نتائج البحث عن (خطأها)
1-العربية المعاصرة (خطئ)
خطِئَ يَخطَأ، خَطَأً وخِطْئًا، فهو خاطِئ وخطِئ.* خطِئَ الشَّخصُ:
1 - حاد عن الصَّواب، غلِط، ضدّ أصاب (خطِئ في رأيه- هو بشَر يخطأ ويصيب).
2 - أذنب، تعمّد الذَّنبَ {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [قرآن].
* خطِئ السَّهمُ الهدفَ: تجاوزه، لم يُصِبْه.
أخطأَ/أخطأَ عن/أخطأَ في يُخطئ، إخطاءً، فهو مخطِئ، والمفعول مُخطَأ.
* أخطأ الهدفَ ونحوَه/أخطأ عن الهدف ونحوه: تجاوزه ولم يصبه (أخطأته الرصاصةُ- أخطأه الحظُّ/التوفيقُ: لم يحالفه- مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ) [حديث].
* أخطأ التَّقديرَ/أخطأ في التَّقدير: خطِئ، غلِط وضَلَّ، حاد عن الصَّواب (أخطأ في حقِّ جاره- أخطأ في العنوان/الفتوى- وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْر) [حديث].
* أخطأَ الرَّجلَ: أوقعه في الخطأ.
* أخطأَ الرَّجلُ عن جهل: أذنب، ارتكب الذَّنبَ على غير عمد {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [قرآن].
خطَّأَ يُخطِّئ، تخطئةً وتخطيئًا، فهو مخطِّئ، والمفعول مخطَّأ.
* خطَّأ فلانًا:
1 - نسب إليه الخطأ (مازال يُخطِّئه حتى غضب).
2 - قال له أخطأتَ (إن أخطأتُ فخطِّئني- خطَّأ آراءه: أنكرها وأظهر خطأها).
تخطئة [مفرد]: مصدر خطَّأَ.
خاطِئة [مفرد]: جمعه خاطئات وخَوَاطِئُ:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل خطِئَ (*) مِنْ الخواطئ سهم صائب [مثل]: يُضرب للذي يخطئ مرارًا ويصيب مرّة.
2 - ذنب عظيم (بمعنى المصدر) {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ} [قرآن].
خِطْء [مفرد]: جمعه أخطاء (لغير المصدر):
1 - مصدر خطِئَ.
2 - ذنب أو ما تُعُمِّد منه {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [قرآن].
خطَأ [مفرد]: جمعه أخطاء (لغير المصدر):
1 - مصدر خطِئَ (*) التَّجربة والخطأ: مبدأ للتوصُّل إلى الحلّ الصحيح أو النتيجة المقنعة عن طريق استخدام الوسائل والنظريّات حتى يتمّ تقليل الخطأ أو تصحيحه.
2 - ارتكاب ذنب بغير تعمُّد، عكس صواب (خطأ إملائيّ/كتابيّ/لغويّ/مطبعيّ- رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ [حديث] - {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [قرآن]) (*) أوقعه في خطأ: جعله يخطئ- ارتكب خطأً: أخطأ- خطأ فادح/خطأ جسيم: خطأ كبير- على خطأ: مُخطِئ- مِنْ الخطأ أن: ليس من الصواب أن- وقَع في خطأ: أخطأ.
3 - [في علوم النفس] نقص في جهاز أو طريق أو إجراء يؤثِّر على صدق النتائج.
* القتل الخطأ: ما ليس للإنسان فيه قصد، قتل عن غير تعمّد.
خَطِئ [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من خطِئَ.
خَطِيئة [مفرد]: جمعه خَطِيئات وخَطايا:
1 - ما عظُم من الذَّنب، مخالفة الشَّريعة الإلهيَّة، إساءة تستلزم الصفح أو التعويض (اعترف بخطيئته- {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ} [قرآن]).
2 - [في الفلسفة والتصوُّف] خطأ أخلاقيّ صادر عن إرادة شِرِّيرة ينطوي على عصيان لوصايا الله عزّ وجلّ (من نسِيَ خطيئته استعظم خطيئة غيره).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-المعجم الوسيط (أَوْعَسَ)
[أَوْعَسَ]: رَكِبَ الوَعْسَ من الرمل.و- أَدْلج.
و- الإِبلُ: سارت في سرعة مادَّةً أَعناقَها مُوَسِّعةً خُطاها.
ويقال: أَوْعَسَتِ الإِبل بأَعناقها: إِذا مَدَّتْ أَعناقَها في سَعَةِ خطو.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
3-المعجم الوسيط (قَرْمَطَ)
[قَرْمَطَ] في خَطْوه: قارَبَ ما بين قدَميه.ويقال: قرمطت الدَّابَّة: قاربت خُطاها.
و- الكاتبُ في الكتابة: جَعَلَهَا دقيقةً متقاربَةَ الحروف والسُّطور.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
4-معجم متن اللغة (عناية العرب بلغتهم 1)
عناية العرب بلغتهم:تقدم القول أن العرب كانوا أهل بادية وحاضرة؛ فالبادية من مشارف الشام إلى حدود اليمن يدخل فيها الحجاز ونجد وتهامة واليمامة وأرض عمان؛ وفيها مدن قليلة كمكة ويثرب والطائف، على أن مكة لم تنتقل من الوبر إلى المدر إلا بعد أن بنى قصي بن كلاب دار الندوة؛ وأما الحاضرة
فهي اليمن وما إليها من أرض حضر موت والشحر وفيها بواد فسيحة؛ وفي جنوبي فلسطين بدوي حضري؛ وفي أرض حوران عمرت بصرى، وكان من مدنهم في الشمال البتراء.
كانوا على عزلتهم في ديارهم هذه وعزة نفوسهم التي لم تستذلها الدول العظمة المكتنفة أرضهم، كانوا يرون أنفسهم في غبطة وسرور من حال ألفوها، وشاعرهم ينشد في باديته القفراء مفتخرًا بنعيم عيشه فيقول:
«إذا ما شربنا كل يوم مذيقة، *** وخمس تميرات صغار حوامز»
«فنحن ملوك الناس شرقًا ومغربًا، *** ونحن أسود الغاب وقت الهزاهز»
«وكم ممتن عيشة لا ينالها، *** ولو نالها أضحى بها جد فائز! »
كانوا وهم في هذه الحال في حرز حريز من أن يتطرق إلى لغتهم الصافية ما يكدرها، ويحرصون عليها حرص الشحيح على ماله، حتى أصبح ذلك خلة راسخة في نفوسهم وملكة ثابتة في طباعهم.
وتعدى ذلك إلى أتباعهم وحواشيهم.
قال الجاحظ: "رأيت عبدًا أسود لبني أسد، قدم علينا من اليمامة فبعثوه ناطورًا في البساتين.
وكان وحشًا لطول تغربه في اليمامة ورعي الإبل، فأصبح بعد أن صار ناطورًا لا يجتمع إلا بالأكراد وفلاحي النبط الفاسدي اللغة، فكان لا يفهم منهم ولا يفهمون منه؛ فلقيته يومًا فأنس بي، وكان مما قال لي: أبا عثمان، لعن الله بلادًا ليس فيها عرب! أبا عثمان، إن هذه العرب في جميع الناس كمقدار القرحة في جلد الفرس، فلولا أن الله رق عليهم، فجعلهم في حاشية الأرض، لطمست هذه العجمان آثارهم..
أنف هذا العبد الأسود الزنجي العرق السكني في بلاد ليس فيها عرب، ولعن البلاد الخالية منهم.
ويقول: إن من نعمة الله عليهم أن عزلهم في ناحية من الأرض لتبقى لغتهم سليمة من التحريف.
ويدلنا كلامه على تغير عظيم في اللغة وتباعد بين لغة عرب اليمامة ومستعربي الأمصار حتى عسر التفاهم بينهم.
رأى العرب، وهم في هذه العزلة بل هذه العزة، أنهم فوق الأمم مجدًا وشرف محتد وطيب عنصر وعزة نفس وإباء ضيم.
وهذه امرأة بدوية، وهي ليلى بنت لكيز، لم ترض أن تكون في نساء كسرى ملك العجم، لما حملت إليه مكرهة، فتقول: "
«يكذب الأعجم ما يقربني، *** وعمي بعض حساسات الحيا»
«غللوني قيدوني ضربوا *** ملمس العفة مني بالعصا! »
تنبز كسرى، ملك الملوك، بالأعجم احتقارًا لسلطانه لأنه غير عربي.
وتفر من النعمة السابغة"
والعيش الهني في حرم كسرى، مفضلة عليها سكنى الوبر وعيشه الخشن وطعامه الجشب في ظل الحرية والانطلاق، وحرصًا على الدم العربي أن يشاب بدم غيره، فلا يقربها الأعجم ما دام معها بعض حساسات الحياة، ولو كان له ملك كسرى! وإذا عرض الشك في صحة هذه القصة فإن النعمان، عامل كسرى، قد امتنع أن يزوج إحدى بناته من كسرى، لا جهلًا بمقام كسرى، ولا اعتقادًا منه بأنه أعلى منه شرفًا ومنزلة، ولكنه امتنع خوفًا من العار الذي يلحقه بين العرب من أنه زوج ابنته من غير عربي، وإن كان ملك الملوك، فيحط بذلك منزلة بناته بزواجهن من غير الأكفاء، ولا كفؤ للعربي إلا العربي.
امتنع النعمان فأثار حفيظة كسرى، فقتله بين أرجل الفيلة؛ ولكن أمته العربية الأبية ثارت له لأنه قتل في سبيل الشرف العربي؛ فكانت وقعة ذي قار.
بهذه الخلة قل امتزاجهم بالأمم، فقل التحريف والتبديل في لغتهم؛ وليس هذا وحده، بل انصرفوا بجهودهم كلهم إلى العناية بتحسين اللغة وصقلها، ما شاءت لهم قرائحهم وعلومهم.
لذلك بلغت لغتهم هذا المبلغ من السلعة في المادة وفي مراعاة مقتضى الحال بإيجاز الكلام أو إطنابه، وفي الرواء والعذوبة.
عناية الأئمة بحفظ لغة القرآن والسنة وتدوينها
جاء القرآن بأفصح لغات العرب.
ودان العرب بالإسلام دين القرآن.
وجرت السنة النبوية هذا المجرى؛ فكانت لغة القرآن والسنة أولى بالتدوين والحفظ، لما آن أوانها وأخذت سنة التطور طريقها في اللغة الفصحى، منذ خرج العرب من عزلتهم واختلطوا بالأعاجم، ودخل الأعاجم في سلطانهم.
وكان لهم ما للمسلمين العرب، وعليهم ما عليهم من حرية وإخاء ومساواة.
وبعد أن كثر تسريبهم بالأعجميات لكثرة السبي في أيديهم، يوم اتسعت فتوحاتهم، وشعر أبو الأسود الدؤلي، أقدم أئمة العربية، ببادرة من التغير بدرت على لسان ابنته إذ قالت لأبيها متعجبة وقد نظرت إلى السماء ونجومها في لسلة صافية: "ما أحسن السماء" فرفعت أحسن، وح
فأدركت خطأها وقالت: أنا متعجبة ولست بمستفهمة.
فهب أبو الأسود إلى إمام المسلمين والعرب في العلم والعمل، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عليه السلام، وأخذ منه أصول النحو.
فعكف القوم بعد هذا على تقرير قواعد اللغة والنحو واختيار الفصيح من الكلام.
وعمل الأئمة على التقاط فرائد اللغة من البوادي البعيدة عن الأمصار، لبعدها عن مجاورة الأعاجم وفاسدي اللغة.
فكانت رحلة الأئمة إلى بوادي الحجاز وتهامة ونجد واليمامة.
قال الفارابي في أول كتابه المسمى "الألفاظ والحروف": "كانت قريش أجود العرب لأفصح الألفاظ، وأسهلها على اللسان، وأحسنها مسموعًا، وأبينها إبانة عما في النفس.
والذين نقلت عنهم العربية وبهم اقتدى، وعنهم أخذ اللسان العربي من بين القبائل العربية هم: قيس وتميم وأسد.
فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه.
وعليهم اتكل في الغريب وفي الإعراب والتصريف.
ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين؛ ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر القبائل.
وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضري قط، ولا عن سكان البوادي ممن كان يسكن أطراف البلاد المجاورة لسائر الأمم حولهم.
فلم يؤخذ عن لخم ولا عن جذام لمجاوراتهم أهل فارس، ولا عن قضاعة وغسان لمجاورتهم أهل الشام، وأكثرهم نصارى يقرأون بالعبرانية، ولا عن تغلب واليمن فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان، ولا عن بكر لمجاورتهم للفرس، ولا عن عبد القيس وأزد عمان لأنهم كانوا بالبحر
كان الباحث عن اللغة في بوادي العرب يقامر بنفسه، غير مبالٍ بحرها ولا ببردها ولا بخشونة عيشها ورتق مشربها، السنين الطوال ليكتب عن فضائحهم شيئًا من كلامهم.
وروي أن الكسائي أنفذ خمس عشرة قنينة من الحبر في الكتابة عنهم.
وكان الإمام منهم يفضل استفادة كلمة واحدة على حمر النعم.
ويروي عن أبي عمرو ابن العلاء قال: "إني كنت هاربًا من الحجاج بن يوسف، وكان يشتبه علي "فرجة" هل بالفتح أو بالضم، فسمعت قائلًا يقول: "
«ربما تجزع النفوس من الأمر *** له فرجة كحل العقال»
فحرك الفاء بالفتح، ثم قال: ألا إنه مات الحجاج؛ قال أبو عمرو: فما أدري بأيهما كنت اشد فرحًا: أبقوله فرجة، بفتح الفاء، أو بقوله مات الحجاج! "
وكان من مزيد عناية القوم باللغة أن ميزان التفاضل بين الأئمة وحملة اللغة كان سعة معرفة الرجل بكلام العرب ولغاتها وغريبها.
