نتائج البحث عن (وَخَبَرُهَا)

1-العربية المعاصرة (زعم)

زعَمَ يَزعُم، زَعْمًا، فهو زاعِم، والمفعول مَزْعوم.

* زعَمتُ الأمرَ سهلًا: اعتقدته وظننته، وهو من أفعال القلوب التي تدلّ على الرجحان، يدخل على المبتدأ والخبر فينصبهما، وقد يكون المبتدأ صريحًا أو مؤوّلًا من أنّ واسمها وخبرها أو أنْ والفعل والفاعل (زعَمت مصلحة الأرصاد أنّ الجوّ سيتحسّن- زعَم المسئولون أنهم سيقدِّمون تعويضاتٍ لأهالي الضحايا- زعَم أن الوفاء مفقود- {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [قرآن] - {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا} [قرآن]) (*) في زعمي: في ظنِّيّ.

زعَمَ ب يَزعُم، زَعْمًا وزَعامةً، فهو زعيم، والمفعول مزعوم به.

* زعَم الرَّجلُ بصديقه: صار كفيلًا به وضامنًا له {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [قرآن].

زعَمَ على يَزعُم، زَعامةً، فهو زعيم، والمفعول مزعوم عليه.

* زعَم على القوم: ترأّسهم، تأمَّر عليهم.

زعُمَ/زعُمَ ب/زعُمَ ل يَزعُم، زَعامةً، فهو زَعيم، والمفعول مزعوم به.

* زعُم فلانٌ: ساد ورأس (زَعامة الحزب السياسيّ- زعيم رُوحيّ).

* زعُم بفلان/زعُم لفلان: صار كفيلًا به، وضامِنًا له {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [قرآن].

تزاعمَ يتزاعم، تزاعُمًا، فهو مُتزاعِم.

* تزاعم الشَّخصان: تحادثا بما لا يُوثَق به من الحديث.

تزعَّمَ/تزعَّمَ على يتزعَّم، تزعُّمًا، فهو مُتزعِّم، والمفعول مُتزعَّم.

* تزعَّم القومَ/تزعَّم على القوم:

1 - صار زعيمَهم، تأمَّر عليهم، ترأّسهم (تزعَّم حزبَ العمال).

2 - ادَّعى رِئاستهم.

* تزعَّم فلانٌ الأمرَ: ادَّعى معرفته.

زعَّمَ يزعِّم، تزعيمًا، فهو مُزعِّم، والمفعول مُزعَّم.

* زعَّم القومُ فلانًا: اختاروه زعيمًا ورئيسًا لهم (زعَّمته فئةُ المعارضة عليها).

زَعامة [مفرد]: مصدر زعَمَ ب وزعَمَ على وزعُمَ/زعُمَ ب/زعُمَ ل.

زِعامة [مفرد]: رِياسة وسِيادة (تولَّى زِعامة الحزب خَلَفًا لوالده).

زَعْم [مفرد]: مصدر زعَمَ وزعَمَ ب.

زَعِيم [مفرد]: جمعه زُعَماءُ:

1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من زعَمَ ب وزعَمَ على وزعُمَ/زعُمَ ب/زعُمَ ل: سيّد، رئيس (توفِّي الزعيم جمال عبد الناصر في مطلع السبعينيّات).

2 - ضامن وكفيل {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [قرآن].

مَزاعِمُ [جمع]: مفرده مَزْعم: ادّعاءات، أمور لا يُوثَق بها، عكس حقائق (مزاعم الإسرائيليين/المنافقين- هذه المزاعم لا أساس لها من الصِّحة- دحض مزاعم اليهود) (*) أمرٌ فيه مزاعمُ: غير مستقيم.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-المعجم الوسيط (النَّقْعُ)

[النَّقْعُ]: الماءُ المجتمع في الغدير.

ونَقْعُ البئر: الماءُ المجتمعُ فيها قبل السِّقْي، أَو فَضْلُ مائها.

و- النَّقْعَاءُ.

(والجمع): نِقَاعٌ، وأَنْقُعٌ.

ويقال: فلانٌ شَرَّابٌ بأَنْقُعٍ: جرَّبَ الأُمورَ ومارسَها حتَّى عرَفَها وخبَرَها.

و- الغُبَارُ السّاطع.

(والجمع): نِقَاعٌ، ونُقوعٌ.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


3-معجم ما استعجم (صالحة)

صالحة: فاعلة من الصلاح: هى دار بنى سلمة من الأنصار، وخبرها مذكور فى رسم خزبى.

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع-أبو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد البكري الأندلسي-توفي 487هـ/1094م


4-معجم متن اللغة (وكدت وكدت وأكثر العرب علي كدت بالكسر وكاد)

وكدت وكدت "وأكثر العرب علي كدت بالكسر" وكاد: من أفعال المقاربة وضعت لمقاربة الشئ فعل أو لم يفعل فهي مجردة تنبئ عن نفي الفعل، ومقرونة بالجحد تنبئ عن وقوعه.

ولم يجئ منها غير الماضي والمضارع.

واسمها مرفوع أبدًا؛ وخبرها فعل مضارع أبدًا مجرد من أن غالبًا.

وتكون صلة للكلام نحو: لم يكد يراها أي لم يرها.

وتكون بمعني أراد نحو: أكاد أخفيها.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


5-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (إيا)

(إيّا) - في حديث عَطاء "كان مُعاوِيةُ إذا رَفَع رأسَه من السَّجدة الأخِيرة كانت إيَّاها".

اسم كان وخَبَرُها ضَمِيرُ السَّجْدَة: أيْ كانَت هِىَ هِىَ، لم يَقتَرِن بها قَعدةٌ بعدها، أي كان يَرَفَع منها وينهَض للْقِيام إلى الرَّكَعةِ من غيرِ أن يَقْعُد للاستِراحَة.

- في حديث عُمَر بن عبد العزيز: "إيّاىَ وَكَذا".

: أَيْ إيَّاى نَحِّ عن كذا، ونَحِّ كَذا عَنِّي فاخْتَصَر.

المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م


6-معجم النحو (كائنا ما كان)

كائنا ما كان: كائنا اسم فاعل من كان التّامّة بمعنى حصل أو وجد و «ما» مصدريّة و «كان» تامّة أيضا، و «ما» وما بعدها في تأويل المصدر في محلّ رفع فاعل بكائن.

وقيل: كائنا وكان ناقصتين و «ما» موصولة استعملت فيمن يعقل، وفي «كائنا» ضمير هو اسمها و «ما» خبرها، وفي «كان» ضمير يعود إلى «ما» وهو اسمها، وخبرها محذوف، التقدير: كائنا الشخص الذي هو إيّاه.

معجم النحو-عبدالغني الدقر-صدر: 1395هـ/1975م


7-معجم النحو (لا الحجازية)

لا الحجازيّة:

1 ـ عملها:

تعمل «لا» عمل ليس قليلا عند الحجازيين ولا تعمل عند التميميين.

2 ـ شروط إعمالها:

يشترط في إعمال «لا» الشروط في إعمال «ما» الحجازيّة ما عدا الشرط الأوّل ـ وهو ألّا يقترن اسمها ب «إن» الزائدة ـ فإنّ «إن» لا تزاد بعد «لا» أصلا، ويزيد على ذلك أن يكون المعمولان نكرتين نحو «لا أحد أفضل منك».

والغالب في «لا» أن يكون خبرها محذوفا ـ حتى قيل بلزوم ذلك ـ كقول سعد بن مالك جدّ طرفة ابن العبد:

«من صدّ عن نيرانها***فأنا ابن قيس لا براح »

ف «براح» اسم لا، وخبرها محذوف، التقدير: لا براح لي، والصحيح جواز ذكر الخبر كقول الشاعر:

«تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا***ولا وزر ممّا قضى الله واقيا »

3 ـ زيادة الباء في خبرها:

تزاد الباء بقلّة في خبر «لا» كقول سواد بن قارب يخاطب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم:

«وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة***بمغن فتيلا عن سواد بن قارب »

أدخل الباء في «مغن» وهو خبر لا.

معجم النحو-عبدالغني الدقر-صدر: 1395هـ/1975م


8-معجم النحو (ولا سيما)

ولا سيّما:

1 ـ تركيبها ومعناها:

تتركّب «ولا سيّما» من الواو الاعتراضيّة و «لا» النّافية للجنس و «سيّ» بمعنى مثل و «ما» الزائدة، أو الموصولة، أو النّكرة الموصوفة، وبالجملة: فتشديد يائها ودخول «لا» عليها، ودخول الواو على «لا» واجب، قال ثعلب: «من استعمله على خلاف ما جاء في قوله ـ أي امرئ القيس ـ «ولا سيما يوم» فهو مخطئ. وذكر غيره: أنها قد تخفّف، وقد تحذف الواو.

وتقدير معنى «ولا سيما يوم» ولا مثل الذي هو يوم، أو لا مثل شيء هو يوم، أو لا مثل يوم موجود.

2 ـ إعراب «ولا سيما يوم»:

الواو: اعتراضيّة و «لا» نافية للجنس «سيّما» سيّ: اسمها منصوب بها لأنّه مضاف و «ما» زائدة و «يوم» مضاف إليه، وهو الأرجح، وخبرها محذوف أي موجود أو تكون «ما» موصولة، أو نكرة موصوفة، مضاف إليه و «يوم» خبر لمبتدأ محذوف التقدير: هو يوم.

أو تكون «ما» كافة عن الإضافة و «يوما» تمييز، كما يقع التمييز بعد مثل، وعندئذ ففتحة سيّ على البناء.

هذا إذا كان ما بعد «سيّما» نكرة، أمّا إذا كان معرفة فمنع الجمهور نصبه نحو «ولا سيّما زيد».

معجم النحو-عبدالغني الدقر-صدر: 1395هـ/1975م


9-المعجم المفصل في النحو العربي (أخوات ليس)

أخوات ليس

تعدادها: تعدّ أخوات ليس: أربعة وتسمّى الأحرف المشبّهة بـ «ليس» وهي: «ما»، «لا»، «لات»، «إن».

عملها: كل أخوات «ليس» تعمل عملها، أي تدخل على المبتدأ والخبر فتبقي الأول مرفوعا على أنه اسمها، وتنصب الثّاني خبرا لها، مثل: «ما المعلم غاضبا» و «لا الكسلان محمودا» و «إن الخبر صحيحا»، و «لات ساعة ندامة».

شبهها بـ «ليس»: تشبه هذه الحروف الفعل النّاقص «ليس» من عدّة وجوه:

1 ـ في العمل، وهو النّسخ، أي: في دخولها على المبتدأ أو الخبر، وتغيير اسمها، وعلامة إعرابها، ومكان المبتدأ، لكنّها لا تغيّر علامة المبتدأ، ولا تدخل على المبتدأ الذي له حقّ الصّدارة، كأسماء الشّرط والاستفهام ولا على المبتدأ المضاف إلى ما له حقّ الصّدارة، ولا تدخل على المبتدأ الذي يجب حذفه، وخبره نعت مقطوع، ولا على كلمات لا تستعمل إلا مبتدأ في الأساليب الواردة عن أمثال العرب مثل: «لله درّ المعلم» ولا على ما التّعجّبيّة.

2 ـ في المعنى، «ليس» وأخواتها كلّها تفيد النّفي.

خلافها عن «ليس»: وتفترق «ليس» عن أخواتها بعدّة أمور منها:

1 ـ «ليس» هي فعل ماض ناقص، والمشبهات بها كلّها حروف.

2 ـ «ليس» هي من أخوات «كان»، وتشبهها في الفعليّة والعمل دون المعنى، أما أخواتها فليست بأفعال، وكلّها لا يكون اسمها شبه جملة، لأن أصله مبتدأ، والمبتدأ لا يكون شبه جملة.

3 ـ «ليس» تعمل عمل كان مطلقا. أمّا أخواتها فتعمل عملها ولكن لكلّ منها شروط.

شروط عمل «ما»: أعملها الحجازيون عمل «ليس» وأهملها غيرهم، وبلغتهم جاء قوله تعالى: {ما هذا بَشَرًا} وقوله تعالى: {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ} وترتّب على ذلك شروط:

1 ـ أن لا يقترن اسمها بـ «إن» وإلّا فهي مهملة ويرجع ما بعدها مبتدأ وخبر، مثل:

«بني غدانة ما إن أنتم ذهب ***ولا صريف ولكن أنتم الخزف»

حيث بطل عمل «ما» لاقتران اسمها بـ «إن» الزّائدة وتعرب «أنتم»: مبتدأ. «ذهب»: خبره.

2 ـ أن لا يقترن خبرها بـ «إلّا» فإن اقترن بها تهمل، كقوله تعالى: {وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ} وكقوله تعالى: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} وقد ينتقض الخبر بـ «إلّا» دون أن تهمل، كقول الشاعر:

«وما الدهر إلّا منجنونا بأهله ***وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا»

المنجنون هو دولاب أو أداة السّاقية التي تدور.

وردت «ما» وقد اقترن خبرها: بـ «إلّا» ولم يبطل عملها. «الدّهر» اسمها و «منجنونا» خبرها.

ويفسّر ذلك على وجهين الأول: أن تكون «منجنونا» مفعولا به لفعل محذوف والتّقدير: وما الدهر إلّا يشبه منجنونا، والثّاني: أن تكون «منجنونا»: مفعولا مطلقا من فعل محذوف.

والتّقدير: وما الدهر إلا يدور دوران منجنون.

وكذلك في الشّطر الثاني: «وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا». وينطبق على «ما» الأحكام عينها التي في الشطر الأول.

والتّقدير: وما صاحب الحاجات إلا يشبه معذبا، أو يعذّب تقريبا. وترجع كلمة «الدّهر» مبتدأ وكذلك كلمة «صاحب»، والخبر محذوف هو الجملة المؤلّفة من الفعل «يدور» مع فاعله، ومن الفعل «يعذّب» مع فاعله. وفي مثل قول الشاعر:

«وما الناس إلا واحد كقبيلة***يعدّ، وألف لا يعدّ بواحد»

بطل عمل «ما» لانتقاض الخبر بـ «إلا».

3 ـ أن لا يتقدّم الخبر على الاسم، فإن تقدّم أهملت، مثل: «ما كافر من أهمل الصّلاة» ومثل:

«وما خذّل قومي فأخضع للعدى ***ولكن إذا أدعوهم فهم هم»

حيث بطل عمل «ما» لتقدّم الخبر «خذّلّ» على الاسم «قومي». وقد يتقدّم الخبر على اسم «ما» دون أن يبطل عملها. وهذا شاذّ، كقول الشّاعر:

«فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ***إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر»

حيث عملت «ما» رغم تقدّم الخبر «مثلهم» على الاسم «بشر» وهذا شاذّ.

4 ـ أن لا يتقدّم معمول خبرها على اسمها، وقد يتقدّم دون أن تهمل، كقول الشّاعر:

«وقالوا تعرّفها المنازل من منى ***وما كلّ من وافى منى أنا عارف»

حيث وردت «ما» مهملة فتكون حرف نفي «كلّ» تروى بالنّصب فتعرب مفعولا به لاسم الفاعل «عارف»، وتروى بالرّفع على أنها مبتدأ خبره جملة «أنا عارف».

أمّا إذا كان معمول الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا فإنها تعمل، كقول الشاعر:

«بأهبة حزم لذ، وإن كنت آمنا***فما كلّ حين من توالي مواليا»

حيث عملت «ما» عمل ليس فاسمها «من» اسم الموصول وخبرها «مواليا» وقد تقدّم معموله على اسمها دون أن يبطل عملها.

6 ـ شروط عمل «لا»: تعمل «لا» بشروط «ما» والغالب أن يكون معمولاها نكرتين وخبرها محذوفا مثل:

«من صدّ عن نيرانها***فأنا ابن قيس لا براح»

حيث وردت «لا» المشبهة بـ «ليس» وقد حذف خبرها. واسمها «براح». أي: لا براح لي ويجوز ذكر الخبر، كقول الشاعر:

«تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا***ولا وزر مما قضى الله واقيا»

أتى خبر «لا» «باقيا» في الشّطر الأوّل واسمها شيء، وفي الشطر الثاني اسمها «وزر» وخبرها «واقيا».

7 ـ شروط عمل «إن»: سيّان إعمالها وإهمالها. فإن أعملت كان لها شروط «ما» ما عدا شرط زيادة «إن»، إذ لا تزاد «إن» بعد «إن».

وتدخل على الجملة الاسميّة فقط، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ} ومثل:

«إن هو مستوليا على أحد***إلّا على أضعف المجانين»

حيث عملت «إن» عمل «ليس» رغم انتقاض خبرها بـ «إلّا». فاسمها الضمير «هو» وخبرها مستوليا. وإن أهملت «إن» جاز دخولها على الجملة الاسميّة كقوله تعالى: {إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ}، وعلى الجملة الفعليّة، كقوله تعالى: {إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} ومن أمثلة إعمالها قول الشاعر:

«إن المرء ميتا بانقضاء حياته ***ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا»

شروط عمل «لات»: قد يكون أصلها «لا» وزيدت عليها «التّاء». وتعمل «لات» عمل ليس بشروط منها:

1 ـ أن يكون معمولاها اسمي زمان، مثل: «لات ساعة ندامة»: أي: لات الساعة...

2 ـ أن يكون أحدهما محذوفا، كحذف اسمها في المثل السّابق والتّقدير: لات السّاعة ساعة...

3 ـ أن يكون المذكور منهما نكرة فتقول: «لات ساعة ندامة» ساعة اسم «لات» وخبرها محذوف تقديره «ساعة» أو تقول: «لات ساعة ندامة»: «ساعة» خبر والاسم محذوف وكقوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} ـ والتّقدير: لات الحين حين مناص.

وتهمل «لات» إذا دخلت على غير اسم زمان، كقول الشاعر:

«لهفي عليك للهفة من خائف ***يبغي جوارك حين لات مجير»

«لات» حرف نفي مهمل؛ لأنه دخل على غير اسم زمان. «مجير»: إما فاعل لفعل محذوف تقديره: حين لا يحصل مجير له؛ وإما مبتدأ خبره محذوف تقديره: حين لا مجير له والجملة الاسميّة من المبتدأ وخبره في محل جرّ بالإضافة باعتبار «حين» ظرف وهو مضاف. جملة: «لا يحصل مجير له» في محل جرّ بالمضاف «حين». وكقول الشّاعر:

«لات هنّا ذكرى جبيرة أم من ***جاء منها بطائف الأهوال»

لات: حرف نفي مهمل. «هنّا» اسم إشارة للمكان متعلّق بـ «ذكرى». «ذكرى»: مبتدأ مرفوع بالضّمّة المقدّرة وهو مضاف «جبيرة»: مضاف إليه مفعول به للمصدر «ذكرى» وخبر المبتدأ محذوف والتّقدير: لات ذكرى جبيرة في هذا المكان جائزة. وجه آخر للإعراب: «هنّا» ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر مقدّم. «ذكرى»: مبتدأ مؤخر. ومثله قول العرب: «حنّت نوار ولات هنّا حنّت». حيث أهملت «لات». «هنا»: اسم إشارة للمكان متعلّق بخبر مقدّم. وقد قدّرت «أن» المصدريّة قبل الفعل «حنّت» وتكون «أن» وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع يقع مبتدأ مؤخّرا.

زيادة الباء في خبر الحروف المشبهة بـ «ليس»: كثيرا ما تزاد «الباء» في خبر «ليس»، كقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} وفي خبر «ما»، كقوله تعالى: {مَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} ومثل: «ما البخيل بهيّاب».

والتّقدير: «ما البخيل هيّابا» إن كانت عاملة، و «ما البخيل هياب» إن كانت مهملة. وقليلا ما تهمل إذا دخل حرف الجر الباء على خبرها. وكقول الشاعر:

«أقصر فؤادي، فما الذّكرى بنافعة***ولا بشافعة في ردّ ما كانا»

حيث ورد خبر «ما» مقرونا بـ «الباء» في «بنافعة» وفي «بشافعة» فتكون «الباء» حرف جر زائد.

«نافعة» خبر «ما» منصوب بالفتحة المقدّرة على الآخر منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة حرف الجرّ المناسبة. ومثلها «بشافعة»: وكقول الشاعر:

«وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة***بمغن فتيلا عن سواد بن قارب»

وقد تزاد «الباء» في خبر «لا»، مثل: «لا مال بدائم»، و «لا عزّ بخالد».

حكم تابع الخبر المجرور بالباء: إذا عطفنا على الخبر المجرور بـ «الباء» الزّائدة فإنّه يجوز في المعطوف الجرّ تبعا للّفظ، والنّصب تبعا للمحلّ في المعطوف عليه، مثل: «ما المحسن بمتوان وقاعد عن مساعدة المظلوم». «بمتوان»: «الباء»: حرف جرّ زائد. «متوان» خبر منصوب بالفتحة المقدّرة. و «لا» حرف عطف مع حرف نفي «قاعد»: اسم معطوف على «متوان» مجرور مثله ويجوز فيه النّصب على أنه معطوف على محلّ الخبر المجرور «بمتوان» والتقدير «متوانيا» وإذا كان الخبر منصوبا أي: غير مقترن بالباء الزّائدة فيكون المعطوف عليه منصوبا فتقول: «ما المحسن متوانيا ولا قاعدا» ويجوز جرّه لأنه معطوف على خبر مجرور على التّقدير، فتقول: ولا قاعد.

وإذا وقع بعد خبر «ما» وصف مشتق عامل في ما بعده باسم سببيّ أي: عامل في ما له صلة وارتباط بالوصف كقرابة، أو صداقة، أو عمل، أو شيء متصل به، جاز في الوصف النّصب بالعطف مباشرة أو الجرّ عطفا على خبر مجرور على تقدير «الباء» الزّائدة، مثل: «ما المحسن كاذبا ولا مخالفا وعده، أو مخالف» «كاذبا»: خبر «ما» منصوب. «مخالفا» اسم معطوف على «كاذبا» على تقدير أنه مجرور بالباء الزّائدة. «وعده» إما فاعل للوصف «مخالفا» أغنى عن الخبر باعتبار «مخالف» بالرّفع، أو مبتدأ خبره الوصف «مخالف». أي: يصحّ أن يكون الوصف «مخالفا» مرفوعا على أنه مبتدأ، والسّببي بعده فاعل أغنى عن الخبر.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


10-المعجم المفصل في النحو العربي (ما تختلف فيه الموصولات الحرفية والاسمية)

ما تختلف فيه الموصولات الحرفيّة والاسميّة:

بين الموصولات الحرفيّة والاسميّة فروق عدّة منها:

1 ـ أن الموصولات الاسميّة غير «أي» وغير المثنّاة، تكون مبنيّة دائما ولها محل من الإعراب حسب مقتضى الجملة قبلها، أمّا الموصولات الحرفيّة فكلّها مبنيّة، بدون استثناء ولا محلّ لها من الإعراب.

2 ـ لا بدّ لاسم الموصول من صلة تشتمل على ضمير يسمّى العائد. أمّا الموصولات الحرفيّة فلا تحتاج إلى عائد ولا تشتمل عليه مطلقا.

3 ـ الموصول الحرفي يسبك مع صلته بمصدر يعرب على حسب مقتضى الجملة قبله، ويسمّى المصدر المسبوك، أو المؤوّل، كما تسمى الموصولات الحرفيّة «حروف السّبك» أو الحروف المصدريّة. أمّا الموصولات الاسميّة فلا يكون لها شيء من هذا.

4 ـ أن الموصولين الحرفيّين «لو» و «ما» تسبقان بجملة فعلية ماضية، مثل: «وددت لو رأيتك مستسلما لنوم هادىء» أو مضارعيّة مثل: أتمنّى لو أشاركك في عملك» وتكونان تامتي التّصرّف ولا توصلان بجملة أمر. لكنّ «ما» توصل أحيانا بأفعال الاستثناء الجامدة الثّلاثة: «خلا»، «عدا»، «حاشا» لأنها متصرّفة بحسب أصلها، أو لأنّ جمودها عارض. وتؤوّل «ما» مع الفعل وفاعله بمصدر تقديره مجاوزين. وهذا لا يكون في الموصولات الاسميّة.

5 ـ يجوز حذف الموصول الاسمي غير «أل» إذا كان معطوفا على مثله ولا يوقع حذفه في اللّبس، مثل: «إن فريقا من الطّلاب يدرس جيّدا، وفريقا يلهو ولا يعبأ بالدرس، وفريقا تأخذه العناية بالدرس فلا يعبأ بما سواه» فقد حذف اسم الموصول الذي يكون تقديره: وفريقا منهم من يلهو، وفريقا منهم من تأخذه العناية... وهذا واضح من سياق الكلام، ولا يوقع حذفه في اللّبس. أما الموصولات الحرفيّة فلا تحذف منها إلا «أن» التي تنصب المضارع، وتسبك مع صلتها بمصدر في حالة حذفها كما في حالة وجودها، مثل قوله تعالى: وأوحينا {إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} حيث تسبك «أن» وما بعدها بمصدر يقع بدلا من الفعل «أوحينا» والتّقدير: صنع.

ومثل: «يعجبني يدرس أخي» حيث حذفت «أن» المصدريّة وبقي عملها وهو نصب المضارع «يدرس» وتقدّر وهي محذوفة مع الفعل المضارع المنصوب بها بمصدر تقديره: يعجبني أن يدرس أخي: يعجبني درس أخي.

6 ـ ويختصّ الموصول الحرفيّ «أن» تكون صلته جملة طلبيّة من دون سائر الموصولات الاسميّة والحرفيّة، كقوله تعالى: وأوحينا {إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} حيث وقعت صلة «أن» جملة طلبيّة تتضمّن فعل الأمر «اصنع».

أحكام الموصولات الحرفيّة: لكل من الموصولات الحرفيّة أحكام خاصة تختلف بها عن سواها منها:

أولا: أحكام «أن» السّاكنة «النّون» أصالة غير المأخوذة من «أنّ» المخفّفة، هي التي تكون صلتها جملة فعليّة دائما، وكاملة التصرّف سواء أكانت ماضويّة، مثل: «عجبت من أن تكاسل المجتهد» حيث وقعت صلة «أن» جملة ماضويّة وتقدّر «أن» مع صلتها بمصدر مجرور بـ «من» والتّقدير: عجبت من تكاسل... أم مضارعيّة مثل: «لا أعجب من أن يقول الحرّ كلمة الحقّ في وجه الحاكم الظّالم» والتّقدير: لا أعجب من قول... الصّلة جملة مضارعيّة. وكقول الشاعر:

«إنّ من أقبح المعايب عارا***أن يمنّ الفتى بما يسديه»

حيث وقعت صلة «أن» جملة مضارعيّة تقدر بمصدر مرفوع هو خبر «إنّ»، والتّقدير: إن من أقبح المعايب تمنّن... أو جملة فعلها أمر، كقوله تعالى: وأوحينا {إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} الجملة الصّلة فعلها أمر «اصنع». ومثل: «أومأنا إليه أن بادر بالعمل» «بادر» فعل أمر وجملته صلة «أن» ويقدر معها بمصدر تقديره مبادرة و «أن» المصدريّة تقدّر مع صلتها بمصدر ويكون له محلّ من الإعراب حسب مقتضى الجملة قبله، فقد يكون المصدر المؤوّل مبتدأ، مثل: {«أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ»} والتّقدير: صيامكم خير لكم. أو خبرا، مثل: اعتقادي أن ستجري الامتحانات الرسميّة في موعدها» والتّقدير: اعتقادي إجراء... أو فاعلا، مثل: «يعجبني أن تتحضّر للسّفر» والتّقدير: يعجبني تحضّرك. أو مفعولا به، مثل: «علمت أن نجحت في الامتحان» والتّقدير: علمت نجاحك...

وتنصب «أن» المضارع بعدها وتخلص زمنه للاستقبال ولا تنفصل عنه بفاصل؛ وإذا دخلت على الماضي فلا تغيّر زمنه. فدلالتها إمّا للماضي المحض أو للمستقبل المحض ولا يدخل بعد «أن» جملة اسميّة مسبوقة بفعل يدلّ على اليقين، فلا تقول: «علمت أن محمد لقائم» أو جملة فعليّة جامدة، فلا تقول: «علمت أن ليس للظالم حظّ في النّجاح»، إذ يجوز ذلك في «أن» المخفّفة من «أنّ».

ثانيا: أحكام «أنّ». المشدّدة «النّون» تؤلف مع صلتها أي: مع معموليها اسمها وخبرها مصدرا له محلّ من الإعراب حسب مقتضى الجملة، مثل: «سرّني أنّك ناجح»، ومثلها «أن» المخفّفة التي تعمل عمل المشدّدة بشرطين الأول أن يكون اسمها ضمير الشأن محذوفا، والثاني أن يكون خبرها جملة اسميّة أو فعليّة. ويجب أن تقترن الجملة الفعليّة الواقعة خبر «أن» المخفّفة بـ «قد» مثل قوله تعالى: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا} والتّقدير أنه قد صدقتنا. ضمير الشأن المحذوف اسمها وجملة قد صدقتنا خبرها. أو تقترن بـ «السّين» كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى} والتّقدير أنه سيكون منكم مرضى.

فضمير الشأن اسمها. والجملة بعده خبرها. أو أن تقترن بـ «لن»، أو «لم»، أو «لا» النّافيات، كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} أو أن تقترن بـ «لو» مثل: «اعلم أن لو صدق المذنب لنجا» أو أن تقترن بـ «ربّ» مثل: «علمت أن ربّ ظالم لاقى مصيره». أما الخبر الواقع جملة اسميّة ففي مثل: «علمت أن الصّبر مفتاح الفرج».

ثالثا: أحكام «كي». تكون صلتها دائما مضارعيّة ولا بدّ أن يسبقها لام الجرّ فتسمّى «كي» المصدريّة، وإذا وليها حرف الجرّ فتسمّى التّعليليّة، وينصب المضارع بعدها بـ «أن» المضمرة. وتؤلّف «كي» المصدريّة مع صلتها مصدرا، ولا يكون إلا مجرورا باللّام سواء أوجدت «اللّام» أم حذفت مثل: «ثابر على الاجتهاد كي تنجح» والتّقدير لكي تنجح.

رابعا: أحكام «ما». هي المصدريّة الظّرفيّة، مثل: «سأحبّك ما دمت مجتهدا» أي: مدة دوامك مجتهدا، وكقول الشاعر:

«المرء ما عاش ممدود له أمد***لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر»

أي مدة عيش المرء. وتكون مصدريّة غير ظرفيّة مثل: «دهشت ممّا نجح العامل» والتّقدير: من نجاح العامل. وكقول العرب: «أنجز حرّ ما وعد» أي: أنجز وعده، ومثل:

«وإنّي إذا ما زرتها قلت: يا اسلمي ***وهل كان قولي يا اسلمي ما يضيرها»

حيث وقعت «ما» التي في عجز البيت مصدريّة غير ظرفيّة فلا تدلّ على زمان وتؤوّل مع ما بعدها بمصدر تقديره «ضيرها» ويقع خبرا ل «كان».

و «ما» الأولى في صدر البيت هي زائدة لا محل لها من الإعراب.

يجب أن تكون صلة «ما» جملة فعليّة ماضويّة، سواء أكانت مصدريّة ظرفيّة أو غير ظرفيّة، مثل: «عجبت ممّا أعمل عمله» أو جملة مضارعيّة، مثل: «لا أذهب إلى النّزهة ما لم تذهب» وكقول الشاعر:

«والمرء ما لم تفد نفعا إقامته ***غيم حمى الشّمس لم يمطر ولم يسر»

حيث وقعت الجملة الصّلة بعد «ما» مضارعيّة منفيّة بـ «لم» والتّقدير: مدّة عدم نفعه؛ أو جملة اسميّة، مثل: «أعودك ما أنت مريض» «أنت مريض» جملة اسميّة صلة «ما» وتقدّر بمصدر تقديره: مدّة وجودك مريضا. والأكثر في «ما» المصدريّة الظّرفيّة أن تكون صلتها جملة فعليّة ماضويّة أو مضارعيّة منفيّة بـ «لم»، وقليلا ما تكون صلتها مضارعيّة غير منفيّة بـ «لم»، مثل: «لا أتكلّم ما تشرح» أي: مدة شرحك. و «ما» المصدريّة مع صلتها تؤوّل بمصدر منصوب على الظّرفيّة، ويصحّ الفصل بين «ما» المصدريّة الظّرفيّة، أو غير الظّرفيّة، وبين صلتها دون غيرها من الموصولات الحرفيّة، ولا يجوز تقديم صلتها ولا شيء من الصّلة عليها.

خامسا: أحكام «لو». هي التي تكون صلتها جملة ماضويّة، مثل: «تمنيت لو رأيتك في عداد النّاجحين» «لو» مع ما بعدها تؤوّل بمصدر يقع مفعولا به لفعل تمنيت، والتّقدير: تمنيت رؤيتك.

وهذه الصّلة هي جملة فعليّة ماضويّة وفعلها متصرّف تصرّفا تاما. أو تكون جملة مضارعيّة مثل: «أودّ لو أراك متفوّقا» والتّقدير أودّ رؤيتك، ولا توصل بجملة أمر. ولا بدّ أن يكون الماضي والمضارع بعدها مما يتصرّف تصرّفا تامّا، ويؤوّل معها بمصدر يعرب حسب حاجة الجملة قبله.

ملحقات الموصولات الحرفيّة: يلحق بالموصولات الحرفيّة همزة التّسوية أي: التي تقع بعد كلمة «سواء» فتؤوّل مع ما بعدها بمصدر يعرب حسب مقتضى الجملة قبلها، كقوله تعالى: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} والتّقدير: إنّ الّذين كفروا مساو عندهم إنذارك وعدمه عليهم. وفي الإعراب منهم من يؤوّل الهمزة مع ما دخلت عليه بمصدر تقديره: إنذارك ويعربه فاعل لاسم الفاعل «مساو»، ومنهم من يعربه مبتدأ مؤخر، خبره «سواء» مقدّم، ومنهم من يعربه خبر للمبتدأ «سواء».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


11-المعجم المفصل في النحو العربي (الإضافة 2)

ثالثا: ومنها ما يضاف إلى اسم ظاهر، أو إلى ضمير، مع امتناع القطع عن الإضافة، مثل: «كلا»، «كلتا»، «عند»، «لدى»، «سوى»، «قصارى»، «حمادى». كقوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها}. «كلتا»: مبتدأ مرفوع بالضّمّة المقدّرة على الألف للتّعذر وهو مضاف «الجنتين» مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه مثنّى، وكقول الشاعر:

«كلانا غنيّ عن أخيه حياته ***ونحن، إذا متنا، أشّدّ تفانيا»

حيث وقعت «كلانا» مبتدأ مرفوع بالألف لأنّه ملحق بالمثنّى وهو مضاف و «نا» ضمير متّصل في محلّ جر بالإضافة، وكقول الشاعر:

«كلا أخي وخليلي واجدي عضدا***في النّائبات وإلمام الملمات»

حيث أن «كلا» أضيفت إلى الاسم الظّاهر المعطوف عليه، ومثل: «عند الشّدائد تعرف الإخوان»، ومثل: {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ} حيث أضيفت «عند» إلى الاسم الظّاهر «الشّدائد» في المثل الأول و «عند» في الآية أضيفت إلى الضّمير ومثل: «لدى»: «لدى الأمين تحفظ الودائع». و «لديه تحفظ الأسرار»، ومثل: «قصارى جهد المنافق كسب مؤقّت» و «قصاراك ألا تنخدع بظاهره»، ومثل: «حمادى المنافق كسب سريع». و «حماداه ربح عاجل» ومثل: «لا أبتغي سوى مرضاة الله فكل شيء سواها تافه».

كلّ هذه الأسماء هي مثنّاة في الظّاهر أي: في اللّفظ دون المعنى. «أما كلا» «وكلتا» فإنهما مفردان لفظا ومثنّيان معنى، ويجوز في خبرهما مراعاة لفظهما، أو مراعاة معناهما فنقول: «كلا القائدين بطلان وكلاهما بطل» ومثل: «كلتا المدينتين وقفتا في وجه العدو، أو وقفت في وجه العدوّ».

و «كلا» و «كلتا» من الألفاظ الملازمة للإضافة لفظا ومعنى معا، ولا بدّ في المضاف إليه بعدهما أن يكون:

1 ـ دالّا على اثنين سواء أكان اسما ظاهرا، مثل: «كلا القائدين بطلان» أو ضميرا بارزا، كقوله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ}.

2 ـ أن يكون المضاف إليه بعدهما كلمة واحدة، فلا تقول: «كلتا المجلّة والرّسالة قرأت» وقد وردت أمثله قليلة لم يوافق عليها كثير من النّحاة، كقول الشاعر:

«كلا أخي وخليلي وأجدي عضدا***في النّائبات وإلمام الملمات»

3 ـ أن يكون معرفة، فلا تقول: «حضر كلا رجلين» ولا: «جاءت كلتا امرأتين» وقد تكون الدّلالة على اثنين بلفظه الحقيقي ولكنّه مشترك اشتراكا معنويا بين المثنّى والجمع كالضمير «نا» في قول الشاعر:

«كلانا غنيّ عن أخيه حياته ***ونحن إذا متنا أشدّ تفانيا»

ومثل:

«كونوا كمن واسى أخاه بنفسه ***نعيش جميعا أو نموت كلانا»

وقد تكون بلفظه الذي دخله التّوسّع والمجاز، كقول الشاعر:

«إن للخير وللشّرّ مدى ***وكلا ذلك وجه وقبل “

حيث أضيفت «كلا» إلى لفظ مفرد «ذلك» ولكنّه مثنّى في المعنى بسبب عوده على اثنين هما: الخير والشّر.

رابعا: منها ما يضاف إلى اسم ظاهر مفرد أي، غير جملة ولا شبه جملة مع امتناع القطع عن الإضافة، مثل: «أولو»، «أولات»، «ذو»، «ذوات»، «ذوا»، «ذوو»، «ذواتا»،... فتقول: «الآباء أولو فضل» ومثل: «الأمهات أولات فضل»، ومثل: «ذو النصيحة أخ بارّ» «ذو» هي اسم موصول مبنيّ على الضّمّة المقّدرة على الواو في محل رفع مبتدأ، أو هي كلمة بمعنى صاحب تقع مبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء السّتّة.

وكقوله تعالى: {وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ} وكقوله تعالى: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} وكقوله تعالى: {وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ذَواتا أَفْنانٍ}.

خامسا: ومنها ما يضاف إلى الجمل وهو نوعان.

الأول: ما يضاف إلى الجمل الاسميّة والفعلية وهو «إذ» و «حيث». وأما «حيث» فهي ظرف مكان مبنيّ دائما على الضّمّ ولا يجوز قطعه عن الإضافة، كقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا}، وكقول الشاعر:

«وقد يهلك الإنسان من باب أمنه ***وينجو بإذن الله من حيث يحذر»

حيث أتى الظرف «حيث» مبني على الضّمّ في محل جر بـ «من» وهو مضاف وجملة «يحذر» مضاف إليه، ويجوز أن تضاف «حيث» إلى المفرد مع بقائها مبنيّة على الضّم فتقول: أنا مقيم حيث الأمن والسّلام.

وأمّا «إذ» فهي على الأغلب ظرف للزمان الماضي المبهم ومعناها، «زمن»، «وقت»، «حين» وتضاف إلى الجمل الاسميّة والفعليّة، فمن إضافتها إلى الجمل الاسميّة، قول الشاعر:

«فرحنا إذ قدمت قدوم سعد***وإذ رؤياك في الأيّام عيد»

حيث جمع هذا البيت بين إضافة «إذ» إلى الجملة الاسميّة وإلى الفعليّة. «إذ» الأولى أضيفت إلى الجملة الفعليّة «قدمت»، و «إذ» الثّانية إلى الجملة الاسميّة «رؤياك عيد»، وكقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} ويجوز قطع «إذ» عن الإضافة لفظا لا معنى فيحذف المضاف إليه ويعوّض التّنوين عنه، كقوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} ويومئذ أصلها: «يوم» مضاف إلى «إذ» الظّرفية التي قطعت عن الإضافة لفظا وعوض التّنوين عن الجملة المحذوفة، وأكثر ما يقع إفراد «إذ» عند ما تقع مضافا إليه إلى ظرف زمان، كالآية السّابقة، ومن النّادر غير ذلك، كقول الشاعر:

«نهيتك عن طلابك أمّ عمرو***بعافية وأنت إذ... صحيح»

والثاني: ما يضاف إلى الجمل الفعليّة فقط مثل: «إذا»، «لمّا»، فأمّا «إذا» فهي ظرفيّة شرطيّة دالّة على الزّمان المستقبل، ووقوع الماضي بعدها لا يخرجها عن الدّلالة على المستقبل، ويجوز أن يحذف المضاف إليه بعدها ويعوّض منه بالتّنوين، فمن إضافتها إلى الجملة الفعليّة قول الشاعر:

«وإذا تباع كريمة أو تشترى ***فسواك بائعها وأنت المشتري»

حيث أتت «إذا» ظرفا لما يستقبل من الزّمان متضمّنا معنى الشّرط هو خافض لشرطه منصوب بجوابه مبنيّ علي السكون في محل نصب على الظّرفية، وهو مضاف وجملة «تباع كريمة» الفعليّة في محل جرّ بالإضافة، ومن وقوع الماضي بعدها تقول: «إذا غدر المرء بصاحبه كان بسواه أغدر» حيث أضيفت «إذا» إلى فعل ماض «غدر» ولكنّه يدلّ على الاستمرار فلم تخرج عن الدّلالة على المستقبل، وكقول الشاعر:

«إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ***ولا تصحب الأردى فتردى مع الرّدي»

حيث أضيفت «إذا» إلى فعل ماض «كنت» ولكنّه يدل أيضا على المستقبل، وفي حذف المضاف إليه تقول: «من يجحد الفضل فليس إذا يعدّ من أهله» حيث أفردت «إذا» فحذف المضاف إليه بعدها، والتّقدير: فليس إذا يجحده يعدّ من أهله».

و «لمّا» هي ظرفيّة بمعنى «حين»، وتضاف دائما إلى الجمل الفعليّة، كقوله تعالى: ولما {جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} وكقول الشاعر:

«عتبت على عمرو فلما فقدته ***وجرّبت أقواما بكيت على عمرو»

حيث أتى الظّرف «لمّا» وقد أضيف إلى الجملة «فقدته».

ملاحظة: هناك أسماء بمعنى «إذ» أو بمعنى «إذا»، مثل: «حين»، «وقت»، «زمن»، «لحظة»، تحتفظ لنفسها بجواز البناء والإعراب عند إضافتها إلى الجملة: فهي مبنية عند إضافتها إلى جملة فعليّة فعلها ماض، كقول الشاعر:

«على حين عاتبت المشيب على الصّبا***فقلت: ألمّا تصح والشيب وازع»

حيث وقع الظّرف «حين» في محل جرّ بالإضافة وهو مبنيّ لأنه أضيف إلى جملة مبنيّة «عاتبت» وهو فعل ماض مبنيّ، أو تكون مبنيّة عند إضافتها إلى المضارع المبني، مثل:

«لاجتذبنّ منهنّ قلبي تحلّما***على حين يستصبين كلّ حليم»

حيث أضيف الظّرف «حين» إلى جملة مبنيّة هي جملة «يستصبين» وهو مضارع مبني...

ويجوز فيها الإعراب والبناء إذا أضيفت الى فعل معرب، كقول الشاعر:

«ولست أبالي حين أقتل مسلما***على أيّ حال كان في الله مصرعي»

حيث أضيف الظّرف «حين» إلى جملة مضارعية معربة «أقتل» وهو مضارع مرفوع أو إذا أضيفت إلى جملة اسميّة، كقول الشاعر:

«ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ***كريم على حين الكرام قليل»

كما يجوز فيها الإعراب والبناء حتى ولو كانت إضافتها إلى جملة فعليّة فعلها مبنيّ، مثل: «مضى وقت وجاء آخر، وقت أكرم الناس فلانا لماله، وقت يصل الناس إلى كشف الفضاء”

فكلمة «وقت» ظرف يصحّ فيه البناء والإعراب رغم إضافته إلى فعل ماض مبنيّ هو فعل «أكرم». ومثل: «أين نحن من الأمس زمن كان العلم أملا بعيدا؟ وما شأنه في حاضرنا زمن يناله من يريده» حيث أتى الظّرف «زمن» الأولى التي أضيفت إلى الماضي «كان» ورغم ذلك يجوز فيها البناء والإعراب، وكلمة «زمن» الثّانية ظرف يصحّ فيه البناء والإعراب رغم أنّه أضيف إلى فعل مضارع معرب «يناله» لكنّ الأرجح أن تكون مبنيّة إذا تلاها فعل مبني، وأن تكون معربة، إذا تلاها فعل معرب.

سادسا: منها ما يضاف إلى المفرد وإلى الجمل بنوعيها، مثل: «لدن» وهو ظرف مبنيّ على السّكون، وهو مبهم يدلّ على مبدأ الغاية الزمانية أو المكانية، وقد يسبق «لدن» حرف الجرّ «من» الذي يدلّ على مبدأ الغاية، مثل: «مشيت من لدن الجبل» «لدن» ظرف مبنيّ على السّكون في محل جرّ بـ «من»، وحرّك بالكسر منعا من التقاء ساكنين وهو مضاف «الجبل» مضاف إليه، ومثل: «وتذكر نعمان لدن أنت يافع» حيث أضيف الظّرف «لدن» إلى الجملة الاسميّة «أنت يافع». وكقول الشاعر:

«صريع غوان شاقهنّ وشقنه ***لدن شبّ حتى شاب سود الذّوائب»

حيث أضيف الظّرف «لدن» إلى الجملة الفعليّة الماضويّة «شبّ».

وقد يقطع الظّرف «لدن» عن الإضافة وذلك قبل «غدوة»، مثل: «مكثت هنا لدن غدوة حتى المساء»، وكقول الشاعر:

«وما زال مهري مزجر الكلب منهم ***لدن غدوة حتى دنت لمغيب»

حيث أتى الظّرف «لدن» مبنّيا على السّكون وقد قطع عن الإضافة وأتى بعده «غدوة» يصحّ فيها الرّفع على أنّها فاعل لفعل محذوف تقديره «كان»، أو «ظهر»، أو «وجد» ويصحّ فيها النّصب على أنها خبر «كان» النّاقصة المحذوفة مع اسمها.

ويصحّ أن يحلّ الظّرف «عند» محلّ «لدن» لأنها تفيد معناها، مثل: «الصّبر عند الصّدمة الأولى»، ومثل: «السّفر عند السّاعة الثّامنة» وتختلف «لدن» و «عند» بأمور كثيرة منها:

1 ـ ان «لدن» تكاد تلازم الدّلالة على بدء الغاية الزمانيّة أو المكانيّة، وقد تدلّ على مجرّد الحضور، أما «عند» فإنها تستعمل للدّلالة على بدء الغاية وعلى الحضور المجرّد، مثل: «جلست عندك» فلا تدل «عند» في هذا المثل على بدء زمانيّ أو مكانيّ، ومن القليل النّادر أن تقول: «جلست من لدنك».

2 ـ تكون «لدن» مبنيّة دائما على السّكون، أما «عند» فهي معربة عند أكثر العرب.

3 ـ تكون «لدن» دائما ظرفا مبنيا على السّكون في محل نصب على الظرفيّة، وقليلا ما تخرج منها إلى «شبه الظّرفيّة» وذلك إذا كان قبلها «من» فتكون مبنيّة على السّكون في محل جر بـ «من».

أمّا «عند» فهي إما ظرف أو مجرورة بـ «من».

4 ـ تضاف «لدن» إلى الجملة بنوعيها كما تضاف إلى المفرد، فإن كان الاسم بعدها معربا فيكون مجرورا لفظا ومحلّا وإن كان مبنيّا فيكون مجرورا محلّا فقط، مثل: «مشيت من لدن الجبل إلى النهر» «الجبل» مضاف إليه مجرور لفظا ومحلّا.

وكقوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} أمّا «عند» فلا تضاف للجملة، والمضاف إليه بعدها يكون مجرورا لفظا ومحلّا إن كان معربا ومحلّا فقط إن كان مبنيّا، مثل: «جلست عند رفيقي» ومثل: «جلست عنده».

5 ـ قد تقطع «لدن» عن الإضافة إذا وقع بعدها «غدوة» من غير فاصل بينهما فتكون «غدوة» منصوبة أو مرفوعة أو مجرورة، وعلى هذا يكون الظّرف «لدن» مضافا للجملة لفظا وتقديرا وليس مفردا أي: غير مضاف، أما «غدوة» المنصوبة فيجوز إعرابها: تمييز صاحبه «لدن»، أو منصوبة على التّشبيه بالمفعول به، وعندئذ تكون «لدن» مقطوعة عن الإضافة ويصحّ فيها الرّفع على أنّها فاعل لفعل محذوف تقديره «كان» تامة، كما يجوز فيها الجرّ على اعتبار «لدن» مضاف «غدوة» مضاف إليه مجرور، أما «عند» فلا تقطع عن الإضافة إلّا إذا صارت اسما محضا، مثل: «إن قال شخص: عندي مال، فأجابه آخر: «وهل لك عند» فكلمة «عند» هنا مبتدأ مؤخّر مرفوع، ومثل: «الكتاب عندي» فيقال: «وهل يصونه عندك»، فتكون «عند» في هذا المثل: فاعلا للفعل «يصون».

