِأَسْبَقِيَّةِ مَوْتِ الْمَشْرِقِيِّ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمَشْرِقِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى زَوَالِ الْمَغْرِبِ فَيَرِثُ الْمَغْرِبِيُّ الْمَشْرِقِيَّ، فَقَرَّرَ بَعْدَ إِثْبَاتِهِ اخْتِلَافَ الْهِلَالِ بِاخْتِلَافِ الْآفَاقِ وُجُوبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ قَوْمٍ رُؤْيَتُهُمْ فِي الْأَهِلَّةِ، كَمَا أَنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أَوْقَاتَ صَلَوَاتِهِمْ، وَرَأَى أَنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقَالِيمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِقُطْرٍ مِنْهَا بَعِيدٌ عَنِ الْقَوَاعِدِ، وَالْأَدِلَّةُ لَمْ تَقْتَضِ ذَلِكَ.
وَعَمِلَ الشَّافِعِيَّةُ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فَقَالُوا: «إِنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ وَإِنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ بِبَلَدٍ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمُهُ لِمَا بَعُدَ عَنْهُمْ».كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ.
وَاسْتَدَلُّوا مَعَ مَنْ وَافَقَهُمْ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَعْمَلْ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ لِحَدِيثِ «كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتَهَلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ، وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمْ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ.فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ، فَقَالَ: لَا.هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- ».
وَقَدْ عَلَّلَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي حَقِّ الْبَعِيدِ.وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ، وَأَلْزَمُوا جَمِيعَ الْبِلَادِ بِالصَّوْمِ إِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ فِي بَلَدٍ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ»،، فَقَدْ أَوْجَبَ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّوْمَ بِمُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ تَقْيِيدِهَا بِمَكَانٍ، وَاعْتَبَرُوا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ اجْتِهَادِهِ، وَلَيْسَ نَقْلًا عَنِ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم-.
أَثَرُ الْخَطَأِ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ:
15- قَدْ يُنْتَجُ عَنْ تَوَاصُلِ الْغَيْمِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ قَبْلَ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ عَنْ عَدَمِ التَّحَرِّي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ خَطَأٌ فِي بِدَايَةِ رَمَضَانَ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِفْطَارُ يَوْمٍ مِنْهُ، أَوْ خَطَأٌ فِي بِدَايَةِ شَوَّالٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِفْطَارُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ صِيَامُ يَوْمِ الْعِيدِ، أَوْ خَطَأٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَهَذَا أَخْطَرُهَا.
وَقَدِ اسْتَنَدَ الْقَائِلُونَ بِصِحَّةِ الْوُقُوفِ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ إِلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ: شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ».
وَفَهِمُوا مِنْهُ أَنَّ الْخَطَأَ فِي الْوَقْفَةِ لَا يَنْقُصُ أَجْرَهَا، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا يُفْسِدُهَا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: ظَاهِرُ سِيَاقِ الْحَدِيثِ بَيَانُ اخْتِصَاصِ الشَّهْرَيْنِ بِمَزِيَّةٍ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الشُّهُورِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ثَوَابَ الطَّاعَةِ فِي غَيْرِهِمَا يَنْقُصُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَمَّا عَسَى أَنْ يَقَعَ فِيهِ خَطَأٌ فِي الْحُكْمِ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعِيدَيْنِ وَجَوَازِ احْتِمَالِ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِيهِمَا.وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: «شَهْرَا عِيدٍ» بَعْدَ قَوْلِهِ: «شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ» وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ: «رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ».
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَيْنِيُّ: «قَالَتْ طَائِفَةٌ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بِخَطَأٍ شَامِلٍ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ فِي يَوْمٍ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُهُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِصِيَامِ مَنِ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ، وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقَعَ صِيَامُهُ قَبْلَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ».
وَإِلَى نَفْسِ هَذَا الرَّأْيِ ذَهَبَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ: «إِنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ حَاصِلٌ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، سَوَاءٌ صَادَفَ الْوُقُوفُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ فِي ابْتِغَاءِ الْهِلَالِ».
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: «الْحَدِيثُ يُطَمْئِنُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَوْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا اجْتِهَادًا».
وَنَظَرًا إِلَى أَنَّ حُصُولَ النَّقْصِ فِي رَمَضَانَ وَاضِحٌ، وَفِي ذِي الْحِجَّةِ غَيْرُ وَاضِحٍ لِوُقُوعِ الْمَنَاسِكِ فِي أَوَّلِهِ فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْعَيْنِيُّ بِقَوْلِهِ: «قَدْ تَكُونُ أَيَّامُ الْحَجِّ مِنَ الْإِغْمَاءِ وَالنُّقْصَانِ مِثْلَ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ بِأَنْ يُغَمَّى هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ وَيَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ أَوْ نُقْصَانِهِ فَيَقَعُ عَرَفَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ أَوِ الْعَاشِرِ مِنْهُ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَ الْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ فِي مِثْلِهِ لَا يَنْقُصُ عَمَّا لَا غَلَطَ فِيهِ».
وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ إِنْ أَخْطَئُوا وَوَقَفُوا بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَوْمَ النَّحْرِ يُجْزِيهِمْ، وَإِنْ قَدَّمُوا الْوُقُوفَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَعَادُوا الْوُقُوفَ مِنَ الْغَدِ وَلَمْ يُجْزِهِمْ.
تَبْلِيغُ الرُّؤْيَةِ:
16- إِذَا ثَبَتَ الْهِلَالُ عِنْدَ الْجِهَةِ الْمُخْتَصَّةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا وَجَبَ إِعْلَامُ النَّاسِ لِلشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ، أَوِ الْإِفْطَارِ وَصَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ، أَوْ صَلَاةِ عِيدِ الْأَضْحَى وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ بِالْخَبَرِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ: «ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ رِوَايَةٌ مَحْضَةٌ كَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَشَهَادَةٌ مَحْضَةٌ كَإِخْبَارِ الشُّهُودِ عَنِ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمُرَكَّبٌ مِنْ شَهَادَةٍ وَرِوَايَةٍ، وَلَهُ صُوَرٌ أَحَدُهَا الْإِخْبَارُ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بَلْ عَامٌّ عَلَى جَمِيعِ الْمِصْرِ أَوْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ رِوَايَةٌ لِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِمُعَيَّنٍ وَلِعُمُومِ الْحُكْمِ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِهَذَا الْعَامِّ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ».
وَإِذَا كَانَتِ الرُّؤْيَةُ فِي حَدِّ ذَاتِهَا تُشْبِهُ الشَّهَادَةَ وَالرِّوَايَةَ، فَإِنَّ الْإِعْلَامَ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا لَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ رِوَايَةً، لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتَمَدُ فِي نَقْلِهَا وَسَائِلُ نَقْلِ الْخَبَرِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِهَا شُرُوطُ الرَّاوِي الْمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَهِيَ: الْعَدَالَةُ وَالضَّبْطُ.
وَقْتُ الْإِعْلَامِ:
17- إِنَّ وَقْتَ الْإِعْلَامِ بِالنِّسْبَةِ لِرَمَضَانَ هُوَ مَا قَبْلَ فَجْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ فَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ وَعَقْدُ نِيَّةِ الصِّيَامِ وَقَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَيَّتَ الصِّيَامَ عَلَى غَيْرِ جَزْمٍ بِدُخُولِ رَمَضَانَ.عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَوْمٌ).
الْأَدْعِيَةُ الْمَأْثُورَةُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ:
18- وَرَدَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَدْعِيَةٌ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ مِنْهَا مَا جَاءَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ «النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ».
وَمِنْهَا رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ لِهَذَا الْمَتْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَأَى الْهِلَالَ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ».
وَمِنْهَا مَا جَاءَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الشَّهْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الْقَدَرِ، وَمِنْ سُوءِ الْحَشْرِ».
وَمِنْهَا عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- «كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا».
هَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَقَلَهَا أَيْضًا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ، وَالْحَطَّابُ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيلِ، وَنَقَلَ إِثْرَهَا قَوْلًا لِلدَّمِيرِيِّ نَصَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْمُلْكِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلْأَثَرِ الْوَارِدِ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا الْمُنَجِّيَةُ الْوَاقِيَةُ.
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
15-موسوعة الفقه الكويتية (كتاب 1)
كِتَابٌ -1التَّعْرِيفُ:
1- الْكِتَابُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ كَتَبَ، يُقَالُ: كَتَبَ الشَّيْءَ يَكْتُبُهُ كَتْبًا وَكِتَابًا وَكِتَابَةً، وَيُطْلَقُ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ مِنْهَا:
أ- أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا كُتِبَ مَجْمُوعًا، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ.
ب- يُطْلَقُ عَلَى مَا يَكْتُبُهُ الشَّخْصُ وَيُرْسِلُهُ إِلَى غَيْرِهِ.
ج- يُطْلَقُ عَلَى الْمَكْتُوبِ وَعَلَى مَا كُتِبَ فِيهِ.
د- يُطْلَقُ عَلَى الْمُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَشْمَلُ الْقُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ.
هـ- يُطْلَقُ عَلَى الصُّحُفِ الْمَجْمُوعَةِ.
وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: الْكِتَابُ هُوَ الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَسَائِلِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً مِنْ فَنٍّ أَوْ فُنُونٍ.
وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ الْكِتَابُ هُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، قَالَ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا الْمَعْنَى فَيَقُولُونَ فِي الِاسْتِدْلَالِ: وَدَلِيلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْكِتَابُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُطْلَقُ عَلَى مُخْتَصَرِ الْإِمَامِ الْقُدُورِيِّ.
وَالْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا يُكْتَبُ فِيهِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حُكْمٍ لِيَحْكُمَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ مِنَ الْقُضَاةِ بِهِ وَيُسَمَّى كِتَابَ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ- السِّجِلُّ:
2- مِنْ مَعَانِي السِّجِلِّ لُغَةً: كِتَابُ الْعَهْدِ وَنَحْوُهُ، وَكِتَابُ الْقَاضِي، وَالْجَمْعُ سِجِلاَّتٌ، وَأَسْجَلْتُ لِلرَّجُلِ إِسْجَالًا: كَتَبْتُ لَهُ كِتَابًا، وَسَجَّلَ الْقَاضِي: قَضَى وَحَكَمَ وَأَثْبَتَ حُكْمَهُ فِي السِّجِلِّ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ يُطْلَقُ السِّجِلُّ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الَّذِي فِيهِ حُكْمُهُ، قَالَ الْحَصْكَفِيُّ: هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِنَا: كِتَابٌ كَبِيرٌ تُضْبَطُ فِيهِ وَقَائِعُ النَّاسِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَالسِّجِلُّ أَخَصُّ مِنَ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كِتَابٍ مَخْصُوصٍ.
ب- الدَّفْتَرُ:
3- الدَّفْتَرُ لُغَةً: جَرِيدَةُ الْحِسَابِ، وَالدَّفْتَرُ جَمَاعَةُ الصُّحُفِ الْمَضْمُومَةِ، وَالدَّفْتَرُ وَاحِدُ الدَّفَاتِرِ وَهِيَ الْكَرَارِيسُ، وَهُوَ عَرَبِيٌّ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا يُعْرَفُ لَهُ اشْتِقَاقٌ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الدَّفْتَرِ وَالْكِتَابِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ وَالدَّفْتَرُ أَعَمُّ مِنَ الْكِتَابِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَ يُفِيدُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ، وَلَا يُفِيدُ الدَّفْتَرُ ذَلِكَ، تَقُولُ: عِنْدِي دَفْتَرٌ بَيَاضٌ وَلَا تَقُولُ: عِنْدِي كِتَابٌ بَيَاضٌ.
ج- الرِّسَالَةُ:
4- فِي اللُّغَةِ: رِسَالَةٌ- بِكَسْرِ الرَّاءِ- اسْمٌ مِنَ الرَّسَالَةِ- بِفَتْحِ الرَّاءِ- يُقَالُ رَسِلَ رَسَلًا وَرِسَالَةً مِنْ بَابِ تَعِبَ.يُقَالُ أَرْسَلْتُ رَسُولًا: بَعَثْتُهُ بِرِسَالَةٍ يُؤَدِّيهَا.
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهَا تَارَةً بِمَعْنَى الرَّسُولِ وَتَارَةً بِمَعْنَى الْكِتَابِ.
وَعَلَى هَذَا فَبَيْنَ الْكِتَابِ وَالرِّسَالَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ نِسْبِيٌّ.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ مِنْ أَحْكَامٍ:
تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ أَحْكَامٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اسْتِعْمَالَاتِهِ كَمَا يَلِي:
أَوَّلًا: الْكِتَابُ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ: أَيْ إِرْسَالِ كِتَابٍ إِلَى الْغَيْرِ بِشَأْنِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ أَوْ طَلَبِ شَيْءٍ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مِنْهَا:
كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي:
5- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ كِتَابَةِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ لَدَيْهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَغَيْرِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الشُّرُوطِ وَاللُّزُومِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (قَضَاءٌ ف 49، 52، 53).
كِتَابُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ:
6- إِذَا كَتَبَ الزَّوْجُ إِلَى زَوْجَتِهِ كِتَابًا بِطَلَاقِهَا، فَإِنْ كَتَبَ إِلَيْهَا: يَا فُلَانَةُ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ كَتَبَ: هِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ وَصَلَ إِلَيْهَا الْكِتَابُ أَوْ لَمْ يَصِلْ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ لَكِنْ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِذَا كَتَبَ لِزَوْجَتِهِ نَاوِيًا الطَّلَاقَ حِينَ الْكِتَابَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إِفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدِ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا، وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا قَرَأَ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَصَرِيحٌ فَإِنْ قَالَ قَرَأْتُهُ حَاكِيًا مَا كَتَبْتُهُ بِلَا نِيَّةِ طَلَاقٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ كَتَبَ مُسْتَشِيرًا أَوْ مُتَرَدِّدًا وَأَخْرَجَ الْكِتَابَ عَازِمًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ، وَإِنْ كَتَبَ الطَّلَاقَ غَيْرَ عَازِمٍ عَلَيْهِ، بَلْ كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ مُتَرَدِّدًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِلاَّ إِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى الزَّوْجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ.
وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ- الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ- إِلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطِ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، بِأَنْ كَتَبَ: إِذَا وَصَلَ كِتَابِي إِلَيْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا الْكِتَابُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْوُقُوعَ بِشَرْطِ الْوُصُولِ فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ آخَرَ.
وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَانَتْ أَدَاةُ الشَّرْطِ (إِنْ)؛ لِأَنَّ (إِنْ) صَرِيحَةٌ فِي الشَّرْطِ فَلَا تَطْلُقُ إِلاَّ عِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إِلَيْهَا، أَمَّا إِذَا كَانَتْ أَدَاةُ الشَّرْطِ (إِذَا) فَقَدِ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَذَهَبَ الدَّرْدِيرُ وَالدُّسُوقِيُّ وَالْخَرَشِيُّ إِلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهَا فِي كِتَابِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَدَاةَ الشَّرْطِ (إِذَا) لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ فَيَنْجُزُ الطَّلَاقُ كَمَنْ أَجَّلَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَقْبَلٍ.
وَنَقَلَ الدُّسُوقِيُّ عَنْ مُصْطَفَى الرَّمَاصِيِّ أَنَّهُ إِذَا كَتَبَ: إِذَا وَصَلَ لَكَ كِتَابِي فَفِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْوُصُولِ خِلَافٌ، وَقَوَّى الْقَوْلَ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْوُصُولِ، لِتَضَمُّنِ (إِذَا) مَعْنَى الشَّرْطِ.
وَاعْتَبَرَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ أَنَّ عَدَمَ التَّنْجِيزِ وَتَوَقُّفَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى وُصُولِ الْكِتَابِ ظَاهِرٌ مَشْهُورٌ.
مَحْوُ مَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ:
7- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنِ انْمَحَى مَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْوُصُولِ أَوِ انْطَمَسَ مَا فِيهِ لِعَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قِرَاءَةُ مَا فِيهِ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ وَإِنْ وَصَلَ الْكِتَابُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُصُولُ الْكِتَابِ وَلَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِيهِ الْكِتَابَةُ.
وَإِنْ ذَهَبَ مَوْضِعُ الطَّلَاقِ فَقَطْ وَانْمَحَقَ وَوَصَلَ بَاقِيهِ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهَا جَمِيعُ الْكِتَابِ وَلَا مَا هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ مَحَا ذِكْرَ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَأَنْفَذَ الْكِتَابَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ كَلَامٌ يُسَمَّى كِتَابًا وَرِسَالَةً وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ وُصُولُ الْكِتَابِ إِلَيْهَا.
وَإِنِ انْمَحَى مَا فِي الْكِتَابِ سِوَى مَا فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ، أَوْ تَخَرَّقَ بَعْضُ مَا فِيهِ الْكِتَابَةُ سِوَى مَا فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ: مَا لَوْ ذَهَبَتْ سَوَابِقُهُ وَلَوَاحِقُهُ كَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَبَقِيَتْ مَقَاصِدُهُ، وَوَصَلَ الْكِتَابُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا مَحَا مَا سِوَى كِتَابَةِ الطَّلَاقِ وَأَنْفَذَهُ فَوَصَلَ إِلَيْهَا لَا يَقَعُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّسَالَةَ الْمُتَضَمِّنَةَ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ لَا تَكُونُ كِتَابًا، ذَكَرَ ذَلِكَ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ.
8- وَلِلْمَذَاهِبِ فُرُوعٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِتَابِ بَيَانُهَا فِيمَا يَلِي:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: كَتَبَ فِي قِرْطَاسٍ: إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ نَسَخَهُ فِي كِتَابٍ آخَرَ، أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِنَسْخِهِ وَلَمْ يُمْلِهِ عَلَيْهِ، فَأَتَاهَا الْكِتَابَانِ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ قَضَاءً، إِنْ أَقَرَّ أَنَّهُمَا كِتَابَاهُ أَوْ بَرْهَنَتْ، وَفِي الدِّيَانَةِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِأَيِّهِمَا أَتَاهَا وَيَبْطُلُ الْآخَرُ.
وَلَوِ اسْتَكْتَبَ مِنْ آخَرَ كِتَابًا بِطَلَاقِهَا وَقَرَأَهُ عَلَى الزَّوْجِ، فَأَخَذَهُ الزَّوْجُ وَخَتَمَهُ وَعَنْوَنَهُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهَا، فَأَتَاهَا وَقَعَ إِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ كِتَابُهُ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ ابْعَثْ بِهِ إِلَيْهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ نُسْخَةً وَابْعَثْ بِهَا إِلَيْهَا.
وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ كِتَابُهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُهُ، لَكِنَّهُ وَصَفَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ لَا تَطْلُقُ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً.وَكَذَا كُلُّ كِتَابٍ لَمْ يَكْتُبْهُ بِخَطِّهِ وَلَمْ يُمْلِهِ بِنَفْسِهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ كِتَابُهُ.
وَمَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ تُدْعَى زَيْنَبَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى امْرَأَةً تُدْعَى عَائِشَةَ، فَبَلَغَ زَيْنَبَ فَخَافَ مِنْهَا، فَكَتَبَ إِلَيْهَا: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرِكِ وَغَيْرِ عَائِشَةَ طَالِقٌ، ثُمَّ مَحَا قَوْلَهُ: وَغَيْرِ عَائِشَةَ، وَبَعَثَ الْكِتَابَ إِلَى زَيْنَبَ لَمْ تَطْلُقْ عَائِشَةُ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَى كِتَابَةِ مَا مَحَاهُ؛ لِئَلاَّ يَظْهَرَ الْحَالُ، فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِطَلَاقِ عَائِشَةَ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ كَتَبَ إِلَى امْرَأَتِهِ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ أَنْكَرَ الْكِتَابَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَتَبَهُ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَلَوْ كَتَبَ إِلَيْهَا: أَمَّا بَعْدُ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، إِنْ كَانَ مَوْصُولًا بِكِتَابَتِهِ لَا تَطْلُقُ، وَإِنْ كَتَبَ الطَّلَاقَ ثُمَّ فَتَرَ فَتْرَةً، ثُمَّ كَتَبَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ إِلَى الْغَائِبِ كَالْمَلْفُوظِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِلْخَاصِّيِّ وَالْخُلَاصَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ كَتَبَ: إِذَا بَلَغَكِ نِصْفُ كِتَابِي هَذَا، فَبَلَغَهَا كُلُّهُ طَلُقَتْ، فَإِنِ ادَّعَتْ وُصُولَ كِتَابِهِ بِالطَّلَاقِ، فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ خَطُّهُ لَمْ تُسْمَعْ إِلاَّ بِرُؤْيَةِ الشَّاهِدِ بِكِتَابِهِ وَحِفْظِهِ عِنْدَهُ لِوَقْتِ الشَّهَادَةِ.
وَإِنْ كَتَبَ: إِذَا قَرَأْتِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ قَارِئَةٌ، فَقَرَأَتْهُ طُلِّقَتْ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.
قَالَ الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَعِبَارَةُ النَّوَوِيِّ تَقْتَضِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اشْتِرَاطُ اللَّفْظِ بِهِ إِذِ الْقِرَاءَةُ تُعْطِي ذَلِكَ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهَا لَوْ طَالَعَتِ الْكِتَابَ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ.
وَالشَّرْطُ الثَّانِيَ: اشْتِرَاطُ قِرَاءَةِ جَمِيعِ الْكِتَابِ، وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِقِرَاءَةِ الْمَقَاصِدِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَحُكْمُ قِرَاءَةِ بَعْضِ الْكِتَابِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ، وَإِنْ قُرِئَ عَلَيْهَا الْكِتَابُ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ قِرَاءَتِهَا مَعَ إِمْكَانِهَا الْقِرَاءَةَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِطْلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ، وَإِذَا كَانَتْ لَا تَعْرِفُ الْقِرَاءَةَ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ الْقَارِئَةِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجُ حَالَهَا فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَى الْأَقْرَبِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
وَلَوْ عَلَّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ، ثُمَّ عَلَّقَ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ، وَوَصَلَ، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا كَتَبَ لِزَوْجَتِهِ: إِذَا أَتَاكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهَا: إِذَا أَتَاكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا الْكِتَابُ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ فِي مَجِيءِ الْكِتَابِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ إِذَا أَتَاكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ الَّذِي عَلَّقْتُهُ دِينَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِذَا كَتَبَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ اسْتَمَدَّ (أَيْ أَخَذَ الْمِدَادَ مِنَ الدَّوَاةِ بِالْقَلَمِ) فَكَتَبَ: إِذَا أَتَاكِ كِتَابِي، أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ أَوِ اسْتِثْنَاءٍ، وَكَانَ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ لِلطَّلَاقِ مُرِيدًا لِلشَّرْطِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ، بَلْ نَوَاهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ نَوَى الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ طَلُقَتْ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَقُلْنَا: إِنَّ الْمُطْلَقَ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ اسْتِمْدَادًا لِحَاجَةٍ أَوْ عَادَةٍ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ النَّفَسُ أَوْ شَيْءٌ يُسْكِتُهُ فَسَكَتَ لِذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى بِشَرْطٍ تَعَلَّقَ بِهِ فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى.
وَإِنِ اسْتَمَدَّ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا عَادَةٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ سَكَتَ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطًا.
وَإِنْ قَالَ: إِنَّنِي كَتَبْتُهُ مُرِيدًا لِلشَّرْطِ فَقِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ الشَّرْطِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَدِينُ وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ الشَّهَادَةَ لِإِثْبَاتِ كِتَابِ الطَّلَاقِ، جَاءَ فِي الْمُغْنِي: وَلَا يَثْبُتُ الْكِتَابُ بِالطَّلَاقِ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ فِي امْرَأَةٍ أَتَاهَا كِتَابُ زَوْجِهَا بِخَطِّهِ وَخَاتَمِهِ بِالطَّلَاقِ: لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا شُهُودٌ عُدُولٌ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ شَهِدَ حَامِلُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: لَا، إِلاَّ شَاهِدَانِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ حَامِلِ الْكِتَابِ وَحْدَهُ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْكُتُبَ الْمُثْبِتَةَ لِلْحُقُوقِ لَا تَثْبُتُ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ كَكِتَابِ الْقَاضِي، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْكِتَابَ يَثْبُتُ عِنْدَهَا بِشَهَادَتِهِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَقِّهَا فِي الْعِدَّةِ وَجَوَازِ التَّزْوِيجِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا.
وَهَذَا مَعْنًى يُخْتَصُّ بِهِ، لَا يَثْبُتُ بِهِ حَقٌّ عَلَى الْغَيْرِ، فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِسَمَاعِهَا لِلشَّهَادَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشَبَّهُ بِهِ وَيُزَوَّرُ، وَلِهَذَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْحَاكِمُ، وَلَوِ اكْتُفِيَ بِمَعْرِفَةِ الْخَطِّ لَاكْتُفِيَ بِمَعْرِفَتِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ حَتَّى يُشَاهِدَاهُ يَكْتُبُهُ، ثُمَّ لَا يَغِيبُ عَنْهُمَا حَتَّى يُؤَدِّيَا الشَّهَادَةَ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَهَذَا أَوْلَى، وَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُ الْكِتَابِ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ، وَإِنَّمَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا، وَقَدْ يَسْتَنِيبُ فِيهَا مَنْ يَعْرِفُهَا، بَلْ مَتَى أَتَاهَا بِكِتَابٍ وَقَرَأَهُ عَلَيْهَا وَقَالَ: هَذَا كِتَابِي كَانَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِهِ.
الْكِتَابُ الَّذِي يُعْتَبَرُ إِيجَابًا أَوْ قَبُولًا فِي الْعُقُودِ:
9- جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا فِي بَابِ الْبَيْعِ: الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ، وَكَذَا الْإِرْسَالُ، حَتَّى اعْتُبِرَ مَجْلِسُ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ، فَصُورَةُ الْكِتَابِ بِأَنْ يَكْتُبَ: أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ بِعْتُ عَبْدِي مِنْكَ بِكَذَا، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْكِتَابُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ قَالَ: قَبِلْتُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ انْعَقَدَ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ ف 13).
رَدُّ جَوَابِ الْكِتَابِ:
10- رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- مَرْفُوعًا: «إِنِّي لأَرَى لِرَدِّ جَوَابِ الْكِتَابِ عَلَيَّ حَقًّا كَمَا أَرَى رَدَّ جَوَابِ السَّلَامِ»، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي مَوْقُوفًا، قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِهِ اسْتِحْبَابًا، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْوُجُوبِ مَا فِي الْمُكَافَأَةِ عَلَى الْهَدِيَّةِ وَرَدِّ جَوَابِ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
أَمَّا إِنْ أَفْضَى تَرْكُ ذَلِكَ إِلَى سُوءِ ظَنٍّ وَإِيقَاعِ عَدَاوَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَوَجَّهَ الْوُجُوبُ.
وَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّ جَوَابِ مَا قَصَدَهُ الْكَاتِبُ، وَإِلاَّ كَانَ الرَّدُّ كَعَدَمِهِ شَرْعًا وَعُرْفًا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِذَا وَرَدَ عَلَى إِنْسَانٍ كِتَابُ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوُهَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنَ الْغَائِبِ كَالسَّلَامِ مِنَ الْحَاضِرِ.
كَيْفِيَّةُ الْبَدْءِ فِي الْكِتَابِ:
11- يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاءُ الْكِتَابِ وَالرِّسَالَةِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اقْتِدَاءً بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي أَشْرَفُهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ؛ لِمَا قَالَهُ الْعَلاَّمَةُ أَبُو بَكْرٍ التُّونِسِيُّ مِنْ إِجْمَاعِ عُلَمَاءِ كُلِّ مِلَّةٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ افْتَتَحَ جَمِيعَ كُتُبِهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَشْهَدُ لَهُ خَبَرُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «فَاتِحَةُ كُلِّ كِتَابٍ» وَعَمَلًا بِخَبَرِ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ قَلِيلُ الْبَرَكَةِ أَوْ مَقْطُوعُهَا.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى كَتْبِ ( (فِي أَوَّلِ الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ وَعَلَى خَتْمِهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الرِّيبَةِ، وَعَلَى هَذَا جَرَى الرَّسْمُ، وَبِهِ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا كِتَابٍ لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا فَهُوَ أَغْلَفُ.
وَبَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فِي الْكِتَابِ الْمُرْسَلِ إِلَى الْغَيْرِ يُكْتَبُ إِلَى فُلَانٍ، وَلَا يُكْتَبُ لِفُلَانٍ، قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لِأَبِي جَعْفَرٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: نَكْتُبُ: إِلَى أَبِي فُلَانٍ وَلَا نَكْتُبُ: لِأَبِي فُلَانٍ، قَالَ: لَيْسَ لَهُ مَعْنًى إِذَا كَتَبَ لِأَبِي فُلَانٍ، وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَكْتُبُ عِنْوَانَ الْكِتَابِ: إِلَى أَبِي فُلَانٍ وَقَالَ: هُوَ أَصْوَبُ مِنْ أَنْ يُكْتَبَ لِأَبِي فُلَانٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ وَكَتْبُهُ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْعِنْوَانِ وَصَدْرِ الْكِتَابِ، فَأَكْثَرُهُمْ يَرَى أَنْ يَبْتَدِئَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ هُوَ السُّنَّةُ، كَمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ - رضي الله عنه- كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنهما- كَانَ يَقُولُ لِغِلْمَانِهِ وَوَلَدِهِ: إِذَا كَتَبْتُمْ إِلَى فُلَانٍ فَلَا تَبْدَءُوا بِي وَكَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى الْأُمَرَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ إِلاَّ إِلَى وَالِدٍ أَوْ وَالِدَةٍ، وَإِمَامٍ يَخَافُ عُقُوبَتَهُ» وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَكْتُبُونَ إِلَيْهِ فَيَبْدَءُونَ بِأَنْفُسِهِمْ.
وَفِي الْقُرْطُبِيِّ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَهْلَ فَارِسَ إِذَا كَتَبُوا بَدَءُوا بِعُظَمَائِهِمْ، فَلَا يَبْدَأُ الرَّجُلُ إِلاَّ بِنَفْسِهِ»، قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ: وَلَوْ بَدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ وَفَعَلُوهُ لِمَصْلَحَةٍ رَأَوْا فِي ذَلِكَ، أَوْ نَسْخِ مَا كَانَ مِنْ قَبْلُ.
فَالْأَحْسَنُ فِي زَمَانِنَا هَذَا أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ ثُمَّ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبِدَايَةَ بِنَفْسِهِ تُعَدُّ مِنْهُ اسْتِخْفَافًا بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى غُلَامٍ مِنْ غِلْمَانِهِ.
ثَانِيًا: الْكِتَابُ بِمَعْنَى الْوَثِيقَةِ وَالْعَهْدِ:
12- أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِتَوْثِيقِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وَقَدْ وَثَّقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- فَبَاعَ وَكَتَبَ وَمِنْ ذَلِكَ: «هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْمُسْلِمِ».
وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- بِالْكِتَابِ فِي الصُّلْحِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (تَوْثِيقٌ ف 12).
ثَالِثًا: الْكِتَابُ بِمَعْنَى كُتُبِ الْعِلْمِ:
13- يَأْتِي الْكِتَابُ بِمَعْنَى كُتُبِ الْعِلْمِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ شَرْعِيَّةً أَمْ غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ بِقَوْلِهِ: الْكِتَابُ هُوَ الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَسَائِلِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً مِنْ فَنٍّ أَوْ فُنُونٍ، وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ.
وَيَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا:
الِاسْتِنْجَاءُ بِالْكُتُبِ:
14- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِمُحْتَرَمٍ كَالْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَكُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ؛ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الشَّرِيعَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِحُرْمَتِهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْكُتُبِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَمَثَّلُوا لَهَا بِكُتُبِ السَّحَرِ وَالْفَلْسَفَةِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إِذَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَذِهِ الْكُتُبِ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ- أَيْ لِشَرَفِهَا- قَالَ إِبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: مَحَلُّ كَوْنِ الْحُرُوفِ لَهَا حُرْمَةٌ إِذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ، وَإِلاَّ فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ بِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ عَلِيٌّ الأَجْهُورِيُّ: الْحُرُوفُ لَهَا حُرْمَةٌ سَوَاءٌ كُتِبَتْ بِالْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ.
وَقَالَ الْحَطَّابُ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَكْتُوبِ وَلَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلًا كَالسِّحْرِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِلْحُرُوفِ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ كُتِبَتْ فِي أَثْنَاءِ مَا تَجِبُ إِهَانَتُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِمَا، فَيَجُوزُ إِحْرَاقُهَا وَإِتْلَافُهَا، وَلَا يَجُوزُ إِهَانَتُهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَذِهِ الْكُتُبِ إِهَانَةٌ لِمَكَانِ مَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فَإِنَّ حُرْمَةَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُبَدَّلُ عَلَى وَجْهٍ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ مِنَ الْكُتُبِ كَكُتُبِ الْفَلْسَفَةِ وَكَذَا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِذَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُمَا وَخُلُوُّهُمَا عَنِ اسْمٍ مُعَظَّمٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: نَقَلُوا عِنْدَنَا أَنَّ لِلْحُرُوفِ حُرْمَةً وَلَوْ مُقَطَّعَةً، وَذَكَرَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ أَنَّ حُرُوفَ الْهِجَاءِ قُرْآنٌ أُنْزِلَتْ عَلَى هُودٍ - عليه السلام-، وَمُفَادُهُ الْحُرْمَةُ بِالْمَكْتُوبِ مُطْلَقًا.
مَسُّ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ كُتُبَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ:
15- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ كُتُبَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.
فَبِالنِّسْبَةِ لِكُتُبِ التَّفْسِيرِ أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنْ يَمَسَّهَا غَيْرُ الْمُتَطَهِّرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ، قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَتْ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَقَصَدَهَا بِالْمَسِّ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ.
وَعَامَّةُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَنْعِ مَسِّ لَفْظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، قَالَ فِي السِّرَاجِ عَنِ الْإِيضَاحِ: لَا يَجُوزُ مَسُّ مَوْضِعِ الْقُرْآنِ مِنْهَا، أَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ التَّفْسِيرِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ بِالْكَرَاهَةِ، وَقَوْلٌ بِعَدَمِهَا، وَالثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ فِي التَّفْسِيرِ دُونَ غَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَحْوَطُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ فِي التَّفْسِيرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ الْمَسُّ وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ جَازَ مَسُّهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يَجُوزُ مَسُّ التَّفَاسِيرِ الَّتِي فِيهَا آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ.
16- وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ فِي مَسِّ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ- غَيْرِ الْقُرْآنِ- كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ.
فَأَجَازَ مَسَّهَا لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا.
قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ مَسُّهَا وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَدَّلَةٍ، إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: إِنْ ظَنَّ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ.
وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْحَنَفِيَّةِ، فَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: قَالَ الشَّيْخُ إِسْمَاعِيلُ: وَفِي الْمُبْتَغَى.وَلَا يَجُوزُ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ.وَعَلَّلَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ ذَلِكَ بِاشْتِرَاكِ سَائِرِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فِي وُجُوبِ التَّعْظِيمِ، لَكِنَّهُ قَالَ: نَعَمْ، يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسُّ، فَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: الظَّاهِرُ جَوَازُ الْمَسِّ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِلْقُرْآنِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِهِ.
17- وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ كُتُبَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالْأُصُولِ وَالرَّسَائِلِ الَّتِي فِيهَا قُرْآنٌ.
فَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ أَنْ يَمَسَّهَا وَيَحْمِلَهَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ، بِدَلِيلِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم- كَتَبَ إِلَى هِرَقْلَ كِتَابًا وَفِيهِ آيَةٌ»؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ اسْمُ مُصْحَفٍ وَلَا تَثْبُتُ لَهَا حُرْمَتُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إِنَّهُ يُكْرَهُ مَسُّ كُتُبِ الْأَحَادِيثِ وَالْفِقْهِ لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرْجِيحُ ابْنِ عَابِدِينَ الْقَوْلَ بِقَصْرِ الْكَرَاهَةِ عَلَى كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَحْدَهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُسْتَحَبُّ التَّطَهُّرُ لِحَمْلِ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَمَسِّهَا.
تَوَسُّدُ الْكُتُبِ وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهَا:
18- قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ الْمُصْحَفَ تَحْتَ رَأْسِهِ إِلاَّ لِلْحِفْظِ أَيْ حِفْظِهِ مِنْ سَارِقٍ وَنَحْوِهِ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَلِ التَّفْسِيرُ وَالْكُتُبُ الشَّرْعِيَّةُ كَذَلِكَ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ نَعَمْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَحْرُمُ تَوَسُّدُ الْقُرْآنِ وَإِنْ خَافَ سَرِقَتَهُ، نَعَمْ، إِنْ خَافَ عَلَى الْمُصْحَفِ مِنْ تَلَفٍ نَحْوِ حَرْقٍ أَوْ تَنَجُّسٍ أَوْ كَافِرٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَسَّدَهُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَيَحْرُمُ تَوَسُّدُ كُتُبِ عِلْمٍ مُحْتَرَمٍ إِلاَّ لِخَوْفٍ مِنْ نَحْوِ سَرِقَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوَسُّدُهَا.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ تَوَسُّدُ الْمُصْحَفِ وَالْوَزْنُ بِهِ وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِذَالٌ لَهُ، قَالَ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ: وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ التَّحْرِيمَ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي كِتَابِهِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، لَكِنْ جَاءَ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ: وَيُكْرَهُ تَوَسُّدُ الْمُصْحَفِ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
أَمَّا كُتُبُ الْعِلْمِ فَقَدْ قَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ فِيهَا قُرْآنٌ حَرُمَ تَوَسُّدُهَا وَالْوَزْنُ بِهَا وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قُرْآنٌ كُرِهَ ذَلِكَ، أَمَّا إِنْ خَافَ عَلَيْهَا سَرِقَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَسَّدَهَا لِلْحَاجَةِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ نُعَيْمِ بْنِ نَاعِمٍ وَقَدْ سَأَلَهُ: أَيَضَعُ الرَّجُلُ الْكُتُبَ تَحْتَ رَأْسِهِ؟ قَالَ: أَيُّ كُتُبٍ؟ قُلْتُ: كُتُبُ الْحَدِيثِ، قَالَ: إِذَا خَافَ أَنْ تُسْرَقَ فَلَا بَأْسَ، وَأَمَّا أَنْ تُتَّخَذَ وِسَادَةً فَلَا.
كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الْكُتُبِ فَوْقَ بَعْضِهَا:
19- ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ كَيْفِيَّةَ تَرْتِيبِ الْكُتُبِ مِنْ حَيْثُ الْأَوْلَوِيَّةُ عِنْدَ وَضْعِهَا فَوْقَ بَعْضِهَا.فَقَالُوا: تُوضَعُ كُتُبُ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ كُتُبُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا كَكُتُبِ ابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ شَاهِينَ لِأَفْضَلِيَّتِهِ، لِكَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِمَا هُوَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَهُوَ الرُّؤْيَا، ثُمَّ كُتُبُ الْكَلَامِ، ثُمَّ كُتُبُ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَدِلَّتِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيَكْثُرُ فِيهِ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ، بِخِلَافِ عِلْمِ الْكَلَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالسَّمْعِيَّاتِ مِنْهُ فَقَطْ، ثُمَّ كُتُبُ الْأَخْبَارِ وَالْمَوَاعِظِ، ثُمَّ التَّفْسِيرُ، ثُمَّ الْمُصْحَفُ فَوْقَ الْجَمِيعِ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
16-موسوعة الفقه الكويتية (مرسل)
مُرْسَلٌالتَّعْرِيفُ:
1- الْمُرْسَلُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَرْسَلَ، وَمُجَرَّدُهُ رَسْلٌ، وَالرَّسَلُ- بِفَتْحَتَيْنِ- الْقَطِيعُ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْجَمْعُ أَرْسَالٌ.وَأَرْسَلْتُ رَسُولًا: بَعَثْتُهُ بِرِسَالَةٍ يُؤَدِّيهَا، وَأَرْسَلْتُ الطَّائِرَ مِنْ يَدِي: أَطْلَقْتُهُ، وَتَرَاسَلَ الْقَوْمُ: أَرْسَلَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ رَسُولًا أَوْ رِسَالَةً.
وَالْمُرْسَلُ: يَقْتَضِي إِطْلَاقَ غَيْرِهِ لَهُ، وَالرَّسُولُ: يَقْتَضِي إِطْلَاقَ لِسَانِهِ بِالرِّسَالَةِ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالْمُرْسَلُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا جَاءَ فِي مُسَلَّمِ الثَّبُوتِ هُوَ قَوْلُ الْعَدْلِ: قَالَ- عليه السلام- كَذَا، وَقَالَ صَاحِبُ فَوَاتِحِ الرَّحَمُوتِ: هَذَا اصْطِلَاحُ الْأُصُولِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مَا رَوَاهُ الْعَدْلُ مِنْ غَيْرِ إِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ لِيَشْمَلَ الْمُنْقَطِعَ.
وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَالْمُرْسَلُ قَوْلُ التَّابِعِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ كَذَا.وَالْمُعْضَلُ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ مِنَ الرُّوَاةِ.وَالْمُنْقَطِعُ مَا سَقَطَ وَاحِدٌ مِنْهَا.وَالْمُعَلَّقُ مَا رَوَاهُ مِنْ دُونِ التَّابِعِيِّ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ.وَالْكُلُّ دَاخِلٌ فِي الْمُرْسَلِ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ الْمُرْسَلِ وَيُرَادُ بِهِ: الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْوَكِيلُ
2- مِنْ مَعَانِي الْوَكِيلِ فِي اللُّغَةِ: الَّذِي يَقُومُ بِالْأَمْرِ، يُقَالُ: وَكِيلُ الرَّجُلِ الَّذِي يَقُومُ بِأَمْرِهِ، سُمِّيَ وَكِيلًا لِأَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ وَكَّلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ وَالْوَكِيلُ عَلَى هَذَا فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَيْ حَافِظٌ، وَمِنْهُ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
وَالْوَكِيلُ اصْطِلَاحًا: الْقَائِمُ بِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُرْسَلِ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ يَكُونُ أَعَمَّ مِنَ الْمُرْسَلِ.وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُرْسَلِ فَقَالَ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمِعْرَاجِ قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إِلَى الْمُوَكِّلِ، وَالرَّسُولُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إِضَافَتِهِ إِلَى الْمُرْسِلِ.
وَفِي الْفَوَائِدِ: صُورَةُ التَّوْكِيلِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ: كُنْ وَكِيلًا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ، أَوْ وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِهِ، وَصُورَةُ الرَّسُولِ: أَنْ يَقُولَ: كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي قَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلْتُكَ لِتَقْبِضَهُ، أَوْ قُلْ لِفُلَانٍ: أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ إِلَيْكَ، وَقِيلَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِأَنْ قَالَ: اقْبِضِ الْمَبِيعَ فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الرَّسُولَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَى مُرْسِلِهِ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ وَسَفِيرٌ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إِلَى الْمُوَكِّلِ إِلاَّ فِي مَوَاضِعَ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ.
وَجَاءَ فِي الْمَبْسُوطِ: الرَّسُولُ لَيْسَ لَهُ إِلاَّ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ، فَأَمَّا إِتْمَامُ مَا أُرْسِلَ بِهِ لَيْسَ إِلَيْهِ كَالرَّسُولِ بِالْعَقْدِ لَيْسَ إِلَيْهِ مِنَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ شَيْءٌ.وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الْمُرْسَلِ وَالْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْمُرْسَلِ وَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْسَلِ مِنْ أَحْكَامٍ:
أَوَّلًا: الْمُرْسَلُ مُرَادًا بِهِ الرَّسُولُ:
يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْسَلِ بِهَذَا الْمَعْنَى بَعْضُ الْأَحْكَامِ، وَمِنْ ذَلِكَ:
أ- انْعِقَادُ التَّصَرُّفَاتِ:
3- لَوْ أَرْسَلَ شَخْصٌ رَسُولًا إِلَى رَجُلٍ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: إِنِّي بِعْتُ دَابَّتِي هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا.
فَاذْهَبْ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، وَقَالَ لِي: قُلْ لَهُ: إِنِّي قَدْ بِعْتُ دَابَّتِي هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا، فَذَهَبَ الرَّسُولُ وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: قَبِلْتُ، انْعَقَدَ الْبَيْعُ، لِأَنَّ الرَّسُولَ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ عَنْ كَلَامِ الْمُرْسِلِ، نَاقِلٌ كَلَامَهُ إِلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ حَضَرَ بِنَفْسِهِ فَأَوْجَبَ الْبَيْعَ وَقَبِلَ الْآخَرُ فِي الْمَجْلِسِ فَانْعَقَدَ الْبَيْعُ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ النِّهَايَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ (إِرْسَالٌ ف9، بَيْعٌ ف 25).
ب- الضَّمَانُ
4- قَالَ الدَّرْدِيرُ: الرَّسُولُ إِنْ كَانَ رَسُولَ رَبِّ الْمَالِ فَالدَّافِعُ لَهُ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ، وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَوَرَثَةِ الرَّسُولِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ رَسُولَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فَلَا يَبْرَأُ مَنْ أَرْسَلَهُ إِلاَّ بِوُصُولِهِ لِرَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ مُرْسِلُهُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْوُصُولِ فَلَا رُجُوعَ وَهِيَ مُصِيبَةٌ عَلَى الْمُرْسِلِ.
قَالَ الدُّسُوقِيُّ: أَمَّا إِذَا لَمْ يَمُتِ الْمُرْسِلُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ، وَالْمُرْسَلُ إِلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ، لَمْ يُصَدَّقِ الرَّسُولُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ.
وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولًا يَقْبِضُهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَعَ الرَّسُولِ دِينَارًا فَضَاعَ الدِّينَارُ مَعَ الرَّسُولِ، فَالدِّينَارُ مِنْ مَالِ الْبَاعِثِ، وَهُوَ الْمَدِينُ فَيَضِيعُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُرْسِلُ بِمُصَارَفَتِهِ، إِلاَّ أَنْ يُخْبِرَ الرَّسُولُ الْغَرِيمَ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ الدِّينَارِ عَنِ الدَّرَاهِمِ، فَيَكُونُ الدِّينَارُ مِنْ ضَمَانِ الرَّسُولِ لِتَغْرِيرِهِ الْغَرِيمَ وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْسَالٌ ف 11، وَدِيعَةٌ).
ثَانِيًا: الْمُرْسَلُ مُرَادًا بِهِ الْمُهْمَلُ وَالْمُسَيَّبُ
5- إِذَا كَانَ الْمُرْسَلُ غَيْرَ إِنْسَانٍ، بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ صَيْدًا أَطْلَقَهُ صَاحِبُهُ وَسَيَّبَهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَوَالِ مِلْكِ صَاحِبِهِ عَنْهُ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَائِبَةٌ ف 4- 5).
ثَالِثًا: الْمُرْسَلُ مِنَ الْحَدِيثِ
6- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَبُولِ الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ وَالْعَمَلِ بِهِ عَلَى أَقْوَالٍ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (إِرْسَالٌ ف 3).
رَابِعًا: الْمُرْسَلُ مُرَادًا بِهِ الْمَصْلَحَةُ الْمُرْسَلَةُ
7- ذَهَبَ الْأُصُولِيُّونَ إِلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ فِي الْقِيَاسِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ عُلِمَ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ لَهُ، وَقِسْمٌ عُلِمَ إِلْغَاؤُهُ لَهُ، وَقِسْمٌ لَا يُعْلَمُ اعْتِبَارُهُ أَوْ إِلْغَاؤُهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا جُهِلَ حَالُهُ أَيْ: سَكَتَ الشَّارِعُ عَنِ اعْتِبَارِهِ وَإِهْدَارِهِ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَيُلَقَّبُ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُرْسَلِ، وَلِهَذَا سُمِّيَتْ مُرْسَلَةً أَيْ: لَمْ تُعْتَبَرْ وَلَمْ تَلْغُ، وَأَطْلَقَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَلَيْهِ اسْمَ الِاسْتِدْلَالِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ الْخُوَارِزْمِيُّ بِالِاسْتِصْلَاحِ، وَفِيهِ مَذَاهِبُ.
أ- مَنْعُ التَّمَسُّكِ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ:
ب- الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَحْكِيُّ مِنْ مَالِكٍ.
ج- إِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ مُلَائِمَةً لِأَصْلٍ كُلِّيٍّ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ أَوْ لِأَصْلٍ جُزْئِيٍّ جَازَ بِنَاءُ الْأَحْكَامِ، وَإِلاَّ فَلَا، وَنُسِبَ لِلشَّافِعِيِّ.
د- اخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ وَالْبَيْضَاوِيِّ تَخْصِيصُ الِاعْتِبَارِ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، فَإِنْ فَاتَ أَحَدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي الْمُلْحَقِ الْأُصُولِيِّ.
خَامِسًا: الْمُرْسَلُ مُرَادًا بِهِ الْوَاحِدُ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى
8- الْمُرْسَلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يُطْلَقُ عَلَى الْبَشَرِ الْمُرْسَلِينَ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِلَى الرُّسُلِ مِنَ الْبَشَرِ، قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.
وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى تَبْلِيغُ الدَّعْوَةِ إِلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رَسُولٌ ف 1، 2 وَمَا بَعْدَهَا).
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
17-إكمال الإعلام بتثليث الكلام (المشب)
المشب: مفعل من شب النَّار وَالْحَرب: أوقدهما، وجمال الْمَرْأَة شعرهَا، أَو ثوب أسود: حسنه وأظهره.والمشب: الثور المسن.
والمشب: الْفرس الَّذِي أشببته: أَي بعثته على الشَّبَاب: وَهُوَ ارتفاعه على رجلَيْهِ.
إكمال الإعلام بتثليث الكلام-محمد بن عبدالله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبدالله، جمال الدين-توفي: 672هـ/1273م
18-الغريبين في القرآن والحديث (بعث)
(بعث)قوله تعالى: {وكذلك بعثناهم} يعني من نومهم.
ومنه قوله عز وجل: {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
ويكون البعث إرسالا، ومنه قوله: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا}.
ويكون نشورًا، وهو قوله تعالى: {ثم يبعثكم فيه} أي يحييكم.
وفي حديث حذيفة: (إن للفتنة بعثات ووقفات) قال شمر: أي إثارات وتهييجًا. وكل شيء أثرته فقد بعثته.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
19-الفروق اللغوية للعسكري (الفرق بين الهدية والإرشاد)
الفرق بَين الْهَدِيَّة والإرشادالفرق بَين الْهَدِيَّة والإرشاد أَن الْإِرْشَاد غلى الشَّيْء هُوَ التطريق اليه والتبين لَهُ وَالْهِدَايَة هِيَ التَّمَكُّن من الْوُصُول اليه وَقد جَاءَت الْهِدَايَة للمهتدي فِي قَوْله تَعَالَى (اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم) فَذكر أَنهم دعوا بالهداية وهم مهتدون لَا محَالة وَلم يجىء مثل ذَلِك فِي الْإِرْشَاد وَيُقَال أَيْضا هداه إِلَى الْمَكْرُوه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى (فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم) وَقَالَ تَعَالَى (إِنَّك لعلى هدى مُسْتَقِيم) وَالْهدى الدّلَالَة فَإِذا كَانَ مُسْتَقِيمًا فَهُوَ دلَالَة الى الصَّوَاب والايمان هدى لنه دلَالَة الى الْجنَّة وَقد يُقَال الطَّرِيق هدى وَلَا يُقَال أرشده الا إِلَى المحبوب والراشد الَّذِي صلح بِمَا فِيهِ نَفسه مِمَّا يبْعَث على الْخَيْر والراشد الْقَابِل لما دلّ عَلَيْهِ من طَرِيق الرش والمرشد الْهَادِي للخير وَالدَّال على طَرِيق الرشد وَمثل ذَلِك مثل من يقف بَين طَرِيقين لَا يدْرِي أَيهمَا يُؤَدِّي الى الْفَرْض الْمَطْلُوب فَإِذا دله عيه دَال فَقده أرشده وغذا قبل هُوَ قَول الدَّال فسلك قصد السَّبِيل فَهُوَ رَاشد وَإِذا بعثته نَفسه على سلوك الطَّرِيق القفاصد فَهُوَ رشيد والرشاد والسداد وَالصَّوَاب حق من يعْمل عَلَيْهِ أَن ينجو وَحقّ من يعْمل على خِلَافه أَن يهْلك.
الفروق اللغوية-أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري-توفي:نحو: 395هـ/1005م
20-الفروق اللغوية للعسكري (الفرق بين البعث والإرسال)
الْفرق بَين الْبَعْث والإرسالأَنه يجوز أَن يبْعَث الرجل إِلَى الآخر لحَاجَة تخصه دُونك وَدون الْمَبْعُوث إِلَيْهِ كَالصَّبِيِّ تبعثه إِلَى الْمكتب فَتَقول بعثته وَلَا تَقول أَرْسلتهُ لِأَن الْإِرْسَال لَا يكون إِلَّا برسالة وَمَا يجْرِي مجْراهَا.
الفروق اللغوية-أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري-توفي:نحو: 395هـ/1005م
21-تعريفات الجرجاني (الإرهاص)
الإرهاص: إحداث أمر خارق للعادة دال على بعثة نبي قبل بعثته.التعريفات-علي بن محمد الجرجاني-توفي: 816هـ/1413م
22-تاج العروس (تب تبب تبتب)
[تبب]: التَّبُّ: الخَسَارُ وَالتَّبَبُ مُحَرَّكَةً والتَّبَابُ كسَحَاب والتَّبِيبُ كأَمِير: الهَلَاكُ والخُسْرَانُ، والتَّتْبِيبُ تَفْعِيلُ: النَّقْصُ والخَسَارُ المُؤَدِّي للْهَلَاكِ، كَذَا قَيَّدَهُ ابنُ الأَثِيرِ، وفي التنزيل العزيز: {وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} قال أَهلُ التفسيرِ: غَيْرَ تَخْسِيرٍ، ومنه قولُهُ تعالى: {وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلّا فِي تَبابٍ} أَيْ فِي خسْرَانٍ.وتَبًّا لَهُ عَلَى الدُّعَاءِ، نُصِبَ لأَنَّه مَصْدَرٌ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِه، كَمَا تَقُولُ: سَقْيًا لفُلَانٍ، مَعْنَاهُ سُقِيَ فُلانٌ سَقْيًا، ولمْ يُجْعَلِ اسْمًا مُسْنَدًا إِلى ما قَبْلَهُ وتَبًّا تَبِيبًا، مُبَالَغَةٌ وتَبَّ تَبَابًا، وتَبَّبَهُ: قَالَ له ذلِكَ أَيْ تَبًّا، كَمَا يُقَالُ جَدَّعَه وعَقَّرَه تقول: تَبًّا لِفُلَان، ونَصْبُهُ عَلَى المَصْدَرِ بإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ أَلْزمه اللهُ خُسْرانًا وهَلاكًا، وتَبَّبُوهُمْ تَتْبِيبًا: أَهْلَكُوهُمْ. وتَبَّبَ فُلَانًا: أَهْلَكَهُ.