وكان الأمراء والملوك والخلفاء وأعيان الأمة يتسابقون إلى تأديب أبنائهم، أي تعليمهم الأدب العربي من اللغة والنحو والشعر وأخبار العرب ومفاخراتهم"
ومنافراتهم، ليحفظوا كلامهم ويقووا به ملكاتهم اللغوية.
وكان أكبر عيب في الشريف العربي أن يلحن في كلامه، فلا يأتي بالحركات الإعرابية أو الحركات اللغوية على وجهها؛ كل ذلك كان في سبيل حفظ اللغة ورونقها وجدتها، وتقوية ملكة الفصاحة في النفوس.
بدء انحراف العامية عن الفصحى
قلنا: إن أبا الأسود الدؤلي رأى بادرة التغير في كلام ابنته، فلجأ إلى أمير المؤمنين علي ووضع أصول النحو.
والظاهر أن بدء الانحراف كان قبل ذلك، وعلى كل حال لم يكن قبل عصر الراشدين.
وأول ما سمع ذلك في الحركات الإعرابية زمن خلافة أمير المؤمنين عمر، رضي الله عنه، على ما جاء في طبقات الأدباء لابن الانباري؛ وذلك أنه قدم أعرابي في زمن خلافته فقال: "من يقرئني شيئًا مما أنزل على محمد؟ " فأقرأه رجل سورة براءة وقال: "إن الله برئ من المشركين ورسوله "بالجر، فقال الأعرابي: "أو قد برئ الله من رسوله؟ إن يكن الله برئ منه فأنا أبرأ منه! " فبلغ ذلك عمر فدعاه وقال له: أتبرأ من رسول الله يا أعرابي؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة ولا علم لي بالقرآن، فسألت: "من يقرئني؟ " فأقرأني هذا سورة براءة فقال: "إن الله يبرئ من المشركين ورسوله" فقلت: "أوفد برئ الله من رسوله؟ إن يكن الله برئ منه فأنا أبرأ منه! " فقال عمر: "ليس هذا يا أعرابي".
فقال: "كيف يا أمير المؤمنين؟ " قال عمر: "إن الله برئ من المشركين ورسوله" ورفع رسوله، فقال الإعرابي: وأنا أبرأ ممن برئ الله ورسوله منهم.
فأمر عمر أن لا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة.
وكان أهل الحاضرة يومئٍذ، كيثرب، فيهم العلماء باللغة وغير العلماء، ولهذا خصص عمر أمره بالعالم باللغة.
وروى عاصم قال: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زياد، وهو أمير البصرة، فقال: إنني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وفسدت ألسنتها، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟ فقال زياد: لا تفعل؛ قال: وجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير! توفي أبانا وترك بنون؛ فقال زياد يرجع كلامه: توفي أبانا وترك بنون؟ ادع لي أبا الأسود؛ فلما جاءه قال: "ضع للناس ما كنت نهيتك عنه.
وسئل أبو الأسود: من أين لك هذا النحو؟ فقال: لفقت حدوده من علي بن أبي طالب.
وأما اللحن في بناء الكلمة فكان بعد ذلك العهد.
ويظهر أنه كان في سكان الحاضرة أيضًا، ولم يأتِ زمن الحجاج حتى فشا اللحن في كلمات اللغة، وحتى صار يستهجن الفصيح في كلمات العامة.
قال في الطبقات: "قال محمد بن سلام: أخبرني أبي أن يزيد بن الملهب كتب إلى الحجاج: إنا لقينا العدو ففعلنا وفعلنا واضطررناه إلى عرعرة الجبل.
فقال الحجاج: ما لابن المهلب وهذا الكلام؟ فقيل له: إن يحيي بن المعمر عنده.
فقال: ذاك إذًا.
ويحيي بن المعمر هذا هو من حملة اللغة وأئمتها."
سارت العامة على خطها المنحرف، وامتد سيرها هذا لما كثر توغل العرب الفاتحين في بلاد الأعاجم، وكلما امتد السير زادت بعيدًا عن الفصحى؛ إلا أن هذا الطريق لم يكن ممهدًا بل كانت تعترضه عقبات من عناية العلماء بالفصحى، لما رأوا ما منيت به من التحريف، فأخذوا في محاربة هذا الداء، وصنفوا في تقويم العامية وردها إلى الفصحى وتطهيرها، أو تطهير أقلام الكتبة على الأقل، من اللحن.
ونجد كثيرًا من هذه الجهود في مثل: "أدب الكاتب" لابن القتيبة، و "درة الغواص" للحريري.
فلم يكن، والحال هذه، سير العامية في خطتها الملتوي، شديد الاندفاع كما هو الحال في غير العربية من اللغات.
وإن اللغات الراقية اليوم، التي دونت فصحاها بعد تدوين فصحى العربية بقرون، ترى فصحاها بعيدة عن عاميتها أكثر من بعد فصحى العربية عن عاميتها.
يقول جبر ضومط، أستاذ اللغة العربي في الجامعة الأميركية في بيروت، بعد أن أثبت أن للإنكليزية والفرنسية والألمانية- وهي في مقدمة اللغات الراقية في هذا العصر- لغة فصحى مكتبية، ولغة عامية دارجة: " فالمكتبية في أعلى درجات الفصاحة، والدارجة في أحط الدرجات في بعض أقسام لوندرة وباريس وبرلين، عواصم هذه اللغات الثلاث. ثم ذكر أنه تعرف بمستشرق اسوجي جاء بيروت لدرس اللغة العربية الدارجة، وكان عارفًا خبيرًا، فأخبره أن عندهم لغتين: فصحى ودارجة، وأن الدارجة الأجنبية أكثر من الدارجة العربية بعدًا عن الفصحى.
وأنا لا أرتاب في أن اللغة التي حملها الفرنسيس، أيام الحملات الصليبية إلى سورية، لم تكن كاللغة التي حملها حُفَداؤهم إليها في هذه الأيام؛ وأن اللغة التي نظم بها شكسبير قصائده لا يفهمها العامي الإنكليزي اليوم أكثر مما يفهم العربي قصائد المتنبي وأبي العلاء المعري.
ولكن لغة موليير الفرنسية، فيما أحسب، بعيدة عن لغة أميل زولا بعد لغة ملتون الإنكليزية عن لغة دوسكن.
بينما لم تتغير لغة المتنبي عن لغة شوقي وبينهما ألف عام.
إلا أن لغة المتنبي وابن الأحنف والطائيين تخالف لغة الزاجل في شعره اليوم، بل إن لغة الزاجل اليوم تخالف لغة الزاجل في عصر ابن خلدون.
الحركات الإعرابية
في اللغة العربية
من البديهي أن مفردات اللغة مؤلفة من الألفاظ، وأن مادة اللفظ لا تتعدى حروف الهجاء، ولكن للحروف هيئات في اللفظ من حركات وسكون يطلق عليها، على سبيل التغليب، اسم الحركات؛ وهذه الحركات إما عارضة لمادة الكلمة ومبناها، أو عارضة لآخرها.
وتسمى الأولى حركات المباني كما ترى في حركات: غَمر، وغِمر، وغُمر، وغَمِر، وغُمَر، وغَمَر؛ فهذه كلمات ست، وهي مع اتفاقها في الحروف وفي ترتيبها مختلفة المعاني باختلاف حركاتها اختلافًا من أصل الوضع.
وتسمى الثانية حركات الإعراب أو علامات الإعراب لأنها تعرب عن مراد المتكلم بموقع الكلمة من الجملة، ولكنها لا تؤثر بمعنى الكلمة الوضعي شيئًا.
فسعيد في قولك "رأى سعيد أحمد" وهو سعيد نفسه إذا رفعته فاعلًا أو نصبته مفعولًا به، ولكن حاله واقعًا منه الفعل، غير حاله واقعًا عليه؛ وإنما يعرف اختلاف حاليه من اختلاف حركات الإعراب.
فائدتها
لهذه الحركات أثرها في المعنى التركيبي، خاصة وهي تعطي الجملة إيجازًا بديعًا لا مثيل له، فيما أحسب، في غير العربية.
والإيجاز في اللفظ مع الوفاء بالدلالة على المراد من أعظم ميزات اللغة.
انظر إلى قولنا: "ما أحسن زيد" فإنك تجد لهذه الجملة ثلاثة معان تختلف باختلاف الحركات في أواخر كلمتها، مع بقاء مبانيها وتركيبها اللفظي كما هي، فنقول:
1 - " ما أحسن زيدًا! " تنصبها، وأنت تريد التعجب فيكون ذلك قائمًا مقام قولك: "أعجب كثيرًا لحسن زيد".
2 - "ما أحسن ويد؟ " ترفع أحسن وتخفض زيدًا، وأنت تريد الاستفهام، وهي قائمة مقام قولك: "استفهم واسأل عن أحسن شيء في زيد".
3 - " ما أحسن زيد؟ " تفتح أحسن وترفع زيدًا، وأنت تريد الاستفهام أيضًا، وهي قائمة
مقام قولك: "أي شيء من الإحسان فعله زيد".
ثم انظر إلى قولنا: "هذا كريم أحسن منه عالم" فإذا رفعت كريمًا وعالمًا كان المراد شخصين اثنين أحدهما عالم والآخر كريم، ولكن العالم أحسن منه الكريم؛ وإذا نصبتهما كانا شخصًا واحدًا عالمًا وكريمًا، ولكنه في كرمه أحسن منه في علمه.
وانظر إلى قولنا: "كم كتاب قرأت" فإذا جررت كتابًا كنت تريد الإخبار بكثرة ما قرأت من الكتب، وإذا نصبت كنت تريد الاستفهام عن عدد الكتب التي قرأتها.
قال ابن قتيبة في "مشكلات القرآن" ما نصه: "وللعرب الإعراب الذي جعله الله وشيًا لكلامها، وحلية لنظامها، وفارقًا في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين والمعنيين المختلفين: كالفاعل والمفعول، لا يفرق بينهما، إذا تساوت حالاهما في إمكان أن يكون الفعل لكل واحد منهما، إلا بالإعراب, ولو أن قائلًا قال: هذا قاتل أخي، بالتنوين، وقال آخر: هذا قاتل أخي، بالإضافة، لدل بالتنوين على أنه لم يقتله، وبحذف التنوين على أنه قتله.
ولو أن قارئًا قرأ: "فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون" وترك طريق الابتداء بإنّا، واعمل القول فيها بالنصب، على مذهب من ينصب أن بالقول كما ينصبها بالظن، لقلب المعنى على جهته، وأزاله عن طريقته، وجعل النبي محزونًا لقولهم " إن الله يعلم ما يسر
وقال رسول الله، صلوات الله عليه: "لا يقتل قرشي صبرًا بعد اليوم" فمن رواه جزمًا أوجب ظاهر الكلام أن لا يقتل إن أرتد، ولا يقتص منه وإن قتل؛ ومن رواه رفعًا انصرف التأويل إلى الخبر عن قريش أنه لا يرتد أحد منهم عن الإسلام فيستحق القتل.
أفما ترى الإعراب كيف فرق بينهما؟ ثم قال: "وقد تكتنف الشيء معان فيشتق لكل معنى منها اسم من ذلك الشيء كاشتقاقهم من البطن الخميص "مبطان" وللمنهوم "بطن" وللعليل البطن "مبطون".
انتهى كلام ابن قتيبة.
وإنما اختلف المراد فيما ذكر باختلاف الحركات الإعرابية، مع أن الجمل المذكورة لم يتغير شئ من تركيبها وتنسيقها غير علامات الإعراب.
ولكن المعنى التركيبي قد تغير معها تغيرًا لا يستهان به، كما سمعت من كلام ابن قتيبة.
وكذلك إذا قلت: "علم زيد خالد الكتاب" لا تعلم أيهما المعلم وأيهما المتعلم: فإذا رفعت ونصبت علمت أن المرفوع هو المعلم وأن المنصوب هو المتعلم، تقدم أو تأخر لا فرق، وبقي للتقديم والتأخير فائدة خاصة من البيان، كما شرحه علماء الفصاحة والبلاغة، وإذا طرحت الحركات جانبًا وجعلت الدلالة على الفاعل تقدمه، وعلى المفعول تأخره بأن يكون الفاعل واجب التقديم مطلقًا،
كما إذا كان مقصورين لا تظهر عليهما علامات الإعراب، فاتتك النكات البيانية من المعاني التي يفيدها تقديم ما حقه التأخير أو العكس، وهي إفادات تأتيك من ترتيب الجملة دون زيادة في لفظها؛ وهذا من خصائص العربية فيما أحتسب.
وإني قد أسهبت القول في فوائد الإعراب في اللغة، ليعلم أن القول بتفضيل إهمال الحركات على استعمالها، بحجة أن المعنى لا يفسد بإهمالها، ولأن كل أبناء العربية يفهمون من قولنا "زيد مسافر" بالتسكين، كما يفهمون "زيد مسافر" بالتحريك هو قول باطل.
إنه عجيب حقًا، ولاسيما إذا كان من علامة مدقق ذي علم وغيرةٍ على الفصحى، كصاحب المقتطف الدكتور يعقوب صروف.
وقد ظهر لك مما تقدم أن كثيرًا من الجمل إذا أهمل فيها الإعراب اشتبه على السامع فهمها، لاحتمالها معاني لا يميزها إلا الإعراب، أو إطالتها بكلام مفصل يدل على المعنى المراد.
من أين جاءت؟
من الحقائق التي لا أحسب فيها جدالًا، وإذا كان فهو غير معتمد به، أن العرب الذين تبدوا وقل اختلاطهم بغيرهم من الأمم، كانوا أحفظ للغة وأصون لقديمها من غيرهم، لأن الاختلاط بغير أهل اللغة من أكبر الأسباب في تطورها.
وهذا القديم الذي حفظوه وصانوه بانعزالهم وببداوتهم، إن لم يكن هو نفسه اللغة الأم، أي التي تفرعت عنها اللغات السامية، فهو أقرب اللهجات المتفرعة عنها إليها، لأن المفروض أنه مصون ومحفوظ كل الصون والحفظ أو بعضهما، فلم يكن فيه من التطور ما كان في غيره من الف
وهذه الحقيقة ليست بغريبة عن استنتاج العلماء؛ فقد ذكرها كثير من الباحثين كمسألة لا تحتمل الجدال.
