شعار الموقع

نتائج البحث عن (طَهَارَةً)

1-المعجم الوسيط (الطَّهَارَةُ)

[الطَّهَارَةُ]: التطهُّر بالماءِ وغيره.

و- التطهيرُ.

والطَّهارةُ ضَرْبانِ: جسمانيةٌ ونفسانيةٌ.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


2-المعجم الوسيط (الطَّهَارَةُ)

[الطَّهَارَةُ]: فَضْلةُ ما تَطَهَّرْتَ به.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


3-المعجم الوسيط (الطَّهَارةُ)

[الطَّهَارةُ]: حِرفَةُ من يُطهِّر الأولاد.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


4-معجم متن اللغة (الطهارة)

الطهارة: ضد النجاسة.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


5-معجم متن اللغة (الطهارة)

الطهارة: فضل ما تطهرت به.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


6-جمهرة اللغة (رطه رهط طره طهر هرط هطر)

استُعمل من وجوهها؛ الرُّهْط، وهم بين الثلاثة إِلى العشرة، وربما جاوز ذلك قليلًا.

ورَهْط الرجل: بنو أبيه.

ويُجمع رَهْط على أرْهط، ثمّ تجمع أرْهط على أراهط.

قال الشاعر:

«أراهطُ من بني عمرو بن جَرْم***لهم نَسبٌ إذا نُسِـبـوا كـريم»

والرهْط: إزار يُتخذ من أدم وتشقَّق جوانبه من أسافله ليمكن المشي فيه يلبسه الصبيان والحيض، والجمع رِهاط.

قال المتنخّل الهذلي:

«عرفت بأجْدُثٍ فنِعـافِ عِـرْقٍ***علاماتٍ كتحـبـير الـرِّياطِ»

«بضرب في الجماجم ذي فُضول***وطعن مثل تعطيط الرِّهـاطِ»

العَط والتَّعطيط: الشَّقّ، ويُروى: ذي فُروع، أي ينصبّ منه الدم كما ينصبْ الماءُ من فَرْغ الدلو.

ورُهاط: موضع بالحجاز.

ومرج راهِط: موضع معروف بالشام قُتل فيه الضَّحّاك بن قيس الفهْري.

والطُّهْر: ضد الدَّنَس، طَهُرَ الرجل طهارة فهو طاهر.

قال أبو بكر: وهذا من أحد الحروف التي جاءت على فَعُلَ فهو فاعل، مثل فَرُهَ فهو فاره، وحَمُض فهو حامِض، ومَثُلَ فهو ماثل، وقالوا: مَثَلَ فهو ماثل.

والطهارة: اسم ومصدر للطاهر.

والطهور: الماء بعينه، والطهور الفعل قياسًا.

والمِطْهَرَة، الإناء الذي فيه الطَّهور، والجمع مَطاهر.

والمَطْهَرَة، بفتح الميم: الموضع الذي يتطهَّر فيه.

ويقال: طَهَرَه وطَحَره، إذا أبعده، كما يقولون: مَدَهَه ومَدَحَه، وأشباه هذا كثير في قلب الهاء حاءً والحاء هاء.

وذكروا أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعمّار: "وَيْهَكَ ابنَ سُمَيَّة "، فإن كان هذا الحديث محفوظًا فالحاء إذا قلبت هاءً من أفصح اللغات، وليس يلزم هذا في كل موضع إنما يجب أن يؤخذ بالمسموع عن العرب.

وقد سمّت العرب طاهرًا ومطهِّرًا وطهَيْرًا.

والطُّرّة: طُرة الثوب ونحوه، وقد مرّ ذكرها في الثنائي.

وناقة هِرْط: مُسنَّة ماَجَّة، وهي التي يخرج الماء مِن فيها لكبرها إذا شربت، والجمع أهراط وهروط.

وتهارطَ الرجلان، إذا تشاتما، زعموا.

وهَرَطَ ثوبَه مثل هرتَه، إذا شقَّه، وكذلك العِرض.

ويقولون: شِدق أهرَت، ولا يقولون: أهْرَطُ.

والهَطْر: الضرب، هَطَرَه يهطره هَطْرًا، ولا أحسبها عربية محضة.

جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م


7-التوقيف على مهمات التعاريف (الطهارة لغة النظافة حسية أو معنوية وشرعا)

الطهارة لغة النظافة حسية أو معنوية. وشرعا: صفة حكمية توجب أن تصحح لموصوفها صحة الصلاة به أو فيه أو معه. وعرفت أيضًا بأنها صفة حكمية توجب من قامت به رفع حدث أو إزالة خبث في الماء نية واستباحة كل مفتقر إلى طهر في البدلية.

التوقيف على مهمات التعاريف-زين الدين محمد المدعو بعبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-توفي: 1031هـ/1622م


8-موسوعة الفقه الكويتية (طهارة 1)

طَهَارَةٌ -1

التَّعْرِيفُ:

1- الطَّهَارَةُ فِي اللُّغَةِ: النَّظَافَةُ، يُقَالُ: طَهُرَ الشَّيْءُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا يَطْهُرُ بِالضَّمِّ طَهَارَةً فِيهِمَا، وَالِاسْمُ: الطُّهْرُ بِالضَّمِّ، وَطَهَّرَهُ تَطْهِيرًا، وَتَطَهَّرَ بِالْمَاءِ، وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرُونَ أَيْ: يَتَنَزَّهُونَ مِنَ الْأَدْنَاسِ، وَرَجُلٌ طَاهِرُ الثِّيَابِ، أَيْ: مُنَزَّهٌ.

وَفِي الشَّرْعِ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ غَسْلِ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.

وَعُرِفَتْ أَيْضًا بِأَنَّهَا: زَوَالُ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ، أَوْ رَفْعُ الْحَدَثِ أَوْ إِزَالَةُ النَّجِسِ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا أَوْ عَلَى صُورَتِهِمَا.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ، أَوْ فِيهِ، أَوْ لَهُ.فَالْأَوَّلَانِ يَرْجِعَانِ لِلثَّوْبِ وَالْمَكَانِ، وَالْأَخِيرُ لِلشَّخْصِ.

الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ- الْغَسْلُ:

2- الْغَسْلُ بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ غَسَلَ، وَالْغُسْلُ بِالضَّمِّ: اسْمٌ مِنَ الْغَسْلِ- بِالْفَتْحِ- وَمِنْ الِاغْتِسَالِ، وَأَكْثَرُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الِاغْتِسَالِ.

وَيُعَرِّفُونَهُ لُغَةً: بِأَنَّهُ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا.

وَشَرْعًا: بِأَنَّهُ سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِنِيَّةٍ.

وَالطَّهَارَةُ أَعَمُّ مِنَ الْغَسْلِ.

ب- التَّيَمُّمُ:

3- التَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ: مُطْلَقُ الْقَصْدِ، وَفِي الشَّرْعِ: قَصْدُ الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ وَاسْتِعْمَالُهُ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ لِإِزَالَةِ الْحَدَثِ.

وَالتَّيَمُّمُ أَخَصُّ مِنَ الطَّهَارَةِ.

ج- الْوُضُوءُ:

4- الْوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ: اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَهُوَ: اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِفَتْحِهَا: اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَضَاءَةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ.

وَفِي الشَّرْعِ: أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالنِّيَّةِ.

وَالطَّهَارَةُ أَعَمُّ مِنْهُ.

تَقْسِيمُ الطَّهَارَةِ:

5- الطَّهَارَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: طَهَارَةٌ مِنَ الْحَدَثِ، وَطَهَارَةٌ مِنَ النَّجِسِ، أَيْ: حُكْمِيَّةٌ وَحَقِيقِيَّةٌ.

فَالْحَدَثُ هُوَ: الْحَالَةُ النَّاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ شَرْعًا، بِمَعْنَى أَنَّ الْحَدَثَ إِنْ صَادَفَ طَهَارَةً نَقَضَهَا، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ طَهَارَةً فَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ.

وَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: الْأَكْبَرُ وَالْأَصْغَرُ؛ أَمَّا الْأَكْبَرُ فَهُوَ: الْجَنَابَةُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، وَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَمِنْهُ: الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالرِّيحُ وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ لَذَّةٍ، وَالْهَادِي وَهُوَ: الْمَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ وِلَادَتِهَا.

وَأَمَّا النَّجِسُ (وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْخَبَثِ أَيْضًا) فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ النَّجَاسَةِ الْقَائِمَةِ بِالشَّخْصِ أَوِ الثَّوْبِ أَوِ الْمَكَانِ.

وَالْأُولَى مِنْهُمَا- وَهِيَ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ- شُرِعَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} الْآيَةَ، وَلِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طَهُورٍ».

وَالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا- وَهِيَ طَهَارَةُ الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنَ النَّجِسِ- شُرِعَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وقوله تعالى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} وَبِقَوْلِهِ- عليه الصلاة والسلام-: «اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي».

وَالطَّهَارَةُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ.

وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيلِ الطَّهَارَةِ الْحُكْمِيَّةِ- وَهِيَ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ- إِلَى مَوَاطِنِهَا فِي مُصْطَلَحَاتِ: (حَدَث، وُضُوء، جَنَابَة، حَيْض، نِفَاس).

مَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ الْحَقِيقِيَّةُ:

6- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ.لِمَا مَرَّ فِي الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ.

وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ: «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ».

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، وَسُنَّةٌ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ.

وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِحُكْمِهَا، أَوْ جَاهِلاً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَتِهَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا، وَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إِزَالَتِهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.

وَأَيْضًا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَهِيَ شَرْطٌ فِي الْمَيِّتِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمُصَلِّي.

وَتُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ الْحَقِيقِيَّةُ كَذَلِكَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فِي الطَّوَافِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ- الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ- إِلَى اشْتِرَاطِهَا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلاَّ بِخَيْرٍ».

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فِي الطَّوَافِ.

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.

وَانْفَرَدَ الشَّافِعِيَّةُ بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.

تَطْهِيرُ النَّجَاسَاتِ:

7- النَّجَاسَاتُ الْعَيْنِيَّةُ لَا تَطْهُرُ بِحَالٍ، إِذْ أَنَّ ذَاتَهَا نَجِسَةٌ، بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ الْمُتَنَجِّسَةِ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ طَاهِرَةً فِي الْأَصْلِ وَطَرَأَتْ عَلَيْهَا النَّجَاسَةُ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا.

وَالْأَعْيَانُ مِنْهَا مَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.

وَمِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَجَاسَتِهِ: الدَّمُ الْمَسْفُوحُ، وَالْمَيْتَةُ، وَالْبَوْلُ وَالْعَذِرَةُ مِنَ الْآدَمِيِّ.

وَمِمَّا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ: الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ، حَيْثُ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ- الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ- إِلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْخِنْزِيرِ كَمَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْأَصَحِّ: إِنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا لَحْمُهُ نَجِسٌ.

وَلِمَعْرِفَةِ مَا يُعْتَبَرُ نَجِسًا أَوْ غَيْرَ نَجِسٍ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (نَجَاسَة).

