نتائج البحث عن (موقها)
1-المعجم الوسيط (الشَّوْصَاءُ)
[الشَّوْصَاءُ]: مؤنَّث الأشْوَصِ.و- العَيْنُ التي كأَنَّها تنظر من مُوقِهَا أو من فَوقِها.
(والجمع): شُوصٌ.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
2-المعجم الوسيط (رَمِصَتِ)
[رَمِصَتِ] العيْنُ -َ رَمَصًا: اجتمَعَ في مُوقِها وَسَخٌ أبيضُ.ويقاد: رَمِصَ فلانٌ، فهو أرْمَصُ، وهي رَمْصاءُ.
(والجمع): رُمْصٌ.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
3-شمس العلوم (أَدْلَعَ)
الكلمة: أَدْلَعَ. الجذر: دلع. الوزن: الْإِفْعَال.[أَدْلَعَ] الرجل لسانَهُ: إِذا أخرجه.
وفي حديث النبي عليه السلام: «أن امرأة رأت كلبًا في يوم حار يُطيف ببئرٍ قد أَدْلَعَ لسانَهُ من العطش فنزعت له بموقها فَغُفِر لها».
موقها: خُفٌّ مقطوع.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
4-معجم متن اللغة (رمصت)
رمصت: رمصًا عينه: جمعت الوسخ في موقها: أصابها الرمص، وهو أرمص وهي رمصاء.معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
5-الغريبين في القرآن والحديث (حبر)
(حبر)قوله: {الأحبار والرهبان}.
قال ابن عرفة: واحد الأحبار: حبر وحبر: وهو العالم وكان يقال، لابن عباس (الحبر والبحر) وسورة المائدة تسمى سورة الأحبار.
وقال جرير الخطفي:
«إن البعيث وعبدآل مقاعس *** لا يقرآن بسورة الأحبار»
المعنى أنهما لا يفيان بالعهود، أي: لا يقرآن بقوله تعالى: {أوفوا بالعقود} وقوله: {فهم في روضة} قال مجاهد: ينعمون وقيل يسيرون بالسماع في الجنة والحبرة النعمة والحبرة السرور وإنما سمي بذلك لأنه يتبين في وجه صاحبه والحبر والحبار الأثر.
في الحديث (يخرج رجل من أهل النار قد ذهب خبره وسبره).
قال أبو عبيد عن الأصمعي: أي: جماله وهيئته وقال غيره: ويقال: بالفتح الحبر والسبر بالفتح ويقال كعب الحبر لمكان هذا الحبر الذي تكتب به وذلك أنه كان صاحب كتب وكان أبو الهيثم ينكر الحبر ويقول: هو الحبر لا غير وقال القتيبي: لست أدري لم اختار أبو عبيد الكسر وترك ذكر الفتح، قال: والدليل على أنه حبر بالفتح قولهم: كعب الأحبار أي عالم العلماء.
قال أبو بكر: لم ينصف القتيبي أبا عبيد حيث أضاف إليه اختيارًا لم يفعله، وإنما حكي عن الأئمة أقوالهم.
فإن منهم: من رأى الفتح، ومنهم: من رأى الكسر، والعرب تقول: رجل حبر وحبر: إذا كان عالمًا، كما قالوا رطل، ورطل وثوب شف وشف، قال: وللفراء حجة في الكسر أخرى وهي:
إن العرب تقول في جمعه أفعال، وسبيله: أن لا يكون جمعًا لفعل إلا في أحرف معدودة منها: قولهم حمل وأحمال، وفرد وأفراد فإذا كان على هذه السبيل قالوا: فالواجب أن يجعل جمعًا لفعل لأن أفعالًا في جمع فعل كثير منقاس غير مدفوع، من ذلك.
عدل، وأعدال، وضرس، وأضراس، وسن، وأسنان، واسم وأسماء.
وقال بعضهم: إنما سمي الحبر الذي يكتب به حبرًا لتحسينه الخط وتبيينه إياه.
يقال: حبرت الشيء تحبيرًا، وقيل: بل سمي حبرًا لتأثيره في الموضع الذي يكون [فيه] من الحبار فهو الأثر.
وفي حديث بعض الصحابة: (لو علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع قراءتي لحبرتها) يريد تحسين الصوت وتحزينه.
وفي حديث عثمان- رضي الله عنه- (كل شيء يحب ولده حتى الحبارى) خصها لأنها يضرب بها المثل في الموق، فهي على موقها يحب ولدها وتعلمه الطيران تطير عنه يمنة ويسرة ليتعلم، والعرب تقول: كل شيء تحب ولده حتى الحبارى فتطير عنده أي تطير عراضه عن الطريق إذا عدل عنه.
وفي حديث أبي هريرة حين قال: (لا آكل الخمير ولا ألبس الحبير) الحبير من البرود: ما كان موشيًا مخططًا، وهي برود حبره.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
6-تاج العروس (مد مدد مدمد)
[مدد]: المَدّ: السَّيْلُ، يقال مَدّ النَّهْرُ ومَدَّه نَهْرٌ آخَرُ، قال العجّاج:سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّهُ أَتِيُّ *** غِبَّ سَماءٍ فَهْوَ رَقْرَاقِيُّ
ومن المَجاز: المَدُّ: ارْتفَاعُ النَّهارِ والظِّلّ، وقد مَدَّ وامتَدَّ، ويقال: جِئْتُك مَدَّ النَّهَارِ وفي مَدِّ النهارِ، وكذلك مَدَّ الضُّحى، يَضعون المَصْدَر في كُلِّ ذلك موضعَ الظَّرْف.
والمَدُّ الاسْتِمْدَادُ مِن الدَّوَاةِ، ومعنى الاستمدادِ منها أَن يَسْتَمِدَّ منها مَدَّةً واحِدةً.
والمَدُّ: كَثْرَةُ الماءِ أَيّامَ المُدُودِ، وجمعه مُدُودٌ، وقد مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا وامْتَدَّ.
والمَدُّ: البَسْطُ. قال اللِّحيانيُّ: مَدَّ اللهُ الأَرْضَ مَدًّا: بَسطَها وسَوَّاها. وقوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} أَي بُسِطَتْ وسُوِّيت.
والمَدُّ: طُموحُ البَصَرِ إِلى الشيءِ، يقال: مدَّ بصرَه إِلى الشيءِ، إِذا طَمَح به إِليه. وفي البصائر والأَفعالِ: مَدَدْت عَيني إِلى كذا: نَظَرْتُه رَاغِبًا فيه، ومنه قولُه تعالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ} والمَدُّ: الإِمْهَالُ، كالإِمْدَادِ يقال: مَدَّه في الغَيِّ والضَّلالِ يَمُدُّه مَدًّا، ومَدَّ له: أَمْلَى له وتَرَكه، وقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أَي يُمْلِي لهم ويُلِجُّهم ويُطِيل لهم المُهْلَة، وكذلك، مَدَّ اللهُ له في العَذَابِ مَدًّا، وهو مَجاز. وأَمَدَّه في الغَيِّ، لغةٌ قليلةٌ، وقوله تعالى: {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ} قراءَة أَهل الكوفة والبَصْرة يَمُدُّونَهم، وقرأَ أَهلُ المَدينة يُمِدُّونَهم.
والمَدُّ: الجَذْبُ، ومَدَدْت الشيءَ مَدَّا: جَذَبْتُه، قاله ابنُ القَطَّاع.
والمَدُّ: المَطْلُ وقال المُصنّف في البصائر: أَصْلُ المَدّ جَرُّ شيءٍ في طُولٍ، واتِّصالُ شيءٍ بشيءٍ في استطالَة، مَدَّهُ يَمُدُّه مَدًّا، ومَدَّ به، فامْتَدَّ، ومَدَّدَه فتَمَدَّدَ وتَمَدَّدَه كتَمَدُّدِ السِّقَاءِ، وكذلك كلُّ شيءٍ يَبْقَى فيه سَعَةُ المَدِّ.
وتَمَدَّدْنَاه بيننا: مَدَدْنَاهُ.
ومادَدَه وفي بعض النسخ: مَادَّه مُمَادَّةً ومِدَادًا فَتَمَدَّدَ، وقال اللِّحْيَانيُّ: مَدَدْتُه ومَدَّني، وفلانٌ يُمَادُّ فُلانًا؛ أَي يُمَاطِلُه ويُجَاذِبُه.
وتَمَدَّد الرَّجُلُ؛ أَي تَمَطَّى.
ومَدَّ النَّهَارُ إِذا ارْتَفعَ، وهو مَجاز، وقال شَمِرٌ: كلُّ شيْءٍ امتلأَ وارْتَفعَ فقد مَدَّ، وقد أَمْدَدْته أَنا.
وعن أَبي زيدٍ: مَدَّ زَيْدٌ القَوْمَ أَي صارَ لَهُمْ مَدَدًا، وأَمَدَّه بغيره.
ويقال: هناك قطعةٌ من الأَرض قَدْرُ مَدِّ البَصَرِ؛ أَي مَدَاهُ وقد يأْتي له في المعتلّ أَنه لا يقال مَدُّ البَصَرِ، مُضَعَّفًا وإِنما يقال مَدَاه، معتلًّا، وأَصله للحريريِّ في دُرَّة الغواصِ وانتقدوه بأَنه وَرد في الحديثِ مَدُّ صَوْتِ المُؤَذِّن، كَمَدَاه، كما حَقَّقه شيخُنَا، قلت: والحديث المُشَار إِليه «أَنَّ المُؤَذِّن يُغْفَر له مَدَّ صَوْتِه»، يريد به قَدْرَ الذُّنُوبِ؛ أَي يُغْفَر له ذلك إِلى مُنْتَهَى مَدِّ صَوْتِه، وهو تَمثيلٌ لِسَعَةِ المَغْفِرَة، ويُروَى «مَدَى صَوْتِهِ».
والمَدِيدُ: المَمْدُودُ، والمَدِيد: الطَّوِيلُ، ورجُلُ مَدِيدُ الجِسْمِ: طَوِيل، وأَصله في القِيَامِ. وَقَدٌّ مَدِيدٌ، وهو من أَجْمَلِ الناسِ وأَمَدِّهِم قَامَةً، وهو مَجاز، كما في الأَساس، الجمع: مُدُدٌ. قال سيبويهِ: جاءَ على الأَصْل، لأَنه لم يُشْبِه الفِعْلَ. والأُنثى مَديدَةٌ. وفي حديث عُثْمَانَ قال لبعض عُمَّاله: «بَلَغَنِي أَنك تَزَوَّجْتَ امرأَةً مَدِيدةً». أَي طَوِيلة.
ورَجُلٌ مَدِيدُ القامةِ: طَوِيلُهَا.
والمَديد: البَحْرُ الثاني من العَرُوض، والأَوَّلُ الطويلُ، سُمِّيَ بذلك لامتداد أَسْبَابِه وأَوْتَاده وقال أَبو إِسحاق: سُمِّيَ مَدِيدًا لأَنه امتد سَبَباهُ فصارَ سَبَبٌ في أَوَّله وسَبَبٌ بعد الوَتِد، ووزنه فاعلَاتُنْ فاعلُنْ.
وقوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} فسّره ثعلب فقال: معناه في عَمَدٍ طِوَالٍ.
والمَدِيد: ما ذُرَّ عليه دَقِيقٌ أَو سِمْسِمٌ أَو سَوِيقٌ أَو شَعِيرٌ جَشٌ، قال ابنُ الأَعرابيّ: هو الذي ليس بِحَارٍّ، أَو خَبَطٌ كما قاله ابن القطاع. لِيُسْقَى الإِبِلَ، وقد مَدَّهَا يَمُدُّهَا مَدًّا، إِذا سَقَاهَا إِيَّاه، وقال أَبو زيد: مَدَدْتُ الإِبِلَ أَمُدُّهَا مَدًّا، وهو أَن تَسْقِيَهَا المَاءَ بالبِزْرِ أَو الدَّقِيقِ أَو السِّمْسِم. وقال في موضع آخَرَ: المَدِيدُ: شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلّ فَيُضْفَرُ البَعِيرُ: ومَدَدْتُ الإِبل وأَمْدَدْتُهَا بِمَعْنًى، وهو أَن يَنْثُر لها على الماءِ شيئًا من الدَّقيقِ ونحوِه فَيَسْقِيَهَا، والاسم المَدِيدُ.
والمَديد: موضع قُرْبَ مَكَّةَ شَرّفها اللهُ تعالى، عن الصاغانيّ.
وقيل: المَدِيد: العَلَفُ، وقد مَدَّهُ به يَمُدُّه مَدًّا.
والمَدِيدَانِ: جَبَلَانِ في ظَهْرِ الخَالِ وهو ظَهْر عَارِضِ اليَمَامَةِ، عن الصاغانيّ.
والمِدَادُ، بالكسر: النِّقْسُ، بكسر النون وسكون القاف وسين مهملة، هكذا عَبَّروا به في كُتب اللغة، وهو مِن شَرْحِ المَعْلُومِ المَشْهُور بالغَرِيب الذي فيه خَفَاءٌ، وهو الذي يُكْتَب به. قال ابنُ الأَنبارِيّ: سُمِّيَ المِدَادُ مِدَادًا لإِمْدَادِه الكاتِبَ، من قولِهِم أَمْدَدْتُ الجَيْشَ بِمَدَد.
والمِدَادُ: السِّرْقِينُ الذي يُصْلَح به الزَّرْعُ، وقد مَدَّ الأَرْضَ مَدًّا، إِذَا زَاد فيها تُرَابًا أَو سَمَادًا من غيرِهَا ليكون أَعْمَرَ لها وأَكْثَرَ رَيْعًا لِزَرْعِهَا، وكذلك الرِّمَال، والسَّمَادُ مِدَادٌ لها.
والمِدَادُ: ما مَدَدْتَ به السِّرَاجَ مِنَ زَيْتٍ ونَحْوِه، كالسَّلِيطِ، قال الأَخطل:
رَأَوْا بَارِقَاتٍ بِالأَكُفِّ كَأَنَّهَا *** مَصَابِيحُ سُرْجٌ أُوقِدَتْ بِمِدَادِ
أَي بِزَيْتٍ يُمِدُّهَا. ونقل شيخُنَا عن قُدَمَاءِ أَئمَّةِ اللغةِ أَنَّ المِدَادَ، بالكسر: هو كلُّ ما يُمَدُّ به الشيءُ أَي يُزَادُ فيه لِمَدِّه والانتفاعِ بهِ كحِبْرِ الدَّواةِ وسَلِيطِ السِّراجِ وما يُوقَد به من دُهْنٍ ونَحْوِه، لأَن وضْعَ فِعَالٍ، بالكسر، لما يُفْعَل به كالآلةِ، ثم خُصَّ المِدَادُ في عُرْفِ اللغةِ بالحِبْرِ.
والمِداد: المِثَالُ، يقال: جاءَ هذا على مِدَادٍ واحدٍ؛ أَي على مِثَالٍ واحدٍ، وقال جَنْدَلٌ:
لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ وَلَمْ أُسَانِدِ *** ولَمْ أَرِشْهُنَّ بِرِمٍّ هَامِدِ
عَلَى مِدَادٍ وَرَوِيٍّ وَاحِدِ
والمِدَاد: الطَّرِيقَةُ، يقال: بَنَوْا بُيُوتَهم على مِدَادٍ واحدٍ؛ أَي على طَرِيقَةٍ واحِدَة.
وفي التهذيب: مِدَادُ قَيْسٍ: لُعْبَةٌ لهم أَي لِصبيانِ العَرب.
ويقال: وادِي كذا يَمُدُّ في نهر كذا؛ أَي يَزِيد فيه. ويقال منه: قَلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتْهَا رَكِيَّةٌ أُخْرَى فهي تَمُدُّهَا مَدًّا.
ومَدَّ النَّهْرُ النَّهْرَ إِذا جَرَى فيه. وقال اللِّحيانيّ: يقال لكلّ شيْءٍ دَخَل فيه مِثْلُه فَكثَّرَهُ مَدَّه يَمُدُّه مَدًّا. وفي التنزيل العزيز: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} أَي يَزِيد فيه ماء مِن خَلْفِه تَجُرُّه إِليه وَتُكَثِّرهُ. وفي حديث الحَوْض يَنْبَعِث فيه مِيزَابَانِ مِدَادُهُما أَنهارُ الجَنّة؛ أَي تَمُدُّهما أَنْهَارُها. وقال الفَرَّاءُ في قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} قال: يكون مِدَادًا كالمِدَادِ الذي يُكْتَبُ به، والشيءُ إِذَا مَدَّ الشيءَ فكان زِيَادَةً فيه فهو يَمُدُّه. تقول: دِجْلَة تَمُدُّ [بِثارَنَا وأَنْهَارَنَا، والله يَمُدُّنَا بها.
والمَدْمَدُ كجَعْفَر: النَّهْرُ، والمَدْمَدُ: الحَبْلُ، قاله الأَصمعيّ، وفي بعض النُّسخ الجَبَلُ، والأَوَّل الصوابُ.
ونَصُّ عِبَارَة الأَصمعيّ: والمَدُّ: مَدُّ النَّهْرِ، والمَدُّ: مَدُّ الحَبْلِ والمَدّ أَن يَمُدَّ الرَّجُلُ [الرَّجُلَ] في غَيِّه. قلت: فهي تَدُلُّ صَرِيحًا أَنّ المَدَّ هُنا ثُلاثيٌّ لا رُبَاعيٌّ مُضَاعَفٌ كما توهَّمَه المصنِّف.
والمُدُّ، بالضمّ: مِكْيَالٌ، وهو رِطْلانِ عند أَهل العِرَاق وأَبي حَنيفةَ أَو رِطْلٌ وثُلُثٌ عند أَهلِ الحِجَازِ والشافعيِّ، وقيل: هو رُبْعُ صَاعٍ، وهو قَدْرُ مُدِّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، والصَّاعُ خَمْسَةُ أَرطَالٍ وأَرْبَعَةُ أمْدَادٍ قال:
لَمْ يَغْذُهَا مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ *** وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعْجِيفُ
وفي حديثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ: «مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم ولَا نَصِيفَهُ» وإِنّمَا قَدَّرَه به لأَنّه أَقَلُّ ما كانُوا يَتَصَدَّقُون به في العَادَة. أَو مِلْءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إِذا مَلأَهُمَا ومَدَّ يَدَه بهما، وبه سُمِّيَ مُدًّا، هكذا قَدَّرُوه، وأَشار له في اللِّسَان.
وقد جَرَّبْتُ ذلِكَ فَوَجَدْتُه صَحِيحًا، الجمع: أَمْدَادٌ، كَقُفْلٍ وأَقْفَالٍ، ومِدَدَةٌ ومِدَدٌ، كعِنَبةٍ وعِنَبٍ، في القليل، ومِدَادٌ، بالكسر في الكثير، قال:
كَأَنَّمَا يَبْرُدْنَ بِالغَبُوقِ *** كَيْلَ مِدَادٍ مِنْ فَحًا مَدْقُوقِ
قِيل: ومنه: سُبْحَانَ الله مدَادَ كَلِمَاتِه، ومِدَادَ السَّمواتِ ومَدَدَها؛ أَي قَدْرَ ما يُوازِيها في الكَثْرَة عِيَارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عَدَدٍ أَو ما أَشْبَهه مِن وُجُوه الحَصْرِ والتقديرِ، قال ابنُ الأَثير: وهذا تَمْثِيلٌ يُرَادُ به التقديرُ، لأَن الكلام لا يَدْخُل في الكَيْلِ والوَزْنِ، وإِنما يَدْخُل في العَددِ، والمِدَاد مَصْدَرٌ كالمَدَدِ، يقال: مَددْت الشيءَ مَدًّا ومِدَادًا، وهو ما يُكْثَّر به ويُزَاد.
والمُدَّةُ، بالضَّم: الغايَةُ من الزَّمانِ والمَكَانِ، ويقال: لهذه الأُمَّةِ مُدَّةٌ أَي غايَةٌ في بَقَائِها، والمُدَّة: البُرْهَةُ من الدَّهْرِ. وفي الحديثِ «المُدَّة التي مَادَّ فيها أَبا سُفْيَانَ» قال ابن الأَثير: المُدَّة: طائفةٌ مِن الزَّمَانِ تَقَعُ على القَليلِ والكَثِير. ومَادَّ فيها أَي أَطَالَها.
والمُدَّة: اسْمُ ما استَمْدَدْتَ بِه مِن المِدَاد عَلَى القَلَمِ، والعَامَّة تقول بالفتح والكسر، ويقال مُدَّني يا غُلامُ مُدَّةً منِ الدَّوَاة. وإِن قلتَ: أَمْدِدْني مُدَّةً، كان جائزًا، وخُرِّج على مَجْرَى المَدَد بها والزِّيادة.
والمِدَّةُ بالكسر: القَيْحُ المُجْتَمِع في الجُرْح.
والأُمْدُودُ، بالضمّ: العَادَة.
والأَمِدَّةُ، كالأَسِنَّةِ جَمْعِ مِدَاد، كسِنَانٍ، وضبطه الصاغانيُّ بكسر الهمزةِ بِخَطِّه، فليس تَنظيرُه بالأَسِنَّة بصحيح: سدَى الغَزْلِ، وهي أَيضًا المِسَاكُ في جَانِبَيِ الثَّوْبِ إِذا ابتُدِئَ بِعَمَلِه، كذا في اللسان.
والإِمِدَّانُ بِكسرتينِ، وفي بعض النسخ: كعِفِتَّانٍ: الماءُ المِلْحُ، كالمِدَّانِ، بالكسر، وهذه عن الصاغانيّ، وقيل: هو الشديدُ المُلُوحَةِ، وقيل: مِيَاهُ السِّبَاخِ، قال: وهو إِفْعِلَانٌ، بكسر الهمزة، وقال زيدُ الخَيْلِ، وقيل: هو لأَبي الطَّمَحَانِ.
فَأَصْبَحْنَ قَدْ أَقْهَيْنَ عَنِّي كَمَا أَبَتْ *** حِيَاضَ الإِمِدَّانِ الظِّبَاءُ القَوامِحُ
والإِمِدَّانُ: النَّزُّ، وقد تُشَدَّد المِيمُ وتُخَفَّف الدالُ، وهو قولٌ آخرُ أَوردَه صاحبُ اللسان، وموضعه أَم د.
ومن المَجاز قولهم: سُبحَانَ الله مِدَادَ السَّموَاتِ ومِدَادَ كلماتِه ومَدَدَهَا أَي عَدَدَهَا وكَثْرَتَها ذكره ابنُ الأَثير في النّهايَة.
والإِمْدَادُ: تأْخِير الأَجَلِ والإِمهالُ، وقد أَمَدَّ له فيه: أَنْسَأَه.
والإِمداد: أَنْ تَنْصُرَ الأَجْنَادَ بِجَمَاعةٍ غَيْرَكَ، والمَدَدُ: أَن تصير لهم ناصِرًا بنفْسِك.
والإِمدادُ: الإِعطاءُ والإِغاثَةُ، يقال: مَدَّه مِدَادًا وأَمَدَّه: أَعطاه، وحكى اللِّحْيَانيُّ: أَمَدَّ الأَميرُ جُنْدَه بالخيلِ والرِّجالِ وأَعانهم وأَمَدَّهم بمالٍ كثيرٍ وأَغَاثَهُم، قال: وقال بعضهم: أَعْطَاهم، والأَوّل أَكْثَرُ، وفي التنزيل العزيز {وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ} أَو ما كان في الشَّرِّ فإِنك تقول مَدَدْتُه، وما كان في الخَيْرِ تقول أَمْدَدْتُه بالأَلف، قاله يُونُس، قال شيخُنا: هو على العَكْس في وَعَدَ وأَوْعَدَ، ونقَلَ الزمخشريُّ عن الأَخفش: كُلُّ ما كان من خَيْرٍ يقال فيه: مَدَدْتُ، وما كان مِن شَرٍّ يقال فيه: أَمْدَدْت، بالأَلف. قلت: فهو عكس ما قاله يُونُس. وقال المُصَنّف في البصائر: وأَكثَرُ ما جاءَ الإِمداد في المَحْبُوب، والمَدَد في المَكْرُوه، نحو قوله تعالى: {وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمّا يَشْتَهُونَ}.
{وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا}.
والإِمداد: أَن تُعُطِيَ الكاتِبَ مَدَّةَ قَلَمٍ أَو مُدَّةً بقلم، كما في بعض الأُمَّهاتِ، يقال: مُدَّني يا غلامُ وأَمْدِدْنِي، كما تقدّم.
والإِمداد في الجُرْحِ: أَن تَحْصُلَ فيه مِدَّةٌ، وهي غَثِيثَتُه الغَلِيظَة، والرَّقيقةُ: صَدِيدٌ، كما في الأَساس، قال الزمخشريّ: أَمَدَّ الجُرْحُ. رُبَاعِيًّا لا غيرُ، ونقلَه غير واحدٍ.
والإِمدادُ في العَرْفَجِ: أَن يَجْرِيَ الماءُ في عُودِهِ، وكذا الصِّلِّيَان والطَّرِيفة.
والمَادَّةُ: الزِّيادَةُ المُتَّصِلَةُ. وَمَادَّةُ الشيْءِ: ما يَمُدُّه، دَخلتْ فيه الهاءُ للمبالغة. والمَادَّةُ: كُلُّ شَيْءٍ يكونُ مَدَدًا لغيرِهِ، ويقال: دَعْ في الضَّرْع مَادَّةَ اللَّبنِ. فالمَتْرُوك في الضَّرْع هو الدَّاعِيَةُ، وما اجتمع إِليه فهو المَادَّة.
والمُمَادَّةُ: المُمَاطَلَةُ وفُلانٌ يُمَادُّ فُلانًا؛ أَي يُمَاطِله ويُجَاذِبه. وفي الحديث «إِن شَاؤُوا مَادَدْنَاهُم».
والاسْتِمْدادُ: طَلَبُ المَدَدِ والمُدَّةِ.
وفي التهذيب في ترجمة دمم: دَمْدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَابًا شَدِيدًا، ومَدْمَدَ إِذا هَرَبَ، عن ابنِ الأَعرابيّ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
مَدَّ الحَرْفَ يَمُدُّه مَدًّا: طَوَّلَه. قال ثعلب: كُلُّ شيْءٍ مَدَّه غَيْرُه فهو بأَلفٍ، يقال مَدَّ البَحْرُ وامْتَدَّ الحَبْلُ، قال الليث: هكذا تقول العرب.
وفي الحديث «فَأَمَدُّها خَوَاصِرَ» أَي أَوْسَعُها وأَتَمُّها.
والأَعرابُ أَصْلُ العَربِ ومَادَّةُ الإِسلامِ، وهو مَجَازٌ؛ أَي لِكَوْنِهم يُعِينُونَ ويُكَثِّرُونَ الجُيُوشَ ويُتَقَوَّى بِزكاةِ أَمْوَالِهم.
وقد جاءَ ذلك في حديث سيّدنا عُمَر رضي الله عنه.
والمَدَدُ: العساكر التي تَلْحَق بالمَغَازِي في سَبِيلِ الله، قال سيبويهِ: والجَمْع أَمْدَادٌ، قال: ولم يُجَاوِزُوا به هذا البِنَاءَ، ومن ذلك الحَديثُ: «كان عُمَرُ رضي الله عنه إِذا أَتى أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سأَلَهم: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ». وفي حديث عَوْفِ بن مالكٍ: «وَرافَقَني مَدَدِيّ من اليَمَنٍ» هو مَنْسوبٌ إِلى المَدَدِ.
وكُلُّ ما أَعَنْتَ به قَوْمًا في حَرْبٍ أَو غيرِه فهو مادَّة لَهم.
وفي حَدِيثِ الرَّمْيِ: «مُنْبِلُه والمُمِدُّ به» أَي الذي يَقُوم عند الرَّامِي فيُنَاوِلُه سَهْمًا بعد سَهْم أَو يَرُدُّ عَلَيْه النَّبْلَ من الهَدَفِ، يقال: أَمَدَّه يُمِدُّه فهو مُمِدٌّ.
وفي حديث عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه: «قائلُ كَلِمَةِ الزُّورِ والذي يَمُدُّ بِحَبْلِهَا في الإِثْمِ سَوَاءٌ» مَثَّلَ قائِلَها بالمَائحِ الذي يَمْلأُ الدَّلْوَ في أَسْفَلِ البِئرِ، وحاكِيَهَا بالماتِح الذي يَجْذِب الحَبْلَ على رَأْسِ البِئرِ ويَمُدُّه، ولهذا يقال: الرَّاوِيَةُ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ.
ومَدَّ الدَّوَاةَ، وأَمَدَّها: زاد في مائِها ونِقْسِهَا، ومَدَّهَا وأَمَدَّها: جَعَلَ فيها مِدَادًا، وكذلك مَدَّ القَلَمَ وأَمَدَّه، واسْتَمَدَّ مِن الدَّواة: أَخَذَ منها مِدَادًا. والمَدَّة، بالفتحِ، الوَاحِدَةُ، مِن قَوْلِك مَدَدْتُ الشيْءَ.
ومن المَجاز: مَدَّ اللهُ في عُمرِك؛ أَي جعَل لِعُمْرِك مُدَّةً طَوِيلَةً، ومَدَّ في عُمْرِه بشيْءٍ وامْتَدَّ عُمرُه، ومَدَّ اللهُ الظِّلَّ، وامْتَدَّ الظِّلُّ والنَّهارُ، وظِلٌّ مَمْدُودٌ. وامْتَدَّتِ العِلَّة. وأَقمْتُ [عنده] مُدَّةً مَدِيدَةً. كل ذلك في الأَساس.
وقال ابنُ القطاع في الأَفعال: مَدَّ اللهُ تعالى في العُمْرِ: أَطالَه، وفي الرِّزْقِ: وَسَّعَه. والبَحْرُ والنَّهْرُ: زَادَ، ومَدَّهُمَا غَيْرُهما. وفي اللسان امْتَدَّ النهارُ: تَنَفَّس، وامْتَدَّ بهم السَّيْرُ: طَالَ، ومَدَّ في السَّيْرِ: مَضَى.