ثم أنه جاء في التاريخ القديم أن اللغة التي انتشرت في المملكة البابلية، قبل زمن حمو رابي بعشرين قرنًا أو أكثر، وهي أم اللغات السامية، كانت ذات حركات للإعراب؛ وأنها قضت أكثر من ألفي عامٍ وهي ذات حياة في سجلات الحكومة ودواوينها وعلى ألسنة العلية من القوم.
وإن كلام العلامة مسبيرو، ظاهر في أن لهجة العامة من سكان المدن والقرى أي أهل الحاضرة، كانت الآرامية.
أما لهجة سكان البوادي، وهم بدو الآراميين، فلم تكن اللغة الآرامية.
إن أهل الحاضرة هم الذين اختلطوا بغيرهم من الأمم، فاستعجمت لغتهم التي كانت فصحى بهذا الامتزاج، وكانت منه اللهجة الآرامية "العامية البابلية"، كما امتزج بعد الإسلام أهل الحاضرة من العرب بغيرهم من الأمم، فاستعجمت لغتهم وكانت منها اللهجة العامية.
هذه اللغة التي ثبتت ألفي عام فأكثر في السجلات الرسمية والدواوين العالية، وعلى ألسنة العلية من القوم، هي ولا ريب اللغة الأم.
وقد كان لها حركات إعرابية، ثم استعجمت في ألسنة العامة من"
أهل الحواضر.
وكان أول ما أضاعته هو حركات الإعراب.
فكانت السريانية القديمة، اللغة المستعجمة المتطورة منها، وهي ليست بذات إعراب؛ لأن ما لا يوجد في الأصل لا يوجد في الفرع.
أما سكان البادية وهم بدو الآراميين أو العرب فلم يفقدوها، فبقيت هذه الحركات ثابتة في لهجاتهم.
وقد حدث مثل ذلك لأهل الحواضر العربية، فأضاعوا حركات الإعراب التي كانت في لغة أهل البوادي منهم باستعجام لغتهم.
وكان أول ما أضاعوه منها هذه الحركات، كما سمعت ما سلف من قضية الأعرابي الذي جاء المدينة في خلافة عمر ليتعلم القرآن، فسمع اللحن في حركات الإعراب وأدى ذلك، بحكم الطبع في ذلك الأعرابي، إلى فهمه غير المراد فأنكره؛ وكما سمعت من قصة ابنة أبي الأسود مع أبيها ا
كان نصيب سكان البوادي الأولين كنصيب سكان البوادي الآخرين في حفظ اللغة بحركاتها الإعرابية ما استطاعوا إليه سبيلًا، وبقدر ما بعدوا عن الأمم الأخرى.
وهكذا نقيس بقياس التمثيل بين العصرين، ونعلم حال القديم الذي لم نره ولا تحققنا خبره، بحال الحديث الذي عرفناه وتحققناه.
ونطمئن إلى القول بأن حركات الإعراب التي كانت في اللغة الأم الأولى قد حفظتها لها البداوة حتى ظهرت في عربيتهم الأخيرة؛ وذلك باستصحاب القهقرى كما يسميه علماء الأصول.
وقد خلت منها اللغات الأخرى الأخوات إلا أثارًا في لغة بطراء ولغة تدمر وأهلها من بقايا العمالقة.
ثم نقول: لكن بدو الآراميين الذين سكنوا البادية العربية، والذين سموا عربًا، لم تذهب منهم هذه الحركات أو أشباهها، بدليل وجودها عند أعقابهم وحفدائهم يوم أخذنا اللغة عنهم، وبدليل أن الذين أخذوها وجدوها راسخة فيهم رسوخ الملكة الطبيعية في النفس، تجري على ألسنتهم في مواقعها دون أدنى قصد أو تعمل ولا كلفة، مما يدل على طول عهدهم بها حتى أصحبت جارية مجرى الطبع.
إن هذه الحركات إذًا متصلة بنا من ميراث اللغة الأولى، أم لغتنا العربية، حفظتها لنا البداوة وحفظها بعد حامليها عن فساد اللسان بالعزلة، وعدم امتزاجهم بالأمم الأخرى.
قلنا: إن هذه الحركات كانت في العرب، واتصلت في الأعقاب على مدى الأحقاب حتى وصلت إلينا.
وسواء أكانت هي كما رأيناها أو اعتراها بعض التحرير، فهي إن لم تكن عينها فليست بعيدة عنها؛ ففي واديها ربيت، وعلى غرارها طبعت، وفي حجرها نشأت، وبدرها غذيت.
والقول بأن العرب عرفوا هذا بمعرفتهم النحو وأنهم احتذوا فيه مثال اليونانيين، فلا أراني كثير الحاجة لدفعه، لأن الإلمام بأحوال العرب قبل الإسلام فضلًا عن الاضطلاع به يكفينا أمره.
وأنى لسكان البادية بمعرفة قواعد النحو كعلم من العلوم؟ وقد سئل أعرابي: أتجر فلسطين؟ فقال: إنني إذًا لقوي، فقيل له: أتهمز إسرائيل؟ فقال: إنني إذًا لرجل سوء! ففهم هذا البدوي، وهو ممن يوثق بعربيته ويتخذ أئمة اللغة كلامه حجة في النحو واللغة، فهو الجر والهمز بمعناهما اللغوي، ولم يكن للمعنى الاصطلاحي أقل مساس بفهمه وعلمه.
إن الإعرابي القادم من البادية إلى الحاضرة ليتعلم القرآن، وهو بعد لم يبل بفساد اللسان، قد عرف تغير المعنى بتغير حركة "ورسوله" لا من حيث أنه رفع وخفض، بل من حيث أن إفادتها مرفوعة غيرها إذا كانت مخفوضة؛ هكذا فطر طبعه ونمت غريزته.
كيف وضعت الحركات؟
إن الذي اتفق عليه المحققون أن وضع اللغات لم يكن بالتنصيص على لفظ خاص لمعنى خاص، وإنما كان الوضع بالتوسع في الاستعمال على قدر الحاجة وتنوعها بامتداد الزمن وتطاول المدة، وعلى حسب ما هو معروف من سنن التطور.
ويبعد في مثل هذه الحال أن توضع الحركات الإعرابية بمثل هذا النحو من الوضع، وأن تكون على هذه الطريقة، لأن الحركات الإعرابية على ما هو الظاهر ليست مما تدعو إليه الحاجة الماسة بأن تكون ركنًا من أركان التفاهم، فلا يتم بدونها، حتى يقال: إنها جاءت على قدر الح
فكيف كانت إذا هذه الحركات الإعرابية؟ هل هي بقايا كلماتٍ كانت تدل على ما تدل عليه علامات الإعراب، ثم اختزلت بتطاول المدة وصقلت بالاستعمال فصارت كما نراها؟"
يقول بهذا القول كثير من العلماء؛ وقد جاء في المقتطف ما نصه: "يستدل علماء اللغات على أن أصل هذه الحركات كلمات اختصرت على تمادي الزمن، وبقيت الحركات دلالة عليها" هذا قوله.
ولكن هل كانت هذه الكلمات، والتي هي أصل هذه الحركات، خاصة بأم اللغة العربية المعربة، وفي حيزها اختصرت هذا الاختصار؟ أو أنها في أمها الأولى ثم جاءت إليها بالإرث؟ وعلى تقدير أنها كانت في أصل الفرع الأسيوي الأول الذي منه كانت اللغات السامية والآرية والمغولية، فهل أصابها هذا الاختصار كله أو بعضه قبل انفصال السامية (أم العربية) عنه، أو أنه كان من صيغ اللغة السامية؟
ربما يعرف ذلك، ويكشف هذه الغوامض ويحل هذا الإشكال، الباحثون في مقابلة اللغات وتحليلها، إذا تيسر لهم ذلك، وكان في أخوات اللغة العربية وخالاتها ما ينير لهم الطريق بأن كان لهذه الكلمات الإعرابية ما يدل عليها، أو يشير إليها في هذه اللغات.
أما إذا كان مجرد حدسٍ وتخمين، فللحدس والتخمين أيضًا مجال آخر.
وحينئٍذ يجوز لذاهب أن يذهب إلى أن الحركات الإعرابية ربما كانت وضعت بوضع خاص، وذلك بأن يقال: إن أبناء اللغة الأولى كانوا في تمدنهم وعلومهم بمنزلٍة صالحة تدل عليها آثارهم، وقد دلت الآثار أنه كان للبابليين مدارس منظمة يعلمون فيها الحكمة والطب والفلك، وظهر
وأخبرنا التاريخ عن مزيد عنايتهم بلغتهم الفصحى والتي حفظوها واتخذوها لغة رسمية لهم، وكانت مصقولة مهذبة، كما تقدم القول عن العلامة مسبيرو، فلا يبعد، والحال هذه، عن الذين صقلوا لغتهم وهذبوها، أن يكون في جملة ما عملوه في صقلها وتهذيبها وتحريهم البلاغة فيها
ومن ضروب هذا الاختصار وضع العلامات الإعرابية على شكل حركات لا تطول بها الجملة، ولا يتغير بها وضع الكلمة من موقعها فيها، فدلوا بهذه الحركات على مرادهم بها في جملتها، فاعلة أو مفعولة أو غير ذلك، مقدمة أو مؤخرة، لتدل في التقدم والتأخير على معان مراده، وأن
ويكون ذلك منهم حيث قل انتشار الفساد في اللغة، وسرى ذلك في سكان البوادي فحفظوه وجروا عليه.
ولنفرض لذلك مثلًا فنقول: استعمل أبناء اللغة "ما" الاستفهامية بدلًا من "أي شيء" اختصارًا، فاشتبهت "بما" التعجبية ووقعت أفعل بعدها كأحسن في قولك: "ما أحسن زيد"، واشتبه على السامع أي المعنيين يريد المتكلم: ما الاستفهام أو التعجب؟ ونصب القرينة اللفظية تطويل، والمفروض أننا فررنا منه، فحركوا حينئِذ ما وقع بعد التعجب بالنصبـ، وما بعد ما الاستفهامية بالرفع؛ وليس في هذا مشقة ولا إطالة.
وكذلك يتميز الفاعل بالرفع والمفعول به بالنصب، وفي هذا لا يشتبه الفاعل بالمفعول به سواء تقدم أو تأخر.
وتبقى اعتبارات التقدم والتأخر وفوائدها البيانية صحيحة سليمة؛ ولكن هذا إنما يجري حيث يكون الفاعل صالحًا لأن يكون مفعولًا به، أما إذا لم يكن صالحًا لذلك في مثل: "كسر الزجاج الحجر" و "قال الشاعر قصيدة" فإنه يستغنى عن ذلك؛ لكن القسم الأول أكثر في الكلا
ولعل مثل هذا احتجاج إلى مدة متطاولة، وبعد اختلافات كثيرة بين الأصقاع والقبائل في الاستعمال، حتى استقر وثبت منه الأحسن والأصح في الاستعمال، فعم وشاع وذهب ما عداه.
والقول "بالكلمات المختصرة إلى الحركات" تعترضه صعوبات كبيرة في تعليل هذا الاختصار، وتطبيقه على الحركات الإعرابية التي لا يمكن تذليلها إلا بتكلف كثير.
وإذا رأينا أنه من السهل مثلًا أن نقول: إن علامة الرفع (الضمة) قد اختصرت من الكلمة الدالة عليها إلى الواو، الذي هو علامة للرفع أيضًا، ثم اختزل الواو إلى الضمة، فلسنا نرى من السهل تطبيق ذلك على غير هاتين من علامات الرفع، كالألف في المثنى، وثبوت النون في
ويعترض الحدس المفروض للوضع الخاص أن هذه العلامات نراها أول ما يذهب من اللغة عند امتزاج أهلها بغيرهم، وأن صيرورتها إلى الملكة أمر لا يقبله العقل بسهولةٍ وبدون مشقة.
وكيفما كان أحال فقد اتصل إلينا أن أم اللغة العربية أورثت ابنتها هذه نظام الإعراب بالعلامات، فتقف عند هذا القدر المحقق من البحث، ونترك ما عداه إلى المحققين في اللغات، حتى يظهر البحث ما تطمئن إليه النفوس.
والذي تحقق من ذلك أن العرب، وهم بدو الآراميين، قد اتخذوا هذا الميراث، وجرى فيهم مجرى الملكة، وهم في عزلتهم، فلم يتسرب إليهم الإهمال، وحفظته لهم البادية فلم يتأثروا بما تأثر به إخوانهم، وأصبح ملكة راسخة فيهم.
وليس معنى قولنا إنه أصبح ملكة راسخة، أنهم لا يقدرون على اللحن ولا يمكن أن تجري عليه ألسنتهم، كما كنا نتلقاه من مشايخنا زمن الدراسة، بل معناه أن ألسنتهم تجري بلا تعمل ولا كلفة على هذا النظام، شأن من يتمرن عليه في هذه الأيام، فينطلق به لسانه دون تعمل أيضًا؛ وإذا كان لا يسلم متمرن اليوم من الخطأ والغلط الذي يكثر ويقل بحسب مرانه، فلأن مرانه كان ناقصًا من حيث أنه يتمرن في بيئة ملؤها الخطأ والغلط.
وعلى العكس متمرن ذلك الزمن الذي ببيئته ملؤها صواب وصحة.
إن سكان هذه الجزيرة اتخذوا حفظ اللغة على هذا النحو تقليدًا لهم، في التجاوز عنه كل العيب والعار.
ولا ترسخ عادة في قوم ما لم تتخذ تقليدًا عامًا مستحبًا يعاب تاركه على تركه أو تجاوزه.
فكان التمرن عليها راسخًا يشب عليه الصغير ولا يشذ عنه الكبير، فيكون عامًا شاملًا شائعًا بين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وتجاهلهم.
ولم يحجم نقله اللغة من الأئمة، الآخذون اللغة عن الإعراب، أن يعتدوا بلغة الصبيان والمجانين لأنهم آمنون على ملكتهم من الخطأ، فكان بعضهم يحتج لمذهبه بكلام أمثال هؤلاء ولا ينكره عليه منكر.