النِّيَّةُ فِي التَّطْهِيرِ مِنَ النَّجَاسَاتِ:

8- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّطْهِيرَ مِنَ النَّجَاسَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، فَلَيْسَتِ النِّيَّةُ بِشَرْطٍ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ، وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بِغَسْلِهِ بِلَا نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ عَنِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى النِّيَّةِ كَمَا عَلَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَلِأَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ تَعَبُّدٌ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى.

وَقَالَ الْبَابَرْتِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الْمَاءُ طَهُورٌ بِطَبْعِهِ، فَإِذَا لَاقَى النَّجِسَ طَهَّرَهُ قَصَدَ الْمُسْتَعْمِلُ ذَلِكَ أَوْ لَا، كَالثَّوْبِ النَّجِسِ.

مَا تَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ:

9- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ مُزِيلٌ لِلْخَبَثِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} وَلِحَدِيثِ أَسْمَاءَ- رضي الله عنها- قَالَتْ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ».

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ، كَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا إِذَا عُصِرَ انْعَصَرَ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ- رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: (مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا، فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا) أَيْ حَكَّتْهُ.وَلِأَنَّهُ مُزِيلٌ بِطَبْعِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُفِيدَ الطَّهَارَةَ كَالْمَاءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْلَعُ لَهَا، وَلِأَنَّا نُشَاهِدُ وَنَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَائِعَ يُزِيلُ شَيْئًا مِنَ النَّجَاسَةِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَلِهَذَا يَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْمَاءِ بِهِ، وَالنَّجَاسَةُ مُتَنَاهِيَةٌ، لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ جَوَاهِرَ مُتَنَاهِيَةٍ، فَإِذَا انْتَهَتْ أَجْزَاؤُهَا بَقِيَ الْمَحَلُّ طَاهِرًا لِعَدَمِ الْمُجَاوَرَةِ.

وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَةِ الْخَمْرِ بِالِاسْتِحَالَةِ، فَإِذَا انْقَلَبَتِ الْخَمْرُ خَلًّا بِنَفْسِهَا فَإِنَّهَا تَطْهُرُ، لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا لِشِدَّتِهَا الْمُسْكِرَةِ الْحَادِثَةِ لَهَا، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَفَتْهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَطْهُرَ، كَالْمَاءِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالتَّغَيُّرِ إِذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ».

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ.لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ، قَالَ: وَأَنَا غُلَامٌ- قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ».

وَعَدَّ الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الْمُطَهِّرَاتِ: الدَّلْكَ، وَالْفَرْكَ، وَالْمَسْحَ، وَالْيُبْسَ، وَانْقِلَابَ الْعَيْنِ، فَيَطْهُرُ الْخُفُّ وَالنَّعْلُ إِذَا تَنَجَّسَ بِذِي جِرْمٍ بِالدَّلْكِ، وَالْمَنِيُّ الْيَابِسُ بِالْفَرْكِ، وَيَطْهُرُ الصَّقِيلُ كَالسَّيْفِ وَالْمِرْآةِ بِالْمَسْحِ، وَالْأَرْضُ الْمُتَنَجِّسَةُ بِالْيُبْسِ، وَالْخِنْزِيرُ وَالْحِمَارُ بِانْقِلَابِ الْعَيْنِ، كَمَا لَوْ وَقَعَا فِي الْمَمْلَحَةِ فَصَارَا مِلْحًا.

الْمِيَاهُ الَّتِي يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِهَا، وَاَلَّتِي لَا يَجُوزُ:

10- قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَاءَ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّطْهِيرِ بِهِ وَرَفْعُهُ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، أَوْ عَدَمُ ذَلِكَ، إِلَى عِدَّةِ أَقْسَامٍ:

أ- مَاءٌ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، وَهُوَ الْمَاءُ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ، أَوْ هُوَ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُقَيَّدًا.

وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَالْخَبَثَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.وَيُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَا تَغَيَّرَ بِطُولِ مُكْثِهِ، أَوْ بِمَا هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْهُ كَالطُّحْلُبِ.

ب- مَاءٌ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ مَكْرُوهٌ، وَخَصَّ كُلُّ مَذْهَبٍ هَذَا الْقِسْمَ بِنَوْعٍ مِنَ الْمِيَاهِ: فَخَصَّ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِالْمَاءِ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ حَيَوَانٌ مِثْلُ الْهِرَّةِ الْأَهْلِيَّةِ وَالدَّجَاجَةِ الْمُخْلَاةِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ وَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ، وَكَانَ قَلِيلاً، وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحُّ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكَرْخِيُّ مُعَلِّلاً ذَلِكَ بِعَدَمِ تَحَامِيهَا النَّجَاسَةَ، ثُمَّ إِنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا هِيَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُطْلَقِ، وَإِلاَّ فَلَا كَرَاهَةَ أَصْلاً.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْمَاءَ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ فِي إِزَالَةِ حُكْمِ خَبَثٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَهَارَةِ حَدَثٍ كَوُضُوءٍ أَوِ اغْتِسَالٍ مَنْدُوبٍ لَا فِي إِزَالَةِ حُكْمِ خَبَثٍ، وَالْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِأَمْرَيْنِ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ قَلِيلاً كَآنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَأَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ، وَإِلاَّ فَلَا كَرَاهَةَ، كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَهُمُ الْمَاءُ الْيَسِيرُ- وَهُوَ مَا كَانَ قَدْرَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ فَمَا دُونَهَا- إِذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَلِيلَةٌ كَالْقَطْرَةِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ، قَالَ الدُّسُوقِيُّ: الْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ سَبْعَةٍ: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ يَسِيرًا، وَأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ الَّتِي حَلَّتْ فِيهِ قَطْرَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، وَأَنْ لَا تُغَيِّرَهُ، وَأَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ جَارِيًا، وَأَنْ يُرَادَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهُورٍ، كَرَفْعِ حَدَثٍ حُكْمَ خَبَثٍ وَوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ مَنْدُوبٍ، فَإِنِ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ.

وَمِنَ الْمَكْرُوهِ أَيْضًا: الْمَاءُ الْيَسِيرُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَةٌ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ، وَسُؤْرُ شَارِبِ الْخَمْرِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَاءُ الْمَكْرُوهُ ثَمَانِيَةٌ: الْمُشَمَّسُ، وَشَدِيدُ الْحَرَارَةِ، وَشَدِيدُ الْبُرُودَةِ، وَمَاءُ دِيَارِ ثَمُودَ إِلاَّ بِئْرُ النَّاقَةِ، وَمَاءُ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ، وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ، وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ.

وَالْمَكْرُوهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِغَيْرِ مُمَازِجٍ، كَدُهْنٍ وَقَطِرَانٍ وَقِطَعِ كَافُورٍ، أَوْ مَاءٍ سُخِّنَ بِمَغْصُوبٍ أَوْ بِنَجَاسَةٍ، أَوِ الْمَاءُ الَّذِي اشْتَدَّ حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ، وَالْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، فَإِنْ احْتِيجَ إِلَيْهِ تَعَيَّنَ وَزَالَتِ الْكَرَاهَةُ.

وَكَذَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ مَاءِ الْبِئْرِ الَّذِي فِي الْمَقْبَرَةِ، وَمَاءٌ فِي بِئْرٍ فِي مَوْضِعِ غَصْبٍ، وَمَا ظُنَّ تَنَجُّسُهُ، كَمَا نَصُّوا عَلَى كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ مَاءِ زَمْزَم فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ دُونَ طَهَارَةِ الْحَدَثِ تَشْرِيفًا لَهُ.

ج- مَاءٌ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ، وَعَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ: مَا أُزِيلَ بِهِ حَدَثٌ أَوِ اسْتُعْمِلَ فِي الْبَدَنِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي طَهَارَةِ الْأَحْدَاثِ، بِخِلَافِ الْخَبَثِ، وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلاً عِنْدَهُمْ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنِ الْجَسَدِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَقِرَّ بِمَحَلٍّ.

وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ- الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ- هُوَ: الْمَاءُ الْمُغَيَّرُ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ بِمَا خَالَطَهُ مِنَ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إِطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَنَفْلِهَا عَلَى الْجَدِيدِ.

وَصَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ- الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ- بِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْخَبَثِ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْفَعُ حُكْمَ الْخَبَثِ.

د- مَاءٌ نَجِسٌ، وَهُوَ: الْمَاءُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَكَانَ قَلِيلاً، أَوْ كَانَ كَثِيرًا وَغَيَّرَتْهُ، وَهَذَا لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَا النَّجِسَ بِالِاتِّفَاقِ.

هـ- مَاءٌ مَشْكُوكٌ فِي طَهُورِيَّتِهِ، وَانْفَرَدَ بِهَذَا الْقِسْمِ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ: مَا شَرِبَ مِنْهُ بَغْلٌ أَوْ حِمَارٌ.

و- مَاءٌ مُحَرَّمٌ لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ، وَانْفَرَدَ بِهِ الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ: مَاءُ آبَارِ دِيَارِ ثَمُودَ- غَيْرِ بِئْرِ النَّاقَةِ- وَالْمَاءُ الْمَغْصُوبُ، وَمَاءٌ ثَمَنُهُ الْمُعَيَّنُ حَرَامٌ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (مِيَاه).

تَطْهِيرُ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ:

11- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَا يَحْصُلُ بِهِ طَهَارَةُ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْمَرْئِيَّةِ وَغَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ.

فَإِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَرْئِيَّةً فَإِنَّهُ يَطْهُرُ الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ بِهَا بِزَوَالِ عَيْنِهَا وَلَوْ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ غَلِيظَةً، وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرَارُ الْغُسْلِ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ عَيْنِهَا، فَتَزُولُ بِزَوَالِهَا.

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّهُ يُغْسَلُ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ، وَعَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ: ثَلَاثًا بَعْدَهُ، وَيُشْتَرَطُ زَوَالُ الطَّعْمِ فِي النَّجَاسَةِ، لِأَنَّ بَقَاءَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ زَوَالُهُ، وَكَذَا الرِّيحُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ زَوَالُهُ.

وَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى النَّجَاسَةِ، أَوْ غَسَلَهَا فِي الْمَاءِ الْجَارِي.

أَمَّا لَوْ غَسَلَهَا فِي إِجَّانَةٍ فَيَطْهُرُ بِالثَّلَاثِ إِذَا عُصِرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.

وَإِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِغَسْلِهَا ثَلَاثًا وُجُوبًا، وَالْعَصْرُ كُلَّ مَرَّةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، تَقْدِيرًا لِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي اسْتِخْرَاجِهَا.