6 ـ «لدن» هي ظرف متصرّف، ولا يكون إلّا فضلة. أمّا «عند» فقد تكون عمدة، مثل: «السّفر من عند البيت» فهي هنا عمدة لأنها جزء من الخبر.

ملحقات الأسماء الواجبة الإضافة: وهناك أسماء أخرى واجبة الإضافة منها:

أولا: «أي» وهي ستّة أنواع: خمسة منها تلازم الإضافة، ونوع واحد لا يضاف أبدا وهو «أي» التي تكون وصلة لنداء ما فيه «أل»، كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} «أيها» منادى مبنيّ على الضّمّ، و «الهاء» للتّنبيه، أمّا الأقسام الأخرى فهي:

أ ـ أيّ الاستفهاميّة الّتي تكون دائما بلفظ المفرد المذكّر، فان أضيفت إلى نكرة كانت بمعنى «كلّ»، والضّمير العائد إليها يكون إما مفردا مذكرا مراعاة للفظها، وإما مراعاة لمعناها من حيث الإفراد والتّذكير والتّثنية والجمع، فتقول: «أي زميلين أقبلا أو أقبل».

ب ـ «أي» الشّرطيّة. هي اسم شرط جازم فعلين يسمّى الأول فعل الشّرط والثاني جوابه، وهذا الاسم عام مبهم، ويزول إبهامه بالمضاف إليه، ومن الواجب إضافة «أي» الشّرطية لفظا ومعنى، مثل: «أي طالب يواظب على الدّرس والاجتهاد ينجح» ويجوز أن تضاف «أيّ» الشّرطيّة إلى نكرة فتكون عندئذ بمعنى «كل»، ويزيل إبهامها، المضاف إليه، مثل: «أي ضعيف يطلب مساعدتي أعاونه» أمّا إن أضيفت إلى معرفة فيكون المراد منها هو بعض المضاف إليه وتكون بمعنى: «بعض» مثل: «أيّ إنسان يكثر مزحه تضع هيبته». ومثل: «أيّ البنات تعرف؟».

ج ـ «أيّ» الموصولة هي اسم بمعنى: «الذي»، وهي معربة دائما إلّا في حالة واحدة حيث تكون مضافة، وصدر صلتها ضمير محذوف، مثل: «أحبّ من الأصدقاء أيّهم أصدق قيلا» والتّقدير: أيهم هو أصدق قيلا، و «أيّ» الموصولة تجب إضافتها لفظا ومعنى، أو معنى فقط، مثل: «أحبّ من الأصدقاء أيّا هو أشدّ عزما» والتّقدير: أيّهم هو أشد... ولا تضاف «أي» الموصولة إلى النّكرة، وإنّما تضاف إلى المعرفة الدّالّة على متعدّد حقيقيّ، أو تقديريّ، أو بالعطف بالواو، مثل: «يعجبني أيّهم هو أشدّ إخلاصا لوطنه» ومثل: «اشتر أيّ الثّوب وأيّ الحذاء هو أبدع».

د ـ «أي» التي تكون نعتا لنكرة، فهي اسم معرب مبهم يزيل المضاف إليه إبهامه مثل:

«دعوت امرءا أيّ امرىء فأجابني ***وكنت وإيّاه ملاذا وموئلا»

حيث وقعت «أي» نعتا منصوبا لكلمة «امرىء» وهو مضاف و «امرىء» مضاف إليه وتختص «أيّ» هذه بوجوب إضافتها لفظا ومعنى معا، وأن يكون المضاف إليه فكرة مماثلة للمنعوت في التّنكير واللّفظ والمعنى، مثل: «استمعت إلى قصيدة أي قصيدة»، «قصيدة» مضاف إليه نكرة مماثلة للمنعوت في التّنكير واللّفظ والمعنى.

ه ـ «أي» التي تقع حالا، فهي اسم معرب مبهم يدلّ على بيان هيئة صاحبها المعرفة ويزول إبهامه بالمضاف إليه الذي يجب أن يكون نكرة مذكورة ولا يجوز قطعها عن الإضافة، مثل: «لله استاذنا أيّ استاذ» «أيّ» حال منصوب وهو مضاف «أستاذ» مضاف إليه.

ثانيا: «مع» تكون على ثلاث حالات:

1 ـ ظرف مكان يدلّ على اجتماع اثنين، أو ظرف زمان، أو ظرفا متحمّلا الزّمان والمكان معا، مثل: «لا راحة لكريم مع دنيء»؛ «مع» تدلّ على المكان، ظرف مضاف «ودنيء» مضاف إليه، ومثل: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} «مع» ظرف يدلّ على الزّمان وهو مضاف «العسر» مضاف إليه، ولكن «مع» لا يدلّ على الاجتماع في هذا المثل إنّما يدل على التّقارب الحاصل بين الوقتين، إذ لا يجتمع العسر واليسر في زمن واحد؛ ومثل: «كرّمنا العلماء مع أساتذتنا»؛ «مع» تدل على اتّحاد الزّمان والمكان معا.

وكلمة «مع» هي ظرف ملازم للإضافة لفظا و «معنى»، وملازم للإعراب، فهو منصوب بالفتحة، وقد يبنى على السّكون، إلّا إذا وقع بعده حرف ساكن فيبنى على الكسر أو على الفتح، مثل: «لا راحة مع طغيان الحاكم»، وكقول الشاعر:

«قد يدرك المتأنّي بعض حاجته ***وقد يكون مع المستعجل الزّلل»

حيث يجوز بناء «مع» على الفتح أو على الكسر لأنه تلاها ساكن.

2 ـ ظرفا بمعنى: «عند»، ولا يدلّ على اجتماع أو مصاحبة، معرب، واجب الإضافة ومجرور بـ «من» التي تدلّ على ابتداء الغاية، مثل: «الكريم هو الذي ينفق من معه لا من مع اليتيم»: «مع»: ظرف مجرور بـ «من» وهو مضاف «والهاء» في محل جر بالإضافة في الكلمة الأولى، و «اليتيم» مضاف إليه بعد «مع» الثانية.

3 ـ اسما لا ظرفا يدلّ على مجرّد اصطحاب اثنين أو أكثر، معربا منصوبا منوّنا مؤوّلا بالمشتقّ ومفردا، أي: غير مضاف ويعرب حالا، مثل: «أقبل الزميلان معا» فكلمة «معا» حال منصوب وغير مضاف، وكقول الشاعر:

«فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا***لطول اجتماع لم نبت ليلة معا»

ثالثا: «غير» هو اسم مختصّ لا ظرفيّة فيه، يدّل على مخالفة ما قبله لما بعده في حقيقة تكوينه، مثل: «الحيوان غير النّبات»، ويكون ملازما للإضافة لفظا ومعنى، مثل: «الانسان غير الحيوان»، أو معنى فقط، وذلك إذا حذف المضاف إليه وهو معلوم، وملحوظ لفظه في النّيّة والتّقدير، ومسبوق بـ «ليس»، أو بـ «لا» «النّافيتين، مثل: «زرعت شجرة ليس غير» أي: ليس غير شجرة ما زرعت، وتعرب «غير» اسم «ليس» مرفوع وخبرها محذوف، وقد يحذف المضاف ويلحظ معناه دون لفظه، مثل: «قرأت صحيفة ليس غيرها فقط» لوحظ معنى المضاف إليه دون لفظه، و «غير» اسم «ليس» وخبرها محذوف.

وقد يحذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه، فتكون «غير» معربة منوّنة نكرة، مثل: «زرعت شجرة ليس غيرا»، أي: ليس الزّرع غيرا أو مغايرا وتعرب «غيرا» خبر «ليس» واسم «ليس» تقديره «الزّرع». وقد يحذف المضاف إليه وقد لوحظ ونوي معناه دون لفظه، أي: نوي ولوحظ وجود لفظ آخر، ففي هذه الحالة تبنى «غير» على الضمّ، مثل: «أحسن الأصدقاء الباذل نفسه ليس غير»، وتعرب «غير» اسم «ليس» مبنيّ على الضّمّ في محل رفع وخبر «ليس» محذوف. وما ينطبق على «غير» ينطبق على «قبل» و «بعد»، مثل: «لله الأمر من قبل ومن بعد» فقد حذف المضاف إليه بعد «قبل» ونوي معناه دون لفظه، فهما مبنيّان على الضّمّ في محلّ جرّ بـ «من».

ومثل: «ما شربت قبلا» «قبلا»: ظرف منصوب وقد حذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه.

رابعا: «عل» كلمة هي ظرف مكان يفيد أن شيئا أعلى من آخر، فهو يبني على الضّم إذا كان معرفة ويدلّ على مكان معيّن، وحذف المضاف إليه ونوي معناه كقول الشاعر:

«ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة***وأتيت نحو بني كليب من عل»

فكلمة «عل» تدلّ على ارتفاع معيّن والتّقدير: «من علهم» أي: من فوقهم. لذلك تعرب «عل»: ظرف مبنيّ على الضّمّ في محل جرّ بـ «من» وقد حذف المضاف إليه ونوي معناه ويكون معربا إذا كان دالّا على علوّ مجهول وليس مضافا لفظا ولا معنى، كقول الشاعر:

«مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا***كجلمود صخر حطّه السّيل من عل»

حيث وردت كلمة «عل» دون أن تدلّ على علوّ معيّن، وتعرب «عل» ظرف مجرور بـ «من»، وقد حذف المضاف إليه بعده.

وكلمة «عل» في حالتي البناء والإعراب هي ظرف لا يكون إلا مجرورا بـ «من» ويكون مضافا على الأغلب.

خامسا: «حسب». وهو اسم لا يدلّ على ظرف زمان أو مكان، ويكون مضافا لفظا ومعنى، كقول الشاعر:

«وما أبغي سوى وطني بديلا***فحسبي ذاك من وطن شريف»

حيث وردت كلمة «حسبي» لا تدلّ على زمان ولا على مكان وتعرب: مبتدأ مرفوع ومعناها: «كاف» وتكون مفردة نكرة جامدة معربة، وعند ما

تؤوّل بالمشتقّ يجوز عند استعمالها مراعاة لفظها، أي: تعامل معاملة الأسماء الجامدة من حيث الإعراب فهي إما مبتدأ، أو خبر... ومراعاة معناها، أي: معاملتها معاملة اسم الفاعل كاف ولا تقع إلا نعتا بعد نكرة، أو حالا بعد معرفة، مثل: «استمعت إلى طبيب حسبك من طبيب» «حسب» نعت لأنها وقعت بعد نكرة، ومثل: «استعملت إلى الشاعر شوقي حسبك من شاعر» «حسب» حال منصوب لأنها أتت بعد معرفة. وقد يحذف المضاف إليه بعد «حسب» وينوى معناه فقط، وفي هذه الحالة يكون لفظه جامدا مؤوّلا بالمشتق، مفردا، نكرة، مبنيّا على الضّم فيصير المعنى «ليس غير» ويكون نعتا لنكرة، أو حالا بعد معرفة، أو مبتدأ بشرط اقترانه بالفاء أو قد يكون خبرا، مثل: «إنّ لكلّ بلدة حاضرة فحسب» أي: لا غير وتعرب كلمة «حسب» نعتا مبنيا على الضّمّ في محل نصب. ومثل: «تسعت البناية حسب»، «حسب»: حال مبني على الضّم في محل نصب، ومثل: «اشتريت ثلاثة كتب فحسب» «فحسب» «الفاء»: زائدة. «حسب» مبتدأ مبنيّ على الضّمّ في محل رفع خبره محذوف.

سادسا: «أوّل». لهذه الكلمة استعمالات كثيرة منها:

1 ـ تكون اسما لا ظرفا ومعناه مبدأ الشّيء، كقول الشاعر:

«عرف الناس أنّ حاتم طيّء***أوّل في النّدى وأنت الثاني»

2 ـ يكون اسما جامدا، لا ظرفية فيه، مؤولا بالمشتقّ، ومعناه «أسبق» الدّالة على التّفضيل، وهو معرب ممنوع من الصّرف للوصفية ووزن الفعل، مثل: «أنت في الكرم أول من هذين الرّفيقين». «أول» خبر المبتدأ مرفوع.

3 ـ أن يكون ظرفا بمعنى «قبل» ويجري عليه حكم «قبل» و «غير»... ويعرب إذا كان مضافا لفظا ومعنى، مثل: «أسرعت للغريق أول القادمين» «أول» حال منصوب وهو مضاف «القادمين»: مضاف إليه مجرور «بالياء» لأنه جمع مذكّر سالم. ويعرب أيضا إذا حذف المضاف إليه ونوي لفظه نصّا، مثل: «أسرعت للغريق أول...» «أول» حال منصوب. وإذا حذف المصاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه، مثل: «أسرعت للغريق أولا»: «أولا»: حال منصوب.

ويبنى على الضم إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه مثل: «أسرعت للغريق أوّل». «أول»: حال مبني على الضّمّ في محل نصب.

حذف المضاف: يجوز حذف المضاف بثلاثة شروط:

1 ـ إذا وجدت قرينة تدلّ على المضاف نصّا، أو بمعناه، بحيث لا يؤدي الحذف إلى لبس أو تغيير، كقوله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} أي: اسأل أهل القرية.

2 ـ إذا صحّ أن يقوم المضاف إليه مقام المضاف المحذوف، فيكون فاعلا، كقوله تعالى: {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} أي: وجاء أمر ربك، «ربّك»: فاعل جاء. أو مفعولا به كقوله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} «القرية»: مفعول به وكقوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي: حبّ العجل. «العجل» مفعول به منصوب. أو مفعولا مطلقا كقول الشاعر:

«ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا***وبتّ كما بات السليم مسهّدا»

أي: ألم تغتمض عيناك اغتماض ليلة أرمدا. «ليلة» مفعول مطلق منصوب أو مبتدأ، كقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} أي: زمن الحجّ: «الحجّ» مبتدأ مرفوع. أو خبرا للمبتدأ، مثل: «الدّنيا هي إقبال وإدبار» والتّقدير: هي ذات إقبال وإدبار. «إقبال»: خبر المبتدأ مرفوع، أو خبرا لناسخ، كقوله تعالى: {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} والتّقدير: ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله. «من» خبر «لكنّ» اسم موصول مبنيّ على السّكون في محل نّصب. أو ظرفا، مثل: «وصلت إلى المدرسة طلوع الشمس» أي: وقت طلوع الشمس. «طلوع» ظرف منصوب. أو مفعولا لأجله، مثل: «أطعت أمي رضاءها» أي لأجل رضائها. «رضاءها»: مفعول لأجله منصوب «والهاء» في محل جرّ بالإضافة، أو مفعولا معه، مثل: «رجعت للبيت والليل»، «الليل»: مفعول معه منصوب، أو حالا، مثل: «تفرّق الأعداء أيادي سبأ» أي: مثل «أيادي سبأ» «أيادي»: حال منصوب. أو صفة، مثل: «سخرت من أصحاب أيادي سبأ» أي من أصحاب مثل أيادي سبأ.

«أيادي»: نعت أصحاب مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصّرف، أو مجرورا، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ} أي: فليس من مرضاة الله في شيء، فكلمة الجلالة «الله» اسم مجرور بـ «من»، ففي كل هذه الأمثلة يحلّ المضاف إليه محلّ المضاف في إعرابه وحركته.

ويجوز أن يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على حاله مجرورا، وذلك إذا كان المضاف المحذوف معطوفا على كلمة مضافة مذكورة مماثلة له في اللّفظ والمعنى، وأن يكون حرف العطف متّصلا بالمضاف إليه، أو منفصلا منه بـ «لا» النّافية، مثل: «ما كلّ سوداء فحمة ولا بيضاء شحمة» أي: ولا كلّ. فالمضاف «كل» محذوف وهو معطوف على كلمة مماثلة لفظا ومعنى وفصل بين «الواو» والمضاف إليه حرف النّفي «لا»، ومثل:

«أكلّ امرىء تحسبين امرءا***ونار توقّد بالليل نارا»

والتّقدير: وكل نار. وكقول الشاعر:

«ولم أر مثل الخير يتركه الفتى ***ولا الشّرّ يأتيه امرؤ وهو طائع»

أي: ولا مثل الشّر.

3 ـ إذا كان المضاف إليه ممّا يصلح أن يحلّ محلّ المضاف المحذوف في إعرابه. إذ لا يصحّ حذف المضاف إذا كان المضاف إليه جملة، كقوله تعالى: {فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}. «حين» ظرف وهو مضاف، والمضاف إليه هو جملة «تمسون» وجملة «تصبحون» لذلك لا يصحّ حذف المضاف.

وإذا لم يتحقق شرط من هذه الشروط الثّلاثة لا يصح حذف المضاف.

حذف المضاف إليه: ويحذف المضاف إليه في ثلاث حالات:

1 ـ أن يحذف المضاف إليه وينوى معناه فيبنى المضاف على الضّمّ وذلك عند ما يكون المضاف كلمة «غير»، أو «قبل»، أو «بعد»، أو «حسب»، مثل: «استشار الولد أباه ليس غير»، «ولم يستمع لأحد قبل ولا بعد»، «غير»: اسم «ليس» مبنيّ على الضّمّ في محل رفع وقد حذف المضاف إليه بعده ونوي معناه، وكذلك «قبل» و «بعد».

2 ـ أن يحذف المضاف إليه ولا ينوى لفظه ولا معناه فيرجع المضاف معربا كما كان قبل الحذف ويقبل التّنوين، كقوله تعالى: {وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى} والتّقدير وكلّ فريق. فقد حذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه لذلك نوّن المضاف.

3 ـ أن يحذف المضاف إليه وينوى ثبوت لفظه، فيبقى المضاف على إعرابه، ولا ينوّن، وتبقى أحكام الإضافة بعد الحرف كما كانت قبله، وذلك إذا كان المضاف اسما تامّا أي: لا يدل على الغايات مثل: «قبل، وبعد»، وأن يعطف عليه اسم عامل في لفظ مشابه للمضاف إليه المحذوف في صيغته ومعناه، كقول الشاعر:

«يا من رأى عارضا يسرّ به ***بين ذراعي وجبهة الأسد»

والتّقدير: بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد. وقد يكون الاسم العامل في لفظ مشابه للمضاف إليه مضافا، كالبيت السّابق، أو غير مضاف، كقول الشاعر:

«علّقت آمالي فعمّت النّعم ***بمثل أو أنفع من وبل الدّيم»

والتّقدير بمثل وبل الديم أو بأنفع من وبل الدّيم، حيث عطف على المضاف كلمة «بأنفع» وهو غير مضاف إلى ما بعده.

نعت المضاف والمضاف إليه: إذا كان النعت بعد المركّب الإضافي مثل: «عبد العزيز، سيف الدين»، فيكون تابعا للمضاف، لأنه المقصود الأساسيّ بالحكم، إلا إذا قام دليل على أن المقصود بالنّعت هو المضاف إليه، أو أن المضاف هو كلمة «كل»، مثل: «جاء أبو عليّ الشجاع»: «الشجاع»: نعت «أبو» مرفوع بالضّمة، ومثل: «أسرع إلى بذل الجهود الصّادقة لإنقاذ الغريق». «الصادقة»: نعت «الجهود» وهو المضاف إليه، وذلك لإقامة القرينة التي تدل على أن المنعوت هو المضاف إليه، وهذه القرينة هي تأنيث كلمة «الصّادقة» تبعا للمنعوت «الجهود».

ومثل: «كلّ أمّ مخلصة هي دعامة الأسرة» «مخلصة» نعت للمضاف إليه «أم» بدليل تأنيث النّعت والمنعوت.

المضاف إلى ياء المتكلم: إضافة الاسم إلى ياء المتكلّم تستلزم أحكاما في ضبط آخر المضاف، وفي ضبط ياء المتكلم، ويتبيّن ذلك في ما يلي:

أولا: يجب كسر آخر المضاف، وبناء ياء المتكلّم على السّكون أو على الفتح في محل جرّ وذلك:

1 ـ إذا كان المضاف اسما مفردا صحيح الآخر، كقول الشاعر:

«أأكذب عامدا من أجل مال ***فليس بنافعي ما عشت مالي»

«مالي»: اسم صحيح الآخر، كسر آخره وياء المتكلّم مبنيّة على السّكون.

2 ـ إذا كان المضاف اسما مفردا معتلّا شبيها بالصّحيح أي: ما كان في آخره «واو» أو «ياء» متحرّكة، مثل كلمة: «شجو، وسقي» فتقول: «إن صديقي الحقّ من يبدّد شجوي ويزيد صفوي». فكلمة «صديقي» اسم صحيح الآخر كسر آخره وبنيت «الياء» على السّكون وكلمة «شجوي» شبيهة بالصّحيح ومنتهية بواو متحرّكة، لذلك كسر الآخر وبنيت «الياء» على السّكون، ومثلها كلمة «صفوي». ومثل: «صفوي يكدره بغيي».

3 ـ إذا كان المضاف جمع تكسير، مثل: «أحبّ رفاقي».

4 ـ إذا كان المضاف جمع مؤنث سالما، مثل: «تحبّ زميلاتي التسابق في العمل» ومثل: «أحبّ لزميلاتي ما أحبّ لنفسي» ومثل: «أحبّ زميلاتي لأنهنّ أهل لذلك» ويخضع المضاف إلى «ياء» المتكلّم لأحكام المنادى الصّحيح الآخر المضاف إلى ياء المتكلّم أي: يجوز حذف ياء المتكلّم مع بقاء الكسرة لتدلّ عليها، مثل قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} وكقوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ} فقد حذفت «الياء» في الآية الأولى من كلمة «دين» وعوّض منها بالكسرة، كما حذفت، «الياء» في الآية الثّانية من الفعلين «أكرمن وأهانن» وعوّض منها بالكسرة، ومثل: «عاهدت نفس على التزام الأخلاق الفاضلة»، ويجوز قلب الياء «ألفا» مثل: «وقفت نفسا...» «نفسا»: مفعول به منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا. و «الألف» المنقلبة عن «ياء» في محل جرّ بالإضافة. أو حذف «الياء» والتّعويض منها بـ «تاء» التّأنيث مبنيّة على الفتح، أو الكسر، أو الضّمّ بشرط أن يكون المضاف لفظة «أمّ» أو «أب»، مثل: يا أبت يا أبت، يا أمّت، يا أمّت، ويدخل في حكم المضاف الصّحيح الآخر عند إضافته إلى «ياء» المتكلّم الأسماء الخمسة أي: «أب»، «أخ»، «حم»، «فم»، «هن»، من دون «ذو»، وتعرب بحركات مقدّرة على ما قبل «ياء» المتكلّم.

ثانيا: يجب تسكين آخر المضاف وبناء «ياء» المتكلّم على الفتح وذلك:

1 ـ إذا كان المضاف اسما مقصورا أي: منتهيا بألف لازمة، مثل: «هدى»، «فتى»، «رضى» فتقول: «هداي يدلّني على الطّمأنينة»، ومن العرب من يقلب ألف المقصور «ياء» فتقول: «هديّ يدلّني على السّعادة» هديّ: مبتدأ مرفوع بالضّمّة المقدّرة على الألف المقصورة المنقلبة «ياء» والمدغمة في «ياء» المتكلّم وهذه «الياء» في محل جرّ بالإضافة.

إذا كان الاسم منقوصا منتهيا بياء لازمة مكسور ما قبلها غير مشدّدة مثل: «الهادي» «الوالي» «الداعي»، «القاضي»، فتدغم ياء المنقوص بياء المتكلّم المبنيّة على الفتح، فتقول: «يا أستادي أنت هاديّ إلى الرشاد»؛ «هاديّ»: خبر المبتدأ مرفوع بالضّمّة المقدّرة على «ياء» المنقوص وهو مضاف و «ياء» المتكلّم في محل جرّ بالإضافة وهي مبنيّة على الفتح.

3 ـ إذا كان المضاف مثنى أو شبهه، ففي حالة الرّفع تبقى الألف وتزاد بعدها ياء المتكلّم مبنيّة على الفتح بعد حذف «نون» المثنّى المضاف، فتقول: «حفظت يداي مال أخي» «يداي»: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى وهو مضاف و «ياء» المتكلّم المبنيّة على الفتح في محلّ جرّ بالأضافة وكلمة «أخي» مضاف إليه مجرور بالكسرة قبل «ياء» المتكلّم وهو مضاف و «ياء» المتكلّم المبنيّة على السّكون في محلّ جرّ بالإضافة. وفي حالتي النّصب والجرّ تبقى «ياء» المثّنى وتدغم في «ياء» المتكلّم المبنيّة على الفتح بعد حذف نون الجمع مثل: «يا معلميّ الاخلاص والتّفاني»، «معلمي»: منادى منصوب «بالياء» لأنه جمع مذكر سالم وهو مضاف و «ياء» المتكلّم المبنيّة على الفتح في محل جرّ بالإضافة، وحذفت منه «النون» عند الإضافة.

ومثل: «أنا أحبّ معلميّ»؛ «معلمي»: مفعول به منصوب «بالياء» لأنه مثنّى وحذفت «نون» التّثنية للإضافة وهو مضاف و «ياء» المتكلّم المبنيّة على الفتح في محل جرّ بالإضافة، ومثل: «لمعلميّ فضل كبير في تعليمي أو لمعلميّ...».

4 ـ إذا كان المضاف جمع مذكر سالم أو شبهه، فشبه الجمع هو العقود من عشرين إلى تسعين، وشبه المثنّى اثنان وثنتان... ففي حالة الرّفع تقلب «واو» الجمع «ياء» ثم تدغم بياء المتكلّم بعد حذف نون الجمع عند الإضافة، كقول الشاعر:

«أودى بنيّ وأعقبوني حسرة***عند الرّقاد وعبرة لا تقلع»

حيث أتى شبيه الجمع «بني» وهو فاعل «أودى» مرفوعا بالواو المنقلبة «ياء»، وحذفت «النّون» للإضافة، و «ياء» المتكلّم، المدغمة بالياء الأولى، مبنيّة على الفتح في محل جرّ بالإضافة. وفي حالتي النّصب والجرّ تدغم ياؤه بياء المتكلّم المبنيّة على الفتح بعد حذف «النون» للإضافة، كقوله تعالى: {وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} «بمصرخي»: اسم مجرور بالباء وعلامة جرّه «الياء»؛ وحذفت نون الجمع للإضافة، و «ياء» المتكلّم، المدغمة، بياء الجمع، مبنيّة على الفتح في محل جرّ بالإضافة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


12-المعجم المفصل في النحو العربي (أفعال المقاربة)

أفعال المقاربة

اصطلاحا: هي أخوات «كاد» التي تدلّ على قرب وقوع الأمر. وألفاظها: «كاد»، و «كرب» و «أوشك» وهي تعمل عمل «كان». تدخل على مبتدأ خبره فعل مضارع يجوز اقترانه بـ «أن» أو تجرّده منها كقوله تعالى: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ} «زيتها» اسم «يكاد» مع «الهاء» في محل جرّ بالإضافة، وجملة «يضيء» في محل نصب خبر «يكاد». وهذه الأفعال قد يؤخذ منها مضارع، كالآية السّابقة أو اسم فاعل، كقول الشاعر:

«أموت أسى يوم الرّجام وإنّني ***يقينا لرهن بالذي أنا كائد»

والتقدير: كائد ألقاه. وكقول الشاعر:

«وتعدو دون غاضرة العوادي ***فإنّك موشك أن لا تراها»

«موشك»: اسم فاعل من «أوشك» عملت عمل الماضي فاسمها ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت، وخبرها «أن» وما بعدها في تأويل مصدر هو خبر موشك، وكقول الشاعر:

«أبنيّ إنّ أباك كارب يومه ***فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل»

وقد تأتي أوشك تامّة فتكون مكتفية بمرفوعها، وذلك إذا تلاها «أن» والفعل، مثل: «أوشك أن ينزل المطر» «أن» وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل «أوشك». ومثلها «عسى» وقد يتقدم عليها اسم يصحّ إسناده إلى ضميرها فيجوز فيها وجهان: إما أن تكون تامّة فتلزم صورة واحدة في كل حالات الإعراب، مثل: «الولد عسى أن يشفى» «والبنت عسى أن تشفى» وإما أن تكون ناقصة فتتصل بضمير مطابق لما قبلها فتقول: «الطّالبة عست أن تنجح» «الطالبتان عستا أن تنجحا» «والوالدان عسيا أن ينجحا»..

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


13-المعجم المفصل في النحو العربي (أن التفسيرية)

أن التّفسيريّة

استعملها النّحاة بعدّة وجوه ومعان منها:

أولا: هي حرف مصدريّ ينصب الفعل المضارع. انظر: كيف تنصب «أن» في باب تصريف الأفعال.

ثانيا: هي حرف تفسير غير عامل ومعناه التّفسير والتّبيين مثل «أي» التّفسيريّة ولا تكون كذلك إلّا بشروط منها:

1 ـ يجب أن تقع بعد جملة فيها معنى القول مثل: «كتب»، «أشار»، «صرخ»، «أمر»، «صرّح»، «أومأ»... أمّا إذا وقعت بعد جملة مستقلة متضمّنة القول بمعناه وحروفه فتكون «أن» زائدة وليست مفسّرة، مثل: «قلت له أن ادرس درسك».

2 ـ أن تأتي قبل جملة مستقلّة تتضمّن معنى الأولى وتوضح المراد منها، أمّا إذا لم تأت قبل جملة مستقلّة فيمتنع مجي «أن»، لذلك لا نقول: «أشرت إليه أن لعبا» بل نقول، كقوله تعالى: {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} (8) فقد أتت «أن» قبل جملة مستقلّة توضح المعنى المراد من الجملة قبلها «فأوحينا».

3 ـ ألا تقترن بحرف جرّ ظاهر أو مقدّر لأنها لا تكون عندئذ مفسّرة بل مصدريّة لأن حرف الجرّ لا يدخل إلّا على الأسماء، «وأن» المصدريّة تؤوّل مع ما بعدها بمصدر يكون مجرورا بحرف الجرّ الظّاهر أو المقدّر، كقول الشاعر:

«أو تحلفي برّبك العليّ ***أنّي أبو ذيّالك الصبيّ»

والتّقدير: على أنّي... فالمصدر المؤوّل من «أن» المصدريّة واسمها وهو «الياء» وخبرها «أبو”

في محل جرّ بحرف الجرّ المقدّر «على».

ولم يؤيّد الكوفيّون مجي «أن» حرف تفسير بدليل عدم قبول «أي» مكانها في المثل: «أشرت أليه أن قم» أو في: «كتبت إليه أن قم».

وإذا جاء بعد «أن» التي تفيد التّفسير حرف النّفي «لا» جاز أن يكون المضارع بعدها مرفوعا على تقدير «أن» مفسّرة «ولا» حرف نفي، أو مجزوما على تقدير «أن» مفسّرة «ولا» النّاهية. أو منصوبا على تقدير «أن» مصدريّة ونصب «ولا» النّافية مثل: «كتبت إليه أن لا تتكاسل». فالجزم «تتكاسل» على اعتبار «أن» مفسّرة «ولا» النّاهية تجزم المضارع. والنّصب «تتكاسل» على اعتبار «أن» حرف مصدريّ ونصب «ولا» النّافية، والرّفع «تتكاسل» على اعتبار «أن» مفسّرة «ولا» النافية.

والجملة الفعليّة «تتكاسل» في محل نصب مفعول به لفعل «كتبت» أو في محل بدل من الفعل «كتبت» وذلك لأن مضمون الكتابة هو عدم التّكاسل أو عطف بيان من «كتبت». ويرى آخرون أن لا محل لها من الإعراب وكذلك في قوله تعالى: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ} فمضمون النّداء هو الإشارة إلى الجنة فعليه تكون أن المفسّرة مع ما دخلت عليه في محل بدل أو عطف بيان من الجملة السّابقة. وأمّا قوله تعالى: {إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ} ففيها تعرب «ما يوحى» مفعولا به ظاهرا، والجملة «أن اقذفيه» المؤلفة من «أن» المفسّرة وما بعدها في محل بدل أو عطف بيان من الجملة الأولى «فأوحينا إلى أمّك...» وقد يكون المفعول به مقدّرا كما في قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} على تقدير: أوحينا إليه شيئا فالمفعول به مقدّر هو كلمة «شيئا» وجملة «أن اصنع الفلك» في محل بدل من «أوحينا».

ثالثا: «أن» المخفّفة من «أنّ» هي حرف مصدريّ يعمل عمل «أنّ» المشدّدة عند البصريّين، وهو لا يعمل عند الكوفيّين، ويقع بعد فعل من أفعال اليقين مثل: «رأى»، «علم»، «ألفى»، «وجد»... كقوله تعالى: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} والتّقدير: أنّه لا يرجع... وكقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى} والتّقدير: أنّه سيكون... وكقول الشاعر:

«زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا***أبشر بطول سلامة يا مربع»

والتّقدير أنه سيقتل مربعا. انظر: حكم عمل «أن» المخففة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


14-المعجم المفصل في النحو العربي (أن الزائدة)

أن الزّائدة

خامسا: «أن» الزّائدة. ولها مواقع عدّة منها:

1 ـ بعد «لمّا» الظّرفيّة، كقوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} والتّقدير: حين أن جاءت، أو حين مجيء، أو حين جاءت.

«أن» زائدة وكقوله تعالى: لما {أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ} والتّقدير: حين جاء... «أن» زائدة..

2 ـ تقع بين القسم و «لو»، كقول الشاعر:

«أما والله أن لو كنت حرّا***وما بالحرّ أنت ولا العتيق “

حيث وقعت «أن» بين القسم «والله» وبين «لو» فهي زائدة. ويروى هذا البيت كما يلي:

«أما والله عالم كلّ غيب ***وربّ الحجر والبيت العتيق»

«لو انّك يا حسين خلقت حرّا***وما بالحرّ أنت ولا الخليق»

ففي رواية البيت على هذا النّحو لم تأت «أن» بين القسم و «لو». فلا شاهد فيه ومثل:

«فأقسم أن لو التقينا وأنتم ***لكان لكم يوم من الشّرّ مظلم»

حيث وقعت «أن» بين فعل القسم «فأقسم» و «لو» فهي زائدة. ويروى هذا البيت على نحو آخر: «وأقسم لو أنّا التقينا» فلا شاهد فيه على هذا الشّكل.

3 ـ «أن» زائدة إذا وقعت بين حرف الجر «الكاف» وبين مجرورها، كقول الشاعر:

«ويوما توافينا بوجه مقسّم ***كأن ظبية تعطو إلى وارف السّلم»

حيث وقعت «أن» بين حرف الجر «الكاف» والاسم المجرور بها «ظبية» وهذا على قول من جرّ «ظبية». أما على رواية رفع «ظبية»: «كأن ظبية» فتكون «كأن» مخفّفة من «كأنّ» فاسمها ضمير الشأن محذوف وخبرها «ظبية».

4 ـ وتأتي «أن» زائدة بعد «إذا»، كقول الشاعر:

«فأمهله حتى إذا أن كأنّه ***معاطي يد في لجّة الماء غامر»

حيث أتت «أن» زائدة بعد «إذا».

وفي كل المواقع هذه تكون «أن» زائدة فلا عمل لها وتفيد التّوكيد. ويرى الأخفش أنّها تنصب المضارع، ودعم حجّته بالسماع، في قوله تعالى: {وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ} وبالقياس في قوله تعالى: {وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا} على اعتبار أنها زائدة ولكنها تنصب على اللفظ كما يجر حرف الجرّ على اللّفظ في قولنا: «ما في البيت من أحد» وفي قوله تعالى: {مَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} وردّ قوله بأن حرف الجرّ الزّائد يعمل كالأصليّ وهما مختصان بالأسماء، أمّا «أن» الزّائدة فلا عمل لها وهي في الآيتين السّابقتين مصدريّة دخلت بعد «ما لنا» بمعنى «ما منعنا» في الآية الأولى وبعد «ما لكم» بمعنى ما منعكم في الآية الثانية. و «أن» الزّائدة تدخل على الفعل كما في الآيتين وعلى الاسم كدخولها على «ظبية» في البيت السّابق.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


15-المعجم المفصل في النحو العربي (إن وأخواتها)

إنّ وأخواتها

هي أحرف مشبّهة بالفعل، وسمّيت بهذا الاسم لأنها تشبه الفعل في خمسة أمور أولها: تضمنها معنى الفعل. وثانيها: بناؤها على الفتح كالفعل الماضي، وثالثها: قبولها «نون» الوقاية كالفعل، مثل: «كأنني»، «لكنني»، «ليتني»، «لعلّني». ورابعها: عملها الرّفع والنّصب كالفعل. وخامسها: تأليفها من ثلاثة أحرف فما فوق وقد تكون هذه التّسمية راجعة إلى أن هذه الأحرف يبطل عملها بالرّفع والنّصب إذا دخلها مثل، «ما» الكافّة. وهذه الأحرف هي من النّواسخ التي تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الأول وتسميه اسمها وترفع الثّاني وتسميه خبرها، مثل: «إنّ المطر غزير»، وهذه الحروف هي: «إنّ»، «أنّ»، «لكنّ»، «ليت»، «وكأنّ»، و «لعلّ»، ويلحق بها في العمل «عسى» التي بمعنى لعلّ و «لا» النّافية للجنس.

مقارنة «إنّ» بـ «كان»: تتّحد «إنّ» و «كان» في كونهما من النّواسخ، أي: بدخولهما على المبتدأ أو الخبر، ولكنهما يختلفان في أمور عدّة منها:

1 ـ «إنّ» وأخواتها تنصب المبتدأ اسما لها، وترفع الخبر خبرا لها، أمّا «كان» وأخواتها فترفع المبتدأ اسما لها وتنصب الخبر خبرا لها.

2 ـ «إنّ» وأخواتها حروف مشبّهة بالفعل، أمّا «كان» وأخواتها فمنها أفعال مثل: «كان»، و «أصبح»، و «أضحى»، و «ظلّ»، و «بات»...، ومنها حروف كالحروف المشبّهة بـ «ليس» أي: «ما»، و «لا»، و «لات»، و «إن».

ومنها أسماء وهي المشتقات كاسم الفاعل الذي يعمل عمل هذه الأفعال، مثل: كائن...

3 ـ «إنّ» وأخواتها لا بدّ أن تكون في صدر جملتها إلا «أنّ» المفتوحة الهمزة مع تشديد النّون فيجوز أن يسبقها شيء من جملتها، ويجب أن تكون مع معموليها جزءا من جملة أخرى في الإعراب، أمّا «كان» وأخواتها فليست لازمة التّصدير.

تشبيهها بالفعل: سمّيت هذه الأدوات حروفا مشبّهة بالفعل لأنها تعمل عمل الفعل كما سبق وهي تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الاسم وترفع الخبر. ويقول الكوفيّون الأصل في هذه الحروف ألّا تنصب الاسم، وإنّما نصبته لأنها شبّهت بالفعل فهي فرع عليه، وتقديم المنصوب على المرفوع فرع وليس أصلا، فألزموا الفرع الفرع، أو لأنّها أحطّ من الأصل. والحروف هذه لمّا أشبهت الفعل لفظا ومعنى ألزموا فيها تقديم المنصوب ليعلم أنها حروف وليست أفعالا، إنما شبّهت بها من ناحية العمل، وقد تكون تسميتها حروفا لأنها تتضمن معنى الفعل دون حروفه، وقد تكون هذه التّسمية راجعة إلى أن هذه

الأحرف يبطل عملها بالرّفع والنّصب إذا دخلتها «ما» الكافّة.

معانيها: إن الأحرف المشبّهة بالفعل تتضمّن معنى الفعل دون حروفه، فـ «إنّ» و «أنّ» معناهما التّوكيد، أؤكّد، «لكنّ» الاستدراك، أستدرك، «ليت» التّمني، أتمنى، «لعلّ» الترجّي أرجو، و «كأن» التّشبيه أشبّه ولكلّ منها أحكام خاصة بالمعنى وباللّفظ، أو بالعمل، أو ببطلانه.

يفيد «أن» وأنّ توكيد نسبة المبتدأ للخبر، وإزالة الشّكّ عنه، ويغنيان عن تكرار الجملة، ولا يستعملان إلّا في توكيد الإثبات، وقد تكون «أنّ» المفتوحة الهمزة للترجّي مثل «لعل» وذلك بشروط منها: أنه يجب أن تلزم الصّدارة، وأن تكون الجملة التي تدخل عليها اسميّة، ولا تؤوّل مع معموليها بمصدر، ولا أن يتقدّم أحد معموليها ولا معمول أحدهما عليها، مثل: «أنك بارع عندي».

«أنّ» بمعنى «لعلّ» والتّقدير: لعلك بارع عندي.

«أنك» «أنّ» حرف مشبّه بالفعل و «الكاف» ضمير متصّل مبنيّ على الفتح في محل نصب اسم «أنّ» «بارع»: خبر «أنّ» عندي: ظرف منصوب متعلق بـ «بارع» وهو مضاف. و «الياء» في محل جر بالإضافة. وقد تكون «إنّ» المكسورة الهمزة بمعنى «نعم»، فتعتبر حرف جواب، لا عمل لها، كقول الشاعر:

«قالوا: كبرت، فقلت: إنّ، وربّما***ذكر الكبير شبابه فتطرّبا»

حيث وردت «إنّ» بمعنى «نعم». وقد تلحقها «هاء» السّكت، كقول الشاعر:

«ويقلن شيب قد علا***ك، وقد كبرت، فقلت: إنّه»

حيث وردت «إنّه» بمعنى «نعم»، وقد اتصلت «بهاء» السّكت. ويجوز أن يقع المصدر المنسبك من «أنّ» ومعموليها اسما ل «إنّ» أو لإحدى أخواتها، بشرط أن يتأخّر الاسم ويتقدّم عليه خبرها شبه جملة، مثل: «إنّ عندي أنك مخلص» «إنّ»: حرف مشبه بالفعل. «عندي» ظرف متعلّق بخبرها المحذوف تقديره: موجود. و «الياء» في محل جرّ بالإضافة. و «أنك»: حرف مشبه بالفعل مع «الكاف» اسمه. «مخلص»: خبره. والمصدر المنسبك من «أنّ» واسمها وخبرها في محل نصب اسم «إنّ». ومثل: «كأنّك في قلبي أنّك عطوف» و «لعلّ في ذهنك أنّك أخلص النّاس إليّ».

ومن المعروف أن هذه الحروف تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الاوّل، وترفع الثّاني، لكن من العرب من ينصب بها الاثنين معا. كقول الشاعر:

«إذا اسودّ جنح اللّيل فلتأت ولتكن ***خطاك خفافا إنّ حراسنا أسدا»

حيث وردت «إنّ» وقد نصبت الاسم «حرّاسنا» كما نصبت الخبر «أسدا» على لغة من ينصب الجزأين بها. ولكن من العرب من يرفض هذا الحكم ويفسّر إعراب الجزأين في هذا البيت على الوجه التّالي: «أسدا»: مفعول به لفعل محذوف تقديره: يشبهون أسدا. والجملة الفعلية هي خبر «إنّ»، فيكون الخبر غير منصوب، لأنه غير موجود. وكقول الشاعر:

«كأنّ أذنيه إذا تشوّفا***قادمة أو قلما محرّفا»

حيث تعرب «أذنيه» اسم «كأنّ» منصوب بالياء لأنه مثنى و «الهاء» في محل جرّ بالإضافة.

«قادمة» «خبر» كأنّ، منصوب. وعلى الوجه الإعرابي الآخر: «قادمة»: مفعول به لفعل

محذوف، والتّقدير: كأنّ أذنيه تشبهان قادمة أو قلما. ومثل:

«قد طرقت ليلى بليل هاجعا***يا ليت أيّام الصّبا رواجعا»

حيث نصبت «ليت» الاسم «أيام» والخبر «رواجعا». وعلى الوجه الآخر. «رواجعا» مفعول به لفعل محذوف تقديره: يا ليت أيام الصّبا تعود رواجعا.

ويشترط في عمل «إنّ» و «أنّ» ألّا تدخل عليهما «ما» الزّائدة التي تسمى أيضا «ما» الكافّة، لأنها تكفّ النّاسخ عن العمل وتكفّ نفسها عن أن تكون موصولة، أو موصوفة، وهو يكفّها عن أن تكون غير الزّائدة، فلذلك تسمى «إنما» أو «أنّما» كافّة ومكفوفة، كقول تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ} وكقوله تعالى: {قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ} وفي الآيتين بطل عمل «إنما» و «أنما» لدخول «ما» الزائدة عليهما. كما أن في الآية الثانية دخلت «إنّما» على الفعل المضارع «يوحى».

شروط اسمهما: يشترط في اسم «إنّ» و «أنّ» وفي اسم سائر أخواتهما أن لا يكون من الكلمات التي تلازم الابتداء، مثل: «طوبى»، ولا من الكلمات التي لها حق الصّدارة كأسماء الشّرط، والاستفهام، ولا من الكلمات المضافة إلى ما لها حقّ الصّدارة، مثل: «كتاب من قرأته» وأن لا يكون اسمها في الأصل مبتدأ وجب حذفه، مثل: «مررت بزيد المسكين العالم». فكلمة «العالم» نعت مقطوع على الرّفع وهو خبر المبتدأ محذوف تقديره: هو.

شروط الخبر: ويشترط في خبرهما أحكام عدّة منها:

1 ـ ألا يكون إنشائيا طلبيّا أو غير طلبيّ.

فالانشاء الطلبيّ هو الذي يشمل الأمر، والنّهي، والدّعاء، والاستفهام، والعرض، والتّحضيض، والتّمني، والتّرجي. أما الإنشاء غير الطّلبي فيشمل: التّعجب، وجملة المدح والذّم، وجملة القسم نفسه، و «كم» الخبريّة، وربّ، وألفاظ البيع، مثل: بعت لك ما حلبت، أو وهبت..

ويصحّ أن يكون هذا الخبر من الإنشاء المتضمّن «نعم» و «بئس»، مثل: «إنّ زيدا نعم الصّديق» فجملة «نعم الصديق» جملة فعليّة في محل رفع خبر «إنّ» ومثل: «إنّ الخائن بئس الرّجل».

فجملة «بئس الرجل» خبر إنّ. ولا يصحّ أن تقول: «إنّ الفقير أحسن إليه» ولا أن تقول: «إن الفقير لا تهنه».

2 ـ ويشترط التّرتيب بين الاسم والخبر، فلا يتقدّم الخبر على الاسم إذا كان مفردا مثل: «إنّ الموت حقّ». الموت اسم «إنّ»؛ «حقّ»: خبرها. أو إذا كان جملة اسمية كانت، مثل: «إنّ العلم فوائده جمّة» فالجملة الاسميّة «فوائده جمّة» هي خبر «إنّ» أو فعليّة، مثل: «إن العقلاء ينفرون من الجرائم» الجملة الفعليّة «ينفرون من الجرائم» في محلّ رفع خبر «إنّ». وكقول الشاعر:

«إنّ الأمين، إذا استعان بخائن ***كان الأمين شريكه في المأثم»

حيث وردت جملة «كان» واسمها وخبرها «خبرا» ل «إنّ» متأخّرا عن الاسم أما إذا كان الخبر شبه جملة فيجوز أن يتقدّم على الاسم فقط، كقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى، وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى} وكقوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيمًا} وكقول الشاعر:

«فلا تلمني فيها فإنّ بحبّها***أخاك مصاب القلب جمّ بلابله»

وفيه وردت شبه الجملة «بحبّها» خبرا ل «إنّ» متقدّما على الاسم، وكقول الشاعر:

«إنّ من الحلم ذلّا أنت عارفه ***والحلم عن قدرة فضل من الكرم»

حيث تقدّم الخبر شبه الجملة «من الحلم» على اسم «إنّ».

ويجب أيضا أن يتقدّم الخبر شبه الجملة على الاسم، إذا اشتمل على ضمير يعود على الخبر، مثل: «إنّ في الجامعة مديرها». «مديرها» اسم إنّ» متأخر عن الخبر لأنه يتضمن ضميرا يعود على الخبر. ومثل: «إن أمام البيت حارسه».

وقد يحذف خبر «إنّ» إذا سدّت مسدّه إمّا «واو» المعيّة، مثل: «إنّك وصدقا» أي: إنك مع الصّدق، أو مع صدق، أو يسدّ مسدّه المصدر المكرّر، مثل: «إن الطلاب صفّا صفّا»، أو الحال، كقول الشاعر:

«إن اختيارك ما تبغيه ذا ثقة***بالله مستظهرا بالحزم والجدّ»

حيث أتى الحال «ذا ثقة» سادا مسد الخبر وكذلك الحال «مستظهرا»: حال ثانية.

