نتائج البحث عن (بِنَهَرِ)
1-العربية المعاصرة (بلا)
بلا يَبلُو، ابْلُ، بَلْوًا وبَلاءً، فهو بالٍ، والمفعول مبلوّ.* بَلا الشَّخصَ: جرّبه، اختبره وامتحنه {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [قرآن].
* بلا السَّفَرُ الشَّخصَ: أعياه وأتعبه وأجهده.
بلِيَ يَبلَى، ابْلَ، بِلًى وبَلاءً، فهو بالٍ.
* بلِي الثَّوبُ ونحوُه: رثَّ وخلق وتَلِف (عادات بالية) (*) أفكار بالية/فكرة بالية: مُتخلّفة، عفَّى عليها الزَّمن.
* بلِي المُلْكُ: فنِي وزال {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى} [قرآن].
أبلى/أبلى في يُبلي، أَبْلِ، إِبْلاءً، فهو مُبْلٍ، والمفعول مُبْلًى.
* أبْلى الثَّوبَ ونحوَه: أخلقه، أتلفه بالاستعمال الطويل، جعله رثّا.
* أبْلى الهمُّ فلانًا: دهمه وحلَّ به.
* أبْلى اللهُ المؤمنين بلاءً حسنًا: أنعم عليهم بالنَّصر {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاَءً حَسَنًا} [قرآن].
* أبْلى في الحَرْب ونحوها: اجتهد فيها، أظهر فيها بأسًا (أبلى الطالبُ في الامتحان) (*) أبلى بلاءً حَسَنًا: أجاد، بذل جهدًا عظيمًا وجيّدًا.
ابتلى يبتلي، ابتلِ، ابْتِلاءً، فهو مُبتَلٍ، والمفعول مُبتَلًى.
* ابتلى الشَّخصَ: بلاه، اختبره وامتحنه، جرَّبه وعرفه {وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} [قرآن] - {إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} [قرآن].
* ابتلاه بمحنة: أصابه بها (ابتُلِيَ الرُّسُلُ بكثير من الفتن فصبروا).
بالى/بالى ب/بالى ل يبالي، بالِ، مُبالاةً، فهو مُبالٍ، والمفعول مُبالًى.
* بالى الأمرَ/بالى بالأمر/بالى للأمر: اكْتَرَثَ له، واهتمّ به، ويغلب استعماله في سياق النَّفي (لا يُبالي كثير من النَّاس بقيمة الوقت- لا أُبالي له).
إبلاء [مفرد]: مصدر أبلى/أبلى في.
ابتلاء [مفرد]: مصدر ابتلى.
بَلاء [مفرد]:
1 - مصدر بلا وبلِيَ (*) أصحاب البلاء: المجذومون.
2 - محنة، غَمٌّ وهَمٌّ، مصيبة تنزل بالمرء ليُختبر بها، عكس عافية (ادفع الهمّ والبَلاء بالتضرّع والدّعاء- أصاب البلادَ البلاءُ إذ هاجمها الأعداءُ- {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاَءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [قرآن]).
بَلْو [مفرد]:
1 - مصدر بلا (*) هو بَلْو أسفار: أبلاه السّفر والتجارب.
2 - قديم بالٍ.
بَلْوى [مفرد]: جمعه بَلاوَى وبلاوٍ وبَلايا:
1 - بَلاء، مُصيبة ومِحْنَة (كانت بلواه شديدة بوفاة أبيه- قد يُنعم اللهُ بالبَلْوَى وإن عظُمت) (*) أهل البلايا: المبتلَون بالأمراض- بلايا الدَّهر: مصائبه- نحن في البلوى سواء: أي كلّنا في الهمّ.
2 - فقر.
بِلًى [مفرد]:
1 - مصدر بلِيَ.
2 - فَناء (طواه البِلى).
بَليّة [مفرد]: جمعه بَلايا: بَلاء، مُصيبة ومِحْنَة (شرُّ البَليّة ما يُضحك [مثل]: يُضرب للشِّدَّة أو المصيبة تأتي في غير حينها وعلى غير وجهها فيتعجّب منها المبتلى بها ويضحك) (*) مُنِيَ ببليّة: أي ابْتُلى بها كأنمّا قُدّرت له وقُدِّر لها.
مبالاة [مفرد]: مصدر بالى/بالى ب/بالى ل (*) لا مُبالاة بالأمور/عدم مُبالاة بالأمور: عدم تأثُّر أو اهتمام بالموقف.
* لا مبالاة: [في علوم النفس] حالة نفسيَّة تتَّصف بعدم التأثّر بالمواقف التي تثير الاهتمام، وفقدان الشعور والانفعال بأمرٍ ما وعدم أخذه بعين الاعتبار (استمرار حالة اللامبالاة حِيال ما يحدث في فلسطين أمرٌ يثير العجب والاشمئزاز).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (طعم)
طعِمَ يَطعَم، طَعامًا وطَعْمًا، فهو طاعِم، والمفعول مَطْعوم (للمتعدِّي).* طعِم الغصنُ: قبِل التطعيم، أي الوصل بغصن من شجرة أخرى.
* طعِم الطّعامَ كُلّه: أكله (طعِمَ السمكَ مع أصدقائه- {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [قرآن]).
* طعِم الشرابَ: ذاقه (طعِم الدواءَ قبل شربه- طعِمَ العسل ثمَّ أكل منه- {إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [قرآن]).
أطعمَ يُطعِم، إطعامًا، فهو مُطعِم، والمفعول مُطعَم (للمتعدِّي).
* أطعمتِ الشَّجرةُ: أثمرت، صار لها ثمرٌ (أطعمت النّخلةُ لأوّل مَرّة).
* أطعمَ عصيرُ القصب: تغيّر طعمه، صار ذا طَعْم (أطعمَ الماءُ بعد فترة).
* أطعم الدَّابَّةَ: قدّم لها الطعامَ (أطعمت المرأةُ زوجَها- {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ} [قرآن]: أنرزق من لو يشاء الله يرزقه).
* أطعم الغصنَ بآخر: طعَّمه به، أي وصَله بغصن من شجرة أخرى.
استطعمَ يَستطعِم، استطعامًا، فهو مُستطعِم، والمفعول مُستطعَم.
* استطعم الرَّجلَ: طلب منه طعامًا، سأله أن يُطعمَه (استطعم أهلَ الحيّ فقدّموا له الطعام- {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} [قرآن]).
* استطعم الأكلَ:
1 - وجد طعمه لذيذًا.
2 - ذاقه ليعرف طعمه (حلاوتَه أو ملوحتَه) (استطعم اللحمَ/الفطيرَ/العصيرَ).
تطاعمَ يتطاعم، تطاعُمًا، فهو مُتطاعِم.
* تطاعم الحمامُ: أدخل منقاره في منقار أنثاه.
* تطاعم الرَّجلان: أكلا معًا.
تطعَّمَ يتطعَّم، تَطَعُّمًا، فهو مُتَطَعِّم، والمفعول مُتَطَعَّم (للمتعدِّي).
* تطعَّمت الشَّجرةُ: مُطاوع طعَّمَ: أُلصق بها غُصن من شجرة أخرى لتحسينها أو اشتقاق نوع آخر منها.
* تطعَّم الشَّيءَ: ذاقه ليعرف طعمه.
طاعمَ يُطاعم، مُطَاعَمَةً، فهو مُطَاعِم، والمفعول مُطَاعَم.
* طاعم الرَّجلُ ضيفَه: أكل معه.
* طاعم الحمامُ أنثاه: أدخل منقارَه في منقارها.
طعَّمَ يُطعِّم، تطعيمًا، فهو مُطعِّم، والمفعول مُطعَّم.
* طعَّم الخشبَ بالصَّدَف ونحوِه: ركَّبه فيه للزَّخرفة والزِّينة (طعّم القلمَ بالعاج- طعّم الخنجر بالذهب- طعّم الإطارَ بالفضّة).
* طعَّم أشجارَ الحديقة: وصل بعض أغصانها بأغصان من نوع آخر من الشجر لتثمر نوعًا جديدًا (طعَّم شجرة الخوخ بشجرة الجوافة).
* طعَّمه ضدّ شلل الأطفال: [في الطب] حقنه بمصل واقٍ، لقَّحه ببعض الجراثيم أو بمصل الأمراض الوبائية للوقاية أو للشفاء منها (طعّمه بطُعْم الجدَري- طعّمه تطعيمًا وقائيًّا- تطعيم إجباريّ للأطفال).
تطعيم [مفرد]: جمعه تطعيمات (لغير المصدر):
1 - مصدر طعَّمَ.
2 - (نت، رع) لصق جزء من ساق نبات يُسمَّى بالطُّعم بساق نبات آخر مُثبَّتة جذوره، ويُسمَّى بالأصل، يتكوَّن من الغصنين المركبين غصن آخر يُثمر ثمرًا جديدًا.
3 - [في الطب] حَقْن الجسم بالمصل ليكتسب مناعة من المرض.
* تطعيم الخشب: تقطيع الخشب وجمع قطعه، ولصق بعضها ببعض بحيث تنسجم الأشكال والألوان بشكل متآلف متناغم.
* تطعيم متجانس: [في الطب] طُعْم نسيجيّ يتم الحصول عليه من متبرِّع يختلف جينيًّا عن المتلقي، لكنه من النوع نفسه.
* تطعيم مثليّ: [في الطب] رقعة أو نسيج أو عضو ما مأخوذ من نوع المتلقي نفسه ولكن باختلاف عوامل الوراثة.
طَعَام [مفرد]: جمعه أطْعِمة (لغير المصدر):
1 - مصدر طعِمَ.
2 - أكْل، مأكولات (التفّت الأسرة حول مائدة الطعام- راحة الجسد في قلة الطعام- {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} [قرآن]) (*) أضرب عن الطَّعام: امتنع عن تناوله احتجاجًا على شيء- قائمة الطعام: بيان بأنواع المأكولات التي يقدِّمها مطعم ما لزبائنه- لكلِّ غدٍ طعام: يضرب في التوكل على فضل الله تعالى.
طَعْم [مفرد]: جمعه طُعُوم (لغير المصدر):
1 - مصدر طعِمَ.
2 - ما تدركه حاسّة الذّوق من الطعام والشراب، كالحلاوة والمرارة والملوحة ونحوها (لهذه الفاكهة طعْمٌ لذيذ- لم يذق طعم النوم/الراحة- {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [قرآن]) (*) فلانٌ لا طَعْم له: إذا لم يكن مقبولًا.
طُعْم [مفرد]: جمعه طُعُوم:
1 - ما يُلقى للسمك والطير ونحوهما من طعام لاصطياده أو إيقاعه في الشّرَك (أكلت السمكة الطُّعم فلم تستطع الخلاص من الصِّنارة) (*) بلَع الطُّعْمَ: انخدع وجازت عليه الحيلة.
2 - [في الطب] لِقاح؛ مَصْلٌ يُحقَنُ به الجسم ليكتسب مناعة ضِدّ المرض (طُعْم ضد الكوليرا- طُعم ضد الحصبة).
3 - [في النبات] جزء من قطعة نبات للتطعيم أو الزراعة.
طُعْمَة [مفرد]: جمعه طُعُمات وطُعْمات وطُعَم:
1 - طَعام، مأدُبةَ (قدّم طُعمة لعابر سبيل) (*) أصبح طُعمةً للنِّيران: احترق- طُعْمة لمدافِع الحرْب: عُرْضة لها.
2 - رِزق، مكْسب (فلان عفيف الطُّعمة).
طَعميّة [مفرد]: طعامٌ يُصنع من الفول أو الحمَّص المطحون وبعض الخضراوات، يُقلى بالزيت.
مِطعام [مفرد]: جمعه مَطاعِيمُ، والمؤنث مِطْعام ومطعامة:
1 - صيغة مبالغة من طعِمَ.
2 - كثير الإطعام، كثير الأضياف (كان كريمًا مِطعامًا- امرأةٌ مطعام/مِطْعامة- رجلٌ مطعامٌ لليتامى).
مَطعَم [مفرد]: جمعه مطاعِمُ:
1 - اسم مكان من طعِمَ: مكان يتناول فيه الناس الطعامَ بثمن (مطعم جامعي/شعبيّ- صاحب مطعم- مطاعم خمسة نجوم) (*) مطعم الخدمة الذاتيّة: مطعم يقوم الزبائن فيه بخدمة أنفسهم.
2 - طعام، ما يؤكل (أَطِبْ مَطْعَمكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ) [حديث].
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-المعجم الوسيط (طَعِمَ)
[طَعِمَ] -َ طَعْمًا، وطعَامًا: أَكل.و- ذاقَ.
و- الغُصْنُ أَو الفَرْعُ: قَبِلَ الْوَصْلَ بغُصن من غير شجرهِ.
و- الشيءَ، ومنه: أَكلَه بمقدَّم فمه وثناياه.
و- ذَاقَه.
وفي التنزيل العزيز: {إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ منهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249].
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
4-معجم ما استعجم (الفرع)
الفرع: بضمّ أوّله ثانيه، بالعين المهملة: حجازىّ من أعمال المدينة الواسعة. والصّفراء وأعمالها من الفرع؛ ومنضافة إليها. وروى الزّبير عن علىّ بن صالح، عن هشام بن عروة، أن الفرع أوّل قرية مارت إسماعيل التّمر بمكّة، وكانت من ديار عاد.وروى الأسلميّون عن أشياخهم، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نزل فى موضع المسجد بالبرود، فى مضيق الفرع، فصلى فيه. والفرع على الطريق من مكّة إلى المدينة. وقد ذكرت ذلك فى رسم قدس.
وروى الزّبير عن رجاله أن أسماء بنت أبى بكر قالت لابنها عبد الله:
يا بنىّ اعمر الفرع. قال: نعم يا أمّه، قد عمرته واتّخذت به أموالا. قالت:
والله لكأنّى أنظر إليه حين فررنا من مكّة مهاجرين وفيه نخلات، وأسمع به نباح كلب. فعمل عبد الله بن الزّبير بالفرع عين الفارعة والسّنام. وعمل عروة أخوه عين النّهد، وعين عسكر، واعتمل حمزة بن عبد الله عين الرّبض والنّجفة. قال الزّبير: سألت سليمان بن عيّاش: لم سمّيت عين الرّبض، فقال:
منابت الأراك فى الرمل تدعى الأرباض. وسمّيت النّجفة، لأنّها فى نجف الحرّة. قال الزّبير: قال منذر بن مصعب بن الزّبير لأخيه خالد بن مصعب،
وعاوض بعض أصحابه بمال له على عين النّهد إلى مال لأخيه بالجوّانيّة:
«خليلى أبا عثمان ما كنت تاجرا *** أتأخذ أنضاحا بنهر مفجّر»
«أتجعل أنضاحا قليلا فضولها *** إلى النّهد يوما أو إلى عين عسكر»
وروى مالك عن نافع أن ابن عمر أحرم من الفرع. وقال الواقدىّ: مات عروة ابن الزّبير بالفرع، ودفن هناك سنة أربع وتسعين. والفرع: من أشرف ولايات المدينة، وذلك أن فيه مساجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلها مرارا، وأقطع فيها لغفار وأسلم قطائع، وصاحبها بحبى اثنى عشر منبرا:
منبر بالفرع، ومنبر بمضيقها، على أربعة فراسخ منها، يعرف بمضيق الفرع، ومنبر بالسّوارقيّة، وبسابة، وبرهاط، وبعمق الزّرع، وبالجحفة، وبالعرج وبالسّقيا، وبالابواء، وبقديد، وبعسفان، وبإستارة. هذه كلّها من عمل الفرع. وقال الزّبير: كان حمزة بن عبد الله بن الزّبير قد أعطاه أبو الرّبض والنّجفة، عينين بالفرع تسقيان أزيد من عشرين ألف نخلة. قال ابن إسحاق:
وبناحية الفرع معدن يقال له بحران، وإليه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقب غزوة السّويق، يريد قريشا، وأقام به شهرين، وانصرف ولم يلق كيدا.
معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع-أبو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد البكري الأندلسي-توفي 487هـ/1094م
5-معجم متن اللغة (الروحاء)
الروحاء: موضع بين الحرمين؛ قرية من رحبة الشام؛ قرية أخرى بنهر عيسى.معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
6-معجم متن اللغة (العتائق)
العتائق: قرية بنهر عيسى؛ قرية شرقي الحلة المزيدية.معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
7-معجم متن اللغة (واسط)
واسط: بلد بالأندلس؛ وحصن لبنى السمير من بنى حنيفة؛ وقرية بنهر الملك بالعراق؛ وجبل أسفل حجرة العقبة.معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
8-العباب الزاخر (بطط)
بططالبَطَّ: من طَيْرِ الماء، قال أبو النجْمِ: كَثّبج البَط نَزا بالبَطَّ الواحِدَةُ: بَطَّةُ، ليست الهاء للتأنيث وإنما هي لواحدِ من جنس، يقال: هذه بَطَّةُ للذكر والأنثى جميعًا؛ مثل حَمَمةِ ودَجَاجَة. ويجمع البط بطاطاَ، قال رُوبةُ:
«فأصْبَحوا في وَرْطَةِ الأوْراطِ *** بِمَحبِس الخنزيرِ والبِطـاطِ»
وقال العجاج يصف ثوارً طعن الكِلابَ:
«شَاكٍ يَشُك خَلَـلَ الآبـاطِ *** شَك المَشَاوي نَقَدَ الخَماطِ»
أو نَطبَكَ السَّفُّودَ في البطاطِ وقال الليث: البَطةُ: الدَّبَّةُ بلغة أهل مكة حرسها الله تعالى.
وقال غَيْرُه: نَهَرُ بَطَّ: نَهَر بالأهْوازِ، قال:
«لم أرَ كاليَومِ ولا مُذْ قَطَّ *** أطوَلَ من لَيلٍ بِنَهر بَطَّ»
"8-ب" وبَطَّةُ وبُطَّة-بفتح الباء وضمها-: من الأعلام.
وبِطَّةُ- بالكسر-: من أرض الحبشة.
وبَطَطْتُ القَرْحَةَ: شَققتُها، وكذلك الصَُرة.
والبَطيطُ: العَجَبُ والكَذِبُ، قال الصَرة.
والبطيط: العجب والكذب، قال الكميت:
«ألم تَتَعَجبّي وتَرَيْ بَـطـيْاَ *** من الِحقَبِ المُلَوّنَةِ الفُنُوْنا»
وأنْشَدَ ابنُ دريدِ:
«ألَما تَعْجَبي وتَـرَيْ بَـطِـيْطـا *** من الّلائيْنَ في الحِقَبِ الخَوَالي»
وقال آخَرُ:
«ماذا تُرَجّيْنَ من الأرِبْـط *** حَزَنْبَل يأتِيْكَ بالبَـطِـيِط»
«ليس بذي حَزْمِ ولا سفِيِطْ»
وقال اللّيُث: البَطْيطُ بلُغَوِ أهْل العراق: رَأسُ الخُفَ يُلْبًسُ، وقال أبو حِزامِ غالبُ بن الحارث العُكْلُي:
«بَلى زُوّدًا تَفَشّغَ في العَواصي *** سَأفْطُس منه لا فَحْوى البَطِطِ»
ولا يقُال منه فَعَلَ.
والبَطْبُط -أيضًا-: الدّاهِيةُ، قال:
«غَزَالةُ في مـائتَـيْ فـارِس *** تُلاقي العِرَاقانِ منه البَطْيطا»
وقال ابنُ الأعرابي: البُطُطُ -بِضَمّتْين-: الحَمْقى.
والبُطَيطَةُ والحُطَيطةُ كَدُجَيّجَةِ- تَصْغِيرِ دَجَاجَةِ: السّرْفَة.
وجِرْوّ بُطُائطَ: ضَخْم.
ويقول صِبيْانُ الأعْراب في أحاجِيّهم: ما حُطَائطَ بطائط تميس تحت الحائط، يعنون الذرة.
وقال ابن فارس: ما سوى البط" اللشق" والَبِطْيِط للعَجَب من الباء والطاء فَفَارِسيّ كُلْه.
وقال غيره: نَهر بطاطيا: نهر يحمل من دجيلِ وقال ابن الأعرابي: أبط: إذا اشترى بطة الدهنِ.
والتبطيط: الإعْياءُ.
والبطبطة: غَوْضُ البط في الماء.
والمبطبطة: الحجلة.
وبطبط: أي ضعف رأيه.
والبطبطة: صوت البط.
وأرض متبطبطة: بعيدة.
وتبطبط: اذاتجر في البط.
والتركيب يدل على الشق.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
9-العباب الزاخر (وسط)
وسطالوَسَط من كل شيءٍ: أعدَلُه. وقوله تعالى: (وكذلك جَعَلْناكم أمَّةً وَسَطًا) أي عدلا خيارًا.
وواسِطَةُ الكُور: مقدمه، وكذلك واسطه. وعن يعلى بن مرة بن وهب أبى المرازم الثقفي -رضي الله عنه- وهو يعلى بن سيابة -وسيابة أمه- قال: أتت امرأة النبي -صلى الله عليه وسلم- بصبي فقالت: أصابه بلاء، قال: ناولينيه؛ فرفعتهايه؛ فجعله بينه وبين واسطة الرحل، ثم دعا له فَبَرَأ. وقال طرفه بن العبد يصف ناقته:
«وإن شِئتُ سامي واسِطَ الكُوْرِ رَأسُها *** وعامَت بِضَبْعَيها نَجَاءَ الخَـفَـيْدَدِ»
وقال أسامة الهذلي يصف متلفًا:
«تَصِـيحُ جَـنَـادِبـهُ رُكَّـدًا *** صِيَاح المَسَامِيرِ في الوَاسِطِ»
وواسطة القلادة: الجوهر الذي في وسطها، وهو أجودها.
وواسِطُ: بلد سُمي بالقصر الذي بناه الحجاج بين الكوفة والبصرة، وهو مذكر مصروف، لأن أسماء البلدان الغالب عليها التأنيث وترك الصرف؛ ألا مِنىً والشام والعراق وواسطًا ودابقًا وفلجًا وهجرًا وقُبَاءً؛ فإنها تذكر وتصرف، ويجوز أن تريد بها البقعة أو البلدة فلا تصرفه، قال الفرزدق يرثي عمر بن عبد الله بن معمر:
«مِنْهنَّ أيام صِدقٍ قد بُليْتَ بها *** أيامُ واسِط والأيَام مِنْ هَجَرا»
هكذا أنشد بعض من صنف في اللغة شاهدًا على ترك الصرف في هجر، والرواية: "أيام فارس" لا غير، والبيت من أبيات الكتاب، وأراد بلاء عمر وصبره، ويوم هجر يوم أبي فديكٍ الخارجي.
وفي المثَل: تَغَافَل كأنك واسطي. قال المبرد: أصله أن الحجاج كان يتسخرهم في البناء فيربون وينامون وسط الغرباء في المسجد فيجيء الشرطي فيقول يا واسطي؛ فمن رفع رأسه أخذه وحمله؛ فلذلك كانوا يتغافلون.
وقال أبو حاتم: فأما واسط هذا البلد المعروف فمذكر لأنهم أرادوا بلدًا واسطًا؛ فهو مصروف على كل حال.
قال ابن دريدٍ: وواسِطٌ: موضعٌ بنجدٍ.
قال: وبالجزيرةِ -أيضًا- واسطٌ، وإياه عنى الأخطلُ بقولهِ:
«عَفَا واسِطٌ من آلِ رضوى فَنَبْتَلُ *** فَمجتَمَعُ الحُرينِ فالصبرُ أجملُ»
وواسطُ: قريةٌ من قرى اليمن قُربَ زبِيْدَ.
وواسطٌ: الجبلُ الذي يقعدُ عندهَ المساكينُ إذا ذهبتَ إلى منىً: قال الحارِثُ بن مُضاضٍ الجُرهميُ يتشوقُ إلى مكةَ -حرسها اللّه تعالى- لما أجلاهُم عنها خُزاعةُ:
«كأن لم يكن بين الحَجُونِ إلى الصفـاَ *** أنيسٌ ولم يسمُرْ بـمـكةَ سـامـرُ»
«ولم يتربـعْ واسِـطـًا وجـنـوبـهُ *** إلى السر من وادي الأراكةِ حاضرُ»
وقال أبو عبيدةَ: مِجدلٌ: حِصنٌ لبني حنيفةَ يقال له واسِطٌ، وأنشدَ قولَ الأعشى:
«في مِجْدَلٍ شيدَ بُنـيانـهُ *** يزلُ عنه ظُفُرُ الطائرِ»
وواسِطٌ: جبلٌ لبني عامر، قال:
«أمًا نسلمْ أو نَزُر أهلَ واسِطٍ *** وكيفَ بتسليمٍ وأنت حَرَامُ»
وواسطٌ -أيضًا-: من منازلِ بني قُشيرٍ.
وواسطٌ: بين العُذيبةِ والصفراء، قال كُثير:
«أجدوا فأما آل عَزةَ غُدوةً *** فبانوا وأما واسِطٌ فَمقيمُ»
هكذا هو في شرحِ شعرِ كُثيرٍ. وروي أن عبد المجيد بن أبي روادٍ وقفَ بأحمدَ بن ميسرةَ على واسِطٍ في طريق منىً فقال: هذا واسطٌ الذي يقولُ فيه كُثيرُ عَزةَ: وأما واسِطٌ فمقيمُ.
وقال ابنُ السكيتِ -أيضًا- في قولِ كُثيرٍ:
«فإذا غَشِيْتُ لها بِبُرقَةِ واسِطٍ *** فَلوى لُبينةَ منزلًا أبكانـي»
واسِطٌ هذا: بينَ العُذيبةِ وبين الصفراءِ كما تقدمَ.
وواسطُ الرقةِ: قريةٌ غربي الفُراتِ مقابلَةَ الرقةِ.
وواسِطٌ: موضعٌ في بلادِ بني تميمٍ، قال ذو الرمة:
«بحيثُ استفاضَ القنعُ غربي واسِطٍ *** نِهاءً ومجتْ في الكَثيبِ الأباطحُ»
ويروى: "بحيثُ اسَتَراضَ".
وواسطُ: قريةٌ متوسطةٌ بين بَطْنِ مَرّ ووادي نخلةَ؛ ذاةُ نَخيلٍ.
وواسِط: قريةٌ من قرى بَلْخَ، ينسبُ اليها بشيرُ بن ميمونٍ الواسطيُ من شُيُوخِ أبي رجاءٍ قُتيبةَ بن سعيد بن جميل بن طريفٍ البغلاني.
وواسط: من قرى حلب قُربَ بِزاغةَ.
وواسطِ: قريةٌ بالخابورِ قُربَ قِرْقيساءَ.
وواسِطُ: بُليدةٌ بالأندلس من أعمالِ قبرةَ.
وقال ابنُ الكلبي: كان بالقربِ من واسطِ الحجاجِ موضعٌ يسمى واسطَ القصبِ، وهو الذي بناه الحجاجُ أولًا قبل أن يبنيَ واسِطًا.
وواسِطُ -أيضًا-: قريةٌ قُربَ مُطير اباذ.
وواسِط: قرْيةٌ بنهرِ الملكِ.
وواسطُ: قريةٌ شرقي دجلة الموصلِ.
وواسِطُ -أيضًا-: من قرى دجيل.
والواسِطُ: النابُ بلغةِ هذيلٍ.
ووسطت القومَ آسِطهمُ وسطًا وسِطةً: أي توسطهمُ، قال:
«وقد وسَطْتُ مالكًا وحنظلا *** صُيابها والعددَ المجَلْجَلا»
أراد: وحنظلةَ، فلما وقفَ جعلَ الهاءَ ألفًا؛ لانه ليس بينهما إلا الهةُ وقد ذهبت عند الوقفِ؛ فأشبهتِ الألف، كما امرؤ القيسِ.
«وعمرو بن درماءَ الهمامَ إذا غـدا *** بذي شُطبٍ عضبٍ كمشيةِ قسورا»
أراد: قَسورةَ، ولو جعلهَ اسمًا محذوفًا منه الهاءُ لأجراه.
وفُلانٌ وسيطٌ في قومهِ: إذا كان أوسطهمُ نسبًا وأرفعهمُ محلًا، قال العرجيُ - واسمهُ عبد اللّه بن عمر بن عمرو بن عثمانَ بن عفانَ؛ رضي اللّه عن عثمان-:
«أضاعوني وأي فتىً أضاعوا *** ليومِ كريهةٍ وسدادِ ثغـرِ»
«وصبرٍ عِندَ معترك المنـايا *** وقد شرعتْ أسِنتها بنحري»
«أجررُ في الجوامع كـل يومٍ *** فيا للِه مظلمتي وصبـري»
«كأني لم أكنْ فيهم وسِـيطـًا *** ولم تَكُ نُسبتي في آلِ عمرو»
والوسيطُ: المتوسطُ بين القوم.
والوسُوطُ: بيتٌ من بيوتِ الشعرِ أكبرُ من المظلةِ وأصغرُ من الخباءِ.
ويقال: الوسوطُ من النوقِ: مثلُ الطفُوفِ تملأ الإناءَ.
ويُقال: ناقةٌ وسُوطٌ وإبلٌ وسُوطٌ: هي التي تحملُ على رؤوسها وظهورها؛ صعابٌ لا تعقلُ ولا تُقيدُ.
ووسطانُ -مثالُ حمدان-: موضعٌ، قال الأعلمُ الهُذليُ:
«بَذلتُ لهم بذي وسطانَ شدي *** غداتَئذٍ ولم أبذل قتـالـي»
أي: خرجتُ أعدوُ ولم أقاتلْ، ويروى: " بذي شوطانَ".
ودارةُ وسَطٍ: من داراتِ العَرَب.
ووسَطٌ: جبلٌ على أربعةِ اميال من ضَريةَ، قال:
«دَعوتُ اللّه إذ شَقيتْ عِيالي *** لِيرزقني لدى وسَطٍ طعاما»
«فأعطاني ضرِيةَ خيرَ أرضٍ *** ثمجُ الماءَ والحب التؤامـا»
وقد تُسكنُ منه السينُ.
ويقال: جلستُ وسْطَ القومِ -بالتسكين-؛ لأنه ظرفٌ. وجلستُ وسَطَ الدارِ بالتحريك-؛ لأنه اسمٌ. وكلُ موضعٍ صلحَ فيه بين فهو وسْطٌ -بالتسكين-، وإن لم يصلحْ فيه بين فهو وسَطٌ -بالتحريك-. وقال ثعلبٌ: الفرقُ بين الوسطِ والوَسَطِ: أن ما كان يبينُ بين جزءٍ -مثلَ الحلقةِ من الناس والسبحة والعقدِ- فهو وسْطٌ بالتسكين، وما كان مُصمتًا لا يبينُ جزءٌ فهو وسَطٌ بالتحريك -مثل وَسَطِ الدارِ والراحةِ والبُقعةِ-، قال عنترةُ بن شدادٍ العبسيُ:
«ما راعني إلا حمولةُ أهـلـهـا *** وِسطَ الديارِ تَسَفُ حَب الخِمخمِ»
ويروى: " وسطَ الركاب".
وقد تُسكنُ السينُ من الوَسَطِ، وليس بجبيدٍ، وأنشد الكسائيُ في نوادره:
«فِدىً لِبني خلاوَةَ عَمر أمـي *** لائنةٍ وقلـتُ لـهـم فـدايا»
«عَشيةَ أقبلتْ مـن كـل أوبٍ *** كِنانةُ عاقدينَ لـهـم لِـوايا»
«فقالوا: يا آلَ أشجعَ يومُ هـيج *** فتوسطَ الدارِ ضَربًا واحتمايا»
والوسطى من الأصابع: معروفةٌ.
والصلاةُ الوسطى في قوله تعالى: (حافظوا على الصلواتِ والصلاةِ الوُسطى) قيل: هي الفجرُ، وقيل: الظهرُ، وقيل: العصرُ، وقيل: المغربُ، وقيل: العِشاءُ. والصحيحُ أنه صلاة العصر، لقولِ النبي -صلى اللّه عليه وسلم- يومَ الأحزابِ لعُمرَ -رضي اللّه عنه-: شغلونا عن الصلاةِ الوُسطى صلاةِ العصرِ؛ مَلأ اللّهُ بيوتهم وقبورهم نارًا.
وقال ابنُ عباد: مُوسِطُ البيتِ: ما كان في وسَطهِ خاصةً.
والتوسِيطُ: أن تجعل الشيء في الوسط وقرأ علي -رضي اللّه عنه- وعمرو بن ميمونٍ وقتادةُ وزيدُ بن علي وابن ابي ليلى وابنُ أبي عبلةَ وأبو حيوةَ وأبو إبراهيمِ: (فَوَسَّطنَ به جمعا) بالتشديد.
والتوسيطُ -أيضًا-: قطعُ الشيءِ نصفينِ.
والتوسطُ بين الناس: من الوَسَاطةِ.
وتوسطَ: أخذَ الوَسَطَ بين الجيدِ والرديءِ، قال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمةَ بن عامر بن هرمةَ يصفُ سخاءة:
«واقذفْ بحبلكَ حيثُ نالَ بأخذِهِ *** من عُوذها وأعتم ولا تتوسطِ»
والتركيبُ يدلُ على العدلِ والنصفِ.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
10-العباب الزاخر (حوف)
حوفالحوف: الرهط؛ وهو جلد يشق كهيئة الإزار تلبسه الحيض والصبيان، وقال شمر: الحوف إزار من أدم تلبسه الصبيان؛ والجمع: الأحواف، وقال أبن الأعرابي: الحوف -في لغة أهل الحجاز- الوثر؛ وهو نقبة من أدم تقد سيورًا عرض السير أربع أصابع تلبسه الجارية الصغيرة قبل إدراكها، ومنه حديث عائشة -رضي الله عنها-: تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلي حوف؛ فما هو إلاّ أن تزوجني فألقي علي الحياء. قال:
«جارِيَةٌ ذاةُ حِرٍ كالنَّـوْفِ *** مُلَمْلَمٍ تَسْتُرهُ بِحَـوْفِ»
«يالَيْتَني أشِيْمُ فيها عَوْفي»
وقال الليث: الحوف -بلغة أهل اجوف وأهل الشحر وبلغه غيرهم-: كالهودج وليس به ولا برحل تركب به المرأة على البعير.
قال: والحوف القرية في بعض اللغات، والجمع: الأحواف. كذا هو في عدة نسخ من كتاب الليث: القرية -بفتح القاف وبالياء المثناة-، وفي التهذيب بخط الأزهري: القربة -بكسر القاف وبالباء الموحدة-، ولم يذكره أبن دريد وأبن فارس.
والحوف: بلد بناحية عمان.
والحوف: ناحية مقابلة بلبيس من أعمال مصر، ينسب إليها جماعة من أهل الحديث.
وقال الليث: الحفان عرقان أخضران تحت اللسان، الواحد: حاف -بتخفيف الفاء-.
وحافتا الوادي: جانباه، وكذلك حافتا كل شيء. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال للنساء: ليس لكن إن تحققن الطريق؛ عليكن بحافات الطريق. وفي حديث الآخر: بينما أنا أسير في الجنة غذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف؛ قلت: ما هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه -أو طيبه- مسك أذفر. شك هدبة بن خالد شيخ البخاري.
وقال أحيحه بن الجلاح:
«إذا جُمَادى مَنَعَتْ قَطْرَهـا *** زَانَ جَنابي زَمَنٌ مُغْضِفُ»
«مُعْرَورِفٌ أسْبَلَ جَـبّـارُهُ *** أسْوَدُ كالغابَةِ مُغْـدَوْدِفُ»
«يَزْخَرُ في أقْطارِهِ مُغْـدِقٌ *** بحافَتَيْهِ الشُّوْعُ والغِرْيَفُ»
والجمع: حافات، قال زهير بن أبي سلمى:
«كما اسْتَغاثَ بماءٍ لا رِشاءَ لـه *** من الأباطِحِ في حافاتِهِ البُرَكُ»
وحافة: موضع، قال امرؤ القيس:
«ولو وافَقْتُهُنَّ على أسِـيْسٍ *** وحافَةَ إذْ وَرَدْنَ بنا وُرُوْدا»
والحافة: من الدوائس في الكدس التي تكون في الطرف وهي أكثرها دورانًا.
والحافة: الحاجة والشدة.
والحوافة: ما يبقى من ورق ألقت على الأرض بعدما يحمل.
والتجويف: تفعيل من الحافة. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: سلط عليهم موت طاعون ذفيف يحوف القلوب -ويروى: يحرف-. والمعنى: يغيرها عن التوكل وينكبها إياه ويدعوها إلى الانتقال والهرب.
وحوف الوسمي المكان: إذا استدار به.
وتحوفت الشيء وتخوفته: تنقصته، قال عبد الله بن عجلان النهدي؛ ويوى لأبن مزاحم الثمالي:
«تَحَوَّفَ الرَّحْل منها تامِكًا قَرِدًا *** كما تَحَوَّفَ عُوْدَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ»
ويروى: "تَخَوَّفَ السَّيْرُ"، ويروى: "كما تَخَوَّفَ عُوْدَ".
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
11-العباب الزاخر (شرف)
شرفالشَّرَفُ: العلو والمكان العالي، قال:
«آتي النَّديَّ فلا يُقَرَّبُ مجلسـي *** وأقود للشَّرَفِ الرفيع حِماري»
يقول: أني خرفتُ فلا ينتفع برأيي وكبرت فلا أستطيع أن أركب من الأرض حماري إلا من مكان عالٍ.
وقال ابن السكيت: الشَّرَفُ والمجد لا يكونان إلا بالآباء، والحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء.
وقال ابن دريد: الشَّرَفُ علو الحسب.
وشرف البعير: سَنَامهُ، قال:
«شَرَفٌ أجَبُّ وكاهل مجدول»
وعدا شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ: أي شَوْطًا أو شَوْطينِ. وقال الفرّاء: الشَّرَفُ نحو ميل. ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: الخيل لثلاثة: لرجل أجرٌ ولرجلٍ سترٌ وعلى رجلٍ وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرجٍ أو روضةٍ؛ فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات؛ ولو أنه انقطع طيلها فاسْتَنَّتْ شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ كانت له آثارها وأرواثها حسنات؛ ولو أنها مرت بنهرٍ فشربت منه ولم يرد أن يسقيهاكان ذلك حسنات له؛ فهي لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنِّيًا وتعفُّفًا ثم لم يَنْسَ حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك سِتر، ورجل ربطها فخرًا ورياءٍ ونِوَاء لأهل الإسلام فهي على ذلك وِزْرٌ. قال أسامة الهذلي يصف حمارا:
«إذا ما اشتأى شَرَفًا قُبْـلَـهُ *** وواكظ أوْشَكَ منه اقترابا»
قُبْلَهُ: تجاهه. وقال العجاج يصف عيرًا يطرد آتُنَه:
«وإن حداها شَرَفًا مُغَرِّبـا *** رَفَّةَ عن انفاسها وما ربا»
والشَّرَفُ: الإشْفَاءُ على خطر من خيرٍ أو شرٍ، يقال في الخير هو على شَرَفٍ من قضاء حاجته، ويقال في الشَّرِّ: هو على شَرَفٍ من الهلاك.
وقال ابن الأعرابي: الشَّرَفُ طين أحمر. ويقال للمَغْرَةِ: شَرَفٌ؛ وشَرْفٌ أيضًا.
وقال الليث: الشَّرَفُ شجر له صِبْغٌ أحمر. وقيل: هو دار بَرْنِيَانْ.
وقال ابن دريد: شَرَفُ الإنسان: أعلى جسمه.
وشَرَفُ الروحاء: قريب من المدينة على ساكنيها السلام.
وشَرَفٌ: جبل قرب جبل شُرَيْفٌ، وشُرَيْفٌ: أطول جبل في بلاد العرب.
وقال ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نجد، وكان من منازل الملوك من بني آكل المُرار من كِنْدَةَ، وفي الشَّرَفِ حِمى ضرية، وضرية بئر، وفي الشَّرَفِ الرَّبَذَةُ وهي الحِمى الأيمن.
والشَّرَفُ: من سواد إشبيلية.
وشَرَفُ البياض: من بلاد خولان من جهة صَعْدَةَ.
وشَرَفُ قِلْحَاحٍ: قلعة على جبل قِلْحاحٍ قرب زبيد.
والشَّرَفُ الأعلى: جبل آخر هنالك.
وشَرَفُ الأرطى: من منازل تميم.
والشَّرَفُ: الشُّرَفاءُ. وقيل للأعمش: لِمَ لَمْ تستكثر من الشَّعْبِيِّ؟ فقال: كان يحتقرني، كنت آتية مع إبراهيم؛ فيُرَحِّب به؛ ويقول لي: اقعد ثم أيها العبد، ثم يقول:
«لا نرفع العبد فوق سُنَّتِـه *** ما دام فينا بأرضنا شَرَفُ»
ورجل شَرِيفٌ من قوم شُرَفاءَ وأشْرَافٍ، وقد شَرُفَ -بالضم-؛ فهو شَرِيفٌ اليوم؛ وشارفٌ عن قليل؛ أي سيصير شَرِيفًا، ذكره الفرّاء.
وسهم شارِفٌ: إذا وُصِفَ بالعتق والقدم، قال أوس بن حجر يصف صائدًا.
«فيَسَّرَ سَهمًا راشَهُ بمـنـاكـب *** ظُهَارٍ لؤامٍ فهو أعجف شارِفُ»
والشَّارِفُ: المسنة من النوق، والجمع: الشَّوَارِفُ والشُّرْفُ مثال بازِلٍ وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوْذٍ، ويجوز للشاعر تحريك الراء، قال تميم بن أُبَيِّ بن مقبل:
«قد كنت راعي أبكارٍ مُـنَـعَّـمَةٍ *** فاليوم أصبحت أرعى جِلةً شُرُفًا»
يقال: شَرَفَتِ الناقة وشَرُفَتْ.
وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتتكم الشُّرْفُ الجُوْنُ، قالوا: يا رسول الله وما الشُّرْفُ الجون؟ قال: فئن كأمثال الليل المُظلِمِ. ويروى: الشُّرقُ الجُوْنُ، يريد فتنًا طالعة من قبل المشرق.
وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مصدقًا فقال: لا تأخذ من حزرات أنْفُسِ الناس شيئًا؛ خذ الشّارِفَ والبكر وذا العيب.
وفي حديث علي رضي الله عنه-: أصبتُ شارِفًا من مغنم بدرٍ؛ وأعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شارِفًا؛ فأنَخْتُهما ببابِ رجل من الأنصار؛ وحمزة -رضي الله عنه-في البيت ومعه قَيْنَةٌ تُغَنِّيه:
«ألا يا حمز للشُّرْفِ النِّـواءِ *** وهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِـنـاءِ»
«ضع السكين في اللبات منها *** وضَرِّجْهُنَّ حمزة بالدماء»
«وعجِّلْ من أطايبها لشـربٍ *** طعاما من قديرٍ أو شِوَاءِ»
فخرج إليهما فَجَبَّ ويروى-: فاجتنب اسْنِمَتَهما وبقر خواصرهما وأخذ أكبادهما، فنظرت إلى منظر أفظعني، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- فخرج ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه- حتى وقف عليه وتغَيَّظَ، فرفع رأسه إليه وقال: هل أنتم إلا عبيد آبائي، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم- يُقَهْقِرُ.
والشّارفُ -أيضًا-: وعاء الخمر من خابيةٍ ونحوها.
وفي حديث ابن عباس -رضي اله عنهما-: أمِرْنا أن نبني المَسَاجد جُمًّا والمدائن شُرْفًا. الجُمُّ: التي لا شُرَفَ لها. والشُّرْفُ: التي لها شُرَفٌ.
والشّارُوْفُ: حَبْلٌ: وهو مولَّدٌ.
والشّارُوْفُ: المِكْنَسَةُ، وهو معرب جاروب، وأصله جاي رُوبْ: أي كانس الموضع.
وشَرَافِ -مثال قَطَامِ-: موضع، وقيل: ماءةٌ لبني أسدٍ. وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: ألا يكون بين شَرَافِ وأرض كذا وكذا جمّاءُ ولا ذاةُ قرنٍ، قيل: وكيف ذاك؟ قال: يكون الناس صلاماتٍ يضرب بعضهم رقاب بعض، وقال المُثَقِّبُ العبدي:
«مَرَرْنَ على شَرَافِ فذاة رجلٍ *** ونكبن الذَّرانح بـالـيمـين»
وبناؤه على الكسر هو قول الأصمعي، وأجراه غيره مجرى ما لا ينصرف من الأسماء، ويقال فيه شِرَافُ -بكسر الشين- غير مُجْرىً، فصار فيه ثلاث لغاتٍ. وهو بين واقصة والقَرْعاءِ، وقال الشَّمّاخُ:
«مرت بنفعي شَرَافٍ وهي عاصفة *** تخدي على يَسَرَاتٍ غير أعصال»
وشَرَفْتُه أشْرُفُه -بالضم-: أي غلبيته بالشَّرَفِ.
وكعب بن الأشرف: من رؤساء اليهود.
وقول بشير بن المعتمر.
«وطائرٌ أشرفُ ذو جُردةٍ *** وطائر ليس له وكـر»
الأشْرَفُ من الطير: الخفاش؛ لأن لأذنيه حجمًا ظاهرًا؛ وهو متجرد من الزغب والريش، وهو طائر يلد ولا يبيض. والطائر الذي ليس له وكر: طائر يُخبرُ عنه البحريون أنه لا يسقط إلا ريثما يجعل لبيضه أُفْحُوْصًا من تراب ويغطي عليه ثم يطير في الهواء وبيضه يتفقس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أطاق فرخه الطيران كان كأبويه في عادتهما.
وفلان أشْرَفُ منه.
ومَنْكِبٌ أشْرَفُ: أي عالٍ.
وأُذُنٌ شَرْفَاءُ: أي طويلة.
ومدينة شَرْفاءُ: ذاة شُرَفٍ.
وشُرْفَةُ القصر -بالضم-: واحدة الشُّرَفِ. وفي حديث مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-: ارتجس إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شُرْفَةً. وقد كتب الحديث بتمامه في تركيب و ب ذ.
وشُرْفَةُ المال: خياره.
ويقال: إني أعد إتيانكم شًرْفَةً وأرى ذلك شُرْفَةً: أي فضلا وشَرَفًا أتشرف به.
وشُرُفاتُ الفرس: هاديه وقَطَاتُه.
وإسحاق بن شرفى -مثال ضعفى-: من أصحاب الحديث.
والشُّرَيْفُ -مصغرًا-: ماء لبني نمير.
وقال ابن السكيت: الشُّرَيْفُ وادٍ بنجدٍ، فما كان عن يمينه فهو الشَّرَفُ، وما كان عن يساره فهو الشُّرَيْفُ، قال طُفَيْلٌ الغنوي:
«تبيت كعقبان الشُّرَيْفِ رجـالـه *** إذا ما نَوَوْا إحداث أمرٍ معطبِ»
وقال أبو وجزة السعدي:
«إذا تربعت ما بـين الـشُّـرَيْفِ إلـى *** روضِ الفلاح أُوْلاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ»
ويروى: "الشّريْقِ:.
ويوم الشُّرَيْفِ: من أيامهم.
وقال ابن دريد: أُذُنُ شُرَافِيَّةٌ وشُفَارِيَّةٌ: إذا كانت عالية طويلة عليها شَعَرٌ.
وقال غيره: الشُّرَافيُّ: لون من الثياب أبيض.
وقال الأصمعي: الثوب الشُّرَافيُّ: الذي يُشترى مما شارَفَ أرض العجم من أرض العرب.
وناقة شُرَافِيَّةٌ: ضخمة الأُذنين جسيمة.
وأشْرَافُ الإنسان: أُذناه وأنفه، قال عدي بن زيد العبادي:
«كقصيرٍ إذ لم يجد غير أن جد *** دعَ أشْرافَهُ لِشُكْرٍ قصـير»
والشِّرْيافُ: ورق الزرع إذا طال وكثر حتى يخاف فساده فيقطع.
ومَشَارِفُ الأرض: أعاليها.
والسيوف المَشْرَفِيَّةُ: منسوبةٌ إلى مَشَارِفِ الشأْم، قال أبو عبيدة: هي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، يقال: سيف مَشْرَفيُّ ولا يقال مَشَارِفيٌّ، لأن الجمع لا ينسب إليه إذا كان على هذا الوزن، لا يقال مَهَالِبيٌّ ولا جَعَافريٌّ ولا عَبَاقريٌّ، وقال كُثيِّر يمدح عبد الملك ن مروان:
«أحاطتْ يداه بالخلافة بعدمـا *** أراد رجال آخرون اغتيالها»
«فما تَرَكوها عنوة عن مَـوَدَّةٍ *** ولكن بحد المَشْرَفيِّ استقالها»
وقال رؤبة:
«والحرب عَسراء اللقاح المُغْزي *** بالمَشْرَفِيّاتِ وطعـنٍ وخـز»
وشَرِفَ الرجل -بالكسر-: إذا دام على أكل السَّنَام.
وأشْرَفْتُ المرْبَأَ: أي علوته، قال العجاج:
«ومربأ عالٍ لمن تَشَرَّفـا *** أشْرَفْتُهُ بلا شَفًا أو بِشَفا»
وأشْرَفْتُ عليه: أي اطلعت عليه من فوق، وذلك الموضع: مُشْرَفٌ. ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما جاءك من هذا المال وأن تغير مُشْرِفٍ له ولا سائل فخذه ومالا فلا تُتْبِعْه نفسك. أي وأنت غير طامع فيه ولا متطلع إليه.
وأشْرَفَ المريض على الموت: أي أشْفى عليه.
ويقال: ما يُشْرِفُ له شيء إلا أخذه.
ومُشْرِفٌ: رمل بالدهناء، قال ذو الرُّمَّة:
«إلى ظُعُنٍ يقرضن أجوازَ مُشْرِفٍ *** شمالًا وعن أيمانهن الفـوارس»
وقال أيضًا:
«رَعَتْ مُشْرِفًا فالأحبل العُفْرَ حولـه *** إلى رِمْثِ حُزْوى في عَوَازِبَ أُبَّلِ»
والإشْرَافُ: الشَّفَقَةُ، قال:
«ومن مضر الحمراء إشْرَافُ أنفسٍ *** علينا وحيّاها إلينـا تـمـضَّـرا»
وشَرَّفْتُ القصر وغيره تشريفًا: إذا جعلت له شُرَفًا.
وقال ابن الأعرابي في قوله:
«جمعتهما من أيْنُـقٍ غِـزار *** من اللوى شُرِّفْنَ بالصِّرَارِ»
ليس من الشَّرفِ، ولكن من التَّشْرِيفِ: وهو أن يكاد يقطع أخلافها بالصِّرارِ فيؤثر في الصِّرَارِ.
وشَرَّفَ الله الكعبة: من الشَّرَفِ.
ومُشَرَّفٌ: جبل، قال قيس بن عيزارة:
«فإنك لو عاليتـه فـي مُـشَـرَّفٍ *** من الصُّفْرِ أو من مُشْرِفاتِ التوائم»
قال أب عمرو: مُشَرَّف: جبل، والصُّفْرُ: السود. وقال غيره: أي في قصر ذي شُرَفٍ من الصُّفْرِ.
وتَشَرَّفْتُ: من الشَّرَفِ.
وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأ: أي علوته، قال العجاج:
«ومربأٍ عالٍ لمن تَشَرَّفا»
وتُشُرِّفَ القوم: قُتِلَتْ أشْرافهم.
واسْتَشْرَفَني حقي: أي ظلمني، قال عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع:
«ولقد يخفض المجاور فيهـم *** غير مُسْتَشْرَفٍ ولا مظلومِ»
واسْتَشْرَفْتُ الشيء: إذا رفعت بصرك إليه وبسطت كفك فوق حاجبك كالذي يستظل من الشمس، ومنه قول الحسين بن مطير:
«فيا عجبا مني ومن حُبِّ قاتـلـي *** كأني أجْزِيه المودة من قتـلـي»
«ويا عجبا للناس يَسْتَشْرِفُـونَـنـي *** كأن لم يروا بعدي مُحِبًّا ولا قبلي»
وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ستكون فتنٌ القاعد فيها خيرٌ من القائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خيرٌ من السّاعي؛ مَنْ تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْه؛ فمن وجد ملجأ أو معاذًا فليعذ به.
وفي الحديث: أمرنا أن نَسْتَشْرِفَ العين والأُذن. أي نتفقدهما ونتأملهما لئلا يكون فيهما نقص من عورٍ أو جدعٍ، وقيل: أن نطلبهما شَرِيفَتَيْنِ بالتمام والسلامة. وفي حديث أبي طلحة -رضي الله عنه-: إنه كان حَسَنَ الرمي فكان إذا رمى اسْتَشْرَفَه النبي -صلى الله عليه وسلم-لَيَنْظر إلى موقع نبله، قال:
«تطاللتُ فاسْتَشْرَفْتُهُ فرأيتـه *** فقلت له آأنتَ زيد الأرامل»
وشارَفْتُ الرجل: أي فاخرته أيُّنا أشْرَفُ.
وشارَفْتُ الشيء: أي أشْرَفْتُ عليه.
والاشْتِرَافُ: الانتصاب.
وفرس مُشْتَرِفٌ: أي مُشْرِفُ الخَلْقِ، قال جرير:
«من كل مُشْتَرِفٍ وإن بعد المدى *** ضرم الرَّقاق مناقل الأجرَالِ»
وشَرْيَفْتُ الزرع: قطعت شِرْيافَه.
والتركيب يدل على علو وارتفاع.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
12-القاموس المحيط (الدسكرة)
الدَّسْكَرَةُ: القَرْيَةُ، والصَّوْمَعَةُ، والأرضُ المُسْتَوِيَةُ، وبُيوتُ الأعاجِمِ يكونُ فيها الشرابُ والملاهِي، أو بِناءٌ كالقَصْرِ حولَهُ بُيوتٌج: دَساكِرُ،
وة بِنَهْرِ المَلِكِ، منها منصورُ بنُ أحمدَ بنِ الحسينِ،
وة قُرْبَ شَهْرابانَ، منها أحمدُ بنُ بَكْرُونَ شيخُ الخطيبِ البَغْدادِيِ،
وة بينَ بَغْدادَ وواسِطَ، منها أبانُ بنُ أبي حَمْزَةَ،
وة بخُوزِسْتانَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
13-القاموس المحيط (عوبس)
عَوْبَسٌ، كجَوْهَرٍ: اسمُ ناقةٍ غَزيرَةٍ.وعَبَسَ وجْهُهُ يَعْبِسُ عَبْسًا وعُبُوسًا: كَلَحَ،
كعَبَّسَ.
والعابِسُ: سيفُ عبدِ الرحمنِ بنِ سُلَيْمٍ الكَلْبِيِّ، والأسَدُ،
كالعَبُوسِ والعَبَّاسِ. وعابِسٌ: مَوْلَى حُوَيْطِبِ بنِ عبدِ العُزَّى، وابنُ رَبيعة، وابنُ عَبْسٍ، أو هو عَبْسُ بنُ عابِسٍ: صحابيونَ.
والعَبَّاسِيَّةُ: ة بِنَهْر المَلِكِ،
ود بِمصْرَ، سُمِّيَتْ بعَبَّاسَةَ بنتِ أحمدَ بنِ طُولونَ،
وة قربَ الطائِفِ.
و {يومًا عَبوسًا} أي: كَرِيهًا تَعْبِسُ منه الوُجوهُ.
والعَبَسُ، محركةً: ما تَعَلَّقَ بأذْنابِ الإِبِلِ من أبْوالِها وأبْعارِها يَجِفُّ عليها،
وقد أعْبَسَتِ الإِبِلُ.
وعَبِسَ الوَسَخُ في
يدِهِ، كفرِحَ: يَبِسَ. وعَلْقَمَةُ بنُ عَبَسٍ، محركةً: أحدُ السِّتَّةِ الذين وَلُوا عثمانَ. وعَمرُو بنُ عَبَسَةَ: صحابيٌّ.
والعَبْسُ، بالفتح: نباتٌ، فارِسِيَّتُه: شابابَك، أو سِيسَنْبَر، وهو البُرْنُوفُ بالمِصْرِيَّةِ.
وعَبْسٌ: جبلٌ، وماءٌ بِنجْدٍ بديار بني أسَدٍ، ومَحَلَّةٌ بالكوفةِ، وابنُ بَغيضِ بنِ رَيْثٍ أبو قبيلةٍ. وكزُبيرٍ: ابنُ بَيْهَسٍ، وابن مَيْمونٍ: مُحَدِّثانِ، وابنُ هِشامٍ: شيخٌ للشِّيعَةِ.
وكتنورٍ: ع. وكجَرْوَلٍ: الجمعُ الكثيرُ.
وتَعَبَّسَ: تَجَهَّمَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
14-القاموس المحيط (برفطى)
بَرَفْطَى، كحَبَرْكَى: ة بنَهَرِ المَلِكِ ببَغْداد.القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
15-القاموس المحيط (الوسط)
الوَسَطُ، محركةً، من كلِّ شيء: أعْدَلُهُ.{وكذلك جَعَلْناكم أمةً وسَطًَا}، أي: عَدْلًا خِيارًا.
وواسِطَةُ الكُورِ وواسِطهُ: مُقَدَّمُه.
وواسِطٌ، مُذَكَّرًا مَصْرُوفًا وقد
يُمْنَعُ: د بالعراق اخْتَطَّهَا الحَجَّاجُ في سَنَتَيْنِ، ويقالُ: واسِطُ القَصَبِ أيضًا، أو هو قَصْرٌ كان قد بَناهُ أوَّلًا قَبْلَ أن يُنشْئ البَلَدَ،
ومنه المَثَلُ: "تَغَافَلْ كأنَّكَ واسِطِيٌّ"، لأنَّهُ كان يَتَسَخَّرُهُمْ في البِناء، فَيَهْرُبُونَ، ويَنامُونَ بين الغُرَباء في المَسْجِد، فَيَجِيء الشُّرَطِيُّ،
ويقولُ: يا واسِطِيُّ. فمنْ رَفَعَ رأسَهُ، أخَذَهُ. فلذلكَ كانوا يَتغافَلُونَ.
وواسِطُ: ة قُرْبَ مَكَّةَ بوادِي نَخْلَةَ،
وة ببَلْخَ منها: محمدُ بنُ محمدِ بن إبراهيمَ، وبشيرُ بنُ مَيْمُونٍ المُحَدِّثانِ،
وة ببابِ طُوسَ، ويقالُ لها: واسِطُ اليَهودِ، منها محمدُ بنُ الحُسَينِ الواعِظُ المحدِّثُ الفَرَضِيُّ،
وة بِحَلَب، وبِقُرْبِها أخْرَى تُسَمَّى الكوفةَ،
وة بالخابور، وقَرْيَتانِ بالمَوْصِلِ،
وة بِدُجَيْلٍ، منها محمدُ بنُ عُمَرَ بنِ عليٍّ العَطَّارُ المحدِّثُ،
وة بالحِلَّةِ المَزْيَدِيَّةِ، منها أبو النَّجْمِ عيسى بنُ فاتِكٍ،
وة باليمنِ، ومَنْزِلٌ بينَ العُذَيْبَةِ والصَّفْرَاء، ومنْزِلٌ لبني قُشَيْرٍ،
وع لبني تَميمٍ،
ود بالأنْدَلُسِ، منه أبو عُمَرَ أحمدُ بنُ ثابِتٍ،
وة باليَمامَةِ، وحِصْنٌ لبني السُّمَيْرِ،
وة بِنَهْرِ المَلِكِ، وجَبَلٌ أسفَلَ من جَمرَةِ العَقَبَةِ بينَ المأزِمَينِ، كان يَقْعُدُ عنده المَساكِينُ، أو اسمٌ للجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ دونَ العَقَبَةِ.
والواسِطُ: البابُ
ووَسَطَهُمْ، كوَعَدَ، وَسْطًا وسِطَةً: جَلَسَ وسْطَهُمْ،
كتَوَسَّطَهُمْ.
وهو وسِيطٌ فيهم، أي: أوسَطُهُمْ نَسَبًا، وأرفَعُهُمْ مَحَلًا.
والوسِيطُ: المُتَوَسِّطُ بين المُتَخاصِمَيْنِ. وكصَبُورٍ: بيتٌ من بُيوتِ الشَّعَرِ، أو هو أصْغَرُهَا، والناقَةُ تَمْلَأُ الإِناء، والتي تَحْمِلُ على رُؤُوسِهَا وظُهُورِهَا لا تُعْقَلُ ولا تُقَيَّدُ، والتي تَجُرُّ أربعينَ يومًا بعدَ السَّنَةِ.
ووَسْطَانُ: د للأكرادِ.
ووَسَطٌ، محركةً: جبلٌ.
ودارةُ واسِطٍ: ع.
ووَسَطُ الشيء، محركةً: ما بين طَرَفَيْهِ،
كأَوْسَطِهِ. فإذا سُكِّنَتْ، كانَتْ ظَرْفًا، أو هُمَا فيما هو مُصْمَتٌ كالحَلْقَةِ، فإذا كانتْ أجْزَاؤُهُ مُتَبَايِنَةً، فبالإِسكَانِ فقطْ، أو كلُّ موضِعٍ صَلَحَ فيه بين، فهو بالتَّسْكِينِ، وإلاَّ فبالتَّحْرِيك.
وصارَ الماء وسِيطَةً: غَلَبَ على الطينِ.
والوُسْطَى من الأصابعِ: م.
والصلاةُ الوُسْطَى المذكورَةُ في التَّنْزِيلِ: الصُّبْحُ، أو الظُّهْرُ، أو العَصْرُ، أو المَغْرِبُ، أو العِشاء، أو الوِتْرُ، أو الفِطْرُ، أو الأضْحَى، أو الضُّحَى، أو الجَماعَةُ، أو جميعُ الصلواتِ المَفْرُوضاتِ، أو الصبحُ والعصرُ معًا، أو صلاةٌ غيرُ مُعَيَّنَةٍ، أو العِشاء والصبْحُ معًا، أو صلاةُ الخَوْفِ، أو الجُمْعَةُ في يومِهَا، وفي سائِرِ الأيامِ الظُّهْرُ، أو المُتَوَسِّطَةُ بين الطُّولِ والقِصَرِ، أو كلٌّ من الخَمْسِ، لأن قَبْلَها صَلاتَيْنِ، وبعدَهَا صلاتينِ.
ابنُ سِيْدَه: من قال هي غيرُ صلاةِ الجُمْعَةِ، فقد أخْطَأَ، إلاَّ أن يقولَهُ بروايَةٍ مُسْنَدَةٍ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قيل: لا يَرِدُ عليه: "شَغَلُونا عن الصلاةِ الوُسْطَى صلاةِ العصرِ"، لأنه ليس المُرادُ بها في الحديثِ المذكورَةَ في التَّنْزِيلِ.
ووَسَّطَهُ تَوْسِيطًا: قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ، أو جعَلَهُ في الوَسَطِ،
وتَوَسَّطَ بينَهُمْ: عَمِلَ الوَساطَةَ، وأخَذَ الوَسَطَ بين الجَيِّدِ والرَّديء.
ومُوْسَطُ البيتِ، كمُكْرَمٍ: ما كان في وسَطِهِ خاصَّةً.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
16-القاموس المحيط (الجوسق)
الجَوْسَقُ: القَصْرُ، ولَقَبُ محمدِ بنِ مُسْلمٍ المُحَدِّثِ،وة بِدُجَيْلٍ، (وقُرْبَهُ جَبَلٌ)،
وة أُخْرَى ببَغْدادَ،
وة بالنَّهْروانِ، منها: الخَليلُ بنُ عَلِيٍّ،
وة بِنَهْر المَلِكِ،
وة تُجَاهَ بُلْبَيْسَ، وقَلْعَةٌ وقَرْيَتانِ بالرَّيِّ، ودارٌ بُنِيَتْ للمُقْتَدِرِ في دارِ الخِلافَةِ، (في وسَطها بِرْكَةٌ من الرَّصاصِ، ثلاثونَ ذِراعًا في عِشْرينَ).
وجُواسَقانُ، بالضم وفتح السينِ: ة بإسفِرايِنَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
17-القاموس المحيط (الدبق)
الدِّبْقُ، بالكسرِ،والدابوقُ والدَّبوقاءُ: غِراءٌ يصادُ به الطَّيْرُ.
والدَّبوقاءُ: العَذِرَةُ، وكلُّ ما تَمَطَّطَ.
وكصاحِبٍ وهاجَرَ: ة بِحَلَبَ، وفي الأصْلِ: اسمُ نَهَرٍ.
ودُوَيْبِقُ: ة بِقُربِها. وكتَنُّورٍ: لُعْبَةٌ م، وبهاءٍ: الشَّعَرُ المَضْفورُ، مُوَلَّدَةٌ.
وكَسكْرَى: ة بِمِصْرَ.
وكأميرٍ: د بها، منها: الثِّيابُ الدَّبيقِيَّةُ.
والدَّبِقِيَّةُ، بكسر الباءِ: ة بِنَهرِ عيسى.
ودَبِقَ به، كفرِحَ: ضَرِيَ به، فلم يُفارِقْهُ.
وما أدْبَقَه: ما أضْراهُ.
وأدْبَقَهُ: ألْصَقَه.
ودَبَّقَه تدْبيقًا: اصْطادهُ بالدِّبْقِ فَتَدَبَّقَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
18-القاموس المحيط (العتق)
العِتْقُ، بالكسرِ: الكَرَمُ، والجَمالُ، والنَّجابَةُ، والشَّرَفُ، والحُرِّيَّةُ،وبالضم: جَمْعُ عَتِيقٍ وعاتِقٍ: للمَنكِبِ، والحُرِّيَّةُ.
عَتَقَ العَبْدُ يَعْتِقُ عِتْقًا، ويُفْتَحُ، أَو بالفتحِ: المَصْدَرُ، وبالكسرِ: الاسمُ، وعَتاقًا وعَتاقَةً، بفتحِهِما: خَرَجَ عنِ الرِّقِّ، فهو عَتيقٌ وعاتِقٌ، ج: عُتَقاءُ، وأعْتَقَه فهو مُعْتَقٌ وعَتيقٌ، وأمَةٌ عَتيقٌ وعَتيقَةٌ، ج: عَتَائِقُ، وهو مَوْلَى عَتَاقَةٍ، ومَوْلًى عَتيقٌ، ومَوْلاةٌ عَتيقَةٌ.
والبيتُ العَتيقُ: الكعبةُ، شَرَّفَها الله تعالى، قيلَ: لأَنه أوَّلُ بيتٍ وُضِعَ بالأرضِ، أو أُعْتِقَ من الغَرَقِ، أو من الجَبَابِرَةِ، أَو من الحَبَشَةِ، أَو لأَنه حُرٌّ لم يَمْلِكْهُ أحدٌ.
والعَتيقُ: فَحْلٌ من النَّخْلِ لا تَنْفُضُ نَخْلَتُهُ. والماءُ، والطِلاءُ، والخَمْرُ، والتَّمْرُ عَلَمٌ له، واللَّبَنُ، والخِيارُ من كلِّ شيءٍ، ولَقَبُ الصِدِّيقِ، رضي الله تعالى عنه، لجَمَالِهِ، أو لقولِهِ، صلى الله عليه وسلم: مَن أرادَ أن يَنْظُرَ إلى عَتِيقٍ من النارِ فَلْيَنْظُرْ إلى أَبي بكرٍ"، أو سَمَّتْهُ به أُمُّه. وعَتيقُ بنُ يَعْقوبَ، وابنُ سَلَمَةَ، وابنُ هِشامٍ، وابنُ عبد اللهِ المِصْري، وابنُ محمدِ بنِ هَارونَ، وابنُ عبدِ الرحمنِ، وابنُ موسى، وابنُ محمدٍ القَيْرَوانِيُّ، (وابنُه): محدِّثونَ. وأَبو عَتيقٍ محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أَبي بكرٍ، وعبدُ الرحمنِ بنُ جابِرِ بنِ عبد الله: تابِعِيَّانِ. وكزُبَيْرٍ: عُتَيْقُ بنُ محمدٍ الحَرَشي، وابنُ أَحمدَ بنِ حامِدٍ، وابنُ عامِرِ بنِ المُنْتَجِعِ، وبُكَيْرُ ابنُ عُتَيْقٍ، ونَصْرُ بنُ عُتَيْقٍ، والغَضُّورُ بنُ عُتَيْقٍ، وعليُّ بنُ عُتَيقٍ،
وأحمدُ ومحمدُ ابنا عُتَيقٍ: محدِّثونَ.
والعُتَقِيُّونَ، كزُفَرَ، نِسْبَةٌ إلى العُتقاءِ: عبدُ الله بنُ بِشْرٍ الصحابيُّ، والحَارِثُ بنُ سعيدٍ المُحدِّثُ، وعبدُ الرحمنِ بنُ الفَضْلِ قاضي تَدْمُرَ، وعبدُ الرحمنِ بنُ القاسِمِ صاحبُ مالِكٍ، وله مسجدُ العُتَقَاءِ بمِصْرَ، وفي الحديثِ: "الطُّلَقاءُ من قُرَيْشٍ، والعُتَقَاءُ من ثَقِيفٍ، بعضُهم أولياءُ بعضٍ في الدنيا والآخِرَةِ"،
والعُتَقاءُ:
جُمَّاعٌ فيهم من حَجْرِ حِمْيَرَ، ومن سَعْدِ العَشِيرَةِ، ومن كِنانةِ مُضَرَ، ومن غيرِهم.
وراحٌ عَتيقٌ وعَتيقةٌ وعاتِقٌ، وفرسٌ عَتيقٌ، أَو العِتْقُ، بالكسر ويُضَمُّ: للمَواتِ، كالخَمْرِ والتَّمْرِ، والقِدَمُ: للمَواتِ والحَيَوانِ جميعًا. وككِتابٍ من الطيرِ: الجَوارِحُ،
وـ من الخَيْلِ: النَّجائِبُ.
وقَنْطَرَةٌ عَتيقةٌ وجَديدٌ: لأن العَتيقةَ بمعنَى الفاعِلَةِ.
والعَتائِقُ: ة بنَهْرِ عيسى،
وة شَرْقِيَّ الحِلَّةِ المَزْيَدِيَّةِ.
وعَتَقَ بعدَ اسْتِعْلاجٍ، كَضَرَبَ وكرُمَ، فهو عَتيقٌ: رَقَّتْ بَشَرَتُهُ بعدَ الجَفاءِ والغِلَظِ،
وـ اليَمينُ عليه: وَجَبَتْ،
وـ المالُ: صَلُحَ،
وـ الفرسُ: سَبَقَ فَنَجَا،
وـ الشيءُ: قَدُمَ،
كَعَتَقَ، كَنَصَرَ،
وـ الخَمْرُ: حَسُنَتْ وقَدُمَتْ، فهي عاتِقٌ وعَتيقٌ وعُتاقٌ، كغُرابٍ.
والعاتِقُ: الزِقُّ الواسِعُ، والجاريةُ أوَّلَ ما أدْرَكَتْ، عَتَقَتْ تَعْتِقُ، أَو التي لمْ تَتَزَوَّجْ، أَو التي بين الإِدْراكِ والتَّعنيسِ، ومَوْضِعُ الرِداءِ من المَنْكِبِ، أو ما بَيْنَ المَنْكِبِ والعُنُقِ، وقد يُؤنَّثُ، والقَوْسُ القَدِيمَةُ المُحْمَرَّةُ،
كالعاتِقَة، وفَرْخُ الطائِرِ إذا طارَ واسْتَقَلَّ، أو من فَرْخِ القَطا أوِ الحَمَامِ ما لم يَسْتَحْكِم، جَمْعُ الكُلِّ: عَواتِقُ.
وَعَتَقَهُ بفِيه عَتْقًا: عَضَّهُ،
وـ المالَ: أصْلَحَهُ فَعَتَقَ هو، لازِمٌ مُتَعَدٍّ،
وـ الفَرَسُ: تَقَدَّمَ.
وأَعْتَقَ فَرَسَهُ: أعْجَلَها وأنْجاها،
وـ قَليبَهُ: حَفَرَها وطَواها،
وـ المالَ: أصْلَحَه،
وـ مَوْضِعَهُ: حازَهُ فَصارَ له.
والتَّعْتيقُ: ضِدُّ التَّجْديدِ، والعَضُّ.
والمُعَتَّقَةُ، كمُعَظَّمَةٍ: عِطْرٌ، والخمرُ القَديمَةُ.
وابنُ أبي عتيقٍ، كأميرٍ: ماجِنٌ م.
والعِتْقُ، بالكسرِ، وبِضَمَّتَيْنِ: شَجَرٌ لِلقِسيِّ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
19-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (جيى)
(جيى) - في حَدِيث عِيسَى عليه السلام: "أَنَّه مَرَّ بنَهرٍ جارٍ وجِيَّةٍ مُنْتِنَة"الجِيَّة: مُجتَمع المَاءِ في هَبْطَةٍ، وأَصلُها الهَمزُ، وهي فِعْلَة بوَزن النِّيَّة. من باب جَاءَ، أُخذَت من مَجِيء الماءِ إليها والجَيَّة بوزن المَرَّة، ومعناها أَيضًا، من المَجِيءِ.
المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م
20-معجم البلدان (الآجر)
الآجُرُّ:بضم الجيم وتشديد الراء: وهو في الأصل اسم جنس للآجرّة، وهو بلغة أهل مصر الطوّب، وبلغة أهل الشام القرميد. درب الآجرّ: محلّة كانت ببغداد من محالّ نهر طابق بالجانب الغربي، سكنها غير واحد من أهل العلم وهو الآن خراب، ينسب إليها أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجرّي الفقيه الشافعي، سمع أبا شعيب الحرّاني، وأبا مسلم الكجي، وكان ثقة، صنّف تصانيف كثيرة، حدّث ببغداد، ثم انتقل إلى مكة فسكنها إلى أن مات بها في محرّم سنة 360، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني الحافظ، وكان سمع منه بمكة، ودرب الأجرّ ببغداد بنهر المعلّى، عامر إلى الآن، آهل.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
21-معجم البلدان (الأحص)
الأَحَصُّ:بالفتح، وتشديد الصاد المهملة، يقال: رجل أحصّ، بيّن الحصص أي قليل شعر الرأس، وقد حصّت البيضة رأسي إذا أذهبت شعره، وطائر أحصّ الجناح، ورجل احصّ اللّحية، ورحم حصّاء كله بمعنى القطع، وقال أبو زيد: رجل أحصّ إذا كان نكدا مشؤوما، فكأنّ هذا الموضع، لقلة خيره، وعدم نباته، سمّي بذلك. وبنجد موضعان يقال لهما: الأحصّ وشبيث. وبالشام من نواحي حلب موضعان يقال لهما: الأحصّ وشبيث. فأمّا الذي بنجد، فكانت منازل ربيعة، ثم منازل ابني وائل بكر وتغلب. وقال أبو المنذر هشام بن محمد في كتابه في افتراق العرب:
ودخلت قبائل ربيعة ظواهر بلاد نجد والحجاز، وأطراف تهامة، وما والاها من البلاد، وانقطعوا إليها، وانتثروا فيها، فكانوا بالذنائب، وواردات، والأحصّ، وشبيث، وبطن الجريب، والتّغلمين، وما بينها وما حولها من المنازل. وروت العلماء الأئمة، كأبي عبيدة وغيره: أن كليبا، واسمه وائل بن ربيعة بن الحارث بن مرّة بن زهير بن جشم ابن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، قال يوما لامرأته، وهي جليلة بنت مرّة أخت جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وأمّ جساس هبلة بنت منقذ بن سلمان بن كعب بن عمرو ابن سعد بن زيد مناة بن تميم، وكانت أختها البسوس نازلة على ابن أختها جسّاس بن مرّة، قال لها: هل تعرفين في العرب من هو أعزّ مني؟ قالت: نعم، أخواي جسّاس وهمّام، وقيل: قالت نعم، أخي جسّاس وندمانه عمرو المزدلف بن أبي ربيعة الحارث بن ذهل بن شيبان. فأخذ قوسه وخرج فمرّ بفصيل لناقة البسوس فعقره، وضرب ضرع ناقتها حتى اختلط لبنها ودمها، وكانا قد قاربا حماه، فأغمضوا له على ذلك، واستغاثت البسوس، ونادت بويلها.
فقال جسّاس: كفّي، فسأعقر غدا جملا هو أعظم من عقر ناقة. فبلغ ذلك كليبا، فقال: دون عليّان خرط القتاد. فذهبت مثلا، وعليّان فحل إبل كليب. ثم أصابتهم سماء فمرّوا بنهر يقال له شبيث، فأراد جساس نزوله، فامتنع كليب قصدا للمخالفة. ثم مرّوا على الأحصّ، فأراد جساس وقومه النزول عليه، فامتنع كليب قصدا للمخالفة. ثم مرّوا ببطن الجريب، فجرى أمره على ذلك، حتى نزلوا الذنائب، وقد كلّوا وأعيوا وعطشوا، فأغضب ذلك جسّاسا، فجاء وعمرو المزدلف معه، فقال له: يا وائل، أطردت أهلنا من المياه حتى كدت تقتلهم؟ فقال كليب: ما منعناهم من ماء إلّا ونحن له شاغلون، فقال له: هذا كفعلك بناقة خالتي، فقال له: أو ذكرتها؟ أما إني لو وجدتها في غير إبل مرّة، يعني أبا جساس، لاستحللت تلك الإبل.
فعطف عليه جساس فرسه وطعنه بالرمح فأنفذه فيه.
فلما أحسّ بالموت، قال: يا عمرو اسقني ماء، يقول ذلك لعمرو المزدلف، فقال له: تجاوزت بالماء الأحصّ، وبطن شبيث. ثم كانت حرب ابني وائل، وهي حرب البسوس، أربعين سنة، وهي حروب يضرب بشدتها المثل. قالوا: والذنائب عن يسار ولجة للمصعد إلى مكة، وبه قبر كليب. وقد حكى هذه القصة بعينها النابغة الجعدي، يخاطب عقال بن خويلد، وقد أجار بني وائل ابن معن، وكانوا قتلوا رجلا من بني جعدة، فحذّرهم مثل حرب البسوس وحرب داحس والغبراء، فقال في ذلك:
«فأبلغ عقالا، إنّ غاية داحس *** بكفّيك، فاستأخر لها، أو تقدّم»
«تجير علينا وائلا بدمائنا، *** كأنّك، عمّا ناب أشياعنا، عم»
«كليب لعمري كان أكثر ناصرا، *** وأيسر جرما منك، ضرّج بالدم»
«رمى ضرع ناب، فاستمرّ بطعنة *** كحاشية البرد اليماني المسهّم»
«وقال لجسّاس: أغثني بشربة، *** تفضّل بها، طولا عليّ، وأنعم»
«فقال: تجاوزت الأحصّ وماءه، *** وبطن شبيث، وهو ذو مترسّم»
فهذا كما تراه، ليس في الشعر والخبر ما يدلّ على أنها بالشام. وأما الأحصّ وشبيث بنواحي حلب، وقد تحقق أمرهما، فلا ريب فيهما، أما الأحصّ فكورة كبيرة مشهورة، ذات قرّى ومزارع، بين القبلة وبين الشمال من مدينة حلب، قصبتها خناصرة، مدينة كان ينزلها عمر بن عبد العزيز، وهي صغيرة، وقد خربت الآن إلّا اليسير منها. وأما شبيث، فجبل في هذه الكورة أسود، في رأسه فضاء، فيه أربع قرى، وقد خربت جميعها. ومن هذا الجبل يقطع أهل حلب وجميع نواحيها حجارة رحيّهم، وهي سود خشنة، وإياها عنى عدي بن الرقاع بقوله:
«وإذا الربيع تتابعت أنواؤه، *** فسقى خناصرة الأحصّ وزادها»
فأضاف خناصرة الى هذا الموضع، وإياها عنى جرير أيضا بقوله:
«عادت همومي بالأحصّ وسادي، *** هيهات من بلد الأحصّ بلادي»
«لي خمس عشرة من جمادى ليلة، *** ما أستطيع على الفراش رقادي»
«ونعود سيّدنا وسيّد غيرنا، *** ليت التّشكي كان بالعوّاد»
وأنشد الأصمعي، في كتاب جزيرة العرب، لرجل من طيّء، يقال له الخليل بن قردة، وكان له ابن واسمه زافر، وكان قد مات بالشام في مدينة دمشق، فقال:
«ولا آب ركب من دمشق وأهله *** ولا حمص، إذ لم يأت، في الركب، زافر»
«ولا من شبيث والأحصّ ومنتهى ال *** مطايا بقنسّرين، أو بخناصر»
وإياه عنى ابن أبي حصينة المعرّي بقوله:
«لجّ برق الأحصّ في لمعانه، *** فتذكّرت من وراء رعانه»
«فسقى الغيث حيث ينقطع الأو *** عس من رنده ومنبت بانه»
«أو ترى النّور مثل ما نشر البر *** د، حوالي هضابه وقنانه»
«تجلب الريح منه أذكى من المس *** ك، إذا مرّت الصّبا بمكانه»
وهذا، كما تراه، ليس فيه ما يدل على أنه إلا بالشام. فإن كان قد اتفق ترادف هذين الاسمين بمكانين بالشام، ومكانين بنجد، من غير قصد، فهو عجب. وإن كان جرى الأمر فيهما، كما جرى لأهل نجران ودومة، في بعض الروايات، حيث أخرج عمر أهلهما منهما، فقدموا العراق، وبنوا لهم بها أبنية، وسموها باسم ما أخرجوا منه، فجائز أن تكون ربيعة فارقت منازلها، وقدمت الشام، فأقاموا بها، وسموا هذه بتلك، والله أعلم. وينسب إلى أحصّ حلب، شاعر يعرف بالناشي الأحصّي، كان في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، له خبر ظريف، أنا مورده ههنا، وإن لم أكن على ثقة منه، وهو
أن هذا الشاعر الأحصّي دخل على سيف الدولة، فأنشده قصيدة له فيه، فاعتذر سيف الدولة بضيق اليد يومئذ، وقال له: أعذر فما يتأخر عنا حمل المال إلينا، فإذا بلغك ذلك فأتنا لنضاعف جائزتك، ونحسن إليك. فخرج من عنده فوجد على باب سيف الدولة كلابا تذبح لها السّخال وت
«رأيت بباب داركم كلابا، *** تغذّيها وتطعمها السّخالا»
«فما في الأرض أدبر من أديب، *** يكون الكلب أحسن منه حالا»
ثم اتفق أن حمل إلى سيف الدولة أموال من بعض الجهات على بغال، فضاع منها بغل بما عليه، وهو عشرة آلاف دينار، وجاء هذا البغل حتى وقف على باب الناشي الشاعر بالأحصّ، فسمع حسّه، فظنّه لصّا، فخرج إليه بالسلاح، فوجده بغلا موقرا بالمال، فأخذ ما عليه من المال وأطلقه. ثم دخل حلب ودخل على سيف الدولة وأنشده قصيدة له يقول فيها:
«ومن ظنّ أن الرّزق يأتي بحيلة، *** فقد كذّبته نفسه، وهو آثم»
«يفوت الغنى من لا ينام عن السّرى، *** وآخر يأتي رزقه وهو نائم»
فقال له سيف الدولة: بحياتي! وصل إليك المال الذي كان على البغل؟ فقال: نعم. فقال: خذه بجائزتك مباركا لك فيه. فقيل لسيف الدولة: كيف عرفت ذلك؟ قال عرفته من قوله:
وآخر يأتي رزقه وهو نائم
بعد قوله:
يكون الكلب أحسن منه حالا
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
22-معجم البلدان (بالس)
بالِسُ:بلدة بالشام بين حلب والرّقة، سميت فيما ذكر ببالس بن الروم بن اليقن بن سام بن نوح، عليه السلام، وكانت على ضفّة الفرات الغربية، فلم يزل الفرات يشرّق عنها قليلا قليلا حتى صار بينهما في أيامنا هذه أربعة أميال، قال المنجمون: طول بالس خمس وستون درجة وعرضها ست وثلاثون درجة، وهي في الإقليم الرابع، قال البلاذري: سار أبو عبيدة حتى نزل عراجين وقدّم مقدّمته إلى بالس، وبعث جيشا عليه حبيب بن مسلمة إلى قاصرين، وكانت بالس وقاصرين لأخوين من أشراف الروم أقطعا القرى التي بالقرب منهما وجعلا حافظين لما بينهما من مدن الروم، فصالحهم أهلها على الجزية أو الجلاء، فجلا أكثرهم إلى بلاد الروم وأرض الجزيرة وقرية جسر منبج، ولم يكن الجسر يومئذ وإنما اتخذ في زمن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، للصوائف، ويقال: بل كان له رسم قديم، وأسكن بالس وقاصرين قوما من العرب والبوادي ثم رفضوا قاصرين، وبلغ أبو عبيدة إلى الفرات ثم رجع إلى فلسطين، فكانت بالس والقرى المنسوبة إليها في حدها الأعلى والأوسط والأسفل أعذاء عشرية. فلما كان مسلمة ابن عبد الملك توجه غازيا إلى الروم من نحو الثغور الجزرية عسكر ببالس فأتاه أهلها وأهل بويلس وقاصرين وعابدين وصفّين، وهي قرى منسوبة إليها، فسألوه جميعا أن يحفر لهم نهرا من الفرات يسقي أرضهم على أن يجعلوا له الثلث من غلّاتهم بعد عشر السلطان الذي كان يأخذه، فحفر النهر المعروف بنهر مسلمة ووفوا له بالشرط، ورمّ سور المدينة وأحكمه، فلما مات مسلمة صارت بالس وقراها لورثته فلم تزل في أيديهم حتى جاءت الدولة العباسية وقبض عبد الله بن عليّ أموال بني أمية فدخلت فيها فأقطعها السفاح محمد بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس، فلما مات صارت للرشيد فأقطعها ابنه المأمون فصارت لولده من بعده، وقال مكحول: كل عشريّ بالشام فهو مما جلا عنه أهله فأقطعه المسلمون فأحيوه وكان مواتا لا حق فيه لأحد فأحيوه بإذن الولاة، قال ابن غسان السّكوني:
«أمّن الله، بالمبارك، يحيى *** خوف مصر إلى دمشق فبالس»
وينسب إليها جماعة، منهم أبو المجد معدان بن كثير
ابن عليّ البالسي الفقيه الشافعي، كان تفقه على أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي ومدحه فقال:
«قد قلت للمتكلّفين لحاقه: *** كفّوا فما كلّ البحور تعام»
«غلّست في طلب الرّشاد وهجرّوا، *** وسهرت في طلب المراد وناموا»
«يا كعبة الفضل أفتنا: لم لم يجب *** شرعا، على قصّادك، الإحرام؟»
«ولمه يضمّخ زائروك بطيب ما *** تلقيه، وهو على الحجيج حرام»
وكان لمعدان معرفة جيدة بالأدب واللغة، وممن ينسب إلى بالس أيضا: الحسن بن عبد الله بن منصور بن حبيب بن إبراهيم أبو عليّ الأنطاكي، يعرف بالباسي، حدث بدمشق ومصر عن الهيثم بن جميل وإسحاق بن إبراهيم الحنيني وغيرهم، وروى عنه جماعة، منهم:
أبو العباس بن ملأس وأبو الجهم بن طلّاب ومكحول البيروتي، وإسمعيل بن أحمد بن أيوب بن الوليد بن هارون أبو الحسن البالسي الخيزراني، سمع خيثمة بن سليمان بأطرابلس وبالرّقّة أبا الفضل محمد بن عليّ بن الحسين بن حرب قاضي الرّقة، وببالس أبا القاسم جعفر بن سهل بن الحسن القاضي وأباه أحمد بن أيوب الزّيات وأبا العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن بكر البالسي وجماعة وافرة سواهم ببلدان شتّى، روى عنه أبو الفرج عبيد الله بن محمد بن يوسف المراغي النحوي وأبو بكر محمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد ابن إبراهيم بن فيل أبو الحسن البالسي ثم الأنطاكي نزل أنطاكية روى عن هشام بن عمار والمسيب بن واضح وطبقتهما كثيرا، روى عنه أبو عبد الرحمن النسائي في سننه وخيثمة وأبو عوانة الأسفراييني وسليمان الطبراني وخلق كثير، ومات بأنطاكية سنة 284.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
23-معجم البلدان (الجوسق)
الجَوْسَقُ:في عدّة مواضع: منها قرية كبيرة من نواحي دجيل من أعمال بغداد، بينهما عشرة فراسخ.
والجوسق: من قرى النهروان من أعمال بغداد أيضا ينسب إليها أبو طاهر الخليل بن علي بن إبراهيم الجوسقي الضرير المقري، سكن بغداد، روى عن أبي الخطاب بن البطر وأبي عبد الله المغالي ذكره أبو سعد في شيوخه، مات سنة 533.
والجوسق أيضا: جوسق بن مهارش بنهر الملك.
والجوسق أيضا: قرية كبيرة عامرة بالحوف الشرقي من أعمال بلبيس من نواحي مصر. والجوسق أيضا:
بالقيروان. والجوسق: من قرى الري، عن الآبي أبي سعد منصور الوزير. والجوسق أيضا: قلعة الفرّخان بناحية الري أيضا قال شاعر من الأعراب وهو غطمّش الضبّيّ:
«لعمري! لجوّ من جواء سويقة *** أسافله ميث وأعلاه أجرع»
«أحبّ إلينا أن نجاور أهله *** ويصبح منا وهو مرأى ومسمع»
«من الجوسق الملعون بالري، كلما *** رأيت به داعي المنيّة يلمع»
والجوسق جوسق الخليفة: بالقرب من الري، أيضا، من رستاق قصران الداخل.
والجوسق الخرب أيضا: بظاهر الكوفة عند النّخيلة، وكانت الخوارج قد اختلفت يوم النهروان فاعتزلت طائفة في خمسمائة فارس مع فروة بن نوفل الأشجعي وقالوا: لا نرى قتال عليّ بل نقاتل معاوية، وانفصلت حتى نزلت بناحية شهرزور، فلما قدم معاوية من الكوفة بعد قتل عليّ، رضي الله عنه، تجمعوا وقالوا: لم يبق عذر في قتال معاوية، وساروا حتى نزلوا النخيلة بظاهر الكوفة، فنفذ إليهم معاوية طائفة من جنده فهزمتهم الخوارج، فقال معاوية لأهل الكوفة: هذا فعلكم ولا أعطيكم الأمان حتى تكفوني أمر هؤلاء، فخرج إليهم أهل الكوفة فقاتلوهم فقتلوهم، وكان عند المعركة جوسق خرب ربما ألجأت الخوارج إليه ظهورها فقال قيس بن الأصمّ الضّبّي يرثي الخوارج:
«إني أدين بما دان الشّراة به، *** يوم النّخيلة، عند الجوسق الخرب»
«النافرين على منهاج أوّلهم *** من الخوارج، قبل الشكّ والرّيب»
«قوما، إذا ذكّروا بالله أو ذكروا *** خرّوا، من الخوف، للأذقان والرّكب»
«ساروا إلى الله، حتى أنزلوا غرفا *** من الأرائك في بيت من الذهب»
«ما كان إلّا قليلا، ريث وقفتهم، *** من كل أبيض صافى اللون ذي شطب»
«حتى فنوا، ورأى الرائي رؤوسهم *** تغدو بها قلص مهريّة نجب»
«فأصبحت عنهم الدنيا قد انقطعت، *** وبلّغوا الغرض الأقصى من الطّلب»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
24-معجم البلدان (حصناباذ)
حِصْنَاباذ:بالكسر ثم السكون: قرية بنهر الملك من نواحي بغداد، بنى بها الناصر بن المستضيء دارا عظيمة، وكان يكثر الخروج إليها لصيد الطير ورمي البندق.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
25-معجم البلدان (الحويزة)
الحُوَيْزَةُ:صغير الحوزة، وأصله من حازه يحوزه حوزا إذا حصله، والمرّة الواحدة حوزة: وهو موضع حازه دبيس بن عفيف الأسدي في أيام الطائع لله ونزل فيه بحلّته وبنى فيه أبنية وليس بدبيس بن مزيد الذي بنى الحلّة بالجامعين ولكنه من بني أسد أيضا، وهذا الموضع بين واسط والبصرة وخوزستان في وسط البطائح، وهذه رسالة كتبها أبو الوفاء زاد ابن خودكام إلى أبي سعد شهريار بن خسرو يصف في أولها الحويزة وأتبعها بوصف بقرة له أكلها السبع ذكرت منها وصف الحويزة، وأولها:
«لو شاب طرف شاب أسود ناظري *** من طول ما أنا في الحوادث ناظر»
فهذا كتابي أيها الأخ متّعك الله بالإخوان، وجنّبك حبائل الشيطان، وغوائل السلطان، وكفاك شرّ حوادث الزمان، وطوارق الحدثان، من الحويزة وما أدراك ما الحويزة دار الهوان، ومظنة الحرمان، ومحطّ رحل الخسران، على كل ذي زمان وضمان، ثم ما أدراك ما الحويزة أرضها رغام، وسماؤها قتام، وسحابها جهام، وسمومها سهام، ومياهها سمام، وطعامها حرام، وأهلها لئام، وخواصّها عوام، وعوامّها طعام، لا يؤوى ربعها، ولا يرجى نفعها، ولا يمرى ضرعها، ولا يرأب صدعها، وقد صدق الله تبارك وتعالى قوله فيها، وأنفذ حكمه في أهاليها:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ من الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ من الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 2: 155، وأنا منها بين هواء رديء، وماء وبيء، ومن أهاليها بين شيخ غويّ، وشاب غبيّ، يؤذونك إن حضرت شغبا، ويشنعونك إن غبت كذبا، يتخذون الغمز أدبا، والزور إلى أرزاقهم سببا، يأكلون الدنيا سلبا، ويعدّون الدين لهوا ولعبا، لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا:
«إذا سقى الله أرضا صوب غادية، *** فلا سقاها سوى النيران تضطرم»
ثم شكا زمانه ووصف القرية بما ليس من شرط كتابنا، وقد نسب إليها قوم، منهم: عبد الله بن حسن بن إدريس الحويزي، حدّث عن أحمد بن الجبير بن نصر الحلبي، حدّث عنه محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي وغيره، وأحمد بن محمد بن سليمان العباسي أبو العباس الحويزي، كان ذا ف
«رأيت الحويزيّ يهوى الخمول، *** ويلزم زاوية المنزل»
«لعمري! لقد صار حلسا له *** كما كان في الزمن الأوّل»
«يدافع بالشعر أوقاته، *** وإن جاع طالع في المجمل»
وكان الحويزي ناظرا بنهر الملك في شعبان سنة 550، وكان نائما في السطح فصعد إليه قوم فوجؤوه بالسكاكين وتركوه وبه رمق، فحمل إلى بغداد فمات بعد أيام.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
26-معجم البلدان (درب النهر)
درْبُ النّهرِ:ببغداد في موضعين: أحدهما بنهر المعلّى بالجانب الشرقي، والثاني بالكرخ، ولد فيه أبو الحسن عليّ بن المبارك النهري فنسب إليه، وكان فقيها حنبليّا، مات في سنة 487.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
27-معجم البلدان (دير أحويشا)
دَيرُ أَحوِيشَا:وأحويشا بالسريانية الحبيس: وهو بإسعرت مدينة بديار بكر قرب أرزن الروم وحيزان، وهو مطل على أرزن، وهو كبير جدّا فيه أربعمائة راهب في قلال وحوله البساتين والكروم، وهو في نهاية العمارة، ويحمل خمره إلى ما حوله من البلدان لجودته، وإلى جنبه نهر يعرف بنهر الروم، وفيه يقول أبو بكر محمد بن طنّاب اللّبّادي لأنه كان يلبس لبدا أحمر:
«وفتيان كهمل من أناس *** خفاف في الغدوّ، وفي الرّواح»
«نهضت بهم، وستر الليل ملقى، *** وضوء الصبح مقصوص الجناح»
«نؤم، بدير أحويشا، غزالا *** غريب الحسن كالقمر اللّياح»
«وكابدنا السّرى شوقا إليه، *** فوافينا الصّباح مع الصّباح»
«نزلنا منزلا حسنا أنيقا *** بما نهواه، معمور النواحي»
«قسمنا الوقت فيه لاغتباق *** على الوجه المليح، ولاصطباح»
«وظلنا بين ريحان وراح *** وأوتار تساعدنا فصاح»
«وساعفنا الزمان بما أردنا، *** فأبنا بالفلاح وبالنجاح»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
28-معجم البلدان (زابيان)
زَابِيَان:بعد الألف باء موحدة، وياء آخر الحروف، وآخره نون: اسم لنهر بين واسط وبغداد قرب النعمانية، وأظنّها نهر قوسان، ويقال للنهرين من قرب إربل الزابيان، وقد ذكرهما عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
«أرّقتني بالزّابيين هموم *** يتعاورنني كأنّي غريم»
«ومنعن الرّقاد منّي حتى *** غار نجم واللّيل ليل بهيم»
وذكرهما أبو سعيد بعد قتل بني أميّة وكان قتلهم على زاب الموصل فقال:
«وبالزّابيين نفوس ثوت، *** وأخرى بنهر أبي فطرس»
في قطعة ذكرتها في اللابتين.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
29-معجم البلدان (زيدان)
زَيْدانُ:بلفظ تثنية زيد اسم رجل، قال نصر:
صقع واسع من أعمال الأهواز يتصل بنهر موسى ابن محمد الهاشمي، وقال العمراني: زيدان اسم قصر، وقال السمعاني أبو سعد: زيدان موضع بالكوفة.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
30-معجم البلدان (شيلى)
شِيلَى:ناحية من نواحي الكوفة ولها نهر يعرف بنهر شيلى، لها ذكر في الفتوح، والنهر اليوم يعرف بنهر زياد ينسب إلى زياد بن أبيه، والله أعلم، وقد ذكر في نهر.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
31-معجم البلدان (صعفوق)
صَعْفُوقُ:قال ثعلب: كل اسم على فعلول فهو مضموم الأوّل إلّا حرفا واحدا وهو صعفوق، بفتح أوّله، وسكون ثانيه، والفاء المضمومة، والواو، والقاف:
وهي قرية باليمامة وقد شقّ منها قناة تجري منها بنهر كبير، وبعضهم يقول: صعفوقة بالهاء في آخره للتأنيث، قال الحفصي: الصعفوقة قرية وهي آخر جوّ وهي آخر القرى، وقال أبو منصور: الصعفوق اللئيم من الرجال كان آباؤهم عبيدا فاستعربوا ومسكنهم بالحجاز وهم رذالة النّاس، وقال ابن الأعرابي:
الصعافقة قوم من بقايا الأمم الخالية باليمامة ضلّت أنسابهم، وقال غيرهم: الذين يدخلون السوق بلا رأس مال فإذا اشترى التجار شيئا دخلوا معهم فيه، وقال ابن السكيت: صعفوق حول باليمامة، وبعضهم يقول: صعفوق، بالضم.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
32-معجم البلدان (طنز)
طَنْز:شارع الطنز: ببغداد بنهر طابق، ينسب إليه أبو المحاسن نصر بن المظفّر بن الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي الطنزي، سمع الحديث ببغداد من أبي الحسين بن النّقور البزّاز، وبأصبهان من عبد الوهاب بن مندة وغيرهما، ذكره أبو سعد في شيوخه وقال: توفي في شهر ربيع الآخر سنة 550 بهمذان، ومولده في حدود سنة 450.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
33-معجم البلدان (غرناطة)
غَرْنَاطَةُ:بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم نون، وبعد الألف طاء مهملة، قال أبو بكر بن طرخان بن بجكم: قال لي أبو محمد عفّان الصحيح أغرناطة بالألف في أوله أسقطها العامّة كما أسقطوها من البيت فقالوا لبيرة، قال ابن بجكم: وقال لي الشيخان أبو الحجّاج يوسف بن على القضاعي وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن سعيد البردي الحيّاني: غرناطة بغير ألف، قال:
ومعنى غرناطة رمّانة بلسان عجم الأندلس سمّي البلد لحسنه بذلك، قال الأنصاري: وهي أقدم مدن كورة البيرة من أعمال الأندلس وأعظمها وأحسنها وأحصنها يشقّها النهر المعروف بنهر قلزم في القديم ويعرف الآن بنهر حدارّه، يلقط منه سحالة الذهب الخالص وعليه أرحاء كثيرة في داخل المدينة وقد اقتطع منه ساقية كبيرة تخترق نصف المدينة فتعمّ حمّاماتها وسقاياتها وكثيرا من دور الكبراء، وله نهر آخر يقال له سنجل واقتطع لها منه ساقية أخرى تخترق النصف الآخر فتعمه مع كثير من الأرباض، وبينها وبين البيرة أربعة فراسخ، وبينها وبين قرطبة ثلاثة وثلاثون فرسخا.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
34-معجم البلدان (قطيعة أم جعفر)
قَطِيعَةُ أُمّ جَعفر:هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور أمّ محمد الأمين: وكانت محلة ببغداد عند باب التين وهو الموضع الذي فيه مشهد موسى بن جعفر، رضي الله عنه، قرب الحريم بين دار الرقيق وباب خراسان وفيها الزّبيدية وكان يسكنها خدّام أمّ جعفر وحشمها، وقال الخطيب: قطيعة أم جعفر بنهر القلّايين ولعلّها اثنتان، وقد نسب إلى هذه القطيعة إسحاق بن محمد بن إسحاق أبو عيسى الناقد، حدث عن الحسن بن عرفة، روى عنه أبو الحسن الجرّاحي ويوسف بن عمر القواس، وإدريس بن ظهر بن حكيم ابن مهران بن فرّوخ أبو محمد القطيعي، حدث عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن سلمان، روى عنه محمد بن المظفّر وغيره.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
35-معجم البلدان (قطيعة النصارى)
قطيعةُ النَّصَارَى:محلة متصلة بنهر طابق من محالّ بغداد.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
36-معجم البلدان (قويق)
قُوَيقٌ:بضم أوله، وفتح ثانيه، كأنه تصغير قاق وهو صوت الضفدع، ولذلك قال شاعرهم:
«إذا ما الضفادع نادينه *** قويق قويق أبى أن يجيبا»
«تغوص البعوضة في قعره *** وتأبى قوائمها أن تغيبا»
وهو نهر مدينة حلب مخرجه من قرية تدعى سبتات، وسألت عنها بحلب فقالوا: لا نعرف هذا الاسم إنما مخرجه من شناذر قرية على ستة أميال من دابق ثم يمرّ في رساتيق حلب ثمانية عشر ميلا إلى حلب ثم يمتد إلى قنسرين اثني عشر ميلا ثم إلى المرج الأحمر اثني عشر ميلا ثم يغيض في أجمة هناك، فمن مخرجه إلى مغيضه اثنان وأربعون ميلا، وماؤه أعذب ماء وأصحه إلا أنه في الصيف ينشف فلا يبقى إلا نزوز قليلة، وأما في الشتاء فهو حسن المنظر طيب المخبر، وقد وصفه شعراء حلب بما ألحقوه بنهر الكوثر، ومن أمثال عوام بغداد: يفرح بفلس مطليّ من لم ير دينارا، وقد أحسن القيسراني محمد بن صغير في وصفه في قوله:
«رأيت نهر قويق *** فساءني ما رأيت»
«فلو ظمئت وأسقي *** ت ماءه ما رويت»
«ولو بكيت عليه *** بقدره ما اشتفيت»
وقرأت في ديوان أبي القاسم الحسن بن علي بن بشر الكاتب أنه قال في سنة 355:
«رأيت من نيل مصر *** ما ساءني إذ رأيت»
«ما ليس يحيا به من *** ثرى البسيطة ميت»
والبيتين الآخرين.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
37-معجم البلدان (قيلوية)
قِيلُويَة:بكسر أوله، وسكون ثانيه، ولام مضمومة، وواو ساكنة: قرية من نواحي مطيراباذ قرب النيل، إليها ينسب أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل القيلويّ. وقيلوية: قرية بنهر الملك ينسب إليها سعيد بن أبي سعيد بن عبد العزيز أبو سعد الجامدي الأصل، والجامدة: من قرى واسط، وسعيد هذا من أهل قيلوية نهر الملك، كان أبوه من الزّهّاد سكن قيلوية وولد سعيد بها، وكان واعظا صالحا، سمع أبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم
الكروخي وغيره، وحدث ببغداد في سنة 596 في ربيع الآخر فسمع منه جماعة، ومات سعيد في سنة 603، سألته عن مولده فقال في خامس جمادى الآخرة سنة 564، أنشدني لنفسه قال: كتب إليّ مؤيّدّ الدين محمد بن الرّيحاني قطعة أولها:
«عصيت عليّ يا قاضي القضاة، *** وكنت أعدّ أنك من حماتي»
«علت عيناك عنّي يا ملولا *** كما تعلو ظهور الصافنات»
«ألم تعلم بأني فيك صبّ، *** وسكرك ليس يخلو من لهاتي؟»
فكتبت إليه:
«أيا ابن الأكرمين الصّيد يا من *** مناقبه تجلّ عن الصفات»
«ومن آراؤه في كل خطب *** يفلّ بها بها حدود المرهفات»
«فديتك، تتهمنّي بالتجنّي *** ولم أك في هواك من الجناة»
«وكنت غداة سرت بلا وداع *** كأن الصبر ينزل في لهاتي»
«وما شبّهت شوقي فيك إلا *** بعطشان إلى ماء الفرات»
«وحقك يا محمد لو علمتم *** بما ألقاه من ألم الشتات»
«إذا لعذرتني وعلمت أني *** بحبك مستهام في حياتي»
«فسامحني، فإني لم أقصّر *** عن الخدمات إلا من شكاتي»
«بقيت، ولا برحت مع الليالي *** تجود على عفاتك بالصّلات»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
38-معجم البلدان (كرخ بغداد)
كَرْخُ بَغْدَاد:ولما ابتنى المنصور مدينة بغداد أمر أن تجعل الأسواق في طاقات المدينة إزاء كل باب سوق، فلم يزل على ذلك مدّة حتى قدم عليه بطريق من بطارقة الروم رسولا من عند الملك فأمر الربيع أن يطوف به في المدينة حتى ينظر إليها ويتأملها ويرى سورها وأبوابها وما حولها من العمارة ويصعده السور حتى يمشي من أوله إلى آخره ويريه قباب الأبواب والطاقات وجميع ذلك، ففعل الربيع ما أمره به، فلما رجع إلى المنصور قال له: كيف رأيت مدينتي؟
قال: رأيت بناء حسنا ومدينة حصينة إلا أن أعداءك فيها معك، قال: من هم؟ قال: السوقة، يوافي الجاسوس من جميع الأطراف فيدخل الجاسوس بعلّة التجارة والتجار هم برد الآفاق فيتجسس الأخبار ويعرف ما يريد وينصرف من غير أن يعلم به أحد، فسكت المنصور، فلما انصرف البطريق أمر بإخراج السوقة من المدينة وتقدم إلى إبراهيم بن حبيش الكوفي وخرّاش بن المسيب اليماني بذلك وأمرهما أن يبنيا ما بين الصراة ونهر عيسى سوقا وأن يجعلاها صفوفا ورتّب كل صف في موضعه وقال: اجعلا سوق القصّابين في آخر الأسواق فإنهم سفهاء وفي أيديهم الحديد القاطع، ثم أمر أن يبنى لهم مسجد يجتمعون فيه يوم الجمعة ولا يدخلوا المدينة، قال الخطيب:
وقلد المنصور ذلك رجلا يقال له الوضّاح بن شبا فبنى القصر الذي يقال له قصر الوضاح والمسجد فيه، قال ولم يضع المنصور على الأسواق غلّة حتى مات، فلما استخلف المهدي أشار عليه أبو عبد الله حتى وضع على الحوانيت الخراج، وقال غيره: إنه وضع عليهم المنصور الغلة على قدر الصناعة، فلما كثر الناس ضاقت عليهم فقالوا لإبراهيم بن حبيش وخرّاش: قد ضاقت علينا هذه الصفوف ونحن نتسع ونبني لنا أسواقا من أموالنا ونؤدي عنّا الإجارة، فأجيبوا إلى ذلك فاتسعوا في البناء والأسواق، وقد قيل: إن السبب في نقلهم إلى الكرخ أن دخاخينهم ارتفعت واسودّت حيطان المدينة وتأذّى بها المنصور فأمر بنقلهم، وقال محمد بن داود الأصبهاني:
«يهيم بذكر الكرخ قلبي صبابة، *** وما هو إلا حبّ من حلّ بالكرخ»
«ولست أبالي بالرّدى بعد فقدهم، *** وهل يجزع المذبوح من ألم السلخ؟»
وأضاف إليهما عبيد الله بن عبد الله الحافظ بيتين آخرين وهما:
«أقول وقد فارقت بغداد مكرها: *** سلام على أهل القطيعة والكرخ»
«هواي ورائي والمسير خلافه، *** فقلبي إلى كرخ ووجهي إلى بلخ»
والأشعار في الكرخ كثيرة جدّا، وكانت الكرخ أولا في وسط بغداد والمحالّ حولها، فأما الآن فهي محلة وحدها مفردة في وسط الخراب وحولها محالّ إلا أنها غير مختلطة بها، فبين شرقها والقبلة محلة باب البصرة وأهلها كلهم سنّيّة حنابلة لا يوجد غير ذلك، وبينهما نحو شوط فرس، وفي جنوبها المحلة المعروفة بنهر القلّائين وبينهما أقلّ مما بينهما وبين باب البصرة، وأهلها أيضا سنّيّة حنابلة، وعن يسار قبلتها محلة تعرف بباب المحوّل وأهلها أيضا سنية، وفي قبلتها نهر الصراة، وفي شرقيها نصب بغداد ومحالّ كثيرة، وأهل الكرخ كلهم شيعة إمامية لا يوجد فيهم سنيّ البتة.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
39-معجم البلدان (اللابتان)
اللّابَتَان:تثنية لابة وهي الحرّة، وجمعها لاب، وفي الحديث: أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، حرّم ما بين لابتيها يعني المدينة لأنها بين الحرّتين، ذكرتهما في الحرار، قال الأصمعي: اللابة الأرض التي ألبستها الحجارة السود، وجمعها لابات ما بين الثلاث إلى العشر فإذا كثرت فهي اللاب واللوب، قال الرياشي: توفي ابن لبعض المهالبة بالبصرة فأتاه شبيب بن شيبة المنقري يعزّيه وعنده بكر بن شبيب السهمي فقال شبيب: بلغنا أن الطفل لا يزال محيطا على باب الجنة يشفع لأبويه، فقال بكر: وهذا خطأ فإن ما للبصرة واللوب لعلك غرّك قولهم: ما بين لابتي المدينة يعني حرّتيها، وقد ذكر مثل ذلك عن ابن الأعرابي وقد ذكرته في هذا الكتاب في كثوة، وقال أبو سعيد إبراهيم مولى قائد ويعرف بابن أبي سنّة يرثي بني أميّة:
«أفاض المدامع قتلى كدا، *** وقتلى بكثوة لم ترمس»
«وقتلى بوجّ وباللّابتين *** ومن يثرب خير ما أنفس»
«وبالزابيين نفوس ثوت، *** وأخرى بنهر أبي فطرس»
«أولئك قوم أناخت بهم *** نوائب من زمن متعس»
«هم أضرعوني لريب الزمان، *** وهم ألصقوا الرّغم بالمعطس»
«فما أنس لا أنس قتلاهم، *** ولا عاش بعدهم من نسي»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
40-معجم البلدان (نهر أبي فطرس)
نهرُ أبي فُطْرُس:بضم الفاء، وسكون الطاء، وضم الراء، وسين مهملة: موضع قرب الرملة من أرض فلسطين، قال المهلبي: على اثني عشر ميلا من الرملة في سمت الشمال نهر أبي فطرس ومخرجه من أعين في الجبل المتصل بنابلس وينصبّ في البحر الملح بين يدي مدينتي أرسوف ويافا، به كانت وقعة عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس مع بني أميّة فقتلهم في سنة 132، فقال إبراهيم مولى قائد العبلي يرثيهم:
«أفاض المدامع قتلى كدا *** وقتلى بكثوة لم ترمس»
«وقتلى بوجّ وباللابتين *** بيثرب هم خير ما أنفس»
«وبالزابيين نفوس ثوت، *** وأخرى بنهر أبي فطرس»
«أولئك قوم أناخت بهم *** نوائب من زمن متعس»
«إذا ركبوا زيّنوا المركبين، *** وإن جلسوا زينة المجلس»
«هم أضرعوني لريب الزمان، *** وهم ألصقوا الرغم بالمعطس»
«فما أنس لا أنس قتلاهم، *** ولا عاش بعدهم من نسي! »
قال المهلبي: وعلى نهر أبي فطرس أوقع أحمد بن طولون بالمعتضد فهزمه، قلت: إنما كانت الوقعة بموضع يقال له الطواحين بين المعتضد وخمارويه بن
أحمد بن طولون، قال: وعليه أخذ العزيز هفتكين التركيّ وفلّت عساكر الشام عليه وبالقرب منه أوقع القائد فضل بن صالح بأبي تغلب حمدان فقتله، ويقال إنه ما التقى عليه عسكران إلا هزم المغربي منهما، وذكر أبو نواس في قصيدته في الخصيب نهر فطرس ولم يضفه إلى كنية فقا
«وأصبحن قد فوّزن عن نهر فطرس *** وهنّ من البيت المقدس زور»
«طوالب بالركبان غزّة هاشم *** وبالفرما من حاجهنّ شقور»
وقال العبلي:
«أبكي على فتية رزئتهم *** ما إن لهم في الرجال من خلف»
«نهر أبي فطرس محلّهم، *** وصبّحوا الزابيين للتلف»
«أشكو إلى الله ما بليت به *** من فقد تلك الوجوه والشرف»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
41-معجم البلدان (نهر الإجانة)
نهر الإجّانَةِ:بلفظ الإجّانة التي تغسل فيها الثياب، بكسر الهمزة، وتشديد الجيم، وبعد الألف نون، قال عوانة: قدم الأحنف بن قيس على عمر بن الخطاب في أهل البصرة فجعل يسألهم رجلا رجلا والأحنف لا يتكلم، فقال له عمر: ألك حاجة؟
فقال: بلى يا أمير المؤمنين، إن مفاتيح الخير بيد الله وإن إخواننا من أهل الأمصار نزلوا منازل الأمم الخالية بين المياه العذبة والجنان الملتفة وإنا نزلنا أرضا نشاشة لا يجف مرعاها ناحيتها من قبل المشرق البحر الأجاج ومن جهة المغرب الفلاة والعجاج فليس لنا زرع ولا ضرع تأتينا منافعنا وميرتنا في مثل مريء النعامة، يخرج الرجل الضعيف منا فيستعذب الماء من فرسخين والمرأة كذلك فتربّق ولدها تربّق العنز تخاف بادرة العدو وأكل السبع، فإلّا ترفع خسيستنا وتجبر فاقتنا نكن كقوم هلكوا، فألحق عمر ذراري أهل البصرة في العطاء وكتب إلى أبي موسى يأمره أن يحفر لهم نهرا، فذكر جماعة من أهل العلم أن دجلة العوراء وهي دجلة البصرة كانت خورا، والخور: طريق للماء لم يحفره أحد تجري إليه الأمطار ويتراجع ماؤها فيه عند المدّ وينضب في الجزر، وكان يحده مما يلي البصرة خور واسع كان يسمى في الجاهلية الإجّانة وتسميه العرب في الإسلام خزّاز، وهو على مقدار ثلاثة فراسخ من البصرة ومنه يبتدئ النهر الذي يعرف اليوم بنهر الإجّانة، فلما أمر عمر أبا موسى بحفر نهر ابتدأ بحفر نهر الإجّانة ففأره ثلاثة فراسخ حتى بلغ به البصرة، وكان طول نهر الأبلّة أربعة فراسخ ثم انطمّ منه شيء على قدر فرسخ من البصرة، وكان زياد ابن أبيه واليا على الديوان وبيت المال من قبل عبد الله بن عامر بن كريز، وعبد الله يومئذ على البصرة من قبل عثمان، فأشار إلى ابن عامر أن ينفذ نهر الأبلّة من حيث انضمّ حتى يبلغ البصرة ويصله بنهر الإجّانة، فدافع بذلك إلى أن شخص ابن عامر إلى خراسان واستخلف زيادا على حفر أبي موسى على حاله، فحفر نهر الأبلة من حيث انضم حتى وصله بالإجانة عند البصرة وولى ذلك ابن أخيه عبد الرحمن ابن أبي بكرة، فلما فتح عبد الرحمن الماء جعل يركض بفرسه والماء يكاد يسبقه حتى التقى به، فصار نهرا مخرجه من فم نهر الإجانة ومنتهاه إلى الأبلّة، وهذا إلى الآن على ذلك، وقدم ابن عامر من خراسان فغضب على زياد وقال: إنما أردت أن تذهب بذكر النهر دوني! فتباعد ما بينهما حتى ماتا وتباعد لسببه ما بين أولادهما، قال يونس بن حبيب: فأنا
أدركت ما بين آل زياد وآل عامر تباعدا، وفي كتاب البصرة لأبي يحيى الساجي: نهر الجوبرة من أنهار البصرة القديمة، وكان ماء دجلة ينتهي إلى فوهة الجوبرة فيستنقع فيه الماء مثل البركة الواسعة فكان أهل البصرة يدنون منه أحيانا ويغسلون ثيابهم، وكانت فيه أجاجين وأنقرة وخزف وآلات القصّار فلذلك سمي نهر الإجّانة، قال أبو اليقظان: كان أهل البصرة يشربون قبل حفر الفيض من خليج يأتي من دير جابيل إلى موضع نهر نافذ، قال المدائني: لم تزل البصرة على عين ماء لا ماء الإجانة وإليه ينتهي خليج الأبلّة حتى كلّم الأحنف عمر فكتب إلى أبي موسى يأمره أن يحفر لهم نهرا فأحفر من الإجانة من الموضع الذي يقال له أبكن وكان قد حفره الماء فحفره أبو موسى وعبّره إلى البصرة، فلما استغنى الناس عنه طمّوه من البصرة إلى ثبق الحيرة ورسمه قائم إلى اليوم، فكانوا يستقون قبل ذلك ماءهم من الأبلة وكان يذهب رسولهم إذا قام المتهجدون من الليل فيأتي بالماء من الغد صلاة العصر.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
42-معجم البلدان (نهر الأساورة)
نهرُ الأساوِرَةِ:بالبصرة وهو الذي عند دار فيل مولى زياد، قال الساجي: كان سياه الأسواري على مقدمة يزدجرد ثم بعث به إلى الأهواز لمدد أهلها فنزل الكلتانية وأبو موسى الأشعري محاصر للسوس، فلما رأى ظهور الإسلام أرسل إلى أبي موسى: إنّا أحببنا الدخول في دينكم على أن نقاتل عدوّكم من العجم معكم، وعلى أنه إن وقع بينكم اختلاف لا نقاتل بعضكم مع بعض، وعلى أنه إن قاتلنا العرب منعتمونا منهم وأعنتمونا عليهم، وأن ننزل بحيث شئنا من البلدان ونكون فيمن شئنا منكم، وعلى أن نلحق بشرف العطاء ويعقد لنا بذلك الأمير الذي بعثكم، فكتب بذلك أبو موسى إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأجابهم إلى ما التمسوا فخرجوا حتى لحقوا بالمسلمين وشهدوا مع أبي موسى حصار تستر ثم فرض لهم في شرف العطاء، فلما صاروا إلى البصرة وسألوا أيّ الأحياء أقرب نسبا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقيل بنو تميم فحالفوهم ثم خطّطت خططهم فنزلوها وحفروا نهرهم المعروف بنهر الأساورة، ويقال إن عبد الله بن عامر حفره وأقطعهم إياه فنسب إليهم.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
43-معجم البلدان (نهر بيل)
نهرُ بِيلٍ:بكسر الباء، وياء ساكنة، ولام، لغة في نهر بين: طسوج من سواد بغداد متصل بنهر بوق، قال آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ابن مروان:
«هاك فاشربها خليلي *** في مدى الليل الطويل»
«قهوة من أصل كرم *** سبئت من نهر بيل»
«في لسان المرء منها *** مثل طعم الزّنجبيل»
«قل لمن ينهاك عنها *** من وضيع أو نبيل: »
«أنت دعها وارج أخرى *** من رحيق السلسبيل»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
44-معجم البلدان (نهر تيرى)
نهرُ تِيرَى:بكسر التاء المثناة من فوقها، وياء ساكنة، وراء مفتوحة، مقصور: بلد من نواحي الأهواز حفره أردشير الأصغر بن بابك، ووجدت في بعض كتب الفرس القديمة أن أردشير بهمن بن اسفنديار وهو قديم قريب من زمن داود النبي، عليه السّلام، حفر نهر المسرقان بالأهواز ودجيل الأهواز وأنهار الكور السبع: سرّق ورامهرمز وسوس وجنديسابور ومناذر ونهر تيرى فوهبه لتيرى من ولد جودرز الوزير فسمي به، وله ذكر في أخبار الفتوح والخوارج، قال جرير:
«ما للفرزدق من عزّ يلوذ به *** إلا بني العمّ في أيديهم الخشب»
«سيروا بني العمّ، والأهواز منزلكم *** ونهر تيرى ولم تعرفكم العرب»
«الضاربو النخل لا تنبو مناجلهم *** عن العذوق ولا يعييهم الكرب»
وقال عبد الصمد بن المعذّل يهجو أمراءهم:
«دعوا الإسلام وانتحلوا المجوسا، *** وألقوا الرّيط واشتملوا القلوسا»
«بني العبد المقيم بنهر تيرى، *** لقد نهضت طيوركم نحوسا»
«حرام أن يبيت بكم نزيل *** فلا يسمى لأمّكم عروسا»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
45-معجم البلدان (نهر دبيس)
نهرُ دُبَيْس:وهو بالبصرة، ودبيس مولى لزياد ابن أبيه، قال القحذمي: كان زياد لما بلغ بنهر معقل قبته التي كان يعرض فيها الجند ردّة إلى مستقبل الجنوب حتى أخرجه إلى أصحاب الصدقة بالجبل فسمي ذلك العطف نهر دبيس برجل قصّار كان يقصر عليه الثياب.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
46-معجم البلدان (نهر شيلى)
نهرُ شَيْلَى:بأرض السواد ثم أرض الأنبار، وهو شيلى بن فرّخ زادان المروزي وولده يدّعون أن سابور حفره لجدّهم حين رتبه بنغيا من طسوج الأنبار، والذي يقوله غيرهم أنه نسب إلى رجل كان متقبلا لحفره ثم عرف بنهر زياد ابن أبيه لأنه استحدث حفره، وقيل إن رجلا يقال له شيلى كانت له عليه مبقلة في أيام المنصور وإن هذا النهر كان قديما وقد انطمّ فأمر المنصور بحفره فلم يستتم حتى توفي فاستتم في خلافة المهدي.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
47-معجم دمشق التاريخي (نهر بانياس)
نهر بانياس: يتفرّع عن نهر بردى بأول الربوة الشرقيّة، من سادس مقسم، قبالة مقهى (أبو شفيق)، ويجري شمالي الشرف القبلي حتى يدخل قلعة دمشق فينقسم إلى قسمين: قسم يتّجه شرقا نحو الجامع الأموي وحيّ القيمريّة ومجاوراته، وقسم يتّجه جنوبا خارج السور فيسقي بساتين الشاغور والميدان. ويعرف أيضا بنهر باناس، وأصل التسمية «أبانة» وهي كلمة آراميّة تعني (الصخور المشقّقة)، سمّي بذلك نسبة إلى منبعه.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
48-معجم دمشق التاريخي (نهر حرستا)
نهر حرستا: كان فرع من فروع نهر يزيد، بينه وبين مسجد حرستا. ويعرف أيضا بنهر الحرستاني.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
49-معجم دمشق التاريخي (نهر الداراني)
نهر الداراني: فرع من فروع نهر بردى، ينفصل عنه من ثالث مقسم بأول وادي دمّر، قبالة جامع الوزّان [الكويتي]، وقيل (قرب الشاذروان شرقي الربوة)، ويسقي أراضي داريّا وكفر سوسة والقدم، وبعض بساتين الميدان والمزّة، وبعض بساتين الشاغور. ويعرف أيضا بنهر داريّا، وبنهر الديراني.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
50-معجم دمشق التاريخي (نهر الداعياني)
نهر الداعياني: جنوب عين كيل، وينفصل عن نهر بردى في محلّة الصوفانيّة [الصفوانيّة] خارج باب توما من جهة الشرق وتتفرّع عنه ثلاثة أنهر تسقي قرى كفر بطنا وجسرين وسقبا وحمورية والإفتريس وبيت سوا [سواء] وأراضي عين ترما [ثرماء] وجوبر. تنسب تسميته إلى قرية داعية الدارسة في الغوطة الشرقيّة. ويعرف أيضا بنهر داعية، وبنهر قناة الصوف.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
51-معجم دمشق التاريخي (نهر الشيلاني)
نهر الشيلاني: ينفصل عن نهر بردى بالقرب من قرية «بالا» في الغوطة الشرقيّة، ويسقي قريتي بالا وحرستا القنطرة. ويعرف أيضا بنهر الشيداني.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
52-معجم دمشق التاريخي (نهر قليط)
نهر قليط: من فروع نهر بانياس، ويعتبره الأستاذ كرد علي أنه هو نفسه نهر باناس بعد خروجه من المدينة إلى بساتين الشاغور وقرب الباب الشرقي، أسمته العامة (قليط) لأنه يحمل الأقذار والنفايات، ويضرب في أيامنا المثل بقذارته، وكان يعرف قديما (بنهر قلوط) وهي تسمية مشتقّة من الجذر السامي المشترك (قلط) أي أزال وصرف، وبنهر قليط، وبالنهر الأبيض.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
53-معجم دمشق التاريخي (نهر القنوات)
نهر القنوات: يتفرّع من نهر بردى خارج المدينة، من خامس مقسم لنهر بردى، وسط منطقة الربوة، قبالة منعطف سكّة القطار الشرقيّة، ثم يمرّ بها متشعّبا إلى فرعين، في جنوبها وشرقها، ويسقي معظم أحيائها الجنوبية وبعض البساتين في أرض باب السريجة، ولعله سمّي بذلك لأنه كان يسقي قرية «قينية» الدارسة مقابل الباب الصغير من خارجه، وقينية تسمية سريانيّة من (قانو) بمعنى: القناة. ويسمّي الأستاذ كرد علي هذا النهر بقناة القنوات، ويعرف أيضا بنهر قينية، وبنهر قنيّة.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
54-معجم دمشق التاريخي (نهر يزيد)
نهر يزيد: يتفرّع عن نهر بردى عند أول مقسم، شرقي بلدة الهامة، ويسير إلى دمّر، ومنها في خرق صخري بجانح جبل قاسيون إلى صالحيّة دمشق فيسقيها وبرزة والقابون وينتهي في قرية حرستا. ووهم المؤرّخون بأن الخليفة الأموي يزيد بن معاوية هو الذي شقّه، والحقيقة أنه شق في العهد الآرامي، ووسّعه يزيد بعد ذلك فعرف به. ويعرف أيضا بنهر القابون.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
55-موسوعة الفقه الكويتية (أطعمة 1)
أَطْعِمَةٌ -1التَّعْرِيفُ:
1- الْأَطْعِمَةُ: جَمْعُ طَعَامٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ مَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا، وَكَذَا كُلُّ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْقُوتُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ.
وَيُطْلِقُهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ الْأَقْدَمُونَ عَلَى الْقَمْحِ خَاصَّةً.
وَيُقَالُ: طَعِمَ الشَّيْءَ يَطْعَمُهُ (بِوَزْنِ: غَنِمَ يَغْنَمُ) طُعْمًا (بِضَمٍّ فَسُكُونٍ) إِذَا أَكَلَهُ أَوْ ذَاقَهُ.وَإِذَا اسْتُعْمِلَ هَذَا الْفِعْلُ بِمَعْنَى الذَّوَاقِ جَازَ فِيمَا يُؤْكَلُ وَفِيمَا يُشْرَبُ، كَمَا فِي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}.وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْأَوَّلِ.
وَيَذْكُرُونَهُ أَيْضًا فِي الرِّبَا يُرِيدُونَ بِهِ (مَطْعُومَ الْآدَمِيِّينَ) سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّغَذِّي، كَالْقَمْحِ وَالْمَاءِ، أَمْ لِلتَّأَدُّمِ كَالزَّيْتِ، أَمْ لِلتَّفَكُّهِ كَالتُّفَّاحِ، أَمْ لِلتَّدَاوِي وَالْإِصْلَاحِ كَالْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ وَالْمِلْحِ.
وَقَدْ يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ «الْأَطْعِمَةِ» عَلَى (كُلِّ مَا يُؤْكَلُ وَمَا يُشْرَبُ، سِوَى الْمَاءِ وَالْمُسْكِرَاتِ).
وَمَقْصُودُهُمْ: مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ، عَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُسْتَسَاغُ وَلَا يُتَنَاوَلُ عَادَةً، كَالْمِسْكِ وَقِشْرِ الْبَيْضِ.وَإِنَّمَا اسْتُثْنِيَ الْمَاءُ لِأَنَّ لَهُ بَابًا خَاصًّا بِاسْمِهِ، وَاسْتُثْنِيَتِ الْمُسْكِرَاتُ أَيْضًا، لِأَنَّهَا يُعَبِّرُ اصْطِلَاحًا عَنْهَا بِلَفْظِ (الْأَشْرِبَةِ).
ثُمَّ إِنَّ مَوْضُوعَ الْأَطْعِمَةِ هُوَ عِنْوَانٌ يَدُلُّ بِهِ عَلَى مَا يُبَاحُ وَمَا يُكْرَهُ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهَا.
وَأَمَّا آدَابُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَإِنَّهَا يُتَرْجَمُ لَهَا بِكَلِمَةِ (الْأَدَبِ) وَيُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ (أَكْلٌ، وَشُرْبٌ).
كَمَا أَنَّ الْوَلَائِمَ الْمَشْرُوعَةَ يُتَرْجَمُ لَهَا بِعَنَاوِينَ أُخْرَى تَخُصُّهَا، كَالْعَقِيقَةِ وَالْوَكِيرَةِ. (ر: إِطْعَامٌ).
تَقْسِيمُ الْأَطْعِمَةِ
2- تَنْقَسِمُ الْأَطْعِمَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: حَيَوَانِيَّةٍ، وَغَيْرِ حَيَوَانِيَّةٍ.
ثُمَّ إِنَّ الْحَيَوَانَ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ رَئِيسَيْنِ: مَائِيٍّ، وَبَرِّيٍّ.
وَفِي كُلٍّ مِنَ الْقِسْمَيْنِ أَنْوَاعٌ فِيهَا مَا يُؤْكَلُ وَفِيهَا مَا لَا يُؤْكَلُ.
وَيَنْقَسِمُ الْمَأْكُولُ مِنَ الْحَيَوَانِ:
(أَوَّلًا) إِلَى: مُبَاحٍ، وَمَكْرُوهٍ.
(ثَانِيًا) إِلَى: مَا تُشْتَرَطُ الذَّكَاةُ فِي حِلِّهِ، وَمَا لَا تُشْتَرَطُ.
3- وَالْمَقْصُودُ بِالْحَيَوَانِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنْوَاعُ الْحَيَوَانِ جَمِيعًا مِمَّا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَكْلُهُ شَرْعًا أَوْ لَا يَجُوزُ، وَلَا يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْإِنْسَانَ نَفْسَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِنْسَانِ، بَلِ الْكَلَامُ مَحْصُورٌ فِيمَا يَحِلُّ لِلْإِنْسَانِ أَوْ لَا يَحِلُّ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا سِوَى الْإِنْسَانِ قَدْ خَلَقَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَنْفَعَةِ الْإِنْسَانِ وَمَصْلَحَتِهِ، فَمِنْهُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْأَكْلِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ لِغَيْرِ الْأَكْلِ مِنْ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ.
4- أَمَّا الْإِنْسَانُ نَفْسُهُ، الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْحَيَوَانِ جَمِيعًا وَاَلَّذِي سَخَّرَ لَهُ كُلَّ مَا عَدَاهُ، فَلَا يَدْخُلُ لَحْمُهُ فِي مَفْهُومِ الْأَطْعِمَةِ وَتَقْسِيمِهَا إِلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ، لِكَرَامَتِهِ فِي نَظَرِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، أَيًّا كَانَتْ سُلَالَتُهُ وَلَوْنُهُ وَدِينُهُ وَبِيئَتُهُ.
فَحُرْمَةُ لَحْمِهِ عَلَى بَنِي جِنْسِهِ مَعْلُومَةٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَمُصَرَّحٌ بِهَا فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.وَلِذَلِكَ لَا يَبْحَثُ الْفُقَهَاءُ عَنْ حُرْمَةِ لَحْمِهِ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ ذَلِكَ فِي حَالَاتِ الِاضْطِرَارِ الِاسْتِثْنَائِيَّةِ.وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (ضَرُورَةٌ)
5- وَيَجِبُ التَّنَبُّهُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ عَادَةً عَنْ عَدَمِ جَوَازِ أَكْلِهَا بِإِحْدَى الْعِبَارَاتِ التَّالِيَةِ: «لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا»، «يَحْرُمُ أَكْلُهَا»، «غَيْرُ مَأْكُولٍ»، «يُكْرَهُ أَكْلُهَا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الْأَخِيرَةُ تُذْكَرُ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَغْلَبِ الْأَنْوَاعِ، وَيُرَادُ بِهَا الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ عِنْدَمَا يَكُونُ دَلِيلُ حُرْمَتِهَا فِي نَظَرِهِمْ غَيْرَ قَطْعِيٍّ.
فَالْحَيَوَانَاتُ غَيْرُ الْمَأْكُولَةِ وَاحِدٌ مِنْهَا حُرْمَةُ أَكْلِهِ قَطْعِيَّةٌ إِجْمَاعِيَّةٌ، وَهُوَ الْخِنْزِيرُ.وَفِي بَقِيَّتِهَا خِلَافٌ قَوِيٌّ أَوْ ضَعِيفٌ، فَيَصِحُّ وَصْفُهَا بِالْحُرْمَةِ أَوْ بِالْكَرَاهَةِ (التَّحْرِيمِيَّةُ).
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6- الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لَيْسَ مُنَصَّبًا عَلَى ذَوَاتِ الْأَطْعِمَةِ، وَإِنَّمَا عَلَى أَكْلِهَا أَوِ اسْتِعْمَالِهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ حُكْمٌ جَامِعٌ لِلْأَطْعِمَةِ كُلِّهَا، لِذَلِكَ سَيُذْكَرُ حُكْمُ كُلِّ نَوْعٍ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
وَيَتَبَيَّنُ لِمَنْ تَتَبَّعَ مَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي أَبْوَابِ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَطْعِمَةِ الْحِلُّ، وَلَا يُصَارُ إِلَى التَّحْرِيمِ إِلاَّ لِدَلِيلٍ خَاصٍّ، وَأَنَّ لِتَحْرِيمِ الْأَطْعِمَةِ بِوَجْهٍ عَامٍّ- وَلَوْ غَيْرَ حَيَوَانِيَّةٍ- أَسْبَابًا عَامَّةً عَدِيدَةً فِي الشَّرِيعَةِ مُتَّصِلَةً بِقَوَاعِدِهَا الْعَامَّةِ وَمَقَاصِدِهَا فِي إِقَامَةِ الْحَيَاةِ الْإِنْسَانِيَّةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَفْضَلِ.وَكَذَلِكَ يَرَى الْمُتَتَبِّعُ أَسْبَابًا لِكَرَاهَةِ الْأَطْعِمَةِ بِوَجْهٍ عَامٍّ غَيْرِ الْأَسْبَابِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ.
وَسَنَعْرِضُ فِيمَا يَلِي بِإِيجَازٍ أَمْثِلَةً لِذَلِكَ
مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ لِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ:
7- يَظْهَرُ مِنَ الِاسْتِقْرَاءِ وَتَتَبُّعِ تَعْلِيلَاتِ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِيمَا يَحْكُمُونَ بِحُرْمَةِ أَكْلِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ الشَّيْءِ مَهْمَا كَانَ نَوْعَهُ لِأَحَدِ أَسْبَابِ خَمْسَةٍ:
السَّبَبُ الْأَوَّلُ: الضَّرَرُ اللاَّحِقُ بِالْبَدَنِ أَوِ الْعَقْلِ:
وَلِهَذَا أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ:
8- (مِنْهَا) الْأَشْيَاءُ السَّامَّةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَيَوَانِيَّةً كَالسَّمَكِ السَّامِّ، وَكَالْوَزَغِ وَالْعَقَارِبِ وَالْحَيَّاتِ السَّامَّةِ وَالزُّنْبُورِ وَالنَّحْلِ، وَمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا مِنْ مَوَادَّ سَامَّةٍ.أَمْ كَانَتْ نَبَاتِيَّةً كَبَعْضِ الْأَزْهَارِ وَالثِّمَارِ السَّامَّةِ.أَمْ جَمَادِيَّةً كَالزِّرْنِيخِ، فَكُلُّ هَذِهِ تَحْرُمُ، لقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، وَلِقَوْلِ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا».لَكِنْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ هَذِهِ السُّمُومَ إِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى مَنْ تَضُرُّهُ.وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي يَصِفُهَا الْأَطِبَّاءُ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى السُّمُومِ بِالْقَدْرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ الْإِنْسَانَ، بَلْ يُفِيدُهُ وَيَقْتُلُ جَرَاثِيمَ الْأَمْرَاضِ، كَمَا أَنَّ تَأَثُّرَ الْأَشْخَاصِ بِالسُّمُومِ أَنْوَاعًا وَمَقَادِيرَ يَخْتَلِفُ.
وَهَذَا لَا تَأْبَاهُ قَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى، حَيْثُ الْمَفْهُومُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ تَعَاطِي الْقَدْرِ الضَّارِّ مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ.
9- (وَمِنْهَا) الْأَشْيَاءُ الضَّارَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَامَّةً، وَقَدْ ذُكِرَ مِنْهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ: الطِّينُ، وَالتُّرَابُ، وَالْحَجَرُ، وَالْفَحْمُ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ، وَإِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى مَنْ تَضُرُّهُ.وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ يَشْمَلُ مَا كَانَ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ النَّبَاتِ أَوِ الْجَمَادِ.
وَيُعْرَفُ الضَّارُّ مِنْ غَيْرِ الضَّارِّ مِنْ أَقْوَالِ الْأَطِبَّاءِ وَالْمُجَرَّبِينَ.
وَلَا فَرْقَ فِي الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالسُّمَيَّاتِ أَوْ سِوَاهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَرَضًا جُسْمَانِيًّا أَيًّا كَانَ نَوْعَهُ، أَوْ آفَةً تُصِيبُ الْعَقْلَ كَالْجُنُونِ وَالْخَبَلِ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الطِّينِ قَوْلَيْنِ: الْحُرْمَةَ، وَالْكَرَاهَةَ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْحُرْمَةُ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ حُرْمَةَ الطِّينِ وَالْحَجَرِ عَلَى مَنْ يَضُرَّانِهِ، وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ كَرَاهَةَ الْفَحْمِ، وَالتُّرَابِ، وَالطِّينِ الْكَثِيرِ الَّذِي لَا يُتَدَاوَى بِهِ.
وَعَلَّلَ صَاحِبُ» مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى «الْكَرَاهَةَ بِالضَّرَرِ، مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ جَعَلَ الضَّرَرَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ.
السَّبَبُ الثَّانِي: الْإِسْكَارُ أَوِ التَّخْدِيرُ أَوِ التَّرْقِيدُ:
10- فَيَحْرُمُ الْمُسْكِرُ، وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ مَعَ نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ، كَالْخَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيءِ، وَسَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالنَّبِيذِ الشَّدِيدِ الْمُسْكِرِ، أَمْ مِنَ الْحَيَوَانِ كَاللَّبَنِ الْمَخِيضِ الَّذِي تُرِكَ حَتَّى تَخَمَّرَ وَصَارَ مُسْكِرًا.
وَيَحْرُمُ أَكْلُ كُلِّ شَيْءٍ مُخَدِّرٍ (وَيُقَالُ لَهُ: الْمُفْسِدُ)، وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ بِلَا نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ، كَالْحَشِيشَةِ.
وَيَحْرُمُ أَيْضًا الْمُرَقِّدُ وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ وَالْحَوَاسَّ مَعًا، كَالْأَفْيُونِ وَالسَّيْكَرَانِ.
فَمَا كَانَ مِنَ الْمُسْكِرَاتِ الَّتِي تُشْرَبُ شُرْبًا فَإِنَّهُ يَتْبَعُ مَوْضُوعَ الْأَشْرِبَةِ، وَيُرَى تَفْصِيلُ أَحْكَامِهِ فِيهَا، وَقَدْ يُشَارُ إِلَيْهِ هُنَا بِمُنَاسَبَةِ الضَّرَرِ.وَمَا كَانَ مِنَ الْمُخَدَّرَاتِ أَوِ الْمُرَقِّدَاتِ الْجَامِدَةِ الَّتِي تُؤْكَلُ أَكْلًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي مَوْضُوعِ الْأَطْعِمَةِ هُنَا، وَقَدْ يُذْكَرُ فِي مَوْضُوعِ الْأَشْرِبَةِ بِالْمُنَاسَبَةِ.
السَّبَبُ الثَّالِثُ: النَّجَاسَةُ:
11- فَيَحْرُمُ النَّجِسُ وَالْمُتَنَجِّسُ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ: - فَالنَّجِسُ كَالدَّمِ.
- وَالْمُتَنَجِّسُ كَالسَّمْنِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ وَكَانَ مَائِعًا فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ كُلُّهُ، فَإِنْ كَانَ جَامِدًا يُنَجَّسُ مَا حَوْلَ الْفَأْرَةِ فَقَطْ، فَإِذَا طُرِحَ مَا حَوْلَهَا حَلَّ أَكْلُ بَاقِيهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَنَجِّسِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: مَا سَقَطَ أَوْ سُمِّدَ بِنَجِسٍ، مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ لِتَنَجُّسِهِ، وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يُسْقَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ يَسْتَهْلِكُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ، وَنُقِلَ فِي الْإِنْصَافِ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُهُ: لَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَا مُحَرَّمٍ، بَلْ يَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ، كَالدَّمِ يَسْتَحِيلُ لَبَنًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ.وَمِمَّا يُذْكَرُ هُنَا أَنَّ رَوْثَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ، فَالتَّسْمِيدُ بِهِ لَا يُحَرِّمُ الزَّرْعَ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَسْقِيِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ وَلَا يَحْرُمُ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَنَجِّسِ- عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ- الْبَيْضُ الَّذِي سُلِقَ بِمَاءٍ نَجِسٍ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (بَيْضٌ).
السَّبَبُ الرَّابِعُ: الِاسْتِقْذَارُ عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ:
12- وَمَثَّلَ لَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَالْعَرَقِ وَالْمَنِيِّ، فَكُلُّ هَذِهِ طَاهِرَةٌ مِنَ الْإِنْسَانِ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهَا لِلِاسْتِقْذَارِ.وَاسْتَثْنَوْا مَا كَانَ الِاسْتِقْذَارُ فِيهِ لِعَارِضٍ كَغُسَالَةِ يَدٍ فَلَا تَحْرُمُ.وَمَثَّلَ الْحَنَابِلَةُ لِلْمُسْتَقْذَرَاتِ بِالرَّوَثِ وَالْبَوْلِ وَالْقَمْلِ وَالْبُرْغُوثِ.
وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يَقُولُونَ: إِنَّ رَوَثَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ، وَكَذَا بَوْلُهُ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُمَا لِلِاسْتِقْذَارِ.فَالْقَذَارَةُ لَا تُنَافِي الطَّهَارَةَ إِذْ لَيْسَ كُلُّ طَاهِرٍ يَجُوزُ أَكْلُهُ.
السَّبَبُ الْخَامِسُ: عَدَمُ الْإِذْنِ شَرْعًا لِحَقِّ الْغَيْرِ:
13- مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا السَّبَبِ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَكْلَهُ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ مَالِكُهُ وَلَا الشَّارِعُ، وَذَلِكَ الْمَغْصُوبُ أَوِ الْمَسْرُوقُ أَوِ الْمَأْخُوذُ بِالْقِمَارِ أَوْ بِالْبِغَاءِ.بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، كَأَكْلِ الْوَلِيِّ مَالَ مُوَلِّيهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَكْلِ نَاظِرِ الْوَقْفِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ.وَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُمْ مَأْذُونُونَ مِنَ الشَّارِعِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَنْ حَالَةِ الِاضْطِرَارِ.وَفِي قَضِيَّةِ عَدَمِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْحَيَوَانِ الَّذِي يَحِلُّ أَكْلُهُ يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ صِحَّةِ التَّذْكِيَةِ وَحُرْمَةِ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِلِ.
فَإِذَا غَصَبَ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ شَاةً مَثَلًا، أَوْ سَرَقَهَا فَذَبَحَهَا بِصُورَةٍ مُسْتَوْفِيَةٍ شَرَائِطَهَا، فَإِنَّ الذَّبِيحَةَ تَكُونُ لَحْمًا طَاهِرًا مَأْكُولًا، وَلَكِنَّ الذَّابِحَ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِذَبْحِهَا دُونَ إِذْنٍ مِنْ صَاحِبِهَا وَلَا إِذْنِ الشَّرْعِ، وَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا.وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا دُونَ إِذْنٍ أَيْضًا لِمَانِعِ حَقِّ الْغَيْرِ.وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ فِي: (غَصْبٌ) (وَذَبَائِحُ).
مَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ لِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ:
14- ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِلْأَطْعِمَةِ الْمَكْرُوهَةِ، مِنْهَا الْأَمْثِلَةُ التَّالِيَةُ:
أ- الْبَصَلُ وَالثُّومُ وَالْكُرَّاثُ وَنَحْوُهَا مِنْ ذَوَاتِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، فَيُكْرَهُ أَكْلُ ذَلِكَ، لِخُبْثِ رَائِحَتِهِ مَا لَمْ يُطْبَخْ، فَإِنْ أَكَلَهُ كُرِهَ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا- أَوْ لِيَعْتَزِلَ مَسْجِدَنَا- وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» وَصَرَّحَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ.
ب- الْحَبُّ الَّذِي دَاسَتْهُ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ أَوِ الْبِغَالُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ.
ج- مَاءُ الْبِئْرِ الَّتِي بَيْنَ الْقُبُورِ وَبَقْلِهَا، لِقُوَّةِ احْتِمَالِ تَسَرُّبِ التَّلَوُّثِ إِلَيْهَا.
د- اللَّحْمُ النِّيءُ وَاللَّحْمُ الْمُنْتِنُ، قَالَ صَاحِبُ «الْإِقْنَاعِ» مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِكَرَاهَتِهِمَا، لَكِنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ.
الْحَيَوَانُ الْمَائِيُّ: حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ:
15- الْمَقْصُودُ بِالْحَيَوَانِ الْمَائِيِّ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ، مِلْحًا كَانَ أَوْ عَذْبًا، مِنَ الْبِحَارِ أَوِ الْأَنْهَارِ أَوِ الْبُحَيْرَاتِ أَوِ الْعُيُونِ أَوِ الْغُدْرَانِ أَوِ الْآبَارِ أَوِ الْمُسْتَنْقَعَاتِ أَوْ سِوَاهَا.وَلَا يَحِلُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَائِيِّ شَيْءٌ سِوَى السَّمَكِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَا فُلُوسٍ (قُشِّرَ) أَمْ لَا.
وَهُنَاكَ صِنْفَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَائِيِّ اخْتَلَفَ فِيهِمَا الْحَنَفِيَّةُ، لِلِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِمَا مِنَ السَّمَكِ أَوْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمَائِيَّةِ الْأُخْرَى، وَهُمَا الْجِرِّيثُ، وَالْمَارْمَاهِيُّ.فَقَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِعَدَمِ حِلِّ أَكْلِهِمَا، لَكِنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْحِلُّ فِيهِمَا، لِأَنَّهُمَا مِنَ السَّمَكِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنَ السَّمَكِ مَا كَانَ طَافِيًا، فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُمْ.وَالطَّافِي: هُوَ الَّذِي مَاتَ فِي الْمَاءِ حَتْفَ أَنْفِهِ، بِغَيْرِ سَبَبٍ حَادِثٍ، سَوَاءٌ أَعَلَا فَوْقَ وَجْهِ الْمَاءِ أَمْ لَمْ يَعْلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. (وَإِنَّمَا يُسَمَّى طَافِيًا إِذَا مَاتَ بِلَا سَبَبٍ وَلَوْ لَمْ يَعْلُ فَوْقَ سَطْحِ الْمَاءِ نَظَرًا إِلَى الْأَغْلَبِ، لِأَنَّ الْعَادَةَ إِذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَنْ يَعْلُوَ).
وَإِنَّ حِكْمَةَ تَحْرِيمِ الطَّافِي احْتِمَالُ فَسَادِهِ وَخُبْثِهِ حِينَمَا يَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهِ وَيُرَى طَافِيًا لَا يُدْرَى كَيْفَ وَمَتَى مَاتَ؟ فَأَمَّا الَّذِي قُتِلَ فِي الْمَاءِ قَتْلًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا صِيدَ بِالشَّبَكَةِ وَأُخْرِجَ حَتَّى مَاتَ فِي الْهَوَاءِ.
وَإِذَا ابْتَلَعَتْ سَمَكَةٌ سَمَكَةً أُخْرَى فَإِنَّ السَّمَكَةَ الدَّاخِلَةَ تُؤْكَلُ، لِأَنَّهَا مَاتَتْ بِسَبَبٍ حَادِثٍ هُوَ ابْتِلَاعُهَا.
وَإِذَا مَاتَ السَّمَكُ مِنَ الْحَرِّ أَوِ الْبَرْدِ أَوْ كَدَرِ الْمَاءِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:
(إِحْدَاهُمَا): أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ غَالِبًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّمَكَ فِيهَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَيُعْتَبَرُ طَافِيًا.
(وَالثَّانِيَةُ): أَنَّهُ يُؤْكَلُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ أَسْبَابٌ لِلْمَوْتِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَكُونُ مَيِّتًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ فَلَا يُعْتَبَرُ طَافِيًا، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ، وَبِهِ يُفْتَى.وَإِذَا أُخِذَ السَّمَكُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُمَاتَ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ حَرَّمَ الطَّافِيَ بِالْأَدِلَّةِ التَّالِيَةِ:
أ- بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «مَا أَلْقَى الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ، وَمَا مَاتَ فِيهِ فَطَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ».وَرَوَى نَحْوَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا.
ب- بِآثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهم-: أَنَّهُمْ نُهُوا عَنْ أَكْلِ الطَّافِي.وَلَفْظُ جَابِرٍ فِي رِوَايَةٍ: «مَا طَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ، وَمَا كَانَ عَلَى حَافَّتَيْهِ أَوْ حَسِرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ».وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «مَا حَسِرَ الْمَاءُ عَنْ ضِفَّتَيِ الْبَحْرِ فَكُلْ، وَمَا مَاتَ فِيهِ طَافِيًا فَلَا تَأْكُلْ».
وَلَفْظُ عَلِيٍّ: «مَا طَفَا مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ فَلَا تَأْكُلُوهُ.
وَلَفْظُ ابْنِ عَبَّاسٍ: » لَا تَأْكُلْ مِنْهُ- أَيْ مِنْ سَمَكٍ وَفِي الْبَحْرِ- طَافِيًا.
16- وَذَهَبَ مَنْ عَدَا الْحَنَفِيَّةَ إِلَى إِبَاحَةِ كُلِّ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ بِلَا تَذْكِيَةٍ وَلَوْ طَافِيَةً حَتَّى مَا تَطُولُ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ، كَالتِّمْسَاحِ وَالسُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، وَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ الْبَحْرِيَّيْنِ.
وَلَا يَعُدُّ الْفُقَهَاءُ طَيْرَ الْمَاءِ بَحْرِيًّا، لِأَنَّهُ لَا يَسْكُنُ تَحْتَ سَطْحِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فَوْقَهُ وَيَنْغَمِسُ فِيهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ثُمَّ يَطِيرُ، وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ عِنْدَهُمْ إِلاَّ بِالتَّذْكِيَةِ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي كَلْبِ الْبَحْرِ وَخِنْزِيرِهِ قَوْلٌ بِالْإِبَاحَةِ، وَآخَرُ بِالْكَرَاهَةِ، وَالرَّاجِحُ فِي كَلْبِ الْمَاءِ الْإِبَاحَةُ، وَفِي خِنْزِيرِهِ الْكَرَاهَةُ، (أَيِ الْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ).
وَاخْتَلَفُوا فِي إِنْسَانِ الْمَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِجَوَازِ قَلْيِ السَّمَكِ وَشَيِّهِ مِنْ غَيْرِ شَقِّ بَطْنِهِ وَلَوْ حَيًّا.قَالُوا: وَلَا يُعَدُّ هَذَا تَعْذِيبًا، لِأَنَّ حَيَاتَهُ خَارِجَ الْمَاءِ كَحَيَاةِ الْمَذْبُوحِ.
17- وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ذَبْحُ مَا تَطُولُ حَيَاتُهُ كَسَمَكَةٍ كَبِيرَةٍ.وَيَكُونُ الذَّبْحُ مِنْ جِهَةِ الذَّيْلِ فِي السَّمَكِ، وَمِنَ الْعُنُقِ فِيمَا يُشْبِهُ حَيَوَانَ الْبَرِّ.فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا تَطُولُ حَيَاتُهُ كُرِهَ ذَبْحُهُ وَقَطْعُهُ حَيًّا.
وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِي الْحِلِّ هُوَ أَصَحُّ الْوُجُوهِ عِنْدَهُمْ.وَهُنَاكَ سِوَاهُ وَجْهَانِ آخَرَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.
(وَالثَّانِي) أَنَّ مَا يُؤْكَلُ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ كَاَلَّذِي عَلَى صُورَةِ الْغَنَمِ يَحِلُّ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ كَاَلَّذِي عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ وَالْحِمَارِ لَا يَحِلُّ.
وَيَحْرُمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْحَيَوَانُ (الْبَرْمَائِيُّ) أَيِ الَّذِي يُمْكِنُ عَيْشُهُ دَائِمًا فِي كُلٍّ مِنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْبَرِّ مَأْكُولٌ.وَقَدْ مَثَّلُوا لَهُ بِالضُّفْدَعِ، وَالسَّرَطَانِ، وَالْحَيَّةِ، وَالنَّسْنَاسِ، وَالتِّمْسَاحِ، وَالسُّلَحْفَاةِ.وَتَحْرِيمُ هَذَا النَّوْعِ الْبَرْمَائِيِّ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي «الرَّوْضَةِ» وَأَصْلُهَا وَاعْتَمَدَهُ الرَّمْلِيُّ.لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي «الْمَجْمُوعِ» أَنَّ جَمِيعَ مَا يَكُونُ سَاكِنًا فِي الْبَحْرِ فِعْلًا تَحِلُّ مَيْتَتُهُ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ عَيْشُهُ فِي الْبَرِّ، إِلاَّ الضُّفْدَعُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْخَطِيبِ وَابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ، وَزَادَا عَلَى الضُّفْدَعِ كُلَّ مَا فِيهِ سُمٌّ.
وَعَلَى هَذَا فَالسَّرَطَانُ وَالْحَيَّةُ وَالنَّسْنَاسُ وَالتِّمْسَاحُ وَالسُّلَحْفَاةُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ سَاكِنَةَ الْبَحْرِ بِالْفِعْلِ تَحِلُّ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِمْكَانِ عَيْشِهَا فِي الْبَرِّ، وَإِنْ كَانَتْ سَاكِنَةَ الْبَرِّ بِالْفِعْلِ تَحْرُمُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّنِيلِسِ: فَأَفْتَى ابْنُ عَدْلَانَ بِحِلِّهِ، وَنُقِلَ عَنِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِفْتَاءُ بِتَحْرِيمِهِ.
وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِوَزُّ وَالْبَطُّ مِمَّا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، لِأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ الْعَيْشَ فِي الْبَحْرِ دَائِمًا، فَهِيَ مِنْ طُيُورِ الْبَرِّ، فَلَا تَحِلُّ إِلاَّ بِالتَّذْكِيَةِ كَمَا يَأْتِي (ف 41).
وَيُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ابْتِلَاعُ السَّمَكِ حَيًّا إِذَا لَمْ يَضُرَّ، وَكَذَا أَكْلُ السَّمَكِ الصَّغِيرِ بِمَا فِي جَوْفِهِ، وَيَجُوزُ قَلْيُهُ وَشَيُّهُ مِنْ غَيْرِ شَقِّ بَطْنِهِ، لَكِنْ يُكْرَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ حَيًّا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ الدُّهْنُ.
18- وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْحَيَوَانِ الْبَرْمَائِيِّ، كَكَلْبِ الْمَاءِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَحِلُّ بِالتَّذْكِيَةِ.
وَزَادُوا بِالْإِضَافَةِ لِلضُّفْدَعِ اسْتِثْنَاءَ الْحَيَّةِ وَالتِّمْسَاحِ، فَقَالُوا بِحُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ: فَالضُّفْدَعُ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا، وَالْحَيَّةُ لِاسْتِخْبَاثِهَا، وَالتِّمْسَاحُ لِأَنَّ لَهُ نَابًا يَفْتَرِسُ بِهِ.لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوا سَمَكَ الْقِرْشِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ.وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْقِرْشَ نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ لَا يَعِيشُ إِلاَّ فِي الْبَحْرِ بِخِلَافِ التِّمْسَاحِ.
وَقَدْ قَالُوا: إِنَّ كَيْفِيَّةَ ذَكَاةِ السَّرَطَانِ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا يُمِيتُهُ، بِأَنْ يُعْقَرَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَدَنِهِ.
وَإِذَا أُخِذَ السَّمَكُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُمَاتَ، كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.وَيُكْرَهُ شَيُّهُ حَيًّا، لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ سَرِيعًا فَيُمْكِنُ انْتِظَارُ مَوْتِهِ.
19- وَفِي حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ مَذَاهِبُ أُخْرَى: مِنْهَا أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: إِنَّ مَا عَدَا السَّمَكَ مِنْهَا يُؤْكَلُ بِشَرِيطَةِ الذَّكَاةِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ كَذَلِكَ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدَهُ إِنْسَانُ الْمَاءِ وَلَا خِنْزِيرُهُ، وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: تَحْرِيمُ مَا سِوَى السَّمَكِ كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَثَانِيهِمَا: الْحِلُّ بِالذَّبْحِ كَقَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
20- وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ أَحَلُّوا كُلَّ مَا يَسْكُنُ جَوْفَ الْمَاءِ وَلَا يَعِيشُ إِلاَّ فِيهِ قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا}.وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا يُسَمِّيهِ النَّاسُ سَمَكًا وَمَا يُسَمُّونَهُ بِاسْمٍ آخَرَ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ أَوْ إِنْسَانِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لَا تَجْعَلُهُ خِنْزِيرًا أَوْ إِنْسَانًا.
وَمِنْ أَدِلَّةِ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم- لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ».
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَسْكُنُ الْبَحْرَ سَوَاءٌ أُخِذَ حَيًّا أَمْ مَيِّتًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ طَافِيًا أَمْ لَا.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ دَابَّةِ الْعَنْبَرِ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرٌ، قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً.قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا؟ قَالَ: نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ.وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبْطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ وَنَأْكُلُهُ.قَالَ: وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرُفِعَ لَنَا كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ.قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ؟ ثُمَّ قَالَ: لَا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ، فَكُلُوا.فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، وَلَقَدْ رَأَيْتَنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ، وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفَدْرَ كَالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، فَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمُ بَعِيرٍ مَعَنَا فَمَرَّ تَحْتَهَا.وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ.فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرْنَا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟، فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- مِنْهُ فَأَكَلَهُ».
فَهَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَدِلُّونَ بِهِ: عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ:
(أَوَّلًا) عَلَى أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ مِنْ غَيْرِ السَّمَكِ يَحِلُّ أَكْلُهُ فِي حَالَتَيِ الِاخْتِيَارِ وَالضَّرُورَةِ.
(ثَانِيًا) عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَكَاةٍ.
(ثَالِثًا) عَلَى حِلِّ الطَّافِي، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِسَبَبِ حَادِثٍ.
(رَابِعًا) عَلَى أَنَّ صَيْدَ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ لِلسَّمَكِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتْ مَيْتَتُهُ حَلَالًا فَصَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ.
هَذَا، وَالْفَسِيخُ إِنْ كَانَ صَغِيرًا كَانَ طَاهِرًا فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَمَّا فِي بَطْنِهِ، لِعُسْرِ تَنْقِيَةِ مَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَهُوَ طَاهِرٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالدَّرْدِيرِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَلِجُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ.وَإِذَا اعْتُبِرَ طَاهِرًا فَإِنَّ أَكْلَهُ مَعَ تَفَسُّخِهِ وَالتَّغَيُّرُ فِي رَائِحَتِهِ يُتْبَعُ فِيهِ شَرْعًا رَأْيُ الطِّبِّ فِي ضَرَرِهِ أَوْ عَدَمِهِ: فَإِنْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ الثِّقَاتُ: إِنَّهُ ضَارٌّ يَكُونُ أَكْلُهُ مَحْظُورًا شَرْعًا لِضَرَرِهِ بِالصِّحَّةِ، وَإِلاَّ فَلَا.
الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ: حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ:
21- الْمَقْصُودُ بِالْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ: مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنَ الدَّوَابِّ أَوِ الطُّيُورِ.وَيُقْسَمُ بِحَسَبِ أَنْوَاعِهِ وَخَصَائِصِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ أَحْكَامٍ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَوْعًا:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْأَنْعَامُ:
22- الْأَنْعَامُ (بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ) جَمْعُ نَعَمٍ (بِفَتْحَتَيْنِ) وَهُوَ اسْمٌ يَتَنَاوَلُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ هِيَ: الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْبَقَرُ عِرَابًا أَمْ جَوَامِيسَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْغَنَمُ ضَأْنًا أَمْ مَعْزًا، فَكُلُّهَا حَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَنِدِ إِلَى نُصُوصٍ كَثِيرَةٍ.مِنْهَا قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}، وَمِنْهَا قَوْلُهُ جَلَّ شَأْنُهُ {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}.وَاسْمُ الْأَنْعَامِ يَقَعُ عَلَى هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْأَرْنَبُ:
23- الْأَرْنَبُ حَلَالٌ أَكْلُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ.وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَخَذْتُهَا وَجِئْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِوَرِكِهَا- أَوْ قَالَ: بِفَخِذِهَا إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَبِلَهُ».
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ (أَوْ صَفْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ) أَنَّهُ قَالَ: «صِدْتُ أَرْنَبَيْنِ فَذَبَحْتُهُمَا بِمَرْوَةَ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا».
ثُمَّ إِنَّهَا مِنَ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَطَابِ، وَلَيْسَتْ ذَاتَ نَابٍ تَفْتَرِسُ بِهِ، وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِتَحْرِيمِهَا، فَهَذِهِ الْمَنَاطَاتُ تَسْتَوْجِبُ حِلَّهَا كَمَا سَيُرَى فِي الْأَنْوَاعِ الْمُحَرَّمَةِ.
وَقَدْ أَكَلَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ- رضي الله عنه- وَرَخَّصَ فِيهَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْحَيَوَانَاتُ الْمُفْتَرِسَةُ:
24- الْمُرَادُ بِالْحَيَوَانَاتِ الْمُفْتَرِسَةِ: كُلُّ دَابَّةٍ لَهَا نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَهْلِيَّةً كَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ، أَمْ وَحْشِيَّةً كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالضَّبُعِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالثَّعْلَبِ وَالسِّنَّوْرِ الْوَحْشِيِّ وَالسِّنْجَابِ وَالْفَنَكِ وَالسَّمُّورِ وَالدُّلُقِ (وَهُوَ أَبُو مُقْرِضٍ) وَالدُّبِّ وَالْقِرْدِ وَابْنِ آوَى وَالْفِيلِ.
وَحُكْمُهَا: أَنَّهَا لَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الضَّبُعَ وَالثَّعْلَبَ قَالَ بِحِلِّهِمَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ.
25- وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِ هَذَا النَّوْعِ كُلِّهِ أَوْ كَرَاهَتِهِ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً- بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْأَمْثِلَةِ- بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ».
وَمَنِ اسْتَثْنَى الضَّبُعَ مِنْهُمُ اسْتَدَلَّ بِأَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، مِنْهَا مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: «سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الضَّبُعِ أَآكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: نَعَمْ».وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَأْكُلُ الضِّبَاعَ، قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يُنْكِرِ ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ.
26- وَالْقَوْلُ الْمَشْهُورُ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا أَكْلُ الْحَيَوَانَاتِ الْمُفْتَرِسَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَهْلِيَّةً كَالسِّنَّوْرِ وَالْكَلْبِ، أَمْ مُتَوَحِّشَةً كَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي الْقِرْدِ وَالنَّسْنَاسِ قَوْلٌ بِالْإِبَاحَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ لَكِنْ صَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ.
27- لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ أَبَاحُوا بَعْضَ الْأَمْثِلَةِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا: بِالْإِضَافَةِ إِلَى الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ كَالسِّنْجَابِ وَالْفَنَكِ وَالسَّمُّورِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ أَنْيَابَهَا ضَعِيفَةٌ.
وَقَالُوا فِي السِّنَّوْرِ الْوَحْشِيِّ، وَالْأَهْلِيِّ، وَابْنِ آوَى، وَالنِّمْسِ، وَالدُّلُقِ: إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ كُلِّهَا بِالْحِلِّ عِنْدَهُمْ.
28- أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ أَبَاحُوا مِنَ الْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ الضَّبُعَ فَقَطْ.وَقَالُوا: إِنَّ فِي الثَّعْلَبِ وَالسِّنَّوْرِ الْوَحْشِيِّ رِوَايَةً بِالْإِبَاحَةِ.
29- وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} إِلَخِ الْآيَةَ فَإِنَّ لُحُومَ السِّبَاعِ لَيْسَتْ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ، فَتَكُونُ مُبَاحَةً، وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: كُلُّ وَحْشٍ لَيْسَ لَهُ نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ وَلَيْسَ مِنَ الْحَشَرَاتِ:
30- وَذَلِكَ كَالظِّبَاءِ، وَبَقَرِ الْوَحْشِ، وَحُمُرِ الْوَحْشِ، وَإِبِلِ الْوَحْشِ.وَهَذَا النَّوْعُ حَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ.
لَكِنْ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا تَأَنَّسَ حِمَارُ الْوَحْشِ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَحُكْمُ الْأَهْلِيِّ سَيَأْتِي ر: ف 46).فَإِنْ عَادَ إِلَى التَّوَحُّشِ رَجَعَ مُبَاحًا كَمَا كَانَ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: كُلُّ طَائِرٍ لَهُ مِخْلَبٌ صَائِدٌ:
31- وَذَلِكَ كَالْبَازِي وَالْبَاشِقِ وَالصَّقْرِ وَالشَّاهِينِ وَالْحِدَأَةِ وَالْعُقَابِ، وَهَذَا النَّوْعُ- بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْأَمْثِلَةِ- مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَحَرَامٌ فِي بَاقِي الْمَذَاهِبِ، إِلاَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُمْ: إِنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الطُّيُورِ مُبَاحَةٌ وَلَوْ كَانَتْ جَلاَّلَةً وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهَا.وَمَالَ الْمَازِرِيُّ لِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ.
32- وَمِنْ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِ هَذَا النَّوْعِ أَوْ كَرَاهَتِهِ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ».وَالْمُرَادُ مِخْلَبٌ يَصِيدُ بِهِ، إِذْ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى ذَا مِخْلَبٍ عِنْدَ الْعَرَبِ إِلاَّ الصَّائِدُ بِمِخْلَبِهِ وَحْدَهُ.
وَأَمَّا الدِّيكُ وَالْعَصَافِيرُ وَالْحَمَامُ وَسَائِرُ مَا لَا يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ فَلَا تُسَمَّى ذَوَاتَ مَخَالِبَ فِي اللُّغَةِ، لِأَنَّ مَخَالِبَهَا لِلِاسْتِمْسَاكِ وَالْحَفْرِ بِهَا، وَلَيْسَتْ لِلصَّيْدِ وَالِافْتِرَاسِ.
وَاسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّةُ بِالْحَصْرِ الَّذِي فِي قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِّلَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
56-المعجم الغني (سَرِيَّةٌ)
سَرِيَّةٌ- الجمع: سَرَايَا. [سرو]:1- "سَرِيَّةُ الجُنْدِ": الفِرْقَةُ مِنَ الجُنْدِ.
2- "سَرِيَّةُ المِدْفَعِيَّةِ": الْمُشَاةُ.
الملك طالوت والنهر
حين تباعدَ اليهودُ عن تَعاليمِ التَّوراةِ التي نَزلتْ على موسى عليه السلام، حين هَجروا كثيرًا من تَعاليمِه وأَوامِرهِ، عندئذٍ وقعَ لهم ما يقعُ لكلِّ أُمةٍ تهجرُ كِتابَها أو تُضيعُ أَوامرَ نَبيِّها المُرسلِ..
تَدهورتْ أَحوالُ بني إسرائيلَ عندئذٍ، وهُزِموا من أَعدائِهِم، واستولى الأعداءُ على تابوتِ العهدِ، وفيه بقيةٌ مما تركَ آلُ موسى وَهارونَ، وتَشرَّدوا في الأرضِ، وطُرِدوا من دِيارهِم، وساءَتْ أحْوالُهُم، وشاعَ الذُّلُّ بينهم، وحكَمَهُم الضَّعفُ. فجعل من بينهم حكيمًا يدعوهم إلى الله.
وذات يومٍ ذهبَ كبارُ القومِ من بني إسرائيلَ إلى هذا الحكيم وقالوا له:
: أليس الله هو الذي بعثكَ إلينا؟
الحكيم: بلى.
القوم: ألسنا مُشرَّدينَ؟
الحكيم: بلى.
القوم: ألسنا مَظْلومينَ؟
الحكيم: بلى.
القوم: لماذا لا تَسألُ أن يبعثَ لنا مَلِكًا يَجمعُنا تحت رَايتهِ كي نُقاتلَ في سَبيلِ الله ونَستعيدَ حقَّنا ونُصلحَ ما فَسدَ من أَحوالِنا؟
الحكيم: أخَافُ إنْ دعوتُ الله أن يَبعثَ لكُم مَلِكًا يَدعوكُم إلى القتالِ ألا تُقاتِلوا.
القوم: ولماذا لا نُقاتِلُ في سَبيلِ الله وقد أُخرِجْنَا من دِيارِنا؟
الحكيم: ألن تَتراجَعوا لو حدث ما تَطلُبونَه؟
القوم: أبدًا لن نَتراجعَ.
الحكيم: سوف أَسأَلُ الله تعالى أن يختارَ لكم مَلِكًا تُقاتِلونَ تحت رَايَتِه.
انصرفَ القومُ ودَعا الحكيمُ ربَّ العالمينَ أن يختارَ لهم مَلِكًا.
في نفسِ الوقتِ خرجَ طالوتُ يَرعى غَنَمه. كان طالوتُ واحِدًا من بني إسرائيلَ، وكان قلبُه يَنطوي على الخيرِ، وكان معه أَحدُ فِتيانِه، فانشغلَ في حَديث هَامِسٍ معَ الفتى، فتشَردَتْ غنمُه في السُّهولِ.
ثم انتهى حَديثُه مع الغُلامِ، فنظرَ حولَه فلم يرَ الغنمَ ولا رأى الحميرَ.
طالوت: لقد استَغرقَنا الحديثُ فَسارتِ الأغنامُ في الصحراءِ، تعالَ نبحثُ عنها.
انطلقَ طالوتُ في الصحراءِ بحثًا عن قطِيعِهِ فسارَ مَسافةً طَويلةً، حتى إذا أَجهَدهُ التعبُ وانحدرتِ الشمسُ نحو المَغيبِ ولم يجدْ غنَمه ويَئِسَ من العُثور عليها، قرر أَن يذهبَ إلى الحكيم ليسألَه أَين ضاعتْ.
عاد طالوتُ من الصحراءِ وشقَّ طريقَهُ إلى بيتِ حكيمهم ودخلَ عليه.
طالوتُ: أَيُّها الحكيمُ الكريمُ، خرجتُ أرعى الأغنامَ والحميرَ، فَشردتْ مني في الصحراءِ، ولم أَعرفُ أَين ذهبتْ، وقد جئتُ أسألُك عنها.
الحكيم: هل تُحِسُّ بالقلقِ على أَغنامِكَ وحَميرِكَ؟
طالوتُ: نعم.
الحكيم: لا تُشغْل بالَك بها، فقد عادتْ إلى بيت أَبيكَ. دعكَ من مَوضوعِ الأغنامِ واستمعْ إلىَّ. لقد سأَلني الَملأُ من بني إسرائيلَ أَن أَدعوا الله أن يختارَ لهم ملكًا يُقاتِلونَ تحت رَايتِهِ في سبيل الله، وقد دعوتُ الله؛ فاختاركَ مَلِكًا على بني إسرائيلَ. وعليكَ أن تُعِدَّ نَفسكَ للقِتال.
طالوت: الله هو الذي اختارَني؟
الحكيم: نعم.
قال طالوتُ وهو يُحسُّ بالسّعادةِ والرّهبةِ: أنا رهْنُ إشارتِكَ.
الحكيم: غَدًا نُقابلُ رؤَساءَ بني إسرائيلَ.
جاءَ الغدُ، فاجتَمَع رؤساءُ بني إسرائيلَ واجتَمَعَ معهم طالوتُ.
وقال لهم حكيمُهُم: إن الله قد بعثَ لكُم طالوتَ مَلِكًا.
برزتْ عواملُ العِنادِ في نُفوسِ بني إسرائيلَ.
القوم: كيف يكونُ له المُلكُ ونحن أَحقُّ بالمُلكِ منه؟
الحكيم: لماذا تَتَصوَّرونَ أنكُم أَحقُّ بالمُلكِ منه؟
قال الرؤساءُ: نحن أغنى كثيرًا منه. انْظُرْ إليه، إنه يرتدي ملابسَ الرُّعاةِ الفقيرةِ.
الحكيم: ليستِ العِبرةُ في حُكمِ الشعُّوبِ بالغِنى أو الفَقر، العِبرةُ بالقدرة على قِيادَتِها، إن طالوتَ هو اختيارُ الله تعالى لَكُم، وقد اختاره الله تعالى لِعِلمِه وقُدرَتِه.
القوم: نحن نُصدِّقُك أَيها الحكيم، ولكن كيفَ نَتأكَّدُ أن الله هو الذي اختارَه؟
اذهبوا إلى المَعْبَدِ غدًا فسوف تَقعُ المُعجزةُ ويَأْتيكُم تابوتُ العهدِ.
احتَشدَ خلقٌ هائلٌ من بني إسرائيلَ في اليومِ التَالي؛ انتِظارًا لوُقوعِ المُعجِزةِ. كان تابوتُ العهدِ يَضُمُّ بَعضَ أَلواحِ التوراةِ التي أُنزلتْ على موسى، كما كان فيه بعضُ آثارٍ تَركَها موسى وهارُون. وكان هذا التابوتُ قد سُلِبَ منهم واستولى عليه عَدُوُّهم.
وقفَ الناسُ يَنتظِرونَ وُقوعَ المُعجِزَةِ، وفي الوقتِ الذي حدَّدهُ نبيُّهم فُوجِئوا أن التابوتَ يَعودُ إلى مكانِه في المَعبد، حَملتهُ الملائِكَةُ وَوضَعتهُ في مكانِه وسطَ دهشةِ الناسِ وانبهارهم. لم يروا الملائكةَ ولكنَّهم رأوا تابوتَ العَهدِ يَسبحُ بِبطءٍ وجَلالٍ إلى مكانِهِ في المَعبدِ.
وأَحَسَّ الناسُ بالسَّكينةِ واطمأنّوا لاختيارِ طالوتَ ملِكًا عليهِم.
أصبحَ طالوتُ ملِكًا على قَومِه.
قَدَّم الناسُ له فروضَ الطَّاعةِ في حفلٍ كبيرٍ وانتظَروا أوامِرَه.
كان أولُ أمرٍ أصدرَه طالوتُ أن يَبدأَ تكوينَ جيشٍ قويّ يَتدربُ على القِتالِ.
أرسلَ طالوتُ في كلِّ قُرى بني إسرائيلَ يدعوُ الشبابَ القادرَ على حملِ السلاحِ إلى الحرب. انضمَّ إلى الجَيشِ جَمْعٌ كثيرٌ من الشبابِ والرجالِ. وبدأتْ مصانعُ الدُّروعِ والأسلِحَةِ تعملُ، وبدأَ التدريبُ على استِخدامِ الأسلحةِ.
كان عدوُّهُم هو جالوتَ، وكان جالوتُ قائِدًا عَظيمًا لم يَهزمْهُ أَحدٌ. وكان يتبعُه جيشٌ هائِلٌ لا نِهايةَ لِجُنودِه ولا مثيلَ لأسلحَتِه في القُوةِ. وكانَ جالوتُ يُشبِهُ إعصارًا مُدمِّرًا لا يُقاومُه أَحَدٌ.
كان طالوتُ حَكيمًا فأَدركَ أن جَوهَر النَّصر لا يَكْمُنُ في قُوةِ السلاحِ بِقدرِ ما يخضَعُ لِقُوةِ الإرادة، أدركَ أَن الغَلَبَةَ ليستْ بتعدد الجُنودِ إنما بِصلابةِ العَزيمة. وهكذا اطمأنَّ طالوتُ لِقُوةِ الجيشِ، ولكنّه لم يكُن قد اطمأنّ بعد لِقُوةِ الرُّوحِ المَعنويّةِ عند الجُنودِ والقادةِ.
ولِهذا قرّرَ أن يَمتحنَ هذا الجيشَ قبل أن يَخوضَ به المعركة الحاسِمة مع عدِّوهِم جالوت.
وأَمر طالوتُ جيشَه أن يسيرَ وسطَ صحراءٍ مُحرقَةٍ.
ظلَّ الجيشُ يسيرُ أيَّامًا ولياليَ وسطَ هذه الصحراءِ حتى بلغَ العطشُ بالرجالِ كلّ مَبلغٍ.
وانتهى كلُّ الماءِ الذي يَحمِلُه الجُنودُ والضُّباطُ.
كانت نِهايةُ الرِّحلة في الصحراءِ قد اقتربَت، وكان طالوتُ يعرفُ أن هناكَ نَهرًا قَريبًا ماؤهُ شديدُ العذوبةِ. وقرَّر طالوتُ أن يكونَ هذا النهرُ أولَ امتحانٍ عَمليّ لجيشِه.
جمعَ طالوتُ قادةَ الجُندِ والألِويَة وقال لهُم: نَقتربُ الآن من نهرٍ سوفَ يَعبُرهُ الجيشُ، لا تَشربوا مِن هذا النهرِ، بلِّلوا شِفاهَكُم وأيديَكُم بالماءِ فقط.
ضابط: لكن الجيشَ يحسُّ بالعَطشِ.
طالوت: من يشربُ من هذا النهرِ فليسَ منِّي، إلا من اغترفَ غرفةً بيدهِ، ومن يشربُ من النهرِ فَلينسحبْ من الجيشِ، واعلمُوا أن الله يراكُم.
انْقُلوا أَوامِري للجُنودِ وتَهيّأوا لعبورِ النهرِ.
نَقلَ الضُّباطُ والقادةُ أوامرَ طالوتَ للجُنودِ، وبدأَ الجيشُ يعبرُ النهرَ.
كانَ الامتحانُ قاسِيًا؛ فالدُّنيا شَديدةُ الحَرارةِ، والماءُ عذبٌ وباردٌ، والإِغْراءُ قويٌّ.
وشربَ مُعظمُ الجنُودِ من النهرِ ولم يَستطيعوا مُقاومةَ الإغراءِ.
انتهى عبورُ الجيشِ للنهرِ.
أَخرجَ طالوتُ كلَّ من عصى أوامرَه وشربَ من النهرِ.
كان الجيشُ كبيرًا قَبْلَ أن يَعْبُرَ النهرَ، ولكنّه بعدَ عُبورِ النهرِ وخُروجِ من خرج منه قد تغيرَ تمامًا.
الضابط: لقد انكمشَ عَددُنا كثيرًا، فكيف نُقاتلُ جيشَ جالوتَ الهائل بهذا العددِ القليلِ؟
طالوت: ليست العبرةُ في القِتالِ بعددِ المُقاتلين، المُهم إرادَتُهم.
الضابط: لقد خرجَ مُعظمُ الجيشِ، ولم يبقَ سِوى القليلِ.
طالوت: بلى بقيَ الكثيرُ، لقد خرجَ غيرُ المُخلصينَ، وبقيَ المُخلصونَ الصَّابرونَ، والصبرُ طريقُ النصرِ وأَدَاتِه.
تساءل بعض ضعاف الإيمان كيف يواجهون جالوتَ بهذا العدد. ورد أهل الإيمان العميق {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. (البقرة/249)
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بَالظَّالِمِينَ. (*) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. (*) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (*) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. [البقرة: 246- 249].
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
57-الأفعال المتداولة (فَصَلَ يَفْصُلُ فُصُولًا [به])
فَصَلَ يَفْصُلُ ـ فُصُولًا [به]: {فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} (خرج)الأفعال المتداولة-محمد الحيدري-صدر: 1423هـ/2002م
58-تاج العروس (كجرت)
[كجرت]: * وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: كَجَرَاتُ: اسم ناحِيَةٍ مُتَّسعَةٍ بأَرضِ الهِنْد، وتُعْرَف بنهر وَالَةَ، وبأَحْمَد آبَاد.تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
59-تاج العروس (عج عجج عجعج)
[عجج]: عَجَّ يَعِجّ، كضَرَب يَضْرِب، وعَجّ يَعَجّ، كَيمَلٌّ ـ اي بكسر العين في الماضي وفتحِها في المضارع، خلافًا لمن تَوَهَّم أَنه بفتح العين فيهما نظرًا إِلى ظاهرِ عبارةِ المصنِّف، وهو غيرُ واردٍ لعدَمِ حَرْفِ الحَلْقِ فيه، وشذَّ: أَبَى يَأْبَى، وقد تقدّم لنا هذا البحثُ مِرارًا، وسيأْتي أَيضًا في بعض المواضع من هذا الشرحِ ـ عَجًّا وعَجِيجًا، وكذا ضَجّ يَضِجّ: إِذا صاحَ، وقيَّده الأَزهريّ بالدعاءِ والاستغاثة، ورفَعَ صَوْتَه.وفي الحديث: «أَفضَلُ الحَجِّ العَجُّ والثَّجُّ»، العَجُّ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِية.
وفي الحديث: «مَنْ قَتل عُصْفورًا عَبَثًا عَجَّ إِلى اللهِ تَعَالى يومَ القيامة».
وعَجَّةُ القومِ وعَجِيجُهم: صِياحُهم وجَلَبَتُهم.
وفي الحديث: «منْ وَحَّدَ الله تعالى في عَجَّته وَجَبَتْ له الجَنَّةُ» أَي مَنْ وَحَّدَه علانِيةً، كعَجْعَجَ، مضاعفًا، دليلٌ على التكريرِ فيه.
وعَجَّ النَّاقةَ: زَجَرَها. في اللسان: ويقال للنَّاقَةِ إِذا زَجَرْتَهَا: عَاجْ. وفي الصّحاح: عَاجِ، بكسر الجيم مُخَفَّفَة.
وقد عَجْعَجَ بالنَّاقَةِ، إِذا عَطَفَهَا إِلى شَيْءٍ فقال: عاجِ عاجِ.
وفي النوادر: عَجَّ القَومُ وأَعَجّوا، وهَجّوا، وخَجُّوا وأَخَجّوا: إِذا أَكثَرُوا في فُنُونهم ويوجد في بعض النسخ: في فنونِه الرُّكوبَ.
وعَجَّت الرَّيحُ وأَعَجَّت: اشتدَّتْ، أَو اشتدَّ هُبُوبُها فأَثارَت وسَاقَت العَجَاجَ أَي الغُبَارَ، كأَعَجّ، فيهما، وقد عُرِفتْ. وعَجَّجَتْه الرِّيحُ: ثَوَّرَتْه. وقال ابن الأَعرابيّ: النُّكْبُ في الرِّياح أَربعٌ: فَنَكْباءُ الصَّبَا والجَنوبِ مِهْيَافٌ مِلْواحٌ، ونَكْبَاءُ الصَّبَا والشَّمَالِ مِعْجَاجٌ مِصْرَادٌ لا مَطَرَ فيها ولا خير، ونَكْبَاءُ الشَّمَالِ والدَّبُورِ قَرَّةٌ، ونَكباءٌ الجَنُوبِ والدَّبُورِ حارَّةٌ. قال: والمعْجَاج: هي التي تُثير الغُبَارَ.
ويومٌ مُعِجٌ وعَجّاجٌ ورِيَاحٌ مَعَاجِيجٌ ضدُّ مَهَاوِينَ.
والعَجّاجُ: مُثيرُ العَجَاجِ.
والتَّعْجِيجُ: إِثارةُ الغُبَارِ.
والعُجَّة، بالضَّمّ: دَقيقٌ يُعجَن بسَمْنٍ ثم يُشْوَى. قال ابن دُريد: العُجَّة: ضَرْبٌ من الطَّعَام، لا أَدري ما حَدُّهَا. وفي الصّحاح: طَعَامٌ يُتَّخَذُ من البَيْض. مُولَّدٌ. قلت: لغةٌ شاميّة. قال ابن بَرِّيّ: قال ابنُ دُريد: لا أَعرف حقيقةَ العُجّة، غير أَن أَبا عمرو ذَكَرَ لي أَنه دَقيقٌ يُعْجَن بسَمْنٍ.
وحكى ابن خالَوَيْه عن بعضهم أَن العُجّةَ كلُّ طعامَ يُجمَع، مثل التَّمْر والأَقِط.
وجِئْتُهم فلم أَجد إِلَّا العَجَاجَ والهَجَاجَ. العَجَاجُ، كسَحَابٍ: الأَحْمَقِ. والهَجَاجُ: مَنْ لا خَيْرَ فيه.
والعَجَاجُ: الغُبَار. وقيل: هو من الغُبَارِ مَا ثَوَّرَتْه الرَّيحُ، واحِدتُه عَجَاجَةٌ، وفِعْلُه التَّعجِيجُ.
والعَجَاجُ: الدُّخَانُ، والعَجَاجَةُ أَخَصُّ منه.
وفي الحديث: «لا تَقُوم السّاعَةُ حتى يأْخُذَ اللهُ شَرِيطَته من أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَبْقَى عَجَاجٌ لا يَعْرِفُون مَعروفًا ولا يُنْكِرونَ مُنكَرًا». قال الأَزهريّ: العَجَاجُ: رَعَاعُ النَّاس والغَوْغاءُ والأَراذلُ ومَنْ لا خَيْرَ فيه، واحدُه عَجَاجَةٌ، قال:
يَرْضَى إِذا رَضِيَ النِّسَاءُ عَجَاجَةٌ *** وإِذَا تُعُمِّد عَمْدُه لم يَغْضَبِ
والعَجَاجَة: الإِبلُ الكثيرةُ العَظِيمَةُ؛ حكاه أَبو عُبَيْد عن الفَرّاءِ. وقال شَمِرٌ: لا أَعرِف العَجَاجَة بهذا المَعْنَى.
وفُلانٌ لَفَّ عَجَاجَتَه عليهم: إِذا أَغَارَ عليهم. وقال الشَّنْفَرَى:
وإِني لأَهْوَى أَنْ أَلُفَّ عَجَاجَتِي *** على ذِي كساءٍ منْ سَلامَانَ أَو بْرْدِ
أَي أَكْتسح غَنيَّهم ذا البُرْد، وفَقِيرَهم ذا الكسَاءِ.
وفي المَقَامات الحَرِيريّة: ثم إِنه لَبَّدَ عَجَاجَتَه وغَيَّضَ مُحَاجَته: أَي كفَّ عمَّا كان فيه.
والعَجَّاجُ: الصَّيّاحُ مِن كلِّ ذي صَوْتٍ من قَوْسٍ ورِيحٍ؛ نَهْرٌ عَجَّاجٌ، وفَحْلٌ عَجّاجٌ في هَدِيرِه. وعَجَّت القَوْسُ تَعِجُّ عَجِيجًا: صَوَّتت، وكذلك الزَّنْدُ عند الوَرْيِ، كالعَجْعاج والعاجِّ. والأُنثى بالهاءِ. وقال اللِّحْيَانيّ: رجل عَجْعَاجٌ بَجْبَاجٌ: إِذا كان صَيّاحًا. والبَعير يَعجّ في هَديرِه عَجًّا وعَجيجًا: يُصوِّتُ ويُعَجْعِج: يُردِّدُ عَجِيجَه ويُكَرِّره.
وقال غيره: عَجَّ: صَاحَ. وجَعَّ: أَكلَ الطِّينَ. وعَجّ الماءُ يَعِجّ عَجِيجًا وعَجْعَجَ، كلاهما: صَوَّتَ. قال أَبو ذُؤَيْب:
لكلِّ مَسِيلٍ من تهَامةَ بَعْدَ ما *** تَقَطّعَ أَقْرَانُ السَّحابِ عَجِيجُ
ونَهْرٌ عَجّاجٌ: تَسْمع لمائِهِ عَجِيجًا؛ أَي صَوْتًا: ومنه قَوْلُ بعض الفَخَرةِ: نحن أَكثرُ منكم ساجًا ودِيباجًا وخَرَاجًا ونَهرًا عَجّاجًا». وقال ابن دُريد: نهر عَجّاجٌ: كثيرُ الماءِ [وفي حديث الخيل «إِن مَرَّت بنهر عَجَّاج فشَرِبتْ منه كُتِبتْ له حَسناتٌ» أَي كثير الماء] كأَنه يَعِجّ من كَثرتِه وصَوْتِ تَدفُّقه.
والعَجّاج بن رُؤبةَ بنِ العَجّاجِ السّعْدِيّ، من سَعْدِ تَمِيم، الشاعر، وهُمَا؛ أَي العَجّاجانِ أَشعرُ الناس قال ابنُ دُرَيد: سُمِّيَ بذلك لقوله:
حتى يَعِجَّ ثَخَنًا مَنْ عَجْعَجَا
واسم العَجَّاج عبدُ اللهِ.
والعَجْعَاج: النَّجِيب المُسِنّ من الخَيْلِ، قاله ابنُ حبيب.
ويقال طَرِيقٌ عاجُّ زَاجُّ؛ أَي مُمْتَلئ.
وعَجْعَجَ البَعِيرُ: ضُرِبَ فَرَغَا وصَوَّتَ أَو حُملَ عليه حِمْلٌ ثقيلٌ فصوَّتَ لأَجله.
وعَجَّجَ البَيتَ من الدُّخَان. وفي نسخة: دُخَانًا تَعْجيجًا: إِذا مَلأَه فَتَعَجَّجَ.
* ومِمّا يُسْتَدرَكُ عَليْه من المادة:
العَجْعَجَة: وهي في قُضاعَة كالعَنْعنة في تميم، يُحَوِّلون الياءَ جيمًا مع العين، يقولون: هذا راعجَّ خَرَجَ معجْ: أَي راعيَّ خرج مَعي، كما قال الراجز:
خالي لقيطّ وأَبو علجّ *** المُطْعِمان اللَّحْم بالعشجِّ
وبالغداة كِسَرَ البرْنجّ *** يُقْلعُ بالودِّ وبالصِّيصجِّ
أَراد عليّ، والعشيّ، والبرْنيّ، والصِّيصيّ، وفي الأَساس: ومن المُسْتعار: جاريةٌ عجَّ ثدْياها: تكعَّبتْ ودخل وله رائحةٌ تعجّ بالمسْجد.
والعجاجة: الهبْوة، كالهجاجة، وسيأْتي في هجّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
60-تاج العروس (أجر)
[أجر]: الأَجْرُ: الجَزاءُ على العَمَل ـ وفي الصّحاح وغيره: الأَجْرُ: الثّوابُ، وقد فرّق بينهما بفروق. قال العَيْنيُّ في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: الحاصِلُ بأُصولِ الشَّرْعِ والعبادات ثوابٌ، وبالمُكَمِّلاتِ أَجْرٌ، لأَنَّ الثّوَابَ ـ لغة ـ بَدَلُ العَيْنِ، والأَجْرُ بَدَلُ المَنْفَعَةِ، وهي تابعةٌ للعَيْن. وقد يُطْلَقُ الأَجْرُ على الثَّوَابِ وبالعَكْس ـ كالإِجارةِ والأُجْرةِ، وهو ما أَعطيتَ مِن أَجْرٍ في عَمَلٍ، مُثَلَّثةً، التَّثْلِيثُ مسموعٌ، والكَسْرُ الأَشْهَرُ الأَفصحُ. قال ابنُ سِيدَه: وأَرَى ثَعْلَبًا حَكَى فيه الفَتْحَ، الجمع: أُجُورٌ وآجارٌ. قال شيخُنَا: الثّاني غيرُ معروفٍ قياسًا، ولم أَقِفْ عليه سَمَاعًا. ثم إِن كلامَه صريحٌ في أَنّ الأَجْرَ والإِجارَة مترادفانِ، لا فَرْقَ بينهما، والمعروفُ أَن الأَجْرَ هو الثَّوَاب الذي يكونُ من الله، عَزّ وجَلّ، للعَبْد على العَمَل الصّالِحِ، والإِجارةُ هو جزاءُ عَمَلِ الإِنسانِ لصاحِبه، ومنه الأَجِير.وقولُه تعالَى: {وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا}، قيل: هو الذِّكْرُ الحَسَنُ وقيل: معناه أَنّه ليس أُمّةٌ مِن المُسْلِمِين والنَّصارَى واليَهُودِ والمَجُوسِ إِلّا وهم يُعَظِّمُون إِبراهيمَ، على نَبيِّنا وعليه الصّلاةُ والسّلامُ. وقيل: أَجْرُه في الدُّنيا كَوْنُ الأَنبياءِ مِن وَلَدِه. وقيل: أَجْرُه الوَلَدُ الصّالِحُ.
ومن المَجاز: الأَجْرُ: المَهْرُ، وفي التَّنْزِيل: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ}؛ أَي مُهُورَهُنَّ.
وقد أَجَرَه اللهُ ويَأْجُرُه، بالضمّ، ويَأْجِرُه، بالكسر إِذا جَزَاه وأَثَابَه وأَعطاه الأَجْرَ، والوَجْهَانِ مَعْرُوفان لجميعِ اللُّغَوِيِّين إِلّا مَنْ شَذَّ، مِمَّن أَنكرَ الكَسْرَ في المُضَارعِ، والأَمْرُ منهما: أجُرْنِي وأجِرْنِي كآجَرَه يُؤْجِرُه إِيجارًا.
وفي كتاب ابنِ القَطّاع: إِنّ مضارع آجَرَ. كآمَنَ يُؤاجِرُ.
قال شيخُنَا: وهو سَهْوٌ ظَاهِرٌ يَقعُ لمَن لم يُفَرِّق بين أَفْعَلَ وفَاعَلَ. وقال عِيَاضٌ: إِنّ الأَصمعيَّ أَنكرَ بالكُلِّيَّةِ. وقال قومٌ: هو الأَفصحُ.
وفي الصّحاح: أَجَرَ العَظْمُ يَأْجُرُ ويَأْجِرُ أَجْرًا، بفتحٍ فسكونٍ وإِجارًا، بالكسرِ، وأُجورًا، بالضّمِّ: بَرَأَ على عَثْم بفتحٍ فسكونٍ، وهو البُرْءُ من غير استواءٍ. وقال ابنُ السِّكِّيت: هو مَشَشٌ كهيئةِ الوَرَمِ فيه أَوَدٌ. وأَجَرْتُه، فهو لازمٌ مُتَعَدّ.
وفي اللِّسَان: أَجِرَتْ يَدُهُ تَأْجُرُ وتَأْجِرُ أَجْرًا وإِجارًا وأُجُورًا: جُبِرَتْ على غيرِ استواءٍ فبقِيَ لها عَثْمٌ، وآجَرَهَا هو، وآجرْتُها أَنا إِيجارًا.
وفي الصّحاح: آجَرَهَا اللهُ أَي جَبَرَهَا على عَثْمٍ.
وأَجَرَ المَمْلُوكَ أَجْرًا: أَكْرَاه يَأْجُرُه، فهو مأْجُورٌ، كآجَرَه إِيجارًا، وحكاه قومٌ في العَظْمِ أَيضًا، ومُؤاجَرةً، قال شيخُنَا: هو مصدرُ آجَرَ، على فَاعَلَ، لا آجَرَ، على: أَفْعَلَ، والمصنِّفُ كَأَنّه اغترَّ بعبارة ابنِ القَطّاع وهو صَنِيعُ من لم يُفَرِّق بين أَفْعلَ وفاعَلَ، كما أَشرنا إِليه أَوّلًا، فلا يُلْتَفَتُ إِليه، مع أَنّ مِثلَه ممّا لا يَخْفَى. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: وآجَرْتُ الدّارَ، على أَفعلْتُ، فأَنَا مُؤْجِرُ، ولا يقال: مُؤَاجِرٌ، فهو خَطَأٌ قَبِيحٌ.
ويقال: آجَرْتُه مُؤاجَرةً: عاملُته معاملةً، وعاقَدتُه مُعَاقَدَةً؛ لأَنَّ ما كان مِن فاعَلَ في مَعْنَى المُعَاملِة كالمُشَاركة والمُزارَعة إِنما يتعدَّى لمفعولٍ واحد، ومُؤاجَرةُ الأَجِيرِ مِنْ ذلك، فآجَرْتُ الدّارَ والعَبْدَ، من أَفْعَلَ لا من فاعَلَ، ومنهم مَن يقول: آجَرتُ الدّارَ، على فاعَلَ، فيقول: آجَرتُه مؤُاجَرةً. واقتصر الأَزهريُّ على آجَرتُه فهو مُؤْجَرٌ. وقال الأَخفشُ: ومِن العربِ مَن يقول: آجَرتُه فهو مُؤْجَرٌ، في تقدير أَفْعلتُه فهو مُفْعَلٌ، وبعضُهُم يقول: فهو مُؤاجَرٌ، في تقديرِ فَاعَلْتُه.
ويتعدَّى إِلى مفعولَيْن فيُقَال: آجرتُ زَيْدًا الدّارَ، وآجرتُ الدّارَ زيدًا، على القَلْب، مثل أَعطيتُ زيدًا درهمًا، وأَعطيتُ درهمًا زيدًا؛ فظهر بما تقدم أَنّ آجَرَ مُؤاجَرةً مسموعٌ مِن العرب وليس هو صنِيعَ ابنِ القَطَّاعِ وحدَه، بل سَبَقَه غيرُ واحدٍ من الأَئِمَّة وأَقرُّوه.
وفي اللِّسَان: وأَجَرَ المملوك يَأْجُرُه أَجْرًا فهو مَأْجُورٌ وآجَرَه يُؤْجِرُه إِيجارًا ومُؤاجرَةً، وكلٌّ حَسَنٌ مِن كلام العرب.
والأُجْرَةُ بالضّمِّ: الكِرَاءُ، والجَمْعُ أُجَرٌ، كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، وربَّمَا جمعوها أُجَراتٌ، بفتح الجِيمِ وضَمِّهَا، والمعروفُ في تفسير الأُجْرة هو ما يُعطَى الأَجير في مقابلةِ العَمَلِ.
وائْتَجَرَ ـ الرجلُ: تَصَدَّقَ وطَلَبَ الأَجْرَ، وفي الحديث في الأَضاحِي: «كُلُوا وادَّخِرُوا وائْتَجِرُوا»؛ أَي تَصدَّقُوا طالِبينَ للأَجْرِ بذلك، ولا يجوزُ فيه اتَّجِرُوا ـ بالإِدغام ـ لأَن الهمزةَ لا تُدغَم في التّاءِ؛ لأَنه مِن الأَجْرِ لا مِن التِّجَارة. قال ابنُ الأَثِير: وقد أَجارَه الهَرَوِيُّ في كتابه، واستشهد عليه بقوله في الحديثِ الآخَرِ: «إِن رجلًا دخلَ المسجدَ وقد قَضَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلَاتَه، فقال: مَن يَتَّجِرُ يقومُ فيصلِّي معه».
قال: والرِّواية إِنما هي يَأْتَجِرُ، فإِنْ صَحَّ فيها يَتَّجِرُ فيكونُ مِن التِّجارة لا مِن الأَجْر؛ كأَنَّه بصَلاتِه معه قد حَصَّلَ لنفسِه تِجَارةً؛ أَي مَكْسَبًا. ومنهحديثُ الزَّكاة: «ومَنْ أَعطاها مُؤْتَجِرًا بها».
ويقال: أُجِرَ فلانٌ في أَولادِه، كعُنِيَ، ونصُّ عبارةِ ابن السِّكِّيت: أُجِرَ فلانٌ خمسةً مِن وَلَدِه؛ أَي ماتُوا فصارُوا أَجْرَه، وعبارة الزمخشريَّ: ماتُوا فكانُوا له أَجْرًا.
ويقال: أُجِرَتْ يَدُهُ تُؤْجَرُ أَجْرًا وأُجُورًا، إِذا جُبِرَتْ على عُقْدَةٍ وغير استواءٍ فَبقِيَ لها خُرُوجٌ عن هَيْئَتِهَا.
وآجَرَتِ المرأَةُ، وفي بعض أُصول اللغَةِ: الأَمَةُ البَغِيَّةُ، مُؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَهَا بأَجْرٍ.
ويقال: استأْجرْتُه؛ أَي اتَّخذتُه أَجِيرًا، قاله الزَّجَّاج.
وآجَرْتُه فهو مُؤْجَرٌ، وفي بعض النُّسَخ أَجَرْتُه مَقْصُورًا، ومثلُه قولُ الزَّجَاج في تفسير قوله تعالى: {أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ} أَي تكونَ أَجِيرًا لي، فَأَجَرَنِي ثماني حِجَجٍ، أي صارَ أَجِيرِي.
والأَجِيرُ: هو المستأْجَرُ، وجمعُه أُجَراءُ، وأَنشدَ أَبو حَنِيفةَ:
وجَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فيه *** إِذا أُجَراؤُه نَحَطُوا أَجَابَا
والاسمُ منه الإِجارةُ.
والإِجَّار، بكسرٍ فتشدِيدِ الجيم: السَّطْحُ، بلغة أَهلِ الشّامِ والحِجَاز، وقال ابنُ سِيدَه: والإِجّارُ والإِجَّارةُ: سَطْحٌ ليس عليه سُتْرَةٌ، وفي الحديث: «مَن باتَ على إِجّارٍ ليس حَولَه مَا يَردُّ قَدَمَيْه فقد بَرِئَت منه الذِّمَّةُ»، قال ابنُ الأَثِير: وهو السَّطْح الذي ليس حولَه ما يَرُدُّ الساقطَ عنه. وفي حديث محمّدِ بن مَسْلَمَةَ: «فإِذا جاريةٌ مِن الأَنصارِ على إِجّارٍ لهم».
كالإِنْجار بالنُّون، لغةٌ فيه، الجمع: أَجَاجِيرُ وأَجَاجِرةُ وأَناجِيرُ، وفي حديث الهجرة: «فتلقَّى الناسُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق وعلى الأَجاجِير»، ويروى: «على الأَناجِير».
والإِجِّيرَى، بكسرٍ فتشديدٍ: العادةُ وقيل: همزتُها بدلٌ من الهاءِ. وقال ابنُ السِّكِّيت: ما زالَ ذلك إِجِّيراه؛ أَي عادته.
والآجُورُ على فاعُول واليَأْجُور والأَجُور كصَبُور والآجُرُ، بالمدِّ وضمِّ الجيم على فاعَل، قال الصّاغَانيُّ: وليس بتخفيف الآجُرّ، كما زَعَم بعضُ الناس ـ وهو مثلُ الآنُكِ ـ والجمْع أَآجِرُ، قال ثعلبةُ بن صُعَير المازِنيُّ يصفُ ناقةً:
تُضْحِي إِذا دَقَّ المَطِيُّ كأَنَّها *** فَدَنُ ابنِ حَيَّةَ شادَه بالآجُرِ
وليس في الكلام فاعُل، بضمِّ العين، وآجُرٌ وآنُكٌ أَعجميّانِ، ولا يَلْزَمُ سِيْبَوَيْه تَدْوِينُه. والآجَرُ، بفتحِ الجيم، والآجِرُ، بكسرِ الجيم، والآجِرُون بضمِّ الجيم وكسرِها، على صِيغة الجمْع، قال أَبو دُوَاد:
ولقد كانَ في كَتائِبَ خُضْرٍ *** وبَلَاطٍ يُلاطُ بالآجِرُونِ
رُوِيَ بضمِّ الجِيمِ وكسرِهَا معًا، كُلُّ ذلك الآجُرُّ، بضمِّ الجيمِ، مع تشديدِ الرّاءِ، وضَبَطَه شيخُنا بضمّ الهمزة، مُعَرَّباتٌ، وهو طَبِيخُ الطِّين. قال أَبو عَمرٍو: هو الآجُرُ، مخفَّف الراءِ، وهي الآجُرَةُ. وقال غيرُه: آجِرٌ وآجُورٌ، على فاعُول، وهو الذي يُبْنَى به، فارسيُّ معرَّب. قال الكِسائيُّ: العربُ تقول: آجُرَّة، وآجُرُّ للجَمْعَ، وآجُرَةُ وجَمْعُها آجُرٌ، وأجُرَةٌ وآجُورةٌ وجمعها آجُورٌ.
وآجَرُ وهاجَرُ: اسمُ أُمّ إِسماعيلَ عليه وعلى نَبِيِّنا أَفضلُ الصلاة والسّلام، الهمزةُ بدلٌ من الهاءِ.
وآجَرَه الرُّمْحَ لغة في أَوْجَره إِذا طَعَنَه به في فِيه. وسيأْتي في وجر.
ودَرْبُ آجُرٍّ، بالإِضافة: موضعانِ ببغدادَ، أَحدُهما بالغربيّة وهو اليومَ خرابٌ، والثاني بنهرِ مُعَلَّى عند خَرابة ابنِ جَرْدَةَ، قاله الصاغانيّ. مِن أَحدِهما أَبو بكرٍ محمّدُ بنُ الحُسَين الآجُرِّيُّ العابدُ الزّاهدُ الشافعيُّ، تُوفِّي بمكةَ سنة 360، ووجدتُ بخطِّ الحافظِ ابن حجر العَسْقَلانيِّ ما نصُّه: الآجُرِّيُّ، هكذا ضَبَطَه الناسُ، وقال أَبو عبدِ اللهِ محمّدُ بنُ الجَلَّاب الفِهريُّ الشهيدُ نَزيلُ تُونُسَ، في كتاب الفوائدِ المنتخَبةِ له: أَفادَنِي الرئيسُ، يعني أَبَا عثمانَ بنَ حكمةَ القُرَشِيَّ، وقرأْتُه في بعضِ أُصُولِه بخطِّ أَبي داوودَ المقرِي ما نصُّه: وَجدتُ في كتابِ القاضِي أَبي عبدِ الرَّحْمنِ عبدِ الله ابنِ جحافٍ الراوي، عن محمّدِ بنِ خَلِيفَة وغيره، عن الّلاجريّ الذي وَرِثَه عنه ابنُه أَبو المطرف، قال لي أَبو عبدِ الله محمدُ بنُ خليفةَ في ذي القعدة سنة 386، وكنتُ سمعتُ مَن يقرأُ عليه: حدّثك أَبو بكر محمّدُ بنُ الحُسَينِ الآجُرِّيّ، فقال لي: ليس كذلك إِنما هو اللّاجرِيُّ، بتشديد اللام وتخفيف الراءِ، منسوبٌ إِلى لاجر، قرية من قُرَى بغدادَ ليس بها أَطيبُ من مائها. قال ابنُ الجلّاب: ورَوَيْنَا عن غيره: الآجُرِّيّ، بتشديد الراءِ، وابن خليفةَ قد لَقِيَه وضَبَطَ عليه كتابَه فهو أَعلمُ به. قال الحافِظُ: قلتُ: هذا ممّا يُسْقِطُ الثِّقَةَ بابن خليفة المذكور وقد ضَعَّفَه ابن القُوصِيِّ في تاريخه.
* ومما يُسْتَدرك عليه:
ائْتَجَرَ عليه بكذا، من الأُجْرَة. قال محمّدُ بنُ بَشيرٍ الخارِجيُّ:
يا ليتَ أَنِّي بأَثْوَابِي وراحِلَتِي *** عبدُ لأَهْلِكِ هذا الشَّهْرَ مُؤْتَجَرُ
وآجَرْتُه الدّارَ: أَكْرَيتُهَا، والعَامّةُ تقول: وأَجرتُه.
وقولُه تعالى: {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} قيل: الأَجْرُ الكريمُ هو الجَنَّة.
والمِئْجَارُ: المِخْراقُ، كأَنَّه قُتِلَ فصَلُبَ كما يَصْلُبُ العَظْمُ المَجْبُور، قال الأَخطل:
والوَرْدُ يَرْدِي بعُصْمٍ في شَرِيدِهُم *** كأَنّه لاعِبٌ يَسْعَى بمِئْجارٍ
وقد ذَكَرَهُ المصنِّف في وجر، وذِكْرُه هنا هو الصَّوابُ.
وقال الكِسائيُّ: الإِجارةُ في قول الخَلِيلِ: أَن تكونَ القافيةُ طاءً والأُخرى دالًا، أَو جِيمًا ودالًا، وهذا مِن أُجِرَ الكَسْرُ، إِذا جُبِرَ على غير استواءٍ، وهو فِعالَةٌ ـ مِن أَجَرَ يَأْجُر، كالإِمارة مِن أَمَر ـ لا إِفْعَالٌ.
ومن المَجاز: الإِنْجَارُ، بالكسر: الصَّحْنُ المنبطِحُ الذي ليس له حَواش، يُغْرَفُ فيه الطَّعَامُ، والجمعُ أَناجِيرُ، وهي لغةٌ مستعملةٌ عند العَوامّ.
وأَحيد الأَجِير نقلَه السمعانيُّ من تاريخ نَسَفَ للمُسْتَغْفِريّ، وهو غيرُ منسوب، قال: أَراه كان أَجيرَ طُفَيْلِ ابنِ زيدٍ التَّمِيميّ في بَيته، أَدْرَكَ البُخَاريَّ.
وأَجَّرُ، بفتحِ الهمزَةِ وتَشْدِيد الجِيم المفتوحة: حِصْنٌ من عَمَلِ قُرْطُبَةَ، وإِليه نُسِبَ أَبو جعفرٍ أَحمدُ بنُ محمّد بن إِبراهيمَ الخشنيّ الأَجَّريُّ المقري، سمَعَ من أَبي الطاهرِ ابنِ عَوْفٍ، ومات سنةَ 611، ذَكَره القاسمُ التُّجِيبيُّ في فِهْرِسْتِه، وقال: لم يذكره أَحدٌ ممَّن أَلَّفَ في هذا الباب.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
61-تاج العروس (دسكر)
[دسكر]: الدَّسْكَرَةُ، أَهمله الجَوْهَرِيّ. وقال الصَّاغانِيّ: هي القَرْيَةُ، قاله الأَزهريّ.والدَّسْكَرَة: الصَّوْمَعَة، عن أَبي عَمْرو.
وفي جامع القَزّاز: الدَّسْكَرَة: الأَرْضُ المُسْتَوِيَةُ.
وقيل: الدَّسْكَرَةُ: بُيُوتُ الأَعَاجِمِ يكون فيها الشَّرَابُ والمَلَاهي. قال الأَخْطَل:
في قِبَابٍ عنْدَ دَسْكَرَةٍ *** حَولَها الزَّيْتونُ قد يَنَعَا
قال الأَخْفَش: الصَّحِيح أَنّ البَيْتَ ليَزِيدَ بنِ مُعاويةَ، وزعم ابنُ السّيد أَنَّه لأَبي دَهْبَلٍ وقيل للأَحْوَص.
أَو الدَّسْكَرَة: بِنَاءٌ كالقَصْرِ حَولَه بيُوتٌ وَمنازِلُ للخَدَم والحَشَم، كذا في المغيث في غَرِيب الحَدِيث لأَبي مُوسى.
قال اللَّيْثُ: يكون للمُلُوك، ومثْلُه في جَامع القزَّاز.
الجمع: دَسَاكِرُ، ليست بعَرَبِيَّة مَحْضَة. وفي حديث أَبي سُفْيَان وهِرَقْل الذي رواه البُخَارِيّ في أَوَّل الصَّحِيح وفي أَثْنَائه مرَّات: «أَنَّه أَذِنَ لعُظَماءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ له».
والدَّسْكَرَةُ: قرية بنَهْرِ المَلِكِ منها مَنْصُورُ بنُ أَحمد بنِ الحُسَيْن، أَحدُ الرُّؤساءِ، رَوَى عنه أَبو سَعْدٍ السَّمْعَانيّ شيئًا من شِعْره.
والدَّسْكَرة: قرية قُرْبَ شَهْرَابَانَ، بطريقِ خُراسَانَ، كَبِيرةٌ، منها أَحمدُ بن بَكْرُونَ بن عبد الله العَطّار أَبُو العَبّاس، رَوَى عن أَبي طاهِرٍ المُخلص، وهو شَيْخُ الخَطِيبِ أَبي بَكْرٍ أَحْمدَ بْنِ عَلِيّ بن ثَابِتٍ البغْدَادِيّ، وتُوُفَيَ سنة 431.
والدَّسْكَرة: قرية بين بَغْدادَ ووَاسِطَ، منها أَبَانُ بن أَبِي حَمْزَةَ، وأَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بنُ الطَّيِّب، من شيوخ البُخَارِيّ.
والدَّسْكَرَة: قرية بخُوزِسْتَان، كلّ ذلِكَ عن الصَّاغانِيّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
62-تاج العروس (طنز)
[طنز]: الطَّنْزُ، بالفَتْح: السُّخْرِيَة، نقله الصاغَانِيّ.ويقال: طَنَزَ به يَطْنِز فهو طَنَّاز، كشَدَّاد؛ أَي سَخِرَ به، وقال الجوهَرِيّ: أَظنّه مُوَلَّدًا أَو مُعَرَّبًا.
والطَّنْزُ: ضَرْبٌ من السَّمَك.
وطَنْزَة: قرية، بدِيَار بَكْرٍ. منها عبد الله بن محمّد بن سَلامة الطَّنْزِيّ الفارِقِيّ من الفُقَهاءِ والداوُودِية، سَمع بنَيْسَابُور من أَبي بكر بن خَلَف. ومحمّد بن مَرْوانَ الطَّنْزِيّ الزَّاهد عن أَبي جَعْفَر السِّمْنَانيّ المُتَكلّم، ومَروان بن عليّ بن سلامة الطَّنْزِيّ الفَقِيه، عن أَبي بَكر الطُّرَيْثيثيّ، والخَطِيب أَبو الفَضْل يَحْيَى بن سَلامة الطَّنْزِيّ الحَصْكَفِيّ الشاعرُ الفقيه المشهور. وعليّ بن إِسماعيل الطَّنْزِيّ، روى عنه مولاه مَسْعُود بن عبد الله الطَّنْزيّ، وأَبو المَحَاسِن نَصْر بن المظَفَّر البَرمَكِيّ صاحِب ابن النّقور يقال له الطَّنْزِيّ. نقله ابنُ السَّمْعَانِيّ.
وفي نوادِر الأَعراب: يقال: هم مَدْنَقَة ودُنَّاق ومَطْنَزَةٌ إِذا كانُوا لا خَيْرَ فِيهِم، هَيِّنَة أَنفُسُهم عليهم.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
طانَزَه مُطانَزَة وتَطَانزُوا. وشارِعُ الطَّنْزِ ببَغْدَاد، بنَهر طابق.
وأَبو القَاسِم أَحمد بن محمّد بن أَحمد بن الطُّنَيْز، كزُبَيْر، الحَاسِب الفَرضِيّ، كان بالأَندلس بعد الأَربعمائة. قال الحافظ: هكذا نَقلتُه من خَطّ المُنْذِرِيّ مُجوَّدًا عن خطِّ السِّلَفيّ. وأَبو الحَسن عليّ بن أَحمد بن عبد العزيز بن طُنَيْز، كزُبيْر، الأَنصارِيّ المَيُورقي، سَمِع بدِمَشْق من عبد العزيز الكنَّانيّ وابن طلاّب الخَطيب ومات سنة 474 ه وضَبطَه ابنُ النَّجّار بالظاءِ المُشَالَة والرَّاءِ وتَشْدِيد النُّون، فليُنْظَر ذلك.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
63-تاج العروس (نهز)
[نهز]: نَهَزَه، كمَنَعَه: ضَرَبَه ودَفَعَه، مثلُ وَكَزَه ونَكَزَه.وقال الأَزْهَريّ: فُلانٌ يَنْهَزُ دَابَّتَه نَهْزًا ويَلْهَزُهَا لَهْزًا، إِذا دَفَعَهَا وحَرَّكَهَا. وقال الكسَائيُّ: نَهَزَه ولَهَزَه بمعْنًى وَاحدٍ.
ونَهَزَ الشَّيْءُ: قَرُبَ.
ونَهَزَ رَأْسَه: حَرَّكَه.
ونَهَزَت الدَّابَّةُ: نَهَضَتْ بصَدْرهَا للسَّيْر والمُضِيِّ، قال ذو الرُّمَّة:
قِيَامًا تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَرَاتهَا *** بنَهْرٍ كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوتِعِ
ونَهَزَ بالدَّلْو في البِئْر يَنْهَزُ بها نَهْزًا: ضَرَبَ بهَا في المَاءِ، وفي بعض الأُصُول: إِلى المَاءِ لتَمْتَلِئَ وفي الأَساس: حَرَّكَها لتَمْتَلئَ.
والنُّهْزَةُ: بالضّمّ: الفُرْصَةُ تَجِدُهَا من صاحِبكَ، ويقال: فُلانٌ نُهْزَةُ المُخْتَلِسِ؛ أَي هو صَيْدٌ لكلِّ أَحَدٍ.
