نتائج البحث عن (نَهْرُهَا)
1-معجم متن اللغة (سعيد المزرعة)
سعيد المزرعة: نهرها الذي يسقيهامعجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
2-المعجم الاشتقاقي المؤصل (سعد)
(سعد): {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 108].الساعد: مَجْرَى المخ في العظام، والعِرْقُ الذي يؤدي الدِرّة إلى ثدي المرأة وضَرْع الناقة، ومَجْرَى الماء إلى الوادي والنهر والبحر. وسواعد البئر: مخارجُ مائها ومَجاري عيونها. وسَعيد المزرعة: نهْرُها (الصغير) الذي يسقيها/ إذا كان مفردًا لها. والسَعْدان - بالفتح: نبت.. من أطيب مراعي الإبل ما دام رطبًا، وألبان الإبل تحلُو إذا رعته لأنه ما دام رطبًا حُلْوٌ يتمصصه الإنسان رَطبًا ويأكله.
° المعنى المحوري
جريان مادة القوة والتغذية في أثناء الشيء طيّبةً مَحُوزةٌ فيه فتمده بقوته وقوامه: كمجاري المخ واللبن والماء إلى العظام والثدي والوادي المذكورات. والسَعْدان (النبت) يحتوي ويجمع ذلك الحلو الغاذي.
ومن الإمداد بالقوة والقِوام: "السعيدة: لَبِنة القميص (= بطانة فتحته وهي تمسك الفتحة حتى لا تتمزق)، والساعدَة خشبة تُنْصَب لتمسك البَكَرة، والساعد: ما بين الزَنْدين (الكوع والكرسوع) من ناحية والمرفق من الناحية الأخرى (يمكّن من الحَوْز وضَمّ الشيء) ومن هذا أيضًا: المساعدة: التقوية والإعانة (لأنها شد أزر ودعم). وكذلك "ساعدُ القوم: رئيسهم "، فهو من حوز أمرهم وإمساكه كما في (الملك).
أما "السَعْدانة: العُقْدة في أسفل كِفّة الميزان، وعُقدة الشِسْع (= السير الجلديّ الذي يمسك النعل إلى القدم) مما يلي الأرض "، فهي: إما من الإمساك
والدعم، وإما من التشبيه بهيئة نبات السَعْدان الموصوف.
و"السعادة " (ضد الشقاوة هي من احتواء الرَطْب الذي هو مادة التغذية والقوة في الباطن، فذلك رمز التنعم والرفاهية {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] وكذلك السعد: ضد النحس، وهو من تجمع الرقة والخير وتيسرهما وامتدادهما (انظر: نحس). وليس في القرآن من التركيب إلا ما ذكرناه.
المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
3-معجم البلدان (تل أعفر)
تَلُّ أَعْفَرَ:بالفاء هكذا تقول عامة الناس، وأما خواصهم فيقولون تلّ يعفر، وقيل إنما أصله التلّ الأعفر للونه فغيّر بكثرة الاستعمال وطلب الخفة:
وهو اسم قلعة وربض بين سنجار والموصل في وسط واد فيه نهر جار، وهي على جبل منفرد حصينة محكمة، وفي ماء نهرها عذوبة، وهو وبيء رديء، وبها نخل كثير يجلب رطبه إلى الموصل وينسب إليها شاعر عصري مجيد مدح الملك الأشرف موسى ابن أبي بكر. وتل أعفر أيضا: بليدة قرب حصن مسلمة بن عبد الملك بين حصن مسلمة والرقة من نواحي الجزيرة، وكان فيها بساتين وكروم، هكذا وجدته في رسالة السرخسي.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
4-معجم البلدان (جلق)
جِلِّقُ:بكسرتين وتشديد اللام وقاف كذا ضبطه الأزهري والجوهري، وهي لفظة أعجمية، ومن عرّبها قال: هو من جلّق رأسه إذا حلقه: وهو اسم لكورة الغوطة كلها، وقيل بل هي دمشق نفسها، وقيل جلّق موضع بقرية من قرى دمشق، وقيل صورة امرأة يجري الماء من فيها في قرية من قرى دمشق، قاله نصر قال حسان بن ثابت الأنصاري:
«لله درّ عصابة نادمتهم *** يوما بجلّق في الزمان الأوّل»
وقال حسان بن نمير المعروف بعرقلة الدمشقي يذكرها ويصف كثيرا من نواحيها من قصيدة وازن بها قصيدة أبي نواس فقال:
أجارة بيتينا أبوك غيور
مدح بها صلاح الدين يوسف بن أيوب وقصده بها إلى مصر كما فعل أبو نواس في قصيدة الخصيب حيث قال:
«عسى من ديار الظاعنين بشير، *** ومن جور أيام الفراق مجير»
«لقد عيل صبري بعدهم، وتكاثرت *** همومي ولكنّ المحبّ صبور»
«وكم بين أكناف الثغور متيّم *** كثيب، غزته أعين وثغور»
«وكم ليلة بالماطرون قطعتها، *** ويوم إلى الميطور، وهو مطير»
«سقى الله من سطرا ومقرا منازلا، *** بها للندامى نضرة وسرور»
«ولا زال ظلّ النّير بين، فإنه *** طويل ويوم المرء فيه قصير»
«ويا بردى! لا زال ماؤك باردا، *** وماء الحيا من ساحتيك نمير»
«أبى العيش إلا بين أكناف جلّق، *** وقد لاح فيها أشمس وبدور»
«وكم بحمى جيرون سرب جآذر *** حبائلهنّ المال، وهو نفور»
«ولكن سأحويه، إذا سرت قاصدا *** إلى بلد فيه الصلاح أمير»
وقال بعض الشعراء وجعلها مثلا في كثرة المياه والخير وغناها عن الأمطار:
«الرّزق كالوسميّ ربّتما غدا *** روض القطا، وسقى حدائق جلّق»
«فإذا سمعت بحوّل متأدّب *** متألّه، فهو الذي لم يرزق»
«والرزق يخطي باب عاقل قومه، *** ويبيت بوّابا لباب الأحمق»
وجلّق أيضا: ناحية بالأندلس بسرقسطة يسقي نهرها عشرين ميلا من باب سرقسطة، وليس بالأندلس أعذب من مائه، وهو يجري نحو المشرق، ويزعمون أن الماء إذا جرى مشرقا كان أعذب وأصحّ من الذي يجري نحو المغرب، وكان بنو أمية لما تملكوا الأندلس بعد انتقالهم من الشام أيام هربهم من بني العباس سموا عدة مواضع بالأندلس بأسماء مدن الشام، فسموا إشبيلية حمص وسموا موضعا آخر الرّصافة وموضعا آخر تدمر، ثم تلاعبت بها ألسنة أهل الأندلس فقالوا تدمير وسموا هذا الموضع جلق وقال الأديب أبو زيد عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني:
«دعوت، فأسمعت بالمرهفا *** ت صمّ الأعادي وصمّ الصفا»
«وشمت سيوفك في جلّق، *** فشامت خراسان منك الحيا»
قال ابن بسام الأندلسي بعد إيراده هذا البيت: جلق واد في شرقي الأندلس.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
5-معجم البلدان (جيرنج)
جِيرَنج:بالكسر، وبعد الراء المفتوحة نون ساكنة، وجيم: بليدة من نواحي مرو على نهرها ذات جانبين، وعلى نهرها قنطرة عظيمة عليها بعض أسواقها، ورأيتها في سنة 616 قبل ورود التتر، وهي أعمر شيء وأنبله، فيها الدور العالية والمنازل النفيسة والأسواق الكبيرة العامرة والأهل المزدحمون، بينها وبين مرو عشرة فراسخ في طريق هراة ومرو الروذ وبنج ده، ينسب إليها جماعة وافرة من العلماء، منهم: أبو بكر أحمد بن محمد الجيرنجي، حدث ببغداد عن عبد الله ابن علي الكرماني، روى عنه أبو الحسن بن البوّاب.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
6-معجم البلدان (حماة)
حَماةُ:بالفتح، بلفظ حماة المرأة، وهي أمّ زوجها لا لغة فيه غير هذه، وكلّ شيء من قبل الزوج نحو الأب والأخ فهم الأحماء، واحدهم حما، وفيه أربع لغات: حما مثل قفا، وحمو مثل أبو، وحمء، ساكنة الميم بعدها همزة، وحم، بغير همزة. وحماة أيضا: عصبة الساق. وحماة: مدينة كبيرة عظيمة كثيرة الخيرات رخيصة الأسعار واسعة الرّقعة حفلة الأسواق، يحيط بها سور محكم، وبظاهر السور حاضر كبير جدّا، فيه أسواق كثيرة وجامع مفرد مشرف على نهرها المعروف بالعاصي، عليه عدة نواعير تستقي الماء من العاصي فتسقي بساتينها وتصبّ إلى بركة جامعها، ويقال لهذا الحاضر السوق الأسفل لأنه منحط عن المدينة، ويسمون المسوّر السوق الأعلى، وفي طرف المدينة قلعة عظيمة عجيبة في حصنها وإتقان عمارتها وحفر خندقها نحو مائة ذراع وأكثر للملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وهي مدينة قديمة جاهلية، ذكرها امرؤ القيس في شعره فقال:
«تقطّع أسباب اللّبانة والهوى، *** عشيّة جاوزنا حماة وشيزرا»
«بسير يضجّ العود منه، يمنّه *** أخو الجهد، لا يلوي على من تعذّرا»
إلا أنها لم تكن قديما مثل ما هي اليوم من العظم بسلطان مفرد بل كانت من عمل حمص، قال أحمد ابن الطيب فيما ذكره من البقاع التي شاهدها في مسيره من بغداد مع المعتضد إلى الطواحين فقال بعد ذكره حمص: وحماة قرية عليها سور حجارة وفيها بناء بالحجارة واسع والعاصي يجري أمامها ويسقي بساتينها ويدير نواعيرها، وكان قوله هذا في سنة 271 فسماها قرية، وقال المنجمون: طول حماة اثنتان وستون درجة وثلثان، وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلثان وربع، وقال أحمد بن يحيى بن جابر: ولما افتتح أبو عبيدة حمص وفرغ في سنة 17 خلّف بها عبادة بن الصامت ومضى نحو حماة فتلقاه أهلها مذعنين فصالحهم على الجزية في رؤوسهم والخراج على أرضهم ومضى إلى شيزر، فكان حالها حال حماة، وقال عبد الرحمن بن المستخف يهجو الملك المنصور محمد بن تقي الدين صاحب حماة:
«ما كان يصلح أن يكون محمد *** بسوى حماة، لقلّة في دينه»
«قد أشبهت منه الصفات: فهرّها *** من جنسه، وقرونها كقرونه»
قرون حماة: قلّتان متقابلتان، جبل يشرف عليها ونهرها العاصي، وبين كلّ واحد من حماة وحمص والمعرّة وسلمية وبين صاحبه يوم، وبينها وبين شيزر نصف يوم، وبينها وبين دمشق خمسة أيام للقوافل، وبينها وبين حلب أربعة أيام، وقد نسب إليها جماعة من العلماء، منهم: قاضي القضاة ببغداد أبو بكر محمد بن المظفّر بن بكران بن
عبد الصمد بن سلمان الحموي المعروف بالشامي، وكان من صالحي القضاة، تفقّه على القاضي أبي الطيب الطبري، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، روى عن أبي القاسم بن بشران وأبي طالب بن غيلان وغيرهما، روى عنه عبد الواحد بن المبارك وغيره، ومولده بحماة سنة 400، ومات ببغداد في شعبان سنة 488.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
7-معجم البلدان (سجلماسة)
سِجِلْماسَةُ:بكسر أوّله وثانيه، وسكون اللام، وبعد الألف سين مهملة: مدينة في جنوبي المغرب في طرف بلاد السودان، بينها وبين فاس عشرة أيّام تلقاء الجنوب، وهي في منقطع جبل درن، وهي في وسط رمال كرمال زرود ويتصل بها من شماليها جدد من الأرض، يمر بها نهر كبير يخاض قد غرسوا عليه بساتين ونخيلا مدّ البصر، وعلى أربعة فراسخ منها رستاق يقال له تيومتين على نهرها الجاري فيه من الأعناب الشديدة الحلاوة ما لا يحد وفيه ستة عشر صنفا من التمر ما بين عجوة ودقل، وأكثر أقوات أهل سجلماسة من التمر وغلتهم قليلة، ولنسائهم يد صناع في غزل الصوف، فهن يعملن منه كلّ حسن عجيب بديع من الأزر تفوق القصب الذي بمصر يبلغ ثمن الإزار خمسة وثلاثين دينارا وأكثر كأرفع ما يكون من القصب الذي بمصر، ويعملون منه غفارات يبلغ ثمنها مثل ذلك ويصبغونها بأنواع الأصباغ، وبين سجلماسة ودرعة أربعة أيام، وأهل هذه المدينة من أغنى الناس وأكثرهم مالا لأنّها على طريق من يريد غانة التي هي معدن الذهب، ولأهلها جرأة على دخولها.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
8-معجم البلدان (السوس)
السُّوسُ:بضم أوّله، وسكون ثانيه، وسين مهملة أخرى، بلفظ السوس الذي يقع في الصوف: بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيّ، عليه السلام، قال حمزة: السوس تعريب الشوش، بنقط الشين، ومعناه الحسن والنزه والطيب واللطيف، بأيّ هذه الصفات وسمتها به جاز، قال بطليموس: مدينة السوس طولها أربع وثلاثون درجة، وطالعها القلب، بيت حياتها أوّل درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قلت: لا أدري أيّ سوس هي، وقال ابن المقفّع: أوّل سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وتستر ولا يدرى من بنى
سور السوس وتستر والأبلّة، وقال ابن الكلبي:
السوس بن سام بن نوح، عليه السلام، وقرأت في بعض كتبهم أن أوّل من بنى كور السوس وحفر نهرها أردشير بن بهمن القديم بن إسفنديار بن كشتاسف.
والسوس أيضا: بلد بالمغرب كانت الروم تسميها قمونية، وقيل: السوس بالمغرب كورة مدينتها طنجة، وهناك السوس الأقصى: كورة أخرى مدينتها طرقلة، ومن السوس الأدنى إلى السوس الأقصى مسيرة شهرين وبعده بحر الرمل وليس وراء ذلك شيء يعرف. والسوس أيضا: بلدة بما وراء النهر، وبالمغرب السوس أيضا، تذكر بعد هذا، وقال ابن طاهر المقدسي: السوس هو الأدنى ولا يقال له سوس، وفتحت الأهواز في أيّام عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، على يد أبي موسى الأشعري وكان آخر ما فتح منها السوس فوجد بها موضعا فيه جثة دانيال النبيّ، عليه السلام، فأخبر بذلك عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، فسأل المسلمين عن ذلك فأخبروه أن بخت نصّر نقله إليها لما فتح بيت المقدس وأنّه مات هناك فكان أهل تلك البلاد يستسقون بجثته إذا قحطوا، فأمر عمر، رضي الله عنه، بدفنه فسكر نهرا ثمّ حفر تحته ودفنه فيه وأجرى الماء عليه فلا يدرى أين قبره إلى الآن، وقال ابن طاهر المقدسي: السوس بلدة من بلاد خوزستان، خرج منها جماعة من المحدثين، منهم:
أبو العلاء عليّ بن عبد الرحمن الخراز السوسي اللغوي، سمع أبا عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي، روى عنه أبو نصر السجزي الحافظ، وأحمد بن يحيى السوسي، سمع الأسود بن عامر، وروى عنه أبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن عبد الله بن غيلان الخراز يعرف بالسوسي، سمع سوّار بن عبد الله، روى عنه الدارقطني، ومحمد بن إسحاق بن عبد الرحيم أبو بكر السوسي، روى عن الحسين بن إسحاق الدقيقي وأبي سيار أحمد بن حمّوية التستري وعبد الله بن محمد بن نصر الرملي، روى عنه الدارقطني وابن رزقويه وغيرهما.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
9-معجم البلدان (شلون)
شَلونُ:بفتح أوله ويضم، وسكون الواو، وآخره نون: ناحية بالأندلس من نواحي سرقسطة، نهرها يسقي أربعين ميلا طولا، ينسب إليها إبراهيم بن خلف ابن معاوية العبدري المقري الشلوني يكنى أبا إسحاق من جملة أصحاب أبي عمرو المقري وشيوخهم، كان حسن الحفظ والضبط.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
10-معجم البلدان (عين محلم)
عَيْنُ مُحَلِّمٍ:بضم أوله، وفتح ثانيه، وكسر اللام المشددة ثم ميم، يجوز أن يكون من الحلم وهو مفعّل أي يعلّم الحلم غيره، ويجوز أن يكون من حلّمت البعير إذا نزعت عنه الحلم، والمحلّم:
الذي يفعل ذلك، وهو اسم رجل نسبت العين إليه في رأي الأزهري، قال الكلبي: محلّم بن عبد الله زوج هجر بنت المكفّف من الجرامقة، وقال صاحب العين: محلّم نهر بالبحرين، وقال أبو منصور: محلّم عين فوّارة بالبحرين وما رأيت عينا أكثر ماء منها، وماؤها حارّ في منبعها فإذا برد فهو ماء عذب، ولهذه العين إذا جرت في نهرها خلج كثيرة تتخلّج منها تسقي نخيل جواثاء وعسلّج وقريّات من قرى هجر.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
11-تاج العروس (سعد)
[سعد]: سَعَدَ يَومُنا، كنَفَع يَسْعَد سَعْدًا، بفتح فسكون، وسُعُودًا كقُعُودٍ: يَمِنَ ويَمَن وَيَمُنَ مُثَلَّثةً، يقال: يومٌ سَعْدٌ، ويومٌ نَحْسٌ.والسَّعْدُ: موضع قُرْبَ المدينةِ على ثلاثة أَميال منها، كانت غَزْوَة ذاتِ الرِّقاع قريبةً منه، والسَّعْد: جَبَلٌ بالحِجَاز، بينه وبين الكَديد ثلاثون مِيلًا، عنده قَصْرٌ، ومنازِلُ، وسُوقٌ، وماءٌ عذْبٌ، على جادَّة طريقٍ كان يُسْلَكُ من فَيْدٍ إِلى المَدينة.
والسَّعْد: د، يُعْمَل فيه الدُّرُوعُ، فيقال: الدُّروعُ السَّعْدِيَّة، نِسْبَة إِليه وقيل السَّعْد: قَبِيلةٌ نُسِبَت إِليها الدُّروعُ.
والسَّعْد ثُلُثُ اللَّبِنَةِ، لَبِنَةِ القَمِيصِ والسُّعَيْد كَزُبَيْر: رُبْعُها؛ أَي تِلك اللَّبِنَة. نقله الصاغانيُّ.
واستَسْعَدَ بِهِ: عَدَّهُ سَعِيدًا وفي نُسخة: سَعْدًا.
والسَّعادةُ: خِلافُ الشَّقاوةِ، والسُّعُودة خِلافُ النُّحُوسة، وقد سعِدَ كعَلِم وعُنِي سَعْدًا وسَعَادَة فهو سَعِيدٌ، نقيضُ شَقِيِّ، مثل سَلِمَ فهو سَلِيم وسُعِد بالضّمّ سَعَادة، فهو مَسْعُودٌ والجمع سُعَداءُ والأُنثَى بالهاءِ.
قال الأَزهريُّ: وجائزٌ أَن يكون سَعِيدٌ بمعنَى مَسعودٍ، من سَعَدَه اللهُ، ويجوز أَن يكونَ من سَعِد يَسْعَد، فهو سَعِيدٌ.
وقد سَعَده اللهُ، وأَسْعَده الله، فهو مَسْعُود وسَعِدَ جَدُّه، وأَسْعَده: أَنْمَاه. والجَمْعُ مَسَاعِيدُ ولا يقال مُسْعَدٌ كمُكْرَم، مُجَارَاةً لأَسْعَدَ الرُّبَاعِيّ، بل يُقْتَصَر على مَسْعود، اكتفاءً به عن مُسعْدَ، كما قالوا: مَحبوبٌ ومَحْمُوم، ومَجْنُون، ونحوها من أَفعلَ رُبَاعِيًا.
قال شيخنا: وهذا الاستعمالُ مشهور، عَقَدَ له جماعةٌ من الأَقدمين بابًا يَخُصُّه، وقالوا: «باب أَفْعَلْته فهو مَفْعُول».
وساقَ منه في «الغريب المصنَّف» أَلفاظًا كثيرة، منها: أَحَبَّه فهو مَحْبُوب وغير ذلك، وذلك لأَنّهُم يقولون في هذا كُلِّه قد فُعِل، بغير أَلف، فبُنِي مفعولٌ على هذا، وإِلا فلا وَجْهَ له.
وأَشار إِليه ابنُ القَطَّاع في الأَبنية، ويَعقُوبُ، وابن قُتيبةَ، وغيرُ واحدٍ من الأَئِمَّة.
والإِسعادُ، والمساعدَةُ: المُعاونة. وساعَدَه مُساعدةً وسِعادًا وأَسْعَده: أَعَانه، ورُوِيَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أَنه كان يقول في افتتاح الصلاة: لَبَيْكَ وسَعْدَيْكَ والخَيْرُ بَيْنَ يَدَيْكَ والشَّرُّ ليس إِليك».
قال الأَزهريُّ: وهو خَبَرٌ صَحِيح، وحاجَةُ أَهْلِ العِلْم إِلى [معرفة] تفسيره ماسَّةٌ.
فأَمّا لَبَّيْكَ فهو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكان، وأَلَبَّ؛ أَي أَقامَ به، لَباًّ وإِلْبابًا، كأَنَّه يقول: أَنا مُقِيمٌ على طاعتِكَ إِقامةً بَعْدَ إِقامةٍ، ومُجِيبٌ لك إِجابةً بَعْدَ إِجابَة.
وحُكِيَ عن ابن السِّكِّيت في قوله لَبَّيْك وسَعْدَيْك: تأْويلُه إِلبابًا لك بعد إِلبابٍ؛ أَي لُزُومًا لِطاعتك بعد لزوم، وإِسعادًا بعد إسعاد وقال أَحمد بن يحيى: سَعْدَيْك؛ أَي مُساعدةً لك، ثم مُساعدة، وإسعادًا لأَمْرك بعد إسعاد. وقال ابن الأَثير أَي ساعَدْتُ طاعتَك مُسَاعدةً بعْدَ مساعدة وإسعادًا بعد إِسعاد، ولهذا ثُنِّيَ، وهو من المَصادر المنصوبة بفِعْلٍ لا يَظْهَر في الاستعمال. قال الجَرْمِيّ: ولم يُسْمَع سَعْدَيْك مفردًا. قال الفرّاءُ: لا واحدَ لِلَبَّيْك وسَعْدَيك على صِحَّة.
قال الفرّاءُ: وأَصلُ الإِسْعَادِ والمُساعدِة، مُتابعةُ العَبْدِ أَمْرَ ربِّه ورِضَاه. قال سيبويه: كلامُ العربِ على المساعدة والإِسعاد، غير أَنَّ هذا الحرْفَ جاءَ مُثَنًّى على سَعْدَيْك، ولا فِعْلَ له على سَعد.
قال الأَزْهَرِيُّ: وقد قُرِئَ قولُه تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} وهذا لا يكون إِلَّا مِن: سَعَدَه اللهُ، وأَسْعَدَه، أَي أَعانَه وَوَفَّقَه، لا مِن أَسْعَدَه اللهُ.
وقال أَبو طالب النّحويّ: معنَى قوله لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ؛ أَي أَسْعَدَني اللهُ إسعادًا بعدَ إِسعادٍ.
قال الأَزهريّ: والقول ما قاله ابنُ السِّكِّيت، وأَبو العباس، لأَن العَبْدَ يُخَاطِبُ رَبَّه، ويَذْكُرُ طاعَتَهُ. [له] ولُزُومَه أَمْرَه، فيقول: سَعْدَيْكَ، كما يقول: لَبَّيْكَ؛ أَي مُساعَدةً لأَمْرِك بعد مُساعدة. وإِذا قيل: أَسعَدَ اللهُ العَبْدَ، وسَعَدَه، فمعناه: وَفَّقَه الله لما يُرْضِيه عنه، فيَسْعَدُ بذلِك سَعادةً. كذا في اللِّسَان.
والسُّعُد، والسُّعُود، الأَخيرةُ أَشهر وأَقْيَس، كلاهما: سُعُودُ النُّجُومِ: وهي الكواكب التي يُقال لكلّ واحد منها: سَعْدُ كذا، وهي عَشَرَة أَنجمٍ، كلّ واحد منها سَعْدٌ: سَعْدُ بُلَعَ.
قال ابن كُنَاسة: سَعْدُ بُلَعَ: نَجمانِ مُعْتَرِضانِ خَفِيَّانِ.
قال أَبو يَحيى: وزَعَمَت العربُ أَنَّه طَلَعَ حِينَ قال الله تعالى {يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ} ويقال: إِنما سُمِّيَ بُلَعًا لأَنه كان لِقُرْب صاحِبِه منه يكاد أَن يَبْلَعَهُ.
وسَعْدُ الأَخْبيَة: ثَلاثةُ كَواكبَ على غيرِ طَرِيقِ السُّعود، مائلةٌ عنها، وفيها اختلافٌ، وليست بِخَفِيَّة غامِضَةٍ، ولا مُضِيئة مُنِيرَة، سُمِّيَتْ بذلك لأَنها إِذا طَلَعَتْ خَرَجَتْ حَشراتُ الأَرْضِ وهَوَامُّها من جِحَرتهَا، جُعِلَت جِحَرَاتُهَا لها كالأَخْبِيَة. وقيل: سَعْدُ الأَخْبِيَةِ: ثلاثةُ أَنْجُمٍ، كأَنَّهَا أَثافِيُّ ورابعٌ تحْتَ واحد منهن.