فتح همزة إنّ: يجب فتح «إنّ» في موضع واحد، هو أن يصحّ أن تسبك مع ما بعدها بمصدر يكون جزءا من جملة مفتقرة:

1 ـ إلى فاعل، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا}. «أن» وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل «يكفهم» والتّقدير: أو لم يكفهم نزول. وكقول الشاعر:

«لقد زادني حبّا لنفسي أنّني ***بغيض إلى كلّ امرىء غير طائل»

حيث وردت «أنّ» وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل «زادني». وقد يكون الفعل مقدّرا، مثل: «اصغ ما أنّ المحاضر يتكلّم» حيث وردت الجملة المكوّنة من «أنّ» ومعموليها في تأويل مصدر مرفوع فاعل لفعل مقدّر. والتّقدير: ما ثبت أن... ومثل: «لو أن الاستاذ حاضر لدخلنا إلى القاعة واستمعنا إليه» أي لو ثبت أن...

2 ـ إلى نائب فاعل، كقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ} وفيها «أنّ» ومعموليها في تأويل مصدر يقع نائب فاعل للفعل المجهول «أوحي».

3 ـ إلى مبتدأ، كقوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً} وفيها «أنّ» ومعموليها في تأويل مصدر مرفوع يقع مبتدأ خبره شبه الجملة، «من آياته» وكقوله تعالى: {فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} حيث أتت «كان» واسمها وخبرها في محل رفع خبر «أن». والجملة المؤلّفة من «أنّ» ومعموليها في تأويل مصدر مرفوع يقع مبتدأ بعد «لو لا» والتّقدير: لو لا تسبيحه. والخبر محذوف وجوبا.

4 ـ إلى خبر لمبتدأ، مثل: «المعروف أنك صائم». «أنّ» ومعموليها في تأويل مصدر مرفوع خبر للمبتدأ «المعروف». والتّقدير: المعروف صيامك.

5 ـ إلى خبر ل «كان»، مثل: «كان المعروف أنّك صائم». «أنك صائم» مؤوّل بمصدر يقع خبرا ل «كان». ويشترط في خبر المبتدأ، أو خبر «كان» أن يكون خبرا لمبتدأ هو اسم معنى، وغير قول، ومحتاجا للخبر المؤوّل.

6 ـ إلى مفعول لأجله، مثل: «كلّمتك أني أحبّك» والتّقدير: لأني أحبّك.

7 ـ إلى مفعول معه، مثل: «سرّني قدوم المحاضر وأنّه يحدّثنا» والتقدير: سرّني قدومه ومحادثته أو مع محادثته. «أنّ» ومعموليها: مفعول معه.

8 ـ إلى مستثنى، مثل: «تسرّني طباعك إلّا أنك لا ترضى بالقليل».

9 ـ إلى مضاف إليه إذا كان المضاف مما يختصّ بإضافته إلى الجمل، مثل: «تسرّني طباعك غير أنك تخلف الوعد» حيث وردت «أنّ» مع معموليها في محل جرّ بالإضافة. والمضاف هو «غير» التي لا تضاف إلّا إلى جملة في الأغلب وكقوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} حيث وردت «أنّ» وما بعدها في محل جرّ بالإضافة والمضاف هو كلمة «مثل» التي تضاف إلى الجمل في الأغلب.

10 ـ إلى مجرور بحرف جر، كقوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ} حيث وردت الجملة الاسميّة «هو الحق» في محل رفع خبر «أن».

و «أنّ» مع معموليها في محل جر بحرف الجرّ «الباء».

11 ـ إلى اسم معطوف على ما سبق، كقوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ}.

12 ـ إلى بدل من شيء سبق، كقوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ} وفيها «أنّ» وما بعدها في تأويل مصدر هو بدل من «إحدى».

13 ـ إلى مفعول به، في قول غير محكيّ، كقوله تعالى: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ} وقد يسدّ المصدر المؤوّل من «أنّ» ومعموليها مسدّ المفعولين إذا لم يتوفّر في الجملة سواه، مثل: «ظننت أننا سنزور القمر»، «أنّ» وما بعدها في تأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «ظنّ».

ويجب فتح همزة «إنّ» في أساليب وردت عن العرب منها: «أحقّا أن جيرتنا استقلّوا»، أي: أفي حقّ أنّ...، فالمصدر المنسبك من «أنّ» وما بعدها في تأويل مصدر هو مبتدأ مؤخّر خبره شبه الجملة «في الحقّ» والتقدير: استقلال...

وكقول الشاعر:

«أفي الحقّ أني مغرم بك هائم ***وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر»

وأحيانا يستعملون هذا الأسلوب بلفظ آخر وهو: «أما أنّ جيرتنا استقلّوا»؛ ولكن إذا كانت «أما» حرف استفتاح فيجب كسر همزة «إنّ». و «أما» هنا مركّبة من كلمتين: همزة الاستفهام، و «ما» ظرف بمعنى «شيء» أو «حق» مبنيّ على السّكون في محلّ نصب ومعناها: أحقا. وهو متعلّق بخبر مقدّم، والمصدر المؤوّل من «أنّ» ومعموليها هو مبتدأ مؤخّر.

كسر همزة إنّ: ويجب كسر همزة «إنّ» حين لا يصح أن تسبك مع معموليها بمصدر، وذلك:

1 ـ إذا وقعت في ابتداء الكلام، كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.

ومثل:

«إنّ إنّ الكريم يحلم ما لم ***يرين من أجاره قد ضيما»

2 ـ وتكسر همزة «إنّ» ولو كان عملها باطلا أي: ولو اتصلت بها «ما» الكافّة، مثل:

«وإنّما يرضي المنيب ربّه ***ما دام معنيا بذكر قلبه»

حيث وردت «إنّما» كافة ومكفوفة، وبطل عمل «إنّ» فكسرت همزتها، وكذلك تكسر إذا وقعت في كلام مستأنف، كقول الشّاعر:

«يخفي صنائعه والله يظهرها***إنّ الجميل إذا أخفيته ظهرا»

حيث وردت «إنّ» في صدر جملة استئنافيّة مكسورة الهمزة.

3 ـ وتكسر همزة «إنّ» إذا وقعت بعد حرف من حروف الاستفتاح التي تدل على بدء الكلام، وعرض جملة جديدة مهمّة ومؤكدة عند المتكلّم، مثل: «ألا إنّ المعروف واجب»، ومثل: «أما إنّ إنكار الأخوّة جريمة» وكقول الشاعر:

«وإنّي شقيّ باللّئام، ولا ترى ***شقيّا بهم إلّا كريم الشمائل»

وكقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}.

4 ـ إذا وقعت في أوّل جملة الصّلة، كقوله تعالى: {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ}، حيث وردت «إنّ» مكسورة الهمزة لأنها وقعت في صدر صلة الموصول. أما إذا سبقها شيء من جملة الصّلة فتفتح مثل: «جاء الذي عندي أنّه كريم»، حيث فتحت همزة «أنّ» لأنها لم تقع في صدر صلة الموصول، إذ وقعت بعد الظّرف عندي. ومثل: لا أكرم الرجل ما أنّه كذّاب» أي: ما ثبت أنه...

5 ـ إذا وقعت في صدر جملة الصّفة التي يكون موصوفها اسم ذات، مثل: «جاء رجل إنه غنيّ»؛ «رجل»: اسم ذات وكسرت بعده همزة «إن»، وهي مع معموليها في محل رفع صفة ل «رجل»، ومثل: «مررت برجل إنه فقير» حيث كسرت همزة «إنّ» لأنها وقعت في صدر جملة الصّفة.

6 ـ إذا وقعت في صدر الجملة الحالية، مثل: «جاء الرجل إنه غنيّ»، «الرجل» اسم معرفة كسرت بعده همزة «إن»، فهي ومعمولاها في تأويل مصدر يقع حالا، وكقوله تعالى: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ} حيث كسرت همزة «إنّ» لوقوعها في صدر الجملة الحالية، وبعد «واو» الحال.

7 ـ إذا وقعت في صدر الجملة الواقعة جوابا للقسم، سواء أكانت جملة القسم اسميّة، مثل: «لعمرك إن العدل مطلوب» فجملة القسم اسميّة تقديرها: لعمرك قسمي. وكسرت همزة «إنّ» لأنها وقعت في صدر جواب القسم، أو كانت جملة القسم فعليّة، مثل: «أحلف بالله إن القول صادق» فجملة القسم «أحلف بالله» فعليّة، أو كانت فعليّة فعلها مقدّر، مثل: «والله إنّي مجتهد» فالجملة القسميّة فعلها مقدّر. والتقدير: أحلف بالله... وكقوله تعالى: {حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ}، وفيها القسم مقدّر دلّت عليه «واو» القسم وكقول الشاعر:

«فو الله إنّي ذلك المخلص الذي ***عزيز على الأيّام أن يتغيّرا»

حيث وردت جملة القسم «فو الله» فعلها مقدّر، وتقديره: أحلف بالله.

8 ـ إذا وقعت في صدر جملة محكيّة بالقول.

أما إذا كانت غير محكيّة بالقول أي: معمولة لغيره، لا تكسر، مثل: «أيّها الطّالب، أخصّك القول أنّك ناجح»، أي: لأنك ناجح. والمحكيّ بالقول لا يكون إلا جملة، اسميّة، مثل: «الزّهر يانع» أو فعلية، مثل: «جاد الله»، وذلك بشرط ألا يكون القول المحكيّ بمعنى الظّنّ، لأنه إذا كان بمعنى الظّنّ لا تكسر، مثل: «أتقول أن الطقس يثلج؟» أي: أتظنّ، وكقوله تعالى: {قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ}. ومثل قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «إن الدّين يسر» وكقول الشاعر:

«تعيّرنا أنّا قليل عديدنا***فقلت لها: إنّ الكرام قليل»

فقد وردت «إنّ» مكسورة همزتها لأنها وقعت في صدر جملة محكيّة بالقول.

9 ـ إذا وقعت بعد فعل من أفعال القلوب علّق عن العمل بسبب وجود «لام» الابتداء في خبرها، كقوله تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}، حيث ورد الفعل «علم» من أفعال القلوب وقد علّق عن العمل بسبب دخول لام الابتداء على خبر «إنّ». فإن لم تقع «اللام» في خبرها فيجوز فتح الهمزة أو كسرها، مثل: «علمت أن عاقبة الظلم وخيمة»، حيث يجوز في همزة «إن» الفتح والكسر، لأنها وقعت بعد فعل «علمت» ولم تدخل «اللّام» على خبرها.

10 ـ إذا وقعت «اللّام» في خبرها بدون وجود فعل معلّق قبلها، مثل: «إنّ ربك لرحيم».

11 ـ إذا وقعت خبرا لمبتدأ هو اسم ذات، مثل: «الصّادق إنه محترم» كسرت همزة «إن» لأنها مع معموليها خبرا لاسم ذات: «الصادق»: مبتدأ مرفوع وهو اسم ذات. وقد يدخل على هذا المبتدأ أحد النّواسخ، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ}.

12 ـ إذا وقعت بعد «كلّا» الاستفتاحيّة، كقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى}.

13 ـ إذا وقعت بعد «حتى» الابتدائية، مثل: «الصحراء غنيّة حتى إنها لتجود بالمعادن».

14 ـ إذا كانت تابعة لشيء ممّا سبق، مثل: «قل: إن الله ربي وإن محمّدا رسول الله».

جواز فتح همزة إنّ وكسرها: يجوز فتح همزة «إنّ» وكسرها في مواضع عدّة، أشهرها:

1 ـ إذا وقعت بعد «فاء» الجزاء، كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. فالكسر على تقدير: فهو غفور رحيم، والفتح على تقدير: الحاصل بسبب التّوبة هو الغفران والرّحمة، وكقوله تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ}.

أي: فإنه يئوس، أو فهو يئوس. حيث قدّرت «إنّ» بعد فاء الجزاء مكسورة الهمزة «فإنه» أو مفتوحة.

2 ـ إذا وقعت بعد «إذا» الفجائيّة، مثل: «نمت فإذا إنّ الحلم مزعج» وقعت «إنّ» بعد «إذا» الفجائية فيجوز فتح الهمزة أو كسرها. وكقول الشاعر:

«وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا***إذا إنّه عبد القفا واللهازم»

حيث وقعت «إن» بعد «إذا» الفجائيّة فالكسر على معنى فإذا هو عبد القفا والفتح على تقديره فإذا العبوديّة، أي: حاصلة. «عبد»: خبر «إن»، ويجوز اعتبار إذا الفجائيّة ظرف زمان، أو ظرف مكان، متعلّق بخبر مقدّم، والمصدر المؤوّل من أن ومعموليها مبتدأ مؤخّر ففي مكان الحلم أو زمانه، أو في وقت العبوديّة أو زمانها.

3 ـ إذا وقعت في صدر جملة واقعة في جواب القسم، وليس خبر «إن» مقرونا بـ «اللام» بشرط أن تكون جملة القسم اسميّة، مثل: «لعمرك إن الظّلم عاقبته وخيمة» أو فعليّة، مثل: أقسم بالله إنّ الظّلم حرام، وكقول الشاعر:

«أو تحلفي بربّك العليّ ***إنّي أبو ذيّالك الصّبيّ»

حيث وردت جملة القسم فعليّة «أو تحلفي بربك» فيجوز فتح همزة «إن» وكسرها.

4 ـ إذا وقعت بعد فعل من أفعال القلوب وليس خبرها مقرونا بـ «اللام»، مثل، علمت أنّ الصبر من علامات الإيمان»، «أنّ» وما بعدها في تأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «علمت» فجاز فتح همزة «إنّ» وكسرها.

5 ـ إذا وقعت بعد مبتدأ هو قول، أو في معناه، وخبرها قول، والقائل واحد مثل: «قولي: أنّي مقرّ لك بالفضل» «قولي»: مبتدأ مرفوع بالضّمة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلم. و «الياء» في محل جرّ بالإضافة. والجملة المؤلفة من «أن» مع معموليها هي خبر المبتدأ لذلك جاز كسر همزة «إن» وفتحها «أنّ». ومثل: «كلامي: أني معترف بصنيعك» حيث وردت جملة الخبر بعد ما هو بمعنى القول وهو «كلامي». وإذا لم يكن المبتدأ قولا، أو ما في معناه وجب الفتح، مثل: «اعتقادي أن القناعة كنز لا يفنى». «اعتقادي»: مبتدأ ليس بمعنى القول. والخبر الجملة المؤلفة من «أنّ» وما بعدها.

6 ـ إذا وقعت بعد «حتى» الجارّة والعاطفة، مثل: «عرفت طباعك حتى إنّك محترم»، «حتى»، بمعنى «إلى» حرف جرّ وعطف في آن معا. فجاز فتح همزة «أن» وكسرها «إن» أما إذا كانت «حتى» ابتدائيّة فتكسر همزة «إنّ» بعدها، مثل: «مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه».

7 ـ إذا وقعت في موضع التّعليل، كقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}، أي: لأنه هو البرّ الرّحيم. وكقوله تعالى: {صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، أي: لأن صلاتك... ومثل: «لبّيك إن الحمد والنّعمة لك»، أي: لأن الحمد والنّعمة لك.

8 ـ إذا وقعت بعد «لا جرم»، كقوله تعالى: {لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ}، وفيها يقال في «جرم» أنّها فعل ماض والمصدر المؤوّل من «أنّ» وما بعدها فاعله، والتقدير: وجب أن الله يعلم.

وربّما تكون «لا جرم» بمنزلة «لا رجل» ومعناها: «لا بدّ» وبعدها تقدّر «من»، والتّقدير: لا بدّ من أن...، والكسر على معنى اليمين، والتّقدير: لا جرم لآتينّك.

9 ـ إذا وقعت بعد «أي» المفسّرة، مثل: «سرّني اختراعك: أي: إنّك تخترع ما ينفع النّاس». فالكسر باعتبار «إنّ» في صدر الجملة التّفسيريّة التي لا محل لها من الإعراب، والفتح باعتبار المصدر المؤوّل بدلا من المصدر «اختراعك».

10 ـ إذا وقعت بعد «حيث» الظّرفيّة، مثل: «اسكن حيث إنّ الأمن مستتبّ» فالفتح على اعتبار «حيث» داخلة على المفرد المضاف إليه والتّقدير: حيث استتباب الأمن. والكسر باعتبار الجملة مضاف إليه، والتّقدير: حيث الأمن مستتبّ...

11 ـ إذا وقعت «أنّ» مع معموليها معطوفة على مفرد لا يفسد المعنى بالعطف عليه مثل: «سرني اختراعك وإنّك فاضل». فالمصدر المؤوّل من «أن» ومعموليها معطوف على المصدر اختراعك.

والتّقدير: سرّني اختراعك وفضلك، فيستقيم المعنى. وأمّا القول: «لي كتاب وإنّ أخي ناجح» فلا تفتح فيه همزة «إنّ» لأن المصدر المؤوّل يكون معطوفا على كلمة «كتاب» فيكون التقدير: لي كتاب ونجاح أخي. فهذا فاسد في المعنى.

12 ـ إذا وقعت بعد «أما» المخفّفة، مثل: أما إنّك فاضل، وتكسر إذا كانت «أما» الاستفتاحيّة، وتفتح إذا كانت «أما» بمعنى: أحقّا، مثل: «أما أن جيرتنا استقلّوا»، والتقدير: أحقا استقلال جيرتنا، أي: رحيلهم. وأن وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع بالابتداء، والظّرف حقا متعلق بخبر مقدم.

دخول لام الابتداء على «إنّ» المكسورة: لام الابتداء هي التي يؤتى بها لتوكيد مضمون الجملة المثبتة، فلا تدخل على حرف نفي، ولا على فعل النّفي، بل تدخل على الاسم المفيد للنّفي، مثل: «إن الكذب لغير مأمون النتائج». وهذه اللّام تسمّى أيضا «المزحلقة» وذلك لأنّ مكانها الأصليّ هو الصّدارة في الجملة الاسميّة، فلما دخل ناسخ مثل «إنّ» وله حقّ الصّدارة أيضا، وله عمله في المبتدأ والخبر، زحلقت «اللّام» من مكانها إلى الخبر، وتكون هذه «اللّام» مبنيّة دائما على الفتح، ولا محلّ لها من الإعراب ولا عمل لها فيما بعدها؛ أمّا إذا دخلت «لام الابتداء» على المضارع فإنها تخلص زمنه للحال، مثل: إنّ العلم لينير الأمّة» أي: إنه الآن ينير الأمة.

فالمضارع يفيد الزمن الحاضر بدخول لام الابتداء عليه. إلا إذا وجدت قرينة تدلّ على الاستقبال كقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} ففي كلمة «القيامة» قرينة تدلّ على الاستقبال، فدخول «اللّام» على المضارع لا يدلّ على الحاضر، بل يدلّ على المستقبل، لأن يوم القيامة لم يأت بعد.

شروط دخول لام الابتداء على خبرها: تدخل «اللام» على خبر «إن» المكسورة دون أخواتها، مثل: «إن الصيف لفصل الرّاحة» وكقول الشاعر:

«إنّا على البعاد والتّفرّق ***لنلتقي بالفكر إن لم نلتق»

حيث دخلت «لام الابتداء» على خبر «إنّ» المكسورة همزتها، وهو فعل مضارع. ويشترط في الخبر، بعد «إنّ» المكسورة همزتها، الذي تدخله لام الابتداء شروط:

1 ـ أن يكون متأخرا عن اسمها، مثل: «إن الشتاء لفصل الرّاحة» ولا يجوز القول: «إنّ لفصل الرّاحة الشتاء».

2 ـ أن يكون مثبتا فلا يجوز دخولها على الخبر المنفي، كقوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ}.

3 ـ ألّا يكون الخبر جملة فعليّة، فعلها ماض متصرّف غير مقرون بـ «قد»، فلا يجوز القول: «إن السّيّارة لمشت» ولكن يجوز دخولها على الجملة التي فعلها ماض جامد بشرط ألّا يكون هذا الماضي الجامد الفعل النّاقص «ليس» لأنه بمعنى النّفي مثل: «إنّ الطائرة لنعم الاختراع» دخلت «اللّام» على الفعل الجامد «نعم» ومثل: «إن السرعة لبئست نتيجتها»، أو على الجملة التي فعلها ماض مقرون بـ «قد»، مثل: «إنّ الأمانة لقد رفعت من مكانة صاحبها». أما إذا كان الخبر جملة فعليّة فعلها مضارع مثبت فيجوز دخول لام الابتداء عليه سواء أكان متصرفا أم غير متصرف، فلام الابتداء لا تدخل على المضارع في حالة واحدة فقط هي عند ما يكون مقرونا بالسّين أو بسوف، فلا تقول: «إن الطّائرة لستمشي ولا لسوف تمشي» بل تقول كقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ}. وكقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ العجب ليأكل الحسنات كما تأكل النيران الحطب»، وكقول الشاعر:

«إن الكريم ليخفي عنك عسرته ***حتى تراه غنيّا وهو مجهود»

وكذلك تدخل لام الابتداء على خبر «إنّ» المكسورة إذا كان جملة اسميّة، أو شبه جملة، مثل: «إنّ المؤمن لفي مكانة عالية» دخلت «اللّام» على خبر «إنّ» شبه الجملة «لفي مكانة عالية»، ومثل: «إن العلم لنتائجه عميمة» دخلت «اللام» على الخبر المؤلف من الجملة الاسميّة «نتائجه عميمة».

4 ـ ألّا يكون الخبر جملة فعليّة شرطيّة، لأن لام الابتداء لا تدخل على أسلوب الشّرط، وألّا يكون الخبر منفيّا لذلك لا تدخل على قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} وأما قول الشاعر:

«وأعلم أن تسليما وتركا***للامتشابهان ولا سواء»

حيث دخلت «اللام» على «لا متشابهان» وهذا شاذّ.

5 ـ وتدخل لام الابتداء على ضمير الفصل، مثل قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ}. حيث دخلت «اللّام» على ضمير الفصل. وإعرابه: «هو»: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. «القصص»: خبره. «الحق» نعت مرفوع. والجملة الاسمية خبر «إنّ» وله وجه إعرابي آخر: «هو» ضمير الفصل مبنيّ على الفتح لا محل له من الإعراب «القصص» خبر «إنّ» ففصل هذا الضمير بين اسم إنّ وخبرها، كما فصل بين نعت الاسم والخبر، إذ لو لا وجود هذا الضمير لاعتقد السّامع أن كلمة «القصص» هي «بدل» أو عطف بيان، أو نعت، بعد «هذا».

6 ـ تدخل «اللّام» على معمول خبر «إنّ» بشرط أن يكون المعمول متقدّما على الخبر صالحا لقبول «اللّام» أي: إذا كان جملة فعليّة ماضويّة مقرونة بـ «قد» وفعلها ماض غير متصرف.

ومثل: إنّ المصائب لأبطالا مظهرة» أي: إن المصائب لمظهرة أبطالا». دخلت «اللّام» على معمول الخبر المتقدّم «أبطالا» الواقع مفعولا به لاسم الفاعل «مظهرة». ولا يجوز دخولها على المعمول المتأخر، فلا يجوز القول: «إنّ المصائب مظهرة لأبطالا».

7 ـ لا تدخل «اللّام» على معمول الخبر إذا كان مشتملا عليها، مثل: «إنّ الكريم ليرفض الذلّ» فلا يجوز دخول «اللّام» على «الذلّ» لأن الخبر مقرون بها وهو جملة «ليرفض الذلّ» كذلك لا تدخل «اللّام» على معمول الخبر إذا كان غير صالح لقبولها، أي: إذا كان الخبر جملة فعليّة فعلها ماض متصرف غير مقرون بـ «قد»، مثل: «إنّ البطل جاهد كفاحا» فلا يصح القول: «إنّ البطل لكفاحا جاهد».

8 ـ وتدخل «اللّام» على اسم «إنّ» بشرط أن يتأخّر ويتقدّم عليه الخبر شبه الجملة مثل: «إنّ لنا لأملا كبيرا في النجاح» وكقول الشّاعر:

«إنّ من شيمتي لبذل بلادي ***دون عرضي فإن رضيت فكوني»

وإذا دخلت على الاسم المتقدّم لا تدخل على الخبر المتأخّر، لأنها لا تدخل على المبتدأ وخبره معا. وإذا لحقت الخبر بدون «أنّ» كانت زائدة، كقول الشاعر:

«أمّ الحليس لعجوز شهربه ***ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه»

حكم الاسم المعطوف على اسم إنّ وأخواتها: تقسم الحروف المشبهة بالفعل من حيث المعطوف على اسمها إلى قسمين هما:

الأول: هو الذي يضمّ الحروف: «إنّ»، و «أنّ»، و «لكنّ». فإن المعطوف على اسمها يجوز فيه الرّفع والنّصب، سواء أكان المعطوف متقدما على الخبر، كقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ} وكقول الشاعر:

«إنّ الربيع الجود والخريفا***يدا أبي العبّاس والصّيوفا»

فقد ورد الاسم «الخريفا» معطوفا على اسم «إنّ» «الرّبيع» منصوبا مثله قبل مجيء الخبر «يدا». وكذلك ورد الاسم «والصيوفا» معطوفا على اسم «إنّ» ومنصوب مثله بعد إتمام الخبر.

ويجوز الرّفع والنّصب إذا كان متأخرا عن الخبر، كقوله تعالى: {أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} حيث ورد الاسم المعطوف و «رسوله» منصوبا أو مرفوعا بعد مجيء الخبر «بريء». فالرّفع على أنه معطوف على اسم «إنّ”

باعتبار أصله، مبتدأ مرفوع، قبل دخول النّاسخ.

أما النّصب فعلى اعتبار المعطوف على اسم «إنّ» وحدها والتّقدير: إن الله ورسوله بريئان من المشركين، وكقول الشاعر:

«فمن يك لم ينجب أبوه وأمّه ***فإنّ لنا الأمّ النجيبة والأب»

حيث تقدّم الخبر شبه الجملة «لنا» على الاسم، والمعطوف على الاسم «والأب» أتى بعده فيجوز في المعطوف الرّفع والنّصب. وكقول الشاعر:

«وما قصّرت بي في التّسامي خؤولة***ولكنّ عمّي الطيّب الأصل والخال»

حيث ورد الاسم المعطوف و «الخال» على اسم «إنّ» بعد إتمام الخبر فيجوز فيه الرّفع والنّصب. وكذلك في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ} حيث أتى الاسم «والصّابئون» المعطوف على اسم «إن» «الذين» مرفوعا قبل إتمام الخبر، وكقول الشاعر:

«فمن يك أمسى بالمدينة رحله ***فإنّي وقيّار بها لغريب»

حيث أتى الاسم «وقيّار» معطوفا على اسم «إنّ» مرفوعا قبل استكمال الخبر «لغريب» وهو مرفوع على اعتبار أنّه معطوف على محلّ اسم «إنّ» الأصليّ ويفسّر بعضهم هذا البيت على وجه إعرابيّ آخر، وهو اعتبار و «قيّار»: مبتدأ خبره محذوف يدلّ عليه خبر «إنّ»، أو خبره هو المذكور «لغريب» وخبر «إنّ» محذوف، فيراعى في الكلام ما يناسبه. وفي هذا البيت يتعيّن أن يكون الخبر «لغريب» هو خبر «إنّ» لأنّه اقترن باللّام، وخبر المبتدأ محذوف. وكقول الشاعر:

«وإلّا فاعلموا أنّا وأنتم ***بغاة ما بقينا في شقاق»

حيث أتى الضّمير المرفوع «أنتم» المعطوف على اسم «إنّ» قبل مجيء الخبر «بغاة». وكقول الشاعر:

«خليليّ هل طبّ؟ فإنّي وأنتما***وإن لم تبوحا بالهوى دنفان»

حيث ورد الضّمير «أنتما» معطوفا على محلّ اسم «إنّ» وهو «الياء» قبل مجيء الخبر «دنفان».

وبعضهم يقول: «أنتما» ضمير منفصل مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ خبره «دنفان»، وخبر «إنّ» محذوف يدلّ عليه خبر المبتدأ. والتّقدير: أني دنف وأنتما دنفان. وهذا هو الأصحّ لأنه لا يجوز أن يكون «دنفان» خبر «إنّ» لأن الاسم في صيغة الإفراد.

والثّاني: هو الذي يضمّ الحروف: «كأنّ»، و «ليت»، و «لعلّ». والمعطوف على اسم هذه الحروف لا يكون إلّا منصوبا سواء أوقع بعد الاسم وقبل الخبر، مثل: «لعلّ الصبر والسّلوان مفيدان» «السلوان» معطوف على اسم «إنّ» منصوب وأتى قبل الخبر. أو هو منصوب أيضا بعد استكمال الخبر، مثل: «لعلّ الصّبر مفيد والسلوان».

«السلوان» معطوف على اسم «إنّ» منصوب وقد أتى بعد الخبر «مفيد». وأجاز بعضهم الرّفع والنّصب، مثل: كأنّ الشّمس نار مضيئة والقمر وكقول الشاعر:

«يا ليتني وأنت يا لميس ***في بلدة ليس بها أنيس»

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


16-المعجم المفصل في النحو العربي (الجملة الاعتراضية)

الجملة الاعتراضيّة

هي جملة لا محل لها من الإعراب وهي التي لا يتغيّر معنى الجملة بعد حذفها، وتقع في أماكن عدّة منها:

1 ـ بين الفعل والفاعل، كقول الشاعر:

«وقد أدركتني والحوادث جمّة***أسنّة أقوام لا ضعاف ولا عزل»

و «الحوادث جمّة» جملة اعتراضية وقعت بين الفعل «أدركتني» وفاعله أسنّة.

2 ـ بين المبتدأ وخبره، مثل: «أستاذنا ـ رحمه الله ـ كان عادلا» جملة «رحمه الله» اعتراضية لا محل لها من الإعراب، وقعت بين المبتدأ «أستاذنا» والخبر جملة «كان عادلا».

3 ـ بين اسم «إنّ» وخبرها، كقول الشاعر:

«إنّ الثمانين وبلّغتها***قد أحوجت سمعي إلى ترجمان»

حيث أتت جملة «وبلّغتها» جملة اعتراضية، لا محل لها من الإعراب إذ وقعت بين اسم «إنّ» وهو «الثمانين» وخبر «إنّ» وهو جملة «قد أحوجت سمعي».

4 ـ بين فعل الشرط وجوابه، كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ} فجملة «ولن تفعلوا» اعتراضية.

5 ـ أو بين القسم وجوابه، كقول الشاعر:

«لعمرك ما أدري، وإن كنت داريا، ***شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر»

6 ـ أو بين الحرف وتوكيده، كقول الشاعر:

«ليت، وهل ينفع شيئا ليت، ***ليت شبابا بوع فاشتريت»

«جملة» «وهل ينفع شيئا» جملة اعتراضيّة وقعت بين حرف التمني «ليت» وتوكيده «ليت» الثانية.

7 ـ بين الصفة وموصوفها، كقول الشاعر:

«لا تنه عن خلق وتأتي مثله ***عار عليك إذا فعلت عظيم»

فجملة «إذا فعلت» جملة اعتراضية واقعة بين الموصوف «عار» وصفته «عظيم». وجملة «فعلت» في محل جر بالإضافة هي فعل الشرط وجواب الشرط محذوف تقديره: «إذا فعلت فذلك عار عليك». والجملة المؤلفة من فعل الشرط وجوابه لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية.

8 ـ بين المضاف والمضاف إليه مثل: «هذا كتاب زيد» تقول: «هذا كتاب والله زيد» الجملة القسمية «والله» لا محل لها من الإعراب لأنها وقعت بين المضاف «كتاب» والمضاف إليه «زيد».

9 ـ بين الموصول وصلته، مثل: «هذا الذي والله علّمني» حيث فصلت جملة القسم بين اسم الموصول «الذي» وصلته، وهي جملة «علّمني».

10 ـ بين الفعل ومفعوله، كقول الشاعر:

«ألم تعلمي، يا عمرك الله، أنني ***كريم على حين الكرام قليل»

حيث أن جملة «يا عمرك الله» جملة اعتراضيّة لا محل لها من الإعراب لأنها فصلت بين الفعل «تعلمي» ومفعوله المكوّن من «أن» وما بعدها سدت مسدّ مفعولي «تعلمي». و «يا» هي لمجرّد التّنبيه. «عمرك»: مفعول مطلق من فعل محذوف مع فاعله تقديره: بتعميرك الله، أي: بإقرارك له بالبقاء. وظاهره القسم وليس هو المراد، أو يكون التقدير: سألت الله أن يطيل عمرك فعلى هذا المعنى تكون جملة «يا عمرك الله» للدعاء ويكون لفظ الجلالة فاعل «يطيل».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


17-المعجم المفصل في النحو العربي (الحروف المشبهة ب ليس)

الحروف المشبّهة بـ ليس

1 ـ الأحرف المشبّهة بـ «ليس» أربعة هي: «ما»، «لا»، «لات»، «إن». وتسمى أخوات «ليس»، و «حروف ليس»، و «ما حمل على ليس»، و «ما وأخواتها».

2 ـ عملها: كلّها تعمل عمل «ليس» أي: تدخل على المبتدأ والخبر فتبقي المبتدأ مرفوعا على أنه اسمها وتنصب الخبر على أنه خبرها، كقوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ}. ومثل: «ما المعلم غاضبا». ومثل: «إن الخبر صحيحا».

3 ـ تسميتها: سمّيت هذه الحروف: المشبّهات بليس لأنها تشبهها بعدّة أمور منها:

1 ـ في العمل، وهو النّسخ أي: في دخولها على المبتدأ والخبر، وتغيير اسمهما وعلامة إعرابهما. وفي عدم دخولها على المبتدأ الذي له حق الصّدارة كأسماء الشّرط والاستفهام...

وعدم دخولها على المبتدأ المضاف إلى ما له حق الصّدارة، وفي عدم دخولها على المبتدأ الذي يجب حذفه وخبره نعت مقطوع، وعلى الكلمات التي لا تستعمل إلا مبتدأ في الأساليب الواردة عن أمثال العرب مثل: «لله درّ المعلم» و «ما» التعجبيّة.

2 ـ في الجملة التي تدخل عليها. إذ لا يكون اسمها شبه جملة لأن أصله مبتدأ.

3 ـ في المعنى. إذ أن «ليس» وأخواتها كلّها تفيد النفي.

وتفترق «ليس» عن أخواتها بعدّة أمور، منها:

1 ـ «ليس» هي فعل ماض ناقص جامد، والمشبّهات بها كلّها حروف.

2 ـ «ليس» هي من أخوات «كان» وتشبهها في الفعليّة والعمل دون المعنى. أمّا أخوات «ليس» فليست بأفعال.

3 ـ «ليس» تعمل عمل «كان» مطلقا. أمّا أخواتها فلكل منها شروط.

4 ـ شروط عمل «ما»: أعملها الحجازيون عمل «ليس» وأهملها غيرهم ولهذا تسمى «ما» الحجازيّة، وبلغتهم جاء قوله تعالى: {ما هذا بَشَرًا} وقوله تعالى: {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ} ويترتب على عملها شروط أربعة هي:

1 ـ أن لا يقترن اسمها بـ «إن» الزائدة، وإن اقترن بها تهمل أي: يبطل عملها ويرجع ما بعدها مبتدأ وخبر، كقول الشاعر:

«بني غدانة ما إن أنتم ذهب ***ولا صريف ولكن أنتم الخزف»

حيث بطل عمل «ما» لدخول «إن» عليها.

2 ـ أن لا يقترن خبرها بـ «إلا» فإن اقترن بها تهمل، كقوله تعالى: {وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ} وكقوله تعالى: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} وقد ينتقض الخبر بـ «إلّا» دون أن تهمل، كقول الشاعر:

«وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله ***وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا»

وقد بطل عملها في مثل:

«وما الناس إلّا واحد كقبيلة***يعدّ، وألف لا يعدّ بواحد»

حيث بقي عمل «ما» في البيت الأوّل. «الدهر» اسم «ما» «منجنونا» خبرها منصوب وذلك رغم انتقاض خبرها بـ إلا. وفي البيت الثّاني أهملت «ما» وما بعدها «النّاس»: مبتدأ مرفوع. «واحد» خبر المبتدأ مرفوع.

5 ـ ملاحظة: يفسّر النحاة إعراب البيت الأوّل على وجهين:

الأول: أن تكون «منجنونا» ومعذّبا مفعولا به لفعل محذوف والتّقدير: ما الدّهر إلا يشبه «منجنونا» ويشبه معذّبا.

الثاني: «منجنونا» مفعول مطلق من فعل محذوف والتقدير: ما الدهر إلا يدور دوران منجنون وكذلك «معذّبا» على تقدير: وما صاحب الحاجات إلا يعذّب معذّبا. أي: يعذّب تعذيبا. وعلى هذا الأساس من الوجهين تكون كلمة «الدهر»: مبتدأ مرفوع ومثلها كلمة «صاحب» وخبره هو الجملة المؤلفة من الفعل يدور مع فاعله، ومن الفعل يعذب مع فاعله.

3 ـ أن لا يتقدم الخبر على الاسم، فإن تقدّم خبرها على اسمها تهمل، مثل:

«وما خذّل قومي فأخضع للعدى ***ولكن إذا أدعوهم فهم هم»

حيث بطل عمل «ما» لتقدم الخبر «خذّل» على الاسم «قومي».

وقد يتقدّم الخبر على الاسم دون أن يبطل عملها وهذا شاذ، كقول الشاعر:

«فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ***إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر»

حيث عملت «ما» عمل «ليس» رغم تقدّم الخبر «مثلهم» على الاسم «بشر».

4 ـ أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها.

فإن تقدم المعمول على الاسم فإنها تهمل، وقد يتقدّم معمول الخبر على الاسم دون أن تهمل وهذا شاذ. مثل:

«وقالوا تعرّفها المنازل من منى ***وما كلّ من وافى منى أنا عارف»

حيث أتت «ما» مهملة. «كلّ» تروى بوجهين: الأول بالنّصب فتعرب مفعولا به لاسم الفاعل عارف. والثاني بالرّفع فتعرب مبتدأ خبره جملة «أنا عارف». أمّا إذا كان معمول الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا فإنها تعمل، مثل:

«بأهبة حزم لذ وأن كنت آمنا***فما كلّ حين من توالي مواليا»

حيث لم يبطل عمل «ما» لأنه تقدم الظرف «كل» وهو معمول الخبر «مواليا».

6 ـ شروط عمل «لا»: تعمل «لا» بشروط «ما» ويزاد عليها شرط واحد هو أنه يجب أن يكون معمولاها نكرتين، والغالب أن يكون خبرها محذوفا، كقول الشاعر:

«من صدّ عن نيرانها***فأنا ابن قيس لا براح»

والتقدير: لا براح لي.

ويجوز ذكره، كقول الشاعر:

«تعزّ فلا شيء على الارض باقيا***ولا وزر ممّا قضى الله واقيا»

«باقيا»: خبر «لا».

7 ـ شروط عمل «لات»: قد يكون اصلها «لا» زيدت عليها «التاء» وتعمل بشروط منها:

1 ـ أن يكون معمولاها من أسماء الزّمان.

2 ـ أن يكون أحدهما محذوفا.

3 ـ أن يكون المذكور منهما نكرة. مثل: «لات ساعة ندامة» والتقدير: لات الساعة ساعة ندامة، وكقوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} والتقدير: لات الحين حين مناص.

4 ـ وتهمل «لات» إذا دخلت على غير اسم زمان، كقول الشاعر:

«لهفي عليك للهفة من خائف ***يبغي جوارك حين لات مجير»

حيث تعرب «لات» حرفا مهملا لأنه دخل على غير اسم زمان. «مجير»: إمّا فاعل لفعل محذوف تقديره: حين لا يحصل مجير له، وإمّا مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: حين لا مجير له. والجملة الاسميّة من المبتدأ وخبره في محل جر بإضافة «حين» إليها. وكذلك الجملة الفعلية حين لا يحصل مجير. وكقول الشاعر:

«لات هنّا ذكرى جبيرة أم من ***جاء منها بطائف الأهوال»

حيث بطل عمل «لات» لأنها دخلت على غير اسم زمان. «هنّا» اسم إشارة للمكان متعلّق بـ «ذكرى»؛ و «ذكرى» مبتدأ مرفوع بالضمّة المقدّرة على الألف للتّعذّر وخبره محذوف تقديره: لات ذكراك جبيرة في هذا المكان جائزة. وله وجه إعرابي آخر هو أن نعرب «هنا» ظرف مكان منصوبا متعلقا بمحذوف خبر مقدّم. «ذكرى»: مبتدأ مؤخر.

ومثله قول العرب: «حنّت نوار ولات هنّا حنّت» حيث تكون «لات» مهملة. «هنّا»: اسم إشارة للمكان متعلق بخبر مقدم. وقد قدرت «أن» المصدريّة قبل الفعل «حنّت» وتكون «أن» المصدريّة مع ما بعدها مؤوّل بمصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر.

8 ـ شروط عمل «إن»: تعمل «إن» عمل «ليس» بشروط «ما» ما عدا شرط عدم زيادة «إن» إذ من الطّبيعيّ أن لا تزاد «إن» بعد مثيلتها، كقول الشاعر:

«إن هو مستوليا على أحد***إلا على أضعف المجانين»

«إن» حرف نفي من أخوات «ليس» «هو»: ضمير منفصل في محل رفع اسم «إن». مستوليا خبر منصوب. وهنا عملت «إن» رغم أن خبرها منتقض بـ «إلّا»، وكقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} عبادا {أَمْثالُكُمْ} حيث عملت «إن» عمل ليس فاسمها «الذين» وخبرها «عبادا» وإذا أهملت «إن» جاز دخولها على الجملة الاسميّة والفعلية، كقوله تعالى: {إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} وفيها دخلت «إن» على الجملة الاسمية المكوّنة من مبتدأ «الكافرون» وخبره «في غرور». كقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ} حيث دخلت «إن» على الجملة الفعليّة كدخولها في قوله تعالى: {إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} على الجملة الفعليّة «يقولون». ومن أمثلة إعمالها، قول الشاعر:

«إن المرء ميتا بانقضاء حياته ***ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا»

حيث عملت «إن» عمل «ليس» فاسمها «المرء» وخبرها «ميتا».

9 ـ زيادة الباء في خبر هذه الحروف: كثيرا ما تزاد «الباء» في خبر «ليس» كقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} وفي خبر «ما» كقوله تعالى: {مَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} ومثل: «ما البخيل بهيّاب» والتقدير: ما البخيل هيّابا» إن أعملت و «ما البخيل هياب» إن أهملت. ومن ذلك قول الشاعر:

«أقصر فؤادي فما الذكرى بنافعة***ولا بشافعة في ردّ ما كانا»

ومثل:

«وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة***بمغن فتيلا عن سواد بن قارب»

وقد تزاد الباء في خبر «لا»، مثل: «لا مال بدائم»، و «لا عزّ بخالد».

10 ـ حكم تابع الخبر المجرور بالباء الزائدة: إذا عطفنا على الخبر المجرور بالباء الزائدة فيجوز في المعطوف الجرّ تبعا للّفظ، والنّصب تبعا للمحلّ، أي: لمحل المعطوف عليه مثل: «ما المحسن بمتوان وقاعد عن مساعدة الفقير» ويجوز وقاعدا. وإذا كان الخبر خاليا من «الباء» الزائدة فيكون المعطوف على الخبر إما منصوبا على اللّفظ، أو مجرورا، لأنه معطوف على خبر مجرور على التقدير، مثل: ما المحسن متوانيا ولا قاعدا... أو قاعد.

وإذا وقع بعد خبر «ما» وصف مشتق عامل في ما بعده باسم سببيّ، أي: باسم له صلة وارتباط بالوصف كقرابة أو صداقة، أو عمل، أو شيء متصل به، جاز في الوصف النّصب بالعطف مباشرة، أو الجر عطفا على خبر مجرور بتقدير، «باء» زائدة، مثل «ما المحسن كاذبا ولا مخالفا وعده». «كاذبا»: خبر «ما» منصوب «مخالفا»: معطوف على «كاذبا» منصوب. ويجوز أن نقول: ولا مخالف على توهّم أنه معطوف على اسم مجرور بالباء الزائدة. «وعده» اسم سببي فهو إما فاعل لاسم الفاعل «مخالفا» أغنى عن الخبر باعتبار «مخالف» بالرّفع على أنه مبتدأ، أو هو مبتدأ مؤخر والوصف «مخالف» خبر مقدم.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


18-المعجم المفصل في النحو العربي (حرى)

حرى

هي من النّواسخ التي تعمل عمل «كاد» فتدخل على المبتدأ والخبر فترفع الأول اسما لها وتنصب الثاني خبرا لها. مثل: «حرى التلميذ أن ينجح» وهي تفيد رجاء الخبر. وخبرها يجب أن يكون مضارعا مقرونا بـ «أن» وهي تلازم صورة الماضي فلا يؤخذ منها مضارع ولا أمر.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


19-المعجم المفصل في النحو العربي (رب)

ربّ

لغاتها: لكلمة «ربّ» لغات كثيرة أوصلها بعضهم إلى سبعة عشر لفظا، وأوصلها آخرون إلى العشرين، وهي: ربّ، ربّ، رب، رب، ربّت، ربت، ربت، ربّت، ربت، ربت، ربّت، رب، رب، رب، ربّ، ربّتما، ربت، وأضاف آخرون: ربّة، ربما ربما، فاكتمل العدد إلى العشرين، فقرأ بعضهم قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا:} ربما، وربما، وقال الشاعر:

«رب أمر تتّقيه ***جرّ أمرا ترتضيه»

«خفي المحبوب منه ***وبدا المكروه فيه»

حكمها:

1 ـ «ربّ» حرف جر شبيه بالزائد، ولا يدخل إلا على النّكرة، ولا تعلق له، مثل:

«وربّ أسيلة الخدّين بكر***مهفهفة لها فرع وجيد»

حيث جرّ الاسم النكرة «أسيلة» بـ «ربّ» لفظا وهو مرفوع محلّا على أنه مبتدأ. وقد تدخل «ربّ» على ضمير الغائب بلفظ المفرد المذكّر، كقول الشاعر: «ربّه فتية دعوت إلى ما***يورث المجد دائبا فأجابوا»

حيث دخلت «ربّ» على الضمير «الهاء» وهو ضمير الغائب، وله محلّان من الإعراب: الجر، والرّفع، فهو مجرور بـ «ربّ» لفظا ومرفوع محلّا على أنه مبتدأ.

2 ـ تفيد «ربّ» التقليل أو التكثير، لقرينة تبيّن المراد، مثل: «ربّ تجارة نافعة تجلب المال» ومثل: «ربّ جاهل والعلم قد رفعه». وكقول الشاعر:

«يا ربّ مولود وليس له أب ***وذي ولد لم يلده أبوان»

«وربّ» في المثلين تفيد التّكثير وفي البيت تفيد التقليل، ومثل: «ربّ منيّة في أمنية تحقّقت» و «رب» تفيد القلّة، والقرينة الدّالة على الكثرة أو القلّة متروكة لأمر المتكلم أو السّامع.

3 ـ «ربّ» له حق الصّدارة في جملته ويجوز أن يتقدّم عليه «ألا» الاستفتاحيّة ومثله الحرف «لكن» المخفّف من «لكنّ» والذي يفيد الاستفتاح والاستدراك معا، مثل: «ألا ربّ منظر جميل يخفي وراءه قبحا ذميما»، وكقول الشاعر:

«نعمة الله لا تعاب ولكن ***ربّما استقبحت على أقوام»

وقد تتقدم على «ربّ» «يا» النداء، مثل «يا ربّ مخترع رفعه علمه»، وكقول الشاعر:

«فيا ربّ وجه كصافي النمير***تشابه حامله والنّمر»

فقد تقدم حرف النداء «يا» على «ربّ» وإذا تقدّم عليه غير ذلك فيكون من الشاذ، كقول الشاعر:

«وقبلك ربّ خصم قد تمالوا***عليّ فما هلعت ولا ذعرت»

وفيه تقدمت الكلمة «قبلك» على «ربّ» والتقدير: رب خصوم قد تمالؤا عليّ قبلك.

4 ـ إن النكرة المجرورة بـ «ربّ» تحتاج لنعت إما مفردا، أو جملة، أو شبه جملة وأكثر ما تكون الجملة فعلها ماض لفظا ومعنى، مثل: «رب طالب ذكيّ صادفته» ومثل: «رب ولد اجتهد عرفته»، أو معنى فقط كالمضارع المنفي بـ «لم» مثل: «رب طالب لم يتوان عن واجباته عرفته»، ففي المثل الأول النعت مفرد هو «ذكي» وفي الثاني فعل ماض هو «اجتهد» وفي الثالث فعل ماض معنى أي: مضارع مقرون بـ «لم» وهو الفعل «لم يتوان» وأما في مثل: «ربّ صديق عندك أحببته» و «ربّ صديق في العسرة وجدته» ومثل: «رب ملوم لا ذنب له» فالنعت في المثل الأول هو «عندك»، شبه جملة، وفي الثاني هو «في العسرة» شبه جملة، وفي الثالث النعت هو جملة اسمية هي «لا ذنب له»، وكقول الشاعر:

«ذلّ من يغبط الذّليل بعيش ***ربّ عيش أخفّ منه الحمام»

وفيه النعت هو الجملة الاسمية «أخفّ منه الحمام» وكقول الشاعر:

«ربّ ليل كأنّه الدّهر طولا***قد تناهى فليس فيه مزيد»

وفيه جملة النعت ماضوية وهي «قد تناهى».