وانْتَهَزَها: اغْتَنَمها. وتقول: انْتَهِزْها قد أَمْكَنَتْكَ قَبْلَ الفَوْتِ. وفي الأَساس: انْتَهِزْ فقد أَعْرَضَ لكَ.
وانْتَهَزَ في الضَّحِك: أَفْرَطَ فيه وقَبَّحَ، نقَلَه الصاغَانيُّ.
ونَاهَزَه مُنَاهَزَةً: دَانَاه وقَارَبَه، وكذلك نَهَزَه، يقال: نَاهَزَ فُلانٌ الحُلُمَ، والصَّبِيُّ البُلُوغَ، وكذا قَوْلُهُم: نَاهَزَ الخَمْسينَ، وقال الشاعر:
تُرْضِعُ شِبْلَيْن في مَغَارِهما *** قد ناهَزَا للْفِطَامِ أَو فُطِمَا
وناهَزَ الصَّيْدَ مُنَاهَزَةً: بَادَرَه فقَبَضَ عَلَيْه قبلَ إِفْلاتِه.
وتَنَاهَزَا: تَبَادَرَا واغْتَنَمَا، أَنشَدَ سيبَوَيْه:
ولقدْ عَلِمْتُ إِذا الرِّجَالُ تَنَاهَزُوا *** أَيِّى وأَيُّكُمُ أَعَزُّ وأَمْنَعُ
ويقال: نَهْزُ كَذَا، بالفَتْح، ونُهَازُه، بالضّمّ والكسر؛ أَي قَدْرُه وزُهَاؤه. يُقالُ إِبل نَهْزُ مِائَةٍ ونُهَازُ مِائَةِ؛ أَي قُرَابَتُها، وقال الأَزهريّ: كان الناسُ نَهْزَ عَشرةِ آلافٍ؛ أَي قُرْبَها؛ وحَقِيقَتُه: كان ذا نَهْزٍ.
والنَّهِزُ، ككَتِف: الأَسَدُ، نقلَه الصَّاغَانيُّ، كَأَنَّه لدَفْعِه وضَرْبِه وحَرَكَتِه.
والنَّهّازُ، كشَدّاد: الحِمَارُ الذي يَنْهَزُ بصَدْرِه للسَّيْر، قال:
فلا يَزَالُ شاحِجٌ يَأْتِيكَ بِجْ *** أَقْمَرُ نَهّازٌ يُنَزِّي زَفْرَتِجْ
والمُنْهَزُ، كمُكْرَم، منَ الرَّكِيَّة: مَا ظَهَرَ من ظَهْرهَا حيثُ تَقُومُ السَّانِيَةُ: إِذا دَنَا من فَمِ الرَّكِيَّة هكذا نقلَه الصاغانيُّ.
وقد سَمَّوْا نَاهِزًا ونَهّازًا، ككَتّانٍ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
النَّهْزُ: التَّنَاوُلُ باليَد، والنُّهُوضُ للتَّناوُلِ جميعًا.
وانْتَهَزَ الشَّيْءَ، إِذا قَبِلَه وأَسْرَعَ إِلى تَنَاوُلِه.
وانْتَهَزَها وناهَزَها: تَنَاوَلَهَا من قُرْب.
ويقَال للصَّبِيِّ إِذا دَنَا للفِطَام: نَهَزَ للفِطَام، فهو نَاهِزٌ، والجَارِيَةُ كذلك.
ونَهَزَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أُمِّه: مثْلُ لَهَزَه.
ونَهَزَ النّاقَةَ نَهْزًا: ضَرَبَ ضَرَّتَها لتَدرَّ صُعُدًا.
والنَّهُوزُ من الإِبل: التي يَمُوتُ وَلَدُهَا فلا تَدِرُّ حتى يُوجَأَ ضَرْعُهَا، قال:
أَبْقَى على الذُّلِّ منَ النَّهُوزِ
وقيل: نَاقَةُ نَهُوزٌ: شَديدَةُ الدَّفْعِ للسَّيْرِ، قال:
نَهُوزٍ بأُولاهَا زَجُولٍ بصَدْرهَا
وأَنْهَزَت النّاقَةُ، إِذا نَهَزَ وَلَدُهَا ضَرْعَهَا، هكذا قالَه ابن الأَعْرَابيِّ، ورَوَى قولَ الشاعر:
ولكنَّهَا كانَتْ ثَلاثًا مَيَاسِرًا *** وحائلَ حُولٍ أَنْهَزَتْ فَأَحَلَّتِ
ورَوَاه غيرُه «أَنْهَلَتْ» باللام.
ونَهَزَ الدَّلْوَ يَنْهَزُهَا نَهْزًا: نَزَعَ بها.
ودِلَاءٌ نَوَاهِزُ، قال الشَّمّاخ:
غَدَوْنَ لَهَا صُعْرَ الخُدُودِ كمَا غَدَتْ *** على ماءِ يَمْؤُودَ الدِّلَاءُ النَّوَاهِزُ
يقول: غَدَتْ هذه الحُمُرُ لهذا الماءِ كما غَدَت الدِّلاءُ النَّواهِزُ في يَمْؤُدَ. وقيل: النَّواهِزُ: اللاّتِي يُنْهَزْنَ في المَاءِ؛ أَي يُحَرَّكْنَ؛ ليَمْتَلِئْنَ، فاعِلٌ بمعنى مَفْعُولٍ.
وهما يَتَنَاهَزَان إِمَارَةَ بَلَدِ كذَا؛ أَي يَتَبَادَرَان إِلى طَلَبِهَا وتَنَاوُلِهَا. والمُنَاهَزَةُ: المُسَابَقَةُ.
ونَهَزَ الرجُلُ: مَدَّ بعُنُقِه ونَأَى بصَدْرِه؛ ليَتَهَوَّعَ.
ونَهَز قَيْحًا: قَذَفَه. ويقال: نَهَزَتْني إِليكَ حاجَةٌ؛ أَي جاءَتْ بي إِليكَ.
واسْتَدْرَك شيخُنَا من التَّوْشيحِ للجَلال: أَنْهَزَه إِنْهازًا: دَفَعَه.
وأَنْهَزَه أَيضًا، كأَنْهَضَه، وَزْنًا ومَعْنًى.
وقد سَمَّوْا مُنَاهِزًا ونُهَيزًا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
64-تاج العروس (بلس)
[بلس]: البَلَسُ، مُحَرَّكَةً: مَنْ لا خَيْرَ عَنْدَه، أَو هو الذي عِنْدَه إِبْلاسٌ وشَرٌّ.والبَلَسُ: ثَمَرٌ كالتِّينِ يَكْثُرُ باليَمَن، قاله الجَوْهَرِيُّ، وقِيلَ: هو التِّينُ نَفْسُه إِذا أَدْرَكَ، والوَاحدَةُ بَلَسَةٌ.
والبُلُسُ، بضَمَّتَيْنِ، وفي التَّكْمِلَة مضبوطٌ بالتَّحْرِيكِ: جَبَلٌ أَحْمَرُ ضَخْمٌ ببِلادِ مُحَارِب بن خَصَفَةَ.
والبُلُسُ: العَدَسُ المَأْكُولُ، كما جاءَ في حَدِيثِ عَطاءٍ حينَ سَأَلَه عنه ابنُ جُرَيْجٍ، وفي حَدِيثٍ آخر: «من أَحَبَّ أَنْ يَرِقَّ قَلْبُه فليُدْمِنْ أَكْلَ البُلُسِ» هكذا الرِّوَايَةُ، ومن المُحَدِّثِين من ضَبَطَه بالتَّحْرِيكِ، وعَنَى به التِّينَ، كالبُلْسُنِ، كقُنْفُذٍ، والنُّون زَائِدَةٌ كزيادَتِها في ضَيْفَن ورَعْشَنٍ، وقد ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ في النُّونِ، وهو وَهَمٌ، كما نَبَّهَ عليه الصّاغَانِيُّ.
والبَلِسُ، ككَتِفٍ: المُبْلِسُ السّاكِتُ عَلَى ما في نَفْسِه من الحُزْنِ أَو الخَوْفِ.
والبَلَاسُ، كسَحَاب: المِسْحُ، ج: بُلُسٌ، بضَمَّتَيْنِ، وبائِعُه بَلاّسٌ، كشَدّادٍ، قال أَبو عُبَيْدَة: وممّا دَخَلَ في كَلام العَرَبِ من كَلام فارِس المِسْحُ، تُسَمِّيهِ العَرَبُ البَلَاسُ، بالباءِ المُشْبَعِ، وأَهْلُ المَدِينَةِ يُسَمُّونَ الْمِسْحَ بَلَاسًا، وهو فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
وبَلَاسُ: موضع بدِمَشْقَ، قال حَسّانُ بنُ ثابت رَضِيَ الله عنه.
لمَنِ الدّارُ أَقْفَرَتْ بمَعَانِ *** بَيْنَ أَعْلَى اليَرْمُوكِ فالحِمّانِ
فالقُرَيّاتِ من بَلَاسَ فدَارَيّا *** فسَكّاءَ فالقُصُورِ الدَّوَانِي
وبَلَاسُ أَيضًا: د، بَيْنَ وَاسِطَ والبَصْرَةِ، كما في العُبابِ.
وبَلَاسَةُ، بهاءٍ: قرية، ببَجِيلَةَ.
والبَلَسَانُ مُحَرَّكَةً: شَجَرٌ صِغَارٌ كشَجَرِ الحِنَّاءِ كَثِيرُ الوَرَقِ، يَضْرِبُ إِلى البَيَاضِ، شَبِيهٌ بالسَّذَابِ في الرّائِحَةِ، لا يَنْبُتُ إِلا بعَيْنِ شَمْسٍ ظاهِرَ القَاهِرَةِ، وهي المَطَرِيَّة، قال شيخُنَا: وهذا غَرِيبٌ، بل المَعْرُوفُ المشهورُ أَنَّ أَكْثَرَ وُجُودِه ببلاد الحجَاز بَيْنَ الحَرَمَيْن واليَنْبُع ويُجْلَبُ منه لجَميع الآفاقِ. قلْت: وهذا الَّذي اسْتَغْرَبَه شيْخنَا قَدْ صَرَّحَ به غالبُ الأَطبّاءِ والمُتَكلِّمينَ على العَقَاقير، ففي المُحْكَم: يَنْبُتُ بمصْرَ، وله دُهْنٌ، وفي الْمنْهَاج: بَلَسان: شجَرَةٌ مصْريّة تنْبُتُ في مَوضِعٍ يُقالُ لهُ عَيْنُ شمْسٍ فقط، نعم انْقطَعَ منه في أَواخِرِ القَرْن الثّامِنِ، واسْتُنْبِتَ في وَادِي الحِجازِ، فكلامُ المُصنّفِ غيرُ غَرِيبٍ. يُتَنَافَسُ في دُهْنِهَا: كذا في سائِرِ النُّسَخِ، وصوابُه في دُهْنِه، قال اللَّيْثُ: ولحَبِّه دُهْنٌ حارٌّ يُتَنَافَسُ فيه، وقال صاحِبُ المِنْهَاجِ: دُهْنُه أَقْوَى من حَبِّه، وحَبُّه أَقْوَى مِن عُودِه، وأَجْوَدُ عُودِه الأَمْلَسُ الأَسْمَرُ الحادُّ الطَّيِّبُ الرّائحَةِ حارٌّ يابِسٌ في الثّانِيَة، وحَبُّه أَسْخَنُ مِنْهُ يَسِيرًا، وعُودُه يَفْتَحُ السّدَدَ، ويَنْفَعُ من عِرْقِ النَّسَا والدُّوَارِ والصُّدَاعِ، ويَجْلُو غِشَاوَةَ العَيْنِ، ويَنْفَعُ الرَّبْوَ، وضيق النَّفَس ويَنْفعُ رُطُوبَة الأَرْحامِ بَخُورًا، ويَنْفَعُ العُقْمَ، ويُقَاوِمُ السُّمُومَ ونَهْشَ الأَفاعِي.
والمِبْلاسُ: النّاقَةُ المُحْكَمَةُ الضَّبَعَةِ، عن الفَرّاءِ.
وَأَبْلَسَ الرّجُلُ من رَحْمَةِ الله: يَئِسَ.
وفي حُجَّتِه: انْقَطَع.
وقِيلَ: أَبْلَسَ، إِذا دَهِشَ وتَحَيَّرَ، قاله ابنُ عَرَفَةَ، ومنه اشْتِقَاقُ إِبْلِيس لعَنَهُ الله؛ لأَنّه يَئِسَ من رَحْمَةِ الله ونَدِمَ، وكانَ اسمُه من قَبْلُ عَزَازِيلَ، أَوْ هُوَ أَعْجَمِيٌّ مَعْرِفَةٌ، ولذا لم يُصْرَفْ، قاله أَبُو إِسْحَاقَ. قلتُ: ولذا قِيلَ: إِنَّهُ لا يَصِحُّ أَنْ يُشْتَقَّ إِبْلِيسُ وإِنْ وَافَقَ معنى أَبْلَسَ لفْظًا ومعنًى، وقد تَبعَ المُصَنِّفُ الجَوْهَرِيَّ في اشْتِقَاقِه، فغَلَّطُوه، فليْتَنَبَّه لذلك.
وقالَ أَبو بَكْرٍ: الإِبْلاسُ مَعناه في اللُّغَة: القُنُوطُ وقَطْعُ الرَّجَاءِ من رحمَةِ الله تعالَى، وقال غيره الإِبْلاس: الانْكِسَارُ والحُزْنُ، يقال: أَبْلَسَ فلانٌ، إِذا سَكَتَ غَمًّا وحُزْنَا، قال العَجّاجُ:
يا صاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا *** قالَ: نَعَمْ أَعْرِفُه وأَبْلَسَا
وأَبْلَسَت النّاقَةُ إِبْلاسًا، إِذا لَمْ تَرْعُ من شِدَّةِ الضَّبَعَةِ، فهي مِبْلاسٌ.
وقالَ اللِّحْيَانِيُّ: ما ذُقْتُ عَلُوسًا ولا بَلُوسًا؛ أَي شَيْئًا، كذا في اللِّسَانِ، وسيأْتِي في «علس» زيادة إيضاح لذلك، وأَنّ الجوهريّ ضَبَطَه ولا لَؤُوسًا، وغيرُه قال: أَلُوسًا.
وبُولَسُ، بضمّ الباءِ وفَتْحِ الّلامِ: سِجْنٌ بجَهَنّمَ أَعاذَنَا الله تَعَالَى مِنْهَا برَحْمَتِه وكَرَمِه، هكذا جاءَ في الحَدِيثِ مُسَمًّى: «يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يومَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ حَتّى يُدْخَلُوا سِجْنًا في جَهَنَّمَ يُقَالُ له بُولَسُ». وبَالِسُ، كصاحِب: د، بشَطِّ الفُرَاتِ بينَ حَلَبَ والرَّقَّةِ بينَه وبَيْن الفُرَاتِ أَربعةُ أَمْيَالٍ، سُمِّيَتْ فيما يُذْكَرُ ببَالِسِ بنِ الردم بنِ اليَقَن بنِ سامِ بنِ نُوحٍ، وقُرْبَه جِسْرٌ مَليحٌ اتُّخِذَ في زَمَنِ عُثْمَانَ رضِيَ الله تَعَالَى عنه، ولمّا تَوَجَّه مَسلمةُ بنُ عبدِ المَلِك غازِيًا للرُّومِ من نَحْوِ الثُّغُورِ الجَزرِيَّة عَسْكَرَ ببَالِسَ، فأَتَاهُ أَهْلُها وأَهلُ القُرَى المَنْسُوبَةِ إِليها، فسَأَلُوه جميعًا أَن يَحْفِرَ لهُمْ نَهْرًا من الفُرَاتِ يَسْقِي أَراضِيَهم عَلَى أَن يَجْعَلُوا له الثُّلثُ مَنْ غِلالِهِم بعدَ عُشْرِ السُّلْطَانِ، فَحَفَر النَّهْرَ المَعْرُوفَ بنَهْرِ مَسْلَمَةَ، ووَفَّوْا له بالشَّرْطِ، ورَمَّ سُورَ المَدِينةِ وأَحْكَمَه، فلما ماتَ مَسْلَمَةُ صارَتْ بَالِسُ وقُرَاها لوَرَثَتِه، فلم تَزَلْ في أَيْدِيهم حَتّى جاءَت الدَّوْلَةُ العَبّاسِيّة، فانْتُزِعَتْ مِنْهُم، فكانَت للمَأْمُونِ وذُرِّيَّتِه، قال ابنُ غَسّان الكورانيّ:
آمَنَ الله بالمُبَارَكِ ميّ *** حوفَ مِصْرٍ إِلى دِمَشْقَ فبَالِسْ
ومِنْهُ أَبو العَبّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهيمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَكْر البَالِسِيُّ المُحَدِّثُ، وأَبُو المَجْدِ مَعد بن كَثيرِ بنِ عَليٍّ البَالِسِيُّ الفَقِيهُ الأَدِيبُ، تفَقَّه على أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ، وأَبو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عبدِ الله بنِ مَنْصُورِ بنِ حَبِيبٍ الأَنْطَاكِيُّ، يُعْرَفُ بالبَالِسِيِّ، وأَبو الحَسَنِ إِسماعيلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوبَ البَالِسِيّ الخَيْزُرانِيُّ، وجَمَاعَةٌ غيرُهُم، ومن المُتَأَخِّرِينَ: النَّجْمُ محمَّدُ بنُ عَقِيلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَالِسِيِّ، من كِبَارِ أَئِمَّةِ الشافِعِيَّة، وحَفيدُه أَبو الحَسَنِ محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ على جَدِّهِ، وأَبو الفَرَجِ بنُ عَبْدِ الهَادِي، وهو من شُيُوخِ الحَافِظِ ابنِ حَجَرٍ، توفِّيَ سنة 804 بمصر، والجَمَالُ عبدُ الرَّحِيمِ بنُ محمّدِ بنِ مَحْمُودٍ البَالِسِيُّ سِبْطُ ابنِ المُلَقِّنِ، وغَيْرُهما.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
أَبْلَسَ الرّجُلُ: قُطِعَ به، عن ثَعْلَبٍ.
وأَبْلَسَ: سَكَتَ فلمْ يَرُدَّ جَوابًا.
والبَلَسُ، بضمّتين: غَرَائِرُ كِبَارٌ من مُسُوحٍ يُجْعَلُ فيها التِّيْنُ، ويُشَهَّرُ عليهَا من يُنَكَّلُ به، ويُنَادَى عليه، ومن دَعَائِهِم: أَرانيكَ الله على البُلُسِ.
والبَلَسَان: نَوعٌ من الطُّيُورِ يُقَال لَها الزَّرازِيرُ، وقد جاءَ ذِكْرُه في حَدِيثِ أَصْحَابِ الفِيل، وفَسَّرَه عَبّادُ بنُ مُوسَى هكذا.
وبُلَسُ، بالضَّمِّ وفتحِ الّلام: إِحْدَى قُرَى بَالِسَ التي كانَتْ لمَسْلَمَةَ بنِ عبدِ المَلِكِ، ثمّ كَانَت لوَرَثَتِه فيما بعدُ.
وبَلُوسُ، كصَبُور: قَريةٌ بمصر من المَنُوفِيّة.
وبِلَاسٌ، ككِتَابٍ: اسمُ رَجُلٍ، كذا في مَعَارِفِ ابنِ قُتَيْبَةَ، إِليه يُنْسَبُ بِلَاسْ آباد، وقد ذَكرَه المُصَنِّف رَحِمَهُ الله اسْتِطْرَادًا في «سبط» فانظُرْهُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
65-تاج العروس (عبس)
[عبس]: عَوْبَسٌ، كجَوْهَرٍ: اسم ناقَةٍ غَزِيرةٍ، قال المُزَرِّد:فلَمَّا رأَيْنَا ذاكَ لم يُغْنِ نَقْرَةً *** صَبَبْنَا له ذا وَطْبِ عَوْبَسَ أَجْمَعَا
وعَبَسَ وَجْهُه يَعْبِسُ عَبْسًا وعُبُوسًا، من حَدِّ ضَرَبَ: كَلَحَ، كعَبَّسَ تَعْبِيسًا. وقِيلَ: عَبَسَ وَجْهُه عَبْسًا وعَبَّس: قَطَّبَ ما بَيْنَ عَيْنَيْهِ. ورجُلٌ عابِسٌ. وعَبَّس تَعْبِيسًا فهو مُعَبِّسٌ وعَبّاسٌ، إِذا كَرَّهَ وَجْهَه. شُدِّد للمُبَالَغَةِ، ومنه قِرَاءَةُ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ عَبَسَ {وَتَوَلّى} فإِنْ كَشَرَ عن أَسْنَانِه فهو كالِحٌ.
وقيل: العَبَّاسُ: الكَرِيهُ المَلْقَى والجَهْمُ المُحَيَّا.
والعابِسُ: سَيْفُ عبدِ الرَّحْمنِ بن سُلَيْمٍ الكَلْبِيّ، نَقَلَه الصّاغَانيُّ عن ابنِ الكلبيِّ، وفي شِعر الفَرَزْدَقِ: عبد الرَّحِيمِ، وقال يَمْدَحُه:
إِذا ما تَرَدَّى عابِسًا فاضَ سَيْفُهُ *** دِمَاءً ويُعْطِي مالَه إِن تَبَسَّمَا
والعَابِسُ: الأَسَدُ الذِي تَهْرُبُ منه الأُسود، وقال ابن الأَعْرابيّ: كالعَبُوسِ والعَبّاسِ، قال ابنُ الأَعْرَابِيّ: وبه سُمِّيَ الرجُلُ عَبَّاسًا.
قلت: عَبّاسٌ والعَبّاس: اسمُ عَلَمٍ، فمَن قال: عَبّاسٌ، فهو يُجْرِيه مُجْرَى زَيْدٍ، ومَن قَال: العَبّاسُ، فإِنّمَا أَرادَ أَن يَجْعَلَ الرجلَ هو الشيْءَ بعَيْنِه، قال ابن جِنِّي: العَبّاسُ وما أَشبهه من الأَوْصَافِ الغالِبَةِ إِنّمَا تَعرَّفَتْ بالوَضْعِ دُونَ اللامِ، وإِنما أُقِرَّت اللامُ فيها بعدَ النَّقْلِ، وكونِهَا أَعلامًا مُرَاعاةً لمذهبِ الوَصْفِ فيها [قبلَ النَّقْلِ].
وعَابِسٌ: مَوْلَى حُوَيْطِبِ بنِ عَبْدِ العُزَّى، قيلَ: إِنّه من السابِقينَ ومِمَّن عُذِّبَ في الله تَعَالَى.
وعابِسُ بنُ رَبِيعَةَ الغُطَيْفِيّ: من المُعَمَّرِين، قيل: إِنه مُخَضْرَمٌ، كما صَرَّح به أَبُو الوفاءِ الحِلِّيُّ في التَّذْكِرَة، وقيل: صَحَابِيٌّ. روى عنه ابنُه عبد الرحمن.
وعابِسُ بنُ عَبْسٍ الغِفَارِيُّ، نَزَلَ الكُوفَة، روى عنه أَبو عَمْرو زَاذَانُ أَوْ هو عَبْسُ بنُ عابِسٍ، والأَوّلُ أَكثرُ، صحابِيُّونَ، رَضِيَ الله عنهم.
والعَبَّاسِيَّةُ: قرية بنَهْرِ المَلِكِ، وفي خالِصِ بَغْدَادَ أُخْرَى، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
والعَبّاسِيَّة: د، بمِصْرَ في شَرْقِهَا، على خَمْسَةَ عشرَ فَرْسَخًا من القاهِرَة، سُمِّيَتْ بعَبَّاسَةَ بنتِ أَحْمَدَ بنِ طُولُونَ، والمَعْرُوفُ الآن: العَبّاسةُ، من غيرِ ياءٍ، كما ضَبَطه السَّخَاوِيُّ وغيرُه من المُؤرِّخِين. ومنها الأَمِيرُ محمّدُ بنُ محمَّد بنِ أَحْمَدَ بنِ عبدِ الوهَّابِ العَبّاسِيُّ، وُلِدَ بها سنة 838، وتَحَوَّلَ هو وأَخُوه العِمَادُ عبدُ الرَّزَّاقِ مع أَخِيهِمَا التاجِ عبِد الوهَّابِ إِلى مِصْرَ، فأَخَذ عن العَلَمِ البُلْقِينِيّ، وسَمِعَ البُخارِيَّ في الظّاهِرِيَّة القَدِيمةِ، ماتَ سنة 887.
والعَبّاسِيَّة: قرية قُرْبَ الطائفِ.
وقولُه تَعالَى: يَوْمًا عَبُوسًا {قَمْطَرِيرًا}؛ أَي كَرِيهًا تَعْبِسُ منه الوُجُوهُ، ويُقَالُ: يومٌ عابِسٌ وعَبُوسٌ: شَدِيدٌ، ومنه حَدِيثُ قُسٍّ:
يَبْتَغِي دَفْعَ بَأْسِ يَومٍ عَبُوسِ
هو صِفَةٌ لأَصْحابِ اليَوْمِ؛ أَي يومٍ يُعَبَّسُ فيه، فأَجْرَاهُ صفةً على اليَوْمِ، كقولِهِم: ليلٌ نائِمٌ؛ أَي يُنَامُ فيه.
والعَبَسُ، محرَّكَةً: ما تَعَلَّقَ بأَذْنَابِ الإِبِلِ مِنْ أَبْوالِهَا وأَبْعَارِها، قالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَنْ يَجِفَّ عليها وعلى أَفْخَاذِهَا، وذلك إِنّمَا يَكُونُ من الشَّحْم، قال أَبُو النَّجْم:
كأَنَّ في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ *** مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ قُرُونَ الأُيَّلِ
وأَنْشَدَهُ بعضُهم: الأُجَّلِ، على إِبْدالِ الجيمِ من اليَاءِ المُشَدَّدة.
وقد أَعْبَسَت الإِبِلُ وعَبِستْ عَبَسًا: عَلَاهَا ذلكَ، الأَخيرُ عن أَبِي عُبَيْدٍ، ومنه
الحديث: «أَنَّه نَظرَ إِلى نَعَمِ بَنِي المُصْطَلِق. وقد عَبِسَتْ في أَبْوالِهَا وأَبْعَارِها من السِّمَن فتَقَنَّع بثَوْبهِ وقَرَأَ؛ {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجًا مِنْهُمْ}
قال: وإِنّمَا عَدَّاه بفِي لأَنَّه في مَعْنَى: انْغَمَسَتْ.
وذَكَرَ اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا ابنُ القَطَّاع في الأَبْنِيَة، فاقْتِصَارُ المصنِّفِ رَحِمَه الله تعالَى على إِحْدَاهُمَا قُصُورٌ.
وعَبِسَ الوَسَخُ في يَدِه وعلى يَدِه عَبَسًا، كفَرِحَ: يَبِسَ.
وعَلْقَمَةُ بنُ عَبَسٍ، مُحَرَّكَةً: أَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِينَ وَلَّوْا عُثمانَ، رضِيَ الله تعالَى عنه. هكذا في سَائِرِ النُّسَخِ، ومثلُه في التَّكْمِلَة والعُبَابِ، وهو غَلَطٌ نشَأَ عن تَحْرِيفٍ تَبِع فيه الصّاغَانِيَّ، وصوابه «وَارَوْا عُثْمَانَ» ويَشْهَدُ له ما في التَّبْصِير: أَحدُ السِّتَّةِ الذَّين دَفَنُوا عُثْمَانَ. قال: وذَكَرَه ابنُ قُتَيْبَةَ في غَريبِه.
وعَمْرُو بنُ عَبَسَةَ بنِ عامِرٍ السُّلَمِيُّ: صَحابِيٌّ مشهورٌ سابِقٌ، نَزَلَ دِمَشْقَ.
والعَبْسُ بالفَتْح: نَبَاتٌ، ذكَرَه ابنُ دُرَيْدٍ، وقال أَبو حاتِمٍ، فَارِسِيَّتُه: شابابَك، وقال مَرّةً: أَو سِيسَنْبَر، ويُقَال: هُو البُرْنُوفُ، بالمِصْرِيَّةِ، كما سيأْتي في مَحَلِّه.
وعَبْسٌ: جَبَلٌ، وقِيلَ: ماءٌ بِنَجْدٍ بدِيَارِ بَنِي أَسَدٍ.
وعَبْسٌ: مَحَلَّةٌ بالكُوفَةِ نَزَلَها بنُو عَبْسٍ، ومنها العَبْسِيُّون المُحَدِّثُونَ. ومن الضَّوَابِطِ أَنَّ مَن كانَ من أَهْلِ الكُوفَةِ فهو بالمُوَحَّدةِ، مَنسوب إِلى هذه المَحَلَّة، ومن كانَ من أَهْلِ الشّامِ فهو بالنون، ومن كانَ من أَهْلِ البَصْرَةِ فهو بالشِّينِ المعجمة، نقله الحافِظُ.
وعَبْسٌ: اسمٌ أَصلُه الصِّفَةُ، وهو عَبْسُ بنُ بَغِيضِ بنِ رَيْث بن غَطَفانَ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَيْلانَ: أَبو قَبِيلَةٍ مشهورة. وعَقِبُه المشهور من قُطَيْعَةَ، ووَرَقَةَ، وهو إِحدى الحَجَرات، وقد مَرَّ لها ذِكْرٌ في معروف ر ر.
وعُبَيْسٌ، كزُبَيْرٍ، تصغيرُ عَبْسٍ وعَبَسٍ، وقد يكونُ تَصْغِيرَ عَبّاسٍ وعابِسٍ، على التَّرْخِيمِ، وقد سُمِّيَ به، منهم عُبَيْسُ بنُ بَيْهَسٍ، وعُبَيْسُ بنُ مَيْمُونٍ ـ ضَعَّفُوه ـ: مُحَدِّثانِ، بل الأَخِيرُ من أَتْبَاعِ التابِعِينَ. وعُبَيْسُ بن هِشَامٍ الناشِرِيُّ، شيخٌ للشِّيعَةِ، أَلَّفَ في مَذْهَبِهم.
وعَبُّوسٌ، كتَنُّورٍ: موضع، نقله الصّاغَانِيُّ.
قال كُثَيِّرٌ يَصِفُ الظُّعُنَ:
طالِعَاتِ الغَمِيسِ مِنْ عَبُّوسٍ *** سالِكَاتِ الخَوِيِّ مِن أَمْلَالِ
وقال ابنُ دُرَيْدٍ: العَبْوَسُ، كجَرْوَلٍ: الجَمْعُ الكَثِيرُ هكذا ضَبَطَه الصّاغَانِيُّ.
وتَعبَّسَ الرجلُ، إِذا تَجَهَّمَ وتَقَطَّبَ.
* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه:
العَبَسُ، محرَّكةً: الوَذَحُ.
وعَبِسَ الثَّوْبُ، كفَرِح: يَبِسَ عليه الوَسَخُ. والرَّجُلُ: اتَّسَخَ.
والعَبَسُ أَيضًا: بَوْلُ العَبْدِ في الفِرَاشِ إِذا تَعَوَّدَه وبانَ أَثَرُه على بَدَنِه وفِرَاشِه، على التَّشْبِيه، ومنه حديثُ شُرَيْح: «أَنَّه كانَ يَرُدُّ مِن العَبَسِ».
والعَوَابِسُ: الذِّئابُ العاقِدَةُ أَذْنابَها، قالَه ابنُ السِّكِّيت، وأَنْشَدَ بيتَ الهُذَلِيّ:
ولقد شَهِدْتُ الماءَ لم يَشْرَبْ بِه *** زَمَنَ الرَّبِيع إِلى شُهُورِ الصَّيِّفِ
إِلاّ عَوَابِسُ كالمِرَاطِ مُعِيدَةٌ *** باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
وقد أَعْبَسَ الذِّئْبُ، وقال أَبو تُرابٍ: هو جِبْسٌ عِبْسٌ لِبْسٌ، إِتْبَاعٌ.
والعَبْسَانِ: اسمُ أَرضٍ، قال الراعِي:
أَشاقَتْكَ بالعَبْسَيْنِ دَارٌ تَنَكَّرَتْ *** مَعارِفُها إِلاَّ البِلَادَ البَلاقِعَا
وأَبُو الفَرَج عبدُ القاهرِ بنُ نَصْرِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْسُونٍ، قاضِي سِنْجارَ، رَوَى عن أَبِيه، عن أَنَسٍ، بخَبَرٍ باطلٍ، وعنه أَسْعَدُ بنُ يَحْيَى.
ومحمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ عَبْسُونٍ البَغْدَادِيُّ، عن الهَيْثَم بن خَلَفٍ الدُّورِيِّ.
والعَبّاسِيَّةُ: قَريةٌ بخالِصِ بَغْدَادَ، غيرُ الّتِي في نَهْرِ المَلِك.
ومَحَلَّةٌ كانَتْ ببغدادَ قُرْبَ بابِ البَصْرَة، وقد خَرِبَت الآنَ، تُنْسَب إِلى العَبّاس بنِ محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عَبّاس.
والعَبْسِيَّةُ: ماءَةٌ بالعُرَيْمَة بَين جَبَلَيْ طَيِّئٍ، الثلاثَةُ نَقَلَها الصاغَانيّ.
ومُنْيَةُ العَبْسِيّ قَرْيَةٌ بغَرْبِيَّةِ مِصْر، منها العِزُّ بن عبد العزيز بن محمّد بن محمّد بن محمّد القاهِرِيُّ، ناظِر دِيوَانِ الأَحْبَاسِ، مات سنة 898.
وعَبْسُ بنُ عَامِر بنِ عَدِيّ السُلَمِيّ: صَحَابِيٌّ عَقَبيٌّ بَدْرِيٌّ.
وعَبْسُ بنُ سُمَارَةَ بنِ غالِبِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عَكِّ بنِ عُدْثانَ: قَبِيلةٌ عظيمةٌ باليَمَنِ تَحْتَوِي على شُعُوبٍ وأَفْخَاذٍ، يُذْكَرُ بعضُها في مواضِعها.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
66-تاج العروس (فطرس)
[فطرس]: فُطْرُسٌ، بالضَّمِّ، أَهمله الجَوْهَريُّ وصاحب اللِّسَان، وهو اسْمُ رَجُل، ومنه نَهرُ فُطْرُسٍ، هكذا أَوْرَدَه أَبو تَمّامٍ في أَشْعَاره، وكذا أَبو نُوَاسٍ، حيث قالَ:وأَصْبَحْنَ قَد فَوَّزْنَ مِنْ نَهْر فُطْرُسٍ *** وهنَّ على البَيْت المقَدَّس زُورُ
طَوَالِبَ بالرَّكْبَان غَزَّةَ هاشمٍ *** وبالفَرَمَا منْ حاجِهِنِّ شُقُورُ
ويقال: نَهرُ أَبي فُطْرُسٍ، وهذا هو المشهور، وهذا النَّهْرُ قُرْبَ الرَّمْلَة من أَرْضِ فِلَسْطينَ، مخْرَجُه من جَبَلٍ قُرْبَ نابُلُسَ، ويَصُبُّ في البَحْر الْمِلْح بَيْنَ مَدِينَتَيْ أَرْسُوف ويَافَا، به كانَتْ وَقْعَةُ عبد الله بن عليِّ بن عبد الله بنِ عَبّاسٍ ببَنِي أُمَيَّةَ، فقَتَلَهُم في سنة 132، ورَثَاهُم عَبْدُ الله العَبْلِيّ مَولاهُمْ في قَصَائِدَ منها:
وبالزَّابِيَيْنِ نُنفُوسٌ ثَوَتْ *** وأُخْرَى بِنَهْرِ أَبِي فُطْرُسِ
أَولئك قَوْمٌ أَناخَتْ بِهِمْ *** نَوائِبُ مِنْ زَمَنٍ مُتْعِسِ
وقال المُهَلَّبِيُّ: ويُقَالُ: إِنّه ما الْتَقَى عليه عَسْكَرانِ إِلا هُزِمَ المَغْرِبِيُّ مِنْهَا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
67-تاج العروس (برفط)
[برفط]: بَرَفْطَى، كحبَرْكَى، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسانِ، وقال الصّاغَانِيُّ: هي قرية، بنَهْرِ المَلِكِ ببَغْدَادَ.تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
68-تاج العروس (بط بطط بطبط)
[بطط]: بَطَّ الجُرْحَ وغَيْرَه، مثل الصُّرَّة وغَيْرِها، يَبُطُّه بَطًّا: شَقَّه، وكَذلِك بَجَّه بَجًّا، وفي الحَدِيثِ «أَنَّه دَخَلَ على رَجُلٍ به وَرَمٌ فما بَرِحَ حتَّى بُطَّ» أَي شُقَّ.والمِبَطَّةُ، بالكَسْرِ: المِبْضَعُ الذِي يُشَقُّ به الجُرْحُ.
والبَطَّةُ بلُغَة أَهْلِ مَكَّة: الدَّبَّةُ، لأَنّهَا تُعْمَلُ على شَكْل الْبَطَّةِ من الحَيَوان، قاله اللَّيْثُ، أَو إِناءٌ كالقارُورَةِ يُوضَع فيه الدُّهْنُ وغَيْره.
والبَطَّةُ: وَاحِدَةُ البَطِّ للإِوَزِّ يُقَال: بَطَّةٌ أُنْثَى، وبَطَّةٌ ذَكَرٌ، الذَّكَر والأَنْثَى في ذلِكَ سواءٌ، أَعْجَمِيٌّ مُعرَّب، وهو عند العَرَب الإِوَزُّ، صِغَارُه وكِبارُه جَمِيعًا. قال ابنُ جِنِّي: سُمِّيَت بذلِك حِكَايَةً لأَصْواتِهَا، وفي العُباب: البَطُّ من طَيْرِ الماءِ، قال أَبُو النَّجْمِ:
كثَبَجِ البَطِّ نَزَا بالبَطِّ
الوَاحِدةُ بَطَّةٌ، ولَيْسَت الهاءُ للتَّأْنِيثِ، وإِنَّما هي لوَاحِدٍ من جِنْسٍ، مثلُ: حَمَامَةٍ، ودجَاجَةٍ، وجَمْعُه بِطَاطٌ، قال رُؤْبَةُ:
أَو نَطْبَكَ السَّفُّودَ في البِطَاطِ
والتَّبْطِيطُ: التِّجَارَةُ فيه؛ أَي في البَطِّ.
والبَطْبَطَةُ: صَوْتُهُ؛ أَي البَطّ، وبِه سُمِّيَ، كما تَقَدَّمَ عن ابْنِ جِنِّي.
أَوْ البَطْبَطَةُ غَوْصُه في الماءِ.
والبَطْبَطَة: ضَعْفُ الرَّأْيِ، نقله الصّاغَانِيّ: وقالَ سِيبَوَيْه: إِذا لَقَّبْتَ مُفْرَدًا [بمُفْرَدٍ] أَضَفْتَه إِلَى اللَّقَبِ، وذلِكَ قَوْلُكَ: هذَا قَيْسُ بَطَّةَ، وهو لَقَبٌ، جَعَلْتَ بَطَّةَ معرفةً؛ لأَنَّك أَرَدْتَ المَعْرِفَةَ التي أَرَدْتَها إِذا قُلْتَ هذَا سَعِيد. ولو نَوَّنْتَ بَطَّةَ صار سعيدٌ نَكِرَةً ومَعْرِفَةً بالمُضَافِ إِليه، فيَصِيرُ بَطَّةُ هاهنا كأَنَّه كانَ مَعْرِفةً قبلَ ذلِكَ ثُمَّ أُضِيفَ إِليه، وقالُوا: هذا عبدُ الله بَطَّةُ يا فَتَى، فجَعَلُوا بَطَّةَ تابعًا للمُضافِ الأَوَّل. قال سِيبَوَيْه: فإِذا لَقَّبْتَ مُضَافًا بمُفْرَدٍ جَرَى أَحَدُهما على الآخَرِ كالوَصْفِ، وذلِكَ قولُك: هذَا عَبْدُ اللهِ بَطَّةُ يا فَتَى.
والبَطِيطُ، كأَمِيرٍ: العَجَبُ، والكَذِبُ، ولا يُقَالُ منه فِعْلٌ، كما في الصّحاحِ، يُقَال: جَاءَ بأَمْرٍ بَطِيطٍ؛ أَي عَجِيب، قال الشّاعِرُ:
أَلَمَّا تَعْجَبِي وتَرَيْ بَطِيطًا *** من اللاّئِينَ في الحِقَبِ الخَوَالِي
هكَذَا أَنْشَدَه ابنُ دُرَيْدٍ. وقال اللَّيْثُ: البَطِيطُ بلغة أَهل العِرَاق: رَأْسُ الخُفِّ، يُلْبَسُ. وقال كُرَاع: البَطِيطُ عند العَامَّةِ خُفٌّ مقطوعٌ، قدَمٌ بِلا ساقٍ، قال أَبُو حِزَامٍ العُكْلِيُّ:
بَلَى زُؤُدًا تَفَشَّغَ في العَوَاصِي *** سأَفْطِسُ منه لا فَحْوَى البَطِيطِ
والبَطِيطُ أَيضًا: الدَّاهِيَةُ قال أَيْمَنُ بنُ خُرَيْمٍ:
غَزَالَةُ في مائَتَيْ فارِسٍ *** تُلاقِي العِرَاقانِ مِنْهَا البَطِيطَا
هكَذا أَنْشَدَه الصّاغَانِيُّ، والَّذِي أَنْشَدَهُ ابنُ بَرِّيّ:
سَمَتْ للعِرَاقَيْنِ في سَوْمها *** فَلاقى..
الخ وحُطَائِطٌ بُطَائِطٌ، بضَمِّهِمَا؛ إِتْبَاعٌ. وتَقُول صِبْيَانُ العَرَب في أَحاجِيهم: ما حُطَائطٌ بُطَائِط، تَمِيسُ تَحْتَ الحائِط؟ يَعْنُونَ الذَّرَّةَ.
وفي المُحْكَمِ: قالت الأَعْرَابيَّةُ:
إِنَّ حِرِي حُطَائِطٌ بُطَائِطُ *** كَأَثَرِ الظَّبْيِ بجَنْبِ الحائطِ
قال: أُرَى بُطَائطًا إِتْبَاعًا لحُطَائط، قال: وهذَا البَيْتُ أَنْشَدَهُ ابنُ جِنِّي في الإِقْواءِ، ولو سَكَّنَ فقال: «بُطَائِطْ» وتنكَّبَ الإِقْوَاءَ لكانَ أَحْسَن.
وجِرْوٌ بُطَائِطٌ؛ أَي ضَخْمٌ.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: أَبَطَّ الرَّجُلُ إِبْطَاطًا: اشْتَرَى بَطَّةَ الدُّهْنِ.
والتَّبْطِيطُ: الإِعْيَاءُ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
والمُبَطْبِطَةُ: الحَجَلةُ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
وبِطَّةُ، بالكَسْرِ: موضع، بالحَبَشَةِ.
وبالفَتْحِ: أَبُو عَبْدِ الله عُبَيْدُ الله بنُ محمّدِ بنِ محمّدِ بن حَمْدَانَ، ابنُ بَطَّةَ العَكْبَرِيُّ الحَنْبَلِيُّ مُصَنِّفِ الإِبَانَةِ، تَكَلَّمُوا فيه، سَمِعَ عبدَ الله بنَ سُلَيْمَانَ بنِ الأَشْعَثِ والبَغَوِيَّ وطَبَقَتَه، وعنه أَبُو القاسِم بنُ البُسْرِيّ وغيره، تُوُفِّي سنة 387 وبالضَّمِّ أَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بن بُطَّةَ بن إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيّا الأصْبَهَانيُّ، وعنه الحاكِمُ، توفِّي سنة 344 وبَلَدِيُّوه من أَهْل أَصْبَهَانَ: محمّدُ بنُ مُوسَى بنِ بُطَّةَ. وعبدُ الوَهابِ بنُ أَحمدَ بن محمَّدِ بن بُطَّةَ وغيرهما.
قلت: وفَاتَهُ في الفَتْح: أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ أَبِي السُّعُودِ بنِ بَطَّةَ الضِّرِيرُ الفَقِيهُ، سَمِعَ منه ابنُ نُقْطَة، وأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بن بَطَّةَ أَبُو بَكرٍ البَغْدَادِيّ، رَوَى عن أَبي بَكْرِ بنِ دُرَيْدٍ، ذَكَرَه ابنُ عَسَاكِر.
قلتُ: ويُرْوَى للأَخِيرِ ما رَأَيْتُه في إِجَازَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الباقِي الحَنْبَلِيِّ:
ما شِدَّةُ الحِرْصِ وهو قُوتُ *** وكُلُّ ما بَعْدَهُ يَفُوتُ
لا تَجْهَدِ النَّفْسَ في ارْتِيَادٍ *** فقَصْرُنَا أَنَّنَا نَمُوتُ
وأَرْضٌ مُتَبَطْبِطَةٌ؛ أَي بَعِيدَةٌ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.
والبُطَيْطِيَةُ، مُصَغَّرَةَ البَطِيطَةِ، هكَذَا في سائرِ النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ، والصَّوابُ: البُطَيِّطَةُ مثلَ دُجَيِّجَةٍ، تصغير دَجَاجَةٍ: السُّرْفَةُ، كما في العُبَاب.
وبَطُّ: قرية، بدَقُوقَا، وقِيلَ بالأَهْوَازِ، وتُعْرَفُ بنَهْرِ بَطٍّ، قِيلَ: لأَنَّهُ كانَ عِنْدَهُ مَرَاحُ البَطِّ، فقالوا: نَهْر بَطٍّ، كما قَالوا: دَارُ بِطِّيخ. وقِيلَ: بلْ كان يُسَمَّى نَهْرَ نَبْط؛ لأَنَّه كان لامْرَأَةٍ نَبَطِيَّةٍ، فخُفِّفَ: وقِيلَ: نَهْرُ بَطٍّ، وفيه يَقُولُ [بعضهم]:
لا تَرْجِعَنَّ إِلى الأَهْوَازِ ثَانِيةً *** وقَعْقَعَانَ الَّذِي في جانِبِ السُّوقِ
ونَهْرِ بَطَّ الَّذِي أَمْسَى يُؤَرِّقُنِي *** فيه البَعُوض بلَسْبٍ غيرِ تَشْقِيقِ
وهو المُرَادُ من قَوْلِ الرّاجِزِ:
لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ ولا مُذْ قَطِّ *** أَطْوَلَ من لَيْلٍ بنَهْرِ بَطِّ
أَبِيتُ بينَ خَلَّتَيْ مُشْتَطِّ *** من البَعُوضِ ومِنَ التَّغَطِّي
وأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الباقي بن أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ البَطِّيّ المُحَدِّثُ البَغْدَادِيّ، من كِبَارِ المُسْنِدِين. قال ابن نُقْطَةَ: كان سَمَاعُه صَحِيحًا، وهو آخِرُ من حَدَّثَ عن الحُمَيْدِيّ وغيرِه من شُيُوخِه. قُلْتُ: كَأَبِي الفَضْلِ ابن خَيْرُون، والحُسَيْنِ بنِ طَلْحَة النِّعَاليِّ. وذكَرَه ابنُ الجَوْزِيِّ في شُيوخِه، ولد سنة 477 وتُوُفِّي سنة 564 وأَخوه أَحْمَدُ: حَدَّثَ عن أَبِي القاسِمِ الرَّبَعِيِّ، وماتَ بعدَ أَخِيهِ بسَنَةٍ، قالُوا: كان نَسِيب إِنْسَانٍ مِنْ هذِه القَرْيَةِ، فعُرِفَ به، نَقَلَه الحافظُ وغيرُه وقيلَ: لأَنَّ أَحدَ جُدُودِه كان يَبِيعُ البَطَّ.
وبَطَاطِيَا: نَهْرٌ يَحْمِلُ من دُجَيْلٍ. قال ياقوت: أَوَّلُه أَسْفَلَ فُوَّهَةِ دُجَيْلٍ بسِتِّ فَرَاسِخَ، يَجِيءُ على بَغْدَادَ فيَمُرُّ بها على عَبّارَةِ قَنْطَرَةِ بابِ الأَنْبَارِ إِلى شارِع الكبشِ، فيَنْقَطع، وتَتَفَرَّع منه أَنْهُرٌ كَثِيرَةٌ كانت تَسْقِي الحَرْبِيَّةَ وما صَاقَبَهَا.
وقال ابنُ فَارِس: ما سِوَى البَطِّ من الشَّقِّ، والبَطِيطِ للعَجَب، من الباءِ والطّاءِ ففارِسِيٌّ كُلُّه.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
قال ابنُ الأَعْرَابِيّ: البُطُطُ، بضَمَّتَيْن: الحَمْقَى، والبُطُطُ: الأَعَاجِيبُ، والبُطُطُ: الأَجْوَاعُ والبُطُطُ: الكَذِبُ.
وتُجْمَع البَطَّةُ على بُطُطٍ.
والبَطَّاطُ: مَنْ يَصْنَعُهَا.
وضَرَبَهُ فبَطْبَطَه؛ أَي شَقَّ جِلْدَه، أَوْ رَأْسَهُ.
وبُطْبُوطٌ، بالضَّمِّ: لَقَبٌ.
وبَطْبَاطٌ، بالفَتْح: نَبَاتٌ يُسَمَّى عَصَا الرَّاعِي.
وعبدُ الجَبَّارِ بنُ شِيرَانَ النَّهْر بَطِّيّ، رَوَى عن سَهْلٍ التُّسْتَرِيِّ، وعنه عليُّ بنُ عبدِ الله بنِ جَهْضَمٍ.
والمُبَطَّطُ، كمُعَظَّمٍ: قَرْيةٌ بمِصْرَ من أَعْمالِ المُرْتَاحِيَّة.
والإِمامُ المؤَرِّخُ الرَّحّالُ شَمْسُ الدِّين أَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ عليٍّ اللَّوَاتِيُّ الطَّنْجِيُّ المَعْروفُ بابنِ بَطُّوطَةَ، كسَفُّودَةَ، صَاحِبُ الرِّحْلَةِ المَشْهُورةِ الَّتِي دارَ فِيهَا ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ وقد جَمَعَ ابنُ جُزَيٍّ في ذلِكَ كِتَابًا حَافِلًا في مُجلَّدَيْنِ طالَعْتُهما، وقد ذَكَر فيه العَجائبَ والغَرائِبَ، واخْتَصَرَه مُحَمَّدُ بنُ فَتْحِ الله البيلونِيُّ في جُزْءٍ صَغِيرٍ اقْتَصرَ فيه على بَعْضٍ؛ وقَد مَلَكْتُه والحَمْدُ لله تعالَى.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
69-تاج العروس (وسط)
[وسط]: الوَسَطُ، مُحَرَّكَةً، من كُلِّ شَيْءٍ: أَعْدَلُهُ.ويُقَالُ: شَيْءٌ وَسَطٌ، أَيْ بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ، ومِنْهُ قَوْلُه تَعالَى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً} وَسَطًا، قال الزّجاجُ: فيه قَوْلانِ، قال بَعْضُهُم: أَيْ عَدْلًا، وقالَ بَعْضُهُم: خِيَارًا.
واللّفْظَانِ مُخْتَلِفَانِ والمَعْنَى وَاحِدٌ، لِأَنَّ العَدْلَ خَيْرٌ، والخَيْرَ عَدْلٌ.
ووَاسِطَةُ الكُورِ، وَوَاسِطُهُ، الأُولَى عن اللِّحْيَانِيِّ: مُقَدَّمُهُ، وعَلَى الثانِيَةِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ. وأَنْشَدَ لِطَرَفَةَ:
وإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكُورِ رَأْسُها *** وعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ
وأَنشد الصّاغَانِيُّ لِأُسامَةَ الهُذَلِيِّ يَصِفُ مَتْلَفًا:
تَصِيحُ جَنَادِبُه رُكَّدًا *** صِياحَ المَسامِيرِ في الوَاسِطِ
وقال اللَّيْثُ: وَاسِطُ الكُورِ ووَاسِطَتُه: ما بَيْنَ القَادِمَةِ والآخِرَةِ. قال الأَزْهريُّ: لَمْ يَتَثَبَّت اللَّيْثُ في تَفْسِيرِ وَاسِطِ الرَّحْلِ، وإِنَّمَا يَعْرِفُ هذا مَنْ شاهَدَ العَرَبَ. ومَارَسَ شَدَّ الرِّحالِ عَلَى الإِبِلِ، فَأَمَّا مَنْ يُفسِّرُ كَلامَ العَرَبِ على قِيَاساتِ الأَوْهَامِ فإِنَّ خَطَأَهُ يَكْثُرُ. وللرَّحْلِ شَرْخَانِ، وهُمَا طَرَفاه مِثْلُ قَرَبُوسَيِ السَّرْجِ، فالطَّرَفُ الَّذِي يَلِي ذَنَبَ البَعِيرِ: آخِرَةُ الرَّحْلِ ومُؤْخرَتُه، والطَّرَفُ الَّذِي يَلِي رَأْسَ البَعِيرِ: وَاسِطُ الرَّحْلِ، بِلا هاءٍ، ولَمْ يُسَمَّ وَاسِطًا لأَنَّهُ وَسَطٌ بين الآخِرَةِ والقَادِمَةِ، كما قال اللَّيْثُ. ولا قادِمَةَ لِلرَّحْلِ بَتّةً، إِنّمَا القادِمَةِ الوَاحِدَةُ مِنْ قَوَادِمِ الرِّيش. ولضَرْعِ الناقَةِ قادِمانِ وآخِرَان، بِلا هاءٍ. وكَلامُ العَرَبِ يُدَوَّنُ في الصُّحْفِ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ، إِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ عن إِمامٍ ثِقَةٍ عَرَفَ كَلامَ العَرَبِ وشاهَدَهُمْ، أَوْ يُقْبَلَ من مُؤَدٍّ ثِقَةٍ يَرْوِي عن الثِّقَاتِ المَقْبُولِينَ. فَأَمَّا عِبَارَاتُ مَنْ لا مَعْرِفَةَ لَهُ ولا أَمانَةَ فإِنَّهُ يُفْسِدُ الكَلَامَ ويُزِيلُه عن صِيغَتِه.
قال: وقَرَأْتُ في كِتَابِ ابنِ شُمَيْلٍ في بابِ الرَّحَالِ قال: وفي الرَّحْلِ وَاسِطُه وآخِرَتُهُ ومَوْرِكُه، فَوَاسِطُهُ مُقَدَّمُهُ الطَّوِيلُ الَّذِي يُحَاذِي صَدْرَ الراكِبِ، وأَمَّا آخِرَتُهُ فمُؤْخرَتهُ؛ وهي خَشَبَتُه الطَّوِيلَةُ العَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رَأْسَ الراكِبِ. قالَ: والآخِرَةُ والوَاسِطُ: الشَّرْخَانِ، ويُقَالُ: رَكِبَ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِهِ، وهذا الَّذِي وَصَفَهُ النَّضْرُ كُلُّهُ صَحِيحٌ لا شَكَّ فيه.
ووَاسِطٌ، مُذَكَّرًا مَصْرُوفًا، لِأَنَّ أَسْمَاءَ البُلْدَانِ الغالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ وتَرْكُ الصَّرْف، إِلاَّ مِنًى والشَّأْمَ، والعِرَاقَ، ووَاسِطًا، ودَابِقًا، وفَلْجًا وهَجَرًا فإِنَّهَا تُذَكَّرُ وتُصْرَفُ، كَمَا في الصّحاحِ، وقَدْ يُمْنَعُ إِذا أَرَدْتَ بِها البُقْعَةَ والبَلْدَةَ، كما قال الشاعر:
مِنْهُنّ أَيّامُ صِدْقٍ قَدْ عُرِفْتَ بِهَا *** أَيّامُ وَاسِطَ والأَيّامُ مِنْ هَجَر
هكَذَا في الصّحاح، وهُوَ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ يَرْثِي به عَمْرو بنَ عُبَيْدِ الله بنِ مَعْمَرٍ، وصَوَابُهُ: مِنْ هَجَرَا، فإِنَّ أَوّلَ الأَبْيَاتِ:
أَمَّا قُرَيْشٌ أَبا حَفْصٍ فَقَدْ رُزِئَتْ *** بالشَّامِ ـ إِذْ فارَقَتْكَ ـ السَّمْعَ والبَصَرا
كَمْ مِنْ جَبانٍ إِلَى الهَيْجا دَلَفْتَ بِه *** يَوْمَ اللِّقَاءِ ولَوْلا أَنْتَ ما جَسَرا
د، بالعِراقِ، اخْتَطَّها، هكَذَا في النُّسَخِ، وصَوَابُه اخْتَطَّه الحَجَّاجُ بنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ في سَنَتَيْنِ بَيْنَ الكُوفَةِ والبَصْرَةِ، ولِذلِكَ سُمِّيَتْ وَاسِطًا، لأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا، لِأَنّ مِنْها إِلى كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ فَرْسَخًا قال ياقُوت: لا قَوْلَ فِيهِ غَيْرَ ذلِكَ إِلاَّ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ [أهل اللغة] حِكَايَةً عَنِ الكَلْبِيِّ.
وهُوَ قَوْلُ المُصَنِّف. ويُقَالُ لَهُ: وَاسِطُ القَصَبِ أَيْضًا، فَلَمَّا عَمَّرَ الحَجّاجُ مَدِينَتَهُ سَمّاهَا باسْمِهِ، أَوْ هُوَ قَصْرٌ كانَ قَدْ بَنَاهُ الحَجّاجُ أَوّلًا قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَ البَلَدَ، ثُمَّ لَمّا بَنَاهُ سُمِّيَ بِهِ. ومِنْهُ المَثَلُ: «تَغافَلْ كَأَنَّكَ واسطِيٌّ». قال المُبَرِّدُ: سَأَلْتُ عنه الثَّوْرِيَّ فقَال: لِأَنَّهُ كانَ؛ أَي الحَجّاجُ، يَتَسَخَّرُهُم في البِنَاءِ فيَهْرُبُونَ وَيَنامُونَ بَيْن، وفي الصحاح: وَسْطَ: الغُرَباءِ في المَسْجِدِ. فَيَجِيءُ الشُّرَطِيُّ ويَقُولُ: يا وَاسِطِيُّ، وفي المُعْجَم: يا كِرْشِيُّ فَمَنْ رَفَع رَأْسَهُ أَخَذَهُ وحَمَلَهُ فَلِذلِكَ كانُوا يَتَغَافَلُون، انْتَهَى نَصُّ الصّحاح.
وَوَاسِطُ: قرية، قُرْبَ مَكَّةَ بِوَادِي نَخْلَةَ مُتَوَسِّطَةٌ، بَيْنَها وبَيْنَ بَطْنِ مَرٍّ، ذاتُ نَخِيلٍ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ وياقُوت.
ووَاسِطُ: قرية، ببَلْخَ، منها مُحَمَّد بنِ مُحَمَّد بنِ إِبْرَاهِيم، حَدَّثَ عن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ المُسْتَمْلِي، وعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بنُ أَحْمَدَ السَّرّاجِ، وبَشِيرُ ابنُ مَيْمُون أَبو عَصيْفِيٍّ عَنْ عُبَيْدٍ المُكْتِبِ، وعَنْهُ قُتَيْبَةُ المُحَدِّثان.
ووَاسِطُ: قرية، بِبَابِ نوقان طُوسَ، ويُقَالُ لَهَا وَاسِطُ اليَهُودِ، ومنها مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْن الإِمَام أَبُو بَكْرِ الوَاعِظُ المُحَدِّثُ الفَرَضِيُّ، رَوَى عن أَبِي القاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بنِ الحُسَيْنِ الفَرَائضيَ، وَعَنْهُ أَبُو سَعْدِ بنُ السَّمْعَانيِّ.
ووَاسِطُ: قرية، بحَلَبَ قُرْبَ بُزِاعَةَ مَشْهُورَة، وبقُرْبِها قَرْيَةٌ أُخْرَى تُسَمَّى الكُوفَة. نقله ياقوت هكَذَا.
ووَاسِطُ: قرية، بالخابُورِ قُرْبَ قَرْقِيساء، قال ياقُوت: وإِيّاهَا عَنَى الأَخْطَلُ فيمَا أَحسب لأَنَّ الجزيرة مَنازِلُ بَنِي تَغْلب:
عَفَا وَاسِطٌ من أَهْلِ رَضْوَى ونَبْتَلُ
ووَاسِطُ: قَرْيَتَانِ بالمَوْصِلِ، إِحْدَاهُما: بالفَرْجِ مِنْ نَوَاحِي المُوْصِلِ، والثّانيةُ: شَرْقِيِّ دِجْلة المَوْصِلِ، بَيْنَهُمَا مِيلانِ، ذاتُ بَساتِينَ كَثِيرَةٍ.
ووَاسِطُ: قرية، بدُجَيْلٍ، عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ بَغْدَادَ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ ويَاقُوت هكَذَا، مِنْهَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ العَطَّارُ المُحَدِّثُ الحَرْبِيُّ ثُمَّ الوَاسِطِيُّ، مِنْ وَاسِطِ دُجَيْلٍ، رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ ناصِرٍ السَّلَامِيّ، وعَنْهُ ابنُ نُقْطَةَ.
ووَاسِطُ: قرية، بالحِلَّة المَزْيَدَيَّةِ، قُرْبَ مُطَيْراباذَ، يُقَالُ لَهَا: وَاسِطُ مَرْزاباذَ، منها أَبو النَّجْمِ عِيسَى بنُ فَاتِكٍ الوَاسِطِيُّ الشاعِرُ. ومن شِعْرِهِ:
وَما عَلَى قَدْرِه شَكَرْتُ لَهُ *** لكِنَّ شُكْرِي لَهُ عَلَى قَدْرِي
لِأَنّ شُكْرِي السُّهَى وأَنْعَمُهُ الْ *** بَدْرُ وأَيْنَ السُّهَى مِنَ البَدْرِ
وواسط: قرية، باليَمَن، بالقُرْب من زَبِيدَ، قُرْبَ العَنْبَرَةِ، ومِنْهَا خَرَجَ عَلِيُّ بن مَهْدِيٍّ المُسْتَوْلِي عَلَى اليَمِنٍ.
ووَاسِط: موضع، بَيْنَ العُذَيْبَةِ والصَّفْرَاءِ، وبِهِ فَسَّرَ ابنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ كُثَيِّر:
فإِذا غَشِيتُ لَها ببُرْقَةِ واسِطٍ *** فِلوَى كُتَيْنَةَ مَنْزِلًا أَبْكَانِي
ووَاسِط: موضع، لبني قُشَيْر لِبَنِي أُسَيْدَةَ، وهُمْ بَنُو مالِكِ بنِ سَلَمَةَ بن قُشَيْرٍ.
ووَاسِط: موضع، لبَنِي تَمِيمٍ نَقَلَهُ ياقُوتٌ عن العمرانيِّ.
قال: وهو المُرَاد في قول ذي الرُّمَّة.
ووَاسِط: بلد، بالأَنْدَلُس من أَعْمَالِ قَبْرَةَ، ذَكَرَهُ ياقُوتُ والصّاغَانِيُّ. منه أَبو عُمَرَ أَحمدُ بنُ ثابِت بن أَبِي الجَهْمِ الوَاسِطِيُّ، سَكَنَ قُرْطُبةَ، رَوَى عن أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصيلِيِّ، وتُوُفِّيَ سنة 437 ذَكَرَهُ ابنُ بَشْكُوال.
ووَاسِطُ: قرية، باليَمَامَةِ، قالَهُ أَبُو النَّدَى، ونَقَلَهُ عنه الأَسْوَدُ. قَالَ: وإِيّاهَا عَنَى الأَعْشَى في شِعْرِهِ.
ووَاسِطُ: حِصْنٌ لِبَنِي السُّمَيْرِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لِهذا الحِصْنِ مَجْدَلٌ. قال أَبو عُبَيْدَةَ: وإِيّاهُ عَنَى الأَعْشَى:
فِي مَجْدَلٍ شَيَّدَ بُنْيَانَهُ *** يَزِلّ عَنْهُ ظُفُرُ الطّائِرِ
ووَاسِط: قرية، بنَهْرِ المَلِكِ، وهي وَاسِطُ العِرَاق، ذَكَرَها أَبُو النَّدَى.
ووَاسِط: جَبَلٌ أَسْفَلَ مِنْ جَمْرَةِ العَقَبَةِ بين المَأْزِمَيْنِ، إِذا ذَهَبْتَ إِلَى مِنًى، كَانَ يَقْعُدُ عِنْدَهُ المَسَاكِينُ قالَهُ الحُمَيْديُّ، ونَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ عَنْهُ في الرَّوْضِ، وأَنْشَدَ قَوْلَ الحارِث بنِ مُضَاضٍ الجُرْهُمِيِّ:
ولَمْ يَتَرَبَّعْ وَاسِطًا وجنُوبَهُ *** إِلَى السِّرِّ من وَادِي الأَراكَةِ حاضِرُ
أَو وَاسِط: اسمٌ لِلْجَبَلَيْنِ اللَّذِيْنِ دُونَ العَقَبَةِ. قالَهُ مُحَمَّد بنُ إِسْحاقَ الفاكِهِيِّ في «تَارِيخِ مَكَّة». وقال بَعْضُ المَكِّيّين: بَلْ تِلْكَ الناحِيَةُ مِنْ بِرْكَةِ القَسْرِيّ إِلى العَقَبَةِ تُسَمَّى وَاسِطَ المُقِيمِ.
والوَاسِطُ: البابُ، هُذَلِيَّةٌ.
ووَسَطَهُمْ، كوَعَدَ، وَسْطًا، بالفتْحِ وسِطَةً، كعِدَةٍ: جَلَسَ وَسْطَهُمْ؛ أَي بَيْنَهُمْ، كتَوَسَّطَهُمْ، ويُقَالُ أَيضًا: وَسَطَ الشَّيْءَ وتَوَسَّطَهُ: صارَ في وَسَطِهِ.
وهو وَسِيطٌ فِيهِمْ، أَيْ أَوْسَطُهُم نَسَبًا وأَرْفَعُهُمْ مَحَلًّا، كَذا في النُّسَخِ. وفي بَعْضِ الأَصُولِ مَجْدًا. قال العَرْجِيُّ، وهُوَ عَبْدُ الله بنُ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ:
كَأَنِّي لَمْ أَكُنْ فِيهِمْ وَسِيطًا *** ولَمْ تَكُ نِسْبَتِي فِي آل عَمْرِو
وقال اللَّيْثُ: فُلانٌ وَسِيطُ الدّارِ والحَسَبِ في قَوْمِهِ، وقد وَسُطَ وَسَاطَةً وسِطَةً، ووَسَّطَ تَوْسِيطًا، وأَنْشَدَ:
وَسَّطْتُ مِنْ حَنْظَلَةَ الأُصْطُمَّا
والوَسِيطُ: المُتَوَسِّطُ بَيْنَ المُتَخَاصِمَيْنِ. وفي العُبَابِ: بَيْنَ القَوْمِ.
والوَسُوطُ، كصَبُورٍ: بَيْتٌ من بُيُوتِ الشَّعَرِ أَكْبرُ من المَظَلَّةِ وأَصْغَرُ من الخِبَاءِ، أَوْ هُوَ أَصْغَرُها.
ويقال: الوَسُوطُ: النَّاقَةُ تَمْلأُ الإِناءَ، مِثْلُ الطَّفُوفِ، جَمْعُه وُسُطٌ، بضَمَّتَيْن، نَقَلَه الصّاغَانيُّ.
وقِيلَ: هي الَّتِي تَحْمِل على رُؤُوسَها وظُهُورِها، صِعابٌ لا تُعْقَل ولا تُقَيَّد، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ أَيْضًا. وقِيلَ: هِيَ التي تَجُرُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بَعْدَ السَّنَةِ، هذِه عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، قال: فَأَمَّا الجَرُورُ فَهِي الَّتِي تَجُرُّ بَعْد السَّنَةِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ. وقد ذُكِرَ في مَوْضِعهِ.
ووَسْطَانُ: د، للأَكْرَادِ، لَمْ يَذْكُرْهُ ياقُوتٌ في مُعْجَمِهِ ولا الصّاغَانِيُّ، وإِنَّمَا ذَكَرَ ياقُوتٌ وَسْطَان: مَوْضِعٌ في قَوْلِ الهُذَلِيّ يَأْتِي في المُسْتَدْرَكَات.
ووَسَطٌ، مُحَرَّكَةً: جَبَلٌ ضَخْمٌ على أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَرَاءَ ضَرِيَّةَ، وفي التَّكْمِلَةِ: عَلَمٌ لِبَنِي جَعْفَرَ بنِ كِلابٍ.
ودَارَةُ وَاسِطٍ: موضع هُوَ جَبَلٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ ضَرِيَّةَ، وقد ذُكِرَ في الدَّاراتِ.
ووَسَطُ الشَّيْءِ، مُحَرَّكَةً: ما بَيْنَ طَرَفَيْهِ، قالَ:
إِذا رَحَلْتُ فاجْعَلُونِي وَسَطًا *** إِنِّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنَّدَا
أَيْ اجْعَلُونِي وَسَطًا لَكُمْ، تَرْفُقُونَ بِي وتَحْفَظُونَنِي، فإِنّي أَخافُ ـ إِذا كُنْتُ وَحْدِي مُتَقَدِّمًا لَكُمْ، أَو مُتَأَخِّرًا عَنْكُمْ ـ أَنْ تَفْرُطَ دَابَّتِي أَوْ ناقَتِي فَتَصْرَعَنِي. كأَوْسَطِه، وهو اسْم كأَفْكَل وأَزْمَل، فإِذا سُكِّنَت السِّينُ مِنْهَا كَانَتْ ظَرْفًا.
وفي الصّحاح، يُقَالُ: جَلَسْتُ وَسْطَ القَوْمِ، بالتَّسْكِينِ، لأَنَّهُ ظَرْفٌ، وجَلَسْتُ وَسَطَ الدّارِ، بالتَّحْرِيك، لأَنَّهُ اسْمٌ.
وللشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ بَرِّيٍّ ـ رَحِمَهُ الله تَعَالَى ـ هُنَا كَلامٌ مُفِيدٌ لا يُسْتَغْنَى عَنْ إِيرادِهِ كُلِّه، لحُسْنِهِ، قال: «اعْلَمْ أَنَّ الوَسَطَ، بالتَّحْرِيكِ: اسمٌ لِمَا بَيْنَ طَرَفَي الشَّيْءِ، وهُوَ مِنْهُ، كقَوْلِكَ: قَبَضْتُ وَسَطَ الحَبْلِ، وكَسَرْتُ وَسَطَ الرُّمْحِ، وجَلَسْتُ وَسَطَ الدّارِ، ومِنْهُ المَثَلُ: «يَرْتَعِي وَسَطًا ويَرْبِضُ حَجْرَةٍ» أَيْ يَرْتَعِي أَوْسَطَ المَرْعَى وخِيَارَهُ ما دامَ القَوْمُ في خَيْرٍ، فإِذا أَصابَهُمْ شَرُّ اعْتَزَلَهُمْ، ورَبَضَ حَجْرَةً، أَيْ ناحِيَةً مُنْعَزِلًا عنهم. وجاءَ الوَسَطُ مُحَرَّكًا أَوْسَطُه على وِزانٍ يقتضِيه في المَعْنَى وهو الطَّرَفُ؛ لأَنَّ نَقِيضَ الشَّيْءِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ نَظِيرِه في كَثِيرٍ من الأَوْزَانِ، نَحْوُ: جَوْعَان وشَبْعان، وطَوِيلٍ وقَصِير. قال: ومِمّا جاءَ عَلَى وِزَانِ نَظِيرِهِ قَوْلُهم: الحَرْدُ، لِأَنّه عَلَى وِزَانِ القَصْدِ، والحَرَدُ لأَنَّهُ عَلَى وِزَانِ نَظِيرِهِ وهُوَ الغَضَبُ. يُقَالَ: حَرَدَ يَحْرِد حَرْدًا، كما يُقَالُ: قَصَدَ يَقْصِدُ قَصْدًا. ويُقَالُ: حَرِدَ يَحْرَدُ حَرَدًا كَما يُقَالُ: غَضِبَ يَغْضَبُ غَضَبًا. وقالُوا: العَجْمُ، لأَنَّهُ على وِزانِ العَضِّ، وقالُوا: العَجَمُ لِحَبّ الزَّبِيبِ وغَيْرِه، لأَنّهُ وِزَانُ النَّوَى. وقالُوا: الخِصْبُ والجَدْب لِأَنَّ وِزَانَهُمَا العِلْمُ والجَهْلُ، لِأَنَّ العِلْمَ يُحْيِي الناسَ كما يُحْيِيهِمُ الخِصْبُ.