وسَعْدُ الذَّابحِ، قال ابن كُنَاسَةَ: هو كوكبان مُتَقَاربانِ، سُمِّيَ أَحدُهما ذابِحًا لأَن معه كَوْكَبًا صغيرًا غامِضًا، يكاد يَلْزَقُ به فكأَنَّه مُكِبٌّ عليه يَذْبَحُه، والذَّابحُ أَنْوَرُ منه قليلا.
وسَعْدُ السُّعودِ: كوْكَبانِ، وهو أَحْمَدُ السُّعُودِ، ولذلك أُضِيف إِليها، وهو يُشْبِه سَعْدَ الذَّابحِ في مَطْلَعه. وقال الجوهريّ: هو كوكب نَيِّرٌ منفرد.
وهذه الأَربعةُ منها من مَنَازِلِ القمرِ يَنْزِل بها، وهي في بُرْجَيِ الجَدْيِ والدَّلْو.
ومن النُّجُوم: سَعْدُ ناشِرةَ، وسَعْدُ المَلِكِ، وسَعْدُ البِهَامِ، وسَعْدُ الهُمَامِ، وسَعْدُ البارِعِ، وسَعْدُ مَطَرٍ. وهذه السِّتَّةُ ليستْ من المنازل، كُلُّ سَعْدٍ منها كَوْكَبَانِ، بينهما في المَنْظَرِ نَحْوُ ذِرَاعٍ وهي مُتَناسِقةٌ.
وفي الصّحاح: في العَرب سُعُودٌ، قبائِلٌ، كَثِيرَةٌ، منها: سَعْدُ تَمِيمٍ، وسَعْدُ قَيْس، وسَعْدُ هُذَيْلٍ، وسَعْدُ بَكْرٍ، وأَنشد بيت طَرَفة:
رَأَيْتُ سُعُودًا مِن شُعُوبٍ كَثِيرةٍ *** فلم تَر عَيْنِي مِثْلَ سَعْدِ بن مالِكِ
قال ابن بَرِّيّ: يقول: لم أَرَ فيمن سُمِّيَ سَعْدًا أَكرمَ من سَعْدِ بنِ مالِكِ بن ضُبَيْعة بن قَيْس بن ثَعْلَبَةَ بن عُكابَةَ، وغيرُ ذلك، مثل: سَعْدِ بن قَيْسِ عَيْلَانَ، وسَعْدِ بن ذُبْيَانَ بن بَغِيض، وسَعْدِ بن عَدِيِّ بنِ فَزَارةَ، وسَعْدِ بن بكْر بن هَوازِنَ، وهم الّذِين أَرْضَعُوا النّبيَّ، صلى الله عليه وسلم. وسَعْد بن مالك بن زيد مناةَ وفي بني أَسَدٍ سَعْدُ بن ثَعْلَبَةَ بن دُودانَ، وسعْدُ بن الوارثِ بن سَعْد بن مالك بن ثَعْلَبَةَ بن دُودان.
قال ثابتٌ: كان بنو سعْد بن مالك لا يُرَى مِثْلهم في بِرِّهِم ووَفائهم.
وفي قيسِ عَيْلانَ سعْدُ بن بكْر، وفي قضاعَةَ سَعْدُ هُذَيْمٍ، ومنها سَعْدُ العَشِيرةِ وهو أَبو أَكثرِ قَبَائلِ مَذْحِج.
ولمَّا تَحَوَّلَ الأَضبَطُ بن قُرَيْعٍ السَّعْدِيّ من، وفي نسخة: عن قَوْمِهِ وانتقلَ في القبائِلِ، فلَمَّا لم يُحْمِدْهُمْ رَجَعَ إِلى قَوْمه وقال: «بِكلِّ وادٍ بَنو سَعْدٍ» فذَهَبَ مَثَلًا. يعني سَعْدَ بنَ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيم، وأَما سَعْدُ بَكْرٍ فهم أَظآرُ سيِّدنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
وبنو أَسْعَدَ: بَطْنٌ من العرب وهو تَذكيرُ سُعْدَى، وأَنكرَه ابن جِنُي وقال: لو كان كذلك حَرِيَ أَن يَجِئَ به سَمَاعٌ، ولم نَسمَعْهم قَطّ وَصَفوا بِسُعْدى، وإِنما هذا تَلاقٍ وَقَعَ بين هذَيْنِ الحَرْفين المُتَّفِقَيِ اللَّفْظِ، كما يَقَع هذانِ المِثالانِ في المُخْتَلِفَة نحو أَسْلَمَ وبُشْرَى.
وفي الصحاح: وفي المثلِ قولهمٌ: أَسَعْدٌ أَم سعيدٌ»، كأمِير هكذا هو مضبوط عندنا. وفي سائر الأُمهات اللغَوية: كزُبَيْرِ، وهو الصواب، إِذا سُئِلَ عن الشَّيْءِ أَي هو مما يُحَبُّ أَو يُكْرَهُ.
وفي خُطْبَة الحَجَّاجِ: «انْج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْدٌ» هذا مَثَلٌ سائِر وأَصْله أَن ابْنَيْ ضَبَّةَ بنِ أُدٍّ خَرجَا في طَلب إِبِلٍ لهما فَرَجَعَ سَعْدٌ وفُقِدَ سُعَيْدُ فَكان ضَبَّةُ إِذا رَأَى سَوَادًا تَحْتَ اللَّيْل قال: «أَسَعْدٌ أَم سُعَيْدٌ» هذا أَصْل المَثَلِ فأُخِذ ذلك اللَّفْظُ منه، وصار يُتَشَاءَمُ به، وهو يُضرَب مَثَلًا في العِنَايَة بذِي الرَّحِمِ، ويُضْرَب في الاستخبارِ عن الأَمْريْنِ: الخَيْرِ والشَّرّ، أَيهما وَقعَ. وهو مَجَاز.
ويقال بَرَكَ البَعِيرُ على السَّعْدَانَةِ، وهي كِرْكِرَةُ البَعِيرِ، سُمِّيَت لاستدارتها.
والسَّعْدَانَةُ: الحَمَامَةُ قال:
إِذا سَعْدانَةُ السَّعَفَاتِ ناحَتْ *** عَزاهِلُهَا سَمِعْتَ لها حَنِينَا
أَو السَّعْدانَةُ اسمُ حَمَامَة خاصَّة، قاله ابن دُرَيْد، وأَنشد البيت المذْكورَ.
قال الصاغانيّ: وليس في الإِنشاد ما يَدُلّ على أَنَّها اسمُ حمامةٍ، كأَنَّه قال: حَمامةُ السَّعَفَات، اللهُمَّ أَن يُجْعَلَ المضافُ والمضافُ إِليه اسمًا لحَمامةٍ، فيقال: سَعْدانةُ السَّعَفاتِ: اسمُ حَمَامَة.
ويقال: عَقَدَ سَعْدَانَةَ النَّعْلِ، وهي: عُقْدَةُ الشِّسْعِ السُّفْلَى مِمَّا يَلِي الأَرْضَ والقِبَالَ، مِثْل الزِّمامِ، بين الإِصْبَعِ الوُسطَى والتي تَليها.
والسَّعْدَانةُ من الاسْتِ: ما تَقَبَّضَ من حِتَارِهَا؛ أَي دائِر الدُّبُرِ، وسيأْتي.
والسَّعْدَانة من المِيزانِ: عُقْدَةٌ في أَسْفَلِ كِفَّتِهِ، وهي السَّعْداناتُ.
والسَّعْدانَات أَيضًا: هَنَاتٌ أَسْفَلَ العُجَايَةِ، بالضّمّ، عَصَب مُرَكَّب فيه فُصُوصٌ من عِظَام، كما سيأْتِي، ومنهم من ضَبَطَه بالموحَّدة، وهو غَلَطٌ كَأَنَّهَا أَظْفَارٌ.
ويقال: شَدَّ اللهُ عَلَى ساعِدِكَ وسواعِدِكُم، ساعِدَاكَ: ذِرَاعاكَ، والساعِد: مُلْتَقَى الزَّنْدَيْنِ من لَدُنِ المِرْفَقِ إِلى الرُّسْغِ. والساعِدُ: الأَعْلَى من الزَّنْدَيْن في بعْضِ اللغَات، والذِّراعُ: الأَسفلُ منهما.
قال الأَزهريّ: والسَّاعِدُ: ساعِدُ الذِّراع، وهو ما بَيْنَ الزَّنْدَيْنِ والمِرْفَق، سُمِّيَ ساعِدًا لمُسَاعدَته الكَفَّ إِذا بَطَشَتْ شَيْئًا، أَو تناوَلَتْه، وجمْع السّاعدِ: سَواعِدُ.
والسَّاعِدانِ من الطائِرِ: جَنَاحَاهُ يَطِير بهما، وطائِرٌ شَدِيدُ السواعِدِ؛ أَي القوادِمِ، وهو مَجَاز.
والسَّوَاعِدُ: مَجَارِي الماءِ إِلى النَّهْر أَو إِلى البَحْر.
وقال أَبو عَمرو: السواعِدُ: مَجارِي البَحْرِ الّتي تَصُبّ إِليه الماءَ، واحدُهَا ساعِدٌ، بغير هاءٍ.
وقال غيرُهُ: الساعِدُ مَسِيلُ الماءِ إِلى الوادِي والبَحْرِ.
وقيل: هو مَجْرَى البَحرِ إِلى الأَنهار. وسَوَاعِدُ البِئرِ: مخَارِجُ مائِها ومَجَارِي عُيُونِها.
والسَّواعِدُ: مَجَارِي المُخِّ في العَظْمِ، قال الأَعْلَم يَصف ظَلِيمًا:
على حَتِّ البُرَايَةِ زَمْخَرِيّ ال *** سَّواعِدِ ظَل في شَرْيٍ طِوالِ
عنَى بالسَواعِدِ مَجْرَى المُخِّ من العِظَام، وزَعموا أَن النعَامَ والكَرَى لا مُخَّ لهما.
وقال الأَزهريّ في شَرْح هذا البيتِ: سواعِدُ الظَّلِيم أَجْنِحَتُه، لأَن جَناحَيْه ليسا كاليَدَيْنِ، والزَّمْخَرِيّ في كلِّ شيْءٍ: الأَجْوَفُ مثْل القَصَبِ. وعِظَامُ النَّعَامِ جُوفٌ لا مُخَّ فيها. والحَتُّ: السَّرِيعُ. والبُرَايَة: البَقِيَّةُ. يقول: هو سَرِيعٌ عِنْدَ ذَهَابِ بُرَايَتِهِ؛ أَي عند انْحِسَارِ لَحْمِهِ وشَحْمِه.
والسُّعْدُ، بالضّمّ: من الطِّيبِ. والسُّعَادَى، كحُبَارَى مثّلُه، وهو طِيبٌ معروف أَي معروف.
وقال أَبو حنيفة: السُّعْد من العُرُوقِ: الطَّيِّبَةُ الرِّيحِ وهي أَرُومةٌ مُدَحْرَجَة، سَودَاءُ صُلْبَة كأَنَّها عُقْدَةٌ تَقَع في العِطْر وفي الأَدْوِيَة، والجمْع سُعْدٌ. قال: ويُقَال لنَبَاتِه السُّعَادَى، والجَمْع: سُعَادَيَات.
وقال الأَزهريُّ: السُّعْد: نَبْت له أَصْلٌ تَحْت الأَرضِ، أَسْوَد طَيِّبُ الرِّيحِ.
والسُّعَادَى نَبْت آخَرُ. وقال الليث: السُّعَادَى: نَبْتُ السُّعْدِ. وفيه مَنفَعَة عَجِيبة في القُرُوحِ التي عَسُرَ انْدِمالُهَا، كما هو مذكور في كُتب الطِّبّ.
وساعِدَةُ: اسم من أَسماءِ الأَسَد معرِفَة لا يَنصرف، مثل أُسَامَةَ، وَرَجُلٌ أَي عَلَمُ شَخْص عليه.
وبنو ساعدةَ: قومٌ من الأَنصار من بني كَعْبِ بن الخَزْرَجِ بن ساعِدةَ، منهم سَعْدُ بن عُبَادَةَ، وسَهْل بن سَعْدٍ، الساعِدِيَّانِ، رضِيَ الله عنهما، وسَقِيفَتُهُم بِمَكَّةَ، هكذا في سائرِ النُّسخ المُصحّحةِ، والأُصول المقروءَة.
ولا شَك في أَنه سَبْقُ قَلَمٍ، لأَنه أَدرَى بذلك، لكثرةِ مجاوَرتِهِ وتردُّدِهِ في الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفين. والصّواب أَنها بالمَدِينة. كما وجدَ ذلك في بعض النُّسخ علَى الصواب، وهو إِصلاحُ من التلامذة. وقد أَجمعَ أَهْلُ الغريبِ وأَئمَّةُ الحديثِ وأَهلُ السِّيَرِ أَنَّها بالمدينة، لأَنَّها مأْوَى الأَنصارِ، وهي بمنزِلَةِ دارٍ لهم وَمَحَلّ اجتماعاتِهم. ويقال: كانوا يَجتمعون بها أَحيانًا.
والسَّعِيد كأَمير: النَّهْرُ الّذي يَسقِي الأَرضَ بظواهِرها، إِذا كان مُفْرَدًا لها. وقيل هو النَّهر الصغير، وجمْعه: سُعُدٌ، قال أَوْسُ بن حَجَر:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ مُقَفِّيَةٌ *** نَخْلٌ مَواقِرُ بَيْنَها السُّعُدُ
وسَعِيدُ المَزْرَعَةِ: نَهرُهَا الّذي يَسقِيها. وفي الحديث: «كُنَّا نُزَارِعُ على السَّعِيدِ».
والسَّعِيدَةُ، بهاءٍ: بَيت كانَت رَبيعةُ من العرب تَحُجُّه بِأُحُدٍ في الجاهليّة. هكذا في النُّسخ. وهو قول ابن دُريد قال: وكان قريبًا من شَدَّاد.
وقال ابن الكَلبيّ: على شاطئِ الفُرات، فقولُه: بأُحُدٍ. خَطاٌ.
والسَّعِيدِيَّة: قرية بمصر نُسِبتْ إِلى المَلِك السَّعِيد.
والسَّعِيد والسَّعِيديّة: ضَرْبٌ من بُرودِ اليَمَنِ، كأَنَّهَا نُسِبَتْ إِلى بني سَعِيد.
وسَعْدٌ: صَنَمٌ كان لبَنِي مَلَكَانَ بنِ كِنانةَ بساحِلِ البَحْرِ، مِمَّا يَلِي جُدَّةَ، قال الشاعر:
وهل سَعْدُ إِلَّا صَخْرَةٌ بِتَنُوفَةٍ *** من الأَرْضِ لا تَدْعُو لغَيٍّ ولا رُشْدِ
ويقال: كانت تَعبده هُذَيْلٌ في الجَاهِلِيّة.
وسُعْدٌ، بالضّمّ: موضع قُرْبَ اليَمَامَةِ، قال شيخُنَا: زعَم قَومٌ أَن الصّوابَ: قُرْبَ المدينة.
وسُعْدٌ: جَبَلٌ بجَنْبهِ ماءٌ وقَرْيَةٌ ونَخْلٌ، من جانِب اليمَامَةِ العربيّ.
والسُّعُد. بضمّتينِ: تَمْرٌ، قال:
وكَأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ مُدْبِرَةً *** نَخْلٌ بزَارةَ حَملُهُ السُّعُدُ
هكذا فسَّرَه أَبو حَنيفةَ.
والسَّعَد، بالتحريك، وبخطّ الصاغانيِّ: بالفتح، مجوَّدًا: ماءٌ كان يَجرِي تَحْتَ جَبَلِ أَبي قُبَيْس يَغْسِل فيه القَصَّارون. وأَجمَةٌ معروف معروفة، وفي قوله: معروفة، نَظرٌ.
والسَّعْدانُ بالفتح: نَبْتٌ في سُهولِ الأَرْض من أَفْضَلِ، وفي الأُمَّهات: من أَطْيب مَرَاعِي الإِبل ما دَام رَطْبًا.
والعرب تقول: أَطْيَبُ الإِبلِ لَبَنًا ما أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ.
وقال الأَزهريُّ في تَرْجَمَة صفع: والإِبل تَسْمَن على السَّعدان، وتَطيب عليها أَلبانُها، واحدتُه سَعْدانةٌ، والنون فيه زائدة، لأَنه ليس في الكلام فَعْلان غيرُ خَزْعَال وقَهْقَار، إِلا من المضاعف.
وقال أَبو حنيفة: من الأحرار السَّعْدَانُ، وهي غُبْرُ اللَّوْن، حُلْوةٌ يأْكلُها كلُّ شيْءٍ، وليستْ بكبيرة، وهي من أَنجَعِ المَرْعَى.
ومنه المثل: «مَرْعًى ولا كالسَّعْدانِ وماءٌ ولا كَصَدَّاءَ»، يُضْرَبان في الشيْءِ الذي فيه فضلٌ وغيرُه أَفضلُ منه. أَو للشيْءِ الذي يُفَضَّل على أَقرانه.
وأَولُ من قَالَه: الخَنساءُ ابنةُ عَمْرِو بن الشَّرِيد.
وقال أَبو عُبيد: حَكَى المفَضَّل أَن المَثَلَ لامرأَةٍ من طَيِّئ. وله شَوْكٌ كأَنَّه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فيُنْظَر إِلى شَوْكه كالِحًا إِذا يَبِس. وقال الأَزهريُّ: يقال لِشَوْكه: حَسَكَةُ السَّعْدَانِ. ويُشَبَّهُ به* حَلَمَةُ الثَّدْيِ، فيقال لها سَعْدَانَةُ الثُّنْدُؤَةِ، وخلَطَ اللَّيْث في تفسير السَّعْدَانِ، فجَعَلَ الحَلَمَةَ ثَمَرَ السَّعْدَانِ، وجعلَ له حَسَكًا كالقُطْبِ. وهذا كلُّه غَلطٌ.
والقُطْبُ شَوْكٌ غيرُ السَّعْدَان، يُشْبِه الحَسَكَ [والسعدان مستدير شوكه في وجهه]. وأَما الحَلَمَةُ. فهي شَجَرَةٌ أُخرَى. ولَيستْ من السَّعْدان في شيْءٍ.
وتَسَعَّدَ الرَّجلُ: طَلَبَه، يقال: خَرَجَ القَومُ يَتَسَعَّدون؛ أَي يرتادُون مَرْعَى السَّعْدانِ، وهو من خَيْر مَراعِيهم أَيَّامَ الرَّبِيع، كما تَقدَّم.
وسُعْدان، كسُبْحَانَ: اسمٌ للإِسْعَادِ، ويقال: سُبْحَانَهُ وسُعْدَانَهُ؛ أَي أُسَبِّحُهُ وأُطِيعُهُ، كما سُمِّيَ التسبيح بِسُبْحَانَ، وهُمَا عَلَمَانِ كعُثْمانَ ولُقْمانَ.
والساعِدَةُ: خَشَبَةٌ تُنْصَب تُمْسِكُ البَكَرَةَ، جمْعُها السَّوَاعِد.
وسَمَّوْا سَعِيدًا، ومَسْعُودًا، ومَسْعَدةَ، بالفتح، ومُسَاعِدًا، وسَعْدُونَ، وسَعْدَان، وأَسْعَدَ، وسُعُودًا، بالضم وللنِّساءِ: سُعَادُ وسُعْدَى، بضَمِّهِما، وسَعْدَةُ وسَعِيدَةُ، بالفتح، وسُعَيدة بالضمّ.
والأَسْعَدُ: شُقَاقٌ كالجَرَبِ يَأْخُذ البَعِيرَ فيَهرَمُ منه ويَضعُف.
وسَعَّادٌ، ككَتَّانٍ، ابنُ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيّ المُحَدِّثُ، شَيْخ لعبدِ الصَّمَد بن النُّعْمَان. وسَعَّادُ بنُ راشدَةَ في نَسبِ لَخْم، من وَلده حاطبُ بن أَبي بَلْتَعَةَ الصَّحَابيُّ.
واختُلِفَ في عبد الرحمن بن سعاد، الراوي عن أَبي أَيُّوبَ، فالصَواب أَنه كسَحَاب، وقيل كَكَتَّان، قاله الحافظُ.
والمَسْعُودةُ: مَحَلَّتانِ ببغْدادَ، إِحداهما بالمأْمونية، والأُخرَى في عقارِ المَدْرَسَة النّظاميّة.
وبنو سَعْدَمٍ كجَعْفَر: بَطْن من مالِكِ بنِ حَنْظَلَةَ من بني تَمِيم والميمُ زائدةٌ، نقله ابن دُرَيْد في كتاب «الاشتقاق».
ودَيْرُ سَعْدٍ: موضع، بين بلادِ غَطَفَانَ والشَّام.
وحَمَّامُ سَعْد: موضع بطريق حاجِّ، الكوفةِ، عن الصاغانيّ.
ومَسْجِدُ سَعْدٍ منزلٌ على سِتَّةِ أَميال من الزُّبَيديّة بين المُغِيثَةِ والقَرْعَاءِ، منسوب إِلى سَعْد بن أَبي وَقَّاصٍ.
والسَّعْدِيَّةُ: منزِلٌ منسوبٌ لبني سَعْدِ بنِ الحارِثِ بن ثَعْلَبَةَ، بطَرَفِ جَبَلٍ يقال له: النُّزَف: والسَّعْدِيَّة: موضع لبني عَمْرِو بنِ ساعِدَةَ، هكذا في النُّسخ. والصّواب: عَمْرو بن سَلِمَة وفي الحديث: «أَن عَمْرَو بن سَلمَةَ هذا لمّا وَفَدَ على النّبيّ، صلى الله عليه وسلم، استقْطَعه ما بينَ السَّعْدِيَّة والشَّقراءِ، وهُما ماءَانِ.
والسَّعْدِية: موضع لبنِي رِفَاعَةَ باليمامة.
والسَّعْدِيَّة: بِئْرٌ لبني أَسَدٍ في مُلتَقَى دارِ مُحَارِبِ بن خَصَفَةَ، ودارِ غَطَفَانَ، من سُرَّةِ الشَّرَبَّة. وماءٌ في ديارِ بني كِلَابً، وأُخْرَى لبني قُرَيْظٍ من بني أَبي بكرِ بنِ كِلاب.
والسَّعدِيّة قَرْيَتَانِ بحَلَبَ، سُفْلَى وعُلْيَا.
والسَّعْدَى كسَكْرَى: قرية أُخْرَى بِحَلَبَ، و: موضع في حِلَّةِ بني مَزْيَدٍ بالعِرَاق.
وقولُ أَميرِ المُؤمنين عليّ بن أَبي طالبٍ رضي الله عنه:
أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ. *** ما هذا يا سَعْدُ تُورَدُ الإِبِلْ.
فسيأْتي في ش ر ع.
والسَّعْدَتَيْنِ، كأَنَّه تَثنِيةُ سَعْدَة. كذا في النُّسخ المُصحَّحة: قرية قُرْبَ المَهْدِيَّة بالمَغْرِب منها: ـ وفي نُسْخَةِ القَرَافي، موضع، بدل: قرية. ولذا قال: والأَوْلَى «منه» أَو أَنَّثَهُ باعتبار السَّعْدَتَيْن.
قلت: وعلَى ما في نسختنا فلا يَرِد على المُصَنِّف شيْءٌ ـ خَلَفٌ الشاعرُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
يومٌ سَعْدٌ وكَوُكَبٌ سَعْدٌ، وُصِفَا بالمصدر، وحكَى ابنُ جِنيّ: يومٌ سَعْدٌ، ولَيْلَةٌ سَعْدةٌ. قال: وليسا من بابِ الأَسْعَد والسُّعْدَى، بل مِن قَبيل أَنَّ سَعْدًا وسَعْدَةً صِفَتَانِ مَسُوقَتَانِ عَلى مِنْهاجٍ واستمرارٍ، فسَعْدٌ مِن سَعْدةٍ كجَلْدٍ من جَلْدةٍ، ونَدْبٍ من نَدْبَةٍ، أَلَا تَرَاكَ تقول: هذا يومٌ سَعْدٌ، ولَيْلَة سَعْدَةٌ، كما تقول، هذا شَعرَ جَعْدٌ، وجُمَّةٌ جَعْدَةٌ.
وساعِدَةُ الساقِ: شَظِيَّتُهَا.
والساعد: إِحْلِيلُ خِلْفِ النَّاقةِ، وهو الذِي يَخْرُج منه اللَّبَنْ. وقيل: السَّوَاعِد: عُرُوقٌ في الضَّرْعِ يجيءُ منها اللَّبَنُ إِلى الإِحْلِيلِ. وقال الأَصمعيُّ: السَّواعد: قَصَبُ الضَّرْعِ وقال أَبو عَمْرو: هي العُروق التي يَجِيءُ منها اللَّبَنُ، سُمِّيَتْ بسواعدِ البحر، وهي مَجَارِيه. وساعِدُ الدَّرِّ: عِرْقٌ يَنْزِل الدَّرُّ منه إِلى الضَّرْع من النَّاقَة، وكذلك العِرْقُ الذِي يُؤدِّي الدَّرَّ إِلى ثَدْيِ المرأَةِ، يُسَمَّى ساعدًا، ومنه قوله:
أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الأَحادِيثَ في غَدٍ *** وبَعدَ غَد يا لُبْن أَلْبُ الطَّرائِدِ
وكُنْتُم كَأُمٍّ لَبَّةٍ ظَعَنَ ابنُها *** إِليها فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
وفي حديث سعد: «كُنَّا نَكْرِي الأَرضَ بما على السَّواقِي وما سَعِد من الماءِ فيها، فنهانا رسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، عن ذلِكَ» قوله: ما سَعِد من الماءِ، أَي: ما جاءَ من الماءِ سَيْحًا لا يحتاج إِلى داليةٍ، يجيئه الماءُ سَيْحًا، لأَن معنَى ما سَعد: ما جاءَ من غير طَلَبٍ.
والسَّعْدَانةُ: الثَّنْدُوَةُ، وهو ما استدارَ من السَّواد حَولَ الحَلَمةِ.
وقال بعضهم: سَعْدانةُ الثَّدْيِ: ما أَطافَ به كالفَلْكَةِ.