قال ابن دريد في "أماليه" عن الأصمعي: "سمعت صبية بحمى ضرية يتراجزون، فوقفت وصدوني عن حاجتي وأقبلت أكتب ما أسمع، وإذا بشيخ أقبل فقال: أتكتب عن هؤلاء الأقزاع الأدناع؟ "
لم يحجم الأصمعي، وهو إمام اللغة، عن أن يكتب عن هؤلاء الأقزاع الأدناع أي صغار الناس وأراذلهم، لأنه يرى في كلامهم حجة لا تنكر عليه.
وأما قول الشيخ: "أتكتب": مستنكرًا، فما هو إلا استصغار لأمرهم واحتقار لأمرهم واحتقار لشأنهم من حيث أنهم أقزاع أدناع، لا من حيث أنه مخطئ أو مصيب بالأخذ عنهم.
فهو نظير أن تختار لأمرك حاذقًا فيه، ولكنه صغير المنزلة دنئ الحسب مستقذر العيش، مع أنك لا تعدم حاذقًا مثله يكون كريم الحسب رفيع المنزلة ظاهر المروءة.
ويصح لمن يغار عليك أن يلومك على هذا الاختيار، وليس معنى لومه أنه يطعن في حذقه بل كان الطعن عليه من حيث نفسه وحاله.
آخر عهد البادية بها
إن هذه الملكة الراسخة في هؤلاء الأعراب قد أهملت أولًا في القبائل المجاورة للأعاجم بالاختلاط بهم، ولم يسمع عن أحد من العرب الجاهليين أن الأئمة تحرزوا عن الاحتجاج بلغته قبل عد بن زيد العبادي، الذي نشأ بين الفرس وفي خدمة الأكاسرة.
ولما فسدت لغة الأمصار كان ذلك يسري منها إلى البادية بقوة الاختلاط وضعفها، وكانت السلامة تتقهقر أمام هذه القوة، وبقى هذا الغزو مستمرًا إلى أخريات القرن الثالث للهجرة وما بعده بقليل، حتى ذهبت هذه الملكة أو كادت.
وعم اللحن أقطار العربية، باديها وحاضرها، وصينت الفصحى المعربة في دفاتر العلماء والأدباء، وفي المجامع العلمية، وعلى ألسنة الخطباء والشعراء والكتاب.
ولم تزل للعامة في أزجالهم وأغانيهم مكانة باختلاف الأقطار العربية.
والعامية في بلاد المغاربة أصبحت كأنها لغة أخرى غير عامية المشارقة؛ وتختلف عامية الشام، وعن عامية نجد والعراق.
الفصيح والعامي من حيث الاستعمال
لم تخرج العامية في تحريفها وعدم ضبط قواعدها عن كونها لغة عربية.
والتحريف كان معروفًا في الفصحى باختلاف لغات العرب، كما سبق الكلام عليه، وإن كان في الفصيح أشد وأقوى وأبعد مرمى، فهو في العامي أظهر وأكثر، وبه ألصق.
فالعامية بالنسبة إلى الفصحى، وهذه بالنسبة إلى المتقدمين والمحدثين على ضروب: "
1 - ألفاظ انفرد بها المتقدمون من العرب وتركها المحدثون، إما لاستعمالهم مرادفها: كمبشور في الناقة الشديدة السريعة، استعملوا كأنها: علنداة؛ أو لأنها من الحواشي البعيد عن الطبع كقولهم: مخر نبق لينباع؛ قال ابن فارس: وكذلك يعلمون معنى ما تستغربه اليوم من
قولنا: "عبسور" في الناقة و "عيسجور" و "امرأة خناثى" و "فرس أشق أمق خبق.
ذهب هذا كله بذهاب أهله ولم يبق عندنا إلا الرسم الذي تراه، أو تركها المحدثون لأنها غير مأنوسة عندهم، وإن كانت غير حوشيه كأجبى في الحديث الشريف: "من أجبى فقد أربى.
2 - ألفاظ استعملها المتقدمون وخواص المحدثين ولم تعرفها العامة كقولهم: "طخية عمياء، ومرة سوداء.
3 - ألفاظ استعملها العرب وعرفتها العامة وقل استعمال الخاصة لها، فلم تشع بينها، وهو ما يسمى بالغريب الفصيح في العامي.
4 - ألفاظ للعرب فيها لغتان أو أكثر، أخذت العامة ببعضها والخاصة ببعض آخر "كفز" عند العامة و "قفز" عند الخاصة، و "ما فيها دومري أو تومري" عند العامة و "ما فيها ديار" عند الخاصة.
5 - ألفاظ استعملها العرب قديمهم وحديثهم، وقل استعمال العامة لها، فكانت من أجل ذلك مصونة لم تتبذل.
والفرق بين هذا الضرب والضرب الثاني أن ذاك لم تعرفه العامة أو لم تكد تعرفه، وهذا عرفته ولكنها لم تألفه كـ "أمررت الحبل وأحصدته" أي فتلته.
و "حبل ممر ومحصد" أي مفتول، وقد عرفت العامة منه قولهم "عقدة مرة" أي محكمة العقد.
6 - ألفاظ مثل ذلك ولكنها ابتذلت مد عركتها العامة بألسنتها وامتهنتها بتحريفها، فاجتنبتها الخاصة وأعرضت عنها مثل قول العام: "اصطفل في الأمر" أي افعل ما تشاء، محرفة عن "افتصل" وهو افتصال من الفصل أي اتخذ الفصل الذي تريده من عملك.
7- ألفاظ مثل ذلك كثيرة الدوران في الكلام لا يستغني عنها، فلم يضرها كثرة الاستعمال لمكان الحاجة، كقولك: "شربت ماء، وأكلت طعامًا، وقرأت كتابًا" وهذا أكثر الكلام العربي.
8 - ألفاظ حرفتها العامة باستعمالها إلى مستنكره، فتركت الخاصة استعمالها الأول لمكان الاستكراه في المعنى الثاني كـ "الصرم" بمعنى القطيعة و "الغائط" للمنخفض من الأرض؛ حرفت العامة الكلمة الأولى لمعنى "السرم" والثانية لمعنى "الخرء".
وإذا أردت مزيد تعمقٍ في هذا البحث وفي الفروق بين الفصيح وتحريفه العامي، فعليك بمراجعة كتابنا "رد العامي إلى الفصيح" ففيه ما يقوم بوفاء حاجتك فيه، إن شاء الله.
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
5-معجم متن اللغة (قاس قيسا وقياسا الجرح)
قاس- قيسا وقياسا الجرح: قدر غوره بالميل، فهو قائس.و- ت قيسا المرأة: مشت مشيا معتدلا فكأن خطاها متساوية (ز).
و- الرجل: تبختر.
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
6-إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت (وادي بن علي)
وادي بن عليبما أنّنا ذكرنا بعض حصون وقرى السّليل، وكانت الحوطة في جنوبه، وهي آخر بلاد وادي ابن عليّ.. اقتضى الحال أن ننتقل إليه، ثمّ نعود لما نزل عنه من باقي السّليل.
فوادي ابن عليّ داخل في النّجد الجنوبيّ كدوعن ووادي العين وساه وما لفّها، وهو أكبر أودية حضرموت، حتّى إنّهم ليقولون: لا يضرّ بحضرموت جدب متى أخصب، ولا ينفع خصبها متى أجدب.
وهو واسع الأطيان والشّراج، كثير القرى، ونحن نذكرها على حسب مواقعها، مبتدئين من أعلاه الجنوبيّ.
فأوّل قراه: القيرح، وديار الزّمالكه وآل منيف. ثمّ: عقدة الوهالين. ثمّ: البريكه لآل ثابت. ثمّ: جروب البريكه.
وهاته القرى والشّراج بين مسيلين للماء، أوسعها الغربيّ، وأمّا الشّرقيّ.. فإنّه ساقيتان بينهما العقبة، ثمّ الظّاهره، ثمّ تلتقيان.
وأمّا الغربيّ: فمن ورائه قرى كثيرة، من جنوبه إلى شماله، أوّلها: الخنم.
ثمّ: خموسة. ثمّ: الظّاهر. ثمّ: ديار آل مبارك. ثمّ: عرض الرّبيخة. ثمّ: زهر الجنان للسّادة آل الحامد؛ ومنهم: السّيّد الصّالح الجليل، صاحب المناقب الكثيرة، والكرامات الشّهيرة حامد بن حسن. ومنهم: ولده محمّد، شهم نافذ في الأمور، فيصل في الأحكام.
ثمّ: باهزيل. ثمّ: ركبة محيصن. ثمّ: جروب آل جعفر المسيطيّ. ثمّ: موشح. ثمّ: جدفرة الصّيعر. ثمّ: السّفوله لآل سيف. ثمّ: بامعد. ثمّ: بامعدان لآل عبد الله محمّد من آل مرعيّ بن طالب، كان منهم صديقي الوفيّ، الشّيخ طالب بن مرعيّ، رجل شهم، مستوي السّريرة والعلانية، إذا وعد.. صدق، وإذا قال.. وفّى، ذهب مع ظلم اليابانيّين، وكان آخر العهد به ـ رحمة الله عليه ـ وله عدّة أولاد نجباء؛ منهم: محمّد وعوض، إلّا أنّ الأوّل يتشدّد في مبادىء الإرشاديّين، والثّاني يتقبّله.
ثمّ: مسجد النّور. ومن وراء السّاقية الشّرقيّة: المصنعه. ثمّ: ظلوم. ثمّ: حبره. ثمّ: النّخش. ثمّ: الرّوضه. ثمّ: ديار الصّويل.
ثمّ: بلاد الغريب وقد كانت معمورة، وفيها جامع وصدقات واسعة.
وفيها: الشّيخ حارث باشراحيل، جدّ آل باشراحيل، والشّيخ عبد القادر باشراحيل، وهو الّذي بشّر بالحبيب أحمد بن زين، وهو في بطن أمه، ولموته قصة توجد في «مجموع» كلام الحبيب أحمد بن عمر بن سميط.
وفيه: أنّه كان في شبابه على زيّ الجند، حتّى لقيه بعض السّادة بتريم فقال له: ابن من أنت؟ فقال: ابن الشّيخ محمّد باشراحيل، فقال له السّيّد: حاشا محمّد باشراحيل منك، فوقعت من قلبه، وجاء إلى مسجد حارث، وآلى على نفسه أن لا يخرج منه إلّا بعد أن يختم القرآن، ثمّ كان من أمره ما كان.
ومن بلاد الغريب أيضا: الفقيه أحمد بن عبد الله بن عمر باشراحيل، من مشايخ الحبيب أحمد بن زين الحبشيّ.
وقد ذكرت في الشّحر أنّ آل باشراحيل يرجعون إلى عباهلة حضرموت، والدّليل على ذلك: قول العلّامة المحقّق الشّيخ عمر بن عبد الرّحمن، صاحب الحمرا، في مناقب شيخه العيدروس: (وجدت بخطّ الشّيخ أحمد بن محمّد باشراحيل العبهليّ الحضرميّ..) إلى آخر القصّة الّتي رواها عن شيخه فضل بن عبد الله بن فضل الّتي لا يعنينا منها إلّا قوله: (العبهلي)، والظّاهر أنّ الشّيخ أحمد ليس إلّا من آل باشراحيل المذكورين.
والعباهلة هم المشار إليهم بقول نشوان بن سعيد الحميريّ [من الكامل]:
«وعباهل من حضرموت من بني *** حمّاد والأشبا وآل صباح »
قال في شرحها: (العباهلة: الّذين أقرّوا على ملكهم لا يزالون عنه، ومن ذلك: كتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الأقيال والعباهلة من آل حضرموت.
وذو حمّاد وذو جدن بطنان من ولد الحارث بن حضرموت بن سبأ الأصغر، وكذلك سبأ بن الحارث، وهم الأشباء؛ منهم: محمّد بن عمر بن عبد الله، قاتل معن بن زائدة ببست) اه، وقد فصّلت مقتل معن ب «الأصل».
وفي سنة (583 ه) بني مسجد الغريب، وهو أوّل ما بني في القرية.
ومن وراء بلاد الغريب إلى الشّمال: ديار آل عبود. ثمّ: بلعقبة. ثمّ: زبيد؛ وهي: ديار وشراج كانت لآل عبدات، ثمّ غلبهم عليها آل مرعيّ بن طالب وأخذوها منهم عنوة عليهم بعقب قتال، مفصّل خبره ب «الأصل». ثمّ: محلّ الصّقعان. ثمّ: جفل؛ وهو مكان واسع، فيه جملة قرى، أوّلها من جهة الجنوب: الجدفره: لآل سلامة بن مرعيّ. ثمّ: الجوة: وهي حوطة الشّريفة سلوم بنت زين بن علويّ بن أحمد بن هاشم المقبور بالحسيّسة. ثمّ: سحيل الفقرا: فيه آل باشراحيل وغيرهم.
ومن الاصطلاح أنّ من وضع السّلاح يقال له: تفقّر، وكان آل باشراحيل وضعوا السّلاح ودخلوا في طريق التّصوّف، فقيل لهم: فقراء، ونسبت إليهم هذه القرية. وفيها أيضا آل السّقّاف؛ منهم:
المرحوم السّيّد عبد الله بن أحمد بن سالم سبول السّقّاف، السّابق ذكره في الشحر، وعبد الله هذا أحد صدور العلويّين ووجهائهم، توفّي بسنغافورة في أيّام اليابان، وله ولد نشيط يسمّى عبد الرّحمن.
وأكبر ما يطلق جفل على هذه القرية والنّاس يلفظون بها بالجيم ويكتبونها كذلك، ولكنّ الحبيب محمّد بن زين بن سميط ضبطها في «قرّة العين» بالياء المثنّاة من تحت، مع أنّها تطلق أيضا على الجهة عامّة، وفي «تاريخ الطّيّب بافقيه» أنّ الفقيه الصّالح أبا بكر بن محمّد بلحاجّ والوليّ الصّالح عبد الله بن عمر باهرمز توفّيا فجاءة بيفل في سنة (904 ه).