والجَهْلَ يُهلِكهم كما يُهْلِكُهم الجَدْبُ. وقالُوا المَنْسِرُ لِأَنَّهُ عَلَى وِزَانِ المَنْكِب. وقالوا: المِنْسَرُ، لِأَنَّهُ [على] وِزانَ المِخْلَبِ. وقالُوا: أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ: إِذا أَرْسَلْتَها في البِئْرِ، ودَلَوْتُهَا: إِذا جَذَبْتَها، فجاءَ أَدْلَى على مثال أَرْسَلَ، ودَلَا عَلَى مِثَالِ جَذَبَ قال: فبِهذَا تَعْلَمُ صِحّةَ قَوْلِ مَنْ فَرَقَ بَيْنَ الضَّرِّ والضُّرِّ، ولَمْ يَجْعَلْهُما بمَعْنًى، فقالَ الضَّرُّ: بإِزاءِ النَّفْعِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ، والضُّرُّ بإِزَاءِ السُّقْمِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُهُ في المَعْنَى، وقالُوا: فَادَ يَفِيدُ، جاءَ عَلَى وزانِ مَاسَ يَمِيسُ، إِذا تَبَخْتَرَ، وقَالُوا: فادَ يَفُودُ على وِزَانِ نَظِيرِه، وهو ماتَ يَمُوتُ، والنَّفَاقُ في السُّوقِ جاءَ على وَزْنِ الكَسَادِ..
والنِّفاقُ في الرَّجُلِ جاءَ على وِزَانِ الخِدَاعِ. قالَ: وهذا النَّحْوُ في كَلامِهِم كَثِيرٌ جِدًّا».
قال: «واعْلَمْ أَنَّ الوَسَطَ قَدْ يَأْتِي صِفَةً وإِنْ كانَ أَصْلُه أَنْ يَكُونَ اسْمًا من جِهَةِ أَنَّ أَوْسَطَ الشَّيْءِ أَفْضَلُه وخِيَارُه، كوَسَطِ المَرْعَى خَيْرٌ مِنْ طَرَفَيْهِ، وكوَسَطِ المَرْعَى خَيْرٌ مِنْ طَرَفَيْهِ، وكوَسَطِ الدَّابَّة للرُّكُوبِ خَيْرٌ من طَرَفَيْهَا لِتَمَكُّنِ الرّاكِبِ. ومنه الحَدِيثُ: «خِيَارُ الأَمُورِ أَوْسَاطُها». وقول الراجز:
إِذا رِكِبْتُ فاجْعَلانِي وَسَطًا
فَلَمَّا كانَ وَسَطُ الشَّيْءِ أَفْضَلَهُ وأَعْدَلَهُ جازَ أَنْ يَقَعَ صفة، وذلِكَ مِثْلُ قَوْلِه تَعالَى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً} وَسَطًا أَيْ عَدْلًا، فهذَا تَفْسِيرُ الوَسَطِ وحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ، وأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طَرَفَيِ الشَّيْءِ وهو مِنْهُ».
أَو هُمَا فِيمَا هُوَ مُصْمَتٌ كالحَلْقَةِ مِنَ النَّاسِ والسُّبْحَةِ والعِقْدِ فإِذا كانَتْ أَجْزَاؤُه مُتَبَايِنَةً فبالإِسْكَانِ فَقَط، والَّذِي حُكِيَ عن ثَعْلَبٍ: وَسَطُ الشَّيْءِ بالفَتْحِ إِذا كَانَ مُصْمَتًا، فإِذا كانَ أَجْزَاءً مُتَخَلْخِلَةً فهُوَ وَسْطٌ، بالإِسْكَانِ لا غَيْرُ، فتَأَمَّلْ.
أَو كُلُّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فهُوَ وَسْطٌ، بالتَّسْكِينِ، وإِلاَّ فبِالتَّحْرِيكِ، وهذا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. قال: ورُبَّمَا سُكِّنَ ولَيْسَ بالوَجْهِ، كقوْلِ الشّاعِرِ، وهو أَعْصُرُ بنُ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلانَ:
وقَالُوا يَالَ أَشْجَعَ يَوْم هَيْجٍ *** ووَسْطَ الدّارِ ضَرْبًا واحْتِمَايًا
قال ابنُ بَرِّيّ: وأَمّا الوَسْطُ، بسُكُونِ السِّين، فهُوَ ظَرْفٌ لا اسْمٌ، جَاءَ على وِزانِ نَظِيرِهِ في المَعْنَى وهُوَ بَيْنَ، تَقُولُ: جَلَسْتُ وَسْطَ القَوْم؛ أَي بَيْنَهُمْ. ومنه قَوْلُ أَبي الأَخْزَرِ الحِمّانيّ:
سَلّومَ لو أَصبَحْتِ وَسْطَ الأَعْجَمِ
أَي بَيْنَ الأَعْجَمِ.
وقال آخَرُ:
أَكْذَبُ من فاخِتَةٍ *** تَقُولُ وَسْط الكَرَبِ
والطَّلْعُ لَمْ يَبْدُ لَهَا *** هَذا أَوانُ الرُّطَبِ
وقال سَوَّارُ بنُ المُضرّب:
إِنّي كَأَنِّي أَرَى مَنْ لا حَياءَ لَهُ *** ولا أَمانَةَ وَسْطَ النّاسِ عُرْيَانَا
وفي الحَدِيثِ: «أَتَى رَسُولُ الله صلى الله عليهوسلم وسْطَ القَوْمِ» أَيْ بَيْنَهُمْ. ولَمّا كانَتْ «بَيْنَ» ظَرْفًا، كانت «وَسْطَ» ظَرْفًا ولِهذَا جاءَتْ سَاكِنَةَ الأَوْسَطِ لِتَكُونَ على وِزَانِهَا، ولَمّا كانَتْ بَيْنَ لا تَكُونُ بَعْضًا لِمَا يُضَافُ إِلَيْهَا بخِلافِ الوَسَطِ الَّذِي هو بَعْضُ ما يُضَافُ إِلَيْه، كَذلِكَ وَسْط لا تَكُونُ بَعْضَ ما تُضَافُ إِلَيْه، أَلا تَرَى أَنَّ وَسَطَ الدّارِ مِنْهَا، ووَسْط القَوْمِ غَيْرُهم؟ ومِنْ ذلِكَ قَوْلُهم: وَسَطُ رَأْسِه صُلْبٌ، لأَنَّ وَسَطَ الرّأْسِ بَعْضُها، وتَقُولُ: وَسْطَ رَأْسِهِ دُهْنٌ. فتَنْصِبُ وَسْطَ على الظَّرْفِ.
ولَيْسَ هو بَعْضَ الرَّأْسِ. فقَدْ حَصَلَ لَكَ الفَرْقُ بَيْنَهُما من جِهَةِ المَعْنَى، ومِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ. أَمَّا من جِهَةِ المَعْنَى، فإِنَّهَا تَلْزَمُ الظَّرْفِيَّةَ، ولَيْسَتْ باسْمٍ مُتَمَكِّنٍ يَصِحُّ رَفْعُهُ ونَصْبُه، عَلَى أَنْ يَكُونَ فاعِلًا ومَفْعُولًا، وغَيْرَ ذلِكَ بِخلافِ الوَسَطِ.
وأَمَّا من جِهَةِ اللَّفْظِ فإِنَّهُ لا يَكُونُ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهِ، بِخِلافِ الوَسَطِ أَيْضًا. فإِنْ قُلْتَ: قَدْ يَنْتَصِبُ الوَسَطُ عَلَى الظَّرْفِ، كما يَنْتَصِبُ الوَسْط كقَوْلِهِم: جَلَسْتُ وَسَطَ الدّارِ، وهُوَ يَرْتَعِي وَسَطًا، ومِنْهُ ما جاءَ في الحَدِيثِ: «أَنَّهُ كانَ يَقِفُ في الجَنَازَةِ عَلَى المَرْأَةِ وَسَطَهَا» فالجَوَابُ أَنَّ نَصْبَ الوَسَطِ على الظَّرْفِ إِنَّمَا جاءَ عَلَى جِهَةِ الاتِّساعِ، والخُرُوجِ عَنِ الأَصْلِ عَلَى حَدِّ ما جَاءَ «الطَّرِيق» ونَحْوهُ، وذلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ:
كَما عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ
ولَيْسَ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِ عَلَى مَعْنَى بَيْنَ كَمَا كانَ ذلِكَ فِي وَسْط، أَلا تَرَى أَنَّ وَسْطًا لَازِمٌ للظَّرْفِيّة، ولَيْسَ كَذلِكَ وَسَطٌ؟ بَلِ الّلازِمُ لَهُ الاسْمِيَّة في الأَكْثَرِ والأَعَمِّ، ولَيْسَ انْتِصَابُه عَلَى الظَّرْفِ ـ وإِنْ كانَ قَلِيلًا في الكَلامِ ـ عَلَى حَدِّ انْتِصَابِ الوَسْطِ فِي كَوْنِهِ بِمَعْنَى بَيْنَ، فافْهَم ذلِكَ.
قال: واعْلَمْ ـ أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ عَلَى «وَسْط» حَرْفُ الوِعَاءِ ـ خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ ورَجَعُوا فِيه إِلَى وَسَط، ويَكُونُ بمَعْنَى وَسْط، كقَوْلِكَ: جَلَسْتُ فِي وَسَطِ القَوْمِ. وفي وَسَطِ رَأْسِه دُهْنٌ. والمَعْنَى فِيهِ مَعَ تَحَرُّكِهِ، كمَعْناهُ مَعَ سُكُونِهِ، إِذا قُلْتَ: جَلَسْتُ وَسْطَ القَوْمِ ووَسْطَ رَأْسِهِ دُهْنٌ، أَلَا تَرَى أَنّ وَسْطًا يَلْزَمُ الظَّرفِيّة، ولا يَكُونُ إِلاَّ اسْمًا، فاسْتُعِيرَ لَهُ إِذا خَرَجَ عَنِ الظَّرْفِيّة الوَسَطُ على جِهَةِ النِّيَابَةِ عَنْه، وهو في غَيْرِ هذَا مُخَالِفٌ لِمَعْنَاهُ. وقد يُسْتَعْمَلُ الوَسْطُ الَّذِي هو ظَرْفٌ اسْمًا ويُبَقَّى عَلَى سُكُونه، كما اسْتَعْمَلْوا بَيْنَ اسْمًا عَلَى حكمِهَا ظَرْفًا في نَحْوِ قَوْلِه تَعالَى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ:
مِنْ وَسْطِ جَمْعِ بَنِي قُرَيْظٍ بَعْدَما *** هَتَفَتْ رَبِيعَةُ يا بَنِي خَوَّارِ
وقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:
وَسْطُهُ كاليَراعِ أَوْ سُرُجِ المَجْ *** دَلِ، حِينًا يَخْبُو، وحِينًا يُنِيرُ
انتهى كَلامُ ابن بَرِّيّ.
وقال ابنُ الأَثِيرِ ـ في تَفْسِيرِحَدِيثِ: «الجالِسُ وَسْطَ الحَلْقَةِ مَلْعُونٌ» ـ ما نَصُّهُ: الوَسْط «بالتَّسْكِينِ» يُقالُ فِيما كانَ مُتَفَرِّقَ الأَجْزَاءِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ، كالنّاسِ والدَّوَابِّ وغَيْرِ ذلِكَ، فإِذا كانَ مُتِّصِلَ الأَجْزَاءِ كالدّارِ والرَّأْسِ فهو بالفَتْحِ. وكُلُّ ما يَصْلُحُ فِيهِ «بَيْن» فَهُوَ بالسُّكُونِ، وما لا يَصْلُحُ فِيهِ «بَيْنَ» فَهُوَ بالفَتْحِ. وقِيلَ: كُلُّ مِنْهُما يَقَعُ مَوْقِعَ الآخَرِ، قالَ: وكَأَنَّه الأَشْبَهُ. قالَ: وإِنَّمَا لُعِنَ الجَالِسُ وَسْطَ الحَلْقَةِ لأَنَّهُ لا بُدَّ وأَنْ يَسْتَدْبِرَ بَعْضَ المُحِيطِين بِهِ، فَيُؤْذَيهِمْ، فيَلْعَنُونَهُ ويَذُمُّونَهُ.
قُلْتُ: هذا خُلاصَةُ ما ذَكَرَهُ الأَئِمَّةُ في الفَرْقِ بَيْنَ وَسْط ووَسَطَ. وكلامُ اللَّيْثِ يَقْرُبُ مِنْ كَلامِ الجَوْهَرِيِّ. وكَلامُ المُبَرِّد يَقْرُبُ مِنْ كَلامِ ابنِ بَرّيّ، أَعْرَضْنا عَنْ إِيرادِ نُصُوصِهِم كُلِّهَا مَخافَةَ التَّطْوِيلِ، وفِيما ذَكَرْناهُ كِفَايَةٌ، وإِلَى تَحْقِيق ما سَطَّرْنَاه النِّهَايَة. وقَدِيمًا كُنْتُ أَسْمَعُ شُيُوخَنَا يَقُولُون في الفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَلامًا شَامِلًا لِما ذَكَرُوهُ وهو: السَّاكِنُ مُتَحَرِّكٌ، والمُتَحَرِّكُ ساكِنٌ، وما فَصَّلْناه مُدْرَجٌ تَحْتَ هذا الكامِنِ. وقال الصَّفَدِيُّ في تارِيخه: أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ جَمَالُ الدّين يوسُفُ ابنُ محمد العُقَيْلِيِّ السُّرَّمَرِّيُّ لِنَفْسِهِ:
فَرْقُ مَا بَيْنَهُمْ وَسَطَ الشّيْءِ *** وَوَسْطَ تَحْرِيكًا أَوْ تَسْكِينًا
مَوْضِعٌ صَالِحٌ لِبَيْنَ فَسَكِّنْ *** ولِفِي حَرِّكَنْ تَرَاهُ مُبِينًا
كجَلَسْتُ وَسْطَ الجَمَاعَةِ إِذْ هُمْ *** وَسَطَ الدّارَ كُلُّهُم جالِسينَا
والله أَعْلَم وبِهِ نَسْتَعِينُ.
ويُقَالُ: صارَ الماءُ وَسِيطَةً: إِذَا غَلَبَ عَلَى الطِّينِ، كَذَا في الأُصُولِ، والَّذِي حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ؛ أَي غَلَبَ الطِّينُ على الماءِ.
والوُسْطَى من الأَصَابعِ: م، أَيْ مَعْرُوفَةٌ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والصَّلاةُ الوُسْطَى المَذْكُورَة في التَّنْزِيل العَزِيز وهو قَولُه تَعالَى: {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ} الْوُسْطى لأَنَّها وَسَطٌ بَيْنَ صَلَاتيِ اللَّيْلِ والنَّهَارِ. ولِهذَا المَعْنَى وَقَعَ الاخْتِلافُ في تَعْيِينِهَا، فَقِيلَ: إِنّهَا الصُّبْحُ، وهُوَ قَوْلُ علِيِّ بنِ أَبِي طالِبٍ، في رِوَايَةٍ عنه، وابْنِ عَبْاسٍ «أَخْرَجَهُ في المُوَطَّإِ بَلاغًا» وأَخْرَجَهُ التِّرْمِذيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ وابْنِ عُمَرَ تَعْلِيقًا. ورُوِيَ عن جابِرٍ وابن مُوسَى وجَمَاعَةٍ من التَّابِعِينَ. وإِلَيْه مَيْلُ الإِمامُ مالِك، وصَحَّحَه جَماعةٌ من أَصْحابِهِ، وإِلَيْه مَيْلُ الشافِعيِّ فِيما ذَكَرَ عنه القُشَيْرِيُّ، أَو الظُّهْرُ، وهوَ قَوْلُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ، وأَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وعَبْدِ الله بنِ عُمَرَ، وعائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهُمْ، أَو العَصْرُ، وهُوَ قَوْلُ عليِّ بن أَبِي طالِبٍ في رِوَايَةٍ، وابْنِ عَبّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، في رِوَايَةٍ عَنْهُمَا وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ وعائِشَةَ، وحَفْصَةَ، وأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ الله عَنْهُم، وجَمَاعَةٍ من التّابِعِينَ مِنْهُم الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وهو اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ وأَصْحَابِهِ، وقَالَهُ الشافِعِيُّ وأَكْثَرُ أَهْلِ الأَثَرِ، وهُوَ رِوايَةٌ عَنْ مالِكٍ وصَحَّحَه عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيبٍ، واخْتَارَهُ ابنُ العَرَبِيِّ في قَبَسِهِ، وابنُ عَطِيَّةَ في تَفْسِيرِهِ، وصَحَّحَهُ الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ، أَو المَغْرِبُ، قالَه قَبِيصَةُ بنُ ذُؤَيْب ومَكْحُولٌ، أَو العِشَاءُ حَكاهُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبدِ البَرِّ عن جَماعَةٍ، أَو الوِتْر، نَقَلَه الحافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ، واختاره السَّخاوِيُّ المقرئُ، أَو الفِطْرُ، نَقَلَهُ الحافِظُ الدِّمْياطِيُّ، أَو الأضْحى، نقله الحافظ الدمياطي، أَو الضُّحَى حَكاه بَعْضُهُم وتَرَدَّد فِيهِ، أَو الجَمَاعَةَ نَقَلَهُ الحافِظُ الدّمْيَاطِيُّ، أَو جَمِيعُ الصَّلَواتِ المَفْرُوضاتِ وهُوَ قَولُ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، نَقَلَهُ القُرْطُبِيُّ، أَو الصُّبْحُ والعَصْرُ مَعًا، قَالَهُ أَبو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ.
أَوْ صَلاةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَة، وهُوَ قَوْلُ نافِعٍ والرَّبِيعِ بن خُثَيْمٍ، أَو العِشَاءُ والصُّبْحُ مَعًا، رُوِيَ ذلِكَ عَنْ عُمَرَ، وعُثْمانَ، أَو صَلَاةُ الخَوْفِ، نَقَلَهُ الحَافِظُ الدّمْيَاطِيُّ، أَو الجُمْعَةُ في يَوْمِها، وفي سائِرِ الأَيّامِ الظُّهْرُ، رُوِيَ ذلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، نَقَلَهُ ابنُ حَبِيب، أَو المُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الطُّولِ والقِصَرِ، وهذا القَوْلُ قَدْ رَدَّهُ أَبُو حَيَّانَ في البَحْرِ، أَوْ كُلُّ مِنَ الخَمْسِ لِأَنَّ قَبْلَهَا صَلاتَيْنِ وبَعْدَهَا صَلاتَيْن.
قال شَيْخُنا: وحَاصِلُ ما عُدَّ مِنَ الأَقْوَال تِسْعَةَ عَشَر قَوْلًا، والمَسْأَلَةُ خَصَّها أَقْوَامٌ من المُحَدِّثِينَ والفُقَهاءِ وغَيْرِهِمْ بالتَّصْنِيفِ، واتَّسَعَتْ فيها الأَقْوَالُ وزادَتْ على أَرْبَعِينَ قَوْلًا، فما هذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَافِيًا ولا بالنِّصْفِ مِنْهَا، مع أَنَّهُمْ عَزَوا الأَقْوَال لِأَرْبابِهَا، واعْتَنَوْا بِفَتْحِ بابِها. وصَحَّحَ أَرْبَابُ التَّحْقِيقِ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ، كلَيْلَةِ القَدْرِ، والاسْمِ الأَعْظَم، وساعَةِ الجُمُعَةِ ونَحْوِها، مِمّا قُصِدَ بإِبهامِها الحَثُّ والحَضُّ والاعْتِنَاءُ بِتَحْصِيلها، لِئَلاّ يُتْرَكَ شَيْءٌ مِنْ أَنْظَارِهَا. وأَنْشَدَ شَيْخُنَا الإِمامُ أَبو عَبْدِ الله مُحمَّدُ بنُ المسناويِّ رَضِيَ الله عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ:
وأُخْفِيَتِ الوُسْطَى كساعَةِ جُمْعَةٍ *** كَذَا أَعْظَمُ الأَسْمَاءِ مَعْ لَيْلَةِ القَدْرِ
ولَمْ يَلْتَفِتِ العارفُونَ المُتَوَجِّهُونَ إِلَى الله تَعَالَى إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ، وأَخَذُوا في الجِدِّ والاجْتِهادِ، نَفَعَنا الله بِهِمْ.
قُلْتُ: ولِكُلِّ قَوْلٍ مِنْ هذِهِ الأَقْوَالِ المَذْكُورَةِ دَلِيلٌ وتَوْجِيهٌ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّه، وأَقْوَى الأَقْوَال ثَلاثةٌ: العَصْرُ، والصُّبْحُ، والجُمُعَةُ، كما في البصائِر.
قال ابنُ سِيدَه في المُحْكَم: مَنْ قَالَ هِيَ غَيْرُ صَلاةِ الجُمُعَةِ فقَدْ أَخْطَأَ، إِلاَّ أَنْ يَقُولَهُ بِرِوَايَةٍ مُسْنَدَةٍ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليهوسلم، انْتَهَى. وعَلَّلها بكَوْنِها أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ، قِيلَ لا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُه صلى الله عليهوسلم في يَوْمِ الأَحْزَابِ: «شَغَلُونا عَن الصَّلاةِ الوُسْطَى صَلاةِ العَصْرِ مَلَأ الله بُيُوتَهُمْ وقُبُورهُمْ نَارًا» لِأَنَّه لَيْسَ المُرادُ بِهَا في الحَدِيثِ المَذْكُورَةَ في التَّنْزِيلِ أَي أَنّ المَذْكُورَةَ في الحَدِيثِ لَيْس المُرَادُ بِهَا المَذْكُورةَ في التَّنْزِيل، أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا غَيْرُهَا، وهُوَ كَلامٌ غَيْرُ ظاهِرٍ، ولا مُعَوَّلَ عَلَيْه، فإِنّ الآيَاتِ تُفسِّرُها الأَحَادِيثُ ما أَمْكَن، كالعَكْس، ولا يَجُوز لأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ في آيَةٍ وَقَعَ فِيهَا نَصٌّ من السَّلَفِ، ولا في حَدِيثٍ وَافَقَ آيَةً، وصَرَّح السَّلَفُ بِأَنَّهَا تُوافِقُه أَو وَرَدَتْ فِيهِ، أَو نَحْو ذلِكَ، كَمَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا. ثُمَّ إِنَّ الحَدِيثَ المَذْكُورَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، ويعضدُه حَدِيثٌ آخَرُ أَنَّهَا الصّلاةُ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السّلامُ {حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ}، وأَوْرَدَ مُلاّ عَلِيٍّ في نَامُوسِه كَلامًا قد ذَكَرَ حاصِلَهُ، واسْتَدَلَّ بِهذَا الحَدِيثِ، وبِمَا في مُصْحَفِ حَفْصَةَ، وذَكَرَ شَيْخُنَا الإِجْمَاعَ مِنْ أَهْلِ الحَدِيهث على أَنَّهَا صَلاةُ العَصْرِ، كما أَشَرْنَا إِلَيْه. فَتَأَمَّلْ، والله أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وقد أَفْرَدْتُ في هذِهِ المَسْأَلَةِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً، جَلَبْتُ فِيهَا نُصُوصَ العُلَمَاءِ والأَئمّةِ كالقُرْطُبِيِّ، وابْنِ عَطِيّةَ، والسُّلَمِيِّ، وأَبِي حَيّانَ، والنَّسَفِيِّ، والحَافِظِ الدّمْيَاطِيِّ، والبِقَاعِيِّ، وغَيْرِهم، فراجِعْها.
ووَسَّطَهُ تَوْسِيطًا: قَطَعَهُ نِصْفَيْن، يُقَالُ: قُتِلَ فُلانٌ مُوَسَّطًا. أَو وَسَّطَهُ: جَعَلَه فِي الوَسَطِ، ومِنْهُ قِرَاءَةُ بَعْضِهِم: فَوَسَّطْنَ به جَمْعًا قال ابنُ بَرِّيّ: هذِه القِرَاءَة تُنْسَب إِلَى عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهَه، وإِلى ابنِ أَبِي لَيْلَى، وإِبْرَاهِيمَ بنِ أَبِي عَبْلَةَ. قُلْتُ: وعَمْرِو بنِ مَيْمُونَ، وزَيْدِ بنِ عَلِيٍّ. وأَبي حَيْوَةَ، وأَبي البَرَهْسَمِ، والباقُونَ بالتَّخْفِيفِ.
وتَوَسَّطَ بَيْنَهُمْ: عَمِلَ الوَساطَةَ.
وتَوَسَّطَ أَخَذَ الوَسَطَ، وهو بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ. قال ابْنُ هَرْمَةَ يَصِف سَخاءَهُ:
واقْذِفْ بِحَبْلِكَ حَيْثُ نالَ بِأَخْذِهِ *** مِنْ عُودِهَا واعْثَمْ ولا تَتَوَسَّطِ
ومُوسَطُ البَيْتِ، كمُكْرَمٍ: ما كانَ فِي وَسَطِهِ خَاصَّةً نَقَلَه ابنُ عَبَّادٍ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
الأَواسِطُ: جَمْع أَوْسَط، ومِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
شَهْمٌ إِذا اجْتَمَعَ الكُماةُ وأُلْهِمَتْ *** أَفْوَاهُها بأَواسِطِ الأَوْتَارِ
وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ وَاسِطًا على وَوَاسِطَ، فاجْتَمَعَتْ وَاوانِ، فَهَمَزَ الأُولَى.
ووَسَطَ الشَّيْءَ: صَارَ بأَوْسَطِهِ. قال غَيْلانُ بنُ حُرَيْثٍ:
وقد وَسَطْتُ مَالِكًا وحَنْظَلا *** صُيَّابَها والعَدَدَ المُجَلْجِلا
ووُسُوطُ الشَّمْس: تَوَسُّطُهَا السَّمَاءَ.
ووَاسِطَةُ القِلَادَةِ: الدُّرَّةُ الَّتِي في وَسَطِها، وهي أَنْفَسُ خَرَزِهَا.
ودِينٌ وَسُوطٌ، كصَبُورٍ: مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الغالِي والتّالِي.
ورَجُلٌ وَسِيطٌ؛ أَي حَسِيبٌ في قَوْمِهِ، ووَسُطَ في حَسَبِهِ وَسَاطَةً وسِطَةً، ووَسَّطَ تَوْسِيطًا.
ووَسَطَهُ: حَلَّ وَسَطَهُ، أَيْ أَكْرَمَهُ. قال:
يَسِطُ البُيُوتَ لِكَيْ تَكُونَ رَدِيَّةً *** مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ جَفْنَةُ المُسْتَرْفِدِ
ووَسَاطَةُ الدَّنانِيرِ: خِيَارُهَا.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ: وَاسِطُ: مَوْضِعٌ بنَجْدٍ.
ووَاسِطَةُ، «بالهَاءِ»: قَرْيَةٌ تَحْتَ المَوْصِلِ، وأُخْرَى في حَضْرَمَوْت، وأُخْرَى من قُرَى قَزْوِينَ. ومنها مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي الرَّبِيعِ الوَاسِطِيُّ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ في تارِيخِ قَزْوِينَ.
ووَاسِطُ: جَبَلٌ لِبَنِي عامِرٍ مِمّا يَلِي ضَرِيَّةَ، قِيلَ: هُوَ الَّذِي نُسِبَتْ إِلَيْهِ الدّارَةُ، وقِيلَ: غَيْرُهُ.
ووَاسِطُ: قَرْيَةٌ قُرْبَ مُطَيْرَ باذَ، وهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا المُصَنِّفُ بالقُرْبِ مِنَ الحِلَّةِ المَزْيَدِيَّة، وأُخْرَى بالقُرْبِ مِنَ الرَّقَّةِ، أَوَّلُ مَنِ اسْتَحْدَثَها هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، ومِنْها أَبُو سَعِيدٍ مَسْلَمَةُ ابنُ ثابِتٍ الخُرَاسانِيُّ، نَزِيلُ وَاسِطِ الرَّقَّةِ، حَدَّث عَنْ شريكٍ وغَيْرِهِ، وَوَلَدُه أَبُو عَلِيٍّ سَعِيدُ بنُ مَسْلَمَة، صاحِبُ تاريخِ الرَّقَّة، قال فيه: وهي قَرْيَةٌ غَرْبِيَّ الفُراتِ مُقَابِلَ الرَّقَّة؛ وقالَ أَبو حَاتِمٍ: وَاسِطُ بالجَزِيرَةِ، فالله أَعْلَم هِيَ هذِهِ أَو الَّتِي بقَرْقِيسَاء، أَوْ غَيْرهما.
وقال مُحَمَّدُ بنُ حَبِيبٍ ـ في شَرْحِ دِيوانِ كُثَيِّر عَزَّةَ في تَفْسِيرِ قَوْله:
فَوَاحَزَنِي لَمَّا تَفَرَّقَ وَاسِطٌ *** وأَهْلُ الَّتِي أَهْذِي بِهَا وأَحُومُ
إِنَّهَا قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الرَّقَّةِ.
قال ياقُوتٌ: هكَذَا قالَهُ، والظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاسِطُ نَجْدٍ أَو الحِجَازِ، والله أَعْلَم.
ووَسْطَانُ، بالفَتْحِ: مَوْضِعٌ في قَوْلِ الأَعْلَمِ الهُذَلِيِّ:
بذَلْتُ لهم بذِي وَسْطانَ جَهْدِي
ويُرْوَى شَوْطَان، كَذا نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ قُلت: وهكَذا هو في دِيوَانِ شِعْره ونَصُّه:
بَذَلْتُ لَهُمْ بِذِي شَوْطَانَ شَدِّي *** غَدَاتَئذٍ ولَمْ أَبْذُلْ قِتَالِي
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
70-تاج العروس (قطع)
[قطع]: قَطَعَه، كمَنَعَه، قَطْعًا، ومَقْطَعًا، كمَقْعَدٍ، وتِقِطّاعًا، بكَسْرَتَيْنِ مُشَدَّدَةَ الطّاءِ، وكَذلِكَ التِّنِبّالُ والتِّنِقّامُ، والتِّمِلّاقُ، هذِه المَصَادِرُ كُلُّهَا جاءَتْ على تِفِعّالٍ، كَمَا في العُبابِ. وفاتَه قَطِيعَةً وقُطُوعًا، بالضَّمِّ، ومن الأَخِيرِ قَوْلُ الشّاعِرِ:فما بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَبانَ سقابُهَا *** قُطُوعًا لِمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادِرِ
: أَبَانَهُ من بَعْضِه فَصْلًا، وقالَ الرّاغِبُ: القَطْعُ قد يكونُ مُدْرَكًا بالبَصَرِ، كقَطْعِ اللَّحْمِ ونحوِه، وقد يكونُ مُدْرَكًا بالبَصِيرَةِ، كقَطْعِ السَّبِيلِ، وذلك على وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُرَادُ به السَّيْرُ والسُّلُوكُ، والثّانِي يُرَادُ بهِ الغَصْبُ من المارَّةِ والسّالِكِينَ، كقَوْلهِ تَعَالَى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} سُمِّيَ قَطْعَ الطّرِيقِ، لأَنَّه يُؤَدِّي إلى انْقِطَاعِ النّاسِ عن الطَّرِيقِ، وسَيَأْتِي.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ النَّهْرَ قَطْعًا وقُطُوعًا بالضمِّ: عَبَرَهُ: كما في الصّحاح، واقْتَصَرَ علَى الأَخِيرِ من المَصَادِرِ أَو شَقَّهُ وجازَهُ، والفَرْقُ بين العُبُورِ والشَّقِّ: أَنَّ الأَوّلَ يَكُونُ بالسَّفِينَةِ ونَحْوِهَا، وأَمّا الثّانِي فبالسَّبْحِ فيه والعَّوْمِ.
وِقَطَعَ فُلانًا بالقَطِيعِ، كأَمِيرٍ ـ السَّوْطِ أَو القَضِيبِ، كَمَا سَيَأْتِي ـ: ضَرَبَهُ به، حَكاهُ الفَارِسيُّ قالَ: كما يُقَالُ: سُطْتُه بالسَّوْطِ.
وِمن المَجَازِ: قَطَعَ خَصْمَهُ بالحُجَّةِ، وفي الأَساسِ بالمُحَاجَّةِ: غَلَبَه وبَكَّتَه فَلَمْ يُجِبْ، كَأَقْطَعَهُ ويُقَالُ: أَقْطَعَ الرَّجُلُ أَيْضًا، إِذا بَكَّتُوه، كما سَيَأْتِي.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ لِسَانَهُ قَطْعًا: أَسْكَتَه بإِحْسانِه إِلَيْهِ، ومنهالحَدِيثُ: «اقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَه» قالَهُ للسّائِلِ. أَي: أَرْضُوهُ حَتَّى يَسْكُتَ. وقالَ أَيْضًا لِبِلالٍ: «اقْطَعْ لِسَانَه» أَي العَبّاسِ بنِ مِرْداسٍ، فكَسَاهُ حُلَّتَه، وقِيلَ: أَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وأَمَرَ علِيًّا ـ رَضِيَ الله عَنهُ ـ في الكَذّابِ الحِرْمَازِيِّ بمِثْلِ ذلِكَ، وقالَ الخَطّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هذا مِمّنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ المالِ، كَابْنِ السَّبِيلِ. وغَيْره، فتَعَرَّضَ لَهُ بالشِّعْرِ، فأَعْطَاهُ بحَقِّهِ، أَو لحاجَتِه لا لشِعْرِهِ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ ماءُ الرَّكِيَّةِ قُطُوعًا، بالضَّمِّ، وقِطَاعًا، بالفَتحِ والكَسْرِ: ذَهَبَ، وقَلَّ، كانْقَطَعَ، وأَقْطَعَ، الأَخِيرُ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَت الطَّيْرُ قُطُوعًا، بالضَّمِّ، وقَطَاعًا، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلَى الفَتْحِ: خَرَجَتْ مِنْ بِلادِ البَرْدِ إِلَى بِلادِ الحَرِّ، فهِيَ قَوَاطِعُ: ذَوَاهِبُ، أَوْ رَوَاجِعُ، كما في الصّحاحِ، قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: كان ذلِكَ عِنْدَ قِطَاعِ الطَّيْرِ، وقِطَاعِ الماءِ، وبَعْضُهم يَقُول: قُطُوع الطَّيْرِ، وقُطُوع الماءِ، وقَطَاعُ الطَّيْرِ: أَنْ يَجِيءَ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ، وقَطَاعُ الماءِ: أَنْ يَنْقَطِعَ، وقالَ أَبُو زَيْدٍ: قَطَعَتِ الغِرْبَانُ إِلَيْنَا في الشِّتَاءِ قُطُوعًا، ورَجَعَتْ في الصَّيْفِ رُجُوعًا. والطَّيْرُ الَّتِي تُقِيمُ ببَلَدٍ شِتَاءَهَا وصَيْفَهَا هي: الأَوابِدُ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ رَحِمَهُ يَقْطَعُهَا قَطْعًا، بالفَتْحِ وقَطِيعَةً، كسَفِينَةٍ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلَى الأَخِيرِ، فهُوَ رَجُلٌ قُطَعٌ، كصُرَدٍ، وهُمَزَةٍ: هَجَرَهَا وعَقَّها ولَمْ يَصِلْهَا، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَةً مِنْ فاسِقٍ فقَدْ قَطَعَ رَحِمَهَا» وذلِكَ أَنَّ الفاسِقَ يُطَلِّقُها، ثُمَّ لا يُبَالِي أَنْ يُضاجِعَها، فيَكُونُ وَلَدُه مِنْهَا لِغَيْر رِشْدَةٍ، فَذلكَ قَطْعُ الرَّحِمِ، وفي حَدِيثِ صِلَةِ الرَّحِمِ: «هذا مَقَامُ العائِذِ بِكَ من القَطِيعَةِ»، فَعِيلَةُ مِنَ القَطْعِ، وهُوَ الصَّدُّ والهِجْرَانُ، ويُرِيدُ به تَرْكَ البِرِّ والإِحْسَانِ إِلَى الأَقَارِبِ والأَهْلِ، وهي ضِدُّ صِلَةِ الرَّحَمِ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ [من الله] مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ، تَقُولُ: [اللهُمَّ] صِلْ مَنْ وَصَلَنِي، واقْطَعْ مَنْ قَطَعَنِي».
وَبَيْنَهُمَا رَحِمٌ قَطْعاءُ: إِذا لَمْ تُوصَلْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِمن المَجَازِ: قَطَعَ فُلانٌ بالحَبْلِ، إِذا اخْتَنَقَ بهِ، وفي بَعْضِ النُّسَخِ: وقَطَعَ فُلانٌ الحَبْلَ: اخْتَنَقَ، وهُوَ نَصُّ العَيْنِ بعَيْنهِ، قالَ: ومِنْهُ قولُه تَعَالَى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ} ثُمَّ لْيَقْطَعْ أَيْ لِيَخْتَنِقْ، لِانَّ المُخْتَنِقَ يَمُدُّ السَّبَبَ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ يَقْطَعُ نَفْسَهُ من الأَرْضِ حَتّى يَخْتَنِقَ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا يَحْتَاجُ إِلى شَرْح يَزِيدُ في إِيضاحِهِ، والمَعْنَى ـ والله أَعْلَمُ ـ: مَنْ ظَنَّ أَنَّ الله تَعَالَى لا يَنْصُرُ نَبِيَّهُ فَلْيَشُدَّ حَبْلًا في سَقْفِه، وهُوَ السَّمَاءُ، ثُمَّ لِيَمُدَّ الحَبْلَ مَشْدُودًا في عُنُقِه مَدًّا شَدِيدًا يُوَتِّرُهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ، فيَمُوتَ مُخْتَنِقًا، وقالَ الفَرّاءُ: أَرادَ لِيَجْعَلْ في سماءِ بَيْتِه حَبْلًا، ثُمَّ ليَخْتَنِقْ بهِ، فذلِكَ قولُه: {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} اخْتِنَاقًا، وفي قِرَاءَةِ عَبْدِ الله: «ثُمّ لِيَقْطَعْهُ» يَعْنِي السَّبَبَ، وهُوَ الحَبْلُ، وقِيلَ: مَعْناه: لِيَمُدَّ الحَبْلَ المَشْدُودَ فِي عُنُقِه حَتّى يَنْقَطِعَ نَفَسُهُ، فيَمُوتَ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ الحَوْضَ قَطْعًا: مَلَأَهُ إِلَى نِصْفِه، ثُمَّ قَطَعَ عنهُ الماءَ، ومِنْهُ قَوْلُ ابنِ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ الإِبِلَ:
قَطَعْنا لَهُنَّ الحَوْضَ فَابْتَلَّ شَطْرُهُ *** بشُرْبٍ غِشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ
: أَي باقِيه.
وِمن المَجَازِ: قَطَعَ عُنُقَ دابَّتِه، أَي: باعَهَا. قالَه أَبُو سَعِيدٍ، وأَنْشَدَ لأَعْرابِيٍّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وساقَ إِلَيْها مَهْرَهَا إِبِلًا:
أَقُولُ والعَيْسَاءُ تَمْشِي والفُصُلْ *** فِي جِلَّةٍ مِنْهَا عَرَامِيسٌ عُطُلْ
قَطَّعَتِ الأَحْرَاحُ أَعْنَاقَ الإِبِلْ
وفي العُبَابِ: قَطَعْتُ بالأَحْراحِ» يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ الأَحْرَاحَ بإِبِلِي.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: قَطَعَنِي الثَّوْبُ: كفَانِي لِتَقْطِيعِي قالَ الأَزْهَرِيُّ: كقَطَّعَنِي، وأَقْطَعَنِي، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ علَى الأَخِيرِ، يُقَال: هذا ثَوْبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ، ويُقَطَّعُ لَكَ تَقْطِيعًا: يَصْلُحُ لَكَ قَمِيصًا ونَحْوَه، وقالَ الأَصْمَعيُّ: لا أَعْرِفُ هذا، كُلُّه مِنْ كَلامِ المُوَلَّدِينَ، وقالَ أَبُو حاتِمٍ: وقد حَكَاه أَبُو عُبَيْدَةَ عن العَرَبِ.
وِمن المَجَازِ: قَطِعَ الرَّجُلُ، كَفَرِحَ وكَرُمَ، قَطَاعَةً: بُكِّتَ ولَمْ يَقْدِرْ عَلَى الكَلامِ فهو قَطِيعُ القَوْلِ.
وِقَطُعَتْ لِسَانُه: ذَهَبَتْ سَلاطَتُه ومنه امْرَأَةٌ قَطِيعُ الكَلامِ: إِذا لَمْ تَكُن سَلِيطَةً، وهُوَ مَجَازٌ.
وِقَطِعَت اليَدُ، كفَرِحَ، قَطَعًا مُحَرَّكَةً وقَطْعَةً بالفتحِ، وقُطُعًا بالضمِّ: إِذا انْقَطَعَتْ بِدَاءٍ عَرَضَ لها، أَيْ من قِبَلِ نَفْسهِ، حكاهُ اللَّيْثُ.
وِمن المَجازِ: الأُقْطُوعَةُ بالضَّمِّ: شَيْءٌ تَبْعَثُه الجَارِيَةُ إِلَى أُخْرَى عَلامَةَ أَنّهَا صارَمَتْهَا، وفي بعضِ النُّسَخ «صَرَمَتْها» وفي الصِّحاحِ: عَلامَةٌ تَبْعَثُهَا المَرْأَةُ إِلَى أُخْرَى لِلصَّرِيمَةِ والهِجْرَانِ، وفي التَّهْذِيبِ: تَبْعَثُ بهِ الجارِيَةُ إِلَى صاحِبِها، وأَنْشَدَ:
وِقَالَتْ لِجَارِيَتَيْهَا: اذْهَبَا *** إِلَيْهِ بأُقْطُوعَةٍ إِذْ هَجَرْ
وِما إِنْ هَجَرْتُكِ من جَفْوَةٍ *** وِلكِنْ أَخافُ وشاةَ الحَضَرْ
وِمِنَ المَجَازِ: لَبَنٌ قاطِعٌ: أَي حامِضٌ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِمِنَ المَجَازِ: قُطِعَ بزَيْدٍ، كعُنِيَ، فهُوَ مَقْطُوعٌ به، وكَذلِكَ انْقُطِعَ به، فهُو مُنْقَطَعٌ به ـ كَما في الصِّحاحِ ـ: إِذا عَجَزَ عن سَفَرِه بأَيِّ سَبَبٍ كانَ، كنَفَقَةٍ ذَهَبَتْ، أَو قَامَتْ عَلَيْه راحِلَتُه، وذَهَبَ زادُه ومالُه.
أَو قُطِعَ بِهِ: انْقَطَعَ رجَاؤُه، وحِيل بَيْنَه وبَيْنَ ما يُؤَمِّلُه نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ.
وِمن المجازِ: المَقْطُوعُ: شِعْرٌ في آخِرِه وَتِدٌ، فأُسْقِطَ ساكِنُه، وسُكِّنَ مُتَحَرِّكُه، وهذا نَصُّ العُبَابِ، قالَ: وشاهِدُه:
قَدْ أَشْهَدُ الغارَةَ الشَّعْواءَ تَحْمِلُنِي *** جَرْدَاءُ مَعْرُوقَةُ اللَّحْيَيْنِ سُرْحُوبُ
قَالَ: وهُوَ مِنْ مَنْحُولاتِ شِعْرِ امْرِئِ القَيْسِ، وفي اللّسانِ: المَقْطُوعُ من المَدِيدِ، والكامِلِ، والرَّجَزِ: الَّذِي حُذِفَ منه حَرْفَانِ، نَحْو: «فاعِلاتُنْ» ذَهَبَ مِنْه «تُنْ» فصارَ مَحْذُوفًا، فبَقِيَ «فاعِلُنْ» ثُمَّ ذَهَبَ مِنْ «فاعِلُنْ النُّونُ، ثُمَّ أُسْكِنَتِ الَّلامُ، فنُقِلَ فِي التَّقْطِيعِ إِلَى «فَعْلُن» كقولِه في المَدِيدِ:
إِنَّمَا الذَّلْفَاءُ ياقُوتَةٌ *** أُخْرِجَتْ مِنْ كِيسِ دِهْقَانِ
فقَوْلُه: «قانِي» فَعْلُنْ، وكقَولِه في الكامِلِ:
وِإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ فإِنَّهُ *** نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا
فقَوْلُه: «نَخَبالا»: فَعِلاتُنْ، وهو مَقْطُوعٌ، وكَقَوْلهِ في الرَّجَز:
القَلْبُ مِنْهَا مُسْتَرِيحٌ سالِمٌ *** وِالقَلْبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
فقوله: «مَجْهُودٌ» مَفْعُولُنْ.
وِمن المَجَازِ: نَاقَةٌ قَطُوعٌ، كصَبُورٍ: إِذا كانَ يُسْرعُ انْقِطَاعُ لَبَنِهَا، نَقَلَه الصّاغَانِي وصاحِبُ اللِّسَانِ.
وِمن المَجَازِ: قُطّاعُ الطَّرِيقِ، كرُمّانِ، وإِنَّمَا لم يَضْبِطْهُ لِشُهْرَتِه: اللُّصُوصُ، والَّذِينَ يُعَارِضُونَ أَبْنَاءَ السَّبِيلِ، فيَقْطَعُونَ بِهِمْ السَّبِيلَ، كالقُطْعِ بالضَّمِّ، هكَذَا في سائِرِ النُّسَخِ، وهُوَ غَلَطٌ، وصَوَابُه: القُطَّعُ، كسُكَّرٍ.
وِالقَطِعُ ككَتِفٍ: مَنْ يَنْقَطِعُ صَوْتُه، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وهُوَ مَجَازٌ.
وِالمِقْطَاعُ، كمِحْرَابٍ: مَنْ لا يَثْبُتُ عَلَى مُؤاخاة أَخٍ، قَالَهُ اللَّيْثُ، وهو مَجَازٌ.
وِمِنَ المَجَازِ: بِئرٌ مِقْطَاعٌ: يَنْقَطِعُ ماؤُهَا سَرِيعًا، نَقَلَه اللَّيْثُ أَيْضًا.
وِمِنَ المَجَازِ: القَطِيعُ كأَمِير: الطّائِفَةُ من الغَنَمِ والنَّعَمِ ونَحْوِ ذلِكَ كَذا نَصُّ العَيْنِ، وفي الصِّحاحِ: من البَقَرِ والغَنَمِ، قالَ اللَّيْثُ: والغالِبُ عَلَيْه أَنَّهُ من عَشْرٍ إِلَى أَرْبَعِينَ، وقِيلَ: ما بَيْنَ خَمْسَ عَشَرَةَ إِلَى خَمْسٍ وعِشْرِينَ، والأَوَّلُ نَقَلَهُ صاحِبُ التَّوْشِيحِ أَيْضًا ج: الأَقْطَاعُ، كشَرِيفٍ وأَشْرَافٍ، وقَدْ قالُوا: القُطْعَانُ، بالضَّمِّ، كجَرِيبٍ وجُرْبانٍ، نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيُّ والقِطَاعُ، بالكَسْر، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسَان، وزادَ الأَخِيرُ: وأَقْطِعَةٌ، وقالَ الجَوْهَرِيُّ: الأَقاطِيعُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنَّهُمْ جَمَعُوا إِقْطِيعًا، وفي اللِّسَان: قالَ سِيبَوَيْه: وهُوَ مِمّا جُمِعَ عَلَى غَيْرٍ بِنَاءِ واحِدِه، ونَظِيرُه عِنْدَهُم: حَدِيثٌ، وأَحادِيثُ، وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لِلنّابِغَةِ الذَّبْيَانِيِّ:
ظَلَّتْ أَقاطِيعُ أَنْعَامٍ مُؤَبَّلَةٍ *** لَدَى صَلِيبٍ عَلَى الزَّوْراءِ مَنْصُوبِ
وِالقَطِيعُ: السَّوْطُ يُقْطَعُ مِن جِلْدِ سَيْرٍ ويُعْمَلُ منه، وقِيلَ: هو مُشْتَقٌّ من القَطِيعِ الَّذِي هُوَ المَقْطُوعُ مِنَ الشَّجَرِ، وقالَ اللَّيْثُ: هُوَ المُنْقَطِعُ طَرَفُهُ، وعَمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بالقَطِيعِ، قال الأَعْشَى يَصِفُ نَاقَةً:
تَرَى عَيْنَهَا صَغْوَاءَ في جَنْبِ مُوقِها *** تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّمَا
قال ابنُ بِرِّيٍّ: السَّوْطُ المُحَرَّمُ: الذِي لم يُلَيَّنْ بَعْدُ، وقال الأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَ السَّوْطُ قَطِيعًا لأَنَّهُم يَأْخُذُونَ القِدَّ المُحَرَّمَ، فيَقْطَعُونَه أَرْبَعَةَ سُيُورٍ، ثم يَفْتِلُونَه، ويَلْوُونَه، ويَتْرُكُونَه حَتَّى يَيْبَسَ، فيَقُومَ قِيامًا، كأَنَّه عَصًا، ثم سُمِّيَ قَطِيعًا لِانَّه يُقْطَعُ أَرْبَعَ طَاقاتٍ ثُمَّ يُلْوَى.
وِالقَطِيعُ: النَّظِيرُ والمِثْلُ، يُقَالُ: فلانٌ قَطِيعُ فلانٍ، أَيْ شِبْهُه فِي قَدِّهِ وخَلْقِه، ج: قُطَعاءُ، هكذا في النُّسَخِ، ومِثْلُه في العُبَابِ، وفِي اللِّسَانِ: أَقْطِعاءُ، كنَصِيبٍ وأَنْصِبَاءَ، وفِي العُبَابِ: القَطِيعُ: شِبْهُ النَّظِيرِ، تَقُولُ: هذا قَطِيعٌ من الثِّيابِ لِلَّذِي قُطِعَ منه.
وِالقَطِيعُ: القَضِيبُ تُبْرَى مِنْه السِّهَامُ، وفي العَيْنِ: الَّذِي يُقْطَعُ لِبَرْيِ السِّهَامِ، ج: قُطْعانٌ بالضمِّ، وأَقْطِعَةٌ، وقِطَاعٌ بالكَسْرِ، وأَقْطُعٌ كأَفْلُسٍ وأَقَاطِعُ، وقُطُعٌ بضَمَّتَيْنِ، الأَخِيرَةُ إِنَّمَا ذَكَرَها صاحِبُ اللِّسَانِ في القَطِيعِ بمَعْنَى ما تَقَطَّعَ من الشَّجَرِ، كما سَيَأْتِي، واقْتَصَرَ اللَّيْثُ على الأُولَى والرّابِعَةِ، وما عَدَاهُمَا ذَكَرَهُنَّ الصّاغَانِيُّ، وأَنْشَدَ اللَّيْثَّ لأَبِي ذُؤَيْبٍ:
وِنَمِيمَةٌ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ *** في كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
قالَ: أَرادَ السِّهَامَ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا غَلَطٌ. قُلْتُ: أَيْ أَنَّ الصّوابَ أَنَّ الأَقْطُعَ ـ في قَوْلِ الهُذَلِيِّ ـ جَمْعُ قِطْعٍ، بالكَسْرِ، وقد أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضًا عند ذِكْرِه القِطْعَ، وهكَذا هو في شَرْحِ الدِّيوانِ، وشاهِدُ القِطَاعِ قَوْلُ أَبِي خِراشِ:
مُنِيبًا وقَدْ أَمْسَى تَقَدَّمَ وِرْدَها *** أُقَيْدِرُ مَسْمُومُ القِطاعِ نَذِيلُ
وِالقَطِيعُ: ما تَقَطَّعَ مِنَ الأَغْصَانِ*، جَمْعُه أَقْطِعَةٌ، وقُطُعٌ وقُطُعاتٌ، بضَمَّتَيْنِ فيهما، وأَقاطِيعُ كأَحَادِيثَ كالقِطْعِ بِالكَسْرِ وجَمْعُه أَقْطَاعٌ، قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
عَفَتْ غَيْرَ نُؤْيِ الدّارِ ما إِنْ تُبِينُه *** وِأَقْطَاعِ طُفْيٍ قد عَفَتْ في المَعَاقِلِ
وِمِن المَجَازِ: القَطِيعُ: الكَثِيرُ الاخْتِرَاقِ والرُّكُوبِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
وِقال اللَّيْثُ: قولُ العَرَبِ: هو قَطِيعُ القِيَامِ، أَي: مُنْقَطِعٌ، مَقْطُوعُ القِيَامِ إِنّمَا يَصِفُ ضَعْفًا أَو سِمَنًا وأَنْشَدَ:
رَخِيمُ الكَلامِ قَطِيعُ القِيَا *** مِ أَمْسَى فُؤادِي بِهَا فاتِنَا
وهو مَجَازٌ.
وِمن المَجَاز: امْرَأَةٌ قَطِيعُ الكَلامِ: إِذا كانت غَيْرَ سَلِيطَة. وقد قَطُعَتْ، ككَرُمَ.
وِمن المَجَازِ: هو قَطِيعُه: شَبِيهُهُ في خُلُقِه وقَدِّهِ والجَمْعُ قُطَاءُ، وقَدْ تَقَدَّم.
وِمن المَجَازِ: القَطِيعَةُ كشَرِيفَةٍ: الهِجْرَانُ، والصَّدُّ، كالقَطْعِ: ضِدّ الوَصْلِ، ويُرادُ به تَرْكُ البِرِّ والإِحْسَانِ إِلَى الأَهْلِ والأَقَارِبِ، كما تَقَدَّمَ.
وِالقَطِيعَةُ: مَحَالُّ بِبَغْدَادَ؛ أَي في أَطْرافِها أَقْطَعَها المَنْصُورُ العَبّاسِيُّ أُناسًا مِنْ أَعْيَانِ دَوْلَتِهِ، وفي مُخْتَصَرِ نُزْهَةِ المُشْتَاقِ للشَّرِيفِ الإِدْرِيسِيِّ: أَقْطَعَها خَدَمَه ومَوالِيَهُ ليَعْمُرُوهَا ويَسْكُنُوهَا، وهِيَ: قَطِيعَةُ إِسْحَاقَ الأَزْرَق، قُرْبَ بابِ الكَرْخِ.
وِقَطِيعةُ أُمِّ جَعْفَرٍ، وهي زُبَيْدَة بِنْت جَعْفَرِ بنِ المَنْصُورِ العَبّاسِيَّة عندَ بابِ التِّينِ ومِنْهَا: إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُحَدِّثُ.
وِقَطِيعَةُ بَنِي جِدَارٍ، بالكَسْرِ: اسمُ بَطْنٍ مِنَ الخَزْرَجِ، وقَدْ يُنْسَبُ إِلَى هذِهِ القَطِيعَةِ: جِدَارِيٌّ أَيْضًا.
وِقَطِيعَةُ الدَّقِيقِ، ومِنْهَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ المُحَدِّثُ.
وِقَطِيعَتَا الرَّبِيعِ بنِ يُونُسَ، الخَارِجَةُ والدّاخِلَةُ. وفي العُبَابِ: قَطِيعَةُ الرَّبِيعِ، وهي أَشْهَرُها. قُلْتُ: فيحْتَمِلُ أَنَّهَا الدَّاخِلَةُ والخَارِجَةُ، ومِنْهَا إِسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ يَعْمُرَ المُحَدِّثُ.
وِفَطِيعَةُ رَيْسَانَةَ قُرْبَ بابِ الشَّعِيرِ.
وِقَطِيعَةُ زُهَيْرٍ، قُرْبَ الحَرِيمِ.
وِقَطِيعَةُ العَجَمِ، مُحَرَّكَةُ، وفي بَعْضِ النُّسَخِ بضَمِّ العَيْنِ: بينَ بابِ الحَلْبَةِ وبابِ الأَزَجِ، مِنْهَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ، وابْنُه مُحَمَّدٌ: الحافِظَانِ.
وِقَطِيعَةُ العَكِّيِّ وفِي بَعْضِ النُّسَخِ العَلِيّ، والأَوَّلُ الصّوابُ، وهِيَ بَيْنَ بابِ البَصْرَةِ وبابِ الكُوفَةِ.
وِقَطِيعَةُ عِيسَى بنِ عَلِيِّ بن عَبْدِ الله بنِ عَبّاسٍ عَمِّ المَنْصُورِ، ومِنْهَا إِبْرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ.
وِقَطِيعَةُ أَبِي النَّجْمِ: بالجَانِبِ الغَرْبِيِّ، مُتَّصِلَةٌ بقَطِيعَةِ زُهَيْرٍ. وقَطِيعَةُ النَّصَارَى: مُتَّصِلَةٌ بنَهْرِ طّابَقِ، فجُمْلَةُ ما ذُكِرَ أَرْبَعَةَ عَشَر مَحَلًّا، وقد ساقَهُنَّ ياقُوتُ هكذا في كِتابه «المُشْتَرَكِ وَضْعًا».
وِمن المَجَاز: هذا مَقْطَعُ الرَّمْلِ، كمَقْعَدِ ومُنْقَطَعُه: حَيْثُ يَنْقَطِعُ ولا رَمْلَ خَلْفَه، وكَذلِكَ من الوَادِي والحَرَّةِ، وما أَشْبَهَها ج: مَقَاطِعُ.
وِمَقَاطِعُ الأَوْدِيَةِ: مَآخِيرُها حَيْثُ تَنْقَطِعُ، وفي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ: ومَقَاطِيعُ الأَوْدِيَةِ.
وِالمَقَاطِعُ من الأَنْهَارِ: حَيْثُ يُعْبَرُ فيهِ مِنْهَا، وهِيَ المَعَابِرُ.
وِمن المَجَازِ: المَقَاطِعُ من القُرْآنِ: مَوَاضِعُ الوُقُوفِ، ومَبَادِيه: موَاضِعُ الابْتِداءِ، يُقَال: هو يَعْرِفُ مَقَاطِعَ القُرْآنِ، أَي: وُقُوفَهُ.
وِالمَقْطَعُ، كمَقْعَدٍ: مَوْضِعُ القَطْع، كالقُطْعَةِ، بالضَّمِّ وهو مَوْضِعُ القَطْعِ من يَدِ السّارِقِ، ويُحَرَّكُ كالصُّلْعَةِ والصَّلْعَةِ: ومنه الحَدِيثُ: «أَنَّ سارِقًا سَرَق، فقُطِعَ، فكانَ يَسْرِقُ بقَطَعَتِه» يُرْوَى بالوَجْهَيْنِ.
وِمَقْطَعُ الحَقِّ: مَوْضِعُ الْتِقاءِ الحُكْمِ فيهِ، وهو مَجَازٌ.
وِمَقْطَعُ الحَقِّ أَيْضًا: ما يُقْطَعُ به البَاطِلُ، ولو قالَ: «وأَيْضًا: ما يُقْطَعُ به الباطِلُ» لكَانَ أَخْصَرَ، وقِيلَ: هُوَ حَيْثُ يُفْصَلُ بَيْنَ الخُصُومِ بنَصِّ الحُكْمِ، قال زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ: *** يَمِينٌ، أَو نِفَارٌ، أَو جَلاءُ
وِالمِقْطَعُ، كمِنْبَرٍ: ما يُقْطَعُ بهِ الشّيْءُ كالسِّكِّينِ وغَيْرِه.
وِالقِطْعُ بالكَسْرِ: نَصْلٌ صِغِيرٌ كما في العُبَابِ، وفي الصِّحاحِ واللِّسَانِ: قَصِير عَرِيض السَّهْمِ، وقالَ الأَصْمَعِيُ: القِطْعُ من النِّصّالِ: القَصِيرُ العَرِيضُ، وكَذلِك قالَ غيرُه، سَواءٌ كان النَّصْلُ مُرَكَّبًا في السَّهْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مُركَّبًا، سُمِّيَ به لأَنَّهُ مَقْطُوعٌ من الحَدِيدِ، كذا في التَّهْذِيبِ ج: أَقْطُعٌ كأَفْلُسِ، وأَقْطَاعٌ، وقِطَاعٌ، بالكَسْرِ، قالَ بَعْضُ الأَغْفَالِ يَصِفُ دِرْعًا:
لَهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْسًا *** وِتَهْزَأُ بالمَعَابِلِ والقِطَاعِ
وقد مَرَّ شاهِدُ أَقْطعٍ من قَوْلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وهكَذا أَنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ هُنَا، والأَزْهَرِيُّ، وصَرَّحَ به شارِحُ الدِّيوانِ.
وِمن المَجَازِ: القِطْعُ: ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ، ومنه قَوْلُه تَعَالَى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}. قالَ الأَخْفَشُ: بسَوادٍ مِنَ اللَّيْلِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:
افْتَحِي البابَ فانْظُرِي في النُّجُومِ *** كَمْ عَلَيْنَا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
أَو القِطْعَةُ منه يُقَال: مَضَى مِن اللَّيْلِ قِطْعٌ، أَي: قِطْعَةٌ صالِحَةٌ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ كالقِطَعِ، كعِنَبٍ وبِهِمَا قُرِئَ قولُه تَعَالَى: {قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} وقَرَأَ نُبَيْجٌ، وأَبُو واقِدِ، والجَرّاحُ ـ في سُورَتَيْ هُودِ والحِجْرِ ـ: «بقِطَعٍ» بكَسْرٍ ففَتْحٍ، قالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ قَرَأَ «قِطْعًا» جَعَلَ المُظْلِمَ مِنْ نَعْتِهِ، ومَنْ قَرَأَ «قِطَعًا» جَعَلَ المُظْلِمَ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ، وهُوَ الَّذِي يَقُولُ له البَصْرِيُّونَ: الحَالُ، أَو القِطَعُ: جَمْع قطْعَةٍ، وهي الطّائِفَةُ من الشَّيْءِ ومنهالحَدِيثُ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السّاعَةِ فِتَنًا كقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ» أَرادَ فِتْنَةً مُظْلِمَةً سَوْدَاءَ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِها، أَو القِطْعُ والقِطَعُ: طَائِفَةٌ من اللَّيْلِ تَكُونُ مِن أَوَّلِه إِلَى ثُلُثِهِ. وقِيلَ للفَزارِيِّ: ما القِطْعُ مِنَ اللّيْلِ؟ فقالَ: حُزْمَةٌ تَهُورُهَا، أَي: قِطْعَةٌ تَحْزُرهَا، ولا تَدْرِي كَمْ هِيَ.
وِالقِطْعُ: الرَّدِيءُ من السِّهَامِ يُعْمَلُ مِنَ القِطْعِ أَو القَطِيعِ اللَّذَيْنِ هُمَا المَقْطُوعُ من الشَّجَرِ، وقِيلَ: هو السَّهْمُ العَرِيضُ، والجَمْعُ: أَقْطُعٌ وقُطُوعٌ.
وِالقِطْعُ: البِسَاطُ أَو النُّمْرُقَةُ، ومنه حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْرِ والجِنِّيِّ: «فجَاءَ وَهُوَ عَلَى القِطْعِ، فنَفَضَهُ» وقالَ الأَعْشَى:
هِيَ الصّاحِبُ الأَوْفَى وبَيْنِي وبَيْنَها *** مَجُوفٌ غِلافِيٌّ وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
أَوْ هُوَ طِنْفِسَةٌ يَجْعَلُها الرّاكِبُ تَحْتَه وتُغَطِّي، وفي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ: تُغَطِّي، بغيرِ واو كَتِفَي البَعِيرِ، ج: قُطُوعٌ، وأَقْطَاعٌ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للأَعْشَى:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفُخُ فِي بُرَاهَا *** تَكَشَّفُ عن مَنَاكِبِهَا القُطُوعُ
قالَ ابنُ بَرِّيّ: الشِّعْرُ لعَبْدِ الرَّحْمن بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العاصِ يَمْدَحُ مُعَاوِيَةَ، ويُقَالُ: لزِيَادٍ الأَعْجَم. قلتُ: ومالَ الصّاغَانِيُّ إِلى الأَوَّل، وقد تَقَدَّمَتْ قِصَّتُه في «ص ن ع» فراجِعْه.
وِثَوْبٌ قِطْعٌ بالكَسْرِ، وأَقْطاعٌ عن اللِّحْيَانِيِّ، كأَنَّهُم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ قِطْعًا، أَي: مَقْطُوعٌ، وكَذلِكَ حَبْلٌ أَقْطَاعٌ، أَي: مَقْطُوعٌ.
وِمن المَجَازِ: القُطْعُ، بالضَّمِّ: البُهْرُ يَأْخُذُ الفَرَسَ وغَيْرَه، ويُقَالُ: أَصابَهُ قُطْعٌ أَو بُهْرٌ، وهُوَ: النَّفَسُ العالِي مِنَ السِّمَنِ وغَيْرِه.
وِقالَ ابنُ الاثِيرِ: القُطْعُ: انْقِطَاعُ النَّفَسِ وضِيقُه، ومنه حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ أَصابَه قُطْعٌ أَو بُهْرٌ، فكان يُطْبَخُ لهُ فِي الحَسَاءِ فيَأْكُلُه» يُقَالُ منه: قُطِعَ كُعِنيَ، فهُوَ مَقْطُوعٌ.
وِالقُطْعُ، بالضَّمِّ: جَمْعُ الأَقْطَعِ للمَقْطُوعِ اليَدِ، كأَسْوَدَ وسُودٍ.
وِالقُطْعُ أَيضًا: جَمْعُ القَطِيعِ كأَمِيرٍ للمَقْطُوعِ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وِمن المَجَازِ: أَصابَهُم قُطْعٌ وقُطْعَةٌ بضَمِّهِمَا، أَو تُكْسَرُ الأُولَى أَيضًا عن ابنِ دُرَيْدٍ، وأَبَى الأَصْمَعِيُّ إِلّا الضَّمَّ: إِذا انْقَطَعَ ماءُ بِئْرِهِمْ في القَيْظِ كَما في الصِّحاح، وفي الحَدِيثِ: «كانَ يَهُودُ قَوْمًا لَهُم ثِمَارٌ لا تُصِيبُها قُطْعَةٌ» يعنِي عَطَشًا بانْقِطَاعِ الماءِ عنها، ويُقَالُ للقَوْمِ إِذا جَفَّتْ مِياهُهُم [أصابتهم] قُطْعَةٌ مُنْكَرَةٌ.
وِالقِطْعَةُ بالكسْرِ: الطّائِفَةُ من الشّيْءِ كاللَّيلِ وغيرِه، وهو مَجَاز.
وِقِطْعَةُ بلا لام مَعْرِفَةً: الأُنْثَى من القَطَا.
وِالقُطْعَةُ بالضَّمِّ: بَقِيَّةُ يَدِ الأَقْطَعِ، ويُحَرَّكُ وقد تَقَدَّمَ ذلِكَ للمُصَنِّفِ، وكأَنَّهُ عُمَّ به أَوّلًا، ثم خُصِّصَ بيَدِ الأَقْطَعِ.
وِالقِطْعَةُ: طائِفَةٌ تُقْطَعُ من الشَّيْءِ قال ابنُ السِّكِّيتِ: ما كانَ منَ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْ شَيْءٍ، فإِنْ كَانَ المَقْطُوعُ قَدْ يَبْقَى منه الشَّيْءُ ويُقْطَعُ قُلْتَ: أَعْطِنِي قِطْعَةً، ومِثْلُه الخِرْقَةُ، وإِذا أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ الشَّيْءَ بأَسْرِه حَتّى تُسَمِّيَ بهِ قُلْتَ: أَعْطِنِي قُطْعَةً، وأَمّا المَرَّةُ من الفِعْلِ فبالفَتْحِ: قَطَعْتُ قَطْعَةً كالقُطَاعَةِ بالضّمِّ، أَو هذِه مُخْتَصَّةٌ بالأَدِيمِ.
وِالقُطْعَةُ والقُطَاعَةُ: الحُوّارَى، وما قُطِعَ من نُخَالَتِهِ وقالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَطْعُ النُّخَالَةِ من الحُوّارَى: فَصْلُهَا منه.
وِالقُطْعَةُ: الطّائِفَةُ من الأَرْضِ إِذا كانَتْ مَفْرُوزَةً، قالَ الفَرّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ العَرَبِ يَقُول: «غَلَبَنِي فُلانٌ عَلَى قُطْعَةٍ من الأَرْضِ» يريدُ أَرْضًا مَفْرُوزَةً، قالَ: فإِن أَرَدْتَ بِها قِطْعَةً من شَيْءٍ قُطِعَ مِنْهُ، قُلْتَ: قِطْعَةً، وحَكَى عن أَعْرَابِيٍّ أَنَّه قالَ: وَرِثْتُ من أَبِي قُطْعَةً.
وِالقُطْعَةُ أَيْضًا: لُثْغَةٌ فِي بَنِي طَيِّئٍ، كالعَنْعَنَةِ في تَمِيمٍ عن أَبِي تُرَابٍ، وهُوَ وفي العُبَابِ: وهي أَنْ يَقولَ: يا أَبا الحَكَا، يُرِيدُ: أَبا الحَكَمِ فيَقْطَع كَلامَهُ، وهو مَجَازٌ.
وِبَنُو قُطْعَةَ بالضمِّ: حَيٌّ مِنَ العَرَبِ، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ: قُطْعِيٌّ بالسُّكُونِ، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ.
وِكُجَهْيَنَةَ، قُطَيْعَةُ بنُ عَبْسِ بنِ بَغِيضِ بنِ رَيْثِ بنِ غَطَفَانَ: أَبُو حَيٍّ والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ قُطَعِيٌّ، كجُهَنِيٍّ، ومنهم حَزْمٌ وسَهْلٌ ابنا أَبِي حَزْمٍ، وأَخُوهُم عَبْدُ الواحِدِ، وابنُ أَخِيهِم مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القُطَعِيُّونَ: مُحَدِّثُون.
وِقُطَيْعَةُ: لَقَبُ عَمْرِو بنِ عُبَيْدَةَ بنِ الحارِثِ بنِ سامَةَ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ، وبَنُو سامَةَ في «س وم» نَقَلَهُ ابنُ الجَوّانِيِّ، كما سَيَأْتِي في الميمِ، إِنْ شاءَ الله تَعالَى.
وِقُطَعاتُ الشَّجَر، كهُمَزَةٍ، وبالتَّحْرِيكِ، وبِضَمَّتَيْنِ: أَطْرَافُ أُبَنِها الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا إِذا قُطِعَتْ الواحِدُ قَطَعَةٌ، مُحَرَّكَةً، وكهُمَزَةٍ، وبِضَمَّتَيْنِ.
وِالقُطاعَةُ، بالضَّمِّ: اللُّقْمَةُ عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. وما سَقَطَ من القَطْعِ، كالبُرَايَةِ والنُّحَاتَةِ وأَمْثَالِهِمَا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
71-تاج العروس (حوف)
[حوف]: الْحَوْفُ: الرَّهْطُ، وهو جِلْدٌ يُشَقُّ كَهَيْئَةِ الإِزَارِ، تَلْبَسَهُ الْحُيَّضُ والصِّبْيَانُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَالجَمْعُ: أَحْوَافٌ.أَو هو أَدِيمٌ أَحْمَرُ يُقَدَّ أَمْثَالَ السُّيُورِ، ثم يُجْعَلُ عَلَى السُّيُورِ شَذْرٌ تَلْبَسُهُ الْجَارِيَةُ فَوْقَ ثيَابِها.
أو جِلْدٌ يُقَدُّ سُيُورًا، قَالَهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ، وقال مَرَّةً: هو الوِثْرُ، وهو: نُقْبَةٌ مِن أَدَمٍ تُقَدُّ سُيُورًا، عَرْضَ السَّيْرِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ، أَو شِبْرٌ، تَلْبُسَهَا الصَّغِيرَةُ قَبْلَ إِدْرَاكِهَا، وَتَلْبُسَهَا أَيضًا وهي حائضٌ، حِجَازِيَّةٌ، وهي الرَّهْطُ نَجْدِيَّةٌ، وفي حديثِ عائشةَ رضي الله عنها: «تَزَوَّجَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ حَوْفٌ» قال ابنُ الأَثِيرِ: وهي البَقيرَةُ، وهي ثَوْبٌ لا كُمَّيْنِ له.
وَأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
جَارِيَةً ذَات هَنٍ كَالنَّوْفِ *** مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُهُ بِحَوْفِ
يا لَيْتَنِي أَشِيمُ فِيهِ عَوْفي
وَأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لشاعِرٍ:
جَوَارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطَاطَ تَزِينُهَا *** شَرَائِحُ أَحْوَافٍ مِنَ الأَدَمِ الصِّرْفِ
والحَوْفُ: شَيْءٌ مِن مَرَاكِبِ النِّساءِ كَالْهَوْدَجِ، ولَيْسَ بِهِ، تَرْكَبُ به المَرأَةُ على البعِيرِ، بلُغَةِ أَهْلِ الحَوْفِ وأَهْلِ الشِّحْرِ، نَقَلَهُ اللَّيْثُ.
قال: والحَوْفُ: الْقَرْيَةُ في بعضِ اللُّغَاتِ، والجَمْعُ: الأَحْوَافُ، كذا في عِدَّةِ نُسَخِ مِن كتابِ اللَّيْثِ بالقَافِ المَفْتُوحَة وبالياءِ التَّحْتِيَّةِ المُثَنَّاةِ.
أَو الْقِرْبَةُ بكَسْرِ القافِ، والباءُ مُوَحَّدَةٌ، كذا في نُسَخِ التَّهْذِيبِ بخَطِّ الأَزْهَرِيِّ، ولم يذْكُرْهُ ابنُ دُرَيْدٍ، ولا ابنُ فَارِسٍ.
