نتائج البحث عن (عاهة)

1-العربية المعاصرة (عاهة)

عاهة [مفرد]: جمعه عاهات: آفة، مرض يُصيب الزرعَ والماشيةَ والإنسانَ والحيوانَ (لم تمنعْه عاهتُه من بلوغ هدفه- لاَ يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ [حديث]: مَنْ بإبله آفة على مَنْ إبله صحاح) (*) أهل العاهات/أصحاب العاهات: المصابون بها.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-المعجم الوسيط (العَاهَةُ)

[العَاهَةُ] ما يصيب الزرعَ والماشيةَ من آفة أَو مرض.

وفي الحديث: «لا يُورِدَنَّ ذو عاهةٍ على مُصِحٍّ» [حديث نبوي].

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


3-المعجم الوسيط (العَاهَةُ)

[العَاهَةُ]: (انظر: عوه).

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


4-شمس العلوم (العاهة)

الكلمة: العاهة. الجذر: عوه. الوزن: فَعَلَة.

[العاهة]: الآفة.

شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م


5-معجم متن اللغة (عاه عاهة وعؤوها الزرع والمال)

عاه- عاهة وعؤوها الزرع والمال: وقعت فيه عاهة فأفسدته.

و- الرجل: وقعت العاهة في زرعه أو ماشيته وإبله، فهو عائه وعاه وعاه.

والأرض معوهة ومعيهة ومعهوهة.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


6-معجم متن اللغة (العاهة)

العاهة: الآفة تقع في الرجل وفي مواشيه وزرعه فتفسدها.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


7-موسوعة الفقه الكويتية (عاهة 1)

عَاهَة -1

التَّعْرِيفُ:

1- الْعَاهَةُ لُغَةً: الْآفَةُ، يُقَالُ: عِيهَ الزَّرْعُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ- فَهُوَ مَعْيُوهٌ.

وَعَاهَ الْمَالُ يَعِيهِ: أَصَابَتْهُ الْعَاهَةُ- أَيِ الْآفَةُ- وَأَرْضٌ مَعْيُوهَةٌ: ذَاتُ عَاهَةٍ، وَأَعَاهُوا وَأَعْوَهُوا وَعَوَّهُوا: أَصَابَتْ مَاشِيَتَهُمْ أَوْ زَرْعَهُمُ الْعَاهَةُ.

وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَى الْعَاهَةِ الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ- الْمَرَضُ:

2- الْمَرَضُ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: السَّقَمُ نَقِيضُ الصِّحَّةِ، وَقَالَ الْفَيُّومِيُّ: الْمَرَضُ حَالَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الطَّبْعِ ضَارَّةٌ بِالْفِعْلِ، وَالْآلَامُ وَالْأَوْرَامُ أَعْرَاضٌ عَنِ الْمَرَضِ.

وَفِي الِاصْطِلَاحِ: مَا يَعْرِضُ لِلْبَدَنِ.

فَيُخْرِجُهُ عَنْ حَالَةِ الِاعْتِدَالِ الْخَاصِّ.

وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْمَرَضِ وَالْعَاهَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، يَجْتَمِعَانِ فِيمَا نَزَلَ بِالْإِنْسَانِ مِنِ اضْطِرَابِ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَزُولُ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي شَخْصِهِ أَمْ كَانَ فِي الْمَالِ، يَقُولُ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ: أَمْرَضَ الرَّجُلُ إِذَا وَقَعَ فِي مَالِهِ عَاهَةٌ.

وَتَنْفَرِدُ الْعَاهَةُ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَبْقَى، كَالْأَقْطَعِ فِي حَدٍّ مَثَلًا، فَهِيَ عَاهَةٌ لَيْسَتْ بِسَبَبِ مَرَضٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهَا فِي الشَّرِيعَةِ.

ب- الْعَيْبُ:

3- الْعَيْبُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى: الشَّيْنِ، وَبِمَعْنَى الْوَصْمَةِ، وَبِمَعْنَى الْعَاهَةِ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَعْنَى الْأَخِيرِ كَثِيرًا، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْإِنْسَانِ أَمِ الْحَيَوَانِ أَمِ الزَّرْعِ أَمْ غَيْرِهَا.

فَالْعَيْبُ أَعَمُّ مِنَ الْعَاهَةِ.

ج- الْجَائِحَةُ:

4- الْجَائِحَةُ: كُلُّ شَيْءٍ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ لَوْ عُلِمَ بِهِ كَسَمَاوِيٍّ كَالْبَرْدِ وَالْحَرِّ وَالْجَرَادِ وَالْمَطَرِ

وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْعَاهَةِ وَالْجَائِحَةِ عَلَاقَةُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ، فَالْجَائِحَةُ سَبَبٌ لِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْعَاهَاتِ وَلَيْسَتْ هِيَ الْعَاهَةُ ذَاتُهَا.

الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَاهَةِ:

الْعَاهَةُ وَأَثَرُهَا فِي أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ:

أَوَّلًا: اسْتِعَانَةُ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ بِمَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ

كَالْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ:

5- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِنَفْسِهِ، كَالْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ، وَوَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ لِلْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْلِ مُتَبَرِّعًا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِعَانَةُ.

كَمَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا، لَزِمَهُ الِاسْتِعَانَةُ، إِلاَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يُقِيمُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلِ اسْتِعَانَةِ ذِي الْعَاهَةِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ.

6- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الِاسْتِعَانَةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الِاسْتِعَانَةِ، فَهُوَ عَاجِزٌ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ عَنِ الْوُضُوءِ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: إِنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.

وَيُفَرِّقُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ قَالَ: إِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْخَدَمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعَ الْيَدِ.

وَوَجْهُهُ: أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ فِي الْحَضَرِ يَجِدُ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ مِنْ بَعِيدٍ، وَالْعَجْزُ بِعَارِضٍ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ.

أَمَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي الْوُضُوءِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، فَفِي إِعَادَةِ الصَّلَاةِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُعِيدُ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَيَنْقُلُ الْعَدَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعِيدُ إِذَا تَمَكَّنَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ.

ثَانِيهُمَا: أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ، أَوْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَقَاسَهُ الشِّيرَازِيُّ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ الْأَقْطَعُ عَلَى الْوُضُوءِ وَوَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَزِمَهُ، كَمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَلَّى وَأَعَادَ، كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا.

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مُعِينًا يُعِينُهُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ.