وفي التنزيل العزيز: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} يقالُ تَبَّتْ يَدَاهُ أَي ضَلَّتَا وخَسِرَتَا قال الراجزُ:
أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقَةٍ لَمْ تُسْتقَلْ *** تَبَّتْ يَدَا صَافِقِها مَاذَا فَعلْ
ونَقَلَ شيخُنَا عن المصباح: تَبَّتْ يَدُهُ تَتِبُّ، بالكَسْرِ:
خَسرَت، كِنَايَة عنِ الهَلَاكِ، وهو ظاهرٌ في المَجَازِ كما صَرَّح به الزمخشريُّ وغيرُه من الأَئمَّةِ.
والتَّابُّ بتَشْدِيدِ المُوَحَّدَة: الكَبِيرُ مِنَ الرِّجَالِ والأُنْثَى: تابَّةٌ، عن أَبي زَيْدٍ. وفي الأَساس: ومنَ المَجَاز: تَبَّ الرَّجُلُ: شَاخَ، وكُنْت شَابًّا فَصِرْت تَابًّا، شُبِّه فَقْدُ الشَّبَابِ بالتَّبَابِ، وشَابَّةٌ أَمْ تَابَّةٌ وقيلَ: التَّابُّ: الرَّجُلُ الضَّعيفُ، والتَّابُّ أَيْضًا: الجمَلُ، والحِمَارُ قَدْ دَبِرَ، بالكَسْرِ، ظَهْرُهُمَا يُقَالُ: حِمَارُ تَابٌّ وجَمَلٌ تَابٌّ الجمع: أَتْبَابٌ، هُذَلِيّة نَادِرَة.
وتَبَّ الشَّيْءَ: قَطَعَهُ وتَبَّ إِذَا قَطَعَ ومنه التَّبُّوبُ كالتَّنْورِ وضَبَطَه الصاغَانيُّ كصَبُورٍ: المَهْلَكَةُ يُقَال: وَقَعُوا فِي تَبُّوبٍ مُنْكَرَة أَيْ مَهْلَكَةٍ. والتَّبُّوبُ كَتَنُّورٍ: ما انْطَوَتْ علَيْهِ الأَضْلَاعُ كالصَّدْرِ والقَلْبِ، نَقَلَه الصاغانيّ.
قلت: والصَّحِيحُ في المَعْنَى الأَخِيرِ أَنَّهُ البَتُّوت: بالتَّاءَيْنِ آخِرَه، وقد تَصَحَّفَ عَلَيْه. وقَلَّدَهُ المُصَنِّف.
واسْتَتَبَّ الأَمْرُ: تَهَيَّأَ واسْتَوَى، واسْتَتَبَّ أَمْرُ فُلَانٍ، إِذَا اطَّرَدَ واسْتَقَامَ وتَبَيَّنَ، وأَصْلُ هذَا منَ الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ، وهو الَّذِي خَدَّ فيه السَّيَّارَةُ أُخْدُودًا فَوَضَحَ واسْتَبَانَ لمَن يَسْلُكُهُ، كأَنَّهُ تُبِّبَ بكَثْرَةِ الوَطْءِ وقُشِرَ وَجْهُهُ فَصَار مَلْحوبًا بَيِّنًا مِنْ جَمَاعَةِ ما حَوَالَيْهِ منَ الأَرْضِ، فشُبِّه الأَمْرُ الوَاضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ به، وأَنْشَدَ المَازِنيُّ في المَعَانِي:
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلامِ بَعَثْتُهُ *** يَشْكُو الكَلالَ إِلَيَّ دَامِي الأَظْلَلِ
أَوْدَى السُّرَى بِقَتَالِه ومِزَاجِهِ *** شَهْرًا نَوَاحِي مُسْتَتِبٍّ مُعْمَلِ
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَه *** ضَاحِي المَوَارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
نَصَبَ نَواحِيَ لأَنَّه جَعَلَهُ ظَرْفًا، أَرَادَ في نَوَاحِي طَرِيقٍ مُسْتَتِبٍّ، شَبَّه ما في هذا الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ من الشَّرَكِ والطُّرُقَاتِ بآثَارِ السِّنِّ، وهو الحَديدُ الذِي تُحْرَثُ به الأَرْضُ، وقال آخَرُ في مِثْلِه:
أَنْصَبْتُهَا مِنْ ضُحَاهَا أَوْ عَشِيَّتِهَا *** فِي مُسْتَتِبٍّ يَشُقُّ البِيدَ وَالأَكَمَا
أَيْ في طَرِيقٍ ذي خُدُودٍ أَيْ شُقُوقٍ مَوْطُوءٍ بَيِّن، وفي حدِيثِ الدُّعَاءِ: «حَتَّى اسْتَتَبَّ لَهُ مَا حَاوَلَ في أَعْدَائِك» أَيِ اسْتَقَامَ واسْتَمرَّ، كُلُّ هذَا في لسان العرب. ومُقْتَضَى كَلَامِه أَنَّه من المَجازِ، وهكذا صرَّحَ به الزمخشريُّ في الأَساس، والمُؤَلِّفُ أَعْرَضَ عن ذِكْرِ الاسْتِتْبَابِ وتَرَكَ ما اشْتَدَّ إِليه الاحْتيَاجُ لِأُولِي الأَلْبَابِ، وأَشَار شيخُنَا، إِلى نُبْذَةٍ منه من غَيْرِ تَفْصِيلٍ، ناقلًا عنِ ابنِ فَارِسٍ وابن الأَثيرِ، وفيما ذَكَرْنَا مَقْنَعٌ للحاذِق البَصِير، ويُفْهَمُ من تقرِير الشَّرِيشِيِّ شارحِ المقَامَاتِ عند قول الحَرِيرِيِّ في «الدِّينَارِيَّةِ»: كَمْ آمِر به اسْتَتَبَّتْ إِمْرَتَهُ؛ أَي اسْتَتَمَّتْ، الميمُ بَدَلُ البَاءِ وأَنَّ نَفْي النَّفْيِ إِثْبَاتٌ.
والتِّبَّةُ بالكَسْرِ وتَشْدِيدِ المُوَحَّدَةِ: الحَالَةُ الشَّدِيدَةُ: وفي التَكْمِلَة: يقالُ: هُوَ بِتِبَّةٍ أَيْ حَال شَدِيدَةٍ.
ويُقَالُ: أَتَبَّ اللهُ قُوَّتَهُ أَيْ أَضْعَفَهَا وهُوَ مَجَازٌ. وَتَبْتَبَ، كَدَحْرَجَ: شَاخَ مِثْلُ تَبَّ، نَقَله الصاغانيّ، وهو مَجَاز.
والتَّبِّيّ بالفَتْح ويُكْسَرُ: تَمْرٌ بالبَحْرَيْنِ كالشِّهْرِيزِ بالبَصْرَة، وهو بالكَسْرِ، وقال أَبو حنيفة: وهو الغَالِبُ على تَمْرِهِمِ، يَعْنِي أَهُلَ البَحْرِينِ. وفي التهذِيب: رَدِيءٌ يأْكُلُهُ سُقَّاطُ النَّاسِ، قَالَ الجَعْدِيُّ:
وأَعْرَضَ بَطْنًا عنْد دِرْعٍ تَخَالُهُ *** إِذا حُشيَ الِتَّبِّيَّ زِقَّا مُقَيَّرَا
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
23-تاج العروس (نجب)
[نجب]: النَّجِيبُ، والنُّجَبَةُ كَهُمَزَةٍ مثله في الصَّحَاح ولسان العرب والمُحْكَم، خلافًا للعَلَم السَّخَاوِيّ في سِفْر السَّعادة، فإِنّه قال: النَّجيبُ: الكَرِيمُ، فإِذا انْفَرَد بالنَّجَابةِ منهم، قيل: هو نُجَبةُ قَوْمِه، وِزانُ حُلَمةٍ. وعبارةُ الصَّحاح: يُقَالُ: هو نُجَبةُ [القَوْمِ] إِذا كان النَّجِيبَ منهم. عن ابْنِ الأَثير: النَّجِيبُ: الفاضلُ من كُلّ حيوان. وقال ابْنُ سِيدهْ: والنَّجِيبُ من الرِّجالِ: الكَرِيمُ الحَسيبُ، وكذلك البعيرُ والفَرَسُ، إِذا كانا كَريميْنِ عَتِيقَيْنِ. الجمع: أَنْجابٌ، ونُجَبَاءُ، ونُجُبٌ بضَمَّتَيْنِ. ورجُلٌ نَجِيبُ: أَي كريمٌ بيِّنُ النَّجَابَةِ.والنَّجِيبِ من الإِبِلِ، مفردًا ومجموعًا، وهو القَوِيُّ منها، الخفيفُ السَّرِيعُ.
ونَاقَةٌ نَجِيبٌ، ونَجِيبَةٌ. ج: نَجَائِبُ ونُجُبٌ.
وقَدْ نَجُبَ الرَّجُلُ يَنْجُبُ، ككَرُمَ، نَجَابةً: إِذا كان فاضِلًا نَفيسًا في نَوْعه، ومنهالحديث: «إِنّ الله يُحِبُّ التّاجِرَ النَّجِيبَ»، أَي: الفاضلَ الكريمَ السَّخِيَّ.
وقَدْ نَجُبَ الرَّجُلُ: أَي وَلَدَ نَجِيبًا، قال الأَعْشَى:
أَنْجَبَ أَزمانَ والِداهُ بِهِ *** إِذْ نَجَلَاهُ فَنِعْمَ ما نَجَلَا
ورُوِيَ «أَيّامَ» بدل «أَزْمانَ». ووجدتُ في هامش الصَّحاح: ويُرْوَى «أَيَّامُ وَالِدَيْه» برَفْعِ أَيّام مضافةً إِلى الوالدينِ، فتكون الأَيّامُ فاعلةَ أَنْجَبَ» على المَجَاز وفي الرِّواية الأُولى يكون في «أَنْجَبَ» ضميرٌ من الممدوح، ووالداه رُفعَ بالابتداءِ، والخَبَرُ محذُوفٌ، تقديرُه: أَيَّامَ والداهُ مسرورانِ به، لأَدَبِهِ وكَوْنِه، وما أَشبهَ ذلك.
وأَنْجَبَتِ المرأَةُ. وتقول: رَجُلٌ مُنْجِبٌ كمُحْسِنٍ، وامْرَأَةٌ مُنْجِبَةٌ، ومِنْجابٌ بالكسر: إِذا وَلَدا النُّجَبَاءَ الكُرَمَاءَ من الأَولاد.
وامرأَةٌ مِنْجَابٌ: ذاتُ أَولادٍ نُجَبَاءَ، ونِسوة مَنَاجِيبُ.
والنَّجَابَةُ مصدرُ النَّجِيبِ من الرِّجَال، وهو الكَرِيمُ ذو الحَسَبِ إِذا خَرَج خُرُوجَ أَبِيه في الكرَم، والفِعْل، وكذلك النَّجابَةُ في نَجائب الإِبِلِ، وهي عِتاقُها الّتي يُسابَقُ عليها.
والمُنْتَجَبُ، على صيغة المفعول: المُخْتارُ من كلّ شيْءٍ.
وقد انْتَجَبَ فلانٌ فُلانًا: إِذا استَخلَصه، واصْطفاهُ اختيارًا على غيره.
والمِنْجَابُ بالكسر: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ، وجمعُه مَناجِيبُ قال عُرْوَةُ بْنُ مَرَّةَ الهُذَلِيُّ:
بَعَثْتُهُ في سَوادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُني *** إِذْ آثَرَ النَّوْمَ والدِّفْءَ المناجِيبُ
ويُرْوَى «المَنَاخِيبُ»، وسيأْتي.
وقال أَبو عُبَيْدٍ: المِنْجَابُ: السَّهْمُ المَبْرِيُّ بلا رِيشٍ، ولا نَصْلٍ. وقال الأَصْمَعِيُّ: المِنْجَابُ من السِّهام: مَا بُرِيَ وأُصْلِح وَلم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ، ونقل الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ: المِنْجَابُ: السَّهْمُ الّذِي ليس عليه ريشٌ ولا نَصْلٌ.
والمِنْجَابُ: الحَدِيدَةُ تُحَرَّكُ بها النّارُ، وذا من زياداته.
والمَنْجُوبُ: الإِناءُ الواسعُ الجَوْفِ وعبارة الصَّحاح: القَدَحُ الواسع. وقيل: واسع القَعْرِ، وهو مذكور بالفاءِ أَيضًا، قال ابْنُ سِيدَهْ: وهو الصَّواب. وقال غيره: يجوزُ أَنْ يكونَ الباءُ والفاءُ تعاقَبَا، وسيأتي.
والنَّجَبُ، مُحَرَّكَةً: لِحاءُ الشجَرِ، أَو قِشْرُ عُرُوقِها، أَو قِشْرُ ما صَلُبَ منها. ولا يُقالُ لِما لانَ من قُشُورِ الأَغْصَانِ: نَجَبٌ، ولا يُقَالُ: قِشْرُ العُرُوق، ولكن يُقَالُ: نَجَبُ العُرُوقِ، والواحدة نَجَبَة.
والنَّجْبُ، بالتَّسكين: مصدرُ [قولك]: نَجَبْتُ الشجرَةَ أَنْجُبُها وأَنجِبُها، إِذا أَخذتَ قِشْرَةَ ساقِها. وقال ابْنُ سِيدَهْ: نَجَبَهُ يَنْجُبُه بالضَّمّ، ويَنْجِبُه بالكسر، نَجْبًا، ونَجَّبَهُ تَنْجِيبًا، وانْتَجَبهُ: أَخذَ قِشْرَه.
وذَهَبَ فُلانٌ يَنْتَجِبُ: أَي يجمعُ النَّجَبَ.
وسقَاءٌ مَنْجُوبٌ. وقال أَبو حنيفَةَ: قال أَبو مِسْحَلٍ: سِقَاءٌ مِنْجَبٌ، كمِنْبرِ. قال ابنُ سِيدَهْ: وهذا ليْسَ بشيْءٍ؛ لأَنّ مِنْجَبًا مِفْعَل، ومفْعَلٌ لا يُعَبَّرُ عنه بمفعول وسِقَاءٌ نَجَبِيٌّ مُحَرَّكَةً، كلُّ ذلك: أَي مَدْبُوغٌ بِهِ، أَي: بالنَّجَب، وهو لِحَاءُ الشَّجرِ. أَو المنجوب: المدبوغ بقُشُورِ سُوقِ الطَّلْحِ.
وبخطّ أَبِي زَكَرِيّا في هامش الصَّحاح: بقُشُورِ الطَّلْح، وهو خطأٌ. وقولُ الشّاعرِ:
يا أَيُّها الزَّاعِمُ أَنِّي أَجْتَلِبْ *** وأَنَّنِي غيْرَ عِضاهِي أَنْتَجِبْ
فمعناه: أَنَّني أجْتَلِبُ الشِّعْرَ من غيري، فكأَنّي إِنّما آخُذُ القِشْرَ لأَدْبُغَ به من عِضاهٍ غيرِ عِضاهِي.
والنَّجْبُ، بالفتح، ذكرُ الفتح مُسْتَدْرَكٌ: السَّخِيُّ الكَرِيمُ، كالنَّجِيبِ، وهو صريحٌ في أَنّه صفةٌ عليه، كالضَّخْم من ضَخُمَ؛ قاله شيخُنا.
والنَّجْبُ: موضع لِبَنِي كَلْبِ، هكذا في النُّسخ، وصوابه: بني كِلابٍ، كذا في المُعْجَم، وقال القَتّالُ الكِلابيُّ:
عَفا النَّجْبُ بَعْدِي فالعُرَيْشَانِ فالبُتْرُ *** فَبُرْقُ نِعَاجٍ من أُمَيْمَةَ فالحِجْرُ
ونَجَبٌ بالتَّحْرِيكِ، ومُعَاذٌ وادِيان وَرَاءَ مَاوَانَ في دِيار مُحَارِبَ، ويقال له: ذو نَجَبٍ أَيضًا.
وفي حديث ابْن مسعود: «الأَنعامُ من نَجَائِبِ القُرآنِ» أَي: أَفْضَلُهُ ومحْضُهُ، أَي: من خالص سُوَرِهِ وأَفاضِلها.
ونَواجِبُهُ، أَي: لُبَابُه الَّذي ليس عليه نَجَبٌ؛ أَي قشرٌ ولِحَاءٌ، أَو عِتَاقُهُ، من قولهم: نَجَبْتُهُ: إِذا قَشَرْتَ نَجَبَهُ. قالهُ شَمِرٌ، ولا يخفى أَنّهما قولٌ واحد، فلا حاجةَ إِلى التّفريق ب «أَوْ».
والنُّجْبَة، بالضَّمّ: ماءٌ لبَنِي سَلُولَ، بالضُّمْرَيْنِ.
ونَجْبَةُ، بفتح فسكون: قَرْيَة من قرَى البَحْرَيْنِ لِبني عامِرِ بْنِ عبد القَيْس، كذا في المُعْجم. وفي لسان العرب: النَّجَبَةُ، محرَّكةً: موضع بعَيْنه، عن ابن الأَعْرَابيّ؛ وأَنشد:
فَنَحْنُ فُرْسَانٌ غَدَاةَ النَّجَبَهْ *** يَوْمَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ أُرَبَهْ
عَقْدًا بعَشْرِ مِائَةٍ لن تُتْعِبَهْ
قال: أَسَرُوهُم، فَفَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةٍ.
وذُو نَجب، مُحَرَّكَةً: واد لِمُحارِبَ ولا يَخفى أَنَّهُ الّذِي تقدَّمَ ذكرُه آنِفًا، ولَهُ يَوْمٌ، أَي: معروفٌ. قال ياقوت: كانت فيه وَقعةٌ لبني تَمِيمٍ على بني عامِرِ بْنِ صَعْصَعةَ، وفيه يقول سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيّ:
وَنَحْنُ ضَرَبْنَا هامَةَ ابْنِ خُوَيْلدٍ *** يَزِيدَ وضَرَّجْنا عُبيْدةَ بالدَّمِ
بذِي نَجَبٍ إِذْ نَحنُ دُونَ حَرِيمِنا *** عَلى كُلِّ جَيَّاشِ الأَجارِيّ مِرْجَمِ
وأَنشد البَلاذُرِيُّ في المعالم لجَرِيرٍ:
فاسأَلْ بِذِي نَجَبٍ فَوارِسَ عَامِرٍ *** واسْأَلْ عُيَيْنَةَ يوْم جَزْعِ ظلالِ
وقال أَيضًا:
مِنّا فَوَارِسُ ذِي نَهْدٍ وذِي نَجَبٍ *** والمُعْلَمُونَ صَبَاحًا يومَ ذِي قارِ
وقال الأَشْهَبُ بْنُ رُمَيْلَةَ:
وغادَرْنَا بِذِي نَجَبٍ خُلَيْفًا *** عليهِ سَبائِبٌ مِثْلُ القِرَامِ
واختلفت أَقَاوِيلُهُم في سبب الحرب، ليس هذا محلَّها.
وأَنْجَبَ الرَّجُلُ: جاءَ بوَلَدٍ نَجِيبٍ، وأَنْجَبَ: ولَدَ وَلَدًا جَبَانًا، وهو ضِدٌّ. فمن جعله ذَمًّا، أَخذه من النَّجَبِ، وهو قشرُ الشَّجَر. قال شيخُنَا: وقد يُقَالُ: لا مُضَادَّةَ بينَ النَّجَابة والجُبْن، فإِنّ النَّجابةَ لا تقتضي الشَّجَاعَةَ حتّى يكونَ الجَبَانُ مُقَابِلًا له وضِدَّه، فإِنّ النَّجَابَةَ هي الحِذْقُ بالأَمْرِ والكرَمُ والسَّخَاءُ، وهذا لا يَلْزَمُ منه الشّجَاعَةُ، بل قد يكونُ الشّجَاعُ غيرَ نَجِيبٍ، ويكونُ النَّجِيبُ غيرَ شُجَاعٍ، وهو ظاهر. فلا مُضَادَّةَ. انتهى.
ونَجِيبُ بْنُ مَيْمُون الواسطيُّ: مُحَدِّثُ هَرَاةَ.
وأَبُو النَّجِيب عبدُ القاهرِ بْنُ عبدِ الله بنِ محمّد البَكْريُّ الفَقيه الزَّاهِدُ السَّهْرَوَرْدِيُّ، إِلى سُهْرَوَرْدَ، قريةٍ بين زَنْجَانَ وهَمَذَانَ: مُحَدِّثانِ وإِلى الثّاني نُسِبَتِ المحلّةُ النَّجِيبيّةُ ببغدادَ، والطَّرِيقَةُ السُّهْرَوَرْدِيّة، وهو عَمُّ الإِمَام شِهابِ الدّين أَبي حَفْصٍ السُّهْرَوَرْدِيّ البَكْرِيِّ صاحِب الشِّهابيّة؛ ولهما في كتب التّواريخ تراجمُ جَمّةٌ، ليس هذا مَحلَّ ذِكرِها.
وفاتَهُ: نَجِيبُ بْنُ السَّرِيّ، رَوى عنه محمّدُ بْنُ حِمْيَرْ؛ وأَحمد بْنُ نَجِيبِ بنِ فائزٍ العَطّار، عن ابن المعْطُوشِيّ، ومحمد بْنُ عبد الرَّحمن بْنِ مَسْعُودِ بنِ نَجيبٍ الحِلّيّ، عن ابْنِ قُلَيْبٍ، ونجيبُ بنُ أَبي الحسَن المقري. ذكرهم ابنُ سليم. ونَجِيبُ بْنُ عَمَّارِ بنِ أَحمد الأَمير، أَبو السَّرايا، روى عن أَبي نَصْر. وأَبو النَّجِيب عبدُ الغَفّارِ الأُمويُّ. وأَبو النَّجِيبِ ظليمٌ: تابِعِيٌّ، روى عن أَبي سعيدٍ. وأَبو النّجيب المَرَاغِيّ: شاعِر. ذكرهم ابْنُ ماكُولا.
* ومِمّا يُسْتَدْرَكُ على المؤلّف: نَجْبَةُ النَّمْلَةِ، بالفتح: قَرْصُهَا، في حديثِ أُبَيٍّ: «المُؤْمِنُ لا تُصِيبُه ذَعْرَةٌ، ولا عَثْرَةٌ، ولا نَجْبةُ نَمْلَة، إِلّا بذَنْب». قال ابْنُ الأَثِيرِ: ذكرَه أَبو مُوسَى هاهُنا. ويُرْوَى بالخاءِ المُعْجَمَةِ، كما سيأْتي. ونقله ابْنُ الأَثِيرِ عن الزَّمَخْشَرِيّ بالوَجْهيْنِ.
ومِنْجابٌ، ونَجَبةُ: اسْمانِ.
وحَمّامُ مِنْجَابٍ: بالبَصْرَة، قال ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِلى مِنْجابِ بْن راشِدٍ الضَّبِّيِّ، وقال أَبو منصورٍ الثّعالبيُّ: إِلى امْرَأَةٍ، وفيه يقولُ القائلُ:
يا رُبَّ قائِلَةٍ يَوْمًا وقد تَعِبَتْ *** كَيْفَ السَّبِيلُ إِلى حَمَّامِ مِنْجَابِ
قلت: ومِنْجَابُ بْنُ راشِد النّاجي: يقالُ: له صُحْبَةٌ. وأَمّا الّذِي نُسبَ إِليه الحَمّامُ فهو مِنجابُ بْنُ راشدِ بن أَصْرمَ الضَّبِّيُّ، نزل الكُوفَةَ، وعنه ابْنُهُ سَهْمٌ. وكان شريفًا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
24-تاج العروس (نخب)
[نخب]: النُّخْبَةُ، بالضَّمِّ، والنُّخَبَةُ كهُمَزَةٍ، الأَوّلُ قولُ أَبِي منصور وغيرِه، والثّاني قولُ الأَصمَعيّ، وهي اللُّغَة الجَيِّدة: المُخْتَارُ، وجمع الأَخيرِ: نُخَبٌ، كرُطْبَة ورُطَب.وانْتَخَبَهُ: اخْتَارَهُ.
ونُخْبَةُ القَوْمِ ونُخَبَتُهُمْ: خِيارُهم. وجاءَ في نُخَبِ أَصحابِهِ: أَي في خِيَارِهِم والنُّخْبَةُ: الجماعةُ تُخْتَارُ من الرِّجال فتُنْزَعُ منهم؛ وفي حديثِ عليٍّ، وقِيلَ: عُمَرَ، رضي الله عنهما: «وخَرَجْنا في النُّخْبَة».
وهم المُنْتَخَبُون من النّاس المُنْتقَوْنَ. وفي حديثِ ابْنِ الأَكْوعِ: «انْتَخَبَ من القَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ».
ونُخْبةُ المتَاعِ: المُخْتَارُ يُنْتَزَعُ منه. وعن اللَّيْث: انْتَخَبْتُ أَفْضَلَهُم نُخْبَةً، وانْتَخَبْتُ نُخْبَتَهُم.
والنَّخْبُ: النِّكَاحُ، وعبارةُ الجَوْهَرِيّ: البِضَاعُ. أَو نَوْعٌ منه. قاله ابْنُ سيدهْ. وقال: وعَمَّ به بعضُهم.
وفِعْلُه كمَنَع ونَصَر. نَخَبَها النَّاخِب، يَنْخَبهَا، ويَنْخُبهَا، نَخْبًا.
والنَّخْبُ العضُّ، والقَرْصُ. يقال: نَخَبتِ النمْلةُ، تَنْخُب: إِذا عَضَّتْ. قال ابْنُ السّيد: ونَخْبَةُ النَّمْلِة والقَمْلةِ: عَضَّتُهُما. ومثلُهُ في النِّهَاية، ونقله عن الزَّمَخْشَرِيّ بالجِيم والخاءِ المُعْجمَةِ، وذكر الحديثَ ورفَعَه: «ولا يُصِيبُ المؤْمِنَ مُصِيبةٌ ولا ذَعْرةٌ، ولا عَثْرةُ قَدَم، ولا اخْتِلاجُ عِرْقٍ، ولا نَخْبَةُ نَمْلَةٍ، إِلّا بذَنْبٍ، وما يَعْفُو اللهُ أَكْثَرُ».
وكذا ذكرَه أَبو موسى بهما.
والنَّخْبُ: النَّزْعُ، تقول: نَخَبْتُه، أَنْخُبُه: إِذا نَزَعْتَهُ، وانْتَخَبَهُ: انْتَزَعهُ. وفِعْلُهما، كنَصَر، على ما بيَّنَاه.
والنَّخْبُ الاسْتُ، كالمَنْخَبَة الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ. والّذِي في لسان العرب: النَّخْبةُ، بزيادة الهاءِ؛ قال:
واخْتَلَّ حَدُّ الرُّمْحِ نَخْبَةَ عامرٍ *** فَنَجَا بِها وأَقَصَّهَا القَتْلُ
وقال الرّاجِز:
إِنَّ أَباكِ كَانَ عَبْدًا جازِرا *** ويأْكُلُ النَّخْبَةَ والمَشَافِرا
قال: والمَنْخَبةُ: اسم [أُمِّ]، سُوَيْدٍ.
والنَّخْبُ الشَّرْبَةُ العَظيمَةُ، عن أَبي زَيْدٍ، ونَصُّه: النُّخْبَةُ بالضَّمّ مع الهاءِ. قال الصَّاغانيُّ: وهي بالفارِسِيَّةِ دُوسُتكَاني، بالضَّم.
والنَّخْبُ: الجُبْنُ، وضَعْفُ القلب. يقال رَجُلٌ نَخِبٌ ككَتِفٍ، ونَخْبٌ بفتح فسكون، ونَخَبَةٌ بزيادة الهاء ونُخْبَةٌ بالضَّمّ، ونِخَبٌ كهِجَفٍّ، وهذه عن الصّاغانيّ، ومُنْتَخَبٌ على صيغة المفعول، ومَنْخُوبٌ، ونِخِبٌّ، بكسر الأَوّل والثّاني مع تشديد المُوَحَّدَة، لغةٌ في: نِخَبٍّ، كهِجَفٍّ، نقله الصّاغانيُّ، وقال: أَكثرُ ما يُرْوَى في شعر جَرِير. ويَنْخُوبٌ، ونَخِيبٌ، كأَمِير: جبانٌ كأَنَّهُ مُنْتَزَعُ الفؤَادِ أَي: لا فُؤَادَ له، أَو الّذي ذهب لَحْمُهُ وهُزِلَ.
واقتصر الجَوْهَرِيّ على الأَوّل، والعاشِرِ، والسّابِعِ، والسّادِسِ، وفسَّره بِما ذكرنا.
زاد في لسان العربِ: ومنه نَخَبَ الصَّقْرُ الصَّيْدَ: إِذا انْتَزَع قَلْبَهُ. وفي حديثِ أَبِي الدَّرْداءِ «بِئسَ العَوْنُ على الدِّينِ قَلْبٌ نَخِيبٌ، وبَطْنٌ رَغِيبٌ» النَّخِيبُ: الجَبَانُ الّذِي لا فُؤَادَ له، وقيل: هو الفاسِدُ الفِعْلِ.
الجمع: أَي جمعُ النَّخِيب: نُخُبٌ بضم النون والخاءِ. وأَمَّا المَنْخُوب، فإِنّه يُجْمَعُ على المنْخُوبِينَ. قال ابْنُ الأَثِيرِ: وقد يُقَالُ في الشِّعْر، على مَفَاعِلَ: مَناخِبُ. وقال أَبو بكر: يقال لِلْجَبَانِ نُخْبَةٌ، وللجُبَنَاءِ نُخَبَاتٌ؛ قال جَرِيرٌ يهجو الفَرَزْدَقَ:
أَلَمْ أَخْصِ الفَرَزْدَقَ قد عَلِمْتُمْ *** فأَمْسَى لا يَكِشُّ مع القُرُومِ
لَهُمْ مَرٌّ وللنُّخَبَاتِ مَرٌّ *** فَقَدْ رَجَعُوا بِغَيْرِ شَظًى سَلِيمِ
والنَّخِبُ، كَكَتِفٍ، واد بالطَّائفِ، عن السَّكُونيّ: وأَنشدَ:
حَتَّى سمِعْتُ بِكُمْ وَدَّعْتُمُ نَخِبًا *** ما كانَ هذا بحِينِ النَّفْرِ من نَخِبِ
وقال الأَخفش: نَخِبٌ: وادٍ بأَرْضِ هُذَيْل: وقيل: واد من الطَّائِف على ساعةٍ. ورواه بفتحتينِ، مَرَّ به النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، من طريقٍ يقال لها الضَّيْقَة، ثم خَرَجَ منها على نَخِبٍ حتى نَزَلَ تَحْتَ سِدْرَةٍ، يقالُ لها: الصّادِرَةُ، كذا في المُعْجَم. قلتُ: وفي حديثِ الزُّبَيْرِ: «أَقْبَلْتُ مع رسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ لِيَّةَ، فاستَقْبَلَ نَخِبًا ببَصَرِهِ» قال ابْنُ الأَثِيرِ: هو اسْمُ مَوْضِع هُنَاك؛ قال أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ظَبْيَةً وَوَلَدَهَا:
لَعَمْرُكَ ما خَنْساءُ تَنْسَأُ شادِنًا *** يَعِنُّ لها بِالجِزْعِ من نَخِبِ النَّجْلِ
أَراد: من نَجْلِ نَخِبٍ؛ فقلَبَ؛ لِأَنَّ النَّجْلَ الّذِي هو الماءُ في بُطُونِ الأَوْديةِ جِنْسٌ، ومن المُحال أَنْ تُضَافَ الأَعْلَامُ إِلى الأَجناس، كذا في لسان العرب. وقال ياقوت: النَّجْل، بالجيم النَّزُّ، وأَضافه إِلى النَّجْل، لِأَن به نِجالًا كما قيل: نَعْمانُ الأَرَاك، لِأَن بهِ الأَرَاك، ويقالُ نَخِبٌ: واد بالسَّرَاةِ.
والمَنخُوبُ: الذّاهبُ اللَّحْمِ المَهْزُولُ، وهم المَنْخُوبُونَ.
والمِنْخابُ: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ الَّذِي لا خَيْرَ فِيهِ، لغة في الجِيم، جمعه: مَنَاخِيبُ. قال أَبو خِراشِ:
بَعَثْتُهُ في سَوَادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُني *** إِذْ آثَرَ الدِّفْءَ والنَّوْمَ المَنَاخِيبُ
قيل: أَراد الضِّعافَ من الرِّجال الَّذِين لا خيرَ عندَهم.
ويروى: المَنَاجِيبُ، وقد تقدَّمَ. وقد يُقَالُ في الشِّعْرِ على: مَنَاخِبَ.
ومن المَجَاز: اسْتَنْخَبَتِ المَرْأَةُ: طلَبَتْ أَنْ تُنْخَبَ، أَي: تُجَامَعَ. وعبارةُ الجَوْهَرِيّ: إِذا أَرادَتْهُ، عن الأُمَوِيِّ؛ وأنشد:
إِذَا العَجُوزُ اسْتَنْخَبَت فانْخُبْهَا *** ولَا تَرَجَّبْهَا ولا تَهَبْهَا
وعن ابنْ الأَعْرَابِيّ: أَنْخَبَ الرَّجُلُ، مثلُ أَنْجَبَ: جَاءَ بوَلدٍ جَبَانٍ، وأَنْخَبَ: جاءَ بوَلَدٍ شُجَاعٍ فهو ضِدٌّ. فالأَوّل من المنخوب، والثّاني من النُّخْبَة.
وممّا يستدرَكُ على المؤلِّف: كَلَّمْتُه فنَخَبَ عَلَيَّ: إِذا كَلَّ عن جوابِك، عن ابْنِ دُرَيْد.
والنَّخْبَةُ خَوْقُ الثَّفْرِ.
وفي النِّهَايَة: النَّخْبُ: خَرْقُ الجِلْد.
والنِّخابُ، بالكَسْر: جِلْدَةُ الفُؤَادِ، قال:
وأُمُّكُمْ سارِقَةُ الحِجَابِ *** آكِلَةُ الخُصْيَيْنِ والنِّخَابِ
وعبدُ الرَّحْمنِ بن مُحَمَّد البِسْطامِيّ، شُهِرَ بابْنِ النِّخابِ، من المُتَأَخِّرِينَ.
وفي المعُجَمِ: يَنْخُوب، بالمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة ثمَّ نون: مَوْضِعٌ، قال الأَعْشَى:
يا رَخَمًا قاظَ على يَنْخُوبِ *** يُعْجِلُ كَفَّ الخارِيءِ المُطِيبِ
وأَنشد ابْنُ الأَعْرَابِيّ لبعضهم:
وأَصْبَحَ ينْخُوبٌ كأَنَّ غُبَارَه *** بَراذِينُ خَيْلٍ كُلُّهُنَّ مُغِيرُ
والينْخُوبَةُ الاسْتُ، قال جَرِيرٌ:
إِذَا طَرَقَتْ يَنْخُوبَةٌ من مُجَاشِعٍ
واليَنْخُوبُ: الطَّويلُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
25-تاج العروس (ندب)
[ندب]: النَّدَبَةُ بفتح فسكون، كذا في النسخة، وهو صريح إِطلاقه. والصّوابُ أَنَّهُ بالتَّحْرِيك في معنى: أَثَرُ الجُرْحِ الباقي على الجِلْدِ إِذا لم يَرتَفع عنه. ج: نَدَبٌ بفتح فسكون، كذا في نسختنا. قال شيخُنَا. هو أَيضًا بالتّحْرِيك، اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ لِنَدَبَةٍ، كشَجَرٍ وشَجَرةٍ، وأَنْدَابٌ، ونُدُوبٌ، بالضَّمّ، كِلاهُمَا جمعُ الجمْعِ. وقيلَ: النَّدَبُ واحدٌ، والجمع أَنْدابٌ ونُدُوبٌ، كذا في اللِّسان وقال شيخُنا: وأَمّا الثّاني فهو جمعٌ لنَدَبٍ، كشَجَرٍ وأَشْجَارٍ، ونُدُوبٌ شاذٌّ، أَو هو جمعٌ لِنَدْبٍ ساكن الوَسَطِ على ما في بعض الأَشعارِ ضَرُورَةً.ونَدِبَ الجُرْحُ، كَفَرِحَ، نَدَبًا: صَلُبَتْ نَدَبَتُهُ، بفتح فسكون، على ما في النُّسَخ، وقد تقدمَ أَنَّ الصَّوَابَ فيه بالتّحريك، كَأَنْدَب، فيه.
ونَدِبَ الظَّهْرُ، يَنْدَبُ، نَدَبًا بالتّحريك ونُدُوبَةً، ونُدُوبًا، بالضَّمّ فيهما، فهو نَدِيبٌ، كذا في النُّسَخ. وفي اللِّسَان: فهو نَدِبٌ، كَفَرِح: صَارَتْ فيه نُدُوبٌ، بالضَّمّ، جمعُ نَدَبٍ، وهو الأَثَرُ وجُرْحٌ نَدِيبٌ: مَنْدُوبٌ، وجُرْحٌ نَدِيب: ذُو نَدَبٍ. وقال ابْنُ أُمِّ حَزْنَةَ يصِفُ طَعنَةً، واسمُه ثَعلبةُ بْنُ عَمْرٍو:
فَإِنْ قَتَلَتْهُ فلم آلُهُ *** وإِنْ يَنْجُ منها فَجُرْحٌ نَدِيبُ
وأَنْدَب بظَهْرِه، وفي ظَهْرِه: غادَرَ فيها نُدُوبًا.
وفِي الصَّحاح: النَّدَبُ: أَثَرُ الجُرْحِ إِذا لم يرتفع عن الجِلْد، قال الفَرَزْدَقُ.
ومُكَبَّلٍ تَركَ الحَدِيدُ بسَاقِهِ *** نَدَبًا من الرَّسَفانِ في الأَحْجالِ
وفي حديثِ مُوسَى، عليه الصَّلاةُ والسَّلام: «وإِنّ بالحجرِ نَدَبًا سِتَّةً أَو سَبْعَةً من ضَرْبِهِ إِيَّاهُ»؛ فشَبَّهَ أَثَرَ الضَّرْب في الحجر بأَثَرِ الجُرْحِ. وفي حديث مجاهِدٍ: «أَنّه قَرَأَ {سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} فقال: ليس بالنَّدَب، ولكنَّهُ صُفْرةُ الوَجْهِ والخُشُوعُ» واستعارَهُ بعضُ الشُّعرَاءِ للعِرضِ، فقال:
نُبِّئْتُ قَافِيَةً قِيلَتْ تَناشَدَها *** قَوْمٌ سَأَتْرُكُ في أَعْرَاضِهِمْ نَدَبا
أَي: أَجْرحُ أَعراضَهم بالهِجاءِ، فيُغادرُ فيها ذلك الجَرْحُ نَدَبًا.
ونَدَبَهُ إِلى الأَمْرِ، كنَصَرَ، يَنْدُبُهُ، نَدْبًا: دعاهُ، وحَثَّهُ.
والنَّدْبُ: أَنْ يَنْدُبَ إِنسانٌ قَومًا إِلى أَمْرٍ أَو حَربٍ أَو مَعُونةٍ، أَي: يدعوهم إِليه، فينْتَدِبُون له، أَي: يُجِيبُونَ ويُسَارِعُونَ. وقال الجَوْهَرِيّ: يقال: نَدَبَهُ للأَمْر، فانْتَدَبَ له؛ أَي دَعاهُ له، فأَجابَ.
ونَدَبَهُ إِلى أَمْرٍ: وَجَّهَهُ إِليه. وفي الأَساس: نُدِب لِكَذا، أَو إِلى كَذَا، فانْتَدَبَ له. وفُلانٌ مندوبٌ لأَمْرٍ عظيم، ومُنَدَّبٌ له.
وأَهلُ مَكَّةَ يُسَمُّونَ الرُّسُلَ إِلى دارِ الخِلافةِ: المُنَدَّبَةَ.
ومن المجاز: أَضَرَّتْ به الحاجَةُ، فأَندَبَتْهُ إِنْدابًا شديدًا: أَي أَثَّرَتْ فيه. وما نَدَبَنِي إِلى ما فَعلتُ إِلّا النُّصْحُ لك.
ونَدَبَ المَيِّتَ بعدَ مَوْتِه، هكذا قاله ابْنُ سِيدَهْ، من غيرِ أَنْ يُقَيِّدَ ببُكَاءٍ، وهو من النَّدَبِ للجِراحِ، لأَنّه احْتراقٌ ولَذْعٌ من الحُزْن. وفي الصَّحاح، نَدَبَ المَيِّتَ: بَكاه، وعبارةُ الجوهريّ: بَكَى عليه وعَدَّدَ مَحاسِنَهُ وأَفْعَالَهُ، يَنْدُبُهُ، نَدْبًا، والاسْمُ النُّدْبَةُ، بالضَّمّ. وفي المُحْكَم: النَّدْبُ: أَنْ تَدْعُوَ النّادِبةُ الميِّتَ بحُسْن الثَّناءِ في قولِها: وا فُلاناهْ: وا هَنَاهْ: واسْمُ ذلك الفِعْلِ: النُّدْبَةُ. وهو من أبوابِ النّحْو: كُلُّ شَيْءٍ في نِدَائهِ واوٌ. فهو من باب النُّدْبَة. وفي الحديثِ «كُلُّ نادِبةٍ، كاذبةٌ إِلا نادبةَ سَعْدٍ»، وهو من ذلك. وأَنْ تَذكُرَ النّائحةُ الميِّتَ بأَحسنِ أَوصافِهِ وأَفعالِه. وفي المِصْباح: نَدَبَتِ المرأَةُ المَيِّتَ، من باب قَتَلَ وهي نادبةٌ، والجمعُ نَوادِبُ، لأَنّه كالدُّعاءِ؛ فإِنّها تُعدِّد مَحَاسِنَهُ، كَأَنَّه يَسمعُها. قال شيخُنَا: ففيه أَنَّ النُّدْبَةَ خاصَّةٌ بالنِّسَاءِ، وأَنّ إِطلاقها على تَعْدادِ محاسِنِ الميّتِ، كالمَجَاز، من: ندَبَهُ إِلى الأَمْر: إِذا دعاهُ إِليه، وكِلاهُمَا صرَّح به جماعةٌ. ثمّ قال: النُّدْبَةُ: مَأْخُوذَةٌ من النَّدَبِ، وهو الأَثَرُ، فكَأَنَّ النَّادِبَ يذكُرُ أَثَرَ مَنْ مَضَى. ويُشْبِهُ أَن يكونَ من النَّدْب، وهو الخِفَّةُ، ورَجُلٌ نَدْبٌ: أَي خَفِيف كما يأْتِي.
والنُّدْبَةُ إِنّما وُضِعَتْ تَخفِيفًا، فهي ثلاثةُ اشتقاقات انتهى.
والمَنْدُوبُ: المُسْتحَبُّ، كذا حَقَّقه الفُقَهاءُ. وفي الحديث «كان له فَرَسٌ يُقَال له المندوبُ» أَي المطلوب، وهو من النَّدَبِ: وهو الرَّهْنُ الّذِي يُجْعلُ في السِّبَاق، وقيل: سُمِّيَ به لِنَدَبٍ كان في جسمه، وهو أَثَرُ الجُرْح كذا في اللّسان.
ومَندُوبٌ، بلا لام: اسْمُ فَرَسِ أَبي طَلْحةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيِّ، القائلِ: أَنَا أَبُو طَلْحَةَ واسْمِي زَيْدْ ركِبَهُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ، صلَّى اللهُ تعالَى عليه وسَلَّمَ، فقال فيه: وإِنْ ـ كما في الصَّحاح ـ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا، وفي رواية: إِنْ وَجَدْناهُ بَحْرًا.
ومَندوبٌ أَيضًا: اسْمُ فَرَسِ مُسْلمِ بْنِ ربيعةَ الباهِلِيِّ.
ومندوب: موضع كانت لهم فيه وَقْعَةٌ، وله يومٌ يسمَّى بِاسْمِهِ.
والنَّدْبُ: الرَّجُلُ الخَفِيفُ في الحاجَةِ، والسَّرِيعُ الظَّرِيفُ النَّجِيبُ وكذلِك الفَرسُ. وفي الأَساسِ: رجل نَدْبٌ: إِذا نُدِبَ؛ أَي وُجِّهَ، لِأَمْر عظيمٍ خَفَّ لَهُ. وأَرَاكَ نَدْبًا في الحوائج. ج: نُدُوبٌ بالضَّمّ، وهو مَقِيسٌ، ونُدَباءُ، بالضَّمِّ مع المدّ: تَوَهَّمُوا فيه فَعِيلًا، فكسَّروه على فُعَلاءَ، ونظيره سمْحٌ وسُمَحَاءُ.
وقَدْ نَدُبَ، كظَرُفَ، يَنْدُبُ، نَدَابَةً: خَفَّ في العَمَل. نقله الصّاغانيُّ.
وفَرَسٌ نَدْبٌ: قَالَ اللَّيْثُ: النَّدْبُ: الفَرَسُ الماضِي، نَقِيضُ البَلِيدِ.
ورَمَيْنَا نَدَبًا، بالتَّحْرِيكِ، وهو الرَّشْقُ بكسر الرّاءِ وفتحها.
وبَيْنَهُمْ نَدَبٌ، وهو الخَطَرُ، والرِّهَانُ. ومنهُ: أَقامَ فلانٌ على نَدَبٍ على خَطَرِ، قال عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وَزَيْدٌ ولمْ أَقُمْ *** على نَدَبٍ يومًا ولي نَفْسُ مُخْطِرِ
مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ: بَطنانِ من بُطُون العرب، وهُمَا جَدّاهُ.
وجدتُ، في هامش نُسَخ الصَّحاح، ما نَصُّه: بخطّ الأَزْهَرِيّ: أَتَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، بالتّاءِ المُثَنّاة. وقال: إِنّهما قَبِيلتانِ.
وفي لسان العرب: السَّبَق، والخَطَرُ، والنَّدَبُ، والقَرَعُ، والوَجْبُ: كُلُّه الّذِي يُوضَعُ في النِّضالِ والرِّهَانِ، فَمنْ سَبَقَ، أَخَذَهُ؛ يقال فيه كُلِّهِ: فَعَّلَ، مُشَدَّدًا، إِذا أَخَذَهُ.
والنَّدَبُ: قَبِيلَةٌ من الأَزْدِ، وهو النَّدْبُ بْنُ الهُون، منها أَبو عَمْرٍو بِشْرُ بْنُ جَرِيرٍ، وفي بعض نُسَخِ الأَنساب: حَرْب، بدل جرير، عن ابْن عمرٍو وأَبي سعيد ورافع بن خَدِيج، وعنه الحمّادانِ: ابْنُ سَلَمَةَ، وابْنُ زَيْدٍ، ضعَّفه أَحمدُ وأَبو زُرْعةَ وابْن مُعين. ومحمَّدُ بْنُ عبدِ الرَّحْمن، نقلهما الصّاغانيّ. وبقولُ أَهلُ النِّضَالِ: نَدَبُنَا يَوْمُ كَذا: أَي يَومَ ابتِدائِنا للرَّمْيِ.
ونَدْبَةُ، كحَمْزَةَ، مولاةُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحارِث الهِلاليّةِ، زوجِ النّبِيّ، صلى الله عليه وسلم لها صُحْبَةٌ ذُكِرَت في حديثٍ لعائشَةَ، رضي الله عنها. روِيَ عن مَعْمَرٍ ضَمُّ نُونِها أَيضًا، ورواه يُونُسُ عن ابْن شِهَابٍ، بضمّ المُوَحَّدة وفتح الدّال وتشديد التَّحْتيّة، نقله الحافظ. والحَسَنُ بْنُ نَدْبَةَ، وهي أُمُّه، وأَبوهُ حَبِيبٌ: محدِّثٌ.
والنَّدْبةُ، بفتح فسكون، مِنْ كُلِّ حافرٍ وخُفٍّ: الّتي لا تَثْبُتُ على حالَةٍ. وفي التَّكْمِلَة: على سِيرَة واحِدَة، نقله الصّاغانيّ.
وعَربِيٌّ نُدْبَةٌ، بالضَّمِّ؛ أَي فَصِيحٌ مِنْطِيقٌ.
وخُفافُ، كغُرَاب، بْنُ نُدْبَةَ، بالضّمِّ: اسْمُ أُمِّه، وكانت سوداءَ حَبَشِيَّةً، ويُفْتح، وعليه اقتصر الجوْهرِيُّ. صحابِيٌّ، وهو أَحدُ أَغْرِبةِ العربِ، كما تقدَّم، وأَبوهُ عُمَيْرُ بْنُ الحارِثِ، السُّلَمِيّ.
وبَابُ المَنْدَب: مَرْسًى بِبحْرِ اليَمنِ، قال ياقوت: هو من نَدَبْتُ الإِنسَانَ لِأَمْرِ: إِذا دَعوْتَهُ إِليه، والموضعُ الّذي يُنْدَبُ إِليه مَنْدَبٌ، سُمِّيَ بذلك لما كَان يُندَب إِليه من عَملٍ. وهو اسمُ ساحِلٍ مقابلٍ لِزَبِيد باليَمَن وهو جَبلٌ مشْرِفٌ، نَدبَ بعضُ الملوكِ إِليه الرِّجالَ حتّى قَدُّوهُ بالمَعاوِلِ، لِأَنّه كان حاجزًا ومانعًا للبحر عن أَن يَنبسِطَ بأَرْض اليَمَن، فأَراد بعضُ الملوك، فيما بَلَغنِي، أَن يُغَرِّق عَدوَّه، فقَدَّ هذا الجَبلَ، وأَنْفَذَه إِلى أَرض اليمنِ، فغَلَبَ على بُلْدان كثيرةٍ وقُرًى، وأَهلَكَ أَهلَها، وصار منه بحرُ اليمنِ الحائِلُ بينَ أَرضِ اليمن والحبشَة، والآخذُ إِلى عَيْذابَ وقُصَيْرٍ إِلى مقابِل قُوص. انتهى. قلت: والمِلكُ هو الإِسكندرُ الرُّومِيّ. ويُحِيط بهذَا المَرْسَى جَبلٌ عظيمٌ، يقال له السُّقُوطْرَى وإِليه يُنْسبُ الصَّبِرُ الجَيِّدُ. ومنه إِلَى المُخَا مسافةُ يومَيْن أَو أَكثرُ، وبَيْنهُ وبينَ عَدَنَ ثلاثُ مَرَاحِلَ.
وضَرَبَهُ، فَأنْدَبَه: أَثَّرَ بجِلْده. وأَنْدَبَهُ الكَلْمُ أَي الجَرْحُ: إِذا أَثَّرَ فيهِ، قال حَسَّانُ بْنُ ثابتِ:
لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلدِ الذَّرِّ *** عليها لأَنْدَبَتْها الكُلُومُ
وأَندَبَ نَفْسَهُ، وأَندَبَ بِهَا: خاطَرَ بِهَا، نقله الصّاغَانيّ.
وفي الحديث: «انْتَدَبَ اللهُ لِمَنْ خَرَجَ في سبيلهِ لا يُخْرِجُهُ إِلّا إِيمانٌ بي، وتَصديقٌ برُسُلِي، أَنْ أَرْجِعَهُ بما نَالَ مِن أَجْرٍ أَو غَنِيمَة، أَو أُدْخِلَه الجَنَّةَ». رواه أَبو هُرَيْرَةَ ورَفَعَه.
أَي أَجَابَهُ إِلى غُفْرَانِهِ، يقال: نَدَبْتُه، فانْتَدَبَ، أَي: بَعَثْتُه ودَعَوْتُه، فَأَجَابَ. أَوْ ضَمِنَ، وتَكَفَّلَ له، أَوْ سَارَعَ بثَوَابِه وحُسْنِ جَزائِهِ. من قولهم: يَنْتَدِبْون له: أَيْ يُجِيبُونَ ويُسارِعون.
وانْتَدَبوا إِليه: أَسرَعوا. وانتَدَبَ القَومُ مِن ذَواتِ أَنفُسِهم أَيضًا دُون أَن يُنْدَبُوا له، أَوْ أَوْجَبَ تَفَضُّلا: أَي حَقَّقَ، وأَحْكَمَ أَنْ يُنْجِزَ لَهُ ذلك نقله ابْنُ الأَثير.
وانْتَدَبَ فُلانٌ لِفُلانٌ عندَ تكلُّمِهِ: عَارَضَهُ في كَلامِه.
وقولهم خُذْ ما انْتَدَبَ، وانْتَدَمَ، واسْتَبَضَّ، واسْتَضَبَّ، وأَوْهَبَ وتَسنَّى: أَي نَضَّ، قاله أَبو عَمْرٍو: ورَجُلٌ مِنْدَبَى، كَهِنْدَبَى، بكسر الدّالِ المُهْمَلَةَ فيهما وفَتْحِهما مقصورًا خَفِيفٌ في الحاجةِ، سريعٌ لقضائها فهو كقولك: رجلٌ نَدْبٌ.
* وممّا يُستدرَكُ عليه: ما وَرَدَ في قولِ عُمَرَ، رضي الله عنه «إِياكُمْ وَرَضَاعَ السُّوءِ فإِنّهُ لا بُدَّ من أَنْ يَنْتَدِبَ»؛ أَي: يَظْهَرَ يومًا ما.
وارْتَمَى نَدَبًا، أَو نَدَبَيْنِ: أَي وَجْهًا، أَو وجهَيْنِ.
والنَّدّابَتَانِ: من شِيَاتِ الخَيْلِ، مَذمومتانِ.
وذُو المَنْدَبِ، من مُلُوكِ الحَبَشَةِ. ونَدِيبَةُ، كسفينة: قَرْيَةٌ بمِصْرَ من أَعمالِ البُحَيْرة.