والسَّعدانةُ مَدْخَلُ الجُرْدانِ من ظَبْيَةِ الفَرَسِ.
والسَّعْدَانُ: شَوْكُ النَّخْلِ، عن أَبي حنيفةَ.
وفي الحديث «أَنه قال: لا إِسْعادَ ولا عَقْرَ في الإِسلام»: هو إسعادُ النِّساءِ في المَنَاحَاتِ، تَقوم المَرأَةُ. فتقُومُ معها أُخرى من جاراتِهَا فتُسَاعِدُها على النِّيَاحة. وقد وَرَدَ في حديثٍ آخر: «قالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: إِنَّ فُلانةَ أَسْعَدَتْنِي فأُرِيدُ أُسْعِدُهَا، فما قال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا». وفي روايةٍ: «قال الخَطابيُّ: أَما الإسعادُ فخاصٌّ في هذا المعنى، وأَما المُسَاعدةُ فعامَّةٌ في كلِّ مَعُونَة. يقال إِنما سُمِّيَ المساعَدةَ المعاوَنَةُ، من وَضْعِ الرَّجُلِ يَدَه على سَاعدِ صاحِبِه، إِذا تَمَاشَيَا في حاجَة، وتعاوَنَا على أَمْر.
ويقال: ليس لبني فُلانٍ ساعِدٌ؛ أَي ليس لهم رَئِيسٌ يَعتمدونَه وساعدُ القَومِ: رَئيسُهُم، قال الشاعر:
وما خَيرُ كَفٍّ لا تنوءُ بساعِدَ
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بَطْنَانِ.
قال اللِّحْيَانيُّ: وجَمْع سَعِيدٍ: سَعِيدُونَ وأَساعِدُ. قال ابن سِيدَه: فلا أَدري أعنَى الاسمَ أَم الصِّفَة، غير أَنَّ جَمْعَ سَعِيد على أَساعِدَ شاذُّ.
والسَّعْدَانِ: ماءٌ لبني فَزارةَ، قال القَتَّال الكِلابِيُّ:
رَفَعْنَ مِن السَّعْدَيْنِ حتَّى تفاضَلَتْ *** قَنَابِلُ من أَوْلادِ أَعْوَجَ قُرَّحُ
وسُعْد، بالضّمّ: موضع بنَجْد. قال جَرِير:
أَلَا حَيِّ الدِّيارَ بِسُعْدَ، *** إِنِّي أُحِبُّ لِحُبِّ فاطِمَةَ الدِّيارَا
وساعِدُ القَيْنِ: لُغةٌ في سَعْدِ القَيْنِ. قال الأَصمعيّ: سمِعْت أَعرابِيًّا يقول كذلك. وسيأتي في بلد ه بلد ر.
ويقال: أَدركَه اللهُ بسَعْدة ورَحْمَة.
والمَسَاعِيد: بطْن من العرب.
والسَّعْدَان: موضع.
ومدرسة سَعَادةَ من مدارِس بغداد. وسَعْدُ القَرْقَرَةِ: مُضْحِك النُّعْمَان بن المُنْذِر.
وسَعْدانُ بن عبد الله بن جابر مولَى بني عامر بن لُؤَيّ: تابِعيٌّ مشهور، من أَهل المدينة، يَرْوِي عن أَنَسٍ وغيره.
* واستدرك شيخُنَا: قولهمْ: بِنْتُ سَعْدٍ، استعملوها في الكِنَايَة عن البَكَارَةِ، قال أَبو الثَّنَاءِ محمود في كتابه: «حُسْن التوسُّل في صناعة الترسُّل»: ومن أَحْسَنِ كِنَايَات الهِجَاءِ قول الشاعِرِ يهجو شَخْصًا يَرمِي أُمَّه بالفجور ويَرْمِيه بداءِ الأَسد:
أَراكَ أَبُوكَ أُمَّكَ حِينَ زُفَّتْ *** فَلَمْ تُوجَدْ لأُمِّكَ بِنْتُ سَعْدِ
أَخُو لَخْمٍ أَعارَكَ منه ثَوْبًا *** هَنِيئًا بالقَميص المُسْتَجَدِّ
أَراد ببِنْت سَعْد: عُذْرةَ البكارةِ، وبقوله: أَخو لَخْم: جُذَامًا، فإِنه أَخوه.
ومن المجَاز: أَمرٌ ذو سَواعِدَ؛ أَي ذو وُجوه ومَخارِجَ.
وأَبو بكر محمدُ بنُ أَحمدَ بنِ وَرْدَانَ، البُخَارِيّ. وأَبو منصور عَتِيقُ بن أَحمدَ بنِ حامدٍ السَّعْدَانِيّ: مُحَدِّثانِ.
وسَعْدُونُ: جدُّ أَبي طاهرٍ محمّدِ بن الحسن بن محمد بن سَعدونَ الموصلّي المحدِّث.
وخالدُ بن عَمرٍو الأُمويّ السَّعِيدِيّ، إِلى جَدِّه سَعيدِ بن العاص. رَوَى عن الثَّوريّ، لا يَحِلّ الاحتجاجُ به.
وأَسْعَدُ بنُ همّام بن مُرَّة بن ذُهْلٍ جَدُّ الغَضْبَانِ بن القَبَعْثَرَى.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
12-تاج العروس (نهند)
[نهند]: نهَاوَنْدُ، أَهمله الجوهريُّ وصاحبُ اللسان، وهو مُثلّثةُ النونِ، الفتحُ والكسرُ عن الإِمام الصَّاغَانِّي صاحِبِ العُبَابِ والمشارِق، وسَبَقَه ياقوت في المُعْجَم، زاد الصاغانيُّ: والكسرُ أَجْوَدُ، لقول بَعْضِهم: إِن أَصْلَها نِيهَاوَنْدُ والضمُّ عن اللُّبَابِ لابن الأَثير، والواو مَفْتوحَة لا غيرُ، وكذلك النون الثانية ساكنة لا غير: بلد عظيم من بِلادِ الجَبَلِ جَنُوبِيَّ هَمَذَانَ، بينهما ثلاثةُ أَيام، يقال إِن أَصْله نُوحْ آوَنْدَ سُمِّي لأَنَّه بَنَاهَا، صَوابه بَنَاهُ، فخفِّفَتْ أَو أَصله إِينَهاوَنْدُ لأَنهم وَجَدُوها كما هي، قاله أَبو المنذِر هشام، وقال حمزةُ: أَصلُهَا نيوهَاوَنْد فاخْتصر، ومعناه الخيرُ المُضاعَف، قال ياقوت: وهي أَعتقُ مَدينة في الجَبَلِ، وكان فَتْحُها سنَةَ تِسْعَ عَشَرَةَ في أَيّامِ سَيِّدنا عُمَرَ رضي الله تعالى عنه، وبها ثَوْرٌ وسَمَكَةٌ من حَجَرٍ حَسَنَا الصُّورَةِ وفي وَسَطِها حِصْنٌ عَجِيبٌ البِنَاءِ عَالِي السَّمْك، وبها قُبُورُ قَوْمٍ اسْتُشْهِدُوا مِن العرب في صَدْرِ الإِسلام، وبها شَجَرُ خِلَافٍ تُعْمَل منه الصَّوَالِجَة، وقَصَبٌ يُتَّخَذ منه ذَرِيرَةٌ، وعلى حَافاتِ نَهْرِهَا طِينٌ أَشَدُّ ما يكون في السَّوَادِ والتَّعَلُّكِ يُخْتَم به، كذا في المعجم.تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
13-تاج العروس (فيض)
[فيض]: فَاضَ المَاء والدَّمْعُ وغَيْرُهُمَا يَفِيضُ فَيْضًا، وفُيُوضًا، بالضَّمِّ والكَسْرِ وفُيُوضَةً وفَيْضُوضَةً وفَيَضَانًا، بالتَّحْرِيكِ؛ أَي كَثُرَ حَتَّى سَالَ كالوَادِي. وفي الصّحاح: على ضِفَّةِ الوَادِي، ومِثْلُه في العُبَاب.وفي الحدِيث: «ويَفِيضُ المالُ» أَيْ يَكْثُر. من فَاضَ الماءُ. وفَاضَ صَدْرُهُ بالسِّرِّ، إِذا امْتَلأَ وباحَ به، ولم يُطِقْ كَتْمَهُ، وكَذلِكَ النَّهْرُ بمَائِهِ، والإِنَاءُ بما فيه.
وفَاضَ الرَّجُلُ يَفِيضُ فَيضًا وفُيُوضًا: مَاتَ، وكَذلِكَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، أَيْ خَرَجَتْ رُوحُهُ، نَقله الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدَةَ والفَرَّاءِ، قَالا: وهي لُغَةٌ في تَمِيمٍ، وأَبُو زَيْدٍ مِثْلُه.
قال: الأَصْمَعِيُّ: لا يُقَالُ فَاضَ الرَّجُلُ، ولا فَاضَتْ نَفْسُه، وإِنَّمَا يَفِيضُ الدَّمْعُ والماءُ. زادَ في العُبَابِ: ولكِنْ يُقَالُ فَاظَ، بالظَّاءِ، إِذَا مَاتَ، ولا يُقَالُ: فَاضَ بالضَّادِ البَتَّةِ، فأَنْشَدَهُ أَبُو عُبَيدَةَ رَجَزَ دُكَيْنِ بنِ رَجَاءٍ الفُقَيْمِيّ:
تَجَمَّع الناسُ وقَالُوا عِرْسُ *** إِذَا قِصَاعٌ كالأَكُفِّ خَمْسُ
زَلَحْلَحَاتٌ مُصْغَراتٌ مُلْسُ *** ودُعِيَت قَيْسٌ وجاءَتْ عَبْسُ
ففُقِئَتْ عَيْنٌ وفَاضَتْ نَفْسُ
وهذه لُغَةٌ دُكَيْن. فقال الأَصْمَعِيّ: الرِّوَايَةُ: وطَنَّ الضِّرْسُ.
وفي اللّسَانِ: وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ: فَاضَ الرَّجُلُ وفَاظَ، إِذَا ماتَ وكَذلِكَ فَاظَتْ نَفْسُهُ. وقال أَبو الحَسَنِ: فَاظَتْ نَفْسُه، الفِعْلُ للنَّفْسِ. وفَاضَ الرِّجُلُ يَفِيضُ، وفَاظَ يَفِيظُ فَيْظًا وفُيُوظا. وقَال الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُولُ: لا يُقَالُ: فَاظَتْ نَفْسُه، ولكِنْ يُقَال: فَاظَ، إِذَا مَاتَ، «بالظَّاءِ»، ولا يُقَال: فَاضَ، بالضَّادِ البَتَّةَ. وقَال ابنُ بَرّيّ: الَّذِي حَكَاهُ ابنُ دُرَيْد عن الأَصْمَعِيّ خِلافُ ما نَسَبَهُ الجَوْهَرِيّ لَهُ. قَالَ ابنُ دُرَيْد: قال الأَصْمَعِيّ: تَقُولُ العَرَبُ: فَاظَ الرَّجُلُ، إِذَا مَاتَ، فإِذَا قَالُوا: فَاضَتْ نَفْسُه، قَالُوا بالضَّاد، وأَنْشَدَ:
ففُقِئَتْ عَيْنٌ وفَاضَتْ نَفْسُ
قالَ: وهذا هو المَشْهُورُ مِنْ مَذْهَب الأَصْمَعِيِّ حَكَى عن أَبِي عَمْرٍ وَأَنَّهُ لا يُقَالُ: فَاضَتْ نَفْسُه. ولكِن يُقَال: فَاظَ، إِذَا مَاتَ. ولا يُقَال: فَاضَ بالضَّادِ بَتَّةً، قال: ولا يَلْزَم مِمَّا حَكَاهُ مِنْ كَلامِه أَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدًا له. قال: وأَمّا أَبُو عُبَيدَة فقالَ: فَاضَتْ، بالضَّاد، لُغَةُ تَمِيمٍ. وقال أَبو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ يَقُول: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُم يَقُولُون: فَاضَتْ نَفْسُهُ، وكَذلِكَ المَازِنِيّ عن أَبِي زَيْدٍ قال: كُلُّ العَرَبِ تَقُولُ: فَاظَتْ نَفْسُه إِلاَّ بَنِي ضَبَّةَ فإِنَّهُمْ يَقُولُون: فَاضَتْ نَفْسُه، بالضَّاد.
وفَاضَ الخَبَرُ يَفِيضُ فَيْضا: شاعَ. وفَاضَ الشَّيْءُ فَيْضًا: كَثُرَ، ومنه الحَدِيثُ: «ويَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضًا» أَشارَ إِلَيْه الجَوْهَرِيُّ. وهو مَجَازٌ.
وفَيّاضٌ، ككَتَّانٍ: فَرَسٌ لِبَنِي جَعُدٍ. وفي العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ: لِبَنِي جَعْدَةَ. وفي اللّسَان: منْ سَوَابِقِ خَيْلِ العَرَبِ. وأَنْشَدَ لِلنَّابِغَةِ الجَعْدِيّ، رَضِيَ الله عَنْه:
وعَنَاجِيجُ جِيَادٌ نُجُبٌ *** نَجْلُ فَيَّاضٍ ومِنْ آلِ سَبَلْ
ومِثْلُه في العُبَاب.
وأَبُو عُبَيْدَةَ شَاذُّ بنُ فَيَّاضٍ اليَشْكُرِيُّ البَصْرِيُّ، مُحَدِّثٌ، واسمُهُ هِلَالٌ، وشَاذٌّ لَقَبهُ.
واشْتَرَى طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ الله التَّيْمِيّ، رَضِيَ الله عَنْهُ، بِئْرًا في غَزْوَة ذِي قَرَدٍ فَتَصَدَّقَ بها، ونَحَرَ جَزُورًا فأَطْعَمَهَا النَّاسَ، فقَالَ لهُ رَسُولُ الله صَلى الله عليه وسلّم: «يا طَلْحَةُ أَنْتَ الفَيَّاضُ» فَلُقِّبَ بِهِ، لِسَعَةِ عَطَائِهِ وكَثْرَتِهِ، وكانَ قَسَمَ في قَوْمِهِ أَرْبَعَمَائَةِ أَلْفٍ، وكانَ جَوَادًا.
كَذا في كُتُبِ السِّيَرِ.
وفي ذِكْرِ الدَّجَّالِ: ثُمَّ يَكُونُ عَلَى إِثْرِ ذلِكَ الفَيْضُ.
قال شَمِرٌ: سَأَلْتُ البَكْرَاوِيَّ عنه فَقَالَ: الفَيْضُ: المَوْتُ، هاهُنَا: قَالَ: ولَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ غَيْرِه، إلاَّ أَنَّه: فاضَتْ نَفْسُه؛ أَي لُعَابُه الَّذِي يَجْتَمِعُ على شَفَتَيه عِنْد خُرُوجِ رُوحِهِ.
والفَيْضُ: نِيلُ مِصْرَ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، ومِثْلُه في العُبَابِ. وفي التَّكْمِلَةِ: مَوْضِعٌ في نِيلِ مِصْرَ. قال الجَوْهَرِيُّ: وقال الأَصْمَعِيّ: نَهْرُ البَصْرَةِ يُسَمَّى الفَيْضَ.
وقال غَيْرُهُ: فَيْضُ البَصْرَةِ: نَهْرُهَا، غَلَبَ ذلِكَ عَلَيْه لِعِظَمِهِ.
والفَيْضُ: الكَثِيرُ الجَرْيِ من الخَيْلِ، كالسَّكْبِ. يُقَالُ: فَرَسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ.
والفَيْضُ: فَرَسٌ لبَنِي ضُبَيْعَةَ بنِ نِزارٍ. نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ والفَيْضُ: فَرَسٌ أُخْرَى لعُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ.
يُقَالُ: فَرَّ عُتْبَةُ يَوْمَ صِفِّينَ، فقَالَ عبدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَكَم يُعَيِّره بذلِكَ:
أَأَنْ أُعْطِيتَ سَابِغَةً وطِرْفًا *** يُسَمَّى الفَيْضَ يَنْهَمِرُ انْهِمَارَا
تَرَكْتَ السادَةَ الأَخْيَارَ لَمَّا *** رَأَيْتَ الحَرْبَ قَدْ نُتِجَتْ حُوَارَا
لَعَمْرُ أَبِيكَ والأَنباءُ تَنْمِي *** لَقَدْ أَبْعَدْت يا عُتْبَ الفِرَارَا
وقالَ أَبو زَيْدٍ: أَمْرُهُمْ فَيْضِيضَى بَيْنَهُم وفَيْضُوضَى، ويُمَدَّانِ، وفَيُوضَى، بالفَتْحِ، أَيْ فَوْضَى، وذلِكَ إِذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ يَلْبَسُ هذَا ثَوْبَ هذَا ويَأْكُلُ هذَا طَعَامَ هذَا، لا يُؤَامِرُ أَحَدٌ مِنْهُمُ صاحِبَهُ فِيمَا يَفْعَلُ من أَمْرِه. وذَكَرَ اللِّحْيَانِيّ أَيْضًا مِثلَ قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ.
وأَرْضٌ ذَاتُ فُيُوضٍ، أَيْ فِيها مِيَاهٌ تَفِيضُ، أَيْ تَسِيلُ حَتَّى تَعْلُوَ.
وأَفَاضَ الماءَ على نَفْسِهِ: أَفْرَغَهُ. نَقَلَه الجَوْهَرِيّ.
وأَفَاضَ الناسُ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى مِنًى، أَيْ دفَعُوا. كما في الصّحاحِ، وقِيلَ: بكَثْرَةٍ، أَوْ رَجَعُوا وتَفَرَّقُوا، أَو أَسْرَعُوا مِنهَا إِلى مَكَانٍ آخَرَ. الأَخِيرُ مَأْخُوذٌ من قَولِ ابنِ عَرَفَةَ. وبكُلِّ ذلِكَ فُسِّر قَولُه تَعَالَى: {فَإِذا} أَفَضْتُمْ {مِنْ عَرَفاتٍ} قال أَبُو إِسْحَاقَ: دَلَّ بهذَا اللَّفْظِ أَن الوُقُوفَ بِهَا وَاجِبٌ، لأَنَّ الْإِفَاضَةَ لا تَكُونُ إِلا بَعْدَ وُقُوفٍ. وَمَعْنَى أَفَضْتُمْ: دَفَعْتُمْ بكَثْرَةٍ. وقال خالِدُ بنُ جَنْبَةَ: «الإِفَاضَةُ: سُرْعَةُ الرَّكْضِ. وأَفَاضَ الرَّاكِبُ إِذا دَفَعَ بَعِيرَهُ سَيْرًا بَيْنَ الجَهْدِ ودُونَ ذلِكَ، قال: وذلِكَ نِصْفُ عَدْوِ الإِبِلِ عَلَيْهَا الرُّكْبَانُ، ولا تَكُونُ الْإِفَاضَةُ إِلاَّ وعَلَيْهَا الرُّكْبَانُ. وقال غَيْرُهُ: الْإِفَاضَةُ: الزَّحْفُ والدَّفْعُ في السَّير بكثرةٍ، ولا يكُونُ إِلاَّ عن تَفرُّقٍ وجَمْعٍ. وأَصْلُ الإِفَاضَةِ: الصَّبُّ، فاسْتُعِيرَتْ للدَّفْعِ في السَّيرِ، وأَصْلُهُ أَفَاضَ نَفْسَهُ أَو رَاحِلتَهُ، ولذلِكَ فَسَّرُوا أَفَاضَ بدَفَعَ، إِلاَّ أَنَّهُمْ رَفَضُوا ذِكْر المَفْعُولِ، ولرَفْضِهِمْ إِيّاه أَشْبَهَ غَيْرَ المُتَعَدِّي، ومنه طَوَافُ الإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، يُفِيضُ مِنْ مِنًى إِلى مَكَّةَ فيَطُوفُ ثُمَّ يَرْجِعُ.
قال الجَوْهَرِي: وكُلُّ دَفْعَةٍ إِفَاضَةٌ.
وأَفَاضُوا في الحَديثِ: انْتَشَرُوا. وقال اللِّحْيَانِيّ: هُوَ إِذا انْدَفَعُوا فيهِ وخاضَوا، وأَكْثَرُوا. وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {إِذْ} تُفِيضُونَ {فِيهِ} أَي تَنْدَفِعُونَ فِيهِ وتَنْبَسِطُونَ في ذِكْره.
وحَدِيثٌ مُفَاضُ فِيهِ، ومنه قوْلُهُ تَعَالَى أَيْضًا: {لَمَسَّكُمْ فِيما} أَفَضْتُمْ.
وأَفَاضَ الْإِنَاءَ: أَتْأَقَهُ. عن اللِّحْيَانيّ. قال ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنَّهُ إِذا مَلَأَهُ حَتّى فَاضَ، وكَذلِك في الصّحاح والعُبَاب.
ومن المَجَازِ: أَفاضَ القِدَاحَ، وأَفاضَ بِهَا، وعلَيْهَا: ضَرَبَ بِهَا. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، وأَنْشَدَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ حِمَارًا وأُتُنَهُ:
فكَأَنَّهُنَّ رِبَابَةٌ وكَأَنَّهُ *** يَسَرٌ يُفِيضُ على القِدَاحِ ويَصْدَعُ
قال: يَعْنِي: بالقِدَاحِ. وحُرُوفُ الجَرِّ يَنُوبُ بَعْضُها مَنَابَ بَعْضٍ. كَذَا في الصّحاح والعُبابِ. والَّذِي قَرَأْتُهُ في شَرْحِ الدِّيوَانِ: وكَأَنَّهُ يَسَرٌ: الَّذي يَضْرِبُ بالقِدَاحِ، وإِفَاضته أَن يُرْسِلَهَا ويَدْفَعَها. ويَصْدَعُ: يُفَرِّقُ بالحُكْمِ، أَيْ يُخْبِرُ بما يَجِيءُ به. ويُرْوَى: يَخُوضُ على القِدَاحِ. أَرادَ يَخُوضُ بالقِدَاحِ فلَمْ يَسْتَقِمْ، فأَدْخَلَ «عَلَى» مَكَانَ البَاءِ. فتَأَمَّلُ.
وقال الأَزْهَرِيُّ: كُلُّ ما كانَ في اللُّغَةِ من بابِ الإِفَاضَةِ فَلَيْس يَكُونُ إِلاَّ عن تَفَرُّقٍ وكَثْرَةٍ.
وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَخْرَجَ الله ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ، فأَفَاضَهُمْ إِفَاضَةَ القِدْحِ» هي الضَّرْبُ بِهِ وإِجالَتُه عِنْدَ القِمَارِ. والقِدْحُ: السَّهْمُ، وَاحِدُ القِدَاحِ الَّتي كَانُوا يُقَامِرُون بِهَا. ومنه حَدِيثُ اللُّقَطَةِ: «ثُمَّ أَفِضْهَا في مَالِكَ، أَيْ أَلْقِهَا فيه واخْلِطْهَا بِهِ.
وأَفَاضَ البَعِيرُ: دَفَعَ جِرَّتَهُ مِنْ كِرْشِهِ فأَخْرَجَهَا. نَقَلَه الجوْهَرِيُّ. قال: ومنه قَوْلُ الشَّاعِرِ، قُلْتُ: وهو قَولُ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بَعْدَ كُظُومِهِنَّ بجِرَّةٍ *** مِنْ ذِي الأَبارِقِ إِذْ رَعَيْن حَقِيلًا
وقِيلَ: أَفَاضَ البَعِيرُ بجِرَّتِهِ: رَمَاهَا مُتَفَرِّقَةً كَثِيرَةً. وقِيلَ: هو صَوْتُ جِرَّتِه ومَضْغِه. وقال اللِّحْيَانيّ: هو إِذَا دَفَعَها من جَوْفِهِ وأَنْشَدَ قَولَ الرَّاعِي. ويُرْوَى: مِنْ ذِي الأَباطِحِ.
ويُقَالُ: كَظَمَ البَعِيرُ إِذا أَمْسَكَ عَنِ الجِرَّةِ.
والمُفَاضَةُ مِنَ الدُّرُوعِ: الوَاسِعَةُ. نَقَلَه الجَوْهَرِيّ. وقد أُفِيضَتْ، وأَفَاضَهَا عَلَيْه، كما يُقال صَبَّهَا عَلَيْه. وهو مَجاز.
والمُفَاضَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الضَّخْمَةُ البَطْنِ. كما في الصّحاح، وزَادَ في اللِّسان: المُسْتَرْخِيَةُ اللَّحْمِ، وقد أُفِيضَت، وزَاد غَيرُهُ: البَعِيدةُ الطُّولِ عن الاعْتِدَال. وفي الأَساسِ: هي خِلافُ المَجْدُولَةِ. وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لِامْرِئ القَيْسِ:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ *** تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ
وهو مَجَاز:
ورجُلٌ مُفَاضٌ: وَاسِعُ البَطْنِ، والأُنْثَى مُفَاضَةٌ.
وفي صِفَةِ النَّبِيّ صَلى الله عليه وآله وسلّم: كان النبيَّ صَلى الله عليه وآله وسلّم مُفَاضَ البَطْنِ» أَي مُسْتوِيَ البَطْنِ مَعَ الصَّدْرِ. وقيل: المُفَاضُ: أَنْ يَكُونَ فيه امْتِلاءٌ، مِنْ فَيْضِ الإِناءِ، ويُرِيدُ أَسْفَلَ بَطْنِهِ.
واسْتَفَاضَ: سَأَلَ إِفَاضَةَ الماءِ وغَيْرِه، كما في الصّحاح.
ويُقَالُ: اسْتَفَاضَ الوَادِي شَجَرًا؛ أَي اتَّسَعَ وكَثُرَ شَجَرُه.