ثَانِيًا: غُسْلُ مَكَانِ الْقَطْعِ مِنَ الْأَقْطَعِ:

7- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ وَقُطِعَ مِنْهُ عُضْوٌ أَوْ شَعْرٌ أَوْ ظُفْرٌ لَا يَلْزَمُهُ غُسْلُ مَا ظَهَرَ، إِلاَّ إِذَا أَرَادَ ابْتِدَاءَ طَهَارَةٍ جَدِيدَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ بِغُسْلِهِ أَوْ مَسْحِهِ فَلَا يَعُودُ بِزَوَالِهِ، كَمَا إِذَا مَسَحَ وَجْهَهُ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ غَسَلَهُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ قُطِعَ أَنْفُهُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُعِيدُ الطَّهَارَةَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قُطِعَ مَحَلُّ الْفَرْضِ بِكَمَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَجَبَ غُسْلُهُ إِذَا كَانَ مِمَّا يُغْسَلُ وَمَسْحُهُ إِذَا كَانَ مِمَّا يُمْسَحُ.

وَلَكِنْ هَلْ يَدْخُلُ عَظْمُ الْمَرْفِقِ بِتَمَامِهِ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ؟ وَهَلْ يَدْخُلُ عَظْمُ الْكَعْبَيْنِ كَذَلِكَ؟

8- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَشْهُورِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَيَمَّمَ وَهُوَ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمَرْفِقَيْنِ فَعَلَيْهِ مَسْحُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ مِنَ الْمَرْفِقِ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ فَوْقِ الْمَرْفِقِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَسْحُهُ، فَإِنَّ مَا فَوْقَ الْمَرْفِقِ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِلطَّهَارَةِ، وَيَنُصُّ الْمَرْغِينَانِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْفِقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ يَدْخُلَانِ فِي الْغُسْلِ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّهُ إِنْ فَكَّ عِظَامَ الْمَرْفِقِ فَأَصْبَحَ عَظْمُ الذِّرَاعِ مُنْفَصِلًا عَنْ عَظْمِ الْعَضُدِ، وَجَبَ غَسْلُ رَأْسِ الْعَضُدِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: لَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُهُ حَالَةَ الِاتِّصَالِ لِضَرُورَةِ غَسْلِ الْمَرْفِقِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْوُجُوبِ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَرْفِقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ تَبَعًا لِنَصِّ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قُطِعَتْ رِجْلَاهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ: إِذَا تَوَضَّأَ غَسَلَ مَا بَقِيَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَغَسَلَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ أَيْضًا.

وَقَالَ سَحْنُونٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيَبْقَى مِنَ الْكَعْبَيْنِ شَيْءٌ؟ قَالَ نَعَمْ، إِنَّمَا يُقْطَعُ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَيْنِ.

وَيَسْأَلُ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ فَيَقُولُ: فَإِنْ هُوَ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنَ الْمَرْفِقَيْنِ، أَيَغْسِلُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَرْفِقَيْنِ، وَيَغْسِلُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ؟ قَالَ: لَا يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْمَرْفِقَيْنِ شَيْءٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ إِذَا قُطِعَتَا مِنَ الْمَرْفِقِ لِأَنَّ الْقَطْعَ قَدْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الذِّرَاعَيْنِ، وَلِأَنَّ الْمَرْفِقَيْنِ فِي الذِّرَاعَيْنِ فَلَمَّا ذَهَبَ الْمَرْفِقَانِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ.

ثَالِثًا: الْأَعْضَاءُ الزَّائِدَةُ:

9- الْأَعْضَاءُ الزَّائِدَةُ يَجِبُ غَسْلُهَا فِي رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِجَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَكَذَا فِي الْغَسْلِ الْمَسْنُونِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.

أَمَّا غَسْلُهَا أَوْ مَسْحُهَا فِي رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ: فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ خُلِقَ لَهُ عُضْوَانِ مُتَمَاثِلَانِ كَالْيَدَيْنِ عَلَى مَنْكِبٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُ الزَّائِدَةِ مِنَ الْأَصْلِيَّةِ، وَجَبَ غَسْلُهُمَا جَمِيعًا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}.

أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ تَمْيِيزُ الزَّائِدَةِ مِنَ الْأَصْلِيَّةِ، وَجَبَ غَسْلُ الْأَصْلِيَّةِ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَا الزَّائِدَةُ إِذَا نَبَتَتْ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ.

أَمَّا إِذَا نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَلَمْ تُحَاذِ مَحَلَّ الْفَرْضِ فَالِاتِّفَاقُ وَاقِعٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا مَسْحِهَا فِي التَّيَمُّمِ.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الزَّائِدَةُ نَابِتَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَحَاذَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا مَحَلَّ الْفَرْضِ، فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ يُوجِبُونَ غَسْلَ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ مِنْهَا أَوْ كُلَّهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَانَ لَهَا مِرْفَقٌ أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَهُمْ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: مَعَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يَعْلَى، وَالثَّانِي: قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَابْنِ عَقِيلٍ: إِنَّ النَّابِتَةَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا، قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً، لِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ شَعْرَ الرَّأْسِ إِذَا نَزَلَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، وَرَجَّحَهُ الْفَتُوحِيُّ، حَيْثُ قَالَ: فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهُمَا: وَيَدٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ.

الْجِلْدَةُ الَّتِي كُشِطَتْ:

10- إِذَا كُشِطَتِ الْجِلْدَةُ وَانْفَصَلَتْ عَنِ الْجِسْمِ عُومِلَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْجِسْمِ بَعْدَ كَشْطِهَا مُعَامَلَةَ الظَّاهِرِ مُطْلَقًا.

أَمَّا إِذَا كُشِطَتْ وَبَقِيَتْ مُتَعَلِّقَةً مُتَّصِلَةً بِالْجِسْمِ، فَفِي الْغَسْلِ يَجِبُ غَسْلُهَا، وَتُعَامَلُ كَسَائِرِ الْبَشَرَةِ.

أَمَّا فِي الْوُضُوءِ فَإِنْ تَقَلَّعَ الْجِلْدُ مِنَ الذِّرَاعِ وَتَدَلَّى مِنْهَا لَزِمَ الْمُكَلَّفَ غَسْلُهُ مَعَ غَسْلِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَأَشْبَهَ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ.

وَإِنْ تَقَلَّعَ مِنَ الذِّرَاعِ وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ الْعَضُدَ ثُمَّ تَدَلَّى مِنْهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنَ الْعَضُدِ.