وتحتاج «ربّ» مع الاسم المجرور إلى اتصال معنويّ ماض يكون متعلّق «ربّ» وهذا الفعل هو غير الجملة الواقعة صفة، ويكون غالبا محذوفا مع فاعله وتدل عليهما قرينة لفظية، مثل: «ما أحلى النجاح وما أبغض الفشل، فربّ نجاح

حسن وربّ فشل ضارّ» أي: ربّ نجاح استحسنته وربّ فشل كرهته. أو قرينة معنويّة، مثل قولك وأنت تمر على الطلاب المجتهدين: «ربّ اجتهاد نافع» والتقدير: ربّ اجتهاد نافع أحببته، وكقول الشاعر:

«ربّ حلم أضاعه عد***م المال وجهل غطى عليه النّعيم»

والتقدير: ربّ حلم أحببته أضاعه عدم المال، ويعتقد بعضهم أنها لا تتعلق بشيء.

9 ـ قد تدخل «ما» الزائدة على «ربّ» فتكفها عن عمل الجر، وتمنعها من الدخول على الأسماء فتدخل على الجملة الفعليّة، مثل: ربما قدم المحاضر. أو الاسمية، كقول الشاعر:

«ربّما الجامل المؤبّل فيهم ***وعناجيج بينهن المهار»

ومثل: «ربما المحاضر قادم»، ولا يتغيّر معناها، ومن العرب من يبقيها على حالها من العمل ومن الدخول على الأسماء المفردة التي تكون مجرورة بها، رغم اقترانها بـ «ما» الزائدة الكافّة. ومن دخولها على الجملة الفعليّة وبطلان عملها قول الشاعر:

«ربّما أوفيت في علم ***ترفعن ثوبي شمالات»

فقد دخلت «ربما» على الجملة الفعلية الماضوية.

ومن دخولها على الجملة المضارعيّة، قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} فقد دخلت «ربّما» على الجملة المضارعية لأنه بطل عملها. وقد تدخل عليها «ما» دون أن يبطل عملها، وعدم بطلان عملها ظاهر في قول الشاعر:

«ربّما ضربة بسيف ثقيل ***بين بصرى وطعنة نجلاء»

7 ـ قد تحذف «ربّ» لفظا بعد «الواو» أو «الفاء» أو «بل» ويبقى عملها، مثل:

«وجانب من الثّرى يدعى الوطن ***ملء العيون والقلوب والفطن»

فقد حذفت «ربّ» بعد «الواو» التي تسمّى «واو» ربّ «جانب» اسم مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنه مبتدأ. وكقول الشاعر:

«فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ***فألهيتها عن ذي تمائم محول»

إذ حذفت «ربّ» بعد «الفاء»، «مثلك»: مثل: اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنه مفعول به لفعل «طرقت» «حبلى»: تمييز.

وكقول الشاعر:

«بل بلد ملء الفجاج قتمه ***لا يشترى كتّانه وجهرمه»

فقد حذفت «ربّ» بعد «بل». «بلد»: اسم مجرور بـ «ربّ» لفظا مرفوع محلّا على أنه مبتدأ.

وقد تحذف بدون أن يأتي بعدها شيء يدل عليها، كقول الشاعر:

«رسم دار وقفت في طلله ***كدت أقضي الحياة من جلله»

8 ـ تخالف «رب» حروف الجر في أربعة أشياء:

أـ أنّها لا تقع إلا في صدر الكلام، لأن معناها التّقليل، وتقليل الشيء يقارب نفيه، فأشبهت حرف النفي الذي له صدر الكلام.

ب ـ أنّها لا تعمل إلا في النكرة لأنها تفيد التّقليل، والنكرة تفيد التّكثير، فتدخل عليها لتفيد التّقليل.

ج ـ لا تعمل إلّا في نكرة موصوفة لأنّ ذلك يكون عوضا عن الفعل المحذوف الذي تتعلق به، وقد يظهر ذلك الفعل في الضرورة الشعريّة.

د ـ لا يجوز أن يظهر الفعل الذي تتعلّق به للإيجاز والاختصار، فإذا قلنا: «ربّ رجل يعلم» كان التقدير: رب رجل يعلم أدركت أو لقيت، فحذف الفعل لدلالة الحال عليه، وهذا كثير في كلامهم.

ملاحظة: تسمّى «الواو» و «الفاء» و «بل» العوض عن «ربّ» لأنها تدلّ عليها، وكل منها مبني على الفتح و «بل» مبنيّة على السكون، والاسم المجرور بعدها له محلّان من الإعراب: الجرّ، والرّفع، على الابتداء كقول الشاعر:

«ومستعبد إخوانه بثرائه ***ليست له كبرا أبرّ على الكبر»

«الواو» هي بدل من «ربّ» مبنيّة على الفتح، لا محل لها من الإعراب «مستعبد» اسم مجرور بـ «ربّ» لفظا مرفوع محلّا على أنه مبتدأ.

«إخوانه» مفعول به لاسم الفاعل «مستعبد» و «الهاء» في محل جر بالإضافة وخبر المبتدأ هو الجملة المؤلّفة من «ليس» واسمها وخبرها.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


20-المعجم المفصل في النحو العربي (طفق طفق)

طفق طفق

وزن «علم» و «ضرب». فعل ماض ناقص من أفعال الشروع من أخوات «كاد» وتعمل عملها أي تدخل على المبتدأ والخبر فترفع الأول اسما لها وتنصب الثاني خبرا لها. وخبرها يجب أن يكون مضارعا مجرّدا من «أن» ولا يكون خبرها مفردا، كقوله تعالى: {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} وكقوله تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحًا} خبر «طفق» محذوف لدلالة المصدر عليه، «مسحا»: مفعول مطلق والتقدير: فطفق يمسح مسحا، وتعمل في صيغة الماضي كالمثل السابق وفي صيغة المضارع مثل: يطفق الحجيج يعود الى بلاده» واشتق منها مصدر، قال الأخفش: طفق طفوقا بفتح الفاء في الماضي.

ومن كسر الفاء في الماضي قال: «طفق طفوقا».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


21-المعجم المفصل في النحو العربي (ظن وأخواتها)

ظنّ وأخواتها

1 ـ تعريفها: «ظنّ» هي من النّواسخ التي تدخل على المبتدأ والخبر بعد استيفاء فاعلها فتنصبهما مفعولين، وهي وأخواتها كلها أفعال، أو أسماء تعمل عمل الأفعال، وليس بينها حروف، مثل: «ظننتك قادما»، ومثل:

«ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا***فعرّدت فيمن كان عنها معرّدا»

ولا بدّ لكلّ منها من فاعل، ولا يغني عنه وجود المفعولين، أو وجود أحدهما.

2 ـ أقسامها: تقسم هذه الأفعال الى قسمين: أفعال القلوب، وأفعال التحويل. ولكل منها معان خاصّة تميزها عن سواها.

1 ـ سمّيت أفعال القلوب بهذا الاسم لأن معناها قائم بالقلب متّصل به بما يعرف اليوم باسم «المعنى النّفسي» الذي يعنى بالأمور النّفسيّة، أي: الأمور القلبيّة، لأنّ مركزها القلب ومنها: الفرح، الحزن، الفهم، الذّكاء، اليقين، الإنكار، وأفعال القلوب قد يكون معناها، «العلم»، أي: الدّلالة على اليقين والاعتقاد الجازم الذي لا يعارضه دليل آخر يسلم به المتكلّم، وتسمّى أفعال اليقين وأشهرها سبعة هي: «علم»، «رأى»، «وجد»، «درى» «ألفى»، «جعل»، «تعلّم» التي بمعنى «اعلم» كقول الشاعر:

«رأيت الله أكبر كلّ شيء***محاولة وأكثرهم جنودا»

وقد يكون معناها الرّجحان، أو الظنّ، وتفيد تغلّب أحد الدّليلين المتعارضين في أمر، بحيث يصير أقرب إلى اليقين، وتسمّى أفعال الرّجحان وأشهرها ثمانية هي: «ظنّ»، «خال»، «حسب»، «زعم»، «عدّ»، «حجا»، «جعل»، «هب»، مثل:

«لا تحسبنّ الموت موت البلى ***وإنّما الموت سؤال الرّجال»

حيث وردت «تحسبنّ» مضارعا مبنيّا على الفتح لاتصاله بنون التّوكيد، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنت». «الموت»: مفعول به أوّل. «موت» المفعول الثاني.

2 ـ وسمّيت أفعال التّحويل بهذا الاسم، لأنها تدلّ على انتقال الشيء من حالة إلى أخرى تخالفها، وتسمّى أيضا أفعال التّصيير، وهذه الأفعال تنصب مفعولين ليس من الضروري أن يكون أصلهما مبتدأ وخبر، وأشهرها سبعة هي: «صيّر»، «جعل»، «اتّخذ»، «تخذ»، «ترك»، «ودّ»، «وهب»، كقول الشاعر:

«اجعل شعارك رحمة ومودّة***إنّ القلوب مع المودّة تكسب»

حيث ورد الفعل «اجعل» من أفعال التحويل،

فمفعوله الأول «شعارك» والمفعول الثاني «رحمة».

وأفعال القلوب من حيث المعنى والعمل تقسم الى ثلاثة أنواع: منها ما هو لازم، مثل: «فكّر»، «تفكّر»، «حزن»، «جبن»، ومنها ما ينصب مفعولا واحدا، مثل: «خاف» «أحبّ»، «كره» ومنها ما ينصب مفعولين كأفعال التصيير.

3 ـ ملاحظة: إذا كان الفعل «ظنّ» بمعنى «اتّهم» فينصب مفعولا واحدا مثل: «ظننت زيدا» أي اتّهمته.

معاني «ظنّ» الرّجحان واليقين: من أفعال الرّجحان ما يفيد اليقين فينصب مفعولين، ومنها ما يفيد معاني أخرى فينصب مفعولا واحدا، وقد لا ينصبه.

1 ـ «ظن» تفيد رجحان الأمر، كقول الشاعر:

«ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا***فعرّدت فيمن كان فيها معرّدا»

حيث أتى الفعل «ظننتك» وهو يفيد الرّجحان.

فالكاف مفعوله الأول «صاليا»: مفعوله الثاني.

وتفيد «ظنّ» معنى «اتّهم» فتقول: «سرق مالي وظننت زيدا» أو «وأظنّ زيدا» أي: أتهم زيدا بالسّرقة. وكقوله تعالى: {وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ} بظنين وتفيد «ظنّ» اليقين، كقوله تعالى: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} وكقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ} منه {إِلَّا إِلَيْهِ} وفيها «ظنّ» بمعنى اليقين وكذلك في كل ما جاء عن قوله تعالى فهو يدل على اليقين، وكقول الشاعر:

«حسبت التّقى والجود خير تجارة***رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا»

وفيه «حسبت» بمعنى «ظننت» «التقى»: مفعول به أول. «خير»: مفعوله الثاني. وتأتي «حسب» بمعنى «ظن» في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} وكقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} وكقوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} وكقول الشاعر:

«لا تحسبنّ الموت موت البلى ***وإنّما الموت سؤال الرّجال»

حيث وردت «تحسبنّ» بمعنى: «تظنّنّ» فنصبت مفعولين الأول الموت والثاني «موت» وكقول الشاعر:

«وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة***عشيّة لاقينا جذام وحميرا»

وتأتي «خال» بمعنى «ظن» ومضارعها «إخال» بكسر الهمزة في أوله وهذا مخالف للقياس، ولكنّه متّبع لكثرة السّماع، كقول الشاعر:

«إخالك إن لم تغضض الطّرف ذا هوى ***يسومك ما لا يستطاع من الوجد»

حيث ورد الفعل «إخالك» بلفظ المضارع ففاعل ضمير مستتر تقديره: أنا «والكاف»: مفعول به أول «ذا»: مفعول به ثان منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة، ووردت «خال» بلفظ الماضي في قول الشاعر:

«إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنّني ***عنيت فلم أكسل ولم أتبلّد”

وبنو أسد تفتح همزة المضارع؛ والمصدر من «خال» هو «خيلا» «مخيلة». ومن أمثالهم: «من يسمع يخل». وتأتي «خال» بمعنى «علم»، كقول الشاعر:

«دعاني الغواني عمّهنّ وخلتني ***لي اسم فلا أدعى به وهو أوّل»

حيث ورد الفعل «خال» بمعنى «علم» وهذا قليل. ونصب الفعل «خال» مفعولين الأول هو «الياء» والثاني هو الجملة الاسمية «لي اسم» وتأتي «زعم» بمعنى «ظنّ» فتنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، كقول الشاعر:

«زعمتني شيخا ولست بشيخ ***إنّما الشيخ من يدبّ دبيبا»

وفي الغالب يتعدّى الفعل «زعم» إلى «أنّ» ومعموليها، كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وفيها «زعم» تعدّى إلى «أن» المخففة من «أنّ» فاسمها ضمير الشأن محذوف وخبرها جملة «لن يبعثوا» و «أن» وما دخلت عليه سدّت مسدّ مفعولي «زعم»، وكقول الشاعر:

«وقد زعمت أنّي تغيّرت بعدها***ومن ذا الذي يا عز لا يتغيّر»

حيث ورد الفعل «زعمت» بمعنى «ظنّت» ودخل على «أنّ» وما بعدها إذ سدّ مسدّ مفعولي «زعم»، وكقول الشاعر:

«فذق هجرها قد كنت تزعم أنّه ***رشاد ألا يا ربّما كذب الزّعم»

وقد تأتي «زعم» بمعنى «اعتقد»، كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} والتقدير: اعتقدوا أنهم لن يبعثوا.

وقد تكون «زعم» بمعنى اليقين، ولكن هذا قليل. من ذلك قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يخاطب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:

«ودعوتني وزعمت أنّك ناصح ***ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا»

وقد تدل «زعم» على الرّجحان، أو على الشّك وهذا هو الغالب، وقد تفيد «زعم» المعنى الكاذب، مثل: «زعم زيد أن الصدق مضرّ» والتقدير: كذب زيد في قوله... والحقيقة أن القرينة هي التي تدل على المعنى المناسب وقد يكون الفعل «زعم» بمعنى «كفل»، أو «رأس»، أي: شرف وساد، فينصب مفعولا واحدا، أو يتعدّى إلى مفعول واحد بواسطة حرف الجرّ، مثل: «زعم سمير القضيّة» أي: كفل سمير... ومثل: «زعم زيد على رفاقه» أي: ساد.

وقد يكون بمعنى «سمن» أو «هزل»، مثل: «زعم زيد حتى صار كالفيل» أي: سمن. ومثل: «زعم زيد حتى صار كالغزال» أي: هزل فلم ينصب مفعولا به، وتأتي «عدّ» بمعنى «ظنّ»، كقول الشاعر:

«فلا تعدد المولى شريكك في الغنى ***ولكنّما المولى شريكك في العدم»

وقد يكون «عدّ» بمعنى «أحصى» العدد فتنصب مفعولا به واحدا، مثل: «عددت الكتب»، أي: أحصيت عددهم.

وتأتي «حجا» بمعنى «ظنّ» فتنصب مفعولين، مثل: «حجا الطفل الكرة الأرضيّة طابة» أي: ظنّها طابة. «الكرة» المفعول الأول. «طابة» الثاني. وكقول الشاعر:

«قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة***حتّى ألمّت بنا يوما ملمّات “

وقد يكون معناها «غلب» أي: غلب في إقامة الحجّة وإظهار البراعة وحدّة الذّكاء في تقديمها، مثل: «زعم سمير أنّ زيدا غائب فحجّيته وأعلمته أنّه حاضر».

وتأتي «حجا» بمعنى «قصد»، مثل: «حجوت زيدا» أي: قصدته، وتأتي أيضا بمعنى «منع»، مثل: «حجوت الطّفل أن يغرق» أي: منعته وتأتي أيضا بمعنى «ردّ»، مثل: «حجوت قول زيد الكاذب وقبلت قوله الصّادق» أي: رددت قول زيد الكاذب. وتأتي «حجا» بمعنى «كتم»، مثل: «حجوت السّرّ» أي: كتمته وبمعنى «ساق»، مثل: «حاجت الرّيح الأوراق المبعثرة» أي: ساقتها. وفي كل هذه المعاني تنصب «حجا» مفعولا واحدا ما عدا حين يكون معناها «ظن» فإنها تنصب مفعولين. وقد تكون لازمة فلا تنصب مفعولا به، وتفيد معنى «أقام»، مثل: «سأزور أخي إذا حجا».

وتأتي «هب» بمعنى «ظنّ» إذا لزمت لفظ الأمر، كقول الشاعر:

«فقلت أجرني أبا خالد***وإلّا فهبني امرءا هالكا»

حيث أتى الفعل «هبني» بلفظ الأمر فنصب مفعولين الأول هو «الياء» والثاني هو «امرءا».

وتأتي «هب» أمرا من الفعل «وهب» أي: فعلا متصرّفا فتنصب مفعولا به واحدا، مثل: «هب المال للمحتاج» أي: امنح؛ وتأتي أمرا من الهيبة، مثل: «هب ربّ العباد في عملك» أي: خف ربّ... وقد تنصب مفعولين بنفسها في أمثلة يجوز محاكاتها، مثل: «انطلق معي أهبك نبلا» أي: أمنحك نبلا. ومن النحاة من يعديها بواسطة حرف الجر فيقول: «وهبت لك ساعة» فعدي الفعل «وهب» بواسطة حرف الجر ويجوز القول: «وهبتك ساعة».

شروط عمل ظن وأخواتها: تنصب «ظن» وأخواتها المبتدأ والخبر مفعولين بخمسة شروط، تشترك بواحد منها مع النواسخ الأخرى، وتنفرد عنها بأربعة شروط.

تشترك «ظنّ» وأخواتها مع باقي النواسخ بأمر واحد هو تنوّع مفعولها الثاني وذلك لأنه خبر في الأصل، والمفعول الثاني كالخبر، قد يكون مفردا، أي: غير جملة ولا شبه جملة، مثل: «علمت الكذب مرضا عضالا». المفعول للأول «الكذب» والمفعول الثاني «مرضا» وهو من قبيل المفرد ويكون المفعول الثاني جملة اسميّة، كقول الشاعر:

«حذار حذار من جشع فإني ***رأيت الناس أجشعها اللّئام»

فالجملة الاسميّة «أجشعها اللئام» مفعول ثان لفعل «رأيت» وكقول الشاعر:

«فهبك عدوي لا صديقي فربّما***رأيت الأعادي يرحمون الأعاديا»

فالمفعول الأول هو «الاعادي» والمفعول الثاني هو جملة «يرحمون الأعاديا» المؤلفة من الفعل والفاعل والمفعول به هي جملة مضارعية وهي المفعول الثاني «لرأيت».

كما يكون أيضا جملة ماضوية، كقول الشاعر:

«وإنّي رأيت النّاس زادت محبّة***إلى النّاس أن لست عليهم بسرمد»

حيث أتى المفعول الثاني هو جملة «زادت محبّة» الماضويّة. وقد يكون شبه جملة مثل:

«رأيت عظمة الخالق في مخلوقاته» فالجار والمجرور مفعوله الثاني ومثل:

«إني إذا خفي الرّجال وجدتني ***كالشّمس لا تخفى بكل مكان»

حيث أتى المفعول الثاني شبه جملة «كالشمس» والمفعول الأول هو «الياء».

ومما تنفرد به «ظنّ» وأخواتها عن النّواسخ أربعة أشياء وتكمن في:

أولا: إعمالها كلّها أي: دخولها على المبتدأ والخبر ونصبهما مفعولين، ولا فرق بين أن يكون الفعل متصرفا، مثل: «علم» و «رأى»، أم غير متصرّف مثل: «هب»، «تعلّم»، كقول الشاعر:

«بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة***ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب»

حيث أتى المفعول الأول لفعل «ترى» هو كلمة «حبّهم». والثاني هو «عارا» ومثل:

«أراهم رفقتي حتى إذا ما***تجافى اللّيل وانخزل انخزالا»

حيث أتى الفعل «أراهم» وقد نصب مفعولين: الأول: الضمير «هم» والثاني الاسم «رفقتي».

ثانيا: تعليق عملها، أي: ابطاله لفظا لا محلّا، وذلك: إذا فصل بينها وبين مفعوليها فاصل مما له حقّ الصّدارة، وهذا الفاصل قد يكون «لام» الابتداء ففي مثل قولك: «علمت العلم نافعا»، تقول: «علمت للعلم نافع» «العلم»: مبتدأ. خبره، «نافع»، والجملة الاسميّة سدّت مسدّ مفعولي «علمت» وقد علّق عمل «علمت» فلم تنصب المفعولين مباشرة لأنه فصل بينها وبينهما فاصل هو «لام» الابتداء.

وقد يكون الفاصل أداة استفهام، كالهمزة في قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ} فقد فصلت همزة الاستفهام بين «أدري» ومفعوليها فعلّق عملها.

وقد يكون الفاصل كلمة «أي» التي هي عمدة في الجملة، كقوله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى} وفيها علق عمل «نعلم» لأنه فصل بينها وبين معموليها «أيّ» وتعرب مبتدأ، وخبره «أحصى».

وقد يكون الفاصل كلمة «أي» التي هي فضلة، كقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} «أيّ»: مفعول مطلق منصوب. وقد يكون الفاصل «لام» القسم، كقول الشاعر:

«ولقد علمت لتأتينّ منيّتي ***إنّ المنايا لا تطيش سهامها»

حيث دخلت «لام» القسم بين الفعل «علمت» ومفعوليها، فلم تنصبهما والجملة «لتأتين منيتي» التي هي جواب القسم سدّت مسدّ مفعولي «علمت» وقد يكون الفاصل إحدى أدوات النفي: «ما، لا، إن» فقط كقوله تعالى: {لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} حيث فصل بين علمت ومفعوليها «ما» النافية. ومثل: «علمت إن زيد قائم» حيث دخلت «إن» على الناسخ «علمت» فعلّق عن العمل. ومثل: «ألفيت لا الكسلان محبوب ولا الكذّاب» دخلت «لا» على معمولي «علمت» ففصلت بينهما وكفت الناسخ عن العمل.

ويصح في التّوابع مراعاة الظّاهر، أي: اللفظ، أو مراعاة المحل، كقول الشاعر: «وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا***ولا موجعات القلب حتّى تولّت»

«موجعات» مفعول به منصوب بالكسرة عوضا عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم، وهو معطوف بالواو على محل الجملة الاسميّة «ما البكا» من الإعراب. ومثل: «علمت للمحبّة خير والبغضاء شرا» فقد عطفت كلمة «البغضاء» على محل جملة «للمحبة خير» التي تقع مفعولا به، ويجوز أن تكون «البغضاء» بالرّفع بالعطف على «المحبة» فترفع مثلها. وقد علّق عمل الناسخ لدخول لام الابتداء بعده. لا يقع التعليق في الأفعال القلبيّة الجامدة مثل: «تعلّم، هب»، ولا في «رأى الحلمية».

ملاحظة: إن التّعليق بالاستفهام لا يقتصر على الفعل القلبي الذي ينصب مفعولين إنّما يتعدّاه الى الفعل القلبي الذي ينصب مفعولا واحدا، مثل: «نسى» و «عرف» مثل:

«ومن أنتمو إنا نسينا من أنتمو***وريحكمو! من أيّ ريح الأعاصير»

ويتعدّاه أيضا الى الفعل القلبيّ اللّازم، مثل: «تفكر»، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} فالتعليق هنا عن الجار والمجرور لأنه بمنزلة المفعول به. ويتعدّاه الى الفعل غير القلبيّ، أي الى أفعال لا حصر لها، كقوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} وكقوله تعالى: {يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} وكقوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ}.

ثالثا: إلغاء عملها، أي: تعليق العمل لفظا ومحلّا تعليقا جائزا لا واجبا، ولا يصح أن يمتنع العمل عن معمول واحد دون الآخر.

ويمتنع العمل إذا توسّط النّاسخ بين المفعولين بغير فاصل آخر بعده، ويكون للناسخ ثلاث حالات: الأولى: أن يتقدّم عنهما، فيعمل مطلقا أي: ينصب المبتدأ والخبر مفعولين به مثل: «ظننت زيدا مسافرا»، وكقول الشاعر:

«أرجو وآمل أن تدنو مودّتها***وما إخال لدينا منك تنويل»

ففي هذا البيت احتمالات ثلاثة: تقتضي الأولى بإعمال الناسخ «إخال» على تقدير: إخاله لدينا منك تنويل. «فالهاء» ضمير الشأن هو المفعول الأول والجملة الاسميّة «لدينا منك تنويل» هي المفعول الثاني، وتقتضي الثانية بتعليق العمل بتقدير: لام مقدّرة بعده أي: وما إخال للدينا... وتقتضي الثالثة إلغاء عمل الناسخ لتوسّطه بين «ما» النافية والمنفيّ بها.

الثانية: الإلغاء لتوسّطه بين مفعوليه، أو الإعمال، مثل: «زيد ظننت مسافر» حيث ألغى عمل «ظننت» لتوسطه بين مفعوليه، ونعرب «زيد»: مبتدأ. «مسافر»: خبره؛ ومثل:

«أبالأراجيز يا بن اللّؤم توعدني ***وفي الأراجيز خلت اللّؤم والخور»

وفي هذا البيت ألغي عمل «خلت» لتوسطه بين مفعوليه والأصل: خلت اللّؤم والخور في الأراجيز. «اللؤم»: مفعول به أول: والجار والمجرور مفعوله الثاني. ومثل:

«شجاك أظنّ ربع الظّاعنين ***ولم تعبأ بعذل العاذلينا”

حيث ألغي عمل الناسخ «أظن» لتوسطه بين المفعولين، الأول منهما «ربع» والثاني هو جملة «شجاك».

الثالثة: جواز الإلغاء والإعمال أيضا إذا تأخّر الناسخ عن مفعوليه، مثل: «زيد مسافر ظننت»، أو «زيدا مسافرا ظننت»، وكقول الشاعر:

«هما سيّدانا يزعمان وإنّما***يسوداننا إن أيسرت غنماهما»

حيث ألغي عمل «يزعمان» لتأخره عن مفعوليه، لذلك عادا الى أصلهما ونعرب هما: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. «سيدانا» خبره. ولو أعمل الناسخ لقلنا: «يزعمانهما سيّدينا». وكقول الشاعر:

«آت الموت تعلمون فلا ير***هبكم من لظى الحروب اضطرام»

حيث ألغي عمل «تعلمون» لتأخره عن مفعوليه وعادا لأصلهما. ونعرب «آت»: خبر مقدم.

«الموت»: مبتدأ مؤخر.

والتعليق والإلغاء يشتركان في أمور عدّة ويختلفان في أمور أخرى منها:

1 ـ أن التّعليق واجب عند وجود السّبب، أمّا الإلغاء فجائز.

2 ـ تعليق العمل يجري على كلا المفعولين، أو على أحدهما، أما الإلغاء فيجري عليهما معا.

3 ـ يجري التعليق على اللّفظ الظّاهري دون المحلّ، أي: يبقى مفعولا به في المحلّ، والإلغاء لا يكون كذلك، بل يجري على اللّفظ والمحلّ معا.

4 ـ يجوز في توابع التّعليق مراعاة اللّفظ، أو مراعاة الظّاهر فقط.

5 ـ إن التّعليق لا بدّ فيه من تقدّم النّاسخ ووجود فاصل له حق الصّدارة بينه وبين مفعوليه.

أمّا الإلغاء فلا بدّ من توسّط النّاسخ أو تأخّره عن مفعوليه دون حاجة الى فاصل.

رابعا: الاستغناء عن المفعولين إذا دلّت عليهما قرينة، أو الاستغناء عنهما بمصدر مؤوّل، كقوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} وفيه حذف المفعولان، وتقدير هما: تزعمونهم شركائي. وكقول الشاعر:

«بأيّ كتاب أم بأيّة سنة***ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب»

حيث حذف مفعولا الناسخ «تحسب» لأنه دلّت عليهما قرينة. والتقدير: وتحسب حبّهم عارا عليّ. ويجوز حذفهما بدون قرينة تدلّ عليهما، كقوله تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وكقوله تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى} حيث حذف مفعولا الناسخ في الآيتين على تقدير في الأولى: والله يعلم كرهكم للقتال ومصلحتكم في عاقبة أمركم وأنتم لا تعلمون مصلحتكم وعاقبة أمركم، وفي الثانية: أيرى علم الغيب عنده، وكقوله تعالى: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} وفيها حذف المفعولان، والتقدير: وظننتم هلاك النبيّ وهلاك المؤمنين، وهذا من ظن السّوء.

ويمتنع حذف أحد المفعولين إلا في الضرورة الشعريّة، كقول الشاعر:

«ولقد نزلت فلا تظنّي غيره ***مني بمنزلة المحبّ المكرم “

حيث حذف المفعول الثاني وحده للضرورة الشعريّة، والتقدير: تظنّي غيره قائما. ومثل: «علمنا أنّ الصّمت أبلغ من الكلام» أي: علمنا بلاغة الصمت، فالمصدر المؤوّل المثبت، سدّ مسدّ مفعولي «علم» وقد يكون المصدر بعد تأويله منفيا على اعتبار المعنى قبل التأويل منفيّا، كقول الشاعر:

«الله يعلم أنّي لم أقل كذبا***والحقّ عند جميع النّاس مقبول»

والتقدير: والله يعلم عدم كذب قولي، ومثال المصدر المثبت قول الشاعر:

«تودّ عدوي ثم تزعم أنّني ***صديقك إنّ الرأي عنك لعازب»

والتقدير: تزعم صداقتي، وكقول الشاعر:

«إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني ***عنيت فلم أكسل ولم أتبلّد»

والتقدير: خلت دعوتي.

خامسا: وقوع فاعل النواسخ وضميرها الأول ضميرين متصلين متّحدين في المعنى مختلفين في النوع أي: أن يكون صاحب الفاعل هو نفسه صاحب المفعول لكن الأول ضمير رفع والثاني ضمير نصب، مثل: «علمتني مكبّا في تحصيل العلم»، حيث أن «التاء» في «علمتني» هي الفاعل، «والياء»، مفعول به، وهما راجعان الى صاحب واحد هو المتكلم، ومثل: «علمتك زاهدا في الدنيا». حيث أن «التاء» في «علمتك» هي الفاعل. «والكاف» مفعول به وهما يرجعان الى المخاطب نفسه، وكقول الشاعر:

«دعاني الغواني عمّهنّ وخلتني ***لي اسم فلا أدعى به وهو أوّل»

وفيه «التاء» فاعل «خلتني» «والياء» مفعوله وهما يعودان الى المتكلم نفسه؛ وهذا الحكم مما تشترك به أفعال أخرى، مثل: «رأى» الحلميّة والبصريّة و «وجد» بمعنى «لقي»، و «فقد» و «عدم»، مثل: «ذهبت الى المدرسة لأوّل مرّة فرأيتني وحيدا»؛ «رأى»: بمعنى أبصر فاعله «التاء» ومفعوله «الياء» وهما نفس المتكلم، ومثل: «نمت فرأيتني أسبح في بحر من الفضّة» «رأى» الحلميّة، وفي «رأيتني» «التاء» «والياء» يعودان الى المتكلم نفسه. ومثل: «وجدتني أخوض في المشكلات» ومثل: «فقدتني إن ندمت على الصّدق» أي: فقدت نفسي، ومثل: «عدمتني إن غيّرت ثقتي بالأصدقاء» أي: عدمت نفسي.

ويمتنع اتّحاد الفاعل والمفعول به في النواسخ وفي غيرها من الأفعال إذا كان الفاعل ضميرا متصلا مفسّرا بالمفعول به، فلا يصح القول: «سميرا ظنّ نائما»، ولا: «عليا نظر» بمعنى: سميرا ظنّ نفسه، «وعليا ظن نفسه»، لأن مرجع الضمير هو المفعول به، أما إن كان الضمير منفصلا صحّ ذلك، فتقول: «ما ظنّ سميرا نائما إلّا هو»، «وما نظر عليا إلا هو».

ملاحظات:

1 ـ لا يقع التّعليق في الأفعال الجامدة مثل: «تعلّم»، و «هب»، ولا في «رأى» الحلميّة، ولا في أفعال التحويل، مثل: «صيّر»، «ردّ»، «ترك»، «اتّخذ» «تخذ»، «جعل»، «وهب»، وذلك لأن ألفاظ التعليق لا تقع بعد الأفعال الجامدة، ولا بعد أفعال التحويل، ربّما كان السّبب أن هذه الألفاظ لا تقوى على منعها من العمل الظّاهري فكأنّها غير موجودة.

2 ـ إذا كان النّاسخ مؤكّدا بمصدر من لفظه، فلا يجوز الإلغاء، لأن التوكيد يدلّ على الاهتمام

بالعامل، بينما يفيد الإلغاء عدم الاهتمام به فيقع التّعارض، وكذلك إذا أكد الناسخ بضمير يعود الى المصدر المفهوم بقرينة تدلّ عليه، أو باسم إشارة يعود عليه، فلا يصح القول: «الكتاب ظننت ظنا مفيدا» ولا القول: «الباخرة ظننته قصرا» فالهاء ضمير يعود على المصدر والتقدير: ظننت الظنّ؛ ولا القول: «الباخرة زعمت ذاك قصرا» حيث أكد الناسخ باسم الإشارة «ذاك» الذي يعود على المصدر.

3 ـ يمتنع في النّاسخ «تعلّم» أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين صاحبهما واحد، ويمتنع ذلك أيضا في الأفعال التي ليست من أفعال القلوب، فلا تقول: «تعلّمتني»، ولا تقول: «ضربتني» بل تقول: «ضربت نفسي».

4 ـ قد يكون المصدر المؤوّل من «أنّ» ومعموليها، مجرورا بباء زائدة ومحله النّصب سادا مسدّ مفعولي النّاسخ، كقول الشاعر:

«زعم الهمام بأنّ فاها بارد***عذب إذا قبّلته قلت ازدد»

وفيه «الباء» حرف جر زائد. و «أنّ» مع معموليها في تأويل مصدر منصوب محلّا على أنه قد سدّ مسدّ مفعولي «زعم» والتقدير: زعم الهمام عذب القبلة. ومثل:

«زعم الغراب بأن رحلتنا غدا***وبذاك تنعاب الغراب الأسود»

فالمصدر المؤوّل من «أنّ رحلتنا غدا» مجرور بالباء الزّائدة ومحله النصب لأنّه سدّ مسدّ مفعولي زعم. والتقدير: زعم الرحلة غدا.

القول بمعنى الظّنّ: قد يأتي القول بمعنى «الظن» أي: الرّجحان، فيصير هو والظن سواء، إلا في اختلاف الحروف الهجائية، فيدخل على المبتدأ والخبر، وينصبهما مفعولين، وتجري عليه أحكام «ظنّ» وأخواتها من التعليق والإلغاء، وحذف المفعولين، أو أحدهما. ويشترط في إجراء القول مجرى الظن شروط عدّة منها:

1 ـ أن يكون «القول» فعلا مضارعا للمخاطب المفرد والمثنّى والجمع المذكّر والمؤنّث.

2 ـ أن يكون مسبوقا بأداة استفهام سواء أكانت الأداة حرفا كقول الشاعر:

«علام تقول الرمح يثقل عاتقي ***إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت»

وفيه ورد فعل القول بلفظ المضارع وتقدمه حرف الاستفهام «م» وكان أصله «ما» حذفت ألفه لأنه سبقه حرف الجر «على» فالقول هنا بمعنى «ظنّ»، أو كانت الأداة اسم استفهام، كقول الشاعر:

«متى تقول القلوص الرّواسما***يدنين أمّ قاسم وقاسما»

وفيه تقول بمعنى «تظنّ» وهو بلفظ المضارع وموجّه للمخاطب وتقدمه اسم استفهام هو «متى».

ويجب ألّا يفصل بين الاستفهام والقول فاصل، لكن يجوز أن يفصل بينهما إما الظرف، مثل:

«أبعد بعد تقول الدار جامعة***شملي بهم، أم تقول البعد محتوما»

حيث فصل بين القول بمعنى الظن وهمزة الاستفهام الظرف «بعد».

أو الجار والمجرور مثل: «أفي أعماق البحار تقول صدفة اللؤلؤ قابعة» حيث فصل بينهما الجار والمجرور «في أعماق» أو معمول القول، كقول الشاعر:

«أجهّالا تقول بني لؤيّ ***لعمر أبيك أم متجاهلينا»

وفيه فصل بين همزة الاستفهام والقول الذي بمعنى الظن معمول القول «أجهالا» والتقدير: أتقول بني لؤيّ جهّالا. أو يكون الفاصل معمول القول إذ لا مانع من الفصل بأكثر من معمول واحد، مثل: «أللحياة تقول العدل مؤمّنا».

فقد فصل بين همزة الاستفهام والقول الذي بمعنى الظن بمعمول معموله والتقدير: أتقول العدل مؤمنا للحياة.

3 ـ أن لا يتعدى بحرف الجر اللّام، لأنه إذا عدّي بلام الجر فلا يكون بمعنى الظن، وإذا اختلّ شرط من هذه الشروط الثلاثة فلا يكون القول بمعنى الظنّ، بل يكون بمعنى النّطق، والجملة بعده في محل نصب مفعول به، وإذا استوفت شروط القول بمعنى الظن تفتح همزة «إنّ» بعده، ومنهم من يجري القول مجرى الظن لمجرّد اقتنائه هذا المعنى، مثل قول الشاعر:

«إذا قلت أني آيب أهل بلدة***وضعت بها عنه الوليّة بالهجر»

ومثل:

«قالت وكنت رجلا فطينا***هذا لعمر الله إسرائينا»

ملاحظة: قد يحذف النّاسخ مع مرفوعه لغرض بلاغيّ مثل: ما ذا تظن؟ فالجواب: المعلم منتظرا في المدرسة. والتقدير: أظنّ المعلم منتظرا.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


22-المعجم المفصل في النحو العربي (أحكامها)

أحكامها:

1 ـ أنها جامدة في الصّيغة، ماضية في اللّفظ، ناسخة تدخل على المبتدأ والخبر الصالحين لقبول دخول النّواسخ عليها، مثل: «عسى السّلام أن يتمّ».

وهي لا تدخل على المبتدأ الذي له حقّ الصّدارة، ولا على المبتدأ الذي يجب حذفه وخبره نعت مقطوع على الرّفع، ولا على كلمات معيّنة لا تقع إلا مبتدأ في الأمثال، مثل: «ما أحسن الدّين والدّنيا إذا اجتمعا» ولا على المبتدأ بعد «لولا» أو بعد «إذا» الفجائيّة، فلا تقول: «دخلت الصف فإذا عسى الطلاب ينتظرونني» لأنّ الناسخ «عسى» لا يدخل بعد «إذا» الفجائيّة. ولا تقول: «مررت بزيد التاجر عسى المسكين» لأنّها لا تدخل على النّعت المقطوع، ولا تقول: «عسى من يدرس ينجح» لأن الناسخ «عسى» لا يدخل على الأدوات التي لها حقّ الصّدارة، و «من»: اسم شرط.

2 ـ الأغلب في خبرها أن يكون مضارعا مسبوقا بـ «أن»، وفاعله ضميرا مستترا غير أنه يجوز في خبر «عسى» أن لا يكون مسبوقا بـ «أن»، كما يجوز أن يكون اسما ظاهرا مضافا إلى ضمير يعود إلى اسمها، مثل: «عسى الرّخاء أن يتحقّق» ومثل: «عسى الله أن يأتي بالفرج»، ومثل: «عسى الوئام أن يتحقّق»، «الوئام» اسم «عسى» مرفوع، و «أن» وما بعدها في تأويل مصدر منصوب خبر «عسى»، ومثل «عسى الحرب أن تخمد نارها».

3 ـ يجب تقديم «عسى» على معموليها، فلا يتقدّمان عليها ولا يتقدم أحدهما عليها.

4 ـ يجب تأخير الخبر المقرون بـ «أن» على اسمها، مثل: «عسى الحرب أن تخمد».

5 ـ يجوز حذف خبرها إذا دلّ عليه دليل، مثل: «عسى الغوير أبؤسا». «الغوير»: تصغير «غار». وهو اسم عسى. «أبؤسا» إما أن يكون خبر «يصير» المحذوفة، أو مفعولا مطلقا لفعل محذوف والتّقدير: يبأس أبؤسا. والجملة من يبأس أبؤسا خبر «عسى».

6 ـ الأغلب في أفعال الرّجاء أن تكون ناقصة، أما «عسى» فيجوز أن تكون تامّة بشرط أن يليها المضارع المسبوق بـ «أن» الذي يؤوّل مع «أن» بمصدر يقع فاعلا لها. وتلزم صورة واحدة مهما تغيّر الاسم السابق الثابت أمام النّاسخ، مثل: «الرجل عسى أن يذهب»، «الفتيات عسى أن يأتين»، و «الفتاتان عسى أن تحضرا»، و «الأولاد عسى أن يذهبوا» ويعرب هذا المثل الأخير كالآتي: «الأولاد»: مبتدأ مرفوع. «عسى»: فعل ماض تامّ من أفعال الرّجاء. «أن» حرف مصدري ونصب. «يذهبوا» مضارع منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. و «الواو» فاعل «يذهبوا» و «أن» وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل «عسى» التامّة. والجملة هي خبر المبتدأ.

7 ـ إذا كانت «عسى» ناقصة فيجب أن يكون اسمها ضميرا متصلا مطابقا للاسم السابق عليها، او أن يكون اسما ظاهرا متأخرا عن المضارع، وخبرها المصدر المؤوّل من «أن» والمضارع، مثل: «الطالبان عسيا أن ينجحا» ويعرب على الوجه الآتي: «الطالبان»: مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى، «عسيا»: فعل ماض ناقص مبني على الفتح

لاتصاله «بالألف»، و «الألف»: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «عسى». و «أن» وما بعدها في تأويل مصدر منصوب خبر «عسيا».

ومثل: «عسى أن يشفى المريض» ويجوز أن يعرب المثل على الوجه الآتي: «عسى» فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف للتعذّر. المريض: اسم «عسى». «أن يشفى» المصدر المؤوّل خبره، ومثل قول الشاعر:

«وما ذا عسى الحجاج يبلغ جهده ***إذا نحن جاوزنا حفير زياد»

حيث أتى الفعل الناقص «عسى» واسمه ظاهر هو «الحجاج» وجملة «يبلغ جهده» المؤلّفة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر «عسى».

فالاسم المرفوع بعد المضارع هو هنا فاعل المضارع وليس اسم «عسى»، وهذا شاذ، لأن الاسم المرفوع المتأخّر يكون في الأغلب اسم «عسى». ويروى هذا البيت بنصب «جهده» على أنه مفعول به لفعل «يبلغ» وهذا هو الأصل.

8 ـ إذا وقعت «عسى» بعد اسم ظاهر ومسندة إليه جاز أن تكون تامّة، أو ناقصة، فإن كانت تامّة فيجب عدم اقترانها بضمير يطابق الاسم السابق، وفاعلها المصدر المؤوّل من أن والفعل والجملة من «عسى» وفاعلها خبر للمبتدأ السابق عليها، مثل: «الطلاب عسى أن ينجحوا». «الطلاب»: مبتدأ مرفوع «عسى» فعل تام «أن ينجحوا» في تأويل مصدر فاعل «عسى» والجملة من «عسى» مع فاعله خبر المبتدأ. وإذا كانت ناقصة فيجب عندئذ أن تشتمل على ضمير مطابق للاسم السابق عليها. وخبرها المصدر المؤوّل من أن والمضارع، مثل: «القوّاد عسوا أن يعودوا سالمين». «الطلاب»: مبتدأ مرفوع «عسوا»: «عسى» واسمها «سالمين»: خبرها. أما إذا تأخر الاسم المرفوع عنها، فإمّا أن يكون الاسم المتأخّر مبتدأ، وجملة «عسى» مع مرفوعها خبر المبتدأ المتأخّر، مثل: «عسى أن يشفى المريض» «عسى» فعل تامّ والمصدر المؤوّل فاعله.

«المريض»: مبتدأ و «عسى» مع مرفوعها خبره. أو أن يكون الاسم المتأخّر عن المضارع «المريض» مبتدأ و «عسى» ناقصه واسمها ضمير مطابق للاسم المتأخر وخبرها المصدر المؤوّل من «أن» والمضارع بعدها. والجملة من «عسى» مع معموليها هي خبر للمبتدأ المتأخّر. مثل: «عسى أن يتحسّن الجيش» «عسى» فعل ناقص. واسمها ضمير مستتر يعود إلى «الجيش» وخبرها المصدر المؤوّل من «أن يتحسن» خبر «عسى» و «عسى» مع معموليها في محل رفع خبر المبتدأ «الجيش» أو أن تكون «عسى» ناقصة والاسم المتأخر اسمها وخبرها المصدر المؤوّل من أن والمضارع بعدها، مثل: «عسى أن يعاقب الظّالم». «عسى» ماض ناقص «الظّالم» اسمها، والمصدر المؤول من «أن» والمضارع في محل نصب خبر «عسى». أو أن تكون «عسى» تامّة فاعلها هو المصدر المؤوّل من أن والمضارع بعدها، والاسم المتأخّر هو فاعل للمضارع، مثل: «عسى أن يعود المسافر».

«عسى» فعل تام «أن» حرف مصدري ونصب «يعود»: فعل مضارع مرفوع... «المسافر» فاعل «يعود» والجملة المؤلفة من «أن والمضارع» في تأويل مصدر مرفوع فاعل «عسى».

9 ـ لا تقع أفعال الرّجاء صلة الموصول لأنها تؤلف جملا إنشائيّة غير طلبيّة، أي: جملا يتحقق مدلولها بمجرّد النّطق بها، دون أن يكون طلبيا.

أمّا «عسى» فيجوز أن تقع صلة، مثل: «الطالب الذي «عسى أن ينجح» مريض». الطالب: مبتدأ

مرفوع الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع نعت «الطالب». «عسى»: فعل ناقص واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

وخبرها، المصدر المؤوّل من «أن ينجح» في محل نصب. «مريض»: خبر المبتدأ مرفوع بالضمّة الظاهرة على آخره والجملة المؤلفة من «عسى أن ينجح» هي صلة الموصول.

10 ـ قد يكون معنى «عسى»، فضلا عن الرّجاء، الإشفاق، أي: الخوف من وقوع أمر مكروه، كقوله تعالى: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.

11 ـ إذا اتصلت «عسى» بضمير رفع سواء أكان للمتكلم، أو للمخاطب جاز في «السّين» أن تكون مفتوحة، أو مكسورة، مثل: «عسيت أن تشفى من المرض أو عسيت»؛ ومثل: «عسيت أن أنجح أو عسيت». وكقول الشاعر:

«أكثرت من العذل ملحّا دائما***لا تكثرن إنّي عسيت صائما»

وكقوله تعالى: {قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ}.

12 ـ تتعيّن «عسى» للرجاء، إذا اتصلت بـ «الياء»، أو «الكاف»، أو «الهاء»، وتكون بمعنى «لعلّ»، وتعمل عملها، أي: تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الأول اسما لها، وترفع الثاني خبرا لها، مثل: «عساني أعود إلى وطني» «عسى» بمعنى: «لعل» حرف مشبه بالفعل.

و «النون» للوقاية. و «الياء» في محل نصب اسم «عسى». وجملة «أعود» في محل رفع خبر «عسى». ومثل: «عساك تشفى» و «عساه يأتي».

ويقول بعض النحاة إنها تتصل بضمائر الرّفع، فتكون مكسورة «السين» أو غير مكسورة، وتتصل «بالياء» و «بالكاف» و «بالهاء» وتبقى على عملها، أي: تدخل على المبتدأ والخبر فترفع الأول اسما لها وتنصب الثاني خبرا لها، مثل: «عساني أزورك» وتعرب «عسى» من أخوات «كاد» و «النون» للوقاية و «الياء» في محل رفع اسم «عسى» وجملة «أزورك» في محل نصب خبر «عسى».

ملاحظة: وتشترك «عسى» و «أوشك» و «اخلولق» في كل هذه الأحكام السابقة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


23-المعجم المفصل في النحو العربي (الفاعل)

الفاعل

1 ـ تعريفه لغة: اسم فاعل من فعل: عمل.

وفي الاصطلاح يسمى: الركن الأسمى، هو الاسم أو ما في تأويله، أسند إليه فعل أو ما في تأويله، مقدّم أصليّ المحلّ وهو الذي قام بالفعل، كقوله تعالى: {تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} الله: هو اسم وهو فاعل «تبارك».