والحَوْفُ: د، بِعُمَانَ، وضَبَطَهُ الحافظُ بالخَاءِ المُعْجَمَةِ.
وأيضًا نَاحِيَةٌ شَرْقِيَّةٌ، تُجَاهَ بُلْبَيْسَ جَمِيعُ رِيفِهَا يُسَمُّونَهَا الحَوْفَ ومَدِينَتُهَا قَصَبَةُ بُلْبَيْسَ، وقد نُسِبَ إِليها جَمَاعَةٌ مِن أَهْلِ الحَدِيثِ، منهم: خَلَفُ بنُ أَحْمدَ البَصْرِيَّ، عن القاضِي أَبي الحسنِ الحَلَبِيّ، وأَبو الحسن عليُّ بنُ إِبراهِيمَ بنِ سعِيدِ بنِ يُوسُفَ الحَوْفيَّ النَّحْوِيُّ المُفَسِّرُ، تُوُفِّيَ سنة 430.
والْحَافانِ: عِرْقَانِ أَخْضَرَانِ تَحْتَ اللِّسَانِ الواحِدُ حَافٌ، بتَخْفِيفِ الفَاءِ، كما في العُبَابِ، ويُرْوَى بتَشْدِيدِهَا، وقد أَشَرْنَا إليه آنِفًا.
وحَافَتَا الْوَادِي وغَيْرِهِ مِن كُلِّ شيءٍ: جَانِبَاهُ، وناحِيَتَاهُ، قال ضَمْرَةُ بنُ ضَمْرَةَ:
وَلَوْ كُنْتَ حَرْبًا مَا طَلَعْتَ طُوَيْلِعًا *** وَلا حَوْفَهُ أَلَّا خَمِيسًا عَرَمْرَمَا
وَفي حديثِ الكَوْثَرِ: «إِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَتاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ»، وقال أُحَيْحَةُ بنُ الجُلَاحِ:
يَزْخَرُ في أَقْطَارِهِ مُغْدِفٌ *** بحَافَتيْهِ الشُّوعُ والغِرْيَفُ
ج: حَافاتٌ، وَمنه الحديثُ: «عَلَيْكَ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ». والْحَافةُ أَيْضًا: الْحَاجَةُ والشِّدَّةُ في العَيْشِ، والحَافَةُ مِنْ الدَّوَائِسِ في الكُدْسِ: التي تَكُونُ في الطَّرَفِ، وهي أَكْثَرُهَا دَوَرَانًا. وحَافَةُ، بِلَا لَامٍ: موضع، قال امْرُؤُ القَيْسِ:
وَلو وَافقْتُهُنُّ علَى أُسَيْسٍ *** وَحَافَةَ إِذْ وَرَدْنَ بنا وُرُودًا
والْحُوَافَةُ ككُنَاسَةٍ: ما يَبْقى مِن وَرَقِ الْقَتِّ على الأَرْضِ بَعْدَ ما يُحْمَلُ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ. وحَوَّفهُ تَحْوِيفًا: جَعَلَهُ علَى الْحَافَةِ، أي: الجانبِ.
وحَوَّفَ الْوَسْمِيُّ الْمَكَانَ: إذا اسْتَدَارَ بِهِ، كأَنَّهُ أَخَذَ حَافاتِهِ.
وفي الْحَدِيثِ: «سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مَوْتٌ طَاعُونٌ يُحَوِّفُ الْقُلُوبَ»، قال ابنُ الأَثِيرِ: أي: يُغَيِّرُهَا عَنِ التَّوُكُّلِ، وَيُنَكِّبُهَا إِيَّاه، ويَدْعُوهَا إِلَى الانْتِقال والْهَرَبِ مِنْهُ، وَهو مِن الْحَافةِ: نَاحِيَة المَوْضِعِ وجَانِبِهِ، ويُرْوَى: يَحُوفُ، كيَقُولُ، وَبه جَزَمَ أَبو عُبَيْد.
قلتُ: وقد تَقَدَّم أَنَّه يُرْوَى أَيضًا: «يُحَرِّفُ» من التَّحْرِيفِ.
وتَحَوَّفْتُ الشَّيْءَ: تنَقَّصْتُهُ، نَقَلَهُ الجوهَرِيُّ، وكذلك تَخَوَّفْتُه، بالخَاءِ وتَخَوَّنْتُهُ، بالنُّونِ، قال عبدُ الله بنُ عَجْلانَ النهْدِيُّ:
تحَوَّفَ الرَّحْلُ منها تَامِكًا قَرِدًا *** كما تَحَوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الحَوْفُ: الناحِيَةُ والجانبُ، وَاوِيَّةٌ يائِيَّةٌ.
وَتَحَوَّفَ الشَّيْءَ: أَخَذَ حَافَتُه، وأَخَذَهُ مِن حَافَتِهِ والخاءُ لُغَةٌ فيه.
وَحَافَ الشَّيْءَ حَوْفًا: كان في حَافَتِهِ، وحَافَهُ حَوْفًا: زَارَهُ.
وَمِيحَافُ السَّفِينةِ، كمِحْرَابٍ: حَرْفُهَا وجَانِبُهَا، ويُرْوَى بالنُّونِ والجِيمِ.
وَالحَوْفُ، شِدَّةُ العَيْشِ، وبه فُسِّرَ حديثُ عائشة السَّابِقُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
72-تاج العروس (شرف)
[شرف]: الشَّرَفُ، مُحَرَّكَةً: الْعُلُوُّ، والْمَكانُ الْعَالِي، نقلهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:آتِي النَّدِيَّ فلا يُقرَّبُ مَجْلِسِي *** وَأَقُودُ للشَّرَفِ الرَّفِيعِ حِمَارِي
يقول: إِنِّي خَرِفْتُ فلا يُنْتفعُ برَأْيِي، وكبِرْتُ فلا أَسْتطِيعُ أَنْ أَرْكبَ مِن الأَرْضِ حِمَارِي، إِلَّا مِن مَكانٍ عَالٍ.
وَقال شمِرٌ: الشَّرَفُ: كُلُّ نَشْزٍ مِن الأَرْضِ، قد أَشْرَف على ما حَوْلَهُ، قادَ أو لم يَقُدْ، وإِنَّما يَطُولُ نَحْوًا مِن عَشْرِ أذْرُعٍ، أو خمْسٍ، قلَّ عَرْضُ ظهْرِهِ أو كَثُرَ.
وَيُقال: أَشْرَفَ لي شرَفٌ فما زِلْتُ أَرْكُضُ حتى عَلوْتُهُ، وَمنه قوْلُ أُسَامَة الهُذلِيُّ:
إذا مَا اشْتَأَى شَرَفًا قبْلهُ *** وَوَاكَظَ أَوْشك منه اقْتِرَابا
والشَّرَفُ: الْمَجْدُ، يُقال: رَجُلٌ شرِيفٌ، أي: مَاجِدٌ، أَو لا يَكُونُ الشَّرَفُ والمَجْدُ إِلَّا بالْآبَاءِ، يُقال: رَجُلٌ شَرِيفٌ، ورَجُلٌ مَاجِدٌ: له آباءٌ متقدِّمون في الشَّرَفِ؛ وأما الحَسَبُ والكرَمُ فيكونان في الرَّجُلِ، وإِن لم يَكنْ له آباءٌ، قالهُ ابنُ السِّكِّيتِ.
أو الشَّرَفُ: عُلُوُّ الْحَسَبِ، قالُه ابنُ دُرَيْدٍ.
والشَّرَفُ مِن الْبَعِيرِ: سَنامُهُ، وَهو مَجازٌ، وأَنْشَدَ:
شرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
والشَّرَفُ: الشَّوْطُ، يُقَال: عَدَا شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ.
أَو الشَّرَفُ: نَحْوُ مِيلٍ وهو قَوْلُ الفَرَّاءِ، ومنه الحديث: «الخَيْلُ لِثَلاثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، ولِرَجُلٍ سِتْرٌ، وعلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فأَمَّا الذي له أَجْرٌ: فرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبِيلِ الله، فأَطَالَ لها في مَرْجٍ أو رَوْضَةٍ، فما أَصَابَتْ في طِيَلِهَا ذلك مِنَ المَرْجِ أو الرَّوْضَةِ كانَتْ له حَسَنَاتٍ، ولو أَنَّه انْقَطَعَ طِيَلُهَا فاسْتَنَّتْ شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ، كانتْ له آثارُهَا وأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ، ولو أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهْرٍ فَشَرِبَتْ منه ولم يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا، كان ذلك حَسَنَاتٍ له، فهي لِذلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ» الحديثُ.
ومِن المَجَازِ: الشَّرَفُ: الْإِشْفَاءُ علَى خَطَرٍ مِن خَيْرٍ أَو شَرٍّ، يُقَال في الخَيْرِ: هو علَى شَرَفٍ مِن قَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَيُقَال في الشَّرِّ: هو علَى شَرَفٍ مِن الهَلَاك.
وشَرَفٌ: جَبَلٌ قُرْبَ جَبَلِ شُرَيْفٍ، كزُبَيْرٍ، وشُرَيْفٌ هذا أَعْلَى جَبَلٍ بِبِلَادِ الْعَرَبِ، هكذا تَزْعُمُه العربُ، زاد المُصَنِّفُ: وقد صَعِدْتُهُ، وقال ابنُ السِّكِّيتِ: الشَّرَفُ: كَبِدُ نَجْدٍ، وكان مِن مَنازِلِ المُلُوكِ مِن بَنِي آكِلِ المُرَارِ مِن كِنْدَةَ، وفي الشَّرَفِ حِمَى ضَرِيَّةَ وضَرِيَّةُ: بِئْرٌ، وفي الشَّرَفِ الرَّبَذَةُ، وَهي الحِمَى الأَيْمَنُ، وفي الحديثِ: «أنَّ عُمَرَ حَمَى الشَّرَفَ، والرَّبَذَةَ».
والشَّرَفُ: موضع بِإشْبَيلِيَّة، مِن سَوَادِهَا، كَثِيرُ الزَّيْتُونِ، كما في العُبَابِ، وقال الشَّقُنْدِيُّ: شَرَفُ إِشْبِيلِيَةَ: جَبَلٌ عظيمٌ، شَرِيفُ البُقْعَةِ، كَرِيمُ التُّرْبَةِ، دائمُ الخُضْرَةِ، فَرْسَخٌ في فَرْسَخٍ طُولًا وعَرْضًا، لا تكادُ تُشْمِسُ فيه بُقْعَةٌ، لِالْتِفافِ أَشْجَارِهِ، ولا سِيَّمَا الزَّيْتُون، وقال غيرُه: إِقْلِيمُ الشَّرَفِ علَى تَلٍّ أَحْمَرَ عالٍ مِن تُرَابٍ أَحْمَرَ، مَسافَتُه أَرْبَعُون مِيلًا في مِثلِهَا، يَمْشِي به السَّائِرُ في ظِلِّ الزَّيْتُونِ والتِّينِ، وقال صاحِبُ «مَبَاهِجِ الفِكَرِ»: وأَمَّا جَبَلُ الشَّرَفِ، وهو تُرَابٌ أَحْمَرُ، طُولُه مِن الشِّمَالِ إِلَى الجَنُوبِ أَربعون مِيلًا، وَعَرْضُه مِن المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ اثْنا عَشَرَ مِيلًا، يشْتَمِلُ علَى مائتين وعشرين قَرْيَةً، قد الْتَحَفَ بأَشْجَارِ الزَّيْتُونِ، وَالْتَفَّتْ عَلَيه، منه: الحاكمُ أَبُو إِسحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بنُ محمدٍ الشَّرَفيُّ، خَطِيبُ قُرْطُبَةَ، وصَاحِبُ شُرْطَتِها، وهذا عَجِيبٌ، وَله شِعْرٌ فَائِقٌ، مات سنة 396.
وأَمِينُ الدِّينِ أَبو الدُّرِّ يَاقُوتُ بنُ عبدِ الله الشَّرَفيُّ، وَيُعْرَفُ أَيْضًا بالنُّورِيِّ، وبالمَلِكِيِّ، الْمَوْصِليُّ الْكَاتِبُ، أَخَذَ النَّحْوَ عن ابنِ الدَّهّانِ النَّحْوِيِّ، واشْتَهَرَ في الخَطِّ حتى فَاقَ، ولم يكنْ في آخِرِ زَمانِهِ مَن يُقَارِبُه في حُسْنِ الخَطِّ، وَلا يُؤَدِّي طَرِيقَةَ ابنِ البَوَّابِ في النَّسْخِ مِثْلُه، مع فَضْلٍ غَزِيرٍ، وكان مُغْرىً بنَقْلِ صِحَاحِ الجَوهرِيِّ، فكتَب منه نُسَخًا كثيرةً، تُبَاعُ كُلُّ نُسْخَةٍ بمائةِ دينارٍ، تُوُفِّيَ بِالمَوْصِلِ، سنة 618، وقد تَغَيَّرَ خَطُّه مِن كِبَرِ السِّنِّ، هكذا تَرْجَمَهُ الذَّهَبِيُّ في التَّارِيخِ، والحافِظُ في التَّبْصِيرِ مُخْتَصِرًا، وقد سمِعَ منه أَبو الفَضْلِ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ دِيوَانَ المُتَنَبِّي، بحَقِّ سمَاعِهِ مِن ابنِ الدَّهّانِ.
والشَّرَفُ: مَحَلَّةُ بِمِصْرَ، وَالذي حَقَّقَهُ المَقْرِيزِيُّ في الخِطَطِ، أنَّ المُسَمَّى بالشَّرَفِ ثَلاثَةُ مَوَاضِعَ بمصرَ، أَحدُهَا المَعْرُوفُ بجَبَلِ الرَّصْدِ.
منها أَبو الحسن عَلِيُّ بنُ إبراهيمَ الضَّرِيرُ الْفَقِيهُ، رَاوِي كتابِ المُزَنِيِّ عن أَبي الفَوَارِسِ الصَّابُونِي، عنه، مات سنةَ 408.
وأَبو عُثْمَانَ سَعِيدُ بنِ سَيِّدٍ الْقُرَشِيُّ الحاطِبِيُّ، عن عبدِ الله بن محمدٍ البَاجِيِّ، وعنه أبو عُمَرَ بنُ عبدِ البرِّ.
وأَبو بكرٍ عَتِيقُ بنُ أَحمدَ الْمِصْرِيُّ، عن إِبي إِسحاقَ بنِ سُفْيَانَ الفَقِيهِ، وغيرِه،: الْمُحَدِّثُونَ الشَّرَفيُّونَ.
وفَاتَهُ: أَبو العَبَّاسِ بنُ الحُطَيْئَةِ الفَقِيهُ المَالِكِيُّ الشَّرَفيُّ.
وَمحمودُ بنُ أَيتكين الشَّرَفيُّ، سَمِعَ منه ابنُ نُقْطَةَ، وقال؛ مات سنة 615.
وَأَرمانُوسُ بنُ عبدِ اللهِ الشَّرَفيُّ، عن إِبي المُظَفَّرِ بنِ الشِّبْلِيِّ، وغيرِه، مات سنةَ 606، قَالَهُ الحافِظُ.
وشَرَفُ الْبَيَاضِ: مِن بِلَادِ خَوْلَانَ، مِنْ جِهَةِ صَعْدَةَ.
وشَرَفُ قِلْحَاحٍ: قُلْعَةٌ علَى جَبَلِ قِلْحَاحٍ، وقُرْبَ زَبِيدَ، حَرَسَها الله تعالَى، وسائرَ بلادِ المُسْلِمِين.
والشَّرَفُ الأَعْلَى: جَبَلٌ آخَرُ هُنَالِكَ، عليه حِصْنٌ مَنِيعٌ، يُعْرَفُ بحِصْنِ الشَّرَفِ.
والشَّرَفُ: موضع، بِدِمَشْقَ، وَهو جَبَلٌ علَى طَرِيقِ حاجِّ الشَّامِ، ويُعْرَفُ بشَرَفِ البَعْلِ، وقيل: هو صُقْعٌ مِن الشَّامِ.
وشَرَفُ الْأَرْطَى: مَنْزِلٌ لِتَمِيمٍ مَعْرُوفٌ.
وشَرَفُ الرَّوْحَاءِ: بَيْنَها وبين مَلَلٍ مِن الْمَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ، عَلَى سِتَّةٍ وثَلاثِينَ مِيلًا، كَمَا في صَحِيحِ مُسْلِمٍ، في تَفْسِيرِ حديثِ عائشة رضي الله عنها: «احْتَجَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحَدِ بِمَلَل، علَى لَيْلَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَاحَ فتَعَشَّى بشَرَفِ السَّيَّالَةِ، وصَلَّى الصُّبْحَ بعِرْقِ الظُّبْيَةِ» أو أَرْبَعِينَ أو ثَلاثِينَ، على اخْتِلافٍ فيه.
ومَوَاضِعُ أُخَرُ، سُمِّيتْ بالشَّرَفِ.
وشَرَفُ بنُ محمدٍ الْمَعَافِريُّ، وعليُّ بنُ إبراهيمَ الشَّرَفيُّ، كَعَرَبِيٍّ: مُحَدِّثَانِ، أَمَّا الأخِيرُ فهو الفَقِيهُ الضَّرِير، الذي رَوَى كتابَ المُزَنِيِّ عنه بِوَاسِطَةِ أَبِي الفَوَارِسِ، وقد تقَدَّم له قَرِيبًا، فهو تَكْرَارٌ ينْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيه.
وشُرَيْفٌ، كَزُبَيْرٍ: جَبَلٌ، قد تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قريبًا.
وأَيضًا: مَاءٌ لِبَنِي نُمَيْرٍ، بِنَجْدٍ، وَمنه الحديثُ: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَنْفُخَ في الصَّلاةِ وأَنْ لِي مَمَرّ الشَّرَفِ». والشُّرَيْفُ لَهُ يَوْمٌ، أو هو مَاءٌ يُقَال له: التَّسْرِيرُ، ومَا كان عَنْ يَمِينِهِ إلى الغَرِبِ شَرَفٌ، وما كان عَنْ يَسَارِهِ إلى الشَّرْقِ شُرَيْفٌ، قال الأَزْهَرِيُّ: وقَوْلُ ابنُ السِّكِّيتِ في الشَّرَفِ وَالشُّرَيْفِ صَحِيحٌ.
وإِسْحَاقُ بنُ شَرْفَى، كَسَكْرَى: مِن المُحَدِّثين، وهو شَيْخٌ لِلثَّوْرِيِّ، كما في التَّبْصِيرِ.
وشَرُفَ الرَّجُلُ، كَكَرُمَ، فهو شَرِيفٌ الْيَوْمَ، وشَارِفٌ عَن قليل كذا في بَعضِ نُسَخِ الكتابِ، وهو الصَّوابُ، وَمِثْلُه نَصُّ الجَوهَرِيِّ والصَّاغَانِيِّ، وصاحبِ اللِّسَانِ، وفي أَكْثَرِهَا: عن قَرِيبٍ: أي سَيَصِيرُ شَرِيفًا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، عن الفَرّاءِ، ج: شُرَفَاءُ، كأَمِيرٍ، وأُمَرَاءَ، وأَشْرَافٌ، كيَتِيمٍ، وَأَيْتَامٍ، وعَلَيه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ.
وشَرَفٌ، مُحَرَّكَةً، ظاهرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ مِن جُمْلَةِ جُمُوعِ الشَّرِيفِ، ومِثْلُه في العُبَابِ، فإنَّه قال: والشَّرَفُ: الشُّرَفَاءُ، وَلكن الذي في اللِّسَانِ: أنَّ شَرَفًا، مَحَرَّكَةً، بمَعْنَى شَرِيفٍ، وَمنه قَوْلُهم: هو شَرَفُ قَوْمِهِ، وكَرَمُهم، أي شَرِيفُهم، وَكَرِيمُهم، وبه فُسِّرَ مَا جَاءَ في حديثِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّه قيل للأَعْمَشِ: لِمَ لمْ تَسْتَكْثِر عن الشَّعْبِي؟ قال: كان يَحْتَقِرُنِي، كنتُ آتِيهِ مع إِبْرَاهِيمَ، فيُرَحِّبُ به، ويقُول لي: اقْعُدْ ثَمَّ أَيُّهَا العَبْدُ، ثم يقول:
لَا نَرَفْعُ الْعَبْدَ فَوْقَ سُنَّتِهِ *** مَا دَامَ فِينا بِأَرْضِنَا شَرَفُ
أي: شَرِيفٌ، فتَأَمَّلْ ذلك.
والشَّارِفُ مِن السَّهَامِ: الْعَتِيقُ الْقَدِيمُ، نَقَلَهُ الجَوْهِريُّ، وَأَنْشَدَ لأَوْسٍ يَصِفُ صَائِدًا:
يُقَلِّبُ سَهْمًا رَاشَهُ بِمَنَاكِبٍ *** ظُهَارٍ لُؤَامٍ فهْو أَعْجَفُ شَارِفُ
ويقَالُ: سَهْمٌ شَارِفٌ، إذا كان بَعِيدَ العهدِ بالصِّيانَةِ، وَقيل: هو الذي انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هو الدَّقيقُ الطَّوِيلُ.
والشَّارِفُ مِن النُّوقِ: الْمُسِنَّةُ الْهَرِمَةُ، وَقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: هي النَّاقَةُ الهِمَّةُ، وفي الأَسَاسِ: هي الْعَالِيَةُ السِّنِّ، ومنه حديثُ ابن زِمْلِ: «وإذا أَمامَ ذلك نَاقَةٌ عَجْفَاءُ شَارِفٌ» كَالشَّارِفَةِ، وقد شَرُفَتْ، شُرُوفًا، بالضَّمِّ، كَكَرُمَ، وَنَصَرَ، وَالمصدرُ الذي ذكَره مِن باب نَصَرَ قِياسًا، ومن بابِ كَرُمَ بخِلافِ ذلك: الجمع: شَوَارِفُ، وشُرُفٌ، ككُتُبٍ، ورُكَّعٍ، وَقال الجَوْهَرِيُّ: بضمِّ فسُكُونٍ، ومِثْلُه بَازِلٌ، وبُزْلٌ وعَائِدٌ وَعُوذٌ، وشُرُوفٌ، مِثْل عُدُولٍ، وَلا يُقَالُ للجَمَلِ: شَارِفٌ، وَأَنْشَدَ اللَّيْثُ:
نَجَاة مِنَ الْهُوجِ الْمَرَاسِيلِ هِمَّة *** كُمَيْت عَلَيْهَا كَبْرَةٌ فَهْيَ شَارِفُ
وَنَقَلَ شيخُنَا عن تَوْشِيحِ الجَلالِ، أَنَّهُ يُقَالُ للذَّكَرِ أَيضًا، وَفي حديثِ عليٍّ رضي الله عنه: «أَصَبْتُ شَارِفًا مِن مَغْنَمِ بَدْرٍ، وأَعْطَانِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، [شارفًا] فأَنَخْتُهُمَا ببابِ رَجُلٍ مِن الأَنْصَارِ، وحَمْزَةُ في البَيْتِ، ومعه قَيْنَةٌ تُغَنِّيهِ:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النَّوَاءِ *** فَهُنَّ مُعَقَّلَاتٌ بِالْفِنَاءِ
ضَعِ السِّكِّينِ في اللِّبَاتِ منها *** وَضَرِّجْهُنَّ حَمْزَةُ بالدِّماءِ
وَعَجِّلْ مِن أَطَايِبِها لشرفٍ *** طَعَامًا مِن قَدِيدٍ أو شِوَاءِ
فَخَرَجَ إِليهما فَجَبَّ أَسْنِمَتَهما، وبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وأَخَذَ أَكْبَادَهُمَا، فنَظَرْتُ إلى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فخَرَجَ ومعه زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ رضي الله عنه، حتى وَقَفَ عَلَيه، وتَغَيَّظَ، فرَفَعَ رَأْسَهُ إِليه، وقال: هَل أَنْتُمْ إِلَّا عَبيدُ آبَائِي؟ فرَجَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقَهْقِرُ» قال ابنُ الأَثِيرِ: هي جَمْعُ شَارِفٍ، وتُضَمُّ رَاؤُهَا وتُسَكَّن تَخْفِيفًا، ويُرْوَى: ذَا الشَّرَفِ، بفَتْحِ الرَّاءِ والشِّينِ، أي: ذا العَلاءِ والرِّفْعَةِ.
وفي الحديث: «أَتَتْكُمُ» كما هو نَصُّ العُبابِ والرِّوَايَةُ: «إِذَا كَانَ كَذَا وكَذَا أَنَّى أَنْ تَخْرُجَ بكُمُ الشُّرُفُ الجُونُ» بضَمَّتَيْنُ أي: الْفِتَنُ الْمُظْلِمَةُ، وَهو تَفْسِيرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حين سُئِل: وما الشُّرُفُ الجُونُ يا رَسُولَ الله؟ قال: «فِتَنٌ كقِطْعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ». وقال أبو بكرٍ: الشُّرْفُ: جَمْعُ شَارف، وَهي النَّاقَةُ الهَرِمَةُ، شَبَّهُ الفِتَنَ في اتِّصالِهَا، وامْتِدَادِ أَوْقَاتِهَا بالنُّوقِ المُسِنَّةِ السُّودِ، والجُونُ: السُّودُ، قال ابنُ الأَثِيرِ: هكذا يُرْوى، بسُكُونِ الرَّاءِ، وهو جَمْعٌ قَلِيلٌ في جَمْعِ فاعِلٍ، لم يَرِدْ إِلَّا في أَسْمَاءٍ مَعْدُودَةٍ ويُرْوَى: «الشُّرْقُ الْجُونُ»، بِالْقَافِ، جَمْعُ شَارِقٍ، أي: الْفِتَنْ الطَّالِعَةُ، مِن نَاحِيَةِ المَشْرِقِ، نَادِرٌ لم يَأْتِ مِثْلُه إِلا أَحْرُفٌ مَعْدُودَةٌ، مِثْل بَازِلٍ وبُزْلٍ، وحَائِلٍ وحُولٍ، وعَائِذٍ وعُوذٍ، وعَائِطٍ وعُوطٍ.
والشُّرْفُ أَيْضًا مِن الْأَبْنِيَةِ: مَا لَها شُرَفٌ، الْوَاحِدَةُ شَرْفَاءُ، كحَمْرَاءَ وحُمْرٍ، ومنه حديثُ ابنُ عَبَّاسٍ: رضي الله عنهما: «أُمِرْنَا أَنْ نَبْنِي المَسَاجِدَ جُمًّا، والمَدائِنَ شُرْفًا» وَفي النِّهَايَةِ: أرادَ بالشُّرْفِ التي طُوِّلَتْ أَبْنَيتُهَا بالشُّرَفِ، الوَاحِدَةُ شُرْفَةٌ.
والشَّوَارِفُ: وِعَاءُ الخَمْرِ مِن خابِيةٍ ونحوها.
والشَّارُوف: جَبَلٌ، قال الجَوْهَرِيُّ: مُوَلَّدٌ.
قال: والمِكْنَسَةُ تُسَمَّى شَارُوفًا، وهو مُعَرَّبُ جَارُوبْ، وَأَصْلُه جَاى رُوبْ، أي كَانِسُ المَوْضِعِ.
وشَرَافِ، كَقَطَامِ: موضع بَيْنَ وَاقِصَةَ والفَرْعَاءِ، أَوْ مَاءَةٌ لِبَنِي أَسَدٍ، وَمنه حديثُ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «يُوشِك أَنْ لا يَكُونَ بَيْنَ شَرَافِ وأَرْضِ كذا وكذا جَمَّاءُ، ولا ذَاتُ قَرْنٍ، قيل: وكيف ذاك؟ قال: «يكونُ النَّاسُ صُلَامَاتٍ، يَضْرِبُ بَعْضُهُم رِقَابَ بَعْضٍ»، وقال المُثَقِّبُ العَبْدِيُّ:
مَرَرْنَ عَلَى شَرَافِ فَذَاتِ رَجْلٍ *** وَنَكَّبْنَ الذَّرَانِحَ بالْيَمِينِ
وبِنَاؤُه علَى الكَسْرِ هو قَولُ الأَصْمَعِيِّ، وأَجْرَاهُ غيرُه مُجْرَى ما لا يَنصَرِفُ مِن الأَسْمَاءِ، أَو هو: جَبَلٌ عَالٍ، أَو يُصْرَفُ، ومنه قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
مَرَّتْ بنَعْفَىْ شَرَافٍ وهي عَاصِفَةٌ *** تَخْدِي علَى بَسَرَاتٍ غيْرِ أَعْصَالِ
أو هو كَكِتَابٍ، مَمْنُوعًا من الصَّرْفِ، فصار فيه ثَلاثُ لُغَاتٍ.
وشُرَافٌ، كَغُرَابٍ: مَاءٌ غيرُ الذي ذُكِرَ.
وشَرَفَهُ، كَنَصَرَهُ، شَرْفًا: غَلَبَهُ شَرَفًا، فهو مَشْرُوفٌ، زاد الزَّمَخْشَرِيُّ: وكذا: شَرُفْتُ عَلَيه، فهو مَشْرُوفٌ عَلَيه، أَو طَالَهُ في الْحَسَبِ، وَقال ابنُ جِنِّي: شَارَفَهُ فَشَرَفَهُ، يَشْرُفُه: فَاقَه في الشَّرَفِ، وشَرَفَ الْحَائِطَ، يَشْرُفُه، شَرْفًا: جَعَلَ لَهُ شُرْفَةً، بالضَّمِّ، وسَيَأْتِي قريبًا. وقَوْلُ بِشْرِ بنِ المُعْتَمِر:
وَطَائِرٌ أَشْرَفُ ذُو جُرْدَةٍ *** وَطَائِرٌ ليْسَ له وَكْرُ
قال عمرو: الْأَشْرَفُ مِن الطَّيرِ: الْخُفَّاشُ لأَنَّ لأُذُنَيْهِ حَجْمًا ظاهِرًا، وهو مُتَجَرِّدٌ مِن الزِّفِّ والرِّيشِ، وهو طائرٌ يَلِدُ ولا يَبِيضُ، وقَوْلُهُ: وطَائِرٌ آخَرُ ولا وَكْرَ له هكذا هو في النُّسَخِ، ولا يَخْفَى أَنَّه تَفسِيرٌ للمِصْرَاعِ الأَخِيرِ مِنَ البَيْتِ، الذي ذَكَرْنَاه لِبِشْرٍ، لأَنَّه من مَعَانِي الأَشْرَفِ، وانْظُرْ إلى نَصِّ اللِّسَانِ، والعُبَابِ، بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ بِشْرٍ، ما نَصُّه: وَالطائِر الذِي لا وَكْرَ له، هو طائِرٌ يُخْبِرُ عنه البَحْرِيُّون أَنَّه لا يَسْقُطُ إِلَّا رَيْثَمَا يَجْعَلُ لِبَيْضِهِ أُفْحُوصًا مِن تُرَابٍ، ويِبَيضُ، وَيُغطِّي عَلَيْهِ، ولا يَخْفَى أنَّ قَوْلَهُ: ويَبِيضُ، ليس فيما نَصَّ عَليه الصَّاغَانِيُّ، وصاحِبُ اللِّسَانِ عن البَحْرِيِّين، وهو بَعْدَ قَوْلِه: لِبَيْضِهِ، غيرُ مُحْتَاجَ إليه، ويَطِيرُ أي: ثُمَّ يَطِيرُ في الهَوَاءِ، وبَيْضُهُ يتَفَقَّسُ، وفي بعض النسخ: يَنْفَقِشُ بِنَفْسِهِ، عندَ انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ، فإِذا أَطَاقَ فَرْخُهُ الطَّيَرَانَ كَانَ كَأَبَوَيْهِ في عَادَتِهِمَا، فهذه العِبَارَةُ سِيَاقُهَا في وَصْفِ الطَّيْرِ الآخَرِ، الذِي قَالَهُ بِشْرٌ في المِصْرَاعِ الأَخِيرِ، فتَأَمَّلْ ذلك.
ومَنْكِبٌ أَشْرَفُ. عَالٍ، وَهو الذي فيه ارْتِفَاعٌ حَسَنٌ، وهُوَ نَقِيضُ الأَهْدَإِ.
وأُذُنٌ شَرْفَاءُ: طَوِيلَةٌ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وزاد غيرُه: قَائِمَةٌ مُشْرِفَةٌ، وكذلك الشُّرَافِيَّةُ.
قال: وشُرْفَةُ الْقُصْرِ، بِالضَّمِّ: معروف معروف، الجمع: شُرَفٌ، كَصُرَدٍ، جَمْعُ كَثْرَةٍ، ومنه حديث المَوْلِدِ: «ارتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى، فَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً» ويُجْمَع أَيضًا على شُرفاتٍ، بضَمِّ الرَّاءِ وفَتْحِهَا وسُكُونِها، ويُقَال أَيضًا: إِنَّهَا جَمْعُ شُرُفَةٍ، بضَمَّتَيْنِ، وهو جَمْعُ قِلَّةٍ، لأَنَّهُ جَمْعُ سَلامَةٍ، قال الشِّهَابُ: شُرُفَاتُ القَصْرِ: أَعالِيهِ، هكذا فَسَّرُوه، وإِنَّما هي ما يُبْنَى على أَعْلَى الحائطِ مُنْفَصِلًا بَعْضُه مِن بَعْضٍ، علَى هَيْئَةٍ مَعْرُوفَةٍ.
وقال الأَصْمَعِيُّ: شُرْفَةُ الْمَالِ: خِيَارُهُ.
وقَوْلُهُم: إِنِّي أَعُدُّ إِتْيَانَكُمْ شُرْفَةً، بِالضَّمِّ، وَأَرَى ذلك شُرْفَةً، أيْ فَضْلًا، وشَرَفًا أَتَشَرَّفُ به.
وشُرُفَاتُ الْفَرَسِ، بِضَمَّتَيْنِ: هَادِيهِ، وقَطَاتُهُ.
وأُذُنٌ شُرَافِيَّةٌ، وشُفَارِيَّةٌ: إذا كَانَتْ عَالِيَةً طويلةً، عليها شَعَرُ.
وقال غيرُه: نَاقَةٌ شُرافِيَّةٌ: ضَخْمَةُ الْأُذُنَيْنِ، جَسِيمَةٌ، وَكذلك نَاقَةٌ شَرْفَاءُ.
والشُّرَافيُّ، كغُرَابِيٍّ: ثِيَابٌ بِيضُ، أَو هو مَا يُشْتَرى مِمَّا شارَفَ أَرْضَ الْعَجَمِ مِن أَرْضِ الْعَرَبِ، وَهذا قَوْلُ الأصْمَعِيِّ.
ومِن المَجَازِ: أَشْرَافُكَ: أُذُنَاكَ وأَنْفُكَ، هكذا ذكَرُوا، وَلم يذْكُرُوا لها واحدًا، والظَّاهرُ أنَّ وَاحِدَهَا شَرَفٌ، كسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وإِنَّمَا سُمِّيَتِ الأُذُنُ والأَنْفُ شَرْفَاءَ، لِبُرُوزِهَا وَانْتِصَابِهَا، وقَال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ:
كَقَصِيرٍ إذْ لم يَجِدْ غَيْرَ أَنْ جَدْ *** دَعَ أَشْرَافَهُ لشُكْرٍ قَصِيرُ
وَفي المُحْكَمِ: الأَشْرَافُ: أَعْلَى الإِنْسَانِ، واقْتَصَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ على الأَنْف.
والشِّرْيَافُ، كَجِرْيالٍ: وَرَقُ الزَّرْعِ إذا طَالَ وكَثُرَ، حتى يُخَافَ فَسَادُهُ، فَيُقْطَعَ، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ، وقد شَرْيَفَهُ، والنُّونُ بَدَل اليَاءِ، لُغَةٌ فيه، وهما زَائِدَتان كما سيأتي.
ومَشَارِفُ الأَرْضِ: أَعَالِيهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
ومَشَارِفُ الشَّامِ: قُرًى مِن أَرْضِ العَرَبِ، تَدْنُو مِن الرِّيفِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، عن أبي عُبَيْدَةَ، وقال غَيْره: مِن أَرْضِ اليَمَنِ، وقد جاءَ في حديثِ سَطِيحٍ: «كان يسكُن مَشَارِفَ الشَّامِ» وهي: كُلُّ قَرْيَةٍ بَيْنَ بلادِ الرِّيفِ وبَيْنَ جَزِيرَةِ العَرَبِ، لأَنَّهَا أَشْرَفَتْ علَى السَّوادِ، ويُقَال لها أَيضًا: المَزَارِعُ، كما تقدَّم، والبَرَاغِيلُ كما سَيَأْتِي، قال أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْهَا السُّيُوفُ الْمَشْرَفِيَّةُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، يُقَال: سَيْفٌ مَشْرَفيٌّ، وَلا يُقَال: مَشَارِفيٌّ، لأَنَّ الجَمْعَ لا يُنْسَبُ إِليه إذا كان علَى هذا الوَزْنِ، لا يُقَال: مَهَالِبِيٌّ، ولا: جَعَافِرِيٌّ، ولا: عَبَاقِرِيٌّ، كما في الصِّحاحِ، وقال كُثَيِّرٌ:
فما تَرَكُوهَا عَنَوَةً عن مَوَدَّةٍ *** وَلكنْ بحَدِّ المَشْرَفيِّ اسْتَقالَها
وَقال رُؤْبَةُ:
والحَرْبُ عَسْرَاءُ اللِّقَاحِ المُغْزِي *** بالمَشْرِفِيَّاتِ وطَعْنٍ وَخْزِ
وَفي ضِرَامِ السِّقْطِ: مَشْرَفٌ: اسْمُ قَيْنٍ، كان يَعْمَلُ السُّيُوفَ.
وأَبو الْمَشْرَفيِّ، بفَتْحِ المِيمِ والرَّاءِ، بِاسْمِ السَّيْفِ: عَمْرُو بنُ جَابِرِ الحِمْيَرِيُّ، يُقَال: إنَّه أَوَّلُ مَوْلُودٍ بِوَاسِطَ.
وأَبو المَشْرَفيِّ: كُنْيَةُ لَيْثٍ، شَيْخِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ الرَّاوِي عَن أَبي مَعْشَرٍ زِيَادِ بنِ كُلَيْبٍ التمِيمِيِّ الكُوفيِّ، الرَّاوِي عن إِبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ، قلتُ: وهو لَيْثُ بنُ أَبي سُلَيْمٍ اللَّيْثِيُّ الكُوفيُّ، هكذا ذَكَرَه المُزَنِيُّ. وقد ضَعَّفُوه لِاخْتِلاطِهِ، كما في ديوان الذَّهَبِيِّ.
وشَرِفَ الرَّجُلُ، كَفَرِحَ: دَامَ علَى أَكْلِ السَّنَامِ.
وشَرِفَتِ الْأُذُنُ، شَرَفًا، وكذا شَرِفَ الْمَنْكِبُ: أي ارْتَفَعَا، وَأَشْرَفَا، وقيل: انْتَصَبا في طُولٍ.
وشَرُفَ الرَّجُلُ، كَكَرُمَ شَرَفًا، مُحَرَّكَةً، وَشَرَافَةً: علَا في دِينٍ أو دُنْيَا، فهو شَرِيفٌ، والجَمْعُ: أَشْرَافٌ، وقد تقدَّم.
وأَشْرَفَ الْمَرْبَأَ: عَلَاهُ، كَشَرَّفَهُ، تَشْرِيفًا، هكذا في النُّسَخِ، والصَّوابُ، كتَشَرَّفَهُ، وشَارَفَهُ، مُشَارِفَةً، وفي الصِّحاحِ: تَشَرَّفْتُ المَرْبَأَ، وأَشْرَفْتُهُ: أي عَلَوْتُهُ، قال العَجَّاجُ:
ومَرْبَإِ عَالٍ لِمَنْ تَشَرَّفَا *** أَشْرَفْتُهُ بلا شَفًى أو بِشَفَى
وَفي اللِّسَانِ: وكذلك أَشْرَفَ علَى المَرْبَإِ: عَلاهُ.
وأشْرَفَ عَلَيْهِ: اطَّلَعَ عَلَيه مِن فَوْقٍ، وذلك الْمَوْضِعُ مُشْرَفٌ، كَمُكْرَمٍ، وَمنه الحديثُ: «ما جاءَك مِن هذا المَالِ وَأنْتَ غَيْرَ مشْرِفٍ ولا سَائِلٍ، فَخُذْهُ».
وأَشْرَفَ الْمَرِيضُ علَى الْمَوْتِ: إذا أَشْفَى عليه.
وأَشْرَفَ عَلَيْهِ: أَشْفَقَ، قال الشَّاعِرُ، أَنْشَدَهُ اللَّيْثُ:
وَمِنْ مُضَرَ الْحَمْرَاءِ إِشْرَافُ أَنْفُسٍ *** علينا وحَيَّاهَا إِلَيْنَا تَمَضَّرَا
ومُشْرِفٌ، كَمُحْسِنٍ: رَمْلٌ بِالدَّهْنَاءِ قال ذُو الرُّمَّةِ:
إِلَى ظُعُنٍ يَعْرِضْنَ أَجْوَازَ مُشْرِفٍ *** شِمَالًا وعَنْ أَيْمَانِهِنَّ الْفَوَارِسُ
ومُشَرَّفٌ، كَمُعَظَّمٍ: جَبَلٌ. قال قَيْسُ بن عَيْزارَةَ:
فإِنَّكَ لَوْ عَالَيْتَهُ في مُشَرَّفٍ *** مِن الصُّفْرِ أَوْ مِن مُشْرِفَاتِ القَّوائِم
هكذا فَسَّرَه أَبو عمرٍو، وقال غيرُه: أي في قَصْرٍ ذِي شُرُفٍ مِن الصُّفْرِ.
وشَرِيفَةُ، كَسَفِينَةٍ بنتُ محمدِ بنِ الفَضْلِ الفُرَاوِيِّ، حَدَّثَتْ عن جَدّها لأُمِّهَا طَاهِرٍ الشَّحَامِيِّ، وعنها ابنُ عَسَاكِرَ.
وشَرَّفَ الله الْكَعْبَةَ، تَشْرِيفًا، مِن الشَّرَفِ، مُحَرَّكَةً، وهو المَجْدُ.
وشَرَّفَ فُلَانٌ بَيْتَهُ، تَشْرِيفًا: جَعَلَ له شُرَفًا، وَلَيْسَ مِن الشَّرَفِ.
وتَشَرَّفَ الرَّجُلُ: صَارَ مُشَرَّفًا مِن الشَّرَفِ.
وتُشُرِّفَ الْقَوْمُ، بِالضَّمِّ، أي مَبْنِيًّا للمَجْهُولِ: قُتِلَتْ أَشْرَافُهُم، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.
واسْتَشْرَفَهُ حَقَّهُ: ظَلَمَهُ، وَمنه قَوْلُ ابنِ الرِّقَاعِ:
وَلَقَدْ يَخْفِضُ الْمُجَاوِرُ فيهمْ *** غَيْرَ مُسْتَشْرَفٍ ولَا مَظْلُومِ
واسْتَشْرَفَ الشَّيْءَ: رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيْهِ، وبَسَطَ كَفَّهُ فَوْقَ حَاجِبهِ، كَالْمُسْتَظِلِّ مِن الشَّمْسِ، نَقَلهُ الجوْهَرِيُّ، قال: وَمنه قَولُ الحُسَيْنِ بنِ مُطَيْرٍ الأَسَدِيّ:
فَيَا عَجَبًا للنَّاسِ يَسْتَشْرِفُونَنِي *** كَأَنْ لم يَرَوْا بَعْدِي مُحِبًّا ولا قَبْلِي
وَأَصْلُه مِن الشَّرَفِ: العُلُوّ؛ فإِنَّه يُنْظَر إليه مِن مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ، فيكونُ أَكْثَرَ لإِدْرَاكِه، وفي حديثِ الفِتَنِ: «ومَنْ تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وَجَدَ مَلْجَأً أو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِه» ومنه حديثُ الأَضْحِيَةِ، عن عليٍّ رضي الله عنه: «أُمِرْنَا أَن نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ والأُذُنَ»: أي نَتَفَقَّدَهُما، ونَتَأَمَّلَهُمَا، أي نَتَأَمَّلُ سلامَتَها مِن آفَةٍ بهما، لِئَلَّا يَكُون فِيهِما نَقْصٌ، مِن عَوَرٍ أو جَدْع، فآفَةُ العَيْنِ العَوَرُ، وآفَةُ الأُذُنِ الجَدْعُ، فإِذا سَلِمَتِ الأُضْحِيَةُ منهما جَازَ أَنْ يُضَحَّى [بها]، وقيل: مَعْنَاه أيْ نَطْلُبَهُمَا شَرِيفَيْنِ، هكذا في النُّسَخِ، والصَّوابُ: شَرِيفَتَيْن بِالتَّمَامِ سلَامةِ، وقيل: هو مِن الشُّرْفَةِ، وهو خِيَارُ المالِ، أي: أُمِرْنَا أَن نَتَخَيَّرَهُمَا.
وشَارَفَهُ، مُشارَفَةً: فَاخَرَهُ في الشَّرَفِ، أَيُّهما أَشْرَفُ، فَشَرَفَهُ: إذا غَلَبَهُ في الشَّرَفِ.
واسْتَشْرَفَ: انْتَصَبَ، وَمنه حديثُ أَبِي طَلْحَةَ، رضي الله تعالَى عنه: «أَنَّه كانَ حَسَنَ الرَّمْيِ، فكان إذا رَمَى اسْتَشْرَفَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، لِيَنْظُرَ إِلَى مَواقِعِ نَبْلِهِ» قال:
تَطَالَلْتُ واسْتَشْرَفْتُهُ فَرَأَيْتُهُ *** فقُلْتُ له: آأَنْتَ زَيْدُ الأَرَامِلِ؟
وفَرَسٌ مُشْتَرِفٌ: أي مُشْرِفُ الْخُلْقِ. وشَرْيَفَهُ: قَطَعَ شِرْيَافَه* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الاشْتِرَافُ: الانْتِصَابُ، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وَالتَّشْرِيفُ: الزِّيَادَةُ، ومنه قَوْلُ جَرِيرٍ:
إذا ما تَعَاظَمْتُمْ جُعُورًا فَشَرِّفُوا *** جَحِيْشًا إِذَا أَبَتْ مِنَ الصَّيْفِ عِيرُهَا
قال ابنُ سِيدَهُ: أَرَى أنَّ مَعْنَاهُ: إذا عَظُمَتْ في أَعْيُنِكم هذه القَبِيلةُ مِن قبَائِلِكم، فَزِيدُوا منها في جَحِيشِ هذه القَبِيلَةِ القَلِيلَةِ.
وَالجَمْعُ أَشْرَافٌ، كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ، قال الأَخْطَلُ:
وَقد أَكَلَ الْكِيرَانُ أَشْرَافَهَا الْعُلَى *** وَأُبْقِيَتِ الْأَلْوَاحُ والْعَصَبُ السُّمْرُ
قال ابنُ بُزُرْجَ: قالُوا: لك الشُّرْفَةُ في فُؤَادِي علَى النَّاسِ.
وَأَشْرَفَ علَى الشَّيْءِ، كتَشَرَّف عَلَيه.
وَنَاقَةٌ شَرْفَاءُ: شُرَافِيَّةٌ.
وَضَبٌّ شُرَافيٌّ: ضَخْمُ الأُذُنَيْنِ، جَسِيمٌ، ويَرْبُوعٌ شُرَافيٌّ: كذلك، قال:
وَإِنِّي لأَصْطَادُ الْيَرَابِيعَ كُلَّهَا *** شُرَافِيَّهَا والتَّدْمُرِيَّ الْمُقَصَّعَا
وَأَشْرَفَ لك الشَّيءُ: أَمْكَنَكَ.
وشَارَفَ الشَّيْءَ: دَنَا منه، وقَارَبَ أَنْ يَظْفَرَ به، وقيل: تَطَلَّعَ إِلَيْهِ، وحَدَّثَتْهُ نَفْسُه بِهِ، وتَوَقَّعَهُ.
وَمنه: فُلانٌ يتَشَرَّف إِبِلَ فُلانٍ، أي: يَتَعَيَّنُهَا، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وَشَارَفُوهُمْ: أَشْرَفُوا عليهم.
وَالإِشْرَافُ: الحِرْصُ والتَّهَالُكُ، ومنهالحديثُ: «مَنْ أَخَذَ الدُّنْيَا بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَم يُبَارَكْ له فيها»، وقال الشاعر:
لَقَدْ عَلِمْتُ ومَا الْإِشْرَافُ مِنْ طَمَعِي *** أنَّ الذي هُوَ رِزْقي سَوْفَ يَأْتِينِي
وَنُهْبَةٌ ذَاتُ شَرَفٍ: أي ذَاتُ قَدْرٍ وقِيمَةٍ ورِفْعَةٍ، يَرْفَعُ النَّاسُ أَبْصَارَهم إِليها، ويَسْتَشْرِفُونَهَا، ويُرْوَى بالسِّينِ، وقد أَشَارَ له المُصَنِّفُ في «س ر ف».
وَاسْتَشْرَفَ إِبِلَهم: تَعَيَّنَها لِيُصِيبَها بالعَيْنِ.
وَدَنٌّ شَارِفٌ: قَدِيمُ الخَمْرِ، قال الأَخْطَلُ:
سُلَافَةٌ حَصَلَتْ مِنْ شَارِفٍ حَلِقٍ *** كَأَنَّمَا فَارَ منها أَبْجَرٌ نَعِرُ
وَشَرَّفَ النَّاقَةَ، تَشْرِيفًا: كادَ يَقْطَعُ أَخْلافَهَا بالصَّرِّ، قالَهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ، وأَنْشَدَ:
جَمَعْتُهَا مِنْ أَيْنُقٍ غِزَارِ *** مِن اللَّوا شُرِّفْنَ بِالصِّرَارِ
أرادَ: مِنَ اللَّوَاتِي، وإِنَّمَا يُفْعَلُ ذلك بها ليَبْقَى بُدْنُها وَسِمَنُهَا، فيُحْمَل عليها في السَّنَةِ المُقْبِلَةِ.
وَثَوْبٌ مُشَرَّفٌ: مَصْبُوغٌ أَحْمَرُ، وقال أَيضًا: العُمَرِيَّةُ: ثِيَابٌ مَصْبُوغَةٌ بالشَّرَفِ، وهو طِينٌ أَحْمَرُ، وثَوْبٌ مُشَرَّفٌ: مَصْبُوغٌ بالشَّرَفِ، وأَنْشَدَ:
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيَّةٌ *** علَى غَمْلَجٍ طَالَتْ وتَمَّ قَوَامُهَا
وَيُقال: شَرْفٌ وشَرَفٌ للْمَغْرَةِ، وقال اللَّيْثُ: الشَّرَفُ: [شجرٌ له] صِبْغٌ أَحْمَرُ، يُقال له: الدَّارْ بَرْنَيان، وقال الأَزْهَرِيُّ: والقَوْلُ ما قَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ في المُشَرَّفِ.
وَكَعْبُ بنُ الأشْرَفِ، مِن رؤَسَاءِ اليهُودِ.
وَأَبو الشَّرْفَاءِ: مِن كُنَاهم، قال:
أَنا أبو الشَّرْفَاءِ مَنَّاعُ الْخَفَرْ
أَراد: مَنَّاعَ أَهْلِ الخَفَرِ.
وَالشُّرَفَا، والأَشْرَفِيَّاتُ، ومُنْيَةُ شَرَفٍ، ومُنْيَةُ شَرِيفٍ: قُرًى بمصرَ، من أَعْمَالِ المَنْصُورَةِ، ومُنْيَةُ شَرِيفٍ: أُخْرَى من الغَرْبِيَّةِ، وأُخْرَى مِن المَنُوفِيَّةِ.
وَمُشَيْرَفُ، مُصَغَّرًا: قَرْيَةٌ بالمَنُوفِيَّةِ، وهي في الدِّيوانِ: شُمَيْرَفُ، بتَقْدِيمِ الشّينِ، كما سيأتِي.
وَكزُبَيْرٍ: شُرَيْفُ بنُ جِرْوَةَ بنِ أُسَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ.
في نَسَبِ حَنْظَلَةَ الكاتبِ.
وَإِبراهيمُ بنُ شُرَيْفٍ، عن أبي طالبِ بنِ سَوادَةَ، وعنه عُمَرُ بنُ إبراهيمَ الحَدَّادُ.
وَشِرَافَةُ، بالكَسْرِ: قَرْيَةٌ بالمَوْصِلِ، ذكَرَه ابنُ العَلاءِ الفَرَضِيِّ.
وَشُرَّافَةُ المَسْجِدِ، كتُفَّاحةٍ، والجَمْعُ: شَرَارِيفُ، هكذا اسْتَعْمَلَهُ الفُقَهَاءُ، قال شيخُنَا: وهو من أَغْلاطِهِم، كما نَبَّه عليه ابنُ بَرِّيّ، ونَقَلَهُ الدَّمَامِينِيُّ في شَرْحِ التَّسْهِيلِ.
وَقَطَع الله شُرُفَهُمْ ـ بضَمَّتَيْنِ ـ أي: أُنُوفَهم، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
73-تاج العروس (جسق)
[جسق]: الجَوْسَقُ: القَصْرُ نقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقال اللَّيْثُ: هو مُعَرَّبٌ، وأَنشدَ:إِنِّي أَدِينُ بما دانَ الشُّراةُ بِه *** يَوْمَ الخُرَيْبَةِ عندَ الجَوْسَقِ الخَرِبِ
قلتُ: وأَصْلُها بالفارِسِيَّة: كوشك.
وقال ابنُ بَرّيّ: الجَوْسَقُ: الحِصْنُ، وشاهِدُه قول النُّعْمان بن عَدِيٍّ:
لعَلَّ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ يَسُوؤُه *** تَنادُمُنا بالجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ
والجَوْسَقُ: لَقَبُ محمَّدِ بن مُسْلمٍ المُحَدِّثِ نقَله الصّاغانيُّ.
وجَوْسَقُ: قرية، بدُجَيْلٍ، وبِقُرْبها جَبَلٌ.
وجَوْسَقُ: قرية، أُخْرَى ببَغْدادَ.
وجَوْسَقٌ: قرية، بالنَّهْرَوانِ من أَعْمالِ بَغْدادَ منها: أَبُو طاهِرٍ الخَلِيلُ بنُ عَلِيّ بنِ إِبراهِيمَ الضَّرِيرُ المُقْرِئُ سَكَنَ بَغْدادَ، وروى عن ابن البَطِرِ والنِّعالِيِّ، وعنه السَّمْعانِيُّ، وُلد سنة 482.
وجَوْسَقُ: قرية، بنَهْرِ المَلِكِ.
وجَوْسَقُ: قرية، تُجاهَ بُلْبَيْسَ شرقِيَّ مِصْرَ.
وجَوْسَقُ: قَلْعَةٌ هناك.
وجَوْسَقُ: قَرْيتانِ بالرَّيِّ.
وجَوْسَقُ: دارٌ بُنِيَتْ للمُقْتَدِرِ باللهِ الخَلِيفَةِ في دارِ الخِلافَةِ يُقال: إِنَّ في وَسَطِها بِرْكَة مِنَ الرَّصاصِ ثَلاثُون ذِراعًا في عِشْرِينَ ذِراعًا.
وجُواسَقان، بالضَّمِّ وفَتْحِ السِّينِ وفي العُبابِ: جَوْسَقان: قرية، بِأسْفِرايِنَ متَّصِلَةٌ بها، ومثلُه في التَّكْمِلَة.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
74-تاج العروس (دبق)
[دبق]: الدِّبْقُ، بالكَسْرِ عن اللَّيْثِ، والدّابُوقُ عن الفَرّاءِ، والدَّبُوقاءُ هذِه من أَبْنِيَةِ كِتابِ سِيبَوَيْهِ: غِراءٌ يُصادُ بهِ الطَّيْرُ، وقالَ الفرّاءُ: شَيْءٌ يَلْتَزِقُ كالغِراءِ، يُصادُ به. وقالَ اللَّيْثُ: حَمْلُ شَجَرَةٍ في جَوْفِه كالغِراءِ يَلْزَقُ بجناحِ الطَّيْرِ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الدِّبْقُ: ما يُصادُ به الطَّيْرُ، غِراءٌ مَعْروفٌ، قال: وقالُوا: الطِّبْقُ في بَعْضِ اللُّغاتِ، وقالَ داودُ الحَكِيم: حُكْم الدِّبْقِ في وُجُودِه على الشَّجَرةِ حُكْمُ الشَّيْبَة، لكِنَّه حَبٌّ كالحِمَّصِ في اسْتِدارَةٍ، خَشِنٌ في الغالِبِ، يُكْسَرُ عن [رُطُوبَة] تَدْبَقُ بشِدَّةٍ إِلى صَفارٍ مّا، وأَجْوَدُه الأَمْلَسُ الرِّخْوُ الكَثِيرُ الرُّطُوبَةِ الضّارِبُ قِشْرُه إِلى خُضْرَةٍ، وأَكثَرُ ما يكونُ على البَلُّوطِ، وإِذا طُبِخَ مع العَسَلِ والدِّبْسِ والسبستان، ومُدَّ فَتائِلَ مُسْتَطِيلة، ووضِعَ على الأَشْجارِ عَلِقَتْ به الطُّيُورُ، مُجَرَّبٌ.والدَّبُوقاءُ: العَذرَةُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ:
والمِلْغُ يَلْكَى الكَلامِ الأَمْلَغِ *** لَوْلا دَبُوقاءُ اسْتِه لَمْ يَبْطَغِ
وقالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ ما تَمَطَّطَ وتَمَدَّدَ وتَلَزَّجَ فهو دَبُوقاءُ.
ودابِقُ كصاحِبٍ، وهاجَر: قرية، بحَلَبَ إِليه نُسِبَ المَرْجُ، وهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ فَراسِخَ من حَلَب، وبها قَبْرُ سُلَيْمانَ بنِ عبدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ.
والأَغْلَبُ على دابِقٍ التَّذْكِيرُ والصَّرْفُ؛ لأَنَّه في الأَصْلِ اسمُ نَهْر قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لغَيْلانَ بنِ حُرَيْثٍ:
بدابقٍ وأَيْنَ مِنِّي دابِقُ
وقد يُؤَنَّثُ، ولا يُصْرَفُ.
ودُوَيْبِقُ على التَّصْغِير: قرية، بقُرْبِها.
والدَّبُّوقُ كتَنُّورٍ: لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بها الصِّبْيانُ معروف مَعْرُوفَةٌ.
والدَّبُّوقَةُ بهاءٍ: الشَّعَرُ المَضْفُورُ لُغَةٌ مُوَلَّدَةٌ قالَه الصّاغانِيُّ.
ودَبْقَى كسَكْرَى: قرية، بمصر.
ودَبِيقُ كأَمِيرٍ: د، بها بينَ الفَرَمَا وتِنِّيس، خَرِبَ الآنَ، ولم يَبْقَ شَيْءٌ منهُ. منها كذا في النُّسَخِ وصَوابه منه الثِّيابُ الدَّبِيقِيَّةُ وهي من دِقِّ الثِّيابِ، كانَتْ تُتَّخَذُ بِها، وكانَتْ العِمامَةُ منها طُولُها مائةُ ذِراعٍ، وفيها رَقَماتٌ مَنْسُوجَةٌ بالذَّهَبِ، تَبْلُغُ العِمامَةُ من الذَّهَبِ خَمْسَمائةِ دِينارٍ سِوَى الحَرِير والغَزْلِ.
والدَّبِقِيَّةُ، بكسرِ الباءِ كذا في سائِرِ النُّسَخِ، والذي في العُباب: الدَّبِيقِيَّةُ: قرية بنَهْرِ عِيسَى بن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبّاس، وهي كُورةٌ غربِيَّ بَغْدادَ.
ودَبِقَ به، كفَرِحَ دَبَقًا: إِذا ضَرِيَ بهِ فلم يُفارِقْه.
ويُقال: ما أَدْبَقَهُ أَي: ما أَضْراهُ.
وأَدْبَقَه اللهُ به، أَي: أَلْصَقَه.
وقالَ اللَّيْثُ: دَبَّقَهُ تَدْبِيقًا: إِذا اصْطادَهُ بالدِّبْقِ، فتَدَبَّقَ أَي: الْتَصَقَ.
* ومما يُسْتَدركُ عليه:
دَبَقَهُ يَدْبِقُهُ دَبْقًا: اصْطادَه بالدِّبْقِ.
ودَبَقَه: لَصِقَهُ.
ودَبَق في مَعِيشَتِه دَبْقًا: لَزِقَ، عن اللَّحْيانِيِّ، لم يُفَسِّرْه بأَكثرَ من هذا.
وعَيْشٌ مُدَّبَقٌ: لَيس بتامٍّ.
وتَدَبَّقَ الشيءُ: إِذا تَلَزَّجَ.
والرَّضِيُّ جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ الرَّبَعِي الكاتِبُ، عُرِفَ بابْنِ دَبُّوقَا ـ بتَشْدِيدِ المُوَحَّدةِ ـ تَلا بالسَّبْعِ على السَّخاوِيِّ، وماتَ سنة 691.
والدَّبُّوقي: لقبُ مُوسَى الهادِي بنِ المَهْدِيِّ، قالَ الحافِظُ: كذا قَرَأْتُ بخَطِّ مُغْلَطاي.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
75-تاج العروس (عتق)
[عتق]: العِتْقُ، بالكَسْرِ: الكَرَمُ. يُقال: ما أَبْيَنَ العِتْقَ في وَجْهِ فُلانٍ، أَي: الكرَم.والعِتْقُ: الجَمالُ. ومنه قَولُهم: فُلان عَتِيقُ الوَجْهِ، أَي: جَمِيله.
والعِتْقُ: النَّجابَة.
والعِتْق: الشَّرَف.
والعِتْق: خِلافُ الرِّقِّ، وهو الحُرِّيَّةُ.
والعُتُق، بالضَّمِّ: جَمْعُ عَتِيقٍ كأَمِيرٍ.
وعاتِق للمَنْكِبِ وسَيَأْتي كُلٌّ منهما.
والعِتْقُ: الحُرِّيَّة. يُقال: عَتَق العَبْدُ يَعْتِق من حَدّ ضَرَب عِتْقًا بالكسرِ ويُفْتح، أَو بالفَتْح المَصْدَر، وبالكَسْر الاسْم، وعَتَاقًا وعَتاقَةً، بفَتْحِهِما. قالَ شَيخُنا: وما في بَعْضِ الفُرُوعِ اليُونِينِيَّة من البُخاريّ مِن كَسْر عَيْن عَتاقَة فهو سَبْقُ قَلَم بلا شَكٍّ، لا تَجُوزُ القِراءَةُ به كأَكْثر ما غَلِطَ فيه اليُونِينِي وسَبَقَهُ القَلَم، أَو غير ذلك فليُحْذَرْ ذلك وليُقْرأْ بالصَّوابِ: خَرَجَ عَنِ الرِّقِّ. هذا هو المَشْهُورُ من أَنَّ عَتَق، كضَرَب لازمٌ. فما يُوجَدُ في كَلام الفُقَهاءِ وبَعْضِ المُحدِّثِينَ من قَوْلهم: عَبْد مَعْتُوق، وعَتَقَه ثُلاثِيٌّ غَيرُ مَعْروفٍ، ولا قائِلَ به، فلا يُعْتَدُّ به، بل المُتَعَدِّي رباعيّ، والثُّلاثِيُّ لازِم أَبدًا فهو عَتِيقٌ وعَاتِق، ج: عُتَقاءُ.
وأَعْتَقَه إِعتَاقًا فهو مُعْتَق وعَتِيقٌ والجَمْع كالجَمْع.
وأَمَةٌ عَتِيقٌ وعَتِيقَةٌ ج: عَتائِقُ.
ويُقالُ: هو مَوْلَى عَتاقَة، ومَوْلىً عَتِيقٌ، ومَولاةٌ عَتِيقَةٌ من نساءٍ عَتائِقَ، وذلك إِذا أُعْتِقْن.
والبَيْتُ العَتِيقُ: الكَعْبَةُ شَرَّفَها الله تَعالَى قال الله تَعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قِيلَ: سُمّي به لِقدَمِه لأَنَّه أَوّلُ بَيْتٍ وُضِع بالأَرْضِ كما في القُرآنِ أَيْضًا، وهو قَولُ الحَسَنِ أَو لكَوْنه أُعْتِق من الغَرَق أَيْام الطُّوفانِ. ودَلِيلُه قَولُه تَعالَى: {وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ} وهذا دَلِيلٌ على أَنَّ البَيْتَ رُفِعَ، وبَقِيَ مَكانُه. أَو أُعْتِق من الجَبَابِرة فلم يَظْهَر عَلَيه جَبَّارٌ قَطُّ، وهذا قد رَوَاه ابنُ الزُّبَيْر في حَدِيثٍ مرفوع. أَو من الحَبَشَةِ نَقَله الصّاغانِيُّ، وفيه تَخْصِيصٌ بعدَ تَعْمِيم، إِشارة إِلى قِصَّةِ الفيل. أَو لأَنَّه حُرٌّ لم يَمْلِكْه أَحَدٌ من المُلُوكِ، ولم يَدَّعِه منهم أَحدٌ، وهو مَجازٌ.
والعَتِيقُ: فَحْلٌ مِنَ النَّخْل مَعْروف لا تَنْفُضُ نَخْلَتُه.
والعَتِيقُ: المَاءُ. وقيل: الطِّلاءُ. والخَمْرُ.
وقال أَبو حَنِيفَة: العَتِيقُ: التَّمْر، عَلَمٌ له. قيل: هو التَّمر الشُّهْرِيزُ؛ جمعه عُتُقٌ. وأَنشد قَوْلَ عَنْتَرَة:
كَذَبَ العَتِيقُ وماءُ شَنٍّ باردٌ *** إِن كنتِ سائِلَتي غَبوقًا فاذْهَبِي
قيل: إِنه أَرادَ بالعَتِيق التَّمرَ الذي قد عَتُق، خاطبَ امرأَتَه حين عاتَبَتْه على إِيثارِ فَرسِه بأَلبانِ إِبله، فقالَ لها: عَلَيْكِ بالتَّمرِ والمَاءِ الباردِ، وذَرِي اللَّبَنَ لفَرسِي الذي أَحْمِيكِ على ظَهْره.
وقيل: هو المَاءُ نَفسُه.
وقال ابنُ خَالَوَيْهِ: هذِه الأَبياتُ لِخُزَز بنِ لَوْذان السَّدُوسِيّ:
كَذَبَ العَتِيقُ وماءُ شَنٍّ باردٌ *** إِن كنتِ سائِلَتِي غَبُوقًا فاذْهَبِي
لا تُنْكَرِي فَرَسِي وما أَطْعَمْتُه *** فيَكُونَ لونُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ
إِنِّي لأَخْشَى أَن تَقولَ حَلِيلَتِي: *** هذا غُبارٌ ساطِعٌ فتَلَبَّبِ
إِنَّ الرِجالَ لهم إِليكِ وَسِيلةٌ *** إِنْ يَأْخُذُوكِ تَكَحَّلِي وتَخَضَّبِي
ويَكونُ مَرْكَبُكِ القَلوصَ وظِلَّهُ *** وابنُ النَّعامةِ يَومَ ذلِكِ مَرْكَبِي
وقيلَ: العَتِيقُ: اللَّبَنُ.
والعَتِيقُ: الخِيارُ من كُلِّ شَيْءٍ التَّمر، والمَاء، والبَازِي، والشَّحْم.
والعَتِيقُ: لَقَبُ الصِّدِّيق أَبِي بَكْر عبدِ الله بنِ عُثْمان رَضِي الله تَعالَى عَنْه. قيل: لُقِّبَ به لِجمَالِه، وهو قَوْلُ جَعْفَر الصّادِق رحمه الله، أَو لِقَوْلِه صلى الله عليه وسلم: «مَن أَرادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلى عَتِيق من النَّارِ فَلْيَنْظُر إِلى أَبِي بَكْر».
ورَوَتْ عائِشَةٌ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ على النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ له: «يا أَبَا بَكْرٍ أَنتَ عَتِيقُ الله من النّارِ» فمِنْ يَوْمئذ سُمِّيَ عَتِيقًا. وفي حديثِ أَبِي بَكْر رضي الله عنه: «أَنَّه سُمِي عَتِيقًا لأَنَّه أُعْتِقَ من النّارِ».
أَو سَمَّتْهُ بِه أُمُّه، وهذا قَولُ مُوسَى بنِ طَلْحةَ.
وعَتِيقُ بنُ يَعْقُوب بنِ صُدَيْق بنِ مُوسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، كُنيَتُه أَبو يَعْقُوبَ: مُحدِّثٌ مَشْهُور، وتَقدَّم ذِكْرُ جدّه في «ص بلد ق».
وعَتِيقُ بنُ سَلَمَة، وعَتِيقُ بنُ هِشام، وعَتِيقُ بنُ عَبْدِ الله المِصْرِي، وعَتِيقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُون، وعَتِيقُ بنُ عَبْدِ الرَّحمنِ، وعَتِيقُ بنُ مُوسَى بن هارونَ المِصْرِيُّ رَوَى المُوَطَّأَ عن أَبي الرَّقْراق.
وعَتِيقُ بنُ مُحمَّد القَيْرَوانِيّ، وابنُه: مُحَدِّثُون.
وأَبو عَتِيقٍ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمن بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ والدِ عَبْدِ الله.
وأَبو عَتِيق: عَبدُ الرَّحْمنِ بنُ جابِر بنِ عَبْدِ الله الأَنصارِيُّ، عِدادُه في أَهلِ المَدِينَةِ، رَوَى عنه سُلَيْمانُ بنُ يَسارٍ، وعاصِمُ بن عُمَرَ بنِ قَتادَةَ: تابِعِيّان.
وكَزُبَيْر: عُتَيقُ. بنُ مُحَمَّد الحَرَشِيُّ النَّيْسَابُورِي.
وعُتَيقُ بنُ أَحْمَد بنِ حَامِد بنِ مَنْصور السَّعدِيّ البُخارِيّ، عن عُبَيْدِ الله بنِ وَاصِل.
وعُتَيقُ بنُ عَامِر بنِ المُنْتَجِع خُراسانيّ، حَدَّث عن البُخارِيّ وحَفِيدُه أَبو أَحمد مُحَمّد بنُ عُتَيقِ بنِ عامر، روى عنه غُنْجَار.
وبُكَيْر بنُ عُتَيْق: كوفِيّ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وابنُه إِسماعيل بنُ بُكَيْر حَدَّثَ أَيضًا، ونَصْرُ بنُ عُتَيْقٍ كَتَبَ عنه المُسْتَغْفِريُّ ومات سنة 384، والغَضُّورُ بنُ عُتَيْقٍ عن مَكْحُول، وَعلِيُّ بن عُتّيْق عن أَبي بُرْدَةَ، وعنه الثَّوْرِيُّ، وأَحمَد ومُحَمَّدُ ابنا عُتّيْق بن حَمّ النَّخْشَبِيَّان مات محمد سنة 342 ومات أَحمدُ بعد السِّتّينَ وثلثِمائة: مُحَدِّثُون.
والعُتَقِيُّون، كزُفَرَ: نِسْبَة إِلى العُتَقاء وهم: عبدُ الله بنُ بِشْر الصَّحَابِي هكَذا في النُّسَخ «بِشْر» بالشينِ المعجمة وليس في الصَّحابَة من اسمُه عَبْدُ الله بنُ بِشْرٍ، وإِنّما فِيهِم عَبْدُ الله بن بُسْر المازِنيّ، أَحدُ من صَلَّى إِلى القِبْلَتَيْنِ، وعَبدُ الله بنُ بُسْر النَّضرِيّ شاميٌّ، فتأَمل ذلك.
ومنهم الحارِثُ بنُ سَعِيد المُحَدّث عن عبدِ الله بنِ مُنَيْن، وعنه نافِعُ بنُ يَزِيدَ، وابنُ لَهِيعة.
ومنهم عَبْدُ الرَّحمنِ ابنُ القاسِم بنِ خَالِدٍ أَبُو عَبْد الله صاحِبُ الإِمام مَالِك بنِ أَنَسٍ، فقِيه مِصْر، روى عن مالكٍ وبَكْرِ بن نَصْرٍ وعَبْدِ الرَّحمنِ بنِ شُرَيْحٍ، وعنه أَصْبَغُ وسَحْنُون وعِيسَى بن شَرُود، صَدوقٌ، ولَه مَسْجِدُ العُتَقاءِ بمِصْر معروفٌ، كان مُجابَ الدَّعْوة، كَثِيرَ التَّفَكُّر، توفي سنة 190.