نَقَلَه الجَوْهرِيُّ. وهو مَجَازٌ. وقال غَيرُه: اسْتَفَاضَ بالمَكَانِ: اتَّسَعَ، وأَنْشَدَ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
بِحيْثُ اسْتَفَاضَ القِنْعُ غَرْبِيَّ وَاسِطٍ
ومن المجَازِ: اسْتَفَاضَ الخَبَرُ والحَدِيثُ: ذَاعَ وانْتَشَر، كفَاضَ، فهو مُسْتَفِيضٌ ذَائعٌ في النَّاس مِثْل الماءِ المُسْتفِيضِ، ومُسْتفاضٌ فِيهِ، ولا تَقُل: حدِيثٌ مُسْتَفاضٌ، فإِنّهُ لَحْنٌ، وهو قَولُ الفَرَّاءِ والأَصْمَعِيّ وابْنِ السِّكِّيت وعَامَّةِ أَهْلِ اللُّغَةِ. وكَلامُ الخاصِّ: حَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ، أَيْ مُنْتَشِرٌ شائِعٌ في النّاسِ، هكَذا نَقَلَهُ الأَزْهَرِيّ مُطَوَّلًا، والجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانِيّ، أَو لُغَيَّةٌ، مِن اسْتَفَاضُوهُ فهُوَ مُسْتَفَاضٌ، أَيْ مَأْخُوذٌ فِيهِ. قال شَيْخُنَا: والقِيَاسُ لا يُنَافِيهِ، وقد استَعْمَلَهُ أَبُو تَمَّامٍ كما في مُوَازَنَةِ الآمِدِيّ، ونَقَل ما يُؤَيِّدُهُ في المِصْباح.
ومُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر، هكَذَا في سَائِر النُّسخِ، قالَ شَيْخُنَا: الصَّوابُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بنِ الحَسَنِ بن المُسْتَفَاضِ، القَاضِي الفِرْيابِيّ، ويُقَال: الفَارِيَابِيّ مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ. قال شَيْخُنَا: كَما وُجِد بخَطّ الحافِظِ ابن حَجَرٍ.
قُلتُ: ومثلُه في العُبَاب إِلاّ أَن كَلامَ المُصَنِّف فِيمَا أَوْرَدَهُ صَحِيحٌ لا خَطَأَ فيه، فإِنَّ مُحَمَّدَ بنَ جعْفَرٍ هذا هو القاضِي أَبُو الحَسَنِ المُحَدِّث الّذِي سَمِعَ مِن عَبَّاسٍ الدُّورِيّ وطَبَقَتِه. وأَما أَبُوهُ جعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ فَهُو المَوْصُوفُ بالحافِظِ صَاحِب التَّصانِيفِ الكَثِيرَةِ، وقد حَدَّث عَن بَلَدِيِّهِ أَبِي عَمْرٍو عَبدِ الله بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ بنِ وَاقِدٍ الفِرْيَابِيّ وغَيْرِه، فتَأَمَّلْ.
* وممّا يُسْتدركَ علَيْه:
فَاضَتْ عينُه تَفِيض فَيضًا، إِذا سَالَتْ. ويُقَالُ أَفَاضَتِ العَيْنُ الدَّمْعَ تُفِيضُهُ إِفَاضَةً، وأَفَاضَ فُلانٌ دَمْعَهُ.
وحَوْضٌ فَائِضٌ أَي مُمْتَلِئٌ.
وماءٌ فَيْضٌ: كَثِيرٌ.
وبَحرٌ فائِضٌ: مُتَدَفِّقٌ.
والفَيْضُ: النَّهرُ عَامَّةً، والجَمْعُ أَفْيَاضٌ وفُيُوضٌ، وجَمْعُهُمْ له يَدُلُّ على أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بالمَصْدَرِ.
ونَهْرٌ فَيَّاضٌ: كَثِيرُ المَاءِ. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ.
ورَجُلٌ فَيْضٌ: كَثِيرُ المَعْروفِ.
وفَيَّاضٌ: وَهَّابٌ جَوَادٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقِيلَ: كَثِيرُ المَعْرُوفِ. وفي العُبَابِ: كَثِيرُ العَطاءِ، وأَنشَد لرُؤْبَةَ:
أَنْتَ ابنُ كُلِّ سيِّدٍ فَيَّاضِ *** جَمِّ السِّجَالِ مُتْرَعِ الحِيَاضِ
وأَعْطَاهُ غَيْضًا مِنْ فَيْضٍ؛ أَي قَلِيلًا مِن كَثِيرٍ، نقَلَه الجَوْهَرِيّ. وقد سَبَقَ للمُصَنّف في غ ي ض.
وأَفَاضَ بالشَّيْء: رَمَى به. قال أَبو صَخْرٍ الهُذَلِيُّ يَصِفُ كَتيبَةً:
تَلَقَّوْهَا بطَائِحَةٍ زَحُوفٍ *** تُفِيضُ الحِصْنَ منها بالسِّخَالِ
ودِرْعٌ فَيُوضٌ [ومُفَاضة]: وفَاضَةٌ: وَاسِعَةٌ. الأَخِيرَةُ عن ابنِ جِنّي.
والمُفَاضَةُ من النِّسَاءِ: المَجْمُوعَةُ المَسْلَكَيْنِ، كَأَنَّهُ مَقْلُوبُ المُفْضَاةِ. وأَفَاضَ المَرْأَةَ وأَفْضَاهَا عِنْدَ الافْتِضاضِ بمَعْنًى وَاحِدٍ. نَقَلَه صاحِبُ اللِّسَان وابنُ القَطَّاع، ونَقَلَه الصَّاغَانِيّ عن يُونُسَ، قال ذَكَرَها في كِتَابِ «اللُّغَاتِ» له.
وأَفاضَ الماءُ، أَيْ سَالَ، كفَاضَ.
وفَاضَ البَعِيرُ بجِرَّتِهِ: لُغَة في أَفاضَ.
وفَاضَ الرَّجُلُ عَرَقًا: ظَهَر على جِسْمِه عِنْد الغَمِّ، نَقَلَه ابنُ القَطَّاع. وقد سَمَّوْا فَيَّاضًا، وفَيْضًا، ومُسْتَفَاضًا.
وفَيْضُ اللِّوَى: مَوْضِعٌ. قال أَبو صَخْرٍ الهُذَلِيّ:
فَلَوْلَا الَّذِي حُمِّلْتُ مِن لَاعِجِ الهَوَى *** بفَيْضِ اللِّوَى عِزًّ وأَسْمَاءُ كَاعِبُ
وفَيْضُ أَرَاكَةَ: مَوْضِعٌ آخر. قال مُلَيْحُ بنُ الحَكَمِ الهُذَلِيّ:
فَمِنْ حُبِّ لَيْلَى يَوْمَ فَيْضِ أَرَاكَةٍ *** ويَوْمًا بقِرْنٍ كِدْتَ لِلْمَوْتِ تُشْرِفُ
كما في العُبَابِ.
ويُقَال: كَلَّمَهُ فما أَفَاضَ بكَلِمَةٍ؛ أَي ما أَفْصَحَ.
وفَاضَ صَدرُه من الغَيْظ، وهو مَجاز.
وفَيّاضٌ، كشَدَّادٍ: مَوْضِعٌ.
وقد كُنِّيَ أَبا الفَيْضِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو الفَيْضِ مُوسَى بنُ أَيّوبَ الشّامِيُّ، ويُقَالُ ابنُ أَبِي أَيُّوبَ، رَوَى عن سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، وعَنْهُ شُعْبَةُ.
وأَبُو الفَيْضِ: تَابِعِيٌّ، عن أَبِي ذَرٍّ، وعَنْهُ مَنْصُورُ بنُ المُعْتَمِرِ. كَذَا في «الكُنَى» لابْنِ المُهَنْدِس.
والفَيَّاضُ أَيْضًا: لَقَبُ عِكْرِمَةَ بن رِبْعِيّ، من وَلَدِ مَالِكِ بْنِ تَيْمِ الله.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
14-تاج العروس (حلم)
[حلم]: الحُلْمُ، بالضمِ وبضمَّتَيْنِ: الرُّؤْيا، وعلى الضمِ اقْتَصَرَ الجوهَرِيُّ وقالَ: هو ما يَراهُ النائِمُ.قالَ شيْخُنا: فهُما مُتَرادِفان وعليه مَشَى أَكْثرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وفرَّقَ بَيْنهما الشارِعُ فَخَصَّ الرُّؤْيا بالخَيْرِ، وخَصَّ الحُلْم بضِدِّه. ويُؤَيّدُه حَدِيْث: الرُّؤْيا مِن اللهِ والحُلْم مِن الشَّيْطان، وقد أَوْضَحَ الفَرْقَ بَيْنهما صاحِبُ حاشِيَة المَواهِبِ في الأَوَائِل.
قلْتُ: ويُؤَيّدُه أَيْضًا قوْلُه تعالَى {أَضْغاثُ أَحْلامٍ}.
وقد يُسْتَعْمَلُ كلُّ منهما في مَوْضِعِ الآخر، الجمع: أَحْلامٌ كقُفْلٍ وأَقْفالٍ وعُنُقٍ وأَعْناقٍ.
وحَلَمَ في نَوْمِه يَحْلُمُ حُلُمًا، واحْتَلَم وتَحَلَّمَ وانْحَلَمَ، قالَ بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ:
أَحقٌّ ما رأَيْتَ أَمِ احْتِلامُ؟
ويُرْوَى: أَمِ انْحِلامُ. واقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ على الأَوْلَيَيْن ولم يَذْكر ابنُ سِيْده تَحَلَّم.
وتَحَلَّمَ الحُلْمَ: أَي اسْتَعمَلَهُ.
وحَلَمَ به وحَلَمَ عنه وتَحَلَّمَ عنه: رَأَى له رُؤْيا، أَو رَآهُ في النَّومِ.
وفي المحْكَمِ: أَي رَآهُ في النَّومِ.
وقالَ الجوْهَرِيُّ: حَلَمْتُ بكذا وحَلَمْتُه أَيْضًا، وأَنْشَدَ:
فَحَلَمْتُها وبُنو رُفَيْدَةَ دونها *** لا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ
انتَهَى.
ويقالُ: حَلَمَ الرجُلُ بالمرأَةِ إِذا حَلَمَ في نَوْمِهِ أَنَّه يُباشِرُها.
والحُلْمُ، بالضمِ، والاحْتِلامُ: الجِماعُ في النَّومِ، والاسمُ الحُلُمُ، كعُنُقٍ، ومنه قوْلَه تعالَى {لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ}، والفِعْلُ كالفِعْلِ.
وفي الحَدِيْث: أَمَرَ مُعاذًا أَنْ يَأخُذَ من كلِّ حالِمٍ دِينارًا، يعْنِي الجزْيَةَ.
قالَ أَبو الهَيْثمِ: أَرادَ بالحالِمِ كلَّ مَنْ بَلَغَ الحُلُمَ وجَرَى عليه حُكْمُ الرِّجالِ، حَلَمَ أَو لم يَحْتَلِم.
وفي حَدِيْث آخر: «الغُسْلُ يومَ الجُمعةِ واجِبٌ على كلِّ حالِمٍ»، إِنَّما هو على مَنْ بَلَغَ الحُلُمَ أَي بَلَغَ أَنْ يَحْتَلِمَ أَو احْتَلَمَ قبْلَ ذلِكَ، وفي رِوايَةٍ: مُحْتَلِمٍ أَي بَالِغ مُدْرِك.
وقالَ السبكيّ في إِبْرازِ الحُكْم في شرْحِ حَدِيْث رَفْع القَلَم ما نَصّه: أَجْمَعَ العُلَماءُ أَنَّ الاحْتِلامَ يَحْصلُ به البُلوغ في حَقِّ الرجُلِ ويدلُّ لذلِكَ قَوله تعالَى: {وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}، وقوْلُه، صلى الله عليه وسلم، في هذا الحَدِيْث: وعن الصَّبيِّ حتى يَحْتَلِمَ، وهي رِوايَةُ ابن أَبي السَّرْح عن ابنِ عَبَّاس، قالَ: والآيَةُ أَصْرَح فإِنَّها ناطِقَةٌ بالأَمْرِ بعْدَ الحُلْم. ووَرَدَ أَيْضًا عن عليٍّ، رضي الله عنه رفعه لا يتم بعد احْتِلام ولا صمات يوم إِلى الليلِ، رَوَاه أَبو دَاوُد، المُرادُ بالاحْتِلامِ خُرُوج المَنيّ سُواء كان في اليَقْظَةِ أَمْ في المَنام بحُلْمٍ أَو غَيْر حُلم. ولمَّا كان في الغالِبِ لا يَحْصلُ إِلَّا في النَّوْمِ بحُلم أُطْلِقَ عليه الحُلْم والاحْتِلامُ، ولو وُجِد الاحْتِلامُ مِن غَيْرِ خُرُوج مَنِيّ فلا حُلمٌ له، ثم قالَ: وقوْلُه في الحَدِيْث: حتى يَحْتَلِم دَليلُ البُلوغ بذلِكَ وهو إِجْماعٌ، وهو حَقيقَةٌ في خُرُوج المَنِي بالاحْتِلامِ، ومجازٌ في خُرُوجِه بغيرِ احْتِلامٍ يَقْظةً أَو مَنامًا، أَو مَنْقول فيمَا هو أَعَمّ مِن ذلِكَ ويخرج منه الاحْتِلامُ بغيرِ خُرُوجِ مَنِي إن أَطْلَقْناه عليه مَنْقولًا عنه، أَو لكَوْنِه فَرْدًا مِن أَفْرادِ الاحْتِلامِ، انتَهَى.
والحِلْمُ، بالكسْرِ: الأَناةُ والعَقْلُ، وقيلَ: ضَبْطُ النفْسِ والطَّبْع عن هَيَجانِ الغَضَبِ، الجمع: أَحْلامٌ وحُلومٌ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: وهو أَحَدُ ما جُمِعَ مِن المصَادِرِ، ومنه قوْلُه تعالَى: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا، قيلَ: مَعْناه عُقُولُهم. وليسَ الحِلْم في الحَقِيقَةِ العَقْل لكنْ فسَّرُوه بذلِكَ لكَوْنِهِ مِن مُسَبِّباتِ العَقْل، وفي الحَدِيْث: «لِيَلِيَنِّي منكم أُولو الأَحْلامِ والنُّهَى؛ أَي ذُوو الأَلْبابِ والعُقولِ، وقالَ جَريرٌ:
هَلْ مِن حُلُومٍ لأَقْوامٍ فَتُنْذِرَهُم *** ما جَرَّبَ الناسُ من عَضِّي وتَضْرِيسي؟
وهو حَلِيمٌ، كأَميرٍ، ومنه قوْلُه تعالَى: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}، قيلَ: إنَّهم قالُوه على جهَةِ الاسْتِهْزاءِ، الجمع: حُلَماءُ وأَحْلامٌ ككَرُماء وكَرِيم وشَهِيدٍ وأَشْهادٍ، وقد حَلُمَ بالضمِ، حِلْمًا: صارَ حَلِيمًا، قالَ ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّات:
مُجَرَّبُ الحَزْمِ في الأُمورِ وإِن *** خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهْلِها حَلُمَا
وتَحَلَّمَ الرجُل: تَكَلَّفَهُ، أَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ:
تَحَلَّمْ عن الأَدْنِينَ واسْتَبْقِ وُدَّهم *** ولن تَسْتطيعَ الحِلْم حتى تَحَلَّما
وتَحَلَّمَ المالُ: سَمِنَ.
وتَحَلَّمَ الصَّبيُّ والضِّبُّ واليَرْبوعُ والجَرادُ، كذا في النسخِ، والصَّوابُ: والجِرْذانُ والقِرْدانُ: أَقْبَلَ شَحْمُه وسَمِنَ واكْتَنَزَ، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ لأَوْسِ بنِ حَجَر:
لحينهم لحي العَصا فطرَدْنَهُمْ *** إلى سَنةٍ جِرْذانُها لم تَحَلَّمِ
ويُرْوَى: قِرْدانُها. وأَمَّا أَبو حَنيفَةَ فخصَّ به الإِنْسان.
وحَلَّمَه تَحْلِيما وحِلَّامًا، ككِذَّابٍ، جَعَلَه حَلِيمًا، قالَ المُخَبَّلُ السَّعديُّ:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْل حتى تَنَهْنَهَتْ *** إلى ذي النُّهَى واستَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ
أَو حَلَّمه: أَمَرَه بالحِلْمِ، وبه فسِّرَ البَيْتُ أَيْضًا؛ أَي أَطاعُوا الذي يأْمرُهُم بالحِلْمِ.
وأَحْلَمَتِ المرْأَةُ إذا وَلَدَتِ الحُلَماءَ.
وذو الحِلْمِ، بالكسْرِ: عامِرُ بنُ الظَّرِبِ العَدْوَانيُّ، ومنه قولُ الشاعِرِ:
إنَّ العَصا قُرِعَتْ لذي الحِلْمِ
وقد ذُكِرَ في ق ر موضع مُسْتوفى.
والأَحْلامُ: الأَجْسامُ بِلا واحِدٍ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: لا أَعْرِف لها واحِدًا.
وأَحْلُمٌ، بضمِ اللَّامِ: ابنُ عُبَيدٍ البُخارِيُّ عن عيسَى غنجار، وعنه نصرُ بنُ محمدٍ وعُمَرُ بنُ حَفْصٍ، هكذا في النسخِ، والصَّوابُ: عُمَرُ أَبو حَفْصٍ بنُ أَحْلُم، كذا هو نصُّ التَّبْصيرِ عن سَهْلِ بنِ المتوكِّلِ وجماعَةٍ: مُحَدِّثانِ. والحَلَمَةُ، محرَّكةً: الثُّؤْلُولُ في وسَطِ الثَّدْيِ.
وفي الصِّحاحِ: الحَلمَةُ رَأْسُ الثَّدْي، وهُما حَلَمَتان.
وفي التَّهْذِيبِ: الحَلَمَةُ رَأْسُ الثَّدْي في وسَطِ السَّعْدانَة.
وقيلَ: هي الهُنَيَّةُ الشَّاخصَةُ مِن ثَدْيِ المرْأَةِ.
والحَلَمَةُ: شَجَرَةُ السَّعْدانِ وهي مِن أَفاضِلِ المرْعَى.
وقالَ أَبو حَنيفَةَ: الحَلَمَةُ دوْن الذِّراع، لها ورقَةٌ غَلِيظةٌ وأَفْنانٌ وزَهْرَةٌ كزَهرَةِ شقائِقِ النُّعمانِ إِلَّا أَنَّها أَكْبَرُ وأَغْلَظُ.
قالَ الأزْهَرِيُّ: ليْسَتِ الحَلَمَةُ مِن السَّعْدانِ في شيءٍ، السَّعْدانُ بَقْلٌ له شَوْكٌ مُسْتَدِيرٌ، والحَلَمَةُ لا شَوْك لها، وهي من الجَنْبةِ مَعْروفَة، وقد رأَيْتُها.
والحَلَمَةُ: نَباتٌ آخَرُ، وفي الصِّحاحِ: ضَرْبٌ مِن النَّبْتِ.
قالَ الأصْمَعِيُّ: هي الحَلَمَةُ واليَنَمةُ.
ونَقَلَ غيرُه عن الأصْمَعِيّ: أَنَّها نَبْتٌ مِن العشْبِ فيه غُبْرَةٌ له مَسٌّ أَخْشَنُ أَحْمَر الثّمَرَةِ.
وقالَ غيرُه: تَنْبتُ بنَجْدٍ في الرَّمْلِ في جُعَيثنة، لها زَهْرٌ ووَرَقُها أُخَيْشِنٌ عليه شوْكٌ كأنَّه أَظافِيرُ الإنْسانِ، تَطْنى الإِبِل وتَزِلُّ أَحْناكُها إِذا رَعَتْه مِن العِيْدانِ اليابِسَةِ.
والحَلَمَةُ: الصَّغيرَةُ من القِرْدانِ، جَمْعُ قُرادٍ، أَو الضِّخْمَةُ منها. وفي الصِّحاحِ: القُرادُ العَظيمُ وهو مِثْلُ العَلِّ، ضِدُّ، وقيلَ: هو آخِرُ أَسْنانِها. وفي حَدِيْث ابنِ عُمَرَ: أنَّه كان يَنْهَى أَن تُنْزَع الحَلَمَةُ عن دابَّتِه.
وقالَ الأَصْمَعيُّ: القُرادُ أَوَّل ما يكونُ صَغيرًا قَمْقامَةٌ، ثم يَصِيرُ حَمْنانَةً، ثم يَصِيرُ قُرادًا، ثم حَلَمَةً.
وحَلِمَ البَعيرُ، كفَرِحَ، حَلَمًا: كَثُرَ حَلَمُهُ، فهو حَلِمٌ، ككَتِفٍ. ويقالُ أَيضًا: بَعيرٌ حَلِمٌ: قد أَفْسَدَه الحَلَمُ مِن كَثْرتِه عليه.
وعَناقٌ حَلِمَةٌ، كفَرِحَةٍ، وتِحْلِمَةٌ من تَحالِمَ: قد أَفْسَدَ جلْدَها الحَلَمُ، والجَمْعُ الحُلَّامُ.
والحَلَمَةُ أَيضًا: دُودَةٌ تَقَعُ في جلْدِ الشاةِ الأَعْلى وجلْدِها الأَسْفَل.
قالَ الجوْهَرِيُّ: هذا لفظُ الأَصْمَعِيِّ، فإذا دُبِغَ لم يَزَلْ ذلِكَ المَوْضِعُ رَقِيقًا.
وقالَ غيرُه: دُودَةٌ تَقَعُ في الجِلْدِ فتَأْكُلُه فإذا دُبِغَ وَهَى مَوْضِعُ الأَكْلِ وبَقيَ رَقيقًا، الجمع: حَلَمٌ.
وبنُو حَلَمَةَ: حَيُّ مِن العَرَبِ.
والحَلَمَةُ: الهَدَرُ من الدِّماءِ.
وحَلِمَ الجِلْدُ، كفَرِحَ، وَقَعَ فيه الحَلَمُ، وهي الدُّودَةُ المَذْكورَةُ فنَقَّبَتْه وأَفْسَدَتْه فلا يُنْتَفَعُ به.
وقالَ أَبو عُبَيْد: الحَلَمُ أَن يَقَعَ في الأدِيمِ دَوابُّ فلم يخصَّ الحَلَمَ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: وهذا منه إغْفالٌ.
وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للولِيد بن عُقْبَةَ بنِ أَبي معيطٍ يَحُضُّ مُعاوِيَة على قِتالِ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهما، ويقولُ له: أَنْتَ تَسْعَى في إصْلاحِ أَمْرٍ قد تَمَّ فَسادُه، كهذه المرْأَة التي تَدْبُغُ الأدِيمَ الحَلِمَ الذي قد نَقَّبَته الحَلَمُ فأَفْسَدَتْه، في أَبْياتٍ منها:
فإنَّكَ والكتابَ إلى عليٍّ *** كدابِغةٍ وقد حَلِمَ الأَدِيمُ
وحَلَمَهُ حَلَمًا وحَلَّمَهُ بالتَّشديدِ، نَزَعَه عنه. وخَصَّصَه الأزْهَرِيُّ فقالَ: وحَلَّمْتُ الإِبِلَ أَخَذْتُ عنها الحَلَم.
والحُلَّامُ، كزُنَّارٍ: الجَدْيُ يُؤْخَذُ مِن بطْنِ أُمِّه، كما في الصِّحاحِ.
وقالَ اللَّحْيانيُّ: هو الجَدْيُ والحَمَلُ الصَّغيرُ، يَعْنِي الخَرُوفَ.
قالَ ابنُ بَرِّي: سُمِّي الجَدْيُ حُلَّامًا لمُلازَمَتِه الحَلَمَةَ يَرضعُها. ونَقَلَ الجوْهَرِيُّ عن الأصْمَعيّ الحُلَّامُ والحُلَّانُ، بالميمِ والنونِ، صِغارُ الغَنَمِ.
قلْتُ: وقد ذَكَرَه المصنِّف في «ح ل ل» على أنَّ النُّونَ زائِدَةٌ، وصَرَّحَ السّهيليُّ في الرَّوضِ بأنَّ النونَ بَدَلُ الميمِ.
وقيلَ: الحُلَّامُ هو الصَّغيرُ الذي حَلَّمهُ الرَّضاعُ؛ أَي سَمَّنَهُ، فتكونُ الميمُ أَصْلِيَّةً.
وقالَ الأزْهَرِيُّ: الأصْلُ حُلَّان، وهو فُعْلان مِن التّحْليلِ، فقُلِبَتِ النُّونُ مِيمًا.
وقالَ عَرَّام: الحُلَّامُ ما بَقَرْتَ عنه بَطْن أُمِّه فَوَجَدْته قد حَمَّمَ وشَعَّرَ، فإنْ لم يكنْ كَذلِكَ فهو غَضِينٌ، وقد أَغْضَنَتِ الناقَةُ إذا فَعَلتْ ذلِكَ.
والحُلَّامُ: حَيُّ من عَدْوانَ، ويقالُ: هم وحَلَمَةُ بَطْنٌ واحِدٌ، ويقالُ: هم قَبائِلُ: شَتَّى.
ودَمٌ حُلَّامٌ: هَدَرٌ باطِلٌ، قالَ: مُهَلْهِلٌ:
كلُّ قَتيلٍ في كُلَيْبٍ حُلَّامْ *** حتى ينالَ القَتْلُ آلَ حَمَّامْ
ويُرْوَى: حُلَّانْ، والشَطْرُ الثاني:
حتى ينالَ القَتْلُ آلَ شَيْبانْ
والحالومُ: ضَرْبٌ مِن الأَقِطِ عن ابنِ سِيْدَه. أَو لَبَنٌ يَغْلُظُ فَيَصيرُ شبيهًا بالجُبْنِ الطَّريِّ، وفي الصِّحاح: بالجُبْنِ الرطب وليسَ به.
قلْتُ: وهي لُغَةٌ مصْرِيَّةٌ.