والمَندوب: الرَّسُولُ، بلُغَةِ مَكَّةَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
26-تاج العروس (بعث)
[بعث]: بَعَثَه، كمَنَعَه يَبْعَثُه بَعْثًا: أَرْسَلَهُ وَحْدَه.وبَعَثَ بِه: أَرسَلَه مع غَيْرِه، كابْتَعَثَه ابْتِعاثًا فانْبَعَثَ.
ومحمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلّم خَيْرُ مَبْعُوثٍ ومُبْتَعَثٍ.
وَبَعَثَه لكذا، فانْبَعَثَ.
وفي حديثِ ابن زَمْعَةَ «انْبَعَثَ أَشْقَاهَا» يقال: انْبَعَثَ فُلان، لشَأْنِه، إِذا ثارَ ومَضَى ذاهِبًا لقضاءِ حاجَتِهِ.
وبَعَثَ النَّاقَةَ: أَثارَهَا فانْبَعَثَتْ: حَلَّ عِقَالَها، أَو كانَتْ بارِكَةً فهَاجَها.
وفي حديث حُذَيْفَة. إِنَّ لِلْفِتْنَةِ بَعَثَاتٍ ووَقَفَاتٍ، فمن اسْتطاع أَنْ يَموت في وَقَفَاتِها فلْيَفْعَلْ.
قوله: بَعَثاتٍ؛ أَي إِثارَاتٍ وتَهْيِيجاتٍ جَمعُ بَعْثةٍ، وكلّ شيْءٍ أَثَرْته فقدْ بَعَثْتَه، ومنهحديثُ عائِشةَ، رضي الله عنْهَا، «فبَعَثْنا البَعِيرَ، فإِذا العِقْدُ تَحْتَه».
وبَعَثَ فُلانًا مِن مَنامه فانْبَعَثَ: أَيْقظَه، وأَهَبَّهُ.
وفي الحديث: «أَتأَني اللَّيْلةَ آتِيَانِ، فابْتعثانِي» أَي أَيْقظانِي من نوْمي، وتأْويلُ البَعْثِ: إِزالةُ ما كان يَحْبِسُه عن التَّصَرُّفِ والانْبِعاث.
وفي الأَساس: بَعَثَهُ، وبَعْثرَهُ: أَثارَه، وعلى الأَمْرِ: أَثارَه. وتوَاصَوْا بالخَيْر، وتبَاعَثُوا عَليْهِ.
والبَعْثُ بفتح فسكون ويُحَرَّكُ وهو لغة فيه: بَعْثُ الجُنْدِ إِلى الغَزْوِ، وبَعَثَ الجُنْدَ يَبْعَثُهُم بَعْثًا، والبَعْثُ يكونُ بَعْثًا للقوْم يُبْعَثُون إِلى وَجْه من الوجُوه، مثل السَّفْرِ والرَّكْب.
والبَعْثُ: الجَيْشُ، يقال: كنْتُ في بَعْثِ فُلانٍ؛ أَي في جَيْشِه الذي بُعث معه، الجمع: بُعُوثٌ، يقال: خَرَج في البُعُوثِ. [وهم] الجُنُودُ يُبْعَثُون إِلى الثُّغُور.
واعلم أَنّ البَعْث في كلام العَرَب على وَجْهَيْن: أَحدُهما: الإِرْسالُ، كقوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى} معناه: أَرْسَلْنا.
والبَعْثُ: إِثارَةُ بارِكٍ، أَو قاعِدٍ.
والبَعْثُ أَيضًا: الإِحْياءُ من الله للمَوْتى، ومنه قولُه تعالى: {ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} أَي أَحْيَيْناكُم.
والبَعْثُ: النَّشْرُ، بَعَثَ المَوْتَى: نَشَرَهُم ليومِ البَعْثِ، وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُمْ بَعْثًا: نَشَرَهم، من ذلك، وفتح العَيْن في البَعْثِ كُلِّه لُغَةٌ.
ومن أَسْمَائِه عَزّ وجلّ الباعِثُ: هو الذي يَبْعَثُ الخَلْقَ؛ أَي يُحْيِيهم بعد المَوْتِ يومَ القِيَامَةِ.
والبَعِثُ ككَتِفٍ: المُتَهَجِّدُ السَّهْرَانُ كثيرُ الانْبِعاثِ من نَومه، وأَنشد الأَصمعيّ:
يا رَبِّ رَبِّ الأَرِقِ اللَّيْلَ البَعِثْ *** لم يُقْذِ عَيْنَيْهِ حِثَاثُ المُحْتَثِثْ
وبَعِثَ الرَّجُلُ كفَرحَ: أَرِقَ من نَوْمِهِ.
ورجل بَعْثٌ، بفتح فسكون، وبَعَثٌ، محرّكة، وبَعِثٌ، ككَتِف: لا تَزالُ هُمُومُه تُؤَرِّقُه وتَبْعَثُه من نَومه، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
تَعْدُو بأَشْعَثَ قَدْ وَهَى سِرْبالُه *** بَعْثٍ تُؤَرِّقُهُ الهُمُومُ فيَسْهَرُ
والجمْع أَبْعَاثٌ.
وانْبَعَثَ الشَّيْءُ، وتَبَعَّثَ: انْدَفَعَ.
وتَبَعَّثَ مِنّي الشِّعْرُ: انْبَعَث؛ كأَنَّه سَالَ، وفي بعض النسخ الصّحاح: كأَنَّه سارَ.
والبَعِيثُ: الجُنْدُ، جمعه بُعُثٌ.
وبَعِيثُك نِعْمَةٌ؛ أَي مَبْعُوثُكَ [الذي بَعَثْتَه إِلى الخَلق أَي أَرْسَلْتَه، فَعِيل بمعنى مفعول].
وَالبَعِيثُ: فرَسُ عَمْرِو بنِ مَعْدِيكَرِبَ الزُّبَيْدِيّ، وبِنْتُه الكامِلَةُ يأْتي ذِكْرُها.
وبَاعِثٌ، وبَعِيثٌ: اسمانِ.
والبَعِيثُ بنُ حُرَيْثٍ الحَنفِيّ والبَعِيثُ بنُ رِزَامٍ، هكذا في النُّسخ، وفي التَّكْملة: والبَعِيثُ: بَعِيثُ بني رِزَامٍ التَّغْلبِيّ.
وأَبُو مالكٍ البَعِيثُ، واسمه خِدَاشُ بنُ بَشيرٍ المُجَاشِعِيّ، هكذا في نسخَتنَا وفي بعضها بِشْر، ومثله في هامِش الصّحاح، وهو الصَّواب، وهو الذي هَجَاه جَرِير.
وفي التّكملة: والبَعِيثُ بنُ بِشِيرٍ راكبُ الأَسدِ السُّحَيْمِيّ، شُعَرَاءُ سُمِّيَ الأَخِير لِقَوْلِه ـ وهو من بني تميم:
تَبَعَّثَ مِنّي ما تَبَعَّثَ بَعْدَ مَا اسْ *** تَمَرَّ فُؤادي واسْتَمَرّ مَرِيرِي
قال ابنُ بَرِّيّ: وصوابه
... «واسْتَمَرّ عَزِيمِي
. والمُنْبَعِثُ على صيغة اسم الفاعل: رَجُلٌ من الصَّحابَةِ، وكان اسمُه مُضْطَجِعًا، فغَيَّرهُ النَّبِيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، تَفَاؤُلًا، وذلك في نَوْبةِ الطّائِف، وهو من عَبِيدِهِم، هَرَبَ كأَبِي بَكْرَةَ.
وبُعَاثٌ بالعَيْن المهملة وبالغَيْن المعجمة كغُرَاب، ويُثَلَّث: موضع بِقُربِ المَدينةِ على مِيلَيْنِ منها، كما في نسخة، وهذا لا يصحّ، وفي بعضها: على لَيْلَتَيْنِ من المدينة، وقد صَرّح به عِيَاضٌ، وابنُ قَرْقُول والفَيُّومِيّ، وأَهلُ الغَرِيبِ أَجمع، قال شيخنا: وجزَمَ الأَكثرُ بأَنّه ليس في بابه إِلا الضَّمّ كغُراب وفي المصباح: بُعَاث، كغُراب: موضعٌ بالمدينة، وتأْنيثه أَكثر، ويومُه م، معروف؛ أَي من أَيّامِ الأَوْسِ والخَزْرَجِ، بين المَبْعَث والهِجْرَةِ، وكان الظَّفَرُ للأَوْس.
قال الأَزهريّ: وَذَكَرَهُ ابن المُظَفَّر هذا في كتاب العَيْن، فجعله يوم بُغاث، وصَحَّفَه، وما كان الخَليلُ ـ رحِمَه الله ـ لِيَخْفَى عليه يومُ بُعاث، لأَنه من مشاهِيرِ أَيامِ العَربِ، وإِنما صَحّفه اللَّيْثُ، وعَزاه إِلى خَلِيلِ نَفْسِه، وهو لسانُه، واللهُ أَعلم.
وفي حديثِ عائِشَة رضِيَ اللهُ عنها، «وعِنْدَها جارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِما قِيلَ يومَ بُعَاثٍ» وهو هذا اليَوْم.
وبُعاثٌ: اسمُ حِصْنٍ للأَوْس.
قلت: وهكذا ذكره أَبو عليّ القالِي في العَيْنِ المُهْمَلة، كغُرَاب. وقال: هكذا سَمِعْناه من مشايخنا أَيضًا، وَهي عِبارَةُ ابنِ دُرَيْد بعَيْنِهَا، ووافقهُ البَكْرِيّ، وصاحِبُ المشارق، وحكى أَبو عُبَيْدَة فيه الإِعْجَام عن الخلِيل، وضبطه الأَصِيلِيّ بالوَجْهَيْنِ، وبالمُعْجَمَة عندَ القابِسِيّ، وهو خطأٌ.
قال شيخُنا: فهؤلاءِ كلّهم مُجْمِعُون على ضمّ الباءِ، ولا قائل بغير الضمّ، فقولُ المصنّف: ويُثلَّث، غير صحيح.
وفي حديثِ عُمرَ رضي الله عنه «لمّا صَالحَ نَصارَى الشَّامِ، كَتبُوا له؛ أَن لا نُحْدِث كَنيسَةً ولا قَلِيَّةً، ولا نُخْرِج سَعَانِينَ ولا بَاعُوثًا» البَاعُوثُ: اسْتِسْقاءُ النَّصَارَى وهو اسمٌ سُرْيَانيّ، وقيل: هو بالغيْنِ المُعْجَمَة والتّاءِ المنقوطة، فوقها نُقْطتان، وقد تقدّم الإِشارةُ إِليه.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
البَعْثُ: الرَّسولُ، والجمع البُعْثانُ.
والبَعْث: القوْمُ المُشْخَصُون، وفي حديث القِيامة: «يا آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النّارِ» أَي المعبوثَ إِليها من أَهلِها، وهو من بابِ تسمية المَفْعُولِ بالمَصْدَر، وهو البعِيثَ، وجمعُ البَعْثِ بُعُوث، وجمع البَعِيثِ بُعُثٌ، قال:
ولكِنَّ البُعُوثَ جَرَتْ عَليْنا *** فصِرْنا بَيْن تَطْوِيحٍ وغُرْمِ
وَبَعَثه على الشَّيْءِ: حَمَله على فِعْلِه.
وبَعَثَ عَليْهم البَلاءَ: أَحَلَّهُ، وفي التَّنْزِيل {بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِبادًا لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} وانْبَعَثَ في السَّيْرِ؛ أَي أَسْرَعَ.
وقُرِئ «يَا وَيْلنا مِنْ بَعْثِنا مِنْ مَرْقدِنا» أَي من بَعْثِ اللهِ إِيّانا من مَرْقدِنا.
والتَّبْعَاثُ: تَفْعَالٌ من بَعَثَه، إِذا أَثارَهُ، أَنْشدَ ابنُ الأَعْرَابيّ:
أَصْدَرَهَا عن كثْرَةِ الدَّآثِ *** صاحِبُ ليْلٍ خَرِشِ التَّبْعاثِ
وباعيثا: مَوضِعٌ معروف.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
27-تاج العروس (غوث)
[غوث]: غَوَّثَ الرَّجُلُ، واستغاثَ: صاح وا غَوْثَاهُ، وتقول: ضُرِبَ فلانٌ فَغَوَّثَ تَغْويثًا، قال: وا غَوْثَاهُ، قال شيخُنا: وقد صَرَّح أَئمَّةُ النَّحْوِ بأَنَّ هذا هو أَصْلُه، ثم إِنهم استعمَلُوه بمعنى صَاحَ ونَادَى طَلَبًا للغَوْثِ.والاسمُ الغَوْثُ، بالفَتْح، والغُوَاثُ، بالضّمّ، على الأَصلِ، وفَتْحُه شَاذُّ؛ أَي وارد على خلافِ القِيَاس؛ لأَنّه دَلَّ على صَوْتٍ، والأَفعالُ الدَّالَّة على الأَصواتِ لا تكون مفتوحةً أَبدًا، بل مضمومة، كالصُّرَاخِ، والنُّبَاحِ، أَو مكسورة، كالنِّداءِ والصِّياحِ، وهو قولُ الفرّاءِ، كما نقلَه الجوهريُّ وقال العَامِرِيّ ـ وقيل: هو لعَائِشَةَ بنتِ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاص ـ:
بَعَثْتُكَ مائِرًا فَلَبِثْتَ حَوْلًا *** مَتَى يَأْتِي غَوَاثُكَ مَنْ تُغِيثُ
قال ابن بَرِّيّ: وصوابه بَعَثْتُكَ قابِسًا، وكان لعائشةَ هذه مَوْلًى يقالُ له: فِنْدٌ، وكان مُخَنَّثًا من أَهلِ المَدِينَةِ، بعثَتْهُ يَقْتَبِسُ بها نارًا، فتوجَّه إِلى مِصْرَ، فأَقَام بها سَنةً، ثم جاءَهَا بنار وهو يَعْدُو، فعَثَرَ فَتَبَدَّد الجَمْرُ، فقال: تَعِسَتِ العَجَلَة، فقالت عائِشَةُ: بَعَثْتُكَ... الخ، وقال بعضُ الشُّعَرَاءِ:
مَا رَأَيْنَا لغُرَابٍ مَثَلًا *** إِذْ بَعَثْنَاهُ يَجِي بالمِشْمَلَهْ
غيرَ فِنْدٍ أَرْسَلُوهُ قَابِسًا *** فَثَوَى حَوْلًا وسَبَّ العَجَلَهْ
واسْتَغَاثَنِي فُلانٌ فأَغَثْتُهُ إِغَاثَةً ومَغُوثَةً، ويقال: اسْتَغَثْتُ فُلانًا فما كانَ لِي عِندَه مَغُوثَةٌ؛ أَي إِغاثَةٌ.
قال شيخُنَا: قالوا: الاسْتغَاثَةُ: طَلبُ الغَوْثِ، وهو التَّخْلِيصُ من الشِّدةِ والنِّقْمَةِ، والعَوْنُ على الفَكَاكِ من الشّدائِدِ، ولم يَتَعَدَّ في القُرآنِ إِلا بِنَفْسِه، كقوله تَعَالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} وقد يَتَعَدَّى بالحَرْفِ، كقول الشّاعِر:
حَتَّى اسْتَغَاثَ بماءٍ لا رِشَاءَ لهُ *** من الأَبَاطِحِ في حافَاتِه البُرَكُ
وكذلك استعمله سيبويه، فلا عِبرَةَ بتَخْطِئَةِ ابنِ مالِكٍ للنُّحاةِ في قولِهم: المُسْتَغَاثُ له وبه، قاله الشِّهَابُ في أَثناءِ سورةِ الأَنْفَالِ.
ويقول المضطَّرُّ الواقِعُ في بَلِيَّة: أَغِثْنِي؛ أَي فَرِّجْ عَنِّي، وفي الحَدِيثِ: «اللهُمَّ أَغِثْنَا» بالهمزة من الإِغَاثَةِ، ويقال فيه: غَاثَهُ يَغِيثُه، وهو قليل، قال: وإِنّمَا هو مِنَ الغَيْثِ، لا الإِغَاثَةِ.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ: غَاثَه يَغُوثُهُ غَوْثًا، هو الأَصلُ، فأُمِيتَ.
وقال الأَزْهَرِيُّ: ولم أَسمَعْ أَحَدًا يقول: غَاثَهُ يَغُوثُه بالواو.
وعن ابن سِيدَه: وأَغَاثَهُ الله، وغَاثَهُ غَوْثًا وغِياثًا، والأَوّل أَعْلَى.
والاسْمُ الغِيَاثُ، بالكَسْرِ، حكاه ابنُ الأَعْرَابِيّ، فهو مُثَلَّثُ الأَوّلِ، كما في النِّهايَة.
وفي الصّحاح: صارت الواو ياءً لكسرةِ ما قَبِلَها، وهو موجودٌ في أُصول البُخَارِيّ بالرّواياتِ الثَّلاث، وأَنكرَ الكَسَر بعضُ أَئمَّةِ اللُّغَةِ؛ ولذا خَلَتْ عنه دواوين اللُّغَةِ، والضَّم رَوَوْه عن أَبي ذَرٍّ، والفتحُ الذي هو شاذُّ نَسبه الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ في فتح الباري للأَكْثَرِ، وقال البَدْرُ الدَّمامِينِي في المَصَابِيح: به قَيَّده ابنُ الخَشّابِ وغيرُه، والكسرُ ذَكَره ابنُ قَرقُول في المَطَالِع، وشيخُه القاضِي عِيَاضٌ في المَشَارِقِ، وبه صُدِّرَ في اليُونَيْنِيَّة، وتَبِعَهُ أَهلُ الفُرُوع قاطبةً، كذا نقله شيخُنا.
وفي التهذيب: الغِياثُ: ما أَغَاثَكَ الله بهِ.
والمَغاوِثُ: المِيَاهُ، قيل: هي من الجُمُوعِ الَّتِي لا مُفْرَدَ لَهَا.
والغَوِيث كأَمِير، وفي نسخةٍ والتَّغْوِيثُ، وهو خطأٌ: شِدَّةُ العَدْوِ يقال: إِنّه لَذُو غَوِيثٍ.
والغَوِيثُ أَيضًا: ما أَغَثْتَ به المُضْطَرَّ من طَعَامٍ أَو نَجْدَةٍ، نقله الصّاغَانيّ.
وقد سَمَّوْا غَوْثًا، وهو اسمٌ يُوضَع مَوْضِعَ المَصْدَر من أَغاثَ، وغِيَاثًا، بالكسر ومُغِيثًا، بالضَّمّ.
والغَوْثُ: بَطْنٌ من طَيِّءٍ.
وغَوْثٌ: قَبيلَةٌ من اليَمَنِ، وهو غَوْثُ بنُ أَدَدَ بنِ زَيْدِ بنِ كَهْلَانَ بنِ سَبَإِ.
وفي التَّهْذِيبِ: غَوْثٌ: حَيُّ من الأَزْدِ، ومنه قولُ زُهَيْر:
وتَخْشَى رُمَاةَ الغَوْثِ من كُلِّ مَرْصَدِ
والغَوْثُ بنُ مُرٍّ، في مُضَرَ.
والغَوْثُ بنُ أَنْمَارٍ، في اليَمَنِ، كذا في أَنسابِ الوَزِيرِ.
وغَوْثُ بنُ سُلَيْمَانَ الحَضْرمِيّ القَاضِي: مِصْرِيّ.
وَيَوْمُ أَغْوَاثٍ: ثاني يومٍ من أَيّام القَادِسيّة، قال القَعْقَاعُ بنُ عَمرٍو:
لم تَعْرِفِ الخَيْلُ العِرَابُ سَواءَنَا *** عَشِيَّةَ أَغْوَاثٍ بجَنْبِ القَوَادِسِ
والغَوَاثُ، كسَحابٍ: الزَّادُ، يَمَانِيَّةٌ.
وغِيَاثُ بنُ إِبرَاهيم، مَتْرُوكٌ وغِياثُ بنُ النُّعْمَانِ، عن عَلِيٍّ.
وغِياثُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ الحُبْرَانِيُّ، شيخٌ لبِشْرِ بنِ إِسْمَاعِيلَ.
وغِياثُ بنُ الحَكَمِ، شيخٌ لِحَرَمِيّ بنِ حَفْصٍ.
وغِيَاثُ بنُ عبد الحميد، عن مَطَرٍ الوَرَّاقِ.
وغِياثُ بنُ جَعْفَر، مُسْتَمْلِي ابنِ عُيَيْنَةَ.
وأَبو غِيَاثٍ طَلْقُ بنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَ. وحَفِيدُه حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، القَاضِي الحَنَفِيُّ، مشهور. وابنُه عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياث: شيخُ البُخَارِيّ ومُسْلِم.
وأَبو غِياثٍ رَوْحُ بنُ القَاسِمِ، ثِقَةٌ.
وحُذَيْفَةُ بنُ غِياثٍ العَسْكَرِيّ الأَصْبَهَانيّ، شيخٌ لابْنِ فارِس.
ومحمَّدُ بنُ غِياثٍ السَّرَخْسِيُّ، عن مالِكٍ.
وغِياثُ بنُ محمَّدِ بنِ أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غِياثٍ العُقَيْلِيّ، سمعَ ابنَ رَيْدَةَ.
وغِيَاثُ بنُ محمّدِ بنِ غياثٍ، عن أَبي مُسْلِمٍ الكَجِّيّ.
وغِيَاثُ بنُ فارِسِ بنِ أَبي الجُودِ المُقْرِي، مات سنة 605.
وغِيَاثُ بنُ غَوْثٍ التَّغْلَبِيّ، الشّاعِرُ المعروف بالأَخْطَلِ.
وبِلَالُ بنُ غِيَاثٍ، عن أَبي هُرَيرَةَ.
والأَخْنَسُ بن غِيَاثٍ الأَحْمَسِيّ، شاعرٌ في زَمنِ الحَجّاج.
وأَبو غِيَاثٍ إِسحاقُ بنُ إِبراهِيمَ، عن حِبّانِ بنِ عَلِيٍّ.
وككَتَّانٍ، غَيَّاثُ بنُ هَبّابِ بنِ غَيّاثٍ الأَنْطَاكِيّ، عن ابنِ رِفَاعَةَ الفَرَضِيّ.
وأَحمدُ بنُ إِبراهيمَ بنِ غَيّاثٍ المَالِكِيّ، لَقِنَ عن ابنِ مَرْوَانَ بنِ سِرَاجٍ.
والمُغِيثَةٌ، كمُعِينَةٍ: مَوْضِعَانِ، بين القادِسيّةِ والقَرْعاءِ، وبين مَعْدِنِ النَّقْرَةِ والعَمْقِ عند مَاوَانَ، وقيل: هما رَكِيَّتان يَنْزِلُ عليهِما الحاجُّ.
[المُغِيثيَّة]: مَدْرَسَةٌ ببَغْدَاذَ من المدارِس الشّرْقية.
ويَغُوثُ: صنَمٌ كانَ لِمَذْحِجٍ قال ابن سِيدَه: هذا قولُ الزَّجّاج.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
28-تاج العروس (حج حجج حجحج)
[حجج]: الحَجُّ: القَصْدُ مُطْلَقًا. حَجَّهُ يَحُجُّه حَجًّا: قَصَدَه، وحَجَجْتُ فُلانًا، واعْتَمَدْتُه: قَصَدْتُه. ورجلٌ مَحْجُوجٌ؛ أَي مقصودٌ.وقال جماعة: إِنّه القَصْدُ لمُعَظَّمٍ.
وقيل: هو كَثْرَةُ القَصْدِ لمُعَظَّمٍ، وهذا عن الخليل.
والحَجُّ: الكَفُّ كالحَجْحَجَةِ، يقال: حَجْحَجَ عن الشَّيْءِ وحَجّ: كفَّ عنه، وسيأْتي.
والحَجُّ: القُدُومُ، يقال: حَجَّ علينا فلانٌ؛ أَي قَدِمَ.
والحَجّ: سَبْرُ الشَّجَّةِ بالمِحْجاجِ للمُعالَجَةِ.
والمِحْجاجُ: اسمٌ للمِسْبَارِ.
وحَجَّهُ يَحُجُّه حَجًّا، فهو مَحْجُوجٌ، وحَجِيجٌ، إِذا قَدَحَ بالحَدِيد في العَظْمِ إِذا كان قد هَشَمَ حتى يَتَلَطَّخَ الدِّماغُ بالدَّمِ، فيقْلَعَ الجِلدةَ الّتي جَفَّتْ، ثم يُعَالَج ذلك فيَلْتَئِم بجِلْدٍ، ويكونُ آمَّةً، قال أَبو ذُؤَيْبٍ يَصفُ امرأَةً:
وصُبَّ عليها الطِّيبُ حتّى كأَنّها *** أَسِيٌّ على أُمِّ الدِّمَاغِ حَجِيجُ
وكذلك حَجَّ الشَّجَّةَ يَحُجُّها حَجًّا، إِذا سَبَرهَا بالمِيلِ ليُعَالِجَها، قال عِذارُ بنُ دُرَّةَ الطّائِيّ:
يَحُجُّ مَأْمُومَةً في قَعْرِها لَجَفٌ *** فَاسْتُ الطَّبِيبِ قَذَاها كالمَغارِيدِ
يَحُجُّ؛ أَي يُصْلِحُ. مَأْمُومَة: شَجَّة بَلَغَت أُمَّ الرَّأْسِ.
وفسّر ابنُ دريد هذا الشعرَ فقال: وَصفَ الشاعِرُ طَبِيبًا يُدَاوِي شَجَّةً بَعيدةَ القَعْرِ، فهو يَجْزَع من هَوْلِهَا، فالقَذَى يَتساقطُ من استهِ كالمَغارِيد، والمَغَاريد: جَمعُ مُغْرُودٍ، وهو صَمْغٌ معرُوف.
وقال غيره: استُ الطبيبِ يُراد بها مِيلُهُ، وشَبَّهَ ما يَخرج من القَذَى على مِيلِه بالمَغَارِيد.
وقيل: الحَجُّ: أَن يُشَجَّ الرَّجُلُ، فيَخْتَلِطَ الدَّمُ بالدِّماغِ، فيُصَبَّ عليه السَّمْنُ المُغْلَى حتّى يَظْهرَ الدَّمُ فيُؤْخَذَ بقُطْنَةٍ.
وقال الأَصمَعِيّ: الحَجِيجُ من الشِّجَاجِ: الذي قد عُولِجَ، وهو ضَرْبٌ من عِلاجها. وقال ابنُ شُميل الحَجُّ: أَنْ تُفْلَقَ الهامَةُ، فتُنْظَرَ هل فيها عَظْمٌ أَو دَمٌ، قال: والوَكْسُ:
أَنْ يَقَعَ في أُمِّ الرأْسِ دَمٌ أَو عِظَامٌ، أَو يُصيبَها عَنَتٌ.
وقيل: حَجّ الجُرْحَ: سَبَرَه ليَعرفَ غَوْرَه، عن ابن الأَعرابيّ.
وقيل: حَجَجْتُها: قِسْتُهَا.
وحَجَّ العَظْمَ يحُجُّه حَجًّا: قَطَعَه من الجُرْحِ واسْتَخْرَجَه.
والحَجُّ: الغَلَبَةُ بالحُجَّةِ، يقال: حَجَّهُ يَحُجَّه حَجًّا، إِذا غَلَبَه على حُجَّتِهِ.
وفي الحَدِيث: «فحَجَّ آدَمُ مُوسَى» أَي غَلَبَه بالحُجَّة، وفي حديث معاويةَ: «فجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي» أَي أَغلِبُه بالحُجَّة.
والحَجُّ: كَثْرَةُ الاخْتلاف والتَّرَدُّدِ، وقد حَجَّ بنو فُلان فُلانًا، إِذا أَطالُوا الاختلافَ إِليه، وفي التّهذيب: وتقولُ: حَجَجْتُ فُلانًا، إِذا أَتَيْتَه مَرّةً بعد مرّةٍ، فقيل: حُجَّ البيتُ؛ لأَنّهم يأْتُونَه كلَّ سنَةٍ: قال المُخَبَّلُ السَّعْديّ:
وأَشْهَدُ من عَوْفٍ حُلُولًا كثِيرَةً *** يَحُجُّونَ سبَّ الزِّبْرِقَانِ المُزَعْفَرَا
أَي يَقْصِدُونَه ويَزُورُونَه.
وقال ابن السِّكِّيت: يقول: يَكْثِرُون الاختلافَ إِليه، هذا الأَصلُ ثمّ تَعُورِف استعمالُه في قَصْد مَكَّةَ للنُّسُكِ.
وفي اللسان: الحَجُّ: [قَصْدُ] التَّوَجُّه إِلى البَيْت بالأَعمالِ المشروعةِ فَرْضًا وسُنَّةً، تقول: حَجَجْتُ البَيتَ أَحُجُّه حَجًّا، إِذا قصَدْتَه، وأَصْلُه من ذلك.
وقال بعضُ الفُقَهَاءِ: الحَجُّ: القَصْدُ، وأُطْلِق على المَنَاسِكِ لأَنّها تَبَعٌ لقَصْدِ مَكَّةَ، أَو الحَلْق، وأُطْلِق على المَناسكِ لأَنَّ تمامَها به، أَو إِطَالَة الاختلاف إِلى الشّيْءِ، وأُطلقَ عليها لذلك. كذا في شرْح شيخنا.
وتقول: حَجَّ البَيْتَ يَحُجُّه حَجًّا، وهو حَاجٌّ، ورُبما أَظهروا التَّضعيفَ في ضرورةِ الشِّعر قال الرَّاجز:
بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَ وحَاجِجِ
وج: حُجَّاجٌ، كعُمّارٍ، وزُوَّارٍ، وحَجِيجٌ، قال الأَزهريّ ومثلُه: غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونَادٍ ونَدِيٌّ، للقوم يَتَنَاجَوْن، ويَجْتَمِعُون في مَجلسٍ، وللعادِينَ على أَقدامِهم عَدِيٌّ.
ونقل شيخنا عن شروحِ الكافيةِ والتَّسْهِيل: أَنّ لفظَ حَجِيج اسمُ جَمْعٍ، والمصنّف كثيرًا ما يُطْلِقُ الجمْعَ على ما يكون اسمَ جمعٍ أَو اسم جِنْسٍ جَمعيّ؛ لأَن أَهل اللغة كثيرًا ما يريدون من الجمعِ ما يدُلّ لفظُه على جمع كهذا، ولو لم يكنْ جَمْعًا عند النُّحاةِ وأَهلِ الصَّرف.
ويُجمع على حُجّ، بالضّمّ، كبازلٍ وبُزْلٍ، وعائِذٍ وعُوذٍ، وأَنشد أَبو زيدٍ الجرير يهجو الأَخطلَ، ويذكر ما صنعه الجَحَّافُ بنُ حَكِيم السُّلَمِيّ من قتل بني تَغْلِبَ قَومِ الأَخْطَلِ باليُسُر، وهو ماءٌ لبني تَميم:
قَدْ كَانَ في جِيَفٍ بدِجْلَةَ حُرِّقَتْ *** أَو في الذِينَ على الرَّحُوبِ شُغُولُ
وكَأَنَّ عافِيَةَ النُّسُورِ عليهمُ *** حُجٌّ بأَسْفَلِ ذِي المَجَازِ نُزُولُ
يقول: لما كَثُرَت قَتْلَى بني تَغْلِبَ جافَت الأَرْضُ، فحُرِّقُوا؛ لِيزولَ نَتْنُهُم، والرَّحُوب: ماءٌ لبني تَغْلِب، والمشهور روايةُ البَيْتِ: «حِجٌّ» بالكسر وهو اسْمُ الحَاجِّ، وعافِيَةُ النُّسور: هي الغَاشِيَة التي تَغْشَى لُحُومَهم، وذو المَجَاز: من أَسواقِ العَرَبِ.
ونقل شيخُنا عن ابن السّكّيت: الحجُّ، بالفتح: القَصْدُ، وبالكسر: القَومُ الحُجَّاج.
قلت: فيستدْرَك على المصنّف ذلك.
وفي اللسان: الحِجُّ بالكسر: الحُجَّاجُ قَال:
كأَنَّمَا أَصْواتُهَا بالوَادِي *** أَصواتُ حِجٍّ من عُمَانَ عَادِي
هكذا أَنشدَه ابنُ دُريد بكسر الحاءِ.
وهي حَاجَّةٌ من حَوَاجَّ بيتِ الله، بالإِضافَة، إِذا كُنّ قد حَجَجْنَ، وإِنْ لم يَكُنَّ قد حَجَجْنَ قلت: حَوَاجُّ بيْتِ اللهِ، فتنصب البيت؛ لأَنَّك تريدُ التنوينَ في حَوَاجّ إِلّا أَنّه لا ينصرف، كما يُقَال: هذا ضَارِبُ زَيْدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زَيْدًا غدًا، فتَدُلّ بحذفِ التَّنْوِين على أَنّه قد ضَرَبَه، وبإِثْبَاتِ التَّنْوِين على أَنه لم يَضرِبْه، كذا حقّقه الجوهريّ وغيره.
والحِجُّ بالكسرِ: الاسْمُ، قال سيبويه: حَجَّهُ يَحُجُّهُ حِجًّا، كما قالوا: ذَكَرَهُ ذِكْرًا.
وقال الأَزْهَرِيّ: الحَجُّ: قَضَاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحِدةٍ، وبعضٌ يكسِر الحاءِ فيقول الحِجُّ والحِجَّةُ، وقُرِيءَ {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} والفتح أَكثر.
وقال الزَّجّاجُ ـ في قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} يُقْرَأُ بفتح الحاءِ وكسرها، والفَتْحُ الأَصل.
وروي عن الأَثْرَمِ قال: والحَجُّ والحِجُّ، ليس عند الكسائِيّ بينهما فُرْقانٌ.
والحِجَّةُ بالكسر المَرَّةُ الواحِدَةُ من الحَجِّ، وهو شَاذٌّ لورودهِ على خلاف القِياس؛ لأَنَّ القِيَاسَ في المَرَّةِ الفَتْح في كلّ فعلٍ ثلاثيّ، كما أَنَّ القياسَ فيما يَدُلُّ على الهَيْئَةِ الكسرُ، كذا صرّح به ثعلب في الفصيح، وقَلَّدَه الجوهريُّ والفيوميّ والمصنّف وغيرهم.
وفي اللّسان: رُوي عن الأَثْرَمِ وغيره: ما سمعْنَا من العرب حَجَجْتُ حَجَّةً، ولا رأَيْتُ رَأْيَةً، وإِنما يقولون: حَجَجْتُ حِجَّةً.
وقال الكسائيُّ: كلامُ العربِ كلّه على فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلا قَوْلَهُم: حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيت رُؤْيَةً فتبين أَنّ الفَعْلَة للمرّة تقال بالوجهين: الكسرِ على الشُّذُوذِ ـ وقال القاضي عياض: ولا نَظِيرَ له في كلامهم ـ والفتحِ على القِياسِ.
والحِجَّةُ: السَّنَةُ والجَمْعُ حِجَجٌ.
والحِجَّةُ والحَاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخِيرَة اسمٌ، كالكاهِلِ والغَارِبِ، قال لَبِيدٌ يذكر نساءً:
يَرُضْنَ صِعَابَ الدُّرِّ فِي كُلّ حِجَّةٍ *** وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعناقُهنَّ عَواطِلَا
غَرَائِرُ أَبْكَارٌ عليها مَهَابَةٌ *** وعُونٌ كِرَامٌ يَرْتَدِينَ الوَصائِلَا
يَرُضْنَ صِعَابَ الدُّرَ؛ أَي يَثْقُبْنَه، والوَصائل: بُرُودُ اليَمَنِ، [واحدتها وَصِيلَة] والعُونُ: جمع عَوان للثَّيّبِ، وقال بعضُهم: الحِجّة هنا: المَوْسِمُ. ويُفْتَحُ، كذا ضُبطَ بخطّ أَبي زكريّا في هامش الصحاح.
وعن أَبي عَمرٍو: الحَجَّةُ: ثُقْبَةُ شَحْمَةِ الأُذن، والحَجَّةُ بالفتح خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّقُ في الأُذُنِ قال ابن دُريد: وربما سُمّيتْ حاجَّةً.
والحُجَّةُ بالضَّمّ: الدَّلِيلُ والبُرْهَانُ وقيل: ما دُفِعَ به الخَصْمُ، وقال الأَزهريّ: الحُجَّةُ: الوَجْهُ الذي يكون به الظَّفَرُ عند الخُصومة. وإِنما سُمِّيَت حُجّةً لأَنّها تُحَجُّ؛ أَي تُقْصَدُ؛ لأَنّ القَصْدَ لها وإِليها، وجمعُ الحُجّة حُجَجٌ وحِجَاجٌ.
والمِحْجاجُ بالكسر: الجَدِلُ ككَتِفٍ، وهو الرَّجلُ الكثيرُ الجَدَلِ.
وتقول: أَحْجَجْتُه إِذا بَعَثْتهُ ليَحُجّ.
وقولهم: وحَجَّةِ الله لا أَفْعَلُ، بفتح أَوّلِه، وخَفْضِ آخِرِه: يَمِينٌ لَهُمْ، كذا في كُتُبِ الأَيْمَانِ.
وحَجْحَجَ بالمَكَان: أَقَامَ به فلم يَبْرَحْ، كتَحَجْحَجَ.
والحَجْحَجَةُ: النُّكُوصُ، يقال: حَمَلُوا على القَوْمِ حَمْلَةً ثمّ حَجْحَجُوا.
وحَجْحَجَ الرّجُلُ: نَكَصَ، وقيل عَجَزَ، وأَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ:
ضَرْبًا طِلَحْفًا ليسَ بالمُحَجْحِجِ
أَي ليس بالمُتَوَانِي المُقَصِّر.
وحَجْحَجَ عن الشيْءِ: كَفَّ عنهُ.
وحَجْحَجَ الرّجلُ: أَرادَ أَن يقولَ ما في نفسِه ثم أَمْسَكَ عَمّا أَرادَ قَوْلَهُ.
وفي المحكم: حَجْحَجَ الرجلُ: لم يُبْدِ ما في نفسِه.
والحَجْحَجَةُ: التَّوَقُّفُ عن الشيْءِ والارْتِدَاعُ.
والحَجَوَّجُ، كَحَزَوَّرٍ؛ أَي بفتح أَوّله وتشديد ثالثه المفتوح: الطَّرِيقُ يَسْتَقِيمُ مَرَّةً ويَعْوَجُّ أُخْرَى، وأَنشد:
أَجَدُّ أَيّامِكَ من حَجَوَّجِ *** إِذا اسْتَقَامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ
والحُجُجُ، بضمتين: الطُّرُقُ المُحَفَّرَةُ، ومثله في اللّسَان، قال شيخُنا: وهو صَريحٌ في أَنّه جَمعٌ، وهل مفردُه حَجِيجٌ، كطَرِيق؟ أَو حِجَاجٌ، ككِتَاب؟ أَو لا مُفردَ له؟
احتمالاتٌ، وسيأْتي.
والحُجُجُ الجِرَاحُ المَسْبُورَةُ، ومفردُه حَجِيجٌ، كطَرِيق، حَجَجْتُه حَجًّا فهو حَجِيجٌ، وقد تقدَّم.
ومن المجاز: الِحَجَاجُ بالفتح ويُكْسَرُ: الجَانِبُ والنّاحيةُ، وحَجَاجَا الجَبَلِ: جانِبَاه.
والحِجَاجُ والحَجَاجُ: عَظْمٌ مُسْتَدِيرٌ حولَ العَينِ يَنْبُتُ عليه الحَاجِبُ، ويقال: بل هو الأَعلَى تحتَ الحاجِبِ، وأَنشد قولَ العَجّاج:
إِذا حَجَاجَا مُقْلَتَيْهَا هَجَّجَا
وقال ابن السّكّيت: هو الحَجاجُ. والِحَجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ على وَقْبَةِ العَينِ، وعليه مَنْبَتُ شَعَرِ الحاجب، وفي الحديث «كانَت الضَّبُعُ وأَولادُها في حَجَاجِ عَيْنِ رَجُلٍ من العَمَالِيقِ» وفي حديث جَيْشِ الخَبَطِ «فجَلَسَ في حِجَاجِ عَيْنِه كذا كذا نَفَرًا» يعني السَّمَكَةَ التي وجَدُوهَا على البحر.
وأَما قولُ الشّاعر:
تُحَاذِرُ وَقْعَ السَّوْطِ خَرْصَاءُ ضَمَّها *** كَلَالٌ فحَالَتْ في حِجَا حَاجِبٍ ضَمْرٍ
فإِنّ ابنَ جِنّي قال: يريدُ في حِجَاج حاجِبٍ ضَمْرٍ، فحذف للضَّرُورة.
قال ابن سيده: وعِنْدِي أَنّه أَرادَ بالحَجا هنَا النّاحِيَةَ.
والجمعُ أَحِجَّةٌ وحُجُجٌ، بضمتين.
قال أَبو الحسن: الحُجُجُ شاذٌّ؛ لأَن ما كان من هذا النَّحْوِ لم يُكَسَّر على فُعُلٍ؛ كراهيةَ التَّضْعِيفِ، فأَمّا قوله:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ *** للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ
كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ
فإِنه جَمَعَ حَجَاجًا على غير قياس، وأَظهر التّضْعِيف اضطِرارًا.
والحَجَاجُ: حاجِبُ الشَّمْسِ يقال: بدا حَجَاجُ الشَّمْسِ؛ أَي حاجِبُها، وهو قَرْنُهَا، وهو مَجاز.
والحَجْحَجُ: الفَسْلُ الرَّدِيءُ والمُتَوَانِي المُقَصِّر.
واس، هكذا في نسختنا، وفي اللسان وغيره من أُمهات اللُّغة ورَأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ، قال المَرَّارُ الفَقْعَسيّ يَصف الرِّكابَ في سَفرٍ:
ضَرَبْنَ بِكُلِّ سالِفَةٍ وَرأْسٍ *** أَحَجَّ كأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ
وفَرَسٌ أَحَجُّ: أَحَقُّ، وسيأْتي في القاف.
ويقال للرَّجُلِ الكثيرِ الحَجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بفتح الجيم من غير إِمَالَةٍ وكلّ نَعْتٍ على فَعَّالٍ فهو غَيرُ مُمَالِ الأَلفِ، فإِذا صَيَّرُوه اسمًا خاصًّا تحوّل عن حالِ النّعت، ودخلته الإِمالةُ، كاسم الحَجّاجِ والعَجّاجِ.
وفي اللسان: الحَجّاجُ أَمَالَهُ بعضُ أَهلِ الإِمالة في جميعِ وُجُوهِ الإِعرابِ على غير قياس، في الرّفع والنَّصب، ومثلُ ذلك «النّاسُ» في الجَرّ خاصّةً، قال ابن سِيده: وإِنّمَا مثَّلْتُه به؛ لأَنّ أَلفَ الحَجّاجِ زائدةٌ غير منقلبة، ولا يُجَاوِرُهَا مع ذلك ما يُوجِبُ الإِمَالَة، وكذلك النّاس؛ لأَنّ الأَصلَ إِنما هو الأَناس، فحذفوا الهمزةَ وجعلوا الّلَامَ خَلَفًا عنها، كالله، إِلا أَنّهم قد قالُوا: الأُناس، قال: وقالُوا: مَرَرْتُ بنَاسٍ، فأَمالُوا في الجَرِّ خاصَّةً، تشبيهًا للأَلف بأَلف فاعِلٍ؛ لأَنّها ثانية مثلها، وهو نادر؛ لأَنّ الأَلفَ ليستْ منقلبةً، فأَمّا في الرّفع والنّصْب فلا يُمِيله أَحدٌ.
وقد يقولُون: حَجَّاجٌ، بغير أَلفٍ ولامٍ، وهو اسْم رجل، كما يقولون: العَبّاس، وعَبّاس.
وحَجَّاجُ: قرية، ببَيْهَقَ.
ويَحُجُّ ـ بصيغة المضارع ـ الفاسيُّ: أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى ابنِ أَبِي حَاجٍّ، فَقِيهٌ مالِكِيٌّ، شارح المْدَوَّنَةِ وغيرها، ترجَمه أَحمد بابا السودانِيّ في كِفاية المُحْتَاج.
والتَّحَاجُّ: التَّخاصُمُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
قولُهُم: أَقْبَلَ الحَاجُّ والدَّاجُّ، يُمْكِن أَن يُرَادَ به الجِنْسُ، وقد يكون اسمًا للجَمْعِ، كالجامِلِ والبَاقِرِ.
وروى الأَزهَريّ عن أَبي طالبٍ في قولهم: ما حَجَّ ولكنَّه دَجَّ، قال: الحَجُّ: الزِّيارةُ والإِتْيَانُ. وإِنما سُمِّيَ حاجًّا بزِيارةِ بَيتِ اللهِ تَعالى، قال: والدَّاجُّ: الذي يَخْرُجُ للتِّجارة، وفي الحديث: «لم يَتْرُكْ حاجَّةً ولا دَاجَّةً» الحَاجُّ والحَاجَّةُ: أَحَدُ الحُجَّاجِ، والدَّاجُّ والدَّاجَّةُ: الأَتْباع، يريد الجَماعَةَ الحَاجَّةَ، ومَن معهم مِن أَتْبَاعِهِم، ومنهالحديثُ: «هؤلاءِ الدَّاجُّ وليسوا بالحَاجِّ».
واحْتَجَّ الشَّيْءُ: صَلُبَ.
واحتَجَّ البَيْتَ، كحَجَّهُ، عن الهَجَرِيّ، وأَنشد:
تَرَكْتُ احتِجَاجَ البَيْتِ حتى تَظَاهَرَتْ *** عَلَيَّ ذُنُوبٌ بَعدَهُنَّ ذُنُوبُ
وذو الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ؛ سُمِّيَ بذلك للحَجّ فيه، والجمع ذَوَاتُ الحِجَّةِ، ولم يقولوا: ذَوُو على واحِدِه.
ونقل القَزَّازُ ـ في غَريبِ البُخَارِيّ ـ: وأَمّا ذُو الحجّة للشَّهْرِ الّذي يقع فيه الحَجُّ فالفَتْحُ فيه أَشهرُ، والكسر قليلٌ، ومثله في مشَارقِ عِيَاضٍ، ومَطَالِعِ ابنِ قَرقولَ.
قال الأَزْهَرِيّ: ومن أَمثالِ العَرَبِ: «لَجَّ فَحَجَّ». معناه: لَجَّ فغَلَبَ مَنْ لاجَّهُ بحُجَجِه، يقال: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجَاجًا ومُحاجَّةً حتى حَجَجْتُه؛ أَي غَلَبْتُه بالحُجَج التي أَدْلَيْتُ بها، وقيل: معناهُ: أَي أَنَّه لَجَّ وتَمَادَى به لَجَاجُه، وأَدّاه اللَّجَاجُ إِلى أَنْ حَجَّ البيتَ الحرامَ.
وسَلَكَ المَحَجَّةَ، وهي الطَّرِيقُ. وقيل: جَادَّةُ الطَّرِيقِ، وقيل مَحَجَّةُ الطّريقِ: سَنَنُه، والجمعُ المَحَاجُّ، تقول: عليكم بالمَنَاهِج النَّيِّرةِ، والمَحاجِّ الواضِحَةِ.
والحُجَّةُ بالضَّم: مصدرٌ بمعنى الاحْتِجَاجِ والاستِدْلال.
وفي التَّهْذِيب: مَحَجَّةُ الطَّرِيقِ: هي المَقْصِدُ والمَسلَكُ.
وفي حديث الدَّجّال: «إِن يَخْرُجْ وأَنا فِيكُمْ فأَنا حَجِيجُه» أَي مُحاجِجُه ومُغالِبُه بإِظهارِ الحُجَّةِ عليه.
والحَجَجُ: الوَقْرَةُ في العَظْم.
وحَجْحَجْ: مِن زَجْرِ الغَنَمِ.
وحَجْحَجَ، وتَحَجْحَجَ: صاحَ.
وكَبْشٌ حَجْحَجٌ؛ أَي عَظِيمٌ، قال:
أَرسَلْتُ فِيهَا حَجْحَجًا قد أَسْدَسَا
ومن أَمثالِ الميدانيّ قولُهُم: «نَفْسُكَ بما تُحَجْحِجُ أَعْلَمُ» أَي أَنت بما في قلبِك أَعلمُ مِن غيرِك.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
29-تاج العروس (لبد)
[لبد]: لَبَدَ بالمكان كنَصَر وفَرِحَ يَلْبُدُ ويَلْبَدُ لُبُودًا، بالضمّ مصدر الأَوّل، ولَبَدًا، مُحَرّكةً، مصدر الثاني: أَقَامَ به ولَزِقَ، كأَلْبَدَ، رُباعِيًّا، فهو مُلْبِدٌ به. ولَبِدَ بالأَرض وأَلْبَد بها، إِذا لَزِمَها فأَقَام، ومنهحَديث عَلِيٍّ رضي الله عنه لرجلينِ جَاءَا يَسأَلَانِه «أَلْبِدَا بِالأَرْضِ حَتَّى تَفْهَما» أَي أَقِيمَا، ومنهقولُ حُذيفة حين ذَكَر الفِتْنَة قال: «فإِن كان ذلك فالْبُدُوا لُبُودَ الرَّاعِي عَلَى عَصاهُ خَلْفَ غَنَمِهِ لا يَذْهَبُ بكم السَّيْلُ» أَي اثْبُتُوا والْزَمُوا مَنَازِلَكم كما يَعْتَمِدُ الراعِي عَصَاهُ ثابتًا لا يَبْرَح، واقْعُدوا في بُيُوتِكم لا تَخْرُجوا منها فَتَهْلِكُوا وتَكُونوا كمَنْ ذَهَبَ به السَّيْل. ومن المجاز: اللُّبَدُ واللَّبِدُ مِن الرجال، كصُرَدٍ وكَتِفٍ: من لا يُسافر ولا يَبْرَحُ مَنْزِلَهُ ولا يَطْلُبُ مَعاشًا، وهو الأَلْيَسُ، قال الراعي:مِنْ أَمْرِ ذِي بَدَوَاتٍ لَا تَزَالُ لَهُ *** بَزْلَاءُ يَعْيَا بِهَا الجَثَّامَةُ اللُّبَدُ
ويُرْوَى بالكسرِ. قال أَبو عُبَيد، والكَسْر أَجْوَدُ، ومنه «أَتَى أَبَدٌ عَلى لُبَد» وهو كَصُرَدٍ اسمُ آخِر نُسُورِ لُقْمَانَ بن عادٍ، لِظَنِّه أَنه لَبِدَ فلا يَمُوت. كذا في الأَساس. وفي اللسان: سَمَّاه بذلك لأَنه لَبِدَ فبَقِيَ لا يَذْهَب ولا يَمُوت، كاللَّبِدِ مِن الرِّجال اللازِم لِرَحْلِه لا يُفَارِقه. ولُبَدٌ يَنْصَرِف لأَنه ليس بمعدُولٍ، وفي روض المناظرة لابنِ الشِّحْنَة: كانَ مِن قَوْمِ عادٍ شَخْصٌ اسمُه لُقْمَانُ غيرُ لُقْمَانَ الحَكِيمِ الذي كان على عَهْدِ دَاوودَ عليهالسلام. وفي الصّحاح: تَزْعُم العَربُ أَنَّ لُقْمَانَ هو الذي بَعَثَتْهُ عَادٌ في وَفْدِهَا إِلى الحَرَمِ يَسْتَسْقِي لها، زاد ابنُ الشِّحْنَة: مع مَرْثَد بن سَعْد، وكان مُؤْمِنًا، فلمّا دَعَوْا قيل: قد أَعْطَيْتُكم مُنَاكُم، فاخْتَارُوا لأَنفُسِكم، فقال مَرْثَد: أَعْطِنِي بِرًّا وصِدْقًا، واختار قَبْلَ أَنْ يُصِيبَه ما أَصابَ قَوْمَه. فَلَمَّا أُهْلِكُوا هكَذَا في سائر النُّسخ، وفي بعض منها فلما هَلَكُوا خُيِّرَ لُقْمَانُ؛ أَي قال له اللهُ تَعالى اخْتَرْ ولا سَبِيلَ إِلى الخُلُود بَيْنَ بَقَاءِ سَبْعِ بَعَرَاتٍ، هكذا في نُسختنا بالعين، ويوجد في بعض نسخ الصحاح بَقَرات بالقاف سُمْرٍ صِفَة لبِعرات مِن أَظْبٍ جمع ظِباءٍ عُفْرٍ صِفة لها، قال شيخُنَا: والذي في نُسخ القامُوس هو الأَشْبَه، إِذ لا تَتَوَلَّد البَقَرُ من الظِّبَاءِ، ولا تكون منها، في جَبَلٍ وَعْرٍ، لا يَمَسُّهَا القَطْرُ، أَو بَقَاءَ سَبْعَةِ أَنْسُرِ، وسيأْتي للمُصنّف في العين المهملة مع الفاءِ أَنها ثَمَانِية وعَدَّ منها فُرْزُعَ وقال: هو أَحدُ الأَنسارِ الثمانِيَة» وهو غَلطٌ، كما سيأْتي كُلَّمَا هَلَكَ نَسْرٌ خَلَفَ بَعْدَه نَسْرٌ، فاختار لُقْمَانُ النُّسُورَ، فكَانَ يأْخُذُ الفَرْخَ حِينَ يَخْرُج مِن البَيْضَة حتى إِذا ماتَ أَخذَ غيرَه، وكان يَعِيشُ كلُّ نَسْرٍ ثمانينَ سنَةً وكان آخِرُها لُبَدًا، فلما ماتَ ماتَ لُقْمَانُ، وذلك في عَصْرِ الحارث الرائِش أَحدِ مُلوكِ اليَمن، وقد ذَكَرَه الشُّعَراءُ، قال النابِغَةُ:
أَضْحَتْ خَلَاءً وأَضْحَى أَهْلُها احْتَمَلُوا *** أَخْنَى عَلَيْهَا الذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ
ولُبَّدَى ولُبَّادَى، بالضمّ والتشديد، ويُخَفَّفُ، عن كُراع: طائِرٌ على شَكْلِ السُّمَانَى إِذا أَسَفَّ على الأَرْضِ لَبِدَ فلم يَكَدْ يَطِير حتى يُطَارَ، وقيل: لُبَّادَى: طائر يُقَالُ له: لُبَادَى الْبُدِى لا تَطِيري، ويُكَرَّرُ حتَّى يَلْتَزِقَ بالأَرْض فيُؤْخَذَ. وفي التكملة: قال الليثُ: وتقول صِبْيَانُ الأَعْرَابِ إِذا رَأَوا السُّمَانَى: سُمَانَى لُبَادَى الْبُدِي لا تُرَى. فلا تزال تَقولُ ذلك، وهي لابِدَةٌ بالأَرْضِ أَي لاصِقَة وهو يُطِيفُ بها حتى يَأْخُذَهَا. قلت: ومثلُه في الأَساس، وأَوردَه في المَجاز.