قَالَ الطَّحْطَاوِيّ: وَيُبَالِغُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ، وَالْمُعْتَبَرُ قُوَّةُ كُلِّ عَاصِرٍ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَصَرَ غَيْرَهُ قَطَّرَ طَهُرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ دُونَ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَلَوْ لَمْ يَصْرِفْ قُوَّتَهُ لِرِقَّةِ الثَّوْبِ قِيلَ: يَطْهُرُ لِلضَّرُورَةِ.وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقِيلَ: لَا يَطْهُرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ قَاضِيخَانْ.

وَفِي رِوَايَةٍ: يُكْتَفَى بِالْعَصْرِ مَرَّةً.

ثُمَّ إِنَّ اشْتِرَاطَ الْغَسْلِ وَالْعَصْرِ ثَلَاثًا إِنَّمَا هُوَ إِذَا غَمَسَهُ فِي إِجَّانَةٍ، أَمَّا إِذَا غَمَسَهُ فِي مَاءٍ جَارٍ حَتَّى جَرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ أَوْ صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، بِحَيْثُ يَخْرُجُ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَاءِ وَيَخْلُفُ غَيْرُهُ ثَلَاثًا، فَقَدْ طَهُرَ مُطْلَقًا بِلَا اشْتِرَاطِ عَصْرٍ وَتَكْرَارِ غَمْسٍ.

وَيُقْصَدُ بِالنَّجَاسَةِ الْمَرْئِيَّةِ عِنْدَهُمْ: مَا يُرَى بَعْدَ الْجَفَافِ، وَغَيْرُ الْمَرْئِيَّةِ: مَا لَا يُرَى بَعْدَهُ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بِغَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ عَدَدٍ، بِشَرْطِ زَوَالِ طَعْمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ عَسُرَ، لِأَنَّ بَقَاءَ الطَّعْمِ دَلِيلٌ عَلَى تَمَكُّنِ النَّجَاسَةِ مِنَ الْمَحَلِّ فَيُشْتَرَطُ زَوَالُهُ، وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ زَوَالُ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ إِنْ تَيَسَّرَ.ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَعَسَّرَ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ عَيْنًا أَوْ لَيْسَتْ بِعَيْنٍ.

فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ إِزَالَةُ الطَّعْمِ، وَمُحَاوَلَةُ إِزَالَةِ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ، فَإِنْ عَسِرَ زَوَالُ الطَّعْمِ، بِأَنْ لَمْ يَزُلْ بِحَتٍّ أَوْ قَرْصٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عُفِيَ عَنْهُ مَا دَامَ الْعُسْرُ، وَيَجِبُ إِزَالَتُهُ إِذَا قَدَرَ، وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَسُرَ زَوَالُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ، فَإِنْ بَقِيَا مَعًا ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ، لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ.

وَإِنْ لَمْ تَكُنِ النَّجَاسَةُ عَيْنًا- وَهِيَ مَا لَا يُدْرَكُ لَهَا عَيْنٌ وَلَا وَصْفٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِخَفَاءِ أَثَرِهَا بِالْجَفَافِ، كَبَوْلٍ جَفَّ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَلَا أَثَرَ لَهُ وَلَا رِيحَ، فَذَهَبَ وَصْفُهُ، أَمْ لَا، لِكَوْنِ الْمَحَلِّ صَقِيلاً لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ كَالْمِرْآةِ وَالسَّيْفِ- فَإِنَّهُ يَكْفِي جَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ مَرَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ كَمَطَرٍ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تَطْهُرُ الْمُتَنَجِّسَاتُ بِسَبْعِ غَسَلَاتٍ مُنَقِّيَةٍ، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما-: «أُمِرْنَا أَنْ نَغْسِلَ الْأَنْجَاسَ سَبْعًا» وَقَدْ أُمِرَ بِهِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، فَيُلْحَقُ بِهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا، وَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ، بِدَلِيلِ إِلْحَاقِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ بِهِ.

قَالَ الْبُهُوتِيُّ: فَعَلَى هَذَا يُغْسَلُ مَحَلُّ الِاسْتِنْجَاءِ سَبْعًا كَغَيْرِهِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، لَكِنْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي: أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ عَدَدٌ، اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، لَا فِي قَوْلِهِ وَلَا فِعْلِهِ.

وَيَضُرُّ عِنْدَهُمْ بَقَاءُ الطَّعْمِ، لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ وَلِسُهُولَةِ إِزَالَتِهِ وَيَضُرُّ كَذَلِكَ بَقَاءُ اللَّوْنِ أَوِ الرِّيحِ أَوْ هُمَا مَعًا إِنْ تَيَسَّرَ إِزَالَتُهُمَا، فَإِنْ عَسُرَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ.

وَهَذَا فِي غَيْرِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، أَمَّا نَجَاسَتُهُمَا فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهَا تَفْصِيلٌ آخَرُ سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

تَطْهِيرُ مَا تُصِيبُهُ الْغُسَالَةُ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَغْسُولِ:

12- الْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ بِأَحَدِ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ نَجِسَةٌ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَلَوْنِهِ وَطَعْمِهِ».قَالَ الْخَرَشِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: سَوَاءٌ كَانَ تَغَيُّرُهَا بِالطَّعْمِ أَوِ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ وَلَوِ الْمُتَعَسِّرَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْجُسُ الْمَحَلُّ الَّذِي تُصِيبُهُ الْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ، وَيَكُونُ تَطْهِيرُهُ كَتَطْهِيرِ أَيِّ مَحَلٍّ مُتَنَجِّسٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

لَكِنَّ الْحَنَابِلَةَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ إِلاَّ بِغُسْلِهِ سَبْعًا، فَيُغْسَلُ عِنْدَهُمْ مَا نَجِسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ بَعْدَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ، فَلَوْ تَنَجَّسَ بِالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ مَثَلاً غُسِلَ ثَلَاثَ غَسَلَاتٍ لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ تَطْهُرُ فِي مَحَلِّهَا بِمَا بَقِيَ مِنَ الْغَسَلَاتِ، فَطَهُرَتْ بِهِ فِي مِثْلِهِ.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْغُسَالَةَ غَيْرَ الْمُتَغَيِّرَةِ طَاهِرَةٌ، قَالَ الدَّرْدِيرُ: لَوْ غُسِلَتْ قَطْرَةُ بَوْلٍ مَثَلاً فِي جَسَدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَسَالَتْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ فِي سَائِرِهِ وَلَمْ تَنْفَصِلْ عَنْهُ كَانَ طَاهِرًا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْغُسَالَةُ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرَةِ إِنْ كَانَتْ قُلَّتَيْنِ فَطَاهِرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهُمَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَظْهَرُهَا: أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْغَسْلِ، إِنْ كَانَ نَجِسًا بَعْدُ فَنَجِسَةٌ، وَإِلاَّ فَطَاهِرَةٌ غَيْرُ مُطَهِّرَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدِ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ غُسِلَتْ بِالطَّهُورِ نَجَاسَةٌ فَانْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا بِهَا، أَوِ انْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، كَالْمُنْفَصِلِ مِنَ الْغَسْلَةِ السَّادِسَةِ فَمَا دُونَهَا وَهُوَ يَسِيرٌ فَنَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ مُلَاقٍ لِنَجَاسَةٍ لَمْ يُطَهِّرْهَا.

وَإِنِ انْفَصَلَ الْقَلِيلُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بَعْدَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، كَالْمُنْفَصِلِ عَنْ مَحَلٍّ طَهُرَ أَرْضًا كَانَ الْمَحَلُّ أَوْ غَيْرُهَا، فَطَهُورٌ إِنْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ قُلَّتَيْنِ فَطَاهِرٌ.

تَطْهِيرُ الْآبَارِ:

13- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَنَجَّسَ مَاءُ الْبِئْرِ، فَإِنَّ تَطْهِيرَهُ يَكُونُ بِالتَّكْثِيرِ إِلَى أَنْ يَزُولَ التَّغَيُّرُ، وَيَكُونُ التَّكْثِيرُ بِالتَّرْكِ حَتَّى يَزِيدَ الْمَاءُ وَيَصِلَ إِلَى حَدِّ الْكَثْرَةِ، أَوْ بِصَبِّ مَاءٍ طَاهِرٍ فِيهِ حَتَّى يَصِلَ هَذَا الْحَدَّ.

كَمَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى اعْتِبَارِ النَّزْحِ طَرِيقًا لِلتَّطْهِيرِ أَيْضًا.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَنَجَّسَ مَاءُ الْبِئْرِ فَإِنَّ تَطْهِيرَهُ يَكُونُ بِالنَّزَحِ فَقَطْ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (آبَار ف 21 وَمَا بَعْدَهَا).

الْوُضُوءُ وَالِاغْتِسَالُ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ:

14- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ مَكْرُوهٌ خَشْيَةَ أَنْ يَتَنَجَّسَ بِهِ الْمُتَوَضِّئُ أَوِ الْمُغْتَسِلُ، وَتَوَقِّي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يُورِثُ الْوَسْوَسَةَ فَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ فِيهِ، فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ».

تَطْهِيرُ الْجَامِدَاتِ وَالْمَائِعَاتِ:

15- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي جَامِدٍ، كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ تَطْهِيرَهُ يَكُونُ بِرَفْعِ النَّجَاسَةِ وَتَقْوِيرِ مَا حَوْلَهَا وَطَرْحِهِ، وَيَكُونُ الْبَاقِي طَاهِرًا، لِمَا رَوَتْ مَيْمُونَةُ- رضي الله عنها- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: أَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ».

وَإِذَا وَقَعَتِ النَّجَاسَةُ فِي مَائِعٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّسُ، وَلَا يَطْهُرُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَيُرَاقُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَأَرِيقُوهُ».

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى إِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ بِالْغَلْيِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُوضَعَ فِي مَاءٍ وَيَغْلِي، فَيَعْلُو الدُّهْنُ الْمَاءَ، فَيُرْفَعُ بِشَيْءٍ، وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَوْسَعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ مَا يَتَأَتَّى تَطْهِيرُهُ بِالْغَلْيِ- كَالزَّيْتِ- يَطْهُرُ بِهِ كَالْجَامِدِ، وَطَرِيقَةُ ذَلِكَ: جَعْلُهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ يُخَاضُ فِيهِ، حَتَّى يُصِيبَ الْمَاءُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَعْلُوَ عَلَى الْمَاءِ، فَيُؤْخَذُ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ: لَا يَطْهُرُ غَيْرُ الْمَاءِ مِنَ الْمَائِعَاتِ بِالتَّطْهِيرِ فِي قَوْلِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِلاَّ الزِّئْبَقَ، فَإِنَّهُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ.وَاسْتَدَلَّ ابْنُ قُدَامَةَ «بِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ السَّمْنِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ، وَلَوْ كَانَ إِلَى تَطْهِيرِهِ طَرِيقٌ لَمْ يَأْمُرْ بِإِرَاقَتِهِ».

تَطْهِيرُ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ:

16- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَطْهِيرَ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ يَكُونُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَمُكَاثَرَتِهَا حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ.

وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ، قِيلَ: إِنَّ الْمَاءَ يَعُودُ طَهُورًا، وَقِيلَ: بِاسْتِمْرَارِ نَجَاسَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَرْجَحُ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ إِلاَّ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَلَيْسَ حَاصِلاً، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَمِرُّ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ.

وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الَّذِي زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ، أَمَّا الْقَلِيلُ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى تَنَجُّسِهِ بِلَا خِلَافٍ.

كَمَا يَطْهُرُ الْمَاءُ النَّجِسُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِإِضَافَةِ طَاهِرٍ، وَبِإِلْقَاءِ طِينٍ أَوْ تُرَابٍ إِنْ زَالَ أَثَرُهُمَا، أَيْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِمَا فِيمَا أُلْقِيَا فِيهِ، أَمَّا إِنْ وُجِدَ فَلَا يَطْهُرُ، لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِهِمَا.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ الْمَاءَ إِنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ إِلاَّ إِذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» وَتَطْهِيرُهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ، سَوَاءٌ زَالَ التَّغَيُّرُ بِنَفْسِهِ: كَأَنْ زَالَ بِطُولِ الْمُكْثِ، أَوْ بِإِضَافَةِ مَاءٍ إِلَيْهِ.

قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ: وَهَذَا فِي التَّغَيُّرِ الْحِسِّيِّ، وَأَمَّا التَّقْدِيرِيُّ: كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجِسٌ لَا وَصْفَ لَهُ فَيُقَدَّرُ مُخَالِفًا أَشَدَّ، كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَطَعْمِ الْخَلِّ وَرِيحِ الْمِسْكِ، فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ، وَيُعْتَبَرُ الْوَصْفُ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ، وَيُعْرَفُ زَوَالُ التَّغَيُّرِ مِنْهُ بِزَوَالِ نَظِيرِهِ مِنْ مَاءٍ آخَرَ، أَوْ بِضَمِّ مَاءٍ إِلَيْهِ لَوْ ضُمَّ لِلْمُتَغَيِّرِ حِسًّا لَزَالَ، أَوْ بَقِيَ زَمَنًا ذَكَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الْحِسِّيُّ.

وَلَا يَطْهُرُ الْمَاءُ إِنْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِمِسْكٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ خَلٍّ، لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ أَوِ اسْتَتَرَ، وَالظَّاهِرُ الِاسْتِتَارُ، مِثْلُ ذَلِكَ زَوَالُ التَّغَيُّرِ بِالتُّرَابِ وَالْجِصِّ.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ نُزِحَ مِنَ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ الْكَثِيرُ، وَبَقِيَ بَعْدَ الْمَنْزُوحِ كَثِيرٌ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ، فَإِنَّهُ يَطْهُرُ لِزَوَالِ عِلَّةِ تَنَجُّسِهِ، وَهِيَ التَّغَيُّرُ.وَكَذَا الْمَنْزُوحُ الَّذِي زَالَ مَعَ نَزْحِهِ التَّغَيُّرُ طَهُورٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فِيهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَتَطْهِيرُهُ يَكُونُ بِإِضَافَةِ الْمَاءِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْقُلَّتَيْنِ وَلَا تُغَيَّرُ بِهِ وَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ فَلَمْ يَبْلُغْ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَطْهُرْ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (مِيَاه).

تَطْهِيرُ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَاتِ:

17- الْآنِيَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ عَظْمِ حَيَوَانٍ مَأْكُولِ اللَّحْمِ مُذَكًّى يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهَا.

وَأَمَّا الْآنِيَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَفِيهَا خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (آنِيَة) ج 1 ف 10 وَمَا بَعْدَهَا.

تَطْهِيرُ مَا كَانَ أَمْلَسَ السَّطْحِ:

18- ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ شَيْئًا صَقِيلاً- كَالسَّيْفِ وَالْمِرْآةِ- فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ، وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ، لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْأَنْجَاسِ، وَالْمَسْحُ لَيْسَ غَسْلاً.

قَالَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: لَوْ قُطِعَ بِالسَّيْفِ الْمُتَنَجِّسِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ مَسْحِهِ وَقَبْلَ غَسْلِهِ مَا فِيهِ بَلَلٌ كَبِطِّيخٍ وَنَحْوِهِ نَجَّسَهُ، لِمُلَاقَاةِ الْبَلَلِ لِلنَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَ مَا قَطَعَهُ بِهِ رَطْبًا لَا بَلَلَ فِيهِ كَجُبْنٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَمَا لَوْ قُطِعَ بِهِ يَابِسًا لِعَدَمِ تَعَدِّي النَّجَاسَةِ إِلَيْهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: لَوْ سُقِيَتْ سِكِّينٌ مَاءً نَجِسًا، ثُمَّ غَسَلَهَا طَهُرَ ظَاهِرُهَا، وَهَلْ يَطْهُرُ بَاطِنُهَا بِمُجَرَّدِ الْغَسْلِ أَمْ لَا يَطْهُرُ حَتَّى يَسْقِيَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً بِمَاءٍ طَهُورٍ؟ وَجْهَانِ: قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ يَجِبُ سَقْيُهَا مَرَّةً ثَانِيَةً وَاخْتَارَ الشَّاشِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِالْغَسْلِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنِ الشَّافِعِيِّ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَا كَانَ أَمْلَسَ السَّطْحِ، كَالسَّيْفِ وَالْمِرْآةِ وَنَحْوِهِمَا، إِنْ أَصَابَهُ نَجِسٌ فَإِنَّ تَطْهِيرَهُ يَكُونُ بِالْمَسْحِ بِحَيْثُ يَزُولُ أَثَرُ النَّجَاسَةِ، لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يَقْتُلُونَ الْكُفَّارَ بِسُيُوفِهِمْ ثُمَّ يَمْسَحُونَهَا وَيُصَلُّونَ وَهُمْ يَحْمِلُونَهَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ، وَمَا عَلَى ظَاهِرِهِ يَزُولُ بِالْمَسْحِ.

قَالَ الْكَمَالُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى ظُفْرِهِ نَجَاسَةٌ فَمَسَحَهَا طَهُرَتْ.

فَإِنْ كَانَ بِالصَّقِيلِ صَدَأٌ يَتَشَرَّبُ مَعَهُ النَّجَاسَةَ، أَوْ كَانَ ذَا مَسَامَّ تَتَشَرَّبُهَا، فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ إِلاَّ بِالْمَاءِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَا كَانَ صُلْبًا صَقِيلاً، وَكَانَ يُخْشَى فَسَادُهُ بِالْغَسْلِ كَالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنَ الدَّمِ الْمُبَاحِ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا، خَوْفًا مِنْ إِفْسَادِ الْغَسْلِ لَهُ.

قَالَ الدَّرْدِيرُ: وَسَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنَ الدَّمِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَيْ خِلَافًا لِمَنْ عَلَّلَهُ بِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ السَّيْفَ وَنَحْوَهُ مِنَ الدَّمِ الْمُبَاحِ إِلاَّ إِذَا مُسِحَ، وَإِلاَّ فَلَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الظُّفْرَ وَالْجَسَدَ مِنَ الدَّمِ الْمُبَاحِ لِعَدَمِ فَسَادِهِمَا بِالْغَسْلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا مِنْهُ إِذَا مُسِحَ.

وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ الْعَفْوَ بِأَنْ يَكُونَ الدَّمُ مُبَاحًا، أَمَّا الدَّمُ الْعُدْوَانُ فَيَجِبُ الْغَسْلُ مِنْهُ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: قَالَ الْعَدَوِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ دَمٌ مَكْرُوهُ الْأَكْلِ إِذَا ذَكَّاهُ بِالسَّيْفِ، وَالْمُرَادُ: الْمُبَاحُ أَصَالَةً، فَلَا يَضُرُّ حُرْمَتُهُ لِعَارِضٍ كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ بِهِ، وَقَتْلِ زَانٍ أَحْصَنَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ.

كَمَا قَيَّدُوا الْعَفْوَ بِأَنْ يَكُونَ مَصْقُولاً لَا خَرْبَشَةَ فِيهِ، وَإِلاَّ فَلَا عَفْوَ.

تَطْهِيرُ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ مِنَ الْمَنِيِّ

19- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَجَاسَةِ الْمَنِيِّ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى نَجَاسَتِهِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ.

وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ تَطْهِيرِهِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَطْهِيرَ مَحَلِّ الْمَنِيِّ يَكُونُ بِغَسْلِهِ إِنْ كَانَ رَطْبًا، وَفَرْكِهِ إِنْ كَانَ يَابِسًا، لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ- رضي الله عنها- قَالَتْ: كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَانَ يَابِسًا، وَأَغْسِلُهُ إِذَا كَانَ رَطْبًا».

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِعِلْمِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- خُصُوصًا إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا مَعَ الْتِفَاتِهِ- صلى الله عليه وسلم- إِلَى طَهَارَةِ ثَوْبِهِ وَفَحْصِهِ عَنْ حَالِهِ.

وَلَا فَرْقَ فِي طَهَارَةِ مَحَلِّهِ بِفَرْكِهِ يَابِسًا وَغَسْلِهِ طَرِيًّا بَيْنَ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ «عَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- أَنَّهَا كَانَتْ تَحُتُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُصَلِّي»، وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ، لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَحْتَلِمُ، فَيَلْزَمُ اخْتِلَاطُ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ بِهِ، فَيَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ مَنِيِّهَا بِالْفَرْكِ بِالْأَثَرِ، لَا بِالْإِلْحَاقِ.

كَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنَ الْمَذْهَبِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَطْهِيرَ مَحَلِّ الْمَنِيِّ يَكُونُ بِالْغَسْلِ لَا غَيْرُ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (مَنِيّ).

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


9-موسوعة الفقه الكويتية (طهارة 2)

طَهَارَةٌ -2

طَهَارَةُ الْأَرْضِ بِالْمَاءِ:

20- إِذَا تَنَجَّسَتْ الْأَرْضُ بِنَجَاسَةٍ مَائِعَةٍ- كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهِمَا- فَتَطْهِيرُهَا أَنْ تُغْمَرَ بِالْمَاءِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ لَوْنُ النَّجَاسَةِ وَرِيحُهَا، وَمَا انْفَصَلَ عَنْهَا غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ بِهَا فَهُوَ طَاهِرٌ.

بِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ أَنَسٌ- رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةٍ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ» وَفِي لَفْظٍ فَدَعَاهُ فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذِرِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» وَأَمَرَ رَجُلًا فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ.وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالذَّنُوبِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَغْمُرُ الْبَوْلَ، وَيُسْتَهْلَكُ فِيهِ الْبَوْلُ وَإِنْ أَصَابَ الْأَرْضَ مَاءُ الْمَطَرِ أَوِ السُّيُولُ فَغَمَرَهَا وَجَرَى عَلَيْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَبَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ تَطْهِيرَ النَّجَاسَةِ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةٌ وَلَا فِعْلٌ، فَاسْتَوَى مَا صَبَّهُ الْآدَمِيُّ وَمَا جَرَى بِغَيْرِ صَبِّهِ.

وَلَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ حَتَّى يَذْهَبَ لَوْنُ النَّجَاسَةِ وَرَائِحَتُهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَزُولُ لَوْنُهَا إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ سَقَطَ عَنْهُ إِزَالَتُهَا كَالثَّوْبِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الرَّائِحَةِ.

وَيَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ أَرْضًا رَخْوَةً فَيُصَبُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَتَطْهُرُ، لِأَنَّهَا تُنَشِّفُ الْمَاءَ، فَيَطْهُرُ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُكْبَسُ الْحَفِيرَةُ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا الْغُسَالَةُ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَرْض ف 3).

مَا تَطْهُرُ بِهِ الْأَرْضُ سِوَى الْمِيَاهِ:

21- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ إِلَى أَنَّ الْأَرْضَ إِذَا أَصَابَهَا نَجِسٌ، فَجَفَّتْ بِالشَّمْسِ أَوِ الْهَوَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَذَهَبَ أَثَرُهُ طَهُرَتْ وَجَازَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّمَا أَرْضٍ جَفَّتْ فَقَدْ ذَكَتْ».

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِغَيْرِ الْمَاءِ، لِأَمْرِهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُصَبَّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ ذَنُوبُ مَاءٍ، وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «أَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ» وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ نَجِسٌ فَلَمْ يَطْهُرْ بِغَيْرِ الْغَسْلِ.

طَهَارَةُ النَّجَاسَةِ بِالِاسْتِحَالَةِ:

22- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَةِ الْخَمْرِ بِالِاسْتِحَالَةِ، فَإِذَا انْقَلَبَتِ الْخَمْرُ خَلًّا صَارَتْ طَاهِرَةً.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَخْلِيل ف 13، 14).

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا عَدَا الْخَمْرَ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ هَلْ يَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ بِالِاسْتِحَالَةِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- «نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلاَّلَةِ وَأَلْبَانِهَا» لِأَكْلِهَا النَّجَاسَةَ، وَلَوْ طَهُرَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا، وَلَا بِالِاسْتِحَالَةِ، كَمَيْتَةٍ وَقَعَتْ فِي مَلاَّحَةٍ فَصَارَتْ مِلْحًا، أَوْ أُحْرِقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا.

وَقَالَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: وَلَا تَطْهُرُ نَجَاسَةٌ بِنَارٍ، فَالرَّمَادُ مِنَ الرَّوْثِ النَّجِسِ نَجِسٌ وَصَابُونٌ عُمِلَ مِنْ زَيْتٍ نَجِسٍ نَجِسٌ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ كَلْبٌ فِي مَلاَّحَةٍ فَصَارَ مِلْحًا، أَوْ فِي صَبَّانَةٍ فَصَارَ صَابُونًا.

لَكِنْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَحَوَّلَتِ الْعَلَقَةُ إِلَى مُضْغَةٍ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ طَاهِرَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَجِسَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا بِصَيْرُورَتِهَا عَلَقَةً، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتْ إِلَى أَصْلِهَا، كَالْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ.وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ يَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ رَتَّبَ وَصْفَ النَّجَاسَةِ عَلَى تِلْكَ الْحَقِيقَةِ، وَتَنْتَفِي الْحَقِيقَةُ بِانْتِفَاءِ بَعْضِ أَجْزَاءِ مَفْهُومِهَا، فَكَيْفَ بِالْكُلِّ؟.

وَنَظِيرُهُ فِي الشَّرْعِ النُّطْفَةُ نَجِسَةٌ، وَتَصِيرُ عَلَقَةً وَهِيَ نَجِسَةٌ، وَتَصِيرُ مُضْغَةً فَتَطْهُرُ، وَالْعَصِيرُ طَاهِرٌ فَيَصِيرُ خَمْرًا فَيَنْجُسُ، وَيَصِيرُ خَلًّا فَيَطْهُرُ، فَعَرَفْنَا أَنَّ اسْتِحَالَةَ الْعَيْنِ تَسْتَتْبِعُ زَوَالَ الْوَصْفِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا.

وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَا اسْتَحَالَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ بِالنَّارِ، أَوْ زَالَ أَثَرُهَا بِهَا يَطْهُرُ.

كَمَا تَطْهُرُ النَّجَاسَةُ عِنْدَهُمْ بِانْقِلَابِ الْعَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

وَمِنْ تَفْرِيعَاتِ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ إِنْ جُعِلَ الدُّهْنُ النَّجِسُ فِي صَابُونٍ يُفْتَى بِطَهَارَتِهِ، لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ، وَالتَّغَيُّرُ يُطَهِّرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَيُفْتَى بِهِ لِلْبَلْوَى، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ مَا لَوْ وَقَعَ إِنْسَانٌ أَوْ كَلْبٌ فِي قِدْرِ الصَّابُونِ فَصَارَ صَابُونًا يَكُونُ طَاهِرًا لِتَبَدُّلِ الْحَقِيقَةِ.

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْعِلَّةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ التَّغَيُّرُ وَانْقِلَابُ الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّهُ يُفْتَى بِهِ لِلْبَلْوَى، وَمُقْتَضَاهُ: عَدَمُ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالصَّابُونِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ تَغَيُّرٌ وَانْقِلَابٌ حَقِيقَةً، وَكَانَ فِيهِ بَلْوَى عَامَّةٌ.

كَمَا نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ إِذَا تَحَجَّرَتْ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ، لِزَوَالِ الْإِسْكَارِ مِنْهَا، وَأَنَّ رَمَادَ النَّجِسِ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ النَّارَ تَطْهُرُ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: سَوَاءٌ أَكَلَتِ النَّارُ النَّجَاسَةَ أَكْلًا قَوِيًّا أَوْ لَا، فَالْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ طَاهِرٌ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الرَّمَادِ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَ غَسْلِ الْفَمِ مِنْ أَكْلِهِ، وَيَجُوزُ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ.

مَا يَطْهُرُ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغَةِ:

23- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَجَاسَةِ جُلُودِ مَيْتَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي مُصْطَلَحِ: (دِبَاغَة ج 20 ف 8 وَمَا بَعْدَهَا).

تَطْهِيرُ الْخُفِّ مِنَ النَّجَاسَةِ:

24- ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَصَابَتْ أَسْفَلَ الْخُفِّ أَوِ النَّعْلِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّ تَطْهِيرَهُ يَكُونُ بِغَسْلِهِ، وَلَا يُجْزِئُ لَوْ دَلَكَهُ كَالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْ جَافَّةً، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ إِذَا دُلِكَتْ، أَصَحُّهُمَا: الْقَوْلُ الْجَدِيدُ لِلشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ- رضي الله عنه- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ؛ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا».

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ وَهُوَ الْعَفْوُ فَلَهُ شُرُوطٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِلنَّجَاسَةِ جِرْمٌ يَلْتَصِقُ بِالْخُفِّ، أَمَّا الْبَوْلُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَكْفِي دَلْكُهُ بِحَالٍ.

الثَّانِي: أَنْ يَدْلُكَهُ فِي حَالِ الْجَفَافِ، وَأَمَّا مَا دَامَ رَطْبًا فَلَا يَكْفِي دَلْكُهُ قَطْعًا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حُصُولُ النَّجَاسَةِ بِالْمَشْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، فَلَوْ تَعَمَّدَ تَلْطِيخَ.الْخُفِّ بِهَا وَجَبَ الْغَسْلُ قَطْعًا.

وَنَقَلَ الْبُهُوتِيُّ عَنِ الْإِنْصَافِ أَنَّ يَسِيرَ النَّجَاسَةِ إِذَا كَانَتْ عَلَى أَسْفَلِ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ بَعْدَ الدَّلْكِ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَصَابَ الْخُفَّ نَجَاسَةٌ لَهَا جِرْمٌ، كَالرَّوْثِ وَالْعَذِرَةِ، فَجَفَّتْ، فَدَلَكَهُ بِالْأَرْضِ جَازَ، وَالرَّطْبُ وَمَا لَا جِرْمَ لَهُ كَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلاَّ الْغَسْلُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُجْزِئُ الْمَسْحُ فِيهِمَا إِلاَّ الْبَوْلَ وَالْخَمْرَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ فِيهِمَا إِلاَّ الْغُسْلُ كَالثَّوْبِ.

وَلِأَبِي يُوسُفَ إِطْلَاقُ قَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا أَصَابَ خُفَّ أَحَدِكُمْ أَوْ نَعْلَهُ أَذًى فَلْيَدْلُكْهُمَا فِي الْأَرْضِ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ طَهُورٌ لَهُمَا» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، وَالْمُتَجَسِّدِ وَغَيْرِهِ، وَلِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ.وَلِأَبِي حَنِيفَةَ هَذَا الْحَدِيثُ.إِلاَّ أَنَّ الرَّطْبَ إِذَا مُسِحَ بِالْأَرْضِ يَتَلَطَّخُ بِهِ الْخُفُّ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ، فَلَا يُطَهِّرُهُ بِخِلَافِ الْيَابِسِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يَتَدَاخَلُهُ إِلاَّ شَيْءٌ يَسِيرٌ وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالْخَمْرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يُجْتَذَبُ مِثْلُ مَا عَلَى الْخُفِّ، فَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ، حَتَّى لَوْ لَصِقَ عَلَيْهِ طِينٌ رَطْبٌ فَجَفَّ، ثُمَّ دَلَكَهُ جَازَ، كَاَلَّذِي لَهُ جِرْمٌ، وَبِخِلَافِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ مُتَخَلَّلٌ فَتَتَدَاخَلُهُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ، فَلَا تَزُولُ بِالْمَسْحِ، فَيَجِبُ الْغَسْلُ.

وَلِمُحَمَّدٍ الْقِيَاسُ عَلَى الثَّوْبِ وَالْبِسَاطِ، بِجَامِعِ أَنَّ النَّجَاسَةَ تَدَاخَلَتْ فِي الْخُفِّ تَدَاخُلَهَا فِيهِمَا.

قَالَ الْكَمَالُ: وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلضَّرُورَةِ.

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ، فَإِذَا أَصَابَ الْخُفَّ شَيْءٌ مِنْ رَوْثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ إِنْ دُلِكَ بِتُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى زَالَتِ الْعَيْنُ، وَكَذَا إِنْ جَفَّتِ النَّجَاسَةُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغُسْلُ سِوَى الْحُكْمِ.

وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْعَفْوَ بِأَنْ تَكُونَ إِصَابَةُ الْخُفِّ أَوِ النَّعْلِ بِالنَّجَاسَةِ بِمَوْضِعٍ يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا- كَالطُّرُقِ- لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ نَقْلًا عَنِ الْبُنَانِيِّ: وَهَذَا الْقَيْدُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ لِتَعْلِيلِهِ بِالْمَشَقَّةِ، كَمَا ذَكَرَ خَلِيلٌ أَنَّ الْعَفْوَ إِنَّمَا هُوَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ بِمَوْضِعٍ لَا تَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا وَلَوْ دَلْكًا.

