نتائج البحث عن (وَالسَّقَطِ)
1-شمس العلوم (السُّقْطُ)
الكلمة: السُّقْطُ. الجذر: سقط. الوزن: فُعْل.[السُّقْطُ]: لغة في السَّقط: وهو الولد يخرج قبل تمامه.
والسُّقط: لغة في السِّقط من الرمل والنار أيضًا.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
2-شمس العلوم (السَّقَطُ)
الكلمة: السَّقَطُ. الجذر: سقط. الوزن: فَعَل.[السَّقَطُ]: الخطأ من الكلام، ويقال: «من كَثُر كلامه كثر سَقَطه».
والسَّقَط: الساقط.
والسَّقَط: رديء المتاع.
وسَقَط البيت: نحو الجَلَمُ والإِبرة.
وباع فلان في سَقَط السِّلَع: إِذا باع في التوابل ونحوها، قال:
وما للمرء خير في حياة *** إِذا ما عُدَّ من سَقَط المتاع
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
3-معجم متن اللغة (الهتر)
الهتر: الكذب: الباطل والسقط من الكلام: الداهية والأمر العجيب.ويقال: هتر هاتر"
على المبالغة.
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
4-التوقيف على مهمات التعاريف (السقوط)
السقوط: طرح الشيء إما من مكان عال إلى مكان منخفض كسقوط الإنسان من السطح وسقوط منتصب القامة، والسقط والسقاط لما يقل الاعتداد به، ومنه رجل ساقط أي لئيم في حسبه. وأسقطت المرأة اعتبر فيه الأمران: السقوط من عل والرداءة جميعا. فإنه لا يقال أسقطت إلا في الولد الذي تلقيه قبل التمام، ومنه قيل للولد سقط أي بكسر فسكون، كذا في المفردات. وفي المصباح: السقط بالتحريك الخطأ في القول والفعل، والسقط الولد ذكرا أو أنثى قبل تمامه، وهو مستبين الخلق. وقول الفقهاء سقط الفرض معناه سقط طلبه والأمر به، ولكل ساقطة لاقطة أي لكل نادة من الكلام من يحملها ويذيعها.التوقيف على مهمات التعاريف-زين الدين محمد المدعو بعبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-توفي: 1031هـ/1622م
5-العباب الزاخر (سقط)
سقطسقط الشيءُ من يدي سقوطًا ومسْقطًا -بفتحْ القاف-. وهذا الفعلُ مسقطةُ للإنسان من أعين الناس.
والمسْقُط -أيضًا-عن الأصمعّي: مَسْقط الرأسِ أي حيثُ ولطُ. وغيرهُ يكسرِ القاف.
ومسْقُطَ -أيضًا-: قريةَ على ساحلِ بحرِ فارسَ ممّا يلي برّ اليمنَ، وهو معربُ مشَكتْ.
ومسْقطَ -أيضًا-: رستاَقّ بساحلِ بحرِ الخزرِ.
ومسْقطَ الرَّمْلِ: في طرَيق البصرةَ بينهاَ وبينَ النباج.
ويقالُ: أنا في مَسْقطِ النجمْ: أي حيثُ سقطَ.
ومسْقطَ كل شيْءٍ: منقَطعه، وأنشدَ الأصمعيّ.
«ومنهلٍ من الفلا في أوْسَـطـهِ *** من ذا وها ذاك وذا في مسْقطهِ»
وقال الخليل: يقال سقطَ الولدُ من بطنِ أمه، ولا يقال: وقعَ.
وسِقط في يديهْ: أي ندَم وتحيِر، وقال الله تعالى: (ولما سُقِطَ في أيديهم)، وقرأ طاووس: (ولما سَقَطَ) بفتحْ السّين كأنه أصمرَ الندمَ، وإنما قيل: "سقطَ" على ما لم يسمّ فاعلهُ؛ كما يقال رغبَ في فلانٍ، ولا يقال سقطتُ كما لا يقال رغبتُ، إنما يقال رغبُ في ّ، ولا سقط فلانّ في يدهِ بمعنى ندمِ، وهذا نظمَ لم يسمَعْ قبل القرآن ولا عرَفته العَرب. والأصلُ فيه نزوْلُ الشيءِ من أعلى إلى أسفل ووقوعهُ على الأرضْ، ثم اتسعَ فيه فقيلَ للخطأ من الكلام: سقطَ؛ لأنهم شبهوه بما لا يحتاجُ إليه فيسْقطَ، وذكرَ اليدَ لأنّ يحدث في القلبِ وأثرهُ يظهرُ في اليدِ؛ كقوله تعالى: (فأصْبح يقلب كفيهْ على ما أنْفقَ فيها) وكقولهْ عزّ وجلّ: (ويوم يعضّ الظالم على يديه) لأن اليد هي الجارحة العظمى فربماّ يسندّ إليها ما لم تباشرْه؛ كقولهِ تعالى: (ذلك بما قدمتْ يداكَ).
والسّاقطُ والسْاقطة: اللّئيم في حسبهَ ونفسهِ، وقومّ سقطى وسُقاّط وسِقاّط كنائمٍ ونَيامٍ.
وسقطُ الرّمْلِ وسِقطهُ وسُقطهُ: منقطعهُ، قال امرؤ القيسْ:
«قفا نَبكْ من ذِكْرى حبيبٍ ومنزلِ *** بِسقطَ اللوى بين الدّخولِ فَحْوملِ»
وكذلك سقطَ الولدَ: للذّي يسْقطَ قبل تمامهِ؛ فيه ثلاثُ لغاتٍ، ومنه حديثُ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: إنّ السّقطّ ليراغمُ ربه إنْ أدْخلَ أبويهِ النّارَ فَيجرهما بسررهِ حتىّ يدخلهاّ الجنةَ، أي يغاضبهُ. وفي حديثهِ الآخر: يظلَ السّقطْ محْبنطئًا على بابِ الجنة، يروى بالهمز وترْكه. وفي حديثه الآخر: يحشر مابين السقط إلى الشيخْ الفاني مردْا جردًا مكحّلْين أوْلي أفانينَ، وهي الخصلُ من الشعرَ.
وكذلك سقطُ النّار: لما يسْقطَ منها عند القدْح، فيه ثلاثُ لغاتٍ، قال الفرّاءُ: سقطُ النّارِ يذكرّ ويؤنث، قال ذو الرّمة:
«وسقطٍ كعينِ الديكِ عاوَرْتُ صاحبي *** أباها وهيأنا لموْقـعـهـا وكـرَ»
وسقطا الظلْيم: جناحاه، قال الرّاعي:
«حتّى إذا ما أضاءَ الصبْحُ وانْكشفتَ *** عنه نعامة ذي سقطينِ معْتكـرِ»
ويروْى: منشمرِ. وقال آخر:
«عنس مذكرة كأنّ عفـاءهـا *** سقطانِ من كنفي ظليمٍ جافلِ»
وسقطاْ اللّيال: رواقاه.
وسقط السّحاب: حيثُ يرى طرفه كأنه ساقطَ على الأرضْ في ناحيةِ الأفقِ. وكذلك سقطَ الخباءِ.
والسقّط -بالتحريك-: الخطأ في الكتابةِ والحسابِ، يقال: تكلمَ بكلامٍ فما سقطَ بحرفٍ.
والسقطَ أيضًا-: رديءُ المتاعَ. والسقاط والسقطيّ: بائعه، ومنه حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه كان يغدو فلا يمر بسقاطِ ولا صاحبِ بيعةٍ إلاّ سَلّم عليه. البيعْة من البيعِ كالرّكبةِ والجلْسةِ من "الركوبو" الجلْوس: والسقاط -أيضًا-: السيفُ الذي يسْقطَ من وراءِ الضريبة يقطعها حتى يجوز إلى الأرضْ، قال المتنخلُ الهذلي يصف سيْفًا:
«كلْونِ الملْحِ ضرْبتهُ هبـيرِ *** يبرّ العظمَ سقاط سراطي»
والسقطةُ: العثرة.
والسقطة: الثلْج والجليدُ، قال:
«ولـيلةٍ يا مـيّ ذاةِ طـــلّ *** ذاةِ سقطٍ وندىً مـخـضـلّ»
«طعمُ السرى فيها كطعمِ الخل»
والمرأةُ السقيْطة: الدنيئةُ.
وقال ابن دريدٍ: سقاطة كل شيءٍ -بالضم-: رذالتهُ.
وسقاطُ النخْلِ: ما سقطَ منه. وسقاطُ كلّ شيءٍ وسقاطتهُ: ما سقطَ منه. وقيل: السقاّط جمعُ سقاطةٍ، قال المتنخّلُ الهذليّ:
«إذا ما الحرْجفُ النكباءُ ترميْ *** بيوتَ الحيّ بالورقَ السقاطِ»
ويروْى: "السّقاطِ" بالكسرْ: جمع ساقطٍ.
ويقال: سقطّ وسقاطّ كطويْلٍ وطوالٍ.
وساقطةَ -ويقال: ساقطةَ النعل-: موْضعّ.وتقولُ العربَ: فلانّ ساقط ابنُ ماقطِ ابنِ لاقطٍ: تتسابّ بها، فالساَقطُ عبدْ الماقطِ والماقطَ عبدّ اللآقطِ واللآقطُ عبدّ معتقّ.
وعن أنس -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مرّ بتمرةٍ مسقْوطةٍ مثل قولهِ تعالى: (كان وعده مأتيًّا). أي آتيًا، وقيل: مسقوطة بمعنى النسب؛ أي ذاة سقوطٍ كجاريةٍ مغنوجةٍ أي ذاةِ غنجٍ؛ ولا يقال: غنَجْتها، ويمكن أن يكون من الإسقاط مثل أحمهّ الله فهو محمومّ.
ويقال: أسْقطت الشيْءَ من يدي، وجوز الأخفش: أسْقط في يديهْ مكان سقط في يديه. وقال أبو عمرو: لا يقال أسقطَ بالألفِ على ما لم يسْم فاعله، وأحمدُ بن يحيى مثله.
وأسقطت النّاقة وغيرها: إذا ألْقت ولدها.
وأسْقط؛ في كلامه: من السقط يقال: ما أسقط حرْفًا؛ عن يعقوب، كما يقال: ما سقط بحرفٍ، قال: وهو كما تقول: دخلتُ به وأدْخلته وخرجْتُ به وأخْرجته وعلوت به وأعليته.
وساقطه: أي أسْقطه، قال ضابيءُ بن الحارثِ البرجميّ:
«يساقطَ عنه روقةُ ضارياتـهـاِ *** سقاط حديدِ القيْنِ أخوْلَ أخْولا»
والسقاط: العثرةُ والزلة كالسقطة، قال سويدُ ابن أبى كاهلٍ اليشكريّ:
«كيف يرجون سقاطي بعدْمـا *** لاحَ في الأسِ بياضّ وصلَعْ»
والسقاط في الفرس: اسْترخاءُ العدوٍ.
وسقاط الحديث: أنْ يتحدثّ الواحدُ وينّصتَ الآخر فإذا سكت تحدث السّاكتُ، قال الفرزدق؛
«إذا هنّ ساقطنَ الحديث كأنه *** جنى النحلِ أو أبكْارُ كرمٍ»
تُقطفّ وقرأ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُساقطْ عليكِ رطبًا جنيا" وكذلك قرأ ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-، أي يساقط الله عليك، أي يسقطْ، وقرأ حفضّ: " تساقطْ" بالتاء، وقال ثعلبة بن صغير بن خزّاعي يصفُ ظليمًا:
«يبري لرائحةٍ يساقطُ ريشهـا *** مرّ النجاءِ سقاط ليْف الآبرِ»
ويسقطه: أي طلب سقطه، قال جريرّ:
«ولقد تَسقّطني الوُشاةُ فصادفوا *** حصرًا بسركِ يا أميمْ ضنيناْ»
وقال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرْمةَ:
«سَمعتْ بنا فأزالها عن حالها *** نَفثاتِ مكرِ الكاشحِ المتسقطِ»
ويروْى: "لفتاتِ".
وقال أبو المقدامِ السلَميّ: تسقطتَ الخيرَ: إذا أخذَته قليلًا شيئًا بعد شيءٍ.
والإساقط: السقوطُ، قال الله تعالى: (تُساقطَ عليك رطبًا جنيًا) وقرأ حمادّ ونصيرّْ ويعقوبُ وسهلّ: "يساقط" بالياء المنقوطةِ باثْنتين من تحْتها، وكذلك التساقطَ، وقرأ حمزةُ: (تَساقطً عليك) بفتحِ التاء وتخفيفِ السيْن.
والترْكيب يدلّ على الوقوعْ.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
6-القاموس المحيط (الرث)
الرَّثُّ: البالي،كالأَرَثِّ والرَّثيثِ، والسَّقَطُ من مَتاعِ البيتِ،
كالرِّثَّة، بالكسر، ج: رِثَثٌ ورِثاثٌ.
والرِّثَّةُ أيضًا: الحَمْقاءُ، وضُعَفاءُ الناسِ.
والرَّثاثَةُ والرُّثُوثَةُ: البَذاذَةُ. وقد رَثَّ يرِثُّ، وأرَثَّ، وأرَثَّهُ غيرهُ،
وارْتُثَّ،
على المَجْهولِ: حُمِلَ مِنَ المَعْرَكَةِ رَثِيثًا، أي: جَريحًا، وبه رَمَقٌ.
والمُرِثُّ: من رَثَّ حَبْلُهُ.
وارْتَثَّ ناقَةً له: نَحَرَها من الهُزالِ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
7-القاموس المحيط (الهتر)
الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ، وهَتَرَهُ يَهْتِرُهُ وهَتَّرَهُ، وبالكسر: الكذِبُ، والدَّاهِيَةُ، والأمْرُ العَجَبُ، والسَّقَطُ من الكلامِ، والخَطأُ فيه، والنِّصْفُ الأولُ من الليلِ، وبالضم: ذَهابُ العَقْلِ من كِبَرٍ أو مَرَضٍ أو حُزْنٍ، وقد أهْتَرَ، فهو مُهْتَرٌ، بفتح التاءِ، شاذٌّ. وقد قيلَ: أُهْتِرَ، بالضم، ولم يَذْكُر الجوهريُّ غيرَهُ.وأُهْتِرَ، بالضم، فهو مُهْتَرٌ: أُولِعَ بالقولِ في الشيءِ، وهَتَرَهُ الكِبَرُ يَهْتِرُهُ.
والتَّهْتَارُ: الحُمْقُ، والجَهْلُ،
كالتَّهَتُّرِ.
والهَتْرَةُ: الحمْقَةُ المُحْكَمَةُ.
والمُسْتَهْتَرُ بالشيءِ، بالفتح: المُولَعُ به، لا يُبالي بما فُعِلَ فيه وشُتِمَ له، والذي كثُرَتْ أباطِيلُهُ. وقد اسْتُهْتِرَ بكذا على ما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
وتَهاتَرا: ادَّعى كلٌّ على صاحبه باطلًا.
وهاتَرَهُ: سابَّهُ بالباطِلِ.
والتَّهاتِرُ: الشَّهاداتُ التي يُكَذِّبُ بعضُها بعضًا، كأنها جَمْعُ تَهْتَرٍ.
ورجلٌ هِتْرُ أهتارٍ: موصوفٌ بالنَّكْراءِ.
وهِتْرٌ هاتِرٌ: مبالغةٌ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
8-القاموس المحيط (سقط)
سَقَطَ سُقوطًا ومَسْقَطًا: وَقَعَ،كاسَّاقَطَ، فهو ساقِطٌ وسَقوطٌ. والموضِعُ: كمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ،
وـ الوَلَدُ من بَطْنِ أمه: خَرَجَ، ولا يقالُ: وَقَعَ،
وـ الحَرُّ: أقَبَلَ، ونَزَلَ،
وـ عَنَّا: أقْلَعَ، ضِدٌّ،
وـ في كَلامِهِ: أخْطأ،
وـ القومُ إليَّ: نَزَلُوا. وهذا مَسْقَطَةٌ له من أعْيُنِ الناسِ.
ومَسْقَطُ الرأسِ: المَوْلِدُ.
وتَساقَطَ: تَتَابَعَ سُقوطُه.
وساقَطَه مُساقَطةً وسِقاطًا: تابَعَ إسْقاطَه.
والسَّقْطُ، مُثَلَّثَةً: الوَلَدُ لغيرِ تَمامٍ، وقد أسْقَطَتْهُ أمُّه، وهي مُسْقِطٌ.
ومُعْتادَتُه: مِسْقاطٌ، وما سَقَطَ بين الزَّنْدَيْنِ قَبْلَ استِحكامِ الوَرْيِ، ويُؤَنَّثُ، وحيثُ انْقَطَعَ مُعْظَمُ الرَّمْلِ ورَقَّ،
كمَسْقَطِهِ، وبالفتح: الثَّلْجُ، وما يَسْقُطُ من النَّدَى، ومن لا يُعَدُّ في خِيارِ الفِتْيانِ،
كالساقِطِ، وبالكسر: ناحيةُ الخِباءِ، وجَناحُ الطائرِ،
كسِقاطِه، بالكسر،
ومَسْقَطِه، كمَقْعَدِه، وطَرَفُ السحابِ، وبالتحريك: ما أُسْقِطَ من الشيءِ، وما لا خيرَ فيه
ج: أسْقاطٌ، والفضِيحةُ، ورَدِيءُ المَتاعِ، وبائعُه:
السَّقَّاطُ والسَّقَطِيُّ، والخَطَأ في الحِسابِ والقولِ، وفي الكِتابِ،
كالسِّقاطِ، بالكسر.
والسُّقاطةُ والسُّقاطُ، بضمهما: ما سَقَطَ من الشيء.
وسُقِطَ في يدِه،
وأُسْقِطَ، مضمومتينِ: زَلَّ، وأخْطأ، ونَدِمَ، وتَحَيَّرَ.
والسَّقيطُ: الناقِصُ العقْلِ،
كالسَّقيطةِ، والبَرَدُ، والجَليدُ،
وما سَقَطَ من النَّدَى على الأرضِ.
وما أسْقَطَ كلمةً،
وـ فيها: ما أخْطأ.
وأسْقَطَه: عالَجَه على أن يَسْقُطَ، فَيُخْطِئَ أو يَكْذبَ أو يَبوحَ بما عندَه،
كتَسَقَّطَه.
والسَّواقِطُ: الذينَ يَرِدونَ اليمامةَ لامْتِيارِ التَّمْرِ. وككتابٍ: ما يَحْمِلونَه من التَّمْرِ.
والساقِطُ: المُتَأخِّرُ عن الرِّجالِ.
وساقطَ الشيءَ مُسَاقَطَةً وسِقاطًا: أسْقَطَه، أو تابَعَ إسْقاطَه،
وـ الفرسُ العَدْوَ سِقاطًا: جاءَ مُسْتَرْخِيًا،
وـ فلانٌ فلانًا الحديث: سَقَطَ من كُلٍّ على الآخَرِ، بأَن يَتَحَدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ الآخَرُ، فإذا سَكَتَ، تَحَدَّثَ الساكِتُ.
وكشدَّادٍ وسَحابٍ: السيفُ يَسْقُطُ وراءَ الضَّريبةِ، ويَقْطَعُها حتى يَجوزَ إلى الأرضِ، أو يَقْطَعَ الضَّريبةَ ويَصِلَ إلى ما بعدَها. وككِتابٍ: ما سَقَطَ من النَّخْلِ من البُسْرِ، والعَثْرَةُ، والزَّلَّةُ، أو هي جَمْعُ سَقْطةٍ، أو هُما بمَعْنًى.
وكمَقْعَدٍ: د بساحِلِ بَحْرِ عُمانَ، ورُسْتاقٌ بساحلِ بحرِ الخَزَرِ، ووادٍ بين البَصْرَةِ والنِّباجِ.
وتَسَقَّطَ الخَبَرَ: أخَذَه قليلًا قليلًا،
وـ فلانًا: طَلَبَ سَقَطَه.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
9-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (ولد)
(ولد) - قوله تعالى: {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}هو جمعُ وَليدٍ: أي صِبْيَان. وقيل: هو جَمعُ وَلَد كأولاد، ويقع الوَلَد على الواحِد والأكثَر، وعلى الذكَرِ والأنثَى.
والوُلْدُ بمعنى الوَلَد والأَولاد، والِّلدَةُ مِنْ وَلَدَ، كالعِدَة من وَعَدَ، وَأَصْلُه من وِلْدَةٌ، وقيل: التِّلَادُ والتَّلِيدُ من هذا الباب؛ لأنّ أصْلَهما الوَاوُ قلبت تَاءً.
- في الحديث: "واقِيَةً كواقِيَة الوَلِيد"
: أي كَلَاءَةً كما يُكْلأُ الطِّفْلُ. وقيل: إنه أرَادَ بالوَليد: مُوسىَ عليه الصّلاة والسلام؛ لقوله تَباركَ وتعالى في قِصِّته: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا}، كأنّه قال: كما وَقَيْتَ مُوسِىَ شرَّ فِرْعَون، وهو في حِجْرِه، فَقِنى شَرَّ قَوْمى، وأنا بَيْن أَظْهُرِهِم.
- في الحديث: "فتَصَدَّقْت على أُمِّى بِوَلِيدة"
: أي جاريَةٍ صَغِيرة، والوَلائدُ: الوصَائِفُ.
- وفي الاستعَاذَةِ: "ومن شَرِّ والِدٍ ومَا ولَدَ"
يَعنِى إبليسَ والشَّياطين.
فأمّا قوله تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ}
قيل: آدَمُ وذريتُه.
- وفي الحديث: "المولود في الجَنَّةِ"
: أي الطِّفْلُ الصَّغيرُ الذي مَاتَ قبل ما أن يُدْرِك الحُلُم، والسِّقْطُ.
- في حديث لَقِيط - رضي الله عنه -: "ما وَلَّدْتَ يا راعِى؟ "
أصْحَاب الحديث يقُولون: "ما وَلَدَتْ" يُريدُون: الشَّاةَ، والمحَفُوظ بتشديد الّلام على خِطَاب الشّاهِدِ.
يقال: ولَّدْتَهُ؛ إذا حَضَرتَ ولَاَدَتَها فعَالَجْتَها، حتى يَبِينَ منها، وأنشَدَ أبو عُمَر:
إذا مَا وَلَّدُوا يَومًا تَنَادَوْا
أَجَدْىٌ تحت شَاتِكَ أم غُلامُ
المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م
10-المعجم الاشتقاقي المؤصل (رغم)
(رغم): {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100]الرَغْم -بالفتح وكسحاب: دُقَاقُ التراب. وقيل التراب عامة،، قيل الثَرَى وهو التراب النَدِىّ، وكسَحَاب وغُراب: المُخَاطُ. والرُغَامَى -كحُبَارَى: الأَنْف كالمَرْغَم -بالفتح والغين مفتوحة ومكسورة.
° المعنى المحوري
تراكم مادة (مخاطية أو ترابية) على الظاهر تُكْرَه أو يُتَقَزَّز منها: كتراب الأرض يغطي ظاهرها، وهو يُكْره لأنه بثور ويشوب الهواء وبه تتسخ الملابس وغيرها، وكالمُخَاط والأنفُ مصدر له. ومن ذلك على التشبيه "شاةٌ رَغماء -بالفتح: على طرف أنفها بياضٌ أو لونٌ يخالف سائر بدنها " [ق]. ومن دفع الشيء إلى الظاهر كراهةً له: ما في حديث الشاة المسمومة: "فلما أَرْغَم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرْغَم بِشْرٌ ما في فيه "المراد: لَفَظَ اللحمةَ لما بها من السُمّ. ومن هذه الكراهة: "رَغِمَتْ السائمةُ المَرْعَى (كفرح)، وأَنِفَ: كَرِهَتْه. والرَُغْم -مثلثة، والمَرْغَمَة -بالفتح: الكُرْه. والسِقْط يراغم ربَّه أي يغاضبه. ما: أرْغَمُ من
ذلك شيئًا: ما أَنِقمُه وما أكرهه. وقَدِمَتْ راغمةً اي غاضبة. وتَرَغَّمَ: غَضِبَ. وامرأة مِرْغامة -بالكسر: مُغْضِبة لبعْلها. وفَعَلْتُه على رَغْمه: على غَضَبه. وأرغمته: أغضبته. وأرْغَمَه: حَمَله على ما لا يقدر أن يمتنع منه " (أي أكرهه). وفي الحديث: إذا صلى أحدكم فليُلْزم جَبْهته وأنفَه الأرضَ حتى يَخرُجَ منه الرَغْم "-بالفتح أي حتى يخضع ويذل ويخرج منه كبر الشيطان ". اه (الرغم هنا الأنفة وهي كراهة خاصة). و "المراغمة: المغاضبة/ الهجران والتباعد " {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} (أي مهاجَرًا يمكّنه من رد الرغم) ويحفظ له إباءه.
أما قولهم "على رغم أنفه، وإن رغم أنفه إلخ: أي إن كره -فلأن الأنف كان مناطَ الغضب والشموخ عندهم (وَرِمَ أنفُه، شَمَخ بأنفه إلخ)، فوضعه في الرَغام إكراه وإذلال.
المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
11-معجم البلدان (جوشن)
جَوْشَنُ:بالفتح ثم السكون، وشين معجمة، ونون والجوشن الصدر، والجوشن الدرع، وجوشن:
جبل مطلّ على حلب في غربيّها، في سفحه مقابر ومشاهد للشيعة، وقد أكثر شعراء حلب من ذكره جدّا فقال منصور بن المسلم بن أبي الخرجين النحوي الحلبي من قصيدة:
«عسى مورد من سفح جوشن ناقع، *** فإني إلى تلك الموارد ظمآن»
«وما كلّ ظنّ ظنّه المرء كائن، *** يحوم عليه للحقيقة برهان»
وقرأت في ديوان شعر عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي عند قوله:
«يا برق طالع من ثنيّة جوشن *** حلبا، وحيّ كريمة من أهلها»
«واسأله هل حمل النسيم تحيّة *** منها، فإنّ هبوبه من رسلها»
«ولقد رأيت، فهل رأيت كوقفة *** للبين يشفع هجرها في وصلها؟»
ثم قال: جوشن جبل في غربي حلب، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويقال: إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن عليّ، رضي الله عنه، ونساؤه، وكانت زوجة الحسين حاملا فأسقطت هناك فطلبت من الصّنّاع في ذلك الجبل خبزا وماء فشتموها ومنعوها، فدعت عليهم، فمن الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمّى مشهد الدّكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين، رضي الله عنه.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
12-معجم دمشق التاريخي (سوق السقطية)
سوق السقطيّة (1): كان في النحّاسين بمحلّة تحت القلعة [منطقة سوق الهال القديم وسوق الخيل وجامع بلبغا]، والسقط جمع أسقاط: رديء المتاع وما لا خير فيه من كل شيء. درس.معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
13-موسوعة الفقه الكويتية (إجهاض)
إِجْهَاضٌالتَّعْرِيفُ:
1- يُطْلَقُ الْإِجْهَاضُ فِي اللُّغَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ: إِلْقَاءِ الْحَمْلِ نَاقِصَ الْخَلْقِ، أَوْ نَاقِصَ الْمُدَّةِ، سَوَاءٌ مِنَ الْمَرْأَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْإِطْلَاقُ اللُّغَوِيُّ يَصْدُقُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِلْقَاءُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَمْ تِلْقَائِيًّا.
2- وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ إِجْهَاضٍ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ عَنِ الْإِجْهَاضِ بِمُرَادِفَاتِهِ كَالْإِسْقَاطِ وَالْإِلْقَاءِ وَالطَّرْحِ وَالْإِمْلَاصِ.
صِفَةُ الْإِجْهَاضِ حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
3- مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ الْإِجْهَاضِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ، وَبَيْنَ حُكْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَ التَّكَوُّنِ فِي الرَّحِمِ وَالِاسْتِقْرَارِ، وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ الْإِجْهَاضِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ مَوْضِعَ اتِّفَاقٍ كَانَ الْأَنْسَبُ الْبَدْءَ بِهِ ثُمَّ التَّعْقِيبُ بِحُكْمِهِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ، مَعَ بَيَانِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ وَاتِّجَاهَاتِهِمْ فِيهِ.
أ- حُكْمُ الْإِجْهَاضِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ:
4- نَفْخُ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ».وَلَا يُعْلَمُ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْرِيمِ الْإِجْهَاضِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ.فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا نُفِخَتْ فِي الْجَنِينِ الرُّوحُ حُرِّمَ الْإِجْهَاضُ إِجْمَاعًا.وَقَالُوا إِنَّهُ قَتْلٌ لَهُ، بِلَا خِلَافٍ.
وَالَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ إِطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ تَحْرِيمَ الْإِجْهَاضِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ فِي بَقَائِهِ خَطَرٌ عَلَى حَيَاةِ الْأُمِّ وَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.وَصَرَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ بِذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ الْجَنِينُ حَيًّا، وَيُخْشَى عَلَى حَيَاةِ الْأُمِّ مِنْ بَقَائِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْطِيعُهُ؛ لِأَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ بِهِ مَوْهُومٌ، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُ آدَمِيٍّ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ.
ب- حُكْمُ الْإِجْهَاضِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ:
5- فِي حُكْمِ الْإِجْهَاضِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ اتِّجَاهَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَقْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ، حَتَّى فِي الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُبَاحُ الْإِسْقَاطُ بَعْدَ الْحَمْلِ، مَا لَمْ يَتَخَلَّقْ شَيْءٌ مِنْهُ.وَالْمُرَادُ بِالتَّخَلُّقِ فِي عِبَارَتِهِمْ تِلْكَ نَفْخُ الرُّوحِ.وَهُوَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اللَّخْمِيُّ فِيمَا قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقَالَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ أَيْضًا، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: لَوْ كَانَتِ النُّطْفَةُ مِنْ زِنًا فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْجَوَازُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ.وَالْإِبَاحَةُ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي أَوَّلِ مَرَاحِلِ الْحَمْلِ، إِذْ أَجَازُوا لِلْمَرْأَةِ شُرْبَ الدَّوَاءِ الْمُبَاحِ لِإِلْقَاءِ نُطْفَةٍ لَا عَلَقَةٍ، وَعَنِ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ مَا لَمْ تَحِلَّهُ الرُّوحُ لَا يُبْعَثُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إِسْقَاطُهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: وَلِكَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَجْهٌ.
6- وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْإِبَاحَةِ لِعُذْرٍ فَقَطْ، وَهُوَ حَقِيقَةُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ كَرَاهَةِ الْخَانِيَّةِ عَدَمَ الْحِلِّ لِغَيْرِ عُذْرٍ، إِذِ الْمُحْرِمُ لَوْ كَسَرَ بَيْضَ الصَّيْدِ ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَصْلُ الصَّيْدِ.فَلَمَّا كَانَ يُؤَاخَذُ بِالْجَزَاءِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَلْحَقَهَا- مَنْ أَجْهَضَتْ نَفْسَهَا- إِثْمٌ هُنَا إِذَا أَسْقَطَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ وَهْبَانَ أَنَّ مِنَ الْأَعْذَارِ أَنْ يَنْقَطِعَ لَبَنُهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ وَلَيْسَ لِأَبِي الصَّبِيِّ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ الظِّئْرَ (الْمُرْضِعَ) وَيَخَافُ هَلَاكَهُ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: إِنَّ إِبَاحَةَ الْإِسْقَاطِ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالَةِ الضَّرُورَةِ.وَمَنْ قَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِالْإِبَاحَةِ دُونَ تَقْيِيدٍ بِالْعُذْرِ فَإِنَّهُ يُبِيحُهُ هُنَا بِالْأَوْلَى، وَقَدْ نَقَلَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ عَنِ الزَّرْكَشِيِّ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ دَعَتْهَا ضَرُورَةٌ لِشُرْبِ دَوَاءٍ مُبَاحٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِجْهَاضُ فَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَا تَضْمَنُ بِسَبَبِهِ.
7- وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا.وَهُوَ مَا قَالَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ.فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْهُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِلْقَاءُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ بَعْدَمَا وَقَعَ فِي الرَّحِمِ مَآلُهُ الْحَيَاةُ، فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْحَيَاةِ، كَمَا فِي بَيْضَةِ صَيْدِ الْحَرَمِ.وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقَوْلٌ مُحْتَمَلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.يَقُولُ الرَّمْلِيُّ: لَا يُقَالُ فِي الْإِجْهَاضِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ إِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، بَلْ مُحْتَمَلٌ لِلتَّنْزِيهِ وَالتَّحْرِيمِ، وَيَقْوَى التَّحْرِيمُ فِيمَا قَرُبَ مِنْ زَمَنِ النَّفْخِ لِأَنَّهُ جَرِيمَةٌ.
8- وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.يَقُولُ الدَّرْدِيرُ: لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْمَنِيِّ الْمُتَكَوِّنِ فِي الرَّحِمِ وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَعَلَّقَ الدُّسُوقِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.وَقِيلَ يُكْرَهُ.مِمَّا يُفِيدُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي عِبَارَةِ الدَّرْدِيرِ التَّحْرِيمُ.كَمَا نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ مَا طَرَحَتْهُ الْمَرْأَةُ جِنَايَةٌ، مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ، مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدٌ، فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَقَالَ: وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ مَعَ الْغُرَّةِ.
وَالْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ هُوَ الْأَوْجَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّ النُّطْفَةَ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إِلَى التَّخَلُّقِ مُهَيَّأَةٌ لِنَفْخِ الرُّوحِ.وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ ابْنِ قُدَامَةَ وَغَيْرِهِ بَعْدَ مَرْحَلَةِ النُّطْفَةِ، إِذْ رَتَّبُوا الْكَفَّارَةَ وَالْغُرَّةَ عَلَى مَنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا، وَعَلَى الْحَامِلِ إِذَا شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَلْقَتْ جَنِينًا.
بَوَاعِثُ الْإِجْهَاضِ وَوَسَائِلُهُ:
9- بَوَاعِثُ الْإِجْهَاضِ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا قَصْدُ التَّخَلُّصِ مِنَ الْحَمْلِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ نَتِيجَةَ نِكَاحٍ أَمْ سِفَاحٍ، أَوْ قَصْدُ سَلَامَةِ الْأُمِّ لِدَفْعِ خَطَرٍ عَنْهَا مِنْ بَقَاءِ الْحَمْلِ أَوْ خَوْفًا عَلَى رَضِيعِهَا، عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ.
كَمَا أَنَّ وَسَائِلَ الْإِجْهَاضِ كَثِيرَةٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهِيَ إِمَّا إِيجَابِيَّةٌ وَإِمَّا سَلْبِيَّةٌ.فَمِنَ الْإِيجَابِيَّةِ: التَّخْوِيفُ أَوِ الْإِفْزَاعُ كَأَنْ يَطْلُبَ السُّلْطَانُ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ فَتُجْهَضُ فَزَعًا، وَمِنْهَا شَمُّ رَائِحَةٍ، أَوْ تَجْوِيعٌ، أَوْ غَضَبٌ، أَوْ حُزْنٌ شَدِيدٌ، نَتِيجَةَ خَبَرٍ مُؤْلِمٍ أَوْ إِسَاءَةٍ بَالِغَةٍ، وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ كُلِّ هَذَا.
وَمِنَ السَّلْبِيَّةِ امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنِ الطَّعَامِ، أَوْ عَنْ دَوَاءٍ مَوْصُوفٍ لَهَا لِبَقَاءِ الْحَمْلِ.وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الدُّسُوقِيُّ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا شَمَّتْ رَائِحَةَ طَعَامٍ مِنَ الْجِيرَانِ مَثَلًا، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَأْكُلْ مِنْهُ أُجْهِضَتْ فَعَلَيْهَا الطَّلَبُ.فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا بِحَمْلِهَا، حَتَّى أَلْقَتْهُ، فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ لِتَقْصِيرِهَا وَلِتَسَبُّبِهَا.
عُقُوبَةُ الْإِجْهَاضِ:
10- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى جَنِينِ الْحُرَّةِ هُوَ غُرَّةٌ.لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ- صلى الله عليه وسلم- مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ: «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ».
11- وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ مِقْدَارَ الْغُرَّةِ فِي ذَلِكَ هُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، وَأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُرَّةِ كُلُّ جِنَايَةٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا انْفِصَالُ الْجَنِينِ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجِنَايَةُ نَتِيجَةَ فِعْلٍ أَمْ قَوْلٍ أَمْ تَرْكٍ، وَلَوْ مِنَ الْحَامِلِ نَفْسِهَا أَوْ زَوْجِهَا، عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً.
12- وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ- وَهِيَ الْعُقُوبَةُ الْمُقَدَّرَةُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى- مَعَ الْغُرَّةِ. (وَالْكَفَّارَةُ هُنَا هِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً، لِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَقْضِ إِلاَّ بِالْغُرَّةِ.كَمَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ زَاجِرَةً، وَفِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَأَدَّى بِالصَّوْمِ.وَقَدْ عُرِفَ وُجُوبُهَا فِي النُّفُوسِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَتَعَدَّاهَا لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْقِيَاسُ، وَالْجَنِينُ يُعْتَبَرُ نَفْسًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لَا مُطْلَقًا.وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ كُلُّ الْبَدَلِ، فَكَذَا لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا.وَإِذَا تُقُرِّبَ بِهَا إِلَى اللَّهِ كَانَ أَفْضَلَ.وَعَلَى هَذَا فَإِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْغُرَّةِ.لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ نَفْسٌ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ، فَوَجَبَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ.
وَتَرْكُ ذِكْرِ الْكَفَّارَةِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا.فَقَدْ ذَكَرَ الرَّسُولُ- صلى الله عليه وسلم- فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الدِّيَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَفَّارَةَ.
وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْجَنِينِ الْمَحْكُومِ بِإِيمَانِهِ لِإِيمَانِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِالذِّمَّةِ.
كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَكَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ فِي جِنَايَةِ الْإِجْهَاضِ لَزِمَ كُلَّ شَرِيكٍ كَفَّارَةٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الْغَايَةَ مِنَ الْكَفَّارَةِ الزَّجْرُ.أَمَّا الْغُرَّةُ فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا لِلْبَدَلِيَّةِ.
الْإِجْهَاضُ الْمُعَاقَبُ عَلَيْهِ:
13- يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْغُرَّةِ بِمَوْتِ الْجَنِينِ بِسَبَبِ الِاعْتِدَاءِ، كَمَا يَتَّفِقُونَ عَلَى اشْتِرَاطِ انْفِصَالِهِ مَيِّتًا، أَوِ انْفِصَالِ الْبَعْضِ الدَّالِّ عَلَى مَوْتِهِ.إِذْ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْمَوْلُودِ إِلاَّ بِخُرُوجِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَرَكَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِرِيحٍ فِي الْبَطْنِ سَكَنَتْ، وَبِالْإِلْقَاءِ ظَهَرَ تَلَفُهُ بِسَبَبِ الضَّرْبِ أَوِ الْفَزَعِ وَنَحْوِهِمَا، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: لَوْ عُلِمَ مَوْتُ الْجَنِينِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَكَالْمُنْفَصِلِ.وَالْحَنَفِيَّةُ يَعْتَبِرُونَ انْفِصَالَ الْأَكْثَرِ كَانْفِصَالِ الْكُلِّ، فَإِنْ نَزَلَ مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ فَالْأَكْثَرُ خُرُوجُ صَدْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ فَالْأَكْثَرُ انْفِصَالُ سُرَّتِهِ.وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ يَقُولُ ابْنُ عَابِدِينَ: وَإِنْ خَرَجَ جَنِينٌ مَيِّتٌ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ سَبَبٌ لِمَوْتِهِ ظَاهِرًا، إِذْ حَيَاتُهُ بِحَيَاتِهَا، فَيَتَحَقَّقُ مَوْتُهُ بِمَوْتِهَا، فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، إِذِ الِاحْتِمَالُ فِيهِ أَقَلُّ، فَلَا يُضْمَنُ بِالشَّكِّ؛ وَلِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى أَعْضَائِهَا، وَبِمَوْتِهَا سَقَطَ حُكْمُ أَعْضَائِهَا.
وَقَالَ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ: الْغُرَّةُ وَاجِبَةٌ فِي الْجَنِينِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ.وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَخْرُجَ الْجَنِينُ مَيِّتًا وَلَا تَمُوتُ أُمُّهُ مِنَ الضَّرْبِ.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَيُوجِبُونَ الْغُرَّةَ سَوَاءٌ أَكَانَ انْفِصَالُ الْجَنِينِ مَيِّتًا حَدَثَ فِي حَيَاةِ الْأُمِّ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا لِأَنَّهُ كَمَا يَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ: جَنِينٌ تَلِفَ بِجِنَايَةٍ، وَعُلِمَ ذَلِكَ بِخُرُوجِهِ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ سَقَطَ فِي حَيَاتِهَا.وَلِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ حَيًّا ضَمِنَهُ، فَكَذَلِكَ إِذَا سَقَطَ مَيِّتًا كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْهُ فِي حَيَاتِهَا.وَيَقُولُ الْقَاضِي زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيُّ: ضَرَبَ الْأُمَّ، فَمَاتَتْ، ثُمَّ أَلْقَتْ مَيِّتًا، وَجَبَتِ الْغُرَّةُ، كَمَا لَوِ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهَا.يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ فِي أَصْلِ تَرَتُّبِ الْعُقُوبَةِ إِذَا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِ الْجَنِينِ، كَظُفُرٍ وَشَعْرٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ تَامِّ الْخَلْقِ اتِّفَاقًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ ابْنُ عَابِدِينَ إِلاَّ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَتَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فَأَوْجَبُوا الْغُرَّةَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَوْ أَلْقَتْهُ عَلَقَةً أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا، وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ قَوْلَهُ: كُلُّ مَا طَرَحَتْ مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدٌ فَفِيهِ غُرَّةٌ وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُعْتَبَرَ نَفْخُ الرُّوحِ فِيهِ.
وَالشَّافِعِيَّةُ يُوجِبُونَ الْغُرَّةَ أَيْضًا لَوْ أَلْقَتْهُ لَحْمًا فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا أَلْقَتْ مُضْغَةً، فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنَ الْقَوَابِلِ أَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا شَيْءَ فِيهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ.أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، إِذْ يَنْقُلُ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشُّمُنِّيِّ: أَنَّ الْمُضْغَةَ غَيْرَ الْمُتَبَيِّنَةِ الَّتِي يَشْهَدُ الثِّقَاتُ مِنَ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا بَدْءُ خَلْقِ آدَمِيٍّ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ.
تَعَدُّدُ الْأَجِنَّةِ فِي الْإِجْهَاضِ:
14- لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ مِنْ غُرَّةٍ أَوْ دِيَةٍ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَجِنَّةِ.فَإِنْ أَلْقَتِ الْمَرْأَةُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ جَنِينَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِمْ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ آدَمِيٍّ، فَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهِ، كَالدِّيَاتِ.وَالْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْغُرَّةِ- وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ كَمَا تَقَدَّمَ- يَرَوْنَ أَنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ أَيْضًا.
مَنْ تَلْزَمُهُ الْغُرَّةُ:
15- الْغُرَّةُ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ فِي سَنَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَنِينِ الْحُرِّ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، لِلْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ»، وَلَا يَرِثُ الْجَانِي وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ قَالُوا: الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَلَوِ الْحَامِلَ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْجَنِينِ لَا عَمْدَ فِيهَا حَتَّى يُقْصَدَ بِالْجِنَايَةِ، بَلْ يَجْرِي فِيهَا الْخَطَأُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ.سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى أُمِّهِ خَطَأً أَمْ عَمْدًا أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ.وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ: فَلَوْ ضَرَبَ الرَّجُلُ بَطْنَ امْرَأَتِهِ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ الْغُرَّةُ، وَلَا يَرِثُ فِيهَا، وَالْمَرْأَةُ إِنْ أَجْهَضَتْ نَفْسَهَا مُتَعَمِّدَةً دُونَ إِذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنَّ عَاقِلَتَهَا تَضْمَنُ الْغُرَّةَ وَلَا تَرِثُ فِيهَا، وَأَمَّا إِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ، أَوْ لَمْ تَتَعَمَّدْ، فَقِيلَ.لَا غُرَّةَ؛ لِعَدَمِ التَّعَدِّي، لِأَنَّهُ هُوَ الْوَارِثُ وَالْغُرَّةُ حَقُّهُ، وَقَدْ أَذِنَ بِإِتْلَافِ حَقِّهِ.وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْغُرَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّ الْغُرَّةَ حَقُّهُ لَمْ يَجِبْ بِضَرْبِهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ إِهْدَارَ آدَمِيَّتِهِ وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَاقِلَةٌ فَقِيلَ فِي مَالِهَا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالُوا: إِنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ أَمَرَتْ غَيْرَهَا أَنْ تُجْهِضَهَا، فَفَعَلَتْ، لَا تَضْمَنُ الْمَأْمُورَةُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ.وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الْغُرَّةِ فِي مَالِ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْخَطَأِ، إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ حُرَّةً حُبْلَى، فَأَلْقَتْ جَنِينًا، فَإِنَّ الْغُرَّةَ الْوَاجِبَةَ هُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الْجَانِي.وَيُوَافِقُهُمُ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ غَيْرِ صَحِيحٍ عِنْدَهُمْ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، إِذْ قَالُوا: وَقِيلَ: إِنْ تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، بِنَاءً عَلَى تَصَوُّرِ الْعَمْدِ فِيهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى عِلْمِ وُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ جَعَلُوا الْغُرَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِذَا مَاتَ الْجَنِينُ مَعَ أُمِّهِ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ.أَمَّا إِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ مَاتَ الْجَنِينُ وَحْدَهُ، فَتَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ: مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَفِي مَالِهِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ مَا حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ.وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (عَاقِلَةٌ.غُرَّة.جَنِينٌ.دِيَةٌ.كَفَّارَةٌ.)
الْآثَارُ التَّبَعِيَّةُ لِلْإِجْهَاضِ:
16- بِالْإِجْهَاضِ يَنْفَصِلُ الْجَنِينُ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا، وَيُسَمَّى سِقْطًا.وَالسِّقْطُ هُوَ الْوَلَدُ تَضَعُهُ الْمَرْأَةُ مَيِّتًا أَوْ لِغَيْرِ تَمَامِ أَشْهُرِهِ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ.وَقَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ عَنْ حُكْمِ تَسْمِيَتِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ.وَمَوْضِعُ بَيَانِ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ مُصْطَلَحُ سِقْطٍ.
أَثَرُ الْإِجْهَاضِ فِي الطَّهَارَةِ وَالْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ:
17- لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْإِجْهَاضَ بَعْدَ تَمَامِ الْخَلْقِ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الْوِلَادَةِ.مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ، وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْوِلَادَةِ، لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْإِجْهَاضَ لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ الْجَنِينِ عَلَى تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ حَيًّا كَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ.
أَمَّا الْإِجْهَاضُ فِي مَرَاحِلِ الْحَمْلِ الْأُولَى قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فَفِيهِ الِاتِّجَاهَاتُ الْفِقْهِيَّةُ الْآتِيَةُ: فَبِالنِّسْبَةِ لِاعْتِبَارِ أُمِّهِ نُفَسَاءَ، وَمَا يَتَطَلَّبُهُ ذَلِكَ مِنْ تَطَهُّرٍ، يَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَالشَّافِعِيَّةُ، اعْتِبَارَهَا نُفَسَاءَ، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ مُضْغَةٍ هِيَ أَصْلُ آدَمِيٍّ، أَوْ بِإِلْقَاءِ عَلَقَةٍ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ بِهِ نُفَسَاءَ.وَيَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَبِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْوِلَادَةِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ يَرَوْنَ أَنَّ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَيُّ صُورَةِ آدَمِيٍّ لَا تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ وَلَدٌ بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَا بِالْبَيِّنَةِ.أَمَّا الْمُضْغَةُ الْمُخَلَّقَةُ وَالَّتِي بِهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ وَلَوْ خَفِيَّةً، وَشَهِدَتِ الثِّقَاتُ الْقَوَابِلُ بِأَنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ لَتُصُوِّرَتْ، فَإِنَّهَا تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ لَا يُوقِعُونَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وِلَادَةً، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يَنُصُّونَ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِانْفِصَالِ الْحَمْلِ كُلِّهِ وَلَوْ عَلَقَةً.
إِجْهَاضُ جَنِينِ الْبَهِيمَةِ:
18- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ إِذَا أَلْقَتْهُ بِجِنَايَةٍ مَيِّتًا مَا نَقَصَتِ الْأُمُّ، أَيْ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَهُوَ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا.وَإِذَا نَزَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ فَقِيمَتُهُ مَعَ الْحُكُومَةِ، وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ أَنَّ عَلَيْهِ عُشْرَ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَهُوَ مَا قَالَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ.وَلَمْ نَقِفْ لِلشَّافِعِيَّةِ عَلَى كَلَامٍ فِي هَذَا أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ صَالَتِ الْبَهِيمَةُ وَهِيَ حَامِلٌ عَلَى إِنْسَانٍ، فَدَفَعَهَا، فَسَقَطَ جَنِينُهَا، فَلَا ضَمَانَ.وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الدَّفْعَ لَوْ كَانَ عُدْوَانًا لَزِمَهُ الضَّمَانُ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
14-موسوعة الفقه الكويتية (تكفين)
تَكْفِينٌالتَّعْرِيفُ:
1- التَّكْفِينُ: مَصْدَرُ كَفَّنَ، وَمِثْلُهُ الْكَفَنُ، وَمَعْنَاهُمَا فِي اللُّغَةِ: التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ.
وَمِنْهُ: سُمِّيَ كَفَنُ الْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ يَسْتُرُهُ
وَمِنْهُ: تَكْفِينُ الْمَيِّتِ أَيْ لَفُّهُ بِالْكَفَنِ
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنْ ذَلِكَ
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَكْفِينَ الْمَيِّتِ بِمَا يَسْتُرُهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ- رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ».وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ خَبَّابٍ- رضي الله عنه- قَالَ: «هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يُهْدِيهَا قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلاَّ بُرْدَةً، إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ»
صِفَةُ الْكَفَنِ:
3- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُكَفَّنُ- بَعْدَ طُهْرِهِ- بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ مَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، فَيُكَفَّنُ فِي الْجَائِزِ مِنَ اللِّبَاسِ.
وَلَا يَجُوزُ تَكْفِينُ الرَّجُلِ بِالْحَرِيرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ تَكْفِينُهَا فِيهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا لُبْسُهُ فِي الْحَيَاةِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لِأَنَّ فِيهِ سَرَفًا وَيُشْبِهُ إِضَاعَةَ الْمَالِ، بِخِلَافِ لُبْسِهَا إِيَّاهُ فِي الْحَيَاةِ، فَإِنَّهُ مُبَاحٌ شَرْعًا.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَحْرُمُ التَّكْفِينُ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ ذَكَرًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَ الْحَرِيرُ لِلْمَرْأَةِ حَالَ الْحَيَاةِ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ زِينَةٍ وَقَدْ زَالَ بِمَوْتِهَا.
وَيُسْتَحَبُّ تَحْسِينُ الْكَفَنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي مَلْبُوسِ مِثْلِهِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مَا لَمْ يُوصِ بِأَدْنَى مِنْهُ، فَتُتَّبَعُ وَصِيَّتُهُ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ».
وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَيَجِبُ أَنْ يُكَفَّنَ الْمَيِّتُ فِي مَلْبُوسِ مِثْلِهِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إِذَا لَمْ يُوصِ بِدُونِهِ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَحْسِينِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأَكْفَانِ الْمُبَاحَةِ حَالَ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا فَأَوْسَطُهَا، وَإِنْ كَانَ مُقِلًّا فَخَشِنُهَا.
وَتُجْزِئُ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْقُمَاشِ، وَالْخَلِقُ إِذَا غُسِلَ وَالْجَدِيدُ سَوَاءٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلِ وَالصَّدِيدِ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ التَّكْفِينُ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ».
وَيُشْتَرَطُ فِي الْكَفَنِ أَلاَّ يَصِفَ الْبَشَرَةَ، لِأَنَّ مَا يَصِفُهَا غَيْرُ سَاتِرٍ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَيُكْرَهُ إِذَا كَانَ يَحْكِي هَيْئَةَ الْبَدَنِ، وَإِنْ لَمْ يَصِفِ الْبَشَرَةَ.
وَتُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِي الْكَفَنِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلَبًا سَرِيعًا».
كَمَا يُكْرَهُ التَّكْفِينُ بِمُزَعْفَرٍ، وَمُعَصْفَرٍ، وَشَعْرٍ، وَصُوفٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ السَّلَفِ.
وَيَحْرُمُ التَّكْفِينُ بِالْجُلُودِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- بِنَزْعِ الْجُلُودِ عَنِ الشُّهَدَاءِ، وَأَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِمْ.
وَلَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي مُتَنَجِّسٍ نَجَاسَةً لَا يُعْفَى عَنْهَا وَإِنْ جَازَ لَهُ لُبْسُهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ طَاهِرٍ، وَلَوْ كَانَ الطَّاهِرُ حَرِيرًا.أَنْوَاعُ الْكَفَنِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَفَنَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:
1- كَفَنُ السُّنَّةِ.
2- كَفَنُ الْكِفَايَةِ.
3- كَفَنُ الضَّرُورَةِ.
4- أ- كَفَنُ السُّنَّةِ: هُوَ أَكْمَلُ الْأَكْفَانِ، وَهُوَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ: إِزَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَةُ، وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ إِلَى الْقَدَمَيْنِ بِلَا دِخْرِيصٍ وَلَا أَكْمَامٍ.وَالْإِزَارُ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَعْلَى الرَّأْسِ إِلَى الْقَدَمِ بِخِلَافِ إِزَارِ الْحَيِّ وَاللِّفَافَةُ كَذَلِكَ.لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَلِفَافَةٌ.
وَلِلْمَرْأَةِ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ: قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِرْقَةٌ تُرْبَطُ فَوْقَ ثَدْيَيْهَا، لِحَدِيثِ أُمِّ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ الثَّقَفِيَّةِ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- نَاوَلَ اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ فِي كَفَنِهَا ثَوْبًا ثَوْبًا حَتَّى نَاوَلَهُنَّ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ» وَلِأَنَّهَا تَخْرُجُ فِيهَا حَالَةَ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ.
5- ب- كَفَنُ الْكِفَايَةِ: هُوَ أَدْنَى مَا يُلْبَسُ حَالَ الْحَيَاةِ، وَهُوَ ثَوْبَانِ لِلرَّجُلِ فِي الْأَصَحِّ، لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رضي الله عنه- حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ كُنْتُ أُصَلِّي فِيهِمَا، وَاغْسِلُوهُمَا، فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلِ وَالتُّرَابِ
وَلِأَنَّ أَدْنَى مَا يَلْبَسُهُ الرَّجُلُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ ثَوْبَانِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِمَا، وَيُصَلِّيَ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِمَا أَيْضًا.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَالْمُرَاهِقُ كَالرَّجُلِ يُكَفَّنُ فِيمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ يَخْرُجُ فِيمَا يَخْرُجُ فِيهِ الْبَالِغُ عَادَةً، فَكَذَا يُكَفَّنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا لَمْ يُرَاهِقْ، فَإِنْ كُفِّنَ فِي خِرْقَتَيْنِ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ فَحَسَنٌ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَانَ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّهِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَأَقَلُّ مَا تُكَفَّنُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَخِمَارٌ، لِأَنَّ مَعْنَى السَّتْرِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ يَحْصُلُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، حَتَّى يَجُوزَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِيهَا وَتَخْرُجَ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ.وَيُكْرَهُ أَنْ تُكَفَّنَ الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبَيْنِ.
وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ، وَالْمُرَاهِقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَالِغَةِ فِي الْكَفَنِ، وَالسِّقْطُ يُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ كَامِلَةٌ، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا وَرَدَ بِتَكْفِينِ الْمَيِّتِ، وَاسْمُ الْمَيِّتِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ، كَمَا لَا يَنْطَلِقُ عَلَى بَعْضِ الْمَيِّتِ.
6- ج- الْكَفَنُ الضَّرُورِيُّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ: هُوَ مِقْدَارُ مَا يُوجَدُ حَالَ الضَّرُورَةِ أَوِ الْعَجْزِ بِأَنْ كَانَ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ، وَأَقَلُّهُ مَا يَعُمُّ الْبَدَنَ، لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي تَكْفِينِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ- رضي الله عنه-، وَكَذَا رُوِيَ «أَنَّ حَمْزَةَ- رضي الله عنه- لَمَّا اسْتَشْهَدَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَمْ يُوجَدْ لَهُ غَيْرُهُ» فَدَلَّ عَلَى الْجَوَازِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
7- وَأَقَلُّ الْكَفَنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَأَكْثَرُهُ سَبْعَةٌ.وَيُسْتَحَبُّ الْوِتْرُ فِي الْكَفَنِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَهِيَ: الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ وَالْإِزَارُ وَلِفَافَتَانِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ لِلرَّجُلِ عَلَيْهَا.وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُكَفَّنَ الْمَرْأَةُ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ.دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِزَارٌ وَأَرْبَعُ لَفَائِفَ، وَنُدِبَ خِمَارٌ يُلَفُّ عَلَى رَأْسِ الْمَرْأَةِ وَوَجْهِهَا بَدَلَ الْعِمَامَةِ لِلرَّجُلِ، وَنُدِبَ عَذَبَةٌ قَدْرُ ذِرَاعٍ تُجْعَلُ عَلَى وَجْهِ الرَّجُلِ.
8- وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: أَقَلُّ الْكَفَنِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ.وَفِي قَدْرِ الثَّوْبِ الْوَاجِبِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي الرَّجُلِ، وَمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ فِي الْمَرْأَةِ.
وَالثَّانِي: مَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ إِلاَّ رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ.
وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: إِزَارٍ وَلِفَافَتَيْنِ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ- رضي الله عنها-، قَالَتْ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ».
وَالْبَالِغُ وَالصَّبِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ لَمْ يُكْرَهْ، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ- رضي الله عنهما- كَانَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فِيهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ، وَلِأَنَّ أَكْمَلَ ثِيَابِ الْحَيِّ خَمْسَةٌ، وَيُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُكَفَّنُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ: إِزَارٍ وَدِرْعٍ (قَمِيصٍ) وَخِمَارٍ وَلِفَافَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ- عليه الصلاة والسلام- كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ.لِمَا رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم-: نَاوَلَهَا إِزَارًا وَدِرْعًا وَخِمَارًا وَثَوْبَيْنِ» وَيُكْرَهُ مُجَاوَزَةُ الْخَمْسَةِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ.9
- وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: الْكَفَنُ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِ الْمَيِّتِ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فِي الْكَفَنِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- عَنْهُ.
وَيَجُوزُ التَّكْفِينُ فِي ثَوْبَيْنِ «لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ» وَكَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ يَقُولُ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكَفَّنُ الصَّبِيُّ فِي خِرْقَةٍ (أَيْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ) وَإِنْ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَا بَأْسَ.
تَعْمِيمُ الْمَيِّتِ:
10- الْأَفْضَلُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْكَفَنِ عِمَامَةٌ لَمْ يُكْرَهْ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْأَفْضَلُ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَهِيَ: قَمِيصٌ، وَعِمَامَةٌ، وَإِزَارٌ، وَلِفَافَتَانِ.وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَتُكْرَهُ الْعِمَامَةُ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَلِأَنَّهَا لَوْ وُجِدَتِ الْعِمَامَةُ لَصَارَ الْكَفَنُ شَفْعًا، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا، وَاسْتَحْسَنَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ- رضي الله عنهما- كَانَ يُعَمِّمُ الْمَيِّتَ مِنْ أَهْلِهِ وَيَجْعَلُ الْعَذَبَةَ عَلَى وَجْهِهِ.
عَلَى مَنْ يَجِبُ الْكَفَنُ:
11- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كَفَنَ الْمَيِّتِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَيُكَفَّنُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ إِلاَّ حَقًّا تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالرَّهْنِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ فَصَارَ كَنَفَقَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَكَفَنُهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ- وَإِذَا تَعَدَّدَ مَنْ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَفَنُهُ عَلَيْهِمْ، عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ- كَمَا تَلْزَمُ كِسْوَتُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ.وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَكَفَنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، كَنَفَقَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِحَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينُهُ، فَإِنْ عَجَزُوا سَأَلُوا النَّاسَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ غُسِّلَ وَجُعِلَ عَلَيْهِ الْإِذْخِرُ (أَوْ نَحْوُهُ مِنَ النَّبَاتِ) وَدُفِنَ وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ.
وَعَلَى الزَّوْجِ تَكْفِينُ زَوْجَتِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْلٍ مُفْتَى بِهِ، وَالْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى زَوْجِهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا، فَكَذَلِكَ التَّكْفِينُ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ غَيْرُ مَعْقُولٍ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ كَفَنُ امْرَأَتِهِ وَلَا مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَجَبَا فِي حَالَةِ الزَّوَاجِ وَقَدِ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ فَأَشْبَهَتِ الْأَجْنَبِيَّةَ.وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ كَفَنُ زَوْجِهَا بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا كِسْوَتُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ.
كَيْفِيَّةُ تَكْفِينِ الرَّجُلِ:
12- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْأَكْفَانَ تُجَمَّرُ أَيْ تُطَيَّبُ أَوَّلًا وِتْرًا قَبْلَ التَّكْفِينِ بِهَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَجْمَرْتُمُ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوا وِتْرًا» وَلِأَنَّ الثَّوْبَ الْجَدِيدَ أَوِ الْغَسِيلَ مِمَّا يُطَيَّبُ وَيُجَمَّرُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ، ثُمَّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤْخَذَ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا فَتُبْسَطُ أَوَّلًا لِيَكُونَ الظَّاهِرُ لِلنَّاسِ حُسْنُهَا، فَإِنَّ هَذَا عَادَةُ الْحَيِّ يُجْعَلُ الظَّاهِرُ أَفْخَرَ ثِيَابِهِ.وَيُجْعَلُ عَلَيْهَا حَنُوطٌ، ثُمَّ تُبْسَطُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تَلِيهَا فِي الْحُسْنِ وَالسَّعَةِ عَلَيْهَا، وَيُجْعَلُ فَوْقَهَا حَنُوطٌ وَكَافُورٌ ثُمَّ تُبْسَطُ فَوْقَهُمَا الثَّالِثَةُ وَيُجْعَلُ فَوْقَهَا حَنُوطٌ وَكَافُورٌ، وَلَا يُجْعَلُ عَلَى وَجْهِ الْعُلْيَا وَلَا عَلَى النَّعْشِ شَيْءٌ مِنَ الْحَنُوطِ، لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ- رضي الله عنه- قَالَ: لَا تَجْعَلُوا عَلَى أَكْفَانِي حَنُوطًا ثُمَّ يُحْمَلُ الْمَيِّتُ مَسْتُورًا بِثَوْبٍ وَيُتْرَكُ عَلَى الْكَفَنِ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ بَعْدَ مَا يُجَفَّفُ، وَيُؤْخَذُ قُطْنٌ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ وَيُجْعَلُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ وَيُشَدُّ عَلَيْهِ كَمَا يُشَدُّ التُّبَّانُ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤْخَذَ الْقُطْنُ وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ وَيُتْرَكُ عَلَى الْفَمِ وَالْمَنْخِرَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَعَلَى جِرَاحٍ نَافِذَةٍ إِنْ وُجِدَتْ عَلَيْهِ لِيَخْفَى مَا يَظْهَرُ مِنْ رَائِحَتِهِ، وَيُجْعَلُ الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ عَلَى قُطْنٍ وَيُتْرَكُ عَلَى مَوَاضِعِ السُّجُودِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: تُتْبَعُ مَسَاجِدُهُ بِالطِّيبِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ شُرِّفَتْ بِالسُّجُودِ فَخُصَّتْ بِالطِّيبِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَنَّطَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ بِالْكَافُورِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ إِذَا تَطَيَّبَ، ثُمَّ يُلَفُّ الْكَفَنُ عَلَيْهِ بِأَنْ يُثْنَى مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِي الْمَيِّتَ طَرَفُهُ الَّذِي يَلِي شِقَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَاَلَّذِي يَلِي الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ، ثُمَّ يُلَفُّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ، وَإِذَا لُفَّ الْكَفَنُ عَلَيْهِ جُمِعَ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ جَمْعَ الْعِمَامَةِ، وَرُدَّ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ إِلَى حَيْثُ بَلَغَ، وَمَا فَضَلَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ يُجْعَلُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، ثُمَّ تُشَدُّ الْأَكْفَانُ عَلَيْهِ بِشِدَادٍ خِيفَةَ انْتِشَارِهَا عِنْدَ الْحَمْلِ، فَإِذَا وُضِعَ فِي الْقَبْرِ حُلَّ الشِّدَادُ، هَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَكَذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ يُلْبَسُ الْقَمِيصَ أَوَّلًا إِنْ كَانَ لَهُ قَمِيصٌ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا سَبَقَ ثُمَّ تُعْطَفُ اللِّفَافَةُ وَهِيَ الرِّدَاءُ كَذَلِكَ.