والمُلْبِدُ: البَعيرُ الضارِبُ فَخِذَيْه بِذَنَبِه فيَلْزَق بهما ثَلْطُه وبَعْرُه، وخَصَّصَه في التهذيب بالفَحْلِ من الإِبِل. وفي الصحاح: وأَلْبَدَ البَعِيرُ، إِذا ضَرَب بِذَنَبهِ على عَجُزِه وقد ثَلَطَ عليه وبَالَ فيَصِير على عَجُزِه لُبْدَةٌ مِن ثَلْطِه وبَوْلِه.
وَتَلَبَّدَ الشَّعَرُ والصُّوفُ ونَحْوُه كالوَبرِ كالْتَبَدَ: تَدَاخَلَ ولَزِقَ بَعضُه ببعْضٍ، وفي التهذيب؛ تَلَبَّدَ الطائر بالأَرْضِ أَي جَثَمَ عَلَيْهَا، وكُلُّ شَعَرٍ أَو صُوفٍ مُتَلَبِّدٍ وفي بعض النسخ ملْتَبِد أَي بعضُه على بعْضٍ، فهو لِبْدٌ، بالكسر، ولِبْدَةٌ، بزيادة الهاءِ ولُبْدَةٌ، بالضَّم، الجمع: أَلْبَادٌ ولُبُودٌ، على تَوهُّمِ طَرْحِ الهاءِ واللَّبَّادُ ككَتَّان عامِلُها؛ أَي اللُّبْدَةِ.
ومن المَجاز: هو أَجْرَأُ من ذي لِبْدَة وذي لِبَدٍ، قالوا اللِّبْدَةُ بالكسر: شَعَرٌ مُجْتَمِعٌ علَى زُبْرَةِ الأَسَدِ، وفي الصّحاح الشَّعر المُتَراكِب بين كَتِفَيْه، وفي المثل «هو أَمْنَعُ من لِبْدَةِ الأَسَدِ» والجمعُ لِبَدٌ كقِرْبَةٍ وقِرَب، وكُنْيَتُهُ أَي لَقَبُه ذو لِبْدَةٍ وذُو لِبَدٍ، واللِّبْدَةُ؛ نُسَالُ الصِّلِّيَانِ والطَّرِيفَة، وهو سَفًا أَبيضُ يَسقُط منهما في أُصولِهما وتَستَقْبِلُه الرِّيحُ فتَجْمَعُه حتّى يَصيرَ كأَنّه قِطَع الأَلْبَادِ البِيضِ إِلى أُصولِ الشَّعَر والصِّلِّيَانِ والطَّرِيفَة، فيَرْعَاه المَالُ ويَسْمَنُ عليه، وهو مِن خَيْرِ ما يُرْعَى مِن يَبِيس العِيدَانِ، وقيل: هو الكَلَأُ الرَّقيقُ يَلْتَبِد إِذا أَنْسَلَ فيَخْتَلِط بالحِبَّةِ. واللِّبْدَة: دَاخِلُ الفَخِذِ.
واللِّبْدَة: الجَرَادَةُ، قال ابنُ سِيدَه: وعندي أَنه على التَّشْبِيه؛ أَي بالجماعة منِ الناسِ، يُقِيمُون وسائرُهم يَظْعَنُون، كما سيأْتي. واللِّبْدَة: الخِرْقَةُ التي يُرْقَعُ بها صَدْرُ القَمِيصِ. يقال: لَبَدْت القَمِيصَ أَلْبُدُه، أَو هي القَبِيلَةُ يُرْقَعُ بها قَبُّهُ؛ أَي القَمِيصِ، وعبارة اللسان: [ويقال لِلخِرْقَة التي يُرْقَع بها صَدْرُ القميص: اللِّبْدَة، و] التي يُرْقَع بها قَبُّهُ: القَبِيلَةُ. وفي سياق المُصَنِّف نَظَرٌ ظاهِرٌ، فإِنه فسَّر اللِّبْدَة بما فَسَّر به غيرُهُ القَبِيلَة.
واللِّبْدَة: د، بين بَرْقَةَ وأَفْرِيقِيَّة، وهي مَدِينَة عَجِيبةٌ من بلادِ أَفْرِيقِيَّةَ، وقد بالَغَ في وَصْفِها المُؤَرِّخونَ، وأَطالوا في مَدْحِها.
واللِّبْدُ بلا هَاءٍ: الأَمْرُ، وهو مجاز، ومنه قولُهُم: فُلانٌ لا يَجِفُّ لِبْدُه، إِذا كان يَتَرَدَّدُ، ويقال: ثَبَتَ لِبْدُك؛ أَي أَمْرُك واللِّبْد: بِسَاطٌ م؛ أَي معروف، واللِّبْدُ أَيضًا: ما تَحْتَ السَّرْجِ. وذُو لِبْدٍ: موضع ببلادِ هُذَيْلٍ، ضبطه الصاغانيّ بكسر فَفَتْحٍ.
واللَّبَد، بالتَّحْرِيك: الصُّوفُ، ومنه قولهم «ما لَه سَبَدٌ ولا لَبَدٌ» وهو مَجاز، والسَّبَدُ من الشَّعر، وقد تَقَدَّم، واللَّبَدُ من الصوفِ، لتَلَبُّدِه؛ أَي مالَه ذُو شَعَرٍ ولا ذُو صُوفٍ، وقيل: مَعْنَاه: لا قَلِيلٌ ولا كثيرٌ، وكان مالُ العَرب الخَيْلَ والإِبلَ والغَنَمَ والبقَرَ، فَدَخَلَتْ كُلُّهَا في هذا المَثَلِ. واللَّبَد مصدر لَبِدَت الإِبلُ بالكسر تَلْبَد، وهو دَغَصُ الإِبلِ من الصِّلِّيَانِ وهو الْتِوَاءٌ في حَيَازِيمِها وفي غَلَاصِمِها، وذلك إِذا أَكْثَرَتْ مِنْهُ فتَغَصُّ به ولا تَمْضِي، قاله ابنُ السِّكِّيت.
ويقال أَلْبَدَ السَّرْجَ إِذا عَمِلَ له لِبْدَهُ. وفي الأَفعال: لَبَدْت السَّرْجَ والخُفَّ لَبْدًا وأَلْبَدْتُهما: جَعَلْتُ لهما لِبْدًا.
وأَلبَدَ الفَرَسَ: شَدَّه عليه؛ أَي وضعَه على ظَهْرِه، كما في الأَساس، وأَلْبَدَ القِرْبَةَ: جَعَلَهَا وصَيَّرَهَا في لَبِيدٍ؛ أَي جُوَالِقٍ، وفي الصّحاح: في جُوالِقٍ صَغيرٍ، قال الشاعر:
قُلْتُ ضَعِ الأَدْسَمَ فِي اللَّبِيدِ
قال: يريد بالأَدْسَمِ نِحْيَ سَمْنٍ، واللَّبِيدُ لِبْدٌ يُخَاطُ عليه.
ومن المجَاز: أَلْبَد رَأْسَه: طَأْطَأَهُ عندَ الدخولِ بالبابِ، يقال أَلْبِدْ رَأْسَكَ، كما في الأَساس.
وأَلبَدْت الشيْءَ بالشَّيْءِ: أَلْصَقْتُه كَلَبَدَهُ لَبْدًا، ومن هذا اشتقاقُ اللُّبُودِ التي تُفْرَش، كما في اللسان. وأَلبَدَت الإِبلُ: خَرَجَتْ؛ أَي من الرَّبيع أَوْ بَارُهَا وأَلوانُهَا وحَسُنَتْ شَارَتُهَا وتَهَيَّأَتْ للسِّمَنِ، فكأَنها أُلْبِسَتْ مِن أَوْبارِهَا أَلْبَادًا.
وفي التهذيب: وللأَسد شَعَرٌ كثيرٌ قد يَلْبُد على زُبْرَتِه، قال: وقد يكون مثلُ ذلك على سَنامِ البَعِير، وأَنشد:
كَأَنَّه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَسُ
وأَلْبَدَ بَصَرُ المُصَلِّي: لَزِمَ مَوْضِعَ السُّجُودِ، ومنهحَديث قَتَادَةَ في تفسير قولِه تَعَالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ} قال: الخُشُوع في القَلْبِ، وإِلْبَادُ البَصرِ في الصلاةِ؛ أَي: إِلزَامُه مَوْضِعَ السُّجودِ من الأَرض. واللُّبَّادَةُ، كرُمَّانَةٍ: قَبَاءٌ من لُبُودٍ، وما يُلْبَسُ من اللُّبُودِ للمَطَرِ؛ أَي للوِقَايَة منه.
واللَّبِيدُ: الجُوَالِقُ، وفي الصحاح وكتابِ الأَفعال: الجُوَالِق الصغير.
واللَّبِيدَة: المِخْلَاةُ، اسمٌ، عن كُراع.
ولَبِيد بنُ رَبِيعَةَ بن مالِكٍ العَامِريُّ، ولبيد بنُ عُطَارِدِ بن حَاجِب بن زُرَارَةَ التَّمِيميُّ، ولبيد بن أَزْنَمَ الغَطَفَانِيّ، شُعَراءُ، وفي الأَوَّل قولُ الإِمَام الشافعيّ:
وَلَوْلَا الشِّعْرُ بالعُلَماءِ يُزْرِي *** لَكُنْتُ اليَوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيدِ
ولبيد كزُبَيْرٍ وكَرِيمٍ: طائرٌ، وعلى الأَوّل، اقتصرَ ابنُ مَنْظور.
وأَبو لُبَيْدِ بن عَبَدَةَ، بضم اللام، وفتح الباءِ في عبَدَة شاعرٌ فارِسٌ.
وأَبو لَبِيدٍ كأَمِيرٍ، هشامُ بن عبد الملك الطَّيَالِسيُّ مُحَدِّث.
ولَبَدَ الصوفَ، كضَرَبَ يَلْبِدُ لَبْدًا: نَفَشَه وبَلَّه بماءٍ ثمَّ خَاطَه وجَعَلَه في رَأْسِ العَمَدِ ليكون وِقَايَةً لِلبِجادِ أَنْ يَخْرِقَهُ، كلَبَّده تَلْبِيدًا، وكلُّ هذا من اللزُوقِ.
ومن المَجاز: مالٌ لُبَدٌ ولَابِدٌ ولُبَّدٌ: كَثِيرٌ، وفي بعض النُّسخ مال لُبَدٌ كصُرَدٍ، ولابِدٌ، كثيرٌ. وفي الأَساس واللسان: مال لُبَدٌ: كَثِيرٌ لا يُخافُ فَنَاؤُه لِكَثْرَتِه، كأَنَّه الْتَبَدَ بعضُه على بعضٍ. وفي التنزيل العَزِيز {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا} أَي جَمَّا، قال الفَرَّاءُ: اللُّبَدُ: الكَثِيرُ، وقال بعضُهم: واحدَته لُبْدَةٌ، ولُبَدٌ جِمَاعٌ، قال: وجعلَه بعضُهم على جِهَة قُثَمٍ، وحُطَمٍ، واحِدًا، وهو في الوجهين جَمِيعًا: الكثيرُ. وقرأَ أَبو جَعْفَرٍ «مَالًا لُبَّدًا» مُشدَّدَا، فكأَنه أَرادَ مالًا لابِدًا، ومالانِ لَابِدَانِ، وأَمْوَالٌ لُبَّدٌ، والأَمْوَالُ والمالُ قد يَكُونانِ في مَعْنًى واحدٍ. وفي البصائر: وقرأَ الحسن ومُجَاهِد: لُبُدًا، بضمتين جَمْع لابدٍ. وقرأَ مُجَاهِدٌ أَيضًا بسكون الباءِ، كَفَارِهٍ وفُرْهٍ وشارِفٍ وشُرْفٍ. وقرأَ زيدُ بن عَليّ وابنُ عُمَيْرٍ وعاصِمٌ: لِبَدًا مِثال عِنَبٍ جَمْع لِبْدَة أَي مُجتَمِعًا.
واللُّبَّدَي: القَوْمُ المُجْتَمِعُ كاللِّبْدَة، بالكسر، واللُّبْدَة، بالضمّ، كأنهم بِجَمْعِهم تَلَبَّدُوا، ويقال: النَّاسُ لُبَدٌ؛ أَي مُجتمِعون، وفي التنزيل العزيز {وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لُبَدًا} قال الأَزهريُّ: وقُرئ {لِبَدًا} المعنى أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لمَّا صلَّى الصُّبْح بِبَطْنِ نَخْلَةَ كادَ الجِنُّ لمَّا سَمِعُوا القرآنَ وتَعَجَّبُوا منه أَن يَسْقُطُوا عليه؛ أَي كالجَرَادِ، وفي حديث ابن عبّاسٍ {كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} أَي مُجْتَمِعِينَ بَعْضهم على بعضٍ، واحدتها لِبْدَةٌ، ومعنى لِبَدٍ: يَركبُ بعضُهم بعضًا.
وكلُّ شَيءٍ أَلْصَقْتَه بشيءٍ إِلصاقًا شديدًا فقد لَبَّدْتَه.
والتَّلْبِيدُ: التَّرْقِيعُ، كالإِلْبَادِ وكِسَاءٌ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ. وَثَوْبٌ مَلْبُودٌ، وقَدْ لَبدَه إِذا رَقَعَه، وهو مما تَقَدَّم، لأَن المُرَقَّع يَجتمعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ ويَلْتَزِق بعضُه ببعضٍ، وقيل المُلَبَّد الذي ثَخُنَ وَسَطُه وصَفِقَ حتى صارَ يُشْبِه اللِّبْدَ.
وفي الصّحاح: التَّلْبِيدُ: أَنْ يَجْعَلَ المُحْرِمُ في رأْسِهِ شَيْئًا مِن صَمْغٍ لِيَتَلبَّدَ شَعرُهُ بُقْيَا عَلَيْه لئلا يَشعَثَ في الإِحرام، ويَقْمَلَ، إِبْقَاءً على الشَّعرِ، وإِنما يُلَبِّد مَنْ يَطُولُ مُكْثُه في الإِحرام. وفي حَدِيث عُمَر رضي الله عنه أَنَّهُ قال «مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَو ضَفَر فعلَيْه الحَلْقُ» قال أَبو عبيد: قوله لَبَّدَ؛ أَي جَعَل في رَأْسهِ شَيْئًا مِن صَمْغٍ أَو عَسَلٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعرُه ولا يَقْمَلَ، قال الأَزهريُّ: هكذا قال يَحيى بن سَعِيد، قال: وقال غيرُه: إِنما التَّلْبِيدُ بُقْيَا علَى الشَّعر لئلا يَشْعَثَ في الإِحرام، ولذلك أَوْجَبَ عليه الحَلْقَ كالعُقَوبَةِ له، قال: قال ذلك سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ، قيل: ومنه قيل لِزُبْرَةِ الأَسدِ لِبْدَةٌ، وقد تَقدَّم.
واللَّبُودُ، كصَبورٍ، وفي نسختنا بالتَّشْدِيد: القُرَادُ، سُمِّيَ بذلك لأَنه يَلْبَدُ بالأَرض أَي يَلْصَق. والْتَبَدَ الوَرَقُ تَلَبَّدَتْ، أَي، تَلَبَّدَ بعضُه على بعضٍ.
والتَبَدَت الشَّجَرَةُ: كَثُرَتْ أَوْرَاقُها، قال الساجع:
وعَنْكَثَا مُلْتَبِدَا
واللَّابِدُ، والمُلْبِد وأَبو لُبَد كصُرَدٍ وعِنَبٍ: الأَسَدُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
«ما أَرَى اليَوْمَ خَيْرًا مِن عِصَابَة مُلْبِدَةٍ» يعني لَصِقُوا بالأَرْض وأَخْمَلُوا أَنْفُسَهُم، وهو من حديث أَبي بَرْزَةَ وهو مَجاز، وفي الأَساس عِصَابَةٌ مُلْبِدَةٌ: لا صِقَةٌ بالأَرض من الفَقْرِ، وفُلانٌ مُلْبِدٌ: مُدْقِعٌ وفي حديث أَبي بَكْرٍ «أَنه كان يَحْلُب فيقول أَأُلْبِدُ أَمْ أُرْغِي؟ فإِن قالوا: أَلْبِدْ أَلْزَقَ العُلْبَةَ بِالضَّرْعِ فَحلَبَ، ولا يَكون لذلك الحَلَبِ رَغْوَةٌ، فإِن أَبَانَ العُلْبَةَ رَغَا الشَّخْبُ بِشِدَّة وُقُوعِه في العُلْبَةِ».
والمُلَبِّدُ من المَطَرِ: الرَّشُّ وقد لَبَّدَ الأَرْضَ تَلْبِيدًا، وتَلَبَّدَت الأَرْضُ بالمطرِ. وفي الحديث: «في صِفَة الغَيْثِ «فَلَبَّدَتِ الدِّمَاثَ» أَي جَعَلَتْهَا قَوِيَّةً لا تَسوخ فيها الأَقدامُ، والدِّمَاثُ: الأَرَضُونَ السَّهْلَةُ. وفي حديث أُمّ زَرْعٍ: «لَيْسَ بِلَبِدٍ فَيُتَوَقَّل، ولا لَه عِنْدِي مُعَوَّل» أَي لَيْس بِمُسْتَمْسِكٍ مُتَلَبِّد فَيُسْرَع المَشْيُ فِيه ويُعْتَلَى.
ولَبَّدَ النَّدَى الأَرْضَ. وفي صِفَة طَلْحِ الجَنَّة: «إِنّ الله تعالى يَجْعَل مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا مِثْلَ خُصْوَة التَّيْس المَلْبُودِ» أَي المُكْتَنِز اللَّحْم الذي لَزِمَ بَعْضُه بَعْضًا فتَلَبَّد.
وفي التهذيب في تَرجمة بلد: وقولُ الشاعِرِ أَنشَدَه ابنُ الأَعرابيّ:
وَمُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ ومَهْلكَةٍ *** جَاوَزْتُه بِعَلَاةِ الخَلْقِ عِلْيَانِ
قال: المُبْلِدُ: الحَوْضُ القَديم هُنا، قال: وأَراد مُلْبِد فقَلَب، وهو اللَّاصِقُ بالأَرض.
وقال أَبو حَنيفة: إِبِلٌ لَبِدَةٌ ولَبَادَى: تَشَكَّى بُطُونَهَا عن القَتَادِ. وناقَةٌ لَبِدَةٌ.
ومن المجاز: أَثْبَت الله لِبْدَكَ، وجَمَّل الله لِبْدَتكَ.
وفي المثل «تَلَبَّدِي تَصَيَّدِي» كقولهم «مُخْرنْبِقٌ لِيَنْبَاعَ» ومنه قيل: تَلَبَّدَ فُلانٌ: تَفَرَّسَ، كما في الأَساس.
وفي الحديثِ ذِكْرُ «لُبَيْدَاء»، وهي الأَرْضُ السابِعَةُ.
ولَبِيدٌ ولابِدٌ ولُبَيْدٌ أَسماءٌ.
واللِّبَدُ: بطونٌ من بني تَميمٍ، وقال ابنُ الأَعْرَابيّ: اللِّبَدُ بنو الحارث بن كَعْب أَجمعونَ ما خَلَا مِنْقَرًا.
ومحمّد بن إِسحاق بن نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيّ اللَّبّاد، وأَبو عَليٍّ الحسن بن الحُسَيْنِ بن مَسعُود بن اللَّبَّاد المُؤَدّب البُخَارِيّ، محدِّثَان.
وسِكَّة اللَّبَّادين مَحَلَّةٌّ بِسَمَرْقَنَد، منها القاضي محمد بن طاهِرِ بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمّد السّعيديّ السَّمَرْقَنْدِيّ، عن أَبي اليُسْرِ [محمد بن محمد بن الحسين] البَزْدَوِيّ وغيرِه. ولَبِيد بن عَلِيّ بن هِبَة بن جَعْفَر بن كِلاب: بَطْنٌ، ومن وَلدِه فائدٌ وسَلَّام، وهم بمصر. ولَبِيد: بَطْنٌ من حَرْبٍ ولهم شِرْذِمَةٌ بالصعيد، ولَبِيد: بَطْنٌ مِن سُلَيْم، منهم قُرَّة بن عِياضٍ.
ولَبِيدة: قَرْيَة بالقَيْرَوَانِ، منها أَبو القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن الحَضْرَمِيّ اللَّبِيدِيّ، من فقهاءِ القَيْرَوَان.
* واستَدْرَك شيخُنا: لَبِيدَة: قَرْية من قُرَى تُونِس، ويقال بالذّال المُعجمة أَيضًا، فتُعاد هُنَاك، انتهى.
واللُّبَدُ، كَصُرَد: قَرْيَة من قُرَى نَابُلسَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
30-تاج العروس (عين)
والمُعَيَّنُ، كمُعَظَّمٍ: ثَوْبٌ في وشْيِه تَرابيعُ صِغارٌ كعُيونِ الوَحْشِ.والمُعَيَّنُ: ثوْرٌ بين عَيْنَيْه سَوادٌ؛ أَنْشَدَ سِيْبَوَيْه:
فكأَنَّه لَهِقُ السَّراةِ كأَنَّه *** ما حاجِبَيْهِ مُعَيَّنٌ بسَوَادِ
والمُعَيَّنُ: فَحْلٌ من الثِّيرانِ، معروف مَعْروفٌ، قالَ جابرُ بنُ حُرَيْش:
ومُعَيَّنًا يَحْوِي الصِّوارَ كأَنَّه *** مُتَخَمِّطٌ قَطِمٌ إذا ما بَرْبَرا
وبَعَثْنا عَيْنًا يَعْتانُنا ويَعْتانُ لنا ويَعِينُنا ويَعِينُ لنا، وهذه عن الهَجَرِيّ، وعَيانَةً، بالفتْحِ مَصْدَرُه، أي يأْتِينا بالخَبَرِ.
وحَكَى اللّحْيانيُّ: ذَهَبَ فلانٌ فاعْتانَ لنا مَنْزلًا مُكْلِئًا فعَدَّاهُ، أي ارْتادَ لنا مَنْزلًا ذا كَلَإٍ كَزٍ؛ وأَنْشَدَ الهَجَرِيُّ لناهِض بن ثُومة الكِلابِيّ:
يُقاتِلُ مَرَّةً ويَعِينُ أُخْرَى *** ففَرَّتْ بالصِّغارِ وبالهَوَانِ
وقيلَ: اعْتانَ لنا فلانٌ: صارَ عَيْنًا رَبِيئةً. وكذا عانَ علينا عِيانَةً: صارَ لهم عَيْنًا.
ويقالُ: اذْهَبْ واعْتَنْ لي مَنْزلًا: أي ارْتَدْهُ.
والمُعْتانُ: رائدُ القوْمِ يَتَجَسَّسُ بالأَخْبارِ.
وابْنا عِيانٍ، ككِتابٍ: طائرانِ يَزْجُرُ بهما العَرَبُ كأنَّهم يَرَوْنَ ما يُتَوَقَّعُ أَو يُنْتَظَرُ بهما عِيانًا.
أَو هُما خَطَّانِ يَخُطُّهُما العائِفُ في الأرضِ يَزْجُرُ بهما الطَّيرَ.
وقيلَ: يُخَطَّان للعِيافَةِ.
ثم يقولُ: ابْنا، كذا في النُّسخِ، والصَّوابُ ابْني، عِيانٍ أَسْرِعَا البَيانَ.
وقيلَ: ابْنا عِيانٍ قِدْحانِ مَعْروفانِ، وإذا عَلِمَ أنَّ المُقامِرَ يفوزُ بِقِدْحِه قيلَ جَرَى ابْنا عِيانٍ؛ قالَ الراعِي:
وأَصْفَرَ عَطَّافٍ إذا راحَ رَبُّه *** جَرَى ابْنا عِيانٍ بالشِّواءِ المُضَهَّبِ
وإنَّما سُمِّيا ابْني عِيَانٍ لأنَّهم يُعايِنُونَ الفَوْزَ والطعامَ بهما.
والعِيانُ أَيْضًا: حديدَةٌ في مَتاعِ الفَدَّانِ، هكذا هو في نسخِ الصِّحاحِ بتَشْديدِ الدالِ مِن الفَدَّان؛ وضَبَطَه ابنُ بَرِّي بتَخْفِيفِها.
ونُقِلَ عن أَبي الحَسَنِ الصقليّ: الفَدَان، بالتّخْفِيفِ؛ الآلَةُ التي يُحْرَثُ بها، وبالتَّشْديدِ: المَبْلَغُ المَعْروفُ.
وقالَ أَبو عَمْرو: اللُّومَةُ: السِّنَّةُ التي تحْرَثُ بها الأرضُ، فإذا كانتْ على الفَدَّانِ فهي العِيانُ.
وفي المُحْكَم: العِيانُ: حَلْقَةٌ على طَرَفِ اللُّومَةِ والسِّلْبِ والدُّجْرَيْنِ، الجمع: أَعْيِنَةٌ وعُيُنٌ، بضمَّتينِ، واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الأَخيرَةِ، فقالَ: هو فُعْلٌ فثقلوا لأنَّ الياءَ أَخَفُّ مِن الواوِ.
وقالَ سِيْبَوَيْه: ثَقَّلوا لأنَّ الياءَ أَخَفُّ عليهم مِن الواوِ، يعْنِي أنَّه لا يُحْمَلُ باب عُيُنٍ على بابِ خُونٍ بالإِجْماعِ لخِفَّةِ الياءِ وثقلِ الواوِ.
وقالَ أَبو عَمْرو: جَمْعُه عِينٌ بالكسْرِ لا غَيْرِ.
قالَ ابنُ بَرِّي: جَمْعُه عُيُنٌ بضمَّتَيْن، وإن سَكَّنْت قلْتَ: عُيْنٌ مثْلُ رُسْلٍ.
* قلْتُ: وهي لُغَةُ بَني تَمِيم يُصَحِّحونَ الياءَ ولا يقُولُونَ عُيْنٌ كَراهِيَة الياء الساكِنَة بعْدَ الضمَّة.
وماءٌ مَعْيونٌ ومَعِينٌ: ظاهِرٌ تَراهُ العَيْنُ جارِ يًا على وَجْهِ الأرضِ؛ وقوْلُ بَدْر ابنِ عامِرٍ الهُذَليّ:
ماءٌ يَجمُّ لحافِرٍ مَعْيُون
قالَ بعضُهم: جَرَّه على الجِوارِ، وإنَّما حكْمُهُ مَعْيُونٌ بالرَّفْعِ لأنَّه نعْتٌ للماءِ.
وقالَ بعضُهم: هو مَفْعولٌ بمعْنَى فاعِلٍ.
قالَ ابنُ بَرِّي: ومن عينِ الماءِ اشْتُقَّ مَعِينٌ أي ظاهِرُ العَيْن.
* قلْتُ: واخْتُلِفَ في وَزْنِه فَقيلَ: هو مَفْعولٌ وإنْ لم يكنْ له فعْلٌ؛ وقيلَ: هو فَعِيلٌ مِن المَعْنِ، وهو الاسْتِقاءُ، وسَيَأْتي في موْضِعِه.
وسِقاءٌ عَيِّنٌ، ككَيِّسٍ وتُفْتَحُ ياؤُهُ، والكَسْرُ أَكْثَر.
قالَ شيْخُنا: وعَدَّه أَئِمَّةُ الصَّرْفِ من الأفْرادِ وقالوا لم يَجِئ فَيْعَل، بفتْح العَيْنِ، مُعْتلًا من الصِّفَة المشبَّهَةِ غَيْره.
وكذلِكَ: سِقاءٌ مُتَعَيِّنٌ: إذا سالَ ماؤُهُ؛ عن اللّحْيانيّ.
وقالَ الرَّاغبُ: ومِن سَيَلانِ الماءِ في الجارِحَةِ اشْتُقَّ سِقاءٌ عَيِّنٌ ومُتَعَيِّنٌ إذا سالَ منه الماءُ.
أَو عَيِّنٌ وعَيَّنٌ: جَديدٌ؛ طائِيَّةٌ؛ قالَ الطِّرمَّاحُ:
قد اخْضَلَّ منها كلُّ بالٍ وعَيِّنٍ *** وجَفَّ الرَّوايا بالمَلا المُتَباطِنِ
وكذلِكَ قرْبَةٌ عَيّنٌ: جَديدَةٌ، طائِيّة أَيْضًا؛ قالَ:
ما بالُ عَيْنِيَ كالشَّعِيبِ العَيّنِ
قالَ: وحَمَلَ سِيْبَوَيْه عَيَّنًا على أنَّه فَيْعَلٌ ممَّا عَيْنُه ياءٌ، وقد يمكنُ أنْ يكونَ فَوْعَلًا وفَعْولًا مِن لَفْظِ العينِ ومَعْناها، ولو حكمَ بأَحَدِ هذين المِثالَيْن لحملَ على مأْلُوف غَيْر منكرٍ، أَلَا تَرَى أنَّ فَعْولًا وفَوْعَلًا لا مَانِع لكلِّ واحِدٍ منهما أن يكونَ في المُعْتل، كما يكونُ في الصَّحِيح، وأَمَّا فَيْعَل، بفتْح العَيْن، ممَّا عَيْنُه ياءٌ فعَزِيزٌ.
وتَعَيَّنَ السِّقاءُ: رَقَّ مِن القِدَمِ.
وقالَ الفرَّاءُ: التَّعَيُّنُ: أنْ يكونَ في الجلْدِ دَوائِر رَقِيقَة؛ قالَ القَطاميُّ:
ولكنَّ الأدِيمَ إذا تَفَرَّى *** بِلًى وتَعَيُّنًا غَلَبَ الصَّناعا
وعَيَّنَ الرَّجُل: أَخَذَ بالعِينةِ، بالكسْرِ، أي السَّلَفِ، أَو أَعْطَى بها.
ومِن المجازِ: عَيَّنَ الشَّجَرُ: إذا نَضِرَ ونَوَّرَ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ: عَيَّنَ التَّاجِرُ تَعْيينًا وعِينَةً، قَبِيحَة وهي الاسمُ، وذلِكَ إذا باعَ مِن رجُلٍ سِلْعَتَهُ بثَمَنٍ مَعْلومٍ إلى أَجلٍ مَعْلومٍ، ثم اشْتَرَاها منه بأَقَلَّ مِن ذلِكَ الثّمَنِ الذي باعَها به. قالَ: وقد كَرِهَ العِينَةَ أَكْثَر الفُقَهاءِ، ورُوِي فيها النَّهْيُ عن عائِشَةَ وابنِ عَبَّاسٍ، رضِي الله تعالى عنهما.
وفي حدِيثِ ابنِ عبَّاس: أنَّه كَرِهَ العِينَةَ.
قالَ: فإنِ اشْتَرَى التاجِرُ بحَضْرَةِ طالِبِ العِينَةِ سِلْعَة من آخر بثَمَنٍ مَعْلومٍ وقَبَضَها، ثم باعَها مِن طالِبِ العِينَةِ بثمنٍ أكْثَر ممَّا اشْتَرَاهُ إلى أَجِلٍ مُسمّى، ثم باعَها المُشْترِي مِن البائِع الأوَّل بالنَّقْدِ بأَقَلّ مِنَ الثّمَنِ الذي اشْتَرَاها به، فهذه أَيْضًا عِينَةٌ، وهي أَهْوَن مِن الأُوْلى، وأَكْثَر الفُقَهاءِ على إجازَتِها على كَراهَة من بعضِهم لها، وجملَةُ القَوْل فيها أنَّها إذا تَعَرَّت من شرْطٍ يفْسدُها فهي جائِزَةٌ، وإن اشْتَراها المُتَعَيِّنُ بشرْطِ أن يبيعَها مِن بائعِها الأوّل فالبَيْع فاسِدٌ عنْدَ جميعِهم، وسُمِّيت عِينةً لحصولِ النَّقْدِ لطالِبِ العِينةِ، وذلك أنَّ العِينَةَ اشْتِقاقُها من العَيْنِ، وهو النَّقْدُ الحاضِرُ ويحْصُلُ له من فَوْرهِ، والمُشْترِي إنَّما يَشْتريها ليبيعَها بعَيْنٍ حاضِرَةٍ تَصِلُ إليه مُعَجَّلة.
وفي الأساسِ: باعَه بعِينَةٍ: بنسِيئةٍ لأنَّها زيادَةٌ.
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: لأنَّها بَيعُ العَينِ بالدَّيْن.
وعَيَّنَ الحَرْبَ بَيْننا: أَدارَها.
وفي اللّسانِ: أَدَرَّها.
وعَيَّنَ اللُّؤْلُؤَةَ: ثَقَبَها، كأنَّه جَعَلَ لها عَيْنًا.
وعَيَّنَ فلانًا: أَخْبَرَهُ بِمَساوِيهِ في وجْهِه؛ عن اللّحْيانيّ.
وفي الأساسِ: بَكَّتَه في وجْهِه وعلى عينِهِ، إذا أَخْبَرَ السُّلْطان بِمَساوِيه شاهِدًا كانَ أَو غائِبًا.
وعَيَّنَ القِرْبَةَ: إذا صَبَّ فيها الماءَ ليخْرجَ مِن مَخارِزِها ولتَنْسَدَّ عُيونُ الخُرَزِ وآثَارُها وهي جَديدَةٌ، وكذلك سَرَّبَها؛ نَقَلَهُ الأصْمعيُّ.
وقالَ الرَّاغبُ: ومِن سيلانِ الماءِ مِن الجارِحَةِ أُخِذَ قوْلُهم عَيِّنْ قِرْبَتك أي صبَّ فيها ماء تَنْسَدُّ بسيلانِهِ آثارُ خُرَزِها.
والعِينَةُ، بالكسْرِ: السَّلَفُ؛ وهذا قد تقدَّمَ في كَلامِهِ قَرِيبًا فهو تكْرارٌ.
والعِينَةُ: خِيارُ المالِ، مثْلُ العِيمَةِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ؛ والجَمْعُ عِيَنٌ، كعِنَبٍ.
والعِينَةُ: مادَّةُ الحَرْبِ؛ قالَ ابنُ مُقْبِل:
لا تَحْلُبُ الحربُ مِنّي بعد عِينتِها *** إلَّا عُلالَةَ سِيدٍ مارِدٍ سَدِمِ
والعِينَةُ من النَّعْجَةِ: ما حَوْلَ عَيْنَيْها كالمحْجَرِ للإِنْسانِ.
ويقالُ: هذا ثَوْبُ عينةٍ مُضافَةً إذا كان حَسَنُ المَرْآةِ في العَيْنِ.
والمَعانُ: المَنْزِلُ. يقالُ: الكُوفَةُ مَعانٌ مِنَّا، أي مَنْزلٌ ومَعْلَم.
ومَعانٌ أَيْضًا: مَنْزِلَةٌ قُرْبَ موتَةَ لحاجِّ الشَّامِ؛ قالَ عبدُ الله بنُ رواحة، رضِيَ الله تعالى عنه:
أقامت ليلتين على مُعانٍ *** وأعقبَ بعد فترَتها جُمومُ
قالَ ابنُ سِيْدَه: وقد ذُكِرَ في الصَّحِيحِ لأنَّه يكونُ فَعَالًا ومَفْعَلًا. وعَيْنونُ، ويُقالُ: عَيْنونَى، ويقالُ فيها أَيْضًا عَيْنونَة: قرية وعَيْنَيْنِ، بكسْرِ العينِ وفتحِها مُثَنَّى عَيْن، ويقالُ عَيْنَان وذو عَيْنَيْنِ، وبالوَجْهَيْن
رُوِيَ حدِيثُ عُثْمان، رضِيَ الله تعالَى عنه، قالَ له عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ يُعَرِّضُ به: «إنِّي لم أَفِرَّ يومَ عَيْنَيْنِ»؛ وهو جَبَلٌ، أَو قلتٌ، أو هضبَةٌ في جَبَلٍ بِأُحُدٍ قبْلَ مَشْهَد الإمَام حَمْزَةَ، رضِيَ الله تعالَى عنه، قامَ عليه إبليسُ عليه لَعْنَةُ الله تعالَى، فَنادَى أنَّ محمدًا، صلى الله عليه وسلم، قد قُتِلَ.
قالَ الهَرَويُّ: وهو الجَبَلُ الذي أَقامَ عليه الرُّماةُ يومَ أُحُدٍ؛ ويقالُ ليَوْم أُحُدٍ يَوْم عَيْنَيْن. وفي ركْنِه الغَرْبي مَسْجدٌ نَبَويٌّ وعنْدَه قَنْطرَةُ عَيْن.
وعَيْنَيْن، بفتْحِ العَيْنِ: قرية بالبَحْرَيْنِ في دِيارِ عبْدِ القَيْسِ، كثيرَةُ النَّخْلِ؛ قالَ الرَّاعِي:
يَحُثُّ بهنَّ الحادِيانِ كأنَّما *** يَحُثَّانِ جَبّارًا بعَيْنَيْنِ مُكْرَعا
قالَ الأَزْهرِيُّ: وقد دَخَلْتها أنا. منه، كذا في النسخِ، وصَوابُه: منها، خُلَيْدُ عَيْنَيْنِ، وهو رَجُلٌ يُهاجِي جَريرًا؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:
ونحْنُ مَنَعْنا يومَ عَيْنَيْنِ مِنْقَرًا *** ويومَ جَدُودٍ لم نُواكِلْ عَن الأصْلِ
وعَيْنانِ: موضع في ديارِ هوازن في الحِجازِ، فيمَا يَراهُ أَبو نَصْرِ.
وعَيَّانُ، كجَيَّانَ: بلد باليَمَنِ مِن مِخْلافِ جعفر أو قَرِيب منه؛ عن نَصْر.
والعِيانَةُ، ككِتابةٍ: موضع في دِيارِ الحارِثِ بنِ كَعْبٍ، عن نَصْرِ.
والعُيونُ، بالضَّمِّ: بلد بالأنْدَلُسِ.
وأَيْضًا: قرية بالبَحْرَيْنِ.
وأَعْيَنُ وعُيانَةُ، كأَحْمَدَ وثُمامَةٍ: حِصْنانِ باليَمَنِ؛ وقيلَ: قَرْيتانِ، وإلى الأَخيرَةِ نُسِبَ أَبو بكْرِ بنُ يَحْيَى ابنِ عليِّ بنِ إسْحق السّكْسكيُّ العُيانيُّ الفَقِيهُ المُدَقِّقُ صاحِبُ الكَرَامات، ماتَ سَنَة 628؛ ضَبَطَه الجنْدِيُّ في تارِيخِه.
والمَعِينَةُ، بفتْحِ الميمِ: قرية بينَ الكُوفَةِ والشامِ.
* قلْتُ: الصَّوابُ فيها: المَعنيةُ، نُسِبَتْ إلى مَعْن بنِ زائِدَةَ كما حَقَّقه نَصْر، وقد صحَّفه المصنِّفُ.
والعَيْناءُ الخَضْراءُ.
وأَيْضًا: القِرْبَةُ المُتَهَيِّئَةُ للخَرْقِ والبلى.
وأَيْضًا: النَّافِذَةُ من القوافِي.
وأَيْضًا: اسمُ بِئْرٍ سُمِّيت لكثْرَةِ مائِها.
والعَيْنا، بالقَصْرِ: قُنَّةُ جَبَلِ ثَبِير، هكذا ذَكَرَه بعضٌ، والصَّوابُ بالمعْجمةِ.
وذُو العَيْنِ: لَقَبُ قَتَادَةَ بن النُّعْمانِ بنِ زيْدٍ الصَّحابيّ الذي رَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عَيْنَهُ السَّائِلَةَ على وَجْهِه فكانَتْ أصَحَّ عَيْنَيْهِ، وقد ذَكَرَه أَصْحابُ السِّيَرِ في المعْجزاتِ.
وذُو العَيْنَيْنِ: مُعاوِيَةُ بنُ مالِكٍ شاعِرٌ فارِسٌ.
وذُو العُيَيْنَتَيْنِ، مصَغَّرًا: الجاسوسُ لأنَّ العَيْنَ تَصْغيرُها عُيَيْنَة؛ ويقالُ له أَيْضًا. ذُو العَيْنَيْن وذو العُوَيْنَتَيْن، كلُّ ذلِكَ قد سُمِعَ. وتَعَيَّنَ الرَّجُلُ: تَشَوَّهَ؛ كذا في النسخِ، والصَّوابُ تَشَوَّرَ؛ وتأَنَّى ليُصِيبَ شيئًا بعَيْنِه.
وتعيَّنَ فلانًا: رآهُ يَقِينًا.
وتعيَّنَ عليه الشَّيءُ: لَزِمَهُ بعَيْنِه.
وأَبو عَيْنانِ: جَدُّ نَهارِ بنِ تَوْسِعَةِ الشَّاعِر، ذَكَرَه المُسْتَغْفريُّ.
وعبدُ الله بنُ أَعْيَنَ، كأَحْمَدَ، محدِّثٌ.
وابنُ مَعينٍ، يأْتي ذِكْرُه في «م موضع ن» على أنَّ الميمَ أَصْلِيَّة ومنهم مَنْ جَعَلَها زائِدَةِ، فذَكَرَه هنا، وتقدَّمَ للمصنِّفِ رحِمَه اللهُ تعالى في موضع ون مِن جملَةِ الأَسْماء، وذَكَرْنا هناك ما يُناسِبُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
العَيْنُ رَئيسُ الجَيْش: وأَيْضًا: طَلِيعَتُه وعَيْنُ الماءِ: الحياةُ للناسِ؛ وبه فَسَّرَ ثَعْلَب:
أُولئِك عَيْنُ الماءِ فيهم وعِنْدَهمْ *** من الخِيْفَةِ المَنْجاةُ والمُتَحَوَّلُ
وفي الأساسِ: فيهم عَيْنُ الماءِ، أي فيهم نَفْعٌ وخَيْرٌ.
والعَيْنُ: النَّقْدُ؛ ومِن كَلامِهم: عَيْنٌ غَيْر دَيْنٍ.
والعَيْنُ: حَقيقَةُ الشَّيءِ. يقالُ: جاءَ بالأَمْرِ مِن عَيْنٍ صافِيَةٍ، أي مِن قَصِّه وحَقِيقَتِه.
والعَيْنُ: الخالِصُ الواضِحُ. يقالُ: جاءَ بالحقِّ بعَيْنِه، أي خالِصًا واضِحًا.
والعَيْنُ: الشَّخْصُ.
والعَيْنُ: الأَصْلُ.
والعَيْنُ: الشاهِدُ؛ ومنه الجَوادُ عَيْنُه فِرَارُه، إذا رأَيْته تَفَرَّسْتَ فيه الجَوْدَةَ مِن غَيْر أن تَفِرَّه.
والعَيْنُ: المُعايَنَةُ. يقالُ: لا أَطْلُبُ أَثَرًا بعْدَ عَيْنٍ أَي لا أَتْركُ الشيءَ وأَنا أُعاينُه وأَطْلُبُ أَثَرَه بعْدَ أن يغيبَ عنِّي، وأَصْلُه أنَّ رجُلًا رأَى قاتِلَ أَخِيهِ فلمَّا أَرادَ قَتْلَه قالَ: أَفْتَدي بمائَةِ ناقَةٍ، فقالَ: لسْتُ أَطْلُبُ أَثَرًا بعْدَ عَيْنٍ وقَتَلَه.
والعَيْنُ: النَّفِيسُ.
والعَيْنُ: العطيةُ الحاضِرَةُ؛ ومنه قوْلُ الرَّاجزِ:
وعَيْنُه كالكَالِئِ الضِّمَارِ
والضِّمَارُ: الغائِبُ الذي لا يُرْجَى.
والعَيْنُ: الناسُ.
والعَيْنُ: الخاصَّةُ مِن خواصِّ الله تعالَى؛ ومنه الحدِيثُ: «أَصابَتْه عَيْنٌ مِن عُيونِ الله».
والعَيْنُ: كفَّةُ المِيزانِ، وهما عَيْنانِ.
والعَيْنُ: لِسانُ المِيزانِ.
والعَيْنُ: المُكاشِفُ.
وما بالدَّارِ عَيْنٌ: أي أَحَدٌ؛ ومنه قوْلُهم: ما بها عَيْنٌ تطرفُ.
والعَيْنُ: وَسَطُ الكَلِمَةِ.
والعَيْنُ: الخرمُ في المَزادَةِ تَشْبيهًا بالجارِحَةِ في الهَيْئةِ.
والعَيْنُ: العافِيَةُ.
والعَيْنُ: الصُّورَةُ.
والعَيْنُ: قُطْرَةُ الماءِ.
والعَيْنُ: قَرْيَةٌ بمِصْرَ.
والعينُ: اسمُ السَّبعينِ مِن حِسابِ الجملِ.
والعَيْنُ: العِزُّ.
والعينُ: العلْمُ،؛ وهو عَيْنُ اليَقِينِ. والعَيْنُ: اسمُ كتابٍ ألَّفَهُ الخَلِيلُ وأَكْمَلَهُ اللَّيْثُ.
والعَيْنُ: كثْرَةُ ماءِ البِئْرِ؛ وقد عانَتْ عَيْنًا إذا كَثُرَ ماؤُها.
والعَيْنُ: سَيَلانُ الدَّمْعِ مِنَ العَيْنِ. يقالُ: عانَ الدَّمْعُ عَيْنًا: إذا سالَ وجَرَى.
والعَيْنُ: عَيْنُ الإِبْرَةِ. ويقالُ للضَّيِّقةِ العَيْنِ منها: عَيْنُ صفية.
والعَيْنُ: موْضِعٌ في جَبَلِ عَيْنَيْن نُسِبَتْ إليه القَنْطَرَةُ.
والعَيْنُ: المحسةُ.
والعَيْنُ: بيتٌ صغيرٌ في الصّنْدوقِ.
وفَقَأَ عَيْنَه: صَكَّه أَو أَغْلَظَ له في القوْلِ، وهو مجازٌ.
وتقولُ العَرَبُ: على عَيْني قَصَدْتُ زيْدًا: يُرِيدُونَ الإِشْفاقَ.
والعائِنُ: المُصِيبُ بالعَيْنِ، والمُصابُ: مَعِينٌ، على النَّقْصِ، ومَعْيونٌ، على التَّمامِ.
وقالَ الزجَّاجِيُّ: المَعِينُ المُصابُ بالعَيْنِ، والمَعْيونُ الذي فيه عَيْنٌ؛ قالَ عبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ:
قد كانَ قوْمُكَ يحْسَبونَك سيِّدًا *** وإخالُ أَنَّك سَيِّدٌ مَعْيونُ
ويقالُ: أَتَيْتُ فلانًا فما عَيَّنَ لي بشيءٍ وما عَيَّنَنِي بشيءٍ، أي ما أَعْطانِي شيئًا وتَعْيِينُ الشيءِ: تَخْصِيصُه مِن الجملَةِ.
والمُعايَنَةُ النَّظَرُ والمُواجَهَةُ.
وتَعَيَّنَه: أَبْصَرَه؛ قالَ ذو الرُّمَّة:
تُخَلَّى فلا يَنْبُو إذا ما تعَيَّنَتْ *** بها شَبَحًا أَعْناقُها كالسَّبائك
ورأَيْتُ عائِنَةً مِن أَصْحابِي؛ أي قوْمًا عايَنُوني.
وهو أَخُو عَيْنٍ: يُصادِقُك رِياءً.
والعَيَّانُ، كشَدَّادٍ: المعيان؛ ولأَضْرِبَنَّ الذي فيه عَيْناكَ: أي رأْسَك.
ولَقِيْته أَدْنَى عائِنَةٍ: أي أَدْنَى شيءٍ تدْركُه العينُ.
وأَوَّلُ عائِنَةٍ: أي قبْلَ كلِّ شيءٍ.
والعَيْناءُ: المرْأَةُ الواسِعَةُ العَيْنِ.
وأَبو العَيْناءِ: إخْبارِيٌّ صاحِبُ نَودار مَعْروفَةٍ.
وشاةٌ عَيْناءُ: اسْوَدَّتْ عَيْنُها وابْيضَّ سائِرُها؛ وقيلَ: أَو كانَ بعكسِ ذلِكَ.
وأَعْيانُ القوْمِ: أَفاضِلُهم.
وحَفَرْتُ حتى عِنْتُ وأَعَنْتُ بلغْتُ العُيونَ.
وفي التَّهْذيبِ: حَفَرَ الحافرُ فأَعْيَنَ وأَعانَ: بَلَغَ العُيونَ.
وقالَ أَبو سعيدٍ: عَيْنٌ مَعْيُونَة: لها مادَّةٌ مِنَ الماءِ؛ وأَنْشَدَ للطِّرمَّاح:
ثم آلَتْ وهي مَعْيُونَةٌ *** من بَطِيءِ الضَّهْلِ نُكْزِ المَهامِي
وجَمْعُ العَيْنِ مِن السِّقاءِ: عَيَائِنٌ؛ هَمَزُوا لقُرْبِها مِن الطَّرَفِ.
وتَعَيَّنَتْ أَخْفافُ الإِبِلِ: إذا نَقِبَتْ مِثْل تَعَيُّنِ القِرْبةِ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.
ويقُولُونَ: هذا دِينارٌ عَيْنٌ إذا كانَ مَيَّالًا أَرْجَحَ بمقْدَارِ ما يميلُ به اللِّسانُ.
واعْتانَ الشيءَ: أَخَذَ خِيارَه؛ قالَ الرَّاجزُ:
فاعْتانَ منها عِينَةً فاخْتارَها *** حتى اشْتَرى بعَيْنِه خِيارَها
واعْتانَ الشيءَ: اشْتَراهُ بنَسِيئَةٍ. وعِينَةُ الخَيْلِ: جِيادُها؛ عن اللَّحْيانيِّ.
ويقالُ لولدِ الإِنْسانِ: قرَّةُ العَيْنِ.
وقرَّةُ العَيْنِ: امْرَأَةٌ.
وما بالدَّارِ عائِنٌ أَو عائِنَةٌ: أي أَحَدٌ.
والعِينَةُ: الرِّبا.
ولَقِيتة أَوَّلَ ذي عَيْنٍ وعائِنَةٍ: أي أَوَّل كلِّ شيءِ.
ورأَيْته بعائِنَةِ العَدُوِّ: أي بحيثُ تَراهُ عُيونُ العَدُوِّ.
وما رأَيْتُ ثَمَّ عائِنَةٍ: أي إنسانًا.
ورجُلٌ عَيِّنٌ، ككَيِّسٍ: سَرِيعُ البُكاءِ.
والقوْمُ منْك مَعَانٌ: أي بحيثُ تَراهُم بعَيْنِك.
والمُعَيَّنُ مِن الجَرادِ، كمُعَظَّمٍ: الذي يُسْلخُ فتَراهُ أَبْيضَ وأَحْمر؛ ذَكَرَه الأَزْهرِيُّ في ترْجَمَةِ ينع عن ابنِ شُمَيْل وأَتَيْتُ فلانًا وما عَيَّنَ لي بشيءٍ وما عَيَّنَني بشيءٍ: أي ما أَعْطاني شيئًا؛ عن اللّحْيانيِّ.
وقيلَ: لم يدُلَّني على شيءٍ.
وعُيَيْنَةُ، مُصَغَّرًا: اسمُ مَوْضِعٍ.
وعُيَيْنَةُ بنُ حصْنٍ الفَزَاريُّ: اسمُه حُذَيْفَة لُقِّبَ به لشزرِ عَيْنَيْه؛ وعُيَيْنَةُ بنُ عائِشَةَ المريُّ صَحابيَّان.
وسُفيانُ بنُ عُيَيْنَة: العالِمُ الإِمامُ المَشْهورُ، رضِيَ الله تعالى عنه: وإخْوَتُه الخَمْسَة إبْراهيم وعمْرَانَ وآدَمُ وأَحْمدُ ومحمدُ حدَّثوا.
وعُيَيْنَةُ بنُ غصنٍ عن سُلَيْمن بنِ صُرَدٍ.
وعُيَيْنَةُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ جوْشَنَ شيْخُ وكِيعٍ.
وعُيَيْنَةُ بنُ عاصِمٍ الأَسَديُّ عن أَبيهِ.
وعُيَيْنَةُ اللخميُّ شيخٌ ليَزِيدِ بنِ سِنانٍ.
وأَبو عُيَيْنَة بنُ المُهَلَّب بنِ أَبي صفْرَةَ مَشْهورٌ؛ قالَ المبرِّدُ في الكامِلِ: كلُّ مَنْ يُدْعَى أَبا عُيَيْنَةَ مِن آلِ المُهَلّب فهو اسْمُه وكُنْيَتُه أَبو المنْهالِ.
وموسَى بنُ كَعْبِ بنِ عُيَيْنَةَ: أَوَّل مَنْ بايَعَ السَّفَّاح.
ومحمدُ بنُ عُيَيْنَة عن المُبارَك.
وسعيدُ بنُ محمدِ بنِ عُيَيْنَةَ شيخُ غنجار.
ومحمدُ بنُ أَبي عُيَيْنَةَ المُهَلَّبيُّ تولَّى الرَّيَّ للمَنْصورِ؛ وابْنُه أَبو عُيَيْنَةَ شاعِرٌ زَمَنَ الأَمِين.
وعُيَيْنَةُ بنُ الحكَمِ الخلجيُّ شاعِرٌ ذَكَرَه المرزبانيُّ.
وعبدُ الرحمنِ بنُ عُيَيْنَةَ، ثَبَتَ ذِكْرُه في صحيحِ مُسْلم.
وعاينةُ بَني فلانٍ: أَمْوالُهم ورُعْيانُهم.
وأَسْوَدُ العَيْنِ: جَبَلٌ؛ قالَ الفَرَزْدقُ:
إذا زالَ عنكم أَسْوَدُ العينِ كنتُمُ *** كِرامًا وأَنتم ما أَقامَ أَلائمُ
وقالَ ياقوت: هو بنَجْدٍ يُشْرِفُ على طريقِ البَصْرةِ إلى مكَّةَ؛ أَنْشَدَ القالي عن ابنِ دُرَيْدٍ عن أَبي عُثْمان:
إذا ما فقَدْتُمْ أَسْوَدَ العَيْنِ كنتُمُ
الخ.
والأَعْيانُ: مَوْضِعٌ في قوْلِ عُيَيْنة بن شهابٍ اليَرْبُوعيّ:
تَرَوَّحْنَا من الأَعْيان عَصْرًا *** فَأمحلنا الإلاهَةَ أنْ تَؤُوبا
هكذا رَواهُ أَبو الحَسَنِ العمراني؛ ورَواهُ الأَزْهريُّ: تَرَوَّحْنا مِن اللعْباءِ.