وَإِنْ أَصَابَ الْخُفَّ أَوِ النَّعْلَ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ غَيْرِ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا، كَخُرْءِ الْكِلَابِ أَوْ فَضْلَةِ الْآدَمِيِّ أَوْ دَمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ.

قَالَ الْحَطَّابُ نَقْلًا عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: وَالْعِلَّةُ نُدُورُ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فِيهَا صَارَ كَرَوْثِ الدَّوَابِّ.

تَطْهِيرُ مَا تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ مِنْ مَلَابِسِ النِّسَاءِ فِي الطُّرُقِ:

25- ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَنَجَّسَ ذَيْلُ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ كَالْبَدَنِ، وَلَا يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَرْضِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ ذَيْلَ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ الْيَابِسِ مِنَ النَّجَاسَةِ إِذَا مَرَّتْ بَعْدَ الْإِصَابَةِ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ يَابِسٍ، سَوَاءٌ كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ.

وَقَيَّدُوا هَذَا الْعَفْوَ بِعِدَّةِ قُيُودٍ هِيَ:

أ- أَنْ يَكُونَ الذَّيْلُ يَابِسًا وَقَدْ أَطَالَتْهُ لِلسَّتْرِ، لَا لِلزِّينَةِ وَالْخُيَلَاءِ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا تُطِيلُهُ لِلسَّتْرِ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لِخُفٍّ أَوْ جَوْرَبٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ لَابِسَةً لَهُمَا فَلَا عَفْوَ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ زِيِّهَا أَمْ لَا.

ب- وَأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ الَّتِي أَصَابَتْ ذَيْلَ الثَّوْبِ مُخَفَّفَةٌ جَافَّةٌ، فَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَالطِّينِ.

ج- وَأَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَمُرُّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِصَابَةِ طَاهِرًا يَابِسًا.

التَّطْهِيرُ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَبَوْلِ الْجَارِيَةِ:

26- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّطْهِيرَ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ وَبَوْلِ الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَيْنِ أَكَلَا أَوْ لَا، يَكُونُ بِغَسْلِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ».

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي التَّطْهِيرِ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَطْعَمِ الطَّعَامَ النَّضْحُ، وَيَكُونُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُصَابِ وَغَمْرِهِ بِهِ بِلَا سَيَلَانٍ، فَقَدْ «رَوَتْ أُمُّ قَيْسِ بِنْتُ مُحْصَنٍ- رضي الله عنها- أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» أَمَّا بَوْلُ الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يُجْزِئُ فِي تَطْهِيرِهِ النَّضْحُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْغَسْلِ، لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ، وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ»، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ الِائْتِلَافَ بِحَمْلِ الصَّبِيِّ يَكْثُرُ، فَيُخَفَّفُ فِي بَوْلِهِ، وَبِأَنَّ بَوْلَهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا، فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ كَلَصْقِ بَوْلِهَا بِهِ.

قَالَ أَحْمَدُ: الصَّبِيُّ إِذَا طَعِمَ الطَّعَامَ وَأَرَادَهُ وَاشْتَهَاهُ غُسِلَ بَوْلُهُ، وَلَيْسَ إِذَا طَعِمَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَلْعَقُ الْعَسَلَ، وَمَا يَطْعَمُهُ لِغِذَائِهِ وَهُوَ يُرِيدُهُ وَيَشْتَهِيهِ يُوجِبُ الْغَسْلَ (ر: أُنُوثَة ف 16).

تَطْهِيرُ أَوَانِي الْخَمْرِ:

27- الْأَصْلُ فِي تَطْهِيرِ أَوَانِي الْخَمْرِ هُوَ غَسْلُهَا، بِهَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِيمَا كَانَ مُزَفَّتًا مِنَ الْآنِيَةِ.

وَفِي هَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ: تَطْهُرُ بِغَسْلِهَا ثَلَاثًا بِحَيْثُ لَا تَبْقَى فِيهَا رَائِحَةُ الْخَمْرِ وَلَا أَثَرُهَا، فَإِنْ بَقِيَتْ رَائِحَتُهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهَا مِنَ الْمَائِعَاتِ سِوَى الْخَلِّ؛ لِأَنَّهُ بِجَعْلِهِ فِيهَا تَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ تُغْسَلْ؛ لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنَ الْخَمْرِ يَتَخَلَّلُ بِالْخَلِّ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْكُوزُ إِذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ تَطْهِيرُهُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ الْمَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ مَرَّةٍ سَاعَةً، وَإِنْ كَانَ جَدِيدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطْهُرُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا.

وَيَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ: تَطْهُرُ بِغَسْلِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً إِذَا زَالَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ، وَيُنْدَبُ غَسْلُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ».

فَنُدِبَ إِلَى الثَّلَاثِ لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ إِذَا تَيَقَّنَ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَالْغَسْلُ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُكَاثِرَ بِالْمَاءِ حَتَّى تُسْتَهْلَكَ النَّجَاسَةُ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْقَوَانِينِ الْفِقْهِيَّةِ: فِي طَهَارَةِ الْفَخَّارِ مِنْ نَجِسِ غَوَّاصٍ كَالْخَمْرِ قَوْلَانِ، قَالَ الْمَوَّاقُ نَقْلًا عَنِ النَّوَادِرِ فِي أَوَانِي الْخَمْرِ: تُغْسَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا، وَلَا تَضُرُّهَا الرَّائِحَةُ.وَتَطْهُرُ أَوَانِيهِ إِذَا تَحَجَّرَتِ الْخَمْرُ فِيهَا أَوْ خُلِّلَتْ، وَيَطْهُرُ إِنَاؤُهَا تَبَعًا لَهَا وَلَوْ فَخَّارًا بِغَوَّاصٍ.

وَيَقُولُ الْحَنَابِلَةُ: إِذَا كَانَ فِي الْإِنَاءِ خَمْرٌ يَتَشَرَّبُهَا الْإِنَاءُ، ثُمَّ مَتَى جُعِلَ فِيهِ مَائِعٌ، سَوَاءٌ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُ الْخَمْرِ أَوْ لَوْنُهُ، لَمْ يَطْهُرْ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يَسْتَأْصِلُ أَجْزَاءَهُ مِنْ جِسْمِ الْإِنَاءِ، فَلَمْ يُطَهِّرْهُ.كَالسِّمْسِمِ إِذَا ابْتَلَّ بِالنَّجَاسَةِ، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ: آنِيَةُ الْخَمْرِ مِنْهَا الْمُزَفَّتُ، فَتَطْهُرُ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ الزِّفْتَ يَمْنَعُ وُصُولَ النَّجَاسَةِ إِلَى: جِسْمِ الْإِنَاءِ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِمُزَفَّتٍ، فَيَتَشَرَّبُ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ، فَلَا يَطْهُرُ بِالتَّطْهِيرِ، فَإِنَّهُ مَتَى تُرِكَ فِيهِ مَائِعٌ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُ الْخَمْرِ وَلَوْنُهُ.

تَطْهِيرُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ وَمَلَابِسِهِمْ:

28- يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ فِي آنِيَةِ الْكُفَّارِ: إِنَّهَا طَاهِرَةٌ لِأَنَّ سُؤْرَهُمْ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ بِهِ اللُّعَابُ، وَقَدْ تَوَلَّدَ مِنْ لَحْمٍ طَاهِرٍ، فَيَكُونُ طَاهِرًا، فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنْزَلَ وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانُوا مُشْرِكِينَ».

وَلَوْ كَانَ عَيْنُ الْمُشْرِكِ نَجِسًا لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ: وَلَا يُعَارَضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّجَسُ فِي الْعَقِيدَةِ، فَمَتَى تَنَجَّسَتْ أَوَانِيهِمْ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهَا مَا يَجْرِي عَلَى مَا تَنَجَّسَ مِنْ أَوَانِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَسْلٍ وَغَيْرِهِ، إِذْ لَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا وَثِيَابُهُمْ طَاهِرَةٌ، وَلَا يُكْرَهُ مِنْهَا إِلاَّ السَّرَاوِيلُ الْمُتَّصِلَةُ بِأَبْدَانِهِمْ لِاسْتِحْلَالِهِمُ الْخَمْرَ، وَلَا يَتَّقُونَهَا كَمَا لَا يَتَوَقَّوْنَ النَّجَاسَةَ وَالتَّنَزُّهَ عَنْهَا، فَلَوْ أَمِنَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا وَكَانَ التَّأَكُّدُ مِنْ طَهَارَتِهَا قَائِمًا، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لُبْسُهَا، وَإِذَا تَنَجَّسَتْ جَرَى عَلَيْهَا مَا يَجْرِي عَلَى تَطْهِيرِ مَلَابِسِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَمَا تُصِيبُهَا نَجَاسَةٌ، سَوَاءٌ بِالْغَسْلِ أَوْ غَيْرِهِ.

وَكَرِهَ الشَّافِعِيَّةُ اسْتِعْمَالَ أَوَانِيَهُمْ وَثِيَابَهُمْ لِمَا «رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ- رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ فَقَالَ: لَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إِلاَّ أَنْ لَا تَجِدُوا بُدًّا، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا».وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَجَنَّبُونَ النَّجَاسَةَ فَكُرِهَ لِذَلِكَ.

فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ أَوَانِيهِمْ نُظِرَتْ: فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ صَحَّ الْوُضُوءُ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ» وَتَوَضَّأَ عُمَرُ- رضي الله عنه- مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيٍّ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَوَانِيهِمُ الطَّهَارَةُ.

وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَصِحُّ الْوُضُوءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَوَانِيهِمُ الطَّهَارَةُ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ كَمَا يَتَدَيَّنُ.

الْمُسْلِمُونَ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ، فَالظَّاهِرُ مِنْ أَوَانِيهِمْ وَثِيَابِهِمُ النَّجَاسَةُ.

وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ اسْتِعْمَالَ أَوَانِيهِمْ إِلاَّ إِذَا تَيَقَّنَ عَدَمَ طَهَارَتِهَا، وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَصْنَعُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ وَلَا يَسْتَنْجُونَ وَلَا يَتَحَرَّزُونَ مِنَ النَّجَاسَاتِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةَ، فَإِذَا تَنَجَّسَتْ أَوَانِيهِمْ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ بِزَوَالِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ بِالْغَسْلِ بِالْمَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ صِفَةُ الطَّهُورِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِمَلَابِسِهِمْ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الطَّهَارَةُ مَا لَمْ يُصِبْهَا النَّجِسُ، وَلِذَا لَا يُصَلَّى فِي مَلَابِسِهِمْ أَيْ مَا يَلْبَسُونَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ نَجَاسَتُهَا، فَحُمِلَ عَلَيْهَا عِنْدَ الشَّكِّ: أَمَّا إِنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى فِيهَا.