وَإِنْ تَقَلَّعَ مِنَ الْعَضُدِ، وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إِلَى الذِّرَاعِ ثُمَّ تَدَلَّى مِنْهُ، لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنَ الذِّرَاعِ فَهُوَ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ.وَإِنْ تَقَلَّعَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْتَحَمَ بِالْآخَرِ، لَزِمَهُ غَسْلُ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ الَّذِي عَلَى الذِّرَاعِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُتَجَافِيًا عَنْ ذِرَاعِهِ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ مَعَ غَسْلِهِ.

رَابِعًا: الْأَصَابِعُ الْمُلْتَفَّةُ وَنَحْوُهَا:

11- إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَصَابِعُ الْمُلْتَفَّةُ يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَقُولُونَ: إِنَّ تَخْلِيلَ الْأَصَابِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ سُنَّةً سَوَاءٌ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ أَوْ أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ.

وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا بِوُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَبِوُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّ تَخْلِيلَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ سُنَّةٌ.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَصَابِعُ الْمُلْتَفَّةُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا إِلاَّ بِالتَّخْلِيلِ وَجَبَ التَّخْلِيلُ عِنْدَ الْجَمِيعِ.

فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَصَابِعُ مُلْتَصِقَةً وَمُلْتَحِمَةً فَلَا يَجُوزُ فَتْقُهَا لِتُخَلَّلٍ، بَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَضَرَّةٌ، وَقَدْ صَارَتْ كَالْأُصْبُعِ الْوَاحِدَةِ.

خَامِسًا: سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُ:

12- مَنْ عَاهَتُهُ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ كَاسْتِحَاضَةٍ وَسَلَسِ مَذْيٍ وَخُرُوجِ رِيحٍ دَائِمٍ وَنَاصُورٍ وَبَاسُورٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجُرُوحِ الدَّائِمَةِ الْفَوَرَانِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (سَلَس ف 5، وَاسْتِحَاضَة ف 30).

سَادِسًا: الْخَارِجُ مِنْ فَتْحَةٍ قَامَتْ مَقَامَ السَّبِيلَيْنِ:

13- إِذَا كَانَتِ الْعَاهَةُ تَتَمَثَّلُ فِي فَتْحَةِ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، يَخْرُجُ مِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ دَمٍ أَوْ دُودٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُعْتَادٌ أَوْ غَيْرُ مُعْتَادٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ.

فَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: قَصَرُوا التَّعْمِيمَ بِالْقَوْلِ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا بَيْنَهُمْ وَهِيَ مَا إِذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ الْأَصْلِيُّ وَكَانَتِ الْفَتْحَةُ تَحْتَ السُّرَّةِ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَخْرَجٍ تَخْرُجُ مِنْهُ هَذِهِ الْفَضَلَاتُ، فَأُقِيمَ الْمُنْفَتِحُ تَحْتَ السُّرَّةِ مَكَانَ الْمَخْرَجِ وَهُوَ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ، فَأَخَذَ الْخَارِجُ مِنْ هَذَا الْمَخْرَجِ حُكْمَ الْخَارِجِ مِنْهُمَا فَنُقِضَ الْوُضُوءُ قَوْلًا وَاحِدًا.

أَمَّا مَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ فَلَهُمْ فِيهَا خِلَافٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ).

وَالْحَنَفِيَّةُ عَمَّمُوا الْقَوْلَ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ نَجِسٍ، سَوَاءٌ خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِمَا بِشُرُوطِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْفَذًا مُنْفَتِحًا كَالْآنِفِ وَالْفَمِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، كَالْفَتْحَةِ تَحْتَ السُّرَّةِ أَمْ فَوْقَهَا، حَيْثُ قَاسُوا مَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ عَلَى الْخَارِجِ مِنْهُمَا.

وَالْحَنَابِلَةُ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَا خَرَجَ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ أَيِّ مَكَانٍ فِي الْجِسْمِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْفَتْحَةُ تَحْتَ السُّرَّةِ أَوْ فَوْقَهَا، لِأَنَّ الْخَارِجَ بَوْلٌ وَغَائِطٌ بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنِ الْمَحَلِّ، وَلَكِنَّهُمْ فَارَقُوهُمْ فِي غَيْرِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، كَالرِّيحِ وَالدَّمِ وَغَيْرِهِمَا إِذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ.

فَقَالُوا: إِنْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ طَاهِرًا فَلَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي الْجُمْلَةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً إِنْ كَانَ كَثِيرًا دُونَ الْيَسِيرِ.

سَابِعًا: الْبَوْلُ قَائِمًا لِمَنْ بِهِ عَاهَةٌ:

14- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْقُعُودِ لَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا، كَمَنْ بِهِ عَاهَةٌ فِي رِجْلِهِ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ أَوْ بِهِ بَاسُورٌ فَإِذَا جَلَسَ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً ضَايَقَهُ ذَلِكَ وَنَزَفَ مِنْهُ بَاسُورُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْعَاهَاتِ وَالْعِلَلِ.

وَقَدْ «فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَبَالَ قَائِمًا» فِيمَا رَوَاهُ حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم- انْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا» وَمَا وَرَدَ عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا».

وَقَدْ جَمَعَ الْعُلَمَاءُ الْمُحَدِّثُونَ وَالْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا: أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم- فَعَلَ ذَلِكَ لِجُرْحٍ كَانَ فِي مَأْبِضِهِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- بَالَ قَائِمًا مِنْ جُرْحٍ كَانَ بِمَأْبِضِهِ» وَالْمَأْبِضُ مَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا بَالَ - صلى الله عليه وسلم- قَائِمًا لِوَجَعٍ فِي صُلْبِهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَمَّا غَيْرُ صَاحِبِ الْعَاهَةِ فَالْبَوْلُ قَائِمًا مَكْرُوهٌ لَهُ تَنْزِيهًا.

ثَامِنًا: مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ:

15- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْوَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَالْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءًفَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَدَلَّ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ التَّيَمُّمَ فِي حَالَتَيْنِ، أَحَدُهُمَا: السَّفَرُ وَالْإِعْوَازُ مِنَ الْمَاءِ، وَالْآخَرُ: لِلْمَرِيضِ فِي حَضَرٍ كَانَ أَوْ سَفَرٍ.