وفي الأَفعال لابن القَطَّاع: وأَمَدَّ اللهُ تعالى في الخَيْرِ: أَكْثَرَه.
ومَدَّ الرَّجُلُ في مِشْيتِه: تَبَخْتَر.
ومُدَّ الإِنسانُ مَدًّا: حَبِنَ بَطْنُه.
وفي الأَساس: وهذا مَمَدُّ الحَبْلِ. وطِرَازٌ مُمَدَّد.
قلت: أَي مَمدود بالأَطْنَاب، شُدِّد للمبالَغة. ومادَّهُ الثَّوبَ وتَمَادَّاهُ، ومن المَجازِ: مَدَّ فُلانٌ فِي وُجُوهِ المَجْدِ غُرَرًا، وله مالٌ مَمْدودٌ: كثير.
واستدرك شيخنا هنا نَقْلًا عن بعض أَربابِ الحواشي: تَمَادى به الأَمْر أَصلُه تَمادَدَ، بدالَيْنِ مُضَعَّفًا، ووقَع الإِبدال، كتَقَضَّى ونَحْوِه، وقيل، من المَدَى، وعليه الأَكْثَر، فلا إِبدالَ، وموضِعه المعتلُّ. قلت: وفي اللسان، قال الفرزدق:
رَأَتْ كَمَرًا مِثْلَ الجَلَامِيدِ فَتَّحَتْ *** أَحَالِيلَها لَمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذُورُها
قيل في تفسيره: اتمأَدَّتْ، قال ابنُ سِيده: ولا أَدرِي كيف هذا، اللهُمَّ إِلّا أَن يريد تَمَادَّتْ فسَكَّنَ التَّاءَ واجْتَلَب للساكِن أَلِفَ الوَصْلِ كما قالوا: {ادَّكَرَ} وادارأتم {فَادّارَأْتُمْ} فِيها) وهَمَز الأَلف الزائدة كما هَمز بعضُهم أَلِف دَابَّة فقال دَأَبَّة.
ومُدٌّ، بالضمّ، اسمُ رجُلٍ من دارِمٍ، قال خالدُ بن عَلْقَمَة الدَّارِمِيّ يَهجو خُنْشُوشَ بن مُدٍّ:
جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلَامَةً *** إِذَا زَيَّنَ الفَحْشَاءَ للنَّاسِ مُوقُها
وأَرْضٌ مَمْدُودَةٌ أُصْلِحَتْ بالمِدَادِ. والمَدَادِينُ جَمْع مِدَّانٍ، للمِيَاه المِلْحَةِ.
والمَدَّادُ، ككَتَّانٍ: الحَبَّارُ، وهو المَدَّادِيُّ أَيضًا، والولِيدُ بن مُسْلِم المَدَّادِيّ من شُعَرَاءِ الأَندلس في الدَّولَةِ العامِرِيّة.
وقد سَمَّوْا مَمْدُودًا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
7-تاج العروس (خنش)
[خنش]: الخُنْشُوشُ، كعُصْفُورٍ: بَقِيَّةُ المَالِ، والقِطْعَةُ من الإِبِلِ، وبِهما فُسِّرَ قولُهُم: بَقِيَ لَهُمْ خُنْشُوشٌ مِنْ مالٍ.وأَبُو خُنَاشٍ، كغُرَابٍ: خالِدُ بنُ عَبْدِ العُزَّى بنِ سَلَامَةَ الخُزَاعِيّ: صَحَابِيٌّ، رَوَى عَنْهُ ابنُه مسْعُودٌ.
وقالَ اللَّيْثُ: امْرَأَةٌ مُخَنَّشَةٌ، كمُعَظَّمَةٍ، ومُتَخَنِّشَةٌ: فِيهَا بَقِيَّةٌ من شَبَابِهَا، وكَذلك نِسَاءٌ مُخَنَّشَاتٌ، ومُتَخَنِّشَاتٌ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
يُقَالُ: مالَهُ خُنْشُوشٌ؛ أَي مالَهُ شَيْءٌ.
وقولُ رُؤْبَةَ:
جاءُوا بأُخْرَاهُم على خُنْشُوشِ
كقَوْلِهِم: جاءُوا عَنْ آخِرِهم.
وخُنْشُوشٌ: اسْمُ مَوْضِع.
وخُنْشُوشٌ: اسْمُ رَجُلٍ من بَنِي دارِمٍ، يُقَال له خُنْشُوشُ بنُ مُدِّ، يَقُول له خالِدُ بنُ عَلْقَمَةَ الدّارِمِيّ:
جَزَى الله خُنْشُوشَ بنَ مُدِّ مَلَامَةً *** إِذَا زَيَّن الفَحْشَاءَ للنَّفْسِ مُوقُها
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
8-تاج العروس (قطع)
[قطع]: قَطَعَه، كمَنَعَه، قَطْعًا، ومَقْطَعًا، كمَقْعَدٍ، وتِقِطّاعًا، بكَسْرَتَيْنِ مُشَدَّدَةَ الطّاءِ، وكَذلِكَ التِّنِبّالُ والتِّنِقّامُ، والتِّمِلّاقُ، هذِه المَصَادِرُ كُلُّهَا جاءَتْ على تِفِعّالٍ، كَمَا في العُبابِ. وفاتَه قَطِيعَةً وقُطُوعًا، بالضَّمِّ، ومن الأَخِيرِ قَوْلُ الشّاعِرِ:فما بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَبانَ سقابُهَا *** قُطُوعًا لِمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادِرِ
: أَبَانَهُ من بَعْضِه فَصْلًا، وقالَ الرّاغِبُ: القَطْعُ قد يكونُ مُدْرَكًا بالبَصَرِ، كقَطْعِ اللَّحْمِ ونحوِه، وقد يكونُ مُدْرَكًا بالبَصِيرَةِ، كقَطْعِ السَّبِيلِ، وذلك على وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُرَادُ به السَّيْرُ والسُّلُوكُ، والثّانِي يُرَادُ بهِ الغَصْبُ من المارَّةِ والسّالِكِينَ، كقَوْلهِ تَعَالَى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} سُمِّيَ قَطْعَ الطّرِيقِ، لأَنَّه يُؤَدِّي إلى انْقِطَاعِ النّاسِ عن الطَّرِيقِ، وسَيَأْتِي.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ النَّهْرَ قَطْعًا وقُطُوعًا بالضمِّ: عَبَرَهُ: كما في الصّحاح، واقْتَصَرَ علَى الأَخِيرِ من المَصَادِرِ أَو شَقَّهُ وجازَهُ، والفَرْقُ بين العُبُورِ والشَّقِّ: أَنَّ الأَوّلَ يَكُونُ بالسَّفِينَةِ ونَحْوِهَا، وأَمّا الثّانِي فبالسَّبْحِ فيه والعَّوْمِ.
وِقَطَعَ فُلانًا بالقَطِيعِ، كأَمِيرٍ ـ السَّوْطِ أَو القَضِيبِ، كَمَا سَيَأْتِي ـ: ضَرَبَهُ به، حَكاهُ الفَارِسيُّ قالَ: كما يُقَالُ: سُطْتُه بالسَّوْطِ.
وِمن المَجَازِ: قَطَعَ خَصْمَهُ بالحُجَّةِ، وفي الأَساسِ بالمُحَاجَّةِ: غَلَبَه وبَكَّتَه فَلَمْ يُجِبْ، كَأَقْطَعَهُ ويُقَالُ: أَقْطَعَ الرَّجُلُ أَيْضًا، إِذا بَكَّتُوه، كما سَيَأْتِي.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ لِسَانَهُ قَطْعًا: أَسْكَتَه بإِحْسانِه إِلَيْهِ، ومنهالحَدِيثُ: «اقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَه» قالَهُ للسّائِلِ. أَي: أَرْضُوهُ حَتَّى يَسْكُتَ. وقالَ أَيْضًا لِبِلالٍ: «اقْطَعْ لِسَانَه» أَي العَبّاسِ بنِ مِرْداسٍ، فكَسَاهُ حُلَّتَه، وقِيلَ: أَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وأَمَرَ علِيًّا ـ رَضِيَ الله عَنهُ ـ في الكَذّابِ الحِرْمَازِيِّ بمِثْلِ ذلِكَ، وقالَ الخَطّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هذا مِمّنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ المالِ، كَابْنِ السَّبِيلِ. وغَيْره، فتَعَرَّضَ لَهُ بالشِّعْرِ، فأَعْطَاهُ بحَقِّهِ، أَو لحاجَتِه لا لشِعْرِهِ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ ماءُ الرَّكِيَّةِ قُطُوعًا، بالضَّمِّ، وقِطَاعًا، بالفَتحِ والكَسْرِ: ذَهَبَ، وقَلَّ، كانْقَطَعَ، وأَقْطَعَ، الأَخِيرُ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَت الطَّيْرُ قُطُوعًا، بالضَّمِّ، وقَطَاعًا، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلَى الفَتْحِ: خَرَجَتْ مِنْ بِلادِ البَرْدِ إِلَى بِلادِ الحَرِّ، فهِيَ قَوَاطِعُ: ذَوَاهِبُ، أَوْ رَوَاجِعُ، كما في الصّحاحِ، قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: كان ذلِكَ عِنْدَ قِطَاعِ الطَّيْرِ، وقِطَاعِ الماءِ، وبَعْضُهم يَقُول: قُطُوع الطَّيْرِ، وقُطُوع الماءِ، وقَطَاعُ الطَّيْرِ: أَنْ يَجِيءَ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ، وقَطَاعُ الماءِ: أَنْ يَنْقَطِعَ، وقالَ أَبُو زَيْدٍ: قَطَعَتِ الغِرْبَانُ إِلَيْنَا في الشِّتَاءِ قُطُوعًا، ورَجَعَتْ في الصَّيْفِ رُجُوعًا. والطَّيْرُ الَّتِي تُقِيمُ ببَلَدٍ شِتَاءَهَا وصَيْفَهَا هي: الأَوابِدُ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ رَحِمَهُ يَقْطَعُهَا قَطْعًا، بالفَتْحِ وقَطِيعَةً، كسَفِينَةٍ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلَى الأَخِيرِ، فهُوَ رَجُلٌ قُطَعٌ، كصُرَدٍ، وهُمَزَةٍ: هَجَرَهَا وعَقَّها ولَمْ يَصِلْهَا، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَةً مِنْ فاسِقٍ فقَدْ قَطَعَ رَحِمَهَا» وذلِكَ أَنَّ الفاسِقَ يُطَلِّقُها، ثُمَّ لا يُبَالِي أَنْ يُضاجِعَها، فيَكُونُ وَلَدُه مِنْهَا لِغَيْر رِشْدَةٍ، فَذلكَ قَطْعُ الرَّحِمِ، وفي حَدِيثِ صِلَةِ الرَّحِمِ: «هذا مَقَامُ العائِذِ بِكَ من القَطِيعَةِ»، فَعِيلَةُ مِنَ القَطْعِ، وهُوَ الصَّدُّ والهِجْرَانُ، ويُرِيدُ به تَرْكَ البِرِّ والإِحْسَانِ إِلَى الأَقَارِبِ والأَهْلِ، وهي ضِدُّ صِلَةِ الرَّحَمِ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «الرَّحِمُ شُجْنَةٌ [من الله] مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ، تَقُولُ: [اللهُمَّ] صِلْ مَنْ وَصَلَنِي، واقْطَعْ مَنْ قَطَعَنِي».
وَبَيْنَهُمَا رَحِمٌ قَطْعاءُ: إِذا لَمْ تُوصَلْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِمن المَجَازِ: قَطَعَ فُلانٌ بالحَبْلِ، إِذا اخْتَنَقَ بهِ، وفي بَعْضِ النُّسَخِ: وقَطَعَ فُلانٌ الحَبْلَ: اخْتَنَقَ، وهُوَ نَصُّ العَيْنِ بعَيْنهِ، قالَ: ومِنْهُ قولُه تَعَالَى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ} ثُمَّ لْيَقْطَعْ أَيْ لِيَخْتَنِقْ، لِانَّ المُخْتَنِقَ يَمُدُّ السَّبَبَ إِلَى السَّقْفِ، ثُمَّ يَقْطَعُ نَفْسَهُ من الأَرْضِ حَتّى يَخْتَنِقَ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا يَحْتَاجُ إِلى شَرْح يَزِيدُ في إِيضاحِهِ، والمَعْنَى ـ والله أَعْلَمُ ـ: مَنْ ظَنَّ أَنَّ الله تَعَالَى لا يَنْصُرُ نَبِيَّهُ فَلْيَشُدَّ حَبْلًا في سَقْفِه، وهُوَ السَّمَاءُ، ثُمَّ لِيَمُدَّ الحَبْلَ مَشْدُودًا في عُنُقِه مَدًّا شَدِيدًا يُوَتِّرُهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ، فيَمُوتَ مُخْتَنِقًا، وقالَ الفَرّاءُ: أَرادَ لِيَجْعَلْ في سماءِ بَيْتِه حَبْلًا، ثُمَّ ليَخْتَنِقْ بهِ، فذلِكَ قولُه: {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} اخْتِنَاقًا، وفي قِرَاءَةِ عَبْدِ الله: «ثُمّ لِيَقْطَعْهُ» يَعْنِي السَّبَبَ، وهُوَ الحَبْلُ، وقِيلَ: مَعْناه: لِيَمُدَّ الحَبْلَ المَشْدُودَ فِي عُنُقِه حَتّى يَنْقَطِعَ نَفَسُهُ، فيَمُوتَ.
وِمِنَ المَجَازِ: قَطَعَ الحَوْضَ قَطْعًا: مَلَأَهُ إِلَى نِصْفِه، ثُمَّ قَطَعَ عنهُ الماءَ، ومِنْهُ قَوْلُ ابنِ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ الإِبِلَ:
قَطَعْنا لَهُنَّ الحَوْضَ فَابْتَلَّ شَطْرُهُ *** بشُرْبٍ غِشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ
: أَي باقِيه.
وِمن المَجَازِ: قَطَعَ عُنُقَ دابَّتِه، أَي: باعَهَا. قالَه أَبُو سَعِيدٍ، وأَنْشَدَ لأَعْرابِيٍّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وساقَ إِلَيْها مَهْرَهَا إِبِلًا:
أَقُولُ والعَيْسَاءُ تَمْشِي والفُصُلْ *** فِي جِلَّةٍ مِنْهَا عَرَامِيسٌ عُطُلْ
قَطَّعَتِ الأَحْرَاحُ أَعْنَاقَ الإِبِلْ
وفي العُبَابِ: قَطَعْتُ بالأَحْراحِ» يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ الأَحْرَاحَ بإِبِلِي.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: قَطَعَنِي الثَّوْبُ: كفَانِي لِتَقْطِيعِي قالَ الأَزْهَرِيُّ: كقَطَّعَنِي، وأَقْطَعَنِي، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ علَى الأَخِيرِ، يُقَال: هذا ثَوْبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ، ويُقَطَّعُ لَكَ تَقْطِيعًا: يَصْلُحُ لَكَ قَمِيصًا ونَحْوَه، وقالَ الأَصْمَعيُّ: لا أَعْرِفُ هذا، كُلُّه مِنْ كَلامِ المُوَلَّدِينَ، وقالَ أَبُو حاتِمٍ: وقد حَكَاه أَبُو عُبَيْدَةَ عن العَرَبِ.
وِمن المَجَازِ: قَطِعَ الرَّجُلُ، كَفَرِحَ وكَرُمَ، قَطَاعَةً: بُكِّتَ ولَمْ يَقْدِرْ عَلَى الكَلامِ فهو قَطِيعُ القَوْلِ.
وِقَطُعَتْ لِسَانُه: ذَهَبَتْ سَلاطَتُه ومنه امْرَأَةٌ قَطِيعُ الكَلامِ: إِذا لَمْ تَكُن سَلِيطَةً، وهُوَ مَجَازٌ.
وِقَطِعَت اليَدُ، كفَرِحَ، قَطَعًا مُحَرَّكَةً وقَطْعَةً بالفتحِ، وقُطُعًا بالضمِّ: إِذا انْقَطَعَتْ بِدَاءٍ عَرَضَ لها، أَيْ من قِبَلِ نَفْسهِ، حكاهُ اللَّيْثُ.
وِمن المَجازِ: الأُقْطُوعَةُ بالضَّمِّ: شَيْءٌ تَبْعَثُه الجَارِيَةُ إِلَى أُخْرَى عَلامَةَ أَنّهَا صارَمَتْهَا، وفي بعضِ النُّسَخ «صَرَمَتْها» وفي الصِّحاحِ: عَلامَةٌ تَبْعَثُهَا المَرْأَةُ إِلَى أُخْرَى لِلصَّرِيمَةِ والهِجْرَانِ، وفي التَّهْذِيبِ: تَبْعَثُ بهِ الجارِيَةُ إِلَى صاحِبِها، وأَنْشَدَ:
وِقَالَتْ لِجَارِيَتَيْهَا: اذْهَبَا *** إِلَيْهِ بأُقْطُوعَةٍ إِذْ هَجَرْ
وِما إِنْ هَجَرْتُكِ من جَفْوَةٍ *** وِلكِنْ أَخافُ وشاةَ الحَضَرْ
وِمِنَ المَجَازِ: لَبَنٌ قاطِعٌ: أَي حامِضٌ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِمِنَ المَجَازِ: قُطِعَ بزَيْدٍ، كعُنِيَ، فهُوَ مَقْطُوعٌ به، وكَذلِكَ انْقُطِعَ به، فهُو مُنْقَطَعٌ به ـ كَما في الصِّحاحِ ـ: إِذا عَجَزَ عن سَفَرِه بأَيِّ سَبَبٍ كانَ، كنَفَقَةٍ ذَهَبَتْ، أَو قَامَتْ عَلَيْه راحِلَتُه، وذَهَبَ زادُه ومالُه.
أَو قُطِعَ بِهِ: انْقَطَعَ رجَاؤُه، وحِيل بَيْنَه وبَيْنَ ما يُؤَمِّلُه نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ.
وِمن المجازِ: المَقْطُوعُ: شِعْرٌ في آخِرِه وَتِدٌ، فأُسْقِطَ ساكِنُه، وسُكِّنَ مُتَحَرِّكُه، وهذا نَصُّ العُبَابِ، قالَ: وشاهِدُه:
قَدْ أَشْهَدُ الغارَةَ الشَّعْواءَ تَحْمِلُنِي *** جَرْدَاءُ مَعْرُوقَةُ اللَّحْيَيْنِ سُرْحُوبُ
قَالَ: وهُوَ مِنْ مَنْحُولاتِ شِعْرِ امْرِئِ القَيْسِ، وفي اللّسانِ: المَقْطُوعُ من المَدِيدِ، والكامِلِ، والرَّجَزِ: الَّذِي حُذِفَ منه حَرْفَانِ، نَحْو: «فاعِلاتُنْ» ذَهَبَ مِنْه «تُنْ» فصارَ مَحْذُوفًا، فبَقِيَ «فاعِلُنْ» ثُمَّ ذَهَبَ مِنْ «فاعِلُنْ النُّونُ، ثُمَّ أُسْكِنَتِ الَّلامُ، فنُقِلَ فِي التَّقْطِيعِ إِلَى «فَعْلُن» كقولِه في المَدِيدِ:
إِنَّمَا الذَّلْفَاءُ ياقُوتَةٌ *** أُخْرِجَتْ مِنْ كِيسِ دِهْقَانِ
فقَوْلُه: «قانِي» فَعْلُنْ، وكقَولِه في الكامِلِ:
وِإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ فإِنَّهُ *** نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا
فقَوْلُه: «نَخَبالا»: فَعِلاتُنْ، وهو مَقْطُوعٌ، وكَقَوْلهِ في الرَّجَز:
القَلْبُ مِنْهَا مُسْتَرِيحٌ سالِمٌ *** وِالقَلْبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
فقوله: «مَجْهُودٌ» مَفْعُولُنْ.
وِمن المَجَازِ: نَاقَةٌ قَطُوعٌ، كصَبُورٍ: إِذا كانَ يُسْرعُ انْقِطَاعُ لَبَنِهَا، نَقَلَه الصّاغَانِي وصاحِبُ اللِّسَانِ.
وِمن المَجَازِ: قُطّاعُ الطَّرِيقِ، كرُمّانِ، وإِنَّمَا لم يَضْبِطْهُ لِشُهْرَتِه: اللُّصُوصُ، والَّذِينَ يُعَارِضُونَ أَبْنَاءَ السَّبِيلِ، فيَقْطَعُونَ بِهِمْ السَّبِيلَ، كالقُطْعِ بالضَّمِّ، هكَذَا في سائِرِ النُّسَخِ، وهُوَ غَلَطٌ، وصَوَابُه: القُطَّعُ، كسُكَّرٍ.
وِالقَطِعُ ككَتِفٍ: مَنْ يَنْقَطِعُ صَوْتُه، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وهُوَ مَجَازٌ.
وِالمِقْطَاعُ، كمِحْرَابٍ: مَنْ لا يَثْبُتُ عَلَى مُؤاخاة أَخٍ، قَالَهُ اللَّيْثُ، وهو مَجَازٌ.
وِمِنَ المَجَازِ: بِئرٌ مِقْطَاعٌ: يَنْقَطِعُ ماؤُهَا سَرِيعًا، نَقَلَه اللَّيْثُ أَيْضًا.
وِمِنَ المَجَازِ: القَطِيعُ كأَمِير: الطّائِفَةُ من الغَنَمِ والنَّعَمِ ونَحْوِ ذلِكَ كَذا نَصُّ العَيْنِ، وفي الصِّحاحِ: من البَقَرِ والغَنَمِ، قالَ اللَّيْثُ: والغالِبُ عَلَيْه أَنَّهُ من عَشْرٍ إِلَى أَرْبَعِينَ، وقِيلَ: ما بَيْنَ خَمْسَ عَشَرَةَ إِلَى خَمْسٍ وعِشْرِينَ، والأَوَّلُ نَقَلَهُ صاحِبُ التَّوْشِيحِ أَيْضًا ج: الأَقْطَاعُ، كشَرِيفٍ وأَشْرَافٍ، وقَدْ قالُوا: القُطْعَانُ، بالضَّمِّ، كجَرِيبٍ وجُرْبانٍ، نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيُّ والقِطَاعُ، بالكَسْر، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسَان، وزادَ الأَخِيرُ: وأَقْطِعَةٌ، وقالَ الجَوْهَرِيُّ: الأَقاطِيعُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنَّهُمْ جَمَعُوا إِقْطِيعًا، وفي اللِّسَان: قالَ سِيبَوَيْه: وهُوَ مِمّا جُمِعَ عَلَى غَيْرٍ بِنَاءِ واحِدِه، ونَظِيرُه عِنْدَهُم: حَدِيثٌ، وأَحادِيثُ، وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لِلنّابِغَةِ الذَّبْيَانِيِّ:
ظَلَّتْ أَقاطِيعُ أَنْعَامٍ مُؤَبَّلَةٍ *** لَدَى صَلِيبٍ عَلَى الزَّوْراءِ مَنْصُوبِ
وِالقَطِيعُ: السَّوْطُ يُقْطَعُ مِن جِلْدِ سَيْرٍ ويُعْمَلُ منه، وقِيلَ: هو مُشْتَقٌّ من القَطِيعِ الَّذِي هُوَ المَقْطُوعُ مِنَ الشَّجَرِ، وقالَ اللَّيْثُ: هُوَ المُنْقَطِعُ طَرَفُهُ، وعَمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بالقَطِيعِ، قال الأَعْشَى يَصِفُ نَاقَةً:
تَرَى عَيْنَهَا صَغْوَاءَ في جَنْبِ مُوقِها *** تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّمَا
قال ابنُ بِرِّيٍّ: السَّوْطُ المُحَرَّمُ: الذِي لم يُلَيَّنْ بَعْدُ، وقال الأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَ السَّوْطُ قَطِيعًا لأَنَّهُم يَأْخُذُونَ القِدَّ المُحَرَّمَ، فيَقْطَعُونَه أَرْبَعَةَ سُيُورٍ، ثم يَفْتِلُونَه، ويَلْوُونَه، ويَتْرُكُونَه حَتَّى يَيْبَسَ، فيَقُومَ قِيامًا، كأَنَّه عَصًا، ثم سُمِّيَ قَطِيعًا لِانَّه يُقْطَعُ أَرْبَعَ طَاقاتٍ ثُمَّ يُلْوَى.
وِالقَطِيعُ: النَّظِيرُ والمِثْلُ، يُقَالُ: فلانٌ قَطِيعُ فلانٍ، أَيْ شِبْهُه فِي قَدِّهِ وخَلْقِه، ج: قُطَعاءُ، هكذا في النُّسَخِ، ومِثْلُه في العُبَابِ، وفِي اللِّسَانِ: أَقْطِعاءُ، كنَصِيبٍ وأَنْصِبَاءَ، وفِي العُبَابِ: القَطِيعُ: شِبْهُ النَّظِيرِ، تَقُولُ: هذا قَطِيعٌ من الثِّيابِ لِلَّذِي قُطِعَ منه.
وِالقَطِيعُ: القَضِيبُ تُبْرَى مِنْه السِّهَامُ، وفي العَيْنِ: الَّذِي يُقْطَعُ لِبَرْيِ السِّهَامِ، ج: قُطْعانٌ بالضمِّ، وأَقْطِعَةٌ، وقِطَاعٌ بالكَسْرِ، وأَقْطُعٌ كأَفْلُسٍ وأَقَاطِعُ، وقُطُعٌ بضَمَّتَيْنِ، الأَخِيرَةُ إِنَّمَا ذَكَرَها صاحِبُ اللِّسَانِ في القَطِيعِ بمَعْنَى ما تَقَطَّعَ من الشَّجَرِ، كما سَيَأْتِي، واقْتَصَرَ اللَّيْثُ على الأُولَى والرّابِعَةِ، وما عَدَاهُمَا ذَكَرَهُنَّ الصّاغَانِيُّ، وأَنْشَدَ اللَّيْثَّ لأَبِي ذُؤَيْبٍ:
وِنَمِيمَةٌ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ *** في كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
قالَ: أَرادَ السِّهَامَ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذا غَلَطٌ. قُلْتُ: أَيْ أَنَّ الصّوابَ أَنَّ الأَقْطُعَ ـ في قَوْلِ الهُذَلِيِّ ـ جَمْعُ قِطْعٍ، بالكَسْرِ، وقد أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضًا عند ذِكْرِه القِطْعَ، وهكَذا هو في شَرْحِ الدِّيوانِ، وشاهِدُ القِطَاعِ قَوْلُ أَبِي خِراشِ:
مُنِيبًا وقَدْ أَمْسَى تَقَدَّمَ وِرْدَها *** أُقَيْدِرُ مَسْمُومُ القِطاعِ نَذِيلُ
وِالقَطِيعُ: ما تَقَطَّعَ مِنَ الأَغْصَانِ*، جَمْعُه أَقْطِعَةٌ، وقُطُعٌ وقُطُعاتٌ، بضَمَّتَيْنِ فيهما، وأَقاطِيعُ كأَحَادِيثَ كالقِطْعِ بِالكَسْرِ وجَمْعُه أَقْطَاعٌ، قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
عَفَتْ غَيْرَ نُؤْيِ الدّارِ ما إِنْ تُبِينُه *** وِأَقْطَاعِ طُفْيٍ قد عَفَتْ في المَعَاقِلِ
وِمِن المَجَازِ: القَطِيعُ: الكَثِيرُ الاخْتِرَاقِ والرُّكُوبِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
وِقال اللَّيْثُ: قولُ العَرَبِ: هو قَطِيعُ القِيَامِ، أَي: مُنْقَطِعٌ، مَقْطُوعُ القِيَامِ إِنّمَا يَصِفُ ضَعْفًا أَو سِمَنًا وأَنْشَدَ:
رَخِيمُ الكَلامِ قَطِيعُ القِيَا *** مِ أَمْسَى فُؤادِي بِهَا فاتِنَا
وهو مَجَازٌ.
وِمن المَجَاز: امْرَأَةٌ قَطِيعُ الكَلامِ: إِذا كانت غَيْرَ سَلِيطَة. وقد قَطُعَتْ، ككَرُمَ.
وِمن المَجَازِ: هو قَطِيعُه: شَبِيهُهُ في خُلُقِه وقَدِّهِ والجَمْعُ قُطَاءُ، وقَدْ تَقَدَّم.
وِمن المَجَازِ: القَطِيعَةُ كشَرِيفَةٍ: الهِجْرَانُ، والصَّدُّ، كالقَطْعِ: ضِدّ الوَصْلِ، ويُرادُ به تَرْكُ البِرِّ والإِحْسَانِ إِلَى الأَهْلِ والأَقَارِبِ، كما تَقَدَّمَ.
وِالقَطِيعَةُ: مَحَالُّ بِبَغْدَادَ؛ أَي في أَطْرافِها أَقْطَعَها المَنْصُورُ العَبّاسِيُّ أُناسًا مِنْ أَعْيَانِ دَوْلَتِهِ، وفي مُخْتَصَرِ نُزْهَةِ المُشْتَاقِ للشَّرِيفِ الإِدْرِيسِيِّ: أَقْطَعَها خَدَمَه ومَوالِيَهُ ليَعْمُرُوهَا ويَسْكُنُوهَا، وهِيَ: قَطِيعَةُ إِسْحَاقَ الأَزْرَق، قُرْبَ بابِ الكَرْخِ.
وِقَطِيعةُ أُمِّ جَعْفَرٍ، وهي زُبَيْدَة بِنْت جَعْفَرِ بنِ المَنْصُورِ العَبّاسِيَّة عندَ بابِ التِّينِ ومِنْهَا: إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُحَدِّثُ.