وفي الحَدِيث: «الطُّلَقَاءُ من قُرَيْشٍ والعُتَقاءُ من ثَقِيفٍ، بَعْضُهم أَولياءُ بَعْض في الدُّنْيا والآخرَةِ». وفي رواية: «بَعضُهم أَوْلَى بِبَعْضٍ». وفي حَدِيث حُنَينٍ: «خَرَج ومعه الطُّلَقاءُ» وهُم الَّذِينَ خَلَّى عنهم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّة، وأَطلَقَهم، فلم يَسْتَرِقَّهُم. واحدُهم طَلِيقٌ. قالَ ابنُ الأَثير: وإِنما مَيَّز قُرَيْشًا بهذا الاسْمِ، حيثُ هو أَحْسَن من العُتَقاءِ، وقد تَقدَّم البَحْثُ فيه في «ط ل ق».
والعُتَقَاءُ: جُمَّاعٌ، فيهم من حَجْرِ حِمْيَر، ومن سَعْدِ العَشِيرَةِ، ومن كِنانَةِ مُضَر، ومن غَيْرِهم فمِنْ حَجْرِ حِمْير: زُبَيْدُ بنُ الحارِث العُتَقِيُّ، وأَبو عَبدِ الرَّحْمنِ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ الله العَتَقِي صاحبُ تارِيخ المَغارِبة، كَتَب عنه عبدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيدٍ.
وراحٌ عَتِيقٌ بلا هاءٍ. قالَ الأَعْشَى:
وكِسْرَى شَهِنْشاهُ الَّذي سارَ ذِكْرُه *** له ما اشْتَهى راحٌ عَتِيقٌ وزَنْبَقُ
وقالَ أَيضًا:
وكأَنَّ الخَمْرَ العَتِيقَ من الإِسْ *** فَنْطِ مَمْزُوجةٌ بماءٍ زُلالِ
قال أَبو حَنِيفةَ: فَعِيلٌ هنا بمَعْنَى مَفْعُول، كما تقولُ: عَيْن كَحِيل.
وراحٌ عَتِيقَةٌ وعاتِقٌ: لم يَفُضَّ أَحدٌ خِتامَها، أَو قَدِيمةٌ، أَو شابَّة أَولَ ما أَدْرَكَت، وهذه عن الزَّمَخْشَرِيّ، أَو حُبِسَتْ زمانًا في ظَرْفِها، كما في اللِّسانِ. قال حَسَّان رضي الله عنه:
كالمِسْكِ تَخْلِطُه بماءِ سَحابَةٍ *** أَو عاتقٍ كَدَمِ الذَّبِيحِ مُدامِ
وقال لَبِيدٌ:
أُغلِي السِّباءَ بكُلِّ أَدْكَن عاتِقٍ *** أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
وفرسٌ عَتِيقٌ أَي: رائعٌ كريمٌ، وسيأْتي أَيضًا للمُصَنِّف قريبًا.
أَو العِتْقُ بالكَسْرِ، ويُضَمُّ للمَوَاتِ كالخَمْرِ والتَّمْرِ، والقِدَمُ للمَواتِ والحَيوانِ جَمِيعًا. هذا قَوْلُ بَعْضِ حُذَّاق اللُّغَويِّين، نَقَله صاحبُ اللَسان.
والعِتاقُ، كَكِتابٍ، من الطَّيْرِ: الجَوارِحُ منها، الواحِدُ عَتِيق. والعِتاقُ من الخَيْل، ومن الإِبِل: النَّجائِبُ منهما.
ويقال: الأَرحَبِيَّات العِتاقُ، قال طَرَفَةُ يَصِفُ ناقَتَه:
تُبارِي عِتَاقًا ناجِياتٍ وأَتْبَعَتْ *** وَظِيفَا وَظِيفًا فوقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
وإِنّما قِيلَ: قَنْطرةٌ عَتِيقَةٌ بالهاءِ وقَنْطَرةٌ جَدِيدٌ بلا هاءٍ لأَن العَتِيقَةَ بمَعْنَى الفَاعِلَة والجَدِيدُ بمَعْنَى المفْعُولَة، ليُفرَق بين ما لَه الفِعْل، وبينَ ما الفِعْل واقعٌ عليه.
والعَتائِقُ: قَرْيتان إِحْداهما قرية بنَهْر عِيسَى، والأُخْرَى قرية شَرْقِي الحِلَّةِ المَزْيَدِيَّة.
ويُقال: عَتَق فلانٌ بَعْد استِعْلاجٍ، كضَرَب وكَرُم، فهو عَتِيقٌ أَي: رَقَّت بَشَرَتُه بعدَ الجَفَاءِ والغِلَظِ نقله الجوهَرِيّ.
واقتَصَر على حَدِّ ضَرَب.
وعَتَقَت اليَمِينُ عليه تعْتِيقُ: سَبَقَت وتقدَّمت، وكذلك عَتُقَت، كَكَرُم، أَي: قَدُمت ووَجَبَت كأَنّه حَفِظَها فلم يَحْنَث. قال أَوسُ بنُ حَجَر:
عَلَيَّ أَلِيَّةٌ عَتُقَتْ قَدِيمًا *** فلَيْسَ لها وإِن طُلِبَتْ مَرامُ
أَي: لَزِمَتْني. وقيلَ: أَي: لَيْسَت لها حِيلَة ـ وإن طُلِبَت ـ لا بكَفَّارَةٍ ولا تَحِلَّة.
وقالَ الفَرّاءُ: عَتَق المالُ: صَلُح، حَكَاه عنه أَبو عُبَيْد في المُصنِّف.
وعَتَق الفَرَسُ: سَبَق فنَجَا عن ثَعْلب، فهو عاتِق.
وقال ابنُ دُرَيد: عَتُق الفَرسُ كَكَرُم: صار عَتِيقًا.
وعَتُقَ الشَّيءُ عَتاقَةً، أَي: قَدُمَ وصار عَتِيقًا كعَتَقَ يَعْتُق كنَصَر فهو عاتِق.
وفي اللِّسانِ: العَتِيقُ: القَدِيم من كُل شَيْءٍ، حَتّى قالوا: رجلٌ عَتِيقٌ، أَي: قَدِيم. وفي الحَدِيثِ: «عَلَيكُم بالأَمْر العَتِيق» أَي: القَدِيم الأَول، ويجمعُ على عِتاقٍ، كشَرِيف وشِرافٍ. ومنه حَدِيثُ ابنِ مَسْعُودٍ: «إِنَّهُنَّ من العِتاق الأُوَلِ، وهُنَّ من تِلادِي» أَرادَ السُّوَرَ اللّاتي أُنْزِلَت أَولًا بمَكَّة، وأَنَّها من أَوَّل ما تَعَلَّمه من القُرآن.
وعَتَقَتِ الخَمْرُ: حَسُنَت وقَدُمَت، فهي عاتِقٌ وعَتِيقٌ وعُتاقُ كَغُراب وقد تَقدَّم شاهِدُ الأَولين.
والعاتِقُ: الزِّقُّ الَواسِعُ الجَيِّد، كما في المُحِيطِ واللِّسان، وبه فَسَّر بَعضُهم قَولَ لَبِيدٍ السَّابق. قال الأَزهَرِيُّ: جَعَل العاتِقَ زِقًّا لَمَّا رآه نَعْتًا للأَدْكَنِ، وإِنَّما أَرادَ بالعاتِقِ جَيِّد الخَمْرِ وهو كَقَوْله: «أَو جَوْنَةٍ قُدِحَتْ» وإِنّما قُدِحَ ما فِيها.
وقال الجَوْهَرِيُّ: هو الزِّقُّ الذي طابَتْ رائِحَتُه، وقيل: هي المَزادَةُ الواسِعَةُ.
والعَاتِق: الجَارِيَةُ أَوّلَ ما أَدْرَكَت وبَلَغت فخُدِّرَتْ في بَيْتِ أَهْلِها، وقد عَتَقَت تَعْتِق فهي عَاتِق، مِثْل: حَاضَت فهي حَائِض.
وقيل: هي الَّتِي لم تَتَزَوَّج. وقال أَبُو حاتم: لم تَبِنْ إِلى زَوْج، وهو من البَيْنُونة، أَي: لم تَبِنْ من أَهْلِها إِلى زَوْج، قيل: سُمِّيت بذلِك لأَنَّها عَتَقَت عن خِدْمة أَبَوَيْها، ولم يَمْلِكْها زَوْجٌ بَعْدُ. قال الفارِسيُّ: وليس بقَوِيّ قال الشاعر:
أَقيدِي دَمًا يا أُمَّ عَمْروٍ هَرَقْتِه *** بكَفَّيْكِ يومَ السِّتْرِ إِذ أَنتِ عاتِقُ
وقيلَ: هي التي قد بَلَغت أَن تَدَرَّعَ، وعَتَقَت من الصِّبا والاسْتِعانة بِها في مِهْنَةِ أَهْلِها.
أَو هِي الَّتِي بَيْنَ الإِدْراكِ والتَّعْنِيسِ. ويُحْكَى أَنّ جارِيَةً قالَتْ لأَبِيها: اشْتَرِ لي لَوْطًا أُغطِّي به فُرْغُلِي قد عَتَقْتُ عن الصِّبَا، وبَلغْتُ أَن أَتَزَوَّجَ.
والعاتِق: مَوْضِع الرِّداءِ من المَنْكِب ومنه قولُهم: رَجُلٌ أَميَلُ العَاتِق: إِذا كان مُعْوَجَّ مَوْضِعِ الرِّداءِ منه. أَو ما بَيْن المَنكِبِ والعُنُقِ مُذَكَّرٌ لا غير، وهُما عَاتِقان، قاله اللِّحْيانيُّ وقد يُؤَنَّث، وليسَ بثَبَتٍ. قال أَبُو عَامِرٍ جَدُّ العَبّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ:
لا صُلْحَ بَيْنى فاعْلَمُوه ولا *** بينَكُم ما حَمَلَتْ عاتِقِي
سَيْفِي، وما كُنَّا بنَجْدٍ وما *** قَرْقَر قُمْرُ الوادِ بالشاهِقِ
هكذا أَنْشَدَه الصَّاغَانِيُّ، وَأَولُهُما:
لا نَسَبَ اليومَ ولا خُلَّةٌ *** اتَّسَع الفَتْقُ على الرَّاتِقِ
وزَعَمَ بَعْضهُم أَنَّ هذا البَيْتَ مَصْنوعٌ وأَنشدَه ابنُ بَرِّي هكذا، واستدَلَّ به على التَّأْنِيثِ قال: ومَنْ رَوَى البَيْتَ الأَول:
اتَّسَعَ الخَرْقُ على الرَّاقِعِ
فهو لأَنسِ بنِ العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ.
وقال ابنُ فَارِسٍ: العاتِقُ: القَوسُ التي قد تَغَيَّر لونُها.
وقال غَيرُه: هي القَدِيمَةُ المُحْمَرَّة كالعَاتِقَةِ والعَاتِكة.
والعاتِقُ من فَرْخِ الطَّائِرِ: فوقَ النَّاهِض؛ وهو الذي يَتَحَسَّرُ [من] رِيشِه الأَول، ويَنْبُت له رِيش جُلْذِيٌّ، أَي: شَدِيدٌ. يُقال: أَخذْتُ فرخَ قَطاةٍ عاتِقًا وذلك إِذا طارَ واستَقَلَّ. قال أَبو عُبَيْد: نرى أَنه من السَّبْق، كأَنّه يَعْتِق، أَي: يسْبِقُ. أَو هو من فَرْخ القَطَا أَو الحَمامِ ما لم يُسِنَّ ولم يَسْتَحْكِم، جَمْع الكُلّ عَواتِقُ. ومنه حَدِيثُ أُمّ عَطِيَّة رضي الله عنها: «أُمِرْنا أَن نُخْرِجَ العَواتِقَ وذَواتِ الخُدُورِ» تَعْنِي في العِيدِ.
وفي رِوَاية «الحُيَّضُ والعُتَّق»، فهو مُسْتَدْرَكٌ على المُصَنِّف.
وعَتَقه بِفِيه عَتْقًا إِذا عَضّه.
وعَتَق المَالَ يَعْتِقه عِتْقًا: أَصلَحَه فعَتَق هُوَ أَي صلح لَازِم مُتَعَدّ.
وعَتَقَ الفَرسُ عَتْقًا: تَقدَّم في السَّيرِ، فهو عَاتِق وعَتِيقٌ وهو من حَدِّ ضَرَب كما تَقدَّم. وظاهِرُ سِياقه على ما هو اصْطِلاحه عند الإِطلاق أَنه من جَدِّ نَصَر.
وأَعتَقَ فَرسَه: أَعْجَلَها وأَنْجاهَا ذَكَر الضَّمِير الراجعَ إِلى الفَرَس أَوّلًا، ثمّ أَنَّثَها ثَانِيًا تَفَنُّنًا.
وقال أَبو عَمْروٍ: أَعتَقَ قَلِيبَه: إِذا حَفَرها وطَوَاها وأَجادَها.
وأَعتَقَ المَالَ: إِذا أَصْلَحَه عن الفَرّاءِ.
وأَعتَقَ مَوْضِعَه: إِذا حَازَه فَصار له: والتَّعْتِيقُ: ضِدُّ التَّجْدِيد. يقال: عَتَّقْتُ الشيءَ تَعْتِيقًا.
والتَّعْتِيقُ: العَضُّ كما في اللِّسان.
والمُعَتَّقَة، كمُعَظَّمة: عِطْرٌ، وفي اللِّسان: ضَرْب من العِطْر.
والمُعتَّقَة: الخَمْر القَدِيمَةُ التي عُتِّقت زمانًا. قالَ الأَعشَى:
وسَبِيئَةٍ مما تُعَتِّقُ بابِلٌ *** كَدمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
أَي شَرِبتُها حَمْراءَ، وبُلْتُها بَيْضاءَ، قاله أَبو الدُّقَيْشِ.
وابنُ أَبِي عَتِيق، كأَميرٍ: ماجِنٌ معروف معروفٌ.
قلت: واسمُه عبدُ الرحمن، وقد رَوَى عن أَبيهِ عَتِيق، عن عَائِشَةَ، وذَكَره ابنُ حِبّان في ثِقاتِ التَّابِعِينَ.
والعِتْق، بالكَسْر، وبِضَمَّتَيْن: شَجَرٌ للقِسِيّ العَرَبِيّة، عن أَبي حَنِيفَة، قال: يُرادُ به كَرَمُ القَوْسِ لا العِتْقُ الذي هو القِدَمُ. وقال مَرَّة ـ عن أَبِي زِيادٍ ـ: العِتْقُ: الشَّجَرُ التي تُعمَلُ منها القِسِيُّ. قال: كذا بَلَغَنِي عنه. والذي نَعْرِفُه العِتْق، أَي: بالثّاءِ المُمَثَلَّثةِ، كما سَيَأْتِي.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:
يُقال: حلَفَ بالعَتاقِ، كسَحَاب، أَي: الإِعْتاق.
وقال أَبو زَيْدٍ: أَعْتَق يَمِينَه، أَي: لَيْس لها كَفَّارة.
وفَرسٌ عاتِق: سابِقٌ.
ورجلٌ مِعْتاقُ الوَسِيقَةِ: إِذا طَرَد طَرِيدةً سبَقَ بها. قال أَبو المُثَلَّمِ يَرْثِي صَخْرًا:
حَامِي الحَقِيقة نَسّالُ الوَدِيقَة مِعْ *** تاقُ الوَسِيقَةِ جَلْدٌ غيرُ ثُنْيَانِ
ويروى: «مِعْناق» بالنُّون وسيَأْتي. وكُلُّ شيءٍ بلغَ إِناه فقد عَتَقَ.
وعَتِيقُ الطَّيْرِ: البازِي: قال لَبيد رضي الله عنه:
فانْتَضَلْنا وابنُ سَلْمَى قاعِدٌ *** كعَتِيقِ الطَّيْرِ يُغضِي ويُجَلْ
والعَتِيقُ: الشَّحْم.
وامرَأَةٌ عَتِيقَةٌ: جَمِيلَةٌ كَرِيمَةٌ.
وقال ابنُ الأَعرابِيِّ: كُلُّ شيءٍ بَلَغ النِّهايَةَ في جَوْدةٍ أَو رَداءَةٍ أَو حُسْنٍ أَو قُبْحٍ فهو عَتِيقٌ، جمعهُ: عُتُقٌ.
ودَنانِيرُ عُتُقٌ: قَدِيمةٌ.
وبَكْرةٌ عَتِيقَةٌ: نَجِيبةٌ كريمةٌ. وقال أَعْرَابيُّ: لا نَعُدُّ البَكْرَة بَكْرةً حتى تَسْلَمَ من القَرُحَةِ والعُرَّةِ، فإِذا بَرِئَتْ مِنْهُما فقد عَتُقَت.
وَعَتَق السَّمْنُ وعَتُق، يَعْنِي: قَدُمَ، عن اللِّحيانيّ.
وجمعُ عَاتِقِ الإِنْسانِ: عُتْقٌ وعُتَّق وعَواتِقُ.
ويُقال: ثَوْبٌ عَتِيقٌ، أَي: جَيِّدُ الحَبْكَةِ.
والعَواتِقُ: النَّواحِي، عن ابنِ عَبَّاد.
وأَعْتَقَ دِيوانَه: إِذا اسْتَقام له. وأَخَذ منه شيئًا.
وعَتِيقُ بنُ عَلِيٍّ: حَدَّث عن أَزْدَشِيرَ العِبادِيِّ الواعِظِ المُلَقَّبِ بالأَمِير، المُتَوفَّى بعد التِّسْعِين وأَربَعِمائة.
وأَبو سَعِيدٍ عُثْمانُ بنُ عَتِيق الحُرَقيّ الغافِقِيّ، مولاهُم المِصْرِيُّ، أَوّلُ مَنّ رَحَلَ في العِلْم من مِصْر إِلى العِراقِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
76-تاج العروس (برهم)
[برهم]: البَرْهَمَةُ: إدامَةُ النَّظَرِ وسُكونُ الطَّرْفِ، وقالَ العجَّاجُ:بُدِّلْنَ بالنَّاصِعِ لَوْنًا مُسْهَمًا *** ونَظَرًا اهَوْنَ الهُوَيْنى بَرْهَما
كذا في الصِّحاحِ، ويُرْوَى: دُوْن الهُوَيْنى، وكذلِكَ البَرْشَمَةُ.
وقالَ الكِسائيُّ: البَرْطَمَةُ والبَرْهَمَةُ كهَيْئةِ التَّخاوُصِ.
والبَرْهَمَةُ: بُرْعُمَةُ الشَّجَرِ، ويُضَمُّ وقيلَ: مُجْتَمَع ثَمَرِه ونَوْرِه، قالَ رُؤْبَة:
يَجْلُو الوُجُوهَ وَرْدُهُ وبُرْهَمُهْ
هذه رِوَايَةُ ابنِ الأعْرَابيِّ، ورَوَاه غيرُه: وبَهْرَمَه، على القَلْبِ، وَرَوَى أَبو عَمْرٍو: ومَرْهَمُه؛ أَي عَطَايَاه، كذا في العُبَابِ.
وإبراهيمُ وإبْراهامُ وإبْراهومُ وإبْراهِمُ، مُثَلَّثَةَ الهاءِ أَيْضًا، وإبْرَهَمُ، بفتحِ الهاءِ بِلا أَلِف، فهي عشر لغاتٍ، اقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ منها على أَرْبَعةٍ الأُوْلَى والثانِيَة وإبْراهِمُ بفتحِ الهاءِ وكسْرِها، وأَنْشَدَ لزيدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْل قالَ في آخِرِ تَلْبيتِه، ويقالُ: هو لعَبْدِ المطَّلِبِ:
عُذْتُ بما عاذَ به إبْراهِمُ *** مُسْتَقْبِلَ القِبْلةِ وهْو قائمُ
أَنْفِي* لك اللهمَّ عامٍ راغِمُ *** مَهْمَا تُجَشِّمْني فإنِّي جاشِمُ
قالَ الصَّاغانيُّ: ورُوِي الوَصْل في هَمْزَتِه ويُنْشَدُ لعَبْدِ المطَّلِب:
نَحْن آلُ اللهُ في بَلْدَتِه *** لم نَزَلْ ذَاكَ على عَهْدِ ابْرهم
ثم هذه اللُّغات كُلّها بكَسْرِ أَوَّلهنَّ، وإنَّما ترك الضَّبْط اعْتِمادًا على الشُّهْرةِ، وقد حَكَاها كُلَّها أَبو حفْص خَلَفُ بنُ مكّيّ الصّقليّ النّحَويّ اللُّغَويّ في كتابِهِ تَثْقيفِ اللّسَانِ مَنْقولَةً عن الفرَّاءِ عن العَرَبِ، ونَقَلَها أَيْضًا الإمامُ النّوَويّ في تَهْذيبِ الأسْماءِ واللّغاتِ، وأَوْرَدَها أَكْثرُ المُفَسِّرِيْن وأَئِمَّة الغَرِيْب، وهو اسمٌ أَعْجَمِيٌّ؛ أَي سِرْيانيُّ ومَعْناه عنْدَهم كما نَقَلَه المَاوَرْديّ وغيرُه: أَبٌ رَحِيم، والمُرادُ منه هو إبْراهيمُ النَّبيُّ، صلى الله عليه وسلم، وعلى نبيِّنا، أَفْضل الصَّلاة والسَّلام، وهو ابنُ آزَرَ، واسْمُه تارِحُ بنُ ناحور بنِ شارُوخَ بنِ أَرغو بنِ فالِغَ بنِ عابِرِ بنِ شالِخِ بنِ أَرفخشذ بنِ سامِ بنِ نُوحٍ، عليهالسلام، لا يَخْتَلِف جَمْهورُ أَهْلِ النَّسَبِ ولا أَهْل الكِتابِ في ذلِكَ إلَّا في النطقِ ببعضِ هذه الأَسْماء، نعم ساقَ ابنُ حَبَّان في أَوَّل تارِيخِه خِلافَ ذلِكَ، وهو شاذُّ، كذا في فتحِ البارِي للحافِظِ، ونَقَلَه شيْخُنا، رَحِمَه اللهُ تعالى.
وتَصْغيرُهُ بُرَيْهٌ، بطَرْحِ الهَمْزةِ والميمِ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ عن بعضِهم.
قالَ شيْخُنا: وكأَنَّهم جَعَلوه عَرَبيًّا وتَصَرَّفوا فيه بالتَّصْغيرِ، وإلَّا فالأَعْجَمِيَّة لا يَدْخلُها شيءٌ مِن التَّصْريفِ بالكلِّيَّةِ.
أَو أُبَيْرهٌ، وذلِكَ لأنَّ الألفَ مِن الأصْلِ لأنَّ بعدَها أَرْبَعة أَحْرُف أُصُولٍ، والهَمْزَةُ لا تُلْحَقُ بنات الأَرْبَعة زائِدَةً في أَوَّلِها، وذلِكَ يُوجِبُ حَذْف آخِرِه كما يُحْذَف مِن سَفَرْجَل فيُقالُ سُفَيْرج، وكذلِكَ القولُ في إسْمعيل وإسْرافيل، وهذا قَوْلُ المبرِّدِ.
و* بعضُهم يتوهَّمُ أَنَّ الهَمْزةَ زَائِدَةٌ إذا كانَ الاسمُ أَعْجَميًّا فلا يُعْلَم اشْتِقاقُه فيُصغِّرُه على بُرَيْهِيمٍ وسُمَيْعِيل وسُرَيْفِيلِ، وهذا قَوْلُ سِيْبَوَيْه وهو حَسَنٌ، والأوَّلُ قِياسٌ، هذا كُلّه نَصّ الصِّحاحِ. الجمع: أَبارِهُ وأَباريهُ وأَبارِهَهُ وبَراهيمُ وبَراهِمُ وبَراهِمَةُ، وأَجازَ ثَعْلَب: بِراهٌ، بكسْرِ الباءِ، وكذلِكَ جَمْعُ إسْماعيل وإسْرافيل، كما في العُبَابِ.
والإِبْراهِيميُّون اثنا عَشَرَ صَحابيًّا.
والبَراهِمَةُ: قَوْمٌ لا يُجَوِّزُونَ على اللهِ تعالَى بِعْثَةَ الرُّسُلِ، كما في الصِّحاحِ، وهم طائِفَةٌ مِن أَصْحابِ برهم، كما في شرْحِ المقاصِدِ، وهو مجوسُ الهِنْدِ وهم ثلاثُ فرَقٍ ويسمون عابدهم على مُعْتقدِهِم بِرَهْمَن، كسَفَرْجَلٍ، مَكْسُور الأوَّل.
والإبْراهِمِىُّ: تَمْرٌ أَسْودُ، نُسِبَ إلى إبْراهيمَ.
والإِبْراهِيميَّةُ: قرية بواسِطَ، وأَيْضًا: بجَزيرَةِ ابنِ عُمَرو، وأَيْضًا: بنَهْرِ عيسَى، الأَخيرَةُ نُسِبَتْ إلى إبْراهيمَ الإِمام ابن محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاس.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
برهيم. قرْيَةٌ بمِصْرَ من جَزيرَةِ بنِي نصْر.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
77-تاج العروس (بين)
[بين]: البَنينُ في كَلامِ العَرَبِ جاءَ على وَجْهَيْن: يكونُ فُرْقَةً، ويكونُ وَصْلًا، بانَ يَبِينُ بَيْنًا وبَيْنُونَةً، وهو مِن الأَضْدادِ؛ وشاهِدُ البَيْنِ بمعْنَى الوَصْلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:لقد فَرَّقَ الواشِينَ بَيْني وبينَها *** فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عَيْني وعينُها
وقالَ قيسُ بنُ ذَريح:
لَعَمْرُكَ لو لا البَيْنُ لانْقَطَعَ الهَوَى *** ولو لا الهَوَى ما حَنَّ للبَيْنِ آلِفُ
فالبَيْنُ هنا الوَصْلُ؛ وأَنْشَدَ صاحِبُ الاقْتِطافِ، وقد جَمَعَ بينَ المَعْنَيَيْن:
وكنَّا على بَيْنٍ ففَرَّقَ شَمْلَنا *** فأَعْقَبَه البَيْن الذي شَتَّتَ الشَّمْلا
فيا عجبًا ضِدَّان واللّفْظ واحِد *** فللهِ لَفْظ ما أَمَرّ وما أَحلى
وقالَ الرَّاغبُ: لا يُسْتَعْمل إلَّا فيمَا كانَ له مَسافَة نَحْو بَيْن البُلْدان؛ أَوله عَدَدٌ مَّا اثْنانِ فصاعِدًا نَحْو بَيْن الرَّجُلَيْنِ وبَيْن القَوْمِ، ولا يُضَافُ إلى ما يَقْتَضِي معْنَى الوحِدَةِ إلَّا إذا كُرِّرَ نَحْو: {وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ}.
وقالَ ابنُ سِيْدَه: ويكونُ البَيْنُ اسْمًا وظَرْفًا مُتَمَكِّنًا.
وفي التَّنْزيلِ العَزيزِ: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}؛ قُرِئَ بَيْنَكُمْ بالرَّفْعِ والنَّصْبِ، فالرَّفْع على الفِعْل أَي تقَطَّع وَصْلُكم، والنَّصبُ على الحَذْفِ، يريدُ ما بَيْنكم، وهي قَراءَةُ نافِعٍ وحفص عن عاصِمٍ والكِسائي، والأَولى قِراءَةُ ابنِ كثيرٍ وابنِ عامِرٍ وحَمْزَةَ.
ومَنْ قَرَأَ بالنَّصْبِ فإنَّ أَبا العبَّاس رَوَى عن ابنِ الأَعْرابيِّ أنَّه قالَ: مَعْناهُ تقَطَّع الذي كانَ بَيْنَكم.
وقالَ الزَّجَّاجُ: لقد تقَطَّع ما كُنْتم فيه مِن الشَّركةِ بَيْنَكم؛ ورُوِيَ عن ابنِ مَسْعودٍ أنَّه قَرَأَ لقد تقَطَّع ما بَيْنَكم، واعْتَمَدَ الفرَّاءُ وغيرُهُ مِن النَّحويينِ قِراءَةَ ابنِ مَسْعودٍ، وكانَ أَبو حاتِمٍ يُنْكِرُ هذه القِراءَةَ ويقولُ: لا يَجوزُ حَذْفُ المَوْصولِ وبَقَاء الصِّلَة.
وقد أَجابَ عنه الأَزْهرِيُّ بما هو مَذْكُورٌ في تَهْذِيبِه.
وقالَ ابنُ سِيدَه: مَنْ قَرَأَ بالنَّصْبِ احْتَمَل أَمْرَيْن: أَحَدُهما أَنْ يكونَ الفاعِلُ مُضْمَرًا أَي تقَطَّع الأَمرُ أو الودُّ أَو العَقْدُ بَيْنَكم، والآخَرُ ما كانَ يَراهُ الأَخْفَشُ مِن أَنْ يكونَ بَيْنَكم، وإن كانَ مَنْصوبَ اللفْظِ مَرْفوعَ الموْضِعِ بفِعْلِه، غيرَ أنَّه أُقِرَّتْ نَصْبةُ الظَّرْفِ، وإن كانَ مَرْفوعَ الموْضِعِ لاطِّرادِ اسْتِعْمالِهم إيَّاه ظَرْفًا، إلا أنَّ اسْتِعْمالَ الجُملةِ التي هي صفَةٌ للمُبْتدأِ مَكانَه أَسْهلُ مِن اسْتِعمالِها فاعِلةٌ، لأنَّه ليسَ يَلْزِمُ أَنْ يكونَ المُبْتدأُ اسْمًا مَحْضًا كلزومِ ذلكَ الفاعِل، أَلا تَرَى إلى قوْلِهِم: تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِن أَنْ تَراهُ؛ أي سماعُك به خيرٌ مِن رُؤْيَتِك إيَّاهُ.
والبَيْنُ: البُعْدُ كالبُونِ. يقالُ: بَيْنَهما بُونٌ بَعيدٌ وبَيْنٌ بَعِيدٌ، والواوُ أَفْصَحُ، كما في الصِّحاحِ.
والبِينُ، بالكسْرِ: النَّاحِيَةُ؛ عن أَبي عَمْرو.
وأَيْضًا: الفَصْلُ بينَ الأَرْضَينِ وهي التّخومُ؛ قالَ ابنُ مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ:
بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به *** أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْنًا ذلكَ البِينا
والجَمْعُ بُيونٌ.
وأَيْضًا: ارتِفاعٌ في غِلَظٍ.
وأَيْضًا: القطْعَةُ مِن الأَرضِ قَدرُ مَدِّ البَصَرِ مِن الطَّريقِ.
والبِينُ: موضع قُرْبَ نَجرانَ.
وأَيْضًا: موضع قُربَ الحِيرةِ.
وأَيْضًا: موضع قُرْبَ المَدينَةِ، جاءَ ذِكْرُها في حدِيثِ إسلامِ سلَمَةَ بنِ جيش، ويقالُ فيه بالتاءِ أَيْضًا.
وأَيْضًا: قرية بفَيْرُوز آبادِ فارِسَ.
وأَيْضًا: موضع آخَرُ. وأَيْضًا: نَهْرٌ بين بَغْدادَ ودَفاعِ، وفي نسخةٍ: دَماغ، وقيلَ: رَماغ بالرَّاءِ، والصَّوابُ في سِياقِ العِبارَةِ ونَهْرُ بِينَ ببَغْدادَ، فإنَّ ياقوتًا نَقَلَ في معجمِهِ أنَّه طسوج مِن سَوادِ بَغْدادَ مُتَّصِل بنَهْر بوق. ويقالُ فيه باللامِ أَيْضًا؛ وقد يُنْسَبُ إليه أَبو العبَّاس أَحمدُ بنُ محمدِ بنِ أَحمدَ النَّهْرُبينيُّ سَمِعَ الطيوريَّ، وسَكَنَ الحديثَةَ من قُرَى الغُوطَةِ وبهاماتَ، وأَخُوه أبو عبدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ محمدٍ النَّهْرُبينيُّ المُقْرِئُ سَكَنَ دِمَشْقَ مدَّةً.
ويقالُ: جَلَسَ بين القَوْمِ: وَسْطَهُمْ بالتخْفيفِ.
قالَ الرَّاغبُ: بين مَوْضوعٌ للخَلَلِ بينَ الشَّيْئَيْن ووَسْطَهما؛ قالَ اللهُ تعالى: {وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعًا}.
قالَ الجوْهرِيُّ: وهو ظَرْفٌ، وإن جَعَلْتَه اسْمًا أَعْرَبْتَه، تقولُ: لقد تَقَطَّع بَيْنُكم برَفْعِ النونِ، كما قالَ الهُذَليُّ:
فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ *** فصادَفَ بينَ عَيْنَيْه الجَبُوبا
ويقالُ: لَقِيَهُ بُعَيْداتِ بَيْنٍ: إذا لَقِيَهُ بَعْدَ حِينٍ ثم أَمْسَكَ عنه ثم أَتَاهُ؛ كما في الصِّحاحِ.
وقد بانُوا بَيْنًا وبَيْنونةً: إذا فارَقُوا؛ وأَنْشَدَ ثَعْلَب:
فهَاجَ جَوًى بالقَلْب ضَمَّنه الهَوَى *** ببَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ
وقالَ الطرمَّاحُ:
أَآذَنَ الثَّاوِي ببَيْنُونةٍ
وبانَ الشَّيءُ بَيْنًا وبُيونًا وبَيْنُونَةً: انْقَطَعَ؛ وأَبانَهُ غيرُه إبانَةً: قَطَعَهُ.
وبانَتِ المرْأَةُ عن الرَّجُلِ فهي بائِنٌ: انْفَصَلَتْ عنه بطَلاقٍ.
وتَطْليقَةٌ بائِنَةٌ، بالهاءِ لا غَيْر، فاعِلَةٌ بمعْنَى مَفْعولَةٍ: أَي تَطْليقَةٌ ذات بَيْنُونَةٍ، ومثْلُه عِيشَةٌ راضِيَةٌ أَي ذات رِضًا.
والطّلاقُ البائِنُ: الذي لا يملكُ الرَّجُلُ فيه اسْتِرجاعَ المرْأَةِ إلَّا بعَقْدٍ جَديدٍ وله أَحْكامٌ تَفْصِيلُها في أَحْكامِ الفُروعِ مِن الفقْهِ.
وبانَ بَيانًا: اتَّضَحَ، فهو بَيِّنٌ، كسَيِّدٍ، الجمع: أَبْيِناءُ، كهَيِّنٍ وأَهْيِناء، كما في الصِّحاحِ.
قالَ ابنُ بَرِّيْ: صَوابُه مثْلُ هَيِّن وأَهْوِناء لأنَّه مِن الهوانِ.
وبِنْتُه، بالكسْرِ، وبَيَّنْتُه وتَبَيَّنْتُه وأَبَنْتُه واسْتَبَنْتُه: أَوْضَحْتُه وعَرَّفْتُه فبانَ وبَيَّنَ وتَبَيَّنَ وأَبانَ واسْتَبَانَ، كُلُّها لازِمَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وهي خَمْسَةُ أَوْزانٍ، اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ منها على ثلاثَةٍ وهي: أَبانَ الشيء اتَّضَحَ، وأَبَنْتُه: أَوْضَحْتُه، واسْتَبَانَ الشيءُ: ظَهَرَ، واسْتَبَنْتُه: عَرفْتُه، وتَبَيَّنَ الشيءُ: ظَهَرَ، وتبَيَّنْتُه أَنا، ولكلِّ مِن هَؤلاء شَواهِدُ.
أَمَّا بانَ وبانَهُ، فقد حَكَاه الفارِسِيُّ عن أَبي زيْدٍ وأَنْشَدَ:
كأنّ عَيْنَيَّ وقد بانُوني *** غَرْبانِ فَوْقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ
وأَمَّا أَبانَ اللَّازِمَ فهو مُبِينٌ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لعُمَر بنِ أَبي ربيعَةَ:
لو دَبَّ ذَرَّ فوقَ ضاحِي جلْدِها *** لأَبانَ مِن آثارِهِنَّ حُدورُ
قالَ الجَوْهرِيُّ: والتَّبْيينُ: الإيضاحُ، وأَيْضًا: الوُضوحُ. وفي المَثَل:
قد بَيَّنَ الصبحُ لذي عَيْنَينِ
أَي تَبَيَّنَ.
وقالَ النابِغَةُ:
إلَّا الأَوارِيّ لَأْيًا ما أُبَيِّنُها *** والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ
أَي أَتَبيَّنُها.
وقوْلُه تعالَى: {آياتٍ مُبَيِّناتٍ}، بكسْرِ الياءِ وتَشْديدِها بمعْنَى مُتَبَيِّناتٍ؛ ومَن قَرَأَ بفتحِ الياءِ فالمَعنَى أَنَّ اللهَ بَيَّنَها.
وقالَ تعالَى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، وقولُه تعالَى: {إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}؛ أَي ظاهِرَةٍ مُتَبَيِّنة؛ وقالَ ذُو الرُّمّة:
تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْمًا *** كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا
أَي تُبَيِّنُها، ورَوَاهُ عليُّ بنُ حَمْزَةَ: تُبيِّن نِسبةُ، بالرَّفْع، على قوْلِه:
قد بَيَّنَ الصبْحُ لذي عَيْنَيْن
وقوْلُه تعالى: {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ}، قيلَ: مَعْناه المُبِين الذي أَبانَ طُرُقَ الهُدَى مِن طُرُقِ الضّلالِ وأَبانَ كلَّ ما تَحْتاجُ إليه الأُمَّةُ.
وقالَ الأزْهرِيُّ: الاسْتِبانَةُ قد يكونُ واقِعًا. يقالُ: اسْتَبَنْتُ الشيءَ إذا تَأَملْتَه حتى يَتَبيَّنَ لكَ؛ ومنه قوْلُه تعالى: ولِتَسْتَبين سبيلَ المُجْرِمين، المَعْنى لِتَستبينَ أَنْتَ يا محمدُ؛ أَي لتَزْدادَ إجابَةً.
وأَكْثَرُ القرَّاءِ قَرأُوا {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}، والاسْتِبانَةُ حينَئِذٍ غَيْر واقِعٍ.
والتِّبْيانُ، بالكسْرِ ويُفْتَحُ مَصْدَرُ بَيَّنتْ الشَّيءَ تَبْيِينًا وتِبْيانًا وهو شاذٌّ.
وعِبارَةُ الجوْهرِيِّ، رحِمَه اللهُ تعالى، أوْفى بالمُرادِ مِن عِبارَتِه فإنَّه قالَ: والتِّبْيانُ مَصْدَرٌ وهو شادٌّ، لأنَّ المَصادِرَ إنَّما تَجِيءُ على التَّفْعال بفتْحِ التاءِ نَحْو التَّذْكار والتَّكْرار والتَّوْكاف، ولم يَجِيءْ بالكسْرِ إلَّا حَرْفان وهُما التِّبْيان والتِّلْقاء، ا ه.
وأَيْضًا حِكَايَةُ الفتْحِ غَيْرُ مَعْروفَةٍ إلّا على رأْي مَنْ يُجِيزُ القِياسَ مع السماع وهو رأْيٌ مَرْجوحٌ.
قالَ شيْخُنا، رحِمَه اللهُ تعالى: وما ذَكَرَه من انْحِصار تِفْعال في هذَين اللَّفْظَيْن به جَزَمَ الجَماهِير مِن الأَئِمَّة، وزَعَمَ بعضُهم أنَّه سَمِعَ التِّمْثال مَصْدَر مَثلْتُ الشيءَ تَمْثِيلًا وتِمْثالًا.
وزادَ الحَرِيري في الدرَّةِ على الأَوَّلَيْن تِنْضالًا مَصْدَر الناضلة.
وزادَ الشّهابُ في شرْحِ الدرَّة: شَربَ الخَمْر تِشْرابًا، وزَعَمَ أَنَّه سَمِعَ فيه الفَتْحَ على القِياسِ، والكَسْرَ على غيرِ القِياسِ، وأَنْكَر بعضُهم مَجِيءَ تِفْعال، بالكسْرِ، مَصْدرًا بالكُلِيَّة؛ وقالَ: إنَّ كلَّ ما نَقَلوا من ذلكَ على صحَّتِه إنَّما هو مِن اسْتِعمالِ الاسمِ مَوْضِعَ المَصْدرِ كما وَقَعَ الطَّعامُ، وهو المَأْكُولُ، مَوْقِعَ المَصْدَرِ وهو الإطْعامُ كما في التَّهْذِيبِ.
وقوْلُه تعالى: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}؛ أَي بُيِّنَ لكَ فيه كلُّ ما تَحْتاجُ إليه أَنْتَ وأُمَّتُك مِن أَمْرِ الدِّيْن، وهذا مِن اللَّفْظِ العامِّ الذي أُرِيد به الخاصُّ، والعَرَبُ تقولُ: بَيَّنْتُ الشيءَ تَبْيِينًا وتِبْيانًا، بكسْرِ التاءِ، وتِفْعالٌ، بالكسْرِ يكونُ اسْمًا، فأَمَّا المَصْدَرُ فإنَّه يَجِيءُ على تَفْعالٍ بالفتْحِ، مثْلُ التّكْذاب والتَّصْداق وما أَشْبَهه، وفي المَصادِرِ حَرْفان نادِرَان. وهُما تِلْقاء الشيء والتِّبْيان، ولا يقاسُ عليهما.
وقالَ سِيْبَوَيْه في قوْلِه تعالَى: {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ}، قالَ: هو التِّبْيانُ، وليسَ على الفِعْل إنَّما هو بناءٌ على حِدةٍ، ولو كانَ مَصْدَرًا لفُتِحتْ كالتَّقْتال، فإنَّما هو من بَيَّنْتُ كالغارَةِ من أَغَرْتُ.
وقالَ كراعٌ: التِّبْيانُ مَصْدرٌ ولا نَظِيرَ له إلَّا التِّلْقاء.
وضَرَبَهُ فأَبانَ رأْسَه مِن جَسَدِه وفَصَلَه فهو مُبِينٌ.
وقوْلُه: مُبْيِنٌ، كمُحْسِنٍ، غَلَطٌ وإنَّما غَرَّهُ سِياقُ الجوْهرِيِّ ونَصّه فتقول: ضَرَبَه فأَبانَ رأْسَه مِن جَسَدِه فهو مُبِينٌ. ومُبْيِنٌ أَيْضًا: اسمُ ماءٍ، ولو تأَمَّل آخِرَ السِّياقِ لم يَقَعْ في هذا المَحْذورِ. ولم أَرَ أَحدًا مِن الأَئِمةِ قالَ فيه مُبْيِنٌ كمُحْسِنٍ، ولو جازَ ذلكَ لوَجَبَ الإشارَة له في ذِكْرِ فِعْله كأنْ يقولَ: فأَبانَ رأْسَه وأَبْيَنَه، فتأَمَّلْ.
وبايَنَه مُبايَنَةً: هاجَرَه وفارَقَه.
وتَبايَنا: تَهاجَرا؛ أَي بانَ كلُّ واحِدٍ منهما عن صاحِبِه، وكذلِكَ إذا انْفَصَلا في الشّركةِ.
والبائِنُ: مَنْ يأْتي الحَلوبَةَ مِن قِبَلِ شِمالِها، والمُعَلِّي الذي يأْتي مِن قِبَلِ يَمِينِها، كذا نَصّ الجوْهرِيّ، والمُسْتعْلي من يعلى العلبة في الضّرْعِ.
والذي في التَّهْذِيبِ للأزْهرِيّ يُخالِفُ ما نَقَلَه الجوْهرِيُّ فإنَّه قالَ: البائِنُ الذي يقومُ على يَمينِ الناقَةِ إذا حَلَبَها والجَمْعُ البُيَّنُ، وقيلَ: البائِنُ والمُسْتَعْلي هُما الحالِبَانِ اللذانِ يَحْلُبان الناقَةَ أَحدُهما حالِبٌ، والآخَرُ مُحْلِب، والمُعينُ هو المُحْلِبُ، والبائِنُ عن يَمينِ الناقَةِ يُمْسِكُ العُلْيةَ، والمُسْتَعْلي الذي عن شِمالِها، وهو الحالِبُ يَرْفعُ البائِنُ العُلْبةَ إليه؛ قالَ الكُمَيْت:
يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِيًا بائِنٌ *** من الحالبَيْنِ بأن لا غِرارا
والبائِنُ: كلُّ قَوْسٍ بانَتْ عَن وَتَرِها كثيرًا؛ عن ابنِ سِيدَه؛ كالبائِنَةِ عن الجوْهرِيّ، قالَ: وأَمَّا التي قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادَتْ تلْصَقُ به فهي البانِيةُ، بتقْدِيمِ النونِ، وكِلاهُما عَيْبٌ.
والبائِنُ كما هو مُقْتَضى سِياقِه؛ وفي الصِّحاح، البائِنَة البئْرُ البَعيدَةُ القَعْرِ الواسِعَةُ كالبَيُونِ، كصَبُورٍ، لأنَّ الأشْطانَ تَبِينُ عن جرابِها كثيرًا.
وقيلَ: بِئْرٌ بَيُونٌ واسِعَةُ الجالَيْنِ.
وقالَ أبو مالِكٍ: هي التي لا يُصيبُها رِشاؤُها، وذلكَ لأنَّ جِرابَ البِئْرِ مُسْتَقيمٌ.
وقيلَ: هي البِئْرُ الواسِعَةُ الرأْسِ الضَّيِّقَةُ الأسْفَل؛ وأَنشَد أبو عليِّ الفارِسِيّ:
إِنَّك لو دَعَوْتَني ودُوني *** زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ
لقُلْتُ لَبَّيْه لمَنْ يَدْعوني
والجَمْعُ البَوائِنُ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للفَرَزْدقِ يَصِفُ خَيْلًا:
يَصْهِلْنَ للشبحِ البَعِيدِ كأنَّما *** إرْنانُها ببَوائنِ الأشْطانِ
أَرادَ: أنَّ في صَهِيلِها خُشُونَةً وغِلَظًا كأنَّها تَصْهَل في بئْرٍ دَحُول، وذلكَ أَغْلَظُ لِصَهِيلِها.
وغُرابُ البَيْنِ: هو الأبْقَعُ؛ قالَ عَنْترةُ:
ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ *** وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأبْقَعُ
حَرِقُ الجَناحِ كأنَّ لَحْيَيْ رأْسِه *** جَلَمَانِ بالأخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ
أَو هو الأحمَرُ المِنْقارِ والرِّجْلَيْنِ، وأَمَّا الأسْوَدُ، فإنَّه الحاتِمُ لأنَّه يَحْتِمُ بالفِراقِ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ عن أَبي الغَوْثِ.
وهذا الشَّيءُ بَيْنَ بَيْنَ أي بينَ الجيِّد والرَّدِيءِ، وهما اسْمانِ جُعِلا واحِدًا وبُنِيا على الفتح؛ والهمزَةُ المُخَفَّفَةُ تُسَمَّى هَمْزَةَ بَيْنَ بَيْنَ أي هَمْزَةٌ بَيْنَ الهَمْزَةِ وحَرْف اللّين، وهو الحَرْفُ الذي منه حَرَكَتُها إنْ كانت مَفْتوحَة، فهي بَيْنَ الهَمْزَةِ والألِفِ مِثْل سَألَ، وإِن كانتْ مَكْسورَةٌ فهي بَيْنَ الهَمْزَةِ والياءِ مِثْل سَئِم، وإن كانتْ مَضْمومَةً فهي بَيْنَ الهَمْزَةِ والواوِ مِثْل لَؤُمَ، وهي لا تَقَعُ أَوَّلًا أَبدًا لقرْبِها بالضِّعْفِ مِن السَّاكِنِ، إلَّا أَنَّها وإن كانتْ قد قَرُبَتْ مِن السّاكِن ولم يكنْ لها تَمكّن الهَمْزَةِ المُحَقَّقَة فهي مُتَحرِّكَة في الحَقيقَةِ، وسُمِّيَت بَيْنَ بَيْنَ لضَعْفِها؛ كما قالَ عَبيد بنُ الأبْرص:
نَحْمي حَقيقَتَنا وبع *** ضُ القَوْمِ يَسْقُط بَيْنَ بَيْنَا
أي يَتَساقَطُ ضَعِيفًا غَيْر معتدٍّ به، كذا في الصِّحاحِ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: قالَ السِّيرافي: كأنَّه قالَ بَيْنَ هؤلاء وهؤلاء، كأنَّه رجلٌ يدْخلُ بينَ الفَرِيقَيْنِ في أَمرٍ مِنَ الأُمورِ فيسْقُط ولا يُذْكَر فيه.
قالَ الشيْخ: ويجوزُ عنْدِي أن يُريدَ بينَ الدّخولِ في الحرْبِ والتّأخر عنها، كما يقالُ: فلانٌ يُقدِّمُ رِجْلًا ويُؤخِّرُ أُخْرَى.
وقوْلُهم: بَينا نَحْنُ كذا إذا حَدَثَ كذا: هي بينَ، وفي الصِّحاحِ: فعلى، أُشْبِعَتْ فَتْحَتُها فحَدَثَتِ الألِفُ؛ وفي الصِّحاحِ: فصارَتْ أَلِفًا.
قالَ عبدُ القادِرِ البَغْدادِيُّ، رحِمَه اللهُ تعالى: ومَن زَعَمَ أنَّ بَيْنا مَحْذُوفَة مِن بَيْنما احْتَاجَ إلى وحي يصدقه؛ وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه:
فبَيْنا نحن نَرْقُبُه أَتانا *** مُعَلّقُ وَفْضةٍ وزِنادُ راعِي
أَرادَ بَيْنَ نحنُ نَرْقُبُه أَتانا، فإن قِيلَ: لِمَ أَضافَ الظَّرْفَ الذي هو بَيْن، وقد علِمْنا أنَّ هذا الظَّرْفَ لا يُضافُ مِنَ الأسْماءِ إلَّا لمَا يدلُّ على أكْثَر مِنَ الواحِدِ أَو ما عُطِف عليه غيرُه بالواوِ دُونَ سائِرِ حُروف العَطْف، وقولُه نحنُ نَرْقُبُه جمْلَةٌ، والجمْلَةُ لا يُذْهَب لها بَعْدَ هذا الظَّرْفِ؟
فالجَوابُ: أنَّ ههنا واسِطَةٌ مَحْذُوفةٌ وتقْديرُ الكَلامِ بَيْنَ أَوْقاتٍ نحنُ نَرْقُبُه أَتانا، أي أَتَانا بَيْنَ أَوقاتِ رَقْبَتِنا إيَّاه، والجُمَلُ ممَّا يُضافُ إليها أَسْماءُ الزَّمانِ كقوْلِكَ: أَتَيْتك زَمَنَ الحجاجُ أَميرٌ، وأَوانَ الخَلِيفةُ عبدُ الملِكِ، ثم إنَّه حذف المضافُ الذي هو أَوْقاتٌ ووَليَ اللَّفْظ الذي كانَ مُضافًا إلى المَحْذوفِ الجُمْلة التي أُقِيمت مُقامَ المُضاف إليها كقوْلِه تعالَى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}؛ أي أَهْلَ القَرْيةِ، وبَينا وبَيْنما من حُروفِ الابْتِداءِ وليْسَتِ الألفُ بصلةٍ، وبَيْنما أَصْله بَيْنَ زِيْدَتْ عليه ما والمَعْنى واحِدٌ.
قالَ شيْخُنا، رحِمَه اللهُ تعالى: وقوْلُه: مِن حُروفِ الابْتِداءِ، إن أَرادَ بالحُروفِ الكَلِماتَ كما هو مِن إطْلاقات الحُرُوف، فظاهِرٌ، وأَمَّا إن أرادَ أَنَّهما صارا حَرْفَيْن في مُقابلةِ الاسْم والفِعْلِ فلا قائِل به، بل هما باقِيانِ على ظَرْفِيَّتِهما والإشْباعِ وهما لا يُخْرِجانِ بَيْنَ عن الاسْميَّةِ، وإنَّما يقْطَعانه عن الإضافَةِ كما عُرِف في العربيَّة؛ ا ه.
وقالَ غيرُهُ: هما ظَرْفا زَمانٍ بمعْنَى المُفاجَأة، ويُضافَان إلى جُمْلةٍ مِن فِعْل وفاعِلٍ ومُبْتدأ وخَبَر فيَحْتاجَانِ إلى جَوابٍ يتمُّ به المعْنَى.
قالَ الجوْهرِيُّ: وكانَ الأصْمَعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا إذا صَلُحَ في موْضِعِه بَيْنَ كقَوْلِه، أي أَبي ذُؤَيْب الهُذَليّ كان ينْشدُه هكذا بالكَسْر:
بَيْنا تَعَنَّفِه الكُماةَ ورَوْغِه *** يومًا أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ
كذا في الصِّحاحِ تَعَنُّفه بالفاءِ، والذي في نسخِ الدِّيوان تَعَنُّقه بالقافِ؛ أرادَ بينَ تَعَنُّقه فزادَ الألِفَ إشْباعًا؛ نَقَلَه عبدُ القادِرِ البَغْدادِيُّ.
وقالَ السّكَّريُّ، رحِمَه اللهُ تعالى: كانَ الأصْمعيُّ يقولُ بَيْنا الألِف زائِدَة إنَّما أَرادَ بينَ تَعَنُّقه وبينَ رَوَغَانِه أي بَيْنا يقتلُ ويُراوغُ إذ يختل. وغيرُه يَرْفَعُ ما بَعْدَها على الابْتِداءِ والخَبَرِ؛ نَقَلَه السُّكَّريُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: ومثْلُه في جوازِ الرَّفْع والخفْضِ قوْلُ الرّاجزِ:
كُنْ كيفَ شِئْتَ فقَصْرُك الموتُ *** لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ
بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه *** زالَ الغِنَى وتَقَوَّضَ البيتُ
قالَ: وقد تأْتي إذْ في جوابِ بَيْنا؛ قالَ حُمَيْد الأرْقط:
بَيْنا الفَتَى يَخْبِطُ في غَيْساتِه *** إذِ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِقْراتِه
قالَ: وهو دَليلٌ على فَسَادِ قوْلِ مَنْ قالَ إنَّ إذْ لا تكونُ إلَّا في جوابِ بَيْنما بزِيادَةِ ما، وممَّا يدلُّ على فَسادِ هذا القَوْل أَنَّه جاءَ بَيْنما وليسَ في جوابِها إذ كقوْلِ ابنِ هَرْمة:
بَيْنما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا *** عِ سِراعًا والعِيسُ تَهْوي هُوِيَّا
خطَرَتْ خطْرةٌ على القلبِ مِن ذِك *** راكِ وَهْنًا فما استَطَعتُ مُضِيَّا
والبَيانُ: الإفْصاحُ مع ذَكاءٍ.
وفي الصِّحاحِ: هو الفَصاحَةُ واللَّسَن.
وفي النهايةِ: هو إظْهارُ المَقْصودِ بأبْلَغ لَفْظٍ وهو مِن الفَهْم وذَكاء القَلْب مع اللّسَن وأَصْلُه الكَشْف والظّهور.
وفي الكشاف: هو المَنْطقُ الفَصِيحُ المُعْربُ عمَّا في الضَّميرِ.
وفي شرْحِ جَمْع الجوامِعِ: البَيانُ إخْراجُ الشيءِ من حيِّزِ الأشْكالِ إلى حيِّزِ التَّجَلِّي.
وفي المَحْصول: البَيانُ إظْهارُ المعْنَى للنَّفْسِ حتى يتبيَّنَ من غيرِهِ ويَنْفصِلَ عمَّا يلتبسُ به.
وفي المُفْردات للرَّاغب، رحِمَه اللهُ تعالى: البَيانُ أَعَمُّ مِن النُّطْقِ لأنَّ النُّطقَ مُخْتصٌّ باللِّسانِ ويُسمَّى ما يُبَيّنُ به بيانًا وهو ضَرْبان: أَحَدُهما بالحالِ وهي الأشْياءُ الدَّالَّةُ على حالٍ مِنَ الأحْوالِ مِن آثارِ صفَةٍ؛ والثاني بالإخْبارِ وذلك إمَّا أنْ يكونَ نُطْقًا أَو كِتابَةً، فما هو بالحالِ كقولِهِ تعالى: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}، وما هو بالإخْبارِ كقوْلِهِ تعالى: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ}؛ قالَ: ويُسمَّى الكَلام بيانًا لكَشْفِه عن المعْنَى المَقْصودِ وإظْهارِهِ نحو {هذا بَيانٌ لِلنّاسِ}؛ ويُسمَّى ما يُشْرَحُ به المُجْمَلُ والمُبْهَم مِن الكَلامِ بيانًا نحوَ قوْلِه تعالَى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ}.
وفي شَرْحِ المَقامَاتِ للشَّرِيشي، رحِمَه اللهُ تعالى: الفَرْقُ بَيْنَ البَيانِ والتِّبيان أنَّ البَيانَ وُضوحُ المعْنَى وظُهورُه، والتِّبْيان تَفْهِيم المعْنَى وتَبْيِينه، والبَيانُ منْك لغيرِكَ، والتِّبْيان منْك لنَفْسِك مثْلُ التَّبْيِين، وقد يَقَعُ التَّبْيينُ في معْنَى البَيانِ، وقد يَقَعُ البَيانُ بكثْرةِ الكَلامِ ويُعَدُّ ذلكَ مِن النِّفاقِ، ومنه حدِيثُ التّرمذيّ: «البذاءُ والبَيانُ شُعْبتان مِنَ النِّفاقِ»، ا ه.
* قلْتُ: إنّما أَرادَ منه ذَمَّ التَّعَمّقِ في المنْطِقِ والتَّفاصُحَ وإظْهارَ التَّقدُّمِ فيه على النَّاسِ، وكأنَّه نوعٌ من العُجْبِ والكِبْرِ؛ ورَاوِي الحَدِيْثِ أبو أُمامَةَ الباهِلِيُّ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه؛ وجاءَ في رِوَايَةٍ أُخْرى: «البَذاءُ وبعضُ البَيانِ»، لأنَّه ليسَ كلُّ البَيانِ مَذْمومًا.
وأَمَّا حَدِيْث: «إنَّ مِن البَيانِ لسِحْرًا»، فرَاجِع النِّهايَة.
والبَيِّنُ مِن الرِّجالِ: الفَصيحُ؛ زادَ ابنُ شُمَيْل: السَّمْحُ اللِّسانِ الظَّريفُ العالِي الكَلام القَلِيل الرَّتَج؛ وأَنْشَدَ شَمِرٌ:
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ ويَلْتَئي *** على البَيِّنِ السَّفَّاكِ وهو خَطيبُ
الجمع: أَبْيِناءُ، صحَّتِ الباءُ لسكونِ ما قَبْلها.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ في جَمْعِه: أَبْيانٌ وبُيَناءُ، فأمَّا أَبْيانُ فكمَيِّتٍ وأَمْواتٍ، قالَ سِيْبَوَيْه: شَبَّهوا فَيْعِلًا بفاعِلٍ حينَ قالوا شَاهِد وأَشْهاد، مِثْل، قَيِّلٍ وأَقْيالٍ؛ وأمَّا بُيَناءُ فنادِرٌ، والأقْيَس في ذلِكَ جَمْعُه بالواوِ، وهو قَوْلُ سِيْبَوَيْه.
وقالَ الأزْهرِيُّ في أَثْناءِ هذه التَّرْجَمةِ: رُوِي عن أَبي الهَّيْثم أَنَّه قالَ: الكَواكِبُ البَيانِيَّاتُ هي التي لا تَنْزِلُ الشَّمسُ بها ولا القمرُ إنَّما يُهْتَدَى بها في البرِّ والبَحْرِ، وهي شآمِيةٌ، ومَهَبُّ الشّمالِ منها، أَوَّلُها القُطْبُ وهو كوكبٌ لا يَزُولُ، والجدْيُ والفَرْقَدان، وهو بَينَ القُطْب، وفيه بَناتُ نعْشٍ الصُّغْرى.
هكذا النَّقْل في هذه التَّرْجَمة صَحِيحٌ غَيْر أنَّ الأزْهرِيَّ استدلَّ به على قَوْلِهم: بَيْنَ بمعْنَى وَسْط، وذلِكَ قَوْله: وهو عَيْنُ القُطْب، أي وَسْطُه.
وأَمَّا الذي استدلَّ به المصنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالَى، مِن كوْنِ تلْكَ الكَواكِبِ تسمَّى بَيانِيَّاتٍ فتَصْحِيفٌ مَحْضٌ لا يَتَنبَّه له إلَّا مَنْ عانَى مُطالَعَةَ الأُصولِ الصَّحِيحةِ ورَاجَعَها بالذِّهْن الصَّحِيحِ المُسْتَقِيم. والصَّوابُ فيه البيانيات، بموحَّدَتَيْن، ويقالُ فيه أَيْضًا البابانيات، هكذا رَأَيْته مُصحَّحًا عليه، والدَّليلُ في ذلِكَ أنَّ صاحِبَ اللِّسانِ ذَكَرَ هذا القَوْلَ بعَيْنِه في تَرْكِيبِ ب ب ن، كما مَرَّ آنِفًا فتَفَهَّم ذلِكَ.
وبَيَّنَ بنْتَه: زَوَّجَها، كأبانَها تَبْيِينًا وإبانَةً، وهو مِن البَيْنِ بمعْنَى البُعْدِ، كأنَّه أَبْعَدها عن بيتِ أَبِيها.
ومِن المجازِ: بَيَّنَ الشَّجرُ: إذا بَدا ورَقُه وظَهَرَ أَوَّلَ ما يَنْبُتُ.
وبَيَّنَ القَرْنُ: نَجَمَ، أي طَلَعَ.
وأبو عليِّ بنُ بَيَّانٍ العاقُوليُّ، كشَدَّادٍ: زاهِدٌ ذو كَراماتٍ، وقَبْرُهُ يُزارُ؛ قالَهُ ابنُ ماكُولا.
وبَيَّانَةُ، كجبَّانَةٍ: قرية بالمغْربِ، والأولى في الأنْدَلُس في عَمَلِ قرطبَةَ، ثم إنَّ التَّشْديدَ الذي ذَكَرَه صَرَّح به الحافِظُ الذهبيُّ وابنُ السّمعانيّ والحافِظُ، وشَذِّ شيْخُنا، رَحِمَه اللهُ تعالَى فقالَ: هو بالتَّخْفِيفِ مِثْل سَحابَةٍ، وهو خِلافُ ما عليه الأئِمَّةِ؛ منها أبو محمدٍ قاسِمُ بنُ أَصْبَغِ بنِ محمدِ بنِ يوسف بنِ ناسجِ بنِ عطاءٍ مَوْلى أَمير المُؤْمِنِينَ الوَلِيد بنِ عبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ البَيَّانيُّ الحافِظُ المُسْنِدُ بالأنْدَلُس، سَمِعَ مِن قرطبَةَ مِن بقيّ بنِ مَخْلدٍ ومحمدِ بنِ وَضَّاح، ورَحَلَ إلى مكَّةَ، شرَّفَها اللهُ تعالَى، والعِرَاق ومِصْر، وسَمِعَ مِن ابنِ أَبي الدُّنيا والكِبار، وكان بَصِيرًا بالفقْهِ والحَدِيْثِ، نَبِيلًا في النَّحْوِ والغَريبِ والشِّعْرِ، وصنَّفَ على كتابِ أبي دُاوَد، وكان يُشاوَرُ في الأحْكامِ، وتُوفي سَنَة 144 عن ثلاث وتسْعِيْن سَنَة، وحَفِيدُه قاسِمُ بنُ محمدِ بنِ قاسِم الأنْدَلُسيُّ البَيَّانيُّ رَوَى عنه ابْنُه أبو عَمْرٍو وأَحْمد، وأَحْمدُ هذا مِن شيوخِ ابنِ حَزْم، وقاسِمُ بنُ محمدِ بنِ قاسِمِ بنِ سَيَّار البَيَّانيُّ أَنْدلُسِيُّ له تَصانِيف صَحِبَ المُزَنيّ وغيرَه، وكانَ يميلُ إلى مَذْهَبِ الإمامِ الشافِعِيّ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه، ماتَ سَنَة 228، وابْنُه أَحْمدُ بنُ محمدِ بنِ قاسِمٍ رَوَى عن أَبيهِ.
وبَلَدِيُّهُ محمدُ بنُ سُليمانَ بنِ أَحْمد المراكشيُّ الصنهاجيُّ المُقْرئُ.
* قُلْت: الصَّوابُ في نِسْبَتِه البَياتيُّ، بالتاءِ الفوْقيَّةِ بدلُ النُّونِ، كما ضَبَطَه الحافِظُ وصَحَّحَه، فقَوْله بَلَديُّه غَلَطٌ، ومحلُّ ذِكْرِه في ب ي ت، وهو مِن شيوخِ الإسْكَنْدريَّة، سَمِعَ مِن ابنِ رواح ومظفر اللُّغَويّ، وعنه الوَانِي وجماعَةٌ.
وبَيانٌ، كسَحابٍ: موضع بَبَطْلَيُوسَ مِن كُورِ الأنْدلُس.
ويوسفُ بنُ المُبارَكِ بنِ البِينِي، بالكسْرِ، وضَبَطَه الحافِظُ بالفتْحِ، مُحَدِّثٌ هو وأَخُوهُ مهنا ووالدُهُما، سَمِعَ الثلاثَةُ عن أَبي القاسِمِ الرَّبَعيِّ، سَمِعَ منهم أبو القاسِمِ بنُ عَساكِرِ.
وقالَ عُمَرُ بنُ عليِّ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ مِن يوسف، وماتَ سَنَة 561.
وبيْنونُ: حِصْنٌ باليمنِ يُذْكَرُ مع سَلْحَيْنَ، خرَّبَهما أَرياطُ عامِلُ النَّجاشِيّ، يقالُ: إنَّهما مِن بِناءِ سُلَيْمان، عليهالسلامُ، لم يَرَ الناسُ مثلُه، ويقالُ: إنَّه بَناهُ بَبنونُ بنُ مَنافِ بنِ شرحبيلِ بنِ ينكف بنِ عبْدِ شمسِ بنِ وائِلٍ بنِ غوث؛ قالَ ذو وجدن الحِمْيريُّ:
أَبْعَدَ بَينُونَ لا عينٌ ولا أَثَرٌ *** وبَعْدَ سَلْحينَ بيني الناسُ أبياتا
وبَيْنونَةٌ، بهاءٍ، قرية بالبَحْرَيْنِ؛ وفي التهْذِيبِ: بينَ عُمَان والبَحْرَيْن؛ وفي مُعْجمِ نَصْر: أَرْضٌ فَوْق عُمَان تتَّصِلُ بالشَّحْرِ؛ قالَ:
يا رِيحَ بَيْنونَةَ لا تَذْمِينا *** جئْتِ بأرْواحِ المُصَفَّرِينا
وهُما بَيْنونَتان، بَيْنُونَةُ الدُّنْيَا، وبَيْنُونَةُ القُصْوَى، وكِلْتاهُما قَرْيتَانِ في شِقِّ بني سَعْدٍ بَيْنَ عُمانَ ويَبْرِين.
وبَيْنَةُ: موضع بوادِي الرُّوَيْثَةِ بَيْنَ الحَرَمَيْن، ويقالُ بكسْرِ الباءِ أَيْضًا، كما في مُعْجَمِ نَصْر، وثَنَّاها كُثَيِّرٌ عزَّة؛ فقالَ:
أَلا شَوْقَ لَمَّا هَيَّجَتْكَ المنازِلُ *** بحَيْثُ الْتَقَتْ مِن بَيْنَتَيْنِ العَياطِلُ
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الطَّويلُ البائِنُ: أي المُفْرِطُ طُولًا الذي بَعُدَ عن قَدِّ الرِّجالِ الطِّوال.
وحَكَى الفارسِيُّ عن أَبي زيْدٍ: طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائِنَةَ، وذلِكَ إذا طَلَبَ إليهما أنْ يُبِينَاهُ بمالٍ فيكونَ له على حِدَةٍ، ولا تكونُ البائِنَةُ إلَّا مِن الأبَوَيْن أَو أَحدِهما، ولا تكونُ مِن غيرهما، وقد أَبانَه أبواهُ إبانَةً حتى بانَ هو بذلِكَ يَبينُ بُيُونًا.
وبانَتْ يَدُ الناقَةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيُونًا.
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: يقالُ للجارِيَةِ إذا تزوَّجَتْ: قد بانَتْ، وهنَّ قد بِنَّ إذا تزوَّجْنَ كأنَّهنَّ قد بَعَدْنَ عن بَيْتِ أَبِيهنَّ؛ ومنه الحدِيْثُ: «مَنْ عالَ ثلاثَ بَناتٍ حتى يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ».
وبَيَوانُ، محرَّكةً: مَوْضِعٌ في بحيرَةِ تنيس، قد ذُكِرَ في «ب ون».
وأَبانَ الدَّلْوَ عن طَيِّ البئْرِ: حادَ بها عنه لئَلَّا يُصيبَها فتَنْخرِق؛ قالَ:
دَلْوُ عِراكٍ لجَّ بي مَنينُها *** لم يَرَ قبْلي مائِحًا يُبينُها
والتَّبْيينُ: التَّثبُّتُ في الأمْرِ والتَّأني فيه؛ عن الكِسائي.
وهو أَبْيَنُ مِن فلانٍ: أي أَفْصَح منه وأَوْضَح كَلامًا.
وأَبانَ عليه: أَعْرَبَ وشَهِدَ.
ونَخْلَةٌ بائِنَةٌ: فاتَتْ كبائِسُها الكوافرَ وامتدَّتْ عَراجِينُها وطالَتْ؛ عن أَبي حَنيفَةَ؛ وأَنْشَدَ:
مِن كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها *** عنها وحاضنةٍ لها مِيقارِ
والباناةُ مَقْلوبَةٌ عن البانِيَةِ، وهي النَّبْلُ الصِّغارُ؛ حَكَاه السُّكَّريُّ عن أَبي الخطَّاب.
والبائِنُ: الذي يُمْسِكُ العُلْبة للحالِبِ.
ومِن أَمْثالِهم: اسْتُ البائِنِ أَعْرَفُ، أي مَنْ وَلِيَ أَمْرًا ومارَسَه فهو أَعْلَم به ممَّن لم يُمارِسْه.
ومُبِينٌ، بالضمِّ: مَوْضِعٌ.
وفي الصِّحاحِ: اسْمُ ماءٍ؛ وأَنْشَدَ:
يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ *** على مبينٍ جَرَدِ القَصِيمِ
جَمَعَ بَيْنَ المِيمِ والنُّونِ، وهو الإكْفاءُ.
وأَبْيَنُ، كأحْمَدَ: اسْمُ رجُلٍ نُسِبَتْ إليه عَدَنُ مَدينَةٌ على ساحِلِ بَحْرِ اليمنِ؛ ويقالُ يبين بالياءِ.
والبَيِّنَةُ: دَلالَةٌ واضِحَةٌ عَقْليَّة كانَتْ أَو مَحْسوسَة، وسُمِّيَت شَهادَةُ الشاهِدَيْن بَيِّنَة لقَوْلِه، عليهالسلام: البَيِّنَةُ على المُدَّعِي واليمينُ على مَنْ أَنْكر؛ والجَمْعُ بَيِّناتٌ.
وفي المَحْصُولِ: البَيِّنَةُ: الحجَّةُ الوَاضِحَةُ.
والبِينَةُ، بالكسْرِ: مَنْزلٌ على طرِيقِ حاجِّ اليَمامَةِ بينَ الشِّيح والشُّقَيْرَاءَ.
وذاتُ البَيْنِ، بالفتْحِ، مَوْضِعٌ حِجازيٌّ عن نَصْر.
وبَيانُ، كسَحابٍ: صُقْعٌ مِن سَوادِ البَصْرَةِ شَرْقيّ دجْلَةَ عليه الطَّريقُ إلى حِصْنِ مَهْدِي.
والبينى: نوعٌ من الذُّرَةِ أَبْيَض بيانية.
ومحمدُ بنُ عَبْدِ الخالِقِ البَيانيُّ مِن شيوخِ الحافِظِ الذهبيِّ، رَحِمَهم اللهُ تعالَى، مَنْسوبٌ إلى طَريقَةِ الشيْخ أَبي البَيان تباين محمد بن محفوظ القُرَشِيّ عُرِفَ بابنِ الحورانيّ المُتَوفّى بدِمَشْق سَنَة 551، رَحِمَه اللهُ تعالَى، لَبِسَ الخرقَةَ عن النبيِّ صَلّى الله عليه وسلَّم عِيانًا يقْظَة، وكان الملبوس معه معاينًا للخلقِ كما هو مَشْهورٌ.
وقالَ الحافِظُ أَبو الفُتوحِ الطاووسيُّ، رَحِمَه اللهُ تعالَى: إنَّه مُتواتِرٌ.
وبايانُ: سكَّةٌ بنَسَفَ، منها أَبو يَعْلى محمدُ بنُ أَحْمَدَ ابنِ نَصْر الإمامُ الأدِيبُ، تُوفي سَنَة 337، رَحِمَه اللهُ تعالَى.
ومباينُ الحقِّ: مواضِحُه.
ودِينارُ بنُ بَيَّان، كشَدَّادٍ، وداودُ بنُ بَيَّان، وقيلَ: بنون ثقيلة، مُحَدِّثان.