وعَيَّنَ على السَّارِق تَعْيينًا: خَصَّصَه مِن بين المُتَّهَمِين؛ وقيلَ: أَظْهَرَ عليه سَرِقَته.
وماءٌ عائِنٌ: سائِلٌ؛ مُشْتَقٌّ مِن عَيْنِ الماءِ. وعُيونُ القَصَبِ: مَضِيقٌ وعرٌّ مُسْتطِيلٌ بينَ عقبة أيلة والينبع.
والعيونُ: قَرْيةٌ بمِصْرَ.
وأَيْضًا: موْضِعٌ بنَجْدٍ؛ قالَ بدرُ بنُ عامِرٍ، الهُذَليُّ:
أَسدٌ تَفُرُّ الأُسْدُ من عُرَوَائِهِ *** بعَوارِض الرُّجَّاز أَوْ بعُيُونِ
وقد ذُكِرَ في «ر الجمع: ز».
وأُمُّ العَيْن: ماءٌ دونَ سميراءَ عَذْبٌ للمصعِّدِ إلى مكَّةَ؛ عن ياقوت، رحِمَهُ الله تعالى.
وعينُ إضم، وعينُ الحَديدِ، وعينُ الغورِ: مَواضِعِ حِجازِيَّة.
وقنْطَرَةُ العَيْنِ: قبْلَ مَشْهَدِ الإِمَام حَمْزَةَ عنْدَ أحد في مسجد جبل عينين.
وعينُ أَبي الدّيلم: في حمى فيد.
وعينُ أَبي زِيادٍ: عنْدَ وادِي نُعْمانَ.
وعينُ مُعاوِيَةَ: بالقَاعِ.
وعينُ صَارِخ: بينَ مكَّةَ واليَمَنِ.
وعينُ شمْسٍ: بالحُدَيْبِيّة.
وعينُ بولا: بالينبع.
وتقولُ لمَنْ بَعَثْتَه واسْتَعْجَلْتَه: «بعينٍ ما أَرَيَتَّكَ»: أي لا تَلْوِ على شيءٍ فكأَنِّي أَنْظُرُ إليكَ.
والعَيانيُّ، بالفتْح: لَقَبُ الرَّئيسِ عليِّ بنِ عبْدِ الله بنِ محمدِ بنِ القاسِمِ بنِ طباطبا العلويّ، وهو جَدُّ بَني الأَميرِ باليَمَنِ؛ ومِن ولدِهِ الأَميرُ ذُو الشَّرَفَيْن جَعْفرُ بنُ محمدِ الحجافِ بنِ جَعْفرِ بنِ القاسِمِ بنِ عليٍّ العَيانيّ صاحِبُ شهارَةٍ كانَ في أَثْناء سَنَة 553؛ منهم شيْخُنا العلَّامَةُ محمدُ بنُ إسْمعيل بنِ الأَميرِ، عالِمُ صَنْعاءَ رَوَى عن عبدِ الله بنِ سالِمٍ البَصْريّ.
وعينونٌ: نَبْتٌ مَغْربيٌّ يكونُ بالأَنْدَلُس يسهلُ الأَخْلاطَ إذا طُبخَ بالتِّين.
وعينُ الدِّيك: نباتٌ يُقَارِبُ شَجَرُه شَجَرَ الفلفلِ يكثرُ بجبالِ الدّكْنِ، وأَهْلُ الهنْدِ تصطنعُه لنفْسِها.
وعينُ الهُدْهُدِ آذان الفأر لنباتٍ.
وعينُ الهرِّ: حَجَرٌ مَشْهورٌ لا نَفْعَ فيه.
وعينُ ران: الزعرور.
والأَعْيَنُ: لَقَبُ أَبي بكْرِ بنِ أَبي عتاب بنِ الحَسَنِ ابنِ طريف البَغْدادِيّ المحدِّثِ، تُوفي سَنَة 240، رحِمَه الله تعالى.
وأَبو عليٍّ محمدُ بنُ عليِّ بنِ محمدٍ الطَّالقانيُّ الأَعْينيُّ الشافِعِيُّ المحدِّثُ تُوفي بكرْمان سَنَة نَيِّف وثَلاثِيْن وخَمْسُمائةٍ، رحِمَهُ الله تعالى.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
31-تاج العروس (سني)
[سني]: ي السَّنَى، مَقْصورًا: ضَوْءُ البَرْقِ والنَّارِ؛ كذا في المُحْكم.وفي التَّهْذِيب: السَّنَى حَدُّ مُنْتَهى ضَوْءِ البَرْقِ.
قال شيْخُنا: ظاهِرُ المُصَنِّف اخْتِصاصُ السَّنَى بضَوْءِ البَرْقِ، وكأَنَّه أَخَذَه مِن الآيَةِ، والصَّوابُ أَنَّه عامٌّ.
وفي المِصْباح: السَّنَى الضَّوْءُ، ولو كانَ مُخْتصًا لكانتِ الإِضافَةُ في الآيةِ مُسْتَدْركةً، واللهُ أَعْلَم انتَهَى.
* قلْت: وهو صَنِيعُ الجوهريّ أَيْضًا، وكأَنَّ المصنِّف تَبِعَه.
وقال الرَّاغب: السَّنَى الضَّوْءُ السَّاطعُ؛ وأَنْشَدَ سِيْبَويْه في سَنَى النارِ:
ألم تَرَ أَنِّي وابنَ أَسْوَدَ ليلةً *** لَنَسْري إلى نارَيْنِ يَعْلُو سَناهُما
والسَّنَى: نَبْتٌ يُتَدَاوَى به؛ قد جاءَ ذكْرُه في الحديثِ: «عليْكُم بالسَّنَى والسَّنُّوتِ»؛ واحِدَتُه سِناةٌ، وهو مُسْهِلٌ للصَّفْراءِ والسَّوْداءِ والبَلْغَم كيفَ اسْتُعْمِل.
وقال أَبو حنيفَةَ: السَّنَى شُجَيْرَةٌ مِن الأغْلاث تُخْلَط بالحِنَّاءِ فيُشَبَّه ويُقَوِّي لَوْنَه ويُسَوِّدُه، وله حمْلٌ إذا يَبِسَ فحرَّكَتْه الرِّيحُ سَمِعْتَ له زَجَلًا؛ وأَنْشَدَ لجميلٍ:
صَوْتُ السَّنى هَبَّتْ به عُلْوِيَّةٌ *** هَزَّتْ أَعالِيَهُ بسَهْمٍ مُقْفِر
ويُمَدُّ؛ قالَهُ ابنُ سِيدَه.
وهكذا رَواهُ بعضُهم في الحديثِ، قالَهُ ابنُ الأَثيرِ.
والسَّنَى: ضَرْبٌ من الحَريرِ.
وسَنى*: وادٍ بنَجْدٍ؛ قالَهُ نَصْر. وسَنَى بِنْتُ أَسْمَاءَ بنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيّة، ماتَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ قالَهُ أَبو عُبيدَةَ.
وفي أَزْواجِه صَلَى الله عليه وسلّم، أَيْضًا سَنَى بنْتُ سُفْيان الكِلابِيَّة، ولكنْ في اسْمِها أَقْوالٌ نَقَلَها ابنُ سَعْد.
والسَّناءُ، بالمدِّ: الرَّفْعَةُ؛ ومنه الحديثُ: «بَشِّرْ أُمَّتي بالسَّناءِ»؛ أَي بارْتِفاعِ المَنْزلَةِ والقدْرِ عنْدَ اللهِ، وبه قِراءَةُ مَنْ قَرَأَ: يَكادُ سَناءُ بَرْقِه بالمدِّ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وليسَ هو مَمْدودًا لُغةً في المَقْصورِ إنَّما عَنَى به ارْتِفاعَ البَرْقِ ولُمُوعَه صُعُدًا، كما قالوا بَرْقٌ رافِعٌ.
وأَيْدَمُرُ السَّنائِيُّ: شاعِرٌ مُحْسِنٌ مُتَأَخَّرٌ بَعْد السَّبْعمائةِ، ذَكَرَه الذهبيُّ؛ وهو غَيْرُ السَّنائِيِّ العَجَمِيِّ المُلَقَّب بالحَكِيم الشَّاعِر المَعْروف في بِلادِ فارِسَ، وله دِيوانُ شِعْرٍ حافِلٍ باللّغةِ الفارسِيَّة قد اطَّلَعْت عليه.
وأَحمدُ بنُ أَبي بكْرِ بنِ أَحمدَ السَّنَوِيُّ، محرَّكةً، مُحدِّثٌ رَوَى عن محمدِ بن أَحمدَ بنِ سيويه، وأَخُوه أَبو الرَّجاءِ محمدُ بنُ أَبي بكْرٍ حَدَّثَ أَيْضًا.
* وفاتَهُ:
عُثْمانُ بنُ محمدِ بنِ عُثْمان السَّنَوِيُّ سَمِعَ رزْقَ اللهِ التَّمِيميّ.
وأَسْناهُ: رَفَعَهُ، كما في الصِّحاح.
وفي المُحْكم: أَسْنَى النارَ: رَفَعَ سَنَاها.
وسَنَّاهُ تَسْنِيَةً: سَهَّلَهُ وفَتَحَهُ، وهو مجازٌ؛ وأنْشَدَ الجوهريُّ:
وأَعْلَم عِلْمًا ليسَ بالظن أَنَّه *** إذا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا
وفي المُحْكم: سَنَّيْت الشيءَ والأَمْرَ إذا فَتَحْت وجْهَه، وأَنْشَدَ البيتَ المَذْكُورَ.
وسَاناهُ مُساناةً: إذا رَاضاهُ ودَاناهُ وأَحْسَنَ مُعاشَرَتَهُ، وهو مجازٌ، وأَنْشَدَ الجوهريُّ للبيدٍ:
وسانيْتُ مِنْ ذي بَهْجةٍ ورَقَيْتُه *** عليه السُّموطُ عابسٍ مُتُغَضِّب
ومِثْلُه في المُحْكم.
وقال الأزْهريُّ: المُساناةُ المُلاينَةُ في المُطالَبَةِ.
وقيلَ: هو المُصانَعَةُ، وهي المُدارَاةُ والمُداجَاةُ.
وتَسَنَّى الشَّيءُ: تَغَيَّر؛ نقلَهُ الجوهريُّ عن الفرَّاء.
وقالَ أَبو عَمْروٍ: لم يتَسَنَّ أَي لم يتَغَيَّر، مِن قوْلِ تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}؛ أَي مُتَغَيِّر، فأَبْدَل مِن إِحْدَى النُّونات ياءً مثْلُ تَقَضَّى من تقَضَّضَ.
وقالَ الرَّاغبُ: قوْلُه تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ}، أَصْلُه سنه؛ أَي لم يتَغيَّر بمرِّ السِّنِين عليه، ولم تَذْهَب طَراءَتُه، وقد تقدَّمَ في الهاءِ.
وتَسَنَّى زَيْدٌ: تَسَهَّلَ في أُمُورِهِ، عن ابنِ سِيدَه.
وتَسَنَّى زَيْدٌ: رَقَى رُقْيَةً.
وتَسَنَّى فُلانًا: تَرَضَّاهُ.
وفي المُحْكَم: سَنيْتُ فُلانًا: تَرَضَّيْتُه؛ فانْظُرْه.
وتَسَنَّى البَعِيرُ النَّاقَةَ: إذا تَسَدَّاها وقاعَ عليها ليَضْرِبَها؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
وسَنِيَ الرَّجُل، كرَضِيَ: صارَ ذَا سَناءٍ؛ أَي رفْعَةِ قدْر.
والمُسَنَّاةُ، بالتَّشْديدِ: العَرِمُ؛ كما في الصِّحاح، وهو ضَفينٌ يُبْنى للسَّيْل ليرُدَّ الماءَ، سُمِّيت لأنَّ منها مَفاتحَ للماءِ بقَدرِ الحاجَةِ إليه ممَّا لا يَغْلِب، مأْخوذٌ مِن سَنَّيْت.
الشيءَ والأَمْر إذا فَتَحْت وَجْهه، كما في التَّهذيب.
والسَّانِيَةُ: الغَرْبُ وأَدَاتُهُ. يقالُ: أَعِرْني سانِيَتَك.
وأَيْضًا: النَّاقَةُ التي يُسْتَقَى عليها، وهي النَّاضِحَةُ أَيْضًا، والجَمْعُ السَّوانِي، ومنه المَثَلُ: أَذَلّ مِن السَّانِيَةِ، وسيرُ السَّوانِي سَفَرٌ لا يَنْقطِع.
وسَنَتِ النَّاقَةُ تَسْنُو سَناوَةً وسِنايةً: إذا سَقَتِ الأرضَ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
وسَنَتِ النَّارُ تَسْنُو سَنًا: عَلا ضَوءُها.
وسَنا البَرْقُ يَسْنُو سَنًا: أَضاءَ ولَمَعَ.
وسَنِيَتِ الدَّابَّةُ، كرَضِيَ، تَسْنَى، كتَرْضَى: أَي اسْتُقِيَ عليها.
والقَوْمُ يَسْنونَ لأَنْفُسِهِم: إذا اسْتَقَوْا، ونَصّ الجوهريّ: إذا أَسْقُوا.
والأرضُ مَسْنُوَّةٌ ومَسْنِيَّةٌ، قَلَبُوا الواوَ ياءً كما قَلَبُوا في قِنْيَةٍ؛ كذا في الصِّحاح.
وفي المُحْكم: أَرْضٌ مَسْنُوَّةٌ ومَسْنِيَّةٌ: مَسْقِيَّة.
ولم يَعْرِف سيْبَوَيْه سنَيْتُها، وأَمَّا مَسْنِيَّةٌ عنْدَه فعلى يَسْنوها، وإنَّما قَلَبُوا الواوَ ياءً لخِفَّتِها وقُرْبها من الطَّرَف، وشُبِّهَتْ بمَسيِّ، كما جَعَلوا غَطاءةً بمنْزلَةِ غَطاءٍ.
وقالَ الفرَّاءُ: يقالُ أَخَذَهُ بسِنايَتِه وصِنَايَتِه؛ أَي أَخَذَه كُلَّهُ، كما في الصِّحاح.
والسَّنَةُ: العامُ، وتقدَّمَ له في الميمِ تَفْسِير العام بالسَّنةِ، فهذا يدلُّ على أنَّهما واحِدٌ.
وقد غَلَّطَه ابنُ الجواليقي على ما تقدَّمَ هناك.
قال الجوهريُّ: السَّنَةُ إذا قُلْته بالهاءِ وجعَلْت نقْصَانَه الواو، فهو مِن هذا البابِ، انتَهَى؛ أَي مِن سَنَا يَسْنُو.
قال السّهيليّ في الرَّوْض: أَي دارَ حَوْلَ البِئْرِ والدابَّة هي السانِيَة، فكَذلِكَ السَّنَة دَوْرَةٌ مِن دَوْراتِ الشمْس، وقد تسَمَّى السَّنَة دارًا بهذا الاعْتِبارِ، هذا أَصْلُ هذا الاسْم، ثم قالَ: والسَّنَةُ أَطْوَل من العامِ والعامُ يُطْلَق على الشّهورِ العربيَّةِ بخِلافِ السَّنَة، انتَهَى.
وقالَ المَناوِي: السَّنَةُ تمامُ دَوْرةِ الشمْس، وتمامُ ثِنْتي عشرَةَ دَوْرةٍ للقَمَر، والسَّنَةُ الشَّمْسيَّة ثلثمائة يَوْم وخَمْسَة وسِتُّون يَوْمًا وثلْثا يَوْم، والسَّنَةُ القَمَريَّة أَرْبَعة وخَمْسونَ يَوْمًا وثلثمائة يَوْم وثلث عشر يَوْم، فتكونُ السَّنَة الشَّمْسيَّة زائِدَةً على القَمَريَّة بأَحَد عَشَرَ يَوْمًا وجُزْء مِن أَحَد وعِشْرِين جُزْءًا مِن يَوْم، انتَهَى.
ونقلَ الشَّهاب السّنْباطي في شَرْح النقاية في بَحْث المُتَرادِف عن الرَّاغب: أَنَّ اسْتِعْمالَ السَّنَةِ في الحَوْل الذي فيه الشدَّةِ والجَدْب، والعام الذي فيه الرَّخاء والخِصْب، قالَ: وبهذا تَظْهرُ النّكْتَة في قوْله تعالى: {أَلْفَ سَنَةٍ إِلّا خَمْسِينَ} {عامًا}، حيث عَبَّر عن المُسْتَثْنى بالعام، وعن المُسْتَثْنى منه بالسَّنَة، لأنَّ الخَمْسين سَنَة مَضَتْ قَبْل بعْثَتِه وقَبْلها لم يَحْصَل له أَذىً مِن قوْمِ، وأَمَّا من بعْثَتِه فهي شدَّةٌ عليه، وغَلَبَت السَّنَة على عامِ القَحْط، فإذا أَطْلَقْت تَبادَرَ منها ذلكَ، وابْتِداءُ السَّنَةِ من الشَّتاءِ، وأَهْلُ النُّجوم يَعْتبرُونَها مِن الرَّبيع، انتَهَى.
قلْت: فإذا كانتِ السَّنَة مِن سَنا يَسْنو، فالهاءُ للوَقْف نَحْو كتابَيْه وحسابَيْه، وأَمَّا إذا كانَ أَصْلُها سنهة لقَوْلهم سانَهْتُ فُلانًا إذا عامَلْتُه سَنَةً فسَنَة، وقَوْلهم سُنَيهةٌ فتكونُ الهاءُ أَصْلِيَّة، قيلَ: ومنه قوْلُه تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ}، ذَكَرَه الرَّاغبُ.
وأَسْنَى البَرْقُ: إذا دَخَلَ عليك سَناهُ البَيْتَ، أَو وَقَعَ على الأرضِ أَو طارَ في السَّحابِ، وإنَّما يكونُ السَّنَى باللَّيْل دُونَ النَّهارِ، ورُبَّما كانَ في غَيْر سَحابٍ؛ نقلَهُ الأزهريُّ.
وأَسْنَى القَوْمُ: لَبِثُوا سَنَةً في موْضِعٍ؛ كما في الصِّحاح.
وفي المُحْكم: أَتَى عليهم العامُ.
وأَسْنَتُوا: أَصَابَتْهُم الجُدوبَةُ، تُقْلَب الواوُ تاءً للفَرْق بَيْنهما. قال المازِنيُّ: هذا شاذٌّ لا يُقاسُ عليه، كما في الصِّحاح.
قال السّهيلي في الرَّوض: وعلى هذا وَزْنه افعتوا لا افعلوا.
وجَعَلَ سِيْبَوَيْه التاءَ بَدَلًا من الواوِ فهي عِنْدَه افعلوا.
وسَنَيْتُ البابَ سنيًا: فَتَحْتُه، كسَنَوْتُهُ، يائيَّةٌ واوِيَّةٌ.
ورَجُلٌ سَنايا: أَي شَرِيفُ القدْرِ رَفِيعُه.
وإسْنَى، بالكسْر: بَلَدٌ بالصَّعِيدِ الأعْلى، وقد ذُكِرَ في النُّونِ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
اسْتَنَى النارَ: نَظَرَ إلى سَنَاها؛ قال الشاعرُ:
ومُسْتَنْبَحٍ يَعْوي الصَّدى لعُوائِه *** تَنَوَّرَ نارِي واسْتَناها وأَوْمَضا
وسَنا إلى مَعالِي الأُمورِ سَناءً: ارْتَفَعَ.
وسَنْوَ في حَسَبِه، ككَرُمَ، سَناءً، فهو سَنِيٌّ: ارْتَفَعَ.
وسَنَّى الشَّيءَ تَسْنِيةً: عَلَاه ورَكِبَه.
والسُّنُوُّ، كعُلُوِّ، والسِّنايَةُ والسِّناوَةُ، بكسْرِهما: السَّقْي، وهو سانٍ والجَمْعُ سُناةٌ؛ قالَ لبيدٌ:
كأَنَّ دُمُوعَه غَرْبا سُناةٍ *** يُحِيلونَ السِّجالَ على السِّجال
جعلَ السُّناةَ الرِّجالَ الذين يَسْقُون بالسَّواني ويُقْبِلون بالغروبِ فيُحِيلونَها أَي يَدْفُقُون ماءَها.
والسَّانِي: يَقَعُ على الرَّجُل والجَمَلِ والبَقَرِ، كما أنَّ السانِيَةَ على الجَمَلِ والناقَةِ.
والمَسْنوِيَّةُ: البِئْرُ التي يُسْنى منها، واسْتَنى لنفْسِه، كما في المُحْكم.
وقالَ الأزْهريُّ: يقالُ رَكِيَّة مَسْنَوِيَّة إذا كانتْ بعِيدَةَ الرِّشاءِ لا يُسْتَقى منها إلَّا بالسَّانِيَة مِن الإِبِلِ.
وسَنَتِ السَّحابةُ بالمَطَرِ تَسْنُو وتَسْني وسَناكَ الغيْثُ سنوًا وسنيًا.
والسَّحابُ يَسْنُو المَطَرَ.
وسَنَتِ السَّماءُ تَسْنُو سُنُوًّا: أَي مَطَرَتْ، وهو مجازٌ.
واسْتَنَوْا لأَنْفُسِهم: إذا اسْتَقَوْا؛ قالَ رُؤْبَة:
بأَيِّ غَرْبٍ إذْ غَرَفنا نسْتَنِي
وقولُ الجعْدِي:
كأَنَّ تَبَسُّمَها مَوْهِنًا *** سَنا المِسْكِ حينَ تُحِسُّ النُّعاما
يجوزُ كَوْنه النَّبات كأَنَّه خالَطَ المِسْك، ويجوزُ كَوْنه مِن الضَّوْءِ لأنَّ الفَوْحَ انْتِشارٌ أَيْضًا، وهذا كما قالوا سَطَعَت رائِحتُه أَي فاحَتْ، ويُرْوى كأَنَّ تَنَسُّمَها، وهو الصَّحيحُ.
والسَّناءُ، بالمدِّ: موْضِعٌ في شِعْرٍ.
وبالقَصْر: وادٍ بنَجْدٍ.
وتَثْنِيَةُ السَّنا للنَّباتِ سَنَوانِ وسَنَيانِ، لأنَّه واويٌّ يائِيٌّ.
وسَنَوْتُ الدَّلْوُ سنايَةً: إذا جَرَرْتَها مِن البِئْرِ؛ ورُبَّما جَعَلوا السانِيَةَ مَصْدرًا على فاعِلَةٍ بمعْنَى الاسْتِقاءِ، قالَ الشاعِرُ:
يا مَرْحباهُ بحِمارٍ ناهِيَهْ *** إذا دَنا قَرَّبْتُه للسانِيَهْ
أَرادَ: قَرَّبْته للسّنايَةِ.
وتَثْنِيةُ السَّنا بمعْنَى الضَّوْءِ سَنَوانِ، ولم يعْرِف له الأصْمعيّ فِعْلًا. وسَنَّيْتُ العقْدَةَ والقُفْل: فَتَحْتهما.
وتسنَّى القفْلُ: انْفَتَحَ.
وأَسْنَى له الجائِزَةَ: رَفَعَها.
وأَسْنَى جوارَهُ: أَحْسَنَه.
وتَسَنَّيْتُ عنْدَه: أَقَمْتُ سِنِيْن.
وأَقَمْتُ عنْدَه سُنَيَّات.
ووَقَعُوا في السُّنَيَّاتِ البيضِ وهي سَنَواتٌ اشْتَدَدْنَ على أَهْلِ المدينَةِ.
وابنُ سَنى المَلِك: شاعِرٌ مِصْريٌّ مَشْهورٌ، واسْمُه هبَةُ اللهِ بنُ جَعْفر.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
32-تاج العروس (مطو)
[مطو]: ومَطا مَطْوًا: جَدَّ في السَّيْرِ، وأَسْرَعَ.وقيلَ: مَطَا يَمْطُو إذا سارَ سَيْرًا حَسَنًا.
ومَطا مَطْوًا: أَكَلَ الرُّطَبَ مِن المَطْوِ، وهي الكِباسَةَ.
ومَطَا مَطْوًا: أَي صاحَبَ صَدِيقًا في السَّفَرِ.
ومَطَا إذا فَتَحَ عَيْنَيْه، وأَصْلُ المَطْوِ المَدّ في هذا.
ومَطا بالقَوْمِ مَطْوًا: مَدَّ بهم في السَّيْرِ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي، ومنه قولُ امْرئِ القَيْس:
مَطَوْتُ بهم حتَّى يَكِلَّ غَرِيمُهُم *** وحتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بأَرْسانِ
ومَطَا المَرأَةَ مَطْوًا: نَكَحَها.
وتَمَطَّى النَّهارُ وغيرُهُ، كالسَّفَرِ والعَهْدِ، امْتَدَّ وطالَ؛ وهو مجازٌ.
والاسْمُ مِن كلِّ ذلكَ: المُطَواءُ، كغُلَواء. وقالَ أبو عليِّ القالِي: المُطواءُ التَّمطِّي عنْدَ الحُمَّى. والمَطَا: التَّمَطِّي؛ عن الزجَّاجي حَكَاهُ في الجُمَلِ، قَرَنَه بالمَطا الذي هو الظَّهْر؛ وأَنْشَدَ ابنُ برِّي لذُّرْوَة بن جُحْفَةَ الصُّمُوتي:
شَمَمْتُها إذْ كَرِهَتْ شَمِيمِي *** فَهْيَ تَمطَّى كَمْطا المحمومِ
والمَطَا: الظَّهْرُ لامتدادِه. وقيلَ: هو حَبْلُ المَتْنِ من عَصَبٍ أَو عَقَبٍ أَو لَحْم؛ الجمع: أَمْطاءٌ.
والمَطِيَّةُ: الدَّابَّة تُمَطُّ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي عن الأصْمعي؛ وفي المُحْكم: تَمْطُو في سَيْرِها، واحِدٌ وجَمْعٌ.
قالَ الجَوْهرِي: قالَ أَبو العُمَيْثل: المَطِيَّةُ تُذَكَّر وتُؤَنَّثُ؛ وأَنْشَدَ أبو زيْدٍ لربيعَةَ بنِ مَقْرُوم الضَّبِّي جاهِلِي:
ومَطيته مَلَثَ الظَّلامِ بَعَثْتُه *** يَشْكُو الكَلالَ إليَّ دامِي الأظْلَلِ
وقيلَ: المَطِيَّةُ: الناقَةُ يُرْكَبُ مَطاها؛ أَو البَعيرُ يُمْتَطَى ظَهْرُه؛ ج: مَطايا ومَطِيٌّ، ومِن أَبياتِ الكتابِ:
متى أَنامُ لا يُؤَرِّقْني الكَرِي *** لَيْلًا ولا أسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي
وأَنْشَدَ الأَخْفَش:
ألم تَكُنْ حَلَفْتَ باللهِ العَلِي *** أنَّ مَطايَاكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطِي؟
قالَ الجَوْهرِي: والمَطايا فَعالَى، وأَصْلُه فعائِلُ إلَّا أنَّه فُعِل به ما فُعِلَ بخَطايَا.
وامْتَطاها وأمْطاها: جَعَلَها مَطِيَّةً.
قالَ الأُمَوي: امْتَطَيْناها جَعَلْناها مَطايانا.
وقالَ أبو زيْدٍ: امْتَطَيْتُها اتَّخَذْتُها مَطِيَّةً.
والمَطْوُ، بالفتح ويُكْسَرُ: جَرِيدَةٌ تُشَقُّ شَقَّتَيْنِ ويُحْزَمُ بها القَتُّ من الزَّرْعِ وذلكَ لامْتِدادِها. وأَيْضًا: الشِّمْراخُ بلُغَةِ بلحارِثِ بنِ كعْبٍ. كالمَطَا، مَقْصورٌ لُغَة فيه عن ابنِ الأعْرابي.
وقالَ أبو حنيفَةَ: المَطْوُ والمِطْوُ عِذْقُ النَّخْلَةِ، وهي أَيْضًا الكِباسَةُ والعاسِي؛ واقْتَصَرَ الجَوْهرِي على الكَسْر؛ وأَنْشَدَ أَبو زيادٍ:
وَهَتَفُوا وَصرَّحُوا يا أَجْلَحْ *** وكان هَمِّي كلّ مِطْوٍ أمْلَحْ
هكذا ضَبَطَهُ ابنُ برِّي، بكسْر الميمِ؛ الجمع: مِطاءٌ، كجرْوٍ وجِراءٍ؛ كما في الصِّحاح؛ وأَنْشَدَ ابنُ برِّي للراجز:
تحَدَّرَ عن كَوافِرِهِ المِطاءُ
وأَمْطاءٌ، يكونُ جَمْعًا للمَفْتوحِ وللمَكْسورِ، ومَطِيٌّ، كغَنِيِّ، اسْمٌ للجَمْعِ.
والأُمْطِيُّ، كتُرْكِيِّ: صَمْغٌ يُؤْكَلُ، سُمِّي به لامْتِدادِه، ويقالُ لشَجَره اللُّبايَةُ؛ قيلَ: هو ضَرْبٌ من نَباتِ الرَّمْلِ يَمْتَدُّ ويَنْفرشُ.
وقال أبو حنيفَةَ: شَجَرٌ يَنْبُتُ في الرّمْلِ قُضْبانًا وله عِلْكٌ يُمْضَغُ.
والأُمْطِيُّ أَيْضًا: المُسْتَوِي القامَةِ المَديدُها.
والمَطْوةُ: السَّاعَةُ لامْتِدادِها.
والمِطْوُ، بالكسْر: النَّظِيرُ والصَّاحِبُ؛ وأَنْشدَ الجَوْهرِي:
نادَيْت مِطْوي وقد مالَ النهارُ بهمْ *** وعَبْرةُ العَيْن جارٍ دَمْعُها سَجمُ
وقالَ رجُلٌ من أزْدِ السّراةِ يَصِفُ بَرْقًا؛ وقالَ الأصْبهاني: إنَّه ليَعْلى بنِ الأحْول:
فَظَلْتُ لدى البَيْتِ العَتِيقِ أُخِيلُه *** ومِطْوايَ مُشْتاقانِ لَهْ أَرِقانِ
أَي صاحِبَاي.
ويقالُ: المِطْوُ الصاحِبُ في السَّفَرِ خاصَّةً.
وقال الراغبُ: هو الصاحِبُ المُعْتَمَدُ عليه، وتَسْمِيَته بذلكَ كتَسْمِيَته بالظَّهْر. والمَطْوُ: سُنْبُلُ الذُّرَةِ لامْتِدادِهِ.
قالَهُ النَّضْر.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
التَّمَطِّي: التَّبَخْتُر ومَدُّ اليَدَيْن في المَشْيِ، ويقالُ: هو مَأْخُوذٌ مِن المَطِيطَةِ، وقد ذُكِرَ في الطاءِ؛ وقولُه تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطّى}؛ أَي يمدُّ مَطاهُ أَو يَتَبَخْتَرُ.
وفي حديثِ تَعْذِيبِ بِلالٍ: «وقد مُطِيَ في الشمْسِ»؛ أَي مُدَّ وبُطِحَ.
وتَمَطَّى: سارَ سَيْرًا طَوِيلًا مَمْدودًا؛ ومنه قولُ رُؤْبَة:
به تمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ *** بنا حَراحِيجُ المَهارِي النُّفَّهِ
وقولُه: أَنْشَده ثَعْلَب:
تَمَطَّتْ به أُمُّه في النِّفاسِ *** فليسَ بِيَتْنٍ ولا توأمِ
فسَّره فقالَ: يريدُ أنَّها زادَتْ على تِسْعَة أَشْهُر حتى نَضَّجَتْهُ وجرَّتْ حَمْلَه.
والمَطاةُ: الاسْمُ من التَّمَطِّي.
والتَّمْطِيةُ: الشِّمْراخُ.
والمُطْوُ، بالضم: عِذْقُ النَّخْلةِ؛ عن عليِّ بنِ حَمْزَةَ البَصْري عن أَبي زِيادٍ الكِلابي، كذا وَجَدَه صاحِبُ اللِّسانِ بخطِّ الشَّيْخ رضِي الدِّيْن الشاطِبي.
* قُلْت: فهو إذًا مُثَلَّث.
والمَطا، مَقْصورٌ: الصاحِبُ، والجَمْعُ أَمْطاءٌ ومَطِيٌّ؛ الأخيرَةُ اسْمٌ للجَمْعِ؛ قال أَبو ذُؤَيْب:
لقد أَلْقَى المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ *** حديثٌ إنْ عَجِبْتَ له عَجِيبُ
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
33-المصباح المنير (بعث)
بَعَثْتُ رَسُولًا بَعْثًا أَوْصَلْتُهُ وَابْتَعَثْتُهُ كَذَلِكَ وَفِي الْمُطَاوِعِ فَانْبَعَثَ مِثْلُ: كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ بَعَثْتُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ كَالْكِتَابِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَعَثْتُ بِهِ وَأَوْجَزَ الْفَارَابِيُّ فَقَالَ بَعَثَهُ أَيْ أَهَبَّهُ وَبَعَثَ بِهِ وَجَّهَهُ وَالْبَعْثُ الْجَيْشُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ الْبُعُوثُ وَبُعَاثٌ وِزَانُ غُرَابٍ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَتَأْنِيثُهُ أَكْثَرُ وَيَوْمُ بُعَاثٍ مِنْ أَيَّامِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بَيْنَ الْمَبْعَثِ وَالْهِجْرَةِ وَكَانَ الظَّفَرُ لِلْأَوْسِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هَكَذَا ذَكَرَهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْوَاقِدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَحَّفَهُ اللَّيْثُ فَجَعَلَهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ الْقَالِي فِي بَابِ الْعَيْنِالْمُهْمَلَةِ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِضَمِّ الْبَاءِ قَالَ هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ أَيْضًا وَقَالَ الْبَكْرِيُّ بُعَاثٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَتَيْنِ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
34-المصباح المنير (بني)
الِابْنُ أَصْلُهُ بَنُو بِفَتْحَتَيْنِ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى بَنِينَ وَهُوَ جَمْعُ سَلَامَةٍ وَجَمْعُ السَّلَامَةِ لَا تَغْيِيرَ فِيهِ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَبْنَاءُ وَقِيلَ أَصْلُهُ بَنُو بِكَسْرِ الْبَاءِ مِثْلُ: حِمْلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ بِنْتٌ وَهَذَا الْقَوْلُ يَقِلُّ فِيهِ التَّغْيِيرُ وَقِلَّةُ التَّغْيِيرِ تَشْهَدُ بِالْأَصَالَةِ وَهُوَ ابْنٌ بَيِّنُ الْبُنُوَّةِ وَيُطْلَقُ الِابْنُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ مَجَازًا وَأَمَّا غَيْرُ الْأَنَاسِيِّ مِمَّا لَا يَعْقِلُ نَحْوَ ابْنِ مَخَاضٍ وَابْنِ لَبُونٍ فَيُقَالُ فِي الْجَمْعِ بَنَاتُ مَخَاضٍ وَبَنَاتُ لَبُونٍ وَمَا أَشْبَهَهُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ جَمْعَ غَيْرِ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ جَمْعِ الْمَرْأَةِ مِنْ النَّاسِ تَقُولُ فِيهِ مَنْزِلٌ وَمَنْزِلَاتٌ وَمُصَلًّىوَمُصَلَّيَاتٌ.
وَفِي ابْنِ عِرْسٍ بَنَاتُ عِرْسٍ وَفِي ابْنِ نَعْشٍ بَنَاتُ نَعْشٍ وَرُبَّمَا قِيلَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ بَنُو نَعْشٍ وَفِيهِ لُغَةٌ مَحْكِيَّةٌ عَنْ الْأَخْفَشِ أَنَّهُ يُقَالُ بَنَاتُ عِرْسٍ وَبَنُو عِرْسٍ وَبَنَاتُ نَعْشٍ وَبَنُو نَعْشٍ فَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ بَنُو اللَّبُونِ مُخَرَّجٌ إمَّا عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ وَإِمَّا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ بَنَاتُ لَبُونٍ لَمْ يُعْلَمُ هَلْ الْمُرَادُ الْإِنَاثُ أَوْ الذُّكُورُ وَيُضَافُ ابْنٌ إلَى مَا يُخَصِّصُهُ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا نَحْوَ ابْنِ السَّبِيلِ أَيْ مَارِّ الطَّرِيقِ مُسَافِرًا وَهُوَ ابْنُ الْحَرْبِ أَيْ كَافِيهَا وَقَائِمٌ بِحِمَايَتِهَا وَابْنُ الدُّنْيَا أَيْ صَاحِبُ ثَرْوَةٍ وَابْنُ الْمَاءِ لِطَيْرِ الْمَاءِ وَمُؤَنَّثَةُ الِابْنِ ابْنَةٌ عَلَى لَفْظِهِ.
وَفِي لُغَةٍ بِنْتٌ وَالْجَمْعُ بَنَاتٌ وَهُوَ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٍ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَسَأَلْتُ الْكِسَائِيَّ كَيْفَ تَقِفُ عَلَى بِنْتٍ فَقَالَ بِالتَّاءِ إتْبَاعًا لِلْكِتَابِ وَالْأَصْلُ بِالْهَاءِ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى التَّأْنِيثِ قَالَ فِي الْبَارِعِ وَإِذَا اخْتَلَطَ ذُكُورُ الْأَنَاسِيِّ بِإِنَاثِهِمْ غُلِّبَ التَّذْكِيرُ وَقِيلَ بَنُو فُلَانٍ حَتَّى قَالُوا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَلَمْ يَقُولُوا مِنْ بَنَاتِ تَمِيمٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَنَاسِيِّ حَيْثُ قَالُوا بَنَاتُ لَبُونٍ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ دَخَلَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ.
وَإِذَا نَسَبْتَ إلَى ابْنٍ وَبِنْتٍ حَذَفْتَ أَلِفَ الْوَصْلِ وَالتَّاءِ وَرَدَدْت الْمَحْذُوفَ فَقُلْتَ بَنَوِيٌّ، وَيَجُوزُ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ فَيُقَالُ ابْنِي وَبِنْتِي وَيُصَغَّرُ بِرَدِّ الْمَحْذُوفِ فَيُقَالُ بُنَيٌّ وَالْأَصْلُ بُنَيْوٌ. وَبَنَيْتُ الْبَيْتَ وَغَيْرَهُ أَبْنِيهِ وَابْتَنَيْتُهُ فَانْبَنَى مِثْلُ: بَعَثْتُهُ فَانْبَعَثَ.
وَالْبُنْيَانُ مَا يُبْنَى وَالْبِنْيَةُ الْهَيْئَةُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا وَبَنَى عَلَى أَهْلِهِ دَخَلَ بِهَا وَأَصْلُهُ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إذَا تَزَوَّجَ بَنَى لِلْعُرْسِ خِبَاءً جَدِيدًا وَعَمَّرَهُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ بَنَى لَهُ تَكْرِيمًا ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى كُنِيَ بِهِ عَنْ الْجِمَاعِ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ بَنَى عَلَيْهَا وَبَنَى بِهَا وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ هَكَذَا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَلَفْظُ التَّهْذِيبِ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بَنَى بِأَهْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ إذَا زُفَّتْ إلَيْهِ.
شربْتُ بها والديك يَدْعُو صَبَاحَه *** إذا ما بَنُو نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبُوا
وهو من شواهد سيبويه 1/240.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
35-المصباح المنير (حجج)
حَجَّ حَجًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ قَصَدَ فَهُوَ حَاجٌّ هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ قُصِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى قَصْدِ الْكَعْبَةِ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَمِنْهُ يُقَالُ مَا حَجَّ وَلَكِنْ دَجَّ فَالْحَجُّ الْقَصْدُ لِلنُّسُكِ وَالدَّجُّ الْقَصْدُ لِلتِّجَارَةِ وَالِاسْمُ الْحِجُّ بِالْكَسْرِ وَالْحِجَّةُ الْمَرَّةُ بِالْكَسْرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْجَمْعُ حِجَجٌ مِثْلُ: سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ قَالَ ثَعْلَبٌ قِيَاسُهُ الْفَتْحُ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ الْعَرَبِ وَبِهَا سُمِّيَ الشَّهْرُ ذُو الْحِجَّةِ بِالْكَسْرِ وَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُ فِي الشَّهْرِ وَجَمْعُهُ ذَوَاتُ الْحِجَّةِ وَجَمْعُ الْحَاجِّ حُجَّاجٌ وَحَجِيجٌ وَأَحْجَجْتُ الرَّجُلَ بِالْأَلِفِ بَعَثْتُهُ لِيَحُجَّ وَالْحِجَّةُ أَيْضًا السَّنَةُ وَالْجَمْعُ حِجَجٌ مِثْلُ: سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَالْحُجَّةُ الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ وَالْجَمْعُ حُجَجٌ مِثْلُ: غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَحَاجَّهُ مُحَاجَّةً فَحَجَّهُ يَحُجُّهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا غَلَبَهُ فِي الْحُجَّةِ.وَحِجَاجُ الْعَيْنِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَهَا وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَجَمْعُهُ أَحِجَّةٌ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْحِجَاجُ الْعَظْمُ الْمُشْرِفُ عَلَى غَارِ الْعَيْنِ.
وَالْمَحَجَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَادَّةُ الطَّرِيقِ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
36-المصباح المنير (حدو)
حَدَوْتُ بِالْإِبِلِ أَحْدُو حَدْوًا حَثَثْتهَا عَلَى السَّيْرِ بِالْحُدَاءِ مِثْلُ: غُرَابٍ وَهُوَ الْغِنَاءُ لَهَا وَحَدَوْتُهُ عَلَى كَذَا بَعَثْتُهُ عَلَيْهِ وَتَحَدَّيْتُ النَّاسَ الْقُرْآنَ طَلَبْتُ إظْهَارَ مَا عِنْدَهُمْ لِيُعْرَفَ أَيُّنَا أَقْرَأُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ: قَوْلِ الشَّخْصِ الَّذِي يُفَاخِرُ النَّاسَ بِقَوْمِهِ هَاتُوا قَوْمًا مِثْلُ: قَوْمِي أَوْ مِثْلُ: وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْحِدَأَةُ مَهْمُوزٌ مِثْلُ: عِنَبَةٍ طَائِرٌ خَبِيثٌ وَالْجَمْعُ بِحَذْفٍ الْهَاءِ وَحِدْآنُ أَيْضًا مِثْلُ: غِزْلَانٍ.المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
37-المصباح المنير (رسل)
شَعَرٌ رَسْلٌ وِزَانُ فَلْسٍ أَيْ سَبْطٌ مُسْتَرْسِلٌ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ طَوِيلٌ مُسْتَرْسِلٌ وَرَسِلَ رَسَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَبَعِيرٌ رَسْلٌ لَيِّنُ السَّيْرِ وَنَاقَةٌ رِسْلَةٌ.وَالرَّسَلُ بِفَتْحَتَيْنِ الْقَطِيعُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْجَمْعُ أَرْسَالٌ مِثْلُ: سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَشُبِّهَ بِهِ النَّاسُ فَقِيلَ جَاءُوا أَرْسَالًا أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَتَابِعِينَ وَأَرْسَلْتُ رَسُولًا بَعَثْتُهُ بِرِسَالَةٍ يُؤَدِّيهَا فَهُوَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ وَيَجُوزُ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ فَيَجْمَعُ عَلَى رُسُلٍ بِضَمَّتَيْنِ وَإِسْكَانُ السِّينِ لُغَةٌ وَأَرْسَلْتُ الطَّائِرَ مِنْ يَدِي إذَا أَطْلَقْتُهُ وَحَدِيثٌ مُرْسَلٌ لَمْ يَتَّصِلْ إسْنَادُهُ بِصَاحِبِهِ وَأَرْسَلْتُ الْكَلَامَ إرْسَالًا أَطْلَقْتُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَتَرَسَّلَ فِي قِرَاءَتِهِ بِمَعْنَى تَمَهَّلَ فِيهَا قَالَ الْيَزِيدِيُّ التَّرَسُّلُ وَالتَّرْسِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ هُوَ التَّحْقِيقُ بِلَا عَجَلَةٍ وَتَرَاسَلَ الْقَوْمُ أَرْسَلَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ رَسُولًا أَوْ رِسَالَةً وَجَمْعُهَا رَسَائِلُ وَمِنْ هُنَا قِيلَ
تَرَاسَلَ النَّاسُ فِي الْغِنَاءِ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ يَبْتَدِئُ هَذَا وَيَمُدُّ صَوْتَهُ فَيَضِيقُ عَنْ زَمَانِ الْإِيقَاعِ فَيَسْكُتُ وَيَأْخُذُ غَيْرُهُ فِي مَدِّ الصَّوْتِ وَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ إلَى النَّغْمِ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِي قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْمُرَاسِلَ فِي الْغِنَاءِ وَالْعَمَلِ الْمُتَالِيَ يُقَالُ رَاسَلَهُ فِي عَمَلِهِ إذَا تَابَعَهُ فِيهِ فَهُوَ رَسِيلٌ وَلَا تَرَاسُلَ فِي الْأَذَانِ أَيْ لَا مُتَابَعَةَ فِيهِ وَالْمَعْنَى لَا اجْتِمَاعَ فِيهِ وَتَقُولُ عَلَى رِسْلِكَ بِالْكَسْرِ أَيْ عَلَى هِينَتِكِ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
38-المصباح المنير (غزو)
غَزَوْتُ الْعَدُوَّ غَزْوًا فَالْفَاعِلُ غَازٍ وَالْجَمْعُ غُزَاةٌ وَغُزًّى مِثْلُ قُضَاةٍ وَرُكَّعٍ وَجَمْعُ الْغُزَاةِ غَزِّيٌّ عَلَى فَعِيلٍ مِثْلُ الْحَجِيجِ وَالْغَزْوَةُ الْمَرَّةُ وَالْجَمْعُ غَزَوَاتٌ مِثْلُ شَهْوَةٍ وَشَهَوَاتٍ وَالْمَغْزَاةُ كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ الْمَغَازِي وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَغْزَيْتُهُ إذَا بَعَثْتُهُ يَغْزُو وَإِنَّمَا يَكُونُ غَزْوُ الْعَدُوِّ فِي بِلَادِهِ.المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
39-لسان العرب (تبب)
تبب: التَّبُّ: الخَسارُ.والتَّبابُ: الخُسْرانُ والهَلاكُ.
وتَبًّا لَهُ، عَلَى الدُّعاءِ، نُصِبَ لأَنه مَصْدَرٌ مَحْمُولٌ عَلَى فِعْلِه، كَمَا تَقُولُ سَقْيًا لِفُلَانٍ، مَعْنَاهُ سُقِيَ فُلَانٌ سَقْيًا، وَلَمْ يُجْعَلِ اسْمًا مُسْنَدًا إِلَى مَا قَبْلَهُ.
وتَبًّا تَبيبًا، عَلَى المُبالَغَةِ.
وتَبَّ تَبابًا وتَبَّبَه: قَالَ لَهُ تَبًّا، كَمَا يُقَالُ جَدَّعَه وعَقَّره.
تَقُولُ تَبًّا لِفُلَانٍ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، أَي أَلْزَمه اللهُ خُسْرانًا وهَلاكًا.
وتَبَّتْ يَداه تَبًّا وتَبابًا: خَسِرتَا.
قال ابن دريد: وكأَنَّ التَّبَّ المَصْدرُ، والتَّباب الاسْمُ.
وتَبَّتْ يَداهُ: خَسِرتا.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أَيْ ضَلَّتا وخَسِرَتا}.
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقةٍ لَمْ تُسْتَقَلْ، ***تَبَّتْ يَدَا صافِقِها، مَاذَا فَعَلْ
وَهَذَا مَثَلٌ قِيل فِي مُشْتَري الفَسْوِ.
والتَّبَبُ والتَّبابُ والتَّتْبِيبُ: الهَلاكُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي لَهَبٍ: «تَبًّا لكَ سائرَ اليَوْمِ»، أَلِهذا جَمَعْتَنا.
التَّبُّ: الهَلاكُ.
وتَبَّبُوهم تَتْبِيبًا أَي أَهْلَكُوهم.
والتَتْبِيبُ: النَّقْصُ والخَسارُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}؛ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ: مَا زادُوهم غَيْرَ تَخْسِير.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ}؛ أَي مَا كَيْدُه إِلَّا فِي خُسْرانٍ.
وتَبَّ إِذَا قَطَعَ.
والتابُّ: الْكَبِيرُ مِنَ الرِّجَالِ، والأُنثى تابَّةٌ.
والتَّابُّ: الضعِيفُ، والجمْع أَتْبابٌ، هُذَلِيةٌ نَادِرَةٌ.
واسْتَتَبَّ الأَمرُ: تَهَيَّأَ واسْتَوَى.
واسْتَتَبَّ أَمْرُ فُلَانٍ إِذَا اطَّرَد واسْتَقامَ وتَبَيَّنَ، وأَصل هَذَا مِنَ الطَّرِيق المُسْتَتِبِّ، وَهُوَ الَّذِي خَدَّ فِيهِ السَّيَّارةُ خُدُودًا وشَرَكًا، فوَضَح واسْتَبانَ لِمَنْ يَسْلُكه، كأَنه تُبِّبَ مِنْ كَثْرَةِ الوطءِ، وقُشِرَ وَجْهُه، فَصَارَ مَلْحُوبًا بَيِّنًا مِنْ جَماعةِ مَا حَوالَيْهِ مِنَ الأَرض، فَشُبِّهَ الأَمرُ الواضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ بِهِ.
وأَنشد المازِنيُّ فِي المَعَاني:
ومَطِيَّةٍ، مَلَثَ الظَّلامِ، بَعَثْتُه ***يَشْكُو الكَلالَ إليَّ، دَامِي الأَظْلَلِ
أَوْدَى السُّرَى بِقِتالِه ومِراحِه، ***شَهْرًا، نَواحِيَ مُسْتَتِبٍّ مُعْمَلِ
نَهْجٍ، كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَه، ***ضاحِي المَوارِدِ، كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
نَصَبَ نَواحِيَ لأَنه جَعَلَه ظَرْفًا.
أَراد: فِي نَوَاحِي طَرِيقٍ مُسْتَتِبٍّ.
شَبَّه مَا فِي هَذَا الطَرِيقِ المُسْتَتِبِّ مِنَ الشَّرَكِ والطُرُقاتِ بِآثَارِ السِّنِّ، وَهُوَ الحَديدُ الَّذِي يُحْرَثُ بِهِ الأَرضُ.
وَقَالَ آخَرُ فِي مِثْلِهِ:
أَنْضَيْتُها مِنْ ضُحاها، أَو عَشِيَّتِها، ***فِي مُسْتَتِبٍّ، يَشُقُّ البِيدَ والأُكُما
أَي فِي طَرِيقٍ ذِي خُدُودٍ، أَي شُقُوق مَوْطُوءٍ بَيِّنٍ.
وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ: «حَتَّى اسْتَتَبَّ لَهُ مَا حاوَلَ فِي أَعْدائِكَ»؛ أي اسْتقامَ واسْتَمَرَّ.
والتَّبِّيُّ والتِّبِّيُّ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ كالشّهْرِيزِ بالبَصْرة.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَهُوَ الغالبُ عَلَى تَمْرِهِمْ، يَعْنِي أَهلَ البَحْرَيْنِ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: رَدِيءٌ يَأْكُله سُقَّاطُ الناسِ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَعْظَمَ بَطْنًا، تَحْتَ دِرْعٍ، تَخالُه، ***إِذَا حُشِيَ التَّبِّيَّ، زِقًّا مُقَيَّرا
وحِمارٌ تابُّ الظَّهْرِ إِذَا دَبِرَ.
وجَمَلٌ تابُّ: كَذَلِكَ.
وَمِنْ أَمثالهم: مَلَكَ عَبْدٌ عَبْدًا، فأَوْلاهُ تَبًّا.
يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ فَلَمَّا مَلَكَ هانَ عَلَيْهِ مَا مَلَكَ.
وتَبْتَبَ إذا شاخَ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
40-لسان العرب (نجب)
نجب: فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ كلَّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَباءَ رُفَقاءَ».ابْنُ الأَثير: النَّجيبُ الفاضلُ مِنْ كلِّ حيوانٍ؛ وَقَدْ نَجُبَ يَنْجُبُ نَجَابَةً إِذا كَانَ فَاضِلًا نَفيسًا فِي نَوْعِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «إِن اللَّهَ يُحِبُّ التاجِرَ النَّجِيبَ» أَي الْفَاضِلَ الكَريم السَّخِيَّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: الأَنعامُ مِنْ نَجائبِ القُزَانِ، أَو نواجِبِ الْقُرْآنِ
أَي مِنْ أَفاضل سُوَره.
فالنَّجائِبُ جَمْعُ نَجيبةٍ، تأْنيثُ النَّجِيبِ.
وأَما النَّواجِبُ، فَقَالَ شَمِر: هِيَ عِتاقُه، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَجَبْتُهُ إِذا قَشَرْتَ نَجَبَه، وَهُوَ لِحاؤُه وقِشْرُه، وتَرَكْتَ لُبابَه وخالصَه.
ابْنُ سِيدَهْ: النَّجِيبُ مِنَ الرِّجَالِ الكريمُ الحَسِيبُ، وَكَذَلِكَ البعيرُ والفرسُ إِذا كَانَا كَرِيمَيْنِ عَتِيقين، وَالْجَمْعُ أَنجاب ونُجَباءُ ونُجُبٌ.
وَرَجُلٌ نَجِيبٌ أَي كِرِيمٌ، بَيِّنُ النَّجابة.
والنُّجَبةُ، مثالُ الهُمَزة: النَّجِيبُ.
يُقَالُ: هُوَ نُجَبَةُ القَوم إِذا كَانَ النَّجِيبَ مِنْهُمْ.
وأَنْجَبَ الرجلُ أَي ولَدَ نَجِيبًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنْجَبَ أَزْمانَ والداهُ بِهِ، ***إِذ نَجَلاهُ، فنِعْمَ مَا نَجَلا
والنَّجيبُ مِنَ الإِبل، وَالْجَمْعُ النُّجُبُ والنَّجائبُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّجِيبِ مِنَ الإِبل، مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا، وَهُوَ القويُّ مِنْهَا، الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، وناقَةٌ نَجِيبٌ ونجيبةٌ.
وَقَدْ نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً، وأَنجَبَ، وأَنجَبَتِ المرأَةُ، فَهِيَ مُنْجِبةٌ، ومِنْجابٌ.
وَلَدَتِ النُّجَبَاءَ؛ ونسوةٌ مَناجِيبُ، وَكَذَلِكَ الرجلُ.
يُقَالُ: أَنجَبَ الرجلُ والمرأَةُ إِذا وَلَدَا وَلَدًا نَجِيبًا أَي كَرِيمًا.