وِقَطِيعَةُ بَنِي جِدَارٍ، بالكَسْرِ: اسمُ بَطْنٍ مِنَ الخَزْرَجِ، وقَدْ يُنْسَبُ إِلَى هذِهِ القَطِيعَةِ: جِدَارِيٌّ أَيْضًا.
وِقَطِيعَةُ الدَّقِيقِ، ومِنْهَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ المُحَدِّثُ.
وِقَطِيعَتَا الرَّبِيعِ بنِ يُونُسَ، الخَارِجَةُ والدّاخِلَةُ. وفي العُبَابِ: قَطِيعَةُ الرَّبِيعِ، وهي أَشْهَرُها. قُلْتُ: فيحْتَمِلُ أَنَّهَا الدَّاخِلَةُ والخَارِجَةُ، ومِنْهَا إِسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ يَعْمُرَ المُحَدِّثُ.
وِفَطِيعَةُ رَيْسَانَةَ قُرْبَ بابِ الشَّعِيرِ.
وِقَطِيعَةُ زُهَيْرٍ، قُرْبَ الحَرِيمِ.
وِقَطِيعَةُ العَجَمِ، مُحَرَّكَةُ، وفي بَعْضِ النُّسَخِ بضَمِّ العَيْنِ: بينَ بابِ الحَلْبَةِ وبابِ الأَزَجِ، مِنْهَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ، وابْنُه مُحَمَّدٌ: الحافِظَانِ.
وِقَطِيعَةُ العَكِّيِّ وفِي بَعْضِ النُّسَخِ العَلِيّ، والأَوَّلُ الصّوابُ، وهِيَ بَيْنَ بابِ البَصْرَةِ وبابِ الكُوفَةِ.
وِقَطِيعَةُ عِيسَى بنِ عَلِيِّ بن عَبْدِ الله بنِ عَبّاسٍ عَمِّ المَنْصُورِ، ومِنْهَا إِبْرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ.
وِقَطِيعَةُ أَبِي النَّجْمِ: بالجَانِبِ الغَرْبِيِّ، مُتَّصِلَةٌ بقَطِيعَةِ زُهَيْرٍ. وقَطِيعَةُ النَّصَارَى: مُتَّصِلَةٌ بنَهْرِ طّابَقِ، فجُمْلَةُ ما ذُكِرَ أَرْبَعَةَ عَشَر مَحَلًّا، وقد ساقَهُنَّ ياقُوتُ هكذا في كِتابه «المُشْتَرَكِ وَضْعًا».
وِمن المَجَاز: هذا مَقْطَعُ الرَّمْلِ، كمَقْعَدِ ومُنْقَطَعُه: حَيْثُ يَنْقَطِعُ ولا رَمْلَ خَلْفَه، وكَذلِكَ من الوَادِي والحَرَّةِ، وما أَشْبَهَها ج: مَقَاطِعُ.
وِمَقَاطِعُ الأَوْدِيَةِ: مَآخِيرُها حَيْثُ تَنْقَطِعُ، وفي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ: ومَقَاطِيعُ الأَوْدِيَةِ.
وِالمَقَاطِعُ من الأَنْهَارِ: حَيْثُ يُعْبَرُ فيهِ مِنْهَا، وهِيَ المَعَابِرُ.
وِمن المَجَازِ: المَقَاطِعُ من القُرْآنِ: مَوَاضِعُ الوُقُوفِ، ومَبَادِيه: موَاضِعُ الابْتِداءِ، يُقَال: هو يَعْرِفُ مَقَاطِعَ القُرْآنِ، أَي: وُقُوفَهُ.
وِالمَقْطَعُ، كمَقْعَدٍ: مَوْضِعُ القَطْع، كالقُطْعَةِ، بالضَّمِّ وهو مَوْضِعُ القَطْعِ من يَدِ السّارِقِ، ويُحَرَّكُ كالصُّلْعَةِ والصَّلْعَةِ: ومنه الحَدِيثُ: «أَنَّ سارِقًا سَرَق، فقُطِعَ، فكانَ يَسْرِقُ بقَطَعَتِه» يُرْوَى بالوَجْهَيْنِ.
وِمَقْطَعُ الحَقِّ: مَوْضِعُ الْتِقاءِ الحُكْمِ فيهِ، وهو مَجَازٌ.
وِمَقْطَعُ الحَقِّ أَيْضًا: ما يُقْطَعُ به البَاطِلُ، ولو قالَ: «وأَيْضًا: ما يُقْطَعُ به الباطِلُ» لكَانَ أَخْصَرَ، وقِيلَ: هُوَ حَيْثُ يُفْصَلُ بَيْنَ الخُصُومِ بنَصِّ الحُكْمِ، قال زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ: *** يَمِينٌ، أَو نِفَارٌ، أَو جَلاءُ
وِالمِقْطَعُ، كمِنْبَرٍ: ما يُقْطَعُ بهِ الشّيْءُ كالسِّكِّينِ وغَيْرِه.
وِالقِطْعُ بالكَسْرِ: نَصْلٌ صِغِيرٌ كما في العُبَابِ، وفي الصِّحاحِ واللِّسَانِ: قَصِير عَرِيض السَّهْمِ، وقالَ الأَصْمَعِيُ: القِطْعُ من النِّصّالِ: القَصِيرُ العَرِيضُ، وكَذلِك قالَ غيرُه، سَواءٌ كان النَّصْلُ مُرَكَّبًا في السَّهْمِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مُركَّبًا، سُمِّيَ به لأَنَّهُ مَقْطُوعٌ من الحَدِيدِ، كذا في التَّهْذِيبِ ج: أَقْطُعٌ كأَفْلُسِ، وأَقْطَاعٌ، وقِطَاعٌ، بالكَسْرِ، قالَ بَعْضُ الأَغْفَالِ يَصِفُ دِرْعًا:
لَهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْسًا *** وِتَهْزَأُ بالمَعَابِلِ والقِطَاعِ
وقد مَرَّ شاهِدُ أَقْطعٍ من قَوْلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وهكَذا أَنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ هُنَا، والأَزْهَرِيُّ، وصَرَّحَ به شارِحُ الدِّيوانِ.
وِمن المَجَازِ: القِطْعُ: ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ، ومنه قَوْلُه تَعَالَى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}. قالَ الأَخْفَشُ: بسَوادٍ مِنَ اللَّيْلِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:
افْتَحِي البابَ فانْظُرِي في النُّجُومِ *** كَمْ عَلَيْنَا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
أَو القِطْعَةُ منه يُقَال: مَضَى مِن اللَّيْلِ قِطْعٌ، أَي: قِطْعَةٌ صالِحَةٌ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ كالقِطَعِ، كعِنَبٍ وبِهِمَا قُرِئَ قولُه تَعَالَى: {قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} وقَرَأَ نُبَيْجٌ، وأَبُو واقِدِ، والجَرّاحُ ـ في سُورَتَيْ هُودِ والحِجْرِ ـ: «بقِطَعٍ» بكَسْرٍ ففَتْحٍ، قالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ قَرَأَ «قِطْعًا» جَعَلَ المُظْلِمَ مِنْ نَعْتِهِ، ومَنْ قَرَأَ «قِطَعًا» جَعَلَ المُظْلِمَ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ، وهُوَ الَّذِي يَقُولُ له البَصْرِيُّونَ: الحَالُ، أَو القِطَعُ: جَمْع قطْعَةٍ، وهي الطّائِفَةُ من الشَّيْءِ ومنهالحَدِيثُ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السّاعَةِ فِتَنًا كقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ» أَرادَ فِتْنَةً مُظْلِمَةً سَوْدَاءَ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِها، أَو القِطْعُ والقِطَعُ: طَائِفَةٌ من اللَّيْلِ تَكُونُ مِن أَوَّلِه إِلَى ثُلُثِهِ. وقِيلَ للفَزارِيِّ: ما القِطْعُ مِنَ اللّيْلِ؟ فقالَ: حُزْمَةٌ تَهُورُهَا، أَي: قِطْعَةٌ تَحْزُرهَا، ولا تَدْرِي كَمْ هِيَ.
وِالقِطْعُ: الرَّدِيءُ من السِّهَامِ يُعْمَلُ مِنَ القِطْعِ أَو القَطِيعِ اللَّذَيْنِ هُمَا المَقْطُوعُ من الشَّجَرِ، وقِيلَ: هو السَّهْمُ العَرِيضُ، والجَمْعُ: أَقْطُعٌ وقُطُوعٌ.
وِالقِطْعُ: البِسَاطُ أَو النُّمْرُقَةُ، ومنه حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْرِ والجِنِّيِّ: «فجَاءَ وَهُوَ عَلَى القِطْعِ، فنَفَضَهُ» وقالَ الأَعْشَى:
هِيَ الصّاحِبُ الأَوْفَى وبَيْنِي وبَيْنَها *** مَجُوفٌ غِلافِيٌّ وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
أَوْ هُوَ طِنْفِسَةٌ يَجْعَلُها الرّاكِبُ تَحْتَه وتُغَطِّي، وفي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ: تُغَطِّي، بغيرِ واو كَتِفَي البَعِيرِ، ج: قُطُوعٌ، وأَقْطَاعٌ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للأَعْشَى:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفُخُ فِي بُرَاهَا *** تَكَشَّفُ عن مَنَاكِبِهَا القُطُوعُ
قالَ ابنُ بَرِّيّ: الشِّعْرُ لعَبْدِ الرَّحْمن بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العاصِ يَمْدَحُ مُعَاوِيَةَ، ويُقَالُ: لزِيَادٍ الأَعْجَم. قلتُ: ومالَ الصّاغَانِيُّ إِلى الأَوَّل، وقد تَقَدَّمَتْ قِصَّتُه في «ص ن ع» فراجِعْه.
وِثَوْبٌ قِطْعٌ بالكَسْرِ، وأَقْطاعٌ عن اللِّحْيَانِيِّ، كأَنَّهُم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ قِطْعًا، أَي: مَقْطُوعٌ، وكَذلِكَ حَبْلٌ أَقْطَاعٌ، أَي: مَقْطُوعٌ.
وِمن المَجَازِ: القُطْعُ، بالضَّمِّ: البُهْرُ يَأْخُذُ الفَرَسَ وغَيْرَه، ويُقَالُ: أَصابَهُ قُطْعٌ أَو بُهْرٌ، وهُوَ: النَّفَسُ العالِي مِنَ السِّمَنِ وغَيْرِه.
وِقالَ ابنُ الاثِيرِ: القُطْعُ: انْقِطَاعُ النَّفَسِ وضِيقُه، ومنه حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ أَصابَه قُطْعٌ أَو بُهْرٌ، فكان يُطْبَخُ لهُ فِي الحَسَاءِ فيَأْكُلُه» يُقَالُ منه: قُطِعَ كُعِنيَ، فهُوَ مَقْطُوعٌ.
وِالقُطْعُ، بالضَّمِّ: جَمْعُ الأَقْطَعِ للمَقْطُوعِ اليَدِ، كأَسْوَدَ وسُودٍ.
وِالقُطْعُ أَيضًا: جَمْعُ القَطِيعِ كأَمِيرٍ للمَقْطُوعِ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ.
وِمن المَجَازِ: أَصابَهُم قُطْعٌ وقُطْعَةٌ بضَمِّهِمَا، أَو تُكْسَرُ الأُولَى أَيضًا عن ابنِ دُرَيْدٍ، وأَبَى الأَصْمَعِيُّ إِلّا الضَّمَّ: إِذا انْقَطَعَ ماءُ بِئْرِهِمْ في القَيْظِ كَما في الصِّحاح، وفي الحَدِيثِ: «كانَ يَهُودُ قَوْمًا لَهُم ثِمَارٌ لا تُصِيبُها قُطْعَةٌ» يعنِي عَطَشًا بانْقِطَاعِ الماءِ عنها، ويُقَالُ للقَوْمِ إِذا جَفَّتْ مِياهُهُم [أصابتهم] قُطْعَةٌ مُنْكَرَةٌ.
وِالقِطْعَةُ بالكسْرِ: الطّائِفَةُ من الشّيْءِ كاللَّيلِ وغيرِه، وهو مَجَاز.
وِقِطْعَةُ بلا لام مَعْرِفَةً: الأُنْثَى من القَطَا.
وِالقُطْعَةُ بالضَّمِّ: بَقِيَّةُ يَدِ الأَقْطَعِ، ويُحَرَّكُ وقد تَقَدَّمَ ذلِكَ للمُصَنِّفِ، وكأَنَّهُ عُمَّ به أَوّلًا، ثم خُصِّصَ بيَدِ الأَقْطَعِ.
وِالقِطْعَةُ: طائِفَةٌ تُقْطَعُ من الشَّيْءِ قال ابنُ السِّكِّيتِ: ما كانَ منَ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْ شَيْءٍ، فإِنْ كَانَ المَقْطُوعُ قَدْ يَبْقَى منه الشَّيْءُ ويُقْطَعُ قُلْتَ: أَعْطِنِي قِطْعَةً، ومِثْلُه الخِرْقَةُ، وإِذا أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ الشَّيْءَ بأَسْرِه حَتّى تُسَمِّيَ بهِ قُلْتَ: أَعْطِنِي قُطْعَةً، وأَمّا المَرَّةُ من الفِعْلِ فبالفَتْحِ: قَطَعْتُ قَطْعَةً كالقُطَاعَةِ بالضّمِّ، أَو هذِه مُخْتَصَّةٌ بالأَدِيمِ.
وِالقُطْعَةُ والقُطَاعَةُ: الحُوّارَى، وما قُطِعَ من نُخَالَتِهِ وقالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَطْعُ النُّخَالَةِ من الحُوّارَى: فَصْلُهَا منه.
وِالقُطْعَةُ: الطّائِفَةُ من الأَرْضِ إِذا كانَتْ مَفْرُوزَةً، قالَ الفَرّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ العَرَبِ يَقُول: «غَلَبَنِي فُلانٌ عَلَى قُطْعَةٍ من الأَرْضِ» يريدُ أَرْضًا مَفْرُوزَةً، قالَ: فإِن أَرَدْتَ بِها قِطْعَةً من شَيْءٍ قُطِعَ مِنْهُ، قُلْتَ: قِطْعَةً، وحَكَى عن أَعْرَابِيٍّ أَنَّه قالَ: وَرِثْتُ من أَبِي قُطْعَةً.
وِالقُطْعَةُ أَيْضًا: لُثْغَةٌ فِي بَنِي طَيِّئٍ، كالعَنْعَنَةِ في تَمِيمٍ عن أَبِي تُرَابٍ، وهُوَ وفي العُبَابِ: وهي أَنْ يَقولَ: يا أَبا الحَكَا، يُرِيدُ: أَبا الحَكَمِ فيَقْطَع كَلامَهُ، وهو مَجَازٌ.
وِبَنُو قُطْعَةَ بالضمِّ: حَيٌّ مِنَ العَرَبِ، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ: قُطْعِيٌّ بالسُّكُونِ، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ.
وِكُجَهْيَنَةَ، قُطَيْعَةُ بنُ عَبْسِ بنِ بَغِيضِ بنِ رَيْثِ بنِ غَطَفَانَ: أَبُو حَيٍّ والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ قُطَعِيٌّ، كجُهَنِيٍّ، ومنهم حَزْمٌ وسَهْلٌ ابنا أَبِي حَزْمٍ، وأَخُوهُم عَبْدُ الواحِدِ، وابنُ أَخِيهِم مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القُطَعِيُّونَ: مُحَدِّثُون.
وِقُطَيْعَةُ: لَقَبُ عَمْرِو بنِ عُبَيْدَةَ بنِ الحارِثِ بنِ سامَةَ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ، وبَنُو سامَةَ في «س وم» نَقَلَهُ ابنُ الجَوّانِيِّ، كما سَيَأْتِي في الميمِ، إِنْ شاءَ الله تَعالَى.
وِقُطَعاتُ الشَّجَر، كهُمَزَةٍ، وبالتَّحْرِيكِ، وبِضَمَّتَيْنِ: أَطْرَافُ أُبَنِها الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا إِذا قُطِعَتْ الواحِدُ قَطَعَةٌ، مُحَرَّكَةً، وكهُمَزَةٍ، وبِضَمَّتَيْنِ.
وِالقُطاعَةُ، بالضَّمِّ: اللُّقْمَةُ عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. وما سَقَطَ من القَطْعِ، كالبُرَايَةِ والنُّحَاتَةِ وأَمْثَالِهِمَا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
9-المصباح المنير (رمص)
رَمِصَتْ الْعَيْنُ رَمَصًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا جَمَدَ الْوَسَخُ فِي مُوقِهَا فَالرَّجُلُ أَرَمْصُ وَالْأُنْثَى رَمْصَاءُ.المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
10-لسان العرب (مدد)
مدد: المَدُّ: الجَذْب والمَطْلُ.مَدَّه يَمُدُّه مَدًّا ومدَّ بِهِ فامتَدّ ومَدَّدَه فَتَمَدَّد، وتَمَدَّدناه بَيْنَنَا: مَدَدْناه.
وَفُلَانٌ يُمادُّ فُلَانًا أَي يُماطِلُه ويُجاذِبه.
والتَّمَدُّد: كَتَمَدُّدِ السِّقاء، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ تَبْقَى فِيهِ سَعَةُ المَدِّ.
والمادَّةُ: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ.
ومَدَّه فِي غَيِّه أَي أَمهلَه وطَوَّلَ لَهُ.
ومادَدْتُ الرَّجُلَ مُمادَّةً ومِدادًا: مَدَدْتُه ومَدَّني؛ هَذِهِ عن اللِّحْيَانِيِّ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}؛ مَعْنَاهُ يُمْهِلُهم.
وطُغْيانُهم: غُلُوُّهم فِي كُفْرِهِمْ.
وَشَيْءٌ مَدِيد: مَمْدُودٌ.
وَرَجُلٌ مَدِيد الْجِسْمِ: طَوِيلٌ، وأَصله فِي الْقِيَامِ؛ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ مُدُدٌ، جَاءَ عَلَى الأَصل لأَنه لَمْ يُشْبِهِ الْفِعْلَ، والأُنثى مَدِيدة.
وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: «قَالَ لِبَعْضِ عُمَّالِهِ: بَلَغَنِي أَنك تَزَوَّجْتَ امرأَة مَدِيدَةً»أَي طَوِيلَةً.
وَرَجُلٌ مَدِيدُ الْقَامَةِ: طَوِيلُ الْقَامَةِ.
وطِرافٌ مُمدَّد أَي ممدودٌ بالأَطناب، وشُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ.
وتَمَدَّد الرَّجُلُ أَي تَمطَّى.
والمَدِيدُ: ضَرْبٌ مِنَ العَرُوض، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِامْتِدَادِ أَسبابه وأَوتاده؛ قَالَ أَبو إِسحاق: سُمِّيَ مَدِيدًا لأَنه امتَدَّ سَبَبَاهُ فَصَارَ سَبَب فِي أَوله وَسَبَبٌ بَعْدَ الوَتِدِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ فِي عَمَد طِوال.
ومَدَّ الْحَرْفَ يَمُدُّه مَدًّا: طَوَّلَه.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مدَّ اللهُ الأَرضَ يَمُدُّها مَدًّا بَسَطَهَا وسَوَّاها.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ}؛ وَفِيهِ: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها.
وَيُقَالُ: مَدَدْت الأَرض مَدًّا إِذا زِدت فِيهَا تُرَابًا أَو سَمادًا مِنْ غَيْرِهَا لِيَكُونَ أَعمر لَهَا وأَكثر رَيْعًا لِزَرْعِهَا، وَكَذَلِكَ الرِّمَالُ، والسَّمادُ مِداد لَهَا؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقُ:
رَأَتْ كَمَرًا مِثْلَ الجَلاميدِ فَتَّحَتْ ***أَحالِيلَها، لمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذورُها
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: اتْمَأَدَّتْ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، اللَّهُمَّ إِلا أَن يُرِيدَ تَمادَّت فَسَكَّنَ التَّاءَ وَاجْتَلَبَ لِلسَّاكِنِ أَلِفَ الْوَصْلِ، كَمَا قَالُوا: ادَّكَرَ وادّارَأْتُمْ فِيهَا، وَهَمَزَ الأَلف الزَّائِدَةَ كَمَا هَمَزَ بَعْضُهُمْ أَلف دابَّة فَقَالَ دأَبَّة.
ومدَّ بصَرَه إِلى الشَّيْءِ: طَمَح بِهِ إِليه.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا}.
وأَمَدَّ لَهُ فِي الأَجل: أَنسأَه فِيهِ.
ومَدَّه فِي الغَيّ وَالضَّلَالِ يَمُدُّه مَدًّا ومَدَّ لَهُ: أَمْلَى لَهُ وَتَرَكَهُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}؛ أَي يُمْلِي ويُلِجُّهم؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ مدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْعَذَابِ مَدًّا.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا}.
قَالَ: وأَمَدَّه فِي الْغَيِّ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ}؛ قِرَاءَةُ أَهل الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ يَمُدُّونَهم، وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ يُمِدُّونَهم.
والمَدُّ: كَثْرَةُ الْمَاءِ أَيامَ المُدُود وَجَمْعُهُ مُدُود؛ وَقَدْ مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا، وامْتَدَّ ومَدَّه غَيْرُهُ وأَمَدَّه.
قَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ شَيْءٍ مَدَّه غَيْرُهُ، فَهُوَ بأَلف؛ يُقَالُ: مَدَّ البحرُ وامتَدَّ الحَبْل؛ قَالَ اللَّيْثُ: هَكَذَا تَقُولُ الْعَرَبُ.
الأَصمعي: المَدُّ مَدُّ النَّهْرِ.
والمَدُّ: مَدُّ الْحَبْلِ.
والمَدُّ: أَن يَمُدّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي غيِّه.
وَيُقَالُ: وادِي كَذَا يَمُدُّ فِي نَهْرِ كَذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ.
وَيُقَالُ مِنْهُ: قلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتها ركيةٌ أُخرى فَهِيَ تَمُدُّها مَدًّا.
والمَدُّ: السَّيْلُ.
يُقَالُ: مَدَّ النهرُ ومدَّه نَهْرٌ آخَرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّه أَتِيُّ ***غِبَّ سمَاءٍ، فَهُوَ رَقْراقِيُ
ومَدَّ النَّهرُ النهرَ إِذا جَرَى فِيهِ.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ دَخَلَ فِيهِ مِثْلُهُ فَكَثَّرَه: مدَّه يَمُدُّه مَدًّا.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}؛ أَي يَزِيدُ فِيهِ مَاءً مِنْ خلْفِه تجرُّه إِليه وتُكثِّرُه.
ومادَّةُ الشَّيْءِ: مَا يمدُّه، دَخَلَتْ فِيهِ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ: «يَنْبَعِثُ فِيهِ مِيزابانِ مِدادُهما أَنهار الْجَنَّةِ»؛ أي يَمُدُّهما أَنهارُها.
وَفِي الْحَدِيثِ: «وأَمَدَّها خَواصِر» أَي أَوسعها وأَتَمَّها.
والمادَّة: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ مَدَدًا لِغَيْرِهِ.
وَيُقَالُ: دعْ فِي الضَّرْع مادَّة اللَّبَنِ، فَالْمَتْرُوكُ فِي الضَّرْعِ هُوَ الداعِيَةُ، وَمَا اجْتَمَعَ إِليه فَهُوَ المادَّة، والأَعْرابُ مادَّةُ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}؛ قَالَ: تَكُونُ مِدادًا كالمِدادِ الَّذِي يُكتب بِهِ.
وَالشَّيْءُ إِذا مدَّ الشَّيْءَ فَكَانَ زِيَادَةً فِيهِ، فَهُوَ يَمُدُّه؛ تَقُولُ: دِجْلَةُ تَمُدُّ تَيَّارنا وأَنهارنا، وَاللَّهُ يَمُدُّنا بِهَا.
وَتَقُولُ: قَدْ أَمْدَدْتُك بأَلف فَمُدَّ.
وَلَا يُقَاسُ عَلَى هَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ.
ومَدَدْنا القومَ: صِرْنا لَهُمْ أَنصارًا ومدَدًَا وأَمْدَدْناهم بِغَيْرِنَا.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَمَدَّ الأَمير جُنْدَهُ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وأَعانهم، وأَمَدَّهم بِمَالٍ كَثِيرٍ وأَغاثهم.
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَعطاهم، والأَول أَكثر.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ}.
والمَدَدُ: مَا مدَّهم بِهِ أَو أَمَدَّهم؛ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَمْداد، قَالَ: وَلَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ، واستَمدَّه: طلَبَ مِنْهُ مَدَدًا.
والمَدَدُ: العساكرُ الَّتِي تُلحَق بالمَغازي فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
والإِمْدادُ: أَنْ يُرْسِلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مَدَدًا، تَقُولُ: أَمْدَدْنا فُلَانًا بِجَيْشٍ.
قال الله تعالى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ}.
وَقَالَ فِي الْمَالِ: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ؛ هَكَذَا قُرِئَ نُمِدُّهُمْ، بِضَمِّ النُّونِ.
وَقَالَ: وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ، فالمَدَدُ مَا أَمْدَدْتَ بِهِ قَوْمَكَ فِي حرْب أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ طَعَامٍ أَو أَعوان.
وَفِي حَدِيثِ أُويس: «كَانَ عُمَرَ»، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذا أَتَى أَمْدادُ أَهل الْيَمَنِ سأَلهم: أَفيكم أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ الأَمداد: جَمْعُ مَدَد وَهُمُ الأَعوان والأَنصار الَّذِينَ كَانُوا يَمُدُّون الْمُسْلِمِينَ فِي الْجِهَادِ.
وَفِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: «خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَة ورافَقَني مَدَدِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ»؛ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى المدَد.
وَقَالَ يُونُسُ: مَا كَانَ مِنَ الْخَيْرِ فإِنك تَقُولُ أَمْدَدْته، وَمَا كَانَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ مدَدْت.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: «هُمْ أَصلُ الْعَرَبِ ومادَّة الإِسلام»؛ أي الَّذِينَ يُعِينونهم ويَكُثِّرُون جُيُوشَهُمْ ويُتَقَوَّى بزكاةِ أَموالهم.
وَكُلُّ مَا أَعنت بِهِ قَوْمًا فِي حَرْبٍ أَو غَيْرِهِ، فَهُوَ مادَّة لَهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ الرَّمْيِ: «مُنْبِلُه والمُمِدُّ بِهِ» أَي الَّذِي يَقُومُ عِنْدَ الرَّامِي فَيُنَاوِلُهُ سَهْمًا بَعْدَ سَهْمٍ، أَو يَرُدُّ عَلَيْهِ النَّبْلَ مِنَ الهَدَف.
يُقَالُ: أَمَدَّه يُمِدُّه، فَهُوَ مُمِدٌّ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «قَائِلُ كلمةِ الزُّورِ وَالَّذِي يَمُدُّ بِحَبْلِهَا فِي الإِثم سواءٌ»؛ مَثَّل قَائِلَهَا بالمائِح الَّذِي يملأُ الدَّلْوَ فِي أَسفل الْبِئْرِ، وحاكِيَها بالماتِحِ الَّذِي يَجْذِبُ الْحَبْلَ عَلَى رأْس الْبِئْرِ ويَمُدُّه؛ وَلِهَذَا يُقَالُ: الراويةُ أَحد الكاذِبَيْنِ.
والمِدادُ: النِّقْس.
والمِدادُ: الَّذِي يُكتب بِهِ وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
قَالَ شَمِرٌ: كُلُّ شَيْءٍ امتَلأَ وَارْتَفَعَ فَقَدْ مَدَّ؛ وأَمْدَدْتُه أَنا.
ومَدَّ النهارُ إِذا ارْتَفَعَ.
ومَدَّ الدَّواةَ وأَمَدَّها: زَادَ فِي مائِها ونِقْسِها؛ ومَدَّها وأَمَدَّها: جَعَلَ فِيهَا مِدادًا، وَكَذَلِكَ مَدَّ القَلم وأَمَدَّه.
واسْتَمَدَّ مِنَ الدواةِ: أَخذ مِنْهَا مِدادًا؛ والمَدُّ: الاستمدادُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَسْتَمِدَّ مِنْهَا مَدّة وَاحِدَةً؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: سُمِّيَ المِدادُ مِدادًا لإِمداده الكاتِب، مِنْ قَوْلِهِمْ أَمْدَدْت الْجَيْشَ بمَدد؛ قَالَ الأَخطل:
رَأَوْا بارِقاتٍ بالأَكُفِّ كأَنّها ***مَصابيحُ سُرْجٌ، أُوقِدَتْ بِمِدادِ
أَي بِزَيْتٍ يُمِدُّها.
وأَمَدَّ الجُرْحُ يُمِدُّ إِمْدادًا: صَارَتْ فِيهِ مَدَّة؛ وأَمْدَدْت الرَّجُلَ مُدَّةً.
وَيُقَالُ: مُدَّني يَا غلامُ مُدَّة مِنَ الدَّوَاةِ، وإِن قُلْتَ: أَمْدِدْني مُدّة، كَانَ جَائِزًا، وَخَرَجَ عَلَى مَجْرَى المَدَدِ بِهَا وَالزِّيَادَةِ.
والمُدَّة أَيضًا: اسْمُ مَا اسْتَمْدَدْتَ بِهِ مِنَالمِدادِ عَلَى الْقَلَمِ.
والمَدّة، بِالْفَتْحِ: الْوَاحِدَةُ مِنْ قَوْلِكَ مَدَدْتُ الشيءَ.
والمِدّة، بِالْكَسْرِ: مَا يَجْتَمِعُ فِي الجُرْح مِنَ الْقَيْحِ.
وأَمْدَدْتُ الرَّجُلَ إِذا أَعطيته مُدّة بِقَلَمٍ؛ وأَمْدَدْتُ الْجَيْشَ بِمَدَد.