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَيَكُونُ الْإِزَارُ مِنْ فَوْقِ السُّرَّةِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ تَحْتَ الْقَمِيصِ وَاللَّفَائِفِ فَوْقَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحِفَاظُ وَهِيَ خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى قُطْنٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ، وَاللِّثَامُ وَهُوَ خِرْقَةٌ تُوضَعُ عَلَى قُطْنٍ يُجْعَلُ عَلَى فَمِهِ وَأَنْفِهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا.
كَيْفِيَّةُ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ:
12 م- وَأَمَّا تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: تُبْسَطُ لَهَا اللِّفَافَةُ وَالْإِزَارُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجُلِ، ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ وَتُلْبَسُ الدِّرْعَ، وَيُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا فَوْقَ الدِّرْعِ، وَيُسْدَلُ شَعْرُهَا مَا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا تَحْتَ الْخِمَارِ، وَلَا يُسْدَلُ شَعْرُهَا خَلْفَ ظَهْرِهَا، ثُمَّ يُجْعَلُ الْخِمَارُ فَوْقَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ وَاللِّفَافَةُ كَمَا قَالُوا فِي الرَّجُلِ: ثُمَّ الْخِرْقَةُ فَوْقَ ذَلِكَ تُرْبَطُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ فَوْقَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا تُلْبَسُ الْإِزَارَ مِنْ تَحْتِ إِبِطَيْهَا إِلَى كَعْبَيْهَا، ثُمَّ تُلْبَسُ الْقَمِيصَ، ثُمَّ تُخَمَّرُ بِخِمَارٍ يُخَمَّرُ بِهِ رَأْسُهَا وَرَقَبَتُهَا، ثُمَّ تُلَفُّ بِأَرْبَعِ لَفَائِفَ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحِفَاظُ وَاللِّثَامُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ تُؤَزَّرُ بِإِزَارٍ، ثُمَّ تُلْبَسُ الدِّرْعَ، ثُمَّ تُخَمَّرُ بِخِمَارٍ، ثُمَّ تُدَرَّجُ فِي ثَوْبَيْنِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ- رحمه الله-: وَيُشَدُّ عَلَى صَدْرِهَا ثَوْبٌ لِيَضُمَّ ثِيَابَهَا فَلَا تَنْتَشِرُ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَتُشَدُّ الْخِرْقَةُ عَلَى فَخِذَيْهَا أَوَّلًا، ثُمَّ تُؤَزَّرُ بِالْمِئْزَرِ، ثُمَّ تُلْبَسُ الْقَمِيصَ، ثُمَّ تُخَمَّرُ بِالْمِقْنَعَةِ ثُمَّ تُلَفُّ بِلِفَافَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ.
كَيْفِيَّةُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ:
13- قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ وَالْمُحْرِمَةُ حَرُمَ تَطْيِيبُهُمَا وَأَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِمَا أَوْ ظُفْرِهِمَا، وَحَرُمَ سَتْرُ رَأْسِ الرَّجُلِ وَإِلْبَاسُهُ مَخِيطًا.وَحَرُمَ سَتْرُ وَجْهِ الْمُحْرِمَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ مَاتَ فِيهِمَا، وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا».
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ وَالْمُحْرِمَةُ، كَمَا يُكَفَّنُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ أَيْ يُغَطَّى رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ وَيُطَيَّبُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ: خَمِّرُوهُمْ وَلَا تُشَبِّهُوهُمْ بِالْيَهُودِ» وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ: إِذَا مَاتَ انْقَطَعَ إِحْرَامُهُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلَاثٍ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، أَوْ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ».
وَالْإِحْرَامُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ.
تَكْفِينُ الشَّهِيدِ:
14- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ- الَّذِي قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، أَوْ وُجِدَ بِالْمَعْرَكَةِ جَرِيحًا، أَوْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ ظُلْمًا وَلَمْ يَجِبْ فِيهِ مَالٌ- يُكَفَّنُ فِي ثِيَابِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ» وَقَدْ رُوِيَ فِي ثِيَابِهِمْ، وَعَنْ عَمَّارٍ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا تَنْزِعُوا عَنِّي ثَوْبًا..الْحَدِيثَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُنْزَعُ عَنْهُ الْجُلُودُ وَالسِّلَاحُ وَالْفَرْوُ وَالْحَشْوُ وَالْخُفُّ وَالْمِنْطَقَةُ وَالْقَلَنْسُوَةُ.لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: تُنْزَعُ عَنْهُ الْعِمَامَةُ وَالْخُفَّانِ وَالْقَلَنْسُوَةُ، وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ.» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي أُمِرَ بِنَزْعِهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْكَفَنِ، وَلِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- «زَمِّلُوهُمْ بِثِيَابِهِمُ» الثِّيَابُ الَّتِي يُكَفَّنُ بِهَا وَتُلْبَسُ لِلسَّتْرِ، وَلِأَنَّ الدَّفْنَ بِالسِّلَاحِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ كَانَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدْفِنُونَ أَبْطَالَهُمْ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَسْلِحَةِ وَقَدْ نُهِينَا عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُزَادَ فِي أَكْفَانِهِمْ أَوْ يُنْقَصُ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ كَفَنِ السُّنَّةِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ خَبَّابٍ أَنَّ «حَمْزَةَ- رضي الله عنه- لَمْ يُوجَدْ لَهُ كَفَنٌ إِلاَّ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ إِذَا جُعِلَتْ عَلَى قَدَمَيْهِ قَلَصَتْ عَنْ رَأْسِهِ حَتَّى مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ وَجُعِلَ عَلَى قَدَمَيْهِ الْإِذْخِرُ».
وَذَاكَ زِيَادَةٌ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ عَدَدَ السُّنَّةِ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ وَأَمَّا النُّقْصَانُ فَهُوَ مِنْ بَابِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْوَرَثَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ مَا يَضُرُّ بِالْوَرَثَةِ تَرْكُهُ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.أَنَّ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ يُدْفَنُ بِثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وُجُوبًا إِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً وَإِلاَّ فَلَا يُدْفَنُ بِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَسْتُرَهُ كُلَّهُ فَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتُرْهُ زِيدَ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهُ، فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ.قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ عَرَّاهُ الْعَدُوُّ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ تَكْفِينِهِ بَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ.وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثِيَابِهِ إِذَا كَانَ فِيهَا مَا يُجْزِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ وَتَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا.
وَيُنْدَبُ دَفْنُهُ بِخُفٍّ وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ (مَا يُحْتَزَمُ بِهِ فِي وَسَطِهِ) إِنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٌ قَلَّ ثَمَنُهُ، وَلَا يُدْفَنُ الشَّهِيدُ بِآلَةِ حَرْبٍ قُتِلَ وَهِيَ مَعَهُ كَدِرْعٍ وَسِلَاحٍ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ إِنَّ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ يَجِبُ دَفْنُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ حَرِيرًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.وَيُنْزَعُ السِّلَاحُ وَالْجُلُودُ وَالْفَرْوُ وَالْخُفُّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنه- السَّابِقِ، وَلَا يُزَادُ فِي ثِيَابِ الشَّهِيدِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلِ الْمَسْنُونُ بِهَا لِنَقْصِهَا أَوْ زِيَادَتِهَا.
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَخْرِيجِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِمَا، وَجَاءَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ سُلِبَ مَا عَلَى الشَّهِيدِ مِنَ الثِّيَابِ، كُفِّنَ بِغَيْرِهَا وُجُوبًا كَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُكَفَّنُ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ نَدْبًا فِي ثِيَابِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ- رضي الله عنه- قَالَ: «رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمِ فِي صَدْرِهِ أَوْ فِي حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ قَالَ: وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- » وَالْمُرَادُ ثِيَابُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَاعْتَادَ لُبْسَهَا غَالِبًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ، وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَتِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ وَقْتَ اسْتِشْهَادِهِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ كَسَائِرِ الْمَوْتَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا عَلَيْهِ سَابِغًا أَيْ سَاتِرًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ تَمَّمَ وُجُوبًا، لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ، وَيُنْدَبُ نَزْعُ آلَةِ الْحَرْبِ عَنْهُ كَدِرْعٍ وَخُفٍّ، وَكُلُّ مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ غَالِبًا كَجِلْدٍ وَفَرْوٍ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ.
وَأَمَّا شُهَدَاءُ غَيْرِ الْمَعْرَكَةِ كَالْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيبِ فَيُكَفَّنُ كَسَائِرِ الْمَوْتَى وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ.
إِعْدَادُ الْكَفَنِ مُقَدَّمًا:
15- فِي الْبُخَارِيِّ: عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ- رضي الله عنه-: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا...فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ فَقَالَ: أَكْسِنِيهَا مَا أَحْسَنَهَا.قَالَ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ، قَالَ: إِنِّي وَاَللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ».وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ، لِعَدَمِ إِنْكَارِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- لِذَلِكَ.وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ.وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ تَهْيِئَةُ الْكَفَنِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ مُتَحَقِّقَةٌ غَالِبًا.وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَا يُنْدَبُ أَنْ يَعُدَّ لِنَفْسِهِ كَفَنًا لِئَلاَّ يُحَاسَبَ عَلَى اتِّخَاذِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ حَلٍّ أَوْ أَثَرٍ مِنْ ذِي صَلَاحٍ فَحَسُنَ إِعْدَادُهُ، لَكِنْ لَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ، بَلْ لِلْوَارِثِ إِبْدَالُهُ.وَلِهَذَا لَوْ نُزِعَتِ الثِّيَابُ الْمُلَطَّخَةُ بِالدَّمِ عَنِ الشَّهِيدِ وَكُفِّنَ فِي غَيْرِهَا جَازَ مَعَ أَنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعِبَادَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَهَذَا أَوْلَى.
إِعَادَةُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ:
16- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كُفِّنَ الْمَيِّتُ فَسُرِقَ الْكَفَنُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ كُفِّنَ كَفَنًا ثَانِيًا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى الْحَاجَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ.
الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ الْكَفَنِ:
17- ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى قَطْعِ النَّبَّاشِ إِذَا تَحَقَّقَتْ شُرُوطُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، لِمَا رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ- رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ، وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ، وَمَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ».وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- قَالَتْ: سَارِقُ أَمْوَاتِنَا كَسَارِقِ أَحْيَائِنَا لِأَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ، وَإِنْ كَانَ الْكَفَنُ زَائِدًا عَلَى كَفَنِ السُّنَّةِ أَوْ دُفِنَ فِي تَابُوتٍ فَسُرِقَ التَّابُوتُ لَمْ يُقْطَعْ، لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوعِ فِي الْكَفَنِ لَمْ يُجْعَلِ الْقَبْرُ حِرْزًا لَهُ وَكَذَلِكَ التَّابُوتُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ: لَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ مُطْلَقًا.لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- «لَا قَطْعَ عَلَى الْمُخْتَفِي» وَهُوَ النَّبَّاشُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) وَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ تَمَكَّنَتْ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَيِّتِ حَقِيقَةً وَلَا لِلْوَارِثِ لِتَقَدُّمِ حَاجَةِ الْمَيِّتِ، فَتَمَكَّنَتِ الشُّبْهَةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْقَطْعِ، وَوَافَقَهُمَا الشَّافِعِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَدْفُونًا فِي بَرِيَّةٍ لِعَدَمِ الْحِرْزِ.
الْكِتَابَةُ عَلَى الْكَفَنِ:
18- جَاءَ فِي الْجَمَلِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ، لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الْأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ صِيَانَةً لَهَا مِنَ الصَّدِيدِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ.
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
15-موسوعة الفقه الكويتية (تهاتر)
تَهَاتُرٌالتَّعْرِيفُ:
1- التَّهَاتُرُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْهِتْرِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْكَذِبُ وَالسَّقْطُ مِنَ الْكَلَامِ وَالْخَطَأُ فِيهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّهَادَاتِ الَّتِي يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا يُقَالُ: تَهَاتَرَتِ الْبَيِّنَتَانِ أَيْ: تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا.وَتَهَاتَرَ الرَّجُلَانِ إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ بَاطِلًا.
وَالِاصْطِلَاحُ الشَّرْعِيُّ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
تَهَاتُرُ الْبَيِّنَتَيْنِ:
2- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ وَلَمْ يُمْكِنِ الْعَمَلُ بِهِمَا مَعًا، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُرَجِّحُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَإِنَّهُمَا تَتَهَاتَرَانِ كَالْخَبَرَيْنِ.ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الصُّوَرِ الَّتِي يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا مَعًا،
وَفِي الصُّوَرِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا فَتَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ فِيهَا.
فَإِذَا ادَّعَى- مَثَلًا- اثْنَانِ عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، وَلَا مُرَجِّحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَإِنَّهُمَا تَتَهَاتَرَانِ فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِحْدَى رِوَايَتَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ وَقَالُوا: لِأَنَّ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ كَاذِبَةٌ بِيَقِينٍ لِاسْتِحَالَةِ الْمِلْكَيْنِ فِي الْكُلِّ، وَلِأَنَّهُمَا حُجَّتَانِ تَعَارَضَتَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَتَسَاقَطَتَا كَالْخَبَرَيْنِ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يُعْمَلُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي نَاقَةٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَقَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» قَالُوا: وَلِأَنَّ الْمُطْلِقَ لِلشَّهَادَةِ فِي مَا مَعَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ الْوُجُودَ، بِأَنْ تَعْتَمِدَ إحْدَاهُمَا سَبَبَ الْمِلْكِ وَالْأُخْرَى الْيَدَ فَصَحَّتِ الشَّهَادَتَانِ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِمَا مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِالتَّنْصِيفِ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ.
وَمَدَارُ الْعَمَلِ بِالشَّهَادَتَيْنِ صِحَّتُهُمَا لَا صِدْقُهُمَا فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْعِبَادُ.
أَمَّا بَاقِي حَالَاتِ التَّهَاتُرِ، وَمَا يُعْتَبَرُ مُرَجِّحًا لِإِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ وَآرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيلِهِ إلَى مُصْطَلَحِ: (تَعَارُضٌ).
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
16-موسوعة الفقه الكويتية (جنين)
جَنِينٌالتَّعْرِيف:
1- الْجَنِينُ لُغَةً: الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ، وَالْجَمْعُ أَجِنَّةٌ وَأَجْنُنٌ.وَالْجَنِينُ كُلُّ مَسْتُورٍ، وَجُنَّ فِي الرَّحِمِ يُجَنُّ اسْتَتَرَ، وَأَجَنَّتْهُ الْحَامِلُ سَتَرَتْهُ.
وَالْجَنِينُ هُوَ الْمَادَّةُ الَّتِي تَتَكَوَّنُ فِي الرَّحِمِ مِنْ عُنْصُرَيِ الْحَيَوَانِ الْمَنْوِيِّ وَالْبُوَيْضَةِ.وَهَذَا هُوَ مَا يُؤَيِّدُ مَعْنَى مَادَّةِ جَنِينٍ، فَإِنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى الِاسْتِتَارِ الْمُتَحَقَّقِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَمِنْهُ الْمَجْنُونُ لِاسْتِتَارِ عَقْلِهِ، وَالْجَانُّ لِاسْتِتَارِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ.
فَالْجَنِينُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: الْمَسْتُورُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ بَيْنَ ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ.قَالَ تَعَالَى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ}.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.غَيْرَ أَنَّ الْمُزَنِيَّ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ نَقَلَ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ الْحَقِيقِيَّ لِلْجَنِينِ فِيمَا يَكُونُ بَعْدَ مَرْحَلَةِ الْمُضْغَةِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ.وَعِبَارَتُهُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَنِينِ: أَقَلُّ مَا يَكُونُ بِهِ جَنِينًا أَنْ يُفَارِقَ الْمُضْغَةَ وَالْعَلَقَةَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ آدَمِيٍّ....
أَطْوَارُ الْجَنِينِ فِي الرَّحِمِ:
2- لِلْجَنِينِ أَطْوَارٌ جَاءَ النَّصُّ عَلَيْهَا فِي قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.
فَأَصْلُ الْجَنِينِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْ طِينٍ كَمَا أَفَادَتِ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ.وَلِكُلِّ طَوْرٍ مِنْ أَطْوَارِ الْجَنِينِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ.
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ أَطْوَارِ الْجَنِينِ:
أ- النُّطْفَة:
3- ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ النُّطْفَةَ مَاءُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ {مَاءٍ دَافِقٍ} وَالدَّفْقُ لَا يَكُونُ إِلاَّ مِنَ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.وَقِيلَ إِنَّهَا نُطْفَةٌ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَجَمْعُهَا نُطَفٌ.وَفِيهَا كُلُّ الْقُوَى، وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ، وَهُوَ الْوَاضِحُ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ: «إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ» وَوَاضِحٌ مِنْ عِبَارَةِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْجَنِينَ يَتَكَوَّنُ مِنَ النُّطْفَةِ الْمُمْتَزِجَةِ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ.
4- وَيَتَعَلَّقُ بِالنُّطْفَةِ أَحْكَامٌ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ- خِلَافَ الْمَشْهُورِ- إِلَى أَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَلَا فَرْقَ فِي النَّجَاسَةِ بَيْنَ مَاءِ الرَّجُلِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ، وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ.وَالْقَائِلُونَ بِالنَّجَاسَةِ مُطْلَقًا لَا بُدَّ عِنْدَهُمْ مِنْ غَسْلِ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ أَيْضًا رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا، وَالْقَائِلُونَ بِطَهَارَتِهِ يُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ غَسْلُ الْمَنِيِّ رَطْبًا وَيُسْتَحَبُّ فَرْكُ مَنِيِّ الرَّجُلِ.وَبِذَا تَرَى أَنَّ الطَّهَارَةَ أَوِ النَّجَاسَةَ لَا يَفْتَرِقُ فِيهَا الْخَارِجُ مِنَ الرَّجُلِ وَالْخَارِجُ مِنَ الْمَرْأَةِ.
وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْفَرْكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ دُونَ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ.وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (طَهَارَةٌ وَنَجَاسَةٌ).
ب- الْعَلَقَة:
5- الْكَثِيرُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ يُفَسِّرُونَ الْعَلَقَةَ بِنُقْطَةِ الدَّمِ الْجَامِدَةِ، وَذَلِكَ اسْتِنَادًا إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ تَفْسِيرَاتِهَا اللُّغَوِيَّةِ، وَالنُّطْفَةُ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ تَدْخُلُ فِي مَرْحَلَةٍ مُغَايِرَةٍ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُوصَفَ بِوَصْفِ الْخَلْقِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}.
6- وَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَلَقَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ، فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بِنَجَاسَتِهَا.وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَدْءُ خَلْقِ الْآدَمِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهَا نَجِسَةٌ لِأَنَّهَا دَمٌ.
أَمَّا مِنْ نَاحِيَةِ حِلِّ الْإِسْقَاطِ وَحُرْمَتِهِ
فَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (إِجْهَاضٌ).
ج- الْمُضْغَة:
7- الْمُضْغَةُ مِقْدَارُ مَا يُمْضَغُ، وَالْقَصْدُ هُنَا الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ بِمِقْدَارِ مَا يُمْضَغُ، يَقُولُ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً}...سَمَّى تَحْوِيلَ الْعَلَقَةِ مُضْغَةً خَلْقًا؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُفْنِي بَعْضَ أَعْرَاضِهَا وَيَخْلُقُ أَعْرَاضًا غَيْرَهَا، فَسَمَّى خَلْقَ الْأَعْرَاضِ خَلْقًا لَهَا وَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْلُقُ فِيهَا أَجْزَاءً زَائِدَةً.
8- وَتَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ، فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهَا نَجِسَةٌ كَالْعَلَقَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْهُمَامِ أَنَّ الْعَلَقَةَ إِذَا صَارَتْ مُضْغَةً تَطْهُرُ.وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ.وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (مُضْغَةٌ).أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِإِسْقَاطِهَا فَسَيَأْتِي بَعْدُ.وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجْهَاضٌ وَسِقْطٌ).
أَهْلِيَّةُ الْجَنِينِ:
9- لِلْجَنِينِ حُقُوقٌ بَيَّنَهَا الشَّارِعُ، أَسَاسُهَا أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ وَالذِّمَّةِ.وَأَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَنِينِ تَكُونُ نَاقِصَةً.قَالَ الْبَزْدَوِيُّ: إِنَّ الْجَنِينَ لَهُ ذِمَّةٌ مُطْلَقَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَهْلِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَنِينِ نَاقِصَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ.
فَتَجِبُ لَهُ الْحُقُوقُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى قَبُولٍ، كَثُبُوتِ النَّسَبِ، وَالْإِرْثِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَقْفِ.وَالشَّارِعُ وَإِنْ أَجَازَ إِقَامَةَ أَمِينٍ لِيُحَافِظَ عَلَى مَالِ الْجَنِينِ إِلاَّ أَنَّ هَذَا الْأَمِينَ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْوَصِيِّ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِاسْمِهِ.وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَهْلِيَّةٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي نَفَقَةِ أُمِّهِ:
10- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحَامِلَ الْمُطَلَّقَةَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَالنَّفَقَةُ لَهَا بِسَبَبِ الْجَنِينِ أَوِ الْعِدَّةِ عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ (حَامِلٌ، وَنَفَقَةٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي الْعِدَّةِ:
11- عِدَّةُ الْحَامِلِ تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْحَامِلَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ.وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ
يُنْظَرُ تَحْتَ عِنْوَانِ (عِدَّةٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَامِلِ:
12- لِلْجَنِينِ أَثَرٌ فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَامِلِ فِي الشُّهُورِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْحَمْلِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (حَامِلٌ.وَمَرَضُ الْمَوْتِ).
مَوْتُ الْحَامِلِ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَيٌّ:
13- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْحَامِلَ إِذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَيٌّ يُشَقُّ بَطْنُهَا، وَيُخْرَجُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْقَاءُ حَيٍّ بِإِتْلَافِ جُزْءٍ مِنْ مَيِّتٍ.وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَامِلٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي الطَّلَاقِ:
14- يَقَعُ طَلَاقُ الْحَامِلِ رَجْعِيًّا وَبَائِنًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَامِلٌ، وَطَلَاقٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي عُقُوبَةِ أُمِّهِ:
15- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ الْحَدُّ أَوِ الْقِصَاصُ عَلَى الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًى أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَامِلٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي دَفْنِ أُمِّهِ:
16- إِذَا مَاتَتْ كَافِرَةٌ فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مِنْ مُسْلِمٍ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.فَقَدِ اخْتُلِفَ، هَلْ تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مُرَاعَاةً لِجَنِينِهَا، أَوْ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ مُرَاعَاةً لِحَالِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَامِلٌ).
اسْتِحْقَاقُ الْجَنِينِ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ:
17- نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ إِذَا تُيُقِّنَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَفَاةِ وَانْفَصَلَ عَنْ أُمِّهِ حَيًّا وَكَانَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ.وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ ذَكَرًا، كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا، كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا، وَلِكُلٍّ حُكْمُهُ الْخَاصُّ فِي الْإِرْثِ.وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ: (إِرْثٌ، وَحَمْلٌ).
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي الْإِرْثِ:
18- يُؤَثِّرُ الْجَنِينُ فِي الْمِيرَاثِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، فَإِذَا كَانَ نَصِيبُ الْوَارِثِ يَتَأَثَّرُ بِالْحَمْلِ، عُومِلَ الْوَارِثُ بِأَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ عَلَى فَرْضِ كَوْنِ الْجَنِينِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَكَوْنِهِ مُتَعَدِّدًا أَوْ وَاحِدًا، وَكَوْنِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مُصْطَلَحِ: (إِرْثٌ).
وَعَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِنَّ الْجَنِينَ قَدْ يُؤَثِّرُ عَلَى أَنْصِبَاءِ كَثِيرٍ مِنَ الْوَارِثِينَ، وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا إِذَا تُوُفِّيَتِ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجِهَا وَابْنِ أَخِيهَا الشَّقِيقِ، وَعَنْ حَمْلٍ لِأَخٍ شَقِيقٍ آخَرَ مُتَوَفًّى، فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْحَمْلُ ذَكَرًا لَاسْتَحَقَّ مَعَ الْآخَرِ نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَ الزَّوْجِ، وَإِذَا فُرِضَ الْجَنِينُ أُنْثَى فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مُتَعَدِّدًا مِنَ الذُّكُورِ لَشَارَكُوا الْمَوْجُودَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كُنَّ إِنَاثًا لَمْ يَسْتَحْقِقْنَ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَأُنْثَى يُشَارِكُ الذَّكَرُ دُونَ الْأُنْثَى.
وَعَلَى كُلٍّ فَتَقْسِيمُ التَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ يَكُونُ غَيْرَ نِهَائِيٍّ، فَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ إِنْ طَالَبَ الْوَرَثَةُ، وَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ لَا يُنْقِصُهُ الْحَمْلُ كُلَّ مِيرَاثِهِ، وَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ يُنْقِصُهُ الْحَمْلُ أَقَلَّ نَصِيبِهِ، وَمَنْ يُسْقِطُ الْحَمْلُ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ شَيْءٌ.وَالتَّفْصِيلُ فِي (إِرْثٌ).
حُكْمُ الْوَصِيَّةِ لِلْجَنِينِ:
19- صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَثْبُتُ لِلْجَنِينِ اسْتِحْسَانًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى قَبُولٍ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا اسْتِخْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ، فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ.بَلْ لَعَلَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذَا أَظْهَرُ، يَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ: وَالْحَمْلُ يَرِثُ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ- فَإِذَا وَرِثَ الْحَمْلُ فَالْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْلَى.
وَالْجَنِينُ يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مِنْ وَقْتِ وَفَاةِ الْمُوصِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِذَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ تُوقَفُ حَتَّى يَتِمَّ الْوَضْعُ وَتُتَيَقَّنَ حَيَاتُهُ.كَمَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ جَمِيعَهُ إِنْ كَانَ وَاحِدًا، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَبَيْنَ وِلَادَتِهِمْ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ الْمُوصَى بِهِ يَكُونُ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ.وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (حَمْلٌ، وَصِيَّةٌ).
الْوَقْفُ عَلَى الْجَنِينِ:
20- أَجَازَ الْفُقَهَاءُ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ الْمَوْجُودِ مِنْهُمْ وَمَنْ سَيُولَدُ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (حَمْلٌ، وَوَقْفٌ). الْجِنَايَةُ عَلَى الْجَنِينِ:
21- إِذَا وَقَعَ اعْتِدَاءٌ عَلَى الْجَنِينِ وَتَسَبَّبَ فِي إِسْقَاطِهِ مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجْهَاضٌ).
تَغْسِيلُ الْجَنِينِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُه:
22- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ، وَيُسَمَّى، وَيُدْرَجُ فِي خِرْقَةٍ، وَيُدْفَنُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.يَقُولُ ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا الْكَلَامُ يَشْمَلُ مَا تَمَّ خَلْقُهُ، وَمَا لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ.أَمَّا مَا تَمَّ خَلْقُهُ فَلَا خِلَافَ فِي تَغْسِيلِهِ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَتِمَّ، فَفِيهِ خِلَافٌ.وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.وَجَزَمَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِأَنَّ مَنِ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ سُمِّيَ، وَغُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.وَاسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ عَنِ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَوَرِثَ» وَبِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ دَلَالَةُ الْحَيَاةِ، فَيَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ سُنَّةُ الْمَوْتَى، ثُمَّ يَقُولُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ كَرَامَةً لِبَنِي آدَمَ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَيْنَاهُ، وَيُغَسَّلُ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنَ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ نَفْسٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَأَوْرَدَ الْكَاسَانِيُّ تَفْصِيلَ الْخِلَافِ فِي هَذَا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ.
وَمِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ السِّقْطَ الْمُسْلِمَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ.يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ ثُمَّ مَاتَتْ، وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مُسْلِمٌ، اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الدَّفْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْوَلَدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا مَا دَامَ فِي الْبَطْنِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ الدَّرْدِيرُ: لَا يُغَسَّلُ سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَلَوْ تَحَرَّكَ؛ إِذِ الْحَرَكَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ...وَيُغَسَّلُ دَمُ السِّقْطِ، وَيُلَفُّ بِخِرْقَةٍ، وَيُوَارَى وُجُوبًا فِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ.وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَقُولُ: وَتُدْفَنُ غَيْرُ الْمُسْلِمَةِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مِنْ مُسْلِمٍ بِحَضْرَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ أَوْ تَحَرَّكَ، ثُمَّ مَاتَ، غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، كُفِّنَ بِخِرْقَةٍ وَدُفِنَ.
وَإِنْ تَمَّ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَفِي الْقَدِيمِ يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، وَفِي الْأُمِّ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.وَيَقُولُ الرَّمْلِيُّ: إِنَّ الْوَلَدَ النَّازِلَ بَعْدَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقُ حَيَاتِهِ...ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ لِلسِّقْطِ أَحْوَالًا حَاصِلُهَا: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ.نَعَمْ يُسَنُّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ خِلْقَةٌ وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ وَجَبَ فِيهِ مَا سِوَى الصَّلَاةِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا أَكْمَلَ السِّقْطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ بَانَ فِيهِ خَلْقُ إِنْسَانٍ، غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الْفُرُوعِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ كَالْعَلَقَةِ وَفِي كُلٍّ مِنَ الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ، وَكَشَّافِ الْقِنَاعِ إِذَا وُلِدَ السِّقْطُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غُسِّلَ، «لِقَوْلِ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم-: وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَالْغُسْلُ وَاجِبٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ».
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
17-موسوعة الفقه الكويتية (حياة)
حَيَاةٌالتَّعْرِيفُ:
1- الْحَيَاةُ فِي اللُّغَةِ نَقِيضُ الْمَوْتِ، وَالْحَيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ نَقِيصُ الْمَيِّتِ.وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قُوَّةٍ مِزَاجِيَّةٍ تَقْتَضِي الْحِسَّ وَالْحَرَكَةَ، وَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ صِفَةٌ تَلِيقُ بِهِ جَلَّ شَأْنُهُ.وَعَرَّفَ الْجُرْجَانِيُّ الْحَيَاةَ: بِأَنَّهَا صِفَةٌ تُوجِبُ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا أَنْ يَعْلَمَ وَيَقْدِرَ.وَعَلَى هَذَا لَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ لِلْحَيَاةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ- الرُّوحُ:
2- قَالَ الْفَرَّاءُ: الرُّوحُ، هُوَ الَّذِي يَعِيشُ بِهِ الْإِنْسَانُ، لَمْ يُخْبِرِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ.قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.
ب- النَّفْسُ:
3- قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مِنَ اللُّغَوِيِّينَ مَنْ سَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ وَالرُّوحِ، وَقَالَ: هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: الرُّوحُ هُوَ الَّذِي بِهِ الْحَيَاةُ وَالنَّفْسُ هِيَ الَّتِي بِهَا الْعَقْلُ.
ج- الِاسْتِهْلَالُ:
4- الِاسْتِهْلَالُ مَصْدَرُ اسْتَهَلَّ، يُقَالُ: اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ بِالْبُكَاءِ أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ وَصَاحَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَعَ صَوْتُهُ فَقَدِ اسْتَهَلَّ.وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ».وَالِاسْتِهْلَالُ أَمَارَةٌ مِنْ أَمَارَاتِ الْحَيَاةِ.
د- الْمَوْتُ:
5- الْمَوْتُ: صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ خُلِقَتْ ضِدًّا لِلْحَيَاةِ.وَقِيلَ: صِفَةٌ عَدَمِيَّةٌ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ التَّضَادُّ.
الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحَيَاةِ:
أَوَّلًا: بَدْءُ الْحَيَاةِ:
6- بَدْءُ الْحَيَاةِ الْآدَمِيَّةِ الْأُولَى كَانَ نَفْخَةً مِنْ رُوحِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الصُّورَةِ الَّتِي سَوَّاهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ طِينٍ لآِدَمَ- عليه السلام-، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ بَدْءَ الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذُرِّيَّةِ آدَمَ- عليه السلام- يَكُونُ بِنَفْخِ الرُّوحِ فِي الْجَنِينِ، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ- رضي الله عنه- قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ».
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَوْعِدِ نَفْخِ الرُّوحِ: هَلْ هُوَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، أَوْ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، أَوْ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي «جَنِينٍ» «وَرُوحٍ».
وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَنِينِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ: هَلْ يُعْتَبَرُ حَيًّا، أَوْ أَصْلًا لِلْحَيِّ، أَوْ لَا يُعْتَبَرُ كَذَلِكَ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ حَيَاةَ الْجَنِينِ تَبْدَأُ وَيُعْتَدُّ بِهَا مُنْذُ نَفْخِ الرُّوحِ، أَمَّا قَبْلَهَا فَلَا تَكُونُ حَيَاتُهُ حَقِيقِيَّةً بَلْ حَيَاةٌ اِعْتِبَارِيَّةٌ يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَالتَّصَرُّفَاتِ، كَتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْإِرْثِ، وَصِحَّةِ الْإِيصَاءِ لَهُ بِشَرْطِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} لِأَنَّ قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} أَيْ بِنَفْخِ الرُّوحِ حَيْثُ يَبْدَأُ فِي الْجَنِينِ الْإِحْسَاسُ وَالتَّأَثُّرُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْخَلْقِ الْآخَرِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ: هُوَ نَفْخُ الرُّوحِ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ جَمَادًا.
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الرُّوحِ بِالْجَنِينِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ، وَأَنَّ الْجَنِينَ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَبِهَا يَكُونُ حَيًّا، وَأَفَاضَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْجَنِينَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ كَانَ فِيهِ حَرَكَةُ نُمُوٍّ وَاغْتِذَاءٍ كَالنَّبَاتِ، وَلَمْ تَكُنْ حَرَكَةُ نُمُوِّهِ وَاغْتِذَائِهِ بِالْإِرَادَةِ، فَلَمَّا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ انْضَمَّتْ حَرَكَةُ حِسِّيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ إِلَى حَرَكَةِ نُمُوِّهِ وَاغْتِذَائِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ حَيَاةَ الْجَنِينِ تَبْدَأُ مِنْ حِينِ تَلْقِيحِ مَاءِ الْمَرْأَةِ بِمَاءِ الرَّجُلِ وَاسْتِقْرَارِ مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي الرَّحِمِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ حَيَاةَ الْجَنِينِ فِي تِلْكَ الْمَرْحَلَةِ حَيَاةً كَامِلَةً لِإِنْسَانٍ حَيٍّ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا الْإِنْسَانُ كَائِنٌ بِالْقُوَّةِ، حَيَاتُهُ حَيَاةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْوُجُودِ أَنْ تَقَعَ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ وَيَخْتَلِطَ بِمَاءِ الْمَرْأَةِ وَتَسْتَعِدَّ لِقَبُولِ الْحَيَاةِ، وَإِفْسَادُ ذَلِكَ جِنَايَةٌ، فَإِنْ صَارَتْ مُضْغَةً وَعَلَقَةً كَانَتِ الْجِنَايَةُ أَفْحَشَ، وَإِنْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ وَاسْتَوَتِ الْخِلْقَةُ ازْدَادَتِ الْجِنَايَةُ تَفَاحُشًا، وَمُنْتَهَى التَّفَاحُشِ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ حَيًّا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: مَبْدَأُ سَبَبِ الْوُجُودِ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُ الْمَنِيِّ فِي الرَّحِمِ لَا مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنَ الْإِحْلِيلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يُخْلَقُ مِنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَحْدَهُ بَلْ مِنَ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا.
وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ الْإِنْسَانِيَّةَ الْكَامِلَةَ الْمُعْتَبَرَةَ اعْتِبَارًا كَامِلًا فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ تَبْدَأُ بِوِلَادَةِ الشَّخْصِ حَيًّا.
ثَانِيًا: انْتِهَاءُ الْحَيَاةِ:
7- تَنْتَهِي حَيَاةُ الْإِنْسَانِ بِنَزْعِ الرُّوحِ، أَيْ بِالْمَوْتِ.
وَأَمَارَاتُ الْمَوْتِ مَعْرُوفَةٌ، وَرَدَ بَعْضُهَا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ- رضي الله عنها- قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ».
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَشُخُوصُ الْبَصَرِ هُوَ الْحَالَةُ الَّتِي يُشَاهِدُ فِيهَا الْمَيِّتُ مَلَكَ الْمَوْتِ، وَهَذِهِ الْحَالَةُ هِيَ الَّتِي لَا تُقْبَلُ مِنْهَا التَّوْبَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدُهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}
وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَمَارَاتِ انْتِهَاءِ الْحَيَاةِ: شُخُوصَ الْبَصَرِ، وَانْقِطَاعَ النَّفَسِ، وَانْفِرَاجَ الشَّفَتَيْنِ، وَسُقُوطَ الْقَدَمَيْنِ، وَانْفِصَالَ الزَّنْدَيْنِ، وَمَيْلَ الْأَنْفِ، وَامْتِدَادَ جِلْدَةِ الْوَجْهِ، وَانْخِسَافَ الصُّدْغَيْنِ، وَتَقَلُّصَ الْخُصْيَتَيْنِ مَعَ تَدَلِّي جِلْدَتِهِمَا.
ثَالِثًا: الْحِفَاظُ عَلَى الْحَيَاةِ:
8- يَكُونُ الْحِفَاظُ عَلَى الْحَيَاةِ بِفِعْلِ مَا يُمْسِكُهَا وَالْكَفِّ عَمَّا يُهْلِكُهَا أَوْ يَضُرُّهَا، وَالْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ بِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ وَعَدَمِ إِلْقَائِهَا إِلَى التَّهْلُكَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وَقَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ آكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا بَعْدَ حِفْظِ الدِّينِ.وَقَالَ الشَّاطِبِيُّ: تَكَالِيفُ الشَّرِيعَةِ تَرْجِعُ إِلَى حِفْظِ مَقَاصِدِهَا فِي الْخَلْقِ، وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: ضَرُورِيَّةٌ، وَحَاجِيَّةٌ وَتَحْسِينِيَّةٌ، وَالضَّرُورِيَّةُ: هِيَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي قِيَامِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.وَالْحِفْظُ لَهَا يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يُقِيمُ أَرْكَانَهَا وَيُثَبِّتُ قَوَاعِدَهَا وَذَلِكَ مُرَاعَاتُهَا مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ، وَالثَّانِي مَا يَدْرَأُ عَنْهَا الِاخْتِلَالَ الْوَاقِعَ أَوِ الْمُتَوَقَّعَ فِيهَا وَذَلِكَ مُرَاعَاتُهَا مِنْ جَانِبِ الْعَدَمِ، وَحِفْظُ النَّفْسِ وَالْعَقْلِ مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ كَتَنَاوُلِ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَالْمَسْكُونَاتِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَمَجْمُوعُ الضَّرُورِيَّاتِ خَمْسَةٌ: حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ وَالْعَقْلِ، وَالنَّسْلِ، وَالْمَالِ.
وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِعْلُ مَا يُمْسِكُ حَيَاتَهُ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلِبَاسٍ وَسَكَنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحَلَّ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أَوْ مَخْيَلَةً، فَأَمَّا مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ هُوَ مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَسَكَّنَ الظَّمَأَ فَمَنْدُوبٌ إِلَيْهِ عَقْلًا وَشَرْعًا، لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ النَّفْسِ وَحِرَاسَةِ الْحَوَاسِّ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ، لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الْجَسَدَ وَيُمِيتُ النَّفْسَ وَيُضْعِفُ عَنِ الْعِبَادَةِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْهُ الشَّرْعُ وَيَدْفَعُهُ الْعَقْلُ.
وَالْمُضْطَرُّ فِي الْمَخْمَصَةِ الَّذِي لَا يَجِدُ إِلاَّ مُحَرَّمًا كَالْمَيْتَةِ، أَوْ مَالِ الْغَيْرِ، وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْهَلَاكُ إِنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ هَذَا الْمُحَرَّمِ، يَلْزَمُهُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الْهَلَاكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (مَخْمَصَةٌ) (وَمُضْطَرٌّ) (وَمَيْتَةٌ).
وَالْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ شَرْعًا بِالْكَفِّ عَمَّا يُتْلِفُ الْحَيَاةَ أَوْ يَضُرُّهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} وَقَدِ «احْتَجَّ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ- رضي الله عنه- بِهَذِهِ الْآيَةِ، حِين امْتَنَعَ عَنْ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، حِينَ أَجْنَبَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْهَلَاكِ، فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- عَلَى ذَلِكَ».
رَابِعًا: الْجِنَايَةُ عَلَى الْحَيَاةِ:
وَهِيَ قِسْمَانِ: جِنَايَةُ الشَّخْصِ عَلَى حَيَاتِهِ، وَجِنَايَةٌ عَلَى حَيَاةِ غَيْرِهِ.
أ- جِنَايَةُ الشَّخْصِ عَلَى حَيَاتِهِ:
9- حَرَّمَ الشَّرْعُ تَحْرِيمًا قَاطِعًا أَنْ يَجْنِيَ الشَّخْصُ عَلَى حَيَاتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَجَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ عَنْهُ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».
وَقَالَ- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا».
وَحَرَّمَ الشَّرْعُ أَنْ يَقْتُلَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ وَيَجْنِيَ عَلَى حَيَاتِهِ، لِأَنَّ نَفْسَهُ الَّتِي يُزْهِقُهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ، فَالْأَنْفُسُ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى.
ب- جِنَايَةُ الشَّخْصِ عَلَى حَيَاةِ غَيْرِهِ:
10- الْحَيَاةُ الَّتِي يُجْنَى عَلَيْهَا، إِمَّا أَنْ تَكُونَ حَيَاةً حَقِيقِيَّةً مُسْتَقِرَّةً، أَوْ مُسْتَمِرَّةً لِشَخْصٍ حَيٍّ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ حَيَاةً اعْتِبَارِيَّةً وَهِيَ حَيَاةُ الْجَنِينِ.
الْجِنَايَةُ عَلَى حَيَاةِ شَخْصٍ حَيٍّ:
11- الْجِنَايَةُ عَلَى حَيَاةِ شَخْصٍ حَيٍّ تَكُونُ بِالْقَتْلِ أَيْ بِفِعْلِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِزَهُوقِ النَّفْسِ وَهُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ لِلْجَسَدِ، قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: إِذَا اعْتُبِرَ بِفِعْلِ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ يُقَالُ: قَتْلٌ، وَإِذَا اعْتُبِرَ بِفَوْتِ الْحَيَاةِ يُقَالُ: مَوْتٌ.
وَالْقَتْلُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: عَمْدٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ، وَخَطَأٌ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، وَعِنْدَ آخَرِينَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ، بِإِضَافَةِ مَا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ، وَالْقَتْلِ بِسَبَبٍ، وَفِي بَيَانِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَمُوجَبِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي «دِيَةٌ» «وَقَتْلٌ» «وَقَوَدٌ» «وَجِنَايَةٌ».
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، أَمَّا الْكِتَابُ فَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً} وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْهَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ» وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا».
وَالْحَيَاةُ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَمِرَّةً، أَوْ مُسْتَقِرَّةً، أَوْ حَيَاةَ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ.وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ: هِيَ الَّتِي تَبْقَى إِلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ.
وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ: تَكُونُ بِوُجُودِ الرُّوحِ فِي الْجَسَدِ وَمَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ وَالْإِدْرَاكُ دُونَ الْحَرَكَةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ.كَمَ لَوْ طُعِنَ إِنْسَانٌ وَقُطِعَ بِمَوْتِهِ بَعْدَ سَاعَةٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ وَحَرَكَتُهُ الِاخْتِيَارِيَّةُ مَوْجُودَةٌ.
وَحَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ: هِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا إِبْصَارٌ وَلَا نُطْقٌ وَلَا حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ.وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَاةِ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ.
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (قَوَدٌ) (وَجِنَايَةٌ) (وَقِصَاصٌ).
الْجِنَايَةُ عَلَى حَيَاةِ الْجَنِينِ:
12- إِذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ- بِسَبَبِ ذَلِكَ- جَنِينَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ، فَإِمَّا أَنْ تُلْقِيَهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا:
أ- إِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَفِيهِ غُرَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: «اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا».
وَالْغُرَّةُ: الْعَبْدُ أَوِ الْأُمَّةُ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ الْمُلْقَى مَيِّتًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَلِئَلاَّ يَكْثُرَ التَّنَازُعُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ.
وَتَتَعَدَّدُ الْغُرَّةُ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ الْمُلْقَى.وَتَجِبُ مَعَ الْغُرَّةِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لِأَنَّ الْجَنِينَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الْكَفَّارَةَ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ.
13- وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجَنِينِ الْمُلْقَى الَّذِي يَجِبُ فِيهِ مَا سَبَقَ: فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مَا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَظُفْرٍ وَشَعْرٍ فَهُوَ كَمَنْ كَانَ تَامَّ الْخَلْقِ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَأَضَافَ ابْنُ عَابِدِينَ: أَنَّهُ لَا يَسْتَبِينُ خَلْقُهُ إِلاَّ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ عَنِ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الرَّأْسِ، وَفِي الشُّمُنِّيِّ: لَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً وَلَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنَ الْقَوَابِلِ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ وَلَوْ بَقِيَ لَتَصَوَّرَ فَلَا غُرَّةَ فِيهِ، وَتَجِبُ فِيهِ عِنْدَنَا حُكُومَةٌ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: فِي الْجَنِينِ مَا سَبَقَ مِنَ الْأَحْكَامِ وَإِنْ كَانَ عَلَقَةً أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا إِذَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ حَارٌّ لَا يَذُوبُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا أَلْقَتِ الْمَرْأَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَحْمًا، قَالَ الْقَوَابِلُ: - أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ رَجُلَانِ- فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ- أَيْ تَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِلِ- كَنَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُنَّ فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَالْكَفَّارَةُ.وَلَوْ قُلْنَ: لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا خَفِيَّةٌ وَلَكِنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ لَوْ بَقِيَ لَتَصَوَّرَ فَلَا غُرَّةَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَلْقَتْ مُضْغَةً فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنَ الْقَوَابِلِ أَنَّ فِيهِ صُورَةً خَفِيَّةً فَفِيهِ غُرَّةٌ، وَإِنْ شَهِدْنَ أَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ لَوْ بَقِيَ تَصَوَّرَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ كَالْعَلَقَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ بِالشَّكِّ، وَالثَّانِي: فِيهِ غُرَّةٌ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَصَوَّرَ.
ب- إِنْ أَلْقَتِ الْمَرْأَةُ الْحَامِلُ- بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا- جَنِينَهَا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ حَيًّا فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَفِيهِ مَعَ الدِّيَةِ الْكَفَّارَةُ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ إِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَنُوطَةُ بِهَا، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحَيَاةُ مِنَ الْأُمُورِ الْأُخْرَى كَالْعُطَاسِ وَالِارْتِضَاعِ وَالتَّنَفُّسِ وَالْحَرَكَةِ.وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (اسْتِهْلَالٌ).
وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَلَمْ تُلْقِ جَنِينَهَا وَمَاتَتْ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ.
وَفِي جِنَايَةِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ عَلَى حَيَاةِ جَنِينِهَا تَفْصِيلٌ فِي (إِجْهَاضٌ).
خَامِسًا: الْحَيَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِرْثِ:
14- مِنْ شُرُوطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقُ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ إِلْحَاقُهُ بِالْمَوْتَى حُكْمًا، وَتَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ أَوْ إِلْحَاقُهُ بِالْأَحْيَاءِ.
وَالْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ وَاضِحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ التَّحَقُّقِ مِنْ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَمِنْ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ، بِأَنْ كَانَا حَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَرِّثُ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَتَحَقَّقَتْ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَهُ، لَكِنْ هُنَاكَ صُوَرًا أُخْرَى لَا يَكُونُ فِيهَا الْحُكْمُ وَاضِحًا أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، مِنْهَا: الْحَمْلُ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْإِرْثِ، وَالَّذِينَ يَمُوتُونَ مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يُعْلَمُ السَّابِقُ مِنْهُمْ.
أَمَّا الْحَمْلُ فَإِنَّ حَيَاتَهُ تَلْحَقُ- تَقْدِيرًا- بِالْحَيِّ عِنْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِ، وَقَدِ اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ لِلْحُكْمِ بِتَوْرِيثِ الْحَمْلِ شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ.
الثَّانِي: أَنْ يَنْفَصِلَ كُلُّهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً.عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (إِرْثٌ): ف (109)، 115.
وَأَمَّا الَّذِينَ يَمُوتُونَ مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يُعْلَمُ سَابِقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ فِي الْأَصْلِ يَتَوَارَثُونَ.فَقَدِ اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَتَوَارَثُونَ، وَتَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ الْأَحْيَاءِ، لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ- رضي الله عنهما- تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رضي الله عنه- فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا، وَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقَ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ، وَلَا تَوَارُثَ بِالشَّكِّ، وَلِأَنَّا إِنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمْ فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ، وَإِنْ وَرَّثْنَا كُلًّا مِنَ الْآخَرِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ.وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ: يَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ تِلَادِ مَا لَهُ، أَيْ قَدِيمِهِ دُونَ طَارِفِهِ وَهُوَ مَا وَرِثَهُ مِمَّنْ مَاتَ مَعَهُ.
وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمْ مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَشْكَلَ، أُعْطِيَ كُلُّ وَارِثٍ الْيَقِينَ، وَوَقَفَ الْبَاقِي الْمَشْكُوكُ فِيهِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ، أَوْ يَصْطَلِحُوا، لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ، وَالْمَرْءُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُوقَفُ الْمِيرَاثُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ أَوْ يَصْطَلِحُوا، لِأَنَّ التَّذَكُّرَ غَيْرُ مَيْئُوسٍ مِنْهُ.
سَادِسًا: الْحَيَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ:
15- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ الشَّرْعِيَّةَ بِأَنْوَاعِهَا (مِنْ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ عَقْرٍ أَوْ صَيْدٍ) لَا بُدَّ مِنْهَا لِإِبَاحَةِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الطَّيْرِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ تَكُونَ بِالْحَيَوَانِ أَوِ الطَّيْرِ عِنْدَ الذَّبْحِ أَوِ الصَّيْدِ حَيَاةٌ، وَإِلاَّ كَانَ مَيْتَةً وَلَمْ تَعْمَلِ الذَّكَاةُ عَمَلَهَا مِنْ حَيْثُ الْإِبَاحَةُ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْحَيَاةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا عِنْدَ الذَّبْحِ أَوِ الصَّيْدِ.وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَيَحِلُّ بِالذَّكَاةِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ إِلاَّ مِثْلُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الذَّكَاةَ تُحِلُّهُ أَوْ لَا، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (ذَبَائِحُ).
كَمَا اخْتُلِفَ فِيمَا إِذَا ذُبِحَتْ شَاةٌ مَثَلًا وَكَانَ فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ، هَلْ تُعْتَبَرُ ذَكَاتُهَا ذَكَاةً لَهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ حَيَاتَهُ تَابِعَةٌ لِحَيَاتِهَا أَوْ مُسْتَقِلَّةٌ عَنْهَا، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي: (ذَبَائِحُ).
سَابِعًا: الْحَيَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي غُسْلِ السِّقْطِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ.
16- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السِّقْطَ إِذَا اسْتَهَلَّ ثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ الْحَيِّ وَحُقُوقُهُ، وَمِنْهَا وُجُوبُ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ».وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الدُّنْيَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْمِيرَاثِ وَالدِّيَةِ فَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ.وَاخْتَلَفُوا فِي السِّقْطِ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ:
فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: السِّقْطُ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ غُسِّلَ وَسُمِّيَ- فِي الْأَصَحِّ الْمُفْتَى بِهِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ- إِكْرَامًا لِبَنِي آدَمَ، وَأُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ وَدُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ تَامَّ الْخَلْقِ أَمْ لَا.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ غُسْلُ سِقْطٍ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا، وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ، إِلاَّ أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ بِعَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهَا فَيَجِبُ غُسْلُهُ، وَيُغَسَّلُ دَمُ السِّقْطِ الَّذِي لَمْ يَسْتَهِلَّ وَيُلَفُّ بِخِرْقَةٍ وَيُوَارَى.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ السِّقْطُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كُفِّنَ بِخِرْقَةٍ وَدُفِنَ، وَإِنْ تَمَّ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ فِي الْقَدِيمِ: يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَصَارَ كَمَنِ اسْتَهَلَّ، وَقَالَ فِي الْأُمِّ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الدُّنْيَا فِي الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْنَا يُصَلَّى عَلَيْهِ غُسِّلَ كَغَيْرِ السِّقْطِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَفِي غُسْلِهِ قَوْلَانِ: قَالَ الْبُوَيْطِيُّ: فِي مُخْتَصَرِهِ لَا يُغَسَّلُ، لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَلَا يُغَسَّلُ كَالشَّهِيدِ، وَقَالَ فِي الْأُمِّ: يُغَسَّلُ لِأَنَّ الْغُسْلَ قَدْ يَنْفَرِدُ عَنِ الصَّلَاةِ كَمَا نَقُولُ فِي الْكَافِرِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: السِّقْطُ إِنْ خَرَجَ مَيِّتًا فَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا أَتَى لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ نَسَمَةٌ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهِلِّ.فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيُدْفَنُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْحَيَاةِ.
ثَامِنًا: الْحَيَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ:
17- يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى تَوْبَةَ الْعَبْدِ الْمُذْنِبِ الْمُكَلَّفِ- كَرَمًا مِنْهُ تَعَالَى وَفَضْلًا- مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» أَيْ مَا لَمْ تَصِلْ رُوحُهُ حُلْقُومَهُ، مِنَ الْغَرْغَرَةِ وَهِيَ جَعْلُ الشَّرَابِ فِي الْفَمِ وَإِدَارَتُهُ إِلَى أَصْلِ الْحُلْقُومِ فَلَا يُبْلَعُ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} الْآيَةَ، وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ حُضُورَهُ بِمُعَايَنَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ تَيَقُّنُ الْمَوْتِ لَا خُصُوصُ رُؤْيَةِ مَلَكِهِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَا يَرَاهُ.
وَقِيلَ: السِّرُّ فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ حِينَ الْيَأْسِ مِنَ الْحَيَاةِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا عَزْمُ التَّائِبِ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ تَمَكُّنِ التَّائِبِ مِنَ الذَّنْبِ وَبَقَاءِ الِاخْتِيَارِ.
قَالَ ابْنُ عَلاَّنَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى فُرِضَ الْوُصُولُ لِحَالَةٍ لَا تُمْكِنُ الْحَيَاةُ بَعْدَهَا عَادَةً لَا تَصِحُّ مِنْهُ حِينَئِذٍ تَوْبَةٌ وَلَا غَيْرُهَا، وَهَذَا مُرَادُ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: «يُغَرْغِرْ».وَمَتَى لَمْ يَصِلْ لِذَلِكَ صَحَّتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ وَغَيْرُهَا.
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
18-موسوعة الفقه الكويتية (سقوط)
سُقُوطٌالتَّعْرِيفُ:
1- السُّقُوطُ مَصْدَرُ سَقَطَ، يُقَالُ: سَقَطَ الشَّيْءُ؛ أَيْ وَقَعَ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ، وَأَسْقَطَهُ إِسْقَاطًا فَسَقَطَ، فَالسُّقُوطُ أَثَرُ الْإِسْقَاطِ، وَالسَّقَطُ- بِفَتْحَتَيْنِ- رَدِيءُ الْمَتَاعِ، وَالْخَطَأُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.
يُقَالُ: لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ؛ أَيْ: لِكُلِّ نَادَّةٍ مِنَ الْكَلَامِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَيُذِيعُهَا، وَيُضْرَبُ مَثَلًا لِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ: سَقَطَ الْفَرْضُ: مَعْنَاهُ سَقَطَ طَلَبُهُ وَالْأَمْرُ بِهِ.
وَالسِّقْطُ (بِتَثْلِيثِ السِّينِ): الْجَنِينُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، يَسْقُطُ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَهُوَ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ.وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَى السُّقُوطِ الِاصْطِلَاحِيِّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
مَا يَقْبَلُ السُّقُوطَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ:
سُقُوطُ الصَّلَاةِ عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ:
2- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَتَطَهَّرُ بِهِ وَلَا تُرَابًا يَتَيَمَّمُ بِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِلَا طَهُورٍ.وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ إِعَادَتَهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ الصَّلَاةِ عَنْهُ أَدَاءً وَقَضَاءً.
وَلِلتَّفْصِيلِ ر: مُصْطَلَحَ (تَيَمُّم ف 41، وَصَلَاة).
سُقُوطُ الْجَبِيرَةِ:
3- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُوجِبُهُ سُقُوطُ الْجَبِيرَةِ عَنْ بُرْءٍ، وَفِيمَا يُوجِبُهُ سُقُوطُهَا لَا عَنْ بُرْءٍ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (جَبِيرَة ف 7).
سُقُوطُ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ:
4- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عَنِ الْمَرْأَةِ أَثْنَاءَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.وَلَا تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ.وَلِلتَّفْصِيلِ ر: مُصْطَلَحَ (صَلَاة، وَحَيْض، وَنِفَاس).
سُقُوطُ الصَّلَاةِ عَنِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ:
5- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَقْضِي الصَّلَاةَ بَعْدَ إِفَاقَتِهِ مِنَ الْجُنُونِ لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ».وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِسُقُوطِ الصَّلَاةِ عَنْهُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى جُنُونِهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَيَقْضِي مَا كَانَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ أَوْ أَقَلَّ.
وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ أَثْنَاءَ إغْمَائِهِ.إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اشْتَرَطُوا مُضِيَّ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ- كَمَا تَقَدَّمَ- وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَقْضِي جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي حَالِ إِغْمَائِهِ.
وَكَذَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنِ الْمُبَرْسَمِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّكْرَانِ بِلَا تَعَدٍّ، عَلَى خِلَافٍ يُذْكَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَلَاة).
إِسْقَاطُ الصَّلَاةِ بِالْإِطْعَامِ:
6- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنِ الْمَيِّتِ بِالْإِطْعَامِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الْمَرِيضُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّلَاةِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ وَفَاتَتْهُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الْإِيصَاءُ بِالْكَفَّارَةِ عَنْهَا، فَيُخْرِجُ عَنْهُ وَلِيُّهُ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ لِكُلِّ صَلَاةِ مَفْرُوضَةٍ، وَكَذَا الْوِتْرُ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ فِي الصِّيَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ» وَالصَّلَاةُ كَالصِّيَامِ بِاسْتِحْسَانِ الْمَشَايِخِ لِكَوْنِهَا أَهَمَّ.
وَالصَّحِيحُ: اعْتِبَارُ كُلِّ صَلَاةٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ، فَيَكُونُ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ فِدْيَةٌ، وَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ، أَوْ صَاعُ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ قِيمَتُهُ، وَهِيَ أَفْضَلُ لِتَنَوُّعِ حَاجَاتِ الْفَقِيرِ.
وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ جَازَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَبَرُّعِ الْوَارِثِ بِالْإِطْعَامِ فِي الصَّوْمِ يَجْزِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ جَزْمٍ.وَفِي إِيصَائِهِ بِهِ جَزَمَ الْحَنَفِيَّةُ بِالْإِجْزَاءِ.وَلِلتَّفْصِيلِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (صَلَاة وَصَوْم).
سُقُوطُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ:
7- مِمَّا تَسْقُطُ بِهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ الْحَبْسُ وَالْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْحُضُورُ، وَإِذَا خَافَ ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ، وَالْمَطَرُ وَالْوَحْلُ وَالْبَرْدُ الشَّدِيدُ وَالْحَرُّ الشَّدِيدُ ظُهْرًا وَالرِّيحُ الشَّدِيدَةُ فِي اللَّيْلِ، وَمُدَافَعَةُ الْأَخْبَثَيْنِ، وَأَكْلُ نَتِنٍ نِيءٍ إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إِزَالَتُهُ.
وَتَفْصِيلُ هَذَا فِي (صَلَاة الْجَمَاعَةِ، وَصَلَاة الْجُمُعَةِ).
سُقُوطُ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ:
8- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ وَالْحَاضِرَةِ يَسْقُطُ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُمَا جَمِيعًا، فَيُقَدِّمُ عِنْدَئِذٍ الْحَاضِرَةَ ثُمَّ يَقْضِي الْفَوَائِتَ عَلَى التَّرْتِيبِ.
وَانْظُرِ التَّفْصِيلَ فِي مُصْطَلَحِ (تَرْتِيب)
سُقُوطُ الصِّيَامِ:
9- يَسْقُطُ الصِّيَامُ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَقْوَى عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (صِيَام).
وَأَمَّا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ إِمْكَانِ الصِّيَامِ، إِمَّا لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ عَجْزٍ عَنِ الصَّوْمِ، فَهَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، (وَيَسْقُطُ عَنْهُ الصِّيَامُ) وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَقَتَادَةَ يَجِبُ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ سَقَطَ بِالْعَجْزِ عَنْهُ فَوَجَبَ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ إِذَا تَرَكَ الصِّيَامَ لِعَجْزِهِ عَنْهُ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُمْ.
وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَالْحَنَابِلَةِ، لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا».
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ: يُصَامُ عَنْهُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: قُلْتُ: الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ وَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ».
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (صَوْم).
سُقُوطُ الزَّكَاةِ:
10- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ، وَتُخْرَجُ مِنْ مَالِهِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةَ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا يَجِبُ إِخْرَاجُهَا مِنَ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، فَإِنْ أَوْصَى بِالْأَدَاءِ وَجَبَ إِخْرَاجُهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَالْمُثَنَّى وَالثَّوْرِيُّ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ: تُؤْخَذُ مِنَ الثُّلُثِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا وَلَا يُجَاوِزُ الثُّلُثَ.
وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا بِهَلَاكِ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ بَعْدَهُ، وَبِالرِّدَّةِ.وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (تَرِكَة ف 26).
سُقُوطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ:
11- يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ وَلَوْ بِظَنِّ الْفِعْلِ.
ر: مُصْطَلَحَ (إِسْقَاط وَفَرْض).
سُقُوطُ التَّحْرِيمِ لِلضَّرُورَةِ:
12- يَسْقُطُ التَّحْرِيمُ لِلضَّرُورَةِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَإِسَاغَةِ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ، وَإِبَاحَةِ نَظَرِ الْعَوْرَةِ لِلطَّبِيبِ.
ر: مُصْطَلَحَ (إِسْقَاط) وَتُنْظَرُ أَيْضًا فِي مُصْطَلَحِ (اضْطِرَار، خَمْر، عَوْرَة).
حُقُوقُ الْعِبَادِ:
13- الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ إِذَا أَسْقَطَهُ- وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْقَاطِ وَالْمَحَلُّ قَابِلٌ لِلسُّقُوطِ، سَقَطَ هَذَا الْحَقُّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِسْقَاط).
وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ مَا هُوَ مَحَلٌّ لِلسُّقُوطِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ:
سُقُوطُ الْمَهْرِ:
14- أ- يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ عَنِ الزَّوْجِ بِعِدَّةِ أَسْبَابٍ:
(1) الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ بِطَلَبٍ مِنَ الزَّوْجَةِ أَوْ بِسَبَبِهَا.
(2) الْإِبْرَاءُ عَنْ كُلِّ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إِذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إِسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ مِمَّنْ هُوَ أَهْلُ الْإِسْقَاطِ فِي مَحَلٍّ قَابِلٍ لِلسُّقُوطِ يُوجِبُ السُّقُوطَ.
(3) الْخُلْعُ عَلَى الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ.
(4) هِبَةُ كُلِّ الْمَهْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا وَبَعْدَهُ إِذَا كَانَ عَيْنًا.
15- ب- مَا يَسْقُطُ بِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ.
يَسْقُطُ نِصْفُ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ، وَالْمَهْرُ دَيْنٌ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ.
وَفِيمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (مَهْر، خُلْع، هِبَة، مُتْعَة، طَلَاق).
سُقُوطُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ:
16- تَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ بِالنُّشُوزِ (الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ) وَبِالْإِبْرَاءِ مِنَ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (نُشُوز، نَفَقَة).
سُقُوطُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ:
17- تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ.
عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَة).
سُقُوطُ الْحَضَانَةِ:
18- إِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْحَضَانَةِ، أَوْ وُجِدَ مَانِعٌ سَقَطَتْ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ الْوَلِيُّ أَوِ الْحَاضِنُ لِلنُّقْلَةِ وَالِانْقِطَاعِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَضَانَة) ف 18 (ج 17 310).
سُقُوطُ الْخَرَاجِ:
19- يَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِانْعِدَامِ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَتَعْطِيلِهَا عَنِ الزِّرَاعَةِ، وَبِهَلَاكِ الزَّرْعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَبِإِسْقَاطِ الْإِمَامِ لِلْخَرَاجِ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (خَرَاج ف 57 وَمَا بَعْدَهَا).
سُقُوطُ الْحُدُودِ:
20- تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِمَا يَلِي: أ- بِالشُّبُهَاتِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ».
ب- بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ، وَاسْتَثْنَوْا حَدَّ الْقَذْفِ.
ج- بِمَوْتِ الشُّهُودِ.
د- بِالتَّكْذِيبِ، كَتَكْذِيبِ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِلْمُقِرِّ بِالزِّنَى قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ.