ومثل: «تباركت يا الله» «التاء»: ضمير متصل في محل رفع فاعل ومثل: «أقوم بعملي خير قيام» فاعل «أقوم» ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

ومثل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا} فاعل «يكفهم» في تأويل الاسم وهو المصدر المنسبك من «أنّ» واسمها وخبرها والتقدير: نزول. وكقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} المصدر المؤوّل من «أن» وما بعدها في محل رفع فاعل «يأن». والتقدير: ألم يأن... خشوع قلوبهم. ومثل: «أتى زيد»؛ «زيد»: فاعل للفعل «أتى»، ومثل: «نعم الرجل»: الرجل فاعل «نعم» وهو فعل جامد.

ومثل قوله تعالى: {مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ} ألوانه فاعل لما يشبه الفعل وهو اسم الفاعل «مختلف» ومثل: «سمير جميل وجهه» وجهه فاعل لما يشبه الفعل وهو الصفة «جميل» ومثل: «هيهات العقيق» «العقيق»: فاعل لاسم الفعل «هيهات» بمعنى «بعد» ومثل: «جاء زيد»: الفعل «جاء» أصلي المحل بعكس: «زيد جاء»، «زيد» وإن كان هو الفاعل في المعنى إلا أنه يعرب مبتدأ وجملة «جاء» من الفعل والفاعل المستتر العائد إلى زيد خبر المبتدأ. وهذا الفعل أصليّ في الصيغة أيضا فإذا قلنا: «ضرب زيد» بني الفعل للمجهول و «زيد» هو نائب فاعل.

2 ـ إعرابه: يكون الفاعل في الأصل مرفوعا كالأمثلة السّابقة ويجوز أن يكون مجرورا لفظا مرفوعا محلّا، مثل: «يسرّني منح التلميذ الفقير مالا». فكلمة «منح» هي مصدر يعمل عمل فعله في رفع الفاعل ونصب المفعول به وهذا المصدر أضيف إلى فاعله «التلميذ» فهو مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنه فاعل للمصدر. «الفقير» مفعول به للمصدر «مالا»: مفعول به ثان للمصدر. وقد يكون الفاعل مجرورا بحرف جر زائد هو إما «من»، أو «الباء»، أو اللّام، مثل: «ما جاء من أحد» «أحد»: اسم مجرور بـ «من» الزائدة لفظا مرفوع محلّا على أنه فاعل «جاء» ومثل: «هيهات لفوز الكسالى في امتحاناتهم».

«فوز» مصدر مجرور لفظا «باللام» الزائدة مرفوع محلّا على أنه فاعل لاسم الفعل «هيهات»، وكقوله تعالى: {وَكَفى بِاللهِ نَصِيرًا} «بالله» اسم الجلالة مجرور «بالباء» الزائدة لفظا مرفوع محلّا على أنه فاعل كفى. «نصيرا» تمييز منصوب. وإذا عطف على الفاعل المجرور فيجوز في التّابع الرّفع تبعا للمحل، والجر تبعا للفظ، مثل: «كفى بالحقّ والمثل العليا نصيرا» بجرّ «المثل» تبعا للفظ، وبالرّفع تبعا للمحل.

3 ـ أنواعه: قد يكون الفاعل اسما ظاهرا مثل: «نعم زيد»، ومثل: «جاء زيد» أو اسما مؤولا، مثل: «يسرني أن أراك سعيدا»، التقدير: يسرني رؤيتك، أو ضميرا ظاهرا، مثل: «قمت أنت وأخوك بالعمل الجادّ». «أنت» توكيد للضمير المتصل الواقع فاعلا للفعل «قام». أو ضميرا مستترا، مثل: «قم بعملك خير قيام» فاعل «قم» ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنت».

4 ـ أحكامه: للفاعل أحكام عدّة تختلف إما حسب العامل أو حسب وضع الفاعل في الجملة منها:

1 ـ يجب أن يكون الفاعل ظاهرا سواء أكان اسما، أو ضميرا ظاهرا، أو مستترا لأنه جزء أساسي في الجملة، ولا يمكن الاستغناء عنه، ولا يصح حذفه وقد يحذف وجوبا في أربعة مواضع:

الأول: إذا كان الفعل مبنيا للمجهول كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} والتقدير كتب الله عليكم الصّيام كما كتبه على الذين من قبلكم.

الثاني: إذا كان الفاعل هو «واو» الجماعة والفعل متصل بنون التوكيد، مثل: «أيّها الجنود لتهزمنّ أعداءكم» والأصل لتهزموننّ؛ فقد حذفت النون علامة الرّفع تخفيفا ولعدم توالي الأمثال وحذفت «واو» الجماعة منعا من التقاء ساكنين. أو إذا كان ياء المخاطبة والفعل متصل بنون التوكيد، مثل: «يا أيّتها الفتاة لتسمعنّ أخبار النّصر».

والأصل لتسمعيننّ. أو إذا كان «ألف» الاثنين والفعل مؤكّد بنون التوكيد، مثل: «يا ولدان لتسمعان أخبار النّصر» والأصل: لتسمعاننّ يجوز أن تبقى ألف الاثنين.

والثالث: إذا كان العامل مصدرا يحذف فاعله، ويجوز ذكره، مثل: «احترامي الطالب مجتهدا» فالفاعل هو «الياء» والعامل هو المصدر «احترامي». ومثل: «احترام الطالب مؤكّد».

«احترام» مصدر فاعله ضمير مستتر تقديره «هو» أو الضمير المقصود بالكلام.

والرابع: هو الحذف البلاغي بشرط وجود قرينة تدلّ على الفاعل المحذوف، مثل: «أين زيد»، فتجيب: «غائب» أي: غائب زيد. زيد فاعل لاسم الفاعل غائب. وقد يحذف الفاعل في أساليب خاصة، كأن تقول لصديقك: «إذا كان لا يوافقك فهات ما عندك» والتقدير: إذا كان لا يوافقك رأيي. ومن هذه الأساليب التشدّد بالقول ظهر... تبين والتقدير: ظهر الحق... وتبين...

وهناك أفعال لا تحتاج إلى فاعل مثل «كان» الزائدة، كقول الشاعر:

«جياد بني بكر تسامى ***على كان المسوّمة العراب»

ومثل: طال، وكثر إذا اتصلت بهما «ما» الكافة، مثل: «طالما حمدت ربّك الذي خلقك»، ومثل: «كثر ما حمدت لك صنيعك»، و «قلّ ما تدانيت بدين» فكل من هذه الأفعال لا يحتاج إلى فاعل بسبب وجود «ما». وقد تعرب هذه الأفعال: كافّة ومكفوفة، وقد يعرب الفعل كإعرابه الأصلي أي: فعل ماض مبني على الفتح و «ما» مع ما دخلت عليه في محل رفع فاعل.

2 ـ يجب أن يتأخر الفاعل عن عامله، مثل: «جاء زيد». فإذا تقدم الفاعل على الفعل لم يعد فاعلا وإنما يعرب: مبتدأ. مثل: زيد جاء. «زيد»: مبتدأ و «جاء»: فعل ماض فاعله ضمير مستتر يعود الى «زيد» والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، أما في مثل قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ} تعرب كلمة «أحد» فاعل لفعل محذوف يفسّره الفعل الظّاهر، فالفاعل لا يكون متقدما، أمّا إن تقدم الاسم فيكون إما مبتدأ خبره الجملة بعده، أو فاعلا لفعل محذوف يفسّره الفعل الظّاهر.

3 ـ يبقى الفعل مجردا من علامة التثنية والجمع إذا كان الفاعل مثنى أو جمعا، مثل: «قدم الزائران»، و «قدم الزائرون» و «قدمت الزائرة» أو «الزائرات»، وكقول الشاعر:

«سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظّما***وقد كربت أعناقها أن تقطّعا»

فالفاعل «ذوو» جمع مرفوع بالواو. والفعل «سقى» بصورة المفرد. وهناك بعض القبائل التي تزيد في لغتها «واو» الجماعة مع وجود الفاعل الظّاهر الذي يكون بصورة الجمع، مثل: «أقبلوا الأولاد» ومثل: «جاء بالأموال حتى حسبوه الناس حمقا» وكقول الشاعر:

«لو يرزقون الناس حسب عقولهم ***ألفيت أكثر من ترى يتكفّف»

وفيه الفعل «يرزقون» متصل بواو الجماعة والفاعل ظاهر. فيعربونه بدلا من الواو. ومنهم من يعرب الاسم الظاهر مبتدأ مؤخر والفعل المتقدم هو خبره، ومنهم من يعتبر «الواو» حرفا يدلّ على الجماعة لا محل له من الإعراب، «الناس» فاعل «يرزقون».

4 ـ وقد يكون عامل الفاعل محذوفا وذلك إذا كان جوابا لمن سأل: من نجح؟ فتجيب: «المجتهد». أي: نجح المجتهد. «المجتهد»: فاعل لفعل محذوف تقديره «نجح». وربما حذف الفاعل جوابا لاستفهام ضمني يفهم من السياق مثل: «ظهرت نتيجة الامتحانات ففرح بها الكثيرون.... الطلاب.... الأهالي، الاساتذة». والتقدير: فرح الطلاب وفرح الأهالي وفرح الأساتذة.

ويكون محذوفا كالأسلوب السّابق، أي: إذا كان مفسّرا بفعل مذكور بعده، مثل: «إن ضيف حضر أخوه فأكرمه»، التقدير: إن حضر ضيف حضر أخوه، فالفعل «حضر» يفسّر الفعل المحذوف. وتعرب كلمة «ضيف» فاعلا لفعل محذوف يفسّره الفعل الظاهر «حضر». ومثل حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» والتقدير: لا يشرب الشارب أي: هو.

وكقوله تعالى: {كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} أي: إذا بلغت الرّوح التّراقي، وكقول الشاعر:

«فإن كان لا يرضيك حتى تردّني ***إلى قطري لا إخالك راضيا»

وفيه «كان» تامة، وفاعلها ضمير مستتر، أو ناقصة واسمها الذي هو بمنزلة الفاعل ضمير مستتر تقديره هو. وكذلك فاعل «يرضيك» ضمير مستتر تقديره: هو يعود الى اسم «كان» وكذلك فاعل «تردّني» ضمير مستتر تقديره: أنت، وكقول الشاعر:

«وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ***ثوبي فأنهض نهض الشّارب السّكر»

«وكنت أمشي على رجلين معتدلا***فصرت أمشي على أخرى من الشّجر»

حيث أن الفعل «قمت» اتصل به ضمير الرفع «التاء». والفعل «يثقلني» فاعله اسم ظاهر وهو «ثوبي». وإن اختلف العلماء في كون هذا الاسم هو فاعل «يثقلني» أو هو بدل من الضمير المستتر في «يثقلني» الذي يعود على اسم «جعلت». وكذلك فعل «أمشي» فاعله ضمير مستتر تقديره «أنا».

ومثله «أمشي» في الشّطر الثاني. «والتاء» في «جعلت» و «كنت» و «صرت» هي اسم لهذه الأفعال النّاقصة.

5 ـ إذا كان الفاعل مؤنثا أنّث فعله بزيادة «تاء» التأنيث في آخر الماضي كقول الشاعر:

«كانت سكينة تملأ ال***دنيا وتهزأ بالرواة»

«روت الحديث وفسّرت ***آي الكتاب البيّنات»

وفيه الفعل الماضي «كانت» والفعل «روت» لحقت بهما «تاء» التأنيث السّاكنة ومثل «فسّرت» أيضا، وفيه أيضا الفعل المضارع «تهزأ» اتصلت في أوّله «التاء» التي تدلّ على الاسم المؤنث الواقع فاعلا، وكذلك إذا كان الفعل مضارعا، والفاعل مؤنثا، وهو للمثنى، أو للجمع، مثل: «تهزأ الفتاتان وتهزأ الفتيات». أمّا إذا كان الفاعل ضميرا متصلا لجمع المؤنث السالم فالأفضل أن يكون الفعل مبدوءا بالياء لا بالتاء وذلك لأن الضمير المتصل أغنى عن «التاء» في أوّل المضارع، مثل: «الفتيات يرقصن رقصا إيقاعيا بديعا»، فالفعل «يرقصن» ابتدأ «بالياء» استغناء

بنون النّسوة عن «التاء». أمّا إذا كان العامل وصفا مشتقا فتلحق به تاء التأنيث المربوطة مثل: «أقائمة الفتيات بواجباتهن» «الفتيات» فاعل سدّ مسدّ الخبر.

ملاحظة: يرى الكوفيون جواز تقديم الفاعل على عامله لوروده عن العرب، كقول الشاعر:

«ما للجمال مشيها وئيدا***أجندلا يحملن أم حديدا»

وفيه «مشيها» فاعل مقدّم للوصف «وئيدا».

ولكن يروى هذا البيت بالنّصب في كلمة «مشيها» على أنها مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: تمشي مشيها. وتعرب «وئيدا» حالا. وبالجر «مشيها» على أنها بدل من «الجمال» بدل اشتمال. «وئيدا»: حال منصوب.

وجوب تأنيث الفعل: يجب تأنيث الفعل مع فاعله المؤنث في حالتين:

الأولى: إذا كان الفاعل اسما ظاهرا مؤنثا حقيقيا متصلا بعامله مباشرة، مثل: «أطاعت هند أمّها»، و «تطيع أختها ربّها».

الثانية: إذا كان الفاعل ضميرا متصلا يعود على مؤنث حقيقي أو مجازي، «الشمس تدفىء العالم بحرارتها»، ومثل: «أمّك أحسنت إليك طفلا وشابا» ففاعل «تدفىء» ضمير يعود على مؤنث مجازي و «أحسنت» ضمير مستتر تقديره: هي، يعود على مؤنث حقيقيّ، ومثل: «المدرسة أحسنت إليك طفلا والجماعة تحسن إليك شابا».

ففاعل «أحسنت» و «تحسن» ضمير مستتر تقديره: هي يعود على مؤنث مجازي.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


24-المعجم المفصل في النحو العربي (اختلافها عن كان وأخواتها)

اختلافها عن «كان» وأخواتها

1 ـ يجب أن يكون خبر «كاد» وأخواتها فعلا مضارعا، مقرونا بـ «أن» أو غير مقرون بها، وفاعله ضمير مستتر، في الأغلب، يعود على اسمها، ولا يكون هذا في خبر «كان» مثل: «أوشك المطر أن ينزل»، «أوشك المطر ينزل».

2 ـ خبر «كاد» وأخواتها لا يتقدّم عليها بخلاف «كان»، مثل، «نائما كان الولد».

3 ـ يجوز أن يتقدم خبر «كاد» وأخواتها على اسمها، وكذلك بالنسبة لخبر «كان»، بشرط أن يكون غير مقترن بـ «أن» مثل «كاد المطر ينزل» أو «كاد ينزل المطر».

4 ـ يجوز حذف خبر «كاد» وأخواتها، إذا دلّت عليه قرينة، مثل: «من تأنّى نال ما تمنّى أو كاد».

أمّا «كان» فإما أن تحذف وحدها ويعوض منها بـ «ما» الزائدة، مثل: «أمّا أنت محسنا فتبرّع» التقدير لأن كنت محسنا فتبرّع. أو أن تحذف مع اسمها، كقول الشاعر:

«لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا***جنوده ضاق عنها السّهل والجبل»

والتقدير ولو كان ملكا، أو أن تحذف مع خبرها، مثل: «التلميذ محاسب على اجتهاده إن جدّ فنجاح وإن كسل ففشل» والتقدير: «إن كان في عمله جد فجزاؤه نجاح، وإن كان في اجتهاده كسل فجزاؤه فشل». أو أن تحذف مع معموليها، مثل: «أتقن عملك إتقانا حسنا إمّا لا» أي: إن كنت لا تتقنه فلا تعمله.

5 ـ لا تقع أفعال المقاربة زائدة أبدا بعكس «كان»، فإنها تزاد بلفظ الماضي بين شيئين متلازمين ليسا جارا ومجرورا، مثل: «ما كان أحسن منظر الرياض». فقد زيدت «كان» بين «ما» وفعل التعجب «أحسن» وهما شيئان متلازمان.

وقد تزاد بين الجار والمجرور شذوذا، كقول الشاعر:

«جياد بني بكر تسامى ***على كان المسوّمة العراب»

فقد زيدت «كان» بين حرف الجرّ «على» والاسم المجرور «المسوّمة» شذوذا. وقد تزاد بلفظ المضارع بين شيئين متلازمين، وهذا نادر، كقول الشاعر:

«أنت تكون ماجد نبيل ***إذا تهبّ شمال بليل»

أقسامها: تقسم أفعال المقاربة إلى ثلاثة أقسام، ولكل قسم أحكام خاصة به وهي:

1 ـ قسم يدل على قرب وقوع الشيء وهو: «كاد»، «كرب»، «أوشك».

2 ـ قسم يدل على ترقّب الخبر والأمل في تحقّق وقوعه وهو: «عسى»، «حرى»، «اخلولق».

3 ـ قسم يدل على الدخول في العمل ومباشرته، وتسمّى أفعال الشروع وهو: «بدأ»، «شرع»، «طفق»، «أنشأ»، «أخذ»، «علق»، «هبّ»، «قام»، «هلهل»، «جعل»، «ابتدأ»، «انبرى».

أحكامها: لأفعال المقاربة أحكام خاصة منها:

1 ـ أن يكون خبرها فعلا مضارعا، وقد يكون مضارعا في اللّفظ والإعراب، ماضيا في الزّمن، ويكون فاعله ضميرا مستترا يعود إلى اسمها،

مثل: «كاد الطفل يقع» وقد يأتي غير مضارع، ولكنّه نادر، كقول الشاعر:

«فأبت إلى فهم وما كدت آيبا***وكم مثلها فارقتها وهي تصفر»

حيث أتي خبر «كاد» «آيبا» وهو اسم فاعل من «آب» بمعنى: رجع.

2 ـ يجوز أن يقترن خبرها بـ «أن»، أو لا يقترن بها، مثل: «أوشك الثلج أن يذوب» و «أوشك الثلج يذوب» «وكاد الماء يغلي»، «وكرب القطار يصل»، ومثل:

«كرب القلب من جواه يذوب ***حين قال الوشاة هند غضوب»

3 ـ معنى «كاد» النّفي إذا سبقها النّفي، ويكون معناها مثبتا إذا لم يسبقها النّفي، ولكنها تتضمّن معنى النّفي بدون أن يسبقها، مثل: «كاد السّبّاح يغرق» فإن الغرق لم يحصل بل كاد، وكقول الشاعر:

«إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد***إليه بوجه آخر الدّهر تقبل»

والتقدير: لم تكد تقبل عليه مرّة أخرى، وتبقى منصرفة عنه.

4 ـ تتصرّف أفعال المقاربة تصرفا غير كامل، أي: يؤخذ منها مضارع واسم فاعل فقط، كقول الشاعر:

«ولو سئل النّاس التّراب لأوشكوا***إذا قيل هاتوا أن يملّوا ويمنعوا»

حيث أتت «أوشكوا» بلفظ الماضي، وكقول الشاعر:

«يوشك من فرّ من منيّته ***في بعض غرّاته يوافقها»

حيث أتت «يوشك» بلفظ المضارع، وكقول الشاعر:

«أبنيّ، إنّ أباك كارب يومه ***فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل»

حيث أتت «كارب» بلفظ اسم الفاعل من «كرب»، وكقول الشاعر:

«أموت أسى يوم الرّجام وإنّني ***يقينا لرهن بالذي أنا كائد»

حيث أتت «كائد» بلفظ اسم الفاعل من «كاد»، وكقول الشاعر:

«وتعدو دون غاضرة العوادي ***فإنّك موشك أن لا تراها»

حيث وردت «موشك» بلفظ اسم الفاعل من «أوشك»، وكقول الشاعر:

«بنا من جوى الأحزان والوجد لوعة***تكاد لها نفس الشفيق تذوب»

حيث وردت «تكاد» بلفظ المضارع من «كاد» وكقوله تعالى: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ}.

5 ـ «كاد» و «كرب» لا تستعملان إلا كأفعال ناسخة، أمّا «أوشك» فيجوز أن تكون تامّة أي ترفع فاعلا وتكتفي بمرفوعها، وذلك إذا تبعها المضارع المسبوق بـ «أن»، مثل: «أوشك أن يقع الطفل»، وكقول الشاعر:

«إذا المجد الرّفيع تواكلته ***بناة السّوء أوشك أن يضيعا»

فقد وردت «أوشك» تامّة لأنه تلاها المضارع المسبوق بـ «أن». ويكون المصدر المؤوّل من «أن» وما دخلت عليها في محل رفع فاعل «أوشك». وفي هذه الحالة تلزم «أوشك» صورة واحدة، أي: لا يتصل بها ضمير رفع مستتر أو بارز، مثل: «الامتحان أوشك أن يأتي» و «العطلة أوشك أن تبدأ» و «التلميذتان أوشك أن تنجحا» فالاسم المتقدّم على «أوشك» مؤنّث ومثنى هو «التلميذتان»، ورغم ذلك فلم يتصل بـ «أوشك» ضمير يطابقه والمصدر المؤوّل من «أن تنجحا» في محل رفع فاعل «أوشك». ومثل: «الأصدقاء أوشك أن يصلوا» ومثل: «الجماعات أوشك أن يتفرقن». أما إذا كانت أوشك ناقصة فمن الواجب أن تتصل بضمير يطابق الاسم السابق فنقول: «الغائبة أوشكت أن تصل» و «التلميذتان أوشكتا أن تحضرا» وتعرب التلميذتان: مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى. «أوشكتا»: فعل ماض ناقص و «التاء» للتأنيث. و «الألف»: ضمير متصل في محل رفع اسم «أوشك»؛ والمصدر المؤول من «أن» مع ما دخلت عليه في محل نصب خبر «أوشك». ومثل: «الأصدقاء أوشكوا أن يصلوا».

أما إذا وقع بعد المضارع المنصوب اسم مرفوع ظاهر فتكون «أوشك» إما تامّة، أو ناقصة، مثل: «أوشك أن يأتي الطبيب» فإذا كانت «أوشك» تامّة يكون المصدر المؤوّل من «أن» وما دخلت عليه فاعل «أوشك» و «الطبيب»: فاعل يأتي. وإذا كانت ناقصة فإنها تحتمل ضميرا يعود على الاسم المتقدم عليها، مثل: «الطبيبان أوشكا أن يصلا».

فيكون اسمها الضمير المتصل بها وهو «الألف» المطابق للاسم السابق. وخبرها المصدر المؤوّل من «أن» وما دخلت عليه في محل نصب.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


25-المعجم المفصل في النحو العربي (كان الزائدة)

كان الزائدة

اصطلاحا: يجوز أن تزاد «كان» بلفظ الماضي بين شيئين متلازمين ليسا جارا ومجرورا، مثل: «ما كان أحسن اجتهاد الناجحين» إذ زيدت «كان» بين «ما» وفعل التّعجب وهما شيئان متلازمان. وكقول الشاعر:

«فكيف إذا مررت بدار قوم ***وجيران لنا كانوا كرام»

فقد زيدت «كانوا» بلفظ الماضي بين الموصوف «جيران» وصفته «كرام» ولكنها زيدت مع اسمها. «الواو»: ضمير متصل مبني على السّكون في محل رفع اسم «كان». والقياس: أن تزاد وحدها بدون اسمها، لذلك يرى النّحويون أنها في هذا المثل غير زائدة. والتقدير: «كانوا معنا». «كان»: فعل ماض ناقص «الواو» ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»، «معنا»: على تقدير أنها محذوفة جار ومجرور متعلق بالخبر.

والجملة من «كان» واسمها وخبرها لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضيّة.

وقد تزاد «كان» بين الجار والمجرور شذوذا، كقول الشاعر:

«سراة بني بكر تسامى ***على كان المسوّمة العراب»

فقد زيدت «كان» بين حرف الجر «على» والاسم المجرور «المسوّمة» شذوذا. وقد تزاد بلفظ المضارع شذوذا أيضا. كقول الشاعر:

«أنت تكون ماجد نبيل ***إذا تهبّ شمأل بليل “

فقد زيدت «تكون» بلفظ المضارع بين شيئين متلازمين هما: المبتدأ «أنت» والخبر «ماجد». وهذا شاذ.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


26-المعجم المفصل في النحو العربي (كان وأخواتها)

كان وأخواتها

تعريفها: «كان» وأخواتها من الأفعال الناقصة، التي تدخل على المبتدأ والخبر، فترفع الأول على أنه اسمها، وتنصب الثاني على أنه خبرها، مثل: «كان الطفل نائما».

شروط عملها: أخوات «كان» كلها تعمل عمل «كان»، منها ما يعمله مطلقا، ومنها ما يعمله بشروط.

1 ـ ما يعمل عمل «كان» مطلقا ثمانية عوامل هي: «كان»، «أمسى»، «أصبح»، «أضحى»، «ظلّ»، «بات»، «صار»، «ليس»، من ذلك قوله تعالى: {وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى}.

2 ـ ما يعمل عمل «كان» بشرط أن يتقدّمه نفي، كقوله تعالى: {وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ} حيث تقدم حرف النفي «ما» على «يزالون». أو نهي، كقول الشاعر:

«صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو***ت فنسيانه ضلال مبين»

حيث تقدمت أداة النّهي «لا» على الفعل «تزل» فعمل عمل «كان». أو دعاء، مثل قوله تعالى: {تَاللهِ تَفْتَؤُا}. حيث أتى الفعل «تفتؤ»: مضارع «ما فتىء» وعمل عمل «كان» لأنه تقدّمه دعاء «تالله». أو نفي مقدّر، كقول الشاعر:

«فقلت: يمين الله أبرح قاعدا***ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي»

والتقدير: لا أبرح. ومن تقدم الدّعاء، قول الشاعر:

«ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى ***ولا زال منهلّا بجرعائك القطر»

حيث عملت «ما زال» عمل «كان» لأنه تقدمها «لا» الدّعائيّة. والدّعاء شبيه بالنّفي. «القطر»: اسم «ما زال». «منهلّا» خبر «ما زال» منصوب.

وهنا تقدم الخبر على الاسم. ومثل قوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ}.

وهذه العوامل هي: «ما زال»، «ما فتىء»، «ما انفكّ»، «ما برح».

3 ـ ما يعمل عمل «كان» بشرط تقدم «ما» المصدريّة الظرفيّة وهو «دام»، كقوله تعالى: {وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا} أي: مدّة دوامي حيّا. فقد عملت «ما دام» عمل «كان» لأنه تقدمتها «ما» المصدريّة الظّرفيّة التي تدلّ على مدّة معيّنة. يصح أن ينسبك منها ومن الفعل «دام» المصدر «دوام». أمّا إذا سبقتها «ما» النّافية فتكون «دام» تامّة، مثل ما دام شيء، أي: ما بقي شيء.

أقسامها: تقسم هذه الأفعال من حيث تصرّفها إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ قسم لا يتصرف أبدا فيبقى بصورة الماضي، وهو: «ليس»، و «دام».

2 ـ قسم يتصرّف تصرّفا ناقصا، أي: يؤخذ منه مضارع واسم فاعل فقط ولا يؤخذ منه أمر، ولا مصدر، وهو: «زال» وأخواتها، أي: التي تعمل بشرط أن يتقدمها نفي، أو نهي، أو دعاء، وهي: «زال»، «فتىء»، «برح»، «انفك». وبعضهم يعدّ «دام» من هذا القسم فأثبت لها المضارع.

3 ـ وقسم يتصرّف تصرّفا تامّا، أي: يؤخذ منه الماضي، والمضارع، والأمر، والمصدر، واسم الفاعل، وهو سبعة عوامل هي: «كان»، «أصبح»، «أضحى»، «أمسى»، «ظلّ»، «بات»، «صار». فمن الماضي قوله تعالى: {وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى}، ومن المضارع قوله تعالى: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} ومن الأمر، قوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيدًا}، ومن المصدر، قول الشاعر:

«ببذل وحلم ساد في قومه الفتى ***وكونك إيّاه عليك يسير»

حيث ورد المصدر من «كان» وهو «كونك» «فالكاف» اسمه، وخبره ضمير النصب «إيّاه» ومن اسم الفاعل قول الشاعر:

«وما كلّ من يبدي البشاشة كائنا***أخاك إذا لم تلفه لك منجدا»

حيث ورد اسم الفاعل «كائنا» من الفعل «كان» فاسمه ضمير مستتر تقديره هو «أخاك» خبر اسم الفاعل «كائنا» منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة. و «الكاف» في محل جر بالإضافة، وكذلك قول الشاعر:

«قضى الله يا أسماء أن لست زائلا***أحبّك حتى يغمض الجفن مغمض»

حيث ورد اسم الفاعل من «زال» فعمل عمل «كان» لأنه تقدّمه نفي «لست». فالاسم ضمير مستتر تقديره «أنا» والخبر هو جملة «أحبك».

معانيها: معنى «كان» اتصاف المبتدأ بالخبر في الماضي، وقد يكون اتصاله مستمرّا إذا كان هناك قرينة تدلّ على ذلك، مثل: «وكان الله عليما حكيما». «كان» تدل على استمراريّة الحكمة والعلم عند الله تعالى. ومعنى «أمسى» اتصاف المبتدأ بالخبر في المساء، ومعنى «أصبح» اتصافه به في الصّباح، ومعنى «أضحى» اتصافه به وقت الضّحى، ومعنى «ظلّ»، اتصافه به وقت الظلّ، أي: نهارا، ومعنى «بات» اتصافه به وقت المبيت، أي: ليلا. ومعنى «صار»: تحول المبتدأ من حال إلى حال أخرى هي الخبر ومعنى «ليس» النفي، ومعنى: «ما زال»، «ما فتىء»، «ما انفكّ» و «ما برح» ملازمة الخبر للمبتدأ.

تحوّل الأفعال الناقصة تامّة: يجوز أن تصير الأفعال الناقصة تامّة إذا اكتفت بمرفوعها، ما عدا: «ما زال»، «ما فتىء»، «ليس»، وعند ذلك لا يتغيّر معناها. فتصبح «كان» بمعنى: «ابتدأ» و «حصل» و «خلق» و «وجد»؛ وتصبح «ظلّ» بمعنى: «استمرّ»، و «أصبح» بمعنى: دخل في الصّباح، و «أمسى» بمعنى: دخل في المساء؛ و «صار» بمعنى: «انتقل» و «انفك» بمعنى: «انفصل»، و «برح» بمعنى «ذهب»، و «دام» بمعنى: «بقي».

من ذلك قوله تعالى: {فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} ومثل: «عمّت الفوضى فكان الكلام» ففي الآية فعلان تامّان هما: «تمسون» و «تصبحون». وفي المثل: «فكان الكلام»: أي فابتدأ الكلام. «كان» هنا تامّة. «الكلام»: فاعل «كان» مرفوع بالضّمة. ومن ذلك أيضا: «ابتدأ المخاص فكان الولد» أي: فوجد. وكقوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ}، وكقول الشاعر:

«وبات وباتت له ليلة***كليلة ذي العاثر الأرمد»

حيث وردت «بات» في الموضعين تامّة: أي دخل في المبيت.

اختصاص «كان»: تختص «كان» عن سائر أخواتها بأمور عدّة منها:

أولا: يجوز أن تزاد «كان» بلفظ الماضي بين شيئين متلازمين ليسا جارا ومجرورا، مثل: «ما كان أحسن لعب المتسابقين» فقد زيدت «كان» بين «ما» وفعل التّعجب، وهما شيئان متلازمان، وكقول الشاعر:

«فكيف إذا مررت بدار قوم ***وجيران لنا كانوا كرام»

فقد زيدت «كان» بلفظ الماضي بين الموصوف «جيران» وصفته «كرام». ولكن القياس أن تزاد «كان» وحدها دون اسمها، لذلك يرى النحويّون أنها هنا غير زائدة «فالواو» اسمها، وخبرها محذوف والتقدير: كانوا معنا، والجملة من «كان» واسمها وخبرها لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضيّة. وشذّ قول الشاعر الآتي إذ زاد «كان» بين الجار والمجرور، وهما علاوة على أنهما متلازمان، إلا أن زيادتها بينهما ممنوعة، مثل:

«سراة بني بكر تسامى ***على كان المسّومة العراب»

كما شذت زيادتها بلفظ المضارع، والقياس زيادتها بلفظ الماضي، كقول الشاعر:

«أنت تكون ماجد نبيل ***إذا تهبّ شمأل بليل»

فقد زيدت «تكون» بين المبتدأ «أنت» وخبره «ماجد» بلفظ المضارع، وهذا شاذ.

ثانيا: يجوز أن تحذف «كان» بوجوه منها:

1 ـ أنها تحذف مع اسمها بعد «إن» و «لو» الشرطيّتين، مثل: «سر مسرعا إن راكبا أو ماشيا» أي: إن كان سيرك ماشيا أو كان سيرك راكبا، ومثل: «تصدّق ولو بشقّ تمرة» أي: ولو كان تصدقك بشقّ ثمرة، وكقول الشاعر:

«حدبت عليّ بطون ضنّة كلّها***إن ظالما أبدا وإن مظلوما»

أي: إن كنت ظالما وإن كنت مظلوما فقد حدبت عليّ... وكقول الشاعر:

«لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا***جنوده ضاق عنها السّهل والجبل»

أي: ولو كان ذو البغي ملكا....

2 ـ تحذف «كان» مع خبرها بعد «لو»، وهذا قليل، مثل: «كل ولو تمر»، أي: ولو كان تمر طعامك.

3 ـ وتحذف «كان» وحدها بعد «أن» المصدريّة، ويعوّض منها «ما» الزّائدة، مثل: «أما أنت منطلقا انطلقت»، والتقدير: لأن كنت منطلقا انطلقت، حيث قدمت «اللّام» وما بعدها على الفعل «انطلقت» للاختصاص. ثم حذفت «اللّام» للاختصار ثم حذفت «كان» فانفصل الضمير «أنت» ثم زيدت «ما» للتعويض عن «كان» المحذوفة، ثم أدغمت «النون بالميم» للتقارب في النّطق، ومثل:

«أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر***فإن قومي لم تأكلهم الضّبع»

والتقدير: «لأن كنت ذا نفر». فحذفت «اللام”

ثم حذفت «كان» فانفصل الضمير وعوّض من «كان» المحذوفة بـ «ما» ثمّ أدغمت «النون بالميم» للتّخفيف.

4 ـ وتحذف «كان» مع اسمها وخبرها بعد «إن» دون أن يعوّض منها بشيء مثل: «افعل خيرا وإمّا لا» والتقدير: إن كنت لا تفعل خيرا فما عوض فحذفت «كان» مع اسمها وخبرها دون أن يعوّض منها بشيء. وكقولك لابنك: «لا تخرج الى الصّيد هذا اليوم فالطقس مثلج» فيجيب: «سأخرج وإن...» والتقدير: وإن كان الطقس مثلجا.

حيث حذفت كان واسمها وخبرها دون أن يعوّض منها بشي. إنّما تدلّ القرينة اللّفظيّة أو المعنويّة على هذا الحذف.

ثالثا: يجوز في «كان» أن تحذف «لامها» إذا كانت مضارعة مجزومة بالسكون غير موقوف عليها، وليس بعدها همزة وصل، ولا ضمير نصب، كقوله تعالى: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} والتقدير: ولم أكن بغيا. «أك» مضارع مجزوم بالسكون الظّاهرة على «النّون» المحذوفة للتخفيف، فالمضارع إذن مجزوم بالسّكون وغير موقوف عليه، وليس بعده همزة وصل، ولا ضمير نصب، وإلا فلا يجوز حذف «النون»، مثل: «لم تكن المرأة في الجاهليّة عزيزة الجانب» فلم تحذف «النون» من المضارع المجزوم «تكن» لأن بعدها همزة وصل، ومثل: «شرّيرا لا تكن» لا يجوز حذف النون من المضارع المجزوم «تكن» لأنه موقوف عليه، ولا تحذف كذلك في مثل قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صالِحِينَ} وذلك لأن المضارع «تكونوا» مجزوم بحذف النون، لا بالسكون، ولا تحذف أيضا في مثل قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «إن يكنه فلن تسلّط عليه» لأن بعدها ضمير نصب وهو «الهاء» الواقعة في محل نصب خبر «يكن»؛ ولا تحذف أيضا في قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} لأن بعده ساكن هو همزة الوصل. ورغم ذلك فقد حذفت «النّون» مع وقوع السّاكن بعد الفعل شذوذا، في قول الشاعر:

«فإن تك المرآة أبدت وسامة***فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم»

ربّما كان ذلك للضرورة الشعريّة.

ترتيب اسم الأفعال الناقصة وخبرها: يجوز أن يتقدّم خبر الأفعال النّاقصة على اسمها، كقوله تعالى: {وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} والتقدير: وكان حقا نصر المؤمنين علينا. حيث تقدّم الخبر شبه الجملة «علينا» على الاسم «نصر» وكقوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} حيث تقدّم الخبر «البرّ» على الاسم وهو المصدر المؤوّل من «أن» وما بعدها، وكقول الشاعر:

«لا طيب للعيش ما دامت منغّصة***لذّاته بادّكار الموت والهرم»

حيث قدّم الخبر «منغّصة» على اسم «ما دامت» وهو «لذّاته».

ولا يجوز تقديم خبر «كان» وأخواتها على اسمها إذا وجد مانع من ذلك، كقوله تعالى: {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً} وفيه يمتنع تقديم الخبر على الاسم لأن الخبر محصور بـ «إلّا».

ويجوز أن يتقدم الخبر على الفعل النّاقص، إذا تقدمه «ما» النافية، مثل: «ما هاطلا كان المطر» «هاطلا» خبر «كان» مقدّم عليها واسمه «المطر» وهذا التقديم يكون في الأفعال الناقصة التي لا يتقدمها نفي، مثل: «ما زال»، «ما فتىء»، «ما برح»... لأن نفي النفي إيجاب.

ويجوز أن يتقدم معمول الخبر على الأفعال الناقصة، كقوله تعالى: {أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ} والتقدير: كانوا يعبدونكم. حيث تقدم ضمير النّصب «إيّاكم» الواقع مفعولا به للفعل «يعبدون» وهو خبر «كان». وكقوله تعالى: {وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ} والتقدير: كانوا يظلمون أنفسهم؛ ولا يجوز تقدم معمول الخبر على «دام» مطلقا. أما تقدم معمول الخبر على «لا يزال» فقد أجازه بعضهم، كقول الشاعر:

«ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته ***على السّنّ خيرا لا يزال يزيد»

فقد تقدّم معمول خبر «لا يزال» على «لا يزال» نفسها. وخبره جملة «يزيد» والمتقدّم هو معمول الخبر، هو كلمة «خيرا» فإنها مفعول به للفعل «يزيد». ومنع البعض تقديم الخبر، وكذلك تقديم معموله على «لا يزال» وأخواتها، وبعضهم منع هذا التقديم مطلقا وبعضهم يجيزه إن تقدم الخبر ومعموله على الفعل الناقص، مثل: «شاربا دواءه كان زيد» والتقدير: كان زيد شاربا دواءه، ومثل:

«قنافذ هدّاجون حول بيوتهم ***بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا»

حيث ورد ما ظاهره أن ضمير النّصب الواقع مفعولا به للفعل «عوّدا» تقدم على «كان» واسمها هو كلمة «عطية» وجملة «عوّدا» خبر «كان». والأصل أن يقع معمول الخبر بعد الفعل والتقدير بما كان عطيّة عوّدهم، ولكن هذا ما يرفضه النّحاة ويؤوّلون هذا البيت على وجوه منها: أولا: أن اسم «كان» هو ضمير الشأن محذوف. «عطية» مبتدأ مرفوع وجملة «عوّد» خبر المبتدأ والجملة الاسمية المؤلفة من المبتدأ وخبره في محل نصب خبر «كان»، فلم يتقدم إذن معمول الخبر على اسم كان ولا على كان نفسها. والثاني «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر «بالباء» «كان» زائدة لا محل لها من الإعراب. «عطية» مبتدأ مرفوع وجملة «عوّدا» خبر المبتدأ. والجملة الاسميّة المؤلفة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول. والثالث اسم «كان» ضمير مستتر يعود على اسم الموصول، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب خبر «كان» وجملة «كان» مع معموليها لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول والعائد محذوف والتقدير: بما كان عطية عوّد هموه؛ وربما كان ذلك للضرورة الشعرية ولا يقاس عليه، ولكن ورد تقديم المعمول في:

«باتت فؤادي ذات الخال سالبة***فالعيش إن حمّ لي عيش من العجب»

ورد تقديم المعمول على اسم «بات» وليس على الفعل الناقص فأجازه بعضهم، وعدّه بعضهم الآخر من الضرورات الشعريّة. ففي هذا البيت «ذات» اسم «بات» «سالبة»: خبر «بات» فؤادي: مفعول به للخبر سالبة. ومنه من أوّل تقديم هذا المعمول على الوجوه السّابقة في البيت ورجّ الفتى... السّابق.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


27-المعجم المفصل في النحو العربي (تركيبها ومعانيها)

تركيبها ومعانيها:

1 ـ يرى بعضهم أنها تتكون من «الكاف» حرف جر وتشبيه. فهو وحده للتشبيه، و «أنّ» للتوكيد.

فيكون معناها التشبيه المؤكّد، مثل: «كأن البطل أسد» والتقدير: إن البطل كأسد. والمراد بالتشبيه اتصاف الاسم بالخبر في ما يشتهر به هذا الخبر، ويكون التشبيه بـ «كأنّ» أقوى من التشبيه «بالكاف» وحدها. ومن العرب من يرى أنها لا تكون للتشبيه إلّا حين يكون خبرها اسما أرفع من اسمها قدرا، أو أحطّ منه، مثل: «كأنّ الرجل ملك» ومثل: «كأنّ السارق هرّ». ومن العرب من يقول إنها للتشبيه إذا كان خبرها جامدا.

2 ـ تفيد معنى الشكّ والظنّ، إذا كان خبرها جملة فعليّة، مثل: «كأنّ زيدا درس» أو شبه جملة، مثل: «كأنّ زيدا في الدّار» ومثل: «كأن زيدا عندك».

3 ـ يقول الكوفيّون تفيد «كأنّ» التحقيق، وذلك إذا كان خبرها غير جامد، كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} فالمعنى يكون محقّقا قطعا.

4 ـ وتفيد «كأنّ» معنى التقريب كقول الشاعر:

«كأنني حيث أمسي لا تكلّمني ***متيّم أشتهي ما ليس موجودا»

ومثل: «كأنك بالفرج آت» أي: كأنّ زمانك آت بالفرج. وقد اختلف في إعراب هذه الجملة.

فوجه من الإعراب هو: «كأنك»: «كأنّ»: حرف مشبّه بالفعل، «والكاف»: ضمير متصل مبنيّ على الفتح في محل نصب اسم «كأنّ»، «آت»: خبر «كأن» مرفوع بالضّمّة المقدّرة على «ياء» المنقوص المحذوفة والمعوّض عنها بالكسر.

«بالفرج» جار ومجرور متعلق بـ «آت». ووجه آخر من الإعراب. «كأنّك» «كأنّ»: حرف مشبّه بالفعل مبني على الفتح. «والكاف» حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. «بالفرج» «الباء»: زائدة». «الفرج» اسم «إنّ» منصوب بالفتحة المقدّرة على الآخر منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة ومثل: «كأنّك بالشتاء مقبل» ومثل: «كأنّك بالدّنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل» أي: كأنّك لم توجد بالدّنيا لقصر المدّة فيها، وكأنك في الآخرة تتوهّم أنّك لم تزل عن الدّنيا، وإعرابها كالآتي: «كأنك» «كأن»: حرف مشبّه بالفعل. «والكاف» اسمها وخبرها محذوف. وجملة «لم تكن» جملة فعلية، مؤلفة من «تكن» التامّة وفاعلها الضمير المستتر، في محل نصب حال، والتقدير: كأنك تبصر بالدنيا حال كونك لم تكن بها لأنك تبصرها في لحظة مغادرتها. ومثلها جملة «لم تزل»، بمعنى: لم تترك الدنيا.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


28-المعجم المفصل في النحو العربي (لا أبا لك)

لا أبا لك

لغة: لفظ يدل على دعاء، في المعنى لا محالة وفي اللّفظ، خبر: أي: أنت عندي ممن يستحق أن يدعى عليه بفقد أبيه ثم خرّجت العبارة مخرج المثل ومعناه لا كافل لك عن نفسك.

اصطلاحا: هي «لا» النافية للجنس واسمها أبا وخبرها محذوف. يؤتى بها في معرض المبالغة، أو المدح، أو الدّعاء، أو عدم النّاصر، أو الذّمّ، كقول الشاعر:

«سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ***ثمانين حولا لا أبا لك يسأم»

«لا» النافية للجنس «أبا» اسم «لا» منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة و «لا» مع اسمها في محل رفع مبتدأ. «أبا» مضاف «لك»، «اللام»: زائدة. والكاف في محل جرّ بالإضافة. وخبر «لا» محذوف تقديره موجود. ومثل:

«يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم ***لا يلفينّكم في سوأة عمر»

ومثل:

«أبا لموت الذي لا بدّ أنني ***ملاق لا أباك تخوّفني»

حيث وردت عبارة «لا أبا لك» بلفظ «لا أباك».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


29-المعجم المفصل في النحو العربي (ملاحظات)

ملاحظات

1 ـ اختلف في عمل «لات» على ثلاثة مذاهب:

الأول: مذهب الجمهور. أنها تعمل عمل «ليس» في رفع المبتدأ اسما لها ونصب الخبر خبرا لها. مثل: «لات الوقت وقت سعادة».

الثاني: أنها لا تعمل. وإذا أتى بعدها اسم مرفوع فيكون مبتدأ حذف خبره وإذا أتى بعدها اسم منصوب فعلى أنه مفعول به لفعل محذوف.

ويقدّر الأخفش صاحب هذا المذهب قوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ}: لا أرى حين مناص.

وعلى قراءة الرّفع: ولا حين مناص كائن لهم.

الثالث: أنها تعمل عمل «إنّ» فتدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الأول اسما لها وترفع الثاني خبرا لها، مثل: «لات الوقت وقت سعادة».

2 ـ يرى بعض النّحاة أنه لا يذكر بعدها إلا معمول واحد والأغلب أن يكون اسمها المرفوع محذوفا. وخبرها المنصوب هو المذكور. فتقول: لات وقت ندامة.

3 ـ قال الفرّاء: لا تعمل «لات» إلا في لفظة «الحين». وذهب غيره أنها تعمل في «حين»، ومرادفها، أي: «الآن».

4 ـ يرى بعض النّحاة أن «التاء» في «لات» هي جزء من «الآن» بدليل قول الشاعر: «نوّلي قبل يوم بين، جمانا***وصلينا كما زعمت تلانا»

والتقدير: تالآن.

5 ـ من العرب من يجرّ بـ «لات» وهذا الجرّ شاذّ. كقول الشاعر:

«طلبوا صلحنا ولات أوان ***فأجبنا أن ليس حين بقاء»

«أوان»: اسم مجرور بـ «لات». ومن العرب من يضمر «من» الاستغراقيّة التي هي حرف جرّ، وكلمة «أوان» مجرورة بـ «من» المحذوفة مع بقاء عملها. كقول الشاعر:

«ألا رجلا جزاه الله خيرا***يدلّ على محصّلة تبيت»

ويروى هذا البيت «ألا رجل» على تقدير: «ألا من رجل». ومنهم من يقدّر «ولات أوان» في البيت السابق: «ولات أوان صلح» فحذف المضاف إليه وبني المضاف على الكسر لأنه على وزن «نزال». أو أنه بني على السكون ثم حرّك بالكسر منعا من التقاء ساكنين. ثم نوّن للتعويض عن المضاف إليه المحذوف، كما تنوّن «يومئذ» تنوين تعويض عن الجملة المحذوفة.

6 ـ قرئت الآية على لغة من قرأ: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ}. على اعتبار «حين» اسم «لات» مرفوع. وخبرها محذوف. على رأي الجمهور، أو هي: مبتدأ مرفوع خبره محذوف. على رأي الأخفش.

7 ـ وقرئت الآية بنصب «حين» {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} «حين»: إمّا خبر «لات» منصوب بالفتحة. واسم «لات» محذوف والتقدير: لات الحين حين مناص. وإما مفعول به منصوب لفعل محذوف، والتقدير: لا أرى حين مناص. رأي الأخفش.