والاستمدادُ: طلبُ المَدَدِ.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: مَدَدْنا الْقَوْمَ أَي صِرنا مَدَدًا لَهُمْ وأَمْدَدْناهم بِغَيْرِنَا وأَمْدَدْناهم بِفَاكِهَةٍ.
وأَمَدّ العَرْفَجُ إِذا جَرَى الماءُ فِي عُودِهِ.
ومَدَّه مِدادًا وأَمَدَّه: أَعطاه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
نُمِدُّ لهمْ بالماءِ مِن غيرِ هُونِه، ***ولكِنْ إِذا مَا ضاقَ أَمرٌ يُوَسَّعُ
يَعْنِي نَزِيدُ الْمَاءَ لِتَكْثُرَ الْمَرَقَةُ.
وَيُقَالُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مِدادَ السموات ومِدادَ كلماتِه ومَدَدَها أَي مِثْلَ عدَدِها وَكَثْرَتِهَا؛ وَقِيلَ: قَدْرَ مَا يُوازيها فِي الْكَثْرَةِ عِيارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عدَد أَو مَا أَشبهه مِنْ وُجُوهِ الْحَصْرِ وَالتَّقْدِيرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ التَّقْدِيرُ لأَن الْكَلَامَ لَا يَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وإِنما يَدْخُلُ فِي الْعَدَدِ.
والمِدادُ: مَصْدَرٌ كالمَدَد.
يُقَالُ: مَدَدْتُ الشيءَ مَدًّا ومِدادًا وَهُوَ مَا يَكْثُرُ بِهِ وَيُزَادُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن المؤَذِّنَ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِه»؛ الْمَدُّ: الْقَدْرُ، يُرِيدُ بِهِ قَدْرَ الذُّنُوبِ أَي يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ إِلى مُنْتَهَى مَدِّ صَوْتِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِسَعَةِ الْمَغْفِرَةِ كقوله الْآخَرِ: وَلَوْ لَقِيتَني بِقُراب [بِقِراب] الأَرض خَطايا لِقيتُك بِهَا مَغْفِرَةً؛ وَيُرْوَى مَدَى صَوْتِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَبَنَوْا بُيُوتَهُمْ عَلَى مِدادٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَيُقَالُ: جَاءَ هَذَا عَلَى مِدادٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ جَنْدَلٌ:
لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ، وَلَمْ أُسانِدِ ***عَلَى مَدادٍ ورويٍّ واحِدِ
والأَمِدّةُ، والواحدةُ مِدادٌ: المِساكُ فِي جَانِبَيِ الثوبِ إِذا ابْتدِئَ بعَملِه.
وأَمَدَّ عُودُ العَرْفَجِ والصِّلِّيانِ والطَّرِيفَةِ: مُطِرَ فَلانَ.
والمُدَّةُ: الْغَايَةُ مِنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.
وَيُقَالُ: لِهَذِهِ الأُمّةُ مُدَّة أَي غَايَةٌ فِي بَقَائِهَا.
وَيُقَالُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمُرك أَي جَعَلَ لعُمُرك مُدة طَوِيلَةً.
ومُدَّ فِي عُمُرِهِ: نُسِئَ.
ومَدُّ النهارِ: ارتفاعُه.
يُقَالُ: جِئْتُكَ مَدَّ النَّهَارِ وَفِي مَدِّ النَّهَارِ، وَكَذَلِكَ مَدَّ الضُّحَى، يَضَعُونَ الْمَصْدَرَ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَوْضِعَ الظَّرْفِ.
وامتدَّ النهارُ: تَنَفَّس.
وامتدَّ بِهِمُ السَّيْرُ: طَالَ.
ومَدَّ فِي السَّيْرِ: مَضَى.
والمَدِيدُ: مَا يُخْلَطُ بِهِ سَوِيقٌ أَو سِمْسمٌ أَو دَقِيقٌ أَو شَعِيرٌ جَشٌّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بحارٍّ ثُمَّ يُسقاه الْبَعِيرُ وَالدَّابَّةُ أَو يُضْفَرُه، وَقِيلَ: المَدِيدُ العَلَفُ، وَقَدْ مَدَّه بِهِ يَمُدُّه مَدًّا.
أَبو زَيْدٍ: مَدَدْتُ الإِبلَ أَمُدُّها مَدًّا، وَهُوَ أَن تَسْقِيَهَا الْمَاءَ بِالْبِزْرِ أَو الدَّقِيقِ أَو السِّمْسِمِ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: المَدِيدُ شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلُّ فَيُضْفَرُ البَعِيرَ.
وَيُقَالُ: هُنَاكَ قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض قَدْرُ مَدِّ الْبَصَرِ أَي مَدَى الْبَصَرِ.
ومَدَدْتُ الإِبِلَ وأَمْدَدْتُها بِمَعْنًى، وهو أَن تَنْثِرَ [تَنْثُرَ] لَهَا عَلَى الماءِ شَيْئًا مِنَ الدَّقِيقِ وَنَحْوِهِ فَتَسْقِيَها، وَالِاسْمُ المَدِيدُ.
والمِدّانُ والإِمِدّانُ: الْمَاءُ المِلْح، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْمِلْحُ الشديدُ المُلُوحة؛ وَقِيلَ: مِياهُ السِّباخِ؛ قَالَ: وَهُوَ إِفِعْلانٌ.
بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ، وَقِيلَ هُوَ لأَبي الطَّمَحان:
فأَصْبَحْنَ قَدْ أَقْهَينَ عَنِّي كَمَا أَبَتْ، ***حِياضَ الإِمِدَّانِ، الظِّباءُ القوامِحُ
والإِمِدّانُ أَيضًا: النَّزُّ.
وَقِيلَ: هُوَ الإِمِّدانُ؛ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ.
والمُدُّ: ضَرْبٌ مِنَ المكايِيل وَهُوَ رُبُع صَاعٍ، وَهُوَ قَدْرُ مُدِّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، والصاعُ: خَمْسَةُ أَرطال؛ قال:
لم يَغْدُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ***وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا تَعْجِيفُ
وَالْجَمْعُ أَمدادٌ ومِدَدٌ ومِدادٌ كَثِيرَةٌ ومَدَدةٌ؛ قَالَ:
كأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ ***كَيْلَ مِدادٍ، مِنْ فَحًا مَدْقوقِ
الْجَوْهَرِيُّ: المُدُّ، بِالضَّمِّ، مِكْيَالٌ وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلْثٌ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيِّ، وَرِطْلَانِ عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ وأَبي حَنِيفَةَ، وَالصَّاعُ أَربعة أَمداد.
وَفِي حَدِيثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ: «مَا أَدْرَك مُدَّ أَحدِهم وَلَا نَصِيفَه»؛ وَالْمُدُّ، فِي الأَصل: رُبُعُ صَاعٍ وإِنما قَدَّره بِهِ لأَنه أَقلُّ مَا كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ بِهِ فِي الْعَادَةِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْغَايَةُ؛ وَقِيلَ: إِن أَصل الْمُدِّ مقدَّر بأَن يَمُدَّ الرَّجُلُ يَدَيْهِ فيملأَ كَفَّيْهِ طَعَامًا.
ومُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ: بُرْهَةٌ مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «المُدَّة الَّتِي مادَّ فِيهَا أَبا سُفْيَانَ»؛ المُدَّةُ: طَائِفَةٌ مِنَ الزَّمَانِ تَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ومادَّ فِيهَا أَي أَطالَها، وَهِيَ فاعَلَ مِنَ الْمَدِّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن شاؤُوا مادَدْناهم».
ولُعْبة لِلصِّبْيَانِ تُسَمَّى: مِدادَ قَيْس؛ التَّهْذِيبِ: ومِدادُ قَيْس لُعْبة لَهُمْ.
التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ دمم: دَمدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَابًا شَدِيدًا، ومَدْمَدَ إِذا هَرَبَ.
ومُدٌّ: رَجُلٌ مِنْ دارِم؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الدَّارِمِيُّ يَهْجُو خُنْشُوشَ بْنَ مُدّ:
جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلامةً، ***إِذا زَيَّنَ الفَحْشاءَ للناسِ مُوقُها
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
11-لسان العرب (حبر)
حبر: الحِبْرُ: الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَمَوْضِعُهُ المِحْبَرَةُ، بِالْكَسْرِ.ابْنُ سِيدَهْ: الحِبْرُ الْمِدَادُ.
والحِبْرُ والحَبْرُ: العالِم، ذِمِّيًّا كَانَ أَو مُسْلِمًا، بَعْدَ أَن يَكُونَ مِنْ أَهل الْكِتَابِ.
قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ الحِبْرُ والحَبْرُ فِي الجَمالِ والبَهاء.
وسأَل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَعْبًا عَنِ الحِبْرِ فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، وَجَمْعُهُ أَحْبَارٌ وحُبُورٌ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ، ***كذاكَ الدَّهْرُ ذُو صَرْفٍ يَدُورُ
وَكُلُّ مَا حَسُنَ مِنْ خَطٍّ أَو كَلَامٍ أَو شِعْرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ حُبِرَ حَبْرًا وحُبِّرَ.
وَكَانَ يُقَالُ لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: مُحَبِّرٌ، لِتَحْسِينِهِ الشِّعْرَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّحْبِيرِ وحُسْنِ الخَطِّ والمَنْطِقِ.
وَتَحْبِيرُ الْخَطِّ والشِّعرِ وَغَيْرِهِمَا: تَحْسِينُهُ.
اللَّيْثُ: حَبَّرْتُ الشِّعْر والكلامَ حَسَّنْتُه، وَفِي حَدِيثِ أَبي مُوسَى: «لَوْ عَلِمْتُ أَنك تَسْمَعُ لِقِرَاءَتِي لحَبَّرْتُها لَكَ تَحْبِيرًا»؛ يُرِيدُ تَحْسِينَ الصَّوْتِ.
وحَبَّرتُ الشَّيْءَ تَحْبِيرًا إِذا حَسَّنْتَه.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَما الأَحْبارُ والرُّهْبان فإِن الْفُقَهَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِمْ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حَبْرٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حِبْرٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما هُوَ حِبْرٌ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَفصح، لأَنه يُجْمَعُ عَلَى أَفْعالٍ دُونَ فَعْلٍ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ، وإِنما قِيلَ كَعْبُ الحِبْرِ لِمَكَانِ هَذَا الحِبْرِ الَّذِي يَكْتُبُ بِهِ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ.
قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي لَا أَدري أَهو الحِبْرُ أَو الحَبْر لِلرَّجُلِ الْعَالِمِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنه الحَبر، بِالْفَتْحِ، وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ بِتَحْبِيرِ الْكَلَامِ وَالْعِلْمِ وَتَحْسِينِهِ.
قَالَ: وَهَكَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ كُلُّهُمْ، بِالْفَتْحِ.
وَكَانَ أَبو الْهَيْثَمِ يَقُولُ: وَاحِدُ الأَحْبَارِ حَبْرٌ لَا غَيْرُ، وَيُنْكِرُ الحِبْرَ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حِبْرٌ وحَبْرٌ لِلْعَالِمِ، وَمِثْلُهُ بِزرٌ وبَزْرٌ وسِجْفٌ وسَجْفٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: الحِبْرُ والحَبْرُ وَاحِدُ أَحبار الْيَهُودِ، وَبِالْكَسْرِ أَفصح؛ وَرَجُلٌ حِبْرٌ نِبْرٌ؛ وقال الشماخ:
كَمَا خَطَّ عِبْرانِيَّةً بِيَمِينِهِ ***بِتَيْماءَ حَبْرٌ، ثُمَّ عَرَّضَ أَسْطُرَا
رَوَاهُ الرُّوَاةُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الْحَبْرُ، بِالْفَتْحِ، وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ بِتَحْبِيرِ الْكَلَامِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «سُمِّيَتْ سُورةَ الْمَائِدَةِ وسُورَةَ الأَحبار لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ»؛ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ، جَمْعُ حِبْرٍ وحَبْر، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَكَانَ يُقَالُ لِابْنِ عَبَّاسٍ الحَبْرُ والبَحْرُ لِعِلْمِهِ؛ وَفِي شِعْرِ جَرِيرٍ:
إِنَّ البَعِيثَ وعَبْدَ آلِ مُقَاعِسٍ ***لَا يَقْرآنِ بِسُورَةِ الأَحْبَارِ
أَي لَا يَفِيانِ بِالْعُهُودِ، يَعْنِي قَوْلَهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}.
والتَّحْبِيرُ: حُسْنُ الْخَطِّ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِيمَا رَوَى سَلَمَةُ عَنْهُ:
كَتَحْبِيرِ الكتابِ بِخَطِّ، يَوْمًا، ***يَهُودِيٍّ يقارِبُ أَوْ يَزِيلُ
ابْنُ سِيدَهْ: وَكَعْبُ الحِبْرِ كأَنه مِنْ تَحْبِيرِ الْعِلْمِ وَتَحْسِينِهِ.
وسَهْمٌ مُحَبَّر: حَسَنُ البَرْي.
والحَبْرُ والسَّبْرُ والحِبْرُ والسِّبْرُ، كُلُّ ذَلِكَ: الحُسْنُ وَالْبَهَاءُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَهَاءِ قَدْ ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه»؛ أَي لَوْنُهُ وَهَيْئَتُهُ، وَقِيلَ: هَيْئَتُهُ وسَحْنَاؤُه، مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَتِ الإِبل حَسَنَةَ الأَحْبَارِ والأَسْبَارِ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَمَالُ وَالْبَهَاءُ وأَثَرُ النِّعْمَةِ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الحِبْر والسَّبْرِ والسِّبْرِ إِذا كَانَ جَمِيلًا حَسَنَ الْهَيْئَةِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر وَذَكَرَ زَمَانًا:
لَبِسْنا حِبْرَه، حَتَّى اقْتُضِينَا ***لأَعْمَالٍ وآجالٍ قُضِينَا
أَي لَبِسْنَا جَمَالَهُ وَهَيْئَتَهُ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الحَبْر والسَّبْرِ، بِالْفَتْحِ أَيضًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ عِنْدِي بالحَبْرِ أَشْبَهُ لأَنه مَصْدَرُ حَبَرْتُه حَبْرًا إِذا حَسَّنْتَهُ، والأَوّل اسْمٌ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ حَسَنُ الحِبْر والسِّبْر أَي حَسَنُ الْبَشَرَةِ.
أَبو عَمْرٍو: الحِبْرُ مِنَ النَّاسِ الدَّاهِيَةُ وَكَذَلِكَ السِّبْرُ.
والحَبْرُ والحَبَرُ والحَبْرَة والحُبُور، كُلُّهُ: السُّرور؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: " الحمدُ للهِ الَّذِي أَعْطى الحَبَرْ "وَيُرْوَى الشَّبَرْ مِن قَوْلِهِمْ حَبَرَني هَذَا الأَمْرُ حَبْرًا أَي سَرَّنِي، وَقَدْ حُرِّكَ الْبَاءُ فِيهِمَا وأَصله التَّسْكِينُ؛ وَمِنْهُ الحَابُورُ: وَهُوَ مَجْلِسُ الفُسَّاق.
وأَحْبَرَني الأَمرُ: سَرَّني.
والحَبْرُ والحَبْرَةُ: النَّعْمَةُ، وَقَدْ حُبِرَ حَبْرًا.
وَرَجُلٌ يَحْبُورٌ يَفْعُولٌ مِنَ الحُبُورِ.
أَبو عَمْرٍو: اليَحْبُورُ النَّاعِمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَجَمْعُهُ اليَحابِيرُ مأْخوذ مِنَ الحَبْرَةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ؛ وحَبَرَه يَحْبُره، بِالضَّمِّ، حَبْرًا وحَبْرَةً، فَهُوَ مَحْبُور.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}؛ أَي يُسَرُّونَ، وَقَالَ اللَّيْثُ: يُحْبَرُونَ يُنَعَّمُونَ وَيُكْرَمُونَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ إِن الحَبْرَةَ هَاهُنَا السَّمَاعُ فِي الْجَنَّةِ.
وَقَالَ: الحَبْرَةُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ مُحَسَّنَةٍ.
وَقَالَ الأَزهري: الحَبْرَةُ فِي اللُّغَةِ النَّعمَةُ التَّامَّةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ أَهل الْجَنَّةِ: فرأَى مَا فِيهَا مِنَ الحَبْرَة وَالسُّرُورِ "؛ الحَبْرَةُ، بِالْفَتْحِ: النَّعْمَةُ وسعَةُ العَيْشِ، وَكَذَلِكَ الحُبُورُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عَبْدِ اللَّهِ: آلُ عِمْرَانَ غِنًى والنِّساءُ مَحْبَرَة أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ وَالسُّرُورِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ}؛ مَعْنَاهُ تُكْرَمُونَ إِكرامًا يُبَالَغُ فِيهِ.
والحَبْرَة: الْمُبَالَغَةُ فِيمَا وُصِفَ بِجَمِيلٍ، هَذَا نَصُّ قَوْلِهِ.
وشَيْءٌ حِبرٌ: ناعمٌ؛ قَالَ المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ مِنْ أَفْنَانِهِ، ***كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ مِنْهُ حَبِرْ
وَثَوْبٌ حَبِيرٌ: جَدِيدٌ نَاعِمٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ قَوْسًا كَرِيمَةً عَلَى أَهلها:
إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت وأُشْعِرَتْ ***حَبِيرًا، وَلَمْ تُدْرَجْ عَلَيْهَا المَعَاوِزُ
وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ.
والحَبِيرُ: السَّحَابُ، وَقِيلَ: الحَبِيرُ مِنَ السَّحَابِ الَّذِي ترى فيه كالتَّثْمِيرِ مِنْ كَثْرَةِ مَائِهِ.
قَالَ الرِّياشي: وأَما الحَبِيرُ بِمَعْنَى السَّحَابِ فَلَا أَعرفه؛ قَالَ فإِن كَانَ أَخذه مِنْ قَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
تَغَذَّمْنَ فِي جَانِبَيْهِ الخَبِيرَ ***لَمَّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحَا
فَهُوَ بِالْخَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَكَانِهِ.
والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ مُنَمَّر، وَالْجَمْعُ حِبَرٌ وحِبَرات.
اللَّيْثُ: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ الْيَمَانِيَةِ.
يُقَالُ: بُرْدٌ حَبِيرٌ وبُرْدُ حِبَرَة، مِثْلُ عِنَبَةٍ، عَلَى الْوَصْفِ والإِضافة؛ وبُرُود حِبَرَةٌ.
قَالَ: وَلَيْسَ حِبَرَةٌ مَوْضِعًا أَو شَيْئًا مَعْلُومًا إِنما هُوَ وَشْيٌ كَقَوْلِكَ ثَوْب قِرْمِزٌ، والقِرْمِزُ صِبْغُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَ خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وأَجابته استأْذنت أَباها فِي أَن تَتَزَوَّجَهُ، وَهُوَ ثَمِلٌ، فأَذن لَهَا فِي ذَلِكَ وَقَالَ: هُوَ الفحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنفُهُ، فَنَحَرَتْ بَعِيرًا وخَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ وكَسَتْهُ بُرْدًا أَحْمَرَ، فَلَمَّا صَحَا مِنْ سُكْرِهِ قَالَ: مَا هَذَا الحَبِيرُ وَهَذَا العَبِيرُ وَهَذَا العَقِيرُ؟ أَراد بِالْحَبِيرِ الْبُرْدَ الَّذِي كَسَتْهُ، وَبِالْعَبِيرِ الخَلُوقَ الَّذِي خَلَّقَتْهُ، وَبِالْعَقِيرِ البعيرَ المَنْحُورَ وَكَانَ عُقِرَ ساقُه».
وَالْحَبِيرُ مِنَ الْبُرُودِ: مَا كَانَ مَوْشِيًّا مُخَطَّطًا.
وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطعمنا الخَمِير وأَلبسنا الْحَبِيرَ».
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «حِينَ لَا أَلْبَسُ الحَبيرَ».
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ الْحَوَامِيمِ فِي الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ فِي الثِّيَابِ.
والحِبْرُ: بِالْكَسْرِ: الوَشْيُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
والحِبْرُ والحَبَرُ: الأَثَرُ مِنَ الضَّرْبَة إِذا لَمْ يَدُمْ، وَالْجَمْعُ أَحْبَارٌ وحُبُورٌ، وَهُوَ الحَبَارُ والحِبار.
الْجَوْهَرِيُّ: والحَبارُ الأَثَرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فِيهَا، ***أَلا تَرى حِبَارَ [حَبَارَ] مَنْ يَسْقِيها؟
وَقَالَ حميد الأَرقط:
وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ، ***وَلَا لِحَبْلَيْهِ بِهَا حَبَارُ
والجمعُ حَبَاراتٌ وَلَا يُكَسَّرُ.
وأَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جِلْدَهُ وَبِجِلْدِهِ: أَثرت فِيهِ.
وحُبِرَ جِلْدُه حَبْرًا إِذا بَقِيَتْ لِلْجُرْحِ آثَارٌ بَعْدَ البُرْء.
والحِبَارُ والحِبْرُ: أَثر الشَّيْءِ.
الأَزهري: رَجُلٌ مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت الْبَرَاغِيثُ جِلْدَه فَصَارَ لَهُ آثَارٌ فِي جِلْدِهِ؛ وَيُقَالُ: بِهِ حُبُورٌ أَي آثَارٌ.
وَقَدْ أَحْبَرَ بِهِ أَي تَرَكَ بِهِ أَثرًا؛ وأَنشد لمُصَبِّحِ بْنِ مَنْظُورٍ الأَسَدِي، وَكَانَ قَدْ حَلَقَ شَعْرَ رأْس امرأَته، فَرَفَعَتْهُ إِلى الْوَالِي فَجَلَدَهُ وَاعْتَقَلَهُ، وَكَانَ لَهُ حِمَارٌ وجُبَّة فَدَفَعَهُمَا لِلْوَالِي فَسَرَّحَهُ:
لَقَدْ أَشْمَتَتْ بِي أَهْلَ فَيْدٍ، وغادَرَتْ ***بِجِسْمِيَ حِبْرًا، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا
وَمَا فَعَلتْ بِي ذَاكَ، حَتَّى تَرَكْتُها ***تُقَلِّبُ رَأْسًا، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا
وأَفْلَتَني مِنْهَا حِماري وَجُبَّتي، ***جَزَى اللهُ خَيْرًا جُبَّتي وحِمارِيَا
وثوبٌ حَبِيرٌ أَي جَدِيدٌ.
والحِبْرُ والحَبْرُ والحَبْرَةُ والحُبْرَةُ والحِبِرُ والحِبِرَةُ، كُلُّ ذَلِكَ: صُفْرة تَشُوبُ بياضَ الأَسْنَان؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ذَا أُشُرٍ، ***كَعارِضِ البَرْق لَمْ يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا
قَالَ شَمِرٌ: أَوّله الحِبْرُ [الحَبْرُ] وَهِيَ صُفْرَةٌ، فإِذا اخْضَرَّ، فَهُوَ القَلَحُ، فإِذا أَلَحَّ عَلَى اللِّثَةِ حَتَّى تَظْهَرَ الأَسْناخ، فَهُوَ الحَفَرُ والحَفْرُ.
الْجَوْهَرِيُّ: الحِبِرَة، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، القَلَح فِي الأَسنان، وَالْجَمْعُ بِطَرْحِ الْهَاءِ فِي الْقِيَاسِ، وأَما اسْمُ الْبَلَدِ فَهُوَ حِبِرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ.
وَقَدْ حَبِرتْ أَسنانه تَحْبَرُ حَبَرًا مِثَالُ تَعِبَ تَعَبًا أَي قَلِحَتْ، وَقِيلَ: الحبْرُ الْوَسَخُ عَلَى الأَسنان.
وحُبِرَ الجُرْحُ حَبْرًا أَي نُكسَ وغَفَرَ، وَقِيلَ: أَي بَرِئَ وَبَقِيَتْ لَهُ آثَارٌ.
والحَبِيرُ: اللُّغام إِذا صَارَ عَلَى رأْس الْبَعِيرِ، وَالْخَاءُ أَعلى؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ.
الْجَوْهَرِيُّ: الحَبِيرُ لُغامُ الْبَعِيرِ.
وَقَالَ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الحَبِيرُ مِنْ زَبَدِ اللُّغامِ إِذا صار عَلَى رأْس الْبَعِيرِ، ثُمَّ قَالَ الأَزهري: صَحَّفَ اللَّيْثُ هَذَا الْحَرْفَ، قَالَ: وَصَوَابُهُ الْخَبِيرُ، بِالْخَاءِ، لِزَبَدِ أَفواه الإِبل، وَقَالَ: هَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ الرِّياشِي قَالَ: الْخَبِيرُ الزَّبَدُ، بِالْخَاءِ.
وأَرض مِحْبَارٌ: سَرِيعَةُ النَّبَاتِ حَسَنَتُهُ كَثِيرَةُ الكلإِ؛ قَالَ:
لَنَا جِبَالٌ وحِمًى مِحْبَارُ، ***وطُرُقٌ يُبْنَى بِهَا المَنارُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرض السريعةُ النباتِ السهلةُ الدَّفِئَةُ الَّتِي بِبُطُونِ الأَرض وسَرَارتِها وأَراضَتِها، فَتِلْكَ المَحابِيرُ.
وَقَدْ حَبِرَت الأَرض، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وأَحْبَرَتْ؛ والحَبَارُ: هَيْئَةُ الرَّجُلِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، حَكَاهُ عَنْ أَبي صَفْوانَ؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَهُ: " أَلا تَرى حَبَارَ مَنْ يَسْقيها "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ حَبَارُ هُنَا اسْمُ نَاقَةٍ، قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي.
والحُبْرَةُ: السِّلْعَةُ تَخْرُجُ فِي الشَّجَرِ أَي العُقْدَةُ تُقْطَعُ ويُخْرَطُ مِنْهَا الْآنِيَةُ.
والحُبَارَى: ذَكَرُ الخَرَبِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحُبَارَى طَائِرٌ، وَالْجَمْعُ حُبَارَيات.
وأَنشد بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي صِفَةِ صَقْرٍ: " حَتْف الحُبَارَياتِ والكَراوين "قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُكَسَّرْ عَلَى حَبَارِيَّ وَلَا حَبَائِرَ ليَفْرُقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَعْلاء وفَعَالَةٍ وأَخواتها.
الْجَوْهَرِيُّ: الحُبَارَى طَائِرٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، وَاحِدُهَا وَجَمْعُهَا سَوَاءٌ.
وَفِي الْمَثَلِ: كُلُّ شَيْءٍ يُحِبُّ ولَدَهُ حَتَّى الحُبَارَى، لأَنها يُضْرَبُ بِهَا المَثلُ فِي المُوقِ فَهِيَ عَلَى مُوقها تُحِبُّ وَلَدَهَا وَتُعَلِّمُهُ الطَّيَرَانَ، وأَلفه لَيْسَتْ للتأْنيث.
وَلَا للإِلحاق، وإِنما بُنِيَ الِاسْمُ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كأَنها مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ لَا تَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ أَي لَا تُنَوَّنُ.
والحبْرِيرُ والحُبْرور والحَبَرْبَرُ والحُبُرْبُورُ واليَحْبُورُ: وَلَدُ الحُبَارَى؛ وَقَوْلُ أَبي بردة:
بازٌ جَرِيءٌ عَلَى الخَزَّانِ مُقْتَدِرٌ، ***وَمِنْ حَبَابِيرِ ذِي مَاوَانَ يَرْتَزِقُهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ جَمْعُ الحُبَارَى، وَالْقِيَاسُ يَرُدُّهُ، إِلا أَن يَكُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ.
الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ فِيهَا أَمثال جَمَّةٌ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ: أَذْرَقُ مِنْ حُبَارَى، وأَسْلَحُ مِنْ حُبَارَى، لأَنها تَرْمِي الصَّقْرَ بسَلْحها إِذا أَراغها لِيَصِيدَهَا فَتُلَوِّثُ رِيشَهُ بِلَثَقِ سَلْحِها، وَيُقَالُ: إِن ذَلِكَ يَشْتَدُّ عَلَى الصَّقْرِ لِمَنْعِهِ إِياه مِنَ الطَّيَرَانِ؛ وَمِنْ أَمثالهم فِي الْحُبَارَى: أَمْوَقُ مِنَ الحُبَارَى؛ ذَلِكَ أَنَّهَا تأْخذ فَرْخَهَا قَبْلَ نَبَاتِ جَنَاحِهِ فَتَطِيرُ مُعَارِضَةً لَهُ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهَا الطَّيَرَانَ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ فِي الْعَرَبِ: كُلُّ شَيْءٍ يُحِبُّ وَلَدَهُ حَتَّى الْحُبَارَى ويَذِفُّ عَنَدَهُ.
وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ يَذِفُّ عَنَدَهُ أَي تَطِيرُ عَنَدَهُ أَي تُعَارِضُهُ بِالطَّيَرَانِ، وَلَا طَيَرَانَ لَهُ لِضَعْفِ خَوَافِيهِ وَقَوَائِمِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الأَثير: خَصَّ الْحُبَارَى بِالذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ حَتَّى الْحُبَارَى لأَنها يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الحُمْق، فَهِيَ عَلَى حُمْقِهَا تُحِبُّ وَلَدَهَا فَتُطْعِمُهُ وَتُعَلِّمُهُ الطَّيَرَانَ كَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ.