وقد بناها آل جميل السّعديّون بمساعدة آل يمانيّ وآل أحمد والصّبرات، وآل ثعلب، وصاحب مريمه، وبعض آل كثير، وكان هؤلاء اتّفقوا في سنة (845 ه) للقضاء على الدّولة الكثيريّة، وحاصروا الحصن الّذي بنته في الغرفة شهرين، فانتهز تلك الفرصة آل جميل وابتنوا قرية جفل بمساعدة أولئك، وكان ذلك في أيّام السّلطان عبد الله بن عليّ الكثيريّ، المتوفّى سنة (850 ه).
وقال الشّيخ محمّد بن عمر باجمال في كتابه «مقال النّاصحين»: (حكي أنّ السّلطان عبد الله بن عليّ حاصر بني سعد بقرية جفل في رمضان، فناداه أحدهم وقال له: أهذه صدقتك؟!، فارتحل عنهم.
ويحكى: أنّه أهدى فرسا لفاضل بالكروس السّعدي، ولما أراد اللّحوق بأصحابه وهم حرب للسّلطان.. ردّ فرسه، وقال: حاشا لله أن أستعين عليه بفرسه).
وقد ذكرت لهذه أمثالا كثيرة في «بلابل التّغريد» تستخرج التّرحّم على أهل الوفاء من أعماق القلوب، وصوادق الألسنة.
وعلى ضدّها ما جاء في الثّورة العربيّة: أنّ الشّريف فيصل بن الحسين تسلّم عشرات ألوف الدّنانير من الأتراك في اللّيلة الّتي أعلن حربه عليهم من صبيحتها.
وإنّي لأعجب ممّن يسمّى: الحسين المنقذ.. بعد ما شاع أنّه أخذ المسلمات من نساء الأتراك وهنّ متعلّقات بأستار الكعبة، وسلّمهنّ في جملة الأسرى للإنكليز مجرّدات، مع أنّ الدّولة العثمانيّة هي الّتي ربّت شحم كلاه.
أقول هذا لا عن تعصّب، بل لو كانت بي محاباة.. لحابيته؛ إذ لم يكتب لأحد بحضرموت غيري بنبأ تلك النّهضة المشؤومة، ولكنّ الدّين فوق كلّ عاطفة، ولئن صحّت الأخبار بأخذه نساء الأتراك القانتات المؤمنات على تلك الحال.. فما هو إلّا أمر عظيم، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وانظر فرق ما بين هذا وما فعله الإمام يحيى؛ فلقد أحسن وأفضل، وأعان وأجمل، ولم يخذل الدّولة العثمانيّة عندما تقاصرت خطاها، بل ساعد بما أشرنا إلى قليل منه في «الأصل»، مع ما بينهما من الأشلاء الممزّقة، والأرواح الذّاهبة.
فلقد أخبرني العلّامة الشّيخ محمّد بن عليّ بن طه الهتاريّ قال: (أخبرني خليل أفندي، أمين صندوق الحديدة للأتراك في أيّامهم: أنّ الّذين قتلوا في حروب اليمن من عساكر الدّولة العثمانيّة يبلغون بالإحصاء الرّسميّ سبع مئة وخمسين ألف قتيل) ولا بدّ بالطّبع أن يقتل من اليمانيّين ما يناسبهم، ولكنّ الإمام يحيى أظأرته الرّحم الإسلاميّة، فحيّاه الله وبيّاه، لقد اقتنى بذلك كمالا وجمالا، وتأثّل به الشّرف الخالد، والأجر التّالد، وكانت له العاقبة الحسنة.
وبلغني: أنّه كان يثني على الشّريف محمّد بن عليّ الإدريسيّ بأنّه لم يسلّم أسيرا ولا شبرا من بلاده للأجانب، على كثرة ما ابتزّ من خزائنهم من أموال.
ومن وراء جفل إلى الشّمال:
إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت-عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف-توفي: 1375ه/1956م
7-الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (حماس حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين الحركات الإسلامية)
حماس (حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين)التعريف:
حماس حركة إسلامية جهادية فلسطينية، نشأت في مدينة غزّة بفلسطين، ثم انتشرت في كافة أرجاء الأرض المحتلة. وكما جاء في ميثاق الحركة الذي أصدرته في 1 محرم 1409هـ 18/8/1988م، فإنها تعد جناحًا من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
أعلنت حماس في بيانها الأول الذي صدر يوم 14 كانون الأول ديسمبر 1987م بأنها الذراع الضارب لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين المحتلة، وهددت العدو اليهودي بأنها ستقابله بعنف أشد كلما اشتد عنفه.. مؤكدة أن الإسلام هو الحل العملي لقضية فلسطين، وأنها ترفض إضاعة الجهد والوقت في الركض وراء الحلول السلمية والمؤتمرات الدولية الفارغة.
من أكبر ما قامت به حركة حماس، هو تفجيرها الانتفاضة الباسلة التي أطلق عليها ثورة الحجارة في 8 كانون الأول ديسمبر 1987م، وقدمت مئات الشهداء والسجناء ولا زالت تقدم...وتقول الحركة إنها لن توقف ثورتها حتى تحرر فلسطين من رجس اليهود.
ومن أبرز شخصياتها التي أعلنت حتى الآن:
ـ الشيخ أحمد ياسين: وهو رجل مقعد، ويعد المؤسس لحركة حماس وقائدها الأول، قبض عليه اليهود عام 1984م في غزة لوجود أسلحة في منزله كانت معدة للمواجهة العسكرية مع الصهاينة وحكم عليه بالسجن عدة سنوات. ثم اغتاله اليهود أخيرًا - رحمه الله -.
ـ الأستاذ خليل القوقا. أحد قادة حماس، وقد أبعدته سلطات الاحتلال اليهودي بعد الانتفاضة إلى خارج فلسطين المحتلة.
الأفكار والمعتقدات:
إن أفكار ومعتقدات حركة حماس تتمثل في ميثاقها الأول الذي أعلنته يوم 1 محرم 1409هـ/ 15/8/ 1988م. ويمكن أن نجملها فيما يلي:
ـ حركة المقاومة الإسلامية: الإسلام منهجها، منه تستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها عن الكون والحياة والإنسان وإليه تحتكم في كل تصرفاتها ومنه تستلهم ترشيد خطاها (المادة الأولى).
ـ حركة المقاومة الإسلامية: حركة إنسانية، تلتزم بسماحة الإسلام، وترى أنه في ظل الإسلام يمكن أن يتعايش أتباع الديانات جميعًا. آمنين على أنفسهم وأموالهم وحقوقهم.
ـ إن أرض فلسطين وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط فيها أو في جزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، ولا تملك ذلك دولة عربية أو كل الدول العربية ولا يملك ذلك ملك أو رئيس أو كل الملوك والرؤساء، ولا تملك ذلك منظمة أو كل المنظمات سواء كانت فلسطينية أو عربية.
ـ جهاد اليهود في فلسطين فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وتخرج المرأة للقتال بغير إذن زوجها.. ولا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد.
ـ معارضة المبادرات وما يسمى بالحلول السلمية للقضية الفلسطينية فهي مضيعة للوقت، وعبث لا طائل منه.
ـ للمرأة المسلمة دور في معركة التحرير لا يقل عن الرجل، فهي مصنع الرجال ومربية الأجيال على القيم والمفاهيم الأخلاقية المستمدة من الإسلام.
ـ احترام الرأي الآخر في الحركات الإسلامية الأخرى ما دامت تصرفاتها في حدود الدائرة الإسلامية.
وهذا الميثاق يتكون من 36 مادة من أهمها اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية ولكنها لا توافقها في تبنيها للفكرة العلمانية.
الجذور الفكرية والعقائدية:
أعلنت حماس في ميثاقها (المادة الثانية): أنها جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، فجذورها الفكرية والعقائدية تمتد ضمن التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة. (ويلحقها ما يلحق جماعة الإخوان من مؤاخذات).
ويتضح مما سبق:
أن حركة حماس إسلامية جهادية فلسطينية، نشأت في غزة بفلسطين ثم انتشرت في كافة أرجاء الأرض المحتلة، وقائدها الأول هو الشيخ أحمد ياسين ر رحمه الله -، وتتخذ الحركة من الإسلام منهجًا لها. وهي حركة إنسانية تلتزم بسماحة الإسلام وترى أنه في ظل الإسلام يمكن أن يتعايش أتباع الديانات جميعًا. كما أن أرض فلسطين تعتبر أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة ولا يصح التفريط فيها أو في جزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، فلا تملك ذلك دولة عربية أو كل الدول العربية، وجهاد اليهود في فلسطين هو فرض علين على كل مسلم ومسلمة.
الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة-الندوة العالمية للشباب الإسلامي-صدرت: 1418هـ/1997م
8-المعجم الغني (سيرَةٌ)
سيرَةٌ- الجمع: سِيَرٌ. [سير]، (الاسْمُ مِنْ سارَ):1- "سَنَّ سِيرَةً يَسيرُ على خُطاها": سُنَّةً، خُطَّةً.
2- "قَرَأَ نَصًّا مِنَ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ": نَصًّا مِنْ حَياةِ الرَّسولِ وَأَعْمالِهِ وَغَزَواتِهِ.
3- "أَظْهَرَ سِيرَةً حَسَنَةً": سُلوكًا حَسَنًا.
4- "السِّيرَةُ الذَّاتِيَّةُ": ما يَكْتُبُهُ الْمَرْءُ عَنْ نَشْأَتِهِ وَتَطَوُّرِهِ وَشُؤُونِ حَيَاتِهِ الشَّخْصِيَّةِ.
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
9-المعجم الغني (فَنَّدَ)
فَنَّدَ- [فند]، (فعل: رباعي. لازم ومتعدٍّ. مزيد بحرف)، فَنَّدْتُ، أُفَنِّدُ، فَنِّدْ، المصدر: تَفْنِيدٌ.1- "فَنَّدَ أَقْوَالَهُ": خَطَّأَهَا، أَضْعَفَهَا، أَبْطَلَهَا. "فَنَّدَ رَأْيَهُ".
2- "فَنَّدَ كُلَّ أَفْكَاِرهِ": أَتَى بِمَا يَدْحِضُهَا.
3- "فَنَّدَ صَاحِبَهُ عَلَى الأَمْرِ": أَرَادَهُ مِنْهُ.
4- "فَنَّدَ فِي الشَّرَابِ": عَكَفَ عَلَيْهِ.
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
10-المعجم الغني (قَرْمَطَ)
قَرْمَطَ- [قرمط]، (فعل: رباعي. لازم، مزيد بحرف)، قَرْمَطْتُ، أُقَرْمِطُ، قَرْمِطْ، المصدر: قَرْمَطَةٌ.1- "قَرْمَطَ الكَاتِبُ فِي الكِتَابَةِ": كَتَبَ كِتَابَةً متَقارِبَةَ السُّطُورِ وَالْحُرُوفِ.
2- "قَرْمَطَتِ الدَّابَّةُ": قَارَبَتْ خُطَاهَا.
3- "قَرْمَطَ فِي خَطْوِهِ": قَارَبَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ.
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
11-معجم الرائد (أَوْعَسَ)
أَوْعَسَ إِيعَاسًا:1- أَوْعَسَ: مشى في «الوعس» من الرمل، أي السهل اللين.
2- أَوْعَسَتِ الجمال: سارت مسرعة مادة أعناقها وموسعة خطاها.
3- أَوْعَسَ: مشى ليلا.
الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
12-معجم الرائد (وَاعَسَ)
وَاعَسَ مُوَاعَسَةً:1- وَاعَسَتِ الجمال: مدت أعناقها في السير ووسعت خطاها.
2- وَاعَسَهُ: باراه في السير ليلا.
الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
13-تاج العروس (قيس)
[قيس]: قَاسَه بغَيرِه وعليه؛ أَي على غيرِه، يَقِيسُه قَيْسًا وقِيَاسًا، الأَخير بالكَسْر، واقْتاسَه، وكذا قَيَّسَه، إِذا قَدَّرَه علَى مِثَالِه، ويَقُوسُه قَوْسًا وقِيَاسًا: لغَةٌ في يَقِيسه، وقد تَقَدَّم، فانْقَاسَ، وقال شَيْخُنَا: ذَكرَ الأَبْهَريُّ ـ كما في حَوَاشِي العَضُد ـ أَنه عُدِّيَ بعَلَى لتَضَمُّنه مَعْنَى البنَاءِ، وكلامُ المصَنِّفِ ظاهرٌ من خِلافهِ، وأَنَّ تَعْدِيَتَه بعلَى أَصْلٌ، كغَيْره من الأَفْعَال الَّتي تَتَعدَّى بها، على أَنَّ تَعْدِيةَ البنَاءِ بعَلى كلامٌ لأَهْل العَرَبيَّة، وأَمَّا تَعْديتُه بإِلَى في قَوْل المتَنَبِّي:بمَنْ أَضْرِب الأَمْثَالَ أَمْ مَنْ أَقِيسه *** إِلَيْكَ وأَهْلُ الدَّهْرِ دُونَكَ والدَّهْرُ
فلتَضَمُّنه مَعْنَى الضَّمِّ والجَمْع، كما قالَه الوَاحِديُّ وغيرُه من شُرّاح دِيوانه.
والمِقْدَار مِقْيَاسٌ، لأَنَّهُ يُقَدَّر به الشَّيْءُ ويُقَاس، ومنه مِقْيَاسُ النِّيلِ، وقد نُسِب إِليه أَبو الرَّدَّاد عبدُ الله بنُ عبد السَّلام المِقْيَاسيُّ، وبَنُوه.
ومن المَجَاز: يقَال: بَيْنَهُمَا قِيسُ رُمْحٍ، بالكسْر، وقَاسُه؛ أَي قَدْرُه، كما يُقَالُ: قِيدُ رُمْحٍ، ويُقَال: هذه الخَشَبَةُ قِيسُ أُصْبُعٍ؛ أَي قَدْرُ أُصْبُعٍ.