8 ـ قرئت الآية بلغات ثلاث لكلمة «لات»: أي بالرفع، والفتح والكسر: «لات»، «لات»، و «لات».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


30-المعجم المفصل في النحو العربي (لا النافية للجنس)

لا النافية للجنس

اصطلاحا: هي حرف يدلّ على نفي الحكم عن جنس اسمها نصّا، أي: التّنصيص على استغراق النّفي لأفراد الجنس كلّه، وتسمّى أيضا لا التّبرئة لأنّها تبريء المبتدأ عن اتّصافه بالخبر، والنّفي بها قد يكون مطلق الزّمن، أي: لا يقع على زمن معيّن، وإنّما يراد منه مجرّد النّفي للنسبة بين معموليها. وقد يراد بها النّفي في زمن معيّن حين تدلّ على ذلك قرينة كقوله تعالى: {لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ...} فالزّمن المعنيّ هو الحاضر، تدل عليه كلمة «اليوم»، وقد يفيد نفي المستقبل، كقوله تعالى: {لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ} فكلمة يومئذ تدل على المستقبل، أو تفيد نفي الزمن الماضي، مثل: «تعزّ فلا حبيبين دام عزّهما». وفي هذا النّفي العام تميّز «لا» النافية للجنس من «لا» المشبّهة بـ «ليس» والتى تسمى: «لا النافية للوحدة». والتي لا تفيد نصّا نفي الحكم عن أفراد الجنس كلّه، وإنّما تحتمل نفيه عن الواحد فقط وعن الجنس كلّه، فتقول: «لا كتاب على الطاولة» «كتاب» اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس» مرفوع، وهو يحتمل أن يكون النفي للكتاب الواحد أو للكتب جميعا. أما «لا» النافية للجنس فيقع فيها النفي على كل أفراد الجنس فتقول: «لا كتاب على الطّاولة». «كتاب» اسم «لا» مبني على الفتح ويقع هذا النفي على كل كتاب، ولا يخرج واحد عن دائرته.

عملها: «لا» النافية للجنس هي إحدى النّواسخ، وتعمل عمل «إنّ»، أي: تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب الأوّل اسما لها وترفع الثاني خبرا لها.

شروط عملها: يشترط في إعمال «لا» النافية للجنس عمل «إنّ» شروط عدّة منها:

1 ـ أن تكون نافية للجنس نفيا تامّا عامّا، لا على سبيل الاحتمال.

2 ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، ويدخل في حكم النّكرة أمران: الأول، شبه الجملة بنوعيه: الظّرف والجار والمجرور، وذلك إما على اعتبار شبه الجملة نفسه هو الخبر، أو أن متعلّقه نكرة محذوفة هي الخبر، مثل: «لا خير في لذّة تعقب ندما» وكقول الشاعر:

«لا خير في وعد إذا كان كاذبا***ولا خير في قول إذا لم يحسن فعل»

حيث أتى خبر لا النافية للجنس في الشطرين شبه جملة «في وعد» و «في قول» فهو إما واقع خبر «لا» النافية للجنس، أو هو متعلق بمحذوف خبر «لا» النافية للجنس تقديره موجود، أو كائن.

والثاني: هو الجملة الفعليّة، لأنها في حكم النّكرة، كقول الشاعر:

«تعزّ فلا إلفين بالعيش متّعا***ولكن لورّاد المنون تتابع»

فإن لم يكونا نكرتين لا تعمل «لا» النافية للجنس عمل «إن» ولا عمل «ليس» مثل:

«لا القوم قومي، ولا الأعوان أعواني ***إذا ونى يوم تحصيل العلا واني»

حيث أتى الاسم بعد «لا» معرفة لذلك أهملت ووجب تكرارها، وكذلك تهمل إذا لم يكن خبرها نكرة، فالخبر في البيت هو «قومي» معرفة وكذلك «القوم» معرفة فالاسم معرفة والخبر معرفة أيضا، ومثل: «لا كتاب هذا أو لا دفتر». «كتاب» نكرة، «هذا» معرفة لذلك بطل عمل «لا» النافية للجنس ووجب تكرارها.

3 ـ ألّا تتوسط بين عامل ومعموله أي: أن لا تقع «لا» النافية للجنس بين حرف الجر والاسم المجرور، مثل: «سافرت بلا كتب» حيث بطل عمل «لا» لأنها وقعت بعد حرف الجر وقبل الاسم المجرور بحرف الجر، وكقول الشاعر:

«متاركة السّفيه بلا جواب ***أشدّ على السّفيه من الجواب»

حيث توسّطت «لا» بين حرف الجر والاسم المجرور، فإما أن تكون «لا» اسما بمعنى: «غير» مجرورا بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر وتكون هي مضافا و «جواب» مضافا إليه، أو تكون «لا»: حرف نفي مهمل لا عمل له في ما

بعده، ويكون الاسم «جواب» مجرورا بحرف الجر «الباء».

4 ـ ألّا يفصل بينها وبين اسمها فاصل، فلا يجوز أن يتقدّم الخبر، ولو كان شبه جملة، على الاسم، فإن تقدّم فإنها لا تعمل مطلقا، وتبقى نافية للجنس معنى، بشرط دخولها على النّكرتين بعد الفاصل، مثل: «لا لكسلان محبّة ولا احترام». حيث بطل عمل «لا» لأنه تقدّم شبه الجملة «لكسلان» الواقع خبرها على اسمها. والأصل: «لا محبّة لكسلان».

5 ـ ألّا ينتقض خبرها بـ «إلّا»، كقول الشاعر:

«يحشر النّاس لا بنين ولا آ***باء إلّا وقد عنتهم شؤون»

حيث انتقض الخبر بـ «إلّا» فبطل عملها. وفي هذا البيت احتمالان لإعراب «لا» بعد «إلّا»؛ فإذا اعتبرنا «لا» النافية للجنس باطل عملها لانتقاض خبرها بـ «إلّا» فتكون «بنين» مبتدأ ويجب أن تكون «بنون» لأنها مرفوعة «بالواو» وملحقة بجمع المذكّر السّالم، «والواو» الحاليّة وبعدها جملة «عنتهم شؤون» في محل نصب حال، وخبر المبتدأ محذوف، أما إذا اعتبرنا «لا» عاملة عمل «إنّ» رغم دخول «إلا» على خبرها، فتكون «الواو» زائدة وجملة «قد عنتهم شؤون» هي خبر «لا».

وتزاد هذه «الواو» أيضا في خبر كان إذا سبقته «إلّا».

ومنهم من لا يقرّ بالشرط الأخير أي: بانتقاض الخبر بـ «إلّا» فيعملها عمل «إنّ».

أحكام اسم «لا» النافية للجنس: يكون اسمها على ثلاثة أنواع: مفرد، أي: لا مضاف ولا مشبه بالمضاف، ومضاف، وتكون إضافته إمّا إلى نكرة، أو إلى معرفة بشرط ألا يكتسب منها تعريفا بسبب توغّله في الإبهام، ومشبّه بالمضاف، وهو الذي يأتي بعده ما يكمل معناه الذي يكون إما مرفوعا، أو منصوبا، أو من الأسماء المعطوف عليها وليست علما، وإما جارا ومجرورا متعلّقين به. والمشبّه بالمضاف يجب أن يكون معربا ومنوّنا إلا إذا وجد مانع. ومنهم من يقول بعدم تنوينه، كقوله تعالى: {وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ} ومنهم من يعتبر أن الجار والمجرور هو الخبر، ومنهم من يقول: إن الخبر محذوف يتعلق به الجار والمجرور، وتقدير الكلام: لا جدال حاصل في الحجّ.

أحكام اسم «لا» المفرد. إذا كان اسم «لا» مفردا فيبنى على الفتح، مثل: «لا عالم مكروه».

«عالم» اسم لا مفرد فهو مبني على الفتح، «مكروه»: خبر «لا» مرفوع، ومثل: «لا قوم للئيم» «قوم» هو اسم جمع لأنه يدل على جمع في المعنى. وليس له مفرد من لفظه، بل له مفرد من معناه. وهو مبنيّ على الفتح لأنه وقع اسم «لا» النافية للجنس وهو معامل معاملة المفرد لا المضاف ولا المشبّه بالمضاف. ومثل: «لا علماء مكروهون». «علماء»: جمع تكسير. وهو اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب؛ أو يبنى على ما ينوب عن الفتحة، مثل: «لا تلميذين متخاصمان» «تلميذين»: اسم «لا» مبني على «الياء» لأنه مثنى، ومثل: «لا حارسين منبوذون» «حارسين»: «اسم «لا» مبني على «الياء» لأنه جمع مذكر سالم، «منبوذون»: خبر «لا» مرفوع «بالواو» لأنه جمع مذكّر سالم، ومثل: «لا فتيات كسولات» «فتيات» اسم «لا» مبنيّ على الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنّث سالم. ومنهم من يبنيه على الفتح، كقول الشاعر:

«إنّ الشباب الذي مجد عواقبه ***فيه نلذّ ولا لذّات للشّيب»

حيث أتى اسم «لا» وهو «لذّات» مبنيّ على الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم، وقد يكون مبنيّا على الفتح مباشرة. ففي الأمثلة السّابقة كلّها، اسم «لا» المفرد هو مبني في محل نصب دائما: أي مبني لفظا منصوب محلّا. وقد يبنى على الضمّ في محل نصب، وذلك إذا كان الاسم هو كلمة «غير» بشرط أن تكون مضافة مسبوقة بـ «لا»، وأن يكون المضاف إليه محذوفا ونوي معناه، مثل: «صاحبت ثلاث فتيات لا غير». فتكون «لا» النافية للجنس «غير» اسم «لا» مبني على الضّم في محل نصب وخبر «لا» محذوف، وكذلك المضاف إليه، والتقدير: لا غيرهنّ صاحبت، أو تعرب بوجه آخر فنقول: «غير»: اسم «لا» مبني على الفتح المقدّر منع من ظهوره الضّمّة العارضة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


31-المعجم المفصل في النحو العربي (أحكام اسم لا المضاف والمشبه بالمضاف)

أحكام اسم «لا» المضاف والمشبّه بالمضاف:

إذا كان اسم «لا» مضافا أو مشبّها بالمضاف فإنّه ينصب بالفتحة الظّاهرة على آخره إذا كان مضافا مثل: «لا كلمة حقّ ضائعة»: «كلمة» اسم «لا» منصوب وهو مضاف «حق» مضاف إليه.

«ضائعة»: خبر، أو جمع تكسير، ومثل: «لا أصحاب حق مكروهون». «أصحاب»: اسم «لا» منصوب وهو مضاف «حقّ» مضاف إليه، أو ينصب بما ينوب عن الفتحة، أي: بالألف إذا كان من الأسماء السّتّة، مثل: «لا ذا حلم مكروه» «ذا»: اسم «لا» منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة وهو مضاف «حلم»: مضاف إليه. «مكروه»: خبر؛ و «بالياء»، إذا كان مثنى أو جمع مذكر سالم، مثل: «لا نصيحتي إنسان أحسن من نصيحة الوالدين». «نصيحتي»: اسم «لا» منصوب «بالياء» لأنه مثنى وقد حذفت النّون للإضافة، وهو مضاف «إنسان» مضاف إليه، «أحسن» خبر.

ومثل: «لا خائنين بلادهم محبوبون» «خائنين» اسم «لا» منصوب «بالياء» لأنه جمع مذكّر سالم.

«بلادهم»: مفعول به لـ «خائنين» والضمير «هم» في محل جر بالإضافة «محبوبون» خبر مرفوع «بالواو» لأنه جمع مذكر سالم. وينصب بالكسرة بدلا من الفتحة إذا كان جمع مؤنث سالم، مثل: «لا فتيات مدرسة مهملات»، فتيات: اسم «لا» منصوب بالكسرة عوضا عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم وهو مضاف «مدرسة» مضاف إليه.

«مهملات» خبر مرفوع بالضّمّة. ومثل: «لا مرتفعا ماله متواضع». «مرتفعا»: اسم «لا» منصوب لأنه مشبه بالمضاف «ماله»: فاعل لاسم الفاعل «مرتفعا»، مرفوع بالضمة. «والهاء»: في محل جر بالإضافة «متواضع» خبر مرفوع بالضّمّة.

ومثل: «لا بائعا كتبه رابح». «بائعا» اسم «لا» منصوب. «كتبه» مفعول به لاسم الفاعل «بائعا».

«رابح»: خبر «لا» مرفوع، ومثل: «لا ساعيا في الخير مكروه» «ساعيا» اسم «لا» منصوب. «في الخير»: جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ساعيا». ومثل: «لا طالبين علما غافلان» «طالبين» اسم لا منصوب «بالياء» لأنه مثنى «علما»: مفعول به لاسم الفاعل «طالبين» «غافلان» خبر «لا» مرفوع بالألف لأنه مثنى.

ومثل: «لا خائفين باللّيل نائمون». «خائفين»: اسم لا منصوب «بالياء» لأنه جمع مذكر سالم «باللّيل»: جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «خائفين». «نائمون»: خبر «لا» مرفوع «بالواو»

لأنه جمع مذكر سالم، ومثل: «لا محسنات للآخرين مكروهات»، «محسنات»: اسم «لا» منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. «للآخرين» جار ومجرور متعلّق باسم الفاعل «محسنات». «مكروهات» خبر «لا».

حكم المعطوف على اسم «لا»: إذا كانت «لا» النافية للجنس غير مكرّرة وعطف على اسمها جاز في المعطوف النكرة إمّا الرّفع، أو النّصب، سواء أكان المعطوف مفردا أو غير مفرد، والمعطوف عليه مفردا أو غير مفرد، فالرّفع باعتبار العطف على محل «لا» مع اسمها، وهو الرّفع على الابتداء، لأن «لا» مع اسمها دائما في محل رفع مبتدأ، أو باعتبار العطف على محل الاسم وحده، لأنه في الأصل مبتدأ قبل دخول «لا» عليه. وأمّا النّصب فعلى اعتبار العطف على محل اسم «لا» سواء أكان مفردا أي: مبنيا، أو غير مفرد، أي: معربا منصوبا، مثل: «لا طالب وطالبة في الجامعة» «طالب» اسم «لا» مبني على الفتح لأنه مفرد، أي لا مضاف ولا مشبه بالمضاف، «طالبة» اسم معطوف على «طالب» مرفوع على محل «لا» مع اسمها، أو على اسم «لا» وحده باعتباره مبتدأ في الأصل. ويجوز أن يكون منصوبا باعتباره معطوفا على محل اسم «لا» ومثل: «لا قلم وكتاب على الطاولة»: «قلم» اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. «كتاب» يجوز فيه الرفع باعتباره معطوفا على محل «لا» مع اسمها أو على اسم «لا» وحده ويجوز فيه النّصب على اعتبار أنه معطوف على محل اسم «لا». «على الطاولة» شبه جملة خبر «لا». ومثل: «لا طالب علم وطالب حق مخذولان». «طالب» الأولى: اسم «لا» منصوب لأنه مضاف «علم»: مضاف إليه و «طالب»: الثانية يجوز فيها الرفع أو النّصب كما سبق، «مخذولان»: خبر مرفوع «بالواو» لأنه جمع مذكر سالم. ومثل: «لا حقيبة سفر وطاولة موجودان». «حقيبة» اسم «لا» منصوب «طاولة» يجوز فيه الرّفع أو النّصب لأنها معطوفة على اسم «لا»، «موجودان» خبر «لا» مرفوع بالألف لأنه مثنّى.

أمّا إذا كان التّابع لاسم «لا» نعتا، أو بدلا، أو توكيدا، أو عطف بيان فإذا كان اسم «لا» مفردا مبنيا والتابع مفردا أيضا، جاز في التابع أن يبنى مثله على الفتح، أو ما ينوب عنه، كما سبقت الإشارة، مثل: «لا تلميذ نشيط فاشل». «تلميذ»: اسم «لا» مبني على الفتح. «نشيط» نعت مبني على الفتح. «فاشل»: خبر مرفوع. ومثل: «لا رجل مجدّ مكروه»، أو يكون منصوبا بالفتحة أو ما ينوب عنها مراعاة لمحل اسم «لا»، مثل: «لا تلميذ نشيطا فاشل» ومثل: «لا رجل مجدّا مكروه» أو إعرابه مرفوعا بالضّمة باعتباره نعتا لمحل «لا» مع اسمها، أو باعتباره نعتا لاسمها وحده، مثل: «لا تلميذ نشيط فاشل.

أمّا إذا كان اسم «لا» المنعوت مضافا أو مشبّها بالمضاف، فيكون تابعه منصوبا، أو مرفوعا فقط، أي: لا يكون مبنيا مطلقا.

وكذلك إذا وجد فاصل بين النّعت والمنعوت فيجب في التّابع النّصب والرّفع فقط، إذا كان المنعوت اسم «لا» مفردا مبنيا، وإذا كان اسم «لا» مضافا أو مشبّها بالمضاف، فالفاصل موجود حكما وإعرابه أي: إعراب التابع بالرّفع والنّصب فقط، مثل: «لا عامل خير خدّاع ناجح».

والبدل النّكرة كالنّعت المفصول لا يجوز بناؤ

على توهّم تركبه مع المبدل منه، لأن البدل على نيّة تكرار العامل، فيقع بين البدل والمبدل منه فاصل يمنع من ذلك التّركيب، فلا يجوز أن يكون مبنيّا، مثل: «لا أحد رجلا وامرأة في الحديقة» «أحد»: اسم لا مبنيّ على الفتح، «رجلا» بدل منصوب تبعا لمحل اسم «لا»، ويجوز أن يكون مرفوعا تبعا لمحل «لا» مع اسمها، أو تبعا لاسمها باعتبار أصله مبتدأ.

أما إن كان البدل معرفة وجب رفعه، مثل: «لا أحد زيد وخليل في الحديقة» «أحد» اسم «لا» مبني على الفتح. «زيد» بدل من محل «لا» مع اسمها، أو من اسمها فقط وهو مرفوع بالضمة، ومثله «خليل». «في الحديقة»: شبه جملة خبر «لا».

ومثله أيضا عطف البيان. أما التّوكيد اللفظي فهو يجري على لفظ المؤكّد من ناحية خلوّه من التّنوين، ويجوز رفعه ونصبه. أما التّوكيد المعنويّ فلا مجال لوجوده بعد اسم «لا» النّافية للجنس.

حكم لا المكرّرة وأحكام اسمها: إذا تكرّرت «لا» جاز إعمالها وإهمالها. أما الاسم فله أحكام عدّة منها:

أولا: إذا كانت «لا» عاملة عمل «إنّ» واسمها مفردا مبنيا، جاز في الاسم المفرد المعطوف بعد «لا» المكرّرة ثلاثة أمور:

1 ـ البناء على الفتح، أو ما ينوب عنه، مثل: «لا مواطن خائن ولا مواطنة إلّا مكروه»، باعتبار «لا» الثانية نافية للجنس. «مواطنة» اسمها مبني على الفتح وخبرها محذوف تقديره: ولا مواطنة خائنة. والجملة الاسميّة الثانية معطوفة على الجملة الأولى، كقوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ}.

2 ـ الإعراب أي: ينصب بالفتحة، أو ما ينوب عنها، مثل: «لا مواطنة خائنة ولا مواطنا» بتنوين الاسم بعد «لا» الثّانية، واعتبار «لا» الثانية زائدة لتوكيد النّفي، فلا عمل لها، وتكون كلمة «مواطنا» معطوفة «بالواو» على محل اسم «لا» الأولى، المبنيّ على الفتح في محل نصب، كقول الشاعر:

«لا نسب اليوم ولا خلّة***اتّسع الخرق على الرّاقع»

حيث أتى الاسم المعطوف بعد «لا» الثانية منصوبا منوّنا «خلة».

3 ـ إعرابه مع رفعه بالضّمّة على اعتبار «لا» الثانية زائدة لتوكيد النّفي، فلا عمل لها، مثل: «لا مواطنة خائنة ولا مواطن». وتكون كلمة «مواطن» مبتدأ مرفوع وخبره محذوف تقديره: ولا مواطن خائن. والجملة الاسميّة الثانية معطوفة «بالواو» على الجملة الأولى. ويصحّ اعتبار «لا» الثانية عاملة عمل «ليس» وكلمة «مواطن» اسمها، وخبرها محذوف. والجملة من «لا» الثانية مع معموليها معطوفة «بالواو» على الجملة الاسمية الأولى.

ويصحّ اعتبار «لا» الثانية زائدة لتوكيد النّفي وكلمة «مواطن» معطوفة «بالواو» على محل «لا» مع اسمها، أو على الاسم فقط باعتبار أصله مبتدأ، وكقول الشاعر:

«بأيّ بلاء يا نمير بن عامر***وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر»

حيث أتى الاسم المعطوف بعد «لا» الثانية مبتدأ مرفوع وخبره محذوف وهو كلمة «صدر». أو أنه اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس»، أو معطوف على محل «لا» مع اسمها، أو على الاسم فقط باعتبار أصله.

ثانيا: إذا أهملت «لا» الأولى فيجوز أن تكون من أخوات «ليس»، ويكون الاسم بعدها اسمها مرفوعا، أو تكون مهملة بدون عمل والاسم بعدها مبتدأ، أمّا «لا» الثانية فيجوز أن تعمل عمل «إنّ»، أو أن تجرى مجرى «لا» الأولى من حيث العمل أو الإهمال، فيكون الاسم بعدها مبنيّا على الفتح باعتبار «لا» النافية للجنس، أو مرفوعا على أنه اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس»، أو على أنه مبتدأ والخبر محذوف، كقول الشاعر:

«وما هجرتك حتى قلت معلنة***لا ناقة لي في هذا ولا جمل»

حيث أهملت «لا» الأولى فما بعدها «ناقة» إما مبتدأ مرفوع أو اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس». وكذلك أهملت «لا» الثانية.

ثالثا: إعمال «لا» الأولى والثانية معا على أنهما من أخوات «إنّ». مثل: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله». «حول» اسم «لا» مبني على الفتح، «قوة» مثلها. وخبرهما محذوف تقديره موجود «إلّا»: أداة حصر «بالله» جار ومجرور متعلق بالخبر المحذوف.

رابعا: إلغاء عملهما معا والاسم بعدهما إما اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس» أو مبتدأ، مثل: «لا حول ولا قوة إلا بالله». «حول»: اسم «لا» المشبهة ب ليس أو مبتدأ و «قوة» مثلها. والخبر محذوف «إلا» أداة حصر «بالله» جار ومجرور متعلق بالخبر.

خامسا: إعمال «لا» الأولى نافية للجنس، وإلغاء عمل «لا» الثانية باعتبارها حرفا زائدا مؤكدا، واعتبار ما بعدها منصوبا على أنه معطوف على محل اسم «لا» الأولى، مثل: لا حول ولا قوّة إلا بالله.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


32-المعجم المفصل في النحو العربي (ملاحظات)

ملاحظات:

1 ـ يجوز دخول همزة الاستفهام على «لا» النافية للجنس، فلا تتغيّر أحكامها سواء من حيث إعراب الاسم أو بنائه، أو من حيث أن «لا» مفردة أو مكرّرة، إنما يصير الأسلوب إنشائيا بعد أن كان خبريا يحتمل الصدق والكذب مثل:

«ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد***إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي»

حيث دخلت همزة الاستفهام على «لا» النافية للجنس. اصطبار: اسم «لا» مبني على الفتح وشبه الجملة لسلمى خبر «لا». ولا فرق بين أن تكون الهمزة للاستفهام عن النّفي المحض، مثل: «ألا رجل في البيت» أو مقصود بها التّوبيخ، مثل: «ألا إحسان للفقير وأنت غنيّ»، أو مقصود بها التّمني، مثل: «ألا حسنة فأدفعها للمحتاج» الهمزة مقصود بها التّمنّي. «لا»: النافية للجنس.

«حسنة»: اسم «لا» مبني على الفتح وخبرها محذوف تقديره ألا حسنة موجودة، وكقول الشاعر:

«ألا طعان ألا فرسان عادية***إلّا تجشّؤكم حول التّنانير»

2 ـ من المستعمل للتّمني: «ألا سلم سلم حقيقيا»، أي: أتمنّى سلما حقيقيا فتكون «سلم» الأولى اسم «لا» مبني على الفتح و «سلم» الثانية نعت للأولى مبني على الفتح، أي: بمنزلة التّركيب المزجي بين الاسمين «سلم سلم» ويجوز نصب «سلم» باعتبارها نعتا لمحل اسم «لا»

الأولى. ولا يجوز رفع «سلم» الثانية. وخبر «لا» الأولى محذوف. وله وجه آخر للإعراب وهو أن «ألا» المقصود بها التّمني لا تعمل إلّا في الاسم وخبرها محذوف مثل: «ألا إحسان إحسان حقيقيا».

والتقدير: ألا إحسان إحسانا أي: أتمنى إحسانا.

فتكون كلمة «إحسانا» الثانية مفعولا به لفعل «أتمنى» المقدّر، ولا يجوز أن يوصف هذا الاسم، أو أن يعطف عليه بالرّفع.

أما كلمة حقيقيا فيجب نصبها منوّنة باعتبارها نعتا لـ «إحسان» وفي التّمنّي قال الشاعر:

«ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه ***فيرأب ما أثأت يد الغفلات»

3 ـ قد تكون كلمة «ألا» كلمة واحدة يقصد بها الاستفتاح والتّنبيه، فلا عمل لها، وتدخل على الجملة الاسمية، كقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} وعلى الجملة الفعليّة، كقوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}. وكما تأتي كلمة واحدة يقصد بها العرض، أي: طلب الشيء برفق، مثل: «ألا تأكل معي طعاما لذيذا» أو التّحضيض، وهو الطّلب بعنف فتختص بالجملة الفعليّة، مثل: «ألا تخدم وطنك بإخلاص»، وكقول الشاعر:

«ألا رجلا جزاه الله خيرا***يدلّ على محصّلة تبيت»

حيث أتت «ألا» للعرض والتقدير: ألا تروني رجلا.

4 ـ يجرى على خبر «لا» النافية للجنس ما يجرى على سواه من خبر النّواسخ الأخرى أو خبر المبتدأ من الحذف، إذ دلّ عليه دليل سواء أكان الخبر شبه جملة، كقول الشاعر:

«إذا كان إصلاحي لجسمي واجبا***فإصلاح نفسي، لا محالة، أوجب»

أي: لا محالة حاصل. أو جملة فعلية، كالقول: هل من جاهل يرفع وطنه؟

فالجواب: «لا جاهل» والتقدير: لا جاهل يرفع وطنه. وقد يكون الخبر محذوفا مفردا وذلك يكون في الجواب عن السؤال: من القاتل؟

فالجواب: لا أحد، أي: لا أحد قاتل.

5 ـ ومن الأساليب التي حذف فيها الخبر القول: «لا إله إلا الله». «لا»: النافية للجنس.

«إله»: اسم «لا» مبني على الفتح وخبرها محذوف وجوبا تقديره موجود. «إلا»: أداة حصر واستثناء. «الله»: يجوز فيها الرّفع باعتبارها بدلا من محلّ «لا» مع اسمها، أو بدلا من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، أو بدلا من اسم «لا» باعتباره مبتدأ في الأصل، ويجوز فيها النّصب على الاستثناء. ومثل: «لا حول ولا قوّة إلا بالله». «حول»: اسم «لا» مبني على الفتح.

«ولا» «الواو»: حرف عطف «لا» توكيد «لا» الأولى «قوة» معطوف على حول. اسم «لا» مبني على الفتح، «إلا»: أداة حصر. «بالله»: جار ومجرور متعلق بالخبر المحذوف تقديره موجود، أو الجار والمجرور هو الخبر المحذوف ومثل: «لا فوت». «لا» النافية للجنس. «فوت»: اسم «لا» مبني على الفتح، ومثل: «لا ضرر ولا ضرار».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


33-المعجم المفصل في النحو العربي (ملاحظتان)

ملاحظتان:

1 ـ إذا جاء بعد «لا» جملة فعليّة أو اسميّة، المبتدأ فيها معرفة فتعتبر «لا» مهملة ويجب تكرارها، كقوله تعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} وكقوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ}. وكقول الشاعر:

«عليها سلام لا تواصل بعده ***فلا القلب محزون ولا الدّمع سافح»

حيث أنّ «لا»: الأولى هي نافية للجنس.

«تواصل» اسمها مبني على الفتح وخبرها متعلّق الظّرف «بعد». و «لا» الثانية هي مهملة لأنها دخلت على جملة اسميّة مؤلّفة من المبتدأ المعرفة «القلب» وخبره «محزون». و «لا» الثالثة مثل الثانية فهي مكرّرة ومعطوفة على الثانية. والجملة بعدها اسميّة أيضا.

11 ـ إذا اتصل بـ «لا» النّافية للجنس خبر، أو نعت، أو حال، أهملت ووجب تكرارها، كقوله تعالى: {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} وفيها أتى بعد «لا» مباشرة شبه الجملة «فيها»: الواقعة خبرا مقدّما. «غول»: مبتدأ مؤخّر ثم تكرّرت «لا» فهي مثل الأولى زائدة لأنها دخلت على معرفة هي الضمير «هم» الواقع مبتدأ وخبره جملة «ينزفون». وكقوله تعالى: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} ويجوز أن لا تتكرّر في الضّرورة الشعرية، مثل:

«وأنت امرؤ منّا خلقت لغيرنا***حياتك لا نفع وموتك فاجع»

حيث أتت «لا» مهملة لأنه أتى بعدها خبر للمبتدأ «نفع» خبر و «حياتك» مبتدأ ولم تتكرّر ومثل:

«بكت جزعا واسترجعت ثمّ آذنت ***ركائبها أن لا إلينا رجوعها»

حيث أتت «لا» مهملة وبعدها شبه الجملة الواقعة خبرا. والمبتدأ رجوعها. ولم تتكرّر. وكقول الشاعر:

«قهرت العدا لا مستعينا بعصبة***ولكن بأنواع الخدائع والمكر»

حيث أتت «لا» مهملة لأن بعدها حال هي «مستعينا» ولم تتكرّر، للضرورة الشّعريّة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


34-المعجم المفصل في النحو العربي (لا غير)

لا غير

اصطلاحا: «غير» تكون اسما ملازما للإضافة بمعنى: «إلّا». وتقطع عن الإضافة لفظا إن فهم معنى المضاف إليه وسبقته «لا» أو «ليس» فتقول: «قبضت عشرة لا غير». وفي هذا المعنى يجوز الرّفع والنّصب عند الإضافة فتقول: «قبضت عشرة ليس غيرها أو لا غيرها». ويجوز فيها عند حذف المضاف إليه البناء على الضم، فتقول: «قبضت عشرة لا غير» فتكون «غير» اسم «لا» المشبّهة بـ «ليس» مبنيّ على الضم في محل رفع وخبرها محذوف، أو خبر «لا» مبني على الضم واسمها محذوف، والتقدير: لا غير ذلك ما قبضت. كما يجوز فيها النّصب، فتقول: «قبضت عشرة ليس غيرا» «غيرا»: خبر «ليس» منصوب بالفتحة. أو البناء على الفتح فتقول: «قبضت عشرة ليس غير أو لا غير» «غير» خبر «لا» مبني على الفتح في محل نصب، والاسم محذوف. كما يجوز فيها الرّفع فتقول: «قبضت عشرة لا غير». «غير» اسم «لا» مرفوع بالضمّة. والمعنى: «قبضت عشرة ليس إلّا».

ويقول الجمهور: لا يجوز الحذف بعد ألفاظ الجحد إلا «ليس». فلا يقال: «أنفقت مائة لا غير» ولكنّ السّماع خلافه. وفي القاموس: قيل: وقولهم: «لا غير» لحن وهو غير جيّد، ولكنّه مسموع، كقول الشاعر:

«جوابا به تنجو اعتمد فو ربّنا***لعن عمل أسلفت لا غير تسأل»

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


35-المعجم المفصل في النحو العربي (لكن)

لكنّ

أصلها: «لكنّ» هي في الأصل حرف مشبّه بالفعل وهو حرف بسيط، لكن اختلف العلماء في لفظه، فمنهم من يقول: أصله «إنّ» زيدت عليها «لا» و «الكاف»، فصارت جميعها حرفا واحدا.

ومنهم من يقول: أصلها: «لكن أنّ» فحذفت الهمزة للتخفيف وحذفت «النون» من «لكن» منعا من التقاء ساكنين، كما في قول الشاعر:

«فلست بآتيه ولا أستطيعه ***ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل»

حيث وردت «ولاك» أصلها «ولكن» حذفت منها النون منعا من التقاء ساكنين، وكان من الأفضل تحريك «النون» بالكسر، وربما حذفها الشاعر للضرورة الشعريّة. وقال آخرون: هي مركبة من «لا» و «إنّ» و «الكاف» زائدة وليست حرف تشبيه وحذفت الهمزة للتخفيف، ومنهم من زاد عليها «الهاء» واللّام، كما في قول الشاعر:

«لهنّك من عبسيّة لوسيمة***على هنوات كاذب من يقولها»

حيث وردت «لهنّك» ولها ثلاثة أقوال:

الأول: أنّ أصلها «لإنّك» بلام التوكيد المفتوحة، بعدها «إنّ» المكسورة همزتها والمشدّدة نونها، والأصل أن «لام» التّوكيد تدخل على خبر «إنّ»، ولا يجوز أن تقترن اللّام بـ «إنّ»، ولكن لما أبدلت الهمزة من «إنّ» «بالهاء» توهّم أنها كلمة أخرى غير «إنّ» واللّام في «لوسيمة» زائدة.

والثاني: «لهنك» أصلها «لاه إنك» أي: «والله إنك».

والثالث: أن أصلها والله إنك فحذفت «الواو» وإحدى اللّامين من «والله» ثم حذفت الهمزة من «إن». والرأي الأوّل هو الأكثر صوابا.

معانيها: وتأتي «لكن» على ثلاثة معان:

الأول: أنها حرف للاستدراك، أي: تعقيب الكلام برفع ما يتوهّم ثبوته، أو إثبات ما يتوهم نفيه، ويكون المعنى بعدها مخالفا لما قبلها، وتقع بعد النّفي والإثبات. فإن كان المعنى قبلها موجبا كان ما بعدها منفيّا، والعكس بالعكس، فوجودها يظهر شيئا من المغايرة بين معنى ما بعدها ومعنى ما قبلها من غير حاجة إلى أداة نفي.

والثاني: أنها تستعمل لمجرّد التوكيد في المعنى، مثل: «لو زارني لأكرمته لكنّه لم يأت»، فهي هنا لتأكيد عدم الزيارة.

والثالث: أنها تستعمل تارة للاستدراك، وتارة للتوكيد.

عملها: وتعمل «لكنّ» عمل «إنّ» فتنصب المبتدأ وترفع الخبر. كقول الشاعر:

«وما قصّرت بي في التسامي خؤولة***ولكنّ عمّي الطّيب الأصل والخال»

حيث عملت «لكنّ» عمل «إنّ» فاسمها «عمي» وخبرها «الطيب».

تخفيفها: إذا خففت «لكنّ» بطل عملها ويرجع ما بعدها مبتدأ وخبرا، كقول الشاعر:

«إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره ***لكن وقائعه في الحرب تنتظر»

حيث خففت «لكن» فبطل عملها فهي حرف ابتداء فدخلت على جملة اسميّة مؤلّفة من مبتدأ «وقائعه» وخبره جملة «تنتظر».

ومن المستحسن أن تقترن «بالواو» للتفريق بينها وبين «لكن» العاطفة، مثل:

«أهابك إجلالا، وما بك قدرة***عليّ ولكن ملء عين حبيبها»

حيث خففت «لكن» فبطل عملها فهي حرف ابتداء. والجملة بعدها مؤلفة من خبر مقدّم «ملء» ومبتدأ مؤخّر «حبيبها» واقترنت بحرف العطف «الواو».

وتتعيّن «لكن» للعطف، إذا كان معطوفها مفردا، وسبقت بنفي، أو نهي، وغير مقترنة بالواو.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


36-المعجم المفصل في النحو العربي (وتتعين للابتداء إذا تلتها جملة كقول الشاعر السابق إن ابن ورقاء أو إذا سبقتها الواو كقوله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)

وتتعيّن للابتداء إذا تلتها جملة، كقول الشاعر السابق: إن ابن ورقاء... أو إذا سبقتها «الواو»، كقوله تعالى: {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ

وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ}. وكقول الشاعر:

«ولو نعطى الخيار لما افترقنا***ولكن لا خيار مع اللّيالي»

حيث أتت «ولكن» حرف ابتداء قبلها «واو» العطف وبعدها جملة مؤلفة من «لا» النافية للجنس واسمها «خيار» وخبرها شبه الجملة «مع الليالي»، أو إذا سبقتها جملة غير منفيّة، مثل: «قام سمير لكن زيد لم يقم» حيث خفّفت «لكن» فبطل عملها، وهي حرف ابتداء لأن الجملة قبلها غير منفيّة. ويعرب «زيد»: مبتدأ وجملة «لم يقم» خبر المبتدأ.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


37-المعجم المفصل في النحو العربي (ملاحظات)

ملاحظات:

1 ـ يجوز أن تدخل اللّام على خبر لكنّ كقول الشاعر:

«يلومونني في حبّ ليلى عواذلي ***ولكنني من حبّها لعميد»

حيث دخلت «اللّام» على خبرها: «لعميد».

2 ـ وقد يحذف اسمها، كقول الشاعر:

«فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي ***ولكنّ زنجيّ عظيم المشافر»

أي: ولكنّك زنجيّ، أما قول الشّاعر:

«وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه ***ولكنّ من يبصر جفونك يعشق»

ففيه حذف اسم «لكنّ» لأنه من غير الممكن أن يكون اسم الشّرط «من» هو اسم «لكنّ» لأن الشّرط لا يعمل فيه ما قبله. ومن ذلك أيضا قول الشاعر:

«ولكنّ من لا يلق امرءا ينوبه ***بعدّته ينزل به وهو أعزل»

وأما قول الشاعر:

«فأما القتال لا قتال لديكم ***ولكن سيرا في عراض المواكب»

حيث يحتمل في «لكن» أمران:

الأول: أنّ اسمها محذوف وخبرها الجملة المؤلّفة من الفعل المحذوف وفاعله والمفعول المطلق النّاجم عنه والتقدير: ولكنكم تسيرون سيرا في عراض المواكب.

والثاني: أن الاسم المنصوب بعد «لكنّ» «سيرا» هو اسمها وخبرها محذوف، والتقدير: ولكن لكم سيرا. فشبه الجملة «لكم» خبر «لكنّ».

3 ـ إذا دخلت عليها «ما» الزّائدة فتكفّها عن العمل ويرجع ما بعده مبتدأ وخبرا، مثل:

«فلا تعدد المولى شريكك في الغنى ***ولكنّما المولى شريكك في العدم»

وقد يبقى عملها رغم دخول «ما» الزائدة عليها، كقول الشاعر:

«والله ما فارقتكم قاليا لكم ***ولكنّ ما يقضى فسوف يكون»

حيث بقي عمل لكنّ رغم دخول «ما» عليها «ما» اسم «لكنّ» وخبرها جملة فسوف يكون.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


38-المعجم المفصل في النحو العربي (فائدتها)

فائدتها:

1 ـ لام الابتداء تكون دائما مبنيّة على الفتح، وتؤكّد مضمون الجملة المثبتة وتزيل الشكّ عنها، ولا تدخل على حرف نفي، ولا على فعل منفيّ، ولا على المنفيّ بأحدهما، ولكنّها تدخل على الاسم الذي يفيد معنى النفي، مثل: «إنّ الكاذب لغير متّبع في نصائحه». فكلمة «غير» هي من الأسماء التي تفيد النّفي لذلك اقترنت باللّام.

2 ـ لام الابتداء لها حقّ الصّدارة غالبا، وإذا دخلت على المضارع فتخلص زمنه للحال، مثل: «إنّ الكاذب ليظلم نفسه» فالكاذب يظلم نفسه الآن في وقت كذبه. أمّا إذا وجدت قرينة تدل على الاستقبال، فيفيد المضارع المقرون بلام الابتداء الاستقبال، مثل قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} فالقرينة اللفظيّة «يوم القيامة» تخلص زمن المضارع للاستقبال لأن ذلك اليوم لم يأت بعد.

دخولها: تدخل لام الابتداء في مواضع كثيرة منها:

1 ـ على المبتدأ، فتجعله واجب التقديم على الخبر، كقول الشاعر:

«وللبين خير من مقام على أذى ***وللموت خير من حياة على ذلّ»

فقد دخلت «لام الابتداء» على المبتدأ «للبين» و «للموت».

2 ـ على الخبر المتقدّم على المبتدأ، مثل: «لمجتهد الطّالب ولمطاع رأيه». «لمجتهد»: خبر مقدّم مقرون بلام الابتداء، والمبتدأ «الطالب»، ومثله «لمطاع».

3 ـ على خبر «إنّ» دون سائر أخواتها، كقوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} شبه الجملة «في نعيم» و «في جحيم» خبر «إنّ» مقترن باللّام، ومثل:

«إنّا على البعاد والتّفرّق ***لنلتقي بالفكر إن لم نلتق»

حيث دخلت لام الابتداء على خبر «إنّ» وهو «لنلتقي». ويشترط في دخول لام الابتداء على خبر «إنّ» المشدّدة النّون والمكسورة الهمزة أربعة شروط:

أ ـ أن يكون متأخرا عن الاسم، فلا تقول: «إن لفيك عدالة» لأن الخبر «لفيك» متقدّم على الاسم، بل تقول: «إنّ فيك عدالة، وإن عندك ميلا للإنصاف».

ب ـ أن يكون مثبتا، فلا تدخل على الخبر المنفي ولا على حرف النفي ولا على الفعل المنفي، مثل: «إن الاجتهاد لما يضرّ صاحبه» إذ لا يجوز دخول لام الابتداء في هذا المثل على الفعل المنفي بـ «ما»، بل يجب حذفها فتقول: «إن الاجتهاد ما يضرّ صاحبه» بل يجوز أن تدخل على الاسم الذي يفيد النّفي، فتقول: «إنّ الاجتهاد لغير ضارّ بصاحبه».

ج ـ على الجملة التي فعلها ماص غير متصرّف ما عدا «ليس» لأنها تفيد النّفي، فتقول: «إنّ الكهرباء لنعم الاختراع» و «إنّ الإهمال لبئست نتيجته». فقد دخلت لام الابتداء على الفعل الجامد «نعم» الواقع خبرا لـ «إنّ»، وعلى الفعل الجامد «لبئست». ولا يجوز دخولها على الماضي المتصرّف إلا إذا كان مقرونا بـ «قد»، مثل: «إنّ الكهرباء لقد أفادت الناس» فقد دخلت لام الابتداء على الماضي المقرون بـ «قد» «لقد أفادت» وذلك لأنّ «قد» تقرب أحيانا الماضي من الحال كما تقرب المستقبل من الحال أحيانا أيضا.

د ـ على الجملة الفعليّة التي فعلها مضارع مثبت، ويقع خبرا، سواء أكان المضارع المثبت متصرّفا أم غير متصرّف تصرّفا كاملا، مثل: «يدع ويذر» فيقال: لا ماض لهما، أمّا المضارع الذي لا يتصرف مطلقا فلا وجود له، كقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} وكقوله عليه السّلام: «إنّ العجب ليأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب». فقد دخلت «اللام» على المضارع «ليأكل» المثبت الواقع خبرا لـ «إنّ» وكقول الشاعر:

«إنّ الكريم ليخفي عنك عسرته ***حتى تراه غنيّا وهو مجهود»

وإن كان الخبر جملة اسميّة جاز دخول اللام على مبتدئها أو على خبره، فتقول: «إنّ الكهرباء لنفعها عميم»، أو «إن الكهرباء نفعها لعميم» ولا يجوز دخولها على الجملة الفعليّة الشرطيّة، لأن لام الابتداء لا تدخل على أداة الشرط ولا على فعله، ولا على جوابه، كذلك لا تدخل على المضارع المثبت المقرون بالسّين، أو بسوف.

وتدخل على الخبر إذا كان شبه جملة والنّاسخ هو «إنّ»، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}.

5 ـ على معمول خبر «إنّ» إذا كان متوسّطا بين الاسم والخبر، بشرط أن يكون الخبر خاليا من لام الابتداء وصالحا لقبولها ففي مثل: «إنّ الحروب مخرّبة البلاد» تقول: «إنّ الحروب للبلاد مخرّبة» فقد اقترنت لام الابتداء بـ «للبلاد» الواقعة مفعولا به لخبر «إنّ» «مخرّبة» ولا يجوز دخول لام الابتداء على خبر «إنّ» المقترن بها، مثل: «إن الكهرباء لتنير البلاد» فخبر «إنّ» هو مضارع مثبت مقرون «باللام» لذلك لا يجوز اقترانه بها ثانية، كذلك لا تدخل «اللام» على معمول الخبر غير الصالح لقبولها، مثل: إن الكهرباء أنارت البلاد، فلا نقول «إن الكهرباء للبلاد أنارت» لأن الخبر جملة فعلية ماضويّة غير مقترنة بـ «قد» وفعلها متصرّف، لذلك وجب عدم اقتران معمول الخبر بلام الابتداء.

5 ـ على ضمير الفصل، مثل: «إن الله لهو واحد أحد لا شريك له» حيث دخلت «اللّام» على ضمير الفصل «لهو» الواقع بين اسم «إنّ» وخبرها. وإن دخلت «اللّام» على ضمير الفصل لا تدخل على الخبر.

6 ـ على اسم «إنّ» بشرط أن يتقدّم عليه الخبر شبه الجملة الواقعة خبرا، مثل: «إنّ فيك لخصالا حميدة» و «إنّ أمامك لمستقبلا زاهرا»، وكقول الشاعر:

«إنّ من شيمتي لبذل تلادي ***دون عرضي فإن رضيت فكوني»

فقد دخلت «اللّام» على اسم «إنّ» «لبذل» المتقدّم عليه الخبر شبه الجملة «من شيمتي». وإذا دخلت على الاسم المتأخّر لا تدخل على الخبر المتقدّم.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


39-المعجم المفصل في النحو العربي (لعل)

لعلّ

اصطلاحا: لكلمة «لعل» ألفاظ متعدّدة سمعت عن العرب.

1 ـ «لعلّ»، وهو الأصل، كقوله تعالى: {وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

2 ـ علّ، كقول الشاعر:

«ولا تهين الفقير علّك أن ***تركع يوما والدّهر قد رفعه»

3 ـ لعن، كقول الشاعر:

«حتى يقول الجاهل المنطّق ***لعنّ هذا معه معلّق»

4 ـ لغنّ، كقول الشاعر:

«ألا يا صاحبي قفا لغنّا***نرى العرصات أو أثر الخيام»

5 ـ لعنّا، كقول الشاعر:

«ألستم عائجين بنا لعنا***نرى العرصات أو أثر الخيام»

6 ـ وتلعّبت العرب بألفاظها فقالوا: «لعلن»، «لعنّ»، «رعنّ»، «عنّ»، «غنّ»، «لغلّ»، «غلّ»... أمّا معناها فهو التّرجّي، أي: انتظار حصول أمر مرغوب فيه، ميسور التّحقّق، كقوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. ويكون معناها الإشفاق، ولا يكون إلا في الأمر المكروه، مثل: «لعلّ الزّلزال يهدم البيوت». وقد تكون للتّعليل، كقوله تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ}، وكقول الشاعر:

«تأنّ، ولا تعجل بلومك صاحبا***لعلّ له عذرا وأنت تلوم»

7 ـ وقد تكون للاستفهام، كقوله تعالى: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}. وقد تكون للظنّ، مثل: «لعلّ أحدكم ناجح». وقد تأتي لعلّ بمعنى «عسى»، مثل:

«لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة***عليك من اللّاتي يدعنك أجدعا»

تفرّدها: وتنفرد «لعلّ» عن باقي أخواتها.

1 ـ بدخول «ياء» المتكلّم على لغاتها الكثيرة، فتقول: «لعلّي» بدون نون الوقاية و «لعلّني» بالياء مسبوقة بنون الوقاية، «علّي» و «علّني»، «لعنّي»، «عنّي»، «لعلنا» بدخول «نا» عليها...

2 ـ والأسلوب الذي تدخله «لعلّ» هو أسلوب إنشائيّ غير طلبيّ.

3 ـ إذا دخلت عليها «ما» الكافّة يبطل عملها وتدخل على الجملة الفعليّة، مثل:

«أعد نظرا يا عبد قيس لعلما***أضاءت لك النّار الحمار المقيّدا»

حيث دخلت «ما» على «لعلّ» فبطل عملها ودخلت على الجملة الماضية.

4 ـ قد تكون «لعلّ» حرف جرّ، كقول الشاعر:

«لعلّ الله فضّلكم علينا***بشيء أنّ أمّكم شريم»

حيث أتت «لعل» حرف جر شبيه بالزّائد «الله» مبتدأ مرفوع بالضّمّة المقدّرة على الآخر منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ المناسبة.

وما يشترط في اسم «إنّ» وفي خبرها يسري على اسم لعلّ وخبرها.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


40-المعجم المفصل في النحو العربي (ليت)

ليت

هي من الأحرف المشبهة بالفعل تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب المبتدأ اسما لها وترفع الخبر خبرا لها، وهي تفيد التّمنّي، أي: الرّغبة في تحقّق شيء محبوب حصوله سواء أكان ممكنا حصوله، مثل: «ليت الثوب جديد» أو غير ممكن حصوله، كقول الشاعر:

«ألا ليت الشباب يعود يوما***فأخبره بما فعل المشيب»

«الشباب»: اسم «ليت» منصوب بالفتحة الظّاهرة على آخره وجملة «يعود» هي جملة مضارعيّة مثبتة تقع خبرا لـ «ليت».