ر: مُصْطَلَحَ (حُدُود ف 13، 14، 15، 16 وَزِنًى، وَقَذْف).
هـ- بِالتَّوْبَةِ: وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَسْقُطُ عَنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (الْمُحَارِبِ) بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هَذَا فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَقًّا لِلَّهِ، أَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَلَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (حِرَابَة ف 24).
وَإِنْ تَابَ مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُحَارِبِينَ وَأَصْلَحَ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَسْقُطُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وَهَذَا عَامٌّ فِي التَّائِبِينَ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ وَقَطَعَ الَّذِي أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، وَقَدْ جَاءُوا تَائِبِينَ يَطْلُبُونَ التَّطْهِيرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ.وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِعْلَهُمْ تَوْبَةً، فَقَالَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ» «وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ سَمُرَةَ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَرَقْتُ جَمَلًا لِبَنِي فُلَانٍ فَطَهِّرْنِي وَقَدْ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- الْحَدَّ عَلَى هَؤُلَاءِ» وَلِأَنَّ الْحَدَّ كَفَّارَةٌ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالتَّوْبَةِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ، وَلِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ بِالتَّوْبَةِ كَالْمُحَارِبِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: يَسْقُطُ الْحَدُّ بِالتَّوْبَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَاوَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} وَذَكَرَ حَدَّ السَّارِقِ فَقَالَ: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِوَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} وَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، «وَقَالَ فِي مَاعِزٍ لَمَّا أُخْبِرَ بِهَرَبِهِ: هَلاَّ تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَحَدِّ الْمُحَارِبِ.
وَهَلْ يَتَقَيَّدُ سُقُوطُ التَّوْبَةِ، وَبِكَوْنِهِ قَبْلَ الرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ أَمْ لَا؟ وَبِكَوْنِهِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا؟.
يُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حُدُود ف 12) وَتَوْبَة (18 وَ 19).
سُقُوطُ الْجِزْيَةِ:
21- تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِتَدَاخُلِ الْجِزَى أَوْ بِطُرُوءِ الْإِعْسَارِ أَوِ التَّرَهُّبِ وَالِانْعِزَالِ عَنِ النَّاسِ، أَوْ بِالْجُنُونِ، أَوْ بِالْعَمَى، وَالزَّمَانَةِ، وَالشَّيْخُوخَةِ، أَوْ عَجْزِ الدَّوْلَةِ عَنْ حِمَايَتِهِمْ أَوْ بِاشْتِرَاكِ الذِّمِّيِّينَ فِي الْقِتَالِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْمَوْتِ.
وَفِي بَعْضِ تِلْكَ الْأُمُورِ خِلَافٌ يُرْجَعُ تَفْصِيلُهُ إِلَى مُصْطَلَحِ (جِزْيَة ف 69- 79).
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
19-موسوعة الفقه الكويتية (مولود)
مَوْلُودٌالتَّعْرِيفُ:
1- الْمَوْلُودُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْوِلَادَةِ، وَالصَّبِيُّ الْمَوْلُودُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ.
وَالْوَلَدُ: كُلُّ مَا وَلَدَهُ شَيْءٌ، وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
السِّقْطُ
2- السِّقْطُ فِي اللُّغَةِ: الْوَلَدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَهُوَ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ يُقَالُ: سَقَطَ الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَا يُقَالُ: وَقَعَ، فَهُوَ سِقْطٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا، وَفَتْحِهَا، وَالْكَسْرُ أَسْلَمُ وَأَكْثَرُ.
وَالسِّقْطُ فِي الِاصْطِلَاحِ: هُوَ الْوَلَدُ لِغَيْرِ تَمَامٍ، وَقِيلَ: الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَوْلُودِ وَالسِّقْطِ: أَنَّ الْمَوْلُودَ يُولَدُ بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَأَمَّا السِّقْطُ فَيَنْزِلُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْحَمْلِ.
الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَوْلُودِ:
عَلَامَاتُ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ
3- عَلَامَاتُ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ هِيَ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى الْحَيَاةِ مِنْ رَضَاعٍ، أَوِ اسْتِهْلَالٍ، أَوْ حَرَكَةٍ، أَوْ سُعَالٍ، أَوْ تَنَفُّسٍ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (حَيَاةٌ ف 16، وَاسْتِهْلَالٌ ف 2- 9، وَتَغْسِيلُ الْمَيِّتِ ف 25).
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ظُهُورِ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ آثَارٌ شَرْعِيَّةٌ عَدِيدَةٌ أَهَمُّهَا: ثُبُوتُ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ لَهُ.
وَيُقْصَدُ بِأَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ: صَلَاحِيَةُ الْإِنْسَانِ لِأَنْ تَكُونَ لَهُ حُقُوقُ قِبَلَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ وَاجِبَاتٌ لِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَاسِطَةٍ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ.وَمَنَاطُ هَذِهِ الْأَهْلِيَّةِ الْحَيَاةُ، فَتَثْبُتُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ حَيٍّ، وَتَسْتَمِرُّ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا تُوُفِّيَ زَايَلَتْهُ.
فَإِذَا مَاتَ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ إِنْ قُتِلَ.
وَبِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ يَقَعُ الْمُعَلَّقُ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَغَيْرِهِمَا بِوِلَادَتِهِ.
وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (أَهْلِيَّةٌ ف 6 وَمَا بَعْدَهَا).
الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فِي أُذُنَيِ الْمَوْلُودِ وَتَحْنِيكُهُ
4- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْأَذَانُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى حِينَ يُولَدُ، وَالْإِقَامَةُ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى، وَكَذَلِك يُسْتَحَبُّ تَحْنِيكُهُ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (أَذَانٌ ف 51، وَتَحْنِيكٌ ف 5 وَمَا بَعْدَهَا).
حَلْقُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ
5- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ حَلْقُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِوَزْنِ الشَّعْرِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ حَلْقَ شَعْرِ الْمَوْلُودِ مُبَاحٌ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (حَلْقٌ ف 5).
تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ
6- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (تَسْمِيَةٌ فُ 6 وَمَا بَعْدَهَا).
إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنِ الْمَوْلُودِ
7- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ الَّذِي يُولَدُ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ تُخْرَجُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ.
أَمَّا مَنْ وُلِدَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ، فَفِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ تَفْصِيلٌ، يُنْظَرُ فِي (زَكَاةُ الْفِطْرِ ف 8).
خِتَانُ الْمَوْلُودِ
8- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي خِتَانِ الْمَوْلُودِ:
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ خِتَانَ الذَّكَرِ سُنَّةٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ وَاجِبٌ.
أَمَّا الْأُنْثَى فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: إِنَّهُ مَكْرُمَةٌ.
وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي وَقْتِ خِتَانِ الْمَوْلُودِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (خِتَانٌ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا).
تَثْقِيبُ أُذُنَيِ الْمَوْلُودِ
9- اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي تَثْقِيبِ أُذُنَيِ الْمَوْلُودِ لِأَجْلِ تَعْلِيقِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَنَحْوِهِ فِيهِمَا.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ، وَقَالَ آخَرُونَ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُمْ بَيْنَ الصَّبِيِّ فَحَرَّمَهُ وَالصَّبِيَّةِ فَأَجَازَهُ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا أَدْرِي رُخْصَةً فِي تَثْقِيبِ أُذُنِ الصَّبِيَّةِ لِأَجْلِ تَعْلِيقِ حُلِيِّ الذَّهَبِ، أَوْ نَحْوِهِ فِيهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ جُرْحٌ مُؤْلِمٌ، وَمِثْلُهُ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ، فَلَا يَجُوزُ إِلاَّ لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ، وَالتَّزَيُّنِ بِالْحُلِيِّ غَيْرُ مُهِمٍّ، فَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا فَهُوَ حَرَامٌ وَالْمَنْعُ مِنْهُ وَاجِبٌ، وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْأُجْرَةُ الْمَأْخُوذَةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَثْقِيبَ آذَانِ الْبَنَاتِ لِلزِّينَةِ جَائِزٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ، وَيُكْرَهُ لِلصِّبْيَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُنْثَى مُحْتَاجَةٌ لِلْحِلْيَةِ، فَثَقْبُ الْأُذُنِ مَصْلَحَةٌ فِي حَقِّهَا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، كَمَا أَنَّ الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَثْقُبُونَ آذَانَ الصِّبْيَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-.
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَزَيُّنٌ ف 18).
إِرْضَاعُ الْمَوْلُودِ إِلَى تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعَةِ
10- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ إِرْضَاعُ الطِّفْلِ مَا دَامَ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَفِي مُدَّتِهِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (رَضَاعٌ ف 4 وَمَا بَعْدَهَا).
حَضَانَةُ الْمَوْلُودِ
11- حَضَانَةُ الْمَوْلُودِ وَاجِبَةٌ شَرْعًا، لِأَنَّ الْمَحْضُونَ قَدْ يَهْلِكُ أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ، فَيَجِبُ حِفْظُهُ مِنَ الْهَلَاكِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (حَضَانَةٌ ف 5 وَمَا بَعْدَهَا).
نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ
12- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ- ذُكْرَانًا أَوْ إِنَاثًا- عَلَى الْأَبِ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَكَانَ لَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَةٌ).
تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ لِأَبَوَيْهِ فِي الدِّينِ
13- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْأَبُ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لِأَبِيهِمْ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِسْلَامِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ، فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصِّغَارِ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا عِبْرَةَ بِإِسْلَامِ الْأُمِّ أَوِ الْجَدِّ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ إِسْلَامَ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَا يَسْتَتْبِعُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِ الْأَحْفَادِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا كَافِرًا.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (إِسْلَامٌ ف 25، 26).
بَوْلُ الْمَوْلُودِ
14- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ إِذَا أَكَلَا الطَّعَامَ وَبَلَغَا عَامَيْنِ فَإِنَّ بَوْلَهُمَا نَجِسٌ كَنَجَاسَةِ بَوْلِ الْكَبِيرِ.
أَمَّا بَوْلُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إِذَا لَمْ يَأْكُلَا الطَّعَامَ وَكَانَا فِي فَتْرَةِ الرَّضَاعَةِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي وُجُوبِ التَّطَهُّرِ مِنْهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ بَوْلِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، فَبَوْلُ الصَّغِيرِ يُنْضَحُ بِالْمَاءِ وَبَوْلُ الصَّغِيرَةِ يَجِبُ غَسْلُهُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صِغَرٌ ف 26).
حُكْمُ رِيقِ وَلُعَابِ الْمَوْلُودِ
15- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى طَهَارَةِ رِيقِ الْإِنْسَانِ مُطْلَقًا.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: رِيقُ الْمَوْلُودِ وَلُعَابُهُ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى، وَقَدْ عَلِمَ الشَّارِعُ أَنَّ الطِّفْلَ يَقِيءُ كَثِيرًا، وَلَا يُمْكِنُ غَسْلُ فَمِهِ، وَلَا يَزَالُ رِيقُهُ يَسِيلُ عَلَى مَنْ يُرَبِّيهِ، وَلَمْ يَأْمُرِ الشَّارِعُ بِغَسْلِ الثِّيَابِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَلَا أَمَرَ بِالتَّحَرُّزِ مِنْ رِيقِ الطِّفْلِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: هَذَا مِنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي يُعْفَى عَنْهَا لِلْمَشَقَّةِ وَالْحَاجَةِ كَطِينِ الشَّوَارِعِ، وَالنَّجَاسَةِ بَعْدَ الِاسْتِجْمَارِ، وَنَجَاسَةِ أَسْفَلِ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ بَعْدَ دَلْكِهِمَا بِالْأَرْضِ...بَلْ رِيقُ الطِّفْلِ يَطْهُرُ فَمُهُ لِلْحَاجَةِ، كَمَا كَانَ رِيقُ الْهِرَّةِ مُطَهِّرًا لِفَمِهَا وَيُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ بِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ- رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصْغِي الْإِنَاءَ إِلَى الْهِرِّ حَتَّى يَشْرَبَ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهِ».
وَتَفْصِيلُ ذَلِك فِي مُصْطَلَحِ (نَجَاسَة).
الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَوْتِ مَنِ اسْتَهَلَّ
16- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَوْلُودَ إِذَا خَرَجَ حَيًّا وَاسْتَهَلَّ، بِأَنْ صَرَخَ وَظَهَرَ صَوْتُهُ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاتِهِ بَعْدَ خُرُوجِ أَكْثَرِهِ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى، وَيُغَسَّلُ، وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ، وَيَرِثُ، وَيُورَثُ.لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ»،، وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الدُّنْيَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْمِيرَاثِ وَالدِّيَةِ، فَغُسِلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ.
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
20-إكمال الإعلام بتثليث الكلام (السقط)
السقط: مصدر سقط فِي كَلَامه: بِمَعْنى أسقط: أَي أَخطَأ، وَفُلَان فلَانا: كَانَ أسقط مِنْهُ: أَي ألأم، والساقط: اللَّئِيم.والسقط: جنَاح الطَّائِر، ورواق ظلام اللَّيْل، وطرف من السَّحَاب كَأَنَّهُ سَاقِط على الأَرْض.
والسقط جمع سقيط: وَهُوَ الثَّلج، وَجمع سُقُوط: وَهُوَ الْكثير الْخَطَأ فِي الْكَلَام.
إكمال الإعلام بتثليث الكلام-محمد بن عبدالله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبدالله، جمال الدين-توفي: 672هـ/1273م
21-الغريبين في القرآن والحديث (جهض)
(جهض)وفي حديث محمد بن مسلمة: (أنه قصد يوم أحد رجلًا، قال: فجاهضني عنه أبو سفيان) أي: مانعني.
وفي الحديث: (فأجهضوهم عن أثقالهم يوم أحد) أي نحوهم وأعجلوهم، يقال: أجهضته عن مكانه: أي أزلته. والإجهاض: الإزلق، والسقط جهيض.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
22-تاج العروس (هتر)
[هتر]: الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْض، قاله اللّيْث، وقال الأَزهريّ: وهو غيرُ محفوظٍ، والمعروف بهذا المعْنَى الهَرْتُ إِلّا أَن يكون مَقْلُوبًا كما قالوا: جَبَذَ وجَذَب، وقد مَتَرَه يَهْتِرُه هَتْرًا، إِذا مَزَقَ عِرْضَه، وهَتَّرَهُ تَهْتيرًا، إِذا بالَغ في مَزْقِه.والهِتْرُ، بالكَسْر: الكَذِبُ. يقال: قَولٌ هِتْرٌ؛ أَي كذِبٌ.
والْهِتْرُ: لدّاهِيةُ والأَمْرُ العَجبُ. والهِترُ: السَّقَطُ من الكلامِ والخَطأُ فيه والبَاطِلُ، ويقولون: مَضَى هِتْرٌ من اللَّيْل؛ أَي النِّصْف الأَوّلُ من اللَّيْل، وقال ابنُ الأَعرابيّ: إِذا مضَى أَقَلُّ من نِصْفه.
والهُتْرُ، بالضَّمِّ: ذَهَابُ العَقْلِ من كِبَرٍ أَو مَرَض أَو حُزْن، عن ابن الأَعْرَابيّ، وقد أَهْتَرَ الرَّجلُ فهو مُهْتَرٌ، بفتح التاءِ: فَقَدَ عَقلَه من أَحدِ هذه الأَشياءِ، وهو شاذٌّ فيُلحَق بمُسْهَب ومُحْصَن ومُفْلَج ونَخلَة مُوقَرَة، وأَنظارها ممّا مَرّ، وقد قِيلَ: أُهْتِرَ، بالضَمّ فهو مُهْتَرٌ، ولم يَذْكُر الجوهريُّ غَيْرَه؛ أَي خَرِفَ. وأُهْتِرَ الرَّجلُ، بالضّمّ فهو مُهْتَرٌ، إِذا أُولِعَ بالقَوْل في الشَّيْءِ.
وهَتَرَهُ الكِبَرُ يَهْتِرهُ، من حدِّ ضَرَب، وكذا المَرَضُ والحُزْنُ، وروَى أَبو عُبَيْد عن أَبي زَيْد أَنّه قال: إِذا لم يَعْقِلْ من الكِبَرِ قيل: أُهْتِرَ فهو مُهْتَرٌ.
والتَّهْتَار، بالفَتْح: الحُمْقُ والجَهْلُ، كالتَّهَتُّر، والذي في التّهذيب قال اللَّيْث: التَّهْتَارُ من الحُمْق والجهْل، وأَنشد لسَالِم بن دارةَ:
إِنّ الفَزَاريَّ لا يَنْفَكُّ مُغْتَلِمًا *** من النَّوَاكَةِ تَهْتَارًا بتهْتَارِ
قال: يريد التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّر، قال: ولُغة العرب في هذه الكَلمة خاصّة دَهْدَارًا بدَهْدَار، وذلك أَنّ منهم منْ يجْعَل بعضَ التّاآت في الصّدورِ دَالًا، نحو الدِّرْيَاق والدِّخْرِيص، لغة في التِّرْياق والتِّخْرِيص، وهما مُعربّان، انتهى. وقيل: التَّهْتَار: تَفْعَالٌ من هَتره الكِبَرُ. وهذا البِناءُ يُجَاءُ به لتَكْثيرِ المَصْدر. وعن ابن الأَعْرَابيّ: الهُتَيْرَة: تَصغيرُ لهَتْرَة وهي: لحمْقَةُ البالِغَة لمُحْكَمَةُ.
والمُسْتَهْتَرُ بالشْيءِ بالفَتْح؛ أَي بفتح التّاءِ الثّانيَة: المُولَعُ به، لا يَتَحدَّث بغَيْره، لا يُبالي بما فُعِلَ فيه، وهو مَجاز. واسْتُهْتِرَ بفُلانةَ وأُهْتِرَ بهَا: لا يُبالي بما قِيلَ فيه لأَجْلها، وشُتِمَ له، وهو مَجازٌ.
وفي حَديث ابن عُمَرَ «اللهُمَّ إِنّي أَعُوذ بك أَنْ أَكُونَ من المُسْتهْتَرِين»، المُسْتَهْتَرُ: الَّذي كثُرَت أَبَاطِيلُه. يقال: اسْتُهْتِرَ فُلانٌ فهو مُسْتَهْتَرٌ، إِذا كان كَثِيرَ الأَبَاطيلِ. وقال ابنُ الأَثير: أَي المُبْطِلِين في القَوْل والمُسْقِطين في الكَلام، وقيل: الذين لا يُبَالُون ما قِيلَ لهم وما شُتِمُوا به؛ وقيل: أَراد المُسْتَهْتَرِين بالدُّنيا، وقد اسْتُهْتِرَ بكذا، على ما لَمْ يُسمَّ فاعِلُه، إِذا فُتِنَ به وذهَب عَقلُه فيه، وانصرفَتْ هِمَمُه إِليه.
حتى أَكثرَ القَوْلَ فيه بالبَاطل. وهو مَجاز.
وتهاتَرَا: ادَّعَى كُلٌّ على صاحِبه باطلًا، ومنهالحَديثُ: «المُسْتَبّان شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَان ويَتَكَاذَبَان ويَتقاوَلان وَيَتقابَحان في القَول، من الهِتْر، بالكَسْر، وهو البَاطلُ والسَّقَطُ من الكلامِ.
وهَاتَرَهُ: سَابَّهُ بالبَاطِل من القول، نقلَه ابنُ الأَنْبَاريّ، عن أَبي زَيْد، قال ثعْلَب: وأَما غيره فقال المُهَاتَرَة: القَولُ الذي يَنقُض بعضُه بَعضًا، يقال من ذلك: دَع الهِتَارَ. ومن ذلك لتَّهاتِرُ، بكسر التّاءِ الثّانية، وهي الشَّهاداتُ التي يُكذِّبُ بَعضُها بَعضًُا، كأَنّهَا جمْع تَهْتَرٍ كجَعْفَر؛ وتهاترَت البَيِّنَتَان: سَقَطَتَا وبَطَلَتَا.
ورَجُلٌ هِتْرُ أَهْتَارٍ: مَوصُوفٌ بالنَّكْراءِ؛ أَي دَاهِيةُ دَوَاهٍ، وهِتْرٌ هَاتِرٌ، مبالَغةٌ، وفي الصّحاح: تَوْكيد له، قال أَوْسُ بن حجَر:
أَلمَّ خَيَالٌ من تُمَاضِرَ مَوْهِنًا *** هُدُوًّا ولم يَطْرُقْ منَ اللّيْل بَاكِرَا
وكانَ إِذا مَا الْتَمَّ منْها بحَاجَةٍ *** يُرَاجِعُ هِتْرًا من تُمَاضِرَ هَاتِرَا
يُراجِع هِتْرًا؛ أَي يعود إِلى أَن يَهْذِيَ بذِكْرها.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
رَجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ في كَلامه.
واستُهْتِر الرجلُ: لم يَعْقِل من الكِبَرِ، عن أَبي زيد.
وهَتْرُونَةُ، بالفَتْح ـ: ناحِيةٌ بالأَندَلُس من بَطْن سرَقُصْطَة.
والهِتَارُ، ككتَابٍ: لَقَب قُطْبِ اليَمن طَلْحة بن عيسى بن إِبراهيمَ، دَفِينُ التَّريْبَةِ إِحدَى قُرَى زَبيدَ، توفِّي سنة 780 وآل بَيْته مَشْهُورُون، وفيهم رِيَاسةٌ وجَلالةٌ، وكان منهم الشّيخ العالم المُرْتاض المُنْجَمِع عن الناس، الطّاهِر بن المُحَجَّب الهِتَاريّ، بكَفْر الحِمَى بمقام سَيْدي أُويْسٍ القَرَنيّ بالقُرْب من زَبِيد.
ومحمّد بن يوسف بن المِهْتار، كمحْرَاب، حَدّثَ، وأَبوه صاحبُ الخَطّ الفائق.
وكمِنْبَر مع تثقيل الراءِ، أَبو البَدْر عبَد الرّحيم بن محمّد بن المِهْتَرّ النَّهاوَنْدِيّ، سمعَ أَبا البَدر الَكْرخِي ومحمّدَ بن أَبي العلاءِ بن أَبي بَكْر بن المُبَارَك النَّجْميّ المصريّ، يُعرَف بابن أَخي المِهْتَرّ، سمِع من مُكرم بن أَبي الصَّقْر، مات بالقاهرة سنة 662 عن ثمانين سنة، ذكرَه الشريف في الوَفَيَات.
تذنيب: في الحديث: «سبق المُفْرِدُونَ، قالُوا. وما المُفْرِدون؟ قال: الّذين أُهْتِرُوا في ذِكْر الله، يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثْقَالَهم فيَأْتُون يَومَ القيامَةِ خِفَافًا» والمُفْردُون: الشُّيُوخ الهَرْمَى، معناه أَنّهُم كَبِرُوا في طاعِة الله وماتتْ لَذّاتُهم، وذَهبَ القَرْنُ الذين كانُوا فيهم، ومعنَى أُهْتِرُوا في ذِكْر الله؛ أَي خَرِفُوا وهم يَذكرونَ الله، يقال: خَرِفَ في طاعةِ الله؛ أَي خِرِف وهو يُطِيع الله. ويجوز أَن يَكُونَ عنَى بالمُفْرِدين المُتَفَرِّدين المُتخَلِّين لذِكْر الله. والمُسْتَهْتَرُون: المُولعُون بالذِّكْر والتَّسبْيح، وجاءَ في حديث آخَرَ: «هم الَّذين استُهْتِرُوا بذكْر الله» أَي أُولِعُوا به، يقال: استُهْتِرَ بأَمْرِ كذا وكذا؛ أَي أُولِعَ به لا يَتحَدّث بغيره ولا يَفعَل غَيْرَه. والله أعلم.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
23-تاج العروس (سقط)
[سقط]: سَقَطَ الشَّيْءُ من يَدِي سُقُوطًا، بالضَّمِّ، ومَسْقَطًا، بالفَتْح: وَقَعَ، وكُلُّ مَنْ وَقَع في مَهْوَاةٍ يُقَال: وَقَعَ وسَقَطَ. وفي البَصَائِر: السُّقُوط: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ إِمّا من مَكَانٍ عالٍ إِلى مُنْخَفِضٍ، كالسُّقوطِ من السَّطْح. وسُقُوطِ مُنْتَصِبِ القَامَةِ، كاسّاقَطَ، ومِنْهُ قولُه تَعَالى: تُساقِطْ {عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}، وَقَرَأَ حَمّاد ونُصَيْرٌ وَيَعْقُوبُ وسَهْلٌ «يَسَّاقَط» باليَاءِ التَّحْتِيَّةِ المَفْتُوحَةِ، كما في العُبَابِ. قلتُ: فمَنْ قرأَ بالياءِ فهو الجِذْعُ، ومن قَرَأَ بالتّاءِ فهي النَّخْلَة، وانْتِصَابُ قوله: {رُطَبًا جَنِيًّا} على التَّمْيِيز المُحَوَّلِ، أَراد يَسّاقَط رُطَبُ الجِذْع، فلمّا حُوِّل الفِعْلُ إِلى الجِذْع خَرَجَ الرُّطَبُ مُفَسِّرًا، قال الأَزْهَرِيُّ: هذا قَوْلُ الفَرّاءِ. فهو سَاقِطٌ وسَقُوطٌ، كصَبُورٍ، المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ فيه سوَاءٌ، قال:مِنْ كُلِّ بَلْهَاءَ سَقُوطِ البُرْقُعِ *** بَيْضَاءَ لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ
يعني أَنَّهَا لم تُحْفَظْ من الرِّيبَة ولم يُضَيِّعْهَا وَالِدَاهَا.
والمَوْضِعُ: مَسْقِطٌ كمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ الأُولَى نادِرَةٌ نَقَلَهَا الأَصْمَعِيُّ، يُقَال: هذا مَسْقَط الشَّيْءِ ومَسْقِطُهُ؛ أَي مَوضِعُ سُقُوطِه.
وقال الخَلِيلُ: يُقَال: سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أُمِّهِ؛ أَي خَرَجَ، ولا يُقَال: وَقَعَ، حِينَ تَلِدُه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ. وفي الأَساسِ: ويُقَال: سَقَطَ المَيِّتُ من بَطْنِ أُمِّه، ووَقَعَ الحَيُّ.
ومن المَجَازِ: سَقَطَ الحَرُّ يَسْقُطُ سُقُوطًا؛ أَي وَقَعَ، وأَقْبَلَ ونَزَلَ.
ويُقَال: سَقَطَ عَنَّا الحَرُّ، إِذا أَقْلَعَ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، كأَنَّه ضِدٌّ.
ومن المَجَازِ: سَقَطَ في كَلامِه وبِكَلامِه سُقُوطًا، إِذا أَخْطَأَ، وكذلِكَ أَسْقَطَ في كَلامِه.
ومن المَجَازِ: سَقَطَ القومُ إِليَّ سُقُوطًا: نَزَلُوا عَلَيَّ، وأَقْبَلُوا، ومنه الحَدِيثُ: «فَأَمَّا أَبو سَمّالٍ فسَقَطَ إِلى جِيرَانٍ له» أَي أَتَاهُمْ «فأَعَاذُوهُ وسَتَرُوهُ».
ومِنَ المَجَازِ: هذا الفِعْلُ مَسْقَطَةٌ له من أَعْيُنِ النّاسِ، وهو أَنْ يَأْتِيَ بما لا يَنْبَغِي. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، والزَّمَخْشَرِيُّ، وصاحِبُ اللِّسَانِ.
ومَسْقِطُ الرَّأْسِ: المَوْلِدُ، رَوَاه الأَصْمَعِيُّ بفتح القافِ، وغيرُه بالكَسْر، ويُقَال: البَصْرَةُ مَسْقَطُ رَأْسِي، وهو يَحِنُّ إِلى مَسْقَطِهِ، يعني حَيْثُ وُلِدَ، وهو مَجَازٌ، كما في الأَسَاسِ.
وتَسَاقَطَ الشَّيْءُ: تَتَابع سُقُوطُهُ.
وسَاقَطَهُ مُسَاقَطَةً، وسِقَاطًا: أَسْقَطَه، وتَابَعَ إِسْقَاطَهُ، قال ضابِئُ بنُ الحارِثِ البُرْجُمِيُّ يَصِفُ ثَوْرًا والكلابَ:
يُسَاقِطُ عنه رَوْقُهُ ضَارِيَاتِهَا *** سِقَاطَ حَدِيدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلَا
قوله: أَخْوَلَ أَخْوَلَا؛ أَي مُتَفَرِّقًا، يعني شَرَرَ النَّارِ.
والسُّقْطُ، مُثَلَّثَةً: الوَلَدُ يَسْقُطُ من بَطْنِ أُمِّه لِغَيْرِ تَمَامٍ، والكَسْرُ أَكثرُ، والذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ ومِنهُ الحَدِيثُ: «لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطًا أَحَبُّ إِليَّ من مِائَةِ مَسْتَلْئِمٍ» المُسْتَلْئِم: لابِسُ عُدَّةِ الحَرْبِ، يَعني أَنَّ ثَوَابَ السِّقْطِ أَكْثَرُ من ثَوابِ كِبَار الأَوْلادِ.
وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «يُحْشَرُ ما بَيْنَ السِّقْطِ إِلى الشَّيْخِ الفانِي مُرْدًا جُرْدًا مُكَحَّلِينَ أَولِي أَفَانِينَ». وهي الخُصَل من الشَّعرِ؛ وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «يَظَلُّ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئًا على باب الجَنَّة» ويُجْمَع السِّقْطُ على الأَسْقاطِ، قال ابْنُ الرُّومِيّ يَهْجُو وَهْبًا عند ما ضَرَط:
يا وَهْبُ إِنْ تَكُ قد وَلَدْت صَبِيَّةً *** فبحَمْلِهم سَفرًا عليكَ سِبَاطَا
مَنْ كانَ لا يَنْفَكُّ يُنْكَح دَهْرَهُ *** وَلَدَ البَنَاتِ وأَسْقَطَ الأَسْقاطَا
وقد أَسْقَطَتْهُ أُمُّه إِسْقَاطًا، وهي مُسْقِطٌ، ومُعْتَادَتُه: مِسْقَاطٌ، وهذا قد نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاس. وعِبَارَةُ الصّحاحِ والعُبَابِ: وأَسْقَطَت النّاقَةُ وغَيْرُها، إِذا أَلْقَتْ وَلَدَهَا، والَّذِي في أَمَالِي القَالِي، أَنَّه خاصٌّ بِبَنِي آدَمَ، كالإِجْهَاضِ للنّاقَةِ، وإِليه مال المُصَنِّف. وفي البَصَائر: في أَسْقَطَت المَرْأَةُ، اعْتُبِرَ الأَمْرَانِ: السُّقُوطُ من عالٍ، والرَّدَاءَةُ جميعًا، فإِنَّهُ لا يُقَال أَسْقَطت المرأَةُ إِلاّ في الّذِي تُلْقِيه قَبْلَ التَّمَامِ، ومنه قِيلَ لذلِكَ الوَلَدِ: سِقْطٌ.
قال شَيْخُنَا: ثُمَّ ظَاهِرُ المُصَنِّف أَنَّهُ يُقَال: أَسْقَطَت الوَلَدَ، لأَنَّهُ جاءَ مُسْنَدًا للضَّمِيرِ في قَوْلِهِ: أَسْقَطَتْهُ، وفي المِصْباحِ، عن بَعْضِهِم: أَماتَت العرَبُ ذِكَرْ المفعولِ فلا يَكَادُونَ يقولون: أَسْقَطَت سِقْطًا، ولا يُقَال: أُسْقِطَ الوَلَدُ، بالبِنَاءِ للمَفْعُولِ، قلتُ: ولكن جاءَ ذلِكَ في قَوْلِ بَعْضِ العَرَب:
وأُسْقِطَت الأَجِنَّةُ في الوَلَايَا *** وأُجْهِضَتِ الحَوَامِلُ والسِّقَابُ
والسَّقْطُ: ما سَقَطَ بينَ الزَّنْدَيْنَ قَبْلَ اسْتِحْكَام الوَرْيِ، وهو مَثَلٌ بذلِك، كما في المُحْكَمِ ويُثَلَّثُ، كما في الصّحاحِ، وهو مُشَبَّه بالسّقْطِ للوَلَدِ الَّذِي يَسْقُطُ قبلَ التَّمَامِ، كما يَظْهَرُ من كَلامِ المُصَنِّفِ، وصَرّحَ به في البَصَائِرِ. وفي الصّحاحِ: سَقْطُ النّارِ: مَا يَسْقُطُ مِنْهَا عندَ القَدْح، ومِثْلُه في العُبَابِ، قالَ الفَرّاءُ: يُذَكَّرُ ويُؤَنَّث قال، ذُو الرُّمَّة:
وسِقْطٍ كعَيْنِ الدِّيك عَاوَدْتُ صاحِبِي *** أَباهَا، وهَيَّأْنَا لِمَوْقِعها وَكْرَا
والسَّقْطُ: حيثُ انْقَطَعَ مُعظَمُ الرِّمْلِ ورَقَّ، ويُثَلَّثُ أَيْضًا، كما صَرَّح به الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وقد أُغْفِل عن ذلِكَ فيه وفي الّذِي تَقَدَّم، ثم إِنَّ عِبَارَةَ الصّحاحِ أَخْصَرُ من عِبارَتهِ، حيثُ قال: وسِقْط الرَّمْلِ: مُنْقَطَعُه، وأَمَّا قولُه «رَقَّ» فهُوَ مَفْهُومٌ من قوله: «مُنْقَطَعُه» لأَنَّه لا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَرِقَّ، كمَسْقَطِهِ، كمَقْعَدٍ، على القِيَاسِ، ويُرْوَى: كمَنْزِلٍ، على الشٌّذوذِ، كما في اللِّسَانِ، وأَغْفَلَه المُصَنِّفُ قُصُورًا.