وامرأَة مِنْجابٌ.
ذَاتُ أَولادٍ نجَباء.
ابْنُ الأَعرابي: أَنجَبَ الرجلُ جاءَ بِوَلَدٍ نَجِيبٍ.
وأَنجَبَ: جاءَ بِوَلَدٍ جَبانٍ، قَالَ: فَمَنْ جَعَلَهُ ذَمًّا، أَخَذَه مِنَ النَّجَب، وَهُوَ قِشْرُ الشَّجَرِ.
والنَّجابةُ: مَصْدَرُ النَّجِيبِ مِنَ الرِّجال، وَهُوَ الْكَرِيمُ ذُو الحَسَب إِذا خَرَج خُروجَ أَبيه فِي الكَرَم؛ والفِعْلُ نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً، وَكَذَلِكَ النَّجابةُ فِي نجائبِ الإِبل، وَهِيَ عِتاقُها الَّتِي يُسابَقُ عَلَيْهَا.
والمُنْتَجَبُ: المُختارُ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ وَقَدْ انْتَجَبَ فلانٌ فُلَانًا إِذا اسْتَخْلَصَه، واصْطَفاه اخْتيارًا عَلَى غَيْرِهِ.
والمِنْجابُ: الضَّعِيفُ، وَجَمْعُهُ مَناجيبُ؛ قَالَ عُرْوة بنُ مُرَّة الهُذَليُّ:
بَعَثْتُه فِي سَوادِ اللَّيلِ يَرْقُبُني، ***إِذ آثَرَ النَّومَ والدِّفْءَ المَناجيبُ
وَيُرْوَى المَناخِيبُ، وَهِيَ كالمَناجيب، وَهُوَ مذكور
فِي مَوْضِعِهِ.
والمِنْجابُ مِنَ السِّهَامِ: مَا بُرِيَ وأُصْلِحَ وَلَمْ يُرَشْ وَلَمْ يُنْصَلْ، قَالَهُ الأَصمعي.
الْجَوْهَرِيُّ: المِنْجابُ السَّهْمُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ وَلَا نَصلٌ.
وإِناءٌ مَنْجُوبٌ: واسعُ الْجَوْفِ، وَقِيلَ: وَاسِعُ القَعْر، وَهُوَ مَذْكُورٌ بالفاءِ أَيضًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ تَعَاقَبَتَا، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي الفاءِ أَيضًا.
والنَّجَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: لِحَاءُ الشَّجَرِ؛ وَقِيلَ: قِشْرُ عُرُوقِهَا؛ وَقِيلَ: قِشرُ مَا صَلُبَ مِنْهَا.
وَلَا يُقَالُ لِمَا لانَ مِنْ قُشُور الأَغصانِ نَجَبٌ، وَلَا يُقَالُ: قِشْرُ العُروق، وَلَكِنْ يقالُ: نَجَبُ العُروق، وَالْوَاحِدَةُ نَجَبةٌ.
والنَّجْبُ، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ نَجَبْتُ الشَّجَرَةَ أَنْجُبُها وأَنجِبُها إِذا أَخذت قِشرَة ساقِها.
ابْنُ سِيدَهْ: ونَجَبه يَنْجُبُه، ويَنْجِبُه نَجْبًا، ونجَّبه تَنْجِيبًا، وانْتَجَبَه: أَخذه.
وذَهَبَ فلانٌ يَنتَجِبُ أَي يجْمَعُ النَّجَبَ.
وَفِي حَدِيثِ أُبَيّ: «المُؤْمنُ لَا تُصيبُه ذَعْرة، وَلَا عَثْرة، وَلَا نَجْبةُ نملةٍ إِلَّا بذَنْبٍ»؛ أي قَرْصَةُ نملةٍ، مِن نَجَبَ العُودَ إِذا قَشَرَه؛ والنَّجَبَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: القِشرَةُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى هاهنا، وَيُرْوَى بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وأَما قَوْلُهُ:
يَا أَيُّها الزاعِمُ أَني أَجْتَلِبْ، ***وأَنني غَيرَ عِضاهي أَنْتَجِبْ
فَمَعْنَاهُ أَنني أَجْتَلِبُ الشِّعْرَ مِنْ غَيري، فكأَني إِنما آخُذُ القِشْرَ لأَدْبُغَ بِهِ مِنْ عِضاهٍ غَيْرِ عِضاهي.
الأَزهري: النَّجَبُ قُشُورُ السِّدْر، يُصْبَغُ بِهِ، وَهُوَ أَحمر.
وسِقاءٌ مَنْجوبٌ ونَجَبيٌّ: مَدْبُوغٌ بالنَّجَب، وَهِيَ قُشور سُوق الطَّلْح، وَقِيلَ: هِيَ لِحَاءُ الشَّجَر، وسِقاءٌ نَجَبيٌّ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو مِسْحَل: سِقاءٌ مِنْجَبٌ مَدْبُوغٌ بالنَّجَب.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بشيءٍ، لأَن مِنْجَبًا مِفْعَلٌ، ومِفْعَلٌ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَفْعُولٍ.
والمَنجوبُ: الجلْدُ الْمَدْبُوغُ بقُشور سُوق الطَّلْح.
والمَنْجُوبُ: القَدَحُ الواسِع.
ومِنْجابٌ ونَجَبةُ: اسْمَانِ.
والنَّجَبَةُ: موضعٌ بِعَيْنِهِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فنحنُ فُرْسانٌ غَداةَ النَّجَبَهْ، ***يومَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ أُرَبَهْ،
عَقْدًا بعَشْرِ مائةٍ لَنْ تُتْعِبَهْ
قَالَ: أَسَرُوهم، ففَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةٍ.
والنَّجْبُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ القَتَّالُ الكِلابيُّ:
عَفا النَّجْبُ بَعْدي فالعُرَيْشانِ فالبُتْرُ، ***فبُرْقُ نِعاجٍ مِنْ أُمَيْمَة فالحِجْرُ
ويومُ ذِي نَجَبٍ: يومٌ مِنْ أَيام الْعَرَبِ مشهور.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
41-لسان العرب (نخب)
نخب: انْتَخَبَ الشيءَ: اختارَه.والنُّخْبَةُ: مَا اخْتَارَهُ، مِنْهُ.
ونُخْبةُ القَوم ونُخَبَتُهم:
خِيارُهم.
قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ هُمْ نُخَبة الْقَوْمِ، بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الخاءِ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يُقَالُ نُخْبة، بإِسكان الخاءِ، وَاللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ مَا اخْتَارَهُ الأَصمعي.
وَيُقَالُ: جاءَ فِي نُخَبِ أَصحابه أَي فِي خِيَارِهِمْ.
ونَخَبْتُه أَنْخُبه إِذا نَزَعْتَه.
والنَّخْبُ: النَّزْعُ.
والانْتِخابُ: الانتِزاع.
والانتخابُ: الاختيارُ والانتقاءُ؛ وَمِنْهُ النُّخَبةُ، وَهُمُ الْجَمَاعَةُ تُخْتارُ مِنَ الرِّجَالِ، فتُنْتَزَعُ مِنْهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ عُمَر: «وخَرَجْنا فِي النُّخْبةِ»؛ النُّخْبة، بِالضَّمِّ: المُنْتَخَبُون مِنَ النَّاسِ، المُنْتَقَوْن.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الأَكْوَع: «انْتَخَبَ مِنَ الْقَوْمِ مائةَ رَجُلٍ».
ونُخْبةُ المَتاع: المختارُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ.
وأَنْخَبَ الرجلُ: جاءَ بِوَلَدٍ جَبان؛ وأَنْخَبَ: جاءَ بِوَلَدٍ شُجَاعٍ، فالأَوَّلُ مِنَ المَنْخُوب، وَالثَّانِي مِنَ النُّخْبة.
اللَّيْثُ: يُقَالُ انْتَخَبْتُ أَفْضَلَهم نُخْبَةً، وانْتَخَبْتُ نُخْبَتَهُمْ.
والنَّخْبُ: الجُبْنُ وضَعْفُ الْقَلْبِ.
رجل نَخْبٌ، ونَخْبةٌ، ونَخِبٌ، ومُنْتَخَبٌ، ومَنْخُوبٌ، ونِخَبٌّ، ويَنْخُوبٌ، ونَخِيبٌ، وَالْجَمْعُ نُخَبٌ: جَبَانٌ كأَنه مُنْتَزَعُ الفُؤَادِ أَي لَا فُؤَادَ لَهُ؛ وَمِنْهُ نَخَبَ الصَّقْرُ الصيدَ إِذا انْتَزَعَ قَلْبَه.
وَفِي حَدِيثِ أَبي الدَّرْداءِ: «بِئْسَ العَوْنُ عَلَى الدِّين قَلْبٌ نَخِيبٌ، وبَطْنٌ رَغِيبٌ»؛ النَّخِيبُ: الجبانُ الَّذِي لَا فُؤَادَ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الفاسدُ الفِعْل؛ والمَنْخُوبُ: الذاهبُ اللَّحْم المَهْزولُ؛ وَقَوْلُ أَبي خِراشٍ:
بَعَثْتُه فِي سَوادِ اللَّيْل يَرْقُبُني، ***إِذْ آثَرَ، الدِّفْءَ والنَّوْمَ، المناخيبُ
قِيلَ: أَراد الضِّعافَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ لَا خَيْرَ عِنْدَهُمْ، واحدُهم مِنْخابٌ؛ ورُوي المَناجِيبُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَيُقَالُ للمَنْخوب: النِّخَبُّ، النُّونُ مَكْسُورَةٌ، وَالْخَاءُ مَنْصُوبَةٌ، وَالْبَاءُ شَدِيدَةٌ، وَالْجَمْعُ المَنْخُوبُونَ.
قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ فِي الشَّعَرِ عَلَى مَفاعِلَ: مَناخبُ.
قَالَ أَبو بَكْرٍ: يُقَالُ للجَبانِ نُخْبَةٌ، وللجُبَناءِ نُخَباتٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْفَرَزْدَقَ:
أَلم أَخْصِ الفَرَزْدَقَ، قَدْ عَلِمْتُمْ، ***فأَمْسَى لَا يَكِشُّ مَعَ القُرُوم؟
لَهُمْ مَرٌّ، وللنُّخَباتِ مَرٌّ، ***فقَدْ رَجَعُوا بِغَيْرِ شَظًى سَلِيم
وكَلَّمْتُه فَنَخَبَ عَلَيَّ إِذا كَلَّ عَنْ جَوابك.
الْجَوْهَرِيُّ: والنَّخْبُ البِضاع؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النَّخْبُ: ضَرْبٌ مِنَ المُباضَعةِ، قَالَ: وعَمَّ بِهِ بعضُهم.
نَخَبَها الناخِبُ يَنْخُبها ويَنْخَبُها نَخْبًا، واسْتَنْخَبَتْ هِيَ: طَلَبَتْ أَن تُنْخَبَ؛ قَالَ:
إِذا العَجُوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخُبْها، ***وَلَا تُرَجِّيها، وَلَا تَهَبْها
والنَّخْبةُ: خَوْقُ الثَّفْر، والنَّخْبَةُ: الاسْتُ؛ قَالَ:
واخْتَلَّ حَدُّ الرُّمْح نَخْبةَ عامِرٍ، ***فَنَجا بِهَا، وأَقَصَّها القَتْلُ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
وهَلْ أَنْتَ إِلّا نَخْبةٌ مِنْ مُجاشِعٍ؟ ***تُرى لِحْيَةً مِنْ غَيْرِ دِينٍ، وَلَا عَقْل
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ أَباكِ كانَ عَبْدًا جازِرا، ***ويَأْكُلُ النَّخْبَةَ والمَشافِرا
واليَنْخُوبةُ: أَيضًا الاسْتُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِذا طَرَقَتْ يَنْخُوبةٌ مِنْ مُجاشعٍ
والمَنْخَبةُ: اسْمُ أُمّ سُوَيْدٍ.
والنِّخابُ: جِلْدَةُ الفُؤَاد؛ قَالَ:
وأُمُّكُمْ سارِقَةُ الحِجابِ، ***آكِلَةُ الخُصْيَيْنِ والنِّخاب
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا أَصابَ المؤْمنَ مِنْ مَكْرُوهٍ، فَهُوَ كَفَّارة لِخَطَايَاهُ، حَتَّى نُخْبةِ النَّملةِ»؛ النُّخْبةُ: العَضَّةُ والقَرْصة.
يُقَالُ نَخَبَتِ النملةُ تَنْخُبُ إِذا عَضَّتْ.
والنَّخْبُ: خَرْقُ الجِلْدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ أُبَيّ: لَا تُصِيبُ المؤمنَ مُصيبةٌ ذَعْرَةٌ، وَلَا عَثْرَةُ قَدَمٍ، وَلَا اخْتِلاجُ عِرْقٍ، وَلَا نُخْبَةُ نَمْلَةٍ، إِلا بذَنبٍ، وما يَعْفُو اللهُ أَكثرُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ بالخاءِ وَالْجِيمِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى بِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ: «أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لِيَّةَ، فاستقبلَ نَخِبًا ببصره»؛ هو اسْمُ مَوْضِعٍ هُنَاكَ.
ونَخِبٌ: وادٍ بأَرض هُذَيْل؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لَعَمْرُك، مَا خَنْساءُ تَنْسَأُ شادِنًا، ***يَعِنُّ لَهَا بالجِزْع مِنْ نَخِبِ النَّجلِ
أَراد: مِنْ نَجْلِ نَخِبٍ، فقَلَبَ؛ لأَنَّ النَّجْلَ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ فِي بُطون الأَوْدية جِنْسٌ، وَمِنَ المُحال أَن تُضافَ الأَعْلامُ إِلى الأَجْناس، وَاللَّهُ أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
42-لسان العرب (ندب)
ندب: النَّدَبَةُ: أَثَرُ الجُرْح إِذا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ الْجِلْدِ، وَالْجَمْعُ نَدَبٌ، وأَنْدابٌ ونُدُوبٌ: كِلَاهُمَا جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وَقِيلَ: النَّدَبُ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ أَنْدابٌ ونُدُوبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِياكم ورَضاعَ السَّوْءِ، فإِنه لَا بُدَّ مِنْ أَن يَنْتَدِبَأَي يَظْهَرَ يَوْمًا مَا؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ومُكَبَّلٍ، تَرَك الحَديدُ بساقِه ***نَدَبًا مِنَ الرَّسَفانِ فِي الأَحجالِ
وَفِي حَدِيثِ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وإِنَّ بالحَجَر نَدَبًا سِتَّةً أَو سَبْعَةً مِن ضَرْبِهِ إِياه»؛ فَشَبَّه أَثر الضَّرْبِ فِي الحَجر بأَثر الجَرْح.
وَفِي حَدِيثِمُجاهد: «أَنه قرأَ سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ»؛ فَقَالَ: لَيْسَ بالنَّدَب، وَلَكِنَّهُ صُفْرَةُ الوَجْهِ والخُشُوعُ؛ وَاسْتَعَارَهُ بعضُ الشُّعَرَاءِ للعِرْضِ، فَقَالَ:
نُبِّئْتُ قَافِيَةً قِيلَتْ، تَناشَدَها ***قومٌ سأَتْرُكُ، فِي أَعْراضِهِم، نَدَبا
أَي أَجْرَحُ أَعْراضَهم بالهجاءِ، فيُغادِرُ فِيهَا ذَلِكَ الجَرْحُ نَدَبًا.
ونَدِبَ جُرْحُه نَدَبًا، وأَنْدَبَ: صَلُبَتْ نَدَبَتُه.
وجُرْحٌ نَديبٌ: مَنْدُوبٌ.
وجُرْحٌ نَديبٌ أَي ذُو ندَبٍ؛ وَقَالَ ابْنُ أُم حَزْنَةَ يَصِفُ طَعْنة:
فإِن قَتَلَتْه، فلَم آلهُ، ***وإِنْ يَنْجُ مِنْهَا، فَجُرْحٌ نَديبْ
ونَدِبَ ظَهْرُه نَدَبًا ونُدوبةً، فَهُوَ نَدِبٌ: صَارَتْ فِيهِ نُدُوبٌ.
وأَنْدَبَ بظَهْره وَفِي ظَهْره: غادرَ فِيهِ نُدوبًا.
ونَدَبَ الميتَ أَي بَكَى عَلَيْهِ، وعَدَّدَ مَحاسِنَه، يَنْدُبه نَدْبًا؛ وَالِاسْمُ النُّدْبةُ، بِالضَّمِّ.
ابْنُ سِيدَهْ: ونَدَبَ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيِّد بِبُكَاءٍ، وَهُوَ مِنَ النَّدَب لِلْجِرَاحِ، لأَنه احْتِراقٌ ولَذْعٌ مِنَ الحُزْن.
والنَّدْبُ: أَن تَدْعُوَ النادِبةُ الميتَ بحُسْنِ الثناءِ في قولها: وا فُلاناهْ وا هَناه وَاسْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ: النُّدْبةُ، وَهُوَ مِنْ أَبواب النَّحْوِ؛ كلُّ شيءٍ فِي نِدائه وَا فَهُوَ مِنْ بَابِ النُّدْبة.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كلُّ نادِبةٍ كاذِبةٌ، إِلَّا نادِبةَ سَعْدٍ»؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وأَن تَذْكُرَ النائحةُ الميتَ بأَحسن أَوصافه وأَفعاله.
وَرَجُلٌ نَدْبٌ: خَفِيفٌ فِي الْحَاجَةِ، سريعٌ، ظَريف، نَجِيبٌ؛ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَالْجَمْعُ نُدوبٌ ونُدَباءُ، تَوَهَّمُوا فِيهِ فَعِيلًا، فكسَّروه عَلَى فُعَلاء، وَنَظِيرُهُ سَمْحٌ وسُمَحاء؛ وَقَدْ نَدُبَ نَدابةً، وَفَرَسٌ نَدْبٌ.
اللَّيْثُ: النَّدْبُ الفرسُ الْمَاضِي، نَقِيضُ البَليدِ.
والنَّدْبُ: أَن يَنْدُبَ إِنسانٌ قَوْمًا إِلى أَمر، أَو حَرْبٍ، أَو مَعُونةٍ أَي يَدْعُوهم إِليه، فيَنْتَدِبُون لَهُ أَي يُجِيبونَ ويُسارِعُون.
ونَدَبَ القومَ إِلى الأَمْر يَنْدُبهم نَدْبًا.
دَعَاهُمْ وحَثَّهم.
وانْتَدَبُوا إِليه: أَسْرَعُوا؛ وانْتَدَبَ القومُ مِنْ ذَوَاتِ أَنفسهم أَيضًا، دُونَ أَن يُنْدَبُوا لَهُ.
الْجَوْهَرِيُّ: ندَبَه للأَمْر فانْتَدَبَ لَهُ أَي دَعاه لَهُ فأَجاب.
وَفِي الْحَدِيثِ: «انْتَدَبَ اللهُ لِمَنْ يَخْرُجُ فِي سَبِيلِهِ»أَي أَجابه إِلى غُفْرانه.
يُقَالُ: نَدَبْتُه فانْتَدَبَ أَي بَعَثْتُه ودَعَوْتُه فأَجاب.
وَتَقُولُ: رَمَيْنا نَدَبًا أَي رَشْقًا؛ وارْتَمَى نَدَبًا أَو نَدَبَيْنِ أَي وَجْهًا أَو وَجْهَيْنِ.
ونَدَبُنا يومُ كَذَا أَي يومُ انْتِدابِنا للرَّمْي.
وتكلَّم فانْتَدَبَ لَهُ فلانٌ أَي عارَضَه.
والنَّدَبُ: الخَطَرُ.
وأَنْدَبَ نَفْسَه وَبِنَفْسِهِ: خاطَر بِهِمَا؛ قَالَ عُرْوة بنُ الوَرْد:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، وَلَمْ أَقُمْ ***عَلَى نَدَبٍ، يَوْمًا، وَلِي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزيدٌ: بَطْنانِ مِنْ بُطُونِ الْعَرَبِ، وَهُمَا جَدَّاه.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّبَقُ، والخَطَرُ، والنَّدَبُ، والقَرَعُ، والوَجْبُ: كُلُّه الَّذِي يُوضَعُ فِي النِّضال والرِّهانِ، فَمَنْ سَبَقَ أَخذه؛ يُقَالُ فِيهِ كُلِّه: فَعَّلَ مُشَدَّدًا إِذا أَخذه.
أَبو عَمْرٍو: خُذْ مَا اسْتَبَضَّ، واسْتَضَبَّ، وانْتَدَمَ، وانْتَدَبَ، ودَمَع، ودَمَغ، وأَوْهَفَ، وأَزْهَفَ، وتَسَنَّى، وفَصَّ وإِن كَانَ يَسِيرًا.
والنَّدَبُ: قَبِيلَةٌ.
ونَدْبةُ، بِالْفَتْحِ: اسْمُ أُم خُفافِ بْنُ نَدْبةَ السُّلَمِيّ، وَكَانَتْ سَوْداءَ حَبَشِيَّةً.
ومَنْدُوبٌ: فَرَسُ أَبي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْل، رَكِبَه سيدُنا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِيهِ:
إِنْ وجَدْناه لَبَحْرًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ لَهُ فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ المَنْدُوبُ» أَي الْمَطْلُوبُ، وهو من النَّدَبِ، وَهُوَ الرَّهْنُ الَّذِي يُجْعَل فِي السِّباقِ؛ وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ لِنَدَبٍ كَانَ فِي جِسْمه، وَهِيَ أَثَرُ الجُرْح.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
43-لسان العرب (بعث)
بعث: بَعَثَهُ يَبْعَثُه بَعْثًا: أَرْسَلَهُ وَحْدَه، وبَعَثَ بِهِ: أَرسله مَعَ غَيْرِهِ.وابْتَعَثَه أَيضًا أَي أَرسله فانْبعَثَ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ يَصِفُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، شَهِيدُك يومَ الدِّينِ، وبَعِيثُك نعْمة؛ أَي مَبْعُوثك الَّذِي بَعَثْته إِلى الخَلْق أَي أَرسلته، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ زَمْعَة: «انْبَعَثَ أَشْقاها»؛ يُقَالُ: انْبَعَثَ فلانٌ لشأْنه إِذا ثَارَ ومَضَى ذَاهِبًا لِقَضَاءِ حاجَته.
والبَعْثُ: الرسولُ، وَالْجَمْعُ بُعْثانٌ، والبَعْثُ: بَعْثُ الجُنْدِ إِلى الغَزْو.
والبَعَثُ: القومُ المَبْعُوثُونَ المُشْخَصُونَ، وَيُقَالُ: هُمُ البَعْثُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ.
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ ابْتَعَثْنا الشامَ عِيرًا إِذا أَرسَلوا إِليها رُكَّابًا لِلْمِيرَةِ.
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ: «يَا آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ»؛ أي المَبْعُوث إِليها مِنْ أَهلها، وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ.
وبَعَثَ الجُنْدَ يَبْعَثُهم بَعْثًا: وجَّهَهُمْ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ البَعْثُ والبَعِيثُ، وَجَمْعُ البَعْثِ: بُعُوث؛ قَالَ:
ولكنَّ البُعُوثَ جَرَتْ عَلَيْنَا، ***فَصِرْنا بينَ تَطْوِيحٍ وغُرْمِ
وَجَمْعُ البَعِيثِ: بُعُثٌ.
والبَعْثُ: يَكُونُ بَعْثًا لِلْقَوْمِ يُبْعَثُون إِلى وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، مِثْلَ السَّفْر والرَّكْب.
وَقَوْلُهُمْ: كنتُ فِي بَعْثِ فلانٍ أَي فِي جَيْشِهِ الَّذِي بُعِثَ مَعَهُ.
والبُعُوثُ: الجُيوش.
وبَعَثَه عَلَى الشَّيْءِ: حَمَلَهُ عَلَى فِعْله.
وبَعَثَ عَلَيْهِمُ البَلاء: أَحَلَّه.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِبادًا لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}.
وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّ عَبْدَ المَلِك خَطَبَ فَقَالَ: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ مُسلِمَ بْنَ عُقْبة، فَقَتلَكم يَوْمَ الحَرَّة.
وانْبَعَثَ الشيءُ وتَبَعَّثَ: انْدَفَع.
وبَعَثَه مِنْ نَوْمه بَعَثًا، فانْبَعَثَ: أَيْقَظَه وأَهَبَّه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَتاني الليلةَ آتِيانِ فابْتَعَثَاني»أَي أَيقَظاني مِنْ نَوْمِي.
وتأْويلُ البَعْثِ: إِزالةُ مَا كَانَ يَحْبِسُه عَنِ التَّصَرُّف والانْبِعاثِ.
وانْبَعَثَ فِي السَّيْر أَي أَسْرَع.
ورجلٌ بَعِثٌ: كَثِيرُ الانْبِعاثِ مِنْ نَوْمِهِ.
وَرَجُلٌ بَعْثٌ وبَعِثٌ وبَعَثٌ: لَا تَزَالُ هُمُومه تؤَرِّقُه، وتَبْعَثُه مِنْ نَوْمِهِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر:
تَعْدُو بأَشْعَثَ، قَدْ وَهَى سِرْبالُه، ***بَعْثٍ تُؤَرِّقُه الهُمُوم، فيَسْهَرُ
وَالْجَمْعُ: أَبْعاث: وَفِي التنزيل: قالُوا يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟
هَذَا وَقْفُ التَّمام، وَهُوَ قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ النُّشور.
وقولُه عَزَّ وَجَلَّ: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}؛ قَوْلُ المؤْمِنين؛ وَهَذَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، والخَبَرُ مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ؛ وَقُرِئَ: يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟
أَي مِن بَعْثِ اللَّهِ إِيَّانا مِنْ مَرْقَدِنا.
والبَعْثُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما الإِرْسال، كَقَوْلِهِ تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى}؛ مَعْنَاهُ أَرسلنا.
والبَعْثُ: إِثارةُ باركٍ أَو قاعدٍ، تَقُولُ: بَعَثْتُ الْبَعِيرَ فانبَعَثَ أَي أَثَرْتُه فَثار.
والبَعْثُ أَيضًا: الإِحْياء مِنَ اللَّهِ للمَوْتى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ:} أَي أَحييناكم.
وبَعَثَ اللمَوْتى: نَشَرَهم لِيَوْمِ البَعْثِ.
وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُم بَعْثًا: نَشَرَهم؛ مِنْ ذَلِكَ.
وَفَتْحُ الْعَيْنِ فِي الْبَعَثِ كُلُّهُ لُغَةٌ.
وَمِنْ أَسمائه عَزَّ وَجَلَّ: الباعِثُ، هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ الخَلْقَ أَي يُحْييهم بَعْدَ الْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وبَعَثَ البعيرَ فانْبَعَثَ: حَلَّ عِقالَه فأَرسله، أَو كَانَ بَارِكًا فَهاجَهُ.
وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: «إِنَّ للفِتْنةِ بَعَثاتٍ ووَقَفاتٍ»، فَمَنِ اسْتَطاعَ أَن يَمُوتَ فِي وَقَفاتِها فَلْيَفعل.
قوله: بَعَثات أَي إِثارات وتَهْييجات، جَمْعُ بَعْثَةٍ.
وكلُّ شَيْءٍ أَثَرْته فَقَدْ بَعَثْته؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فبَعَثْنا البَعيرَ، فإِذا العِقْدُ تَحْتَهُ.
والتَّبْعاثُ تَفْعال، مِن ذَلِكَ: أَنشد ابْنُ الأَعرابيّ:
أَصْدَرها، عَنْ كَثْرَةِ الدَّآثِ، ***صاحبُ لَيْلٍ، حَرِشُ التَّبْعاثِ
وتَبَعَّثَ مِنِّي الشِّعْرُ أَي انْبَعَثَ، كأَنه سالَ.
ويومُ بُعاثٍ، بِضَمِّ الْبَاءِ: يَوْمٌ مَعْرُوفٌ، كَانَ فِيهِ حَرْبٌ بَيْنَ الأَوْسِ والخَزْرج فِي الجَاهلية، ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسحاق فِي كِتَابَيْهِمَا؛ قَالَ الأَزهري: وذكَرَ ابْنُ المُظَفَّر هَذَا فِي كِتَابِ الْعَيْنِ، فجعلَه يومَ بُغَاث وصَحَّفَه، وَمَا كَانَ الخليلُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، لِيَخفَى عَلَيْهِ يومُ بُعاثٍ، لأَنه مِنْ مَشَاهِيرِ أَيام الْعَرَبِ، وإِنما صحَّفه الليثُ وَعَزَاهُ إِلى الخَليل نفسِه، وَهُوَ لسانُه، وَاللَّهُ أَعلم.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيانِ بِمَا قِيل يومَ بُعَاثٍ»؛ هُوَ هَذَا الْيَوْمُ.
وبُعاثٌ: اسْمُ حِصن للأَوْس.
وباعِثٌ وبَعِيثٌ: اسْمَانِ.
والبَعِيثُ: اسْمُ شَاعِرٍ مَعْرُوفٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، اسْمُهُ خِدَاشُ بْنُ بَشيرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبو مَالِكٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
تَبَعَّثَ مِنِّي ما تَبَعَّثَ، بعد ما اسْتَمرَّ ***فؤَادي، واسْتَمَرَّ مَرِيري
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاد هَذَا الْبَيْتَ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبة وَغَيْرُهُ: واستَمَرَّ عَزِيمي، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وَمَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ: أَنه قَالَ الشِّعْرَ بعد ما أَسَنَّ وكَبِرَ.
وَفِي حَدِيثِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا صالَحَ نصارَى الشَّامِ، كَتَبُوا لَهُ؛ إِنَّا لَا نُحْدِثُ كَنِيسَةً وَلَا قَلِيَّة، وَلَا نُخْرِج سَعانِينَ، وَلَا بَاعُوثًا؛ الباعوثُ للنَّصارى: «كَالِاسْتِسْقَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ»، وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ؛ وَقِيلَ: هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّاءِ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ.
وباعِيثا: موضع معروف.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
44-لسان العرب (غوث)
غوث: أَجابَ اللهُ غَوْثاه وغُواثَه وغَواثَه.قَالَ: وَلَمْ يأْت فِي الأَصوات شَيْءٌ بِالْفَتْحِ غَيْرُهُ، وإِنما يأْتي بِالضَّمِّ، مِثْلُ البُكاء والدُّعاء، وَبِالْكَسْرِ، مِثْلُ النِّداءِ والصِّياحِ؛ قَالَ الْعَامِرِيُّ:
بَعَثْتُكَ مائِرًا، فلَبِثْتَ حَوْلًا، ***مَتى يأْتي غَواثُك مَنْ تُغِيثُ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدَ بْنَ أَبي وقَّاص؛ قَالَ: وَصَوَابُهُ بَعَثْتُك قابِسًا؛ وَكَانَ لِعَائِشَةَ هَذِهِ مَوْلىً يُقَالُ لَهُ فِنْدٌ، وَكَانَ مُخَنَّثًا مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ، بعَثَتْه لِيَقْتَبِسَ لَهَا نَارًا، فَتَوَجَّهُ إِلى مِصْرَ، فأَقام بِهَا سَنَةً، ثُمَّ جاءَها بِنَارٍ، وَهُوَ يَعْدُو، فَعَثَر فتَبَدَّد الجَمْرُ، فَقَالَ: تَعِسَتِ العَجلة فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بعَثْتُكَ قابِسًا؛ وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ:
مَا رأَينا لغُرابٍ مَثَلا، ***إِذ بَعَثْناهُ، يَجي بالمِشْمَلَه
غيرَ فِنْدٍ، أَرْسَلوه قَابِسًا، ***فَثَوى حَوْلًا، وسَبَّ العَجلَه
قَالَ الشَّيْخُ: الأَصل فِي قَوْلِهِ يَجِي يَجِيءُ، بِالْهَمْزِ، فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ لِلضَّرُورَةِ.
والمِشْمَلَةُ: كِساء يُشْتَملُ بِهِ، دُونَ القَطِيفة.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَجابَ اللهُ غِياثَه.
والغُواث، بِالضَّمِّ: الإِغاثةُ.
وغَوَّثَ الرجلُ، واسْتَغاثَ: صاحَ وا غَوْثاه والاسمُ: الغَوْث، والغُواثُ، والغَواثُ.
وَفِي حَدِيثِ هاجَرَ، أُمّ إِسمعيلَ: «فَهَلْ عِندَك غَواثٌ؟ الغَواثُ»، بِالْفَتْحِ، كالغِياثِ، بِالْكَسْرِ، مِن الإِغاثة.
وَفِي الْحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنا»، بِالْهَمْزَةِ، مِنَ الإِغاثة؛ وَيُقَالُ فِيهِ: غاثَه يَغِيثُه، وَهُوَ قَلِيلٌ؛ قَالَ: وإِنما هُوَ مِن الغَيْثِ، لَا الإِغاثة.
واسْتغاثَني فلانٌ فأَغَثْتُه، وَالِاسْمُ الغِياثُ، صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا.
وَتَقُولُ: ضُرِبَ فلانٌ فَغَوَّثَ تَغْويثًا إِذا قال: وا غَوْثاه قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمع أَحدًا يَقُولُ: غَاثَهُ يغُوثُه، بِالْوَاوِ.
ابْنُ سِيدَهْ: وغَوَّث الرجلُ واستغاثَ: صاحَ وا غَوْثاه وأَغاثه اللهُ، وغاثَه غَوْثًا وغِياثًا، والأُولى أَعلى.
التَّهْذِيبُ: والغِياثُ مَا أَغاثَك اللهُ بِهِ.
وَيَقُولُ الْوَاقِعُ فِي بَلِيَّة: أَغِثْني أَي فَرِّجْ عَنِّي.
وَيُقَالُ: اسْتَغَثْتُ فُلَانًا، فَمَا كَانَ لِي عِنْدَهُ مَغُوثة وَلَا غَوْثٌ أَي إِغاثة؛ وغَوْثٌ: جائزٌ، فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، أَن يُوضَعَ اسم مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ مِن أَغاث.
وغَوْثٌ، وغِياثٌ، ومُغِيثٌ: أَسماء.
والغَوْثُ: بَطْنٌ مِنْ طَيِّئ.
وغَوْثٌ: قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ غَوْثُ بنُ أُدَدِ بْنُ زَيْدِ بْنِ كهلانَ بْنِ سَبَأَ.
التهذيب: وغَوْثٌ حيٌّ مِنَ الأَزْد؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
ونَخْشى رُماةَ الغَوْثِ مِنْ كلِّ مَرْصَدٍ
ويَغُوثُ: صَنَم كَانَ لمَذْحِج؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قول الزجاج.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
45-لسان العرب (حجج)
حجج: الحَجُّ: القصدُ.حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه يَحُجُّه حَجًّا: قَصَدَهُ.
وحَجَجْتُ فُلَانًا واعتَمَدْتُه أَي قَصَدْتُهُ.
ورجلٌ محجوجٌ أَي مَقْصُودٌ.
وَقَدْ حَجَّ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا إِذا أَطالوا الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ؛ قَالَ المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كثِيرةً، ***يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
أَي يَقْصِدُونه وَيَزُورُونَهُ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَقُولُ يُكْثِرُونَ الِاخْتِلَافَ إِليه، هَذَا الأَصل، ثُمَّ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْقَصْدِ إِلى مَكَّةَ للنُّسُكِ والحجِّ إِلى الْبَيْتِ خَاصَّةً؛ تَقُولُ حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا.
والحجُّ قَصْدُ التَّوَجُّه إِلى الْبَيْتِ بالأَعمال الْمَشْرُوعَةِ فَرْضًا وسنَّة؛ تَقُولُ: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قَصَدْتَهُ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ.
وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ:
أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ الناسَ فأَعلمهم أَن اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الحجَّ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَادَ الرجلُ ثَانِيَةً، فأَعرض عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ ثَالِثَةً، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَن أَقولَ نَعَمْ، فَتَجِبَ، فَلَا تَقُومُونَ بِهَا فَتَكْفُرُونَ؟
أَي تَدْفَعُونَ وُجُوبَهَا لِثِقَلِهَا فَتَكْفُرُونَ.
وأَراد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَن يُوحَى إِليَّ أَنْ قُلْ نَعَمْ فَأَقولَ؟ وحَجَّه يَحُجُّه، وَهُوَ الحجُّ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كَمَا قَالُوا: ذَكَرَهُ ذِكْرًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا، ***وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا
وكلَّ صاحٍ ثَمِلًا مَؤُوجا، ***ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا
فسَّره فَقَالَ: يَسْتَخِفُّ الناسُ الذهابَ إِلى هَذِهِ الْمَدِينَةِ لأَن الأَرض دُحِيَتْ مِنْ مَكَّةَ، فَيَقُولُ: يَذْهَبُ النَّاسُ إِليها لأَن يُحْشَرُوا مِنْهَا.
وَيُقَالُ: إِنما يَذْهَبُونَ إِلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ: جماعةُ الحاجِّ.
قَالَ الأَزهري: وَمِثْلُهُ غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ يَتَناجَوْنَ وَيَجْتَمِعُونَ فِي مَجْلِسٍ، وللعادِينَ عَلَى أَقدامهم عَدِيٌّ؛ وَتَقُولُ: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ.
وَرُبَّمَا أَظهروا التَّضْعِيفَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ
وَيُجْمَعُ عَلَى حُجٍّ، مِثْلِ بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُوذٍ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِجَرِيرٍ يَهْجُو الأَخطل وَيَذْكُرُ مَا صَنَعَهُ الجحافُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلمي مِنْ قَتْلِ بَنِي تَغْلِبَ قَوْمِ الأَخطل باليُسُرِ، وَهُوَ ماءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ:
قَدْ كانَ فِي جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ، ***أَو فِي الذينَ عَلَى الرَّحُوبِ شُغُولُ
وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ ***حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذِي المَجَازِ نُزُولُ
يقول: لما كثر قَتْلَى بَنِي تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا لِيَزُولَ نَتْنُهُمْ.
والرَّحُوبُ: ماءٌ لِبَنِي تَغْلِبَ.
وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْتِ: حِجٌّ، بالكسر، وَهُوَ اسْمُ الحاجِّ.
وعافِيةُ النُّسُورِ: هِيَ الْغَاشِيَةُ الَّتِي تَغْشَى لُحُومَهُمْ.
وَذُو الْمَجَازِ: سُوقٌ مِنْ أَسواق الْعَرَبِ.
والحِجُّ، بِالْكَسْرِ، الِاسْمُ.
والحِجَّةُ: المرَّة الْوَاحِدَةُ، وَهُوَ مِنَ الشَّواذِّ، لأَن الْقِيَاسَ بِالْفَتْحِ.
وأَما قَوْلُهُمْ: أَقْبَلَ الحاجُّ والداجُّ؛ فَقَدْ يَكُونُ أَن يُرادَ بِهِ الجِنسُ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْجَمْعِ كَالْجَامِلِ وَالْبَاقِرِ.
وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ: مَا حَجَّ وَلَكِنَّهُ دَجَّ؛ قَالَ: الْحَجُّ الزِّيَارَةُ والإِتيان، وإِنما سُمِّيَ حَاجًّا بِزِيَارَةِ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ دُكَين:
ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ، ***وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى مُبَوَّبُهْ
قَالَ: والداجُّ الَّذِي يَخْرُجُ لِلتِّجَارَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمْ يَتْرُكْ حاجَّةً وَلَا داجَّة».
الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ: الأَتباعُ؛ يُرِيدُ الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن مَعَهُمْ مِن أَتباعهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «هَؤُلَاءِ الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ».
ويقال لِلرَّجُلِ الْكَثِيرِ الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بِفَتْحِ الْجِيمِ، مِنْ غَيْرِ إِمالة، وَكُلُّ نَعْتٍ عَلَى فَعَّال فَهُوَ غَيْرُ مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسْمًا خَاصًّا تَحَوَّلَ عَنْ حالِ النَّعْتِ، وَدَخَلَتْهُ الإِمالَةُ، كَاسْمِ الحَجَّاجِ والعَجَّاجِ.
والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قَالَ:
كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي، ***أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عَادِي
هَكَذَا أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا حَجَّةٌ واحدةٌ، يُرِيدُونَ عَمَلَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ.
قَالَ الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الْحَاءَ، فَيَقُولُ: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وَقُرِئَ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ، وَالْفَتْحُ أَكثر.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}؛ يقرأُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ الأَصل.
والحَجُّ: اسْمُ العَمَل.
واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حَتَى تَظَاهَرَتْ ***عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
وَقَوْلُهُ تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ}؛ هِيَ شوَّال وَذُو الْقَعْدَةِ، وعشرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ وقتُ الْحَجِّ هَذِهِ الأَشهرُ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَثرم وَغَيْرِهِ: مَا سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ حَجَجْتُ حَجَّةً، وَلَا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما يَقُولُونَ حَجَجْتُ حِجَّةً.
قَالَ: والحَجُّ والحِجُّ لَيْسَ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ بَيْنَهُمَا فُرْقانٌ.
وَغَيْرُهُ يَقُولُ: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ السَّنَةِ.
وَتَقُولُ: حَجَجْتُ فُلَانًا إِذا أَتَيْتَه مرَّة بَعْدَ مَرَّةٍ، فَقِيلَ: حُجَّ البَيْتُ لأَن الناسَ يأْتونه كلَّ سَنَةٍ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: كَلَامُ الْعَرَبِ كُلُّهُ عَلَى فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلّا قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ رُؤْيَةً.
والحِجَّةُ: السَّنَةُ، وَالْجَمْعُ حِجَجٌ.
وَذُو الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلحَجِّ فِيهِ، وَالْجَمْعُ ذَواتُ الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، وَلَمْ يَقُولُوا: ذَوُو عَلَى وَاحِدِهِ.
وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ اللَّهِ بالإِضافة إِذا كُنَّ قَدْ حَجَجْنَ، وإِن لَمْ يَكُنَّ قَدْ حَجَجْنَ، قُلْتَ: حَواجُّ بَيْتَ اللَّهِ، فَتَنْصِبُ الْبَيْتَ لأَنك تُرِيدُ التَّنْوِينَ فِي حَواجَّ، إِلا أَنه لَا يَنْصَرِفُ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زَيْدًا غَدًا، فَتَدُلُّ بِحَذْفِ التَّنْوِينِ عَلَى أَنه قَدْ ضَرَبَهُ، وبإِثبات التَّنْوِينِ عَلَى أَنه لَمْ يَضْرِبْهُ.
وأَحْجَجْتُ فُلَانًا إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ.
وَقَوْلُهُمْ: وحَجَّةِاللَّهِ لَا أَفْعَلُ بِفَتْحِ أَوَّله وخَفْضِ آخِرِهِ، يمينٌ لِلْعَرَبِ.
الأَزهريُّ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: لَجَّ فَحَجَّ؛ مَعْنَاهُ لَجَّ فَغَلَبَ مَنْ لاجَّه بحُجَجِه.
يُقَالُ: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجًا ومُحاجَّةً حَتَّى حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ الَّتِي أَدْلَيْتُ بها؛ وقيل: مَعْنَى قَوْلِهِ لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى بِهِ لَجاجُه، وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى أَن حَجَّ البيتَ الْحَرَامَ، وَمَا أَراده؛ أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا.
والمَحَجَّةُ: الطَّرِيقُ؛ وَقِيلَ: جادَّةُ الطَّرِيقِ؛ وَقِيلَ: مَحَجَّة الطَّرِيقِ سَنَنُه.
والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تَسْتَقِيمُ مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد:
أَجَدُّ أَيامُك مِنْ حَجَوَّجِ، ***إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ
والحُجَّة: البُرْهان؛ وَقِيلَ: الحُجَّة مَا دُوفِعَ بِهِ الْخَصْمُ؛ وَقَالَ الأَزهري: الحُجَّة الْوَجْهُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الظَّفَرُ عِنْدَ الْخُصُومَةِ.
وَهُوَ رَجُلٌ مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ.
والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وَجَمْعُ الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ.
وحاجَّه مُحاجَّةً وحِجاجًا: نَازَعَهُ الحُجَّةَ.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجًّا: غَلَبَهُ عَلَى حُجَّتِه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَحَجَّ آدمُ مُوسَى»أَي غَلَبَه بالحُجَّة.
واحْتَجَّ بالشيءِ: اتَّخَذَهُ حُجَّة؛ قَالَ الأَزهري: إِنما سُمِّيَتْ حُجَّة لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن الْقَصْدَ لَهَا وإِليها؛ وَكَذَلِكَ مَحَجَّة الطَّرِيقِ هِيَ المَقْصِدُ والمَسْلَكُ.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ: «إِن يَخْرُجْ وأَنا فِيكُمْ فأَنا حَجِيجُه»؛ أي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عَلَيْهِ.
والحُجَّةُ: الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ.
يُقَالُ: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ وحَجِيجٌ، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي
أَي أَغْلِبُه بالحُجَّة.
وحَجَّه يَحُجُّه حَجًّا، فَهُوَ مَحْجوجٌ وحَجِيج، إِذا قَدَحَ بالحَديد فِي العَظْمِ إِذا كَانَ قَدْ هَشَمَ حَتَّى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بِالدَّمِ فيَقْلَعَ الجِلْدَة الَّتِي جَفَّت، ثُمَّ يُعالَج ذَلِكَ فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ وَيَكُونَ آمَّةً؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ امرأَة:
وصُبَّ عَلَيْهَا الطِّيبُ حَتَّى كأَنَّها ***أَسِيٌّ، عَلَى أُمِّ الدِّماغ، حَجِيجُ
وَكَذَلِكَ حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجًّا إِذا سَبَرها بالمِيلِ ليُعالِجَها؛ قَالَ عذارُ بنُ دُرَّةَ الطَّائِيُّ: يَحُجُ:
مَأْمُومَةً، فِي قَعْرِها لَجَفٌ، ***فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها كالمَغاريدِ
المَغاريدُ: جَمْعُ مُغْرُودٍ، هُوَ صَمْغٌ مَعْرُوفٌ.
وَقَالَ: يَحُجُّ يُصْلِحُ مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛ وَفَسَّرَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا الشِّعْرَ فَقَالَ: وَصَفَ هَذَا الشَّاعِرُ طَبِيبًا يُدَاوِي شَجَّةً بعيدَة القَعْر، فَهُوَ يَجْزَعُ مِنْ هَوْلِها، فَالْقَذَى يَتَسَاقَطُ مِنِ اسْتِهِ كالمَغاريد؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: استُ الطَّبِيبِ يُرادُ بِهَا مِيلُهُ، وشَبَّهَ مَا يَخْرُجُ مِنَ القَذى عَلَى مِيلِهِ بِالْمَغَارِيدِ.
والمَغاريدُ: جَمْعُ مُغْرُودٍ، وَهُوَ صَمْغٌ مَعْرُوفٌ.
وَقِيلَ: الحَجُّ أَن يُشَجَّ الرجلُ فَيَخْتَلِطَ الدَّمُ بِالدِّمَاغِ، فَيُصَبَّ عَلَيْهِ السَّمْنُ المُغْلَى حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ، فيؤْخذَ بِقُطْنَةٍ.
الأَصمعي: الحَجِيجُ مِنَ الشِّجاجِ الَّذِي قَدْ عُولِجَ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ عِلَاجِهَا.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَجُّ أَن تُفْلَقَ الهامَةُ فَتُنْظَرَ هَلْ فِيهَا عَظْم أَو دَمٌ.
قَالَ: والوَكْسُ أَن يقَعَ فِي أُمِّ الرأْس دَمٌ أَو عِظَامٌ أَو يُصِيبُهَا عَنَتٌ؛ وَقِيلَ: حَجَّ الجُرْحَسَبَرَهُ لِيَعْرِفَ غَوْرَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ.
وَقِيلَ: حَجَجْتُها قِسْتُها، وحَجَجْتُهُ حَجًّا، فَهُوَ حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه بالمِيل لِتُعالِجَه.
والمِحْجاجُ: المِسْبارُ.
وحَجَّ العَظْمَ يَحُجُّهُ حَجًّا: قَطَعَهُ مِنَ الجُرْح وَاسْتَخْرَجَهُ، وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ.
ورأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ.
واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ يَصِفُ الرِّكَابَ فِي سَفَرٍ كَانَ سَافَرَهُ:
ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ ***أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ
والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عَلَيْهِ الحاجِبُ.
والحِجاجُ: العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ الْعَيْنِ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ الأَعلى تَحْتَ الْحَاجِبِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الحَجَّاجُ.
والحَجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ عَلَى وَقْبَةِ الْعَيْنِ وَعَلَيْهِ مَنْبَتُ شعَر الْحَاجِبِ.
والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بِفَتْحِ الحاءِ وَكَسْرِهَا: الْعَظْمُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ، وَالْجَمْعُ أَحِجَّة؛ قَالَ رؤْبة:
صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَتِ الضبُعُ وأَولادُها فِي حِجاجِ [حَجاجِ] عينِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ».
الحِجاج، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْعَيْنِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ جَيْشِ الخَبَطِ: فَجَلَسَ فِي حَجَاج عَيْنِهِ كَذَا كَذَا نَفَرًا
؛ يَعْنِي السَّمَكَةَ الَّتِي وَجَدُوهَا عَلَى الْبَحْرِ.
وَقِيلَ: الحِجاجان الْعَظْمَانِ المُشرِفانِ عَلَى غارِبَي الْعَيْنَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُمَا مَنْبَتا شعَرِ الْحَاجِبَيْنِ مِنَ الْعَظْمِ؛ وَقَوْلُهُ:
تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها ***كَلالٌ، فَحالَتْ فِي حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ
فإِن ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ: يُرِيدُ فِي حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ، فَحُذِفَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد بِالْحِجَا هَاهُنَا النَّاحِيَةَ؛ وَالْجَمْعُ: أَحِجَّةٌ وحُجُجٌ.
قَالَ أَبو الْحَسَنِ: حُجُجٌ شَاذٌّ لأَن مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّحْوِ لَمْ يُكَسَّر عَلَى فُعُلٍ، كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ، ***للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ،
كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ
فإِنه جَمَعَ حِجاجًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وأَظهر التَّضْعِيفَ اضْطِرَارًا.
والحَجَجُ: الوَقْرَةُ فِي الْعَظْمِ.
والحِجَّةُ، بِكَسْرِ الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسْمٌ كَالْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ نِسَاءً:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ فِي كلِّ حِجَّةٍ، ***وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا
غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ، ***وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصائِلا
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ.
والوصائِلُ: بُرُودُ اليَمن، وَاحِدَتُهَا وَصِيلة.
والعُونُ جَمْعُ عَوانٍ: للثيِّب.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحِجَّةُ هَاهُنَا المَوْسِمُ؛ وَقِيلَ: فِي كُلِّ حِجَّة أَي فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَجَمْعُهَا حِجَجٌ.
أَبو عَمْرٍو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن.
والحَجَّة أَيضًا: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّق فِي الأُذن؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ حاجَّةً.
وحِجاجُ [حَجاجُ] الشَّمْسِ: حاجِبُها، وَهُوَ قَرْنها؛ يُقَالُ: بَدَا حِجاجُ الشَّمْسِ.
وحِجاجا [حَجاجا] الْجَبَلِ: جَانِبَاهُ.
والحُجُجُ: الطرُقُ المُحَفَّرَةُ.
والحَجَّاجُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَماله بَعْضُ أَهل الإِمالة فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الإِعراب عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاسُ فِي الجرِّ خَاصَّةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما مَثَّلْتُهُ بِهِ لأَن أَلف الْحَجَّاجِ زَائِدَةٌ غَيْرُ مُنْقَلِبَةٍ، وَلَا يُجَاوِرُهَا مَعَ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الإِمالة، وَكَذَلِكَ النَّاسُ لأَن الأَصل إِنما هُوَ الأُناس فَحَذَفُوا الْهَمْزَةَ، وَجَعَلُوا اللَّامَ خَلَفًا مِنْهَا كَاللَّهِ إِلا أَنهم قَدْ قَالُوا الأُناس، قَالَ: وَقَالُوا مَرَرْتُ بِنَاسٍ فأَمالوا فِي الْجَرِّ خَاصَّةً، تَشْبِيهًا للأَلف بأَلف فاعِلٍ، لأَنها ثَانِيَةٌ مِثْلُهَا، وَهُوَ نَادِرٌ لأَن الأَلف لَيْسَتْ مُنْقَلِبَةً؛ فأَما فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَلَا يُمِيلُهُ أَحد، وَقَدْ يَقُولُونَ: حَجَّاج، بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، كَمَا يَقُولُونَ: الْعَبَّاسُ وَعَبَّاسٌ، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ.
وحِجِجْ: مِنْ زَجْرِ الْغَنَمِ.
وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ: «اللَّهُمَّ ثَبِّت حُجَّتي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»؛ أي قَوْلي وإِيماني فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ فِي الْقَبْرِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
46-لسان العرب (لبد)
لبد: لبَدَ بِالْمَكَانِ يَلْبُدُ لبُودًا ولَبِدَ لَبَدًا وأَلبَدَ: أَقام بِهِ ولَزِق، فَهُوَ مُلْبِدٌ بِهِ، ولَبَدَ بالأَرض وأَلبَدَ بِهَا إِذا لَزِمَها فأَقام؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِرَجُلَيْنِ جَاءَا يسأَلانه: أَلبِدا بالأَرض حَتَّى تَفْهَماأَي أَقيما؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُذَيْفَةَ حِينَ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ قَالَ: فإِن كَانَ ذَلِكَ فالبُدُوا لبُودَ الراعِي عَلَى عَصَاهُ خَلْفَ غَنَمِه لَا يذهبُ بِكُمُ السَّيلُ أَي اثْبُتُوا وَالْزَمُوا منازِلَكم كَمَا يَعْتَمِدُ الرَّاعِي عَصَاهُ ثَابِتًا لَا يَبْرَحُ واقْعُدوا فِي بُيُوتِكُمْ لَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فَتَهْلِكوا وَتَكُونُوا كَمَنْ ذهبَ بِهِ السيلُ.
ولَبَدَ الشيءُ بالشيءِ يَلْبُد إِذَا رَكِبَ بعضُه بَعْضًا.
وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ: «الخُشوعُ فِي القلبِ وإِلبادِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ»؛ أي إِلزامِه موضعَ السُّجُودِ مِنَ الأَرض.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَرْزةَ: «مَا أُرى اليومَ خَيْرًا مِنْ عِصابة مُلْبِدة»يَعْنِي لَصِقُوا بالأَرض وأَخْملوا أَنفسهم.