وقَيْسُ عَيْلانَ، بالفَتْح، هكذا بالإِضافَة: أَبو قَبيلَةٍ، واسمُه النَّاسُ بنُ مُضَرَ أَخو الْيَاسِ، وكانَ الوَزيرُ المَغْرِبيّ يقول: النّاسُّ مُشَدَّدُ السِّينِ المُهْمَلَة، وكَوْنُ قَيْسٍ مُضَافًا إِلى عَيْلانَ هو أَحدُ أَقوالِ النَّساّبينَ، واخْتُلِف فيه، فيُقَال: إِنَّ عَيْلانَ حاضِنٌ حَضَنَ قَيْسًا، وإِنّه غُلامٌ لأَبيه، وقيلَ: عَيْلانُ: فَرَسٌ لقَيْسٍ مشهورٌ في خَيْل العَرَب، وكان قَيْسٌ سابَقَ عليه، وكانَ رَجلٌ من بَجيلَةَ يُقَالُ له: قَيْسُ كُبَّةَ، لفَرَسٍ، يقال له: كُبَّةُ، مشهورٌ، وكانَا مُتَجَاوِرَيْن في دَارٍ وَاحدَةٍ قَبْلَ أَن تَلْحَقَ بَجِيلَةُ بأَرْضِ اليَمَن، فكَانَ الرَّجُلُ إِذَا سأَلَ عن قَيْسٍ، قيل له: أَقَيْسَ عَيْلانَ تُريدُ أَم قَيْسَ كُبَّةَ؟ وقيلَ: إِنَّه سُمِّيَ بكَلْبٍ كانَ له يُقَالُ له: عَيْلانُ. وقالَ آخَرُونَ: باسم قَوْسٍ له، ويكونُ قَيْسٌ على هذا وَلَدًا لمُضَرَ، والذي اتَّفَقَ عليه مَشايخُنَا من النَّساّبينَ أَنَّ قَيْسًا وَلَدٌ لعَيْلَانَ، وأَنَّ عَيْلانَ اسْمُه النّاس، وهو أَخو الياس الَّذي هو خِنْدِفٌ، وكِلاهما وَلَدُ مُضَرَ لصُلْبه، وهذا الَّذي صَرَّحَ به ذَوو الإِتْقَان، واعْتَمَدُوا عليه، ويَدُلُّ لذلك قولُ زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى:
إِذا ابْتَدَرَتْ قَيْسُ بنُ عَيْلَانَ غَايَةً *** منِ المَجْدِ منْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا يُسَوَّدِ
وأُمُّ عَيْلَانَ وأَخيه هي الخَنْفَاءُ ابنة إِيادٍ المَعَدّيَّةُ، كما حقَّقه ابنُ الجوّانيِّ النَّسَّابَةُ في المُقَدِّمَة الفاضِليّة.
وتَقَيَّس الرَّجُلُ، إِذا تَشَبَّهَ بهم أَو تَمَسَّك منهم بسَبَبٍ، كحِلْفٍ أَو جِوارٍ أَو وَلَاءٍ، قال جَريرُ:
وإِنْ دعَوْتُ منْ تَميمٍ أَرْؤُسَا *** وقَيْسَ عَيْلانَ ومنْ تَقَيَّسَا
تَقَاعَس العِزُّ بِنَا فاقْعَنْسَسَا
وحَكَى سِيبَوَيهِ: تَقَيَّس الرجُلُ، إِذا انْتَسَب إِليهَا.
والقَيْسُ: التَّبَخْتُرُ ومنْهُ ما رُوي عن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عَنْهُ «خَيْرُ نِسَائكُمْ مَنْ تَدْخُلُ قَيْسًا، وتَخْرُجُ مَيْسًا، وتَمْلأُ بَيْتَهَا أَقِطًا وحَيْسًا» وقال ابنُ الأَثير: يُرِيدُ أَنَّهَا إِذا مَشَتْ قَاستْ بعْضَ خُطَاهَا ببَعْضٍ، فلم تَعْجَلْ فِعْلَ الخَرْقاءِ، ولكنَّهَا تَمْشِي مَشْيًا وَسَطًا مُعْتَدِلًا، فكَأَنَّ خُطَاهَا مُتَسَاوِيَةٌ.
قلتُ: وهَذَا غيرُ المَعْنَى الذّي أَراده المصنِّف.
والقَيْسُ: الشِّدَّةُ، ومنه امْرُؤُ القَيْس؛ أَي رَجُلُ الشِّدَّةِ.
والقَيْسُ: الجُوعُ، نقلَه الصاغَانيُّ.
والقَيْسُ: الذَّكَرُ، عن كُراع، قال ابنُ سِيدَه: وأُراه تغْلبَ، وأَنْشَدَ:
دَعَاكَ الله منْ قَيْسٍ بأَفْعَى *** إِذا نَامَ العُيُونُ سَرَتْ عَلَيْكَا
وقَيْسُ: كُورَةٌ بمصْرَ، وهي الآنَ خرَابٌ، وهي بالصَّعيد الأَدْنَى وقد دَخلتُهَا، قيل: سُمِّيَتْ بمُفْتَتِحِهَا قَيْسِ بنِ الحارِثِ، وقد نُسِب إِليها جماعَةٌ من المُحَدِّثين.
وقَيْسُ: جَزيرَةٌ ببَحْرِ عُمَانَ، وهي مُعرَّبةُ كَيْشَ، وإِليها نُسِبَ إِسْمَاعيلُ بنُ مُسْلِمٍ الكَيْشِيُّ، من رِجَال مُسْلم.
والقَيْسانِ منْ طَيِّئٍ هُمَا قَيْسُ بنُ عَنّاب، بالنون ابن أَبي حارِثَة بن جُدَيِّ بن تَدُولَ بن بُحْتَر بن عَتُودٍ، وابنُ أَخِيه قَيْسُ بنُ هَذَمَةَ بن عَنّابٍ المَذْكُور.
وعَبْدُ القَيْسِ بنُ أَفْصَى بن دُعْمِيِّ بن جَدِيلَةَ: أَبُو قَبيلَةٍ من أَسَد بن رَبيعَةَ، والنِّسْبَةُ إِليهم: عَبْقَسِيّ، وإِنْ شِئْتَ: عَبْدِيّ، وقد تَقَدَّم. وقد تَعَبْقَس الرجُلُ، كما يُقَالُ: تَعَبْشَمَ وتَقَيَّس، وقد تَقَدَّم أَيضًا.
وامْرُؤُ القَيْسِ بن عابِس بن المُنْذِر بن السِّمْطِ الكِنْديُّ، من وَلَدِ امْرئِ القَيْس بن عَمْرو بن مُعَاويَةَ، وقد وَفَدَ عَلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يرْتَدَّ، وكان شاعرًا جاهِليًّا وأَدْرَك الإِسْلامَ، وليس في الصحابَة مَن اسْمُه امرُؤُ القيْس غيره.
وامْرُؤُ القَيْس بنُ الأَصْبَغ بن ذُؤالَةَ الكَلْبيُّ من وَلَدِ جُشَمَ ابن كَعْب بن عامر بن عَوْف.
وامرؤُ القَيْسِ بن الفاخِرِ بن الطَّحَّاحِ صَحَابِيُّون.
وامرؤ القَيْس المَلِكُ الضِّلِّيلُ الشاعرُ المَشْهُورُ، فَحْلُ الشُّعَرَاءِ سُلَيْمَانُ بنُ حُجْر بن الحَارث المَلك بن عَمْرٍو المَقْصُورِ بن حُجْرٍ آكلِ المُرَارِ ابن عَمْرو بن مُعَاويَةَ الأَكْرَمينَ بن الحَارثِ الأَصْغَر بن مُعَاويةَ الكِنْديِّ رَافعُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلى النّار، كما وَرَدَ ذلك في حَديثٍ.
وامرُؤ القَيْس بنُ بَحْرٍ الزُّهيْريُّ، من وَلَد زُهَيْر بن جنابٍ الكَلْبيِّ.
وامْرُؤ القَيْس بنُ بَكْر بن [امرئ] القَيْس بن الحارث ابن مُعاويةَ بن الحَارث بن مُعَاويةَ بن ثَوْرٍ الكنْديّ، جاهليُّ، ولَقبُه الذَّائدُ.
وامرُؤُ القَيْس بنُ حُمَام بالضَّمّ [بن مالك بن عُبَيدة بن هُبَلَ الكَلبّي] وهو الذي أَغارَ مع زُهَيْر بن جَنَابٍ على بَني جاهليٌّ أَيضًا.
وامرؤُ القَيْس بنُ عَديِّ بن مِلْحَانَ الطائيُّ، جَدُّه حاتِمٌ، أَو هو امْرُؤُ القَيْس بنُ عَدِيٍّ الكَلْبِيُّ.
وامْرُؤُ القَيْس بنُ كُلابٍ، بالضَّمِّ بن رِزَامٍ العُقَيْليُّ ثمّ الخُوَيْلِديُّ.
وامْرُؤ القَيْس بنُ مَالكٍ الحِمْيَريُّ. كُلُّهُم شُعَرَاءُ، والنِّسْبَةُ إِلى الكُلِّ: مَرْئيٌّ بوَزْن مَرْعِيٍّ إِلاّ ابنَ حُجْرٍ، هكذا في سائر النُّسَخ، وهو غلَطٌ، والصَّواب: إِلاّ ابنَ الحَارثِ ابن مُعَاويَةَ فإِنَّهَا مَرْقَسيٌّ، مسمُوعٌ عن العَرَب في كِنْدَةَ، لا غَيْرُه، كما حقّقه ابنُ الجَوّانيِّ في المُقَدِّمة، وهذا الذي استُثْنِيَ به هو امْرُؤُ القَيْس، أَخُو مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمينَ، الجَدِّ الرّابعِ لامْرئِ القَيْس فَحْلِ الشُّعَرَاءِ، وهو المَعْرُوفُ بابن تَمْلِكَ، وهي أُمُّه، وهي تَمْلكُ بنتُ عَمْرو بن زَيْد بن مَذْحِجٍ، وبها يُعْرَفُ بَنُوه، فتأَمَّلْ هذا، فإِنَّه نَفِيسٌ، وقَلَّ مَنْ نَبَّه عَلَيْه.
وقَيْسُونُ: موضع، نقَلَه الصّاغَانيُّ وأَما الخِطَّةُ المَشْهُورَةُ بمصْرَ فإِنَّهَا بالصَّاد والواو: مَنْسُوبَةٌ إِلى قُوصُونَ الأَميرِ، صاحبِ الجَامع، والعَّامَة يَقُولُونَه باليَاءِ والسِّين، وهو غَلَطٌ.
ومِقْيَسٌ، كمِنْبَرٍ: ابنُ حُبَابَةَ بالضّمِّ، من بَني كَلْبِ بن عَوْفٍ، من الدِّيل، وهو أَحَدُ الأَرْبَعَةِ الَّذينَ لم يُؤَمِّنْهُم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ فَتْحِ مَكَّةَ، وذكرَه الجَوْهَريُّ: مِقْيَص، بالصّاد، وهو بالسِّين، قَتَلَه نُمَيْلَةُ بنُ عبد الله، رَجُلٌ من قَوْمِه، قالَتْ أُخْتُه في قَتْله:
لَعَمْري لَقَدْ أَخْزَى نُمَيْلَةُ رَهْطَهُ *** وفَجَّعَ أَضْيَافَ الشِّتَاءِ بِمقْيَسِ
فلِلّه عَيْنا مَنْ رَأَى مِثْلَ مِقْيَسٍ *** إِذا النُّفَسَاءُ أَصْبَحَتْ لَمْ تُخَرَّسِ
وقَايَسْتُه: جارَيْتُه في القِيَاس، هكذا في النُّسَخ، وفي اللّسَان: قَايَسْتُ بَيْنَهُمَا، إِذا قادَرْتَ بَيْنَهُمَا. فَعَلَى هذا لا إِشْكَالَ.
وقَايَسْت بَيْنَ الأَمْرَيْن: قَدَّرْتَ، لم يُعَبِّرْ فيه بمَعْنَى المُفَاعَلَة، قالَ اللّيْثُ: المُقَايَسَةُ: مُفَاعَلَةٌ من القِيَاس.
وهو يَقْتَاسُ بأَبِيه أَي يَقْتَدِي به، وَاوِيٌّ ويائيٌّ، وقد تقدَّم ذِكْرُه قريبًا.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
قاس الطَّبيبُ قَعْرَ الجِرَاحَة قَيْسًا: قَدَّرَ غَوْرَهَا. والآلَةُ مِقْيَاسٌ: وهو المِيلُ الَّذي يُخْتَبَرُ به. ومَحَلَّةُ قَيْسِ: من قُرَى مصْرَ، من أَعْمَال البُحَيْرَة.
والقَيَّاسُ: القَوّاسُ.
والقَائسُ: الذي يَقِيسُ الشَّجَّةَ.
وجَمْعُ الْمِقْيَاس مَقَاييسُ.
ورجُلٌ قَيَّاسٌ: كَثيرُ القِيَاسِ، وهو مَقِيسٌ عليه.
وتقول: قبَّحَ الله قومًا يُسَوِّدُونك ويُقايسُونَ برَأَيك.
وهذه مسأَلة لا تَنْقَاسُ.
وتَقايَسَ القَوْمُ: ذَكَرُوا مآرِبَهُم.
وقَايَسَهُمْ إِليه: قايَسَهُم به، قال:
إِذا نَحْنُ قَايَسْنَا المُلُوكَ إِلى العُلَا *** وإِن كَرُمُوا لَمْ يَسْتَطِعْنَا المُقَايِسُ
وفي التَّهْذيب: المُقَايَسَةُ: تَجْرِي مَجْرَى المُقَاساة، التي هي مُعَالَجَةُ الأَمْر الشَّديدِ ومُكَابَدَتُه، وهو مقلوبٌ حِينئذ.