ولا يصحّ أن يكون التّمنّي في شيء محتوم وقوعه، مثل: «ليت السنة الجديدة تأتي» لأنه لا يمكن أن يحصل ذلك إلا بوقت معلوم. وأسلوب «ليت» هو أسلوب إنشائي طلبي، فالانشائي هو الذي لا يحتمل الصّدق والكذب. والطّلب يتضمن: الأمر، والنّهي، والدعاء، والاستفهام، والعرض، والتّحضيض، والتّمنّي، والتّرجّي.

والأسلوب الإنشائي غير الطّلبي هو الذي يتضمن: «التعجب»، مثل: «لله درّه فارسا» والنّداء مثل: يا رجل...

وقد تدخل «ليت» على «أنّ» فتستغني عن اسمها وخبرها، ويكون المصدر المؤول من «أنّ» مع معموليها سادا مسد معمولي «ليت» مثل: «ليت أنّ المسافر يعود».

وتنفرد «ليت» عن باقي أخواتها في جملة أحوال منها:

1 ـ جواز عملها أو بطلانه إذا دخلت عليها «ما» الكافّة، كقول الشاعر:

«ألا ليتما هذا الحمام لنا***إلى حمامتنا أو نصفه فقد»

حيث دخلت «ما» الكافّة على «ليت» فإمّا أن تكفّها عن العمل ويرجع ما بعدها مبتدأ وخبر فيكون الإعراب كالآتي: ليتما»: كافّة ومكفوفة، «هذا»: «الهاء»: للتنبيه، و «ذا»: اسم إشارة مبني على السّكون في محل رفع مبتدأ. «الحمام» بالضمّ: بدل من «هذا» «أو»: حرف عطف «نصفه» معطوف على «الحمام» «والهاء» في محل جر بالإضافة وخبر «ليت» شبه الجملة «لنا» وإمّا أن يبقى عملها فيكون الإعراب على الوجه الآتي: «ليتما»: حرف مشبّه بالفعل و «ما» زائدة «هذا» في محل نصب اسم «ليت» «الحمام» بالنّصب: بدل من «هذا» «نصفه» بالنصب معطوف على الحمام. وشبه الجملة «لنا» في محل نصب خبر «ليت». وكقول الشاعر:

«يا ليتما أمّنا شالت نعامتها***أيما الى جنّة أيما الى نار»

حيث دخلت «ما» على «ليت» فإما أن يبقى عملها فتعرب «أمّنا» اسم «ليت» منصوب و «نا» في محل جر بالإضافة، وجملة «شالت نعامتها»: خبر «ليت» أو أن يلغى عملها فتعرب «أمّنا» مبتدأ مع الضمير «نا» مضاف إليه، وجملة «شالت نعامتها» خبر المبتدأ.

2 ـ وتدخل «ياء» حرف النّداء على «ليت» فتصير حرفا للتنبيه أو للنداء كالمثل السابق: ألا ليتما... وكقول الشاعر:

«لكنّه شاقة أن قيل: ذا رجب ***يا ليت عدّة حول كلّه رجب»

حيث دخلت «يا» على «ليت». فإمّا أن تكون حرف «نداء» والمنادى محذوف وإمّا أن تكون حرف تنبيه فقط، واسم «ليت» هو كلمة «عدّة»، «رجب» خبرها.

3 ـ وتتّصل «ليت» بياء المتكلّم المسبوقة بنون الوقاية، كقول الشاعر:

«يا ليتني وأنت يا لميس ***في بلدة ليس بها أنيس»

حيث دخل حرف النّداء أو التنبيه على «ليت» واتصلت بها «ياء» المتكلم، فدخلت بينهما نون الوقاية. و «ياء» المتكلم اسم «ليت» وشبه الجملة في «بلدة» خبرها.

4 ـ وتستعمل «ليت» كاسم يقصد منها لفظها فقط دون معناها، كقول الشاعر:

«ليت وهل ينفع شيئا ليت ***ليت شبابا بوع فاشتريت»

حيث وردت «ليت» على ثلاثة أنواع: الأوّل: هي حرف تمنّ ونصب من أخوات «إنّ». والثاني: مقصود بها لفظها فقط، وهي فاعل «ينفع» مرفوع بالضّمّة، والثالث: هي توكيد للأولى حرف تمنّ ونصب، «شبابا» اسم «ليت» الأولى وجملة «بوع» خبرها.

5 ـ وتقبل «ليت» دخول «ألا» الاستفتاحيّة عليها، كقول الشاعر:

«ألا ليت شعري هل إلي أمّ جحدر***سبيل، فأمّا الصبر عنها فلا صبرا»

حيث دخلت «ألا» الاستفتاحيّة على «ليت».

«شعري»: اسمها «والياء»: مضاف إليه وخبرها محذوف تقديره: حاصل.

6 ـ وتدخل «ياء» المتكلم على «ليت» بدون أن تسبقها نون الوقاية، كقول الشاعر:

«زعموا أنني ذهلت وليتي ***أستطيع الغداة عنه ذهولا»

فقد دخلت «ياء» المتكلم على «ليت» دون أن تسبقها نون الوقاية وربما كان ذلك للضرورة الشعريّة، وكقول الشاعر:

«كمنية جابر إذ قال ليتي ***أصادفه وأفقد بعض مالي»

إذ لم تدخل «نون» الوقاية على آخر «ليت» قبل ياء المتكلم.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


41-المعجم المفصل في النحو العربي (ما زال)

ما زال

فعل ماض ناقص إذا كان بمعنى «استمر»، ومضارعه «يزال»، ولا يعمل إلا بصيغة الماضي والمضارع، فلا يؤخذ منه أمر ولا مصدر، وقد يعمل بصيغة اسم الفاعل، كقول الشاعر:

«قضى الله يا أسماء أن لست زائلا***أحبّك حتى يغمض العين مغمض “

حيث أتت «زائلا» بصيغة اسم الفاعل وقد تقدّمها نفي بكلمة «لست». فاسم «زائلا» ضمير مستتر تقديره: أنا، وخبرها جملة «أحبّك».

ولا تعمل «ما زال» عمل «كان» إلّا إذا تقدّمها نفي أو نهي أو دعاء، كقول الشاعر:

«صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو***ت فنسيانه ضلال مبين»

حيث تقدّم النّهي بـ «لا» على «تزل» فاسمها ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت وخبرها، «ذاكر»، منصوب بالفتحة، وكقوله تعالى: {وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ} حيث تقدّم النّفي بـ «لا» على «يزالون» التي وردت بلفظ المضارع.

«يزالون» مضارع مرفوع بثبوت النون. و «الواو» اسم «ما يزال». «مختلفين» خبر «ما يزال» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وكقول الشاعر:

«ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى ***ولا زال منهلّا بجرعائك القطر»

حيث تقدّم الدّعاء بلفظ «لا» على «زال».

«القطر» اسم «زال» مرفوع بالضّمّة «منهلّا»: خبر «ما زال» منصوب.

يجوز تقديم الخبر على الاسم ولكن لا يجوز تقديم خبر «ما زال» عليها، إنما يجوز أن يتقدّم الخبر فيفصل بين «ما» و «زال» وهذا قليل. ومنه القول: «ما عادلا زال عمر». «عادلا»: خبر «زال» تقدّم» عليها، ولكن بعد «ما».

لا يأتي الفعل النّاقص «ما زال» «تامّا» وهو يلزم النقص.

ملاحظة: «ما زال» النّاقصة يكون مضارعها «ما يزال». وتتقيّد به، لأن «زال» مضارع «يزيل».

بمعنى: «ماز» ومصدره «الزّيل» فهو تام ويتعدى إلى مفعول واحد. تقول: «زال الدرهم» أي: ماز صحيحه من فاسده. ولأنّ «زال» مضارع «يزول» بمعنى الانتقال والزّوال هو فعل تامّ أيضا تقول: «زال البرد» أي: انته، انتقل. «زال» فعل ماض تامّ. البرد: فاعل مرفوع.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


42-المعجم المفصل في النحو العربي (ما انفك)

ما انفكّ

هي من أخوات «كان» وهي بمعنى ما زال، فعل ماض ناقص يدخل على المبتدأ والخبر، فيرفع الأول اسما له، وينصب الثاني خبرا له، لا يؤخذ منها إلا الماضي والمضارع واسم الفاعل، ولا تعمل إلّا إذا تقدّمها نفي أو نهي أو دعاء، كقول الشاعر:

«غير منفكّ أسير هوى ***كلّ وان ليس يعتبر»

حيث أتت «منفك» بصيغة اسم الفاعل وقد تقدمها نفي بكلمة «غير». «غير»: مبتدأ وهو مضاف «منفك»: مضاف إليه. «أسير»: خبر «منفكّ» منصوب بالفتحة وهو مضاف «هوى»: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر. «كلّ»: اسم «منفك» وهو مضاف «وإن»: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على ياء المنقوص المحذوفة. وجملة «منفك» مع معموليها خبر المبتدأ. وجملة «ليس» واسمها الضّمير المستتر وخبرها جملة «يعتبر» في محل جرّ نعت «وان» وكقول الشاعر:

«ليس ينفكّ ذا غنى واعتزاز***كلّ ذي عفّة مقلّ قنوع»

حيث وردت «ينفك» بصيغة المضارع وقد تقدّمها نفي بكلمة «ليس». «ليس»: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. وإما أن يكون اسمها ضميرا مستترا، أو أن يكون كلمة «كل» «ينفك»: مضارع ناقص مرفوع للتجرّد واسمها إما أن يكون ضميرا مستترا، أو أن اسمها هو كلمة «كل». «ذا»: خبر «ينفكّ» منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة وهو مضاف «غنى» مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر «واعتزاز» معطوف بالواو على «غنى» وجملة «ينفكّ» مع معموليها خبر «ليس».

«ما انفكّ» لها أحكام «كان» وأخواتها غير أنها لا يجوز أن يتقدّم خبرها عليها بخلاف «كان» وقد تأتي «ما انفك» تامّة، أي: تكتفي بمرفوعها، إذا كانت بمعنى: انفصل فتقول: «انفكّت السلسلة الذهبيّة»: أي: انفصلت حلقاتها. وقد يتقدّمها نفي إذا كانت تفيد معنى: ما انفصل، فتقول: «ما انفكّت السّلسلة الذّهبية» «السلسلة» فاعل «انفكّ» مرفوع بالضّمّة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


43-المعجم المفصل في النحو العربي (حكم المستثنى بعد ليس و لا يكون)

حكم المستثنى بعد «ليس» و «لا يكون»:

تنحصر أدوات الاستثناء الأفعال في فعلين فقط هما: «ليس» و «لا يكون». والمستثنى بعدهما واجب النّصب على أنّه خبر لهما، لأنّهما فعلان من النّواسخ، وشرط الثاني أن يكون مسبوقا بـ «لا» النّافية، أمّا اسمهما فهو ضمير مستتر يعود إلى المعنى السّابق. وجملة النّاسخ في محل نصب حال أو استئنافيّة، أي: لا علاقة لها بالجملة قبلها، بل يكون لها علاقة معنويّة.

والاستثناء «معهما» يكون تامّا متّصلا موجبا أو غير موجب، مثل: «كتبت فروضي ليس فرضا أو لا يكون فرضا» «ليس»: فعل ماض ناقص، اسمه ضمير مستتر فيه وجوبا على خلاف الأصل تقديره «هو» يعود على جزء من كل يفهم من سياق الكلام والتقدير: حفظت دروسي ليس بعضا منها. أو كتبت فروضي ليس بعضا منها. «فرضا» خبر «ليس» منصوب. وجملة «ليس فرضا» في محل نصب حال، أو هي جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب، ومثل ذلك يكون إعراب «لا يكون فرضا».

الأدوات الأفعال والحروف: أدوات الاستثناء التي تكون إما أفعالا أو حروفا هي عدا، خلا، حاشا. كلّها بمعنى «جاوز». فإذا تقدّمتها «ما» المصدريّة، قليلا ما تتقدّم «ما» المصدريّة على «حاشا»، فهي أفعال ماضوية جامدة، فاعلها ضمير مستتر وجوبا، مثل: «أحب الأصدقاء ما عدا المخادعين» «ما» المصدريّة «عدا» فعل ماض جامد مبنيّ على السّكون. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا على خلاف الأصل تقديره «هو» «المخادعين»: مفعول به منصوب «بالياء» لأنه جمع مذكّر سالم، والمصدر المؤوّل من «ما» مع ما دخلت عليه في محل نصب حال على تقدير: أحب الأصدقاء مجاوزين المخادعين، أو في محل ظرف زمان والتّقدير: أحبّ الأصدقاء حين مجاوزتهم المخادعين. أمّا إذا لم تتقدّمها «ما» المصدريّة فتكون إمّا أفعالا وإمّا حروف جرّ أصليّة، مثل: «أحبّ الأدباء خلا المخادعين» «خلا» لم تتقدّمها «ما» المصدرية فهي إمّا حرف جر. «المخادعين» اسم مجرور بالياء لأنه جمع مذكّر سالم، أو فعل ماض. ويكون إعرابها مثل «عدا». ومثل: «أحبّ الأديب حاشا المخادع». «حاشا» إمّا حرف جرّ «المخادع» اسم مجرور بالكسرة. وإمّا فعل ماض جامد «المخادع» مفعول به....

وتنفرد «حاشا» عن باقي أخواتها بما يلي:

1 ـ قد تأتي فعلا تامّا متصرّفا متعدّيا، مثل: «أتلفت الأموال وحاشيت أملاك معلمي» «حاشيت» فعل وفاعل «أملاك»: مفعول به وهو مضاف «معلّمي» مضاف إليه و «ياء» المتكلم مضاف إليه.

2 ـ قد تأتي «حاشا» مصدرا منصوبا بفعل محذوف ومعناه التّنزيه، وتكتب بصور متعدّدة، مثل: «حاش الله» «حاشى لله» «حاشا الله»، «حاشا لله». «حاش» مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره «أنزه» وهو مضاف «الله» اسم الجلالة مضاف إليه. ومثلها «حاش لله». «حاشى» مفعول مطلق. «لله» جار ومجرور متعلّق بـ «حاش».

4 ـ وإذا استثني بـ «حاشا» ضمير المتكلّم، فيقول: «حاشاي» بقصد الجر فتكون «حاشا» حرف جر و «اليا» ضمير متصل في محل جرّ بحرف الجر. أو تقول: «حاشاني» بقصد النّصب.

وتكون «حاشا» فعل ماض جامد والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا على خلاف الأصل تقديره «هو» والنّون للوقاية و «الياء» في محل نصب مفعول به.

أدوات الاستثناء الأسماء: هي: «غير» و «سوى» و «بيد»، وتكون كلّها منصوبة على الاستثناء، أو مرفوعة، أو مجرورة حسب ما يتطلبه العامل قبلها في الجملة؛ أمّا المستثنى بعدها فيكون مجرورا دائما بإضافته إليها، ويكون مفردا، أي لا جملة ولا شبه جملة، مثل: «أسرع المجتهدون غير سعيد». «غير» مستثنى منصوب وهو مضاف «سعيد» مضاف إليه. أو قد تكون «غير» حالا منصوبا والاستثناء هذا هو تامّ موجب متّصل، وكقول الشاعر:

«كلّ المصائب قد تمرّ على الفتى ***وتهون غير شماتة الأعداء»

وفيه: «غير»: إمّا مستثنى منصوب أو حال منصوب وهو مضاف «شماتة» مضاف إليه ومثل: «ما أسرع المتسابقون غير سعيد» «غير» بالنّصب مستثنى منصوب وبالرّفع بدل من «المتسابقون» وهو مضاف «سعيد» مضاف إليه. ومثل: «ما مررت بالمخلصين غير سعيد». «غير» بالنصب مستثنى منصوب وبالجر «غير» بدل من «المخلصين». وقد يلحق بـ «غير» و «سوى» «بيد» والمستثنى بعدها مصدر مؤول من «أنّ» واسمها وخبرها، مثل: «سمير كريم بيد أنه متكبّر» «سمير»: مبتدأ مرفوع. «كريم»: خبره. «بيد»: حال منصوب، أو مستثنى منصوب، وهو مضاف والمصدر المؤوّل من «أنّ» واسمها وخبرها في محل جرّ بالإضافة. و «بيد» تكون دائما ملازمة للنّصب ولا يجوز قطعها عن الإضافة.

وما يجري على «غير» يجري على «سوى» و «بيد» ولكنّها تفترق عنهما أن المضاف إليه بعدها قد يحذف إذا دلّ عليه دليل، مثل: «زرعت قمحا ليس غير» وتكون إما مبنيّة على الضمّ باعتبارها اسم «ليس» وخبر «ليس» محذوف، مثل: «زرعت القمح ليس غير». «غير»: اسم «ليس» مبنيّ على الضّمّ وخبرها محذوف. أو مبنيّة على الفتح لإضافتها إلى مبنيّ، مثل: «زرعت القمح ليس غير» «غير» خبر «ليس» مبنيّ على الفتح والمضاف إليه المبنيّ محذوف والتقدير: «ليس غيره». أو تكون معربة مرفوعة منوّنة باعتبارها اسم «ليس» والمضاف إليه محذوف، ولم ينو لفظه ولا معناه والخبر محذوف، مثل: «زرعت القمح ليس غير» «غير»: اسم ليس مرفوع بتنوين الضم وخبر «ليس» محذوف. أو معربة منصوبة منوّنة باعتبارها خبر «ليس» واسمها محذوف، مثل: «زرعت القمح ليس غيرا» «غيرا» خبر «ليس» منصوب بتنوين

الفتح. واسم «ليس» محذوف والتقدير: «ليس المزوع غير القمح».

وتفترق «غير» عن «سوى» في أنها لا تقع ظرفا أما «سوى» فقد تقع ظرفا، مثل: «جاء الذي سواك». وتقع «غير» نعتا لنكرة، كقول الشاعر:

«تحاول مني شيمة غير شيمتي ***وتطلب مني مذهبا غير مذهبي»

فقد وردت «غير» في الصدر والعجز نعتا.

الأولى: هي نعت «شيمة».

والثانية: نعت: «مذهبا»، أو تقع «غير» نعتا لشبه النكرة، أي: للمعرفة المراد بها الجنس كاسم الموصول باعتبار عينه من غير اعتبار صلته، كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} «غير» نعت «الذين». وتقع «غير» مبتدأ، كقول الشاعر:

«وغير تقيّ يأمر الناس بالتّقى ***طبيب يداوي والطبيب مريض»

حيث وقعت «غير» مبتدأ وهو مضاف «تقي» مضاف إليه. كما تقع خبرا، كقول الشاعر:

«وهل ينفع الفتيان حسن وجوههم ***إذا كانت الأعمال غير حسان»

«غير» خبر «كان» منصوب وهو مضاف «حسان» مضاف إليه، وتقع فاعلا، مثل: «جاء غير سمير» ونائب فاعل، مثل: «سمع غير الحقيقة» ومفعولا به، مثل: «أكلت غير التفاح». وما يجري على «غير» في هذا المجال يجري على «سوى».

تابع المستثنى بغير وسوى: لتابع المستثنى حكمان:

الأول: أن يكون مجرورا مراعاة للفظ المتبوع، مثل: «ما كلّمت غير سمير وحسن» «غير»: مفعول به منصوب وهو مضاف «سمير» مضاف إليه. و «حسن» معطوف بالواو على «سمير» مجرور مثله.

والثاني: أن يكون منصوبا على الاستثناء كما لو كانت «إلا» محل «غير»، مثل: «أكرمت الفائزين غير محمود وحسنا». «غير»: مستثنى منصوب أو حال منصوب وهو مضاف محمود مضاف إليه و «حسنا» «الواو»: حرف عطف «حسنا» مستثنى منصوب. وكقول الشاعر:

«ليس بيني وبين قيس عتاب ***غير طعن الكلى وضرب الرّقاب»

«غير» خبر «ليس» منصوب بالفتحة وهو مضاف «طعن» مضاف إليه و «ضرب» «الواو»: حرف عطف. «ضرب» إمّا معطوف على «طعن» مجرور بالكسرة وإمّا منصوب على الاستثناء.

ما يشبه أدوات الاستثناء: قد تقع حروف موقع أداة الاستثناء «إلا» وتفيد معناها. منها:

1 ـ «لمّا»، تماثل «إلا» في الحرفيّة والدلالة على الاستثناء. ولكنها لا تدخل إلّا على جملة اسميّة، كقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ} وفيها «إن» بمعنى «ما» و «لمّا» بمعنى «إلّا» والتقدير: ما كل نفس إلّا عليها حافظ.

ودخلت «لمّا» على جملة اسميّة مكوّنة من خبر مقدم «عليها» ومبتدأ مؤخّر «حافظ». أو على جملة فعليّة، مثل: «سألتك بالله لمّا أكلت» على تقدير: إلا أن تأكل فدخلت «لمّا» على الجملة الفعليّة «أكلت».

2 ـ لكن المخفّفة، ولكنّ المشددة التي تعمل عمل «إنّ»: وتفيد «لكن» الابتداء والاستدراك وتكون بمعنى «إلا»، ولا تدخل إلا على استثناء منقطع مثل: «نام أهل البيت لكنّ عصفورا لم ينم». عصفورا اسم «لكنّ» وجملة «لم ينم» خبرها.

3 ـ «بيد» وتختص بالاستثناء المنقطع، مثل: «زيد كريم بيد أنه فقير» وتكون «بيد» خاضعة لإعراب مماثل لغير وسوى أي: بحسب مقتضيات الجملة، أو أن تعرب حالا منصوبة، وتلزم الإضافة إلى جملة مبدوءة بـ «أن» المصدريّة تؤوّل مع معموليها بمصدر مجرور بإضافة «بيد» إليه.

ولا يجوز أن تقطع «بيد» عن الإضافة.

ملاحظة: يقابل النحاة جملة الاستثناء بعملية الطّرح الحسابيّة فيقولون: إذا اشترينا بعض الحاجات ودفعنا ثمنها 100 ـ 10، فتكون 100 هي المطروح منه يقابل المستثنى منه؛ 10 هي المطروح يقابله المستثنى، وعلامة الطّرح هي الفاصل بينهما ويقابلها الأداة.

عامل النّصب في المستثنى: اختلف النّحاة حول ماهيّة عامل النّصب في المستثنى. وجملة آرائهم تتلخّص بما يلي:

1 ـ يرى ابن مالك أن عامل نصب المستثنى هو «إلا» نفسها.

2 ـ يرى غيره أن تمام الكلام هو العامل، مثل قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} فالتمييز شيبا منصوب

عند تمام الكلام.

3 ـ يرى السّيرافي وأبو علي الفارسي أن عامل النّصب هو الفعل المتقدّم على «إلّا» وبعده «إلّا».

4 ـ يرى ابن خروف أن العامل هو الفعل المتقدّم دون أن يكون بواسطة «إلّا».

5 ـ يرى الزّجاج أن العامل محذوف بعد «إلّا» ومن معناه، وتقديره: أستثني.

6 ـ يروى عن الكسائي القول أن العامل هو مخالفة ما بعد «إلّا» لما قبلها.

7 ـ يروى عن الكسائي القول: إن عامل النّصب في الاسم المنصوب بعد «إلّا» هو «أنّ» المحذوفة بعد «إلّا» مع خبرها، واسمها هو الاسم المنصوب بعد «إلّا»، فمثل: «رجع المسافرون إلا واحدا» تقديره: رجع المسافرون إلا أن واحدا لم يرجع.

8 ـ نسب إلى الفرّاء القول: «إلا» تتألف من «إنّ» مع «لا» العاطفة، حذفت إحدى نوني «إنّ» للتّخفيف ثم أدغمت في «لا». فالاسم منصوب بتغليب حكم «إنّ»، وإذا لم ينتصب فعلى تغليب حكم «لا» العاطفة.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


44-المعجم المفصل في النحو العربي (حكمه)

حكمه:

1 ـ الاسم المشغول عنه يعرب مبتدأ على الأغلب، مثل: «العمل أحبه». «العمل»: مبتدأ مرفوع وجملة «أحبه» خبره. ويجوز أن يكون منصوبا على أنه مفعول به لفعل محذوف يفسّره الفعل الظّاهر. كقول الشاعر:

«والذئب أخشاه إن مررت به ***وحدي وأخشى الرياح والمطرا»

«الذئب» مفعول به لفعل محذوف يفسّره الفعل الظّاهر. والتقدير: وأخشى الذّئب أخشاه، فالجملة الأولى «أخشى الذّئب» ابتدائيّة. والجملة الثّانية «أخشاه»: تفسيريّة.

2 ـ إذا سبقته إحدى أدوات التّحضيض أو الشّرط أو الاستفهام ما عدا الهمزة، فيجب نصبه على أنه مفعول به لفعل محذوف، مثل: «هلّا الدرس حفظته».

3 ـ يرجّح النّصب على المفعوليّة إذا تلاه نهي، أو أمر، أو دعاء، مثل: «الدرس احفظه» أو إذا تقدمته همزة الاستفهام، كقوله تعالى: {أَبَشَرًا مِنَّا واحِدًا نَتَّبِعُهُ} ويجوز رفعه، كقوله تعالى: {فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا}.

4 ـ يجب رفعه بعد «إذا» الفجائيّة، مثل: «خرجت فإذا الجوّ يملؤه الضّباب». «الجوّ» فاعل مرفوع لفعل محذوف وجملة الفعل المحذوف وفاعله في محل جرّ بالإضافة وجملة «يملؤه» لا محل لها من الإعراب لأنها تفسيريّة. وبعد واو الحال، مثل: «نمت والكون يملؤه الظّلام» «الكون»: مبتدأ مرفوع وجملة «يملؤه» خبر المبتدأ والجملة الاسميّة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال.

5 ـ وإذا وقع بعد المشغول عنه أداة الاستفهام يجب رفعه، مثل: «الفقير أحسنت إليه» أو أداة الشّرط، مثل: «الفقير إن أحسنت إليه جزيت خيرا». «الفقير»: مبتدأ والجملة المؤلفة من فعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ. أو أداة التّحضيض، مثل: «الرّياضة هلّا مارستها». «الرّياضة»: مبتدأ وجملة مارستها خبر المبتدأ؛ أو ما التّعجبيّة، مثل: «الكريم ما أحسنه». «الكريم»: مبتدأ مرفوع «ما»: التّعجبية في محل رفع مبتدأ. وجملة «أحسنه» في محل رفع خبر «ما» التّعجبيّة؛ و «ما» التّعجبيّة وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ «الكريم». أو «كم» الخبرية، مثل: «الكريم كم أكرمته». «الكريم»: مبتدأ «كم»: الخبريّة في محل رفع مبتدأ، «أكرمته» الجملة الفعلية في محل رفع خبر «كم» و «كم أكرمته» جملة اسميّة في محل رفع خبر المبتدأ «الكريم». أو «إنّ» وأخواتها، مثل: «الكريم ليتك تكرمه» «الكريم» مبتدأ والجملة المؤلّفة من «ليت» ومعموليها في محل رفع خبر المبتدأ.

ملاحظة: إذا كان المشغول عنه منصوبا فيكون مفعولا به لفعل محذوف، يفسّره الفعل الظّاهر، مثل:

«والذئب أخشاه إن مررت به ***وحدي وأخشى الرياح والمطرا»

«الذئب»: مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل الظاهر، ويسمّى الفعل المقدّر: «المضمر على شريطة التّفسير».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


45-المعجم المفصل في النحو العربي (المضاف إلى الجمل)

المضاف إلى الجمل

اصطلاحا: كلمات ظروف تضاف وجوبا إلى الجملة: اسميّة كانت أو فعليّة وهي: «حيث» و «إذ» كقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} «حيث» ظرف مكان مبنيّ على الضّم في محلّ نصب على الظّرفيّة وهو مضاف والجملة الفعليّة «شئتم» في محل جرّ بالإضافة. وكقوله تعالى: {وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} دخلت «ما» على حيث فصرفتها عن الإضافة فصارت من أسماء الشّرط «كنتم» فعل الشرط «فولّوا» جواب الشّرط. وكقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ} «إذ»: ظرف مبنيّ على السّكون وهو مضاف وجملة «يرفع» جملة فعليّة في محل جر بالإضافة. وكقول الشاعر:

«وكنت إذ كنت إلهي وحدكا***لم يك شيء يا إلهي قبلكا»

حيث أضيف الظرف «إذ» إلى الجملة الاسمية المؤلفة من «كان» واسمها وخبرها.

ومن هذه الظروف ما يضاف إلى الجمل الفعليّة فقط، وهو «إذا» ولمّا. كقول الشاعر:

« إذا تباع كريمة أو تشترى ***فسواك بائعها وأنت المشتري»

حيث أضيفت «إذا» إلى الجملة الفعليّة «تباع كريمة». وكقوله تعالى: {فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ}. حيث أضيفت «لمّا» إلى الجملة الفعليّة «جاء أمرنا».

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


46-المعجم المفصل في النحو العربي (المعمول بالأصالة)

المعمول بالأصالة

اصطلاحا: هو ما يؤثّر فيه العامل مباشرة كالفاعل مثل: «ظهر الحقّ». «الحق»: فاعل «ظهر» مرفوع ونائب الفاعل كقوله تعالى: {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} «الأرض»: نائب فاعل، والمبتدأ وخبره، كقوله تعالى: {ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} «ذلك»: اسم إشارة مبتدأ على رأي بعض النّحاة. «الكتاب» خبر المبتدأ. وعلى رأي آخرين: «ذلك» خبر المبتدأ. «الكتاب» بدل من «ذا» والمبتدأ محذوف أو هو «الم» «ألف، لام، ميم» المفتتحة بها السورة القرآنيّة. واسم الحروف المشبهة بالفعل وخبرها، مثل قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا} «عدة»: اسم إن منصوب. «اثنا» خبر «إنّ» مرفوع بالألف لأنه مثنّى. والمفاعيل الخمسة، كقوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} «الخبيث»: مفعول به ومثل: «سرت والجبل» «الجبل»: مفعول معه منصوب ومثل:

«وقد يجمع الله الشّتيتين بعد ما***يظنّان كلّ الظّنّ أن لا تلاقيا»

«كلّ»: مفعول مطلق منصوب. ومثل قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} «يوم» مفعول فيه منصوب. وكقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} «خشية»: مفعول لأجله منصوب. والحال، مثل: «أسرع سمير راكضا»: «راكضا»: حال منصوب. والتّمييز. كقوله تعالى: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} والمستثنى، كقوله تعالى: {وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا} «ظنّا»: مستثنى منصوب.

والمضاف إليه، كقوله تعالى: {وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ} والفعل المضارع كقوله تعالى: {وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ} «يخرج» في الموضعين: فعل مضارع مرفوع.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


47-المعجم المفصل في النحو العربي (هلهل)

هلهل

فعل ماض من أفعال الشروع، تعمل عمل «كان» إذا كانت ملازمة للماضي وخبرها فعل مضارع مشتمل على ضمير يعود إلى اسمها، وهذا المضارع مجرّد من «أن»، مثل: «هلهل الصيف يأتي» أي: ابتدأ الصيف يأتي: أو شرع، أو أنشأ.. ولا تعمل «هلهل» عمل «كان» إلّا إذا كانت بصيغة الماضي.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


48-المعجم المفصل في النحو العربي (هم هما)

هم ـ هما

ضميران يفيدان جمع المذكّر السالم «هم» والمثنّى «هما» وإذا وقعا بين المبتدأ والخبر، أو بين ما أصله مبتدأ وخبر فيكونان حرفي عماد لا محل لهما من الإعراب مثل: «المجنّدون هم الخائضون غمار الحرب» «المجنّدون»: مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكّر سالم «هم» حرف عماد أو هو ضمير الفصل مبنيّ على السّكون لا محل له من الإعراب «الخائضون»: خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكّر سالم. ومثل: «كان المجنّدون هم الخائضين غمار الحرب» حيث فصل اللّفظ «هم» بين اسم «كان» وخبرها اللّذين أصلهما مبتدأ وخبر.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


49-المعجم المفصل في النحو العربي (هو)

هو

لفظ هو في الأصل ضمير منفصل للمفرد الغائب ويعتبره البعض حرفا لا محل له من الإعراب إذا وقع بين المبتدأ وخبره أو بين ما أصله مبتدأ وخبر، مثل: «التلميذ هو الناجح» فتكون «هو» حرفا لا محل له من الإعراب، على رأي بعضهم، أو ضميرا للفصل لا محل له من الإعراب أو ضميرا منفصلا مبنيا على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان «النّاجح» خبر المبتدأ الثّاني والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول «التلميذ». ومثل: «كان التلميذ هو القادم» «هو» إمّا حرف لا محل له من الإعراب لأنه وقع بين اسم «كان» وخبرها اللّذين أصلهما مبتدأ وخبر، أو ضميرا للفصل لا محلّ له من الإعراب، أو ضميرا منفصلا مبنيّا على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان «القادم» خبر المبتدأ الثاني والجملة من المبتدأ وخبره خبر كان وذلك للفصل بين المعرفتين وللتمييز بين الخبر والصّفة فبوجود هذا الضمير تتعيّن المعرفة بعده للخبر، ومثل: «إن التلميذ هو القادم» فصلت لفظة «هو» بين اسم «إنّ» وخبرها ومثل: «ظننت التلميذ هو القادم» حيث فصل «هو» بين مفعولي «ظننت» فإذا اعتبرت حرفا لا محلّ له من الإعراب تكون «القادم» المفعول الثاني، وإذا اعتبر الضمير «هو» مبتدأ يكون خبره «القادم» والجملة الاسميّة حلّت محلّ المفعول الثاني. ومثل: «ما التلميذ هو القائم» حيث فصلت لفظة «هو» بين اسم «ما» المشبّهة بـ «ليس» وخبرها ومثل: «لا تلميذ هو أذكى منك» حيث فصل لفظ «هو» بين اسم «لا» النافية للجنس وخبرها.

ملاحظة: إذا جاء الخبر بعد «هو» في باب «كان» أو «إنّ» أو «ظنّ» أو «لا» المشبهة بـ «ليس» أو «لا» النّافية للجنس فيجوز اعتباره على وجهين فقط:

الأوّل: اعتباره ضميرا مبنيّا على الفتح لا محلّ له من الإعراب، والاسم بعده خبر للنواسخ.

والثّاني: اعتباره حرفا مبنيّا على الفتح لا محلّ له من الإعراب، والاسم بعده منصوب خبر للنّواسخ.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


50-المعجم المفصل في النحو العربي (ولو)

ولو

لفظ مركّب من «الواو» ومن «لو» فإذا وقع هذا اللّفظ في درج الكلام وليس بعده جواب تكون «الواو» الحاليّة و «لو»: زائدة لوصل الكلام والجملة بعده في محل نصب حال كقول الشاعر:

«لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا***جنوده ضاق عنها السهل والجبل»

والتقدير: ولو كان ملكا. «فالواو»: الحاليّة «ملكا»: خبر كان المحذوفة مع اسمها والجملة المؤلّفة من «كان» ومعموليها في محل نصب حال ومنهم من يعتبر «الواو»: هي حرف عطف «لو» حرف شرط غير جازم «ملكا»: خبر «كان» المحذوفة مع اسمها والتّقدير: ولو كان صاحب البغي ملكا وجملة «كان» واسمها وخبرها هي فعل الشّرط وجواب الشّرط محذوف وتقدير الكلام: لو كان الباغي ملكا فلا يأمن الدّهر والجملة المؤلّفة من فعل الشّرط وجوابه معطوفة بالواو على جملة محذوفة وتقدير الكلام: لو كان ملكا فلا يأمن الدهر وإن لم يكن ملكا فلا يأمن الدّهر.

المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م


51-المعجم المفصّل في الإعراب (أحقا)

أحقّا ـ

كلمة مؤلفة من «همزة» الاستفهام ومن «حقّا»، وتعرب بطريقتين:

1 ـ مفعولا مطلقا لفعل محذوف على تقدير: حقّ حقّا، نحو: «أحقا أنّ والدك مسافر».

(«أحقّا»: الهمزة حرف استفهام مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «حقّا»: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: حقّ. والمصدر المؤول من «أنّ واسمها وخبرها» في محلّ رفع فاعل لـ «حقّا»).

2 ـ ظرف زمان منصوبا بالفتحة، نحو: «أحقّا أنّ خالدا نجح»، («أحقا»: الهمزة حرف استفهام مبني على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «حقّا»: ظرف زمان منصوب بالفتحة الظاهرة متعلق بمحذوف خبر مقدّم. والمصدر المؤول من «أن واسمها وخبرها» في محل رفع مبتدأ مؤخّر).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


52-المعجم المفصّل في الإعراب (أخبر)

أخبر ـ

من الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل، ويجب أن يكون أصل المفعولين الثاني والثالث مبتدأ وخبرا وقد يسدّ مسدهما «أنّ واسمها وخبرها»، نحو: «أخبرت خالدا أنّ صديقه مسافر».

(«أخبرت»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك. والتاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل. «خالدا»: مفعول به أوّل منصوب بالفتحة الظاهرة. «أنّ»: حرف مشبّه بالفعل يدخل على المبتدأ والخبر فينصب الأوّل اسما له ويرفع الثاني خبرا له. «صديقه»: اسم «أنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة. وهو مضاف. والهاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ بالإضافة. «مسافر»: خبر «أنّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة. والمصدر المؤول من «أنّ واسمها وخبرها» سدّ مسدّ مفعولي «أخبر» الثاني والثالث).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


53-المعجم المفصّل في الإعراب (أعلم)

أعلم ـ

من الأفعال التي تتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل بسبب دخول الهمزة عليها، إذ أنّها قبل الهمزة كانت تتعدّى إلى مفعولين، ويجب أن يكون أصل المفعولين الثانى والثالث لهذه الأفعال مبتدأ وخبرا، وقد تسدّ مسدّهما «أن» واسمها وخبرها، نحو: «أعلمت سليما القصّة صحيحة».

(«أعلمت»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك. والتّاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل.

«سليما»: مفعول به أوّل منصوب بالفتحة الظاهرة.

«القصّة»: مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة.

«صحيحة»: مفعول به ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة).

ونحو: «أعلمت المعلّم أنّ الدّرس صعب». فـ «المعلّم»: مفعول به أوّل لـ «أعلم»، والمصدر المؤول من «أنّ الدرس صعب» سدّ مسدّ المفعولين الثاني والثالث.

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


54-المعجم المفصّل في الإعراب (أفعال المقاربة)

أفعال المقاربة ـ

هي أفعال تدلّ على قرب وقوع الخبر، تعمل عمل «كان»، فترفع المبتدأ وتنصب الخبر، وخبرها يجب أن يكون جملة فعليّة فعلها فعل مضارع وهي: كاد، أوشك، كرب.

جميع أفعال المقاربة والرجاء والشروع، تلازم صيغة الماضي باستثناء، كاد، أوشك اللذين يمكن أن يردا في صيغة المضارع، نحو قوله تعالى: {يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ}.

(«يكاد»: فعل مضارع من أفعال المقاربة يعمل عمل «كان» مرفوع بالضمّة الظاهرة.

«البرق»: اسم «يكاد» مرفوع بالضمّة الظاهرة.

«يخطف»: فعل مضارع مرفوع بالضمّة الظاهرة. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو.

«أبصارهم»: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. وهو مضاف. «هم»: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ جرّ بالإضافة. والجملة الفعليّة «يخطف» في محلّ نصب خبر «يكاد»).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


55-المعجم المفصّل في الإعراب (أن)

أنّ ـ

حرف مصدريّ وتوكيد ونصب، وهو من الأحرف المشبّهة بالفعل، يدخل على المبتدأ والخبر فينصب الأوّل ويسمّيه اسمه ويرفع الثاني ويسمّيه خبره، نحو: «اعلموا أنّ الكفاح طريق الحريّة».

(«اعلموا»: فعل أمر مبنيّ على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع فاعل. «أنّ»: حرف توكيد ومصدري ونصب مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب.

«الكفاح»: اسم «أنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة.

«طريق»: خبر «أنّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة. وهو مضاف. «الحريّة»: مضاف إليه مجرور بالإضافة. والمصدر المؤوّل من «أنّ» وما بعدها سدّ مسدّ مفعولي «اعلموا».

وتنفرد «أنّ» عن سائر أخواتها في أنّها تؤول مع اسمها وخبرها بمصدر، يعرب حسب موقعه في الجملة:

1 ـ في موضع المبتدأ، نحو قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً} («من آياته»: جار ومجرور متعلّقان بخبر مقدّم محذوف. «أنّك»: «أنّ»: حرف توكيد ونصب ومصدريّ مبني على الفتحة الظاهرة. والكاف ضمير متّصل مبنيّ على الفتح في محلّ نصب اسم «أنّ». «ترى»: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدّرة على الألف للتعذّر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. وجملة «ترى» في محل رفع خبر «أنّ»، والمصدر المؤوّل من «أنّ» واسمها وخبرها في محل رفع خبر مبتدأ مؤخّر. «الأرض»: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. «خاشعة»: حال منصوب بالفتحة الظاهرة».

2 ـ «أنّ» وما بعدها: فاعل، نحو: «لا أتخلّى عنك ما أنّ فيّ عرقا ينبض» أي: ما ثبت أنّ فيّ عرقا...

(«ما»: حرف مصدري مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «أنّ»: حرف مصدري ونصب مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «فيّ»: في: حرف جرّ مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب. والياء: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بحرف الجرّ والجار والمجرور متعلقان بخبر «أنّ» المقدّم المحذوف وتقديره: موجود. «عرقا»: اسم «أنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة. والمصدر المؤوّل من «أنّ» واسمها وخبرها في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره: ثبت. والمصدر المؤول من «ما» والفعل المحذوف في محلّ نصب على الظرفيّة الزمانيّة والتقدير: مدّة ثبوت).

3 ـ «أنّ» وما بعدها: مفعول لأجله، نحو: «جئتك أنّي أشتاقك» أي شوقا إليك، فالمصدر المؤوّل من «أنّ» واسمها وخبرها في محلّ نصب مفعول لأجله.

وقد تدخل «ما» الزائدة على «أنّ» فتكفّها عن العمل، نحو: «اعلم أنّما الصبر مفتاح الفرج».

(«اعلم»: فعل أمر مبنيّ على السكون الظاهر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. «أنّما»: أنّ: حرف توكيد مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب.

«ما»: حرف زائد وكاف، مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


56-المعجم المفصّل في الإعراب (أنبأ)

أنبأ ـ

من الأفعال الّتي تتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل، أصل الثاني والثالث مبتدأ وخبر، نحو: «أنبأت المدير الخبر صحيحا».

(«أنبأت»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك. والتّاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل. «المدير»: مفعول به أوّل منصوب بالفتحة الظاهرة. «الخبر»: مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة. «صحيحا»: مفعول به ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة).

وقد تسدّ «أنّ» واسمها وخبرها مسدّ المفعولين: الثاني والثالث، نحو: «أنبأت المدير أنّ الخبر صحيح». فالمصدر المؤوّل من «أنّ» واسمها وخبرها سدّ مسدّ مفعولي «أنبأ» الثاني والثالث.

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


57-المعجم المفصّل في الإعراب (بيد)

بيد ـ

اسم ملازم للإضافة إلى «أنّ» ومعموليها أي إلى اسمها وخبرها، ويأتي إمّا بمعنى «غير» فينصب على الاستثناء المنقطع، نحو: «خالد مهذّب بيد أنّه مهمل» وإمّا بمعنى «من أجل» فينصب على الحاليّة، نحو قول الرسول (صلّى الله عليه وسلّم): «أنا أفصح من نطق بالضّاد بيد أنّي من قريش واسترضعت في بني سعد بن بكر».

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


58-المعجم المفصّل في الإعراب (جرم)

جرم ـ

تأتي بمعنى «جرم جرما الشيء» أي: أتمّه.

وتأتي بمعنى «لا جرم» أي: لا بدّ.

(«لا»: النافية للجنس، حرف مبنيّ على السكون لا محل له من الإعراب. «جرم»: اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب. وخبرها محذوف والتقدير: لا جرم كائن).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


59-المعجم المفصّل في الإعراب (الجمل)

الجمل ـ

تقسم الجمل من حيث الإعراب إلى قسمين:

أ ـ الجمل الّتي لها محل من الإعراب:

وهي التي يصحّ تأويلها بمفرد، ويكون إعرابها كإعراب الاسم المفرد في الرّفع، والنّصب، والجرّ، وأهمّها:

1 ـ الجملة الواقعة خبرا:

ومحلّها الرفع مع المبتدأ، نحو: «المعلّم يكافىء المجتهد».

ـ الرّفع مع «إنّ» وأخواتها، نحو: «إنّ النهر ماؤه غزير».

ـ الرّفع مع «لا» النافية للجنس، نحو: «لا مجتهد اجتهاده ضائع».

ـ النّصب مع «كان» وأخواتها، نحو: «كان النّهر ماؤه غذير».

2 ـ الجملة الواقعة مفعولا به:

ـ وتأتي إمّا بعد أفعال «الظنّ»، نحو: «ظننت خالدا لا يكذب» («جملة يكذب» في محلّ نصب مفعول به ثان لـ «ظننت»)، وإمّا بعد القول، نحو: «قال وليد أنا بريء» (جملة «أنا بريء» المؤلفة من المبتدأ والخبر، هي في محلّ نصب مفعول به للفعل «قال»).

3 ـ الجملة الواقعة حالا:

وتأتي بعد اسم معرفة، نحو: أقبل خالد يضحك»، (جملة «يضحك» من الفعل والفاعل في محلّ نصب حال لأنّها تبيّن هيئة «خالد» عند إقباله) ونحو: «سرت والطّقس ممطر».

(جملة «الطقس ممطر» من المبتدأ والخبر في محل نصب حال من الضمير «التاء»).

4 ـ الجملة الواقعة صفة:

وتأتي بعد اسم نكرة، ومحلّها بحسب الموصوف، نحو: «دخل تلميذ يبكي» (جملة «يبكي» من الفعل والفاعل في محل رفع نعت «تلميذ») ونحو: «لنا بستان أشجاره ظليلة» (جملة «أشجاره ظليلة» من المبتدأ والخبر في محل رفع نعت «بستان»).

5 ـ الجملة الواقعة جوابا لشرط جازم مقترن بالفاء أو بإذا الفجائية: نحو: «إن تدرس فالنجاح حليفك» (جملة «النجاح حليفك» المؤلفة من المبتدأ والخبر في محلّ جزم جواب شرط «إن»)، ونحو قوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ} (جملة «لا غالب لكم» في محلّ جزم جواب الشرط).

6 ـ الجملة الواقعة مضافا إليه: نحو: «أقمنا حيث أقام أهلنا»، «حيث»: ظرف واجب الإضافة، (جملة «أقام أهلنا» في محلّ جرّ مضاف إليه).

7 ـ الجملة التّابعة لجملة لها محل من الإعراب: ومحلّها بحسب الجملة التي تتبعها، نحو: المعلّم يكتب ويشرح» فجملة «يشرح» تابعة لجملة «يكتب» ومحلّها الرّفع لأنّ جملة «يكتب» في محلّ رفع خبر المبتدأ «المعلّم».

ب ـ الجمل التي لا محلّ لها من الإعراب:

وهي الّتي لا يصحّ تأويلها بمفرد لأنها لا تحلّ محلّه، وأهمّها:

1 ـ الجملة الابتدائية: وهي التي تقع في ابتداء الكلام، نحو: «الهواء شديد البرودة».

2 ـ الجملة التّابعة لجملة لا محلّ لها من الإعراب: نحو: «اشتريت مجلّة وتصفّحتها» (جملة «تصفّحتها» لا محلّ لها من الإعراب لأنها معطوفة على جملة «اشتريت» الابتدائية والّتي لا محلّ لها من الإعراب.

3 ـ الجملة الواقعة جوابا للقسم: نحو: «تالله لأقومنّ بواجبي خير قيام» (جملة «أقومنّ» لا محلّ لها من الإعراب لأنها واقعة في جواب القسم).

4 ـ الجملة الواقعة جوابا لشرط غير جازم: نحو: «لو لا العدل لفسدت الرعيّة» (جملة «فسدت الرعيّة» لا محلّ لها من الإعراب لأنها جواب لأداة شرط غير جازمة «لو لا»)، وأدوات الشرط غير الجازمة هي: إذا، لو لا، لو، كلّما.

5 ـ الجمل الواقعة جوابا لشرط جازم غير مقترن بالفاء أو إذا الفجائية: نحو: «من يدرس ينجح» (جملة «ينجح» لا محلّ لها من الإعراب لأنها جواب لشرط جازم غير مقترن بـ «الفاء» أو «إذا»).

6 ـ الجملة الاعتراضية: نحو: «كان المعلّم ـ وأقول الحقّ ـ عادلا» (جملة «أقول الحقّ» اعترضت بين شيئين متلازمين اسم كان وخبرها فلا محلّ لها من الإعراب.

7 ـ الجملة المفسّرة: وهي التي تفسر ما سبقها وتكشف عن حقيقته، نحو: «هلّا عملك أتقتته»، فعملك منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده والتقدير: هلّا أتقنت عملك أتقنته. وجملة «أتقنته» لا محلّ لها من الإعراب لأنها مفسّرة لما قبلها.