والحَليمُ: الشَّحْمُ المُقْبِلُ، عن ابنِ سِيْدَه، وأَنْشَدَ:
فإِن قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعَةً *** من المُخِّ في أَنقاءِ كلِّ حَلِيم
وقيلَ: الحَلِيمُ هنا البَعيرُ المُقْبِلُ السِّمَنِ، فهو على هذا صفَةٌ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: ولا أَعْرِف له فِعْلًا إِلَّا مَزيدًا.
وحَلِيمُ بنُ وَضَّاحٍ الفَقِيهُ شيخٌ لأَبي سعْدٍ الإِدْرِيسيّ.
وحَلِيمٌ: جَدُّ لأَبي عبدِ اللهِ الحُسَيني بنِ محمدٍ، هكذا في النسخِ، والصَّوابُ: الحُسَيْن، بنِ الحَسَنِ بنِ محمدِ بنِ حَلِيمٍ الحَلِيميِّ الفَقِيه الشافِعيّ ذي التَّصانِيفِ، وُلِدَ بجُرْجَان سَنَة ثَلاثُمائة وثَمان وثَلاثِيْن وحمل إلى بخارى وكَتَبَ بها الحَدِيْث وصارَ إِمامًا مُعَظَّمًا، تُوفي سَنَة ثَلاث وأَرْبَعمائة.
وسِياقُ عِبارَة الرَّشاطيّ أَنَّه مَنْسوبٌ إِلى حليمةَ السَّعْديَّة.
وأَخيهِ الحَسَنِ هكذا في النسخِ وهو غَلَطٌ، والمُسَمَّى بالحَسَنِ بنِ محمدٍ رَجُلان وكِلاهُما يُنْسَبان إِلى الجَدِّ: أَحَدُهما: أَبو محمدٍ الحَسَنُ بنُ محمدِ بنِ حَلِيمِ بنِ إِبراهيمِ بنِ مَيْمون الصائِغِ المَرُوزيّ الحَليميّ، وهو الذي يَأْتي قَرِيبًا ذِكْرُ أَبيهِ، رَوَى عنه الحاكِمُ أَبو عبدِ الله.
والثاني: أَبو الفُتوحِ الحَسَنُ بنُ محمدِ بنِ أَحْمدَ النَّيسابوريّ الحَلِيميّ سَمِعَ منه ابنُ السَّمعانيّ، فتأَمَّلْ ذلِكَ.
وحَلِيمُ بنُ دَاوُدَ الكِشيّ شيخُ لأَسْباط بن اليسع، ومحمدُ بنُ حَليمِ بنِ إِبْراهيمِ بنِ مَيْمون الصائِغ المَرْوَزِيُّ عن عليِّ بنِ حجر، وعنه ابْنُه الحَسَنُ بنُ محمدٍ، مُحَدِّثانِ.
وكسَفِينَةٍ: أَبو حَلِيمَةَ مُعاذٌ بنُ الحارِثِ الخَزْرجيُّ البُخارِيُّ القارِئُ صَحابيُّ شَهِدَ الخَنْدقَ، وقيلَ: لم يُدْرِك من حياةِ النبيِّ، صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم، إِلَّا ستَّ سِنِيْن وقُتِلَ يومَ الحرَّةِ.
وحَلِيمَةُ بِنْتُ أَبي ذُؤَيْبٍ عَبْد الله بنِ الحارِثِ، مُرْضِعةُ النبيِّ، صلى الله تعالى وسلم، مِن بنِي سعْدٍ مِن قيسِ عَيْلان أَخْرَجَ لها الثلاثَةُ ولم يَذْكُروا ما يدلُّ على إِسْلامِها إِلَّا ما جَاءَ في الاسْتِيعابِ لابنِ عبْدِ البَرِّ ما نَصّه: رَوَى زيدُ بنُ أَسْلم عن عَطاء بنِ يَسارٍ قالَ: جاءَتْ حَليمةُ بنْتُ عبدِ اللهِ، أُمُّ النبيِّ، صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم، الرَّضاعَة، إليه يومَ حُنَيْن فقامَ إليها وبَسَطَ لها رِداءَهُ فجَلَسَتْ عليه.
وحَلِيمَةُ بِنْتُ الحَارِثِ الأَكْبر ابنِ أَبي شِمْرٍ الغَسَّانيِّ، وجَّهُ أَبوها جَيْشًا إلى المُنْذِرِ بنِ ماءِ السما فأَخْرَجَتْ لهم مِرْكَنًا من طِيبٍ فَطَيَّبَتْهُمْ منه، قالَهُ ابنُ الكَلْبي.
فقالوا: ما يَوْمُ حليمَة بِسِرٍّ، يُضْرَبُ لكلِّ أَمْرٍ مُتَعالَمٍ مَشْهورٍ، ويُضْرَبُ أَيْضًا للشَّرِيفِ النَّابِهِ الذِّكْرِ.
ورَوَاه ابنُ الأَعْرَابيِّ وَحْدُه: ما يَومُ حَليمَةٌ بشَرٍّ، قالَ: والأَوّل هو المَشْهورُ، قالَ النَّابغَةُ يَصِفُ السُّيوفَ:
تُوُرِّثْنَ من أَزْمانِ يومِ حَلِيمةٍ *** إلى اليوم قد جُرّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وحُلَيْمَةُ، كجُهَيْنَةَ: موضع، قالَ ابنُ أَحْمر يَصِفُ إِبِلًا:
تَتَبَّعُ أَوضاحًا بسُرَّةِ يِذْبُلٍ *** وتَرْعَى هَشِيمًا من حُلَيْمةَ بالِيا
وحُلَيْماتٌ، كجُهَيْناتٍ: أَنْقاءٌ بالدَّهْناءِ، أَو أَكَماتٌ ببَطْنِ فَلْجٍ، كما في الصِّحاحِ، قالَ:
كأَنَّ أَعْناقَ المَطِيِّ البُزْلِ *** بين حُلَيْماتٍ وبين الجَبْلِ
من آخرِ الليلِ جُذُوعُ النَّخْلِ
أَرادَ أَنَّها تَمُدُّ أَعْناقَها مِن التَّعَبِ.
والحَلَمَتانِ، محرّكةً: موضع.
والحَيْلَمُ، كحَيْدَرٍ: دَوابُّ صِغارٌ.
* وممّا يُسْتدركَ عليه:
الحَلِيمُ: في صِفاتِ اللهِ تعالَى الذي لا يَسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة ولا يَسْتفِزَّه الغَضَب عليهم، ولكنَّه جَعَلَ لكلِّ شيءٍ مِقْدارًا، فهو مُنْتَهٍ إليه.
وتَحَلَّمَ: تَكَلَّفَ الحِلْمَ، ومنه الحَدِيْث: «مَن تَحَلَّم ما لم يَحْلُمْ كُلِّفَ أَن يَعْقِدَ بينَ شَعِيرَتَيْن».
يقالُ: تَحَلَّم إِذا ادَّعَى الرُّؤْيا كاذِبًا.
وأَحْلامُ نائِمٍ: ثِيابٌ غِلاظٌ، نَقَلَه ابنُ خَالَوَيْه، زادَ الزَّمَخْشريُّ: مُخَطَّطَةٌ لأَهْلِ المَدِينَة، وأَنْشَدَ:
تبدَّلْت بعد الخَيْزُرَانِ جَرِيدَةً *** وبعد ثيابِ الخَزِّ أَحْلامَ نائِمِ
وفي المُحْكَمِ: وأَحْلامُ نائِمٍ ضَرْبٌ مِن الثِّيابِ، ولا أُحقّها.
وحَلُمَ عنه، ككَرُمَ، وتَحَلَّم سَواء.
وتَحَالَمَ: أَرَى مِن نفْسِه ذلِكَ وليسَ به، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
وتحلمت القِرْبَةُ: امْتَلَأتْ، وحَلَّمْتُها: مَلَأْتُها.
وأَدِيمٌ حَلِيمٌ، كأَميرٍ: أَفْسَدَهُ الحَلَمُ قَبْلَ أَن يُسْلَخَ.
ومُحَلَّمٌ، كمُعَظَّمٍ: نَهْرٌ يأْخُذُ مِن عَيْن هَجَرَ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للأَعْشَى:
ونحن غداةَ العَيْنِ يومَ فُطَيْمةٍ *** مَنَعْنا بنِي شَيْبان شُرْبَ مُحَلِّمِ
وقالَ الأَزْهَرِيُّ: مُحَلِّم عَيْنٌ ثَرَّةٌ فَوَّارَةٌ بالبَحْرَيْن، وما رَأيْت عَيْنًا أَكثَر ماءً منها، وماؤُها حارُّ في مَنْبَعِه، وإِذا بَرَدَ فهو ماءٌ عَذْبٌ، قالَ وأَرَى مُحَلِّمًا اسمَ رجُلٍ نُسِبَتِ العينُ إليه، ولهذه العَيْنِ إِذا جَرَتْ في نَهْرِها خُلُجٌ كَثيرَةٌ، تَسْقي نَخِيْل جُؤَاثَى وعَسَلَّج وقُرَيَّات مِن قُرَى هَجَرَ، وقالَ الأَخْطَلُ:
تَسَلسَلَ فيها جَدْوَلٌ مِن مُحَلِّمٍ *** إِذا زَعْزَعَتْها الريحُ كادتْ تُمِيْلُها
والحُلَامُ، كغُرابٍ: ولَدُ المَعزِ.
وبنُو مُحَلَّمٍ، كمُعَظَّمٍ: بطْنٌ، عن ابنِ سِيْدَه قلْتُ: وهو مُحَلَّم بنُ ذهلِ بنِ شَيْبان بنِ ثَعْلَبَةَ. وذَكَرَ ابنُ الأَثيرِ: مُحَلَّم بن تَمِيمٍ وقالَ: منهم: جَعْفرُ بنُ الصَّلْت، وأَبو عليٍّ زاهرُ بنُ أَحْمدَ بنِ الحُسَيْن الحليميّ النسفيّ، وأَبو المظفرِ محمدُ بنُ أَسْعدِ بنِ نَصْر الفَقِيه الحنفيّ يُعْرَفُ بابنِ حليم مُحَدِّثانِ.
وعبدُ العَزيزِ بنُ حليم البَهْرانيّ مِن أَهْلِ الشأمِ عن عبدِ الرَّحْمنِ بنِ ثابِتٍ، وعنه ابْنُه وحيدُ بنُ عبدِ العَزيزِ، وعن وحيد ابْنُه أَبو جبارَةَ عبدُ العَزيزِ بنِ وحيدٍ.
والقاسِمُ بنُ أَبي حليمٍ الجُرْجانيّ القاضِي ذَكَرَه حَمْزَةُ في تارِيخِه.
وإبْراهيمُ بنُ يَحْيَى بنِ حَلَمَةَ محرّكةً، المُقْرئُ حَدَّثَ بعْدَ الخَمْسمائة.
ونَقَلَ شيْخُنا عن عبدِ الحَكِيم في حاشِيَةِ البَيْضاوِيّ ما نَصّه: الحَلْمُ بالفتحِ: العَقْلُ وفيه نَظَرٌ.
وحلامُ بنُ صالِحٍ العَبْسيُّ الكُوفيُّ مِن أَتْباعِ التابِعِيْن ثِقَةٌ رَوَى عنه أَهْلُ الكُوفَةِ.
والحالِمَين مثنى كُورَةٌ باليَمَنِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
15-لسان العرب (سعد)
سعد: السَّعْد: اليُمْن، وَهُوَ نَقِيضُ النَّحْس، والسُّعودة: خِلَافُ النُّحُوسَةِ، وَالسَّعَادَةِ: خِلَافُ الشَّقَاوَةِ.يُقَالُ: يَوْمُ سَعْد وَيَوْمُ نَحْسٍ.
وَفِي الْمَثَلِ: فِي الْبَاطِلِ دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَهُمُ الْبَاطِلُ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَدري مَا أَصله؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كأَنه قَالَ بَطَلَ سعدُ القينِ، فَدُهْدُرَّيْن اسْمٌ لِبَطَلَ وَسَعْدٌ مُرْتَفِعٌ بِهِ وَجَمْعُهُ سُعود.
وَفِي حَدِيثِ خَلَفٍ: «أَنه سَمِعَ أَعرابيًّا يَقُولُ دُهْدُرَّيْنْ سَاعَدَ الْقَيْنْ»؛ يُرِيدُ سَعْدَ الْقَيْنْ فَغَيَّرَهُ وَجَعَلَهُ سَاعِدًا.
وَقَدْ سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْدًا وسَعادَة، فَهُوَ سَعِيدٌ: نَقِيضُ شَقي مِثْلَ سَلِم فَهُوَ سَليم، وسُعِد، بِالضَّمِّ، فَهُوَ مَسْعُودٌ، وَالْجَمْعُ سُعداء والأُنثى بِالْهَاءِ.
قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ سَعِيدٌ بِمَعْنَى مَسْعُودٍ مَنْ سَعَده اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ سَعِد يَسْعَد، فَهُوَ سَعِيدٌ.
وَقَدْ سعَده اللَّهُ وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسعَده: أَنماه.
ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سَعْدٌ وُصِفا بِالْمَصْدَرِ؛ وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: يومٌ سَعْد وليلةٌ سعدة، قال: وليسا مِنْ بَابِ الأَسْعد والسُّعْدى، بَلْ مِنْ قَبِيلِ أَن سَعْدًا وسَعْدَةً صِفَتَانِ مَسُوقَتَانِ عَلَى مِنْهَاجٍ وَاسْتِمْرَارٍ، فسَعْدٌ مِنْ سَعْدَة كجَلْد مِنْ جَلْدة ونَدْب مِنْ نَدْبة، أَلا تُرَاكَ تَقُولُ هَذَا يَوْمٌ سَعْدٌ وَلَيْلَةٌ سُعْدَةٌ، كَمَا تَقُولُ هَذَا شَعر جَعْد وجُمَّة جَعْدَةٌ؟ وَتَقُولُ: سَعَدَ يومُنا، بِالْفَتْحِ، يَسْعَد سُعودا.
وأَسعده اللَّهُ فَهُوَ مَسْعُودٌ، وَلَا يُقَالُ مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا عَنْهُ بِمَسْعُودٍ.
والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كِلَاهُمَا سُعُودُ النُّجُومِ، وَهِيَ الْكَوَاكِبُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَعْدُ كَذَا، وَهِيَ عَشْرَةٌ أَنجم كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَعْدٌ: أَربعة مِنْهَا منازلُ يَنْزِلُ بِهَا القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ بُلَع وَسَعْدُ السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وَهِيَ فِي بُرْجِي الْجِدِّيِّ وَالدَّلْوِ، وَسِتَّةٌ لَا يَنْزِلُ بِهَا الْقَمَرُ، وَهِيَ: سَعْدٌ ناشِرَة وَسَعْدُ المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ الهُمامِ وَسَعْدُ البارِع وَسَعْدُ مَطَر، وَكُلُّ سَعْدٍ مِنْهَا كَوْكَبَانِ بَيْنَ كُلِّ كَوْكَبَيْنِ فِي رأْي الْعَيْنِ قَدْرُ ذِرَاعٍ وَهِيَ مُتَنَاسِقَةٌ؛ قَالَ ابْنُ كُنَاسَةَ: سَعْدُ الذَّابِحِ كَوْكَبَانِ مُتَقَارِبَانِ سُمِّيَ أَحدهما ذَابِحًا لأَن مَعَهُ كَوْكَبًا صَغِيرًا غَامِضًا، يَكَادُ يَلْزَقُ بِهِ فكأَنه مُكِبٌّ عَلَيْهِ يَذْبَحُهُ، وَالذَّابِحُ أَنور مِنْهُ قَلِيلًا؛ قَالَ: وسعدُ بُلَع نَجْمَانِ معترِضان خَفِيَّانِ.
قَالَ أَبو يَحْيَى: وَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنه طَلَعَ حِينَ قَالَ اللَّهُ: يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي؛ وَيُقَالُ إِنما سُمِّيَ بُلَعًا لأَنه كَانَ لِقُرْبِ صَاحِبِهِ مِنْهُ يَكَادُ أَن يَبْلَعَه؛ قَالَ: وَسَعْدُ السُّعُودِ كَوْكَبَانِ، وَهُوَ أَحمد السُّعُودِ وَلِذَلِكَ أُضيف إِليها، وَهُوَ يُشْبِهُ سَعْدَ الذَّابِحِ فِي مَطْلَعِه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ كَوْكَبٌ نَيِّرٌ مُنْفَرِدٌ.
وَسَعْدُ الأَخبية ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ السُّعُودِ مَائِلَةٌ عَنْهَا وَفِيهَا اخْتِلَافٌ، وَلَيْسَتْ بِخُفْيَةٍ غَامِضَةٍ وَلَا مُضِيئَةٍ مُنِيرَةٍ، سُمِّيَتْ سَعْدَ الأَخبية لأَنها إِذا طَلَعَتْ خَرَجَتْ حشَراتُ الأَرض وهوامُّها مِنْ جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لَهَا كالأَخبية؛ وَفِيهَا يَقُولُ الرَّاجِزُ:
قَدْ جَاءَ سعدٌ مُقْبِلًا بِحَرِّه، ***واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه
فَجَعَلَ هوامَّ والأَرض جُنُودًا لِسَعْدِ الأَخبية؛ وَقِيلَ: سَعِدُ الأَخبية ثَلَاثَةُ أَنجم كأَنها أَثافٍ وَرَابِعٌ تَحْتَ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ، وَهِيَ السُّعُودُ، كُلُّهَا ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ مِنْ نُجُومِ الصَّيْفِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ تَطَلَّعَ فِي آخِرِ الرَّبِيعِ وَقَدْ سَكَنَتْ رِيَاحُ الشِّتَاءِ وَلَمْ يأْت سُلْطَانُ رِيَاحِ الصَّيْفِ فأَحسن مَا تَكُونُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ فِي أَيامها، لأَنك لَا تَرَى فِيهَا غُبْرة، وَقَدْ ذَكَرَهَا الذُّبْيَانِيُّ فَقَالَ:
قَامَتْ تَراءَى بَيْنَ سِجْفَيْ كِلَّةٍ، ***كالشمسِ يَوْمَ طُلوعِها بالأَسعَد
والإِسْعاد: الْمَعُونَةُ.
والمُساعَدة: المُعاونة.
وساعَدَه مُساعدة وسِعادًا وأَسعده: أَعانه.
واستَسْعد الرجلُ بِرُؤْيَةِ فُلَانٍ أَي عَدَّهُ سَعْدًا.
وسعْدَيك من قَوْلِهِ لَبَّيك وَسَعْدَيْكَ أَي إِسعادًا لَكَ بَعْدَ إِسعادٍ.
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كَانَ يَقُولُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ في يديك والشر لَيْسَ إِليك؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَحَاجَةُ أَهل الْعِلْمِ إِلى مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ مَاسَّةٌ، فأَما لبَّيْك فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لبَّ بِالْمَكَانِ وأَلبَّ أَي أَقام بِهِ لَبًّا وإِلبابًا، كأَنه يَقُولُ أَنا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ إِقامةً بَعْدَ إِقامةٍ ومُجيب لَكَ إِجابة بَعْدَ إِجابة؛ وَحُكِيَ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ تأْويله إِلبابًا بِكَ بَعْدَ إِلباب أَي لُزُومًا لطاعتك بعد لزوم وإِسعادًا بَعْدَ إِسعاد، وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: سَعْدَيْكَ أَي مُساعدةً لَكَ ثُمَّ مُسَاعِدَةً وإِسعادًا لأَمرك بَعْدَ إِسعاد، قَالَ ابْنُ الأَثير أَي سَاعَدْتُ طَاعَتَكَ مُسَاعَدَةً بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ وإِسعادًا بَعْدَ إِسعاد وَلِهَذَا ثُنِّيَ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَنْصُوبَةِ بِفِعْلٍ لَا يَظْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ؛ قَالَ الجَرْميّ: وَلَمْ نَسْمَع لِسَعْدَيْكَ مُفْرَدًا.
قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ عَلَى صِحَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى سَعْدَيْكَ أَسعدك اللَّهُ إِسعادًا بَعْدَ إِسعاد؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وحنَانَيْك رحِمَك اللَّهُ رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ الْعَبْدِ أَمرَ رَبِّهِ وَرِضَاهُ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى الْمُسَاعَدَةِ والإِسعاد، غَيْرَ أَن هَذَا الْحَرْفَ جَاءَ مُثَنًّى عَلَى سَعْدَيْكَ وَلَا فِعْلَ لَهُ عَلَى سَعْدٍ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قُرِئَ قَوْلُهُ تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا}؛ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا مِنَ سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه أَي أَعانه ووفَّقَه، لَا مَنْ أَسعده اللَّهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ مَسْعُودًا.
وَقَالَ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَي أَسعَدَني اللَّهُ إِسعادًا بَعْدَ إِسعاد؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وأَبو الْعَبَّاسِ لأَن الْعَبْدَ يُخَاطِبُ رَبَّهُ وَيَذْكُرُ طَاعَتَهُ وَلُزُومَهُ أَمره فَيَقُولُ سَعْدَيْكَ، كَمَا يَقُولُ لَبَّيْكَ أَي مُسَاعَدَةً لأَمرك بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ، وإِذا قِيلَ أَسعَدَ اللَّهُ الْعَبْدَ وسعَدَه فَمَعْنَاهُ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُ فَيَسْعَد بِذَلِكَ سَعَادَةً.
وساعِدَةُ السَّاقِ: شَظِيَّتُها.
وَالسَّاعِدُ: مُلْتَقى الزَّنْدَين مِنْ لَدُنِ المِرْفَق إِلى الرُّسْغ.
والساعِدُ: الأَعلى مِنَ الزَّنْدَيْنِ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَالذِّرَاعِ: الأَسفلُ مِنْهُمَا؛ قَالَ الأَزهري: والساعد سَاعِدُ الذِّرَاعِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الزَّنْدَيْنِ وَالْمِرْفَقِ، سُمِّيَ سَاعِدًا لِمُسَاعَدَتِهِ الْكَفَّ إِذا بَطَشَت شَيْئًا أَو تَنَاوَلَتْهُ، وَجَمْعُ السَّاعِدِ سَواعد.
وَالسَّاعِدُ: مَجرى الْمُخِّ فِي الْعِظَامِ؛ وَقَوْلُ الأَعلم يَصِفُ ظَلِيمًا:
عَلَى حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّواعِدِ، ***ظَلَّ فِي شَريٍ طِوالِ
عَنَى بِالسَّوَاعِدِ مَجْرَى الْمُخِّ مِنَ الْعِظَامِ، وَزَعَمُوا أَن النَّعَامَ وَالْكَرَى لَا مُخَّ لَهُمَا؛ وَقَالَ الأَزهري فِي شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ: سَوَاعِدُ الظليم أَجنحة لأَن جَنَاحَيْهِ لَيْسَا كَالْيَدَيْنِ.
والزَّمْخَرِيُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ: الأَجْوف مِثْلُ الْقَصَبِ وَعِظَامُ النَّعَامِ جُوف لَا مُخَّ فِيهَا.
والحتُّ: السَّرِيعُ.
والبُرَايَةُ: البقِية؛ يَقُولُ: هُوَ سَرِيعٌ عِنْدَ ذَهَابِ بُرَايَتِهِ أَي عِنْدَ انْحِسَارِ لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ.
وَالسَّوَاعِدُ: مَجَارِي الْمَاءِ إِلى النَّهر أَو البَحْر.
وَالسَّاعِدَةُ: خَشَبَةٌ تَنْصَبُّ لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وَجَمْعُهَا السَّوَاعِدُ.
وَالسَّاعِدُ: إِحْلِيلُ خِلْف النَّاقَةِ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ اللَّبَنُ؛ وَقِيلَ: السَّوَاعِدُ عُرُوقٌ فِي الضَّرْع يَجِيءُ مِنْهَا اللَّبَنُ إِلى الإِحليل؛ وَقَالَ الأَصمعي: السَّوَاعِدُ قَصَب الضَّرْعِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الْعُرُوقُ الَّتِي يَجِيءُ مِنْهَا اللَّبَنُ شُبِّهَتْ بِسَوَاعِدِ الْبَحْرِ وَهِيَ مَجَارِيهِ.
وَسَاعِدُ الدَّرّ: عِرْقٌ يَنْزِلُ الدَّرُّ مِنْهُ إِلى الضَّرْعِ مِنَ النَّاقَةِ وَكَذَلِكَ الْعِرْقُ الَّذِي يُؤَدِّي الدَّرَّ إِلى ثَدْيِ المرأَة يُسَمَّى سَاعِدًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَلم تَعْلَمِي أَنَّ الأَحاديثَ فِي غَدٍ ***وَبَعْدَ غَدٍ يَا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ
وَكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابنُها ***إِليها، فَمَا دَرَّتْ عَلَيْهِ بساعِدِ
رَوَاهُ الْمُفَضَّلُ: ظَعَنَ ابْنُهَا، بِالظَّاءِ، أَي شَخَصَ برأْسه إِلى ثَدْيِهَا، كَمَا يُقَالُ ظعن هَذَا الْحَائِطَ فِي دَارِ فُلَانٍ أَي شَخَصَ فِيهَا.
وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نَهْرُهَا الَّذِي يَسْقِيهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كُنَّا نُزَارِعُ عَلَى السَّعِيدِ».
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الْوَادِي وَالْبَحْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَجْرَى الْبَحْرِ إِلى الأَنهار.
وَسَوَاعِدُ الْبِئْرِ: مَخَارِجُ مَائِهَا وَمَجَارِي عُيُونِهَا.
وَالسَّعِيدُ: النَّهْرُ الَّذِي يَسْقِي الأَرض بِظَوَاهِرِهَا إِذا كَانَ مُفْرِدًا لَهَا، وَقِيلَ: هُوَ النَّهْرُ، وَقِيلَ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ سُعُدٌ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً، ***نخلٌ مَواقِرُ بَيْنَهَا السُّعُد
وَيُرْوَى: حَوْلَهُ.