وَقَالَ الأَصمعي: فُلَانٌ يُعَانِدُ فُلَانًا أَي يَفْعَلُ فِعْلَهُ وَيُبَارِيهِ؛ وَمِنْ أَمثالهم فِي الْحُبَارَى: فلانٌ مَيِّتٌ كَمَدَ الحُبارَى، وَذَلِكَ أَنها تَحْسِرُ مَعَ الطَّيْرِ أَيام التَّحْسير، وَذَلِكَ أَن تُلْقِيَ الرِّيشَ ثُمَّ يُبْطِئُ نَبَاتُ رِيشِهَا، فإِذا طَارَ سَائِرُ الطَّيْرِ عَجَزَتْ عَنِ الطَّيَرَانِ فَتَمُوتُ كَمَدًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الأَسود الدُّؤَلي:
يَزِيدُ مَيّتٌ كَمَدَ الحُبَارَى، ***إِذا طُعِنَتْ أُمَيَّةُ أَوْ يُلِمُ
أَي يَمُوتُ أَو يَقْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ.
قَالَ الأَزهري: وَالْحُبَارَى لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ وَيَبِيضُ فِي الرِّمَالِ النَّائِيَةِ؛ قَالَ: وَكُنَّا إِذا ظَعَنَّا نَسِيرُ فِي جِبَالِ الدَّهْنَاءِ فَرُبَّمَا الْتَقَطْنَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ بَيْضِهَا مَا بَيْنَ الأَربع إِلى الثَّمَانِي، وَهِيَ تَبِيضُ أَربع بَيْضَاتٍ، وَيَضْرِبُ لَوْنُهَا إِلى الزُّرْقَةِ، وَطَعْمُهَا أَلذ مِنْ طَعْمِ بَيْضِ الدَّجَاجِ وَبَيْضِ النَّعَامِ، قَالَ: وَالنَّعَامُ أَيضًا لَا تَرِدُ الْمَاءَ وَلَا تَشْرَبُهُ إِذا وَجَدَتْهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَنس: «إِن الْحُبَارَى لَتَمُوتُ هُزالًا بِذَنْبِ بَنِي آدَمَ»؛ يَعْنِي أَن اللَّهَ تَعَالَى يَحْبِسُ عَنْهَا الْقَطْرُ بِشُؤْمِ ذُنُوبِهِمْ، وإِنما خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لأَنها أَبعد الطَّيْرِ نُجْعَةً، فَرُبَّمَا تُذْبَحُ بِالْبَصْرَةِ فَتُوجَدُ فِي حَوْصَلَتِهَا الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ، وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ وَبَيْنَ مَنَابِتِهَا مَسِيرَةُ أَيام كَثِيرَةٍ.
واليَحبُورُ: طَائِرٌ.
ويُحابِرٌ: أَبو مُرَاد ثُمَّ سُمِّيَتِ الْقَبِيلَةُ يُحَابِرُ؛ قَالَ:
وَقَدْ أَمَّنَتْني، بَعْدَ ذَاكَ، يُحابِرٌ ***بِمَا كنتُ أُغْشي المُنْدِيات يُحابِرا
وحِبِرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: اسْمُ بَلَدٍ، وَكَذَلِكَ حِبْرٌ.
وحِبْرِيرٌ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ.
وَمَا أَصبت مِنْهُ حَبَرْبَرًا أَي شَيْئًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ؛ التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ وَالتَّفْسِيرُ لِلسِّيرَافِيِّ.
وَمَا أَغنى فلانٌ عَنِّي حَبَرْبَرًا أَي شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ: " أَمانِيُّ لَا يُغْنِينَ عَنِّي حَبَرْبَرا وَمَا عَلَى رأْسه حَبَرْبَرَةٌ أَي مَا عَلَى رأْسه شَعْرَةٌ.
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَصاب مِنْهُ حَبَرْبَرًا وَلَا تَبَرْبَرًا وَلَا حَوَرْوَرًا أَي مَا أَصاب مِنْهُ شَيْئًا.
وَيُقَالُ: مَا فِي الَّذِي تَحَدَّثْنَا بِهِ حَبَرْبَرٌ أَي شَيْءٌ.
أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ مَا لَهُ حَبَرْبَرٌ وَلَا حَوَرْوَرٌ.
وَقَالَ الأَصمعي: مَا أَصبت مِنْهُ حَبَرْبَرًا وَلَا حَبَنْبَرًا أَي مَا أَصبت مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مَا فِيهِ حَبَرْبَرٌ وَلَا حَبَنْبَرٌ، وَهُوَ أَن يُخْبِرَكَ بِشَيْءٍ فَتَقُولُ: مَا فِيهِ حَبَنْبَرٌ.
وَيُقَالُ لِلْآنِيَةِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا الحِبْرُ مِنْ خَزَفٍ كَانَ أَو مِنْ قَوارِير: مَحْبَرَةٌ ومَحْبُرَةٌ كَمَا يُقَالُ مَزْرَعَة ومَزْرُعَة ومَقْبَرَة ومَقْبُرَة ومَخْبَزَة ومَخْبُزَةٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: مَوْضِعُ الحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ المِحْبَرَة، بِالْكَسْرِ.
وحِبِرٌّ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ.
وأَنشد شَمِرٌ عَجُزَ بَيْتٍ: فَقَفا حِبِرّ.
الأَزهري: فِي الْخُمَاسِيِّ الحَبَرْبَرَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، وَقَالَ: هَذِهِ ثُلَاثِيَّةُ الأَصل أُلحقت بِالْخُمَاسِيِّ لِتَكْرِيرِ بَعْضِ حُرُوفِهَا.
والمُحَبَّرُ: فَرَسُ ضِرَارِ بْنِ الأَزوَرِ الأَسَدِيِّ.
أَبو عَمْرٍو: الحَبَرْبَرُ والحَبْحَبِيُّ الجمل الصغير.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
12-لسان العرب (خنش)
خنش: الخُنْشُوشُ: بقيّةٌ مِنَ الْمَالِ.وامرأَة مُخنَّشَةٌ: فِيهَا بَقِيَّةٌ مِنْ شَبابٍ.
وَبَقِيَ لَهُمْ خُنْشُوشٌ مِنْ مَالٍ أَي قطعةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَقِيلَ أَي بَقِيَّةٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ امرأَة مُخَنَّشة قَالَ: تَخْنُشُها بعْض رقَّة بَقِيَّةِ شبابِها، وَنِسَاءٌ مُخَنَّشَات.
وَمَا لَه خُنْشُوشٌ أَي مَا لَه شيءٌ؛ وقول رُؤْبَةُ: " جَاؤُوا بأُخْراهُمْ عَلَى خُنْشُوش "كقولهم جاؤوا عَنْ آخِرِهِمْ.
وخُنْشُوشٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وخُنْشُوشٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي دارِم يُقَالُ لَهُ خُنْشُوش مُدٍّ يَقُولُ لَهُ خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الدَّارِمِيُّ:
جزَى اللَّهُ خُنْشُوشَ بْنَ مُدّ مَلامَةً، ***إِذا زَيَّنَ الفَحْشاءَ لِلنَّفْسِ مُوقُها
أَراد مؤُوقُها.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
13-لسان العرب (قطع)
قطع: القَطْعُ: إِبانةُ بَعْضِ أَجزاء الجِرْمِ مِنْ بعضٍ فَصْلًا.قَطَعَه يَقْطَعُه قَطْعًا وقَطِيعةً وقُطوعًا؛ قَالَ:
فَمَا بَرِحَتْ، حَتَّى اسْتبانَ سُقَابُهَا ***قُطُوعًا لِمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادِرِ
والقَطْعُ: مَصْدَرُ قَطَعْتُ الحبْلَ قَطْعًا فانْقَطَع.
والمِقْطَعُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُقْطَعُ بِهِ الشَّيْءُ.
وقطَعه واقتطَعه فانقطَع وتقطَّع، شدد للكثرة.
وتقطَّعوا أَمرهم بَيْنَهُمْ زُبُرًا أَي تقَسَّمُوه.
قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُهُ: وتقطَّعوا أَمرهم بَيْنَهُمْ زُبرًا فإِنه وَاقِعٌ كَقَوْلِكَ قَطَّعُوا أَمرهم؛ قَالَ لَبِيدٌ فِي الْوَجْهِ اللَّازِمِ: " وتَقَطَّعَتْ أَسْبابُها ورِمامُها أَي انْقَطَعَتْ حِبالُ مَوَدَّتِها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ}؛ أَي تَفَرَّقُوا فِي أَمرهم، نَصَبَ أَمرهم بِنَزْعِ فِي مِنْهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَصوب.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ}؛ أَي قَطَعْنَها قَطْعًا بَعْدَ قَطْعٍ وخَدَشْنَها خَدْشًا كَثِيرًا وَلِذَلِكَ شُدِّدَ، وَقَوْلُهُ تعالى: {وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا}؛ أَي فرّقْناهم فِرَقًا، وَقَالَ: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ؛ أَي انْقَطَعَتْ أَسْبابُهم ووُصَلُهُم؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
كأَنّ ابْنةَ السَّهْمِيّ دُرَّةُ قامِسٍ ***لَهَا، بعدَ تَقْطِيعِ النُّبُوح، وَهِيجُ
أَراد بَعْدَ انْقِطاعِ النُّبُوحِ، والنُّبُوحُ: الْجَمَاعَاتُ، أَراد بَعْدَ الهُدُوِّ وَالسُّكُونِ بِاللَّيْلِ، قَالَ: وأَحْسَبُ "الأَصل فِيهِ القِطْع وَهُوَ طَائِفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ.
وشيءٌ قَطِيعٌ: مقطوعٌ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اتَّقُوا القُطَيْعاءَ أَي اتَّقُوا أَن يَتَقَطَّعَ بعضُكم مِنْ بَعْضٍ فِي الْحَرْبِ.
والقُطْعةُ والقُطاعةُ: مَا قُطِعَ مِنَ الحُوّارَى مِنَ النُّخالةِ.
والقُطاعةُ، بِالضَّمِّ: مَا سقَط عَنِ القَطْعِ.
وقَطَعَ النخالةَ مِنَ الحُوّارَى: فَصَلَها مِنْهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
وتَقاطَعَ الشيءُ: بانَ بعضُه مِنْ بَعْضٍ، وأَقْطَعَه إِياه: أَذن لَهُ فِي قَطْعِهِ.
وقَطَعاتُ الشجرِ: أُبَنُها الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا إِذا قُطِعَت، الْوَاحِدَةُ قَطَعَةٌ.
وأَقْطَعْتُه قُضْبانًا مِنَ الكَرْمِ أَي أَذِنْتُ لَهُ فِي قَطْعِها.
والقَطِيع: الغُصْنُ تَقْطَعُه مِنَ الشَّجَرَةِ، وَالْجَمْعُ أَقْطِعةٌ وقُطُعٌ وقُطُعاتٌ وأَقاطِيعُ كحديثٍ وأَحاديثَ.
والقِطْعُ مِنَ الشَّجَرِ: كالقَطِيعِ، وَالْجَمْعُ أَقطاعٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
عَفا غيرُ نُؤْيِ الدارِ مَا إِنْ تُبِينُه، ***وأَقْطاعُ طُفْيٍ قَدْ عَفَتْ فِي المَعاقِلِ
والقِطْعُ أَيضًا: السَّهْمُ يُعْمَلُ مِنَ القَطِيعِ والقِطْعِ اللَّذَيْنِ هُمَا المَقْطُوعُ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ السَّهْمُ العَرِيضُ، وَقِيلَ: القِطْعُ نَصْلٌ قَصِيرٌ عَرِيضُ السَّهْمِ، وَقِيلَ: القِطْعُ النَّصْلُ الْقَصِيرُ، وَالْجَمْعُ أَقْطُعٌ وأَقْطاعٌ وقُطُوعٌ وقِطاعٌ ومَقاطِيعُ، جَاءَ عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ نَادِرًا كأَنه إِنما جَمَعَ مِقْطاعًا، وَلَمْ يُسْمَعْ، كَمَا قَالُوا مَلامِحَ ومَشابِهَ وَلَمْ يَقُولُوا مَلْمَحَةً وَلَا مَشْبَهةً؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفالِ يَصِفُ دِرْعًا:
لَهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْسًا، ***وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وشَقَّتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَه، ***إِذا يَسْمَعُ الصوتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ
والمِقْطَعُ والمِقْطاعُ: مَا قَطَعْتَه بِهِ.
قَالَ اللَّيْثُ: القِطْعُ القضيبُ الَّذِي يُقْطَعُ لبَرْيِ السِّهامِ، وَجَمْعُهُ قُطْعانٌ وأَقْطُعٌ؛ وأَنشد لأَبي ذؤَيب:
ونَمِيمَةً مِنْ قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ، ***فِي كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
قَالَ: أَراد السِّهامَ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَلَطٌ، قَالَ الأَصمعي: القِطْعُ مِنَ النِّصالِ الْقَصِيرُ العريضُ، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُ، سَوَاءٌ كَانَ النَّصْلُ مُرَكَّبًا فِي السَّهْمِ أَو لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا، سُمِّيَ قِطْعًا لأَنه مقطوعٌ مِنَ الحديد، وَرُبَّمَا سَمَّوْه مَقْطُوعًا، والمَقاطِيعُ جَمْعُهُ؛ وَسَيْفٌ قاطِعٌ وقَطَّاعٌ ومِقْطَعٌ.
وَحَبْلٌ أَقْطاعٌ: مقطوعٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ قِطْعًا، وإِن لَمْ يُتَكَلَّمْ بِهِ، وَكَذَلِكَ ثَوْبٌ أَقْطاعٌ وقِطْعٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والمَقْطُوعُ مِنَ الْمَدِيدِ وَالْكَامِلِ والرَّجَزِ: الَّذِي حُذِفَ مِنْهُ حَرْفَانِ نَحْوَ فَاعِلَاتُنْ ذَهَبَ مِنْهُ تُنْ فَصَارَ مَحْذُوفًا فَبَقِيَ فَاعِلُنْ ثُمَّ ذَهَبَ مِنْ فاعِلن النُّونُ ثُمَّ أُسكنت اللَّامُ فَنُقِلَ فِي التَّقْطِيعِ إِلى فعْلن، كَقَوْلِهِ فِي الْمَدِيدِ:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتةٌ، ***أُخْرِجَتْ مِنْ كِيسِ دِهْقانِ
فَقَوْلُهُ قَانِي فعْلن، وَكَقَوْلِهِ فِي الْكَامِلِ:
وإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ، فإِنَّه ***نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا
فَقَوْلُهُ نَخَبالا فَعِلَاتُنْ وَهُوَ مَقْطُوعٌ؛ وَكَقَوْلِهِ فِي الرَّجَزِ:
دَارٌ لِسَلْمَى، إِذ سُلَيْمَى جارةٌ، ***قَفْرٌ تُرى آيَاتُهَا مِثْلَ الزُّبُرْ
وَكَقَوْلِهِ فِي الرَّجَزِ:
القَلْبُ مِنْهَا مُسْتَرِيحٌ سالِمٌ، ***والقلبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
فَقَوْلُهُ مَجْهُود مَفْعُولُنْ.
وتَقْطِيعُ الشِّعْرِ: وَزْنه بأَجزاء العَرُوضِ وتَجْزئته بالأَفعالِ.
وقاطَعَ الرجُلانِ بِسَيْفَيْهِمَا إِذا نَظَرَا أَيُّهما أَقْطَعُ؛ وقاطَعَ فُلَانٌ فُلَانًا بِسَيْفَيْهِمَا كَذَلِكَ.
وَرَجُلٌ لَطّاع قَطّاعٌ: يَقْطَعُ نِصْفَ اللُّقْمةِ وَيَرُدُّ الثَّانِي، واللَّطّاعُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وكلامٌ قاطِعٌ عَلَى المَثَلِ: كَقَوْلِهِمْ نافِذٌ.
والأَقْطَعُ: المقطوعُ اليَدِ، وَالْجَمْعُ قُطْعٌ وقُطْعانٌ مِثْلَ أَسْوَدَ وسُودانٍ.
ويَدٌ قَطعاءُ: مقطوعةٌ، وَقَدْ قَطَعَ وقطِعَ قَطعًا.
والقَطَعَةُ والقُطْعةُ، بِالضَّمِّ، مِثْلُ الصَّلَعةِ والصُّلْعةِ: مَوْضِعُ القَطْعِ مِنَ الْيَدِ، وَقِيلَ: بقيّةُ اليدِ المقطوعةِ، وضربَه بقَطَعَتِه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ سارِقًا سَرَقَ فَقُطِعَ فَكَانَ يَسْرِقُ بقَطَعَتِه»، بِفَتْحَتَيْنِ؛ هِيَ الموضعُ المقطوعُ مِنَ الْيَدِ، قَالَ: وَقَدْ تُضَمُّ الْقَافُ وَتُسَكَّنُ الطَّاءُ فَيُقَالُ: بقُطْعَتِه، قَالَ اللَّيْثُ: يَقُولُونَ قُطِعَ الرجلُ وَلَا يَقُولُونَ قُطِعَ الأَقْطَعُ لأَنَّ الأَقْطَعَ لَا يَكُونُ أَقْطَعَ حَتَّى يَقْطَعَه غَيْرُهُ، وَلَوْ لَزِمَهُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَقِيلَ قَطِعَ أَو قَطُعَ، وقَطَعَ اللَّهُ عُمُرَه عَلَى المَثَلِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا}؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ استُؤْصِلُوا مِنْ آخِرِهِمْ.
ومَقْطَعُ كُلِّ شيءٍ ومُنْقَطَعُه: آخِرُهُ حَيْثُ يَنْقَطِعُ كمَقاطِعِ الرِّمالِ والأَوْدِيةِ والحَرَّةِ وَمَا أَشبهها.
ومَقاطِيعُ الأَوديةِ: مآخيرُها.
ومُنْقَطَعُ كلِّ شيءٍ: حَيْثُ يَنْتَهي إِليه طَرَفُه.
والمُنْقَطِعُ: الشيءُ نفسُه.
وشرابٌ لذيذُ المَقْطَعِ أَي الآخِر والخاتِمَةِ.
وقَطَعَ الماءَ قَطْعًا: شَقَّه وجازَه.
وقطَعَ بِهِ النهرَ وأَقْطَعَه إِياه وأَقطَعَه بِهِ: جاوَزَه، وَهُوَ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَ الأَجزاء.
وقَطَعْتُ النَّهْرَ قَطْعًا وقُطُوعًا: عَبَرْتُ.
ومَقاطِعُ الأَنهار: حَيْثُ يُعْبَرُ فِيهِ.
والمَقْطَعُ: غايةُ مَا قُطِعَ.
يُقَالُ: مَقْطَعُ الثوبِ ومَقْطَعُ الرمْلِ لِلَّذِي لَا رَمْلَ وَرَاءَهُ.
والمَقْطَعُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقْطَعُ فِيهِ النَّهْرُ مِنَ المَعابرِ.
ومَقاطِعُ القرآنِ: مواضعُ الوقوفِ، ومَبادِئُه: مواضعُ الابتداءِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ ذَكَر أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تَقَطَّعُ عَلَيْهِ الأَعْناقُ مثلَ أَبي بَكْرٍ»؛ أَراد أَن السابِقَ مِنْكُمُ الَّذِي لَا يَلْحَقُ شَأْوَه فِي الْفَضْلِ أَحدٌ لَا يَكُونُ مِثْلًا لأَبي بَكْرٍ لأَنه أَسْبَقُ السَّابِقِينَ؛ وَفِي النِّهَايَةِ:؛ أي لَيْسَ فِيكُمْ أَحدٌ سابقٌ إِلى الخيراتِ تَقَطَّعُ أَعْناقُ مُسابقِيه حَتَّى لَا يَلْحَقَه أَحدٌ مِثْلَ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
يُقَالُ للفرَس الجَوادِ: تَقَطَّعَت أَعناقُ الخيْلِ عَلَيْهِ فَلَمْ تَلْحَقْه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي للبَعِيثِ:
طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّما ***تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِّجالِ المَطامِعُ
وبايَعْتُ لَيْلى فِي الخَلاءِ، وَلَمْ يَكُنْ ***شُهُودي عَلَى لَيْلى عُدُولٌ مَقانِعُ
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبي ذَرٍّ: فإِذا هِيَ يُقَطَّعُ دونَها السَّرابُ "أَي تُسْرِعُ إِسْراعًا كَثِيرًا تَقَدَّمَتْ بِهِ وَفَاتَتْ حَتَّى إِنَّ السَّرَابَ يَظْهَرُ دُونِهَا أَي مِنْ وَرَائِهَا لِبُعْدِهَا فِي الْبَرِّ.
ومُقَطَّعاتُ الشَّيْءِ: طرائقُه الَّتِي يتحلَّلُ إِليها ويَتَرَكَّبُ عَنْهَا كَمُقَطَّعاتِ الكلامِ، ومُقَطَّعاتُ الشعْرِ ومَقاطِيعُه: مَا تَحَلَّل إِليه وترَكَّبَ عَنْهُ مِنْ أَجْزائِه الَّتِي يُسَمِّيهَا عَرُوضِيُّو الْعَرَبِ الأَسْبابَ والأَوْتادَ.
والقِطاعُ والقَطاعُ: صِرامُ النخْلِ مِثْلُ الصِّرامِ والصَّرامِ.
وقَطَعَ النخلَ يَقْطَعُه قَطْعًا وقِطاعًا وقَطاعًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: صرَمه.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَطَعْتُه أَوْصَلْتُ إِليه القَطْعَ وَاسْتَعْمَلْتُهُ فِيهِ.
وأَقْطَعَ النخلُ إِقْطاعًا إِذا أَصرَمَ وحانَ قِطاعُه.
وأَقْطَعْتُه: أَذِنْتُ لَهُ فِي قِطاعه.
وانْقَطَعَ الشيءُ: ذهَب وقْتُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: انْقَطَعَ البَرْدُ والحرُّ.
وانْقَطَع الكلامُ: وَقَفَ فَلَمْ يَمْضِ.
وقَطَعَ لِسَانَهُ: أَسْكَتَه بإِحسانِه إِليه.
وانْقَطَعَ لِسَانُهُ: ذَهَبَتْ سَلاطَتُه.
وامرأَة قَطِيعُ الكلامِ إِذا لَمْ تَكُنْ سَلِيطةً.
وَفِي الْحَدِيثِ لَمَّا أَنشده الْعَبَّاسُ ابن مِرْداسٍ أَبياته الْعَيْنِيَّةَ: اقْطَعُوا عَنِّي لِسانه أَي أَعْطُوه وأَرْضُوه حَتَّى يَسْكُتَ، فَكَنَّى باللسانِ عَنِ الكلامِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: أَتاه رَجُلٌ فَقَالَ: إِني شَاعِرٌ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ، اقْطَعْ لِسَانَهُ فأَعطاه أَربعين دِرْهَمًا.
قَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَابْنِ السَّبِيلِ وَغَيْرِهِ فَتَعَرَّضَ لَهُ بِالشِّعْرِ فأَعطاه لِحَقِّهِ أَو لِحَاجَتِهِ لَا لِشِعْرِهِ.
وأَقْطَعَ الرجلُ إِذا انْقَطَعَت حُجَّتُه وبَكَّتُوه بِالْحَقِّ فَلَمْ يُجِبْ، فَهُوَ مُقْطِعٌ.
وقَطَعَه قَطْعًا أَيضًا: بَكَّتَه، وَهُوَ قَطِيعُ القولِ وأَقْطَعُه، وَقَدْ قَطِعَ وقَطُعَ قَطاعةً.
وأَقْطَعَ الشاعِرُ: انْقَطَعَ شِعْرُه.
وأَقْطَعَت الدجاجةُ مِثْلَ أَقَفَّت: انْقَطَعَ بيضُها، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَهَذَا كَمَا عَادَلُوا بَيْنَهُمَا بأَصْفَى.
وقُطِعَ بِهِ وانْقُطِعَ وأُقْطِعَ وأَقْطَعَ: ضَعُفَ عَنِ النِّكَاحِ.
وأُقْطِعَ بِهِ إِقْطاعًا، فَهُوَ مُقْطَعٌ إِذا لَمْ يُرِدِ النساءَ وَلَمْ يَنْهَض عُجارِمُه.
وانْقُطِعَ بِالرَّجُلِ والبعيرِ: كَلَّا.
وقُطِعَ بِفُلَانٍ، فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ، وانْقُطِعَ بِهِ، فَهُوَ مُنْقَطَعٌ بِهِ إِذا عَجَزَ عَنْ سَفَرِهِ مِنْ نَفَقَةٍ ذَهَبَتْ، أَو قامَت عَلَيْهِ راحِلَتُه، أَو أَتاه أَمر لَا يَقْدِرُ عَلَى أَن يَتَحَرَّكَ مَعَهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَانَ مُسَافِرًا فأُبْدِعَ بِهِ وعَطِبَت رَاحِلَتُهُ وذَهَبَ زادُه وَمَالُهُ.
وقُطِعَ بِهِ إِذا انْقَطَعَ رَجاؤُهُ.
وقُطِعَ بِهِ قَطْعًا إِذا قُطِعَ بِهِ الطريقُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَخَشِينا أَن يُقْتَطَعَ دُونَنا» أَي يُؤْخَذَ ويُنْفَرَدَ بِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «وَلَوْ شِئْنَا لاقْتَطَعْناهم».
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ إِذا أَراد أَن يَقْطَعَ بَعْثًا»أَي يُفْرِدَ قَوْمًا يبعثُهم فِي الغَزْوِ ويُعَيِّنَهُم مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَيُقَالُ لِلْغَرِيبِ بِالْبَلَدِ: أُقْطِعَ عَنْ أَهله إِقْطاعًا، فَهُوَ مُقْطَعٌ عَنْهُمْ ومُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُفْرَضُ لِنُظَرَائِهِ وَيُتْرَكُ هُوَ.
وأَقْطَعْتُ الشَّيْءَ إِذا انْقَطَعَ عَنْكَ يُقَالُ: قَدْ أَقْطَعْتُ الغَيْثَ.
وعَوْدٌ مُقْطَعٌ إِذا انْقَطَعَ عَنِ الضِّراب.
والمُقْطَعُ، بِفَتْحِ الطاءِ: الْبَعِيرُ إِذا جَفَرَ عَنِ الضِّراب؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يَصِفُ امرأَته:
قامَت تَباكَى أَن سَبَأْتُ لِفِتْيةٍ ***زِقًّا وخابِيَةً بِعَوْدٍ مُقْطَعِ
وَقَدْ أُقْطِعَ إِذا جَفَرَ.
وناقةٌ قَطُوعٌ: يَنْقَطِعُ لَبَنُهَا سَرِيعًا.
والقَطْعُ والقَطِيعةُ: الهِجْرانُ ضِدُّ الْوَصْلِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ.
وَرَجُلٌ قَطُوعٌ لإِخْوانه ومِقْطاعٌ: لَا يَثْبُتُ عَلَى مُؤاخاةٍ.
وتَقَاطَعَ القومُ: تَصارَمُوا.
وتَقَاطَعَتْ أَرْحامُهُمْ: تَحاصَّتْ.
وقَطَعَ رَحِمَه قَطْعًا وقَطِيعةً وقَطَّعَها: عَقَّها وَلَمْ يَصِلْها، وَالِاسْمُ القَطِيعةُ.
وَرَجُلٌ قُطَعَةٌ وقُطَعٌ ومِقْطَعٌ وقَطَّاعٌ: يَقْطَعُ رَحِمَه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَةً مِنْ فاسِقٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحمها، وَذَلِكَ أَن الفاسِقَ يُطَلِّقُهَا ثُمَّ لَا يُبَالِي أَن يُضَاجِعَهَا».
وَفِي حَدِيثِ صِلَةِ الرَّحِمِ: «هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ»؛ القَطِيعَةُ: الهِجْرانُ والصَّدُّ، وهيَ فَعِيلَةٌ مِنَ القَطْعِ، وَيُرِيدُ بِهِ تَرْكَ الْبِرِّ والإِحسان إِلى الأَهل والأَقارب، وَهِيَ ضِدّ صِلَة الرَّحمِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ}؛ أَي تعُودوا إِلى أَمر الْجَاهِلِيَّةِ فَتُفْسِدُوا فِي الأَرض وتَئِدُوا البناتِ، وَقِيلَ: تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْتَقْتُلُ قُرَيْشٌ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنُو هَاشِم قُرَيْشًا.
ورَحِمٌ قَطعاءُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِذا لَمْ تُوصَلْ.
وَيُقَالُ: مَدّ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ بِثَدْيٍ غَيْرِ أَقْطَعَ ومَتَّ، بِالتَّاءِ، أَي تَوَسَّلَ إِليه بِقُرَابَةٍ قَرِيبَةٍ؛ وَقَالَ:
دَعاني فَلَمْ أُورَأْ بِه، فأَجَبْتُه، ***فَمَدّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
والأُقْطوعةُ: مَا تَبْعَثُهُ المرأَة إِلى صَاحِبَتِهَا عَلَامَةٌ للمُصارَمةِ والهِجْرانِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَبْعَثُ بِهِ الْجَارِيَةُ إِلى صَاحِبِهَا؛ وأَنشد:
وقالَتْ لِجارِيَتَيْها: اذْهَبا ***إِليه بأُقْطُوعةٍ إِذْ هَجَرْ
والقُطْعُ: البُهْرُ لقَطْعِه الأَنفاسَ.
وَرَجُلٌ قَطِيعٌ: مَبْهُورٌ بَيّنُ القَطاعةِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ.
وَرَجُلٌ قَطِيعُ الْقِيَامِ إِذا وُصِفَ بِالضَّعْفِ أَو السِّمَنِ.
وامرأَة قَطُوعٌ وقَطِيعٌ: فاتِرةُ القِيامِ.
وَقَدْ قَطُعَتِ المرأَةُ إِذا صَارَتْ قَطِيعًا.
والقُطْعُ والقُطُعُ فِي الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ: البُهْرُ وانْقِطاعُ بَعْضِ عُرُوقِه.
وأَصابه قُطْعٌ أَو بُهْر: وَهُوَ النفَس الْعَالِي مِنَ السِّمَنِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنه أَصابه قُطْعٌ أَو بُهْرٌ فَكَانَ يُطْبَخُ لَهُ الثُّومُ فِي الحَسا فيأْكله»؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: القُطْعُ الدَّبَرُ.
وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لأَبي جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ:
وإِنِّي إِذا مَا آنسٌ ***مُقْبِلًا، ***يُعاوِدُني قُطْعٌ جَواه طَوِيلُ
يَقُولُ: إِذا رأَيت إِنسانًا ذَكَرْتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَثير: القُطْعُ انْقِطاعُ النَّفَسِ وضيقُه.
والقُطْعُ: البُهْرُ يأْخذ الْفَرَسَ وَغَيْرَهُ.
يُقَالُ: قُطِعَ الرجلُ، فَهُوَ مقطوعٌ، وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا انْقَطَعَ عِرْقٌ فِي بَطْنِهِ أَو شَحْمٌ: مقطوعٌ، وَقَدْ قُطِعَ.
واقْتَطَعْتُ مِنَ الشَّيْءِ قِطْعةً، يُقَالُ: اقتَطَعْتُ قَطِيعًا مِنْ غَنَمِ فُلَانٍ.
والقِطْعةُ مِنَ الشَّيْءِ: الطائفةُ مِنْهُ.
واقْتَطَعَ طَائِفَةً مِنَ الشَّيْءِ: أَخذها.
والقَطِيعةُ: مَا اقْتَطَعْتَه مِنْهُ.
وأَقْطَعَني إِياها: أَذِنَ لِي فِي اقْتِطاعِها.
واسْتَقْطَعَه إِياها: سأَلَه أَن يُقْطِعَه إِياها.
وأَقْطَعْتُه قَطِيعةً أَي طَائِفَةً مِنْ أَرض الْخَرَاجِ.
وأَقْطَعَه نَهْرًا: أَباحَه لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبْيَضَ بن حَمّالٍ: «أَنه اسْتَقْطَعَه المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ فأَقْطَعَه إِياه»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سأَله أَن يَجْعَلَهُ لَهُ إِقطاعًا يتملَّكُه ويسْتَبِدُّ بِهِ وَيَنْفَرِدُ، والإِقطاعُ يَكُونُ تَمْلِيكًا وَغَيْرَ تَمْلِيكٍ.
يُقَالُ: اسْتَقْطَعَ فُلَانٌ الإِمامَ قَطيعةً فأَقْطَعَه إِيّاها إِذا سأَلَه أَن يُقْطِعَها له ويبينها مِلْكًا لَهُ فأَعطاه إِياها، والقَطائِعُ إِنما تَجُوزُ فِي عَفْوِ الْبِلَادِ الَّتِي لَا مِلْكَ لأَحد عَلَيْهَا وَلَا عِمارةَ فِيهَا لأَحد فيُقْطِعُ الإِمامُ المُسْتَقْطِعَ مِنْهَا قَدْرَ مَا يتهيَّأُ لَهُ عِمارَتُه بإِجراء الْمَاءِ إِليه، أَو بِاسْتِخْرَاجِ عَيْنٍ مِنْهُ، أَو بِتَحَجُّرٍ عَلَيْهِ لِلْبِنَاءِ فِيهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمِنَ الإِقْطاعِ إِقْطاعُ إِرْفاقٍ لَا تمليكٍ، كالمُقاعَدةِ بالأَسواق الَّتِي هِيَ طُرُقُ الْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ قَعَدَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا كَانَ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَصْلُحُ لَهُ مَا كَانَ مُقِيمًا فِيهِ، فإِذا فَارَقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْهُ كأَبنية الْعَرَبِ وفساطِيطِهمْ، فإِذا انْتَجَعُوا لَمْ يَمْلِكُوا بِهَا حَيْثُ نَزَلُوا، وَمِنْهَا إِقْطاعُ السُّكْنَى.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أُمّ العلاءِ الأَنصارية قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ أَقْطَع الناسَ الدُّورَ فَطَارَ سَهْمُ عثمانَ بْنِ مَظْعُونٍ علَيّ "؛ وَمَعْنَاهُ أَنزلهم فِي دُورِ الأَنصارِ يَسْكُنُونَهَا مَعَهُمْ ثُمَّ يَتَحَوَّلُونَ عَنْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَنه أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلًا، يُشْبِهُ أَنه إِنما أَعطاه ذَلِكَ مِنَ الخُمُسِ الَّذِي هُوَ سَهْمُه لأَنَّ النَّخْلَ مالٌ ظاهِرُ الْعَيْنِ حاضِرُ النفْعِ فَلَا يَجُوزُ إِقْطاعُه، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يتأَوّل إِقْطاعَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ الدُّورَ عَلَى مَعْنَى العارِيّةِ، وأَما إِقْطاعُ المَواتِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ».
وَفِي الْحَدِيثِ فِي الْيَمِينِ: أَو يَقْتَطِعَ بِهَا مالَ امرئٍ مُسْلِمٍ أَي يأْخذه لِنَفْسِهِ مُتَمَلِّكًا، وَهُوَ يَفْتَعِلُ مِنَ القَطْعِ.
وَرَجُلٌ مُقْطَعٌ: لَا دِيوانَ لَهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانُوا أَهلَ دِيوانٍ أَو مُقْطَعِينَ، بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَيُرْوَى مُقْتَطِعينَ لأَن الْجُنْدَ لَا يَخْلُونَ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ».
وقَطَعَ الرجلُ بِحَبْلٍ يَقْطَعُ قَطْعًا: اخْتَنَقَ بِهِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ}؛ قَالُوا: لِيَقْطَعْ أَي لِيَخْتَنِقْ لأَن المُخْتَنِقَ يَمُدّ السَّبَبَ إِلى السَّقْفِ ثُمَّ يَقْطَعُ نفسَه مِنَ الأَرض حَتَّى يَخْتَنِقَ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلى شَرْحٍ يَزِيدُ فِي إِيضاحه، وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَن لَنْ يَنْصُرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا حَتَّى يُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ فَلْيَمُتْ غَيْظًا، وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ، والسببُ الْحَبْلُ يَشُدُّهُ الْمُخْتَنِقُ إِلى سَقْفِ بَيْتِهِ، وسماءُ كُلِّ شَيْءٍ سَقْفِهِ، ثُمَّ لِيَقْطَعْ أَي لِيَمُدَّ الْحَبْلَ مشدُودًا فِي عُنُقِهِ مَدًّا شَدِيدًا يُوَتِّرُه حَتَّى يَنْقَطِعَ فَيَمُوتَ مُخْتَنِقًا؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد لِيَجْعَلْ فِي سَمَاءِ بَيْتِهِ حَبْلًا ثُمَّ لِيَخْتَنِقْ بِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ثُمَّ لِيَقْطَعِ اخْتِنَاقًا.
وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ لِيَقْطَعْهُ، يَعْنِي السَّبَبَ وَهُوَ الْحَبْلُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لِيَمُدَّ الْحَبْلَ الْمَشْدُودَ فِي عُنُقِهِ حَتَّى ينقطعَ نفَسُه فيموتَ.
وثوبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ ويُقَطِّعُ لَكَ تَقْطِيعًا: يَصْلُح عَلَيْكَ قَمِيصًا ونحوَه.
وَقَالَ الأَزهري: إِذا صَلَحَ أَن يُقْطَعَ قَمِيصًا، قَالَ الأَصمعي: لَا أَعرف هَذَا ثَوْبٌ يَقْطَعُ وَلَا يُقَطِّعُ وَلَا يُقَطِّعُني وَلَا يَقْطَعُني، هَذَا كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُوَلِّدِينَ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَقَدْ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ عَنِ الْعَرَبِ.
والقُطْعُ: وجَعٌ فِي الْبَطْنِ ومَغَسٌ.
والتقطِيعُ مَغَسٌ يَجِدُهُ الإِنسان فِي بَطْنِهِ وأَمْعائِه.
يُقَالُ: قُطِّعَ فُلَانٌ فِي بَطْنِهِ تَقْطِيعًا.
والقَطِيعُ: الطَّائِفَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَالنِّعَمِ وَنَحْوِهِ، وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنه مِنْ عَشْرٍ إِلى أَربعين، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ إِلى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَالْجَمْعُ أَقْطاعٌ وأَقْطِعةٌ وقُطْعانٌ وقِطاعٌ وأَقاطِيعُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِمَّا جُمِعَ عَلَىغَيْرِ بِنَاءِ وَاحِدِهِ، وَنَظِيرُهُ عِنْدَهُمْ حديثٌ وأَحاديثُ.
والقِطْعةُ: كالقَطِيع.
والقَطِيعُ: السَّوْطُ يُقْطَعُ مِنْ جِلْدِ سَيْرٍ وَيُعْمَلُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ القَطِيعِ الَّذِي هُوَ المَقْطُوعُ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ المُنْقَطِعُ الطرَف، وعَمَّ أَبو عُبَيْدٍ بالقَطِيعِ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: قَطَعْتُه بالقَطِيع أَي ضَرَبْتُهُ بِهِ كَمَا قَالُوا سُطْتُه بِالسَّوْطِ؛ قَالَ الأَعشى:
تَرى عَينَها صَغْواءَ فِي جَنْبِ مُوقِها، ***تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: السَّوْطُ المُحَرَّمُ الَّذِي لَمْ يُليَّن بَعْد.
اللَّيْثُ: القَطِيعُ السَّوْطُ المُنْقَطِعُ.
قَالَ الأَزهري: سُمِّيَ السَّوْطُ قَطِيعًا لأَنهم يأْخذون القِدّ المُحَرَّمَ فيَقْطَعونه أَربعة سُيُور، ثُمَّ يَفْتِلونه ويَلْوُونه وَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَيْبَسَ فيقومَ قِيامًا كأَنه عَصًا، سُمِّيَ قَطِيعًا لأَنه يُقْطَعُ أَربع طَاقَاتٍ ثُمَّ يُلْوى.
والقُطَّعُ والقُطَّاعُ: اللُّصوص يَقْطَعون الأَرض.
وقُطَّاعُ الطَّرِيقِ: الَّذِينَ يُعارِضون أَبناءَ السَّبِيلِ فيَقْطَعون بِهِمُ السبيلَ.
وَرَجُلٌ مُقَطَّعٌ: مُجَرَّبٌ.
وإِنه لحسَنُ التقْطِيع أَي القَدِّ.
وَشَيْءٌ حَسَنُ التقْطِيعِ إِذا كَانَ حَسَنَ القَدِّ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَطِيعُ فُلَانٍ أَي شَبيهُه فِي قَدِّه وخَلْقِه، وَجَمْعُهُ أَقْطِعاءُ.
ومَقْطَعُ الحقِّ: مَا يُقْطَعُ بِهِ الْبَاطِلُ، وَهُوَ أَيضًا مَوْضِعُ التِقاءِ الحُكْمِ، وَقِيلَ: هُوَ حَيْثُ يُفْصَلُ بَيْنَ الخُصومِ بِنَصِّ الْحُكْمِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ: ***يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وَيُقَالُ: الصوْمُ مَقْطَعةٌ لِلنِّكَاحِ.
والقِطْعُ والقِطْعةُ والقَطِيعُ والقِطَعُ والقِطاعُ: طَائِفَةٌ مِنَ اللَّيْلِ تَكُونُ مِنْ أَوّله إِلى ثُلُثِهِ، وَقِيلَ للفزاريِّ: مَا القِطْعُ مِنَ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: حُزْمةٌ تَهُورُها أَي قِطْعةٌ تَحْزُرُها وَلَا تَدْرِي كمْ هِيَ.
والقِطْعُ: ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}؛ قَالَ الأَخفش: بِسَوَادٍ مِنَ اللَّيْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
افْتَحي الْبَابَ، فانْظُري فِي النُّجومِ، ***كَمْ عَلَيْنا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
وَفِي التَّنْزِيلِ: {قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا}، وَقُرِئَ: قِطْعًا، والقِطْعُ: اسْمُ مَا قُطِعَ.
يُقَالُ: قَطَعْتُ الشيءَ قَطْعًا، وَاسْمُ مَا قُطِعَ فَسَقَطَ قِطْعٌ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ قرأَ قِطْعًا، جَعَلَ الْمُظْلِمَ مِنْ نَعْتِهِ، وَمَنْ قرأَ قِطَعًا جَعَلَ الْمُظْلِمَ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ لَهُ الْبَصْرِيُّونَ الْحَالُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كقِطْعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ»؛ قِطْعُ الليلِ طائفةٌ مِنْهُ وقِطْعةٌ، وَجَمْعُ القِطْعةِ قِطَعٌ، أَراد فِتْنَةً مُظْلِمَةً سوْداءَ تَعْظِيمًا لشأْنها.
والمُقَطَّعاتُ مِنَ الثيابِ: شِبْه الجِبابِ وَنَحْوِهَا مِنَ الخَزِّ وَغَيْرِهِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ}؛ أَي خِيطَتْ وسُوِّيَتْ وجُعِلَتْ لَبوسًا لَهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ نَخْلِ الْجَنَّةِ قَالَ: «نَخْلُ الْجَنَّةِ سَعَفُها كِسْوةٌ لأَهل الْجَنَّةِ مِنْهَا مُقَطَّعاتُهم وحُلَلُهم»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ يَكُنْ يَصِفُها بالقِصَر لأَنه عَيْبٌ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا يُقَالُ لِلثِّيَابِ القِصار مُقَطَّعاتٌ، قَالَ شَمِرٌ: وَمِمَّا يقوِّي قَوْلَهُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي وَصْفِ سَعَفِ الْجَنَّةِ لأَنه لَا يَصِفُ ثِيَابَ أَهل الْجَنَّةِ بالقِصَرِ لأَنه عَيْبٌ، وَقِيلَ: المقطَّعات لَا وَاحِدَ لَهَا فَلَا يُقَالُ للجُبّةِ الْقَصِيرَةِ مُقَطَّعةٌ، وَلَا للقَمِيصِ" مُقَطَّعٌ، وإِنما يُقَالُ لِجُمْلَةِ الثِّيَابِ الْقِصَارِ مُقَطَّعات، وَلِلْوَاحِدِ ثَوْبٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مُقَطَّعاتٌ لَهُ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي ثِيَابٌ قِصَارٌ لأَنها قُطِعَتْ عَنْ بُلُوغِ التَّمَامِ، وَقِيلَ: المُقَطَّع مِنَ الثِّيَابِ كلُّ مَا يُفَصَّلُ ويُخاطُ مِنْ قميصٍ وجِبابٍ وسَراوِيلاتٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا لَا يُقْطَعُ مِنْهَا كالأَردية والأُزُر والمَطارِفِ والرِّياطِ الَّتِي لَمْ تُقْطَعْ، وإِنما يُتَعَطَّفُ بِهَا مرَّة ويُتَلَفَّعُ بِهَا أُخرى؛ وأَنشد شَمِرٌ لِرُؤْبَةُ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
كأَنَّ نِصْعًا فَوْقَه مُقَطَّعا، ***مُخالِطَ التَّقْلِيصِ، إِذْ تَدَرَّعا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَقُولُ كأَنَّ عَلَيْهِ نِصْعًا مُقَلَّصًا عَنْهُ، يَقُولُ: تَخَالُ أَنه أُلْبِسَ ثَوْبًا أَبيض مُقَلَّصًا عَنْهُ لَمْ يبلغ كُراعَه لأَنها سُود لَيْسَتْ عَلَى لَوْنِهِ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فَقُودُوا الجِيادَ المُسْنِفاتِ، وأَحْقِبوا ***عَلَى الأَرْحَبِيّاتِ الحَديدَ المُقَطَّعا
يَعْنِي الدُّرُوعَ.
والحديدُ المُقَطَّعُ: هُوَ الْمُتَّخَذُ سِلَاحًا.
يُقَالُ: قَطَعْنَا الْحَدِيدَ أَي صَنَعْنَاهُ دُروعًا وَغَيْرَهَا مِنَ السِّلاح.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مُقَطَّعاتُ الثِّيَابِ والشِّعرْ قِصارُها.
والمقطَّعات: الثِّيَابُ الْقِصَارُ، والأَبياتُ القِصارُ، وَكُلُّ قصيرٍ مُقَطَّعٌ ومُتَقَطِّعٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" ابْنِ عَبَّاسٍ: وقتُ صلاةِ الضُّحى إِذا تقَطَّعتِ الظِّلالُ "، يَعْنِي قَصُرَتْ لأَنها تَكُونُ مُمْتَدَّةً فِي أَول النَّهَارِ، فَكُلَّمَا ارْتَفَعَتِ الشمسُ تَقَطَّعَتِ الظِّلالُ وَقَصُرَتْ، وَسُمِّيَتِ الأَراجيز مُقَطَّعاتٍ لِقِصَرِهَا، وَيُرْوَى أَن جَرِيرَ بْنَ الخَطَفى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُؤْبَةُ اخْتِلَافٌ فِي شَيْءٍ فَقَالَ: أَما وَاللَّهِ لَئِنْ سَهِرْتُ لَهُ لَيْلَةً لأَدَعَنَّه وقلَّما تُغْنِي عَنْهُ مقطَّعاته، يَعْنِي أَبيات الرَّجَزِ.
وَيُقَالُ للرجُل الْقَصِيرِ: إِنه لَمُقَطَّعٌ مُجَذَّرٌ.
والمِقْطَعُ: مثالٌ يُقْطَعُ عَلَيْهِ الأَديم وَالثَّوْبُ وَغَيْرُهُ.
والقاطِعُ: كالمِقْطَعِ اسْمٌ كَالْكَاهِلِ والغارِبِ.
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِنما هُوَ القِطاعُ لَا القاطِعُ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ لِحافٍ ومِلْحَفٍ وقِرامٍ ومِقْرَمٍ وسِرادٍ ومِسْرَدٍ.
والقِطْعُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ المُوَشَّاةِ، وَالْجَمْعُ قُطوعٌ.
والمُقَطَّعاتُ: بُرود عَلَيْهَا وشْيٌ مُقَطَّعٌ.
والقِطْعُ: النُّمْرُقةُ أَيضًا.
والقِطْعُ: الطِّنْفِسةُ تَكُونُ تَحْتَ الرَّحْلِ عَلَى كَتِفَيِ الْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ الأَعشى:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ فِي بُراها، ***تَكَشَّفُ عَنْ مَناكِبها القُطوعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبي الْعَاصِ يَمْدَحُ مُعَاوِيَةَ وَيُقَالُ لِزيادٍ الأَعْجَمِ؛ وَبَعْدَهُ:
بأَبيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ، ***كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ والجِنِّيِّ: «فَجَاءَ وَهُوَ عَلَى القِطع فنَفَضَه»، وفُسِّرَ القِطْعُ بالطِّنْفِسةِ تَحْتَ الرَّحْلِ عَلَى كَتِفَيِ الْبَعِيرِ.
وقاطَعَه عَلَى كَذَا وَكَذَا مِنَ الأَجْرِ والعَمَلِ وَنَحْوِهِ مُقاطعةً.
قَالَ اللَّيْثُ: ومُقَطَّعةُ الشعَر هناتٌ صِغار مِثْلُ شعَرِ الأَرانِبِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وأُراه إِنما أَراد مَا يُقَالُ للأَرْنَبِ السَّرِيعَةِ؛ وَيُقَالُ للأَرنب السَّرِيعَةِ: مُقَطِّعةُ الأَسْحارِ ومقطِّعةُ النِّياطِومقطِّعةُ السحورِ كأَنها تَقْطَعُ عِرْقًا فِي بَطْنِ طَالِبِهَا مِنْ شدّةِ العَدْوِ، أَو رِئاتِ مَنْ يَعْدُو عَلَى أَثرها لِيَصِيدَهَا، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ فِيهَا مُحَشِّئةُ الكِلاب، وَمَنْ قَالَ النِّياطُ بُعْدُ المَفازةِ فَهِيَ تَقْطَعُه أَيضًا أَي تُجاوِزُه؛ قَالَ يَصِفُ الأَرنب:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ خَيْري، ***مَنَنْتُ عَلَى مُقَطِّعةِ النِّياطِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مَرَطى مُقَطِّعةٍ سُحُورَ بُغاتِها ***مِنْ سُوسِها التَّوْتِيرُ، مَهْمَا تُطْلَبِ
وَيُقَالُ لَهَا أَيضًا: مُقَطِّعةُ الْقُلُوبِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ فَضْلي، ***مَنَنْتُ عَلَى مُقَطِّعةِ القُلُوبِ
أُرَيْنِبِ [أُرَيْنِبُ] خُلّةٍ، باتَتْ تَغَشَّى ***أَبارِقَ، كلُّها وَخِمٌ جَدِيب
وَيُقَالُ: هَذَا فَرَسٌ يُقَطِّعُ الجَرْيَ أَي يَجْرِي ضُرُوبًا مِنَ الجَرْيِ لِمَرحِه ونشاطِه.
وقَطَّعَ الجَوادُ الخيلَ تَقْطِيعًا: خَلَّفَها وَمَضَى؛ قَالَ أَبو الخَشْناءِ، وَنَسَبَهُ الأَزهري إِلى الْجَعْدِيِّ:
يُقَطِّعُهُنَّ بِتَقْرِيبه، ***ويَأْوي إِلى حُضُرٍ مُلْهِبِ
وَيُقَالُ: جَاءَتِ الْخَيْلُ مُقْطَوْطِعاتٍ أَي سِراعًا بَعْضُهَا فِي إِثر بَعْضٍ.
وَفُلَانٌ مُنْقَطِعُ القَرِينِ فِي الْكَرَمِ وَالسَّخَاءِ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، وَكَذَلِكَ مُنْقَطِعُ العِقالِ فِي الشَّرِّ والخُبْثِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
رأَيْتُ عَرابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو ***إِلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرِينِ
أَبو عُبَيْدَةَ فِي الشِّياتِ: وَمِنَ الغُرَرِ المُتَقَطِّعةُ وَهِيَ الَّتِي ارْتَفَعَ بياضُها مِنَ المَنْخَرَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَ الغُرَّةُ عَيْنَيْهِ دُونَ جَبْهته.
وَقَالَ غَيْرُهُ: المُقَطَّعُ مِنَ الحَلْي هُوَ الشَّيْءُ اليسيرُ مِنْهُ القليلُ، والمُقَطَّعُ مِنَ الذَّهَبِ اليسِيرِ كالحَلْقةِ والقُرْطِ والشَّنْفِ والشَّذْرةِ وَمَا أَشبهها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ: «أَنه نَهى عَنِ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلا مُقَطَّعًا»؛ أَراد الشَّيْءَ الْيَسِيرَ وَكَرِهَ الْكَثِيرَ الَّذِي هُوَ عَادَةُ أَهل السَّرَفِ والخُيَلاء والكِبْر، واليسيرُ هُوَ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ إِنما كَرِهَ اسْتِعْمَالَ الْكَثِيرِ مِنْهُ لأَن صَاحِبَهُ رُبَّمَا بَخِلَ بإِخراج زَكَاتِهِ فيأْثم بِذَلِكَ عِنْدَ منْ أَوْجَب فِيهِ الزكاةَ.
وقَطَّعَ عَلَيْهِ العذابَ: لوَّنَه وجَزَّأَه ولَوَّنَ عَلَيْهِ ضُرُوبًا مِنَ الْعَذَابِ.
والمُقَطَّعاتُ: الدِّيارُ.
والقَطِيعُ: شَبِيهٌ بِالنَّظِيرِ.
وأَرض قَطِيعةٌ: لَا يُدْرى أَخُضْرَتُها أَكثر أَم بياضُها الَّذِي لَا نَبَاتَ بِهِ، وَقِيلَ: الَّتِي بِهَا نِقاطٌ مِنَ الكَلإِ.
والقُطْعةُ: قِطْعةٌ مِنَ الأَرض إِذا كَانَتْ مَفْروزةً، وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: وَرِثْتُ مِنْ أَبي قُطْعةً.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْ شَيْءٍ، فإِن كَانَ المقطوعُ قَدْ يَبْقى مِنْهُ الشَّيْءُ ويُقْطَعُ قُلْتَ: أَعطِني قِطْعةً، وَمِثْلُهُ الخِرْقةُ، وإِذا أَردت أَن تَجْمَعَ الشَّيْءَ بأَسره حَتَّى تُسَمِّيَ بِهِ قُلْتَ: أَعْطِني قُطْعةً، وأَما الْمَرَّةُ مِنَ الفِعْل فَبِالْفَتْحِ قَطَعْتُ قَطْعةً، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ غَلَبَني فُلَانٌ عَلَى قُطْعةٍ مِنَ الأَرض، يُرِيدُ أَرضًا مَفْروزةً مِثْلَ القِطْعةِ، فإِن أَردت بِهَا قِطْعةً مِنْ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْهُ قُلْتَ قِطْعةً.
وَكُلُّ شَيْءٍ يُقْطَعُ مِنْهُ، فَهُوَ مَقْطَع.
والمَقْطَعُ: مَوْضِعُ القَطْعِ.
والمَقْطعُ: مَصْدَرٌ كالقَطْعِ.
وقَطَّعْتُ الْخَمْرَبِالْمَاءِ إِذا مَزَجْتَه، وَقَدْ تَقَطَّعَ فِيهِ الماءُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُقَطِّعُ مَوْضُوعَ الحَدِيثِ ابْتِسامُها، ***تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ فِي نُزَفِ الخَمْر
موضوعُ الحديثِ: مَحْفُوظُه وَهُوَ أَن تخْلِطَه بالابْتِسام كَمَا يُخْلَطُ الماءُ بالخَمْرِ إِذا مُزِجَ.
وأَقطَعَ القومُ إِذا انْقَطَعَتْ مِياهُ السَّمَاءِ فرجَعوا إِلى أَعدادِ المياهِ؛ قَالَ أَبو وَجْزةَ:
تَزُورُ بيَ القومَ الحَوارِيّ، إِنهم ***مَناهلُ أَعدادٌ، إِذا الناسُ أَقْطَعوا
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَتْ يهودُ قَوْمًا لَهُمْ ثِمارٌ لَا تُصِيبها قُطْعةٌ»أَي عَطَشٌ بانْقِطاعِ الماءِ عَنْهَا.
يقال: أَصابت الناسَ قُطْعةٌ أَي ذَهَبَتْ مِياهُ رَكاياهُم.
وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا جَفَّتْ مِياهُهم قُطْعةٌ مُنْكَرةٌ.
وَقَدْ قَطَعَ ماءُ قَلِيبِكُم إِذا ذهَب أَو قَلَّ مَاؤُهُ.
وقَطَعَ الماءُ قُطُوعًا وأَقْطَعَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: قلَّ وَذَهَبَ فانْقَطَعَ، وَالِاسْمُ القُطْعةُ.
يُقَالُ: أَصابَ الناسَ قُطْعٌ وقُطْعةٌ إِذا انْقَطَعَ ماءُ بِئْرِهِمْ فِي الْقَيْظِ.
وَبِئْرٌ مِقْطاعٌ: يَنْقَطِعُ مَاؤُهَا سَرِيعًا.
وَيُقَالُ: قَطَعْتُ الحوْضَ قَطْعًا إِذا مَلأْتَه إِلى نصْفِه أَو ثُلثه ثُمَّ قَطَعْتَ الْمَاءَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ الإِبل:
قَطَعْنا لَهُنَّ الحوْضَ فابْتَلَّ شَطْرُه ***بِشِرْبٍ غشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ
أَي باقِيه.
وأَقْطَعَت السَّمَاءُ بِمَوْضِعِ كَذَا إِذا انْقَطعَ الْمَطَرُ هُنَاكَ وأَقْلَعَتْ.
يُقَالُ: مَطَرَتِ السماءُ بِبَلَدِ كَذَا وأَقْطَعَتْ بِبَلَدِ كَذَا.
وقَطَعَتِ الطَّيْرُ قَطاعًا وقِطاعًا وقُطوعًا واقْطوطعَت: انْحَدَرَت مِنْ بِلَادِ الْبَرْدِ إِلى بِلَادِ الْحَرِّ.
وَالطَّيْرُ تَقْطَعُ قُطُوعًا إِذا جَاءَتْ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ فِي وَقْتِ حَرٍّ أَو بَرْدٍ، وَهِيَ قَواطِعُ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قَطاعِ الطَّيْرِ وقَطاعِ الماءِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ قُطُوعِ الطَّيْرِ وقُطوعِ الْمَاءِ، وقَطاعُ الطَّيْرِ: أَن يَجِيءَ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ، وقَطاعُ الْمَاءِ: أَن ينْقَطِعَ.
أَبو زَيْدٍ: قطَعَتِ الغِرْبانُ إِلينا فِي الشِّتَاءِ قُطُوعًا وَرَجَعَتْ فِي الصَّيْفِ رُجُوعًا، وَالطَّيْرُ الَّتِي تُقِيمُ بِبَلَدٍ شِتاءَها وصَيْفها هِيَ الأَوابدُ، وَيُقَالُ: جاءَت الطَّيْرُ مُقْطَوْطِعاتٍ وقَواطِعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
والقُطَيْعاءُ، مَمْدُودٌ مِثَالُ الغُبَيْراءِ: التَّمْرُ الشِّهْرِيزُ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ صِنْفٌ مِنَ التَّمْرِ فَلَمْ يُحَلِّه؛ قَالَ:
باتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ جارَهُمْ، ***وعِنْدَهُمُ البَرْنيُّ فِي جُلَلٍ دُسْمِ
وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: «تَقْذِفُونَ فِيهِ مِنَ القُطَيْعاءِ»، قَالَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ البُسْرُ قَبْلَ أَن يُدْرِكَ.