ويُقال: قَصُرَ مِقْيَاسُكَ عن مِقْيَاسي؛ أَي مِثَالُك عن مِثَالي.
والأَقْيَاسُ: جَمْع قَيْسٍ، أَنْشَد سِيبَوَيه:
أَلَا أَبْلِغِ الأَقْيَاسَ قَيْسَ بنَ نَوْفَلٍ *** وقَيْسَ بنَ أَهْبَانٍ وقَيْسَ بنَ خالِدِ
وأُمُّ قَيْسٍ: كُنْيَةُ الرَّخَمَةِ.
وقاسَهُ لكذا: سَبَقَهُ، وهذا مَجازٌ، وكذا قَولُهم: فُلانٌ يَأْتِي بما يَأْتِي قَيْسًا.
وقِيسَانَةُ، بالكَسْر: من أَعْمَال غَرْنَاطَةَ، منها أَبو الرَّبيع سُلَيْمَانُ بنُ إِبراهيمَ القِيسَانيُّ، من كِبَار المالِكيَّة، ماتَ بمصْرَ سنَةَ 634.
وامْرُؤُ القَيْس بن السِّمْط، من بَني امْرئِ القَيْس بن مُعَاويَةَ.
وامرُؤُ القَيْسِ بنُ عَمْرو بن الأَزْد، دَخَلُوا في غسَّانَ.
وامْرُؤُ القَيْسِ بنُ زَيْد بن عبد الأَشْهَل بَطْنٌ.
وامْرُؤُ القَيْسِ بنُ عَوْف بن عامر بن عوف بن عامرٍ: بَطْنٌ من كَلْب، يُعْرَفُون ببَني ماوِيّةَ، وهي أُمُّهم، من بَهْرَاءَ.
وامرؤُ القَيْسِ بنُ زَيْدِ مَنَاةَ بن تَميمٍ، ومنهم المَرَئيُّ الذي كان يُهَاجيه ذُو الرُّمَّة، ومنْ بَني امرئَ القَيْس هذا ثَلاثُ عَشَائرَ.
وامرُؤُ القَيْس بنُ خَلَف بن بَهْدَلَةَ، جَدُّ الزِّبْرِقان بن بَدْرٍ.
وامرُؤُ القَيس بنُ عَبْدِ مَنَاةَ بن تَميمٍ، جَدُّ عَديِّ بن زيْدٍ العِبَاديِّ الشَّاعر.
وامْرُؤُ القَيْس بنُ مُعَاوية: بَطْنٌ من كِنْدَةَ، من وَلَدِه امْرُؤُ القَيْس بن عابِسٍ، شاعرٌ، له وِفَادَةُ، وقد ذُكِرَ.
وكذلك امْرُؤُ القَيْس بن السِّمْط.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
14-تاج العروس (ذقن)
[ذقن]: الذِّقْنُ، بالكسْرِ: الشَّيخُ الهِمُّ.والذَّقَنُ، بالتَّحريكِ: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ من أَسْفَلِهِما.
وفي الصَّحاحِ: ذَقَنُ الإِنْسانِ: مُجْتَمَعُ لَحْيَيْهِ؛ ويُكْسَرُ، عن ابنِ سِيْدَه.
قالَ اللحْيانيُّ: هو مُذَكَّرٌ لا غَيْر؛ الجمع: أَذْقَانٌ؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّدًا}.
ومنه المَثَلُ: مُثْقَلٌ إسْتَعانَ بذَقَنِه؛ يُضْرَبُ لمَنِ اسْتَعانَ بأَذَلَّ منه.
وفي الصِّحاحِ: لرجل ذَلِيل يَسْتَعِينْ برَجُلٍ آخَرَ مِثْله.
وفي المُحْكَم: لمَنْ يَسْتَعِيْن بمَنْ لا دفْعَ عنْدَه وبمَنْ هو أَذَلّ منه.
وأَصْلُه أَنَّ البعيرَ يُحْمَلُ عليه ثَقَلٌ؛ أَي حمْلٌ ثَقِيلٌ ولا يَقْدِرُ يَنْهَضُ فَيَعْتَمِدُ بذَقَنِه على الأرضِ؛ كما في الصِّحاحِ.
وصَحَّفَهُ الأَثْرَمُ عليُّ بنُ المُغِيْرَة بحَضْرَةِ يَعْقوب فقالَ: مُثْقَلٌ اسْتَعانَ بدَفَّيْه، فقالَ له يَعْقوب: هذا تَصْحيفٌ إنَّما هو اسْتَعانَ بذَقَنِه، فقالَ له الأَثْرمُ: إنَّه يُريدُ الرِّياسَةَ بسُرْعَةٍ ثم دَخَلَ بَيْتَه.
والذَّاقِنَةُ: ما تَحتَ الذَّقَنِ، أَو ما ينالُهُ الذَّقَنُ مِنَ الصَّدْرِ.
وقالَ ابنُ جَبَلَةَ: الذاقِنَةُ: الذَّقَنُ: أَو رأْسُ الحُلْقومِ، أَو طَرَفُهُ النَّاتِيءُ كما في الصِّحاحِ وبه فَسَّرَ أَبو عُبَيْدٍ وأَبو عَمْرٍو قَوْلَ عائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنها: «بَيْن سَحْري ونَحْري وحاقِنَتِي وذاقِنَتيِ».
أَو الحاقِنَةُ: التَّرْقُوَةُ، هكذا هو في المُحْكَمِ.
أَو الذَّاقِنَةُ: أَسْفَلُ البَطْنِ؛ عن أَبي زيْدٍ. والجمْعُ: الذَّواقِنُ، كما في الصِّحاحِ.
زادَ غيرُهُ: ممَّا يلِي السُّرَّةَ.
وجَعَلَه ابنُ سِيْدَه تَفْسِيرًا للحاقِنَةِ، ومِثْلُه للزَّمَخْشريّ.
أو الذَّاقِنَةُ: ثُغْرَةُ النّحْرِ، أَو أَعْلى البَطْنِ ممَّا يلِي أَعْلَى الذَّقنِ؛ وبكلِّ ذلك فُسِّر الحدِيثُ.
وقالَ أَبو عُبَيْدٍ: قالَ أَبو زيْدٍ: وفي المَثَلِ: لأَلْحِقَنَّ حَواقِنَك بذَواقِنِك؛ فذَكَرْتُ ذلِكَ للأَصْمعيِّ فقالَ: هي الحاقِنَةُ والذّاقِنَةُ، قالَ: ولم أَرَهْ وقَفَ منهما على حَدِّ مَعْلومٍ، وقد ذُكِرَ شيءٌ مِن ذلِكَ في «ح ق ن».
وذَقَنَه: قَفَدَهُ، أَو ضَرَبَ ذَقَنَه؛ كما في الأساسِ والصِّحاحِ.
وذَقَنَ على يدِهِ، أَو على عَصاهُ: وَضَعَ ذَقَنَه عليها واتَّكَأَ. وفي حدِيثِ عُمَرَ: «فوضَعَ عُودَ الدِّرَّةِ ثم ذَقَنَ عليها»، وفي رِوايَةٍ: «فذَقَنَ بسوطِه يَسْتَمِع»؛ كذَقَّنَ، بالتّشْديدِ.
وناقَةٌ ذَقُونٌ: تُرْخِي ذَقَنَها في السَّيْرِ؛ كما في الصِّحاحِ.
وفي الأساسِ: تمدُّ خُطَاها وتحرِّكُ رأْسَها قوَّةً ونَشاطًا في السَّيْرِ.
ونُوقٌ ذُقُنٌ؛ قالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
قد صَرَّحَ السيرُ عن كُتْمانَ وابتُذِلَتْ *** وَقْعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيَّةِ الذُّقُنِ
ودَلْوٌ ذَقُونٌ؛ وقد ذَقِنَت، كفَرِحَ: إذا خَرَزْتَها فَجاءَتْ شَفَتُها مائِلةً.
كما في الصِّحاحِ، وهو قوْلُ الأَصْمعيِّ.
وقالَ الرَّاغبُ: دَلْوٌ ذَقُونٌ: ضَخْمةٌ مائِلَةٌ.
وذِقانٌ، ككِتابٍ: جَبَلٌ.
وذَاقِنُ، كصاحِبٍ: قرية بحَلَبَ.
وذَاقِنَةُ، كصاحِبَة: موضع.
وفي نودارِ الأَعْرابِ: ذاقَنَه ولاقَنَه ولاغَذَه أَي لازَهُ وضايَقَهُ.
والذّقْناءُ: المرْأَةُ الطَّويلَةُ الذَّقَنِ؛ وهو أَذْقَنُ: طَويلُها.
وقيلَ: الذَّقْنَاءُ مِن النِّساءِ: المائِلَةُ الجَهازِ، على التَّشْبيهِ؛ الجمع: ذُقُنٌ بِالضَّمِّ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الَّذاقِنَةُ مِنَ الإِبِلِ: الذَّقُونُ، عن ابنِ الأعْرابيِّ؛ وأَنْشَدَ:
أَحْدَثْتُ لِلَّهِ شُكْرًا وهي ذَاقِنَةٌ *** كأَنَّها تحتَ رَحْلي مِسْحَلٌ نَعِرُ
ودَلْوٌ ذَقَنَى، كجَمَزَى: مائِلَةُ الشَّفَةِ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:
أَنْعَتُ دَلوًا ذَقَنَى ما تَعْتَدِلْ
والذَّقَنُ، محرَّكةً: ما ينْبتُ على مُجْتَمَعِ اللَّحْيَيْنِ مِنَ الشَّعَرِ، هكذا هو عنْدَ العامَّةِ.
وقالَ الشهابُ الخفاجيُّ في شِفاءِ الغَليلِ: إنَّه مِن كَلامِ المُوَلّدين.
وقالَ الزَّمَخْشريُّ، رَحِمَه اللهُ تعالَى في رَبيعِ الأَبْرارِ: إنَّه اللِّحْيةُ في كَلامِ النِّبطِ.
ومِن المجازِ: قوْلُهم للحَجَرِ إذا قَلَبَه السَّيْلُ: كبَّهُ السَّيْلُ لذقنِه؛ وكذا قوْلُهم: وهبَّتِ الرِّيحُ فكَبَّتِ الشَّجَرَ على أَذْقانِها؛ وقالَ امْرؤُ القَيْسِ ووَصَفَ سَحابًا:
وأَضْحَى يَسُحُّ الماءَ عن كل فِيقةٍ *** يَكُبُّ على الأَذْقانِ دَوْحَ الكَنَهْبَل
والذقَّانَةُ، مُشَدَّدَة: الذَّاقنُونَ، عامِّيَّةٌ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
15-لسان العرب (قيس)
قيس: قاسَ الشَّيْءَ يَقيسُه قَيْسًا وَقِيَاسًا واقْتاسه وقَيَّسه إِذا قدَّره عَلَى مِثَالِهِ، قَالَ:فهنَّ بالأَيْدي مُقَيِّساته، ***مُقَدِّرات ومُخَيّطاته
والمِقياس: المِقْدار.
وقاسَ الشَّيْءَ يَقوسُه قَوْسًا: لُغَةٌ فِي قاسَه يَقِيسه.
وَيُقَالُ: قِسْته وقُسْته أَقُوسُه قَوْسًا وقِياسًا، وَلَا يُقَالُ أَقَسْته، بالأَلف.
والمِقْياس: مَا قِيسَ به.
والقِيسُ القاسُ: القَدْر، يُقَالُ: قِيسُ رُمحٍ وقاسُه.
اللَّيْثُ: المُقايَسة مُفاعَلَة مِنَ الْقِيَاسِ.
وَيُقَالُ: هَذِهِ خَشَبةٌ قِيسُ أُصبع أَي قَدْرُ أُصبع.
وَيُقَالُ: قَايَسْت بَيْنَ شَيْئَيْنِ إِذا قادَرْت بَيْنَهُمَا، وَقَاسَ الطبيبُ قَعْرَ الْجِرَاحَةِ قَيسًا، وأَنشد:
إِذا قاسَها الآسِي النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ ***غَثِيثَتُها، وَازْدَادَ وَهْيًا هُزُومُها
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ: «أَنه قَضى بِشَهَادَةِ الْقَائِسِ مَعَ يَمِينِ المَشْجُوج»؛ أي الَّذِي يَقيس الشَّجَّة ويتعرَّف غَوْرَها بالمِيل الَّذِي يُدخله فِيهَا ليعتبرَها.
وَبَيْنَهُمَا قِيس رُمْح وقاسُ رُمْحٍ أَي قَدْرُ رُمح.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَيْسَ مَا بَيْنَ فرعَوْن مِنَ الْفَرَاعِنَةِ وَفِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمة قِيسُ شِبرٍ» أَي قدرُ شِبرٍ، القِيسُ والقِيدُ سَوَاءٌ.
وَتَقَايَسَ الْقَوْمُ: ذَكَرُوَا مآرِبَهُم، وقايَسَهُم إِليه: قَايَسَهُمْ بِهِ، قَالَ:
إِذا نَحْنُ قايَسْنا المُلُوك إِلى العُلى، ***وإِن كَرُمُوا، لَمْ يَسْتَطِعْنا المُقايسُ
وَمِنْ كَلَامِهِمْ: إِن اللَّيْلَ لَطَويل وَلَا أُقَيَّس بِهِ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي لَا أَكون قِيَاسًا لِبَلَائِهِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ الدُّعَاءُ.
والقَيْسُ: الشِّدَّة، وَمِنْهُ إمرُؤُ القَيْس أَيْ رَجُلُ الشِّدَّةِ.
والقَيْس: الذَّكَرُ، عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه كَذَلِكَ، وأَنشد:
دَعَاكَ اللَّهُ مِنْ قَيْسٍ بأَفْعَى، ***إِذا نامَ العيونُ سَرَتْ عَلَيْكَا
التَّهْذِيبُ: والمُقايسة تجْري مَجْرَى المُقاساة الَّتِي هِيَ مُعالجة الأَمر الشَّدِيدِ ومُكابَدَتُهُ وَهُوَ مَقْلُوبٌ حِينَئِذٍ.