أَبو عَمْرٍو: السَّوَاعِدُ مَجَارِي الْبَحْرِ الَّتِي تَصُبُّ إِليه الْمَاءَ، وَاحِدُهَا سَاعَدَ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه، ***فَذُو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُه
والأَنشاجُ أَيضًا: مَجَارِي الْمَاءِ، وَاحِدُهَا نَشَجٌ.
وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ: «كُنَّا نَكْرِي الأَرض بِمَا عَلَى السَّواقي وَمَا سَعِدَ مِنَ الْمَاءِ فِيهَا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَلِكَ»؛ قَوْلُهُ: مَا سَعِدَ مِنَ الْمَاءِ؛ أي مَا جَاءَ مِنَ الْمَاءِ سَيْحًا لَا يَحْتَاجُ إِلى دَالِيَةٍ يَجِيئُه الْمَاءُ سَيْحًا، لأَن مَعْنَى مَا سَعِدَ: مَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ.
والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ الْقَمِيصِ.
وَالسَّعِيدَةُ: بَيْتٌ كَانَ يَحُجه رَبِيعَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
والسَّعْدانة: الْحَمَامَةُ؛ قَالَ: """" إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ نَاحَتْ """"والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنَ السَّوَادِ حَوْلَ الحَلَمةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَعْدَانَةُ الثَّدْيِ مَا أَطاف بِهِ كالفَلْكَة.
والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ الْبَعِيرِ، سُمِّيَتْ سَعْدَانَةً لاستدارتها.
والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان مِنْ ظَبْيَةِ الْفَرَسِ.
والسَّعْدانة: الِاسْتُ وَمَا تَقبَّضَ مِنْ حَتَارِها.
وَالسَّعْدَانَةُ: عُقْدة الشِّسع مِمَّا يَلِي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بَيْنَ الإِصبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا.
وَالسَّعْدَانَةُ: الْعُقْدَةُ فِي أَسفل كفَّة الْمِيزَانِ وَهِيَ السَّعْدَانَاتُ.
والسَّعْدانُ: شَوْكُ النَّخْلِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: هُوَ بَقْلَةُ.
والسعدان: نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فَيَنْظُرُ إِلى شَوْكِهِ كَالِحًا إِذا يَبِسَ، ومَنْبتُهُ سُهول الأَرض، وَهُوَ مِنْ أَطيب مَرَاعِي الإِبل مَا دَامَ رَطْبًا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَطيب الإِبل لَبَنًا مَا أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ.
وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَفَعَ: والإِبل تُسَمَّنُ عَلَى السَّعْدَانِ وَتُطِيبُ عَلَيْهِ أَلبانها، وَاحِدَتُهُ سَعْدانَة؛ وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ وَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلال غَيْرُ خَزْعَالٍ وقَهْقار إِلا مِنَ الْمُضَاعَفِ، وَلِهَذَا النَّبْتِ شَوْكٌ يُقَالُ لَهُ حَسَكَةُ السَّعْدَانِ وَيُشَبَّهُ بِهِ حَلَمَةُ الثَّدْيِ، يُقَالُ سَعْدَانَةٌ الثُّنْدُوَة.
وأَسفلَ العُجايَة هنَاتٌ كأَنها الأَظفار تُسَمَّى: السَّعْدَانَاتُ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ الأَحرار السَّعْدَانُ وَهِيَ غَبْرَاءُ اللَّوْنِ حُلْوَةٌ يأْكلها كُلُّ شَيْءٍ وَلَيْسَتْ بكبيرة، ولها إِذا يَبِسَتْ شَوْكَةٌ مُفَلطَحَة كأَنها دِرْهَمٌ، وَهُوَ مِنْ أَنجع الْمَرْعَى؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْمَثَلِ: مَرْعًى وَلَا كالسَّعدان؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها ***سَعدانُ تُوضَح فِي أَوبارها اللِّبَد
قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تُرِيدُ الْبَادِيَةَ؟ فَقَالَ: أَما مَا دَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِيًا فَلَا؛ كأَنه قَالَ: لَا أُريدها أَبدًا.
وَسُئِلَتِ امرأَة تَزَوَّجَتْ عَنْ زَوْجِهَا الثَّانِي: أَين هُوَ مِنَ الأَول؟ فَقَالَتْ: مَرْعًى وَلَا كَالسَّعْدَانِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْمَثَلِ أَن السَّعْدَانَ مِنْ أَفضل مَرَاعِيهِمْ.
وَخَلَّطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ السَّعْدَانِ فَجَعَلَ الحَلَمَة ثمرَ السَّعْدَانِ وَجَعَلَ لَهُ حَسَكًا كالقُطْب؛ وَهَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ، وَالْقُطْبُ شَوْكُ غَيْرِ السَّعْدَانِ يُشْبِهُ الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فَهِيَ شَجَرَةٌ أُخرى وَلَيْسَتْ مِنَ السَّعْدَانِ فِي شَيْءٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ: """" يَهْتَزُّ كأَنه سَعدانة؛ هُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ.
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ وَالصِّرَاطِ: «عَلَيْهَا خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ»؛ شَبَّه الْخَطَاطِيفَ بشوك السعدان.
والسُّعْد، بِالضَّمِّ: مِنَ الطِّيبِ، والسُّعادى مِثْلُهُ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السُّعدة مِنَ الْعُرُوقِ الطَّيِّبَةِ الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سَوْدَاءُ صُلْبَة، كأَنها عُقْدَةٌ تَقَعُ فِي العِطر وَفِي الأَدوية، وَالْجَمْعِ سُعْد؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِنَبَاتِهِ السُّعَادَى وَالْجَمْعُ سُعادَيات.
قَالَ الأَزهري: السُّعد نَبْتٌ لَهُ أَصل تَحْتَ الأَرض أَسود طَيِّبُ الرِّيحِ، والسُّعادى نَبْتٌ آخَرُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّعادَى نَبْتُ السُّعد.
وَيُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ يَتَسَعَّدون أَي يَرْتَادُونَ مَرْعَى السَّعْدَانِ.
قَالَ الأَزهري: وَالسَّعْدَانُ بَقْلٌ لَهُ ثَمَرٌ مُسْتَدِيرٌ مُشَوَّكُ الْوَجْهِ إِذا يَبِسَ سَقَطَ عَلَى الأَرض مُسْتَلْقِيًا، فإِذا وَطِئَهُ الْمَاشِي عقَر رِجْلَهُ شوْكُه، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَرَاعِيهِمْ أَيام الرَّبِيعِ، وأَلبان الإِبل تَحْلُو إِذا رَعَتِ السَّعْدانَ لأَنه مَا دَامَ رَطْبًا حُلْوٌ يَتَمَصَّصُهُ الإِنسان رَطْبًا ويأْكله.
والسُّعُد: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً، ***نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ
وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: انْجُ سَعْدُ فَقَدْ قُتِلَ سُعَيْد؛ هَذَا مَثَلٌ سَائِرٌ وأَصله أَنه كَانَ لِضَبَّة بْنِ أُدٍّ ابْنَانِ: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فَخَرَجَا يَطْلُبَانِ إِبلًا لَهُمَا فَرَجَعَ سَعْدٌ وَلَمْ يَرْجِعْ سُعَيْدٌ، فَكَانَ ضبةُ إِذا رأَى سَوَادًا تَحْتَ اللَّيْلِ قَالَ: سَعْد أَم سُعَيْد؟ هَذَا أَصل الْمَثَلِ فأُخذ ذَلِكَ اللَّفْظُ مِنْهُ وَصَارَ مِمَّا يتشاءَم بِهِ، وَهُوَ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي الْعِنَايَةِ بِذِي الرَّحِمِ وَيُضْرَبُ فِي الِاسْتِخْبَارِ عَنِ الأَمرين الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَيهما وَقَعَ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَفِي الْمَثَلِ: أَسعد أَم سُعَيْدٌ إِذا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ أَهو مِمَّا يُحَبّ أَو يُكْرَه.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ: """" لَا إِسعادَ وَلَا عُفْرَ فِي الإِسلام؛ هُوَ إِسعاد النِّسَاءِ فِي المَناحات تَقُومُ المرأَة فَتَقُومُ مَعَهَا أُخرى مِنْ جَارَاتِهَا فَتُسَاعِدُهَا عَلَى النِّيَاحَةِ تَأْوِيلُهُ أَنَّ نِسَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ كنَّ إِذا أُصيبت إِحداهنَّ بِمُصِيبَةٍ فِيمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهَا بكت حولًا، وأَسْعَدها عَلَى ذَلِكَ جَارَاتُهَا وذواتُ قِرَابَاتِهَا فَيَجْتَمِعْنَ مَعَهَا فِي عِداد النِّيَاحَةِ وأَوقاتها ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها مَا دَامَتْ تَنُوحُ عَلَيْهِ وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صَوَاحِبَاتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمُصِيبَةٍ أَسعدتهن فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن هَذَا"""" الإِسعاد.
وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَتْ لَهُ أُم عَطِيَّةَ: إِنَّ فُلَانَةً أَسْعَدَتْني فأُريد أُسْعِدُها، فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا.
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثُمَّ بَايِعِينِي؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَما الإِسعاد فَخَاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة فِي كُلِّ مَعُونَةٍ.
يُقَالُ إِنما سُمِّيَ المُساعَدَةَ المُعاونَةُ مِنْ وَضْعِ الرَّجُلِ يدَه عَلَى سَاعِدِ صَاحِبِهِ، إِذا تَمَاشَيَا فِي حَاجَةٍ وَتَعَاوَنَا عَلَى أَمر.
وَيُقَالُ: لَيْسَ لِبَنِي فُلَانٍ ساعدٌ أَي لَيْسَ لَهُمْ رَئِيسٌ يَعْتَمِدُونَهُ.
وساعِدُ الْقَوْمِ: رَئِيسُهُمْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: """" وَمَا خَيرُ كفٍّ لَا تَنُوءُ بِسَاعِدٍ """"وَسَاعِدَا الإِنسان: عَضُداه.
وَسَاعَدَا الطَّائِرِ: جَنَاحَاهُ.
وساعِدَةُ: قَبِيلَةٌ.
وساعِدَةُ: مِنْ أَسماء الأَسد مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ مِثْلُ أُسامَةَ.
وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة وسَعْدان: أَسماءُ رِجَالٍ، وَمِنْ أَسماءِ النِّسَاءِ مَسْعَدَةُ.
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بَطْنَانِ.
وَبَنُو سَعْدٍ: قَبَائِلُ شَتَّى فِي تَمِيمٍ وقيس وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:
رأَيتُ سُعودًا مِنْ شُعوبٍ كَثيرة، ***فَلَمْ ترَ عَيْني مثلَ سَعدِ بنِ مَالِكِ
الْجَوْهَرِيِّ: وَفِي الْعَرَبِ سُعُودُ قَبَائِلٍ شَتَّى مِنْهَا سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُعُودٌ جَمْعُ سُعد اسْمُ رَجُلٍ، يَقُولُ: لَمْ أَرَ فِيمَنْ سُمِّيَ سَعْدًا أَكرم مِنْ سَعْدُ بْنِ مَالِكِ بْنِ ضَبيعة بْنِ قيَس بْنِ ثَعْلبة بْنِ عُكابَة، والشُّعوبُ جَمْعُ شَعْب وَهُوَ أَكبر مِنَ الْقَبِيلَةِ.
قَالَ الأَزهري: والسعود فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ وأَكثرها عَدَدًا سَعْدُ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَميم بْنِ ضُبَيعة بْنِ قَيْسٍ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ بنُ ذُبْيانَ بْنِ بَغِيضٍ، وسعدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ فَزارةَ، وسعدُ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنَ وَهُمُ الَّذِينَ أَرضعوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسعد بْنُ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ؛ وَفِي بني أَسد سَعْدُ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان، وسَعْد بن الحرث بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان؛ قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ بَنُو سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ لَا يُرى مثلُهم فِي بِرِّهم وَوَفَائِهِمْ، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فِي قَيْسِ عَيلان، وَمِنْهَا بَنُو سَعْدِ هُذَيم فِي قُضاعة، وَمِنْهَا سَعْدُ الْعَشِيرَةِ.
وَفِي الْمَثَلِ: فِي كُلِّ وَادٍ بَنُو سَعْدٍ؛ قَالَهُ الأَضْبطُ بْنُ قُريع السَّعدي لَمَّا تحوَّل عَنْ قَوْمِهِ وَانْتَقَلَ فِي الْقَبَائِلِ فَلَمَّا لَمْ يُحْمِدهم رَجَعَ إِلى قَوْمِهِ وَقَالَ: فِي كُلِّ وادٍ بَنُو سَعْدٍ، يَعْنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ.
وأَما سَعْدُ بَكْرٍ فَهُمْ أَظآر سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَعَنى له الِاسْمَ أَم الصِّفَةَ غَيْرَ أَن جَمْعَ سَعيدٍ عَلَى أَساعد شاذ.
وبنو أَسعَد: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ تَذْكِيرُ سُعْدَى.
وسعُادُ: اسْمُ امرأَة، وَكَذَلِكَ سُعْدى.
وأَسعدُ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ سُعْدى كالأَكبر مِنَ الْكُبْرَى والأَصغر مِنَ الصُّغْرَى، وَذَلِكَ أَن هَذَا إِنما هُوَ تَقاوُدُ الصِّفَةِ وأَنت لَا تَقُولُ مَرَرْتُ بالمرأَة السُّعْدَى وَلَا بِالرَّجُلِ الأَسعد، فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ أَسعدُ مِنْ سُعْدى كأَسْلَمَ مِنْ بُشْرى، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن أَسعد مُذَكَّرُ سُعْدَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ حَريَ أَن يجيءَ بِهِ سَمَاعٌ وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ قَطُّ وَصَفُوا بِسُعْدَى، وإِنما هَذَا تَلاقٍ وَقَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَّفِقَيِ اللَّفْظِ كَمَا يَقَعُ هَذَانِ الْمِثَالَانِ فِي المُخْتَلِفَيْه نَحْوَ أَسلم وَبُشْرَى.
وسَعْدٌ: صَنَمٌ كَانَتْ تَعْبُدُهُ هُذَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وسُعْدٌ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ، وَقِيلَ وادٍ، وَالصَّحِيحُ الأَول، وَجَعَلَهُ أَوْسُ بْنُ حَجَر اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، فَقَالَ:
تَلَقَّيْنَني يَوْمَ العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ، ***تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ مِنْهُ، وضَالُها
والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لِعَمْرِو بْنِ سَلَمَة؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ هَذَا لَمَّا وَفَد عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْطَعَهُ مَا بَيْنَ السَّعدية والشَّقْراء».
والسَّعْدان: مَاءٌ لَبَنِي فَزَارَةَ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:
رَفَعْنَ مِنَ السَّعدينِ حَتَّى تفَاضَلَت ***قَنابِلُ، مِنْ أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ
والسَّعِيدِيَّة: مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ.
وَبَنُو ساعدَةَ: قَوْمٌ مِنَ الْخَزْرَجِ لَهُمْ سَقِيفَةٌ بَنِي سَاعِدَةَ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ دَارٍ لَهُمْ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهَلْ سَعدُ إِلَّا صخرةٌ بتَنُوفَةٍ ***مِنَ الأَرضِ، لَا تَدْعُو لِغَيٍّ وَلَا رُشْدِ؟
فَهُوَ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ لَبَنِي مِلْكانَ بْنِ كِنَانَةَ.
وَفِي حَدِيثِ البَحِيرة: «ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُوسَاه أَحدُّ»؛ أي لَوْ أَراد اللَّهُ تَحْرِيمَهَا بشقِّ آذَانِهَا لِخُلُقِهَا كَذَلِكَ فإِنه يَقُولُ لَهَا: كوني فتكون.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
16-لسان العرب (فيض)
فيض: فَاضَ الْمَاءُ والدَّمعُ وَنَحْوُهُمَا يَفِيض فَيْضًا وفُيُوضةً وفُيُوضًا وفَيَضانًا وفَيْضُوضةً أَي كَثُرَ حَتَّى سالَ عَلَى ضَفّةِ الْوَادِي.وفاضَتْ عينُه تَفِيضُ فَيْضًا إِذا سَالَتْ.
وَيُقَالُ: أَفاضَتِ العينُ الدمعَ تُفِيضُه إِفاضة، وأَفاضَ فُلَانٌ دَمْعَه، وفاضَ الْمَاءُ والمطرُ والخيرُ إِذا كَثُرَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «ويَفيضُ المالُ» أَي يَكْثُر مِنْ فاضَ الْمَاءُ والدمعُ وغيرُهما يَفيض فَيْضًا إِذا كَثُرَ، قِيلَ: فاضَ تدَفَّقَ، وأَفاضَه هُوَ وأَفاضَ إِناءه أَي مَلأَه حَتَّى فاضَ، وأَفاضَ دُموعَه.
وأَفاضَ الماءَ عَلَى نَفْسِهِ أَي أَفْرَغَه.
وَفَاضَ صَدْرُه بسِرِّه إِذا امْتَلأَ وَبَاحَ بِهِ وَلَمْ يُطِقْ كَتْمَه، وَكَذَلِكَ النهرُ بِمَائِهِ والإِناء بِمَا فِيهِ.
وماءٌ فَيْضٌ: كَثِيرٌ.
والحَوْضُ فَائِضٌ أَي مُمْتَلِئٌ.
والفَيْضُ: النَّهْرُ، وَالْجَمْعُ أَفْياضٌ وفُيوضٌ، وجَمْعُهم لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنه لَمْ يُسَمَّ بِالْمَصْدَرِ.
وفَيْضُ البصرةِ: نَهرها، غَلب ذَلِكَ عَلَيْهِ لِعظَمِه.
التَّهْذِيبُ: ونهرُ البصرةِ يُسَمَّى الفَيْضَ، والفَيْضُ نَهْرُ مِصْرَ.
ونهرٌ فَيّاضٌ أَي كَثِيرُ الْمَاءِ.
ورَجل فَيّاضٌ أَي وَهَّابٌ جَوادٌ.
وأَرض ذاتُ فُيوضٍ إِذا كَانَ فِيهَا مَاءٌ يَفِيضُ حَتَّى يَعْلُوَ.
وفاضَ اللّئامُ: كَثُروا.
وفرَس فَيْضٌ: جَوادٌ كَثِيرُ العَدْو.
وَرَجُلٌ فَيْضٌ وفَيّاضٌ: كَثِيرُ الْمَعْرُوفِ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ لطَلحةَ: أَنت الفَيّاضُ "؛ سُمِّيَ بِهِ لسَعةِ عَطائه وَكَثْرَتِهِ وَكَانَ قسَمَ فِي قَوْمِهِ أَربعمائة أَلف، وَكَانَ جَوادًا.
وأَفاضَ إِناءه إِفاضةً: أَتْأَقَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِذا ملأَه حَتَّى فَاضَ.
وأَعطاه غَيْضًا مِنْ فَيْضٍ أَي قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ، وأَفاضَ بِالشَّيْءِ: دَفَع بِهِ ورَمَى؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ كَتِيبَةً:
تَلَقَّوْها بِطائحةٍ زَحُوفٍ، ***تُفِيضُ الحِصْن مِنها بالسِّخالِ
وفاضَ يَفِيضُ فَيْضًا وفُيوضًا: مَاتَ.
وفاضَتْ نَفسُه تَفِيضُ فَيْضًا: خَرَجَتْ، لُغَةُ تَمِيمٍ؛ وأَنشد:
تَجَمَّع الناسُ وقالوا: عِرْسُ، ***فَفُقِئَتْ عَيْنٌ، وفاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي وَقَالَ إِنما هُوَ: وطَنَّ الضِّرْس.
وَذَهَبْنَا فِي فَيْض فُلَانٍ أَي فِي جَنازَتِه.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ: «ثُمَّ يكونُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ الفَيْضُ»؛ قَالَ شَمِرٌ: سأَلت البَكْراوِيّ عَنْهُ فَقَالَ: الفَيْضُ الموتُ هَاهُنَا، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ غَيْرِهِ إِلا أَنه قَالَ: فَاضَتْ نفسُه؛ أي لُعابُه الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى شَفَتَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فاضَ الرجلُ وفاظَ إِذا مَاتَ، وَكَذَلِكَ فَاظَتْ نفسُه.
وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: فاضَت نَفْسُهُ الْفِعْلُ لِلنَّفْسِ، وفاضَ الرجلُ يَفِيض وفاظَ يَفِيظُ فَيْظًا وفُيوظًا.
وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ فَاظَتْ نَفْسُهُ وَلَا فَاضَتْ، وإِنما هُوَ فَاضَ الرَّجُلُ وَفَاظَ إِذا مَاتَ.
قَالَ الأَصمعي: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ: لَا يُقَالُ فَاظَتْ نَفْسُهُ وَلَكِنْ يُقَالُ فَاظَ إِذا مَاتَ، بِالظَّاءِ، وَلَا يُقَالُ فَاضَ، بِالضَّادِ.
وَقَالَ شَمِرٌ: إِذا تَفَيَّضُوا أَنفسهم أَي تَقَيَّأُوا.
الْكِسَائِيُّ: هُوَ يَفِيظُ نَفْسَهُ.
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي: لَا يُقَالُ فَاضَ الرَّجُلُ وَلَا فَاضَتْ نَفْسُهُ وإِنما يَفِيضُ الدمعُ وَالْمَاءُ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ الأَصمعي خِلَافُ هَذَا، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي تَقُولُ الْعَرَبُ فَاظَ الرَّجُلُ إِذا مَاتَ، فإِذا قَالُوا فَاضَتْ نفسُه قَالُوهَا بِالضَّادِ؛ وأَنشد: " فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاضَتْ نَفْسُ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الأَصمعي، وإِنما غَلِطَ الْجَوْهَرِيُّ لأَن الأَصمعي حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه لَا يُقَالُ فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَلَكِنْ يُقَالُ فَاظَ إِذا مَاتَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فاضَ، بِالضَّادِ، بَتَّةً، قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا حَكَاهُ مِنْ كَلَامِهِ أَن يَكُونَ مُعْتَقِدًا لَهُ، قَالَ: وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فَقَالَ فَاظَتْ نَفْسُهُ، بِالظَّاءِ، لُغَةُ قَيْسٍ، وَفَاضَتْ، بِالضَّادِ، لُغَةُ تَمِيمٍ.
وَقَالَ أَبو حَاتِمٌ: سَمِعْتُ أَبا زَيْدٍ يَقُولُ: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُمْ يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، وَكَذَلِكَ حَكَى الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: كل العرب "تَقُولُ فَاظَتْ نفسُه إِلا بَنِي ضَبَّةَ فإِنهم يَقُولُونَ فَاضَتْ نَفْسُهُ، بِالضَّادِ، وأَهل الحجاز وطيِءٍ يقولون فاظت نَفْسُهُ، وَقُضَاعَةُ وَتَمِيمٌ وَقَيْسٌ يقولون فاضت نفسُه مثل فَاضَتْ دَمْعَتُه، وَزَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَنها لُغَةٌ لِبَعْضِ بَنِي تَمِيمٍ يَعْنِي فَاظَتْ نَفْسُهُ وَفَاضَتْ؛ وأَنشد: " فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاضَتْ نَفْسُ وأَنشده الأَصمعي، وَقَالَ إِنما هُوَ: وطَنّ الضِّرْسُ.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ: «ثُمَّ يَكُونُ عَلَى أَثر ذَلِكَ الفَيْضُ»؛ قِيلَ: الفَيْضُ هَاهُنَا الْمَوْتُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ فَاضَتْ نفسُه أَي لُعابه الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى شَفَتَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحه.
وفاضَ الحديثُ والخبَرُ واسْتَفاضَ: ذاعَ وَانْتَشَرَ.
وحَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ: ذائعٌ، ومُسْتَفاض قَدِ اسْتَفاضُوه أَي أَخَذُوا فِيهِ، وأَباها أَكثرهم حَتَّى يُقَالَ: مُسْتَفاضٌ فِيهِ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: اسْتَفاضُوه، فَهُوَ مُسْتَفاضٌ.
التَّهْذِيبُ: وَحَدِيثٌ مُسْتَفاضٌ مأْخوذ فِيهِ قَدِ استفاضُوه أَي أَخذوا فِيهِ، وَمَنْ قَالَ مُسْتَفِيضٌ فإِنه يَقُولُ ذَائِعٌ فِي النَّاسِ مِثْلُ الْمَاءِ المُسْتَفِيض.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَالَ الْفَرَّاءُ والأَصمعي وَابْنُ السِّكِّيتِ وَعَامَّةُ أَهل اللُّغَةِ لَا يُقَالُ حَدِيثٌ مُسْتَفَاضٌ، وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَهُمْ، وكلامُ الْخَاصِّ حديثٌ مُسْتَفِيضٌ مُنْتَشِرٌ شَائِعٌ فِي النَّاسِ.
ودِرْعٌ فَيُوضٌ ومُفاضةٌ وفاضةٌ: واسعةٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي.
وَرَجُلٌ مُفاضٌ: واسِعُ البَطْنِ، والأُنثى مُفاضةٌ.
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُفاض البطنِ "أَي مُسْتَوي البطنِ مَعَ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: المُفاضُ أَن يَكُونَ فِيهِ امْتِلاءٌ مِنْ فَيْضِ الإِناء ويُريد بِهِ أَسفلَ بطنِه، وَقِيلَ: المُفاضةُ مِنَ النِّسَاءِ الْعَظِيمَةِ الْبَطْنِ المُسْتَرْخِيةُ اللحمِ، وَقَدْ أُفِيضَت، وَقِيلَ: هِيَ المُفْضاةُ أَي المَجْمُوعةُ المَسْلَكَيْنِ كأَنه مَقْلُوبٌ عَنْهُ.
وأَفاضَ المرأَةَ عِنْدَ الافْتِضاضِ: جَعَلَ مَسْلَكَيْها وَاحِدًا.
وامرأَة مُفاضةٌ إِذا كَانَتْ ضَخْمَةَ الْبَطْنِ.