وَيُقَالُ: لأَقْطَعَنَّ عُنُقَ دَابَّتِي أَي لأَبيعنها؛ وأَنشد لأَعرابي تَزَوَّجَ امرأَة وَسَاقَ إِليها مَهْرَها إِبلًا:
أَقُولُ، والعَيْساءُ تَمْشي والفُصُلْ ***فِي جِلّةٍ مِنْهَا عَرامِيسٌ عُطُلْ:
قَطَّعَتِ الأَحْراحُ أَعناقَ الإِبلْ "ابْنُ الأَعرابي: الأَقْطَعُ الأَصم؛ قَالَ وأَنشدني أَبو الْمَكَارِمِ:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حِينَ أَرْجُو رِفْدَه ***عُمُرًا، لأَقْطَعُ سَيِءُ الإِصْرانِ
قَالَ: الإِصْرانُ جَمْعُ إِصْرٍ وَهُوَ الخِنَّابةُ، وَهُوَ شَمُ الأَنْفِ.
والخِنَّابَتانِ: مَجْرَيا النفَسِ مِنَ المَنْخَرَيْنِ.
والقُطْعَةُ فِي طَيِءٍ كالعَنْعَنة فِي تَميمٍ، وَهُوَ أَن يَقُولَ: يَا أَبا الحَكا، يُرِيدُ يَا أَبا الحَكَمِ، فيَقْطَعُ كَلَامَهُ.
وَلَبَنٌ قاطِعٌ أَي حامِضٌ.
وَبَنُو قُطَيْعةَ: قَبِيلَةُ حيٌّ مِنَ الْعَرَبِ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم قُطَعِيٌّ.
وَبَنُو قُطْعةَ: بَطْنٌ أَيضًا.
قَالَ الأَزهري: فِي آخِرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: كُلُّ مَا مَرَّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذِهِ الأَلفاظ فالأَصل وَاحِدٌ وَالْمَعَانِي مُتَقارِبةٌ وإِن اخْتَلَفَتِ الأَلفاظ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ يأْخذ بَعْضُهُ بِرِقَابِ بَعْضٍ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنه أَوسع الأَلسنة.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
14-لسان العرب (حرم)
حرم: الحِرْمُ، بِالْكَسْرِ، والحَرامُ: نَقِيضُ الْحَلَالِ، وَجَمْعُهُ حُرُمٌ؛ قَالَ الأَعشى:مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ، ***وَبِاللَّيْلِ هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ حُرْمًا وحَرامًا وحَرُمَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، حُرْمَةً وحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وحَرُمَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ حُرُمًا وحُرْمًا، وحَرِمَتْ عليها "حَرَمًا وحَرامًا: لُغَةٌ فِي حَرُمَت.
الأَزهري: حَرُمَت الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَحْرُمُ حُرومًا، وحَرُمَتِ المرأةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحْرُمُ حُرْمًا وحَرامًا، وحَرُمَ عَلَيْهِ السَّحورُ حُرْمًا، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: مَا حَرَّم اللهُ.
والمُحَرَّمُ: الحَرامُ.
والمَحارِمُ: مَا حَرَّم اللهُ.
ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه الَّتِي يَحْرُم عَلَى الجَبان أَن يَسْلُكَهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ اللَّيْلِ لهُنَّ بَهْرَجُ، ***حِينَ يَنَامُ الوَرَعُ المُحَرَّجُ
وَيُرْوَى: محارِمُ اللَّيْلِ أَي أَوائله.
وأَحْرَمَ الشَّيْءَ: جَعله حَرامًا.
والحَريمُ: مَا حُرِّمَ فَلَمْ يُمَسَّ.
والحَريمُ: مَا كَانَ المُحْرِمون يُلْقونه مِنَ الثِّيَابِ فَلَا يَلْبَسونه؛ قَالَ:
كَفى حَزَنًا كَرِّي عَلَيْهِ كأَنه ***لَقىً، بَيْنَ أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الَّذِي حَرُمَ مَسُّهُ فَلَا يُدْنى مِنْهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَجَّت الْبَيْتَ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا الَّتِي عَلَيْهَا إِذَا دَخَلُوا الحَرَمَ وَلَمْ يَلْبسوها مَا دَامُوا فِي الحَرَم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: " لَقىً، بَيْنَ أَيدي الطائفينَ، حَريمُ "وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}؛ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُراةً وَيَقُولُونَ: لَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي ثِيَابٍ قَدْ أَذْنَبْنا فِيهَا، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ عُرْيانَةً أَيضًا إِلّا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَس رَهْطًا مِنْ سُيور؛ وَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ، ***وَمَا بَدا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
تَعْنِي فَرْجَهَا أَنه يَظْهَرُ مِنْ فُرَجِ الرَّهْطِ الَّذِي لَبِسَتْهُ، فأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عُقوبة آدمَ وَحَوَّاءَ بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالاستتار فقال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ قَالَ الأَزهري: والتَّعَرِّي وظهور السوءة مَكْرُوهٌ، وَذَلِكَ مُذْ لَدُنْ آدَمَ.
والحَريمُ: ثَوْبُ المُحْرم، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَطُوفُ عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بَيْنَ أَيديهم فِي الطَّوَافِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن عِياضَ بْنَ حِمار المُجاشِعيّ كَانَ حِرْميَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا حَجَّ طَافَ فِي ثِيَابِهِ»؛ كَانَ أَشراف الْعَرَبِ الَّذِينَ يتَحَمَّسونَ عَلَى دِينِهِمْ أَي يتشدَّدون إِذَا حَج أَحَدُهُمْ لَمْ يَأْكُلْ إِلّا طعامَ رجلٍ مِنَ الحَرَم، وَلَمْ يَطُفْ إلَّا فِي ثِيَابِهِ فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَشرافهم رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيَكُونُ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمَا حِرْمِيَّ صَاحِبَهُ، كَمَا يُقَالُ كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري، قَالَ: والنَّسَبُ فِي النَّاسِ إِلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ.
يُقَالُ: رَجُلٌ حِرْمِيّ، فَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ النَّاسِ قَالُوا ثَوْبٌ حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مَكَّةَ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ حَرَمُ اللَّهِ وحَرَمُ رَسُولِهِ.
والحَرَمانِ: مَكَّةُ والمدينةُ، وَالْجَمْعُ أَحْرامٌ.
وأَحْرَمَ القومُ: دَخَلُوا فِي الحَرَمِ.
وَرَجُلٌ حَرامٌ: دَاخِلٌ فِي الحَرَمِ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى حُرُمٍ.
وَالْبَيْتُ الحَرامُ وَالْمَسْجِدُ الحَرامُ وَالْبَلَدُ الحَرام.
وَقَوْمٌ حُرُمٌ ومُحْرِمون.
والمُحْرِمُ: الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ الحَرام، والنَّسَبُ إِلَى الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وَهُوَ مِنَ الْمَعْدُولِ الَّذِي يَأْتِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ امْرَأَةٌ حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ: وحُرْمَةُ الْبَيْتِ وحِرْمَةُ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَعشى:
لَا تأوِيَنَّ لحِرْمِيّ مَرَرْتَ بِهِ، ***يَوْمًا، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ فِي النَّارِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ مُصَحَّف، وإِنما هُوَ:
لَا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيّ ظَفِرْتَ بِهِ، ***يَوْمًا، وإِن أُلْقِيَ الجَرْميُّ فِي النَّارِ
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بِذِي خُشُبٍ، ***والدَّاخِلين عَلَى عُثْمان فِي الدَّار
وَشَاهِدُ الحِرْمِيَّةِ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي، ***بِذِي المَجازِ، وَلَمْ تَحْسُسْ بِهِ نَغَما
مِنْ قَوْلِ حِرْمِيَّةٍ قَالَتْ، وَقَدْ ظَعنوا: ***هَلْ فِي مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها ***ضَرائرُ حِرْميّ تفاحشَ غارُها
قَالَ الأَصمعي: أَظنه عَنى بِهِ قُرَيْشًا، وَذَلِكَ لأَن أَهل الحَرَمِ أَول مَنِ اتَّخَذَ الضَّرَائِرَ، وَقَالُوا فِي الثَّوْبِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ حَرَمِيّ، وَذَلِكَ لِلْفَرْقِ الَّذِي يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَيَعْتَادُونَهُ فِي مِثْلِ هَذَا.
وَبَلَدٌ حَرامٌ وَمَسْجِدٌ حَرامٌ وَشَهْرٌ حَرَامٌ.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ أَي متتابِعة وَوَاحِدٌ فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}؛ قَوْلُهُ مِنْها، يُرِيدُ الْكَثِيرَ، ثُمَّ قَالَ: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ لَمَّا كَانَتْ قَلِيلَةً.
والمُحَرَّمُ: شَهْرُ اللَّهِ، سَمَّتْه الْعَرَبُ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنهم كَانُوا لَا يستَحلُّون فِيهِ الْقِتَالَ، وأُضيف إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِعظامًا لَهُ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مِنَ الأَشهر الحُرُمِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
الْجَوْهَرِيُّ: مِنَ الشُّهُورِ أَربعة حُرُمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تَسْتَحِلُّ فِيهَا الْقِتَالَ إِلا حَيّان خَثْعَم وطَيِءٌ، فَإِنَّهُمَا كَانَا يستَحِلَّان الشُّهُورَ، وكان الذين يَنْسؤُون الشُّهُورَ أَيام الْمَوَاسِمِ يَقُولُونَ: حَرّمْنا عَلَيْكُمُ القتالَ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ إلَّا دِمَاءَ المُحِلِّينَ، فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَحِلُّ دِمَاءَهُمْ خَاصَّةً فِي هَذِهِ الشُّهُورِ، وَجَمْعُ المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ.
الأَزهري: كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي شَهْرَ رَجَبٍ الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ مِنْ كُلِّ مِذْنَبٍ، ***شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قَالَ: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وَقَالَ: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَقَمْنا بِهَا شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما، ***وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وَرَوَى الأَزهري بإِسناده عَنْ أُم بَكْرَةَ: أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي صِحَّته فَقَالَ: أَلا إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السموات والأَرض، السَّنَة اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدة وَذُو الحِجَّة والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ.
والمُحَرَّم: أَول الشُّهُورِ.
وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دَخَلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؛ قَالَ:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بِالنَّاسِ مُحْرِمًا، ***فَمُلِّئَ مِنْ عَوْفِ بْنِ كعبٍ سَلاسِلُهْ
فَقَوْلُهُ مُحْرِمًا لَيْسَ مِنْ إِحْرام الْحَجِّ، وَلَكِنَّهُ الدَّاخِلُ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ.
والحُرْمُ، بِالضَّمِّ: الإِحْرامُ بِالْحَجِّ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: «كُنْتُ أُطَيِّبُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحِلِّهِ ولِحُرْمِه»أَي عِنْدَ إِحْرامه؛ الأَزهري: الْمَعْنَى أَنها كَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا اغْتسل وأَراد الإِحْرام والإِهْلالَ بِمَا يَكُونُ بِهِ مُحْرِمًا مِنْ حَجٍّ أَو عُمْرَةٍ، وَكَانَتْ تُطَيِّبُه إِذَا حَلّ مِنْ إِحْرامه؛ الحُرْمُ، بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الإِحْرامُ بِالْحَجِّ، وَبِالْكَسْرِ: الرَّجُلُ المُحْرِمُ؛ يُقَالُ: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ.
والإِحْرامُ: مَصْدَرُ أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إِحْرامًا إِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَو الْعُمْرَةِ وباشَرَ أَسبابهما وَشُرُوطَهُمَا مِنْ خَلْع المَخِيط، وأَن يَجْتَنِبَ الأَشياء الَّتِي مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْهَا كَالطِّيبِ وَالنِّكَاحِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، والأَصل فِيهِ المَنْع، فكأَنَّ المُحْرِم مُمْتَنِعٌ مِنْ هَذِهِ الأَشياء.
وَمِنْهُ حَدِيثُ" الصَّلَاةِ: تَحْرِيمُها التَّكْبِيرُ "، كأَن الْمُصَلِّيَ بِالتَّكْبِيرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ صَارَ مَمْنُوعًا مِنَ الْكَلَامِ والأَفعال الْخَارِجَةِ عَنْ كَلَامِ الصَّلَاةِ وأَفعالِها، فَقِيلَ لِلتَّكْبِيرِ تَحْرِيمٌ لِمَنْعِهِ الْمُصَلِّيَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ تكبيرَة الإِحْرام أَي الإِحرام بِالصَّلَاةِ.
والحُرْمَةُ: مَا لَا يَحِلُّ لَكَ انْتِهَاكُهُ، وَكَذَلِكَ المَحْرَمَةُ والمَحْرُمَةُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا؛ يُقَالُ: إِنَّ لِي مَحْرُماتٍ فَلَا تَهْتِكْها، وَاحِدَتُهَا مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يُرِيدُ أَنَّ لَهُ حُرُماتٍ.
والمَحارِمُ: مَا لَا يَحِلُّ اسْتِحْلَالُهُ.
وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبية: «لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يعَظِّمون فِيهَا حُرُماتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطيتُهم إِياها»؛ الحُرُماتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛ يُرِيدُ حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإِحْرامِ، وحُرْمَةَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ مَا وَجَبَ القيامُ بِهِ وحَرُمَ التفريطُ فِيهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الحُرُماتُ مَكَّةُ وَالْحَجُّ والعُمْرَةُ وَمَا نَهَى اللَّهُ مِنْ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ: حُرُماتُ اللَّهِ مَعَاصِي اللَّهِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَرَمُ حَرَمُ مَكَّةَ وَمَا أَحاط إِلى قريبٍ مِنَ الحَرَمِ، قَالَ الأَزهري: الحَرَمُ قَدْ ضُرِبَ عَلَى حُدوده بالمَنار الْقَدِيمَةِ الَّتِي بَيَّنَ خليلُ اللَّهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مشَاعِرَها وَكَانَتْ قُرَيْش تَعْرِفُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإِسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن مَا دُونَ المَنارِ إِلى مَكَّةَ مِنَ الحَرَمِ وَمَا وَرَاءَهَا لَيْسَ مِنَ الحَرَمِ، وَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقرَّ قُرَيْشًا عَلَى مَا عَرَفُوهُ مِنْ ذَلِكَ، " وَكَتَبَ مَعَ ابْنِ مِرْبَعٍ الأَنصاري إِلَى قُرَيْشٍ: أَن قِرُّوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَا كَانَ دُونَ الْمَنَارِ، فَهُوَ حَرَم لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ وَلَا يُقْطَع شَجَرُهُ، وَمَا كَانَ وَرَاءَ المَنار، فَهُوَ مِنَ الحِلّ يحِلُّ صَيْدُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَائِدُهُ مُحْرِمًا.
قَالَ: فإِن قَالَ قَائِلٌ مِنَ المُلْحِدين فِي قَوْلِهِ تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}؛ كَيْفَ يَكُونُ حَرَمًا آمِنًا وَقَدْ أُخِيفوا وقُتلوا فِي الحَرَمِ؟ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنه عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا أَمرًا وتَعَبُّدًا لَهُمْ بِذَلِكَ لَا إِخبارًا، فَمَنْ آمَنَ بِذَلِكَ كَفَّ عَمَّا نُهِي عَنْهُ اتِّبَاعًا وَانْتِهَاءً إِلى مَا أُمِرَ بِهِ، وَمَنْ أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَالحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ مباحُ الدمِ، وَمَنْ أَقَرَّ وَرَكِبَ النهيَ فَصَادَ صَيْدَ الْحَرَمِ وَقَتَلَ فِيهِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَعَلَيْهِ الكفَّارة فِيمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ، فإِن عَادَ فإِن اللَّهَ يَنْتَقِمُ مِنْهُ.
وأَما الْمَوَاقِيتُ الَّتِي يُهَلُّ مِنْهَا لِلْحَجِّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ مِنْ حُدُودِ الحَرَمِ، وَهِيَ مِنَ الْحِلِّ، وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ فِي الأَشهر الحُرُمِ فَهُوَ مُحْرِمٌ مأْمور بِالِانْتِهَاءِ مَا دَامَ مُحْرِمًا عَنِ الرَّفَثِ وَمَا وراءَه مِنْ أَمر النِّسَاءِ، وَعَنِ التَّطَيُّبِ بالطيبِ، وَعَنْ لُبْس الثَّوْبِ المَخيط، وَعَنْ صَيْدِ الصَّيْدِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الأَعشى: " بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ "قَالَ: المُحَرَّمُ هُوَ الحَرَمُ.
وَتَقُولُ: أَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُحْرِمٌ وحَرامٌ، وَرَجُلٌ حَرامٌ أَي مُحْرِم، وَالْجَمْعُ حُرُم مِثْلُ قَذالٍ وقُذُلٍ، وأَحْرَم بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لأَنه يَحْرُم عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ حَلالًا مِنْ قبلُ كَالصَّيْدِ وَالنِّسَاءِ.
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي الإِحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إِذا صَارَ فِي حُرَمِه مِنْ عَهْدٍ أَو مِيثَاقٍ هُوَ لَهُ حُرْمَةٌ مِنْ أَن يُغار عَلَيْهِ؛ وأَما قَوْلُ أُحَيْحَة أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَسَمًا، مَا غيرَ ذِي كَذِبٍ، ***أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنِّي أَحسب الحُرَمَةَ لُغَةً فِي الحُرْمَةِ، وأَحسن مِنْ ذَلِكَ أَن يَقُولَ والحُرُمَة، بِضَمِّ الرَّاءِ، فَتَكُونَ من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو يَكُونَ أَتبع الضَّمَّ الضَّمَّ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَتْبَعَ الأَعشى الْكَسْرَ الْكَسْرَ أَيضًا فَقَالَ:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها، ***وَقَدْ تُكْرَهُ الحربُ بَعْدَ السِّلِمْ
إِلَّا أَن قَوْلَ الأَعشى قَدْ يَجُوزُ أَن يَتَوَجَّه عَلَى الْوَقْفِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عِيَالُهُ وَنِسَاؤُهُ وَمَا يَحْمِي، وَهِيَ المَحارِمُ، وَاحِدَتُهَا مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة.
ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قَالَ:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا ***كَمَا بَراها اللَّهُ، إِلا إِنما
مكارِهُ السَّعْيِ لِمَنْ تَكَرَّمَا "كَمَا بَراها اللَّهُ أَي كَمَا جَعَلَهَا.
وَقَدْ تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ: ذَاتُ الرَّحِم فِي الْقَرَابَةِ أَي لَا يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، تَقُولُ: هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَهِيَ ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هُوَ ذُو رَحِمٍ مِنْهَا إِذا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نكاحُها.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ: مَعَ ذِي حُرْمَةٍ مِنْهَا»؛ ذُو المَحْرَمِ: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنَ الأَقارب كالأَب وَالِابْنِ وَالْعَمِّ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ.
وأَحْرَمَ الرجلُ، فَهُوَ مُحْرِمٌ إِذا كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِمًا، ***ودَعا فَلَمْ أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
وَيُرْوَى: مَخْذولا، وَقِيلَ: أَراد بِقَوْلِهِ مُحْرِمًا أَنهم قَتَلُوهُ فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَي صَائِمًا.
وَيُقَالُ: أَراد لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يوقِعُ بِهِ فَهُوَ مُحْرِمٌ.
الأَزهري: رَوَى شَمِرٌ لعُمَرَ أَنه قَالَ الصِّيَامُ إِحْرامٌ "، قَالَ: وإِنما قَالَ الصيامُ إِحْرام لَامْتِنَاعِ الصَّائِمِ مِمَّا يَثْلِمُ صيامَه، وَيُقَالُ لِلصَّائِمِ أَيضًا مُحْرِمٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ مُحْرِمًا فِي بَيْتِ الرَّاعِي مِنَ الإِحْرام وَلَا مِنَ الدُّخُولِ فِي الشَّهْرِ الحَرام، قَالَ: وإِنما هُوَ مِثْلُ الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وإِنما" يُرِيدُ أَن عُثْمَانَ فِي حُرْمةِ الإِسلام وذِمَّته لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، وَيُقَالُ لِلْحَالِفِ مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي الْغَضَبِ "أَي يَحْلِفُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
قَتَلُوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِمًا، ***غادَرُوه لَمْ يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يُرِيدُ: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ.
الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قَالَ: وإِذا كَانَ بالإِنسان رَحِمٌ وَكُنَّا نَسْتَحِي مِنْهُ قُلْنَا: لَهُ حُرْمَةٌ، قَالَ: وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حُرْمةٌ ومَهابةٌ.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ حُرْمَتُك وَهُمْ ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غَائِبًا وَشَاهِدًا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقُّه.
وَيُقَالُ: أَحْرَمْت عَنِ الشَّيْءِ إِذا أَمسكتَ عَنْهُ، وَذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ أَنه قَالَ: سَأَلْتُ عَمِّي عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلُّ مُسْلم عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ، قَالَ: المُحْرِمُ الْمُمْسِكُ "، مَعْنَاهُ أَن الْمُسْلِمَ مُمْسِكٌ عَنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين الدَّارِمِيِّ:
أَتتْني هَناتٌ عَنْ رجالٍ، كأَنها ***خَنافِسُ لَيْلٍ لَيْسَ فِيهَا عَقارِبُ
أَحَلُّوا عَلَى عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ، ***وَفِي اللهِ جارٌ لَا ينامُ وطالِبُ
قَالَ: وأَنشد الْمُفَضَّلُ لأَخْضَرَ بْنِ عَبَّاد المازِنيّ جَاهِلِيٌّ:
لَقَدْ طَالَ إِعْراضي وصَفْحي عَنِ الَّتِي ***أُبَلَّغُ عنْكم، والقُلوبُ قُلوبُ
وَطَالَ انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ ***ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عَنِ الَّتِي ***كرِهْتُ، وَمِنْهَا فِي القُلوب نُدُوبُ
فَلَا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ، ***فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنًّا فِي المَقالِ ومنكُمُ، ***إِذا مَا ارْتَمَيْنا فِي المَقال، عُيوبُ
وَيُقَالُ: أَحْرَمْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى حَرَّمْتُه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كَأَنَّهَا ***رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي كَأَنَّهَا يَعُودُ عَلَى رِكابٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.
وتَحَرَّم مِنْهُ بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ.
وأَحْرَمَ القومُ إِذا دَخَلُوا فِي الشَّهْرِ الحَرامِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
جَعَلْنَ القَنانَ عَنْ يَمينٍ وحَزْنَهُ، ***وَكَمْ بالقَنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمة لَا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ: " وَكَمْ بالقنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ "أَيْ مِمَّنْ يَحِلُّ قتالُه وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْهُ.
والمُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فِي قَوْلِ خِداش بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا مَا أصابَ الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غَيْثَهمْ، ***مِنَ النَّاسِ، إِلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هَكَذَا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، بِرَفْعِ الْغَيْثِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لُغَةً فِي صابَ أَو عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ "كَأَنَّهُ إِذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الْغَيْثُ بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مَرَّةً أُخرى: " إِذا شَرِبوا بالغَيْثِ "والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ مِنْ هَذَا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرَّجُلِ: حُرَمُهُ وأَهله.
وحَرَمُ الرَّجُلِ وحَريمُه: مَا يقاتِلُ عَنْهُ ويَحْميه، فَجَمْعُ الحَرَم أَحْرامٌ، وَجَمْعُ الحَريم حُرُمٌ.
وَفُلَانٌ مُحْرِمٌ بِنَا أَي فِي حَريمنا.
تَقُولُ: فُلَانٌ لَهُ حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بِنَا بصحبةٍ أَو بِحَقٍّ وذِمَّةِ.
الأَزهري: والحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ الْمَسْجِدِ.
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ وَاصِلٍ الْكِلَابِيِّ: حَريم الدَّارِ مَا دَخَلَ فِيهَا مِمَّا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بابُها وَمَا خَرَجَ مِنْهَا فَهُوَ الفِناءُ، قَالَ: وفِناءُ البَدَوِيِّ مَا يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وَهُوَ مِنَ الحَضَرِيّ إِذا كَانَتْ تُحَاذِيهَا دَارٌ أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ مَا بَيْنَهُمَا.
وحَريمُ الدَّارِ: مَا أُضيف إِلَيْهَا وَكَانَ مِنْ حُقُوقِهَا ومَرافِقها.
وحَريمُ الْبِئْرِ: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى عَلَى جَانِبَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ الصِّحَاحُ: حَريم الْبِئْرِ وَغَيْرِهَا مَا حَوْلَهَا مِنْ مَرافقها وحُقوقها.
وحَريمُ النَّهْرِ: مُلْقى طِينِهِ والمَمْشى عَلَى حَافَّتَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «حَريمُ الْبِئْرِ أَربعون ذِرَاعًا»، هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُحِيطُ بِهَا الَّذِي يُلْقى فِيهِ ترابُها أَي أَن الْبِئْرَ الَّتِي يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي مَواتٍ فَحريمُها لَيْسَ لأَحد أَن يَنْزِلَ فِيهِ وَلَا يُنَازِعَهُ عَلَيْهَا، وَسُمِّيَ بِهِ لأَنه يَحْرُمُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْهُ أَو لأَنه مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ التصرفُ فِيهِ.
الأَزهري: الحِرْمُ الْمَنْعُ، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه الإِعطاء والرَّزْقُ.
يُقَالُ: مَحْرُومٌ ومَرْزوق.
وحَرَمهُ الشيءَ يَحْرِمُهُ وحَرِمَهُ حِرْمانًا وحِرْمًا وحَريمًا وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً، وأَحْرَمَهُ لغةٌ لَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ، كُلُّهُ: مَنَعَهُ الْعَطِيَّةَ؛ قَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها ***لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم عَلَى نَفْسِهَا.
الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا أَي حَرَمَتْهُم أَن يَنْكِحُوهَا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: كُلُّ مُسلمٍ عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ "؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي يُقَالُ إِنَّهُ لمُحْرِمٌ عَنْكَ أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا بِمَعْنَى الْخَبَرِ، أَراد أَنه يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يُؤْذي صاحبَهُ لحُرْمة الإِسلام المانِعَتِه عَنْ ظُلْمِه.
وَيُقَالُ: مُسلم مُحْرِمٌ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، يُرِيدُ أَن الْمُسْلِمَ مُعْتَصِمٌ بالإِسلام مُمْتَنِعٌ بحُرْمتِهِ مِمَّنْ أَراده وأَراد مَالَهُ.
والتَّحْرِيمُ: خِلَافُ التَّحْليل.
وَرَجُلٌ مَحْروم: مَمْنُوعٌ مِنَ الْخَيْرِ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: المَحْروم الَّذِي حُرِمَ الخيرَ حِرْمانًا.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}؛ قِيلَ: المَحْروم الَّذِي لَا يَنْمِي لَهُ مَالٌ، وَقِيلَ أَيضًا: إِنه المُحارِفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَكْتَسِبُ.
وحَرِيمةُ الربِّ: الَّتِي يَمْنَعُهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ.
وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ فِي اللُّعبة يحْرَمُ حَرَمًا: قُمِرَ وَلَمْ يَقْمُرْ هُوَ؛ وأَنشد: " ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لَمْ يَصْطَدِ ويُخَطُّ خَطٌّ فَيَدْخُلُ فِيهِ غِلمان وَتَكُونُ عِدَّتُهُمْ فِي خَارِجٍ مِنَ الخَطّ فيَدْنو هَؤُلَاءِ من الخط ويصافحُ "أَحدُهم صاحبَهُ، فإِن مسَّ الداخلُ الخارجَ فَلَمْ يَضْبُطْهُ الداخلُ قِيلَ لِلدَّاخِلِ: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإِن ضَبَطَهُ الداخلُ فَقَدْ حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ.
وحَرِمَ الرجلُ حَرمًا: لَجَّ ومَحَكَ.
وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْف حِرامًا واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الْفَحْلَ، وَمَا أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وَهِيَ حَرْمَى، وَجَمْعُهَا حِرامٌ وحَرامَى، كُسِّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ فَعْلَى الَّتِي لَهَا فَعْلانُ نَحْوُ عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، وَالِاسْمُ الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الذِّئْبَةُ وَالْكَلْبَةُ وَأَكْثَرُهَا فِي الْغَنَمِ، وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ فِي الإِبل.
وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: «الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الساعةُ تُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ الحِرْمَةُ» أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل فِي ذُكُورِ الأَناسِيِّ، وَقِيلَ: الاسْتِحْرامُ لِكُلِّ ذَاتِ ظِلْفٍ خَاصَّةً.
والحِرْمَةُ، بِالْكَسْرِ: الغُلْمةُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَأَنَّهَا بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنَ الْحَيَوَانِ أَخَصُّ.
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَنَّهُ اسْتَحْرَمَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ مائةَ سنةٍ لَمْ يَضْحَكْ»؛ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تهْتَكُ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنِ اسْتِحْرام الشاة.
الجوهري: والحِرْمةُ فِي الشَّاءِ كالضَّبْعَةِ فِي النُّوقِ، والحِنَاء فِي النِّعاج، وَهُوَ شَهْوَةُ البِضاع؛ يُقَالُ: اسْتَحْرَمَت الشاةُ وَكُلُّ أُنثى مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ خَاصَّةً إِذا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ.
وَقَالَ الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ إِذا أَرادت الْفَحْلَ.
وَشَاةٌ حَرْمَى وَشِيَاهٌ حِرامٌ وحَرامَى مِثْلُ عِجالٍ وعَجالى، كأَنه لَوْ قِيلَ لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَعْلَى مُؤَنَّثَةُ فَعْلان قَدْ تُجْمَعُ عَلَى فَعالَى وفِعالٍ نَحْوُ عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شَاةٌ حَرْمَى فَإِنَّهَا، وإِن لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مذكَّر، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا قَدِ اسْتُعْمِلَ لأَن قِيَاسَ الْمُذَكَّرِ مِنْهُ حَرْمانُ، فَلِذَلِكَ قَالُوا فِي جَمْعِهِ حَرامَى وحِرامٌ، كَمَا قَالُوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ مِنَ الإِبل مِثْلُ العُرْضِيِّ: وَهُوَ الذَلُول الوَسَط الصعبُ التَّصَرُّفِ حِينَ تصَرُّفِه.