واللُّبَدُ واللَّبِدُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يُسَافِرُ وَلَا يَبْرَحُ مَنْزِلَه وَلَا يطلُب مَعَاشًا وَهُوَ الأَلْيَسُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ أَمرِ ذِي بَدَواتٍ لَا تَزالُ لَهُ ***بَزْلاءُ، يَعْيا بِهَا الجَثَّامةُ اللُّبَدُ
وَيُرْوَى اللَّبِدُ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالْكَسْرُ أَجود.
والبَزْلاءُ: الحاجةُ الَّتِي أُحْكِمَ أَمرُها.
والجَثَّامةُ والجُثَمُ أَيضًا: الَّذِي لَا يَبْرَحُ مِنْ محلِّه وبَلْدِتِه.
واللَّبُودُ: القُرادُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَلْبد بالأَرض أَي يَلْصَق.
الأَزهري: المُلْبِدُ اللَّاصِقُ بالأَرض.
ولَبَدَ الشيءُ بالأَرض، بِالْفَتْحِ، يَلْبُدُ لبُودًا: تَلَبَّد بِهَا أَي لَصِقَ.
وتَلَبَّد الطائرُ بالأَرض أَي جَثَمَ عَلَيْهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ: «أَنه كَانَ يَحْلُبُ فَيَقُولُ: أَأُلْبِدُ أَم أُرْغِي؟ فإِن قَالُوا: أَلْبِدْ أَلزَقَ العُلْبَةَ بالضَّرْع فَحَلَبَ»، وَلَا يَكُونُ لِذَلِكَ الحَلبِ رَغْوة، فإِن أَبان العُلْبة رَغَا الشَّخْب بِشِدَّةِ وُقُوعِهِ فِي الْعُلْبَةِ.
والمُلَبِّدُ مِنَ الْمَطَرِ: الرَّشُّ؛ وَقَدْ لَبَّد الأَرضَ تَلْبِيدًا.
ولُبَدٌ: اسْمُ آخَرِ نُسُورِ لُقْمَانَ بْنِ عادٍ، سَمَّاهُ بِذَلِكَ لأَنه لَبِدَ فَبَقِيَ لَا يَذْهَبُ وَلَا يَمُوتُ كاللَّبِدِ مِنَ الرِّجَالِ اللَّازِمِ لِرَحْلِهِ لَا يُفَارِقُهُ؛ ولُبَدٌ يَنْصَرِفُ لأَنه لَيْسَ بِمَعْدُولٍ، وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن لُقْمَانَ هُوَ الَّذِي بَعَثَتْهُ عَادٌ فِي وَفْدِهَا إِلى الْحَرَمِ يَسْتَسْقِي لَهَا، فَلَمَّا أُهْلِكُوا خُيِّر لُقْمَانُ بَيْنَ بَقَاءِ سَبْعِ بَعْرات سُمْر مِنْ أَظْبٍ عُفْر فِي جَبَلٍ وَعْر لَا يَمَسُّها القَطْرُ، أَو بَقَاءِ سَبْعَةِ أَنْسُرٍ كُلَّمَا أُهْلِكَ نَسْرٌ خلَف بَعْدَهُ نَسْرٌ، فَاخْتَارَ النُّسُورفَكَانَ آخِرُ نُسُورِهِ يُسَمَّى لُبَدًا وَقَدْ ذَكَرَتْهُ الشُّعَرَاءُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَضْحَتْ خَلاءً وأَضْحَى أَهْلُها احْتُمِلوا، ***أَخْنَى عَلَيْهَا الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَد
وَفِي الْمَثَلِ: طَالَ الأَبَد عَلَى لُبَد.
ولُبَّدَى ولُبَّادَى ولُبادَى؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: طَائِرٌ عَلَى شَكْلِ السُّمانى إِذا أَسَفَّ عَلَى الأَرض لَبَدَ [لَبِدَ] فَلَمْ يَكَدْ يَطِيرُ حَتَّى يُطار؛ وَقِيلَ: لُبَّادى طَائِرٌ.
تَقُولُ صِبْيَانُ الْعَرَبِ: لُبَّادى فَيَلْبُد حَتَّى يؤْخذ.
قَالَ اللَّيْثُ: وَتَقُولُ صِبْيَانُ الأَعراب إِذا رأَوا السُّمَانَى: سمُانَى لُبادَى البُدِي لَا تُرَيْ، فَلَا تَزَالُ تَقُولُ ذَلِكَ وَهِيَ لَابِدَةٌ بالأَرض أَي لاصِقة وَهُوَ يُطِيفُ بِهَا حَتَّى يأْخذها.
والمُلْبِدُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَضْرِبُ فَخِذَيْهِ بِذَنَبِهِ فيلزَقُ بِهِمَا ثَلْطُه وبَعْرُه، وخصَّصه فِي التَّهْذِيبِ بِالْفَحْلِ مِنَ الإِبل.
الصِّحَاحُ: وأَلبد الْبَعِيرُ إِذا ضَرَبَ بِذَنَبِهِ عَلَى عجُزه وَقَدْ ثَلَطَ عَلَيْهِ وَبَالَ فَيَصِيرُ عَلَى عجزه لِبْدَة [لُبْدَة] مِنْ ثَلْطه وَبَوْلِهِ.
وتَلَبَّد الشعَر وَالصُّوفُ والوَبَر والتَبَدَ: تداخَلَ ولَزِقَ.
وكلُّ شَعَرٍ أَو صُوفٍ مُلْتَبدٍ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ لِبْد ولِبْدة ولُبْدة، وَالْجَمْعُ أَلْباد ولُبُود عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الْهَاءِ؛ وَفِي حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ: «وبَيْنَ نِسْعَيْه خِدَبًّا مُلْبِدا»أَي عَلَيْهِ لِبْدةٌ مِنَ الوَبَر.
ولَبِدَ الصوفُ يَلْبَدُ لَبَدًا ولَبَدَه: نَفَشَه بِمَاءٍ ثُمَّ خَاطَهُ وَجَعَلَهُ فِي رأْس العَمَد لِيُكَوِّنَ وِقايةً لِلْبِجَادِ أَنْ يَخْرِقَه، وَكُلُّ هَذَا مِنَ اللُّزُوقِ؛ وتَلَبَّدَتِ الأَرض بِالْمَطَرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ:
فَلَبَّدَتِ الدِّماثَ
أَي جَعَلَتْها قَوِيَّةً لَا تسُوخُ فِيهَا الأَرْجُلُ؛ والدِّماثُ: الأَرَضون السَّهْلة.
وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْعٍ: «لَيْسَ بِلَبِد فَيُتَوَقَّل وَلَا لَهُ عِنْدِي مُعَوَّل»أَي ليسَ بِمُسْتَمْسِكٍ مُتَلَبِّدٍ فَيُسْرَع المشيُ فِيهِ ويُعْتَلى.
وَالْتَبَدَ الْوَرَقُ أَي تَلَبَّد بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ.
وَالْتَبَدَتِ الشَّجَرَةُ: كَثُرَتْ أَوراقها؛ قَالَ السَّاجِعُ:
وعَنْكَثًا مُلْتَبِدا ولَبَّد النَّدى الأَرضَ.
وَفِي صِفَةِ طَلْح الْجَنَّةِ: أَنّ اللَّهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا مِثْلَ خُصْوَةِ التَّيْسِ المَلْبُود أَي المُكْتَنِزِ اللَّحْمِ الَّذِي لَزِمَ بَعْضُهُ بَعْضًا فتلبَّدَ.
واللِّبْدُ مِنَ البُسُط: مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ لِبْدُ السَّرْجِ.
وأَلْبَدَ السرْجَ: عَمِلَ لَهُ لِبْدًا.
واللُّبَّادةُ: قَباء مِنْ لُبود.
واللُّبَّادة: لِباس مِنْ لُبُود.
واللِّبْدُ: وَاحِدُ اللُّبُود، واللِّبْدَة أَخص مِنْهُ.
ولَبَّدَ شعَرَه: أَلزقه بشيءٍ لَزِج أَو صَمْغٍ حَتَّى صَارَ كاللِّبد، وَهُوَ شَيْءٌ كَانَ يَفْعَلُهُ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِذا لَمْ يُرِيدُوا أَن يَحْلِقُوا رؤُوسهم فِي الْحَجِّ، وَقِيلَ: لَبَّد شَعَرَهُ حَلَقَهُ جَمِيعًا.
الصِّحَاحُ: وَالتَّلْبِيدُ أَن يَجْعَلَ الْمُحْرِمُ فِي رأْسه شَيْئًا مِنْ صَمْغٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعَرُهُ بُقْيًا عَلَيْهِ لِئَلَّا يَشْعَثَ فِي الإِحرام ويَقْمَلَ إِبْقاء عَلَى الشَّعَرِ، وإِنما يُلَبِّدُ مَنْ يَطُولُ مُكْثُهُ فِي الإِحرام.
وَفِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ: «لَا تُخَمّروا رأْسه فإنه يُبْعَث مُلَبِّدًا».
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: «مَنْ لَبَّدَ أَو عَقَصَ أَو ضَفَرَ فَعَلَيْهِ الحلق»؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ لَبَّد يَعْنِي أَن يَجْعَلَ الْمُحْرِمُ فِي رأْسه شَيْئًا مِنْ صَمْغٍ أَو عَسَلٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعَرُهُ وَلَا يَقْمَل.
قالالأَزهري: هَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما التَّلْبِيدُ بُقْيًا عَلَى الشَّعَرِ لِئَلَّا يَشْعَثَ فِي الإِحرام وَلِذَلِكَ أُوجب عَلَيْهِ الْحَلْقُ كَالْعُقُوبَةِ لَهُ؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِزُبْرِة الأَسَد: لِبْدَةٌ؛ والأَسد ذُو لِبْدَةٍ.
واللِّبْدة: الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ عَلَى زُبْرَةِ الأَسد؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الشَّعَرُ الْمُتَرَاكِبُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَمنع مِنْ لِبدة الأَسد، وَالْجَمْعُ لِبَد مثلِ قِرْبة وقِرَب.
واللُّبَّادة: مَا يُلْبَسُ مِنْهَا لِلْمَطَرِ؛ التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ بَلَدَ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ومُبْلِدٍ بينَ مَوْماةٍ ومَهْلَكةٍ، ***جاوَزْتُه بِعَلاة الخَلْقِ عِلْيانِ
قَالَ: المُبْلِدُ الْحَوْضُ الْقَدِيمُ هَاهُنَا؛ قَالَ: وأَراد مُلْبِدَ فَقَلَبَ وَهُوَ اللَّاصِقُ بالأَرض.
وَمَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَد؛ السَّبَدُ مِنَ الشَّعَرِ واللبَد مِنَ الصُّوفِ لِتَلَبُّدِهِ أَي مَا لَهُ ذُو شَعَرٍ وَلَا ذُو صُوفٍ؛ وَقِيلَ السَّبْدُ هُنَا الْوَبَرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا لَهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ وَكَانَ مَالُ الْعَرَبِ الْخَيْلَ والإِبل وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ فَدَخَلَتْ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَثَلِ.
وأَلبَدَتِ الإِبلُ إِذا أَخرج الرَّبِيعُ أَوبارَها وأَلوانها وحَسُنَتْ شارَتُها وتهيأَت للسمَن فكأَنها أُلْبِسَتْ مِنْ أَوبارها أَلبادًا.
التَّهْذِيبُ: وللأَسد شَعَرٌ كَثِيرٌ قَدْ يَلْبُد عَلَى زُبْرته، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ؛ وأَنشد:
كأَنه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَس وَمَالٌ لُبَد: كَثِيرٌ لَا يُخاف فَنَاؤه كأَنه التَبَدَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا؛ أَي جَمًّا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اللُّبَد الْكَثِيرُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدَتُهُ لُبْدةٌ، ولُبَد: جِماع؛ قَالَ: وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى جِهَةِ قُثَمٍ وحُطَم وَاحِدًا وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا: الْكَثِيرُ.
وقرأَ أَبو جَعْفَرٍ: مَالًا لُبَّدًا، مُشَدَّدًا، فكأَنه أَراد مَالًا لَابِدًا.
ومالانِ لابِدانِ وأَموالٌ لُبَّدٌ.
والأَموالُ والمالُ قَدْ يَكُونَانِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ.
واللِّبْدَة واللُّبْدة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يُقِيمُونَ وسائرُهم يَظْعنون كأَنهم بِتَجَمُّعِهِمْ تَلَبَّدوا.
وَيُقَالُ: النَّاسُ لُبَدٌ أَي مُجْتَمِعُونَ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لُبَدًا}؛ وَقِيلَ: اللِّبْدَةُ الْجَرَادُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَلَى التَّشْبِيهِ.
واللُّبَّدَى: الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ، مِنْ ذَلِكَ.
الأَزهري: قَالَ وقرئَ:
كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ كَادَ الجنُّ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وتعجَّبوا مِنْهُ أَن يسْقُطوا عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا»؛ أي مُجْتَمِعِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحِدَتُهَا لِبْدَة؛ قَالَ: وَمَعْنَى لِبَدًا يَرْكَبُ بعضُهم بَعْضًا، وكلُّ شَيْءٍ أَلصقته بِشَيْءٍ إِلصاقًا شَدِيدًا، فَقَدْ لَبَّدْتَه؛ وَمِنْ هَذَا اشْتِقَاقُ اللُّبود الَّتِي تُفْرَشُ.
قَالَ: ولِبَدٌ جَمْعُ لِبْدَة ولُبَدٌ، وَمَنْ قرأَ لُبَدًا فَهُوَ جَمْعُ لُبْدة؛ وكِساءٌ مُلَبَّدٌ.
وإِذا رُقِعَ الثوبُ، فَهُوَ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبود.
وَقَدْ لَبَدَه إِذا رَقَعَه وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ لأَن الرَّقْعَ يَجْتَمِعُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ وَيَلْتَزِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخرجت إِلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِسَاءً مُلَبَّدًا» أَي مُرَقَّعًا.
وَيُقَالُ: لَبَدْتُ القَميصَ أَلْبُدُه ولَبَّدْتُه.
ويقال لِلْخِرْقَةِ الَّتِي يُرْقَعُ بِهَا صَدْرُ الْقَمِيصِ: اللِّبْدَة، وَالَّتِي يرْقَعُ بِهَا قَبُّه: القَبِيلَة.
وَقِيلَ: المُلَبَّدُ الَّذِي ثَخُنَ وسَطه وصَفِقَ حَتَّى صَارَ يُشْبِهُ اللِّبْدَ.
واللِّبْدُ: مَا يسْقُط مِنَ الطَّرِيفةِ والصِّلِّيانِ، وَهُوَ سَفًا أَبيض يسقط منهما فِي أُصولهما وَتَسْتَقْبِلُهُ الرِّيحُ فَتَجْمَعُهُ حَتَّى يَصِيرَ كأَنه قِطَعُ الأَلْبادِ الْبِيضِ إِلى أُصول الشَّعَرِ والصِّلِّيانِ والطريفةِ، فَيَرْعَاهُ الْمَالُ ويَسْمَن عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَا يُرْعى مِنْ يَبِيسِ العِيدان؛ وَقِيلَ: هُوَ الكلأُ الرَّقِيقُ يَلْتَبِدُ إِذا أَنسَلَ فَيَخْتَلِطُ بالحِبَّة.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِبِلٌ لَبِدةٌ ولَبادَى تشَكَّى بطونَها عَنِ القَتادِ؛ وَقَدْ لَبِدَتْ لَبَدًا وَنَاقَةٌ لَبِدَة.
ابْنُ السِّكِّيتِ: لَبِدَتِ الإِبِل، بِالْكَسْرِ، تَلْبَدُ لَبَدًا إِذا دَغِصَتْ بالصِّلِّيان، وَهُوَ التِواءٌ فِي حَيازيمِها وَفِي غلاصِمِها، وَذَلِكَ إِذا أَكثرت مِنْهُ فَتَغصُّ بِهِ وَلَا تَمْضِي.
واللَّبيدُ: الجُوالِقُ الضَّخْمُ، وَفِي الصِّحَاحِ: اللَّبِيدُ الجُوالِقُ الصَّغِيرُ.
وأَلْبَدْتُ القِرْبةَ أَي صَيَّرْتُها فِي لَبيد أَي فِي جُوَالِقَ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي جُوَالِقَ صَغِيرٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قلتُ ضَعِ الأَدْسَم فِي اللَّبيد
قَالَ: يُرِيدُ بالأَدسم نِحْيَ سَمْن.
واللَّبِيدُ: لِبْدٌ يُخَاطُ عَلَيْهِ.
واللَّبيدَةُ: المِخْلاة، اسْمٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ.
وَيُقَالُ: أَلْبَدْت الفرسَ، فَهُوَ مُلْبَد إِذا شدَدْت عَلَيْهِ اللِّبْد.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ لُبَيْداءَ، وَهِيَ الأَرض السَّابِعَةُ.
ولَبِيدٌ ولابِدٌ ولُبَيْدٌ: أَسماء.
واللِّبَدُ: بُطُونٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اللِّبَدُ بَنُو الْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ أَجمعون مَا خَلَا مِنْقَرًا.
واللُّبَيْدُ: طَائِرٌ.
ولَبِيدٌ: اسْمُ شَاعِرٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
47-لسان العرب (ودر)
ودر: وَدَّر الرجلَ تَوْدِيرًا: أَوقعه فِي مَهْلَكَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُغْرِيَهُ حَتَّى يَتَكَلَّفَ مَا يَقَعُ مِنْهُ فِي هَلكَةٍ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ إِيرادك صَاحِبَكَ الهَلَكَةَ.ابْنُ شُمَيْلٍ: تَقُولُ وَدَّرْتُ رَسُولِي قِبَلَ بَلْخٍ إِذا بَعَثْتَهُ.
قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا تَجَهَّم لَهُ وَرَدَّهُ رَدًّا قَبِيحًا: ودِّرْ وَجْهَكَ عَنِّي أَي نَحِّه وبَعِّدْه.
ابْنُ الأَعرابي: تَهَوَّل فِي الأَمر وتَورَّطَ وتَوَدَّرَ بمعنى مال.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
48-لسان العرب (دعا)
دعا: قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: يَقُولُ ادْعُوا مَنِ اسْتَدعَيتُم طاعتَه ورجَوْتم مَعونتَه فِي الإِتيان بِسُورَةٍ مِثْلِهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ"، يَقُولُ: آلِهَتَكم، يَقُولُ اسْتَغِيثوا بِهِمْ، وَهُوَ كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ إِذَا لَقِيتَ الْعَدُوَّ خَالِيًا فادْعُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْنَاهُ اسْتَغِثْ بِالْمُسْلِمِينَ، فالدُّعَاء هَاهُنَا بِمَعْنَى الِاسْتِغَاثَةِ، وَقَدْ يَكُونُ الدُّعَاءُ عِبادةً: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ، يَقُولُ: ادْعُوهُمْ فِي النَّوَازِلِ الَّتِي تَنْزِلُ بِكُمْ إِنْ كَانُوا آلِهَةً كَمَا تَقُولُونَ يُجيبوا دُعَاءَكُمْ، فَإِنْ دَعَوْتُموهم فَلَمْ يُجيبوكم فأَنتم كَاذِبُونَ أَنهم آلهةٌ.وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ "؛ مَعْنَى الدُّعَاءِ لِلَّهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: فضربٌ مِنْهَا توحيدهُ والثناءُ عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ: يَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنت، وَكَقَوْلِكَ: ربَّنا لكَ الحمدُ، إِذَا قُلْتَه فقدَ دعَوْته بِقَوْلِكَ ربَّنا، ثُمَّ أَتيتَ بِالثَّنَاءِ وَالتَّوْحِيدِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي؛ فَهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الدُّعَاءِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي مسأَلة اللَّهِ العفوَ وَالرَّحْمَةَ وَمَا يُقَرِّب مِنْهُ كَقَوْلِكَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ مسأَلة الحَظِّ مِنَ الدُّنْيَا كَقَوْلِكَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مَالًا وَوَلَدًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا جَمِيعُهُ دُعَاء لأَن الإِنسان يُصَدّر فِي هَذِهِ الأَشياء بِقَوْلِهِ يَا اللَّهُ يَا رَبُّ يَا رحمنُ، فَلِذَلِكَ سُمِّي دُعَاءً.
وَفِي حَدِيثِ عرَفة: « أَكثر دُعَائِي ودُعَاء الأَنبياء قَبْلي بعَرفات لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدهَ لَا شَرِيكَ لَهُ»، لَهُ المُلكُ وله الحمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ التهليلُ والتحميدُ والتمجيدُ دُعَاءً لأَنه بِمَنْزِلَتِهِ فِي استِيجاب ثوابِ اللَّهِ وَجَزَائِهِ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ: إِذَا شَغَلَ عَبْدي ثَنَاؤُهُ عليَّ عَنْ مسأَلتي أَعْطَيْتُه أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السائِلين، وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ}؛ الْمَعْنَى أَنهم لَمْ يَحْصُلوا مِمَّا كَانُوا ينْتَحِلونه مِنَ المذْهب والدِّينِ وَمَا يَدَّعونه إِلَّا عَلَى الاعْتِرافِ بأَنهم كَانُوا ظَالِمِينَ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي إِسْحَاقَ.
قَالَ: والدَّعْوَى اسمٌ لِمَا يَدَّعيه، والدَّعْوى تَصْلُح أَن تَكُونَ فِي مَعْنَى الدُّعاء، لَوْ قُلْتَ اللَّهُمَّ أَشْرِكْنا فِي صالحِ دُعاءِ المُسْلمين أَو دَعْوَى الْمُسْلِمِينَ جَازَ؛ حَكَى ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد: " قَالَتْ ودَعْوَاها كثِيرٌ صَخَبُهْ وأَما قَوْلُهُ تعالى: {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}؛ يَعْنِي أَنَّ دُعاءَ أَهلِ الجَنَّة تَنْزيهُ اللهِ وتَعْظِيمُه، وَهُوَ قَوْلُهُ: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَ"، ثُمَّ قَالَ: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ "؛ أَخبرَ أَنهم يبْتَدِئُون دُعاءَهم بتَعْظيم اللَّهِ وتَنزيهه ويَخْتِمُونه بشُكْره وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، فجَعل تَنْزِيهَهُ دُعَاءً وتحميدَهُ دُعَاءً، والدَّعْوى هُنَا مَعْنَاهَا الدُّعاء.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: الدُّعاءُ هُوَ العِبادَة، ثُمَّ قرأَ: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي "؛ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ"، قَالَ: يُصَلُّونَ الصَّلَواتِ الخمسَ، ورُوِي مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ في قوله: لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهًا "؛ أَي لَنْ نَعْبُد إِلَهًا دُونَه.
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا}؛ أَي أَتَعْبُدون رَبًّا سِوَى اللَّهِ، وَقَالَ: وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ؛ أَي لَا تَعْبُدْ.
والدُّعاءُ: الرَّغْبَةُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، دَعَاهُ دُعَاءً ودَعْوَى؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي الْمَصَادِرِ الَّتِي آخِرُهَا أَلف التأْنيث؛ وأَنشد لبُشَيْر بْنِ النِّكْثِ: " وَلَّت ودَعْوَاها شَديدٌ صَخَبُهْ ذكَّرَ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينا سُلْيمانَ لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدانُ أَهلِ الْمَدِينَةِ »؛ يَعْنِي الشَّيْطان الَّذِي عَرَضَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ، وأَراد بدَعْوَةِ سُلْيمانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَوْلَهُ: وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، وَمِنْ جُمْلَةِ مُلكه تَسْخِيرُ الشَّيَاطِينِ وانقِيادُهم لَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « سأُخْبِرُكم بأَوَّل أَمري دَعْوةُ أَبي إِبْرَاهِيمَ وبِشارةُ عِيسى »؛ دَعْوةُ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قولهُ تعالى: {رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ}؛ وبِشارَةُ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَوْلُهُ تعالى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}.
وَفِي حَدِيثُ" مُعَاذٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا أَصابَهُ الطَّاعُونُ قَالَ: ليْسَ بِرِجْزٍ وَلَا طاعونٍ وَلَكِنَّهُ رَحْمةُ رَبِّكم ودَعْوَةُ نبِيِّكُم، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "؛ أَراد قَوْلَهُ: " اللَّهُمَّ اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن والطاعونِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَر، وَذَلِكَ أَنه قَالَ لَمَّا أَصابَهُ الطَّاعُونُ فأَثبَتَ أَنه طاعونٌ، ثُمَّ قَالَ: ليسَ برِجْزٍ وَلَا طاعونٍ فنَفَى أَنه طاعونٌ، ثُمَّ فسَّر قَوْلَهُ ولكنَّه رحمةٌ مِنْ ربِّكم ودَعوةُ نبِيِّكم فَقَالَ أَراد قَوْلَهُ: اللَّهُمَّ اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن وَالطَّاعُونِ "، وَهَذَا فِيهِ قَلَق.
وَيُقَالُ: دَعَوْت اللَّهَ لَهُ بخَيْرٍ وعَليْه بِشَرّ.
والدَّعْوة: المَرَّة الواحدةَ مِنَ الدُّعاء؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « فَإِنَّ دَعْوتَهم تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ »أَي تحُوطُهم وتكْنُفُهم وتَحْفَظُهم؛ يُرِيدُ أهلَ السُّنّة دُونَ البِدْعة.
والدُّعَاءُ: وَاحِدُ الأَدْعِيَة، وأَصله دُعاو لأَنه مَنْ دَعَوْت، إِلَّا أَنَّ الْوَاوَ لمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الأَلف هُمِزتْ.
وَتَقُولُ للمرأَة: أَنتِ تَدْعِينَ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ: أَنت تَدْعُوِينَ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنتِ تَدْعُينَ، بِإِشْمَامِ الْعَيْنِ الضَّمَّةَ، وَالْجَمَاعَةُ أَنْتُنَّ تَدْعُونَ مِثْلُ الرِّجَالِ سَوَاءً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ أَنتِ تَدْعُوِينَ لُغَةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ.
والدَّعَّاءَةُ: الأَنْمُلَةُ يُدْعى بِهَا كَقَوْلِهِمُ السَّبَّابة كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَدْعُو، كَمَا أَن السَّبَّابَةَ هِيَ الَّتِي كأَنها تَسُبُّ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنها شَهَادَةُ أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ، وجائزٌ أَن تَكُونَ، وَاللَّهُ أَعلم، دَعْوَةُ الْحَقِ" أَنه مَن دَعا اللَّهَ مُوَحِّدًا اسْتُجيب لَهُ دُعَاؤُهُ.
وَفِي كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ: أَدْعُوكَ بِ دِعَايَةِ الإِسْلام أَي بِدَعْوَتِه، وَهِيَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ الَّتِي يُدْعى إِلَيْهَا أَهلُ المِلَلِ الْكَافِرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: بداعِيَةِ الإِسْلامِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الدَّعْوةِ كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَةِ.
وَمِنْهُ حَدِيثِ عُمَيْر بْنِ أَفْصى: لَيْسَ فِي الخْيلِ داعِيَةٌ لِعاملٍ أَي لَا دَعْوى لعاملِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَلَا حَقَّ يَدْعُو إِلَى قَضَائِهِ لأَنها لَا تَجب فِيهَا الزَّكَاةُ.
ودَعا الرجلَ دَعْوًا ودُعَاءً: نَادَاهُ، وَالِاسْمُ الدَّعْوَة.
ودَعَوْت فُلَانًا أَي صِحْت بِهِ واسْتَدْعَيْته.
فأَما قَوْلُهُ تعالى: {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ}؛ فإن أَبا إسحق ذَهَبَ إِلَى أَن يَدْعُو بِمَنْزِلَةِ يَقُولُ، ولَمَنْ مرفوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَمَعْنَاهُ يقولُ لَمَنْ ضَرُّه أَقربُ مِنْ نَفْعه إلهٌ وربٌّ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
يَدْعُونَ عَنْتَرَ، والرِّماحُ كأَنها ***أَشْطانُ بئرٍ فِي لَبانِ الأَدْهَمِ
مَعْنَاهُ يَقُولُونَ: يَا عَنْتَر، فدلَّت يَدْعُون عَلَيْهَا.
وَهُوَ مِنِّي دَعْوَةَ الرجلِ ودَعْوةُ الرجُلِ، أَي قدرُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ذلك يُنْصَبُ عَلَى أَنه ظَرْفٌ ويُرفع عَلَى أَنه اسمٌ.
وَلِبَنِي فلانٍ الدَّعْوةُ عَلَى قومِهم أَي يُبْدأُ بِهِمْ فِي الدُّعَاءِ إِلَى أَعْطِياتِهم، وَقَدِ انْتَهَتِ الدَّعْوة إِلَى بَنِي فلانٍ.
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُقدِّمُ الناسَ فِي أَعطِياتِهِم عَلَى سابِقتِهم، فَإِذَا انْتَهَتِ الدَّعْوة إِلَيْهِ كَبَّر "أَي النداءُ والتسميةُ وأَن يُقَالَ دونكَ يَا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ.
وتَداعى القومُ: دَعَا بعضُهم بَعْضًا حَتَّى يَجتمعوا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ التَّدَاعِي.
والتَّدَاعِي والادِّعَاءُ: الاعْتِزاء فِي الْحَرْبِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ أَنَا فلانُ بنُ فُلَانٍ، لأَنهم يَتداعَوْن بأَسمائهم.
وَفِي الْحَدِيثِ: « مَا بالُ دَعْوى الْجَاهِلِيَّةِ؟ هُوَ قولُهم: يَا لَفُلانٍ، كَانُوا يَدْعُون بعضُهم بَعْضًا عِنْدَ الأَمر الْحَادِثِ الشَّدِيدِ».
وَمِنْهُ حَدِيثِ زيدِ بنِ أَرْقَمَ: فَقَالَ قومٌ يَا للأَنْصارِ وَقَالَ قومٌ: يَا للْمُهاجِرين فَقَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: دَعُوها فَإِنَّهَا مُنْتِنةٌ.
وَقَوْلُهُمْ: مَا بالدَّارِ دُعْوِيٌّ، بِالضَّمِّ، أَي أَحد.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مِنْ دَعَوْت أَي لَيْسَ فِيهَا مَنْ يَدعُو لَا يُتكَلَّمُ بِهِ إلَّا مَعَ الجَحْد؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ: " إنِّي لَا أَسْعى إِلَى داعِيَّهْ "مُشَدَّدَةَ الْيَاءِ، والهاءُ للعِمادِ مِثْلُ الَّذِي فِي سُلْطانِيَهْ ومالِيَهْ؛ وَبَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ: " إِلَّا ارْتِعاصًا كارْتِعاص الحَيَّهْ ودَعَاه إِلَى الأَمِير: ساقَه.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَداعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجًا مُنِيرًا}؛ مَعْنَاهُ دَاعِيًا إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ، ودَعَاهُ الماءُ والكَلأُ كَذَلِكَ عَلَى المَثَل.
والعربُ تَقُولُ: دَعَانا غَيْثٌ وَقَعَ ببَلدٍ فأَمْرَعَ أَي كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لانْتِجاعنا إيَّاه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ: " تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّيَبُ والدُّعَاةُ: قومٌ يَدْعُونَ إِلَى بَيْعَةٍ هُدىً أَو ضَلَالَةً، واحدُهم دَاعٍ.
وَرَجُلٌ داعِيَةٌ إِذَا كَانَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى بِدْعة أَو دينٍ، أُدْخِلَت الهاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاعِي اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ المُؤَذِّنُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: المُؤَذِّنُ دَاعِي اللَّهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاعِي الأُمَّةِ إِلَى توحيدِ اللَّهِ وطاعتهِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُخْبِرًا عَنِ الْجِنِّ الَّذِينَ اسْتَمعوا الْقُرْآنَ: وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالوا يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ.
وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ مَاتَ دُعِيَ فأَجاب.
وَيُقَالُ: دَعَانِي إِلَى الإِحسان إِلَيْكَ إحسانُك إِلَيَّ.
وَفِي الْحَدِيثُ: الْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ والحُكْمُ فِي الأَنْصارِ والدَّعْوَة فِي الحَبَشة "؛ أَرادَ بالدَّعْوَة الأَذانَ جَعله فِيهِمْ تَفْضِيلًا لمؤذِّنِهِ بلالٍ.
والدَّاعِيَة: صرِيخُ الْخَيْلِ فِي الْحُرُوبِ لِدُعَائِهِ مَنْ يَسْتَصْرِخُه.
يُقَالُ: أَجِيبُوا داعِيَةَ الْخَيْلِ.
ودَاعِيَة اللَّبَنِ: مَا يُترك فِي الضَّرْع ليَدْعُو مَا بَعْدَهُ.
ودَعَّى فِي الضَّرْعِ: أَبْقى فِيهِ داعيةَ اللَّبنِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه أَمر ضِرارَ بنَ الأَزْوَر أَن يَحْلُبَ نَاقَةً وَقَالَ لَهُ دَعْ داعِيَ اللبنِ لَا تُجهِده »أَيْ أَبْق فِي الضَّرْعِ قَلِيلًا مِنَ اللَّبَنِ وَلَا تَسْتَوْعِبْهُ كُلَّهُ، فَإِنَّ الَّذِي تُبْقِيهِ فِيهِ يَدْعُو مَا وَرَاءَهُ مِنَ اللَّبَنِ فيُنْزله، وَإِذَا استُقْصِيَ كلُّ مَا فِي الضَّرْعِ أَبطأَ دَرُّه عَلَى حَالِبِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَاهُ عِنْدِي دَعْ مَا يَكُونُ سَببًا لِنُزُولِ الدِّرَّة، وَذَلِكَ أَن الحالبَ إِذَا تَرَكَ فِي الضَّرْعِ لأَوْلادِ الحلائبِ لُبَيْنةً تَرضَعُها طَابَتْ أَنفُسُها فَكَانَ أَسرَع لإِفاقتِها.
وَدَعَا الميتَ: نَدَبه كأَنه نَادَاهُ.
والتَّدَعِّي: تَطْريبُ النَّائِحَةِ فِي نِياحتِها عَلَى مَيِّتِها إِذَا نَدَبَتْ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والنادبةُ تَدْعُو الْمَيِّتَ إِذَا نَدَبَتْه، وَالْحَمَامَةُ تَدْعو إِذَا ناحَتْ؛ وَقَوْلُ بِشْرٍ:
أَجَبْنا بَني سَعْد بْنِ ضَبَّة إذْ دَعَوْا، ***وللهِ مَوْلى دَعْوَةٍ لَا يُجِيبُها
يُرِيدُ: لِلَّهِ وليُّ دَعْوةٍ يُجيب إِلَيْهَا ثُمَّ يُدْعى فَلَا "يُجيب؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ فجعَل صوتَ الْقَطَا دُعَاءً:
تَدْعُو قَطًا، وَبِهِ تُدْعى إِذَا نُسِبَتْ، ***يَا صِدْقَها حِينَ تَدْعُوها فتَنْتَسِب
أَي صوْتُها قَطًا وَهِيَ قَطًا، وَمَعْنَى تَدْعُو تُصوّت قَطَا قَطَا.
وَيُقَالُ: مَا الَّذِي دَعَاكِ إِلَى هَذَا الأَمْرِ أَي مَا الَّذِي جَرَّكَ إِلَيْهِ واضْطَرَّك.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَوْ دُعِيتُ إِلَى مَا دُعِيَ إِلَيْهِ يوسفُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأَجَبْتُ »؛ يُرِيدُ حِينَ دُعِيَ لِلْخُرُوجِ مِنَ الحَبْسِ فَلَمْ يَخْرُجْ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ؛ يَصِفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ أَي لَوْ كُنْتُ مَكَانَهُ لَخَرَجْتُ وَلَمْ أَلْبَث.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا مِنْ جِنْسِ تَوَاضُعِهِ فِي قَوْلِهِ" لَا تُفَضِّلوني عَلَى يونُسَ بنِ مَتَّى.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه سَمِع رجُلًا يَقُولُ فِي المَسجِدِ مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحمر فَقَالَ لَا وجَدْتَ »؛ يُرِيدُ مَنْ وجَدَه فدَعا إِلَيْهِ صاحِبَه، وَإِنَّمَا دَعَا عَلَيْهِ لأَنه نَهَى أَن تُنْشَدَ الضالَّةُ فِي الْمَسْجِدِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها}، قَالَ: سَلْ لَنَا رَبّك.
والدَّعْوة والدِّعْوة والمَدْعاة والمِدْعاةُ: مَا دَعَوتَ إِلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ، الْكَسْرُ فِي الدِّعْوَة.
لعَدِي بن الرِّباب وسائر العرب يَفْتَحُونَ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بالدَّعْوَة الْوَلِيمَةَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كُنا فِي مَدْعَاةِ فُلَانٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ يُرِيدُونَ الدُّعاءَ إِلَى الطَّعَامِ.
وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ دارُ السلامِ هِيَ الجَنَّة، وَالسَّلَامُ هُوَ اللَّهُ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الْجَنَّةُ دَارَ السَّلَامِ أَي دَارَ السَّلَامَةِ وَالْبَقَاءِ، ودعاءُ اللهِ خَلْقَه إِلَيْهَا كَمَا يَدْعُو الرجلُ الناسَ إِلَى مَدْعاةٍ أَي إِلَى مَأْدُبَةٍ يتَّخِذُها وطعامٍ يَدْعُو الناسَ إِلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكم إِلَى طَعَامٍ فلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فلْيُصَلِّ».
وَفِي العُرْسِ دَعْوة أَيضًا.
وَهُوَ فِي مَدْعَاتِهِم: كَمَا تَقُولُ فِي عُرْسِهِم.
وَفُلَانٌ يَدَّعِي بكَرَم فِعالهِ أَي يُخْبِر عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ.
والمَداعِي: نَحْوَ المَساعي والمكارمِ، يُقَالُ: إِنَّهُ لذُو مَدَاعٍ ومَساعٍ.
وَفُلَانٌ فِي خَيْرٍ مَا ادَّعَى أَي مَا تَمَنَّى.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ}؛ مَعْنَاهُ مَا يتَمَنَّوْنَ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الدُّعاء أَي مَا يَدَّعِيه أَهلُ الْجَنَّةِ يأْتيهم.
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: ادَّعِ عليَّ مَا شئتَ.
وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: يُقَالُ لِي فِي هَذَا الأَمر دَعْوَى ودَعاوَى ودَعَاوةٌ ودِعَاوَةٌ؛ وأَنشد:
تأْبَى قُضاعَةُ أَنْ تَرْضى دِعاوَتَكم ***وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِ
قَالَ: وَالنَّصْبُ فِي دَعاوة أَجْوَدُ.
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ لِي فِيهِمْ دِعْوة أَي قَرابة وإخاءٌ.
وادَّعَيْتُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، وَالِاسْمُ الدَّعْوى.
ودعاهُ اللهُ بِمَا يَكْرَه: أَنْزَلَه بِهِ؛ قَالَ:
دَعاكَ اللهُ مِنْ قَيْسٍ بأَفْعَى، ***إِذَا نامَ العُيونُ سَرَتْ عَلَيْكا
القَيْسُ هُنَا مِنْ أَسماء الذَّكَر.
ودَوَاعِي الدَّهْرِ: صُرُوفُه.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِ لَظَى، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا: تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى "؛ مِنْ ذَلِكَ أَي تَفْعل بِهِمُ الأَفاعيل المَكْرُوهَة، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الدُّعَاء الَّذِي هُوَ النِّدَاءُ، وَلَيْسَ بقَوِيّ.
وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُفَسِّرِينَ: تَدْعُو الْكَافِرَ بِاسْمِهِ وَالْمُنَافِقَ بِاسْمِهِ، وَقِيلَ: لَيْسَتْ كالدعاءِ تَعالَ، وَلَكِنَّ دَعْوَتها إِيَّاهُمْ مَا تَفْعَل بِهِمْ مِنَ الأَفاعيل الْمَكْرُوهَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى" أَي تُعَذِّبُ، وقال "ثَعْلَبٌ: تُنادي مَنْ أَدْبر وتوَلَّى.
ودَعَوْته بزيدٍ ودَعَوْتُه إياهُ: سَمَّيته بِهِ، تَعَدَّى الفعلُ بَعْدَ إِسْقَاطِ الْحَرْفِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمرَ الْبَاهِلِيُّ:
أَهْوَى لَهَا مِشْقَصًا جَشْرًا فشَبْرَقَها، ***وكنتُ أَدْعُو قَذَاها الإِثْمِدَ القَرِدا
أَي أُسَمِّيه، وأَراد أَهْوَى لَهَا بِمِشْقَصٍ فَحَذَفَ الْحَرْفَ وأَوصل.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَدًا}؛ أَي جعَلوا، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر أَيضًا وَقَالَ أَي كُنْتُ أَجعل وأُسَمِّي؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَلا رُبَّ مَن تَدْعُو نَصِيحًا، وإنْ تَغِبْ ***تَجِدْهُ بغَيْبٍ غيرَ مُنْتَصِحِ الصَّدْرِ
وادَّعيتُ الشيءَ: زَعَمْتُهُ لِي حَقًّا كَانَ أَو بَاطِلًا.
وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ المُلْك: وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ "؛ قرأَ أَبو عَمْرٍو تَدَّعُون، مُثَقَّلَةً، وَفَسَّرَهُ الْحَسَنُ تَكْذبون مِنْ قَوْلِكَ تَدَّعِي الْبَاطِلَ وتَدَّعِي مَا لَا يَكُونُ، تأْويله فِي اللُّغَةِ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ مِنْ أَجله تَدَّعُونَ الأَباطيلَ والأَكاذيبَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَدَّعُون بِمَعْنَى تَدْعُون، وَمَنْ قرأَ تَدْعُون، مُخَفَّفَةً، فَهُوَ مَنْ دَعَوْت أَدْعُو، وَالْمَعْنَى هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ وتَدْعُون اللَّهَ بتَعْجيله، يَعْنِي قَوْلَهُمْ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ تَدَّعُون فِي الْآيَةِ تَفْتَعِلُونَ مِنَ الدُّعَاءِ وتَفْتَعِلون مِنَ الدَّعْوَى، وَالِاسْمُ الدَّعْوى والدِّعْوة، قَالَ اللَّيْثُ: دَعا يَدْعُو دَعْوَةً ودُعاءً وادَّعَى يَدَّعي ادِّعاءً ودَعْوَى.
وَفِي نَسَبِهِ دَعْوة أَي دَعْوَى.
والدِّعْوة، بِكَسْرِ الدَّالِ: ادِّعاءُ الوَلدِ الدَّعِيِّ غَيْرَ أَبيه.
يُقَالُ: دَعِيٌّ بيِّنُ الدِّعْوة والدِّعاوَة.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّعْوة فِي الطَّعَامِ والدِّعْوة فِي النَّسَبِ.
ابْنُ الأَعرابي: المدَّعَى المُتَّهَمُ فِي نسَبه، وَهُوَ الدَّعِيُّ.
والدَّعِيُّ أَيضًا: المُتَبَنَّى الَّذِي تَبَنَّاه رجلٌ فَدَعَاهُ ابنَه ونسبهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّى زيدَ بنَ حارثةَ فأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَن يُنْسَب الناسُ إِلَى آبَائِهِمْ وأَن لَا يُنْسَبُوا إِلَى مَن تَبَنَّاهم فَقَالَ: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ"، وَقَالَ: وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ.
أَبو عَمْرٍو عَنْ أَبيه: والدَّاعِي المُعَذِّب، دَعاهُ اللَّهُ أَي عَذَّبَه اللَّهُ.
والدَّعِيُّ: الْمَنْسُوبُ إِلَى غَيْرِ أَبيه.
وَإِنَّهُ لَبَيِّنُ الدَّعْوَة والدِّعْوَةِ، الْفَتْحُ لعَدِيِّ بْنِ الرِّباب، وسائرُ الْعَرَبِ تَكْسِرُها بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّعَامِ.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لبيِّنُ الدَّعَاوَة والدِّعَاوَة.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا دِعْوَة فِي الإِسلام »؛ الدِّعْوَة فِي النَّسَبِ، بِالْكَسْرِ: وَهُوَ أَن ينْتَسب الإِنسان إِلَى غَيْرِ أَبيه وَعَشِيرَتِهِ، وَقَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فَنَهَى عَنْهُ وجعَل الوَلَدَ لِلْفِرَاشِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَيْسَ مِنَ رَجُلٍ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبيه وَهُوَ يَعْلمه إِلَّا كَفَر، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: فالجَنَّة عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ »، وَقَدْ تكرَّرَت الأَحاديث فِي ذَلِكَ، والادِّعَاءُ إِلَى غيرِ الأَبِ مَعَ العِلْم بِهِ حَرَامٌ، فَمَنِ اعْتَقَدَ إِبَاحَةَ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ لِمُخَالَفَتِهِ الإِجماع، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إِبَاحَتَهُ فَفِي مَعْنَى كُفْرِهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَنه قَدْ أَشبه فعلُه فعلَ الْكُفَّارِ، وَالثَّانِي أَنه كَافِرٌ بِنِعْمَةِ اللَّهِ والإِسلام عَلَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " فَلَيْسَ مِنَّا أَي إِنِ اعْتَقَد جوازَه خَرَجَ مِنَ الإِسلام، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ فَالْمَعْنَى لَمْ يَتَخَلَّق بأَخلاقنا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: المُسْتَلاطُ لَا يَرِثُ ويُدْعَى لَهُ ويُدْعَى بِهِ "؛ المُسْتَلاطُ المُسْتَلْحَق فِي النَّسَبِ، " ويُدْعَى لَهُ أَي يُنْسَبُ إِلَيْهِ فَيُقَالُ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، ويُدْعَى بِهِ أَي يُكَنَّى فَيُقَالُ: هُوَ أَبو فُلَانٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرِثُ لأَنه لَيْسَ بِوَلَدٍ حَقِيقِيٍّ.
والدَّعْوة: الحِلْفُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الدَّعْوَةُ الحِلْف.
يُقَالُ: دَعْوَة بَنِي فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ.
وتَداعَى البناءُ وَالْحَائِطُ للخَراب إِذَا تكسَّر وآذَنَ بانْهِدامٍ.
ودَاعَيْنَاها عَلَيْهِمْ مِنْ جَوانِبِها: هَدَمْناها عَلَيْهِمْ.
وتَدَاعَى الْكَثِيبُ مِنَ الرَّمْلِ إِذَا هِيلَ فانْهالَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « كَمَثَلِ الجَسدَ إِذَا اشْتَكَى بعضهُ تَدَاعَى سائرهُ بالسَّهَر والحُمَّى كأَن بَعْضَهُ دَعَا بَعْضًا مِنْ قَوْلِهِمْ تَدَاعَت الْحِيطَانُ» أَي تَسَاقَطَتْ أَو كَادَتْ، وتَدَاعَى عَلَيْهِ الْعَدُوُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: أَقْبَلَ، مِنْ ذَلِكَ.
وتَدَاعَت القبائلُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ إِذَا تأَلَّبوا وَدَعَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى التَّناصُر عَلَيْهِمْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « تَدَاعَتْ عَلَيْكُمُ الأُمَم» أَي اجْتَمَعُوا وَدَعَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَفِي حَدِيثِ ثَوْبانَ: « يُوشكُ أَن تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِها».
وتَدَاعَتْ إبلُ فُلَانٍ فَهِيَ مُتَدَاعِيةٌ إِذَا تَحَطَّمت هُزالًا؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَباعَدْتَ مِنِّي أَن رأَيتَ حَمُولَتي ***تَدَاعَتْ، وأَن أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ
والتَّدَاعِي فِي الثَّوْبِ إِذَا أَخْلَقَ، وَفِي الدَّارِ إِذَا تصدَّع مِنْ نَوَاحِيهَا، والبرقُ يَتَدَاعَى فِي جَوَانِبِ الغَيْم؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَلَا بَيْضاءَ فِي نَضَدٍ تَدَاعَى ***ببَرْقٍ فِي عَوارِضَ قَدْ شَرِينا
وَيُقَالُ: تَدَاعَت السحابةُ بِالْبَرْقِ والرَّعْد مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إِذَا أَرْعَدَت وبَرَقَت مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
قَالَ أَبو عَدْنان: كلُّ شَيْءٍ فِي الأَرض إِذَا احتاجَ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ دَعا بِهِ.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَخْلَقَت ثيابُه: قَدْ دَعَتْ ثِيابُكَ أَي احْتَجْتَ إِلَى أَن تَلْبَسَ غَيْرَهَا مِنَ الثِّيَابِ.
وَقَالَ الأَخفش: يُقَالُ لَوْ دُعِينَا إِلَى أَمر لانْدَعَينا مِثْلَ قَوْلِكَ بَعَثْتُه فانْبَعَثَ، وَرَوَى الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْحَرْفَ عَنِ الأَخفش، قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لَوْ دَعَوْنا لانْدَعَيْنا أَي لأَجَبْنا كَمَا تَقُولُ لَوْ بَعَثُونا لانْبَعَثْنا؛ حَكَاهَا عَنْهُ أَبو بَكْرِ ابن السَّرَّاج.
والتَّداعِي: التَّحاجِي.
ودَاعَاهُ: حاجاهُ وفاطَنَه.
والأُدْعِيَّةُ والأُدْعُوَّةُ: مَا يَتَداعَوْنَ بِهِ.
سِيبَوَيْهِ: صَحَّت الْوَاوُ فِي أُدْعُوَّة لأَنه لَيْسَ هُنَاكَ مَا يَقْلِبُها، وَمَنْ قَالَ أُدْعِيَّة فلخِفَّةِ الْيَاءِ عَلَى حَدِّ مَسْنِيَّة، والأُدْعِيَّة مِثْل الأُحْجِيَّة.
والمُدَاعَاة: المُحاجاة.
يُقَالُ: بَيْنَهُمْ أُدْعِيَّة يَتَداعَوْنَ بِهَا وأُحْجِيَّة يَتَحاجَوْنَ بِهَا، وَهِيَ الأُلْقِيَّة أَيضًا، وَهِيَ مِثْلُ الأُغْلُوطات حَتَّى الأَلْغازُ مِنَ الشِّعْرِ أُدْعِيَّة مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أُدَاعِيكَ مَا مُسْتَحْقَباتٌ مَعَ السُّرَى ***حِسانٌ، وَمَا آثارُها بحِسانِ
أَي أُحاجِيكَ، وأَراد بالمُسْتَحْقَباتِ السُّيوفَ، وَقَدْ دَاعَيْتُه أُدَاعِيهِ؛ وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ القَلَم:
حاجَيْتُك يَا خَنْساءُ، ***فِي جِنْسٍ مِنَ الشِّعْرِ
وَفِيمَا طُولُه شِبْرٌ، ***وَقَدْ يُوفِي عَلَى الشِّبْرِ
لَهُ فِي رَأْسِهِ شَقٌّ ***نَطُوفٌ، ماؤُه يَجْرِي
أَبِيِني، لَمْ أَقُلْ هُجْرًا ***ورَبِّ البَيْتِ والحِجْرِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
49-لسان العرب (مطا)
مطا: المَطْوُ: الجِدُّ والنَّجاء فِي السَّيْرِ، وَقَدْ مَطا مَطْوًا؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسَ:مَطَوْتُ بِهِمْ حتَّى يَكِلَّ غَرِيُّهُمْ، ***وحتَّى الجِيادُ مَا يُقَدْنَ بأَرْسانِ
ومَطا إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وأَصل المَطْو الْمَدُّ فِي هَذَا.
ومَطا إِذا تَمَطَّى.
ومَطا الشيءَ مَطْوًا: مدَّه.
ومَطا بِالْقَوْمِ مَطْوًا: مدَّ بِهِمْ.
وتَمَطَّى الرَّجُلُ: تَمدَّد.
والتَّمَطِّي: التَّبَخْتُرُ ومَدُّ الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْيِ، وَيُقَالُ التَّمَطِّي مأْخوذ مِنَ المَطِيطةِ وهو الماءُ الخاثر فِي أَسفل الْحَوْضِ لأَنه يَتَمَطَّطُ أَي يتمَدَّد، وَهُوَ مِثْلُ تَظَنَّيْتُ مِنَ الظَّنِّ وتَقَضَّيْتُ مِنَ التَّقَضُّض، والمُطَواءُ مِنَ التَّمَطِّي عَلَى وَزْنِ الغُلَواءِ، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ المَطا التَّمَطِّي؛ قَالَ ذَرْوةُ بْنُ جُحْفةَ الصَّمُوتي:
شَمَمْتُها إِذْ كَرِهَتْ شَمِيمِي، ***فَهْيَ تَمَطَّى كمَطا المَحْمُومِ
وإِذا تَمَطَّى عَلَى الحُمَّى فَذَلِكَ المُطَواءُ، وَقَدْ تقدَّم تَفْسِيرُ المَطِيطاء وَهُوَ الخُيَلاءُ والتَّبَخْتُر.
وَفِي الْحَدِيثِ: « إِذا مَشَتْ أُمَّتي المُطَيْطا »، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ؛ هي مِشْية فِيهَا تَبَخْتُر ومَدُّ الْيَدَيْنِ.
وَيُقَالُ: مَطَوْتُ ومَطَطْتُ بِمَعْنَى مدَدْت؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ مِنَ الْمُصَغَّرَاتِ الَّتِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مُكَبَّرٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
وَقَوْلُهُ تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى}؛ أَي يَتَبَخْتَرُ، يَكُونُ مِنَ المَطِّ والمَطْوِ، وَهُمَا الْمَدُّ، وَيُقَالُ: مَطَوْتُ بِالْقَوْمِ مَطْوًا إِذا مدَدْت بِهِمْ فِي السَّيْرِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « أَنه مَرَّ عَلَى بلال وقد مُطِيَ فِي الشَّمْسِ يُعذَّبُ فَاشْتَرَاهُ وأَعْتَقه »؛ مَعْنَى مُطِيَ؛ أي مُدَّ وبُطحَ فِي الشَّمْسِ.
وكلُّ شيءٍ مَدَدْتَه فَقَدْ مَطَوْتَه؛ وَمِنْهُ المَطْوُ فِي السَّيْر.
ومَطا الرجلُ يَمْطو إِذا سارَ سَيْرًا حسَنًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِهِ تَمَطَّت غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ، ***بِنَا حَراجِيجُ المَطِيِّ النُّفَّهِ
تَمَطَّتْ بِنَا أَي سارَتْ بِنَا سَيْرًا طَويلًا مَمْدُودًا؛ وَيُرْوَى: " بِنَا حراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَمَطَّتْ بِهِ أُمُّه فِي النِّفاس، ***فليسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوْأَمِ
فسَّره فَقَالَ: يُرِيدُ أَنها زَادَتْ عَلَى تِسْعَةِ أَشهر حَتَّى نَضَّجَتْهُ وجرَّتْ حَمْلَه؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
تَمَطَّتْ بِهِ بَيْضاءُ فَرْعٌ نَجِيبةٌ ***هِجانٌ، وبَعْضُ الوالِداتِ غَرامُ
وتَمَتَّى: كَتَمَطَّى عَلَى الْبَدَلِ، وَقِيلَ لأَعرابي: مَا هَذَا الأَثر بِوَجْهِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ شِدَّة التَّمَتِّي فِي السُّجُودِ.