وقِيل: مَسْقَطُ الرَّمْلِ حيثُ يَنْتَهِي إِليه طَرَفُه، وهو قَرِيبٌ من القَوْلِ الأَوَّلِ، وقال امْرُؤُ القَيْسِ:
قِفَا نَبْكِ من ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ *** بسِقْطِ اللِّوَى بين الدَّخُولِ فحَوْمَلِ
والسَّقْط، بالفَتْحِ: الثَّلْجُ، وأَيضًا: مَا يَسْقُطُ من النَّدَى، كالسَّقِيطِ، فيهما، كما سَيَأْتِي للمُصَنِّفِ قَرِيبًا، ومن الأَوَّلِ قولُ هُدْبَةَ بنِ خَشْرَمٍ:
ووَادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه *** تَرَى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَرَاسِفِ
والسَّقْطُ: من لا يُعَدُّ في خِيَارِ الفِتْيَانِ، وهو الدّنِيءُ الرَّذْلُ كالسّاقِطِ وقِيل: السّاقِطُ اللَّئيمُ في حَسَبِهِ ونَفْسِه.
ويُقَالُ للرجُلِ الدَّنِيءِ: ساقِطٌ مَاقِطٌ، كما في اللِّسَانِ، والَّذِي في العُبَابِ: وتَقُول العَرَبُ: فُلانٌ ساقِطُ ابنُ ماقِطِ ابنِ لاقِطٍ، تَتَسابُّ بها. فالسّاقِطُ: عَبْدُ المَاقِطِ، والمَاقِطُ: عَبْدُ اللاَّقِط، والَّلاقِطُ: عَبْدٌ مُعْتَقٌ.
ومِنَ المَجَازِ: قَعَدَ في سِقْطِ الخِبَاءِ، وهو بالكَسْرِ:
ناحِيَةُ الخِبَاءِ كما في الصّحاح، ورَفْرَفُهُ، كما في الأَساسِ، قال: اسْتُعِيرَ من سِقْطِ الرَّمْلِ، وللخِبَاءِ سِقْطَانِ.
ومِنَ المَجَازِ: السِّقْطُ: جَنَاحُ الطّائرِ، كسِقَاطِه، بالكَسْرِ، ومَسْقَطِهِ، كمَقْعَدِه، ومنه قَوْلُهم: خَفَقَ الظَّليمُ بسِقْطَيْه. وقيل: سِقْطَا جَنَاحَيْه: ما يَجُرُّ منهُمَا على الأَرْضِ، يُقَال: رَفَعَ الظَّلِيمُ سِقْطَيْهِ ومَضَى.
ومنَ المَجَازِ: السِّقْطُ: طَرَفُ السَّحَابِ حَيْثُ يُرَى كأَنَّه سَاقِطٌ على الأَرْضِ في نَاحِيَةِ الأُفُقِ، كما في الصّحَاح، ومنه أُخِذَ سِقْطُ الخِبَاءِ.
والسَّقَطُ، بالتَّحْرِيكِ: ما أُسْقِطَ من الشَّيْءِ وتُهُووِنَ به، وسَقَطُ الطَّعَامِ: ما لا خَيْرَ فِيهِ منه، ج: أَسْقَاطٌ. وهو مَجَازٌ.
والسَّقَطُ: الفَضِيحَةُ، وهو مَجَازٌ أَيْضًا.
وفي الصّحاحِ: السَّقَطُ: رَدِيءُ المَتَاعِ، وقال ابنُ سِيدَه: سَقَطُ البَيْتِ خُرْثِيُّه؛ لأَنَّه سَاقِطٌ عن رَفِيعِ المَتَاعِ، والجَمْع: أَسْقَاطٌ، وهو مَجَازٌ. وقال اللَّيْثُ: جمعُ سَقَطِ البَيْتِ: أَسْقَاطٌ؛ نحو الإِبْرَةِ والفَأْسِ والقِدْرِ ونَحْوِهَا. وقيل: السَّقَطُ: ما تُنُووِلَ بَيْعُه من تَابِلٍ ونَحْوِه، وفي الأَسَاسِ: نَحْو سُكَّرٍ وزَبِيبٍ. وما أَحْسَنَ قولَ الشّاعِر:
وما لِلْمَرْءِ خَيْرٌ في حَيَاةٍ *** إِذا ما عُدَّ من سَقَطِ المَتَاعِ
وبائعُه: السَّقَّاطُ، ككَتَّانٍ، والسَّقَطِيُّ، مُحَرَّكةً، وأَنْكَرَ بَعْضُهم تَسْمِيَتَه سَقّاطًا، وقال: ولا يُقَالُ سَقّاط، ولكن يُقَال: صَاحِبُ سَقَطٍ. قلتُ: والصَّحِيحُ ثُبُوتُه، فقد جاءَ في حَدِيثِ ابْنِ عُمَر أَنَّه «كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صَاحِبِ بِيعَةٍ إِلاّ سَلَّمَ عَلَيْه» والبِيعَةُ من البَيْع، كالجِلْسَةِ من الجُلوس، كما فِي الصّحاحِ والعُبَابِ.
ومِن الأَخِير: سَرِيُّ بنُ المُغَلّس السَّقَطِيُّ يُكْنَى أَبا الحَسَنِ، أَخَذَ عن أَبِي مَحْفُوظٍ مَعْرُوفِ بنِ فَيْرُوز الكَرْخِيِّ، وعنه الجُنَيْدُ وغيرُه، تُوُفّيَ سنة 251 ومن الأَوّلِ شيخُنَا المُعَمَّر المُسِنُّ، عليُّ بنُ العَرَبِيّ بن مُحَمّدٍ السَّقّاطُ الفَاسِيُّ، نزيلُ مصرَ، أَخَذَ عن أَبيهِ وغَيْره، تُوُفِّي بمصر سنة 1183.
ومن المَجَاز: السَّقَطُ: الخَطَأُ في الحِسَابِ والقَوْلِ، وكذلِكَ السَّقطُ في الكِتَابِ. وفي الصّحاح: السَّقَطُ: الخَطَأُ في الكِتَابَةِ والحِسَابِ، يقال: أَسْقَطَ في كَلَامِه، وتَكَلَّم بكلامٍ فما سَقَطَ بحَرْفٍ، وما أَسْقَطَ حَرْفًا، عن يَعْقُوبَ، قال: وهو كما تَقُول: دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه، وخَرَجْتُ به، وأَخْرَجْتُه، وعَلَوْتُ به وأَعْلَيْتُه. انْتَهَى، وزاد في اللِّسَان: وسُؤْتُ به ظَنًّا وأَسَأْتُ به الظَّنَّ، يُثْبِتُونَ الأَلِفَ إِذا جاءَ بالأَلِف والّلام. كالسِّقَاطِ، بالكسْر، نَقَلَه صاحِبُ اللِّسَانِ.
والسُّقَاطَةُ، والسُّقَاطُ، بضَمِّهما: ما سَقَطَ من الشَّيْءِ وتُهُووِنَ به من رذالَةِ الطَّعَامِ والثِّيابِ ونحوها، يقَال أَعْطَانِي سُقَاطَةَ المَتَاعِ، وهو مَجَازٌ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: سُقَاطَةُ كُلِّ شيْءٍ: رُذَالَتُه. وقِيل: السُّقَاطُ جَمْعُ سُقَاطَةٍ.
ومن المجاز: سُقِطَ في يَدِهِ وأَسْقِطَ في يَدِه، مَضْمُومَتَيْن؛ أَي زَلَّ وأَخْطَأَ. وقِيلَ: نَدِمَ، كما في الصّحاح، زاد في العُبَاب: وتَحَيَّرَ، قال الزَّجّاجُ: يُقَال للنّادِم على ما فَعَل الحَسِرِ على ما فَرَط منه: قد سُقِطَ في يَدِه، وأُسْقِط. وقال أَبُو عَمْرٍو: لا يُقَال: أُسْقِط، بالأَلف، على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه. وأَحْمَدُ بن يَحْيَى مثلُه، وجَوَّزَه الأَخْفَشُ، كما في الصّحاحِ، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز: {وَلَمّا} سُقِطَ {فِي أَيْدِيهِمْ}. قال الفَارِسِيُّ: ضَرَبُوا أَكُفَّهُم على أَكُفِّهم من النَّدَمِ، فإِن صَحَّ ذلِك فهو إِذَنْ من السُّقُوط، وقال الفَرَّاءُ: يُقَال: سُقِطَ في يَدِه، وأُسْقِطَ، من النَّدَامَة، وسُقِطَ أَكثَرُ وأَجْوَدُ. وفي العُبَاب: هذا نَظْمٌ لم يُسْمَعْ قبلَ القُرْآنِ ولا عَرَفَتْهُ العَرَبُ، والأَصْلُ فيه نُزُولُ الشَّيْءِ من أَعْلَى إِلى أَسْفلَ ووُقُوعُه على الأَرْضِ، ثمّ اتُّسِعَ فيه، فقِيلَ للخَطَإِ من الكَلامِ: سَقَطٌ؛ لأَنَّهُم شَبَّهُوه بما لا يُحْتَاجُ إِليه فيُسْقَطُ، وذَكَرَ اليَدَ لأَنَّ النَّدَمَ يَحْدُثُ في القَلْبِ وأَثَرُه يَظْهَرُ في اليَدِ، كقَوْلِه تَعَالَى: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها} ولأَنَّ اليَدَ هيَ الجَارِحَةُ العُظْمَى فرُبَّمَا يُسْنَدُ إِليها ما لَمْ تُبَاشِرْه، كقَوْلهِ تعَالَى: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ}.
والسَّقِيطُ: الناقِصُ العَقْلِ، عن الزَّجَاجِيِّ، كالسَّقِيطَةِ، هكذا في سائِرِ أُصُولِ القَامُوسِ، وهُوَ غَلَطٌ، والصَّوابُ كالسّاقِطَةِ، كما في اللِّسَانِ وأَمَّا السَّقِيطَةُ فأُنْثَى السَّقِيطِ، كما هو نَصُّ الزَّجّاجِيِّ في أَمالِيه.
وسَقِيطُ السَّحَابِ: البَرَدُ.
والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائِيَةٌ، وكلاهُمَا من السُّقوط.
والسَّقِيطُ: ما سَقَطَ من النَّدَى على الأَرْضِ، قال الرّاجِزُ:
ولَيْلَةٍ يا مَيَّ ذاتِ طَلِّ *** ذاتِ سَقِيطٍ ونَدًى مُخْضَلِّ
طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ
كما في الصّحاحِ. ولكنَّه اسْتَشْهَدَ به على الجَلِيدِ والثَّلْجِ، وقال أَبو بَكْرِ بنُ اللَّبَانَة:
بَكَتْ عند تَوْدِيعِي فما عَلِمَ الرَّكْبُ *** أَذاكَ سَقِيطُ الظِّلِّ أَمْ لُؤْلُؤٌ رَطْبُ
وقال آخر:
واسْقُطْ عَلَيْنَا كسُقُوطِ النَّدَى *** لَيْلَةَ لا نَاهٍ ولا زاجِرُ
ويُقَال: ما أَسْقط كلمةً وما أَسْقَطَ حَرْفًا، وما أَسْقَطَ فِيها؛ أَي في الكَلِمَةِ؛ أَي ما أَخْطَأَ فِيهَا، وكذلِكَ مَا سَقَط به، وهو مَجَازٌ، وقد تَقَدَّم هذا قريبًا.
وأَسْقَطَه، هكذا في أُصولِ القامُوسِ، وهو غَلَطٌ، والصّوابُ: اسْتَسْقَطَهُ، وذلِك إِذا طَلَب سَقَطَه وعالَجَه على أَن يَسْقُطَ فيُخْطِئَ أَو يَكْذِبَ أَو يَبُوحَ بما عِنْدَه، وهو مَجازٌ، كتَسَقَّطَهُ، وسَيَأْتِي ذلِكَ للمُصَنِّفِ في آخِرِ المادّة.
والسَّوَاقِطُ: الَّذِين يَردُون اليَمَامَةَ لامْتِيَارِ التَّمْرِ، وهو مَجَازٌ، من سَقَطَ إِليه، إِذا أَقْبَلَ عليه.
والسِّقَاطُ ككِتَابٍ: ما يَحْمِلُونَه من التَّمْرِ، وهو مَجَازٌ أَيْضًا، كأَنَّه سُمِّيَ به لكَوْنِه يَسْقُطُ إِليه من الأَقْطارِ.
والسَّاقِطُ: المُتَأَخِّر عن الرِّجَالِ، وهو مَجازٌ.
وسَاقَطَ الشَيْءَ مُساقَطَةً وسِقَاطًا: أَسْقَطَهُ، كما في الصّحاحِ، أَو تَابَعَ إِسْقَاطَه، كما في اللِّسَانِ، وهذا بعَيْنِهِ قد تَقَدَّم في كَلامِ المُصَنِّف، وتَفْسِيرُ الجَوْهَرِيِّ وصاحبِ اللِّسَان وَاحِدٌ، وإِنَّمَا التَّعْبيرُ مختلِفٌ، بل صاحِبُ اللسان جَمَعَ بينَ المَعْنَيَيْنِ فقال: أَسْقَطَه، وتابَعَ إِسْقَاطَه، فهو تَكْرَارٌ محضٌ في كَلامِ المُصَنِّفِ، فتَأَمَّلْ.
ومن المَجَاز: ساقَطَ الفَرَسُ العَدْوَ سِقَاطًا: جاءَ مُسْتَرْخِيًا فيهِ، وفي المَشْيِ، وقِيلَ: السِّقَاطُ في الفَرَس أَن لا يَزَالَ مَنْكُوبًا. ويُقَالُ للفَرَسِ: إِنّه لسَاقِطُ الشَّدِّ، إِذا جاء منه شَيْءٌ بعدَ شيْءٍ، كما فِي الأَسَاسِ. وقال الشاعر:
بِذي مَيْعَةٍ كَأَنَّ أَدْنَى سِقَاطِه *** وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ
ومن المَجَاز: سَاقَطَ فُلانٌ فُلانًا الحديثَ، إِذا سَقَطَ من كُلٍّ على الآخَرِ. وسِقَاطُ الحَدِيثِ بأَنْ يَتَحَدَّثَ الوَاحِدُ ويُنْصِتَ له الآخَرُ، فإِذا سَكَتَ تَحَدَّثَ الساكِتُ، قال الفَرزدقُ:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَدِيثَ كَأَنَّه *** جَنَى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ
قلتُ: وأَصْلُ ذلِكَ قولُ ذِي الرُّمَّة:
ونِلْنَا سِقَاطًا من حَدِيثٍ كَأَنَّهُ *** جَنَى النَّحْلِ مَمْزُوجًا بمَاءِ الوَقَائعِ
ومنه أَخَذ الفرزدقُ وكَذلِكَ البُحْتِريُّ حَيْثُ يَقولُ:
ولَمَّا الْتَقَيْنَا والنَّقَا مَوْعِدٌ لَنَا *** تَعَجَّبَ رائِي الدُّرِّ مِنَّا ولَاقِطُهْ
فمِن لُؤْلُؤٍ تَجْلُوه عِنْدَ ابْتِسَامِها *** ومن لُؤْلُؤٍ عند الحَدِيثِ تُسَاقِطُهْ
وقيل: سِقَاطُ الحَدِيثِ هو: أَنْ يُحَدِّثَهم شَيْئًا بعد شَيْءٍ، كما في الأَساسِ. ومن أَحْسَنِ ما رَأَيْتُ في المُسَاقَطَةِ قولُ شَيْخِنا عبدِ الله بن سلام المُؤَذِّنِ يُخَاطِبُ به المَوْلَى عليَّ بنَ تاجِ الدِّينِ القلعيّ، رَحِمَهُما الله تَعَالَى وهو:
أُساقِطُ دُرًّا إِذْ تَمَسُّ أَنامِلِي *** يَرَاعِي وِعقْيَانًا يَرُوقُ وَمرْجانَا
أُحَلِّي بها تاجَ ابنَ تَاجٍ عَلِيَّنَا *** فلا زَالَ، مَوْلَانَا الأجَلَّ ومَرْجانَا
ورَوْضَا النَّدَى والجُودِ قالا لنا اطْلُبُوا *** جَمِيعَ الَّذِي يُرْجَى فكَفّاهُ مَرْجانَا
والسَّقاطُ، كشَدَّادِ وسَحَابٍ، وعَلَى الأَوّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ: السَّيْفُ يَسْقُطُ من وَرَاءِ الضَّرِيبَةِ ويَقْطَعُهَا حتّى يَجُوزَ إِلى الأَرضِ، وفي الصّحاح: يَقْطَعها، وأَنْشَدَ للمُتَنَخِّلِ:
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُرَاطِي
أَو يَقْطَعَ الضَّرِيبَةَ، ويَصِلَ إِلى ما بَعْدَها، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: سَيفٌ سَقّاطٌ هو الَّذِي يَقُدُّ حتَّى يَصِلَ إِلى الأَرْضِ بعدَ أَنْ يَقْطَع، وفي شَرْح الدِّيوَانِ: أَيْ يَجُوزُ الضَّرِيبَةَ فيَسْقُطُ، وهو مجاز.
والسِّقَاطُ، ككِتَابٍ: ما سَقَطَ من النَّخْلِ ومن البُسْرِ، يَجُوزُ أَنْ يكونَ مُفْردًا، كما هو ظاهِرُ صَنِيعِه، أَو جَمْعًا لسَاقِطٍ.
ومن المَجَاز: السِّقَاطُ: العَثْرَةُ والزَّلَّةُ، كالسَّقْطَةِ، بالفَتْح، قال سُوَيْدُ بنُ أَبِي كاهِلٍ اليَشْكُرِيُّ:
كَيْفَ يَرْجُونَ سِقَاطِي بَعْدَمَا *** جَلَّلَ الرَّأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ
وفي العُبَابِ: «لاحَ فِي الرَّأْسِ».
أَو هي جَمْعُ سَقْطَةٍ، يقال: فُلانٌ قليلُ السِّقَاط، كما يُقَال: قليل العِثَارِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ ليَزِيدَ بنِ الجَهْمِ الهِلالِيِّ:
رَجَوْتِ سِقَاطِي واعْتِلالِي ونَبْوَتِي *** وَرَاءَكِ عَنِّي طالِقًا وارْحَلِي غَدَا
أَو هُمَا بمَعْنًى وَاحِد، فإِنْ كَانَ مُفْرَدًا فهو مَصْدَرُ سَاقَطَ الرَّجُلُ سِقَاطًا، إِذا لم يَلْحَقْ مَلْحَقَ الكِرَامِ.
ومَسْقَط، كمَقْعَدٍ: د، على ساحِلِ بَحْرِ عُمَانَ، ممّا يَلِي بَرَّ اليَمَنِ. يُقَال: هو مُعَرَّبُ مَشْكَت.
ومَسْقَط: رُسْتاقُ بسَاحِلِ بَحْر الخَزَرِ، كما في العُبَابِ. قلتُ: هي مَدِينَةٌ بالقُرْبِ من بابِ الأَبْواب، بَنَاهَا أَنُوشَرْوانَ بنُ قُبَاذَ بنِ فَيْرُوزَ المَلِكُ.
ومسْقَطُ الرَّمْلِ: وَادٍ بينَ البَصْرَةِ والنِّبَاجِ، وهو في طَرِيق البَصْرَة.
ومن المجَاز: تَسَقَّطَ الخَبَرَ وتَبَقَّطَه: أَخَذَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، رَوَاه أَبُو تُرَابٍ عن أَبِي المِقْدَام السُلَمِيِّ.
ومن المَجَازِ: تَسَقَّطَ فُلَانًا: طَلَبَ سَقَطَه، كما في الصّحاحِ، زاد في اللِّسانِ وعَالَجَهُ على أَنْ يَسْقُطَ، وأَنَشَدَ الجوْهَريُّ لجَرِيرٍ:
ولقد تَسَقَّطَنِي الوُشاةُ فصَادَفُوا *** حَصِرًا بِسِرِّك يا أُمَيْمَ ضَنِينَا
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
السَّقْطَةُ بالفَتْحِ: الوَقْعَةُ الشَّدِيدَةُ.
وسَقَطَ على ضَالَّتِه: عَثَرَ على مَوْضِعها، ووَقَع عليها، كما يَقَعُ الطّائرُ على وَكْره، وهو مَجازٌ.
ومِنْ أَقْوَالِه صلى الله عليهوسلم للحارِثِ بنِ حَسّان حينَ سَأَلَه عن شَيْءٍ: «علَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ» أَي على العارِفِ وَقَعْتَ، وهو مَثَلٌ سائرٌ للعَرَب.
وتَسَاقَطَ على الشَّيْءِ: أَلْقَى نَفْسَه عليه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وأَسْقَطَه هو، ويُقَال: تَسَاقَطَ على الرَّجُل يَقِيه نَفْسَه.
وهذا مَسْقِطُ السَّوْطِ: حيثُ يَقَع، ومَسَاقِطُ الغَيْثِ: مَوَاقِعُه. ويُقال: أَنا في مَسْقِطِ النَّجْمِ؛ أَي حَيْثُ سَقَط.
نقلَه الجَوْهريُّ.
ومَسْقِطُ كُلِّ شيْءٍ؛ مُنْقَطَعُه، وأَنْشَد الأَصْمَعِيُّ:
وَمَنْهَلٍ من الفَلَا في أَوْسَطِهْ *** مِنْ ذا وهذاكَ وذَا في مَسْقِطِه.
وسَقَطَ الرَّجُلُ: إِذا وَقَعَ اسْمُه من الدِّيوانِ. وقد أَسْقَطَ الفارِضُ اسْمَه، وهُو مَجاز.
والسَّقِيطُ: الثَّلْجُ، نَقَلَه الجَوْهَريّ، ويُقَال: أَصْبحَت الأَرْضُ مُبْيَضَّةً من السَّقِيطِ، وقيل: هو الجَلِيدُ الَّذِي ذَكَرَه المُصَنّفُ.
ومن أَمْثَالِهِمْ.
سَقَطَ العَشاءُ به عَلَى سِرْحَانِ
يُضْرَب للرَّجُلِ يَبْغِي البُغْيَةَ فيَقَع في أَمْرٍ يُهْلِكُه، وهو مَجَاز.
وأَسْقَاطُ الناسِ أَوْبَاشُهم، عن اللِّحْيَانيّ، وهو مَجاز.
ويُقَال: في الدَّارِ أَسْقَاطٌ [مِن النَّاسِ] وأَلْقَاطٌ. وقال النابِغَةُ الجَعْديّ.
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْشَ في ظُلُلَاتِهَا *** سَوَاقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرَا
من سَقَطَ، إِذا نَزَل ولَزِمَ مَوْضِعَه، ويُقَال: سَقَطَ فلانٌ مَغْشِيًّا عليه.
وأَسْقَطُوا له بالكَلام، إِذا سَبُّوه بسَقَطِ الكَلَامِ ورديئِهِ، وهُوَ مَجَاز.
والسَّقْطَةُ: العَثْرَةُ والزَّلَّة، يُقَال: لا يَخْلُو أَحَدٌ من سَقْطَةٍ، وفلانٌ يَتَتَبَّع السَّقَطَاتِ ويَعُدُّ الفَرَطَات، والكامِلُ من عُدَّت سَقَطاتُه، وهو مَجَازٌ، وكذلِك السَّقَط بغَيْرِ هاءٍ، ومنه قولُ بعضِ الغُزاةِ في أَبْيَاتٍ كَتَبَهَا لسيِّدِنا عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْه:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ من سُلَيْمٍ *** مُعِيدًا يَبْتَغِي سَقَطَ العَذَارَى
أَي: عَثرَاتِهَا وزَلاّتِهَا. والعَذَارَى: جمع عَذْراءَ. وقد تَقَدَّم ذِكرٌ لبَقِيَّةِ هذه الأَبْيَاتِ.
وساقَطَ الرَّجُلُ سِقَاطًا، إِذا لم يَلْحَقْ مَلْحَقَ الكِرَامِ، وهو مَجازٌ.
وسَقَطَ في يَدِه، مَبْنِيًّا للفاعلِ، مثل سُقِطَ بالضَّمِّ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الأَخْفَشِ، قال: وبه قَرَأَ بعضُهُم ولَمَّا سَقَطَ في أَيدِيهم كما تَقُولُ لمَنْ يَحْصُلُ على شَيْءٍ، وإِن كان مِمّا لا يَكُونُ في اليَدِ: قد حَصَلَ في يَدِه مِنْ هذا مَكْرُوهٌ، فشُبِّه ما يَحْصُلُ في القَلْب وفي النَّفْس بما يَحْصُلُ في اليَدِ، ويُرَى في العَيْن، وهو مَجازٌ أَيْضًا. وقولُ الشّاعرِ أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
ويَوْمٌ تَسَاقَطُ لَذَّاتُه *** كنَجْمِ الثُرَيَّا وأَمْطَارِهَا
أَي تَأْتِي لَذّاتُه شَيْئًا بعدَ شَيْءٍ، أَرادَ أَنَّه كَثِيرُ اللَّذَاتِ.
والسّاقِطَةُ: اللَّئِيمُ في حَسَبِه ونَفْسِه، وقَوْمٌ سَقْطَى، بالفَتْحِ، وسُقّاطٌ، كرُمّانٍ، نقله الجَوْهَرِيُّ. ومنه قَوْلُ صَرِيعِ الدِّلاءِ:
قد دُفِعْنَا إِلى زَمانٍ خَسِيسٍ *** بينَ قَوْمٍ أَراذِلٍ سُقَّاطِ
وفي التَّهْذِيبِ: وجمعُه السَّوَاقِطُ، وأَنْشَدَ:
نَحْنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّوَاقِطُ
ويُقَال للمَرْأَةِ الدَّنِيَّةِ الحمقاءِ: سَقِيطَةٌ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وسَقَطُ النّاسِ: أَراذِلُهُم وأَدْوَانُهم، ومنه حَدِيثُ النّارِ: «ما لِي لا يَدْخُلُني إِلاّ ضُعفَاءُ النّاسِ وسَقَطُهم».
ويُقَال للفَرَس إِذا سَابَقَ الخَيْلَ: قد سَاقَطَهَا. وهو مَجازٌ، ومنه قَوْلُ الرّاجِزِ:
ساقَطَهَا بنَفَسٍ مُرِيحِ *** عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ
وهَذَّ تَقْرِيبًا مَعَ التَّجْلِيحِ
وقال العَجّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ:
كَأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْبَاطِ *** بَيْنَ حَوَامِي هَيْدَبٍ سُقّاطِ
أَي نَوَاحِي شَجَرٍ مُلْتَفِّ الهَدَبِ، والسُّقّاطُ: جمع السّاقِطِ، وهو المُتَدَلِّي.
وسِقَاطَا اللَّيْلِ، بالكَسْرِ: نَاحِيَتَا ظَلامِه، وهو مَجَازٌ.
وكذلِك سِقْطَاه، وبه فُسِّرَ قولُ الرّاعِي، أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ:
حَتَّى إِذا ما أَضَاءَ الصُّبْحُ وانْبَعَثَتْ *** عَنْهُ نَعَامَةُ ذِي سِقْطَيْنِ مُعْتَكِرِ
قال: فإِنَّه عَنَى بالنَّعامَةِ سَوَادَ اللَّيْلِ، وسِقْطَاه: أَوَّلُه وآخِرُه، وهو عَلَى الاسْتِعَارَةِ، يَقُولُ: إِنَّ اللَّيْلَ ذا السِّقْطَيْن مَضَى، وصَدَقَ الصُّبْحُ، وقال الأَزْهَرِيُّ: أَرادَ نَعَامَةَ لَيْلٍ ذِي سِقْطَيْنِ.
وفَرَسٌ رَيِّثُ السِّقَاطِ، إِذا كان بَطِيءَ العَدْوِ، قال العَجّاجُ يَصِفُ فرسًا:
جافِي الأَيادِيمِ بلَا اخْتِلاطِ *** وبالدِّهَاسِ رَيِّث السِّقاطِ
والسَّواقِط: صِغَارُ الجِبَالِ المُنْخَفِضَةِ الّلاطِئَةِ بِالأَرْضِ.
وفي حَدِيثِ [سَعْدٍ]: «كَانَ يُسَاقِطُ في ذلِك عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليهوسلم»؛ أَي يَرْوِيه عَنْهُ في خِلالِ كَلامِهِ، كأَنَّهُ يَمْزُجُ حَدِيثَه بالحَدِيث عنْ رَسُولِ الله صلى الله عليهوسلم.
والسَّقِيطُ: الفَخَّارُ، كذَا ذَكَرَه بعضُهم، أَو الصَّوابُ بالشِّينِ المُعْجَمة، كما سيأْتِي.
ويُقَال: رَدَّ الخَيّاطُ السُّقَاطَاتِ.
وفي المَثَل: «لكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ»؛ أَي لكُلِّ كَلِمَةٍ سَقَطَت من فَمِ النّاطِقِ نَفْسٌ تَسْمَعُها فتَلْقُطُها فتُذِيعُها، يُضْرَب في حِفْظِ اللِّسَانِ.
ويُقَال: سَقَطَ فلانٌ من مَنْزِلَتِه، وأَسْقَطَه السُلْطَانُ.
وهو مَسْقُوطٌ في يَدِه، وسَاقِطٌ في يَدِه: نادِمٌ ذَلِيل.
وسَقَط النَّجْمُ والقَمَرُ: غابَا.
والسَّواقِطُ والسُّقَّاط: اللُّؤَماءُ. وسَقَط فلانٌ من عَيْنِي.
وأَتى وهو مِنْ سُقَّاط الجُنْدِ: مِمّن لا يُعْتَدّ به.
وتَسَاقَطَ إِليَّ خَبَرُ فُلانٍ وكُلّ ذلِكَ مَجَازٌ.
وقَوْمٌ سِقَاطٌ، بالكَسْرِ: جَمْعُ سَاقِطٍ كنائمٍ ونِيَامٍ، وسَقِيط وسِقَاط كطَوِيلٍ وطِوَالٍ، وبه يُرْوَى قولُ المتنخّل:
إِذا ما الحَرْجَفُ النَّكْبَاءُ تَرْمِي *** بُيُوتَ الحَيِّ بالوَرَقِ السِّقَاطِ
ويروى: «السُّقَاط، بالضَّمِّ: جمع سُقَاطَةٍ، وقد تَقَدَّم.
وسَاقِطَةُ: مَوضِعٌ.
ويُقَال: هو سَاقِطَةُ النَّعْلِ.
وفي الحَدِيثِ: «مَرٌّ بتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ» قيل: أَراد ساقِطَة، وقِيلَ: على النَّسَبِ؛ أَي ذاتِ سُقوطٍ، ويُمْكن أَنْ يَكُونَ من الإِسْقَاطِ مثل: أَحَمَّه الله فهو مَحْمُومٌ.
والسَّقَطُ، محرّكةً: ما تُهُووِنَ به من الدّابَّةِ بعد ذَبْحِها، كالقَوَائمِ، والكَرِشِ، والكَبِد، وما أَشْبَهَها، والجَمْعُ أَسْقَاطٌ.
وبائعُه: أَسْقَاطِيٌّ، كأَنْصَارِيٍّ وأَنْماطيٌّ. وقد نُسِبَ هكذا شيخُ مشايِخِنا العَلامّةُ المُحَدِّثُ المُقْرِئُ الشِّهَاب أَحْمَد الأَسْقَاطِيّ الحَنَفِيّ.
وسُقَيْط، كزُبَيْرٍ: لَقَبُ الإِمام شِهَاب الدّين أَحمد بن المَشْتُولِيّ، وفيه أُلّفَ غُرَرُ الأَسْفاط في عُرَرِ الأَسْقاط، وهي رسالة صغيرة متضمنّة على نَوَادِرَ وفرائد، وهي عندي.