وَنَاقَةٌ مُحَرَّمةٌ: لَمْ تُرَضْ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ نَاقَةٌ مُحَرَّمَةُ الظهرِ إِذا كَانَتْ صَعْبَةً لَمْ تُرَضْ وَلَمْ تُذَلَّلْ، وَفِي الصِّحَاحِ: نَاقَةٌ مُحَرَّمةٌ أَي لَمْ تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «إِنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ نَاقَةً مُحَرَّمةً»؛ هِيَ الَّتِي لَمْ تُرْكَبْ وَلَمْ تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ مِنَ الْجُلُودِ: مَا لَمْ يُدْبَغْ أَو دُبغ فَلَمْ يَتَمَرَّن وَلَمْ يُبَالِغْ، وجِلد مُحَرَّم: لَمْ تَتِمَّ دِباغته.
وَسَوْطٌ مُحَرَّم: جَدِيدٌ لَمْ يُلَيَّنْ بعدُ؛ قَالَ الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ فِي جنبِ غَرْزِها، ***تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي جَنْبِ مُوقِهَا تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سَوْطَهُ.
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت الْعَرَبَ يُسَوُّون سياطَهم مِنْ جُلُودِ الإِبل الَّتِي لَمْ تُدْبَغْ، يَأْخُذُونَ الشَّريحة الْعَرِيضَةَ فَيَقْطَعُونَ مِنْهَا سُيورًا عِراضًا وَيَدْفِنُونَهَا فِي الثَّرَى، فإِذا نَدِيَتْ وَلَانَتْ جَعَلُوا مِنْهَا أَربع قُوىً، ثُمَّ فَتَلُوهَا ثُمَّ علَّقوها مِنْ شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها فِي الأَرض فتُقِلُّها مِنَ الأَرض مَمْدُودَةً وَقَدْ أَثقلوها حَتَّى تَيَبَّسَ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وحِرْم عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنهم لَا يَرْجِعُونَ}؛ رَوَى قَتادةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ واجبٌ عَلَيْهَا إِذا هَلَكَتْ أَن لَا تُرْجَعُ إِلى دُنْياها؛ وَقَالَ أَبو مُعاذٍ النَّحْوِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَها" وحَرمَ عَلَى قَرْيَةٍ أَي وَجَب عَلَيْهَا، قَالَ: وحُدِّثْت عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قرأَها: وحِرْمٌ على قَرْيَةٍ أَهلكناها "؛ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: عَزْمٌ عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها}؛ يَحْتَاجُ هَذَا إِلى تَبْيين فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيَّنْ، قَالَ: وَهُوَ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا قَالَ: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ، أَعْلَمنا أَنه قَدْ حَرَّمَ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ، فَالْمَعْنَى حَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل مِنْهُمْ عَمَلٌ، لأَنهم لَا يَرْجِعُونَ أَي لَا يَتُوبُونَ؛ وَرُوِيَ أَيضًا" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ: وحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها، قَالَ: واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنه لَا يَرْجِعُ مِنْهُمْ رَاجِعٌ "أَي لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ تَائِبٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ بإِسناده" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وحِرْمٌ "؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَي وَاجِبٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما تَأَوَّلَ الْكِسَائِيُّ وَحَرامٌفِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٍ، لِتَسْلَمَ لَهُ لَا مِنَ الزِّيَادَةِ فَيَصِيرَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ واجبٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم لَا يَرْجِعُونَ، وَمِنْ جَعَلَ حَرامًا بِمَعْنَى الْمَنْعِ جَعَلَ لَا زَائِدَةً تَقْدِيرُهُ وحَرامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهلكناها أَنهم يَرْجِعُونَ، وَتَأْوِيلُ الْكِسَائِيِّ هُوَ تأْويل ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَيُقَوِّي قَوْلَ الْكِسَائِيِّ إِن حَرام فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى وَاجِبٌ قولُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُمانَةَ المُحاربيّ جَاهِلِيٌّ:
فإِنَّ حَرامًا لَا أَرى الدَّهْرَ باكِيًا ***عَلَى شَجْوِهِ، إِلَّا بَكَيْتُ عَلَى عَمْرو
وَقَرَأَ أَهل الْمَدِينَةِ وَحَرامٌ "، قَالَ الْفَرَّاءُ: وحَرامٌ أَفشى فِي الْقِرَاءَةِ.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ.
وحَرامٌ: اسْمٌ.
وَفِي الْعَرَبِ بُطون يُنْسَبُونَ إِلى آلِ حَرامٍ بَطْنٌ من بني تميم وبَطْنٌ فِي جُذام وَبَطْنٌ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.
وحَرامٌ: مَوْلَى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رَجُلٌ مِنْ أَنجادهم؛ قَالَ الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها، ***وَقَدْ جَعَلَتْني مِنْ حَريمةَ إِصْبَعا
وحَرِمٌ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لَا حَيَّ بِهَا، ***بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: الْبَقَرُ، وَاحِدَتُهَا حَيْرَمة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر: " تَبَدَّلَ أُدْمًا مِنْ ظِباءٍ وحَيْرَما قَالَ الأَصمعي: لَمْ نَسْمَعْ الحَيْرَمَ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر، وَلَهُ نَظَائِرُ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا.
قَالَ ابْنُ جِنِّي: والقولُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَنَحْوِهَا وجوبُ قَبُولِهَا، وَذَلِكَ لِمَا ثبتتْ بِهِ الشَّهادةُ مِنْ فَصاحة ابْنِ أَحمر، فإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا أَخذه عَمَّنْ نَطَقَ بِلُغَةٍ قَدِيمَةٍ لَمْ يُشارَكْ فِي سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهُ، عَلَى حَدِّ مَا قُلْنَاهُ فِيمَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ، وَهُوَ فَصِيحٌ كَقَوْلِهِ فِي الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وإِما أَن يَكُونَ شَيْئًا ارْتَجَلَهُ ابْنُ أَحمر، فإِن الأَعرابي إِذا قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وَارْتَجَلَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ أَحد قَبْلَهُ، فَقَدْ حُكِيَ عَنْ رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كَانَا يَرْتَجِلان أَلفاظًا لَمْ يَسْمَعَاهَا وَلَا سُبِقا إِليها، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَبو عُثْمَانَ: مَا قِيس عَلَى كَلَامِ العَرَب فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
ابْنُ الأَعرابي: الحَيْرَمُ الْبَقَرُ، والحَوْرَمُ الْمَالُ الْكَثِيرُ مِنَ الصامِتِ وَالنَّاطِقِ.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تُنْسَبُ إِلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قَدْ يَكُونُ الحَرامَ، وَنَظِيرُهُ زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ حَريمُ بْنُ جُعْفِيّ جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَعْنِي قَوْلَهُ:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني، ***عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ شِعْرٍ.
والحرَيمةُ: مَا فَاتَ مِنْ كُلِّ مَطْموع فِيهِ.
وحَرَمَهُ الشَّيْءَ يَحْرِمُه حَرِمًا مِثْلُ سَرَقَه سَرِقًا، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وحِرْمَةً وحَريمةً وحِرْمانًا وأَحْرَمَهُ أَيضًا إِذا مَنَعَهُ إِياه؛ وَقَالَ يَصِفُ امْرَأَةً:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها ***لتَنْكِحَ فِي مَعْشَرٍ آخَرِينا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ شَاهِدًا عَلَى أَحْرَمَتْ بَيْتَيْنِ مُتَبَاعِدٌ أَحدهما مِنْ صَاحِبِهِ، وَهُمَا فِي قَصِيدَةٍ تُرْوَى لشَقِيق بْنِ السُّلَيْكِ، وَتُرْوَى لَابْنِ أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الْفَقِيهِ الْقَارِئِ، وَخَطَبَ امرأَة فَرَدَّتْهُ فَقَالَ:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَهَا ***لتَنكِح فِي معشرٍ آخَرينا
فإِن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي، ***فإِن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا، ***وأُقْسِمُ باللهِ لَا تَفْعَلِينا
فَإِمَّا نَكَحْتِ فَلَا بالرِّفاء، ***إِذا مَا نَكَحْتِ وَلَا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ فِي غُرْبة، ***تُجَنُّ الحَلِيلَة مِنْهُ جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ، ***وللمُحْصَناتِ ضَرُوبًا مُهِينا
إِذا مَا نُقِلْتِ إِلى دارِهِ ***أَعَدَّ لظهرِكِ سَوْطًا مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ فِي مارِدٍ، ***تَظَلُّ الحَمامُ عَلَيْهِ وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه، ***إِذا مَا دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ فِي شِدْقِه، ***إِذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طِينَا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ ***وَبَيْنَ ثَناياهُ غِسْلًا لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْنًا أَو قَصرًا مِمَّا تُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ حَتَّى يَمْلاسَّ فَلَا يَقْدِرُ أَحد عَلَى ارْتِقَائِهِ، والوُكُونُ: جَمْعُ واكِنٍ مِثْلُ جَالِسٍ وجُلوسٍ، وَهِيَ الجاثِمة، يُرِيدُ أَن الْحَمَامَ يَقِفُ عَلَيْهِ فَلَا يُذْعَرُ لِارْتِفَاعِهِ، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: الْمَضْرُوبُ بِالْمَاءِ، شبَّه مَا رَكِبَ أَسنانَه وأَنيابَه مِنَ الْخُضْرَةِ بالخِطميّ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ.
والحَرِمُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: الحِرْمانُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِنْ أَتاه خليلٌ يَوْمَ مَسْأَلةٍ ***يقولُ: لَا غائبٌ مَالِي وَلَا حَرِمُ
وإِنما رَفَعَ يقولُ، وَهُوَ جَوَابُ الْجَزَاءِ، عَلَى مَعْنَى التَّقْدِيمِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ كأَنه قَالَ: يَقُولُ إِن أَتاه خَلِيلٌ لَا غَائِبٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى إِضْمَارِ الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَرِمُ الْمَمْنُوعُ، وَقِيلَ: الحَرِمُ الحَرامُ.
يُقَالُ: حِرْمٌ وحَرِمٌ وحَرامٌ بِمَعْنًى.
والحَريمُ: الصَّدِيقُ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ حَريمٌ صَريح أَي صَديق خَالِصٌ.
قَالَ: وَقَالَ العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، ويمينُ اللَّهِ لَا أَفعلُ ذَلِكَ، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ.
قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا هُوَ بحارِم عَقْلٍ، وَمَا هُوَ بعادِمِ عَقْلٍ، مَعْنَاهُمَا أَن لَهُ عَقْلًا.
الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ" إِذا اجْتَمَعَتْ حُرْمتانِ طُرِحت الصُّغْرى للكُبْرى "؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: «يَقُولُ إِذا كَانَ أَمر فِيهِ مَنْفَعَةٌ لعامَّة النَّاسِ ومَضَرَّةٌ عَلَى خَاصٍّ مِنْهُمْ قُدِّمت مَنْفَعَةُ الْعَامَّةِ، مِثَالُ ذَلِكَ: نَهْرٌ يَجْرِي لشِرْب الْعَامَّةِ، وَفِي مَجْراه حائطٌ لِرَجُلٍ وحَمَّامٌ يَضُرُّ بِهِ هَذَا النَّهْرُ، فَلَا يُتْرَكُ إِجْرَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ هَذِهِ المَضَرَّة، هَذَا وَمَا أَشبهه، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ» عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ "؛ هُوَ أَن يَقُولَ حَرامُ اللَّهِ لَا أَفعلُ كَمَا يَقُولُ يمينُ اللهِ، وَهِيَ لُغَةُ العقيلِييّن، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ تَحْريمَ الزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ}؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنها: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ وحَرَّمَ فَجَعَلَ الحَرامَ حَلَالًا، تَعْنِي مَا كَانَ حَرّمهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نِسَائِهِ بالإِيلاء عَادَ فأَحَلَّهُ وَجَعَلَ فِي الْيَمِينِ الكفارةَ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: «أَنتِ عليَّ حَرامٌ»، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ حَرّمَ امرأَته فَلَيْسَ بشيءٍ، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ: إِذا حَرَّمَ الرَّجُلُ امرأَته فَهِيَ يمينٌ يُكَفِّرُها.
والإِحْرامُ والتَّحْريمُ بِمَعْنًى؛ قَالَ يَصِفُ بَعِيرًا:
لَهُ رِئَةٌ قَدْ أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ، ***فَمَا فِيهِ للفُقْرَى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ وَلَّاد وَغَيْرُهُ: لَهُ رَبَّة، وَقَوْلُهُ مَزْعَم أَي مَطْمع.
وَقَوْلُهُ تعالى: {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ المُحارِف.
أَبو عَمْرٍو: الحَرُومُ النَّاقَةُ المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ الَّتِي لَا تَرْغُو، والخَزُوم الْمُنْقَطِعَةُ فِي السَّيْرِ، والزَّحُوم الَّتِي تزاحِمُ عَلَى الْحَوْضِ.
والحَرامُ: المُحْرِمُ.
والحَرامُ: الشَّهْرُ الحَرامُ.
وحَرام: قَبِيلَةٌ مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَمَنْ يَكُ خَائِفًا لأَذاةِ شِعْرِي، ***فَقَدْ أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضًا: قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
15-لسان العرب (صغا)
صغا: صَغا إِلَيْهِ يَصْغَى ويَصْغُو صَغْوًا وصُغُوًّا وصَغًا: مَالَ، وَكَذَلِكَ صَغِيَ، بِالْكَسْرِ، يَصْغى صَغىً وصُغِيًّا.ابْنُ سِيدَهْ فِي مُعْتَلِّ الْيَاءِ: صَغَى صَغْيًا مالَ.
قَالَ شَمِرٌ: صَغَوْتُ وصَغَيْتُ وصَغِيتُ وأَكثرهُ صَغَيْت.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: صَغَيْت إِلَى الشَّيْءِ أَصْغَى صُغِيًّا إِذَا مِلت، وصَغَوْت أَصْغُو صُغُوًّا.
قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ}؛ أَي ولِتَمِيل.
وصَغْوه مَعَكَ وصِغْوه وصَغاهُ أَي مَيْلُه معَك.
وصَاغِيَةُ الرَّجُلِ: الَّذِينَ يميلونَ إِلَيْهِ ويأْتونه ويَطْلُبون مَا عِنْدَهُ ويَغْشَوْنَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَكرِموا فُلَانًا فِي صاغيَتِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراهُم إِنَّمَا أَنَّثُوا عَلَى مَعْنَى الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الصَّاغِيَة كلُّ مَنْ أَلمَّ بالرجلِ مِنْ أَهلهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْف: « كاتَبْتُ أُمَيَّة بنَ خَلَف أَن يَحْفَظَني فِي صاغِيَتي بمكة وأَحْفَظه فِي صاغِيَته بِالْمَدِينَةِ »؛ هُمْ خاصَّة الإِنسان وَالْمَائِلُونَ إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: « كَانَ إِذَا خَلَا مَعَ صَاغِيَته وزافِرتهِ انْبَسط »، والصَّغَا كِتَابَتُهُ بالأَلف.
وصَغَا الرجلُ إِذَا مَالَ عَلَى أَحدِ شِقَّيْه أَو انْحَنى فِي قَوْسِهِ، وصغَا عَلَى الْقَوْمِ صَغًا إِذَا كَانَ هَوَاهُ مَعَ غَيْرِهِمْ.
وَصَغَا إِلَيْهِ سمْعي يَصْغُو صُغُوًّا وصَغِيَ يَصْغى صَغًا: مَالَ.
وأَصْغَى إِلَيْهِ رأْسَه وسَمْعه: أَماله.
وأَصْغَيْتُ إِلَى فلانٍ إِذَا مِلْت بسَمْعك نحوَه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدًا عَلَى الإِصْغاء بالسمْع لِشَاعِرٍ:
تَرى السَّفِيه بِهِ عَنْ كُلِّ مَكرُمَةٍ ***زَيْغٌ، وَفِي إِلَى التَّشْبِيهِ إصغاءُ
وَقَالَ بعضُهم: صَغَوْت إِلَيْهِ برأْسي أَصْغَى صَغْوًا وصَغًا وأَصْغَيْتُ.
وأَصْغَتِ الناقةُ تُصْغِي إِذَا أَمالتْ رأْسَها إِلَى الرجلِ كأَنها تَسْتَمع شَيْئًا حِينَ يَشُدُّ عَلَيْهَا الرحْل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
تُصْغِي إِذَا شَدَّها بالكُورِ جانِحَةً، ***حَتَّى إِذَا مَا استَوى فِي غَرْزِها تَثِبُ
وأَصْغَى الإِناءَ: أَماله وحَرَفَه عَلَى جَنْبه ليَجَتمِع مَا فِيهِ، وأَصْغَاهُ: نقَصَه.
يُقَالُ: فُلَانٌ مُصْغىً إناؤُه إِذَا نُقِصَ حَقُّه.
وَيُقَالُ: أَصْغَى فُلان إناءَ فُلانٍ إِذَا أَماله ونقَصَه مِنْ حظِّه، وَكَذَلِكَ أَصْغَى حظَّه إِذَا نقَصَه؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ:
وإنَّ ابْنَ أُخْتِ القومِ مُصْغىً إناؤُه، ***إِذَا لَمْ يزاحِمْ خالَه بأَبٍ جَلْدِ
وَفِي حَدِيثِ الهرَّة: « كَانَ يُصْغِي لَهَا الإِناءَ »أَيْ يُميلُه ليَسْهُل عَلَيْهَا الشربُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « ينفخُ فِي الصُّور فَلَا يسمَعُه أَحدٌ إِلَّا أَصْغى لِيتًا »أَيْ أَمال صَفْحَة عُنقهِ إِلَيْهِ.
وَقَالُوا: الصَّبيُّ أَعلمُ بمُصْغَى خدِّه أَيْ هُوَ أَعْلَمُ إِلَى مَنْ يلجأُ أَوْ حيثُ يَنْفعُه.
والصَّغا: مَيَلٌ فِي الحَنَك فِي إِحْدَى الشَّفَتين، صَغا يَصْغُو صُغُوًّا وصَغِيَ يَصْغَى صَغًا، فَهُوَ أَصْغَى، والأُنْثى صَغْواءُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قِراعٌ تَكْلَحُ الرَّوْقاءُ مِنْهُ، ***ويعْتَدِلُ الصَّغا مِنْهُ سَوِيَّا
وقوله أنشده ثعلب:
لَمْ يَبْقَ إِلَّا كلُّ صَغْواءَ صَغْوَةٍ ***بصَحْراء تِيهٍ، بَيْنَ أَرْضَيْنِ مَجْهَلِ
لَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه يَعْنِي القَطاةَ.
والصَّغْوَاءُ: الَّتِي مالَ حَنَكُها وأَحدُ مِنْقارَيْها، فأَمّا صَغْوةٌ فَعَلَى الْمُبَالَغَةِ، كَمَا تَقُولُ لَيْلٌ لائِلٌ، وَإِنِ اختَلَف البِناءَانِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ صَغِيَّةً فخَفَّفَ فردَّ الواوَ لِعَدَمِ الْكَسْرَةِ، عَلَى أَن هَذَا البابَ الحكمُ فِيهِ أَن تَبْقَى الياءُ عَلَى حالِها لأَن الْكَسْرَةَ فِي الحرفِ الَّذِي قَبْلَها مَنْوِيَّةٌ.
وصَغَتِ الشمسُ والنجومُ تَصْغُو صُغُوًّا: مالَتْ للغُروبِ، وَيُقَالُ للشمسِ حِينَئِذٍ صَغْواءُ، وَقَدْ يتَقاربُ مَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ فِي أَكثرِ هَذَا الْبَابِ، قَالَ: ورأَيتُ الشمسَ صَغْوَاءَ؛ يريدُ حِينَ مالَتْ؛ وأَنشد: " صَغْواءَ قَدْ مالَتْ ولَمَّا تَفْعَلِ وَقَالَ الأَعْشَى:
تَرَى عينَها صَغْوَاءَ فِي جَنْبِ مُوقِها، ***تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّمَا
قَالَ الْفَرَّاءُ: ويقالُ للقَمَرِ إِذَا دَنا للغُروبِ صَغَا، وأَصْغَى إِذَا دَنَا.
وصِغْوُ المِغْرَفَةِ: جَوْفُها.
وصِغْوُ البئرِ: ناحِيَتُها.
وصِغْوُ الدَّلْوِ: مَا تَثَنَّى مِنْ جَوانِبِه؛ قَالَ ذُو الرمَّة:
فَجَاءَتْ بمُدٍّ نِصفُه الدِّمْنُ آجِنٌ، ***كَماء السَّلَى فِي صِغْوِها يَتَرَقْرَقُ
ابْنُ الأَعرابي: صِغْوُ المِقْدَحَةِ جَوْفُها.
وَيُقَالُ: هُوَ فِي صِغْوِ كفّهِ أَي فِي جَوْفِها.
والأَصَاغِي: بَلَدٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
لَهُنَّ بِمَا يَبْنَ الأَصَاغِي ومَنْصَحٍ ***تَعَاوٍ، كَمَا عَجَّ الحَجِيجُ المُلَبِّدُ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
16-صحاح العربية (حبر)
[حبر] الحِبْرُ: الذي يكتب به، وموضعه المِحْبَرَةُ بالكسر.والحبر أيضًا: الأثَر، والجمع حُبورٌ، عن يعقوب.
يقال: به حُبورٌ، أي آثارٌ.
وقد أَحْبَرَ به أي ترك به أثرا.
وأنشد:
لقد أشمتت بي أهل فَيْدٍ وغادرَتْ *** بجسميَ حِبْرًا بنتُ مَصَّانَ بادِيا - وفي الحديث: " يخرج رجلٌ من النار قد ذهب حِبْرُهُ وسِبْرُهُ "، قال الفراء: أي لونه وهيئته، من قولهم: جاءت الابل حسنة الاحبار والاسبار.
وقال الأصمعي هو الجمال والبَهاء وأثر النَعْمة.
يقال: فلانٌ حسن الحِبْرِ والسِبْرِ، إذا كان جميلًا حسَنَ الهيئة.
قال ابن أحمر: لبسنا حِبْرَهُ حتَّى اقْتُضِينا *** لآجالٍ وأعمالٍ قضينا - ويقال أيضا: فلان حسن الحبر والسبر، بالفتح.
وهذا كأنه مصدر قولك: حبرته حبرا، إذا حسنته.
والاول اسم.
وتحبير الخط والشعر وغيرهما: تحسينه.
قال الاصمعي: وكان يقال لطفيل الغنوى في الجاهلية محبرا، لانه كان يحسن الشعر.
والحبر أيضا: الحبور، وهو السرور.
يقال: حَبَرَهُ يَحْبُرُهُ بالضم حَبْرًا وحَبْرَةً.
وقال الله تعالى:
(فهم في رَوْضَةٍ يُحْبَرونَ) ***، أي يُنعّمون ويكرَّمون ويسرّون.
ورجل يَحْبورٌ: يَفْعولٌ من الحُبور.
والحِبْرُ والحَبْرُ: واحد أحبار اليهود.
وبالسكر أفصح، لانه يجمع على أفعال دون الفعول.
قال الفراء: هو حبر بالكسر، يقال ذلك للعالم وإنما قيل كعب الحبر لمكان هذا الحبر الذى يكتب به.
قال: وذلك أنه كان صاحب كتب.
قال الاصمعي: لا أدرى هو الحبر أو الحبر، للرجل العالم؟ وقال أبو عبيد: والذي عندي أنه الحَبْرُ بالفتح، ومعناه العالم بِتَحْبيرِ الكلام والعلم وتحسينه.
قال: وهكذا يرويه المحدثون كلهم بالفتح.
والحبار: الاثر.
قال الراجز: لا تملأ الدَلْوَ وعَرِّقْ فيها *** ألا ترى حبار من يسقيها - وقال حميد بن ثور الارقط: ولم يقلب أرضها البيطار *** ولا لحبلية بها حبار - قال يعقوب: الجمع الحَباراتُ.
والحَبيرُ: لُغام البيعر.
والحبير: الحساب.
وثوب حبير، أي جديد.
وأرضٌ مِحْبارٌ: سريعة النبات حسنته.
والحبرة: مثال العنبة: برد يمان، والجمع حِبَرٌ وحِبَراتٌ.
والحِبِرَةُ بكسر الحاء والباء: القَلَحُ في الأٍسنان، والجمع بطرح الهاء في القياس.
وأما اسم البلد فهو حبر مشددة الراء.
قال عبيد بن الابرص: فعردة فقفا حبر *** ليس بها منهم عريب - وقد حَبِرَتْ أسنانه تَحْبَرُ حَبَرًا، مثال تعبت تتعب تعبا، أي قَلِحَتْ.
وحَبِرَ الجُرح أيضًا حَبَرًا، أي نُكِسَ وغَفَرَ.
قال الكسائيّ: أي بَرأَ وبقيت له آثارٌ.
والحَبَرُ في قول العجّاج:
الحمدُ لله الذي أعطَى الحَبَرْ *** ويروى " الشبر "، من قولهم: حَبَرَني هذا الأمر حبرا، أي سرنى.
وقد حرك الباء فيهما وأصلها التسكين.
ومنه الحابور، هو مجلس الفساق.
والحبارى: طائر، يقع على الذكر والانثى، واحدها وجمعها سواء، وإن شئت قلت في الجمع حباريات.
وفى المثل: " كل أنثى تحب ولدها حتى الحبارى ".
وإنما خصوا الحبارى لانه يضرب بها المثل في الموق، فهى على موقها تحب ولدها وتعلمه الطيران.
وألفه ليست للتأنيث ولا للالحاق، وإنما بنى الاسم لها فصارت كأنها من نفس الكلمة، لا تنصرف في معرفة ولا في نكرة، أي لا ينون.
وحكى سيبويه: ما أصاب منه حبرا برا ولا تبر برا ولا حورورا، أي ما أصاب منه شيئا.
ويقال: ما في الذى تحدثنا به حبربر، أي شئ.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
17-تهذيب اللغة (صغا)
صغا: الليث: الصَّغا: مَيْلٌ في الْحَنَكِ أو إحدى الشَّفتين، ورجلٌ أصْغَى، وامرأة صَغْواءُ، وقد صَغِيَ يَصْغَى، وأنشد:قِرَاعٌ تَكْلَحُ الرَّوقاءُ منه *** ويعتدلُ الصَّغا منه سَوِيَّا
أبو عبيد عن الكسائي: صَغَوْتُ وصَغَيْتُ.
وقال شمر: صَغوتُ وصَغَيتُ وصَغِيتُ وأكثره صَغِيت.
وقال ابن السكيت: صَغَيْتُ إلى الشيء أصغى صُغِيًّا إذا مِلْتَ، وصغوتُ أصغو صُغُوًّا.
قال: وقال الله: {وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ} [الأنعام: 113]، أي: ولِتَمِيلَ، وأصْغَيْتُ الإناء: إذا أمَلْتُهُ، وأنشد:
فإنَّ ابنَ أُخْتِ القومِ مُصَغًى إناؤُهُ *** إذا لم يُمارس خالَهُ بأَبٍ جَلْدِ
ويقال: فلانٌ يُكْرِمُ فلانًا في صاغِيَتِهِ، وهم الذين يميلُون إليه ويَغْشَوْنَهُ.
قال: والصَّغا: كتابتهُ بالألِفِ، وأصغى رأْسَهُ، ورأيت الشَّمس صَغْواء، يريد حين مالت، وأنشد:
صَغْواءُ قد مالت ولما تفعلِ
وقال الأعشى يصف ناقةً:
ترى عينَها صَغْواءَ في جَنْبِ مُوقِهَا *** تُراقِبُ كَفِّي والقطيع المُحرَّما
وقال الليث: صَغا إلى كذا يصغا: إذا مال، وأصغيتُ إليه سَمْعي، والإصغاءُ: الاستماع، وصَغَتِ النُّجوم: إذا مالت للغروب.
وقال الأصمعي: صَغَا يَصْغُو صَغْوًا وصغًا.
وسمع أبو نصر: صَغِيَ يَصْغَى: إذا مال، وأصْغَى إليه رأسهُ وسمعهُ: أماله إليه، ويقال للناقة: قد أصْغَتْ تُصْغِي، وذلك إذا أمالت رأسها إلى الرَّجل كأنها تستمع شيئًا حين يَشُدُّ عليها الرحْلَ.
قال ذو الرُّمة يصف ناقته:
تُصْغِي إذا شدَّها بالكَوْرِ جانِحةً *** حتى إذا ما استوى في غَرْزِها تَثِبُ
ويقال: صِغْوُ فلانٍ مع فلانٍ، أي: ميله معه.
وأما أبو زيد فيقول: صَغْوُه وصَغاهُ وصِغْوُهُ معه، ويقال: أصْغَى فلانٌ إناءَ فلان: إذا أماله ونقصه من حظِّه، وكذلك أصْغَى حظَّه: إذا نقصه، وصِغْوُ المِغْرَفَةِ: جوفُها، وصِغْوُ البئر: ناحيتها، وصِغْوُ الدَّلو ما تثنَّى من جوانبها.
قال ذو الرُّمة:
فجاءت بِمُدٍّ نصفهُ الدِّمْنُ آجن *** كَماءِ السَّلَى في صِغْوِها يترقرقُ
وقال ابن الأعرابي:
يُعطين من فضل الإله الأسْبَغِ *** آذِيَّ دُفّاعٍ كَسَيْلِ الأصْيَغِ
قال: الأصيغُ: الماء العام الكثير.
وقال غيره: الأصْيَغُ: واد، ويقال: نهرٌ.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م