وعُمَرُ بنُ بَيانٍ الثَّقَفيُّ، كسَحابٍ: مُحَدِّثٌ.
وبَيانٌ أَيْضًا: لَقَبُ محمدِ بنِ إمامِ بنِ سراجٍ الكِرْمانيِّ الفارِسِيّ الكازرونيِّ مُحَدِّث وحَفِيدُه محمدُ.
ويُلَقَّبُ ببَيان أَيْضًا ابنُ محمدٍ، ويُلَقَّبُ بعباد ابن محمدٍ، ماتَ سَنَة 857. ووَلَدُه عليّ وَرَدَ إلى مِصْرَ في أَيَّام السُّلْطان قايتباي، فأكْرَمَه كَثيرًا، وله تَأْليفٌ صَغيرٌ رَأَيْته.
والبيانيَّةُ: طائِفَةٌ مِن الخَوارِجِ نُسِبُوا إلى بَيان بنِ سمعان التَّمِيميّ.
ومُبِينٌ، بالضمِّ: ماءٌ لبَني نُمَيْرٍ ورَاءَ القَرْيَتَينْ بنصفِ مَرْحَلة بمُلْتَقى الرَّمْل والجلْد؛ وقيلَ لبَني أَسَدٍ وبَني حَبَّة بَيْنَ القَرْيَتَيْن أَو فيه؛ قالَهُ نَصْر.
ومَبْيَنٌ، كمَقْعَدٍ: حِصْنٌ باليمنِ من غَرْبي صَنْعاء في البِلادِ الحجية؛ واللهُ أَعْلَم بالصَّواب.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
78-تاج العروس (صون)
[صون]: صانَهُ صَوْنًا وصِيانًا وصِيانَةً، بكسْرهما، فهو مَصُونٌ على النَّقْصِ وهو القِياسُ، ومَصْوُونٌ على التَّمامِ شاذٌّ لا نَظِيرَ له إلَّا مَدْوُوفُ ومَرْدُوف لا رابعَ لها، وهي لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ: حَفِظَهُ.ولا يقالُ: أَصانَهُ فهو مُصانٌ، وهي لُغَةُ العامَّةِ وكذا قوْلُهم: مُنْصانٌ، فإنها مُنْكَرَةٌ، كاصْطَانَهُ؛ ومنه قوْلُ أُميَّة ابنِ أَبي عائِذٍ الهُذَليّ:
أَبْلِغْ إياسًا أنَّ عِرْضَ ابنِ أُخْتِكُمْ *** رِداؤُكَ فاصْطَنْ حُسْنَه أَو تَبَذَّلِ
وصانَ الفَرَسُ: قامَ على طَرَفِ حافِرِه من وَجىّ أَو حَفًا، فهو صائِنٌ، عن أَبي عُبَيْدٍ.
قالَ: وأَمَّا الصائِمُ فهو القائِمُ على قَوائِمِه الأَرْبَعَةِ مِن غيرِ حَفًا.
وقالَ غيرُهُ: صانَ صَوْنًا: ظَلَعَ ظَلْعًا شَدِيدًا؛ قالَ النابِغَةُ:
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتْم شُعْثًا *** يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَأ التُّؤَامِ
وقالَ الجَوْهرِيُّ في هذا البيتِ: لم يَعْرِفْه الأصْمعيّ؛ وقالَ غيرُهُ: يُبْقِينّ بعضَ المَشْيِ.
وذَكَرَ ابنُ بَرِّي: صَانَ صَوْنًا: ظَلَعَ ظَلْعًا خَفِيفًا، فمعْنَى يَصُنَّ المَشْي أي يَظْلَعْنَ ويَتَوَجَّيْنَ مِنَ التعبِ.
وصُوِانُ الثَّوْبِ وصِيانُه، مُثَلَّثينِ: ما يُصَانُ فيه ويحفظ: الضَّمُّ والكسْرُ في الصُّوانِ مَعْرُوفانِ، والكسْرُ في الصِّيانِ فَقَط، وما عَدا ذلِكَ غَريبٌ.
والصَّوَّانة مُشدَّدَةً: الدُّبرِ، كأَنَّها كَثيرَةُ الصَّونِ لا تخدجُ؛ ومنه يقالُ: كذَبَتْ صَوَّانَتُه؛ وهو مجازٌ.
والصَّوَّانَةُ: ضربٌ مِن الحجارَةِ شِديدٌ يُقْدَحُ بها، وهي حِجارَةٌ سُودٌ ليْسَتْ بصُلْبَةٍ، ج: صوَّان.
وقالَ الأزْهرِيُّ: الصَّوَّانُ حِجارَةٌ صُلْبَة إذا مَسَّتْه النارُ فَقَّعَ تَفْقِيعًا وتَشَقَّقَ، ورُبَّما كانَ قَدَّاحًا تُقْتَدَحُ به النارُ، ولا يصْلُحُ للنُّورَةِ ولا للرِّضافِ؛ قالَ النابِعَةُ:
بَرَى وَقَعُ الصَّوَّانِ حَدَّ نُسُورِها *** فهُنَّ لِطافٌ كالصِّعَادِ الذَّوابِلِ
والصِّينُ، بالكسْرِ: موضع بالكُوفَةِ.
وأَيْضًا: بالاسْكَنْدَريَّةِ.
وموْضِعانِ بِكَسْكَرَ.
وأَيْضًا: مملكةٌ بالمشْرِقِ في الجَنُوبِ مَشْهورَةٌ مُتَّسعةٌ كثيرَةُ الخَيْراتِ والفَواكِه والزُّرُوعِ والذَّهَبِ والفضَّةِ ويَخْتَرقُها النَّهْرُ المَعْروفُ ببابِ حياةِ يعْنِي ماءَ الحَيَاةِ ويُسَمَّى بنَهْرِ اليسر، ويَمرُّ في وَسَطِه مَسِيرَةَ سِتَّة أَشْهُر حتى يمرَّ بصِينِ الصِّيْن، وهي صِينُ كِيلان، يكْتَنقُه القرى والمَزارع مِن شَطَّيْه كنِيلِ مِصْرَ. ومنها الأَوَاني الصِّينِيَّةُ التي تُصْنَعُ بها مِن تُرابِ جِبالٍ هناك تَقْذفُه النارُ كالفَحْمِ ويُضيفُون له حجارَةٌ لهم يقِدُون عليها النارَ ثلاثَةَ أَيامٍ ثم يَصبُّون عليها الماءَ فتَصِيرُ كالتُّرابِ ويخمِّرُونَه أَيّامًا، وأَحْسَنه ما خُمِّرَ شَهْرًا، ودُونه ما خُمِّر خَمْسَة عَشَرَ يومًا إلى عَشَرةٍ ولا أَقَلّ مِن ذلِكَ؛ ومنها يُنْقَلُ إلى سائِرِ البِلادِ؛ وإليها يُنْسَبُ الكبابة الصِّينِيّ والدَّارِ صِينيّ والدَّجاج الصِّينِيّ.
ومَلِكُ الصِّيْن تَتْرَى مِن ذرِّيَّةِ جنْكيزْخَان.
وفي كلِّ مَدينَةٍ في الصِّيْنِ مَدينَة للمُسْلِمِين يَنْفَردُون بسُكْناهُم فيها، ولهم زَوَايا ومَدارِسُ وجَوامِعُ، وهم يُحْتَرمُونَ عنْدَ سلاطِينِهم، وعنْدَهُم الحَريرُ واحْتِفالهم بأَوَاني الذَّهَب والفضَّةِ، ومُعامَلاتهم بالكَواغِدِ المَطْبُوعَة، وهم أَعْظَم الأُمَم إحْكامًا للصَّناعَات والتَّصاوِيرِ.
وقيلَ: إنَّ الحِكْمَةَ نَزلَتْ على ثلاثَةِ أَعْضاءٍ مِن بَني آدَمَ: أَدْمِغَةُ اليُونان، وأَلْسِنَة العَرَبِ، وأَيادِي الصِّين.
وفي الحدِيثِ: «اطْلبُوا العِلْم ولو بالصِّيْنِ».
والمِصْوانُ: غِلافُ القَوْسِ تُصَانُ فيه. والصِينِيَّةُ، بالكسْرِ: بلد تَحْتَ واسِطِ العِراقِ وتُعْرَفُ بصِينه الحَوانِيتِ، منها قاضِيها وخَطِيبُها أَبو عليٍّ الحَسَنُ بنُ أَحمدَ بنِ مَاهَان الصِّينِيُّ، كَتَبَ عنه أَبو بَكْرٍ الخَطِيبُ.
وأَمَّا إبراهيمُ بنُ إسْحق الصِّينيُّ فإنَّه إلى المَمْلكَةِ المَذْكُورَةِ، رَوَى عن يَعْقوب القميِّ.
وحُمَيْدُ بنُ محمدٍ الشَّيْبانيُّ الصِّينيُّ إلى المَمْلكَةِ المَذْكورَةِ عن ابنِ الأَثيرِ.
وكانَ أَبو الحَسَنِ سعدُ الخَيْر بنُ محمدِ بنِ سَهْل بنِ سعْدٍ الأَنْصارِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ البَلْنسيُّ يكْتبُ لنفْسِه الصِّينيّ لأنَّه سافَرَ مِن الغَرْبِ إلى أَقْصَى المَشْرقِ، إلى أَقْصَى الصِّيْن.
والصَّوْنَةُ: العَتِيدَةُ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الصِّينَةُ، بالكسْرِ: الصَّوْنُ. يقالُ: هذه ثِيابُ الصِّينَةِ أي الصَّوْنِ، وهي خِلافُ البذْلَة.
والمصانُ غِلافُ القَوْسِ.
وصانَ عِرْضَهُ صِيانَةً؛ على المَثَلِ؛ قالَ أَوْسُ بنُ حَجَر:
فإنا رَأَيْنَا العِرْضَ أَحْوَجَ ساعَةً *** إلى الصَّوْنِ من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
والحُرُّ يَصُونُ عِرْضَه كما يَصُونُ الإنْسانُ ثَوْبَه.
وثَوْبٌ صَوْنٌ وَصْفٌ بالمَصْدَرِ.
وقد تَصاوَنَ الرَّجُلُ مِن المَعايبِ، وتَصَوَّنَ؛ الأَخيرَةُ عن ابنِ جنيِّ؛ ونَقَلَها الزَّمخْشرِيُّ أَيْضًا.
وصانَ الفَرَسُ عَدْوَهُ وجَرْيَه صَوْنًا: ذَخَرَ منه ذَخِيرَةً لأَوانِ الحاجَةِ إليه: قالَ لبيدٌ:
يُراوِحُ بين صَوْنٍ وابْتذالِ
أَي يَصُونُ جَرْيَه مَرَّةً فيُبْقِي منه، ويَبْتَذِلُه مَرَّة فيَجْتهدُ فيه؛ وهو مجازٌ.
وصانَ الفَرَسُ صَوْنًا: صَفَّ بينَ رِجْلَيْه؛ وقيلَ: قامَ على طَرَفِ حافِرِهِ؛ قالَ النابِغَةُ:
وما حاوَلْتُما بقِيادِ خَيْل *** يَصُونُ الوَرْدُ فيها والكُمَيْتُ
والصِّيْن: قَرْيةٌ بوَاسِط هي غَيْر الذي ذَكَرَها المصنِّفُ.
وصِينِينُ: عِقِّيرٌ مَعْروفٌ
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
79-تاج العروس (جوي)
[جوي]: ي الجَوَى: هَوًى باطِنٌ؛ كما في المُحْكَم.وأَيْضًا: الحُزْنُ.
وأَيْضًا: الماءُ المُنْتِنُ المُتَغَيِّرُ.
وفي الصحاحِ: الجَوَى الحُرْقَةُ وشِدّةُ الوَجْدِ من عِشْقٍ أَو حُزْنٍ.
والجَوَى: السُّلُّ وتَطاوُلُ المَرَضِ.
وقيلَ: هو داءٌ يأْخُذُ في الصَّدْر.
وقيلَ: كلُّ داءٍ يأْخُذُ في الباطِنِ لا يُسْتَمْرأُ معه الطَّعامُ، وقد جَوِيَ، كرَضِيَ، جَوّى، فهو جَوٍ بالتَّخْفيفِ وجَوًى؛ الأَخيرُ وصْفٌ بالمَصْدَرِ.
وامْرأَةٌ جَوِيَّةٌ وجَوِيَةٌ، كرَضِيَةٍ.
واجْتَواهُ: كَرِهَهُ ولم يُوافِقْه؛ ومنه حدِيثُ العُرَنِيِّينَ: «فاجْتَوَوُا المدينَةَ»؛ أَي اسْتَوْخَمُوها.
قالَ أبو زيدٍ: اجتَوَيْتَ البِلادَ إذا كَرِهْتَها وإنْ كانتْ مُوافِقَةً لكَ في بَدَنِك.
وقالَ في نوادِرِه: الاجْتِواءُ النِّزاعُ إلى الوَطنِ وكَراهةُ المَكانِ وإن كنْتَ في نِعْمةٍ، قالَ: وإن لم تكنْ نازِعًا إلى وَطَنِك فإِنَّك مُجْتَوٍ أَيْضًا.
قالَ: ويكونُ الاجْتِواءُ أَيْضًا أَن لا يَسْتَمْرِيءَ الطَّعامَ بالأرضِ ولا الشَّرابَ، غير أَنَّك إذا أَحْبَبْتَ المُقامَ ولم يُوافِقْك طعامُها ولا شرابُها فأَنْتَ مُسْتَوْ بِلٌ ولستَ بمُجْتَوٍ.
قالَ الأزْهرِيُّ: جَعَلَ أَبو زيْدٍ الاجْتِواءَ على وَجْهَيْن. وأَرضٌ جَوِيَّةٌ، كفَرِحَةٍ، وجَوِيَّةٌ، كغَنِيَّةٍ: غَيْرُ مُوافِقَةٍ.
وجَوِيَتْ نَفْسُه منه وعنه؛ قالَ زُهيرٌ:
يشمت نيبها فَجوِيتُ عنْها *** وَعِنْدِي لو أَشاءُ لها دَوَاءُ
والجِواءُ، ككِتابٍ: خِياطةُ حَياءِ النَّاقَةِ.
وأَيْضًا: البَطْنُ من الأرضِ.
وأَيْضًا: الواسِعُ من الأَوْدِيَةِ؛ وقيلَ: البارِزُ المُطْمَئِنُّ منها.
وأَيْضًا: موضع بالصَّمَّانِ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للراجزِ، وهو عُمَرُ بنُ لَجَأَ التِّيْمِيُّ:
يَمْعَسُ بالماءِ الجِواءَ مَعْسا *** وغَرَّقَ الصَّمَّانَ ماءً قَلْسا
وأَيْضًا: شِبْهُ جَوْرَبٍ لزَادِ الرَّاعي وكِنفِهِ.
وأَيْضًا: ماءٌ بحِمَى ضَرِيَّةَ، قيلَ: ومنه قوْلُ زُهيرٍ:
عَفا من آلِ فاطِمة الجِوَاءُ
وأَيْضًا: موضع باليَمامَةِ.
وأَيْضًا: وادٍ في دِيارِ عَبْسٍ أَو أَسَدٍ؛ أَسافِل عدنةَ، ومنه قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
يا دار عَبْلَةَ بالجِوَاءِ تَكَلَّمِي
وأَيْضًا: ما تُوضَعُ عليه القِدْرُ من جِلْدٍ أَو خَصَفَةٍ.
وقالَ أَبو عَمْروٍ: هو وِعاءُ القِدْرِ؛ والجَمْعُ أَجْوِيَةٌ؛ كالجِوَاءَةِ والجِياءِ والجِياءَةِ والجِياوَةِ على القَلْبِ.
وفي حدِيثِ عليِّ: «لأنْ أَطَّلِيَ بجِوَاءِ قِدْرٍ أَحَبُّ إليَّ مِن أَنْ أَطَّلِيَ بزَعْفَرانِ».
وجَمْعُ الجِياء بالهَمْز أَجْئِيةٌ.
وفي الصِّحاحِ: والجِوَاءُ والجِيَاءُ لُغَةٌ في جآوة القِدْرِ، عن الأَحْمر.
وجاوَى بالإِبِلِ: دَعاها إلى الماءِ وهي بَعِيدَةٌ منه؛ قالَ:
جاوَى بها فهاجَها جَوْجاتُه
قالَ ابنُ سِيدَه: وليسَتْ جاوَى بها مِن لَفْظِ الجَوْجاةِ إنَّما هي مِن مَعْناها، وقد يكونُ جاوَى بها مِن جوو.
وجِياوَةُ، بالكسْر: بَطْنٌ من باهِلَةَ قد دَرَجُوا فلا يُعْرَفُون.
والجَوِيُّ، كغَنِيِّ: الضَّيِّقُ الصَّدْرِ من داءٍ به لا يكادُ يُبَيِّنُ عنه لسانُهُ.
والجَوِي، بتَخْفِيفِ الياءِ: الماءُ المُنْتِنُ المُتَغَيِّرُ؛ قالَ الشاعِرُ:
ثم كان المِزاجُ ماءَ سَحَاب *** لا جَوٍ آجِنٌ ولا مَطْرُوقُ
والجِيَّةُ، بالكسْرِ وتَشْديدِ الياءِ غَيْر مَهْموزٍ: الماءُ المُتَغَيِّرُ.
وقالَ ثَعْلَب: الماءُ المُسْتَنْقِعُ في المَوْضِعِ، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، يُشَدَّدُ ولا يُشَدَّدُ.
وفي نوادِرِ الأعرابِ: وقيَّةٌ من ماءٍ وجِيَّةٌ من ماءٍ؛ أَي ماءٌ ناقِعٌ خَبِيثٌ، إمَّا مِلْحٌ وإمَّا مَخْلوطٌ ببَوْلٍ.
أَو المَوْضِعُ الذي يَجْتَمِعُ فيه الماءُ في هَبْطَةٍ وقيلَ: أَصْلُها الهَمْز ثم خُفِّفَتْ. وقالَ الفرَّاءُ: هو الذي تَسِيلُ إليه المِياهُ.
قالَ شَمِرٌ: يقالُ جِيَّة وجَيْأَةٌ وكُلُّ مِن كلام العَرَبِ.
وقيلَ: هي الرَّكِيَّةُ المُنْتِنَةُ؛ ومنه الحدِيثُ: أنَّه مَرَّ بنَهْر جاوَرَ جِيَّة مُنْتِنَة.
وأَجَوَيْتُ القِدْرَ عَلَّقْتُها على وِطائِها.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
جَوِيَ الرَّجُلُ، كَرَضِيَ: اشْتَدَّ وَجْدُه، فهو جَوٍ، كَدوٍ.
وجَوِيَتِ الأرضْ: أَنْتَنَتْ.
والجِوَاءُ، بالكسْرِ: الفُرْجَةُ بينَ بُيوتِ القوْم.
يقالُ: نَزَلْنا في جِوَاءِ فلانٍ.
وجُوَيُّ، كسُمَيِّ: جُبَيْلٌ نَجْدِيُّ عنْدَ الماءَةِ التي يقالُ لها الفالِقُ.
والجويا، كحميا: ناحِيَةٌ نَجْدِيَّةٌ كِلاهُما عن نَصْر.
وكَغَنِيَّة: جَويَّةُ بنُ عبيدٍ الدِّيليُّ، عن أَنَسٍ؛ وجَوِيَّةُ بنُ إياسٍ شَهِدَ فَتْح مِصْرَ.
وكسُمَيَّة: جُوَيَّةُ السَّمَعيّ عن عُمَر؛ وجُوَيَّةُ في أَجْدَادِ عُيَيْنَة بن حِصنٍ الفَزَارِيّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
80-المصباح المنير (سيح)
سَاحَ فِي الْأَرْضِ يَسِيحُ سَيْحًا وَيُقَالُ لِلْمَاءِ الْجَارِي سَيْحٌ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِوَسَيْحُونُ بِالْوَاوِ نَهْرٌ عَظِيمٌ دُونَ جَيْحُونُ وَفِي كِتَابِ الْمَسَالِكِ أَنَّهُ يَجْرِي مِنْ حُدُودِ بِلَادِ التُّرْكِ وَيَصُبُّ فِي بُحَيْرَةِ خُوَارِزْمَ وَيُعْرَفُ بِنَهْرِ الشَّاشِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي التَّفْسِيرِ هُوَ نَهْرُ الْهِنْدِ.
وَسَيْحَانُ بِالْأَلِفِ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَيَمُرُّ بِطَرَفِ الشَّأْمِ بِبِلَادٍ تُسَمَّى فِي وَقْتِنَا سِيسَ وَيَلْتَقِي مَعَ جَيْحَانَ وَيَصُبُّ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
81-لسان العرب (عجج)
وعَجَّ: أَكل الطِّين.وعَجَّ الماءُ يَعِجُّ عَجيجًا وعَجْعَجَ، كِلَاهُمَا: صوَّت؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لكُلِّ مَسيلٍ منْ تِهَامَةَ، بعد ما ***تَقَطَّعَ أَقْرانُ السَّحابِ عَجيجُ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
بأَوْسَعَ، منْ كَفِّ المُهاجِرِ، دَفْقَةً، ***وَلَا جَعْفَر عَجَّت إِليه الجَعافرُ
عَجَّت إِليه: أَمدَّته، فللسَّيل صوْت مِنَ الماءِ، وعَدَّى عَجَّت بإِلى لأَنها إِذا أَمدَّته فَقَدْ جاءَته وانضَمَّتْ إِليه، فكأَنه قَالَ: جاءَت إِليه وَانْضَمَّتْ إِليه.
والجَعْفَرُ هُنَا: النَّهْرُ.
ونهرٌ عَجَّاج: تَسْمَعُ لِمَائِهِ عَجيجًا أَي صوْتًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الفَخَرة: نَحْنُ أَكثر مِنْكُمْ سَاجًا ودِيباجًا وخَراجًا ونَهْرًا عَجَّاجًا.
وَقَالَ ابْنُ دريدٍ: نَهْرٌ عَجَّاج كَثِيرُ الماءِ؛ وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ: «إِن مَرَّت بِنَهْرٍ عَجَّاج فشرِبت مِنْهُ كُتبت لَهُ حسَنات»؛ أي كَثِيرُ الماءِ كأَنه يَعِجُّ مِنْ كَثْرَتِهِ وصَوْت تدفُّقه.
وفَحْلٌ عَجَّاج فِي هَديره أَي صيَّاح؛ وَقَدْ يجيءُ ذَلِكَ فِي كُلِّ ذِي صوْت مِن قَوْسٍ وَرِيحٍ.
وعَجَّت الْقَوْسُ تَعِجُّ عَجيجًا: صوَّتت، وَكَذَلِكَ الزَّنْدُ عِنْدَ الوَرْيِ.
والعَجَاج: الغُبار، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْغُبَارِ مَا ثَوَّرَتْه الرِّيحُ، وَاحِدَتُهُ عَجاجة، وَفِعْلُهُ التَّعْجيجُ.
وَفِي النَّوَادِرِ: عَجَّ الْقَوْمُ وأَعَجُّوا، وهَجُّوا وأَهَجُّوا، وخَجُّوا وأَخَجُّوا إِذا أَكثروا فِي فُنُونه الرُّكوبَ.
وعَجَّجَته الرِّيح: ثَوَّرتْهُ.
وأَعَجَّتِ الرِّيح، وعَجَّت: اشتدَّ هُبوبها وَسَاقَتِ الْعَجَّاجَ.
والعَجَّاج: مُثِير الْعَجَاجِ.
والتعجيجُ: إِثارة الغُبار.
ابْنُ الأَعرابي: النُّكْبُ فِي الرِّيَاحِ أَربعٌ: فنَكباءُ الصَّبا والجَنُوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ، ونكباءُ الصَّبا والشَّمال مِعْجاجٌ مِصْرادٌ لَا مَطَرَ فِيهِ وَلَا خيرَ، ونَكْباءُ الشَّمال والدَّبُور قَرَّةٌ، ونَكْباءُ الجَنُوب والدَّبور حارَّة؛ قَالَ: والمِعْجاجُ هِيَ الَّتِي تُثِير الغُبار.
وَيَوْمٌ مِعَجٌّ وعَجَّاجٌ، ورياحٌ مَعاجِيجُ: ضِدُّ مَهَاوين.
والعَجَاجُ: الدُّخَان؛ والعَجَاجَة أَخصُّ مِنْهُ.
وعَجَّجَ البيتَ دُخَانًا فَتَعَجَّجَ: مَلأَهُ.
والعَجَاجة: الْكَثِيرُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ شَمِر: لَا أَعرفُ العَجاجة بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: العَجْعاجُ مِنَ الْخَيْلِ النَّجِيب المُسِنُّ.
والعُجَّة: دَقِيقٌ يُعجَن بسَمْن ثُمَّ يُشْوَى؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: العُجَّة ضرْب مِنَ الطَّعَامِ لَا أَدري مَا حدُّها.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العُجَّة هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي يُتخذ مِنَ الْبَيْضِ، أَظنُّه مولَّدًا.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَعرف حَقِيقَةَ العُجَّة غَيْرَ أَن أَبا عَمْرٍو ذَكَرَ لِي أَنه دَقِيقٌ يُعْجَنُ بِسَمْنٍ؛ وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ بَعْضِهِمْ أَن العُجَّة كلُّ طَعَامٍ يُجمع مِثْلَ التَّمْرِ والأَقِطِ.
وَجِئْتُهُمْ فَلَمْ أَجد إِلَّا العَجَاج والهَجَاج؛ العَجَاج: الأَحمق.
والهَجَاج: مَن لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يأْخذ اللَّهُ شَريطَتَه مِنْ أَهل الأَرض، فَيَبْقَى عَجَاجٌ لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرون مُنْكَرًا»؛ قَالَ الأَزهري: أَظنه شُرْطَته أَي خِيَارَهُ، وَلَكِنَّهُ كَذَا رُوي شَريطَتَه.
والعَجَاجُ مِنَ النَّاسِ: الغَوْغاءُ والأَراذِل ومَن لَا خَيْرَ فِيهِ، وَاحِدُهُمْ عَجاجة، وَهُوَ كَنَحْوِ الرَّجَاجِ والرَّعاعِ؛ قَالَ:
يَرضَى، إِذا رَضِي النِّساءُ، عَجَاجَةً، ***وإِذا تُعُمِّدَ عَمْدُهُ لَمْ يَغْضَب
والعَجَّاج بْنُ رؤْبة السَّعْدي: مِنْ سَعِدِ تَمِيمٍ، هَذَا الرَّاجِزُ؛ يُقَالُ: أَشعر النَّاسِ العَجَّاجان أَي رؤْبة وأَبوه؛ قال ابْنُ دُرَيْدٍ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
حَتَّى يَعجَّ ثَخَنًا مَنْ عَجْعَجَا، ***ويُودِيَ المُودِي، ويَنْجُو مَنْ نَجا
أَي اسْتَغَاثَ.
قَالَ اللَّيْثُ: لَمَّا لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ أَن يَقُولَ فِي الْقَافِيَةِ عَجَّا، وَلَمْ يَصِحَّ عَجَجًا ضَاعَفَهُ، فَقَالَ: عَجْعَجا، وهُمْ فُعَلاءُ لِذَلِكَ.
وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا زَجَرْتَهَا: عَاجِ، وَفِي الصِّحَاحِ: عاجِ، بِكَسْرِ الْجِيمِ، مُخَفَّفَةٌ.
وَقَدْ عَجْعَجَ بِالنَّاقَةِ إِذا عَطَفها إِلى شَيْءٍ فَقَالَ: عَاجِ عَاجِ.
والعَجْعَجة فِي قُضَاعَةَ: كالعَنْعَنة فِي تَمِيمٍ يُحَوِّلون الْيَاءَ جِيمًا مَعَ الْعَيْنِ، يَقُولُونَ: هَذَا راعِجَّ خَرَجَ مَعِجْ أَي راعِيّ خَرَجَ مَعِي؛ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
خَالِي لَقِيطٌ وأَبو عَلِجِّ، ***المُطْعِمَان اللَّحم بالعَشِجِ
وبالغَداةِ كِسَرَ البَرْنِجِّ، ***يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِ
أَراد: عَليّ والعَشِيّ والبَرْنيّ والصِّيصِيّ.
وَفُلَانٌ يَلُفُّ عَجَاجَته عَلَى بَني فُلَانٍ أَي يُغِير عَلَيْهِمْ؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
وإِني لأَهْوَى أَنْ أَلُفَّ عَجَاجَتي ***عَلَى ذِي كِساءٍ، مِنْ سُلامَان، أَو بُرْدِ
أَي أَكْتَسِحَ غنيَّهم ذَا البُرْدِ، وَفَقِيرَهُمْ ذَا الكساءِ.
وطَرِيقٌ عاجٌّ زاجٌّ إِذا امتلأَ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
82-لسان العرب (بطط)
بطط: بَطّ الجُرْحَ وَغَيْرَهُ يَبُطُّه بَطًّا وبَجَّه بَجًّا إِذا شقَّه.والمِبَطّةُ: المِبْضَعُ.
وبَطَطْتُ القرْحةَ: شَقَقْتها.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه دَخَلَ عَلَى رجلٍ بِهِ وَرَمٌ فَمَا بَرِحَ حَتَّى بُطَّ»؛ البَطُّ: شَقُّ الدُّمّل والخُراجِ وَنَحْوَهُمَا.
والبَطّةُ الدَّبّةُ، مَكِّيَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ إِناء كالقارُورةِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «أَنه أَتى بَطّةً فِيهَا زَيْتٌ فَصَبَّهُ فِي السِّرَاجِ»؛ الْبَطَّةُ: الدَّبّةُ بِلُغَةِ أَهل مَكَّةَ لأَنها تُعمل عَلَى شَكْلِ الْبَطَّةِ مِنَ الْحَيَوَانِ.
والبَطُّ: الإِوَزُّ، وَاحِدَتُهُ بَطَّةٌ.
يُقَالُ: بطّةٌ أُنثى وبَطّةٌ ذَكَرٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، أَعجمي مُعَرِّبٌ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ الإِوَزُّ صِغارُه وَكِبَارُهُ جِمِيعًا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ حِكَايَةً لأَصواتها.
وزيدُ بَطّة: لَقَبٌ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا لقّبْت مُفْرَدًا بِمُفْرَدٍ أَضفته إِلى اللقَب، وَذَلِكَ قَوْلُكَ هَذَا قَيْسُ بطّةَ، جَعَلْتَ بَطَّةَ مُعَرَّفَةً لأَنك أَردت الْمَعْرِفَةَ الَّتِي أَردتها إِذا قُلْتَ هَذَا سَعِيدٌ، فَلَوْ نَوَّنْتَ بطةَ صَارَ سَعِيدٌ نَكِرَةً وَمَعْرِفَةً بِالْمُضَافِ إِليه، فَيَصِيرُ بَطَّةُ هَاهُنَا كأَنه كَانَ مَعْرِفَةً قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أُضيف إِليه.
وَقَالُوا: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بطةُ يَا فَتَى، فَجَعَلُوا بَطَّةَ تَابِعًا لِلْمُضَافِ الأَوّل؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِذا لَقَّبْتَ مُضَافًا بِمُفْرَدٍ جَرَى أَحدهما عَلَى الْآخَرِ كَالْوَصْفِ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بَطَّةُ يَا فَتَى.
والبَطُّ: مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ بَطَّةٌ، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ للتأْنيث وإِنما هِيَ لِوَاحِدِ الْجِنْسِ، تَقُولُ: هَذِهِ بَطَّةٌ لِلذِّكْرِ والأُنثى جِمِيعًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَدَجَاجَةٍ.
والبَطْبَطةُ: صَوْتُ الْبَطِّ.
والبَطِيطُ: العَجب والكَذِبُ؛ يُقَالُ: جَاءَ بأَمْر بَطِيطٍ أَي عَجِيبٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَمّا تَعْجَبي وتَرَيْ بَطِيطًا، ***مَنِ اللَّائينَ فِي الحِقَبِ الخَوالي
وَلَا يُقَالُ مِنْهُ فعَل؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
سَمَتْ للعِراقَيْنِ فِي سَوْمِها، ***فَلاقَى العِراقانِ مِنْهَا البَطِيطا
وَقَالَ آخَرُ:
أَلم تَتَعَجَّبي وتَرَيْ بَطِيطًا، ***مِنَ الحِقَبِ المُلَوِّنةِ العنُونا
ابْنُ الأَعرابي: البُطُطُ الأَعاجيبُ، والبُطُطُ الأَجْواعُ، والبُطُطُ الكَذِبُ، والبُطُطُ الحَمْقَى.
والبَطِيط: رأْس الخُفّ، عِراقِيّة، وَقَالَ كُرَاعٌ: البَطِيطُ عِنْدَ الْعَامَّةِ خُفٌّ مَقْطُوعٌ، قدَمٌ بِغَيْرِ ساقٍ؛ وَقَوْلُ الأَعرابية:
إِنَّ حِرِي حُطائطٌ بُطائط، ***كأَثَرِ الظَّبْيِ بجَنْبِ الغائِط
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى بُطائطًا إِتباعًا لحُطائط، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده ابْنُ جِنِّي فِي الإِقْواء، وَلَوْ سَكَّنَ فَقَالَ بُطَائِطْ وتَنكَّب الإِقواء لَكَانَ أَحسن.
وَنَهْرٌ بَطّ: مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
لَمْ أَرَ كاليَوْمِ، وَلَا مُذْ قَطِّ، ***أَطْوَلَ مِنْ ليْلٍ بنَهْر بَطِّ
أَبيت بَيْنَ خلَّتي مُشْتطِّ، ***مِنَ البَعُوضِ وَمِنَ التَّغَطِّي
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
83-لسان العرب (طعم)
طعم: الطَّعامُ: اسمٌ جامعٌ لِكُلِّ مَا يُؤكَلُ، وَقَدْ طَعِمَ يَطْعَمُ طُعْمًا، فَهُوَ طاعِمٌ إِذَا أَكَلَ أَو ذاقَ، مِثَالُ غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْمًا، فَهُوَ غانِمٌ.وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا}.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَلَّ طُعْمُه أَي أَكْلُه.
وَيُقَالُ: طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَمًا وَإِنَّهُ لَطَيّبُ المَطْعَمِ كَقَوْلِكَ طَيِّبُ المَأْكَلِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي زَمْزَمَ: إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وشِفاءُ سُقْمٍ أَي يَشْبَعُ الإِنسانُ إِذَا شَرب ماءَها كَمَا يَشْبَعُ مِنَ الطَّعَامِ.
وَيُقَالُ: إنِّي طاعِمٌ عَنْ طَعامِكُمْ أَي مُسْتَغْنٍ عَنْ طَعامكم.
وَيُقَالُ: هَذَا الطَّعامُ طَعامُ طُعْمٍ أَي يَطْعَمُ مَنْ أَكله أَي يَشْبَعُ، وَلَهُ جُزْءٌ مِنَ الطَّعامِ مَا لَا جُزْءَ لَهُ.
وَمَا يَطْعَم آكِلُ هَذَا الطَّعَامَ أَي مَا يَشْبَعُ، وأَطْعَمْته الطَّعَامَ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: اخْتُلِفَ فِي طَعَامِ الْبَحْرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا نَضَب عَنْهُ الْمَاءُ فأُخِذَ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ طَعامُه، وَقَالَ آخَرُونَ: طعامُه كُلُّ مَا سُقِي بِمَائِهِ فَنَبَتَ لأَنه نَبَتَ عَنْ مَائِهِ؛ كلُّ هَذَا عَنْ أَبي إِسحاق الزَّجَّاجِ، وَالْجَمْعُ أَطْعِمَةٌ، وأَطْعِماتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَقَدْ طَعِمَه طَعْمًا وطَعامًا وأَطْعَم غيرَه، وأَهلُ الْحِجَازِ إِذَا أطْلَقُوا اللفظَ بالطَّعامِ عَنَوْا بِهِ البُرَّ خَاصَّةً، وَفِي حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ: « كُنَّا نُخْرِجُ صدقةَ الفطرِ عَلَى عهدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعامٍ أَو صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ »؛ قِيلَ: أَراد بِهِ البُرَّ، وَقِيلَ: التَّمْرُ، وَهُوَ أَشبه لأَن البُرَّ كَانَ عِنْدَهُمْ قَلِيلًا لَا يَتَّسِعُ لإِخراج زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعَالِي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن الطَّعامَ هُوَ البُرُّ خَاصَّةً.
وَفِي حَدِيثِ المُصَرَّاةِ: « مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ»، إنْ شَاءَ أَمْسَكها، وَإِنْ شَاءَ رَدَّها ورَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعامٍ لَا سَمْراء.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الطَّعامُ عامٌّ فِي كلِّ مَا يُقْتات مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَحَيْثُ اسْتَثْنى مِنْهُ السَّمْراء، وَهِيَ الْحِنْطَةُ، فَقَدْ أَطْلَق الصاعَ فِيمَا عَدَاهَا مِنَ الأَطعمة، إلَّا أَن الْعُلَمَاءَ خَصُّوه بِالتَّمْرِ لأَمرين: أَحدهما أَنه كَانَ الغالبَ عَلَى أَطْعمتهم، وَالثَّانِي أَن مُعْظَم رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا جَاءَتْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَفِي بَعْضِهَا قَالَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، ثُمَّ أَعقبه بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ لَا سَمْراء، حَتَّى إِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ ترَدَّدُوا فِيمَا لَوْ أَخرج بَدَلَ التَّمْرِ زَبِيبًا أَو قُوتًا آخَرَ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَبِعَ التَّوقِيفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ فِي مَعْنَاهُ إِجْرَاءً لَهُ مُجْرى صَدَقةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا الصاعُ الَّذِي أَمَرَ برَدِّه مَعَ المُصَرّاة هُوَ بَدَلٌ عَنِ اللَّبَنِ الَّذِي كَانَ فِي الضَّرْع عِنْدَ العَقْد، وإِنما لَمْ يَجِبْ رَدُّ عينِ اللبنِ أَو مثلِه أَو قِيمَتِهِ لأَنَّ عينَ اللَّبَنِ لَا تَبْقى غَالِبًا، وَإِنْ بَقِيَتْ فتَمْتَزِجُ بآخرَ اجْتَمع فِي الضَّرْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ إِلَى تَمَامِ الحَلْب، وأَما المِثْلِيَّةُ فلأَن القَدْرَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بمِعْيار الشرعِ كَانَتِ المُقابلةُ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَإِنَّمَا قُدِّرَ مِنَ التَّمْرِ دُونَ النَّقْد لفَقْدِه عِنْدَهُمْ غَالِبًا، ولأَن التَّمْرَ يُشارك اللبنَ فِي المالِيَّة والقُوتِيَّة، وَلِهَذَا الْمَعْنَى نَصَّ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه لَوْ رَدَّ المُصَرَّاة بعَيْبٍ آخرَ سِوَى التَّصْرِيَةِ رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لأَجل اللَّبَنِ.
وقولُه تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}؛ مَعْنَاهُ مَا أُريدُ أَن يَرْزُقُوا أَحدًا مِنْ عِبَادِي وَلَا يُطْعِمُوه لأَني أَنا الرَّزَّاقُ المُطْعمُ.
وَرَجُلٌ طاعِمٌ: حَسَنُ الْحَالِ فِي المَطْعمِ؛ قَالَ الحُطَيْئَةُ:
دَعِ المَكارِمَ لَا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها، ***واقْعُدْ فإنَّك أَنتَ الطاعِمُ الْكَاسِي
وَرَجُلٌ طاعِمٌ وطَعِمٌ عَلَى النَّسَبِ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، كَمَا قَالُوا نَهِرٌ.
والطَّعْمُ: الأَكْلُ.
والطُّعْم: مَا أُكِلَ.
وَرَوَى الباهِليُّ عَنِ الأَصمعي: الطُّعْم الطَّعام، والطَّعْمُ الشَّهْوةُ، وَهُوَ الذَّوْقُ؛ وأَنشد لأَبي خِرَاشٍ الهُذَلي:
أَرُدُّ شُجاعَ الجُوعِ قَدْ تَعْلَمِينَه، ***وَأُوثِرُ غَيْري مِنْ عِيالِك بالطُّعْم
أَي بالطعامِ، وَيُرْوَى: شُجاعَ البَطْنِ، حَيَّةٌ "يُذْكَرُ أَنها فِي البَطْنِ وتُسَمَّى الصَّفَر، تُؤْذي الإِنسانَ إِذَا جَاعَ؛ ثُمَّ أَنشد قَوْلَ أَبي خِراش فِي الطَّعْمِ الشَّهْوة:
وأَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ فأَنْتَهي، ***إِذَا الزادُ أَمْسى للمُزَلَّجِ ذَا طَعْمِ
ذَا طَعْمٍ أَي ذَا شَهْوَةٍ، فأَراد بالأَول الطعامَ، وَبِالثَّانِي مَا يُشْتَهى مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَنَى عَنْ شِدَّةِ الجُوع بشُجاعِ البَطْنِ الَّذِي هُوَ مِثْلُ الشُّجاع.
وَرَجُلٌ ذُو طَعْمٍ أَي ذُو عَقْلٍ وحَزْمٍ؛ وأَنشد:
فَلَا تَأْمُري، يَا أُمَّ أَسماءَ، بِالَّتِي ***تُجِرُّ الفَتى ذَا الطَّعْمِ أَن يتَكَلَّما
أَي تُخْرِسُ، وأَصله مِنَ الإِجْرارِ، وَهُوَ أَن يُجْعَلَ فِي فَمِ الفَصيل خشَبةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الرَّضاعِ.
وَيُقَالُ: مَا بِفُلَانٍ طَعْمٌ وَلَا نَويصٌ أَي لَيْسَ لَهُ عَقْل وَلَا بِهِ حَراكٌ.
قَالَ أَبو بَكْرٍ: قولُهم لَيْسَ لِمَا يَفْعَلُ فلانٌ طَعْمٌ، مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهُ لَذَّة وَلَا مَنْزِلَةٌ مِنَ الْقَلْبِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ للمُزَلَّجِ ذَا طَعْم فِي بَيْتِ أَبي خِراش: مَعْنَاهُ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنَ الْقَلْبِ، والمُزَلَّجُ البخيلُ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّي: المُزَلَّجُ مِنَ الرِّجَالِ الدونُ الَّذِي لَيْسَ بِكَامِلٍ؛ وأَنشد:
أَلا مَا لِنَفْسٍ لَا تموتُ فَيَنْقَضِي ***شَقاها، وَلَا تَحْيا حَياةً لَهَا طَعْمُ
مَعْنَاهُ لَهَا حلاوةٌ وَمَنْزِلَةٌ مِنَ الْقَلْبِ.
وَلَيْسَ بِذِي طَعْم أَي لَيْسَ لَهُ عقْلٌ وَلَا نفْسٌ.
والطَّعْمُ: مَا يُشْتَهى.
يُقَالُ: لَيْسَ لَهُ طَعْم وَمَا فلانٌ بِذِي طَعْمٍ إِذَا كَانَ غَثًّا.
وَفِي حَدِيثِ بدرٍ: « مَا قَتَلْنا أَحدًا بِهِ طَعْمٌ»، مَا قَتَلْنا إِلَّا عجائزَ صُلْعًا؛ هَذِهِ اسْتِعَارَةٌ أَي قَتَلْنا مَنْ لَا اعْتِدادَ بِهِ وَلَا مَعْرفةَ وَلَا قَدْرَ، وَيَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الطَّاءِ وَضَمُّهَا لأَن الشَّيْءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طُعم وَلَا لَهُ طَعْم فَلَا جَدوى فِيهِ لِلْآكِلِ وَلَا منفَعة.
والطُّعْمُ أَيضًا: الحَبُّ الَّذِي يُلْقى لِلطَّيْرِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فسَوَّى بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ فَقَالَ: طَعِمَ طُعْمًا وأَصاب طُعْمَه، كِلَاهُمَا بِضَمِّ أَوّله.
والطُّعْمة: المَأْكَلة، وَالْجَمْعُ طُعَمٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
مُشَمِّرينَ عَلَى خُوصٍ مُزَمَّمةٍ، ***نَرْجُو الإِلَه، ونَرْجُو البِرَّ والطُّعَما
وَيُقَالُ: جعَلَ السلطانُ ناحيةَ كَذَا طُعْمةً لِفُلَانٍ أَي مَأْكَلَةً لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ: « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمةً ثُمَّ قَبَضَه جعَلَها لِلَّذِي يَقومُ بَعْدَهُ »؛ الطُّعْمةُ، بالضَّم: شبْهُ الرِّزْق، يريدُ بِهِ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الفَيْء وَغَيْرِهِ، وجَمْعُها طُعَمٌ.
وَمِنْهُ حديثُ ميراثِ الجَدّ: " إِنَّ السدسَ الآخرَ طُعْمةٌ لَهُ "أَي أَنه زِيَادَةٌ عَلَى حَقِّهِ.
وَيُقَالُ فلانٌ تُجْبَى لَهُ الطُّعَمُ أَي الخَراجُ والإِتاواتُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ: " مِمَّا يُيَسَّرُ أَحيانًا لَهُ الطُّعَمُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: « القِتالُ ثلاثةٌ: قِتالٌ عَلَى كَذَا وقتالٌ لِكَذَا وقِتالٌ عَلَى كَسْبِ هَذِهِ الطُّعْمةِ »، يَعْنِي الفَيْءَ والخَراجَ.
والطُّعْمة والطِّعْمة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: وَجْهُ المَكْسَبِ.
يُقَالُ: فلانٌ طَيِّب الطُّعْمة [الطِّعْمة] وخبيثُ الطُّعمة [الطِّعْمة] إِذَا كَانَ رَديءَ الكَسْبِ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ خاصَّةً حالةُ الأَكل؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عُمَر ابن أَبي سَلَمَة: فَمَا زالَتْ تِلْكَ طِعْمَتي بعدُ أَي حَالَتِي فِي الأَكل.
أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ حسَنُ الطِّعْمةِ والشِّرْبةِ، بِالْكَسْرِ.
والطُّعْمَةُ: الدَّعْوَةُ إلى الطعام.
والطِّعْمَةُ: السِّيرَةُ فِي الأَكل، وَهِيَ أَيضًا الكِسْبَةُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لِخَبِيثُ الطِّعْمَةِ أَي السِّيرةِ، وَلَمْ يَقُلْ خبيثُ السِّيرَةِ فِي طَعامٍ وَلَا غَيْرِهِ.
وَيُقَالُ: فلانٌ طَيِّبُ الطَّعْمَةِ وَفُلَانٌ خبيثُ الطِّعْمَةِ إِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ لا يأْكل إِلَّا حَلالًا أَو حَرَامًا.
واسْتَطْعَمَه: سأَله أَن يُطْعِمه.
وَفِي الْحَدِيثِ: « إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الإِمامُ فأَطْعِمُوه »»أَي إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَةِ الصلاةِ واسْتَفْتَحكُم فافْتَحُوا عَلَيْهِ ولَقِّنُوهُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ تَشْبِيهًا بِالطَّعَامِ، كأَنهم يُدْخِلُون الْقِرَاءَةَ فِي فِيهِ كَمَا يُدْخَلُ الطعامُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: " فاسْتَطْعَمْتُه الحديثَ أَي طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يُحَدِّثَني وأَن يُذِيقَني حَدِيثِهِ، وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: « طعامُ الواحدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وطعامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَربعة "، فَيَعْنِي شِبَعُ الْوَاحِدِ قُوتُ الإِثنين وشِبَعُ الِاثْنَيْنِ قوتُ الأَربعة؛ ومثلُه قَوْلُ" عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عامَ الرَّمادةِ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَن أُنزِلَ عَلَى أَهلِ كلِّ بَيْتٍ مثلَ عددِهم فإنَّ الرجلَ لَا يَهْلِكُ عَلَى نصفِ بَطْنه.
وَرَجُلٌ مِطْعَمٌ: شَديدُ الأَكل، وامرأةٌ مِطْعَمة نادرٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إلَّا مِصَكَّة.
وَرَجُلٌ مُطْعَمٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ: مَرْزُوقٌ.
وَرَجُلٌ مِطْعامٌ: يُطْعِمُ الناسَ ويَقْرِيهم كَثِيرًا، وامرأَة مِطْعامٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ.
والطَّعْم، بِالْفَتْحِ: مَا يُؤَدِّيه.
الذَّوْقُ.
يُقَالُ: طَعْمُه مُرٌّ.
وطَعْمُ كلِّ شيءٍ: حَلاوتُه ومَرارتُه وَمَا بَيْنَهُمَا، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْجَمْعُ طُعُومٌ.
وطَعِمَه طَعْمًا وتَطَعَّمَه: ذاقَه فَوَجَدَ طَعْمَهُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}؛ أَي مَن لَمْ يَذُقْه.
يُقَالُ: طَعِمَ فلانٌ الطَّعامَ يَطْعَمه طَعْمًا إِذَا أَكله بمُقَدَّمِ فِيهِ وَلَمْ يُسْرِفْ فِيهِ، وطَعِمَ مِنْهُ إِذَا ذاقَ مِنْهُ، وَإِذَا جعلتَه بِمَعْنَى الذَّوْقِ جَازَ فِيمَا يُؤْكل ويُشْرَبُ.
وَالطَّعَامُ: اسْمٌ لِمَا يؤْكل، وَالشَّرَابُ: اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ؛ وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُأَي لَمْ يَتَطَعَّمْ بِهِ.
قَالَ اللَّيْثُ: طَعْمُ كلِّ شيءٍ يُؤْكلُ ذَوْقُه، جَعَلَ ذواقَ الْمَاءِ طَعْمًا ونَهاهم أَن يأْخذوا مِنْهُ إِلَّا غَرْفَةً وَكَانَ فِيهَا رِيُّهم ورِيُّ دَوَابِّهِمْ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فأَما بنَوُ عامِرٍ بالنِّسار، ***غَدَاةَ لَقُونا، فَكَانُوا نَعَاما
نَعامًا بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدودِ، ***لَا تَطْعَمُ الماءَ إِلَّا صِيَاما
يَقُولُ: هِيَ صَائِمَةٌ مِنْهُ لَا تَطْعَمُه، قَالَ: وَذَلِكَ لأَن النَّعامَ لَا تَرِدُ الماءَ وَلَا تَطْعَمُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" أَبي هُرَيْرَةَ فِي الكِلابِ: إِذَا وَرَدْنَ الحَكَرَ الصَّغيرَ فَلَا تَطْعَمْه "؛ أَي لَا تَشْرَبه.
وَفِي الْمَثَلِ: تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ تَشَهَّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ حَتَّى تَسْتَفِيقَ أَي تشْتَهِيَ وتأْكلَ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ ذُقِ الطَّعامَ فَإِنَّهُ يَدْعُوكَ إِلَى أَكْلِه، قَالَ: فَهَذَا مَثَلٌ لِمَنْ يُحْجِمُ عَنِ الأَمْرِ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلْ فِي أَوَّلِه يدعُوك ذَلِكَ إِلَى دُخولِكَ فِي آخِرِه؛ قَالَهُ عَطاءُ بْنُ مُصْعَب.
والطَّعْمُ: الأَكْلُ بِالثَّنَايَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لحَسَنُ الطَّعْمِ وَإِنَّهُ ليَطْعَمُ طَعْمًا حَسَنًا.
واطَّعَمَ الشيءُ: أَخَذَ طَعْمًا.
ولبنٌ مُطِّعِمٌ ومُطَعِّمٌ: أَخَذَ طَعْمَ السِّقَاء.
وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبو حَاتِمٍ يُقَالُ لبنٌ مُطَعِّم، وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ فِي السِّقاء طَعْمًا وطِيبًا، وَهُوَ مَا دَامَ فِي العُلْبة مَحْضٌ وَإِنْ تَغَيِّرَ، وَلَا يأخُذُ اللبنُ طَعْمًا وَلَا يُطَعِّمُ فِي العُلْبةِ والإِناء أَبدًا، وَلَكِنْ يتغَيَّرُ طَعْمُه فِي الإِنْقاعِ.
واطَّعَمَتِ الشَّجَرَةُ، عَلَى افْتَعلَتْ: أَدْرَكَتْ ثمرَتُها، يَعْنِي أَخذَت" طَعْمًا وطابتْ.
وأَطْعَمَتْ: أَدْرَكَتْ أَن تُثْمِرَ.
وَيُقَالُ: فِي بُستانِ فلانٍ مِنَ الشَّجَرِ المُطْعِمِ كَذَا أَي مِنَ الشَّجَرِ المُثْمِر الَّذِي يُؤْكلُ ثمرُه.
وَفِي الْحَدِيثِ: « نَهى عَنْ بَيْعِ الثّمرةِ حَتَّى تُطْعِمَ».
يقال: أَطْعَمَتِ الشجرةُ إِذا أَثْمرَتْ وأَطْعَمَتِ الثمرةُ إِذا أَدرَكتْ أَي صَارَتْ ذاتَ طَعْمٍ وَشَيْئًا يُؤْكل مِنْهَا، وَرُوِيَ: حَتَّى تُطْعَم أَي تُؤْكلَ، وَلَا تُؤْكلُ إِلا إِذا أَدرَكتْ.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجّال: « أَخْبِرُوني عَنْ نخلِ بَيْسانَ هَلْ أَطْعَمَ»؛ أي هَلْ أَثْمَرَ؟ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: كرِجْرِجةِ الْمَاءِ لَا تُطْعِمُ؛ أي لَا طَعْمَ لَهَا، وَيُرْوَى: لَا تَطَّعِمُ، بِالتَّشْدِيدِ، تَفْتَعِلُ مِنَ الطَّعْمِ.
وَقَالَ النَّضْرُ: أَطْعَمْتُ الغُصْنَ إِطْعامًا إِذا وصَلْتَ بِهِ غُصْنًا مِنْ غَيْرِ شَجَرِهِ، وَقَدْ أَطْعَمْتُه فطَعِمَ أَي وصَلْتُه بِهِ فقَبِلَ الوَصْلَ.
وَيُقَالُ للحَمَامِ الذَّكرِ إِذا أَدخلَ فَمَهُ فِي فمِ أُنْثاه: قَدْ طاعَمَها وَقَدْ تطاعَما؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَمْ أُعْطِها بِيَدٍ، إِذْ بتُّ أَرْشُفُها، ***إِلَّا تَطاوُلَ غُصْنِ الجِيدِ بالجِيدِ
كَمَا تَطاعَمَ، فِي خَضْراءَ ناعمةٍ، ***مُطَوَّقانِ أَصاخَا بَعْدَ تَغْريدِ
وَهُوَ التَّطاعُم والمُطاعَمةُ، واطَّعَمَتِ البُسْرَةُ أَي صَارَ لَهَا طَعْمٌ وأَخذَتِ الطَّعْمَ، وَهُوَ افتعَلَ مِنَ الطَّعْم مثلُ اطَّلَبَ مِنَ الطَّلَب، واطَّرَدَ مِنَ الطَّرْدِ.
والمُطْعِمةُ: الغَلْصَمة؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَخذَ فلانٌ بِمُطْعِمَة فُلَانٍ إِذا أَخذَ بحَلْقِه يَعْصِرُه وَلَا يَقُولُونَهَا إِلا عِنْدَ الخَنْقِ والقِتالِ.
والمُطْعِمةُ: المِخْلَبُ الَّذِي تَخْطَفُ بِهِ الطيرُ اللحمَ.
والمُطْعِمةُ: القوْسُ الَّتِي تُطْعِمُ الصيدَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَفِي الشِّمالِ مِنَ الشِّرْيانِ مُطْعَمةٌ ***كَبْداءٌ، فِي عَجْسِها عَطْفٌ وتَقْويمُ
كَبْداءُ: عريضةُ الكَبِدِ، وَهُوَ مَا فوقَ المَقْبِضِ بِشِبْرٍ؛ وَصَوَابُ إِنشاده: " فِي عُودِها عَطْفٌ "يَعْنِي مَوْضِعَ السِّيَتَيْنِ وسائرُه مُقوَّم، البيتُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَالَ: إِنها تُطْعِمُ صاحبَها الصَّيْدَ.
وقوسٌ مُطْعِمةٌ: يُصادُ بِهَا الصيدُ ويَكْثُر الضِّرابُ عَنْهَا.
وَيُقَالُ: فلانٌ مُطْعَمٌ للصَّيْدِ ومُطْعَمُ الصَّيْدِ إِذا كَانَ مَرْزُوقًا مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
مُطْعَمٌ للصَّيْدِ، ليسَ لَهُ ***غيْرَها كَسْبٌ، عَلَى كِبَرِهْ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: ومُطْعَمُ الصيدِ هَبَّالٌ لِبُغْيتِه وأَنشد مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ:
رَمَتْني، يومَ ذاتِ الغِمِّ، سلمَى ***بسَهْمٍ مُطْعَمٍ للصَّيْدِ لامِي
فقلتُ لَهَا: أَصَبْتِ حصاةَ قَلْبي، ***ورُبَّتَ رَمْيةٍ مِنْ غَيْرِ رَامِي
وَيُقَالُ: إِنك مُطْعَمٌ مَوَدَّتي أَي مرزوقٌ مودَّتي؛ وقال الكميت:
بَلى إِنَّ الغَواني مُطْعَماتٌ ***مَوَدَّتَنا، وإِن وَخَطَ القَتِيرُ
أَي نُحِبُّهُنَّ وإِن شِبْنا.
وَيُقَالُ: إِنه لمُتَطاعِمُ الخَلْقِ أَي مُتَتابِعُ الخَلْق.
وَيُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ لَا يَطَّعِمُ، بِتَثْقِيلِ الطَّاءِ، أَي لَا يَتأَدَّبُ وَلَا يَنْجَعُ فِيهِ مَا يُصْلِحه وَلَا يَعْقِلُ.
والمُطَّعِمُ والمُطَعِّمُ مِنَ الإِبل: الَّذِي تَجِدُ فِي لَحْمه طَعْمَ الشَّحْمِ مِنْ سِمَنِه، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جَرى فِيهَا المُخُّ قَلَيِلًا.
وكُلُّ شَيْءٍ وُجِدَ طَعْمُه فَقَدِ اطَّعَم.
وطَعَّمَ العظمُ: أَمَخَّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَهُمْ تَرَكُوكُمْ لَا يُطَعِّمُ عَظْمُكُم ***هُزالًا، وَكَانَ العَظْمُ قبلُ قَصِيدا
ومُخٌّ طَعُومٌ: يُوجَدُ طَعْمُ السِّمَن فِيهِ.
وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يقالُ لَكَ غَثُّ هَذَا وطَعُومُه أَي غَثُّه وسَمِينُه.
وشاةٌ طَعُومٌ وطَعِيم: فِيهَا بَعْضُ الشَّحْم، وَكَذَلِكَ الناقةُ.
وجَزورٌ طَعُومٌ: سَمِينَةٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَزُورٌ طَعُومٌ وطَعِيمٌ إِذا كَانَتْ بَيْنَ الغَثَّةِ والسَّمِينَةِ.
والطَّعُومَةُ: الشاةُ تُحْبَسُ لتُؤكَلَ.
ومُسْتَطْعَمُ الفَرَسِ: جَحافِلُه، وَقِيلَ: مَا تحتَ مَرْسِنِه إِلى أَطراف جَحافِله؛ قَالَ الأَصمعي: يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ أَن يَرِقَّ مُسْتَطْعَمُه.
والطُّعْمُ: القُدْرة.
يُقَالُ: طَعِمْتُ عَلَيْهِ أَي قَدَرْتُ عَلَيْهِ، وأَطْعَمْتُ عَيْنَه قَذىً فَطَعِمَتْهُ واسْتَطْعَمْتُ الفرسَ إِذا طَلَبْتَ جَرْيَه؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
تَدارَكهُ سَعْيٌ ورَكْضُ طِمِرَّةٍ ***سَبُوحٍ، إِذا اسْتَطْعَمْتَها الجَرْيَ تَسْبَحُ
والمُطْعِمتانِ مِنْ رِجْل كلِّ طائرٍ: هُمَا الإِصْبَعانِ المُتَقَدّمتانِ المُتقابلَتانِ.
والمُطْعِمَةُ مِنَ الجَوارحِ: هِيَ الإِصْبَعُ الغَلِيظَةُ المُتَقَدِّمَةُ، واطَّرَدَ هَذَا الاسمُ فِي الطَّيْرِ كُلِّها.
وطُعْمَةُ وطِعْمَةُ وطُعَيْمَةُ ومُطْعِمٌ، كُلُّها: أَسماء؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كَسانيَ ثَوْبَيْ طُعْمةَ المَوْتُ، إِنما التُّراثُ، ***وإِنْ عَزَّ الحَبيبُ، الغَنائِمُ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
84-لسان العرب (جيا)
جيا: الجِيَّة، بِغَيْرِ هَمْزٍ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ كالجِيئَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الركيَّة المُنْتِنَة.وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجِيَّة الماءُ المُسْتَنْقِعُ فِي الْمَوْضِعِ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، يُشَدَّدُ وَلَا يُشَدَّدُ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجِيَّة، بِكَسْرِ الْجِيمِ، فِعْلَة مِنَ الجَوِّ، وَهُوَ مَا انْخَفَضَ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهَا جِيٌّ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
مِنْ فَوْقِهِ شَعَفٌ قُرٌّ، وأَسْفَلُه ***جِيٌّ تَنَطَّقُ بالظَّيَّانِ والعَتَمِ
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنَّه مَرَّ بنَهْرٍ جَاوَرَ جِيَّةً مُنْتِنَةً »؛ الجِيَّة، بِالْكَسْرِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ: مجتَمَع الْمَاءِ فِي هَبْطَةٍ، وَقِيلَ: أَصلها الْهَمْزُ، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْيَاءُ.
وَفِي حَدِيثِ نافِعِ بنِ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ: « وترَكُوكَ بينَ قَرْنِها والْجِيَّة »؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الجِيَّةُ بِوَزْنِ النِّيَّة، والجَيَّةُ بِوَزْنِ المَرَّة، مُسْتَنْقَعُ الماءِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي الجِئَة: هُوَ الَّذِي تَسِيلُ إِليه الْمِيَاهُ؛ قَالَ شمر: " يُقَالُ لَهُ جِيَّة وجَيْأَةٌ وكُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: قِيَّةٌ مِنْ ماءٍ.
وجِيَّةٌ مِنْ مَاءٍ أَي ماءٌ ناقعٌ خَبِيثٌ، إِمّا مِلْحٌ وإِمّا مَخْلُوطٌ بِبَوْلٍ.
والجِياءُ: وعاءُ الْقِدْرِ، وَهِيَ الجِئاوَةُ: وَقَوْلُ الأَعرابي فِي أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
فَكانَ مَا جادَ لِي، لَا جادَ عَنْ سَعَةٍ، ***ثلاثَةٌ زائفاتٌ ضَرْبُ جَيَّاتِ
يَعْنِي مِنْ ضَرب جَيٍّ، وَهُوَ اسْمُ مَدِينَةِ أَصبهان، معرَّب؛ وَكَانَ ذُو الرُّمَّةِ وَرَدَهَا فَقَالَ:
نَظَرْتُ ورَائِي نَظْرَة الشَّوْق، بَعْدَ ما ***بَدَا الجَوُّ مِن جِيٍّ لَنَا والدَّسَاكر
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكرُ جِيٍّ، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
وجايانِي مُجَايَاةً: قابَلَني، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَايَاني الرجلُ من قُرْبٍ قَابلني.
ومرَّ بي مُجَايَاةً، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، أَي مُقابلةً.
وجِيَاوَةُ: حَيٌّ مِنْ قَيْس قَدْ دَرَجُوا وَلَا يُعْرَفُون، والله أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
85-مجمل اللغة (طعم)
طعم: طعمت الشيء طعما.والطعام: المأكول.
واستطعمني فلان الحديث، إذا أراد أن تحدثه.
وفي الحديث، إذا استطعمكم الإمام فأطعموه، يقول: إذا استفتح فافتحوا عليه.
والإطعام: يقع في كل ما يطعم حتى الماء.
قال الله - جل وعز -: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمزم: إنها طعام طعم وشفاء سقم.
ورجل طاعم: حسن الحال في المطعم.
ورجل مطعام: كثير القرى.
ومطعم: كثير الأكل.
ومطعم: مرزوق.
والطعمة: المأكلة.
وجعلت هذه الضيعة لفلان طعمة.
ويقال للقوس: المطعمة، لأنها تطعم صاحبها الصيد.
قال ذو الرمة:
وفي الشمال من الشريان مطعمة
كبداء في عجسها عطف وتقويم
ويقال للإصبع الغليظة المتقدمة من الجارحة: مطعمة.
والمطعم من الإبل: الذي يوجد في مخه طعم الشحم من السمن: وأطعمت النخلة: أدرك ثمرها.
والتطعيم: التذوق.
ويقال: تطعم تطعم، أي: ذق تشته وتأكل.
وهو خبيث الطعمة، إذا كان
رديء الكسب.
ويقال: أدن فأطعم، فيقول: ما بي طعم.
وقال بعض أهل اللغة: الطعام: البر خاصة، وذكر حديث أبي سعيد: كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام أو صاعًا من كذا.
وشاة طعوم، إذا كان فيها بعض السمن.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
86-تهذيب اللغة (طعم)
طعم: قال الله جلّ وعزّ: {إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] قال أبو إسحاق: معناه: من لم يتطعَّم به.وقال الليث: طَعْمُ كل شيء ذَوقه قال: والطَّعْمُ الأكل بالثنايا.
وتقول إن فلانًا لحسن الطَّعْم وإنه ليَطعَمُ طَعْمًا حَسَنًا.
قال: والطُّعْمُ: الحَبُّ الذي يُلْقَى للطير.
وقال الأصمعي فيما روى عنه الباهلي: الطعْمُ: الطعام، والطَّعم: الشهوة.
وَهو الذوق.
وَأنشد لأبي خِرَاش الهذليّ:
أردُّ شُجاع البطن لو تعلمينه *** وَأوثر غيري من عيالك بالطُّعْم
أي: بالطعام.
ثم أنشد قول أبي خراش في الطَّعْمِ:
وأغتبِقُ الماء القَرَاح فأنتهي *** إذا الزاد أمسى للمزَلَّج ذا طَعْم
قال: ذا طَعم أي ذا شهوة.
قال وَرجل ذو طَعمٍ أي ذو عقلٍ وَحزمٍ.
وَأنشد:
فلا تأمري يا أم أسماء بالتي *** تُجِرُّ الفتى ذا الطَّعْم أن يتكلَّما
وَيقال: ما بفلان طَعْمٌ وَلا نَوِيصٌ أي ليس له عقلٌ وَلا به حَراك.
وَقيل في قول الله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) أي من لم يَذُقه.
يقال طعم فلان الطَّعَام يطعَمُه طَعْمًا إذا أكله بمقدم فيه ولم يُسرِف فيه.
وطَعِمَ منه إذا ذاق منه.
وإذا جعلته بمعنى الذوق جاز فيما يؤكل ويشرب.
والطَّعَام: اسمٌ لما يؤكل، والشراب: اسمٌ لما يُشرب.
ويجمع الطعام أطْعِمة ثم أطعماتٍ
جمع الجمع.
وأهلَ الحِجَاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عَنَوا به البُرَّ خاصةً.
قال أبو حاتم: يقال لَبَنٌ مُطَعِّمٌ وهو الذي أخَذ في السِقَاء طعمًا وطِيبًا.
وهو ما دام في العُلْبة مَحْضٌ وإن تغيّر.
ولا يأخذ اللبنُ طعمًا ولا يُطَعِّمُ في العُلْبة والإناء أبدًا.
ولكن يتغيّر طعمه من الإنقاع.
ويقال فلان طَيّبُ الطِّعمة وفلان خبيث الطِّعمة إذا كان من عادته ألّا يأكل إلّا حلالًا أو حرامًا.
ويقال: جعل السلطانُ ناحية كذا طُعْمة لفلان أي مَأكَلةً له.
ويقال: في بستان فلان من الشجر المُطْعِم كذا أي من الشجر المثمِر الذي يؤكل ثمره.
ويقال: اطَّعَمَت الثمرةُ على افتعَلَت أي أخَذَت الطَّعْم.
ويقال: فلان مُطْعَمُ للصيد ومُطْعَمُ الصيد إذا كان مرزوقًا منه.
ومنه قول امرىء القيس:
مُطعَم للصيد ليس له *** غيرَها كسْبٌ على كِبَره
وقال ذو الرمة:
«وَمُطْعَمُ الصيد هَبَّال لبغيته»
وقال الليث: رجل مِطعام: يكثر إطعام الناس، وامرأة مطعام بغير هاء ورجل مطعم: شديد الأكل وامرأة مِطْعَمَة.
قال والمُطْعِمَتَان من رِجْل كل طائر: هما المتقدّمان المتقابلتان.
والمُطْعِمة من الجوارح هي الإصبعُ الغليظة المتقدمة فاطَّرد هذا الاسم في الطير كلها.
قال وقوسٌ مُطْعَمة: يصاد بها الصيد، ويكثر الصواب عنها.
وأنشد:
وفي الشِمَال من الشِرْيان مُطْعَمة *** كبدَاء في عَجْسها عَطْفٌ وتقويمُ
سمِّيتْ كذلك لأنها تُطْعَم الصيد.
قال: والمطعِمُ من الإبل: الذي تجد في مخِّه طعم الشحم من سمنه.
وكل شيء وُجِد طعمهُ فقد أطعِم.
قال وقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] جَعَل ذواق الماء طَعْمًا: نهاهم أن يأخذوا منه إلّا غَرْفَةً وكان فيها رِيّهم ورِيّ دوابّهم.
وقال غيره: يقال إنك مُطْعَمٌ مَوَدّتي أي مرزوق مَوَدّتي.
وقال الكميت:
بلَى إنَّ الغواني مُطْعَمات *** مَوَدّتَنا وإن وَخَطَ القَتيرُ
أي: يُحِبّهنّ وإن شِبْنَا.
أبو زيد: إنه لمتطاعِم الخَلْق أي متتابع الخَلْق.
ويقال هذا رجل لا يَطَّعِمُ بتثقيل الطاء أي لا يتأدّب ولا يَنْجَع فيه ما يُصلحه، ولا يَعْقِل.
ويقال: فلان تُجْبَى له الطُّعَمُ أي الخراج والإتاوات.
وقال زهير:
مما تُيَسَّرُ أحيانًا له الطُّعَمُ
وقال الحسَن: القِتال ثلاثة: قتال على كذا، وقتال لكذا، وقتال على هذه الطُّعْمَة يعني الفَيْء والخَرَاج.
وقال أبو سعيد: يقال لك غَثُّ هذا وطَعُومُه أي غَثُه وسَمِينه.
وناقةٌ طَعُوم: بها طِرْق، وجَزُورٌ طَعُومٌ: سمينة.
وقال ابن السكيت عن الفراء: جزور طَعُوم وطَعِيم إذا كانت بين الغَثّة والسمينة.
وقال أبو عبيدة: مُسْتَطْعم الفرس: ما تحت مَرْسِنِه إلى أطراف جحافله.
قال ويستحبُّ للفرس لُطْفُ مُسْتَطعَمه.
ويقال استطعمْت الفرسَ إذا طلبت جَرْيه.
وأنشد أبو عبيدة:
تدارَكه سعيٌ وركضُ طِمِرَّة *** سَبُوحٍ إذا استطعمتها الجري تَسْبَحُ
وقال النضر: أطعمتُ الغُصْن إطعامًا إذا وصلت به غصنًا من غير شجره.
وقد أطعمته فطَعِمَ أي وصلته به فقبل الوصل.
وأطعَمتُ عينه قذًى فَطَعَمْتُه.
ويقال: طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَمًا وإنه لطيبُ المَطْعَم كقولك طيّبُ المأكل.
ورُوي عن ابن عباس أنه قال في زمزم: إنه طعَامُ طُعْمٍ وشفاء سُقْمٍ، قال ابن شميل: طعامُ طُعْمٍ أي يَشبع منه الإنسان.
ويقال: إني طاعِم عن طعامكم أي مستغنٍ عن طعامكم.
ويقال: هذا الطعام طعام طُعْمٍ أي يَطْعَم مَن أكله أي يشبع، وله جُزْء من الطعام ما لا جُزء له.
وما يَطْعَمُ آكل هذا الطعام أي ما يشبع.
قال: والطُّعْمُ أيضًا: القُدْرَة.
يقال: طَعِمْتُ عليه أي قَدَرت عليه.
وقال أبو زيد: يقال أخَذ فلان بمَطْعَمة فلان إذا أخذ بحَلْقِه يَعْصُره.
ولا يقولونها إلّا عند الخَنْق والقتال.
والمُطْعَمة: المأدُبة والتطاعم: إدخال الفم في الفم، كما يَفعل الحمامُ عند التقبيل.
وقال:
كما تَطَاعم في خضراء ناعمةٍ *** مُطَوّقان صباحًا بعد تغريدِ
ونُهِيَ عن بيع الثمرة حتى تُطْعِم أي تُدْرِك وتأخذ الطَّعْم.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م