وسُقَيْطٌ أَيضًا: لَقَبُ الحُطَيْئَةِ الشّاعرِ، وفيه يَقُول مُنْتَصِرًا له بعضُ الشُّعَرَاءِ، ومُجَاوِبًا مَنْ سَمّاه سُقَيْطا فإِنَّه كان قَصِيرًا جِدًّا:
ومِا سُقَيْطٌ وإِنْ يَمْسَسْكَ وَاصِبُه *** إِلاّ سُقَيْطٌ على الأَزْبَابِ والفُرُجِ
وهو أَيْضًا: لَقَبُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرو، مَمْدُوحِ أَبِي عَبْدِ الله بن حَجَّاجٍ الشّاعِر، وكان لا بُدَّ في كُلِّ قَصِيدَةٍ أَنْ يَذْكُرَ لَقَبَه فمن ذلِكَ أَبْيَاتٌ:
فاسْتَمِعْ يا سُقَيْطُ أَشْهَى وأَحْلَى *** مِنْ سَماعِ الأَرْمالِ والأَهْزاجِ
وقوله:
مَدَحْتُ سُقَيْطًا بمِثْلِ العَرُوسِ *** مُوَشَّحَةً بالمَعَانِي المِلَاحِ
والسَّقِيط، كأَمِيرٍ: الجَرْوُ.
ومن أَقْوَالهم: مَن ضَارَعَ أَطْوَلَ رَوْقٍ منه سَقَطَ الشَّغْزَبِيَّة.
وسَقَطَ الرَّجُلُ: ماتَ، وهو مَجَازٌ.
ومن أَقْوَالهم: إِذا صَحَّت المَوَدَّةُ سَقَطَ شَرْطُ الأَدَبِ والتَّكْلِيف.
والسَّقِيطُ: الدُّرُّ المُتَنَاثِرُ، ومنه قولُ الشّاعِر:
كَلَّمَتْنِي فقُلْتُ دُرًّا سَقِيطًا *** فتأَمَّلْتُ عِقْدَها هل تَنَاثَرْ
فازْدَهَاهَا تَبَسُّمٌ فأَرَتْنِي *** عِقْدَ دُرٍّ من التَّبَسُّمِ آخَرْ
والسُّقّاطَةُ، كرُمّانَةٍ: ما يُوضَع على أَعْلَى البابِ تَسْقُط عليه فيَنْقَفِل.
وأَبو عَمْرٍو عُثْمَانُ بن محمَّد بن بِشْر بن سَنَقَةَ السَّقَطِيّ، عن إِبراهِيم الحَرْبِيّ وغيرِهِ، مات سنة 356.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
24-المصباح المنير (سقط)
سَقَطَ سُقُوطًا وَقَعَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَسْقَطْتُهُ.وَالسَّقَطُ بِفَتْحَتَيْنِ رَدِيءُ الْمَتَاعِ وَالْخَطَأُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالسِّقَاطُ بِالْكَسْرِ جَمْعُ سَقْطَةٍ مِثْلُ: كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَالسِّقْطُ الْوَلَدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى يَسْقُطُ قَبْلَ تَمَامِهِ وَهُوَ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ يُقَالَ سَقَطَ الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ سُقُوطًا فَهُوَ سِقْطٌ بِالْكَسْرِ وَالتَّثْلِيثُ لُغَةٌ وَلَا يُقَالُ وَقَعَ وَأَسْقَطَتْ الْحَامِلُ بِالْأَلِفِ أَلْقَتْ سِقْطًا قَالَ بَعَضُهُمْ وَأَمَاتَتْ الْعَرَبُ ذِكْرَ الْمَفْعُولِ فَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ أَسْقَطَتْ سِقْطًا وَلَا يُقَالُ أُسْقِطَ الْوَلَدُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَسُقْطُ النَّارِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الزَّنْدِ وَسُقْطُ الرِّمْلِ حَيْثُ يَنْتَهِي إلَيْهِ الطَّرْفُ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ فِيهِمَا وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ مَعْنَاهُ سَقَطَ طَلَبُهُ وَالْأَمْرُ بِهِ وَلِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ أَيْ لِكُلِّ نَادَّةٍ مِنْ الْكَلَامِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَيُذِيعُهَا وَالْهَاءُ فِي لَاقِطَةٍ إمَّا مُبَالَغَةٌ وَإِمَّا لِلِازْدِوَاجِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ السَّاقِطَةُ فِي كُلِّ مَا يَسْقُطُ مِنْ صَاحِبِهِ ضَيَاعًا.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
25-لسان العرب (هتر)
هتر: الهَتْرُ: مَزْقُ العِرْضِ؛ هَتَرَه يَهْتِرُه هَتْرًا وهَتَّرَه.وَرَجُلٌ مُسْتَهْتَرٌ: لَا يُبَالِي مَا قِيلَ فِيهِ وَلَا مَا قِيلَ لَهُ وَلَا مَا شُتِمَ بِهِ.
قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ الهَتْرُ مَزْقُ الْعِرْضِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَالْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْمَعْنَى الهَرْت إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا كَمَا قَالُوا جَبَذَ وجَذَبَ، وأَما الاسْتِهْتارُ فَهُوَ الوُلوعُ بِالشَّيْءِ والإِفراط فِيهِ حَتَّى كأَنه أُهْتِرَ أَي خَرِفَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «سَبَقَ المُفْرِدُونَ»؛ قَالُوا: وَمَا المُفْرِدُونَ؟ قَالَ: الَّذِينَ أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقالَهُمْ فيأْتون يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفافًا؛ قَالَ: والمُفْرِدُونَ الشيوخُ الهَرْمى، مَعْنَاهُ أَنهم كَبِرُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَمَاتَتْ لَذَّاتُهُمْ وَذَهَبَ القَرْنُ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِمْ، قَالَ: وَمَعْنَى أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ أَي خَرِفُوا وَهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ.
يُقَالُ: خَرِفَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَي خَرِفَ وَهُوَ يُطِيعُ اللَّهَ؛ قَالَ: والمُفْرِدُونَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى بِهِمُ المُتَفَرِّدُونَ المُتَخَلُّونَ لِذِكْرِ اللَّهِ، والمُستَهْتَرونَ المُولَعُونَ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ.
وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " هُمُ الَّذِينَ اسْتُهْتِرُوا بِذِكْرِ اللَّهِ "أَي أُولِعُوا بِهِ.
يُقَالُ: اسْتُهْتِرَ بأَمر كَذَا وَكَذَا أَي أُولِعَ بِهِ لَا يتحدّثُ بِغَيْرِهِ وَلَا يفعلُ غيرَه.
وقولٌ هِتْرٌ: كَذِبٌ.
والهِتْرُ، بِالْكَسْرِ: السَّقَطُ مِنَ الْكَلَامِ والخطأُ فِيهِ.
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هِتْرٌ هاتِرٌ، وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهُ؛ قَالَ أَوسُ بنُ حَجَرٍ:
أَلمَّ خَيالٌ مَوْهِنًا مِنْ تُماضِرٍ ***هُدُوًّا، وَلَمْ يَطْرُقْ مِنَ اللَّيْلِ بَاكِرًا
وَكَانَ، إِذا مَا الْتَمَّ مِنْهَا بِحاجَةٍ، ***يُراجِعُ هِتْرًا مِنْ تُماضِرَ هاتِرَا
قَوْلُهُ هُدُوًّا أَي بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ.
وَلَمْ يَطْرُقْ مِنَ اللَّيْلِ بَاكِرًا أَي لَمْ يَطْرُقْ مِنْ أَوله.
والْتَمَّ: افْتَعَلَ مِنَ الإِلمام، يُرِيدُ أَنه إِذا أَلمَّ خَيالُها عاوَدَه خَبالُه فَقْدَ كلامِهِ.
وَقَوْلُهُ يُراجِعُ هِتْرًا أَي يَعُودُ إِلى أَن يَهْذِيَ بِذِكْرِهَا.
ورجلٌ مُهْتَرٌ: مُخْطِئٌ فِي كَلَامِهِ.
والهُتْرُ، بِضَمِّ الْهَاءِ: ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنْ كِبَرٍ أَو مَرَضٍ أَو حُزْنٍ.
والمُهْتَرُ: الَّذِي فَقَدَ عقلَه مِنْ أَحد هَذِهِ الأَشياء، وَقَدْ أَهْتَرَ، نادرٌ.
وَقَدْ قَالُوا: أَهْتَرَ وأُهْتِرَ الرجلُ، فَهُوَ مُهْتَرٌ إِذا فَقَدَ عَقَلَهُ مِنَ الكِبَرِ "وَصَارَ خَرِفًا.
وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: إِذا لَمْ يَعْقِلْ مِنَ الكِبَرِ قِيلَ أُهْتِرَ، فَهُوَ مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مِثْلُهُ.
قَالَ يَعْقُوبُ: قِيلَ لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ قَدْ أُهْتِرَتْ: إِن فُلَانًا قَدْ أَرسل يَخْطُبُكِ، فَقَالَتْ: هَلْ يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ مَا لَه؟ أُلَّ وغُلَّ مَعْنَى قَوْلِهَا: أَن أَحلَّ أَن أَنزل، وَذَلِكَ لأَنها كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ رَاكِبَةً بَعِيرًا لَهَا وَابْنَهَا يَقُودُهَا.
وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}.
وَفُلَانٌ مُسْتَهْتَرٌ بِالشَّرَابِ أَي مُولَعٌ بِهِ لَا يُبَالِي مَا قِيلَ فِيهِ.
وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْبِنَاءُ يُجَاءُ بِهِ لِتَكْثِيرِ الْمَصْدَرِ.
والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ.
وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ: فُلَانٌ يُهاتِرُ فُلَانًا مَعْنَاهُ يُسابُّه بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقَوْلِ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المُهاتَرَةُ الْقَوْلُ الَّذِي يَنْقُضُ بعضُه بَعْضًا.
وأُهْتِرَ الرجلُ فَهُوَ مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بِالْقَوْلِ فِي الشَّيْءِ.
واسْتُهْتِرَ فُلَانٌ فَهُوَ مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذَهَبَ عَقْلُهُ فِيهِ وَانْصَرَفَتْ هِمَمُه إِليه حَتَّى أَكثر الْقَوْلَ فِيهِ بِالْبَاطِلِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ فِي الْقَوْلِ، مِنَ الهِتْرِ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْبَاطِلُ والسَّقَطُ مِنَ الْكَلَامِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ أَن أَكون مِنَ المُسْتَهْتَرين».
يُقَالُ: اسْتُهْتِر فُلَانٌ، فَهُوَ مُسْتَهْتَر إِذا كَانَ كَثِيرُ الأَباطيل، والهِتْرُ: الباطلُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي المُبْطِلينَ فِي الْقَوْلِ والمُسْقِطِينَ فِي الْكَلَامِ، وَقِيلَ: الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ مَا قِيلَ لَهُمْ وَمَا شُتِمُوا بِهِ، وَقِيلَ: أَراد المُسْتَهْتَرِينَ بِالدُّنْيَا.
ابْنُ الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تَصْغِيرُ الهِتْرَةِ، وَهِيَ الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ.
الأَزهري: التَّهْتارُ مِنَ الحُمْقِ وَالْجَهْلِ؛ وأَنشد:
إِن الفَزارِيَّ لَا يَنْفَكُّ مُغْتَلِمًا، ***مِنَ النَّواكَةِ، تَهْتارًا بِتَهْتارِ
قَالَ: يُرِيدُ التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قَالَ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ خَاصَّةً دَهْدارًا بِدَهْدارِ، وَذَلِكَ أَن مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ بَعْضَ التَّاءَاتِ فِي الصُّدُورِ دَالًا، نَحْوَ الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لُغَةٌ فِي التِّخْرِيص، وَهُمَا مُعَرَّبَانِ.
والهِتْرُ: العَجَبُ وَالدَّاهِيَةُ.
وهِتْرٌ هاتِرٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ وأَنشد بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ: " يُرَاجِعُ هِتْرًا مِنْ تُمَاضِرَ هَاتِرًا "وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي دَاهِيَةِ دَواهٍ.
الأَزهري: وَمِنْ أَمثالهم فِي الدَّاهِي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ.
وتَهاتَرَ القومُ: ادَّعَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بَاطِلًا.
وَمَضَى هِتْرٌ مِنَ اللَّيْلِ إِذا مَضَى أَقَلُّ مِنْ نِصْفِهِ؛ عَنِ ابن الأَعرابي.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
26-لسان العرب (جهض)
جهض: أَجْهَضَت الناقةُ إِجْهاضًا، وَهِيَ مُجْهِضٌ: أَلقت وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامِ، وَالْجَمْعُ مَجاهِيضُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:فِي حَراجِيجَ كالحَنِيِّ مَجاهِيضَ، ***يَخِدْنَ الوجيفَ وَخْدَ النَّعامِ
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ ذَلِكَ لِلنَّاقَةِ خَاصَّةً، وَالِاسْمُ الجِهَاض، وَالْوَلَدُ جَهِيض، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَطْرَحْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفالِ ***كلَّ جَهِيضٍ لَثِقِ السِّرْبالِ
أَبو زَيْدٍ: إِذا أَلقت النَّاقَةُ وَلَدَهَا قَبْلَ أَن يَسْتَبِينَ خَلقُه قِيلَ أَجْهَضَت، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: خِدْجٌ وخَدِيج وجِهْض وجَهِيض للمُجْهَض.
وَقَالَ الأَصمعي فِي المُجْهَض: إِنه يُسَمَّى مُجْهَضًا إِذا لَمْ يَسْتَبِنْ خَلقُه، قَالَ: وَهَذَا أَصح مِنْ قَوْلِ اللَّيْثِ إِنه الَّذِي تمَّ خلقُه وَنُفِخَ فِيهِ رُوحُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فأَجْهَضَت جَنِنًا» أَي أَسقطت حَمْلَهَا، والسَّقْط جَهِيض، وَقِيلَ: الجَهِيض السِّقْط الَّذِي قَدْ تمَّ خَلْقُهُ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ مِنْ غَيْرِ أَن يَعِيشَ.
والإِجْهاضُ: الإِزْلاق.
والجَهِيض: السَّقِيط.
الْجَوْهَرِيُّ: أَجْهَضَت النَّاقَةُ أَي أَسقَطتْ، فَهِيَ مُجْهِض، فإِن كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهَا فَهِيَ مِجْهاضٌ، وَالْوَلَدُ مُجْهَضٌ وجَهِيضٌ.
وصادَ الجارحُ الصَّيْدَ فأَجْهَضْناه عَنْهُ أَي نَحَّيْنَاهُ وغَلَبْناه عَلَى مَا صادَه، وَقَدْ يَكُونُ أَجْهَضْته عَنْ كَذَا بِمَعْنَى أَعْجَلْته.
وأَجْهَضَه عَنِ الأَمر وأَجْهَشَه أَي أَعْجَلَه.
وأَجْهَضْته عَنْ أَمره وأَنْكَصْته إِذا أَعْجَلْته عَنْهُ، وأَجْهَضْته عَنْ مَكَانِهِ: أَزَلْته عَنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فأَجْهَضُوهم عَنْ أَثقالِهم يَوْمَ أُحُدٍ» أَي نَحَّوهم وأَعجلوهم وأَزالوهم.
وجَهَضَني فلانٌ وأَجْهَضَني إِذا غَلَبَك عَلَى الشَّيْءِ.
وَيُقَالُ: قُتِلَ فلانٌ فأُجْهِضَ عَنْهُ الْقَوْمُ أَي غُلِبوا حَتَّى أُخذ مِنْهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنه قَصَدَ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلًا قَالَ: «فجاهَضَني عَنْهُ أَبو سُفْيان»؛ أي مانَعَني عَنْهُ وأَزالني.
وجَهَضَه جَهْضًا وأَجْهَضَه: غَلَبَه.
وقُتِلَ فلانٌ فأُجْهِضَ عَنْهُ الْقَوْمُ أَي غُلبوا حَتَّى أُخِذَ مِنْهُمْ.
والجاهِضُ مِنَ الرِّجَالِ: الحديدُ النَّفْس، وَفِيهِ جُهُوضةٌ وجَهاضةٌ.
ابْنُ الأْعرابي: الجَهاضُ ثمرُ الأَراك، والجِهاضُ الممانعة.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
27-لسان العرب (سقط)
سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ.سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطًا، فَهُوَ ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وَقَعَ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ:
مِنْ كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ ***بيْضاءَ، لَمْ تُحْفَظْ وَلَمْ تُضَيَّعِ
يَعْنِي أَنها لَمْ تُحْفَظْ مِنَ الرِّيبةِ وَلَمْ يُضَيِّعْها وَالِدَاهَا.
والمَسْقَطُ، بِالْفَتْحِ: السُّقوط.
وسَقط الشيءُ مِنْ يَدِي سُقوطًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَلّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه مِنْ أَحدكم يَسْقُط عَلَى بَعِيره وَقَدْ أَضلَّه»؛ مَعْنَاهُ يَعثُر عَلَى مَوْضِعِهِ ويقعُ عَلَيْهِ كَمَا يقعُ الطائرُ عَلَى وَكْرِهِ.
وَفِي حديث" الحرث بْنِ حَسَّانَ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأَله عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: عَلَى الخَبِيرِ سقَطْتَ "أَي عَلَى العارِفِ بِهِ وَقَعْتَ، وَهُوَ مَثَلٌ سائرٌ لِلْعَرَبِ.
ومَسْقِطُ الشَّيْءِ ومَسْقَطُه: مَوْضِعُ سقُوطه، الأَخيرة نَادِرَةٌ.
وَقَالُوا: الْبَصْرَةُ مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُه.
وتساقَط عَلَى الشَّيْءِ أَي أَلقى نفسَه عَلَيْهِ، وأَسقَطَه هُوَ.
وتساقَط الشيءُ: تتابع سُقوطه.
وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطًا: أَسْقَطَه وَتَابَعَ إِسْقاطَه؛ قَالَ ضابئُ بْنُ الحَرثِ البُرْجُمِيّ يَصِفُ ثَوْرًا وَالْكِلَابَ:
يُساقِطُ عَنْهُ رَوْقُه ضارِياتِها، ***سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا
قَوْلُهُ: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقًا يَعْنِي شرَرَ النَّارِ.
والمَسْقِطُ مِثال المَجْلِس: الْمَوْضِعُ؛ يُقَالُ: هَذَا مَسْقِط رأْسي، حَيْثُ وُلِدَ، وَهَذَا مسقِطُ السوْطِ، حَيْثُ وَقَعَ، وأَنا فِي مَسْقِط النَّجْمِ، حَيْثُ سَقَطَ، وأَتانا فِي مَسْقِط النَّجْمِ أَي حِينَ سقَط، وَفُلَانٌ يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حَيْثُ وُلِدَ.
وكلُّ مَن وَقَعَ فِي مَهْواة يُقَالُ: وَقَعَ وَسَقَطَ، وَكَذَلِكَ إِذا وَقَعَ اسْمُهُ مِنَ الدِّيوان، يُقَالُ: وَقَعَ وَسَقَطَ، وَيُقَالُ: سقَط الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمّه، وَلَا يُقَالُ وَقَعَ حِينَ تَلِدُه.
وأَسْقَطتِ المرأَةُ وَلَدَهَا إِسْقاطًا، وَهِيَ مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لِغَيْرٍ تَمام مِنَ السُّقوطِ، وَهُوَ السِّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطًا أَحَبُّ إِليَّ مِنْ مِائَةِ مُسْتَلئِمْ»؛ السَّقْطُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الْوَلَدُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمه قَبْلَ تَمامِه، والمستلْئِمُ: لَابِسُ عُدَّةِ الْحَرْبِ، يَعْنِي أَن ثَوَابَ السِّقْطِ أَكثر مِنْ ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فِعْلَ الْكَبِيرِ يخصُّه أَجره وثوابُه وإِن شَارَكَهُ الأَب فِي بَعْضِهِ، وَثَوَابُ السِّقْطِ مُوَفَّر عَلَى الأَب.
وَفِي الْحَدِيثِ: «يُحْشَرُ مَا بَيْنَ السِّقْطِ إِلى الشَّيْخِ الْفَانِي جُرْدًا مُرْدًا».
وسَقْطُ الزَّند: مَا وَقَعَ مِنَ النَّارِ حِينَ يُقْدَحُ، بِاللُّغَاتِ الثَّلَاثِ أَيضًا.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سَقْطُ النَّارِ وسِقْطُها وسُقْطُها مَا سقَط بَيْنَ الزنْدين قَبْلَ اسْتحكامِ الوَرْي، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ، يُذَكَّرُ ويؤَنث.
وأَسقَطَتِ الناقةُ وَغَيْرَهَا إِذا أَلقت وَلَدَهَا.
وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه بِمَعْنَى مُنقَطَعِه حَيْثُ انْقَطَعَ مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كُلُّهُ مِنَ السُّقوط، الأَخيرة إِحدى تِلْكَ الشَّوَاذِّ، وَالْفَتْحُ فِيهَا عَلَى الْقِيَاسِ لُغَةٌ.
ومَسْقِطُ الرَّمْلِ: حَيْثُ يَنْتَهِي إِليه طرَفُه.
وسِقاطُ النَّخْلِ: مَا سقَط مِنْ بُسْرِه.
وسَقِيطُ السَّحابِ: البَرَدُ.
والسَّقِيطُ: الثلْجُ.
يُقَالُ: أَصبَحتِ الأَرض مُبْيَضَّة مِنَ السَّقِيطِ.
والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وَكِلَاهُمَا مِنَ السُّقوط.
وسَقِيطُ النَّدَى: مَا سقَط مِنْهُ عَلَى الأَرض؛ قَالَ الرَّاجِزُ: " وليْلةٍ، يَا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،
ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ، ***طَعْمُ السُّرَى فِيهَا كطَعْمِ الخَلِ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ هُدْبة بْنِ خَشْرَمٍ:
وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه، ***تَرى السَّقْطَ فِي أَعْلامِه كالكَراسِفِ
والسَّقَطُ مِنَ الأَشياء: مَا تُسْقِطهُ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ مِنَ الجُنْد وَالْقَوْمِ وَنَحْوِهِ.
والسُّقاطاتُ مِنَ الأَشياء: مَا يُتَهاون بِهِ مِنْ رُذالةِ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا.
والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ.
والسَّقَطُ: مَا أُسْقِط مِنَ الشَّيْءِ.
وَمِنْ أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء بِهِ عَلَى سِرْحانٍ، يُضرب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ فِي أَمر يُهْلِكُه.
وَيُقَالُ لخُرْثِيِّ المَتاعِ: سَقَطٌ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وسقَطُ الْبَيْتِ خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عَنْ رَفِيعِ الْمَتَاعِ، وَالْجَمْعُ أَسْقاط.
قَالَ اللَّيْثُ: جَمْعُ سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نَحْوَ الإِبرة والفأْس والقِدْر وَنَحْوِهَا.
وأَسْقاطُ النَّاسِ: أَوْباشُهم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، على المثل بذلك.
وسَقَطُ الطَّعامِ: مَا لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَسْقُط مِنْهُ.
والسَّقَطُ: مَا تُنُوول بَيْعُهُ مِنْ تابِلٍ وَنَحْوِهِ لأَن ذَلِكَ ساقِطُ القِيمة، وَبَائِعُهُ سَقَّاط.
والسَّقَّاطُ: الَّذِي يَبِيعُ السَّقَطَ مِنَ المَتاعِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «كَانَ لَا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ وَلَا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم عَلَيْهِ»؛ هُوَ الَّذِي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وَهُوَ رَدِيئُه وحَقِيره.
والبِيعةُ مِنَ البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ مِنَ الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ مِنَ الْبَيْعِ نَحْوَ السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بَعْضُهُمْ تَسْمِيَتَهُ سَقَّاطًا، وَقَالَ: لَا يُقَالُ سَقَّاط، وَلَكِنْ يُقَالُ صَاحِبُ سَقَطٍ.
والسُّقاطةُ: مَا سَقَط مِنَ الشَّيْءِ.
وساقَطه الحديثَ سِقاطًا: سَقَط مِنْكَ إِليه وَمِنْهُ إِليك.
وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ لَهُ الآخَرُ، فإِذا سَكَتَ تحدَّثَ الساكِتُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقِ:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه ***جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف
وسَقَطَ إِليَّ قَوْمٌ: نَزَلُوا عليَّ.
وَفِي حَدِيثِ النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ: «فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ لَهُ»أَي أَتاهم فأَعاذُوه وسَترُوه.
وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطًا: يُكَنَّى بِهِ عَنِ النُّزُولِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش فِي ظُلُلاتِها ***سَواقِطُ مِنْ حَرٍّ، وَقَدْ كَانَ أَظْهَرا
وسَقَطَ عَنْكَ الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كأَنه ضِدُّ.
والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ فِي الْقَوْلِ والحِساب والكِتاب.
وأَسْقَطَ وسَقَطَ فِي كَلَامِهِ وَبِكَلَامِهِ سُقوطًا: أَخْطأَ.
وتكلَّم فَمَا أَسْقَطَ كَلِمَةً، وَمَا أَسْقَط حَرْفًا وَمَا أَسْقَط فِي كَلِمَةٍ وَمَا سَقَط بِهَا أَي مَا أَخْطأَ فِيهَا.
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ تَكلَّم بِكَلَامٍ فَمَا سَقَطَ بِحَرْفٍ وَمَا أَسْقَطَ حَرْفًا، قَالَ: وَهُوَ كَمَا تَقُولُ دَخَلْتُ بِهِ وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ بِهِ وأَخْرَجْتُه وعَلوْت بِهِ وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ بِهِ ظَنًّا وأَسأْتُ بِهِ الظنَّ، يُثْبتون الأَلف إِذا جَاءَ بالأَلف وَاللَّامِ.
وَفِي حَدِيثِ الإِفك: «فأَسْقَطُوا لَهَا بِهِ»يَعْنِي الجارِيةَ؛ أي سَبُّوها وَقَالُوا لَهَا مِنْ سَقَط الكلامِ، وَهُوَ رَدِيئُهُ، بِسَبَبِ حَدِيثِ الإِفْك.
وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه عَلَى أَن يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يَكْذِبَ أَو يَبُوحَ بِمَا عِنْدَهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَلَقَدْ تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا ***حَجِئًا بِسِرِّكِ، يَا أُمَيْمَ، ضَنِينا
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وَكَذَلِكَ السِّقاطُ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَ ما ***جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِيَزِيدَ بْنِ الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي، ***وراءَكِ عَنِّي طالِقًا، وارْحَلي غَدا
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُتب إِليه أَبيات فِي صَحِيفَةٍ مِنْهَا:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ مِنْ سُلَيْمٍ ***مُعِيدًا، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى»
أَي عثَراتِها وزَلَّاتِها.
والعَذارى: جُمْعُ عَذْراء.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَلِيلُ العِثار، وَمِثْلُهُ قَلِيلُ السِّقاطِ، وإِذا لَمْ يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ الكِرام يُقَالُ: ساقِطٌ، وأَنشد بَيْتَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ.
وأَسقط فُلَانٌ مِنَ الْحِسَابِ إِذا أَلقى.
وَقَدْ سقَط مِنْ يَدِي وسُقِطَ فِي يَدِ الرَّجُلِ: زَلَّ وأَخْطأَ، وَقِيلَ: نَدِمَ.
قَالَ الزجّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّادِمِ عَلَى مَا فَعَلَ الحَسِر عَلَى مَا فرَطَ مِنْهُ: قَدْ سُقِط في يده وأُسْقِط.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: لَا يُقَالُ أُسقط، بالأَلف، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ}؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: ضرَبوا بأَكُفِّهم عَلَى أَكفهم مِنَ النَّدَم، فإِن صَحَّ ذَلِكَ فَهُوَ إِذًا مِنَ السُّقُوطِ، وَقَدْ قُرِئَ: " سقَط فِي أَيديهم، كأَنه أَضمر النَّدَمَ أَي سقَط الندمُ فِي أَيديهم كَمَا تَقُولُ لِمَنْ يَحْصُلُ عَلَى شَيْءٍ وإِن كَانَ مِمَّا لَا يَكُونُ فِي الْيَدِ: قَدْ حَصل فِي يَدِهِ مِنْ هَذَا مكروهٌ، فَشَبَّهَ مَا يحصُل فِي الْقَلْبِ وَفِي النفْس بِمَا يَحْصُلُ فِي الْيَدِ ويُرى بِالْعَيْنِ.
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ: يُقَالُ سُقط فِي يَدِهِ وأُسقط مِنَ النَّدَامَةِ، وسُقط أَكثر وأَجود.
وخُبِّر فُلَانٌ خَبرًا فسُقط فِي يَدِهِ وأُسقط.
قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّادِمِ عَلَى مَا فَعَلَ الحسِرِ عَلَى مَا فرَط مِنْهُ: قَدْ سُقط فِي يَدِهِ وأُسقط.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِنما حَسَّنَ قَوْلَهُمْ سُقط فِي يَدِهِ، بِضَمِّ السِّينِ، غَيْرُ مُسَمًّى فَاعِلُهُ الصفةُ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فدَعْ عنكَ نَهْبًا صيحَ فِي حَجَراتِه، ***ولكنْ حَدِيثًا، مَا حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صَاحَ المُنْتَهِبُ فِي حَجَراتِه، وَكَذَلِكَ الْمُرَادُ سقَط الندمُ فِي يَدِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه، ***كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لَذَّاتُهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، أَراد أَنه كَثِيرُ اللَّذَّاتِ:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه، ***حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بِهَا أَصوات الْجِنِّ.
وأَما قَوْلُهُ تعالى: {وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ النخلةِ يَسّاقَطْ}، وَقُرِئَ: تُساقِطْ وتَسّاقَطْ "، فَمَنْ قرأَه بِالْيَاءِ فَهُوَ الجِذْعُ، وَمَنْ قرأَه بِالتَّاءِ فهي النخلةُ، وانتصابُ قَوْلِهِ رُطَبًا جَنِيًّا عَلَى التَّمْيِيزِ المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فَلَمَّا حُوِّلَ الْفِعْلُ إِلى الْجِذْعِ خَرَجَ الرطبُ مفسِّرًا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ، قَالَ: وَلَوْ قرأَ قَارِئٌ تُسْقِطْ عَلَيْكِ رُطبًا يَذْهَبُ إِلى النَّخْلَةِ، أَو قرأَ يُسْقِطْ عَلَيْكِ يَذْهَبُ إِلى الْجِذْعِ، كَانَ صَوَابًا.
والسَّقَطُ: الفَضيحةُ.
والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛ الأَخيرة عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، والأُنثى سَقِيطةٌ.
والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ فِي حسَبِه ونفْسِه، وَقَوْمٌ سَقْطَى وسُقّاطٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَجَمْعُهُ السَّواقِطُ؛ وأَنشد: " نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ وَيُقَالُ للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الدَّنِيء: ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ.
والسَّقِيطُ: الرَّجُلُ الأَحمق.
وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ: «مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم»أَي أَراذِلُهم وأَدْوانُهُم.
والساقِط: المتأَخِّرُ عَنِ الرِّجَالِ.
وَهَذَا الْفِعْلُ مَسْقَطةٌ للإِنسان مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ: وَهُوَ أَن يأْتي بِمَا لَا يَنْبَغِي.
والسِّقاطُ فِي الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ.
والسِّقاطُ فِي الْفَرَسِ: أَن لَا يَزالَ مَنْكُوبًا، وَكَذَلِكَ إِذا جَاءَ مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.
وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِنه ليساقِط الشَّيْءَ أَي يَجِيءُ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ؛ وأَنشد قَوْلَهُ:
بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه ***وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ
ثَعْلَبِ وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطًا إِذا جَاءَ مُسْتَرْخِيًا.
وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا سَبَقَ الْخَيْلَ: قَدْ ساقَطَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ، ***عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،
وهَذَّ تَقْرِيبًا مَعَ التَّجْلِيحِ "المَنِيحُ: الَّذِي لَا نَصِيبَ لَهُ.
وَيُقَالُ: جَلَّحَ إِذا انكشَف لَهُ الشأْنُ وغَلب؛ وَقَالَ يَصِفُ الثَّوْرَ:
كأَنَّه سِبْطٌ مِنَ الأَسْباطِ، ***بَيْنَ حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ
السِّبْطُ: الفِرْقةُ مِنَ الأَسْباط.
بَيْنَ حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضًا أَي نَواحِي شَجَرٍ مُلْتَفِّ الهَدَب.
وسُقّاطٌ: جَمْعُ الساقِط، وَهُوَ المُتَدَلِّي.
والسَّواقِطُ: الَّذِينَ يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التَّمْرِ، والسِّقاطُ: مَا يَحْمِلُونَهُ مِنَ التَّمْرِ.