وَقَدِ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفُرُوعِ (ر: تَيَمُّم ف 21- 22).

الْعَاهَةُ وَأَثَرُهَا فِي أَحْكَامِ الصَّلَاةِ:

أَوَّلًا- أَذَانُ الْأَعْمَى:

16- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ: إِلَى أَنَّ أَذَانَ الْأَعْمَى جَائِزٌ إِذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي: قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ أَذَانَ الْبَصِيرِ أَفْضَلُ مِنْ أَذَانِ الْأَعْمَى، فَيُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ أَذَانُ الْأَعْمَى، إِلاَّ إِذَا كَانَ مَعَهُ بَصِيرٌ يُعْلِمُهُ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ فَلَا كَرَاهَةَ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ أَذَانُ الْأَعْمَى إِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فِي أَذَانِهِ أَوْ قَلَّدَ ثِقَةً فِي دُخُولِ الْوَقْتِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ أَعْمَى، لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَصِيرٌ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ أَعْمَى كَانَ يُؤَذِّنُ مَعَ بِلَالٍ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ بَصِيرًا، لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَعْرِفُ الْوَقْتَ فَرُبَّمَا غَلِطَ، فَإِنْ أَذَّنَ الْأَعْمَى صَحَّ أَذَانُهُ، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: كَرِهَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنهما- أَذَانَ الْأَعْمَى، وَكَرِهَ ابْنُ عَبَّاسِ إِقَامَتَهُ.

ثَانِيًا: اسْتِقْبَالُ الْأَعْمَى لِلْقِبْلَةِ:

17- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْأَعْمَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَدِلَّةِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ، قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا تَحَرَّى، وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (اسْتِقْبَال ف 36).

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى الْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ بَلْ يَسْأَلُ عَنِ الْأَدِلَّةِ لِيَهْتَدِيَ بِهَا إِلَى الْقِبْلَةِ.

أَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ، وَهُوَ الْجَاهِلُ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ يَكْفِيهِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَلِّدَ مُكَلَّفًا عَدْلًا عَارِفًا بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ أَوْ مِحْرَابًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْشِدُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ جِهَةً مِنَ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَيُصَلِّي إِلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً.

18- أَمَّا مَنْ بِهِ عَاهَةٌ أُخْرَى كَالْمَشْلُولِ وَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ مُفَارَقَةَ سَرِيرِهِ لِعَاهَةٍ فِي عَيْنَيْهِ، أَوْ لِجُرْحٍ فِي جَسَدِهِ لَوْ حَرَّكَ لَنَزَفَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وَنَحْوَهُمْ إِذَا وَجَدُوا مَنْ يُوَجِّهُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ دُونَ ضَرَرٍ يَلْحَقُ بِهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِمُ التَّوَجُّهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَلَوْ صَلَّوْا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَجِّهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، أَوْ وَجَدَ وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَحْوِيلُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ لِعَاهَةٍ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، يُخْشَى عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَرِ إِنْ تَحَرَّكَ سَرِيرُهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

أَوَّلُهَا: أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَالَةٍ وَيُعِيدُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَدَلِيلُهُمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الْعُمُومِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} وَلَمْ يُبِحْ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتْرُكَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، وَإِذَا وَجَدَ مَنْ يُحَوِّلُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ أَعَادَ.

وَثَانِيهَا: قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِمُسَاعِدٍ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، وَيُعِيدُ إِذَا وَجَدَ مَنْ يُحَوِّلُهُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ فِي الْوَقْتِ

وَجَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ تَحْوِيلُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ لِمَرَضٍ بِهِ أَوْ جُرْحٍ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي إِلاَّ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيُحْتَالُ لَهُ فِي- ذَلِكَ، فَإِنْ هُوَ صَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ.

ثَالِثُهَا: قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ: أَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، وَلَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ مَا دَامَ لَا يَسْتَطِيعُ التَّحَوُّلَ إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ إِلَيْهَا، نَقَلَهُ السَّرَخْسِيُّ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ شَرْطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ، وَالْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ أَرْكَانٌ، ثُمَّ مَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ الْأَرْكَانِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ، فَكَذَلِكَ مَا سَقَطَ عَنْهُ مِنَ الشُّرُوطِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ.

وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}

وَلِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

ثَالِثًا: مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ:

19- مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، كَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ أَوِ الْجُلُوسِ أَوِ السُّجُودِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَرْكَانِ صَلَّى كَيْفَ أَمْكَنَهُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْفَرْضُ أَوِ النَّفَلُ.

وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْعَاجِزِ عَنِ السُّجُودِ:

20- إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ السُّجُودِ وَأَمْكَنَ رَفْعُ وِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا لِيَسْجُدَ عَلَيْهَا:

فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا يَرْفَعُ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ - رضي الله عنه-: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم- عَادَ مَرِيضًا فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ، فَأَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا، فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ: صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إِنِ اسْتَطَعْتَ وَإِلاَّ فَأَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ».

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، أَوْ يُومِئُ بِالسُّجُودِ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الْمَرِيضِ يُومِئُ أَوْ يَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةٍ؟ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ، لَا بَأْسَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَالْإِيمَاءُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنهم- مَوْقُوفًا وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَالسُّجُودُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنهم-.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: كَيْفِيَّةُ قُعُودِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ:

21- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ يُؤَدِّيهَا قَاعِدًا إِنِ اسْتَطَاعَ، لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه- يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ كَيْفَ أُصَلِّي؟ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم-: صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَفْضَلِيَّةِ الْقُعُودِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْقُعُودَ عَلَى هَيْئَةِ التَّرَبُّعِ مُسْتَحَبٌّ، لِأَنَّ الْقُعُودَ فِي حَالَةِ الْعَجْزِ بَدَلٌ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقِيَامُ يُخَالِفُ قُعُودَ الصَّلَاةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَدَلُهُ مُخَالِفًا لَهُ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ- فِي الْأَظْهَرِ عِنْدَهُمْ- إِلَى أَنَّ الِافْتِرَاشَ فِي الْقُعُودِ أَفْضَلُ مِنَ التَّرَبُّعِ لِأَنَّ الِافْتِرَاشَ قُعُودُ عِبَادَةٍ بِخِلَافِ التَّرَبُّعِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حُكْمُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقُعُودِ:

22- ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقُعُودِ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ وَنُدِبَ عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ السَّابِقِ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».

وَظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَحْمَدَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا مَعَ إِمْكَانِ الصَّلَاةِ عَلَى جَنْبِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَالدَّلِيلُ يَقْتَضِي أَلاَّ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- «فَعَلَى جَنْبٍ» وَلِأَنَّهُ نَقَلَهُ إِلَى الِاسْتِلْقَاءِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى جَنْبٍ، فَهِيَ مُرَتَّبَةٌ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ «عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه- قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْقُعُودَ اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ، وَرِجْلَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَأَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم-: «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ يُومِئُ إِيمَاءً».

وَقَدْ جَوَّزَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّهُ إِذَا اسْتَلْقَى عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ جَازَ.

فَالْأَصْلُ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ كَمَا يَقُولُ السَّرَخْسِيُّ قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} قَالَ الضَّحَّاكُ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ بَيَانُ حَالِ الْمَرِيضِ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ كَانَ عَاجِزًا فَقَدَرَ أَوْ كَانَ قَادِرًا فَعَجَزَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ:

23- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَاجِزًا فَاسْتَطَاعَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَوْ كَانَ مُسْتَطِيعًا فَعَجَزَ، صَلَّى كُلٌّ حَسَبَ الْحَالَةِ الَّتِي صَارَ إِلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَوْلَى بِعُذْرِهِ وَأَعْلَمُ، فَمَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ ثُمَّ اسْتَطَاعَهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَا يَسْتَأْنِفُهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ انْتَقَلَ إِلَى الْجُلُوسِ، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَبِحَالِهِ الَّتِي صَارَ إِلَيْهَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ صَلَاتَهُ كُلَّهَا قَاعِدًا عِنْدَ الْعَجْزِ، وَيُؤَدِّيَهَا جَمِيعًا قَائِمًا عِنْدَ الْقُدْرَةِ، فَتَأْخُذُ كُلُّ حَالَةٍ حُكْمَهَا.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ صُوَرٍ ثَلَاثٍ فِي الْحُكْمِ:

أُولَاهَا: إِنْ صَلَّى الصَّحِيحُ بَعْضَ صَلَاتِهِ قَائِمًا، ثُمَّ حَدَثَ بِهِ مَرَضٌ يُتِمُّهَا قَاعِدًا، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَوْ يُومِئُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ، أَوْ مُسْتَلْقِيًا إِنْ لَمْ يَقْدِرْ، لِأَنَّهُ بِنَاءُ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى، فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ، فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ.

وَثَانِيَتُهَا: مَنْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِمَرَضٍ، ثُمَّ صَحَّ، بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ قَائِمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ اسْتَقْبَلَ.

وَثَالِثَتُهَا: إِنْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِإِيمَاءٍ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، اسْتَأْنَفَ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الرَّاكِعِ بِالْمُومِئِ، فَكَذَا الْبِنَاءُ.

أَمَّا زُفَرُ فَجَوَّزَهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ مِنْ تَجْوِيزِ اقْتِدَاءِ الرَّاكِعِ بِالْمُومِئِ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: مَنْ عَجَزَ عَنِ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ:

24- مَنْ عَجَزَ عَنِ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ يُومِئُ بِطَرَفِهِ، فَإِنْ عَجَزَ أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ، وَلَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رضي الله عنهما- «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْمَأَ بِطَرَفِهِ» وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ، أَشْبَهَ الْقَادِرَ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

وَالرَّاجِحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْإِيمَاءَ بِرَأْسِهِ أُخِّرَتِ الصَّلَاةُ عَنْهُ، وَلَا يُومِئُ بِعَيْنِهِ وَلَا بِقَلْبِهِ وَلَا بِحَاجِبَيْهِ، خِلَافًا لِزُفَرَ وَرِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَا أَشُكُّ أَنَّ الْإِيمَاءَ بِرَأْسِهِ يُجْزِئُهُ، وَلَا أَشُكُّ أَنَّهُ بِقَلْبِهِ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَشُكُّ فِيهِ بِالْعَيْنِ.

وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ، حَتَّى وَلَوْ زَادَتْ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِذَا كَانَ مُفِيقًا، وَصَحَّحَ قَاضِيخَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إِذَا كَثُرَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ.

رَابِعًا- إِمَامَةُ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ رُكْنٍ مِنَ الصَّلَاةِ:

25- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ رُكْنٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ إِمَامًا بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ الْعَاهَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ ذِي الْعَاهَةِ لِلصَّحِيحِ، فَجَوَّزَهَا بَعْضُهُمْ، وَمَنَعَهَا آخَرُونَ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (اقْتِدَاء ف 40).

خَامِسًا: مَنْ بِهِ عَاهَةٌ عَلَى صُورَةِ مُبْطِلٍ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ:

الْعَاهَةُ هُنَا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: عَاهَةٌ عَارِضَةٌ كَالتَّنَحْنُحِ وَالسُّعَالِ وَنَحْوِهِمَا، وَعَاهَةٌ خِلْقِيَّةٌ كَالتَّأْتَأَةِ وَالْفَأْفَأَةِ وَنَحْوِهَا.

26- أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ بِالسُّعَالِ وَالتَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِمَا حَرْفَانِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا إِذَا ظَهَرَ حَرْفَانِ أَوْ أَكْثَرُ، وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ.

أَمَّا إِذَا اسْتَطَاعَ دَفْعَهُ وَفَعَلَهُ لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

فَجُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لِأَنَّ مَا كَانَ لِمَصْلَحَةِ الْقِرَاءَةِ يُلْحَقُ بِهَا.

أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ التَّنَحْنُحِ وَغَيْرِهِ كَالسُّعَالِ وَالتَّأَوُّهِ مَثَلًا، أَمَّا السُّعَالُ وَنَحْوُهُ فَالْأَشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ- وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ- أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ..وَلِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إِلاَّ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ وَالنُّصُوصُ الْعَامَّةُ تَمْنَعُ مِنَ الْكَلَامِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَرِدْ مَا يُخَصِّصُهُ وَلَهُمْ فِي التَّنَحْنُحِ قَوْلَانِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّحْنَحَةَ لَا تُسَمَّى كَلَامًا، وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ.

وَذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ.

27- وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْعَاهَةُ الْخِلْقِيَّةُ كَصَاحِبِ التَّأْتَأَةِ وَالْفَأْفَأَةِ وَالْأَلْثَغِ وَنَحْوِهِمْ فَهَذِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فِي حَالِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، وَيُعَامَلُ هَؤُلَاءِ مُعَامَلَةَ الْأُمِّيِّ، فِي أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ إِصْلَاحُ هَذَا الْمَرَضِ وَعِلَاجُهُ، وَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ فُرَادَى وَمَأْمُومِينَ لِقَارِئٍ، وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ.

أَمَّا إِمَامَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْقَارِئِ فَهِيَ مَحَلُّ خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

فَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ التَّأْتَأَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ زِيَادَةُ حَرْفٍ، فَيَكْرَهُونَ الْإِمَامَةَ لِصَاحِبِهَا إِلاَّ لِمِثْلِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي قِرَاءَتِهِمْ نَقْصًا عَنْ حَالِ الْكَمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَصَحَّتِ الصَّلَاةُ بِإِمَامَتِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِالْوَاجِبِ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ حَرَكَةً أَوْ حَرْفًا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ كَتَكْرِيرِ الْآيَةِ.

وَأَمَّا الْأَرَتُّ، وَهُوَ الَّذِي يُدْغِمُ حَرْفًا فِي غَيْرِهِ، وَالْأَلْثَغُ وَهُوَ الَّذِي يُبَدِّلُ حَرْفًا بِغَيْرِهِ، فَهَذَانِ وَأَمْثَالُهُمَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِمَا، لِأَنَّهُمْ كَالْأُمِّيِّ، وَالْأُمِّيُّ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ.

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا فِيهِ زِيَادَةُ حَرْفٍ كَالتَّأْتَأَةِ، وَمَا فِيهِ تَغْيِيرُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ، أَوْ إِدْغَامُهُ بِهِ، وَيُسَمِّي خَلِيلٌ صَاحِبَ كُلِّ هَذَا (أَلْكَنُ)، وَيُعَلِّقُ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ بِقَوْلِهِ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِأَلْكَنَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتِ اللُّكْنَةُ فِي الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَلْكَنُ هُوَ: مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ أَلْبَتَّةَ، أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُغَيَّرًا، فَيَشْمَلُ التِّمْتَامَ، وَهُوَ الَّذِي يَنْطِقُ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ بِتَاءٍ مُكَرَّرَةٍ، وَالْأَرَتَّ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ اللاَّمَ تَاءً أَوْ مَنْ يُدْغِمُ حَرْفًا فِي حَرْفٍ، وَالْأَلْثَغَ وَهُوَ مَنْ يُحَوِّلُ اللِّسَانَ مِنَ السِّينِ إِلَى الثَّاءِ، أَوْ مِنَ الرَّاءِ إِلَى الْغَيْنِ، أَوِ اللاَّمِ أَوِ الْيَاءِ، أَوْ مِنْ حَرْفٍ إِلَى حَرْفٍ، أَوْ مَنْ لَا يَتِمُّ رَفْعُ لِسَانِهِ لِثِقَلٍ فِيهِ، وَالطَّمْطَامَ وَهُوَ مَنْ يُشْبِهُ كَلَامُهُ كَلَامَ الْعَجَمِ وَنَحْوِهِمْ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


8-موسوعة الفقه الكويتية (عاهة 2)

عَاهَة -2

سَادِسًا- أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي إِسْقَاطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ:

28- مِنَ الْعَاهَاتِ الَّتِي تُسْقِطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ فَرْضَ الْجُمُعَةِ- عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ- الْعَاهَةُ الَّتِي تَعْجِزُ عَنْ حُضُورِ الصَّلَاةِ كَالشَّلَلِ، وَالْعَمَى فِيمَنْ لَا يَجِدُ قَائِدًا، وَقَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَقَطْعُ الرِّجْلَيْنِ لِمَنْ لَا يَجِدُ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَكَذَلِكَ الْعَاهَةُ الْمُنَفِّرَةُ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَلِلتَّفْصِيلِ انْظُرْ: (صَلَاةُ الْجُمُعَةِ ف 13 وَمَا بَعْدَهَا).

أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي الزَّكَاةِ:

أَثَرُ الْعَاهَةِ قَدْ تَكُونُ مُؤَثِّرَةً فِي الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ أَوِ الْإِجْزَاءُ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أَوَّلًا- مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ:

29- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ عَاهَتُهُ الْجُنُونُ، سَوَاءٌ كَانَ جُنُونُهُ مُطْبِقًا أَوْ مُتَقَطِّعًا، هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَتَخْرُجُ لِوَقْتِهَا، وَلَوْ كَانَ أَثْنَاءَ جُنُونِهِ.أَمْ لَا؟

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاة ف 11) وَمُصْطَلَحِ: (جُنُون فِقْرَةُ 14).

ثَانِيًا: أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي الْإِجْزَاءِ فِي الزَّكَاةِ:

30- الْحَيَوَانُ الَّذِي أُصِيبَ بِعَاهَةٍ، كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَالْهَرَمِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعَاهَاتِ، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَخْذِهِ فِي الزَّكَاةِ، بَعْدَ أَنِ اتَّفَقُوا عَلَى عَدِّهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ حَيَوَانَاتِ النِّصَابِ إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا مَعُوهَةً مَئُوفَةً، فَإِنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ يُؤْخَذُ مِنَ الْمَعِيبِ، وَيُرَاعَى الْوَسَطُ، وَلَا يُكَلَّفُ رَبُّ الْمَالِ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ لِإِخْرَاجِهَا فِي الزَّكَاةِ.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما-: «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم- «وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهَا» وَأَيْضًا فَإِنَّ تَكْلِيفَ الصَّحِيحَةِ عَنِ الْمِرَاضِ إِخْلَالٌ بِالْمُوَاسَاةِ، وَمَبْنَى الزَّكَاةِ عَلَيْهَا وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ.

وَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ غُلَامُ الْخَلاَّلِ إِلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ إِلاَّ صَحِيحَةٌ، لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا يُؤْخَذُ إِلاَّ مَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ أَخْذِ ذَاتِ الْعَاهَةِ فِي حَدِيثِ: «وَلَا يُخْرِجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةً، وَلَا ذَاتَ عَوَارٍ».