وتمَطَّى النهارُ: امتدَّ وَطَالَ، وَقِيلَ: كلُّ مَا امْتَدَّ وَطَالَ فَقَدْ تمَطَّى.
وتمَطَّى بِهِمُ السَفرُ: امْتَدَّ وطالَ، وتمَطَّى بِكَ العهْدُ كَذَلِكَ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ المُطَوَاءُ.
والمَطاةُ والمَطا أَيضًا: التَّمَطِّي؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، حَكَاهُ فِي الجُمل قَرَنَهُ بالمَطا الَّذِي هُوَ الظَّهْر.
والمَطِيَّةُ مِنَ الدَّوابِّ الَّتِي تَمُطُّ فِي سَيْرِهَا، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ المَطْوِ أَي المَدّ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المَطِيَّة مِنَ الدَّوابِّ الَّتِي تَمْطُو فِي سَيْرِهَا، وَجَمْعُهَا مَطَايَا ومَطِيٌّ؛ وَمِنْ أَبيات الْكِتَابِ:
مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرِي ***ليْلًا، وَلَا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَراد لَا يُؤَرِّقْني الكَرِيُّ فاحتاجَ فأَشمَّ الساكنَ الضَّمَّةَ، وإِنما قَالَ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ لأَن بَعْدَهُ وَلَا أَسمعُ، وَهُوَ فِعْلٌ مَرْفُوعٌ، فحُكْمُ الأَول الَّذِي عُطف عَلَيْهِ هَذَا الْفِعْلُ أَن يَكُونَ مَرْفُوعًا، لَكِنْ لِمَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَن يُخلص الْحَرَكَةَ فِي يؤرِّقْني أَشمها وَحَمَلَ أَسمعُ عَلَيْهِ لأَنه وإِن كَانَتِ الْحَرَكَةُ مُشَمَّةً فإِنها فِي نِيَّةِ الإِشباع، وإِنما قُلْنَا فِي الإِشمام هُنَا إِنه ضَرُورَةٌ لأَنه لَوْ قَالَ لَا يُؤَرِّقُنِي فأَشبع لَخَرَجَ مِنَ الرَّجَزِ إِلى الْكَامِلِ، وَمُحَالٌ أَن يَجْمَعَ بَيْنَ عَرُوضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ وأَنشد الأَخفش:
أَلم تَكُنْ حَلَفْتَ باللهِ العَلي، ***أَنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطي؟
جَعَلَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ ياءٍ فَعِيلٍ الْقَافِيَةَ وأَلقى الْمُتَحَرِّكَةَ لَمَّا احْتَاجَ إِلى إِلقائها، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنما أَلقى الزَّائِدَ وَذَلِكَ لَيْسَ بِحَسَنٍ لأَنه مستخفٌّ للأَوَّل، وإِنما يَرْتَدِع عِنْدَ الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا جاءَ لَفْظٌ لَا يَكُونُ مَعَ الأَول تَرْكَهُ كَمَا يَقِفُ عَلَى الثَّقِيلِ بِالْخِفَّةِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ الأَخفش فِي الْعَلِيِّ وَالْمَطِيِّ إِلى حَذْفِ الْحَرْفِ الأَخير الَّذِي هُوَ لَامٌ وَتَبْقِيَةُ يَاءِ فَعِيلٍ، وإِن كَانَتْزَائِدَةً، كَمَا ذَهَبَ فِي نَحْوِ مَقُول ومَبيع إِلى حَذْفِ الْعَيْنِ وإِقرار وَاوِ مَفْعُولٍ، وإِن كَانَتْ زَائِدَةً، إِلا أَن جِهَةَ الْحَذْفِ هُنَا وَهُنَاكَ مُخْتَلِفَتَانِ لأَن الْمَحْذُوفَ مَنِ المَطيّ وَالْعَلِيِّ الْحَرْفُ الْآخَرُ، وَالْمَحْذُوفُ فِي مَقُولٍ لِعِلَّةٍ لَيْسَتْ بِعِلَّةِ الْحَذْفِ فِي المطِيّ والعَليّ، وَالَّذِي رَآهُ فِي المَطِيّ حَسَنٌ لأَنك لَا تَتَنَاكَرُ الْيَاءَ الأُولى إِذا كَانَ الْوَزْنُ قَابِلًا لَهَا وَهِيَ مكلمة لَهُ، أَلا تَرَى أَنها بإِزاءِ نُونِ مستفْعلن؟ وإِنما اسْتَغْنَى الْوَزْنُ عَنِ الثَّانِيَةِ فإِياها فَاحْذِفْ، وَرَوَاهُ قُطْرُبٌ: أَنّ مَطَايَاكَ، بِفَتْحِ أَن مَعَ اللَّامِ، وَهَذَا طَرِيقٌ، وَالْوَجْهُ الصَّحِيحُ كَسْرُ إِن لِتَزُولَ الضَّرُورَةُ، إِلا أَنا سَمِعْنَاهَا مَفْتُوحَةَ الْهَمْزَةِ.
وَقَدْ مَطَتْ مَطْوًا.
وامْتَطاها: اتَّخَذَهَا مَطِيَّةً.
وامْتَطَاها وأَمْطَاها: جَعَلَهَا مَطِيَّتَه.
والمَطِيَّةُ: النَّاقَةُ الَّتِي يُرْكب مَطاها.
والمَطِيَّةُ: الْبَعِيرُ يُمْتَطى ظَهْرُهُ، وَجَمْعُهُ المَطَايا، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى.
الْجَوْهَرِيُّ: المَطِيَّةُ وَاحِدَةُ المَطِيِّ والمَطايا، والمَطِيُّ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، يُذَكَّرُ ويؤنث، والمَطايا فَعالى، أَصله فَعائلُ إِلا أَنه فُعِل بِهِ مَا فُعِلَ بخَطايا.
قَالَ أَبو الْعُمَيْثِلِ: الْمَطِيَّةُ تذكر وتؤنث؛ وأَنشد أَبو زيد لِرَبِيعَةَ بْنِ مَقْرُوم الضَّبِّي جَاهِلِيٌّ:
ومَطِيّةٍ، مَلَثَ الظَّلامِ، بَعَثْتُه ***يَشْكُو الكَلالَ إِليَّ دَامِي الأَظْلَل
قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مِنْهُ امْتَطَيتها أَي اتَّخَذْتُهَا مَطِيَّةً.
وَقَالَ الأُموي: امْتَطَيْنَاها أَي جَعَلْنَاهَا مَطايانا.
وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ: « تَرَكَتِ المُخَّ رَارًا والمَطِيَّ هَارًا »؛ المَطِيّ: جَمْعُ مَطِيَّةٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُرْكَبُ مَطاها؛ أي ظهرها، ويقال: يُمْطِى بِهَا فِي السَّيْرِ؛ أي يُمَدُّ، والهارُ: الساقطُ الضَّعِيفُ.
والمَطَا، مَقْصُورٌ: الظَّهر لِامْتِدَادِهِ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْل الْمَتْنِ مِنْ عَصَب أَو عَقَب أَو لَحْمٍ، وَالْجَمْعُ أَمْطَاء.
والمَطْوُ: جَرِيدَةٌ تُشَقُّ بشِقَّيْنِ ويُحْزَم بِهَا القَتُّ مِنَ الزَّرْعِ، وَذَلِكَ لِامْتِدَادِهَا.
والمَطْوُ: الشِّمراخ، بلغة بَلْحَرثِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَذَلِكَ التَّمطِيةُ، وَالْجَمْعُ مِطاء، والمَطا، مَقْصُورٌ: لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَطْوُ والمِطْوُ، بِالْكَسْرِ، عِذْق النَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ مِطاء مِثْلَ جَرْو وجِراء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الْجَمْعِ قَوْلُ الرَّاجِزِ: " تَخَدَّدَ عَنْ كَوافِرِه المِطاء "والمَطْوُ والمِطْوُ جَمِيعًا: الكُباسة وَالْعَاسِيُّ؛ وأَنشد أَبو زِيَادٍ:
وهَتَفُوا وصَرَّحُوا يَا أَجْلَحْ، ***وَكَانَ هَمّي كلَّ مُطْوٍ أَمْلَحْ
كَذَا أَنشده مُطْو، بِالضَّمِّ، وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ بَرِّيٍّ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى المِطو، بِالْكَسْرِ، وأَورده بِالْكَسْرِ، ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْبَصْرِيُّ وَقَدْ جاءَ عَنْ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ فِيهِ الضَّمُّ.
ومَطا الرجلُ إِذا أَكل الرَّطْبَ مِنَ الكُباسة.
والمِطْوُ: سَبَل الذُّرة.
والأُمْطِيُّ: الَّذِي يُعمل مِنْهُ العِلْكُ، واللُّبايةُ شَجَرُ الأُمْطِيّ.
ومِطْوُ الشَّيْءِ: نَظِيرُهُ وَصَاحِبُهُ؛ وَقَالَ:
نادَيْت مِطْوِي، وَقَدْ مالَ النهارُ بهمْ، ***وعَبْرةُ الْعَيْنِ جارٍ دَمْعُها سَجمُ
ومَطا إِذا صاحبَ صَدِيقًا.
ومِطْو الرَّجُلِ: صديقُه وَصَاحِبُهُ وَنَظِيرُهُ، سَرَوِيَّةٌ، وَقِيلَ: مِطْوه صَاحِبُهُ فِي السَّفَرِ لأَنه كَانَ إِذا قُويِس بِهِ فَقَدَ مُدَّ مَعَهُ؛ قَالَ يَصِفُ" سَحابًا، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِرَجُلٍ مِنْ أَزْد السَّراة يَصِفُ بَرْقًا، وَذَكَرَ الأَصبهاني أَنه لِيَعْلَى بْنِ الأَحول:
فَظَلْتُ، لَدَى البَيْتِ الحَرامِ، أُخِيلُه، ***ومِطْوايَ مُشْتاقانِ لَهُ أَرِقانِ
أَي صاحِبايَ، وَمَعْنَى أُخِيله أَنظر إِلى مَخِيلته، والهاءُ عَائِدَةٌ عَلَى الْبَرْقِ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ:
أَرِقْتُ لِبَرْقٍ دُونه شَرَوانِ ***يَمانٍ، وأَهْوَى البَرْقَ كلَّ يَمانِ
والمَطا أَيضًا: لُغَةٌ فِيهِ، وَالْجَمْعُ أَمْطاءٌ ومَطِيٌّ، الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَقَدْ لاقَ المَطِيَّ بنَجْدِ عُفْرٍ ***حديثٌ، إِنْ عَجِبْتَ لَهُ، عَجِيبُ
والأُمْطِيُّ: صَمْغٌ يُؤْكَلُ، سُمِّيَ بِهِ لِامْتِدَادِهِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ نَبَاتِ الرَّمْلِ يَمْتَدُّ وَيَنْفَرِشُ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأُمْطِيُّ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الرَّمْل قُضْبانًا، وَلَهُ عِلْك يُمْضَغ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ وَوَصَفَ ثَوْرَ وَحْشٍ: " وبالفِرِنْدادِ لَهُ أُمطِيُ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ المَدِّ لأَن العلكَ يَمْتَدّ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
50-أساس البلاغة (عين)
عينفلان عيون وعيّان ومعيان. «وهو عبد عين» وصديق عين وأخو عين: لمن يخدمك ويصادقك رياءً. وأنشد الجاحظ:
ومولىً كعبد العين أمًا لقاؤه *** فيُرضى وأما غيبه فظنون
وتقول لن بعثته واستعجلته: «بعين ما أرينّك» أي لا تلو على شيء فكأني أنظر إليك. ولأضربن الذي فيه عيناك أي رأسك. «ولقيته أدنى عائنة» أي قبل كل شيءٍ. وعان على القوم عيانةً إذا كان عينًا عليهم، وتعيّنًا عينًا يتعيّن لنا أي يتبصّر ويتجسّس. وفي الميزان عين أي ميل، وأصلح عين ميزانك، ومنه قولهم: تعين الرجل واعتان عينةً أي استسلف سلفًا. وباعه بعينة أي بنسيئة لأنها زيادة، وعن ابن دريد لأنها بيع العين بالدين. قال ابن مقبل:
فكيف لنا بالشرب إن لم تكن لنا *** دراهم عند الحانويّ ولا نقد
أندّان أم نعتان أم ينبري لنا *** أغر كنصل السيف أبرزه الغمد
وعيّنت الرجل بمساويه إذا بكّته في وجهه وعلى عينه. وعيّن قربتك: صبّ فيها ماءً حتى تنسدّ عيون الخرز، وتعين السقاء: بلي ورقّت منه مواضع. قال القطّاميّ:
ولكن الأديم إذا تفرّى *** بلًى وتعيّنا غلب الصّناعا
والقوم منك معانٌ أي بحيث تراهم بعينك. وهذا معان الحيّ. والبصر ينكسر عن عين الشمس وصيخدها وهي نفسها.
ومن المجاز: نظرت الأرض بعينٍ أو بعينين إذا طلع بأرض ما ترعاه الماشية بغير استمكان. قال:
إذا نظرت بلاد بني نمير *** بعين أو بلاد بني صباح
رميناهم بكلّ أقبّ نهد *** وفتيان العشيّة والصّباح
أي القرى والغارة. وعين الشجر: نوّر. وثوب معين: فيه ترابيع صغار تشبه العيون. وهو من أعيان الناس أي من أشرافهم. وأعيان الإخوة: الذين هم لأب وأم. وأولاد الرجل من الحرائر: بنو أعيان. وفيهم عين الماء أي النفع والخير. قال الأخطل:
أولئك عين الماء فيهم وعندهم *** من الخيفة المنجاة والمتحوّل
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
51-أساس البلاغة (حدو)
حدوحدا الإبل حدوًا، وهو حادي الإبل وهم حداتها، وحدا بها حداء إذا غنى لها، وما أملح حداءه، وبينهم أحدية يحدون بها أي أغنية. وحدا الحمار أتنه. قال:
حادي ثلاث من الحقب السماحيج
ومن المجاز: يقال للسهم إذا مر، حداه ريشه وهداه نصله. وحدوته على كذا: بعثته. والشمال تحدو السحاب، وهي حدواء. قال العجاج:
حدواء جاءت من جبال الطور
وطلع حادي النجم أي الدبران. وتحدي أقرانه إذا باراهم ونازعهم الغلبة، وتحدى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العرب بالقرآن، وتحدى صاحبه القراءة والصراع، لينظر أيهما أقرأ وأصرع، وأصله في الحداء، يتبارى فيه الحاديان ويتعارضان، فيتحدى كل واحد منهما صاحبه، أي يطلب حداءه كما تقول توفاه بمعنى استوفاه. وأنا حدياك أي معارضك. قال:
أنا حديّا كل من *** يمشي بظهر العفر
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
52-أساس البلاغة (قتل)
قتلقتله قتلةَ سوء، وقتل الرجل، وقتّل الرجال، وقاتله، وتقاتلوا واقتتلوا. وكانت بالروم مقتلة عظيمة. وضربه فأصاب مقتله ومقاتله. وأقتله: عرّضه للقتل. كما قال مالك ابن نويرة لامرأته حين رآها خالد بن الوليد: أقتلتني يا مرأة يعني سيقتلني خالد من أجلك. واستقتل فلان: استسلم للقتل، كما يقال: استمات. ورجل وامرأة قتيل، وقومٌ قتلى. وهذه قتيلة بني فلان. وهم قتلة إخوتك. وقتل قتله أي قرنه وعدوّه، وأقتاله. وقوم أقتال: أصحاب تراتٍ. قال ابن الرقيات:
واغترابي عن عامر بن لؤيّ *** في بلاد كثيرة الأقتال
وناقة ذات قتالٍ: ذات نفس وثيقة وكدنة، وإنه لذو قتالٍ وذو كدنة وذو لوث وذو جزرٍ. قال ربيعة بن مقروم:
ومطيّة ملث الظلام بعثته *** يشكو الكلال إليّ دامي الأظلل
أودى السّرى بقتاله ومراسه *** شهرًا نواحي مستتب معمل
ومن المجاز: دابة مقتّلة: مذللة قد مرنت على العمل. وقلب مقتّل: أهلكه العشق. واقتتلته النساء: افتتنّه حتى أهلكنه. واقتتل فلان: جنّ، واقتتلته الجن: اختبلته، وتقتّلت به: تخضّعت له وتذلّلت حتى عشقها. قال:
تقتّلت لي حتى إذا ما قتلتني *** تنسّكت ما هذا بفعل النواسك
وقتلتُ الخمر: مزجتها. قال حسان:
إن التي ناولتني فرددتها *** قتلت قتلتَ فهاتها لم تقتل
وقتلته علمًا وخبرًا. وقال الفرزدق:
وحتى قتلنا الجهل عنها وغودرت *** إذا ما أنيخت والمدامع ذرّف
أي كسرنا مرحها ونشاطها. وقال:
إذا ما نزلنا قاتلت عن ظهورها *** حراجيج أمثال الأهلّة شسّف
ذبّت الغربان عنها. وقاتله الله ما أفصحه! والمنيّة قاتلة، والمنايا والليالي قواتل للأنام. وتقول العرب: ولّني مقاتلك أي حوّل إليّ وجهك. وقال ابن مقبل يصف ظليمًا وبيضه:
يخشى الندى فيولّيها مقاتله *** حتى يباكر قرن الشمس ترجيل
أي صدره وبطنه. وقاتل جوع الضيف بالإطعام.
قال الكميت:
بالجفان التي بها يترك الجو *** ع قتيلًا ويفتأ الزمهريرا
وقال ابن مقبل:
وأنبه الخرق لم يلمس لمضجعه *** كأنه من قتال اليسر مأموم
وفلان قتل فلان: مثله ونظيره، وهذه الناقة قتل هذه، وهما قتلان.
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
53-مجمل اللغة (حدو)
حدو: الحدو بالإبل: زجرها والغناء لها.ويقال للحمار: إذا قدم آتنه يسوقها: حاد.
قال [ذو الرمة]:
حادي ثلاث من الحقب الماحيج
ويقال للسهم إذًا مر: حداه ريشه وهداه نصله.
وحدوته على كذا، (أي): بعثتهُ عليه.
ويقال.
للشمال: حدواء، لأنها تحدو السحاب، أي: تسوقه.
قال [العجاج]:
حدواءُ جاءت من بلاد الطورِ
وفلان يتحدى فلانا، إذًا كان يباريه به وينازعه الغلبة، يقال.
إني حدياك، أي: ابرز لي [وحدي].
قال ابن كلثوم:
حديا الناس كلهم جميعا
والحدأة: طائر، والجميع الحدأُ.
قال [العجاج]:
كما تدانى الحدأ الأويُّ
والحدأةُ: الفأسُ (تنقرُ بها الحجارة، والجميع الحدأُ.
قال:
[نواجذهن] كالحدإِ الوقعِ
وحدىء بالمكان: لزق (به).
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
54-صحاح العربية (حج)
[حجج] الحَجُّ: القصد.ورجل مَحْجوجٌ، أي مقصود.
وقد حَجَّ بنو فُلانٍ فلانًا، إذا أطالوا الاختلاف إليه.
قال المخبل: وأشهد من عوف حلولا كثيرة *** يحجون سب الزبرقان المزعفرا قال ابن السكيت: يقول يكثرون الاختلاف إليه.
هذا الأصلُ، ثم تُعورِفَ استعماله في القصد إلى مكة للنُسك.
تقول: حججت البيتَ أحُجُّهُ حجا، فأنا حاج.
وربما أظهروا التضعيف في ضرورة الشعر.
قال الراجز:
بكل شيخ عامر أو حاجج *** ويجمع على حج مثل بازل وبزل، وعائذ وعوذ.
وأنشد أبو زيد لجرير: وكأن عافية النسور عليهم *** حج بأسفل ذى المجاز نزول والحج بالكسر: الاسم.
والحجة المَرَّةُ الواحدة، وهو من الشواذ، لأنَّ القياس بالفتح.
والحَجَّةُ: السنة، والجمع الحِجَجُ.
وذو الحِجَّة شهر الحجِّ، والجمع ذَواتُ الحِجَّةِ وذواتُ القِعْدَةِ.
ولم يقولوا ذَوُو على واحِدِهِ.
والحِجَّةُ أيضًا: شحمةُ الأذن.
قال لبيد: يَرُضْنَ صِعابَ الدُرِّ في كل حِجَّةٍ *** وإن لم تَكُنْ أعناقُهُنَّ عَواطِلا والحَجيجُ: الحُجَّاجُ، وهو جمع الحاج، كما يقال للغزاة: غزى، وللعادين على أقدامهم: عدى.
وامرأة حاجة ونسوة حواج بيت الله عز وجل بالاضافة، إذا كن قد حججن، وإن لم يكن حججن قلت: حواج بيت الله فتنصب البيت لانك تريد التنوين في حواج إلا أنه لا ينصرف كما يقال هذا ضارب زيد أمس وضارب زيدا غدا، فتدل بحذف التنوين على أنه قد ضربه وبإثبات التنوين على أنه لم يضربه.
وأحججت فلانا، إذا بعثته ليحج.
وقولهم: وحجة الله لا أفعل، بفتح أوله وخفض آخره: يمين للعرب.
والحجة: البرهان.
تقول حاجَّهُ فحجَّه أي غلبه بالحُجَّةِ.
وفي المثل: " لَجَّ فَحَجَّ ".
وهو رجلٌ مِحْجاجٌ، أي جَدِلٌ.
والتحاجُّ: التخاصُم.
وحَجَجْتُهُ حَجًَّا.
فهو حجيج، إذا سبرت شجته بالميل لتعالجه.
قال الشاعر: يحج مأمومة في قعرها لجف *** فاست الطبيب قذاها كالمغاريد والمحجاج: المسبار.
والحجاج والحجاج، بفتح الحاء وكسرها: العظم الذي ينْبتُ عليه الحاجب، والجمع أحجة.
قال رؤبة:
صكى حجاجى رأسه وبهزى *** والمحجة: جادة الطريق.
والحجحجة: النكوص.
يقال: حملوا على القوم حَملةً ثم حجحجوا.
وحجحجَ الرجلُ إذا أراد أن يقول ما في نفسه ثم أمسك، هو مثل المجمجة.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
55-صحاح العربية (لبد)
[لبد] اللِبْدُ: واحد اللُبودِ.واللِبْدَةُ أخصُّ منه.
ومنه قيل لزُبْرَةِ الأسد لِبْدَةٌ، وهي الشعر المتراكب بين كتفيه.
والأسد ذو لِبْدَةٍ.
وفي المثل: " هو أمنع من لبدة الاسد ".
والجمع لبد، مثل قربة وقرب.
واللبادة: ما يلبس منها للمطر.
وقولهم: " ماله سبد ولا لبد "، السَبَدُ: الشَعَرُ.
واللَبَدُ: الصوف.
أي ماله شئ.
وألبدت الفرس فهو مُلْبَدٌ، إذا شددتَ عليه اللِبْدَ.
وأَلْبَدْتُ السرجَ، إذا عمِلت له لِبْدًا.
وأَلْبَدْتُ القِربة: جعلتها في لَبيدٍ، وهو الجُوالق الصغير.
وأَلْبَدَ البعيرُ: إذا ضرب بذنَبه على عجزه وقد ثَلَطَ عليه وبالَ، فيصير على عَجُزه لِبْدَةٌ من ثَلْطِهِ وبولِهِ.
وأَلْبَدَ بالمكان: أقام به.
وأَلْبَدَتِ الإبلُ، إذا أخرج الربيع ألوانها وأوبارها وتهيَّأت للسِمَنِ.
ولبد الشئ بالارض، بالفتح، يلبد لُبودًا: تَلَبَّدَ بها أي لصق.
وتَلَبَّدَ الطائر بالأرض: أي جثم عليها.
وتَلَبَّدَتِ الأرض بالمطر.
ولَبِدَتِ الإبل بالكسر تَلْبَدُ لَبَدًا، إذا دَغِصَتْ من الصِلِّيانِ، وهو التواءٌ في حَيازيمِها وفي غلاصِمِها، وذلك إذا أكثرتْ منه فتغَصُّ به.
يقال: هذه إبلٌ لَبادى، وناقةٌ لَبِدَةٌ.
والْتَبَدَ الورق، أي تَلَبَّدَ بعضه على بعض.
والْتَبَدَتِ الشجرة: كثرت أوراقها.
قال الساجع: وصليانا بردا وعنكثا ملتبدا
ولبد الندى الارض.
والتَلبيدُ أيضًا: أن يجعل المُحْرِمُ في رأسه شيئًا من صمغٍ ليَتَلَبَّدَ شعره بُقْيَا عليه، لئلا يَشْعَثَ في الإحرام.
وقوله تعالى:
(يقول أَهْلَكْتُ مالًا لُبَدًا) ***، أي جمًّا.
ويقال أيضًا: الناسُ لُبَدٌ، أي مجتمعون.
واللُبَدُ أيضًا: الذي لا يسافر ولا يبرح.
قال الشاعر الراعي: من امرئٍ ذي سماحٍ لا تَزالُ له *** بَزْلاءُ يعيابها الجثامة اللبد - ويروى " اللَبِدُ ".
قال أبو عبيدة: وهو أشبه.
ولبد: آخر نسور لقمان، وهو ينصرف لأنَّه ليس بمعدول.
وتزعم العرب أن لقمان هو الذى بعثته عاد في وفدها إلى الحرم ليستسقى لها، فلما أهلكوا خير لقمان بين بقاء سبع بعرات سمر، من أظب عفر، في جبل وعر، لا يمسها القطر، أو بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر، خلف بعد نسر.
فاختار النسرو، فكان آخر نسوره يسمى لبدا.
وقد ذكرته الشعراء.
قال النابغة: أَضْحَتْ خَلاءً وأضحى أهلُها احتملوا *** أَخْنى عليها الذي أَخْنى على لبد -
واللبيد: الجوالق الصغير.
ولبيد: اسم شاعر من بنى عامر.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
56-صحاح العربية (مطا)
[مطا] المطا مقصورٌ: الظهرْ ; والجمع الامطاء.والمطية: واحدة المطى واحد وجمع، يذكر ويؤنث.
والمطايا فَعالى، وأصله فَعائِلُ، إلا أنه فعل به ما فعل بخطايا.
وقال أبو العميثل: المطية تذكر وتؤنث.
وأنشد أبو زيد لربيعة بن مقرومٍ الضّبّي، جاهلي: ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظلامِ بَعَثْتُهُ *** يشكو الكلال إلى دامى الاظلل والتَمَطِّي: التبختر ومدُّ اليدين في المشي.
ويقال: التَمَطِّي مأخوذ من المَطيطَةِ، وهو الماء الخاثر في أسفل الحوض، لأنه يَتَمَطَّطُ أي يتمدد.
وهو مثل تظنيت من الظن، وتقضيت من التقضض.
قال رؤبة: به تمطت غول كل ميله *** بنا حراجيج المهارى النفه والمطواء من التمطى، على وزن الغلواء.
والمطو: المدّ.
يقال: مَطَوْتُ بالقوم مَطْوًا، إذا مددتَ بهم في السير.
قال الأصمعي: المَطِيَّةُ: التي تَمُطُّ في سيرها.
قال: وهو مأخوذ من المطو،
أي المد.
قال أبو زيد: يقال منه: امْتَطَيْتُها، أي اتَّخذتها مَطِيَّةً.
وقال الأموي: امْتَطَيْناها، أي جعلناها مَطايانا.
والمِطْوُ بالكسر: عذق النخلة، والجمع مطاء مثل جرو وجراء.
ومطو الشئ: نظيره وصاحبه.
وقال: ناديت مِطْوي وقد مال النهار بهمْ *** وعَبْرَةُ العَينِ جارٍ دَمْعُها سَجِمُ وقال رجلٌ من أسد السَراة يصف برقًا: فظَلْتُ لدى البيتِ العتيق أخيلهُ *** ومِطوايَ مشتاقانِ لهْ أرقان أي صاحباى.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
57-منتخب الصحاح (حجج)
الحَجُّ: القصد.ورجل مَحْجوجٌ، أي مقصود.
وقد حَجَّ بنو فُلانٍ فلانًا، إذا أطالوا الاختلاف إليه.
هذا الأصلُ، ثم تُعورِفَ استعمالُه في القصد إلى مكَّى للنُسك.
تقول: حججت البيتَ أحُجُّهُ حَجًَّا، فأنا حاجٌّ.
ويُجْمَعُ على حُجٍّ.
والحِجُّ بالكسر: الاسم.
والحِجَّةُ المَرَّةُ الواحدة، وهو من الشواذ، لأنَّ القياس بالفتح.
والحَجَّةُ: السنة، والجمع الحِجَجُ.
وذو الحِجَّة شهر الحجِّ، والجمع ذَواتُ الحِجَّةِ وذواتُ القِعْدَةِ.
ولم يقولوا ذَوُو على واحِدِهِ.
والحِجَّةُ أيضًا: شحمةُ الأذن.
قال لبيد:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُرِّ في كل حِجَّةٍ *** وإن لم تَكُنْ أعناقُهُنَّ عَواطِلا
والحَجيجُ، الحُجَّاجُ، وهو جمع الحاجّ.
وامرأة ٌحاجَّةٌ ونسوةٌ حواجُّ.
وأحْجَجْتَ فلانًا، إذا بعثتَه ليَحُجَّ.
وقولهم: وحَجَّةِ اللهِ لا أفعل: يمينٌ للعرب.
والحُجَّةُ: البرهان.
تقول حاجَّهُ فحجَّه أي غلبه بالحُجَّةِ.
وفي المثل: لَجَّ فَحَجَّ.
وهو رجلٌ مِحْجاجٌ، أي جَدِلٌ.
والتحاجُّ: التخاصُم.
وحَجَجْتُهُ حَجًَّا.
فهو حَجيجٌ، إذا سبرتَ شَحَّتَهُ بالميلِ لتعالجَه.
والمِحجاج: المسبار.
والحَجاجُ والحِجاجُ، يفتح الحاء وكسرها: العَظْمُ الذي ينْبتُ عليه الحاجب؛ والجمع أحِجَّةٌ.
والمحَجَّةُ: جادَّة الطريق.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
58-منتخب الصحاح (مطا)
المطا مقصورٌ: الظهرْ؛ والجمع الأمْطاءُ.والمَطِيَّةُ: واحدة المَطِيِّ واحدٌ وجمعٌ، يذكَّر ويؤنث.
قال أبو زيد لربيعة بن مقرومٍ الضّبّي:
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظلامِ بَعَثْتُهُ *** يشكو الكَلالَ إلَيَّ دامي الأظْلَلِ
والمَطايا فَعالى، وأصله فَعائِلُ، إلا أنه فعل به ما فعل بخطايا.
والتَمَطِّي: التبختر ومدُّ اليدين في المشي.
ويقال: التَمَطِّي مأخوذ من المَطيطَةِ، وهو الماء الخاثر في أسفل الحوض، لأنه يَتَمَطَّطُ أي يتمدد.
والمُطَواءُ من التَمَطِّي.
والمَطْوُ: المدّ.
يقال: مَطَوْتُ بالقوم مَطْوًا، إذا مددتَ بهم في السير.
قال الأصمعي: المَطِيَّةُ: التي تَمُطُّ في سيرها.
قال: وهو مأخوذ من المَطْوِ، أي المد.
قال أبو زيد: يقال منه: امْتَطَيْتُها، أي اتَّخذتها مَطِيَّةً.
وقال الأموي: امْتَطَيْناها، أي جعلناها مَطايانا.
والمِطْوُ: عذق النخلة، والجمع مطاءٌ.
ومِطْوُ الشيء: نظيره وصاحبه.
وقال:
نادَيْتُ مِطْوي وقد مال النهار بهمْ *** وعَبْرَةُ العَينِ جارٍ دَمْعُها سَجِمُ
وقال رجلٌ من أسد السَراة يصف برقًا:
فظَلْتُ لدى البيتِ العتيق أخيلهُ *** ومِطوايَ مشتاقانِ لهْ أرِقانِ
أي صاحبايَ.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
59-المحيط في اللغة (ودر)
ودر وَدَرْته تَوْدِيْرًا اذا أغْوَيْتَه حَتى يَتَكَلَفَ ما يَقَع فيه فيُهْلِكَه.ووَدرْت رَسوْلي إلى مَوْضِعِ كذا أي بَعَثْتُه.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
60-تهذيب اللغة (بعث)
بعث: قال الليث: بَعَث البعير فانبعث إذا حللت عِقَاله وأرسلته لو كان باركًا فأثرته.قال: بعثته من نومه فانبعث.
قال والبَعْث: بَعْث الجُنْد إلى العَدُوّ.
قال والبَعْث يكون نَعْتًا للقوم يُبْعثون إلى وجه من الوجوه؛ مثل السفَر والرَكْب.
بَعيث: اسم رجل.
قلت: هو شاعر معروف من بني تميم؛ وبَعيث لقب له، وإنما بعَّثَه قولُه:
تبعَّث مني ما تبعَّث بعد ما استمرْ
قلت: وبُعاث ـ بالعين ـ: يوم من أيام الأوس والخزرج معروف ذكره الواقدي ومحمد بن إسحاق في «كتابيهما».
وذكر ابن المظفّر هذا في كتاب «الغين» فجعله يوم بُغَاث فصحّفه.
وما كان الخليل رَحِمَه الله يخفي عليه يومُ بعاث؛ لأنه من مشاهير أيَّام العرب، وإنما صحَّفه الليث وعزاه إلى خليل نفسِه، وهو لسانه.
والله أعلم.
وقال الله جلّ وعزّ: {قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} [يس: 52] هذا وقف التَمَام وهو قول المشركين يوم النُشُور وقوله جلّ وعزّ: {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] قول المؤمنين و {هذا} رفع بالابتداء والخبر {ما وَعَدَ الرَّحْمنُ} وقرىء {يا ويلنا مِن بَعْثِنا من مرقدنا} أي مِن بَعْث الله إيانا من مرقدنا.
والبعث في كلام العرب على وجهين أحدهما الإرسال؛ كقول الله تعالى: {ثُمَ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى} [الأعراف: 103] معناه: أرسلنا.
والبَعْث: إثارة بارِكٍ أو قاعد.
تقول بعثت البعير فانبعث أي أثرته فثار.
والبَعْث أيضًا: الإحياء من الله للموتى.
ومنه قوله جلّ وعزّ: {ثُمَ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البَقَرَة: 56] أي
أحييناكم.
وفي حديث حذيفة: «إن للفتنة بَعْثات ووَقَفات فمن استطاع أن يموت في وَقفاتها فليفعل».
وقال شمر في قوله: «بعثات» أي إثارات وهَيْجات.
قال: وكلّ شيء أثرتَه فقد بعثتَه.
وبعثت النائم إذا أهْبَبتَه.
قال: والبَعْث: القوم المبعوثون المُشْخصون.
ويُقَال: هم البَعْث بسكون العين.
وفي «النوادر»: يقال: ابْتَعَثْنا الشام عَيْرًا إذا أرسلوا إليها رِكَابًا للميرة.
وباعِيثاء: موضع معروف.
الأصمعيّ: رجل بَعِث: لا يكاد ينام، وناقة بَعِثة: لا تكاد تَبْرُك.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
61-تهذيب اللغة (دعا)
دعا: قال الله جلّ وعزّ: {وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [البَقَرَة: 23] قال أبو إسحاق يقول: ادعوا مَن استدعيتم طاعته، ورجوتم معونته في الإتيان بسورة مثله.وقال الفراء {وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ} يريد: آلهتهم.
يقول: استغيثوا بهم.
وهو كقولك للرجل: إذا لقيت العدوّ خاليًا فادع المسلمين، ومعناه استغث بالمسلمين.
فالدعاء هاهنا بمعنى الاستغاثة.
وقد يكون الدعاء عبادة؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ} [الأعرَاف: 194] أي الذين تعبدون من دون الله.
وقوله بعد ذلك: {فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [الأعرَاف: 194] يقول: ادعوهم في النوازل التي تنزل بكم إن كانوا آلهة تقولون، يجيبوا دعاءكم.
فإن دعوتموهم فلم يجيبوكم فأنتم كاذبون أنهم آلهة.
وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ} [البَقَرَة: 186] يعني الدعاء لله على ثلاثة أضرب.
فضرب منها توحيده والثناء عليه؛ كقولك: يا الله لا إله إلا أنت، وكقولك: ربّنا لك الحمد، إذا قلته فقد دعوته بقولك ربّنا، ثم أتيت بالثناء والتوحيد.
ومثله قوله تعالى: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ} [غافر: 60].
الآية فهذا الضرب من الدعاء.
والضرب الثاني مسألة الله العفوَ والرحمة وما يقرِّب منه، كقولك: اللهم اغفر لنا.
والضرب الثالث مسألته الحظُّ من الدنيا، كقولك: اللهم ارزقني مالًا وولدًا.
وإنما سمى هذا أجمعُ دعاء لأن الإنسان يصدّر في هذه الأشياء بقوله: يا الله يا ربّ يا رحمن.
فلذلك سُمّي دعاء.
وأما قول الله جلّ وعزّ: {فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ} [الأعرَاف: 5] المعنى أنهم لم يحصلوا ممّا كانوا ينتحلونه من المذهب والدين وما يدَّعونه إلَّا على الاعتراف بأنهم كانوا ظالمين.
وهذا كله قول أبي إسحاق.
والدعوى: اسم لما تدّعيه.
والدعوى تصلح أن تكون في معنى الدعاء، لو قلت: اللهم أشركنا في صالح دعاء المسلمين ودعوى المسلمين جاز، حكى ذلك سيوبيه، وأنشد:
* قالت ودعواها كثير صَخَبُه*
وقال الله في سورة الملك [27]: {وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} قرأ أبو عمرو {تَدَّعُونَ} مثقّلة وفسّره الحسن: تكذِبون من قولك: تدّعِي الباطل وتدّعي ما لا يكون.
وقال الفرّاء: يجوز أن يكون {تَدَّعُونَ} بمعنى تَدْعون.
ومن قرأ {تَدْعون} مخفّفة فهو من دعوت أدعو.
والمعنى: هذا الذي كنتم به تستعجلون، وتدْعون الله بتعجيله.
يعني قولهم: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ} [الأنفال: 32] ذكر ذلك لنا المنذريّ عن ابن فهم عن محمد بن سلّام عن يونس النحوي، وقاله الزجاج أيضًا.
قال: ويجوز أن يكون {تَدَّعُونَ} في الآية تفتعلون من الدعاء، وتفتعلون من الدعوى.
وقال الليث: دعا يدعو دَعْوة ودُعَاء، وادّعى يدَّعي ادّعاء ودَعْوى.
قال: والادّعاء في الحرب: الاعتزاء، وكذلك التداعِي.
قال: والتداعي: أن يدعوا القومُ بعضُهم بعضًا.
وقال الله جلّ وعزّ: {وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} [يُونس: 25] دار السلام هي الجنة والسلام هو الله.
ويجوز أن تكون الجنة دار السلامة والبقاء.
ودعاء الله خلقه إليها كما يدعو الرجل الناس إلى مَدْعاة أي مأدُبة يتَّخذها.
وطعامِ يدعو الناس إليه.
ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى بني دارًا واتَّخذ مأدبة، فدعا الناس إليها».
وقرأ هذه الآية: وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرًا فليأكل، وإن كان صائمًا فليصَلّ».
وهي الدّعْوة والمَدْعاة للمأدُبة.
وأمَّا الدِّعوة ـ بكسر الدال ـ فادّعاء الولد الدعيّ غير أبيه.
يقال دعِيّ بيّن الدعوة والدِّعاوة.
والمؤذّن داعي الله، والنبي صلى الله عليه وسلم داعي الأمّة إلى توحيد الله تعالى وطاعته.
قال الله تعالى مخبرًا عن الجنّ، الذين استمعوا القرآن و {وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ.
.
.
}: {يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ} [الأحقاف: 31] ويقال لكل من مات: دُعي فأجاب.
ويقال دعاني إلى الإحسان إليك إحسانك إليّ.
والعرب تقول: دعانا غيث وقع ببلدة فأَمْرَع، أي كان ذلك سببًا لانتجاعنا إياهُ.
ومنه قول ذي الرمَّة:
* تدعو أنفَه الرببُ*
ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للحالب «دَعْ داعي اللبن» ويقال داعية اللبن قال أبو عبيد يقول: أبقِ في الضرع قليلًا من اللبن، فلا تستوعب كلّ ما فيه؛ الذي تُبقيه فيه يدعو ما وراءه من اللبن فينزله، وإذا استنفض كل ما في الضرع أبطأ دَرُّه على حالبه.
قلت: ومعناه عندي: دع ما يكون سببًا لنزول الدِرّة.
وذلك أن الحالب إذا ترك في الضرع لأولاد الحلائب لُبَيْنةً تَرضعها طابت أنفسها، فكان أسرع لإفاقتها والداعية: صريخ الخيل في الحروب.
يقال: أجيبوا داعية الخيل اللحياني: الدعوة الحِلْف يقال: دَعوة فلان في بني فلان.
قال: ويقال: لبني فلان الدعوة على قومهم إذا كان يبدأ بهم.
والدعوة الوليمة.
وفي نسبة دَعْوة أي دَعْوَى،
ودعِيّ بين الدِّعوة والدَّعاوة).
وقال الليث: النادبة تدعو الميت إذا ندبته.
وقول الله جل ذكره حين ذكر لظى نعوذ بالله منها قال: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعَارج: 17] قال المفسرون: تدعو الكافَر باسمه، والمنافق باسمه.
وقيل: ليست كالدعاء: تَعالَ، ولكن دعوتها إياهم ما تفعل بهم من الأفاعيل.
ويقال: تداعى البناءُ والحائط إذا تكسّر وآذن بانهدام.
ويقال: داعينا عليهم الحِيطان من جوانبها أي هدمناها عليهم.
وتداعى الكَثِيب من الرمل إذا هِيل فانهال وتداعت القبائلُ على بني فلان إذا تألَّبوا، ودعا بعضهم بعضًا إلى التناصر عليهم.
شمر قال: التداعي في الثواب إذا أخلق، وفي الدار إذا تصَدَّع من نواحيها والبرق يتداعى في جوانب الغيم قال ابن أحمر:
ولا بيضاء في نَضَد تداعى *** ببرق في عوارض قد شرِينا
والدُّعاة: قوم يَدْعون إلى بَيْعةِ هدى أو ضلالة، واحدهم داعٍ، ورجل داعية إذا كان يدعو الناس إلى بدعة أو دين، أدخلت الهاء فيه للمبالغة.
وأما قول الله جل ذكره في صفة أهل الجنة: {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [يُونس: 10] يعني أن دعاء أهل الجنة تنزيه الله وتعظيمه، وهو قوله: {دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ} [يُونس: 10] ثم قال: {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} أخبر أنهم يبتدئون بتعظيم الله وتنزيهه، ويختمونه بشكره والثناء عليه، فجعل تنزيهه دعاء، وتحميده دعاء.
والدعوى ههنا معناها الدعاء.
أبو عبيد: الأُدْعِيَّة مثل الأُحْجيَّة، وهي الأُغلوطة، وقد داعيته أداعيه.
وأنشد:
أُداعيك ما مستحقَبات مع السُرى *** حسان وما آثارها بحسان
أي: أحاجيك.
وأراد بالمستحقَبات السيوف.
ويقال: بينهم أُدْعيَّة يتداعَون بها، وأحجيَّة يتحاجَون بها وهي الأُلْقيَّة أيضًا.
ويقال: لبني فلان الدَّعوة على قومهم إذا بدىء بهم في الدعاء إلى أعطياتهم.
وقد انتهت الدعوة إلى بني فلان.
وكان عمر بن الخطاب رحمهالله يقدّم الناس في أعطياتهم على سوابقهم فإذا انتهت الدعوة إليه كبّر.
والتدعّي: تطريب النائحة في نياحتها على ميتها.
والدعوة الحِلف.
وفلان يَدَّعي بكرم فعاله أي يخبر عن نفسه بذلك.
ويقال تداعت إبل فلان فهي متداعية إذا تحطَّمت هَزْلًا.
وقال ذو الرمّة:
تباعدت مني أن رأيت حَمُولتي *** تداعت وأن أحْيا عليك قطيع
والدَّاعي: نحو المساعي والمكارم.
يقال: لذو مداعٍ ومساعٍ.
شمر عن محارب: دعا الله فلانًا بما يكره أي أنزل به مكروه.
قال أبو النجم:
رماك الله من عيش نافعي *** إذا نام العيون سرت عليكا
إذا أقبلته أحوى جميشا *** أتيت على حيالك فانثنيتا
والحمامة تدعو إذا ناحت.
وقال بشر:
أحببنا بني سعد بن ضَيَّة إذ دَعوا *** ولله مولى دعوة لا يجيبها
يريد الله وليّ دعوة يُجيب إليها، ثم يدعى فلا يجيب.
وقال النابغة فجعل صوت القطا دعاء:
تدعو قطًا وبها تُدْعى إذا انتسبت *** يا صدقها حين تدعوها فتنتسب
أي: صوتها قطا وهي قطا ومعنى تدعو: أي تصوّت قطا قطا.
ويقال: ما دعاك إلى هذا الأمر أي ما الذي جرَّك إليه واضطرك.
قال الكلبي في قول الله جلّ وعزّ: {ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ} [البَقَرَة: 68] قال سل لنا ربك.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي} [غَافر: 60].
وقال مجاهد في قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ} [الكهف: 28] قال يصلّون الصلوات الخمس.
وروي مثل ذلك عن سعيد بن المسيَّب.
ويقال: تداعت السحابةُ بالبرق والرعد من كل جانب إذا رَعَدت وبرقت من كل جهة.
وقال أبو عدنان: كل شيء في الأرض إذا احتاج إلى شيء فقد دعا به، ويقال للرجل إذا أخلقت ثيابه: قد دعت ثيابُك أي احتجت إلى أن تلبس غيرها من الثياب.
وقال الأخفش: يقال: لو دُعينا إلى أمر لا ندعينا، مثل قولك بعثته فانبعث.
وقال في قول الله جلّ وعزّ: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَدًا} [مريَم: 91] أي جعلوا.
وقال ابن أحمر الباهلي:
* وكنت أدعو قذاها الإثْمِد القردا*
أي: كنت أجعل وأُسَمّي.
وقوله: {لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهًا} [الكهف: 14] أي لن نعبد إلهًا دونه.
وقال جلّ وعزّ: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا} [الصَّافات: 125] أي أتعبدون ربًّا سوى الله.
وقال: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهًا آخَرَ} [الشُّعَرَاء: 213] أي لا تعبد.
وقال ابن هانىء في قوله: {وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ} [يس: 57] أي ما يتمنّون.
تقول العرب ادّع عَلَيَّ ما شئت.
وقال اليزيدي: يقال لي في هذا الأمر دَعْوى ودَعاوى ودِعاوة.
وأنشد:
تأبى قضاعة أن ترضى دِعاوتكم *** وابنا نزار فأنتم بَيْضَة البلد
قال: والنصب في دعاوة أجود.
وقال الكسائي: لي فيهم دِعوة أي قرابة وإخاء.
قال وفي العُرْس دِعوة أيضًا.
وهو في مدعاتهم كما تقول في عرسهم.
وقال ابن شميل: الدَّعوة في الطعام.
والدَّعوة في النسب.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال المُدَّعَى: المتهم في نسبه وهو الدعيّ.
والدعِيّ أيضًا: المتبنيَّ الذي تبنّاه رجل فدعاه ابنه ونَسَبُه إلى غيره.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم تبنّى زيد بن حارثة فأمر الله جلّ وعزّ أن ينسب الناس إلى آبائهم، وألّا ينسبوا إلى من تبنَّاهم فقال: {ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ} [الأحزَاب: 5] وقال {وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ} [الأحزَاب: 4].
عمرو عن أبيه قال: الداعي المعذَّب: دعاه الله أي عذّبه.
وقال محمد بن يزيد في قول الله جلّ وعزّ: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعَارج: 17] تعذّب.
وقال ثعلب: تنادي من أدبر.
والتدعّي: تطريب النائحة إذا نَدَبَت.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
62-تهذيب اللغة (نجب)
نجب: قال الليث: النَّجَبُ قُشُورُ الشَّجر، ولا يُقال لما لَانَ من قِشْرِ الأغْصَان نَجَب، ولا يُقال قِشْرُ العُروق، ولكن يقال: نَجَبُ العُروق، والقِطعة منه نَجَبَةٌ، وقد نَجَّبْتُه تَنجيبًا، وذهب فلانٌ يَنْتَجِبُ أي يَجْمَعُ النَّجَب.قلت: النَّجب قشورُ السِّدْرِ يُصْبَغُ به.
وقال ابن السكيت: سِقَاءُ مَنْجُوب، أي دُبغَ بالنَّجَب، وهو قُشورُ، سُوقِ الطَّلْح، وسِقاء نجَبِيّ.
أو عُبيد، عن الأحمر: المَنْجُوبُ الْجِلْدُ المدبوغُ بالنَّجَب وهو لحاءُ الشَّجر.
ثعلب، عن ابن الأعرابيّ: أَنْجَب الرجلُ جاء بولد نجيب، وأَنجب، إذا جاء بولد نجيب، قال: ومن جَعَله ذَمًّا أخذَه من النَّجب، وهو قِشْرُ الشَّجر.
أبو عُبيد، عن أبي عمرو: المِنْجابُ الرَّجل الضَّعيف وجمعه مَناجِيب، وأنشد لعُرْوَة:
بَعَثْتُهُ في سَوادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُنِي *** إذ آثَرَ النَّومَ والدِّفْءَ المناجِيبُ
وقال الأصمعيّ: المِنْجابُ من السِّهام ما بُرِيَ وأُصْلِح، ولم يُرَشْ ولم يُنَصَّل.
وأنجَبَت المرأة، إذا وَلَدتْ ولدًا نجيبًا، وامرأَةٌ مِنْجاب: ذات أولاد نُجَباء، ونساءٌ مَناجِيب.
وقال الليث: النَّجابَةُ مَصْدرِ النَّجِيب من الرجال، وهو الكريمُ ذو الحسَب إذا خَرج خُروج أبيه في الكرم، والفعل نَجُب يَنْجُب نجابَةً، وكذلك النَّجابَة في نجائب الإبل، وهي عِتاقها التي يُسابَقُ عليها، وقد انْتَجب فلانٌ فلانًا، إذا استخلَصَه واصطفاه على غيره.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
63-تهذيب اللغة (تب)
[تب]: قال الليث: التَّبُ الخَسار؛ يقال: تَبّا لِفلان على الدُّعاء، نُصِب لأنه مَصدرٌ محمول على فِعله؛ قال: وتَبَّبتُ فلانا أي قلتُ له: تَبّا.قال: والتَّبَابُ الهلاكُ؛ ورجل تابٌ ضعيف والجميع الإتْبابُ وقول الله جلّ وعزّ: {وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هود: 101] قال أهل التفسير: ما زادوهم غير تخْسير؛ ومنه قول الله جلّ وعزّ: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] أي خَسِرتْ، قال: {وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ} [غافر: 37] أي ما كيده إلَّا في خُسران.
وقال أبو زيد: إن من النساء التَّابَّةُ وهي الكبيرة، ورجل تَابٌ أي كبير، وقال غيره: حِمارِ تَابُ الظَّهر إذا دَبِرَ، وجَمَلٌ تابٌ كذلك، ويقال: استَتَبَ أمرُ فلان إذا اطَّرَد واستقام وتَبَيَّن؛ وأصلُ هذا من الطريق المسْتَتِبِ، وهو الّذي خَدَّ فيه السيارةُ خُدودا وشَرَكا فوضحَ واستبانَ لمن سَلَكه، كأَنَّهُ ثُبِّتَ بكثرة الوطء وقُشِرَ وجهُه فصار مَلْحُونا بَيِّنا من جماعة ما حَوَالَيْه من الأرضين، فَشُبِّه الأمرُ الواضحُ البيِّن المستقيمُ به، وأنشد المازنيُّ في المَعانِي:
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلام بَعَثْتُه *** يَشكو الكلالَ إليَّ دامَى الأَظْلَلِ
أَوْدَى السُّرَى بِقَتَالِه ومراحه *** شهْرا نواصِيَ مُسْتَتِبٍ مُعْمَلِ
نصب نواصِيَ لأنه جعله ظرفا، أراد في نواصِي طريقٍ مُسْتَتِبٍ.
نَهْجِ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَهُ *** ضَاحِي المَوَارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
شبه ما في هذا الطريق المستتبّ من الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّن، وهو الحديد الّذي يُحرَثُ به الأرضُ، وقال آخر في مثله:
أَنْضَيْتُها مِن ضُحاها أَوْ عَشِيَّتِها *** في مُسْتَتِبٍ يَشُقّ البِيدَ والأكُما
أي: في طريق ذي خُدودٍ أي شُقوقٍ مَوْطوءٍ بَيِّن، والتَّبِّيُ ضربٌ من تمر البحرين رديءٌ يأكله سُقَّاطُ الناس.
وقال الجعدي:
وأَعْظَمَ بَطْنا تَحْتَ دِرْعٍ تَخَالُه *** إذا حُشِيَ التَّبِّيَ زِقّا مُقَيَّرا
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: تَبَ إذا قَطَع وتَبَ إذا خسر، ومن أمثالهم: مَلَك عبدٌ عبدا فأَوْلاه تَبّا، يَقول: لم يكن له مِلكٌ فلما ملك هَانَ عليه ما مَلك، وتَبْتَبَ إذا
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
64-معجم العين (غزو)
غزو: غَزَوْتُ أَغْزُو غَزْوًا، والواحدة غَزْوةٌ.ورجل غَزَويٌّ أي غَزّاءٌ.
والغَزِيُّ: جماعة الغُزاةِ مثل الحجيج، قال:
قل للقَوافِلِ والغَزِيِّ إذا غَزَوا
والغُزَّى: جمع غازٍ على فُعَّلٍ.
والمَغْزاةُ والمغازي: مواضع الغَزْوِ، وتكون المغازي مَناقِبُهم وغَزَواتُهم.
وأَغْزَتِ المرأة أي غَزَا زَوْجُها، فهي مُغْزِيَةٌ.
وجمع الغَزْوةِ غَزَواتٌ.
وتقول للرجل: ما غَزْوَتُكَ أي ما تعني بما تقول.
وأَغْزَيْتُه أي: بعثته إلى الغَزْوِ.
وأَغْزَتِ النَّاقةُ أي عسر لقاحها.
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م