وَسَيْفٌ سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وَذَلِكَ إِذا قَطَعَها ثُمَّ وصَل إِلى مَا بَعْدَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي يَقُدُّ حَتَّى يَصِل إِلى الأَرض بَعْدَ أَن يَقْطَعَ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهذلي:
كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ، ***يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
وَقَدْ تقدَّم فِي سَرَطَ، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ.
والسُّراطِيُّ: القاطعُ.
والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط مَنْ وَرَاءَ الضَّرِيبة يَقْطَعُهَا حَتَّى يَجُوزَ إِلى الأَرض.
وسِقْطُ السَّحابِ: حَيْثُ يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ عَلَى الأَرض فِي نَاحِيَةِ الأُفُق.
وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه.
وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه ومَسْقَطاه: جَناحاه، وَقِيلَ: سِقْطا جَناحَيْه مَا يَجُرُّ مِنْهُمَا عَلَى الأَرض.
يُقَالُ: رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه.
والسِّقْطانِ مِنَ الظَّلِيمِ: جَناحاه؛ وأَما قَوْلُ الرَّاعي:
حَتَّى إِذا مَا أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ ***عَنْهُ نَعامةُ ذِي سِقْطَيْن مُعْتَكِر
فإِنه عَنَى بِالنَّعَامَةِ سَواد اللَّيْلِ، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وَهُوَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ؛ يَقُولُ: إِنَّ الليلَ ذَا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وَقَالَ الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذِي سِقطين، وسِقاطا اللَّيْلِ: ناحِيتا ظَلامِه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ فَرَسًا:
جافِي الأَيادِيمِ بِلَا اخْتِلاطِ، ***وبالدِّهاسِ رَيِّث السِّقاطِ
قَوْلُهُ: رَيِّثُ السِّقَاطِ أَي بَطِيءٌ أَي يَعْدو فِي الدِّهاسِ عَدْوًا شَدِيدًا لَا فُتورَ فِيهِ.
وَيُقَالُ: الرَّجُلُ فِيهِ سِقاطٌ إِذا فَتَر فِي أَمره ووَنَى.
قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يَقُولُ: تسَقَّطْتُ الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قَلِيلًا قَلِيلًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «بِهَذِهِ الأَظْرُبِ السَّواقِطِ»؛ أي صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللَّاطئةِ بالأَرض.
وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ يُساقِطُ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ»، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي يَرْوِيهِ عَنْهُ فِي خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ حَدِيثَه بِالْحَدِيثِ عَنْ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِنْ أَسْقَطَ الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «أَنه شَرِبَ مِنَ السَّقِيطِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ المتأَخرين فِي حَرْفِ السِّينِ، وَفَسَّرَهُ بالفَخّارِ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ لُغةً وَرِوَايَةً الشينُ الْمُعْجَمَةُ، وَسَيَجِيءُ، فأَمّا السَّقِيطُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ الثَّلْجُ والجَلِيدُ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
28-مختار الصحاح (سقط)
(سَقَطَ) الشَّيْءُ مِنْ يَدِهِ مِنْ بَابِ دَخَلَ وَ (أَسْقَطَهُ) هُوَ.وَالْمَسْقَطُ بِوَزْنِ الْمَقْعَدِ السُّقُوطُ.
وَهَذَا الْفِعْلُ (مَسْقَطَةٌ) لِلْإِنْسَانِ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِوَزْنِ الْمَتْرَبَةِ.
وَ (الْمَسْقِطُ) بِوَزْنِ الْمَجْلِسِ الْمَوْضِعُ يُقَالُ:
هَذَا مَسْقِطُ رَأْسِهِ أَيْ حَيْثُ وُلِدَ.
وَ (سَاقَطَهُ) أَيْ أَسْقَطَهُ قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَالُ: (سَقَطَ) الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَلَا يُقَالُ: وَقَعَ.
وَ (سُقِطَ) فِي يَدِهِ أَيْ نَدِمَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149].
قَالَ الْأَخْفَشُ: وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ سَقَطَ بِفَتْحَتَيْنِ كَأَنَّهُ أَضْمَرَ النَّدَمَ.
وَجَوَّزَ (أُسْقِطَ) فِي يَدَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: لَا يُقَالُ أُسْقِطَ بِالْأَلِفِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
وَ (السَّاقِطُ) وَ (السَّاقِطَةُ) اللَّئِيمُ فِي حَسَبِهِ وَنَفْسِهِ وَقَوْمٌ (سَقْطَى) بِوَزْنِ مَرْضَى وَ (سُقَّاطٌ) مَضْمُومًا مُشَدَّدًا.
وَ (تَسَاقَطَ) عَلَى الشَّيْءِ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ.
وَ (السَّقْطَةُ) بِالْفَتْحِ الْعَثْرَةُ وَالزَّلَّةُ وَكَذَا (السِّقَاطُ) بِالْكَسْرِ.
وَ (سَقْطُ) الرَّمْلِ مُنْقَطِعُهُ.
وَسَقْطُ الْوَلَدِ مَا يَسْقُطُ قَبْلَ تَمَامِهِ.
وَسَقْطُ النَّارِ مَا يَسَقُطُ مِنْهَا عِنْدَ الْقَدْحِ.
وَفِي الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: كَسْرُ السِّينِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا.
قَالَ الْفَرَّاءُ: سَقْطُ النَّارِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ.
وَ (أَسْقَطَتِ) النَّاقَةُ وَغَيْرُهَا أَيْ أَلْقَتْ وَلَدَهَا.
وَ (السَّقَطُ) بِفَتْحَتَيْنِ رَدِيءُ الْمَتَاعِ.
وَالسَّقْطُ أَيْضًا الْخَطَأُ فِي الْكِتَابَةِ وَالْحِسَابِ.
يُقَالُ: (أَسْقَطَ) فِي كَلَامِهِ وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَمَا (سَقَطَ) بِحَرْفٍ وَمَا (أَسْقَطَ) حَرْفًا عَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: دَخَلَ بِهِ وَأَدْخَلَهُ وَخَرَجَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ وَعَلَا بِهِ وَأَعْلَاهُ.
وَ (السَّقِيطُ) الثَّلْجُ وَالْجَلِيدُ.
وَ (تَسَقَّطَهُ) أَيْ طَلَبَ سَقَطَهُ.
وَ (السَّقَّاطُ) مَفْتُوحًا مُشَدَّدًا الَّذِي يَبِيعُ السَّقَطَ مِنَ الْمَتَاعِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ لَا يَمُرُّ بِسَقَّاطٍ وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ» وَالْبِيعَةُ مِنَ الْبَيْعِ كَالرِّكْبَةِ وَالْجِلْسَةِ مِنَ الرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ.
مختار الصحاح-محمد بن أبي بكر الرازي-توفي: 666هـ/1268م
29-مجمل اللغة (سقط)
سقط: سقط (الشيء) يسقط سقوطا.والسقط: رديء المتاع.
والسقاط والسقط: الخطأ من القول والفعل.
قال (الشكري):
كيف يرجون سقاطي بعدما
جلل الرأس مشيب وصلع
وقال بعضهم: السقاط في القول جمع سقطة، يقال: سقطة وسقاط كما يقال: رملة ورمال.
والسقط: الولد يسقط (قبل تمامه، وهو بالضم
والفتح والكسر.
سقط النار: ما يسقط منها من الزند.
والسقاط: السيف يسقط) من وراء الضريبة يقطعها حتى يجوز إلى الأرض.
والساقط: اللئيم في حسبه.
والمرأة السقيطة: الدنيئة.
وحدثنا عن الخليل بإسناده قال: يقال: سقط الولد من بطن أمه، ولا يقال: وقع.
ومسقط الرمل وسقطه وسقطه: حيث ينتهي إليه طرفه، وهو منقطعه وكذلك مسقط رأسه: حيث ولد.
وهذا مسقط السوط: حيث سقط.
واتانا في مسقط النجم: حيث سقط.
ويقال: هذا الفعل مسقطة للرجل من عيون الناس: (وهو أن يأتي ما لا ينبغي).
والسقاط في الفرس: استرخاء العدو.
ويقال: أصبحت الأرض مبيضة من السقيط، وهو الثلج والجليد ويقال: سقط السحاب: حيث يرى طرفه كأنه ساقط على الأرض في ناحية الأفق، وكذلك سقط الخباء، وكذلك سقطا جناحي الظليم: وهو ما يجر منهما على الأرض.
وهو قول القائل:
سقطان من كنفي ظليم نافر
قال بعض أهل العلم في قول القائل:
حتى إذا ما أضاء الصبح وانبعثت
عنه نعامة ذي سقطين معتكر
(إن) نعامة الليل سواده، وسقطاه أوله وآخره، يعني أن الليل ذا السقطين مضى وصدق الصبح.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
30-مجمل اللغة (قط)
قط: القط: قطع الشيء عرضا.والقطط: خلاف السبط.
والسقط: النصيب.
والقط: الصك بالجائزة.
وهو قوله:
يعطي القطوط ويأفق
والقطقط: الرذاذ من المطر.
والقطة: السنورة، ليس الذكر.
والجمع قطاط.
وقطط شعره وهو نادر.
وقط السعر: غلا.
وقط مخففة، بمعنى حسب، يقال: قطك ذا، أي: حسبك.
وقط (مشددة مضمومة للأبد) الماضي، ما رأيته قط.
وقطاط بمعنى حسبي.
والقطاط: الخراط الذي يعمل الحقق.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
31-مقاييس اللغة (سقط)
(سَقَطَ) السِّينُ وَالْقَافُ وَالطَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ، وَهُوَ مُطَّرِدٌ.مِنْ ذَلِكَ سَقَطَ الشَّيْءُ يَسْقُطُ سُقُوطًا.
وَالسَّقَطُ: رَدِيءُ الْمَتَاعِ.
وَالسِّقَاطُ وَالسَّقَطُ: الْخَطَأُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.
قَالَ سُوَيْدٌ:
كَيْفَ يَرْجُونَ سِقَاطِي بَعْدَمَا *** جَلَّلَ الرَّأْسَ مَشِيبٌ وَصَلَعْ
قَالَ بَعْضُهُمْ: السِّقَاطُ فِي الْقَوْلِ: جَمْعُ سَقْطَةٍ، يُقَالُ سِقَاطٌ كَمَا يُقَالُ رَمْلَةٌ وَرِمَالٌ.
وَالسُّقَطُ: الْوَلَدُ يَسْقُطُ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَهُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ.
وَسَُِقْطُ النَّارِ: مَا يَسْقُطُ مِنْهَا مِنَ الزَّنْدِ.
وَالسَّقَّاطُ: السَّيْفُ يَسْقُطُ مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيبَةِ، يَقْطَعُهَا حَتَّى يَجُوزَ إِلَى الْأَرْضِ.
وَالسَّاقِطَةُ: الرَّجُلُ اللَّئِيمُ فِي حَسَبِهِ.
وَالْمَرْأَةُ السَّقِيطَةُ: الدَّنِيئَةُ.
وَحُدِّثْنَا عَنِ الْخَلِيلِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، قَالَ: يُقَالُ سَقَطَ الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَا يُقَالُ وَقَعَ.
وَسُقْطُ الرَّمْلِ وَسِقْطُهُ وَسَقْطُهُ: حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ طَرَفُهُ، وَهُوَ مُنْقَطَعُهُ.
وَكَذَلِكَ مَسْقِطُ رَأْسِهِ، حَيْثُ وُلِدَ.
وَهَذَا مَسْقِطُ السَّوْطِ حَيْثُ سَقَطَ.
وَأَتَانَا فِي مَسْقِطِ النَّجْمِ، حَيْثُ سَقَطَ.
وَهَذَا الْفِعْلُ مَسْقَطَةٌ لِلرَّجُلِ مِنْ.
عُيُونِ النَّاسِ.
وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ مَا لَا يَنْبَغِي.
وَالسِّقَاطُ فِي الْفَرَسِ: اسْتِرْخَاءُ الْعَدْوِ.
وَيُقَالُ أَصْبَحَتِ الْأَرْضُ مُبْيَضَّةً مِنَ السَّقِيطِ، وَهُوَ الثَّلْجُ وَالْجَلِيدُ.
وَيُقَالُ إِنَّ سِقْطَ السَّحَابِ حَيْثُ يُرَى طَرَفُهُ كَأَنَّهُ سَاقِطٌ عَلَى الْأَرْضِ فِي نَاحِيَةِ الْأُفُقِ، وَكَذَلِكَ سِقْطُ الْخِبَاءِ.
وَسِقْطَا جَنَاحَيِ الظَّلِيمِ: مَا يُجَرُّ مِنْهُمَا عَلَى الْأَرْضِ فِي قَوْلِهِ:
سِقْطَانِ مِنْ كَنَفَيْ ظَلِيمٍ نَافِرِ.
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
حَتَّى إِذَا مَا أَضَاءَ الصُّبْحُ وَانْبَعَثَتْ *** عَنْهُ نَعَامَةُ ذِي سِقْطَيْنِ مُعْتَكِرِ
يُقَالُ إِنَّ نَعَامَةَ اللَّيْلِ سَوَادُهُ، وَسِقْطَاهُ: أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ.
يَعْنِي أَنَّ اللَّيْلَ ذَا السِّقْطَيْنِ مَضَى وَصَدَقَ الصُّبْحُ.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
32-صحاح العربية (سقط)
[سقط] سقط الشئ من يدى سُقوطًا، وأَسْقَطْتُهُ أنا.والمَسْقَطُ، بالفتح: السُقوطُ.
وهذا الفعلُ مَسْقَطَةٌ للإنسان من أعين الناس.
والمسقط، مثال المجلس: الموضع.
يقال: هذا مَسْقِطُ رأسي، أي حيث ولدت.
وأتانا في مسقط النجمِ: حيثُ سَقَطَ.
وساقَطَهُ، أي أسقطه، وقال يصف الثور والكلاب: يساقط عنه روقه ضارياتها *** سِقاطَ حديدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلا *** قال الخليل: يقال سقط الولد من بطن أمه، ولا يقال وقع.
وسُقِطَ في يده، أي ندِمَ.
ومنه قوله تعالى: {ولَمَّا سُقِطَ في أيديهم} قال الأخفش: وقرأ بعضهم: " سَقَطَ " كأنّه أضمر الندم.
وجوَّز أُسْقِطَ في يده.
وقال أبو عمرو: ولا يقال أسقط في يده بالالف على ما لم يسمَّ فاعلُه.
وأحمد بن يحيى مثله.
والساقط والساقطة: اللئيم في حسبه ونفسه.
وقوم سقطى وسقاط.
وتساقط على الشئ، أي ألقى بنفْسه عليه.
والسَقْطَةُ: العَثَرَةُ والزَلَّةُ.
وكذلك السِقاطُ.
قال سويد بن أبي كاهل: كيف يَرْجونَ سِقاطي بَعْدَ ما *** جَلَّلَ الرأسَ مشيبٌ وصَلَعْ *** والسِقاطُ في الفرس: استرخاء العَدْوِ.
وسِقاطُ الحديث: أن يتحدَّث الواحدُ وينصتَ له الآخر، فإذا سكت تحدَّث الساكتُ.
قال الفرزدق: إذا هُنَّ ساقَطْنَ الحديثَ كأنّه *** جَنى النَحْلِ أو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ *** وسَقْطُ الرملِ: مُنْقَطَعُهُ.
وفيه ثلاث لغاتٍ: سِقْطٌ وسُقْطٌ وسَقْطٌ.
وكذلك سَقْطُ الولد، لما يَسْقُطُ قبل تمامه.
وسَقْطُ النارِ: ما يَسْقُطُ منها عند القدح في اللغات الثلاث.
قال الفراء: سقْطُ النار يذكر ويؤنث.
وأسقطت الناقة وغيرها، إذا ألقت ولدَها.
والسِقْطانِ من الظليم: جناحاه.
وسِقْطُ السحابِ: حيث يُرى طرفُه كأنه ساقِطٌ على الأرض في ناحيةِ الأفق، وكذلك سِقْطُ الخِباءِ.
وسِقْطا جناحِ الطائر: ما يُجَرُّ منهما على الارض.
وأما قول الشاعر: حَتى إذا ما أضاء الصبح وانبعثت *** عنه نَعامَةُ ذي سِقْطَيْنِ مُعتكِرُ *** فإنّه عنَى بالنعامة سوادَ الليل.
وسِقْطاهُ: أوّله وآخره، وهو على الاستعارة.
يقول: إنَّ الليل ذا السِقْطَيْنِ مضى وصَدَقَ الصبحُ.
والسَقَطُ: ردئ الطعام.
والسقط: الخطأ في الكتابة والحساب.
يقال: أَسْقَطَ في كلامه.
وتكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أسقط حرفا، عن يعقوب.
قال: وهو كما تقول: دخلت به وأدخلته، وخرجت به وأخرجته، وعلوت به وأعليته.
والسقيط: الثلج.
قال الراجز: وليلة يامى ذات طل *** ذات سقيط وندى مخضل *** طعم السرى فيها كطعم الخل *** والمرأة السَقيطَةُ: الدَنِيَّةُ.
وتَسَقَّطَهُ، أي طلب سَقَطَهُ.
قال الشاعر: ولقد تسقَطني الوشاةُ فصادفُوا *** حَصِرًا بِسِرِّكِ يا أميم ضنينا
والسقاط: السيف يسقط من وراء الضريبة يقطعها حتى يجوزَ إلى الأرض.
قال الشاعر:
يُتِرُّ العَظْمَ سَقَّاطٌ سُراطي *** والسَقَّاطُ أيضًا: الذي يبيع السَقَطَ من المتاع.
وفى الحديث: " كان لا يمر بسقاط ولا صاحب بيعة إلا سلم عليه ".
والبيعة من البيع، كالركبة والجلسة من الركوب والجلوس.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
33-منتخب الصحاح (سقط)
سَقَطَ الشيءُ من يدي سُقوطًا، وأَسْقَطْتُهُ أنا.والمَسْقَطُ، بالفتح: السُقوطُ.
وهذا الفعلُ مَسْقَطَةٌ للإنسان من أعين الناس.
والمَسْقِطُ: الموضعُ.
يقال: هذا مَسْقِطُ رأسي، أي حيُ وُلِدْتُ.
وأتانا في مَسْقِطِ النجمِ: حيثُ سَقَطَ.
وساقَطَهُ، أي أَسْقَطَهُ.
قال الخليل: يقال سَقَطَ الولد من بطن أمه.
ولا يقال وقع.
وسُقِطَ في يده، أي ندِمَ.
ومنه قوله تعالى: ولَمَّا سُقِطَ في أيديهم قال الأخفش: وقرأ بعضهم: سَقَطَ كأنّه أضمر الندم.
وجوَّز أُسْقِطَ في يده.
والساقِطُ والساقِطَةُ: اللئيمُ في حسبه ونفسه.
وقومٌ سَقْطى وسُقَّاطٌ.
وتَساقَطَ على الشيء، أي ألقَى بنفْسه عليه.
والسَقْطَةُ: العَثَرَةُ والزَلَّةُ.
وكذلك السِقاطُ.
قال سويد بن أبي كاهل:
كيف يَرْجونَ سِقاطي بَعْدَ ما *** جَلَّلَ الرأسَ مشيبٌ وصَلَعْ
والسِقاطُ في الفرس: استرخاء العَدْوِ.
وسِقاطُ الحديث: أن يتحدَّث الواحدُ وينصتَ له الآخر، فإذا سكت تحدَّث الساكتُ.
قال الفرزدق:
إذا هُنَّ ساقَطْنَ الحديثَ كأنّه *** جَنى النَحْلِ أو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ
وسَقْطُ الرملِ: مُنْقَطَعُهُ.
وفيه ثلاث لغاتٍ: سِقْطٌ وسُقْطٌ وسَقْطٌ.
وكذلك سَقْطُ الولد، لما يَسْقُطُ قبل تمامه.
وسَقْطُ النارِ: ما يَسْقُطُ منها عند القدح في اللغات الثلاث.
قال الفراء: سقْطُ النارِ يذكَّر ويؤنث.
أَسْقَطَتِ الناقةُ وغيرها، إذا ألقت ولدَها.
والسِقْطانِ من الظليم: جناحاه.
وسِقْطُ السحابِ: حيث يُرى طرفُه كأنه ساقِطٌ على الأرض في ناحيةِ الأفق، وكذلك سِقْطُ الخِباءِ.
وسِقْطا جناحِ الطائر: ما يُجَرُّ منهما على الأرض.
وأمَّا قول الشاعر:
حتَّى إذا ما أضاء الصبحُ وانبعثتْ *** عنه نَعامَةُ ذي سِقْطَيْنِ مُعتكِرُ
فإنّه عنَى بالنعامة سوادَ الليل.
وسِقْطاهُ: أوّله وآخره، وهو على الاستعارة.
يقول: إنَّ الليل ذا السِقْطَيْنِ مضى وصَدَقَ الصبحُ.
والسَقَطُ: رديءُ الطعام.
والسَقَطُ: الخطأُ في الكتابة والحساب.
يقال: أَسْقَطَ في كلامه.
وتكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرفٍ وما أَسْقَطَ حرفًا.
والمرأةُ السَقيطَةُ: الدَنِيَّةُ.
وتَسَقَّطَهُ، أي طلب سَقَطَهُ.
قال الشاعر:
ولقد تسقَطني الوشاةُ فصادفُوا *** حَصِرًا بِسِرِّكِ يا أُمَيْمَ ضنِينا
والسَقَّاطُ: السيفُ يسقط من وراء الضَريبة يقطعُها حتّضى يجوزَ إلى الأرض.
قال الشاعر:
يُتِرُّ العَظْمَ سَقَّاطٌ سُراطي
والسَقَّاطُ أيضًا: الذي يبيع السَقَطَ من المتاع.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
34-المحيط في اللغة (سقط)
السِّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْطُ: في الوَلَدِ المُسْقَطِ.وامْرَأةٌ مُسْقِطٌ.
ويُقال: سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أمِّه، ولا يُقال وَقَع.
ومَسْقِطُه: حيْثُ وُلدَ.
وسِقْطُ النارِ: مَكْسُور، ويُفْتَحُ أيضًا.
وسَقَطُ البَيْتِ: مَتاعُه، والجميع الأسْقاطُ.
وسَقَطُ البَيْع بَياعُهُ سَقّاطٌ.
وهو - أيضًا -: الخَطَأ في الكِتاب والحِساب، أسْقَطَ الرَّجُلُ.
ومَنْ يَسْقطُ فلا يُعْتَدُّ به من الجُنْدِ والقَوم وغيرِهم.
والساقِطَةُ: اللَئيمُ في حَسَبِه ونَفْسِه، وكذلك الساقِطُ.
والمَرْأةُ الدِّنِيَّةُ الحَمْقاءُ: سَقِيطَة.
والسُّقَاطات من الأشياء: ما يُتَهاوَنُ به.
وتَسَقَّطْتُ الخَبَرَ: أي تَلَقَّطْتُه.
وأسْقَاطٌ من الناس: أخْلاطٌ.
ويقولون: (لكُلَ ساقِطَةٍ لاقِطَةٌ).
وفي هذا الأمر مسقطة: أي سُقُوطٌ.
وسَيْفٌ سَقّاطٌ وراءَ ضَرِيْبَتِه: إذا نَفَذَها.
ويقولون: (سَقَطَ العَشَاءُ به على سِرْحانٍ).
وسُقِطَ في يَدِه نَدَامَةً.
والسِّقَاطُ: أنْ يكونَ الإنسانُ مَنْكُوبًا أبدًا.
وإذا جاءَ مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْ وِ.
ومَسْقِطُ الرَّمْل: حَيْثُ يَعُودُ إليه طَرَفُه، وسَقْطُه وسِقْطُه كذلك؛ وسُقْطُه.
وسِقْطُ السَّحاب: إذا رُئيَ طَرَفٌ منه كأنَّه ساقِطٌ على الأرض في ناحِيَةِ الأفُق.
وسِقْط جَنَاحَي الظَّلِيم والخِبَاءِ.
والسَّقِيْطُ: الصَّقِيْعُ والجَلِيْدُ.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
35-تهذيب اللغة (سقط)
سقط: قال الليث: السَّقْطُ والسُّقط لُغتانِ لِلولدِ المُسْقَطِ، فأما ما سَقَطَ من النَّارِ حينَ تُقدحُ فهو السِقطُ مكسورٌ، قال: والسَّقْطُ والسُّقطُ في الولدِ، الذكرُ والأنثى فيه سواءٌ.أبو عبيد عن أبي عبيدة: هو سُقْطُ الرَّمل وسِقطه وسَقْطُهُ يعني منقطعهُ، وكذلك سُقطُ المرأةِ فيه ثلاثُ لُغات.
أبو حاتم عن الأصمعيّ، يقال: البصرةُ مَسْقطُ رأسي بِفَتح القاف، ومَسْقِط الرَّملِ بالكسرِ مُنْقَطَعُهُ.
ويقال للولدِ: سَقْطٌ وسُقْطٌ وسِقْطٌ، وقد أسقَطَت المرأةُ إسْقاطًا، قال: وسِقْطُ الزَّنْدِ ما وقع من النَّارِ حينَ تُقْدَحُ، قال.
وسَقْطُ الرَّمْلَةِ مُنقَطَعها منصوبة السين، وهذا كله قول الأصمعيِّ.
قال: ويقال: هذا مَسْقِطُ الرَّملِ حيث انقطعَ، وهذا مَسقِطُ رأسه حيث وُلدَ، وهذا مَسقِطُ السَّوْطِ حيث سَقَطَ، ومَسقِطُ النَّجْمِ.
ويقال: أتانَا في مَسْقِط النجم: أي: حينَ سَقَطَ.
ويقال: هذا الفعلُ مَسْقَطَةٌ للرجل من عيون الناس، وهو أن يأتي ما لا ينبغي.
ويقال: فلانٌ قليلُ السِّقاطِ إذا كانَ قليلَ العِثَار، وأُسْقط فلانٌ من الحساب إذا ألقى منَ الحسابِ، وقد سَقَطَ من يدي.
وقال اللحيانيُّ: يقال سَقَطَ في كلامه وبكلامه، وما أسْقَطَ حَرْفًا.
قال الأصمعيُّ: ويقال: سَقَطَ العَشاء به على سرحان، يُضْرَبُ مَثَلًا للرجلِ يَبغي البُغيةَ فيقَعُ في أمرٍ يُهْلكه، وأُسقِط فلان من الديوان.
وقال لِخُرْثِيِّ المتاعِ سَقَطٌ، ويقال: سيفٌ سَقَّاطٌ وراء ضريبته إذا جازَ ضريبته، والسَّقِيطُ: الثلج.
يقال: أصبحت الأرضُ مبيضَّةً منَ السقِيطِ، يريد من الثلجِ.
وأنشد أعرابيٌّ:
وليلةٍ يا ميَّ ذاتِ طَلِ *** ذاتِ سَقِيطٍ وندًى مُخْضَلِ
طعمُ السُّرى فيها كطعمِ الخلِ
ويقال: رفعَ الطائرُ سِقْطيه: يعني جناحيه.
وقال الراعي:
حتى إذا ما أضاءَ الصبحُ وانبعثتْ *** عنه نعامةُ ذي سِقطين معتكر
أراد نعامةَ ليل ذي سِقطين، وسِقطَا الليل: ناحيتا ظلامهِ.
وقال الليث: جمعُ سَقَطِ البيت أسْقاطهُ نحو الإبرة والفأس والقِدْرِ ونحوها، والسَّقَطُ من البيعِ نحو السكر والتوابل ونحوها، وبيَّاعُهُ سَقَّاطٌ، وأنكره بعضهم فقال لا يقال سَقَّاطٌ، ولكن يقال صاحبُ
سَقَطِ، والسَّقطُ: الخطأ في الكتابة والحسابِ، والسَّقَطُ من الأشياء ما تسقطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجند والقوم ونحوهِ، والسَّاقطةُ: اللَّئيمُ في حسبه ونفسه، وهو السّاقِط أيضًا، والجميع السواقِط وأنشد:
نحنُ الصميمُ وهم السّواقِط
ويقال للمرأَةِ الدّنيئةِ الحمقاء: سَقيطةٌ، والسُّقاطَاتُ من الأشياءِ ما يُتَهَاونُ به من رُذالةِ الطَّعامِ والثياب ونحوها.
ويقال: سَقَطَ الولدُ من بطنِ أمهِ، ولا يقال وقعَ حينَ يولدُ، وفلانٌ يحنُّ إلى مسقِطِهِ أي: حيث ولد، وكل من وقعَ في مهواةٍ، يقال: وقعَ وسقطَ، وكذلك إذا وقعَ اسمه من الديوان.
يقال: وقعَ وسقَطَ، ومسقِطُ الرَّملِ حيث ينتهي إليه طرفهُ، والسِّقاطُ في الفرسِ أن لا يزال منكوبًا، وكذلكَ إذا جاء مسترخيَ المشي والعدو.
يقال: يُساقِط العدْوَ سِقاطًا، وإذا لم يلحقِ الإنسانُ مَلحقَ الكرامِ، يقال: ساقط، وأنشد:
كيف يرجونَ سِقَاطِي بعدَ ما *** لفَّعَ الرأسَ مشيبٌ وصلعْ
قال: وسُقْط السحَاب يرَى طرفٌ منهُ كأنه ساقِطٌ على الأرض في ناحيةِ الأفقِ.
وقال غيره: يقال للفرسِ إنه ليساقط الشيء أي: يجيء منه شيءٌ بعد شيءٍ.
وأنشد قوله:
بذي مَيْعةٍ كأنّ أدنَى سِقاطهِ *** وتقريبه الأعلى ذآليلُ ثعلبِ
وقال الله جلَّ وعز: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149].
قال الفراء: يقال: سُقِطَ في يده وأُسْقطَ من الندامة، وسُقِط أكثر وأجود.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ: يقال: تكلم فما أسقطَ كلمةً وما سقط في كلمةٍ، وخُبِّرَ فلانٌ خبرًا فسُقِطَ في يده.
وقال الزّجّاج: يقالُ للرَّجل النَّادم على ما فرَط منه قد سُقِط في يدِه وأُسْقِط.
قال: وقد رُوي سَقَطَ في القراءة، والمَعنى: لمَّا سقط الندم في أيديهم كما تقول للذي يَحصُل على شيء وإن كان مما لا يكون في اليد قد حصَل في يده من هذا مَكْرُوهٌ، فشبَّهَ ما يَحصُل في القلب وفي النَّفس بما يَحصل في اليد ويُرَى بالعَين.
قال أبو منصور: وإنما حَسَّنَ قولَهم: سُقِطَ في يده بضمِّ السين غيرَ مسمًّى فاعِلُه الصِّفَةُ التي هي في يده.
ومِثله قولُه:
فَدَعْ عنك نَهْبًا صِيحَ في حَجَرَاتِهِ *** ولكن حديثًا ما حديثُ الرَّوَاحِل
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
36-معجم العين (سقط)
سقط: السَّقط والسِّقط، لغتان: الولد المُسقَطٌ، الذكر والأنثى فيه سواء.والسِّقطٌ: ما سَقطَ من النار، قال:
وسقط كعين الديك عاورت صحبتي *** أباها وهيأنا لموقعها وكرا
وسَقطُ البيت نحو الإبرة والفأس والقدر، ويجمع على أسقاطِ.
والسَِّقَطُ من البيع نحو السكر والتوابل، وبياعه سَقّاطٌ.
وقال بعضهم: بل يقال: صاحب سَقَطٍ.
والسًّقَطُ: الخطأ في الكتابة والحسابة.
والسقط من الأشياء: ما تسقطه فلا تعتد به.
والسَّقَطُ من الجند والقوم ونحوهم.
والسّاقِطةُ: اللئيم في حسبه ونفسه، وهو السّاقِطُ أيضًا، قال:
نحن الصميم وهم السًّواقِطُ
ويقال للمرأة الدنيئة الحمقاء: سَقيطةُ.
والسُّقاطاتُ: ما لا يعتد به تهاونًا من رذالة الثياب والطعام ونحوه.
ويقال: سَقَطَ الولد من بطن أمه، ولا يقال: وقع، هذا حين يولد.
وهو يحن إلى مَسْقطِهِ أي إلى حيث ولد.
والمَسقِطُ مَسقِطُ الرمل، وهو حيث ينتهي إليه طرفه، وسَقْطُه أيضًا.
وسِقْطُ السحاب: طرف منه كأنه ساقِطٌ في الأرض من ناحية الأفق، وكذلك سِقْطُ الخباء، وسِقْط جناحي الظليم ونحوه إذا رأيتهما ينحوان على الأرض، قال:
عنس مذكرة كأن عفاءها *** سِقْطانِ من كفي ظليمٍ جافل
والسِّقاطُ في الفرس: ألا يزال منكوبًا، وكذلك إذا جاء مسترخي المشي، والعدو، ويقال: يُساقِط العدو سِقاطًا.
وإذا لم يلحق الإنسان ملحق الكرام يقال: قد تَساقط، قال سويد بن أبي كاهل:
كيف يرجونَ سقاطي بعد ما *** لفع الرأس مشيب وصلع
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م