واسْتَفاضَ المكانُ إِذا اتَّسع، فَهُوَ مُسْتَفِيضٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: " بحَيْثُ اسْتَفاضَ القِنْعُ غَرْبيَّ واسِط "وَيُقَالُ: اسْتَفاضَ الْوَادِي شَجَرًا أَي اتَّسع وكثُرَ شَجَرُهُ.
والمُسْتَفِيضُ: الَّذِي يَسأَل إِفاضةَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ.
وأَفاضَ البَعِيرُ بِجِرَّتِه: رَماها مُتَفَرِّقةً كَثِيرَةً، وَقِيلَ: هُوَ صوتُ جِرَّتِه ومَضْغِه، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا دَفَعَها مِنْ جَوْفِه؛ قَالَ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ ***مِنْ ذِي الأَبارِقِ، إِذْ رَعين حَقِيلا
وَيُقَالُ: كظَمَ البِعيرُ إِذا أَمسك عَنِ الجِرَّة.
وأَفاضَ القومُ فِي الْحَدِيثِ: «انْتَشَرُوا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا انْدَفَعُوا وخاضُوا وأَكْثَروا».
وَفِي التَّنْزِيلِ: {إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}؛ أَي تَنْدَفِعُونَ فِيهِ وتَنْبَسِطُون فِي ذِكْرِهِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ أَيضًا: لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ".
وأَفاضَ الناسُ مِنْ عَرَفاتٍ إِلى مِنى: انْدَفَعُوا بِكَثْرَةٍ إِلى مِنى بالتَّلْبية، وَكُلُّ دَفْعةٍ إِفاضةٌ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ}؛ قَالَ أَبو إِسحاق: دلَّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَن الْوُقُوفَ بِهَا واجبٌ لأَنَّ الإِفاضةَ لَا تَكُونُ إِلا بَعْدَ وُقُوف، وَمَعْنَى أَفَضْتُم دَفَعْتم بِكَثْرَةٍ.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: الإِفاضةُ سُرْعةُ الرَّكْضِ.
وأَفاضَ الراكِبُ إِذا دَفَعَ بَعِيرَهُ سَيْرًا بَيْنَ الجَهْدِ وَدُونَ ذَلِكَ، قَالَ: وَذَلِكَ نِصْفُ عَدْوِ الإِبل عَلَيْهَا" الرُّكْبان، وَلَا تَكُونُ الإِفاضة إِلا وَعَلَيْهَا الرُّكْبانُ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ: «فأَفاضَ مِنْ عَرفةَ»؛ الإِفاضةُ: الزَّحْفُ والدَّفْعُ فِي السَّيْرِ بِكَثْرَةٍ، وَلَا يَكُونُ إِلا عَنْ تفرقٍ وجَمْعٍ.
وأَصل الإِفاضةِ الصَّبُّ فَاسْتُعِيرَتْ لِلدَّفْعِ فِي السَّيْرِ، وأَصله أَفاضَ نفْسَه أَو رَاحِلَتَهُ فرَفَضُوا ذِكْرَ الْمَفْعُولِ حَتَّى أَشْبه غَيْرَ المتعدِّي؛ وَمِنْهُ طَوافُ الإِفاضةِ يَوْمَ النَّحْرِ يُفِيضُ مِنْ مِنى إِلى مَكَّةَ فَيَطُوفُ ثُمَّ يَرْجِعُ.
وأَفاضَ الرجلُ بالقِداحِ إِفاضةً: ضرَب بِهَا لأَنها تَقَعُ مُنْبَثَّةً مُتَفَرِّقَةً، وَيَجُوزُ أَفاضَ عَلَى الْقِدَاحِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الهُذلي يَصِفُ حِمَارًا وأُتُنه:
وكأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ، وكَأَنَّه ***يَسَرٌ، يُفِيضُ عَلَى القِداحِ ويَصْدَعُ
يَعْنِي بالقِداحِ، وحروفُ الْجَرِّ يَنُوبُ بعضُها مَنابَ بَعْضٍ.
التَّهْذِيبُ: كُلُّ مَا كَانَ فِي اللُّغَةِ مِنْ بَابِ الإِفاضةِ فَلَيْسَ يَكُونُ إِلا عَنْ تفرُّق أَو كَثْرَةٍ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عَنْهُمَا: «أَخرج اللهُ ذَرِّيَّةَ آدمَ مِنْ ظَهْرِهِ فأَفاضَهم إِفاضَةَ القِدْحِ»؛ هِيَ الضرْبُ بِهِ وإِجالَتُه عِنْدَ القِمار، والقِدْحُ السهمُ، واحدُ القِداح الَّتِي كَانُوا يُقامِرُونَ بِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اللُّقَطَةِ: " ثُمَّ أَفِضْها فِي مالِكَ "أَي أَلْقِها فِيهِ واخْلِطْها بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ فاضَ الأَمرُ وأَفاضَ فِيهِ.
وفَيّاضٌ: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ.
وفَيّاضٌ: اسْمُ فُرْسٍ مِنْ سَوابق خَيْلِ الْعَرَبِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وعَناجِيج جِيادٍ نُجُبٍ ***نَجْلَ فَيّاضٍ وَمِنْ آلِ سَبَلْ
وَفَرَسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ: كَثِيرُ الجَرْي.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
17-لسان العرب (حلم)
حلم: الحُلْمُ والحُلُم: الرُّؤْيا، وَالْجَمْعُ أَحْلام.يُقَالُ: حَلَمَ يَحْلُمُ إِذا رأَى فِي المَنام.
ابْنُ سِيدَهْ: حَلَمَ فِي نَوْمِهِ يَحْلُمُ حُلُمًا واحْتَلَم وانْحَلَمَ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ: " أَحَقٌّ مَا رأَيتَ أَمِ احْتِلامُ؟ وَيُرْوَى أَم انْحِلامُ.
وتَحَلَّمَ الحُلْمَ: اسْتَعْمَلَهُ.
وحَلَمَ بِهِ وحَلَمَ عَنْهُ وتَحَلَّم عَنْهُ: رأَى لَهُ رُؤْيا أَو رَآهُ فِي النَّوْمِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ تَحَلَّم مَا لَمْ يَحْلُمْ كُلِّفَ أَنْ يَعقِدَ بَيْنَ شَعيرتين، » أَي قَالَ إِنه رأَى فِي النَّوْمِ مَا لَمْ يَرَهُ.
وتَكَلَّفَ حُلُمًا: لَمْ يَرَه.
يُقَالُ: حَلَم، بِالْفَتْحِ، إِذا رأَى، وتَحَلَّم إِذا ادَّعَى الرؤْيا كَاذِبًا، قَالَ: فإِن قِيلَ كَذِبُ الكاذِبِ فِي منامِه لَا يَزِيدُ عَلَى كَذبه فِي يَقَظَتِه، فلِمَ زادَتْ عُقوبته وَوَعِيدُهُ وتَكليفه عَقْدَ الشَّعِيرَتَيْنِ؟ قِيلَ: قَدْ صَحَّ الخَبَرُ أَن الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّة، والنبوةُ لَا تَكُونُ إِلَّا وَحْيًا، وَالْكَاذِبُ فِي رُؤْيَاهُ يَدَّعِي أَن اللَّهَ تَعَالَى أَراه مَا لَمْ يُرِهِ، وأَعطاه جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ولم يعطه إِياه، والكذِبُ عَلَى اللَّهِ أَعظم فِرْيَةً مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى الْخَلْقِ أَو عَلَى نَفْسِهِ.
والحُلْمُ: الِاحْتِلَامُ أَيضًا، يُجْمَعُ عَلَى الأَحْلامِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ»، وَالرُّؤْيَا والحُلْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ مِنَ الأَشياء، وَلَكِنْ غَلَبت الرُّؤْيَا عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّيْءِ الْحَسَنِ، وَغَلَبَ الحُلْمُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الشَّرِّ وَالْقَبِيحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ}، ويُستعمل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ، وتُضَم لامُ الحُلُمِ وَتُسَكَّنُ.
الْجَوْهَرِيُّ: الحُلُمُ، بِالضَّمِّ، مَا يَرَاهُ النَّائِمُ.
وَتَقُولُ: حَلَمْتُ بِكَذَا وحَلَمْتُه أَيضًا؛ قَالَ:
فَحَلَمْتُها وبنُو رُفَيْدَةَ دُونَهَا، ***لَا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ
وَيُقَالُ: قَدْ حَلَم الرجلُ بالمرأَة إِذا حَلَم فِي نَوْمِهِ أَنه يُبَاشِرُهَا، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ خالوَيْه: أَحْلامُ نائمٍ ثِيابٌ غِلاظٌ.
والحُلْم والاحْتِلامُ: الجِماع وَنَحْوُهُ فِي النَّوْمِ، وَالِاسْمُ الحُلُم.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ}؛ والفِعْل" كالفِعْل.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر مُعاذًا أَن يأْخذ مِنْ كُلِّ حالِمٍ دِينَارًا»يَعْنِي الْجِزْيَةَ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد بالحالِمِ كلَّ مَنْ بَلَغَ الحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ، احتَلَمَ أَو لَمْ يَحْتَلِم.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الغُسْلُ يومَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حالِمٍ إِنما هُوَ عَلَى مَنْ بَلَغَ الحُلُم»أَي بَلَغَ أَن يَحْتَلم أَو احْتَلَم قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: مُحْتَلِمٍ أَي بَالِغٍ مُدْرِك.
والحِلْمُ، بِالْكَسْرِ: الأَناةُ وَالْعَقْلُ، وَجَمْعُهُ أَحْلام وحُلُومٌ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا}؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقوامٍ، فَتُنْذِرَهُم ***مَا جَرَّبَ الناسُ مِنْ عَضِّي وتَضْرِيسي؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحد مَا جُمِعَ مِنَ الْمَصَادِرِ.
وأَحْلامُ الْقَوْمِ: حُلَماؤهم، وَرَجُلٌ حَلِيمٌ مِنْ قَوْمٍ أَحْلامٍ وحُلَماء، وحَلُمَ، بِالضَّمِّ، يحْلُم حِلْمًا: صَارَ حَليمًا، وحلُم عَنْهُ وتَحَلَّم سَوَاءً.
وتَحَلَّم: تَكَلَّفَ الحِلْمَ؛ قَالَ:
تَحَلَّمْ عَنِ الأَدْنَيْنَ واسْتَبْقِ وُدَّهم، ***وَلَنْ تستطيعَ الحِلْمَ حَتَّى تَحَلَّما
وتَحالَم: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِهِ.
والحِلْم: نقيضُ السَّفَه؛ وشاهدُ حَلُمَ الرجُلُ، بِالضَّمِّ، قولُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْس الرُّقَيَّات:
مُجَرَّبُ الحَزْمِ فِي الأُمورِ، وإِن ***خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهلِها حَلُمَا
وحَلَّمه تَحليمًا: جَعَلَهُ حَلِيمًا؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْل حَتَّى تَنَهْنَهَتْ ***إِلى ذِي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ
أَي أَطاعوا الَّذِي يأْمرهم بالحِلْمِ، وقيل: حَلَّمه أَمره بالحِلْمِ.
وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولوا الأَحْلام والنُّهَى» أَي ذَوُو الأَلباب وَالْعُقُولِ، وَاحِدُهَا حِلْمٌ، بِالْكَسْرِ، وكأَنه مِنَ الحِلْم الأَناة والتثبُّت فِي الأُمور، وَذَلِكَ مِنْ شِعار الْعُقَلَاءِ.
وأَحْلَمَت المرأَةُ إِذا وَلَدَتِ الحُلَماء.
والحَلِيمُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَعْنَاهُ الصَّبور}، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنه الَّذِي لَا يسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة وَلَا يستفِزّه الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شيءٍ مِقْدارًا، فَهُوَ مُنْتَهٍ إِليه.
وَقَوْلُهُ تعالى: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه كِنايةٌ عَنْ أَنهم قَالُوا إِنك لأَنتَ السَّفِيهُ الْجَاهِلُ، وَقِيلَ: إِنهم قَالُوهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مِنْ أَشدّ سِباب الْعَرَبِ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ إِذا اسْتَجْهَلَهُ يَا حَلِيمُ أَي أَنت عِنْدَ نَفْسِكَ حَلِيمٌ وَعِنْدَ النَّاسِ سَفِيهٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}؛ أَي بِزَعْمِكَ وَعِنْدَ نَفْسِكَ وأَنتَ المَهِينُ عِنْدَنَا.
ابْنُ سِيدَهْ: الأَحْلامُ الأَجسام، قَالَ: لَا أَعرف وَاحِدَهَا.
والحَلَمَةُ: الصَّغِيرَةُ مِنَ القِرْدانِ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ آخِرُ أَسنانها، وَالْجَمْعُ الحَلَمُ وَهُوَ مِثْلُ العَلّ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنه كَانَ يَنْهَى أَن تُنْزَع الحَلَمَةُ عَنْ دَابَّتِهِ»؛ الحَلَمَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْقُرَادَةُ الْكَبِيرَةُ.
وحَلِمَ البعيرُ حَلَمًا، فَهُوَ حَلِمٌ: كَثُرَ عَلَيْهِ الحَلَمُ، وبعِير حَلِمٌ: قَدْ أَفسده الحَلَمُمِنَ كَثْرَتِهَا عَلَيْهِ.
الأَصمعي: القرادُ أَوّل مَا يكونُ صَغِيرًا قَمْقامَةٌ، ثُمَّ يَصِيرُ حَمْنانةً، ثُمَّ يَصِيرُ قُرادًا، ثُمَّ حَلَمَة.
وحَلَّمْتُ الْبَعِيرَ: نَزَعْتُ حَلَمَهُ.
وَيُقَالُ: تَحَلَّمَتِ القِرْبةُ امتلأَت مَاءً، وحَلَّمْتُها ملأْتها.
وعَناقٌ حَلِمة وتِحْلِمَةٌ: قَدْ أَفسد جلدَها الحَلَمُ، وَالْجَمْعُ الحُلَّامُ.
وحَلَّمَهُ: نَزَعَ عَنْهُ الحَلَمَ، وَخَصَّصَهُ الأَزهري فَقَالَ: وحَلَّمْتُ الإِبل أَخذت عَنْهَا الحَلَم، وَجَمَاعَةٌ تِحْلِمَةٌ تَحالِمُ: قَدْ كَثُرَ الحَلَمُ عَلَيْهَا.
والحَلَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يَفْسُد الإِهابُ في العمل ويقعَ فِيهِ دُودٌ فيَتَثَقَّبَ، تَقُولُ مِنْهُ: حَلِمَ، بِالْكَسْرِ.
والحَلَمَةُ: دُودَةٌ تَكُونُ بَيْنَ جِلْدِ الشَّاةِ الأَعلى وَجِلْدِهَا الأَسفل، وَقِيلَ: الحَلَمةُ دُودَةٌ تَقَعُ فِي الْجِلْدِ فتأْكله، فإِذا دُبغ وَهَى موضعُ الأَكل فَبَقِيَ رَقِيقًا، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه حَلَمٌ، تَقُولُ مِنْهُ: تَعَيَّب الجلدُ وحَلِمَ الأَديمُ يَحْلَمُ حَلَمًا؛ قَالَ الوَليد بْنُ عُقْبَةَ ابن أَبي عُقْبَةَ.
مِنْ أَبيات يَحُضُّ فِيهَا مُعاوية عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَقُولُ لَهُ: أَنتَ تَسْعَى فِي إِصلاح أَمر قَدْ تمَّ فسادُه، كَهَذِهِ المرأَة الَّتِي تَدْبُغُ الأَديم الحَلِمَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الحَلَمَةُ، فنَقَّبَته وأَفسدته فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ:
أَلا أَبْلِغْ معاوِيةَ بنَ حَرْبٍ ***بأَنَّكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، مُلِيمُ
قطعتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المُعَنَّى، ***تُهَدِّرُ فِي دِمَشْق وَمَا تَرِيمُ
فإنَّكَ والكتابَ إِلى عليٍ، ***كدابِغةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ
لكَ الوَيْلاتُ، أَقْحِمْها عَلَيْهِمْ، ***فَخَيْرُ الطالِبي التِّرَةِ الغَشُومُ
فقَوْمُكُ بِالْمَدِينَةِ قَدْ تَرَدَّوْا، ***فَهُمْ صَرْعى كأَنَّهُمُ الهَشِيمُ
فَلَوْ كنتَ المُصابَ وَكَانَ حَيًّا، ***تَجَرَّدَ لَا أَلَفُّ وَلَا سَؤُومُ
يُهَنِّيكَ الإِمارةَ كلُّ رَكْبٍ ***مِنَ الْآفَاقِ، سَيْرُهُمُ الرَّسِيمُ
وَيُرْوَى:
يُهَنِّيك الإِمارةَ كلُّ ركبٍ، ***لإنْضاءِ الفِراقِ بِهِمْ رَسِيمُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحَلَمُ أَن يَقَعَ فِي الأَديم دوابُّ فَلَمْ يَخُصَّ الحَلَم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ إِغفال.
وأَديم حَلِمٌ وحَلِيم: أَفسده الحَلَمُ قَبْلَ أَن يُسْلَخَ.
والحَلَمَةُ: رأْس الثَّدْي، وَهُمَا حَلَمتان، وحَلَمَتا الثَّدْيَيْن: طَرَفاهما.
والحَلَمَةُ: الثُّؤْلول الَّذِي فِي وَسَطِ الثَّدْيِ.
وتَحَلَّم المالُ: سَمِنَ.
وتَحَلَّم الصبيُّ والضَّبُّ واليَرْبوع والجُرَذ والقُراد: أَقبل شَحْمُهُ وسَمن وَاكْتَنَزَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
لحَيْنَهُمُ لَحْيَ العَصا فطرَدْنَهُمْ ***إِلى سَنةٍ، قِرْدانُها لَمْ تَحَلَّمِ
وَيُرْوَى: لحَوْنَهم، وَيُرْوَى: جِرْذانها، وأما أَبو "حَنِيفَةَ فَخَصَّ بِهِ الإِنسان.
والحَلِيم: الشَّحْمُ الْمُقْبِلُ؛ وأَنشد:
فإِن قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعَةً ***مِنَ المُخِّ فِي أَنقاءِ كلِّ حَلِيم
وَقِيلَ: الحَلِيمُ هُنَا الْبَعِيرُ المُقْبِلُ السِّمَنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا صِفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهُ فِعْلًا إِلَّا مَزيدًا.
وَبَعِيرٌ حَلِيمٌ أَي سَمِينٌ.
ومُحَلِّم فِي قَوْلِ الأَعشى:
وَنَحْنُ غداةَ العَيْنِ، يومَ فُطَيْمةٍ، ***مَنَعْنا بَنِي شَيْبان شُرْبَ مُحَلِّمِ
هُوَ نَهْرٌ يأْخذ مِنْ عَيْنِ هَجَرَ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ ظُعُنًا وَيُشَبِّهُهَا بِنَخِيلٍ كَرَعَتْ فِي هَذَا النَّهْرِ:
عُصَبٌ كَوارِعُ فِي خَليج مُحَلِّمٍ ***حَمَلَت، فَمِنْهَا مُوقَرٌ مكْمومُ
وَقِيلَ: مُحَلِّمٌ نَهْرٌ بِالْيَمَامَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " فَسِيلٌ دَنَا جَبَّارُه مِنْ مُحَلِّمٍ وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السَّنَةَ: «وبَضَّت الحَلَمَةُ» أَي دَرَّتْ حَلَمةُ الثَّدْيِ وَهِيَ رأْسه، وَقِيلَ: الحَلَمةُ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ، والحديثُ يَحْتَمِلُهُمَا، وَفِي حَدِيثِ مَكْحُولٍ: فِي حَلَمَةِ ثَدْيِ المرأَة رُبع دِيَتِها.
وقَتيلٌ حُلَّامٌ: ذَهَبَ بَاطِلًا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
كلُّ قتيلٍ فِي كُلَيْبٍ حُلَّامْ، ***حَتَّى يَنَالَ القَتْلُ آلَ هَمّامْ
والحُلامُ والحُلَّامُ: وَلَدَ الْمَعْزِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الجَدْيُ والحَمَلُ الصَّغِيرُ، يَعْنِي بِالْحَمَلِ الخروفَ.
والحُلَّامُ: الْجَدْيُ يُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ أُمه؛ قَالَ الأَصمعي: الحُلَّامُ والحُلَّانُ، بِالْمِيمِ وَالنُّونِ، صِغَارُ الْغَنَمِ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ الْجَدْيُ حُلَّامًا لِمُلَازَمَتِهِ الحَلَمَةَ يَرْضَعُهَا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ: " كُلُّ قَتِيلٍ فِي كُلَيْبٍ حُلَّامْ "وَيُرْوَى: حُلّان؛ والبيتُ الثَّانِي: " حَتَّى يَنَالَ القتلُ آلَ شَيْبانْ يَقُولُ: كلُّ مَنْ قُتِلَ مِنْ كُلَيْبٍ ناقصٌ عَنِ الْوَفَاءِ بِهِ إِلا آلَ هَمَّامٍ أَو شَيْبَانَ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «أَنه قَضى فِي الأَرْنَب يقتلُه المُحْرِمُ بحُلَّام، جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ: «أَنه هُوَ الجَدْيُ»، وَقِيلَ: يَقَعُ عَلَى الجَدْي والحَمَل حِينَ تَضَعُهُ أُمّه، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وَالْمِيمِ بَدَلٌ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الَّذِي حَلَّمهُ الرَّضاعُ»؛ أي سَمَّنَهُ فَتَكُونُ الْمِيمُ أَصلية؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الأَصل حُلَّان، وَهُوَ فُعْلان مِنَ التَّحْلِيلِ، فَقُلِبَتِ النونُ مِيمًا.
وَقَالَ عَرّام: الحُلَّانُ مَا بَقَرْتَ عَنْهُ بَطْنَ أُمه فَوَجَدْتَهُ قَدْ حَمَّمَ وشَعَّرَ، فإِن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ غَضِينٌ، وَقَدْ أَغْضَنَتِ الناقةُ إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ.
وَشَاةٌ حَلِيمةٌ: سَمِينَةٌ.
وَيُقَالُ: حَلَمْتُ خَيالَ فُلَانَةٍ، فَهُوَ مَحْلُومٌ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَخطل: " لَا يَبْعَدَنَّ خيالُها المَحْلُوم "والحالُوم، بِلُغَةِ أَهل مِصْرَ: جُبْنٌ لَهُمْ.
الجوهري: الحالُومُ لبن يغلُط فَيَصِيرُ شَبِيهًا بِالْجُبْنِ الرَّطْبِ وَلَيْسَ بِهِ.
ابْنُ سِيدَهْ: الحالُومُ ضَرْبٌ مِنَ الأَقِط.
والحَلَمةُ: نَبْتٌ؛ قَالَ الأَصمعي: هِيَ الحَلَمةُ" واليَنَمة، وَقِيلَ: الحَلَمةُ نَبَاتٌ يَنْبُتُ بنَجْدٍ فِي الرَّمْلِ فِي جُعَيْثنة، لَهَا زَهْرٌ وَوَرَقُهَا أُخَيْشِنٌ عَلَيْهِ شَوْكٌ كأَنه أَظافير الإِنسان، تَطْنى الإِبل وتَزِلُ "أَحناكُها، إِذا رَعَتْهُ، مِنَ الْعِيدَانِ الْيَابِسَةِ.
والحَلَمَةُ: شَجَرَةُ السَّعْدان وَهِيَ مِنْ أَفاضل المَرْعَى، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَلَمةُ دُونَ الذِّرَاعِ، لَهَا وَرَقَةٌ غَلِيظَةٌ وأَفْنانٌ وزَهْرَةٌ كَزَهْرَةِ شَقائق النُّعْمانِ إِلا أَنها أَكبر وأَغلظ، وَقَالَ الأَصمعي: الحَلَمةُ نَبْتٌ مِنَ العُشْبِ فِيهِ غُبْرَةٌ لَهُ مَسٌّ أَخْشَنُ أَحمر الثَّمَرَةِ، وَجَمْعُهَا حَلَمٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَتِ الحَلَمَةُ مِنْ شَجَرِ السَّعْدان فِي شَيْءٍ؛ السَّعدانُ بَقْلٌ لَهُ حَسَكٌ مُسْتَدِيرٌ لَهُ شَوْكٌ مُسْتَدِيرٌ، والحَلَمةُ لَا شَوْكَ لَهَا، وَهِيَ مِنَ الجَنْبةِ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتها، وَيُقَالُ للحَلَمَةِ الحَماطةُ، قَالَ: والحَلَمةُ رأْس الثَّدْيِ فِي وَسَطِ السَّعْدانة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الحَلَمةُ الهُنَيَّةُ الشَّاخِصَةُ مِنْ ثَدْيِ المرأَة وثُنْدُوَة الرَّجُلِ، وَهِيَ القُراد، وأَما السَّعْدانة فَمَا أَحاطَ بالقُراد مِمَّا خَالَفَ لونُه لَوْنَ الثَّدْيِ، واللَّوْعَةُ السَّوَادُ حَوْلَ الحَلَمةِ.
ومُحَلِّم: اسْمُ رَجُلٍ، وَمِنْ أَسماء الرَّجُلِ مُحَلِّمٌ، وَهُوَ الَّذِي يُعَلّم الحِلْمَ؛ قَالَ الأَعشى:
فأَمَّا إِذا جَلَسُوا بالعَشِيّ ***فأَحْلامُ عادٍ، وأَيْدي هُضُمْ
ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو مُحَلَّمٍ وَبَنُو حَلَمَةَ قَبِيلَتَانِ.
وحَلِيمةُ: اسْمُ امرأَة.