وَيَقُولُ الْحَنَابِلَةُ فِي ثِيَابِهِمْ وَأَوَانِيهِمْ: إِنَّهَا طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الِاسْتِعْمَالِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا، وَأَضَافُوا: إِنَّ الْكُفَّارَ عَلَى ضَرْبَيْنِ- أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ- فَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَيُبَاحُ أَكْلُ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَاسْتِعْمَالِ آنِيَتِهِمْ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِيهِمْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ- رضي الله عنه- قَالَ: أَصَبْتُ جِرَابًا مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ فَالْتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: وَاَللَّهِ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا.قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- مُتَبَسِّمًا».

وَرَوَى «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- أَضَافَهُ يَهُودِيٌّ بِخُبْزٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ»، وَتَوَضَّأَ عُمَرُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ.

وَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ- وَهُمُ الْمَجُوس وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَنَحْوُهُمْ- وَمَنْ يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُمْ أَكْلُهُ، أَوْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، أَوْ يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ فَحُكْمُ ثِيَابِهِمْ حُكْمُ ثِيَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَأَمَّا أَوَانِيهِمْ فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: حُكْمُهَا حُكْمُ أَوَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ، يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهَا، «لِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ» وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ.

وَقَالَ الْقَاضِي: هِيَ نَجِسَةٌ، لَا يُسْتَعْمَلُ مَا اسْتَعْمَلُوهُ مِنْهَا إِلاَّ بَعْدَ غَسْلِهِ، لِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَلِأَنَّ أَوَانِيَهُمْ لَا تَخْلُو مِنْ أَطْعِمَتِهِمْ، وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ، فَتَتَنَجَّسُ بِهَا وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَجُوسِ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ طَعَامِهِمْ إِلاَّ الْفَاكِهَةُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ نَجَاسَةُ آنِيَتِهِمُ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، وَمَتَى شَكَّ فِي الْإِنَاءِ هَلْ اسْتَعْمَلُوهُ أَمْ لَا؟ فَهُوَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ.

تَطْهِيرُ الْمَصْبُوغِ بِنَجِسٍ:

29- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الْمَصْبُوغَ بِنَجِسٍ يَطْهُرُ بِغُسْلِهِ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ: يُغْسَلُ حَتَّى يَصِيرَ الْمَاءُ صَافِيًا، وَقِيلَ: يُغْسَلُ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَيَقُولُ الْمَالِكِيَّةُ: يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ حَتَّى يَزُولَ طَعْمُ النَّجِسِ، وَمَتَى زَالَ طَعْمُهُ فَقَدْ طَهُرَ وَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ.

وَيَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ: يُغْسَلُ حَتَّى يَنْفَصِلَ النَّجِسُ مِنْهُ وَلَمْ يَزِدِ الْمَصْبُوغُ وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْلِ عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ، وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ، فَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ ضَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ لِتَعَقُّدِهِ بِهِ لَمْ يَطْهُرْ، لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.

وَيَقُولُ الْحَنَابِلَةُ: يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِقَوْلِهِ- عليه الصلاة والسلام- فِي الدَّمِ: «وَلَا يَضُرُّكَ أَثَرُهُ».

رَمَادُ النَّجِسِ الْمُحْتَرِقِ بِالنَّارِ:

30- الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى، وَالْحَنَابِلَةُ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ: أَنَّ رَمَادَ النَّجِسِ الْمُحْتَرِقِ بِالنَّارِ طَاهِرٌ، فَيَطْهُرُ بِالنَّارِ الْوَقُودُ الْمُتَنَجِّسُ وَالسِّرْقِينُ وَالْعَذِرَةُ تَحْتَرِقُ فَتَصِيرُ رَمَادًا تَطْهُرُ، وَيَطْهُرُ مَا تَخَلَّفَ عَنْهَا.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (رَمَاد ج 23، ف 3).

تَطْهِيرُ مَا يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ:

31- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اللَّحْمِ الَّذِي طُبِخَ بِنَجِسٍ، هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ- عَدَا أَبِي يُوسُفَ- وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي طُبِخَ بِنَجِسٍ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنِ الْخَانِيَّةِ: إِذَا صَبَّ الطَّبَّاخُ فِي الْقِدْرِ مَكَانَ الْخَلِّ خَمْرًا غَلَطًا، فَالْكُلُّ نَجِسٌ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُغْلَى ثَلَاثًا لَا يُؤْخَذُ بِهِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي طُبِخَ بِنَجِسٍ مِنْ مَاءٍ، أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ حَالَ طَبْخِهِ قَبْلَ نُضْجِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، أَمَّا إِنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ بَعْدَ نُضْجِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الْمَرَقِ.

وَقَيَّدَ الدُّسُوقِيُّ ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ تَطُلْ إِقَامَةُ النَّجَاسَةِ فِيهِ، بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهَا سَرَتْ فِيهِ، وَإِلاَّ فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي طُبِخَ بِنَجِسٍ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، وَفِي كَيْفِيَّةِ طَهَارَتِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُغْسَلُ ثُمَّ يُعْصَرُ كَالْبِسَاطِ، الثَّانِي: يُشْتَرَطُ أَنْ يَغْلِيَ بِمَاءٍ طَهُورٍ.وَقَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي بِوُجُوبِ السَّقْي مَرَّةً ثَانِيَةً وَالْغَلْيِ، وَاخْتَارَ الشَّاشِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِالْغُسْلِ.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي الْفَخَّارِ الَّذِي يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ، هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا؟

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْفَخَّارَ الَّذِي يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ لَا يَطْهُرُ.

وَنَقَلَ الدُّسُوقِيُّ عَنِ الْبُنَانِيِّ أَنَّ الْفَخَّارَ الْبَالِيَ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةُ غَوَّاصَةٍ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، وَاَلَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ هُوَ الْفَخَّارُ الَّذِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ قَبْلَ حُلُولِ الْغَوَّاصِ فِيهِ، أَوِ اسْتُعْمِلَ قَلِيلًا، قَالَ الدُّسُوقِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ مِثْلَ الْفَخَّارِ أَوَانِي الْخَشَبِ الَّذِي يُمْكِنُ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ إِلَى دَاخِلِهِ.

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الْخَزَفِ الَّذِي يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُنْقَعَ فِي الْمَاءِ ثَلَاثًا، وَيُجَفَّفَ كُلَّ مَرَّةٍ.

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَقْيَسُ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوْسَعُ.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بَاطِنُ حَبٍّ تَشَرَّبَ النَّجَاسَةَ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ طُبِخَتِ الْحِنْطَةُ فِي الْخَمْرِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُطْبَخُ ثَلَاثًا بِالْمَاءِ وَتُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا طُبِخَتْ فِي الْخَمْرِ لَا تَطْهُرُ أَبَدًا، وَبِهِ يُفْتَى، إِلاَّ إِذَا صُبَّ فِيهِ الْخَلُّ، وَتُرِكَ حَتَّى صَارَ الْكُلُّ خَلًّا.

وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الزَّيْتُونَ الَّذِي مُلِّحَ بِنَجِسٍ، بِأَنْ جُعِلَ عَلَيْهِ مِلْحٌ نَجِسٌ يُصْلِحُهُ، إِمَّا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَاءٍ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، أَمَّا لَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ تَمْلِيحِهِ وَاسْتِوَائِهِ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ، وَذَلِكَ بِغَسْلِهِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُبْنِ وَاللَّيْمُونِ وَالنَّارِنْجِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّرَرِ إِذَا لَمْ تَمْكُثِ النَّجَاسَةُ مُدَّةً يُظَنُّ أَنَّهَا سَرَتْ فِيهِ، وَإِلاَّ فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ.

كَمَا نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْبَيْضَ الَّذِي سُلِقَ بِنَجِسٍ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَسْلُوقُ فِيهِ مُتَغَيِّرًا بِالنَّجَاسَةِ أَمْ لَا.

وَقَالَ الْبُنَانِيِّ: الظَّاهِرُ- كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ- أَنَّ الْمَاءَ إِذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ، ثُمَّ سُلِقَ فِيهِ الْبَيْضُ، فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ، حَيْثُ إِنَّ الْمَاءَ حِينَئِذٍ طَهُورٌ وَلَوْ قَلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ.

أَمَّا لَوْ طَرَأَتْ عَلَى الْبَيْضِ الْمَسْلُوقِ نَجَاسَةٌ بَعْدَ سَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ شُوِيَ الْبَيْضُ الْمُتَنَجِّسُ قِشْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّبِنَ الْمُخْتَلِطَ بِنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ- كَالرَّوْثِ وَعِظَامِ الْمَيْتَةِ- نَجِسٌ، وَلَا طَرِيقَ إِلَى تَطْهِيرِهِ لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: فَإِنْ طُبِخَ فَالْمَذْهَبُ- وَهُوَ الْجَدِيدُ- أَنَّهُ عَلَى نَجَاسَتِهِ.أَمَّا اللَّبِنُ غَيْرُ الْمُخْتَلِطِ بِنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ، بِأَنْ نَجِسَ بِسَبَبِ عَجْنِهِ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ بَوْلٍ، فَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ بِإِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَيَطْهُرُ بَاطِنُهُ بِأَنْ يُنْقَعَ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إِلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ عَجِينٌ تَنَجَّسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


10-الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (كتاب الطهارة)

1 - فقوله: (كِتَابُ الطَّهَارة) أي: الجامع لأَحْكَام الطَّهارةِ، ولهذا لم يَذْكُر "كتابًا" إِلى الصلاة، ومِنْ ذلك الكَتِيبَة.

وهو خَبَر مُبْتَدإٍ محذُوف: أي هَذا كِتَابُ الطَّهَارة الجَامِع لأَحْكَامِها.

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي-جمال الدين أبو المحاسن الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد»-توفي: 909هـ/1503م


11-الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (الطهارة)

2 - قوله: (الطَّهَارة)، الطَّهَارة لها مَعْنَيَان، معنًى في اللُّغَة، وَمعْنًى في الشرع.

أ - فمعناها في اللّغة: النَّزاهةُ عن الأَقْذَار، يقال: طُهِرت المرأة من الحَيْضِ، والرجل من الذُنُوبِ، بفتح "الهاء" وكسرها.

ب - ومعناها في الشرع: اخْتَلَفَتْ أَلفَاظُفُم فيه.

فقال الشيخ موفق الدين، ومَنْ تَابعه "كـ"شمس الدين في "الشرح"، وابن أبي الفتح في "المطلع" وغيرهما:

"هي رَفْعُ ما يَمْنَعُ الصَّلاَةَ - وما في معناه - من حَدَثٍ ونَجَاسةٍ بالماء،

(page)

أوْ رَفْعُ حُكْمِه بالتراب."