وَيُقَالُ: هُوَ يَخْطُو قِيسًا أَي يَجْعَلُ هَذِهِ الخُطْوَة بِمِيزَانِ هَذِهِ.
وَيُقَالُ: قَصِّرْ مِقْياسك عَنْ مقياسِي أَي مِثالكَ عَنْ مِثالي.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي الدَّرْداء أَنه قَالَ: خيرُ نِسَائِكُمُ الَّتِي تَدْخُلُ قَيْسًا وَتَخْرُجُ مَيْسًا أَي تدبِّرُ فِي صَلَاحِ بَيْتِهَا لَا تَخْرُق فِي مِهْنَتها، قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ أَنها إِذا مَشَتْ قَاسَتْ بَعْضَ خُطاها بِبَعْضٍ فَلَمْ تَعْجَلْ، فعلَ الخَرْقاء، وَلَمْ تُبْطِئ، وَلَكِنَّهَا تَمْشِي مَشيًا وسَطًا مُعْتَدِلًا فكأَن خُطَاهَا مُتَسَاوِيَةٌ.
وقَيْس: اسْمٌ، وَالْجَمْعُ أَقياس، أَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَلا أَبْلِغِ الأَقْياسَ: قَيْسَ بْنَ نَوْفَلٍ، ***وقَيْسَ بْنَ أَهْبانٍ، وقَيْسَ بْنَ خالِدِ
وَكَذَلِكَ مِقْيَسٌ، قَالَ:
للَّه عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثلَ مِقْيَسِ، ***إِذا النُّفَساء أَصْبَحَتْ لَمْ تُخَرَّسِ
وقَيْسٌ: قَبِيلٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: تَقَيَّسَ الرَّجُلُ انْتَسَبَ إِليها.
وأُمُّ قَيْس: الرَّخَمَة.
وقَيْس: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ مُضَرَ، وَهُوَ قَيْس عَيْلان وَاسْمُهُ الناسُ بْنُ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ وقَيْس لَقَبُه.
يُقَالُ: تَقَيَّس فُلَانٌ إِذا تَشَبَّهَ بِهِمْ أَو تمسَّك مِنْهُمْ بسَببٍ إِما بحِلْف أَو جِوارٍ أَو وَلاء، قَالَ رُؤْبَةُ: وقَيْسُ عَيْلان ومَنْ تَقَيَّسا قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِلْعَجَّاجِ وليس لرؤبة، وَصَوَابُ إِنشاده: وقَيْسَ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ: وإِنْ دعَوْتَ مِنْ تَميمٍ أَرْؤُسا وجوابُ إِنْ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ: تَقَاعَسَ العِزُّ بِنا فاقْعَنْسَسَا وَمَعْنَى تَقَاعَسَ: ثَبَتَ وَانْتَصَبَ، وَكَذَلِكَ اقْعَنْسَس.
وَالْقَيْسَانُ مِنْ طيء: قَيْسُ بْنُ عَنَّاب بْنِ أَبي حَارِثَةَ.
وعبدُ القَيْس: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ أَسد، وَهُوَ عبدُ الْقَيْسِ بْنِ أَفصَى بْنِ دُعْمِيّ بْنِ جَديلَة بْنِ أَسد بْنِ رَبِيعَةَ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم عَبْقَسِيّ، وإِن شِئْتَ عَبْديّ، وَقَدْ تعَبْقَس الرَّجُلُ كَمَا يُقَالُ تَعَبْشَم وتَقَيَّس.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
16-لسان العرب (هزع)
هزع: هَزَعَه يَهْزَعه هَزْعًا وهَزَّعه تَهْزِيعًا: كَسَّرَه فانْهَزَعَ أَي انْكَسرَ وانْدَقَّ.وهَزَّعَه: دَقَّ عُنُقَه.
وانْهَزَعَ عَظْمُه انْهِزاعًا إِذا انْكَسَرَ وقُدَّ؛ وأَنشد: " لَفْتًا وتَهْزِيعًا سَواءَ اللَّفْتِ أَي سَويَّ اللَّفتِ، وَرَجُلٌ مِهْزَعٌ وأَسدٌ مِهْزَعٌ مِنْ ذَلِكَ.
وهَزَّعْتُ الشيءَ: فَرَّقْتُهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «إِياكم وتَهْزِيعَ الأَخْلاقِ وتَصَرُّفَها مِنْ قَوْلِهِمْ هَزَّعْتُ الشيءَ تَهْزِيعًا كَسَّرْتُه وفَرَّقْتُه».
والهَزِيعُ: صَدْرٌ مِنَ اللَّيْلِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «حَتَّى مَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ»أَي طائِفةٌ مِنْهُ نَحْوَ ثُلُثِهِ وَرُبُعِهِ، وَالْجَمْعُ هُزُعٌ.
وَمَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ كَقَوْلِكَ مَضَى جَرْسٌ وَجَوْشٌ وهَدِيءٌ كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
والتَّهَزُّعُ: شِبْه العُبُوس والتَّنَكُّر.
يُقَالُ: تَهَزَّعَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ، واشْتِقاقُه مِنْ هَزيعِ اللَّيْلِ، وَتِلْكَ ساعةٌ وحْشِيَّةٌ.
والهَزَعُ والتَّهَزُّع: الاضْطِرابُ.
تَهَزَّعَ الرُّمْحُ: اضْطَرَبَ واهْتَزَّ.
واهْتِزاعُ القَناةِ والسَّيْفِ: اهْتِزازُهما إِذا هُزَّا.
وتَهَزَّعَتِ المرأَةُ: اضْطَرَبَتْ فِي مَشْيَتِها؛ قَالَ:
إِذا مَشَتْ سالَتْ، وَلَمْ تَقَرْصَعِ، ***هَزَّ القَناةِ لَدْنةِ التَّهَزُّعِ
قَرْصَعَتْ فِي مَشْيَتِها إِذا قَرْمَطَتْ خُطاها.
ومَرَّ يَهْزَعُ ويَهْتَزِعُ أَي يَتَنَفَّضُ.
وَسَيْفٌ مُهْتَزِعٌ: جيِّدُ الاهْتِزازِ إِذا هُزَّ؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسي:
إِنَّا إِذا قَلَّتْ طخَارِيرُ القَزَعْ، ***وصَدَرَ الشَّارِبُ مِنْهَا عَنْ جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ، ***مِنْ كلِّ عَرَّاصٍ، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ
مِثْلِ قُدامَى النَّسْرِ، مَا مَسَّ بَضَعْ "أَراد بالعَرَّاصِ السيفَ البَرَّاقَ المضطَرِبَ.
واهْتَزَعَ: اضْطَرَبَ.
ومَرَّ فُلَانٌ يَهْزَعُ أَي يُسْرِع مِثْلَ يَمْزَع.
وهَزَعَ واهْتَزَعَ وتَهَزَّعَ، كُلُّهُ: بِمَعْنَى أَسْرَعَ.
وَفَرَسٌ مُهْتَزِعٌ: سرِيعُ العَدْوِ.
وهَزَعَ الفرسُ يَهْزَعُ: أَسْرَعَ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ.
وهَزَعَ الظَّبْيُ يَهْزَعُ هَزْعًا: عَدا عَدْوًا شَدِيدًا.
ومَرَّ فُلَانٌ يَهْزَعُ ويَقْزَعُ أَي يَعْرُجُ، وَهُوَ أَيضًا أَنْ يَعْدُوَ عَدْوًا شَدِيدًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ: " وإِن دَنَتْ مِنْ أَرْضِه تَهَزَّعا "أَراد أَن الكِلابَ إِذا دَنَتْ مِنْ قَوائِمِ الثَّوْرِ تَهَزَّعَ أَي أَسْرَعَ فِي عَدْوِه.
والأَهْزَعُ مِنَ السِّهامِ: الَّذِي يَبْقَى فِي الكِنانة وَحْدَهُ، وَهُوَ أَرْدَؤُها، وَيُقَالُ لَهُ سَهْمٌ هِزاعٌ، وَقِيلَ: الأَهْزَعُ خَيْرُ السِّهامِ وأَفضلُها تَدَّخِرُه لشَديدة، وَقِيلَ: هُوَ آخِرُ مَا يَبْقَى مِنَ السِّهَامِ فِي الْكِنَانَةِ، جيِّدًا كَانَ أَو رَدِيئًا، وَقِيلَ: إِنما يُتَكَلَّمُ بِهِ فِي النَّفْيِ فَيُقَالُ: مَا فِي جَفِيرِه أَهْزَعُ، وَمَا فِي كِنَانَتِهِ أَهْزَعُ؛ وَقَدْ يأْتي بِهِ الشَّاعِرُ فِي غَيْرِ النَّفْيِ لِلضَّرُورَةِ، فإِنَّ النَّمِر ابنَ تَوْلَبٍ أَتى بِهِ مَعَ غَيْرِ الجَحْد فَقَالَ:
فأَرْسلَ سَهْمًا لَهُ أَهْزَعا، ***فَشَكَّ نواهِقَه والفَما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جاءَ أَيضًا لِغَيْرِ النَّمِرِ؛ قَالَ رَيَّانُ بْنُ حُوَيْصٍ:
كَبِرْتُ ورَقَّ العَظْمُ مِني، كأَنَّما ***رَمَى الدَّهْرُ مِني كلَّ عِرْقٍ بأَهْزَعا
وَرُبَّمَا قِيلَ: رُمِيتُ بأَهْزَعَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: " لَا تَكُ كالرامِي بغيرِ أَهْزَعا يَعْنِي كَمَنْ لَيْسَ فِي كِنانته أَهْزَعُ وَلَا غَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَكَلَّفُ الرَّمْيَ وَلَا سَهْمَ مَعَهُ.
وَيُقَالُ: مَا فِي "الجَعْبَةِ إِلَّا سَهْمٌ هِزاعٌ أَي وَحْدَهُ؛ وأَنشد: " وبَقِيتُ بعْدَهُمُ كَسَهْمِ هِزاعِ "وَمَا بَقِيَ فِي سَنامِ بَعِيرِك أَهْزَعُ أَي بَقِيَّةُ شَحْمٍ.
وَقَوْلُهُمْ: مَا فِي الدارِ أَهْزَعُ أَي مَا فِيهَا أَحَدٌ.
وظَلَّ يَهْزَعُ فِي الحشِيشِ أَي يَرْعى.
وهُزَيْعٌ ومِهْزَعٌ: اسْمانِ.
والمِهْزَعُ: المِدَقُّ؛ وَقَالَ يَصِفُ أَسدًا:
كأَنَّهُمُ يَخْشَوْن مِنْكَ مُدَرَّبًا، ***بحَلْيَةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْنِ، مِهْزَعا
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
17-تهذيب اللغة (هزع)
هزع: أبو عبيد عن الأحمر: مضى هزيعٌ من الليل كقولك: مضى جَرْسٌ وجَرشٌ وهَدِىء كلّه بمعنًى واحد.قال أبو عمرو: تهزّعت المرأة في مِشيتها، إذا اضطربت.
وقال أبو عبيد: وأنشدنا قولَ الراجز في صفة امرأة:
إذا مَشَتْ سالت ولم تُقَرصِعِ *** هزّ القَناةِ لَدْنةَ التهزُّعِ
قال: قرصعت في مشيتها، إذا قرمطت خُطاها.
وقال الأصمعيّ: مرّ فلانٌ يَهزَع ويَمْزَع، أي يُسرع.
وفرس مهتزِع: سريع.
وسيف مهتزع: جيّد الاهتزاز.
وأنشد ابنُ السكيت:
من كلِّ عَرّاصٍ إذا هِزَّ اهتَزَعْ *** مثل قُدامَى النَّسرِ ما مَسَّ بَضَعْ
أراد بالعرّاص السَّيفَ البرّاق المضطرب.
وقوله «إذا هُزّ اهتزع» أي إذا اهتزَّ.
وسيفٌ مهتزِعٌ: جيّد الاهتزاز إذا هُزّ.
وفرسٌ مهتزع: شديد العَدْو.
أبو تراب: قال الأصمعي: مر فلانٌ يَهْزع ويَقْزِع، أي يَعرُج، وهو أن يعدوَ عدوًا شديدًا أيضًا.
وأنشد ابن السكيت لرؤبة يصف الثور والكلاب:
وإن دنتْ من أرضه تهزَّعا
أراد أنّ الكلابَ إن دنت من قوائم الثور تهزَّعَ، أي أسرعَ في عدوه.
وقال الأصمعيّ وغيره: انهزَعَ عَظمُه انهزاعًا، إذا انكسر، وقد هزعته تهزيعًا.
وأنشد:
لَفتًا وتهزيعًا سَوَاءَ اللَّفْتِ
أي: سِوى اللَّفت، وهو اللَّيُّ دونَ الكسر.
الحرّاني عن ابن السكيت: يقال: ما في كنانته أهزع، أي ما فيها سهم.
قال: فيتكلم به بحرف الجحد.
إلّا أَنَّ النمر بن تولب قال:
فأرسل سهمًا له أهزعا *** فشكَّ نواهقَه والفَما
وقال الليث: الأهزع من السِّهام: ما يبقى في الكنانة وحده، وهو أردؤها.
قال: ويقال ما في الجَعْبة إلَّا سهمُ هِزَاعٍ أي وحدَه.
وأنشد:
وبقيتُ بعدهُم كسهمِ هِزَاعِ
وقال العجاج:
لا تك كالرامي بغَيرِ أَهزَعا
يعني كمن ليسر في كنانته أهزع ولا غيره، فهو يتكلّف الرمي بلا سهمٍ معه.
قال: والتهزُّع: العُبوس والتنكُّر.
يقال تهزَّعَ فلانٌ لفلان.
قال: واشتقاقه من هزيع اللَّيل، وهي ساعةٌ ذاتُ وحشة.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
18-القانون (يدحض؛ يفند؛ ينقض (حجة أو دعوى))
يدحض؛ يفند؛ ينقض (حجة أو دعوى): يثبت كذبها أو خطأها.المعجم القانوني (الفاروقي)