وَيَوْمُ حَلِيمةَ: يَوْمٌ مَعْرُوفٌ أَحد أَيام الْعَرَبِ الْمَشْهُورَةِ، وَهُوَ يَوْمَ التَقَى المُنْذِرُ الأَكبر والحَرثُ الأَكبر الغَسَّانيّ، وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ المَثَلَ فِي كُلِّ أَمر مُتَعالَمٍ مَشْهُورٍ فَتَقُولُ: مَا يَوْمُ حَلِيمةَ بسِرٍّ، وَقَدْ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ النابهِ الذِّكْرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: مَا يَوْمُ حَلِيمةَ بشَرّ، قَالَ: والأَول هُوَ الْمَشْهُورُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ السُّيُوفَ:
تُوُرِّثْنَ مِنْ أَزمان يومِ حَلِيمةٍ ***إِلى الْيَوْمِ، قَدْ جُرّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ حَليمةُ بنت الحَرِث بْنَ أَبي شِمْر، وَجَّهَ أَبوها جَيْشًا إِلى المُنْذِرِ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ، فأَخْرجَتْ حليمةُ لَهُمْ مِرْكَنًا فطَيَّبتهم.
وأَحْلام نائمٍ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَحقُّها.
والحُلَّامُ: اسْمُ قَبَائِلَ.
وحُلَيْماتٌ، بِضَمِّ الْحَاءِ: مَوْضِعٌ، وهُنَّ أَكمات بطن فَلْج؛ وأَنشد:
كأَنَّ أَعْناقَ المَطِيِّ البُزْلِ، ***بَيْنَ حُلَيْماتٍ وَبَيْنَ الجَبْلِ
مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، جُذُوعُ النَّخلِ "أَراد أَنها تَمُدُّ أَعناقها مِنَ التَّعَبِ.
وحُلَيْمَةُ، عَلَى لَفْظِ التَّحْقِيرِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوضاحًا بسُرَّةِ يَذْبُلٍ، ***وتَرْعَى هَشِيمًا مِنْ حُلَيْمةَ بالِيًا
ومُحَلِّمٌ: نَهْرٌ بِالْبَحْرَيْنِ؛ قَالَ الأَخطل:
تَسَلسَلَ فِيهَا جَدْوَلٌ مِنْ مُحَلِّمٍ، ***إِذا زَعْزَعَتْها الريحُ كادتْ تُمِيلُها
الأَزهري: مُحَلِّمٌ عينٌ ثَرَّةٌ فَوَّارة بِالْبَحْرَيْنِ وَمَا رأَيت عَيْنًا أَكثر مَاءً مِنْهَا، وَمَاؤُهَا حَارٌّ فِي مَنْبَعِه، وإِذا بَرَد فَهُوَ مَاءٌ عَذْبٌ؛ قَالَ: وأَرى مُحَلِّمًا اسمَ رَجُلٍ نُسِبَت العينُ إِليه، وَلِهَذِهِ الْعَيْنِ إِذا جَرَتْ فِي نَهْرِهَا خُلُجٌ كَثِيرَةٌ، تَسْقِي نَخِيلَ جُؤاثا وعَسَلَّج وقُرَيَّات مِنْ قُرَى هَجَرَ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
18-منتخب الصحاح (نفج)
نَفَجَتِ الأرنبُ، إذا ثارتْ.وأنْفَجْتُها أنا.
ونَفَجَتِ الفَرُّوجَةُ من بَيْضَتِها، أي خرجت.
ونَفَجَ ثَدْيُ المرأة قميصَها يَنْفُجُهُ نَفْجًا، أي رفعه.
ورجلٌ نَفَّاجٌ، إذا كان صاحب فخرٍ وكبرٍ.
والنافِجَةُ: أوَّل كلِّ شيء يبدأ بشدَّة.
تقول: نَفَجَتِ الريحُ، إذا جاءت بقوَّة.
قال ذو الرمّة يصف ظليمًا:
يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ ويَطْرُدُهُ *** حَفيفُ نافِجَةٍ عُثْنونُها حَصِبُ
وقد تسمَّى السحابة الكثيرةُ المطَر بذلك، كما يسمَّى الشيء باسمِ غيره لكونه منه بسبب.
قال الكميت:
راحَتْ له في جُنوحِ الليلِ نافجةٌ *** لا الضَبُّ مُمْتَنِعٌ منها ولا الوَرَلُ
ثمَّ قال:
يستخرجُ الحشراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها *** كأنَّ أرؤُسَها في مَوْجِهِ الخَشَلُ
والنَوافِجُ: مؤخَّراتُ الضلوع، الواحدة نافِجَةٌ.
وكانت العرب تقول في الجاهلية إذا وُلِدَ لأحدهم بنتٌ: هنيئًا لك النافجة، أي المُعَظِّمَةُ لمالِكَ، لأنَّك تأخذ نهرها فتضمُّه إلى مالِك فيَنْتَفِجُ.
وأمَّا نوافِجُ المِسْك فمعرَّبة.
والنَفيجةُ: القوس، وهي شَطيبَةٌ من نَبْعٍ.
وانْتَفَجَ جَنْبا البعير: ارتفعا.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
19-المحيط في اللغة (سعد)
السعْدُ: نَقِيْضُ النحْس.ويَوْمٌ سَعْد.
والسعوْدُ في مَنازِل القَمَر: أرْبَعَةٌ.
وسَعِدَ فُلانٌ سَعْدًا وسَعَدًا وسَعَادَةً وسُعُودًا.
وسعَده اللُه وأسْعدَه.
ويُقال: أدْرَكَه اللُه بِسَعدَةٍ ورحْمَة وسَعِيْدُ الأرض: نَهرُها الذي يَسْقيها.
والسّاعِدُ: عَظْمُ الذَراع.
وإحْليلُ خِلْفِ الناقَة، والجَميعُ السواعِد.
وقيل: هي عُرُوقٌ يَجْري منها اللَّبَن إلى الضَرْع، وسَاعِدُ النهر: مشْتق منه.
وسَاعِدَةُ: اسْمٌ للأسَد.
وقَبيلةٌ من الأنْصَار.
والسّاعِدَة: خَشَبَةٌ تُنْصَب لِتُمْسِكَ البَكْرَة.
والمُسَاعَدَةُ والسِّعَادُ: المُعَاوَنَة.
ويُقال: ساعَدْتُه فَسَعَدْته: أي كُنْتَ أسْعَدَ منه وأعْوَنَ.
والسعُدُ: ضَرْبٌ من التَمْر.
وسَاعدُوا الدلْوَ والمَزَادةَ بِسَعَادَةٍ: لِرُقْعَة تُزادُ فيها إذا خَافُوا ضِيْقَها.
وتُسمى زِيادةُ الخُف وبَنَائقُ القَمِيص: سِعَادةً أيضًا.
والسعْدَاناتُ: العُقَدُ في أسْفَل الميزان.
والنَّعْلُ.
والسعْدَانَةُ: اسْمُ الفَرَس.
وما تَقبضَ من حِتارِ الاسْت.
وكِرْكِرَةُ البَعير.
ولَحَمَاتٌ في الحَلْق.
والحَمامَةُ الانثى.
وما أحاطَ بالثدْي مما خالفَ لَوْنُه لونَ الثدي.
ؤالسَّعْدَانُ: نَباتٌ له شَوْكٌ، وفي المَثَل: مَرْعى ولا كالسَّعْدَان.
وخرجوا يَتَسَعدونَ: أي يَطْلُبُوْنَه.
وحُكِيَ أنه قيل لبَعْضِهم:، ما تُرِيْدُ البادِيَةَ؛ فقال: أمّا ما وَقَعَ السًعْدانُ مُسْتَلْقِيًا، فلا، وهو نَبْتٌ لا يَنْبُت إلا مُسْتَلْقِيًا.
ويقال: سُبْحانَه وسُعْدانَه: من قَوْلك: لبيْك وسَعْدَيْك.
والسعْدُ: ثُلُثُ اللَبِنَة، والسعَيْدُ: رُبْعُها، قال:
والسعْدُ والسعَيْد قد يأتينا *** والقَلْعُ والمِلاطُ في أيدينا
وقال أبو سَعيد في المَثَل (أسَعْدٌ أمْ سُعَيْد): سُعَيْد: نَحس، وهو كما يُقال: أنَحْس أم سعْدٌ.
ومَثَلٌ: (أوْرَدَها سَعد وسَعْد مُشْتَمِلْ) في إدراك الحاجة بلا مَشَقَّة.
والسُّعَادى: نَبت السعْد؛ أصْلُه الأسْوَد، والجَميعُ: السعَادَيَات.
والإسْعَادُ: لا يُسْتَعْمَل إلا في البُكاء والنَّوْح.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
20-تهذيب اللغة (سعد)
سعد: رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في افتتاح الصلاة: «لبَّيك وسَعْديك، والخير في يديك، والشرّ ليس إليك».قلت: وهذا خبر صحيح، وحاجة أهل العلم إلى معرفة تفسيره ماسَّة.
فأما لبَّيك فهو مأخوذ من لَبَّ بالمكان وألَبَّ أي أقام به، لَبًّا وإلبابًا، كأنه يقول: أنا مقيم في طاعتك إقامة بعد إقامة، ومجيب لك إجابة بعد إجابة.
وأخبرني المنذريّ عن الحَرّانيّ عن ابن السكيت في قوله: «لبَّيك وسعديك»، تأويله إلبابًا بعد إلباب أي لزومًا لطاعتك بعد لزوم، وإسعادًا لأمرك بعد إسعاد.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: سَعْدَيك أي مساعدة لك ثم مساعدة وإسعادًا لأمرك بعد إسعاد.
وقال ابن الأنباري: معنى سعديك أسعدك الله إسعادًا بعد إسعاد.
قال: وقال الفرَّاء: لا واحد للبَّيك وسعديك على صحة.
قال: وحنانيك: رحمك الله رحمة بعد رحمة.
قلت: وأصل الإسعاد والمساعدة متابعة العبد أمر ربّه.
وقال سيبويه: كلام العرب على المساعدة والإسعاد، غير أن هذا الحرف جاء مثنَّى على سَعْديك ولا فعل له على سَعَد.
قلت: وقد قرىء قول الله جلّ وعزَّ: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} [هود: 108] وهذا لا يكون إلّا من سَعَده الله لا من أسعده، وبه سُمّي الرجل مسعودًا.
ومعنى سَعَده الله وأسعده أي أعانه ووفَّقه.
وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب النحويّ أنه قال: معنى قولك لبَّيك وسعديك أي أسعدني الله إسعادًا بعد إسعاد.
قلت: والقول ما قال أبو العباس وابن السكيت، لأن العبد يخاطب ربَّه ويذكر طاعته له ولزومه أمره، فيقول: سعديك كما يقول: لبَّيك أي مساعدة لأمرك بعد مساعدة.
وإذا قيل: أسعد الله العبدَ وسَعَده فمعناه: وفَّقه الله لما يرضيه عنه فيَسْعد بذلك سعادة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا إسعاد في الإسلام».
وتأويله أن نساء أهل الجاهلية كنّ إذا أُصيبت إحداهن بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكته حولًا، ويُسعدها على ذلك جاراتُها وذوات قراباتها، فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأوقاتها ويتابعنها ويساعدنها ما دامت تنوح عليه وتبكيه، فإذا أصيب صواحباتها بعد ذلك بمصيبة أسعدتهنّ بعد ذلك، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الإسعاد.
والساعد ساعد الذراع وهو ما بين الزَنْدين والمِرْفَق، سمّي ساعدًا لمساعدته الكف إذا بَطَشَت شيئًا أو تناولته.
وجمع الساعد سواعد.
وساعد الدَّرّ ـ فيما أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي ـ: عِرْق ينزل الدَّر منه إلى الضرْع من الناقة.
وكذلك العِرْق الذي يؤدّي الدَرّ إلى ثَدْي امرأة يسمَّى ساعدًا.
ومنه قوله:
ألم تعلمي أن الأحاديث في غد *** وبعد غد يا لُبْنَ ألْبُ الطرائد
وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظَعَن ابنُها *** إليها فما درّت عليه بساعد
قال: رواه المفضل: طعن ابنها بالطاء أي
شخص برأسه إلى ثَدْيها كما يقال: طعن هذا الحائط في دار فلان أي شخص فيها.
وقال أبو عبيد: قال أبو عمرو: السواعد مجاري البحر التي تَصُبّ إليه الماء، واحدها ساعد بغير هاء، وأنشد شمر:
تأبّد لَأْيٌ منهمُ فعُتائدهْ *** فذو سَلَم أنشاجُه فسواعدُهْ
والأنشاج أيضًا: مجاري الماء، واحدها نَشَج.
وساعدة من أسماء الأسد معرفة لا ينصرف، وكذلك أسامة.
وسَعِيد المزرعةِ نهرها الذي يسقيها.
وقال ابن المظفَّر: السَّعْد ضدّ النَحْس، يقال: يوم سَعْد ويومُ نَحْسٍ.
قال: وأربعة منازل من منازل القمر تسمَّى سُعُودًا، منها سعد الذابح وسعد بُلَعَ وسعد السُّعُودِ وسعد الأخبيةِ.
وهذه كلها في بُرْجَيِ الدلْو والجَدْي.
وقال ابن كُناسة: سعد الذابِح: كوكبان متقاربان سمّي أحدهما ذابحًا لأن معه كوكبًا صغيرًا غامضًا يكاد يلزَق به فكأنه مكِبّ عليه يَذبحه والذابح أنور منه قليلًا، قال: وسعد بُلَعَ: نجمان معترضان خفيّان.
قال أبو يحيى: وزعمت العرب أنه طلع حين قال الله عزوجل: {يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي} [هود: 44] ويقال: إنما سمّي بُلَع لأنه كأنه لقرب صاحبه منه يكاد أن يبلعه.
قال: وسعد السعود: كوكبان، وهو أحمد السعود ولذلك أضيف إليها.
وهو يُشْبه سعد الذابح في مطلعه.
وسعد الأخبية: ثلاثة كواكب على غير طريق السعود مائلة عنها، وفيها اختلاف وليست بخفيّة غامضة، ولا مضيئة منيرة.
سميت سعد الأخْبِية لأنها إذا طلعت خرجت حَشَرَاتُ الأرض وهَوَامُّها.
من جِحَرتها، جُعِلت لها كالأخبية.
وفيها يقول الراجز:
قد جاء سعد مقبلًا بحَرّه *** راكدة جنودُه لشرّه
فجعل هوامّ الأرض جنود السعد الأخبية وهذه السعود كلها يمانِيَة، وهي من نجوم الصيف وهي من منازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم يأت سلطانُ رياح الصيف، فأحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أيامها، لأنك لا ترى فيها غَبَرة.
وقد ذكرها الذبياني فقال:
قامت تَرَاءَى بين سِجْفَيْ كِلَّة *** كالشمس يوم طلوعها بالأسعُد
والسُّعُود مصدر كالسعادة؛ قال:
إن طول الحياة غير سُعود *** وضلالًا تأميل نَيْل الخلود
وفي المثل:
أوردها سعد وسعد مشتمل
يضرب مثلًا في إدراك الحاجة بلا مشقَّة، أي أوردها الشرِيعة ويوردها بئرًا يحتاج إلى أن يَستقي منها بالدُلِيّ.
ومثله: أهون السَّقْي التشريع.
وقال ابن المظفّر: يقال سعِد يَسْعد سَعْد أو سعادة فهو سعيد، نقيض شقِي.
وجمعه السعَداء.
ويقال: أسعده الله وأسعد جَدَّه.
قلت: وجائز أن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله؛
ويجوز أن يكون من سَعِد يَسْعَد فهو سعيد.
والسَّعْدانُ: نبت له شَوْك كأنه فَلْكة، يَسْلَنْقِي فتنظر إلى شوكه كالحًا إذا يبِس، ومنبتِه سهولة الأرض.
وهو من أطيب مراعي الإبل ما دام رَطْبًا.
والعرب تقول: أطيب الإبل ألبانًا ما أكل السَّعْدان والحُرْبُث.
وخلَّط الليث في تفسير السعدان، فجعل الحَلَمة ثمر السعدان، وجعل حَسَكًا كالْقُطب، وهذا كله غلط.
القُطْب: شوك غير السعدان يشبه الحَسَك والسَّعْدان مستدير شوكه في وجهه.
وأمَّا الحَلَمة فهي شجرة أخرى وليست من السَّعْدان في شيء وواحدة السَّعْدان سَعْدانة.
وسَعْدانة الثَدْي: ما أطاف به كالفَلْكة.
وقال أبو عبيد: العُقَد التي في أسفل الموازين يقال لها: السعدانات.
قال: والسَّعْدانة: عُقْدة الشسْع ممَّا يلي الأرض والقِبالُ مثل الزمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها؛ قال ذلك كله الأصمعيّ.
وقال أبو زيد: السَّعْدانة أيضًا كِرْكِرة البعير، سمّيت سَعْدانة لاستدارتها.
والسعدانة: الحَمَامة أيضًا.
وسعدانة الإست: حِتَارها، وأمَّا قول الهذليّ يصف الظليم:
على حَتّ البُرَاية زَمْخَرِيّ الس *** واعد ظَلَّ في شَرْي طِوال
فقد قيل: سواعد الظليم: أجنحته؛ لأن جناحيه له كاليدين.
وقال الباهليّ: السواعد: مجاري المُخّ في العظام.
قال: والزمخريّ من كل شيء: الأجوف مثل القَصَب، وعظام النَعَام جُوف لا مُخَّ فيها.
والحتّ السريع، والبُرَاية، البقيَّة، يقول: هو سريع عند ذهاب بُرَايته أي عند انحسار لحمه وشحمه.
وقال غيره: الساعدة: خشبة تُنْصَب لتمسِك البَكْرة.
وجمعها السواعد.
وقال الأصمعيُّ: السواعد: قَصَب الضَرْع.
وقال أبو عمرو: هي العروق التي يجيء منها اللبن، شُبِّهت بسواعد البحر وهي مجاريها.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: السَّعِيد: النهر وجمعه سُعُد وأنشد:
وكأن ظُعْن الحيّ مُدْبِرة *** نخل مَوَاقرُ بينها السُّعُد
قال: السُّعُد ههنا: الأنهار واحدها سعيد قال: ويقال لِلَبْنة القميص سعيدة.
والسُّعْد: نبت له أصل تحت الأرض أسود طيّب الريح.
والسُّعادَى: نبت آخر.
وقال الليث: السُّعادى: بنت السُّعد.
ومن أمثال العرب: مَرْعًى ولا كالسَّعدان يريدون أن السعدان من أفضل مراعيهم.
والسُّعُود في قبائل العرب كثير، وأكثرها عددًا سعدُ بن زيد مَنَاة بن تميم.
ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عَيْلان، ومنها سعد هُذَيم في قُضاعة.
ومنها سعد العَشِيرة.
وبنو ساعدة في الأنصار.
ومن أسماء الرجال سعد ومسعود وسَعِيد وأسعد وسُعَيد وسَعْدان.
ومن أسماء النساء سُعَاد وسُعْدَى وسَعِيدة وسَعْدِيَّة وسُعَيْدة.
ومن أسماء الرجال مُسْعَدة.
والسُّعْد: ضرب من التمر؛ قال أوس:
وكأن ظُعْنَ الحيّ مُدْبرة *** نخل بزارة حَمْلها السُعُد
والسَّعَادة: رُقعة تزاد في الدَلْو ليتَّسع ساعد المزادة.
وتسمَّى زيادة الخفّ وبنائق القميص سعادة.
وخرج القوم يتسعَّدون أي يطلبون مراعيَ السعدان.
والسَّعْدانة: اللّحَمات النابتات من الحلق.
قال:
جاء على سعدانة الشيخ المُكِلّ
يعني الفالوذ.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
21-تهذيب اللغة (حلم)
حلم: قال الليث: الحُلُم الرؤيا يقال حَلَمَ يَحْلُم إذا رأى في المنام.وفي الحديث: «مَن تحلَّم ما لم يَحْلَم» يعني من تكلَّف حُلْمًا لم يره، والحُلُم الاحتلام أيضًا يجمع على الأحلام.
وأحْلَامُ القوم حُلمَاؤُهم، والواحد حَليمٌ وقال الأعشى:
فَأَمَّا إذا جَلَسُوا بالعشيّ *** فأحلام عَادٍ وأيدي هُضُم
وقد حَلُم الرجل يَحْلَم فهو حَلِيمٌ، والحليمُ في صفة الله تعالى معناه الصبور.
ومن أسماء الرجال مُحَلِّم وهو الذي يُعَلِّم غيره الْحِلْمَ، ويقالُ أَحْلَمَتْ المرأةُ إذا وَلَدَت الحُلمَاءَ.
قال والأحلام الأجسَامُ، والحَلَمَةُ، والجميعُ الحَلَم، وهو ما عَظُم من القُرَادِ.
وبعيرٌ حَلِمٌ قد أفسده الحَلَمُ من كثرتها عليه، وأديمٌ حَلِمٌ قد أفسده الحَلَم قبل أن يسلخ وقد حَلِم حَلَمًا ومنه قول عُقْبة
فإنَّكَ والكتابَ إلى عَلِيٍ *** كدابغَةٍ وقد حَلِم الأديمُ
وعَناقٌ حَلِمَةٌ قد أَفْسَدَ *** جلدَها الحَلَمُ وكذلك عناقُ
تَحلِمَةٌ والجميع الحِلَامُ.
وحلَّمْتُ البعيرَ أخذت عنه الحَلَمَ وجماعةُ تَحْلِمَةٍ تَحَالِمٌ قد كثر الحَلَمُ عليها.
وفي الحديثِ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر مُعَاذًا أن يأخُذَ من كل حالِم دينارًا قال أبو الهيثم أرادَ بالحالِمِ كلَّ مَنْ بَلَغَ الحُلُم، حَلَمَ أو لم يَحلُم ويقال حلَم في نومه يحلُم حُلُمًا وحُلْمًا.
واحْتَلَم بمعناه.
وفي الحديث «الغُسْلُ يومَ الجمعة واجبٌ على كل حالِم» أي على كلِّ بالغ إنما هو على من بَلَغَ الحُلُم أي بلغ أن يَحْتَلِمَ أو احْتَلَم قبل ذلك ورُوِيَ على كلِ مُحْتَلِم أي على كل بالغٍ احْتَلَم أو لم يَحْتَلِمْ.
والحَلَمَةُ قال الليث: هي شجرةُ السَّعْدانِ وهي من أفاضل المَرْعَى.
قلت: ليست الْحَلَمَةُ من شَجَرِ السَّعْدانِ في شيء، السعدان بَقْلٌ له حَسَكٌ مستديرٌ ذو شوكٍ كثيرٍ إذا يَبِسَ آذَى واطِئَه والْحَلَمَةُ لا شوكَ لَهَا وهي من الْجَنْبَةِ وقد رأيتهما، ويقال للحلمة الحَمَاطَةُ.
وقال الليث: الحَلَمَةُ رأس الثَّدْي في وسط السَّعْدَانَةِ.
قلت: الحلمة الهُنَيَّة الشاخصة من ثَدْي المرأة وثُنْدُوَةِ الرجُلِ، وهِيَ القُرَادُ.
وأما السَّعدانة فما أَحاطَ بالقُرَادِ مما خالف لونُه لونَ الثدي، واللَّوْعَةُ السوادُ حول الحَلَمَةِ.
أبو عبيد عن الأصمعي: القُرَادُ أولَ ما يكون صغيرًا قَمْقَامَةٌ ثم يصير حَمْنَانة ثم يصير قُرَادًا ثم يصير حَلَمَةً.
قال: وقال أبو عمرو تحلَّم الصبيُّ إذا أقبل شحمُه.
وقال أوس بن حجر:
لَحَيْنَهُمُ لَحْيَ العَصَا فَطَرَدْنَهُمْ *** إلى سنَةٍ قِرْدَانُها لم تَحَلَّمِ
أي: لم تسمن لجُدُوبَةِ السَّنة.
وقال الليث: مُحَلِّمٌ نهر بالبحرين.
قلت أنا: مُحَلِّم عين فوارة بالبحرين، وما رأيت عينًا أكثر ماءً منها، وماؤها حَارٌّ في منبعه، وإذا بَرُد فهو ماءٌ عَذْبٌ، ولهذه العين إذا جرت في نَهْرِها خُلُجٌ كثيرة تَتَخَلَّجُ منها، تسقي نخيل جُؤَاثَا وعَسَلَّج وقُرَيَّاتٍ من قرى هَجَر.
وأرى محلِّمًا اسمَ رجل نسبت العين إليه.
وقول المخبَّل:
واسْتَيْقَهُوا لِلْمُحَلِّمِ
أي: أطاعوا من يعلمهم الحِلْم.
ويومُ حليمةَ أحدُ أَيَّام العربِ المشهورةِ، والعرب تضرب به المثلَ في كلِّ أمر مُتَعالَم مشهور فتقول: «ما يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ» وقد يُضْرَب مثلًا للرجل النابه الذكر الشريف وقد ذكره النَّابِغَةُ في شعره فقال يصف السيوف:
تُخِيِّرْنَ مِن أَزْمَان يوم حليمة *** إلى اليومِ قد جُرِّبْنَ كُلَّ التجارب
وقال ابنُ الكلبيّ: هي حَلِيمَةٌ ابنةُ الحارث بن أبي شمر، وجَّه أبُوها جيشًا
إلى المنذرِ بْنِ ماء السماء فأخرجت حليمةُ لَهُمْ مِرْكَنًا من طيب وطيَّبَتْهُم رواه أبو عبيد عنه.
وقال الليث: الحُلَّام الجَدْيُ.
وقال أبو عُبَيْدٍ: قال الأصمعي: ولد المَعْزِ حُلَّامٌ وحُلَّانٌ.
قلت: والأصلُ حُلَّانٌ وهو فُعْلَانُ من التَّحْليل، فقلبت النون مِيمًا.
وشارةٌ حلِيمَةٌ سَمِينَةٌ.
ويقال: حَلَمْتُ خَيَالَ فلانةَ فهو مَحْلُومٌ.
وقال الأخطل:
فَحَلُمْتُها وبنورُ فَيْدةَ دونَها *** لا يبعدنّ خيالُها المَحْلُومُ
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م