وأوْرَدُوا عليه "الأَحْجَار" في الاسْتِجْمَار، و"الماء والتراب" في غَسْل النجَاسَةِ، وَأَوْرَدَ بغضُهم عَلَيْهِم الغَسْلَة الثَانِية والثالثة في الوضوء، لأَنّها طَهَارةٌ، ولا تَمْنَع الصلاة وغَسْل اليَدَيْن في ابتداءِ الوُضوء وغَسْل الجُمُعَة.

ولا يَرِدُ عليه، لأَنَّه قوله: "وما في مِعْنَاه" حَلَّ ذلك، لأنه في معناه ما يَمْنَع الصَّلاة.

وقال صاحب "الوَجِيز": "الطَّهَارة: اسْتِعْمال الطَّهُور في مَحَلِّ التَّطْهِير على الوجه المشْرُوع".

قال: "وقد يُعَبَّر عنها بِخُلوِ الَمحلِّ عن النَجاسة".

ولا يَرِد عليه "التيمُّم" لأن التُّراب طَهُورٌ.

وأَوْرَدُوا عليه "الأَحجار"، واسْتِعْمَال الطهُورَيْن وهو "الماء والتراب"، وكونه قال: "في مَحَلِّ التَّطْهِيرِ"، والتَّطْهِيرُ: مصدر طَهُرَ يَطْهُرُ، تَطْهِيرًا، والمصدر: هو الحَدَث.

فكانَ يَنْبَغِي أنْ يقول: "في مَحَلِّ الطَّهَارة".

والجواب عن الأَوَّل: أنَّ الأَحْجَار لما قامَتْ مقام الطَّهُور، سُمِّيت باسْمِه.

وعن الثاني: بأَنَّه لما اجْتَمَع طَهُورٌ وطَهُورٌ، فهما كالشَّيْءِ الواحِد، ومُسَمَّاهُما طَهُورٌ أيضًا.

ولا جوابَ عن الثالث.

قال الزركشي: "ولا يَخْفَى ما فيه من الزيادة، وأنَّه حَدٌّ للتَّطْهير لا لِلطَّهَارة".

وقال ابن حمدان في شرح "الهِدَاية": الطهارةُ: عبارةٌ عن اسْتِعْمَال الماء أو التُرابِ أو هما، أو الأَحْجَار، إِيجابًا أو ندبًا".

وقال في "المُبْهِج": "غَسْلُ أَعْضَاءٍ مخْصُوصَةٍ بِمَاءٍ مخْصُوصٍ"، ولا يَخْفَى ما عليه من الإِيراد من "الأَحْجَار والتراب"، و"الماء والتراب".

وقال ابن عُبَيْدَان في شرح "المُقْنِع": "هي استِعْمالٌ مَخْصوصٌ بماءٍ أو تُرابٍ يخْتَصُّ البَدَن مُشْتَرَطٌ لِصِحَّة الصَّلاَة في الجُمْلَة".

ولاَ يَخْفى الإِيراد عليه، مِنْ غَسْلِ النجاسة على غير البَدَن والأحجار في الاسْتِجْمار وغير ذلك.

وقال البَلْقِيني من الشافِعية في: "التدريب": "رفْعُ الحَدَث أو النَجَس بالماء، أو به مَعَ ما شُرِط معه، أو جُعِل عِوضه مَعْنَى".

وَيرِدُ عليه: الغَسْلَة الثانية والثالثة، والتَّجْدِيد، وغُسْل الجُمُعة، والأَحجار في الاستجمار.

و [لو] قال: "بالطَّهُور" بدل الماء، لأُدْخِلَت الأَحْجَار استعارةً ومجازًا، ولا جواب عما قَبْلَه/.

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي-جمال الدين أبو المحاسن الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد»-توفي: 909هـ/1503م


12-الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (تكون به الطهارة)

4 - قوله: (تكونُ به الطَّهارة)، قال الشيخ في "المغني": "التقدير: هذا بابُ ما تكون به الطهارة من الَماء فَحُذِف الُمبْتَدَأ لِلْعِلْم به".

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي-جمال الدين أبو المحاسن الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد»-توفي: 909هـ/1503م


13-الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (تكون الطهارة)

5 - قوله: (تكونُ الطهارة)، أي: تَحْصُل وتَحْدُث، وهي هاهنا تامةٌ غير مُحْتَاجَة إِلى خَبَر، ومتى كانت تامةً، كانت بمعنى الحَدَث والحُصُول، ومنه قوله تعالى: {وإِنْ كان ذُو عُسْرَةٍ}: أي وُجِدَ.

قال الشاعر:

«إِذا كان الشِّتاءُ فَأَدْفِئُونِي... فإنَّ الشيْخَ يُهْرِمُه الشِّتَاءُ»

أي: إِذا جَاء الشِّتَاء وحَدَثَ.

وفي نسخةٍ مقْرُوءةٍ على ابن عقيل: "باب ما تَجُوز به الطِّهارة من الماء".

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي-جمال الدين أبو المحاسن الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد»-توفي: 909هـ/1503م


14-الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (والطهارة بالماء)

7 - قوله: (والطَّهارة بالماء)، قال الشيخ في "المغني": "الطهارةُ: مبتدأٌ خَبَرهُ محذُوفٌ، تقديره: مباحةٌ، أو جائزةٌ، أوْ خاصةٌ، أو نحو ذلك".

قال: "والألف، واللام للاستغراق، فكأَنه قال: وكُلُّ طَهَارة جَائزة".

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي-جمال الدين أبو المحاسن الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد»-توفي: 909هـ/1503م


15-الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (ويأتي بالطهارة عضوا بعد عضو)

86 - قوله: (ويأتِي بالطَّهَارة عضوًا بعد عُضْوٍ)، العُضْوُ: أحد الأَعْضَاء، والمراد بهذا التَرْتِيب: وهو أنْ يُرتِّب أعْضَاء الوُضُوء، وهو واجبٌ في أصح الروايتين عن أحمد رحمه الله.

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي-جمال الدين أبو المحاسن الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد»-توفي: 909هـ/1503م


16-الفروق اللغوية للعسكري (الفرق بين الطهارة والنظافة)

الْفرق بَين الطَّهَارَة والنظافة

أَن الطهار تكون فِي الْخلقَة والمعاني لِأَنَّهَا تَقْتَضِي مُنَافَاة الْعَيْب يُقَال فلَان طَاهِر الْأَخْلَاق وَتقول الْمُؤمن طَاهِر مطهر يَعْنِي أَنه جَامع للخصال المحمودة ووالكافر خَبِيث لِأَنَّهُ خلاف الْمُؤمن وَتقول هُوَ طَاهِر الثَّوْب والجسد والنظافة لَا تكون إِلَّا فِي الْخلق واللباس وَهِي تفِيد مُنَافَاة الدنس وَلَا تسْتَعْمل فِي الْمعَانِي وَتقول هُوَ نظيف الصُّورَة أَي حسنها ونظيف الثَّوْب والجسد وَلَا تَقول نظيف الْخلق.

الفروق اللغوية-أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري-توفي:نحو: 395هـ/1005م


17-المعجم الغني (طَهَارَةٌ)

طَهَارَةٌ- [طهر]، (مصدر: طَهُرَ):

1- "الطَّهَارَةُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ": التَّطَهُّرُ بِالْمَاءِ.. 2- "طَهَارَةُ النَّفْسِ": أَيْ تَخْلِيصُ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ الشَّوَائِبِ وَالضَّغَائِنِ. "طَهَارَةُ القَلْبِ".

3- "بَيْتُ الطَّهَارَةِ": الْمِرْحَاضُ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


18-المعجم الغني (طِهَارَةٌ)

طِهَارَةٌ- [طهر]: خِتانَةٌ، حِرْفَةُ مَنْ يُطَهِّرُ الصِّبْيَانَ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


19-معجم الرائد (طهارة)

طهارة:

1- مصدر: طهر.

2- براءة.

3- نظافة.

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


20-معجم الرائد (طهر)

طهر يطهر طهرا وطهارة وطهورا:

1- طهر: كان طاهرا.

2- طهر: صار طاهرا.

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


21-التعريفات الفقهية (الطهارة في اللغة)

الطهارة في اللغة: عبارة عن النظافة، وفي الشرع: عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة، أو هي إزالةُ خَبَثٍ أو حَدَث. وفي "مراقي الفلاح": "الطهارةُ: بالفتح مصدرٌ وبكسرها الآلة وبضمها فضلُ ما يُتطهر به".

التعريفات الفقهية-محمد عميم الإحسان-صدر: 1407هـ/1986م


22-لغة الفقهاء (الطهارة)

الطهارة: بفتح الطاء، النزاهة عن الأقذار... Cleanness

[*] رفع ما يمنع الصلاة من الحدث والنجس... Purity

معجم لغة الفقهاء-محمد رواس قلعه جي/حامد صادق قنيبي-صدر: 1405هـ/1985م


23-تعريفات الجرجاني (الطهارة)

الطهارة: في اللغة: عبارة عن النظافة، وفي الشرع: عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة بصفة مخصوصة.

التعريفات-علي بن محمد الجرجاني-توفي: 816هـ/1413م


24-مختار الصحاح (طهر)

(طَهَرَ) الشَّيْءُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا يَطْهُرُ بِالضَّمِّ (طَهَارَةً) فِيهِمَا.

وَالِاسْمُ (الطُّهْرُ) بِالضَّمِّ.

وَ (طَهَّرَهُ تَطْهِيرًا) وَ (تَطَهَّرَ) بِالْمَاءِ.

وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرُونَ أَيْ يَتَنَزَّهُونَ مِنَ الْأَدْنَاسِ.

وَرَجُلٌ (طَاهِرُ) الثِّيَابِ أَيْ مُنَزَّهٌ.

وَثِيَابٌ (طَهَارَى) بِوَزْنِ حَيَارَى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَأَنَّهُ جَمْعُ طَهْرَانَ.

وَ (الطُّهْرُ) بِالضَّمِّ ضِدُّ الْحَيْضِ وَالْمَرْأَةُ (طَاهِرٌ) مِنَ الْحَيْضِ وَ (طَاهِرَةٌ) مِنَ النَّجَاسَةِ وَمِنَ الْعُيُوبِ.

وَ (الطَّهُورُ) بِفَتْحِ الطَّاءِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ كَالْفَطُورِ وَالسَّحُورِ وَالْوَقُودِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48].

قُلْتُ: وَنَقَلَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ أَنَّ الطَّهُورَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّطَهُّرِ وَاسْمٌ لِمَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَصِفَةٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وَ (الْمَطْهَرَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا الْإِدَاوَةُ وَالْفَتْحُ أَعْلَى وَالْجَمْعُ (الْمَطَاهِرُ) وَيُقَالُ: السِّوَاكُ (مَطْهَرَةٌ) لِلْفَمِ بِوَزْنِ مَتْرَبَةٍ.

مختار الصحاح-محمد بن أبي بكر الرازي-توفي: 666هـ/1268م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م