وَعَلَى هَذَا، فَيَشْتَرِي شَاةً صَحِيحَةً يُخْرِجُهَا عَنْ غَنَمِهِ الْمِرَاضِ وَالْمَعُوهَاتِ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَالِكٌ، قَدْ نَقَلَتِ الْمُدَوَّنَةُ قَوْلَهُ: يُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ كُلُّ ذَاتِ عَوَارٍ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا، وَالْعَمْيَاءُ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ، وَلَا تُؤْخَذُ فِيهَا، وَلَا مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ كُلُّهَا قَدْ جَرِبَتْ؟ فَقَالَ: عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَاةٍ فِيهَا وَفَاءٌ مِنْ حَقِّهِ، وَسُئِلَ: وَكَذَلِكَ ذَوَاتُ الْعَوَارِ إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ ذَوَاتَ عَوَارٍ كُلُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ مَا اسْتَثْنَاهُ الرَّسُولُ- صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِهِ السَّابِقِ فَقَالَ: لَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ إِلاَّ إِذَا رَأَى فِي ذَلِكَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ.

هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ حَيَوَانَاتُ النِّصَابِ كُلُّهَا مَرِيضَةً مَعُوهَةً، أَمَّا إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةً فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْمَعِيبَةِ عَنِ الصَّحِيحَةِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.

وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مَعِيبًا، وَبَعْضُهَا صَحِيحًا، فَلَا يَقْبَلُ عَنْهَا فِي الزَّكَاةِ إِلاَّ الصَّحِيحَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ نِصْفُ مَالِهِ صَحِيحًا، وَنِصْفُهُ الْآخَرُ مَعِيبًا، كَانَ لَهُ إِخْرَاجُ صَحِيحَةٍ وَمَعِيبَةٍ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ.

ثَالِثًا: أَثَرُ عَاهَةِ الزَّرْعِ فِي الزَّكَاةِ:

31- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ عَاهَةِ الزَّرْعِ فِي الزَّكَاةِ، وَاخْتِلَافُهُمْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ.

فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ الزَّكَاةُ بِنَفْسِ الْخُرُوجِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رحمه الله- (بِالْإِدْرَاكِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.

وَعِنْدَ مَالِكٍ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الزَّرْعِ إِذَا أَفْرَكَ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَجِبُ الْعُشْرُ إِلاَّ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا أَفْرَكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي مُوسَى الَّذِي قَالَ: تَجِبُ زَكَاةُ الْحَبِّ يَوْمَ حَصَادِهِ.لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.

فَإِذَا هَلَكَتِ الزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ بِعَاهَةٍ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ.

وَإِذَا هَلَكَتْ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُوجِبُونَ الزَّكَاةَ فِيمَا هَلَكَ، سَوَاءٌ كَانَ هَلَاكُهُ بَعْدَ حَصَادِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَبُو حَنِيفَةَ النِّصَابَ، وَاشْتَرَطَهُ الصَّاحِبَانِ وَقَالُوا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَسْقُطُ بِهَلَاكِ مَحَلِّهِ، وَالْقَوْلُ بِبَقَاءِ الْوَاجِبِ بَعْدَ هَلَاكِهِ يُحِيلُهُ إِلَى صِفَةِ الْعُسْرِ.

وَعِنْدَ مَالِكٍ إِذَا هَلَكَتِ الثِّمَارُ وَالزُّرُوعُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا بَيْتَهُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حَصَادِهِ وَبَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، أَوْ بَعْدَ حَصَادِهَا، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ، إِلاَّ إِذَا بَقِيَ بَعْدَ الْهَلَاكِ نِصَابٌ.

وَإِذَا جَمَعَهُ بَعْدَ حَصَادِهِ فِي مَكَانٍ، وَعَزَلَ مِنْهُ الْعُشْرَ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَتَلِفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي حِفْظِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى اعْتِبَارِ التَّفْرِيطِ مِقْيَاسًا، فَإِذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ بَعْدَ أَنْ حَلَّتْ زَكَاةٌ فَمَنْ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ أَوْ فِي تَأْخِيرِ الدَّفْعِ يُعَامَلُ بِتَفْرِيطِهِ، وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِ يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ، وَمَنْ لَمْ يُفَرِّطْ: فَإِنْ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ وَلَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ، كَمَا لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا هَلَكَ مِنْ أَمْوَالِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ.

وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلاَّ بِجَعْلِ الثِّمَارِ فِي الْجَرِينِ، وَبِجَعْلِ الزَّرْعِ فِي الْبَيْدَرِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ سَقَطَتْ، وَلَا يُحَاسَبُ عَلَى مَا هَلَكَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَسْتَقِرَّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الزَّكَاةُ ابْتِدَاءً.

وَإِذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ حَقَّ الْفُقَرَاءِ فِيمَا هَلَكَ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَيُحَاسَبُ عَلَيْهَا وَيُخْرِجُ عَنْهَا زَكَاتَهَا، سَوَاءٌ تَلِفَ الْكُلُّ أَمِ الْبَعْضُ.

أَمَّا إِذَا كَانَ التَّلَفُ لِبَعْضِهَا بِدُونِ تَفْرِيطٍ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِي الْبَاقِي إِذَا كَانَ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَجَبَ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ خُرِصَ أَوْ لَمْ يُخْرَصْ.

أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي الْحَجِّ:

أَوَّلًا: مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْحَجِّ:

32- مَنْ أُصِيبَ بِعَاهَةٍ تَمْنَعُهُ مِنَ الْحَجِّ كَالْمَشْلُولِ وَالْمَقْطُوعِ وَنَحْوِهِمَا.

فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ سَقَطَ الْحَجُّ عَنْهُ، أَمَّا إِذَا مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجّ ف 19).

ثَانِيًا: مَا لَا يُقْبَلُ فِي الْهَدْيِ لِعَاهَةٍ فِيهِ:

33- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ ذَوَاتِ الْعَاهَاتِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي: أُضْحِيَّة فِقْرَةُ 26 (وَهَدْي).

أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ:

34- قَدْ يُصَابُ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِبَعْضِ الْعَاهَاتِ الَّتِي تُسْقِطُ الْأَهْلِيَّةَ لِلتَّعَاقُدِ كَالْجُنُونِ، أَوْ تَقْصُرُهَا عَلَى بَعْضِ أَنْوَاعِ التَّعَامُلِ، وَقَدْ شَرَحَ الْأُصُولِيُّونَ هَذِهِ الْعَاهَاتِ وَعَبَّرُوا عَنْهَا بِعَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ.ر: (أَهْلِيَّة) (وَبَيْع) فِقْرَةُ 26، وَالْمُلْحَقُ الْأُصُولِيُّ.

وَمِنَ الْفُرُوعِ الَّتِي يُبْحَثُ تَأْثِيرُ الْعَاهَاتِ فِيهَا مَا يَلِي:

أَوَّلًا- بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَتُصِيبُهَا الْعَاهَةُ:

35- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الثَّمَرَةِ تُصِيبُهَا عَاهَةٌ بِسَبَبِ جَائِحَةٍ، فَتَتْلَفُ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (ثِمَار- فِقْرَةُ 17 وَجَائِحَة 6- 10).

ثَانِيًا- أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ:

36- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أُصِيبَتِ الثَّمَرَةُ أَوِ الزَّرْعُ بِآفَةٍ أَوْ جَائِحَةٍ فَأَتَتْ عَلَى الْمَحْصُولِ كُلِّهِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، وَإِذَا أَهْلَكَتِ الْبَعْضَ جَرَى فِيهِ الشَّرْطُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ.

ثَالِثًا: أَثَرُ الْعَاهَةِ تُصِيبُ الْمُسْلَمَ فِيهِ:

37- إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، بِأَنْ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ أَوْ جَائِحَةٌ فَانْقَطَعَ جِنْسُ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ، فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُسْلِمِ وُجُودَ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَعِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا.

وَالْجُمْهُورُ يُرَجِّحُونَ تَخْيِيرَ الْمُسْلِمِ مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَلَكِنْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مَقْدُورٍ فِي الظَّاهِرِ، وَهَذَا يَسْتَوْجِبُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَعُرُوضُ الِانْقِطَاعِ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِلاَّ الْخِيَارَ.

وَقَدْ وَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ- غَيْرَ زُفَرَ- الْجُمْهُورَ فِيمَا إِذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَقَالُوا: لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ: إِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ وَانْتُظِرَ وُجُودُهُ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ: أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَرِوَايَةً عَنِ الْكَرْخِيِّ، وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، لِعَدَمِ إِمْكَانِ التَّسْلِيمِ فِي كُلٍّ، فَإِنَّ الشَّيْءَ كَمَا لَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لَا يَبْقَى عِنْدَ فَوَاتِهِ.

رَابِعًا: أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي النِّكَاحِ:

38- قَدْ يُصَابُ الزَّوْجُ أَوِ الزَّوْجَةُ بِعَاهَةٍ قَبْلَ عَقْدِ الزَّوَاجِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ تَنَاوَلَ الْفُقَهَاءُ أَثَرَ الْعَاهَةِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ إِمْضَائِهِ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاح، وَفَرْقُ النِّكَاحِ).

خَامِسًا: أَثَرُ الْعَاهَةِ فِي أَحْكَامِ الْجِهَادِ:

39- يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يُفْرَضُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْجِهَادِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ، فَمَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ بَذْلُ الْجَهْدِ- وَهُوَ الْوُسْعُ وَالطَّاقَةُ- فِي قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَمَنْ لَا وُسْعَ لَهُ وَلَا طَاقَةَ عِنْدَهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْجِهَادِ.

وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (جِهَاد ف 21).

الْفِرَارُ مِمَّنِ ابْتُلِيَ بِعَاهَةٍ:

40- اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي حُكْمِ اجْتِنَابِ مَنِ ابْتُلِيَ بِعَاهَةِ الْجُذَامِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَنْتَقِلُ مِنَ الْمَرِيضِ إِلَى السَّلِيمِ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (جُذَام ف 5 وَمَا بَعْدَهَا).

(

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


9-المعجم الغني (عوه)

عَاهَةٌ- الجمع: (عَاهَاتٌ ). [عوه/عيه]:

1- "بِهِ عَاهَةٌ": مُصَابٌ بِآفَةٍ وَمَرَضٍ ظَاهِرٍ لِلْعِيَانِ.

2- "عَاهَةٌ نَبَاتِيَّةٌ": مَا يُصِيبُ الزَّرْعَ مِنَ الآفَاتِ.

3- "عَاهَةٌ حَيَوَانِيَّةٌ": مَا يُصِيبُ الْحَيَوَانَاتِ مِنَ الأَمْرَاضِ كَالْجَرَبِ وَغَيْرِهِ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


10-معجم الرائد (عاهة)

عاهة:

1- فساد أو مرض يقع في الزرع أو الماشية أو أحد أعضاء الإنسان.

2- «أصحاب العاهات، أو أهلها»: المصابون بها.

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


11-التعريفات الفقهية (العاهة)

العاهة: الآفة.

التعريفات الفقهية-محمد عميم الإحسان-صدر: 1407هـ/1986م


12-لغة الفقهاء (العاهة)

العاهة: بفتح الهاء، الجمع: عاهات، المرض، المرض الدائم... Infirmity

[*] العجز الدائم في بعض الأعضاء... Physical disability

معجم لغة الفقهاء-محمد رواس قلعه جي/حامد صادق قنيبي-صدر: 1405هـ/1985م


13-مختار الصحاح (عوه)

(الْعَاهَةُ) الْآفَةُ.

يُقَالُ: (عِيهَ) الزَّرْعُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَهُوَ (مَعْيُوهٌ).

مختار الصحاح-محمد بن أبي بكر الرازي-توفي: 666هـ/1268م


14-القانون (عاهة دائمة)

عاهة دائمة: العاهة التي يغلب اعتبارها دائمة لا مؤقتة.

المعجم القانوني (الفاروقي)


15-القانون (عاهة ملازمة)

عاهة ملازمة: تنشأ عن إصابة بليغة وتلازم المصاب باقي حياته.

المعجم القانوني (الفاروقي)


16-القانون (عاهة جسمية)

عاهة جسمية: علة مستديمة تحل بالبدن فتنال من صحته وقدرته على اداء وظائفه العادية.

المعجم القانوني (الفاروقي)


17-القانون (عاهة جسمية؛ عجز بدني)

عاهة جسمية؛ عجز بدني: العجز الناشئ عن علة أو نقص في الجسم أو عن ضعف أو خلل في العقل.

المعجم القانوني (الفاروقي)


18-القانون (عجز شامل؛ عاهة أو زمانة كلية)

عجز شامل؛ عاهة أو زمانة كلية: العجز الناشئ عن إصابة تركت في الجسم علة دائمة أو داء عضالا لا يؤمل شفاؤه.

المعجم القانوني (الفاروقي)


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com