والجملة التفسيرية تقع أيضا بعد «أن» و «أي» التفسيريتين، نحو قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} فجملة «اصنع الفلك» لا محلّ لها من الإعراب لأنّها واقعة بعد «أن» التفسيريّة.

8 ـ الجملة الواقعة صلة الموصول: نحو «قدم الّذي يستحقّ الجائزة». جملة «يستحقّ الجائزة» واقعة صلة للموصول «الّذي» فلا محلّ لها من الإعراب.

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


60-المعجم المفصّل في الإعراب (حدث)

حدّث ـ

من الأفعال الّتي تتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل وهي: أنبأ، نبّأ، أخبر، أعلم، أرى، حدّث، خبّر، ويجب أن يكون أصل المفعولين الثاني والثالث لهذه الأفعال مبتدأ وخبرا، وقد يسدّ مسدّهما «أنّ واسمها وخبرها»، نحو: «حدّثت خالدا القصّة صحيحة»، ونحو: «حدّثت خالدا أنّ صديقه عائد».

(«حدّثت»: فعل ماضي مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك. والتّاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل: «خالدا»: مفعول به أوّل منصوب بالفتحة الظاهرة. «أنّ»: حرف مشبّه بالفعل يدخل على المبتدأ والخبر فينصب الأوّل اسما له ويرفع الثاني خبرا له. «صديقه»: اسم «أنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة. وهو مضاف. والهاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ بالإضافة. «عائد»: خبر «أنّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة. والجملة الاسميّة من «أنّ واسمها وخبرها» سدّت مسدّ مفعولي «حدّث» الثاني والثالث).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


61-المعجم المفصّل في الإعراب (خبر)

خبّر ـ

تأتي:

من أخوات «أعلم» و «أرى» تنصب ثلاثة مفاعيل، أصل الأوّل اسم ظاهر والثاني والثالث مبتدأ وخبر، نحو: «خبّرت زيدا الخبر صادقا» وقد تسدّ «أنّ» واسمها وخبرها مسدّ المفعولين: الثاني والثالث، نحو: «خبّرت زيدا أنّ الخبر صادق». (والمصدر المؤوّل من «أنّ الخبر صادق» في محل نصب، سدّ مسدّ المفعولين الثاني والثالث).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


62-المعجم المفصّل في الإعراب (ظن)

ظنّ ـ

من أفعال القلوب، تفيد الخبر في الرّجحان واليقين، والغالب كونها للرجحان، تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، نحو: «ظننت الطّقس باردا». («ظننت»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتّصاله بضمير رفع متحرّك. والتّاء ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل.

«الطّقس»: مفعول به أول منصوب بالفتحة الظاهرة.

«باردا»: مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة).

وقد تسدّ «أنّ» واسمها وخبرها مسدّ مفعوليها، نحو الآية الكريمة: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ}

(«يظنون»: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنّه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع فاعل. «أنّهم»: حرف مشبّه بالفعل مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «هم» ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ نصب اسم «أنّ». «ملاقو»: خبر «أنّ» مرفوع بالواو لأنّه جمع مذكّر سالم، وحذفت النون للإضافة. وهو مضاف. «ربّهم»: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظّاهرة. وهو مضاف. «هم»: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ جرّ بالإضافة إليه. والمصدر المؤوّل من «أنّ واسمها وخبرها» سدّ مسدّ مفعولي «ظنّ»).

2 ـ بمعنى: اتّهم فلا تتعدّى إلى أكثر من مفعول به واحد، نحو: «ظنّ الحاكم سميرا» أي اتّهمه. («سميرا»: مفعول به لفعل «ظنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة).

ويمكن أن يقال: «ظنّ الحاكم بسمير».

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


63-المعجم المفصّل في الإعراب (كائنا ما كان)

كائنا ما كان ـ

تأتي في نحو: «سأنفّذ الأمر كائنا ما كان» وتعرب بوجهين:

1 ـ «كائنا»: (اسم فاعل من «كان» التامة) حال منصوبة بالفتحة الظاهرة. «ما»: حرف مصدري مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «كان»: فعل ماض تام مبني على الفتحة الظاهرة. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو

والمصدر المؤوّل من «ما كان» في محلّ رفع فاعل لـ «كائنا».

2 ـ «كائنا»: (اسم فاعل من «كان» الناقصة) حال منصوبة بالفتحة الظاهرة. واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. «ما»: اسم موصول مبنيّ على السكون في محلّ نصب خبر «كائنا». «كان»: فعل ماض ناقص مبنيّ على الفتحة الظاهرة. واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وخبرها محذوف والتقدير: كائنا الأمر الذي هو إيّاه.

ملحوظة: «كائنا»: تأتي حالا بعد المعرفة ونعتا بعد النكرة. «سأنفّذ واجبا كائنا ما كان».

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


64-المعجم المفصّل في الإعراب (كان)

كان ـ

تأتي:

1 ـ فعلا ماضيا ناقصا، يدخل على المبتدأ والخبر، فيرفع الأوّل اسما له وينصب الثاني خبرا له، نحو: «كان الطقس مثلجا». («كان»: فعل ماض ناقص مبنيّ على الفتحة الظاهرة. «الطّقس»: اسم «كان» مرفوع بالضمّة الظاهرة. «مثلجا»: خبر «كان» منصوب بالفتحة الظاهرة) وكما تعمل «كان» ماضيا كذلك تعمل مضارعا، نحو قوله تعالى: {قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} («يكون»: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمّة الظاهرة. «لي»: اللّام: حرف جرّ مبنيّ على الكسر لا محلّ له من الإعراب. والياء ضمير متّصل مبنيّ على السّكون في محلّ جرّ بحرف الجرّ. والجار والمجرور متعلّقان بخبر «يكون» المقدّم المحذوف. وتقديره: موجودا. «غلام»: اسم يكون مرفوع بالضمّة الظاهرة)، وتعمل «كان» في صيغة الأمر، كما جاء في قوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيدًا}.

(«كونوا»: فعل أمر ناقص مبنيّ على الضمّ لاتّصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متّصل مبنيّ على السّكون في محلّ رفع اسم «كونوا». «حجارة»: خبر «كونوا» منصوب بالفتحة الظاهرة)، وتعمل كمصدر، نحو: «كونك مجتهدا عليك أن تتابع الدّرس» (كونك»: مبتدأ مرفوع بالضمّة الظاهرة. وهو مضاف. والكاف ضمير متصل مبنيّ على الفتح في محلّ جرّ بالإضافة، وهو اسم المصدر «كون». «مجتهدا»: خبر «كون» منصوب بالفتحة الظاهرة. «عليك»: «على»: حرف جرّ مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب. والكاف ضمير متّصل مبنيّ على الفتح في محلّ جرّ بحرف الجرّ. «أن»: حرف مصدري ونصب واستقبال مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «تتابع»: فعل مضارع منصوب بـ «أن» وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. «الدّرس»: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. والمصدر المؤوّل من «أن تتابع الدّرس» في محلّ رفع خبر المبتدأ «كونك»)، وتعمل كاسم فاعل، نحو: «سأقف في وجه المستبدّ كائنا من كان».

(«كائنا»: حال منصوبة بالفتحة الظاهرة. واسم «كائنا» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على «المستبدّ». «من»: اسم موصول مبنيّ على السكون في محلّ نصب خبر «كائنا»).

ويأتي خبر «كان»:

1 ـ مفردا، نحو: «كان البرد قاسيا».

2 ـ جملة اسميّة، نحو: «كان الرّبيع هواؤه منعش».

3 ـ جملة فعليّة، نحو: «كان الفلّاح يبذر الحبّ».

4 ـ شبه جملة، نحو: «كان العامل في المصنع».

وقد تحذف «كان» وحدها ويعوّض عنها بـ «ما» الزّائدة، نحو: «أما أنت ذا تجارة تتباهى» والتّقدير: لأن كنت ذا تجارة تتباهى. وقد تحذف مع اسمها، وكثر ذلك بعد «إن» و «لو» الشرطيّتين، نحو قول الشاعر:

«لا تقربنّ الدهر آل مطرّف ***إن ظالما أبدا وإن مظلوما»

أي: إن كنت ظالما وإن كنت مظلوما.

كما قد تحذف مع اسمها وخبرها بعد «إن» و «لو» الشرطيّتين، نحو قول الشاعر:

«قالت بنات العمّ: يا سلمى وإن ***كان فقيرا معدما، قالت؛ وإن »

بمعنى وإن كان فقيرا معدما أتزوّجه.

2 ـ فعلا تامّا بمعنى: «حصل» أو «حدث»، نحو: «تواجه الخصمان فكانت معركة قاسية». («كانت»: فعل ماض تام مبنيّ على الفتحة الظاهرة. والتّاء للتّأنيث. «معركة»: فاعل «كانت» مرفوع بالضمّة الظاهرة. «قاسية»: نعت «معركة» مرفوع بالضمّة الظاهرة).

3 ـ زائدة لا عمل لها، بشرطين أوّلهما مجيئها بصيغة الماضي وثانيهما وقوعها بين جزئين متلازمين، كوقوعها: بين الفعل والفاعل، أو بين الفعل ونائب الفاعل، أو بين الصلة والموصول، أو بين الصفة والموصوف، أو بين «ما» التعجبيّة و «أفعل» التعجّب، أو بين المبتدأ والخبر، أو بين الجار والمجرور، أو بين «نعم» وفاعلها. نحو: «التلميذ ـ كان ـ مجتهد»، ونحو «لم يتأخّر ـ كان ـ خالد».

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


65-المعجم المفصّل في الإعراب (لا)

لا ـ

تأتي بعدّة أوجه:

1 ـ لا العاطفة: وهي حرف يفيد نفي الحكم عن المعطوف بعد ثبوته للمعطوف عليه، نحو: «يفوز المجدّ لا الخمول»، فقد نفي فوز الخمول بعد أن ثبت للمعطوف عليه وهو «المجدّ». («لا»؛ حرف عطف مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «الخمول»: اسم معطوف على «المجدّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة). ومن شروط «لا» حتى تكون عاطفة ما يلي:

1 ـ أن يكون معطوفها مفردا.

2 ـ أن تكون مسبوقة بكلام مثبت، أو أمر، أو نداء، نحو: «كافىء المجدّ لا الكسول».

3 ـ ألّا تقترن بحرف عطف آخر.

4 ـ ألّا تكرّر.

2 ـ لا الناهية: وهي حرف جزم يدخل على الفعل المضارع فيجزمه، ويكون للنّهي، نحو قوله تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} («لا»: حرف نهي وجزم مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب.

«يسخر»: فعل مضارع مجزوم بالسكون الظاهر.

«قوم»: فاعل «يسخر» مرفوع بالضمّة الظاهرة.

«من»: حرف جرّ مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب.

«قوم»: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة. «عسى»: فعل ماض من أفعال الرّجاء يعمل عمل «كان» مبنيّ على الفتحة المقدّرة على الألف للتعذّر. واسمها محذوف تقديره: هم. «أن»: حرف مصدري ونصب واستقبال مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «يكونوا»: فعل مضارع ناقص منصوب بحذف النّون لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع اسم «يكون».

«خيرا»: خبر «يكون» منصوب بالفتحة الظاهرة.

«منهم»: من: حرف جرّ مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. والهاء ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ بحرف الجرّ. والميم للجمع. والمصدر المؤوّل من «أن تكونوا» والتقدير: كونكم في محل نصب خبر «عسى»)، ونحو قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ}.

3 ـ لا النافية: وهي حرف نفي، لا عمل له، يستعمل في الأزمنة الثلاثة، ومع الاسم والفعل، يدخل على الفعل الماضي فيتكرّر وجوبا، نحو: «لا خرجت ولا اشتغلت»، وعلى الفعل المضارع، نحو قوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ}.

(«لا»: حرف نفي مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب. «خرجت»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتّصاله بضمير رفع متحرّك. والتّاء ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل. «ولا»: الواو حرف عطف مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «لا»: حرف نفي يفيد التكرار مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب. «اشتغلت»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتّصاله بضمير رفع متحرك. والتاء ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل)، وكما تكرّر مع الفعل الماضي كذلك يجوز تكرارها مع الفعل المضارع، نحو، «خالد لا يدرس ولا يكتب».

4 ـ لا النافية للجنس: وهي حرف يدخل على الجملة الاسميّة فيعمل عمل «إنّ»، ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، ويفيد نفي الخبر عن جميع أفراد جنس المبتدأ، ويشترط في عمل «لا»:

1 ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، نحو: «لا طالب علم تائه».

2 ـ ألّا تفصل عن اسمها بفاصل، نحو: «لا طائر في العشّ».

3 ـ ألّا يدخل عليها حرف جرّ، نحو: «لا حديقة في قريتنا».

(«لا»: حرف لنفي الجنس مبنيّ على السّكون لا محلّ له من الإعراب.

«حديقة»: اسم «لا» مبني على الفتح في محلّ نصب.

«في»: حرف جرّ مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب متعلّق بخبر «لا» المحذوف والتقدير: لا حديقة موجودة في قريتنا. «قريتنا»: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة. وهو مضاف. «نا»: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ جرّ مضاف إليه).

وبدون توافر الشروط المذكورة فإنّ «لا» يبطل عملها، نحو: «لا اللّاعب حاضر ولا الحكم»، «لا في الصفّ مهملون»، «الخصومة بلا سبب كراهية»، ففي المثل الأوّل جاء اسمها معرفة، وفي المثل الثاني فصل بينها وبين اسمها بفاصل، وفي المثل الثّالث دخل عليها حرف الجرّ.

ـ يبنى اسم «لا» على ما ينصب به، إذا كان مفردا أي «لا مضافا ولا شبيها بالمضاف»، نحو: «لا لاعبين في الملعب»، «لا مجتهدات خاسرات»

ـ ينصب اسم «لا»، إذا كان مضافا، نحو: «لا تاجر قماش موجود»، أو شبيها بالمضاف، نحو: «لا خائنا وطنه بيننا».

ـ إذا كان اسم «لا» مبنيّا ونعت ففي نعته ثلاث حالات:

1 ـ البناء على الفتح، نحو: «لا طبيب ماهر خاسر». فـ «طبيب ماهر» مبنيّة بناء العدد المركّب.

2 ـ الرّفع، نحو: «لا بنّاء بارع نادم».

3 ـ النّصب، نحو: «لا تلميذ مجتهدا فاشل».

ـ أمّا إذا كان اسم «لا» منصوبا، أي «مضافا أو شبيها بالمضاف» فيجوز، في نعته، الرّفع والنصب وامتنع البناء على الفتح، نحو: «لا تلميذ مدرسة مجتهد ـ أو مجتهدا نادم».

5 ـ لا النافية العاملة عمل «ليس» وهي حرف نفي، يعمل عمل الأفعال النّاقصة، فيرفع المبتدأ وينصب الخبر، وتسمّى «لا» الحجازيّة ويشترط في عملها:

1 ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، نحو: «لا تلميذ مقصرّا من هؤلاء التلاميذ».

وقد شذّ قول النّابغة الجعدي:

«وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا***سواها ولا عن حبّها متراخيا»

فقد جاء اسم «لا» معرفة، وهو الضمير المنفصل «أنا».

2 ـ ألّا يفصل بينها وبين اسمها بفاصل، إلّا إذا كان هذا الفاصل ظرفا أو جارا ومجرورا معمولا للخبر، نحو: «لا عليك رجل شاهدا».

3 ـ ألّا ينتقض نفيها بـ «إلّا»، نحو: «لا تلميذ إلّا أفضل من زهير».

4 ـ ألّا تزاد بعدها «إن»، نحو: «لا إن تلميذ متقاعس».

5 ـ ألّا تتكرّر، لأن في التّكرار إثبات وهي لا تعمل إلّا في النفي، نحو: «لا لا تلميذ كسول».

6 ـ لا الجوابيّة: وهي حرف جواب مناقض لـ «نعم»، مبنيّ على السكون لا

محلّ له من الإعراب، تحذف الجمل بعدها كثيرا، نحو: «هل قابلت المدير؟ ـ لا» والأصل: لا لم أقابله.

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


66-المعجم المفصّل في الإعراب (لات)

لات ـ

تأتي:

1 ـ حرف مشبّه بـ «ليس»، يعمل عملها فيرفع المبتدأ وينصب الخبر، مختصّة بالدّخول على أسماء الزمان، ويشترط فيها حتى تعمل:

ـ أن يكون اسمها وخبرها من أسماء الزّمان.

ـ أن يكون اسمها محذوفا.

ـ ألّا ينتقض نفيها بـ «إلّا».

نحو: «ندم المتخاذل ولات ساعة مندم».

(«ولات»: الواو حرف يفيد الحال مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب «لات»: حرف لنفي الزمان، يعمل عمل «ليس» مبنيّ على الفتحة الظاهرة. واسمها محذوف والتقدير: لات السّاعة ساعة مندم.

«ساعة»: خبر «لات» منصوب بالفتحة الظاهرة. وهو مضاف. «مندم»: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

2 ـ حرف مهمل: إذا دخلت «لات» على غير اسم الزّمان كانت حرفا مهملا لا عمل له، نحو قول الشاعر:

«لهفي عليك للهفة من خائف ***يبغي جوارك حين لات مجير»

(«لات»: حرف نفي مهمل مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «مجير»: مبتدأ مرفوع بالضمّة الظاهرة. والخبر محذوف تقديره: موجود).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


67-المعجم المفصّل في الإعراب (ليت أن)

ليت أنّ ـ

إذا دخلت «ليت» على «أنّ» المفتوحة الهمزة والمشدّدة النون، استغنت عن اسمها وخبرها، حيث يسدّ المصدر المؤوّل من «أنّ» وما بعدها مسدّ اسم «ليت» وخبرها، نحو: «ليت أنّ السّماء صافية».

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


68-المعجم المفصّل في الإعراب (ليس)

ليس ـ

تأتي:

1 ـ فعلا ماضيا ناقصا جامدا من أخوات «كان»، يرفع المبتدأ وينصب الخبر، نحو: «ليس الصّادق مذنبا» («ليس»: فعل ماض ناقص مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «الصادق»: اسم «ليس» مرفوع بالضمّة الظاهرة. «مذنبا»: خبر «ليس» منصوب بالفتحة الظاهرة).

2 ـ أداة للاستثناء بمعنى: «إلّا»، فينصب المستثنى بها وجوبا، لأنّه خبرها، نحو: «عاد المهاجرون ليس خالدا، أي: إلّا خالدا. واسمها ضمير مستتر وجوبا يعود على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق. والتقدير: ليس العائد خالدا.

3 ـ ويجوز دخول الباء على خبرها، نحو قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ}.

(«أليس»: الهمزة للاستفهام، حرف مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «ليس»: فعل ماض ناقص مبنيّ على الفتحة الظاهرة. «الله»: لفظ الجلالة، اسم «ليس» مرفوع بالضمّة الظاهرة. «بأحكم»: الباء حرف جرّ زائد مبنيّ على الكسر لا محلّ له من الإعراب. «أحكم»: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنّه خبر «ليس». وهو مضاف. «الحاكمين» مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه جمع مذكّر سالم).

ملحوظة: إذا وقع الفعل بعد «ليس» مباشرة، فاسمها ضمير الشأن المحذوف، وخبرها الجملة الفعليّة، نحو: «ليس يعود المهاجر» فاسمها ضمير الشأن المحذوف وتقديره: هو. والجملة الفعلية في محل نصب خبرها.

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


69-المعجم المفصّل في الإعراب (نبأ)

نبّأ ـ

فعل يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل، الثاني والثالث أصلهما مبتدأ وخبر، نحو: «نبّأته الخبر صحيحا» («نبّأته»: فعل ماض مبنيّ على السكون لاتّصاله بضمير رفع متحرّك. والتّاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل. والهاء ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب مفعول به أوّل. «الخبر»: مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة. «صحيحا»: مفعول به ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة).

وقد تسدّ «أنّ» واسمها وخبرها مسدّ مفعولي «نبّأ» الثاني والثالث، نحو: نبّأت أخي أنّ العلم مفيد» المصدر المؤوّل من «أنّ العلم مفيد» سدّ مسدّ مفعولي «نبّأ» الثاني والثالث.

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


70-المعجم المفصّل في الإعراب (هلهل)

هلهل ـ

تأتي:

1 ـ بمعنى: «شرع» و «ابتدأ»، فتكون فعلا ماضيا ناقصا، يرفع المبتدأ وينصب الخبر، وخبرها يجب أن يكون جملة فعليّة، فعلها فعل مضارع غير مقترن بـ «أن»، نحو «هلهل المهجّرون يعودون إلى ديارهم» («هلهل»: فعل ماض ناقص، مبنيّ على الفتحة الظاهرة.

«المهجّرون»: اسم «هلهل» مرفوع بالواو لأنّه جمع مذكّر سالم. «يعودون»: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع فاعل. وجملة «يعودون» الفعليّة في محلّ نصب خبر «هلهل»).

2 ـ بمعنى: «رقّ»، فتكون فعلا تاما، نحو: «هلهل القماش». («هلهل»: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. «القماش»: فاعل «هلهل» مرفوع الضمّة الظاهرة).

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


71-المعجم المفصّل في الإعراب (وجد)

وجد ـ

تأتي:

1 ـ فعلا من أفعال القلوب بمعنى: «علم»، ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، نحو «وجدت الصدق فضيلة»، وقد تسدّ «أنّ» مع اسمها وخبرها مسدّ مفعولي «وجد»، نحو: «وجدت أنّ العمل نافع».

(«وجدت»: فعل ماض من أفعال القلوب، مبنيّ على السّكون لاتّصاله بضمير رفع متحرّك. و «التّاء»: ضمير متّصل مبنيّ على الضمّ في محلّ رفع فاعل. «أنّ»: حرف مشبّه بالفعل، مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب. «العمل»: اسم «أنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة. «نافع»: خبر «أنّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة. والمصدر المؤوّل من «أنّ» وما بعدها سدّ مسدّ مفعولي «وجد»).

2 ـ بمعنى: «لقي»، أو «حصل على الشيء»، فتتعدّى إلى مفعول به واحد، نحو: «وجدت المحفظة».

3 ـ بمعنى: «تألّم»، أو «حزن»، نحو: «وجد خالد على فقد دراهمه».

المعجم المفصّل في الإعراب-طاهر يوسف الخطيب-صدر: 1412هـ/1991م


72-المعجم المفصّل في الإعراب-إعراب إميل بديع يعقوب (إعراب يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير)

إعراب {يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

يكاد: فعل مضارع ناقص من أفعال المقاربة مرفوع بالضمّة الظاهرة. البرق: اسم «يكاد» مرفوع بالضمّة الظاهرة. يخطف: فعل مضارع مرفوع بالضمّة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو، يعود على البرق. أبصارهم: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره، وهو مضاف. «هم»: ضمير متصل مبنيّ على السكون في محل جر بالإضافة. وجملة «يخطف أبصارهم» في محل نصب خبر «يكاد». وجملة «يكاد» واسمها وخبرها استئنافية لا محل لها من الإعراب. كلّما: «كلّ»: ظرف زمان، سرت إليه الظرفيّة من إضافته إلى «ما» المصدريّة الظرفيّة، منصوب بالفتحة الظاهرة يتضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب «مشوا»؛ وهو مضاف. «ما»: حرف مصدريّ ظرفيّ مبنيّ على السكون. أضاء: فعل ماض مبنيّ على الفتح لفظا، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على «البرق». والمصدر المؤوّل من «ما أضاء» في محل جرّ بالإضافة. لهم: اللام حرف جرّ مبنيّ على الفتح «هم»: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محل جرّ بحرف الجرّ. والجار والمجرور متعلقان بـ «أضاء». مشوا: فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة، وذلك لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «مشوا» لا محلّ لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. فيه: «في»: حرف جر مبنيّ على السكون. والهاء ضمير متصل مبنيّ على الكسر في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بـ «مشوا». وجملة «لكما أضاء» استئنافيّة لا محل لها من الإعراب. وإذا: الواو حرف عطف مبنيّ على الفتح. «إذا»: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه، متضمّن معنى الشرط، مبنيّ على السكون. أظلم: فعل ماض مبنيّ على الفتح لفظا، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة «أظلم» في محل جرّ بإضافة «إذا» إليها. عليهم: «على»: حرف جر مبنيّ على السكون. «هم»: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بالفعل «أظلم». قاموا: فعل ماض مبنيّ على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «قاموا» لا محلّ لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة «إذا أظلم عليهم قاموا» معطوفة على الجملة السابقة لا محل لها من الإعراب. ولو: الواو حرف استئناف مبنيّ على الفتح. «لو»: حرف امتناع لامتناع مبنيّ على السكون، متضمّن معنى الشرط. شاء: فعل ماض مبنيّ على الفتح لفظا. الله: لفظ الجلالة فاعل «شاء» مرفوع بالضمّة الظاهرة. لذهب: اللام حرف ربط جاء في جواب الشرط للتقوية مبنيّ على الفتح. «ذهب»: فعل ماض مبنيّ على الفتح لفظا، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على لفظ الجلالة «الله». وجملة «ذهب بسمعهم» لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة «لو شاء الله لذهب بسمعهم» استئنافيّة لا محل لها من الإعراب. بسمعهم: الباء حرف جرف مبنيّ على الكسر. «سمعهم»: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة، وهو مضاف. «هم»: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محل جرّ بالإضافة. والجار والمجرور متعلّقان بالفعل «ذهب». وأبصارهم: الواو حرف عطف مبنيّ على الفتح. «أبصارهم»: اسم معطوف مجرور بالكسرة الظاهرة، وهو مضاف. «هم»: ضمير متصل مبنيّ على السكون في محل جر بالإضافة. إنّ: حرف توكيد مشبّه بالفعل مبنيّ على الفتح لفظا. الله: لفظ الجلالة اسم «إنّ» منصوب بالفتحة الظاهرة. على: حرف جر مبنيّ على السكون الظاهر. كلّ: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة، وهو مضاف، والجار والمجرور متعلقان بـ «قدير». شيء: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. قدير: خبر «إنّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة وجملة «إنّ الله على كل شيء قدير» استئنافيّة لا محل لها من الإعراب.

المعجم المفصّل في الإعراب-إعراب إميل بديع يعقوب


73-معجم البلدان (المجمر)

المُجَمَّرُ:

الموضع الذي ترمى فيه الجمار، قال كثير:

«وخبّرها الواشون أني صرمتها، *** وحمّلها غيظا علىّ المحمّل»

«وإني لمنقاد لها اليوم بالرّضى، *** ومعتذر من سخطها متنصّل»

«أهيم بأكناف المجمّر من منّى *** إلى أمّ عمرو، إنني لموكّل»

وقال حذيفة بن أنس الهذلي:

«فلو أسمع القوم الصّراخ لقوربت *** مصارعهم بين الدّخول وعرعرا»

«وأدركهم شعث النواصي كأنهم *** سوابق حجّاج توافي المجمّرا»

معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م


74-معجم القواعد العربية (إن وأخواتها)

إنّ وأخواتها:

هذه هي الأحرف المشبّهة بالأفعال وشبّهت بها لأنّها تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده وهنّ سبعة أحرف: «إنّ، أنّ، كأنّ، ليت، لعلّ، لكنّ ولا النافية للجنس» (انظر كلّا في حرفه).

1 ـ حكم هذه الأحرف:

كلّ هذه الأحرف تنصب المبتدأ ـ غير الملازم للتّصدير ـ ويسمّى اسمها وترفع خبره ـ غير الطلبي الإنشائي ـ ويسمّى خبرها.

2 ـ تقدّم خبرهنّ عليهنّ:

يمتنع مطلقا تقدم خبرهنّ عليهنّ ولو كان ظرفا أو جارّا ومجرورا.

3 ـ توسّط خبرهنّ:

فيما عدا «لا» النّافية للجنس، يجوز توسّط الخبر بينها وبين أسمائها إن كان الاسم معرفة، والخبر ظرفا أو جارّا ومجرورا نحو {إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ}. ويجب إن كان نكرة نحو {إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا} {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً}.

4 ـ معمول خبرهنّ: لا يلي هذه الأحرف معمول خبرها إلّا إن كان ظرفا أو مجرورا، ويجوز توسّطه بين الاسم والخبر مطلقا. نحو «إنّ خالدا أخاه مكرم» وتقول: «إنّ بك زيدا مأخوذ» أي مأخوذ بك، و «إنّ لك زيدا واقف» ومثل ذلك «إنّ فيك زيدا لراغب» قال الشاعر:

«فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها *** أخاك مصاب القلب جمّ بلابله »

والتّقدير: فإن أخاك مصاب القلب بحبّها.

5 ـ أحوال همزة «إنّ»: ل «إنّ» من حيث حركة همزتها ثلاثة أحوال: وجوب الفتح حيث يسدّ المصدر مسدّها ومسدّ معموليها، ووجوب الكسر حيث لا يجوز أن يسدّ المصدر مسدّها وجواز الوجهين إن صحّ الاعتباران.

6 ـ مواضع الفتح في همزة «أنّ» يجب فتح همزة «أنّ» في ثمانية مواضع: (انظر أنّ).

7 ـ مواضع كسر همزة «إنّ» يجب كسر همزة «إنّ» في اثني عشر موضعا:

(1) أن تقع في الابتداء حقيقة نحو: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ} أو حكما نحو: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى}.

(2) أن تقع تالية ل «حيث» نحو: «جلست حيث إنّ عليّا جالس».

(3) أن تتلو «إذ» ك «زرتك إذ إنّ خالدا أمير».

(4) أن تقع تالية لموصول اسميّ أو حرفيّ نحو قوله تعالى: {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ}. فـ «ما»: موصول اسميّ، ووجب كسر همزة «إنّ» بعدها لوقوعها في صدر الصّلة بخلاف الواقعة في حشو الصّلة نحو: «جاء الّذي عندي أنّه فاضل» ومثله قولهم «لا أفعله ما أنّ حراء مكانه» فتفتح «أنّ» فيهما لوقوعها في حشو الصلة، إذ التقدير: لا أفعله ما ثبت أنّ حراء مكانه، فليست «أنّ» في التّقدير تالية للموصول الحرفي، لأنّها فاعل بفعل محذوف، والجملة صلة و «ما» الموصول الحرفي.

(5) أن تقع بعد «حتّى» تقول: «قد قاله القوم حتّى إنّ زيدا يقوله». و «انطلق القوم حتّى إنّ زيدا لمنطلق» فحتّى ههنا لا تعمل شيئا في «إنّ» كما لا تعمل «إذا» كما يقول سيبويه: ولو أردت أن تقول: حتّى أنّ، في ذا الموضع، أي حتى أن زيدا منطلق كنت محيلا، لأنّ أنّ وصلتها بمنزلة الانطلاق ولو قلت: انطلق القوم حتّى الانطلاق كان محالا.

(6) أن تقع جوابا لقسم نحو: {حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ}.

(7) أن تكون محكيّة بالقول نحو {قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ}.

(8) أن تقع حالا نحو {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ}.

(9) أن تقع صفة نحو «نظرت إلى خالد إنّه كبير».

(10) أن تقع بعد عامل علّق بلام الابتداء التي يسمّونها المزحلقة نحو: {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}.

(11) أن تقع خبرا عن اسم ذات نحو: «محمّد إنه رسول الله».

(12) في باب الحصر بالنّفي وإلّا، بمعنى الأمثلة الآتية تقول: «ما قدم علينا أمير إلّا إنّه مكرم لنا». لأنّه ليس ههنا شيء يعمل في إنّ ولا يجوز أن تكون أنّ، وإنّما تريد أن تقول: ما قدم علينا أمير إلّا هو مكرم لنا. وقال سبحانه: {وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ} ومثل ذلك قول كثيرّ:

«ما أعطياني ولا سألتهما *** إلّا وإني لحاجزي كرمي »

وبغير معنى ما تقدّم من الحصر تقول: «ما غضبت عليك إلا أنّك فاسق» وهذا بفتح همزة أن.

8 ـ مواضع جواز كسر «إنّ» وفتحها: يجوز كسر همزة «إنّ» وفتحها في تسعة مواضع:

(1) أن تقع بعد فاء الجزاء نحو:

{مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قرىء بكسر «إنّ» وفتحها، فالكسر على معنى: فهو غفور رحيم، والفتح على تقدير أنها ومعموليها مفرد خبره محذوف، أي فالغفران والرّحمة حاصلان.

(2) أن تقع بعد «إذا» الفجائيّة كقول الشاعر وأنشده سيبويه:

«وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا *** إذا إنّه عبد القفا واللهازم »

(3) أن تقع في موضع التّعليل، نحو: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ} هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ومثله قوله تعالى:

{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ومثله «لبّيك إنّ الحمد والنّعمة لك» بفتح «إن» وكسرها.

(4) أن تقع بعد فعل قسم، ولا لام بعدها كقول رؤبة:

«أو تحلفي بربّك العليّ *** إنّي أبو ذيّالك الصّبيّ »

يروى بكسر «إنّ» وفتحها، فالكسر على الجواب للقسم. والفتح بتقدير «على أني» و «أنّ» مؤوّلة بمصدر عند الكسائي والبغداديين.

(5) أن تقع خبرا عن قول، ومخبرا عنها بقول، والقائل واحد، نحو «قولي إني أحمد الله» بفتح إنّ وكسرها فإذا فتحت فعلى مصدرية «قولي» أي قولي حمدا لله، وإذا كسرت فعلى معنى المقول، أي «مقولي إني أحمد الله» فالخبر على الأول: مفرد، وعلى الثاني: جملة مستغنية عن العائد لأنها نفس المبتدأ في المعنى.

ولو انتفى القول الأوّل وجب فتحها نحو «عملي أنّي أحمد الله» ولو انتفى القول الثاني وجب كسرها نحو «قولي إني مؤمن». فالقول الثاني «إني مؤمن» والإيمان لا يقال لأنه عقيدة في القلب.

ولو اختلف القائل وجب كسرها نحو: «قولي إنّ هشاما يسبّح ربّه».

(6) أن تقع بعد «واو» مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا} تجوع فيها ولا تعرى وأنّك لا تظمؤ {فِيها وَلا تَضْحى}.

(7) الأكثر أن تكسر «إنّ» بعد حتى، وقد تفتح قليلا إذا كانت عاطفة، تقول: «عرفت أمورك حتى أنّك حسن الطّويّة» كأنّك قلت: عرفت أمورك حتّى حسن طويّتك، ثمّ وضعت أنّ في هذا الموضع.

(8) أن تقع بعد «أما» نحو «أما إنّك مؤدّب» فالكسر على أنّها حرف استفتاح بمنزلة «ألا» والفتح على أنها بمعنى «أحقا» وهو قليل.

(9) أن تقع بعد «لا جرم» والغالب الفتح نحو {لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ} فالفتح على أنّ جرم فعل ماض معناه وجب و «أنّ» وصلتها فاعل، أي وجب أنّ الله يعلم، و «لا» زائدة، وإمّا على أنّ «لا جرم» ومعناها «لا بدّ» و «من» بعدهما مقدّرة، والتّقدير: لا بدّ من أنّ الله يعلم.

والكسر على أنّها منزّلة منزلة اليمين عند بعض العرب فيقول: «لا جرم إنك ذاهب». (انظر لا جرم).

9 ـ المختار أنّ اسم إنّ معرفة وخبرها نكرة. إذا اجتمع في اسم إنّ وأخواتها وخبرها فالذي يختار أن يكون اسمها معرفة لأنّها دخلت على الابتداء والخبر، ولا يكون الاسم نكرة إلّا في الشّعر نحو قول الفرزدق:

«وإنّ حراما أن أسبّ مقاعسا *** بآبائي الشّمّ الكرام الخضارم »

وقول الأعشى:

«إنّ محلّا وإنّ مرتحلا *** وإنّ في السّفر إذ مضى مهلا »

10 ـ حذف خبر «إنّ»

قد يحذف خبر «إنّ» مع المعرفة والنكرة للعلم به، يقول الرّجل للرجل: «هل لكم أحد؟ إنّ النّاس إلب عليكم» فيقول: «إنّ خالدا وإنّ بكرا» أي: لنا، وإنّما يحذف الخبر إذا علم المخاطب ما يعني بأن تقدّم ما يفهم الخبر، أو يجري القول على لسانه.

11 ـ «ما» الزّائدة:

تتّصل «ما» الزّائدة وهي الكافّة ب «إنّ وأخواتها». فتكفّها عن العمل وتهيّئها للدخول على الجمل الفعليّة نحو: {قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ} {كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}.

12 ـ العطف على اسم إن وأخواتها:

لك في هذا العطف وجهان: النصب عطفا على اسم إنّ نحو قولك: «إنّ زيدا منطلق وعمرا مقيم» وعلى هذا قرأ من قرأ والبحر بالفتح من قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ، وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} وقد رفع آخرون: والبحر:

والواو للحال. وعلى هذا قول الرّاجز وهو رؤبة بن العجّاج:

«إنّ الرّبيع الجود والخريفا *** يدا أبي العبّاس والضّيوفا»

والوجه الآخر: عطفه على الابتداء الذي هو اسم إنّ قبل أن تدخل عليه إنّ تقول: «إنّ زيدا منطلق وسعيد» والأصل: زيد منطلق وسعيد. وفي القرآن الكريم مثله: {أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}. وقال جرير:

«إنّ الخلافة والنّبوّة فيهم *** والمكرمات وسادة أطهار»

وإذا قلت: «إن زيدا منطلق لا عمرو» فتفسيره كتفسيره مع الواو في وجهي النّصب والرّفع، واعلم أنّ لعلّ وكأنّ وليت يجوز فيهنّ جميع ما جاز في «إنّ» إلّا أنّه لا يرفع بعدهن شيء على الابتداء.

ولكنّ بمنزلة «إنّ» وتقول: «إنّ زيدا فيها لا بل عمرو».

وإن شئت نصبت: أي: لا بل عمرا.

معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذُيّل بالإملاء-عبدالغني الدقر-صدر: 1404ه‍/1984م


75-معجم القواعد العربية (كأن)

كأنّ:

من أخوات «إنّ» وأحكامها كأحكامها (انظر إن وأخواتها). وقد تدخل عليها «ما» الزائدة الكافّة، فتكفّها عن العمل وتهيّئها للدّخول على الجملة الفعلية نحو {كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}.

ول «كأنّ» اربعة معان:

(1) التّشبيه المؤكّد، وهو الغالب المتّفق عليه، وشرط بعضهم بهذا المعنى أن يكون الخبر جامدا نحو «كأن زيدا أسد».

(2) الشّكّ والظنّ، إذا لم يكن الخبر جامدا نحو «كأنّ خالدا عالم بخبر جاره».

(3) التّحقيق، نحو قول الحارث بن خالد يرثي هشام بن المغيرة:

«فأصبح بطن مكّة مقشعرا *** كأنّ الأرض ليس بها هشام »

(4) التّقريب، نحو «كأنّك بالغائب حاضر» و «كأنّك بالفرج آت».

وإعراب هذا: الكاف حرف خطاب، والباء زائدة في اسم «كأنّ»، وقال بعضهم: الكاف اسم «كأنّ». وفي الأمثلة: حذف مضاف، والتقدير: كأنّ زمانك مقبل بالغائب، أو كأنّ زمانك مقبل بالفرج، والباء: بمعنى «في»، ويجوز وقوع «كأنّ» مع اسمها وخبرها في موضع وقوع الجمل إذا كان المعنى على التّشبيه، فتقول في الصّفة: «مررت برجل كأنّه جبل». وفي صلة الموصول: «أقبل الذي كأنّه أسد» وفي الخبر نحو «هاشم كأنّه ثعلب» وفي الحال: «رأيت عمرا كأنّه قمر» ومن الحال قوله تعالى: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ}.

معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذُيّل بالإملاء-عبدالغني الدقر-صدر: 1404ه‍/1984م


76-معجم القواعد العربية (لا الحجازية)

لا الحجازيّة:

وهي التي تعمل عمل ليس قليلا عند الحجازيّين، ولا تعمل عند التّميميّين، وتحتمل أن يراد بها نفي الوحدة أو نفي الجنس.

ويشترط في إعمالها الشروط في «ما» الحجازية، ما عدا زيادة «إن» فإنّها لا تزاد بعد «لا» أصلا. والغالب في خبر «لا» أن يكون محذوفا نحو قول سعد بن مالك جدّ طرفة بن العبد:

«من صدّ عن نيرانها *** فأنا ابن قيس لا براح »

ف «براح» اسم لا، وخبرها محذوف، والتقدير: لا براح لي.

وقد يذكر الخبر صريحا نحو قول الشاعر:

«تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا *** ولا وزر مما قضى الله واقيا»

ومن شروطها ـ عند الأكثرين ـ أن يكون المعمولان نكرتين كهذا البيت: تعزّ...

وخالف في هذا ابن جني ودليله قول النابغة:

«وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا *** سواها، ولا عن حبّها متراخيّا»

وعليه قول المتنبي:

«إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى *** فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا»

وقد لحّن المتنبي من زعم أن لا الحجازية لا تعمل إلّا في نكرة، وقد تزاد بقلّة الباء في خبر «لا» كقول سوادة بن قارب:

«وكن لي شفيعا يوم لاذو شفاعة *** بمغن فتيلا عن سواد بن قارب »

لا حرف جواب: أي تنفي الجواب، وهذه تحذف الجمل بعدها كثيرا، يقال: «أجاءك زيد» فتقول: «لا» والأصل: لا، لم يجىء.

معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذُيّل بالإملاء-عبدالغني الدقر-صدر: 1404ه‍/1984م


77-معجم القواعد العربية (ولا سيما)

ولا سيّما:

1 ـ تركيبها ومعناها:

تتركّب «ولا سيّما» من الواو الاعتراضيّة و «لا» النّافية للجنس و «سيّ» بمعنى مثل و «ما» الزّائدة، أو الموصولة، أو النّكرة الموصوفة بالجملة، فتشديد يائها ودخول «لا» عليها، ودخول الواو على «لا» واجب، قال ثعلب: «من استعمله على خلاف ما جاء في قوله ـ أي امرىء القيس ـ «ولا سيّما يوم» فهو مخطىء، وذكر غيره: أنها قد تخفّف، وقد تحذف الواو. وتقدير معنى «ولا سيما يوم» ولا مثل يوم موجود، أو: ولا مثل الذي هو يوم، أو: لا مثل شيء هو يوم.

2 ـ إعراب «ولا سيّما يوم»: لإعرابها ثلاثة أوجه:

(الأوّل) أن تكون الواو: اعتراضيّة و «لا» نافية للجنس و «سيّما» سيّ: اسمها منصوب بها لأنّه مضاف، و «ما» زائدة و «يوم» مضاف إليه، وهو الأرجح، وخبرها محذوف أي موجود.

(الثاني) أن تكون «ما» موصولة، أو نكرة موصوفة، مضاف إليه، و «يوم» خبر لمبتدأ محذوف التّقدير: هو يوم. (الثالث) أن تكون «ما» كافة عن الإضافة و «يوما» تمييز، كما يقع التمييز بعد مثل، وعندئذ ففتحة سيّ على البناء.

هذا إذا كان ما بعد «سيّما» نكرة، أمّا إذا كان معرفة فمنع الجمهور نصبه نحو «ولا سيّما زيد». وقد ترد «ولا سيّما» بمعنى: خصوصا فتكون في محلّ نصب مفعولا مطلقا لأخص محذوفا وحينئذ يؤتى بعده بالحال نحو: «أحبّ زيدا ولا سيّما راكبا» أو: وهو راكب فهي حال من مفعول أخصّ المحذوف، أي أخصّه بزيادة المحبّة خصوصا في حال ركوبه. وكذا بالجملة الشّرطيّة نحو «ولا سيّما إن ركب» أي أخصّه بذلك.

معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذُيّل بالإملاء-عبدالغني الدقر-صدر: 1404ه‍/1984م


78-المعجم الغني (كَأَنَّ)

كَأَنَّ-: حَرْفٌ مُشَبَّهٌ بِالفِعْلِ يَعْمَلُ عَمَلَ "إِنَّ" وَأَخَوَاتِهَا. يَنْصِبُ الاسْمَ وَيَرْفَعُ الخَبَرَ.

1- يُفِيدُ التَّشْبِيهَ: "كَأَنَّ الرَّجُلَ أَسَدٌ" "كَأَنَّ كَلَامَهُ شِعْرٌ".

2- وَيُفِيدُ الشَّكَّ وَالظَّنَّ: "كَأَنَّ الوَلَدَ غَائِبٌ".

3- وَيُفِيدُ التَّقْرِيبَ: "كَأَنَّكَ بِالشَّمْسِ مُشْرِقَةٌ". (الكَافُ وَالبَاءُ زَائِدَتَانِ وَالشَّمْسُ اسْمُ كَأَنَّ، مُشْرِقَةٌ خَبَرُهَا):

4- وَتَأْتِي مُخَفَّفَةً وَيَكُونُ اسْمُهَا إِذْ ذَاكَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ الْمَحْذُوفَ وُجُوبًا. وَخَبَرُهَا جُمْلَةً: "إِنَّكَ تَعْمَلُ وَكَأَنَّ عَمَلَكَ بُنْيَانٌ رَاسِخٌ".

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


79-المعجم الغني (لَاتَ)

لَاتَ-: أَدَاةُ نَفْيٍ مِنْ أَخَوَاتِ "لَيْسَ" وَالكَلِمَةُ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ "لَا" وَ"التَّاءِ" الزَّائِدَةِ، وَلَا تَعْمَلُ إِلاَّ فِي أَسْمَاءِ الزَّمَانِ كَالحِينِ وَالسَّاعَةِ: "لَاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ"، وَيُحْذَفُ اسْمُهَا وَأَنْ يَكُونَ هَذَا الاسْمُ وَخَبَرُهَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَهَكَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ: "وَلَاتَ السَّاعَةُ سَاعَةَ مَنْدَمٍ": أَيْ لَيْسَتْ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


80-معجم الرائد (ليس)

ليس: من أخوات كان ترفع الاسم وتنصب الخبر، نحو «ليس الطقس جميلا».

ولا يجوز تقديم خبرها عليها كما يجوز في أخواتها.

وأحوالها:

1- تنفي الحال وتنفي غيرها بالقرينة، نحو «ليس عطاء اليوم مانعه غدا».

2- يستنثى بها، نحو «زارني رفقائي ليس سميرا».

وإسمها مضمر وخبرها منصوب بها.

3- يقترن الخبر بعدها بإلا، نحو «ليس الطيب إلا المسك».

4- تدخل على الجملة الفعلية، نحو «ليس يزورني سمير»، أو على المبتدإ والخبر مرفوعين، نحو «ليس سمير مريض»، فيكون اسمها ضمير الشأن والجملة بعدها في محل نصب خبرا لها.

5- تدخل «الباء» الزائدة في خبر ليس لتأكيد النفي، ويكون منصوبا محلا، نحو «وليس قولك: من هذا، بضائره».

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


81-تاج العروس (ظهر)

[ظهر]: الظَّهْرُ من كلّ شيْ‌ءٍ: خلافُ البَطْنِ.

والظَّهْرُ من الإِنْسَانِ: من لَدُنْ مُؤَخَّرِ الكاهلِ إِلى أَدْنَى العَجُزِ عند آخِرِه، مُذَكَّرٌ لا غيرُ، صَرَّح به اللِّحْيَانِيّ، وهو من الأَسماءِ التي وُضِعَتْ مَوضِعَ الظُّرُوفِ، الجمع: أَظْهُرٌ، وظُهُورٌ، وظُهْرَانٌ، بضمّهما.

ومن المَجَاز: الظَّهْرُ: الرّكابُ التي تَحْمِلُ الأَثْقَالَ في السَّفَرِ على ظُهورِهَا.

ويقال: هُمْ مُظْهِرُونَ؛ أَي لهم ظَهْرٌ يَنْقُلُون عليه، كما يقال: مُنْجِبُون، إِذا كانُوا أَصحابَ نَجائِب.

وفي حديث عَرْفَجَةَ: «فتَنَاوَلَ السَّيْفَ من الظَّهْرِ، فحَذَفَه بهِ» المرادُ به الإِبلُ التي يُحْمَلُ عليها ويُركَب، يقال عند فُلانٍ ظَهْرٌ؛ أَي إِبِلٌ، ومنه‌الحديثِ: «أَتَأْذَنُ لنا في نَحْرِ ظَهْرِنا» أَي إِبِلِنا التي نَرْكَبُها، ويُجمَع على ظُهْرَانٍ، بالضّمّ، ومنه‌الحديث: «فجَعَل رِجالٌ يَستَأْذِنُونَه في ظُهْرَانِهم في عُلْوِ المَدِينَةِ».

والظَّهْرُ: القِدْرُ القَدِيمةُ، يقال: قِدْرٌ ظَهْرٌ، وقُدُورٌ ظُهورٌ؛ أَي قدِيمَةٌ، كأَنّها لقِدَمِها تُرْمَى ورَاءَ الظَّهْرِ، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:

فتَغَيَّرَتْ إِلّا دَعَائِمَها *** ومُعَرَّسًا من جَوْفِه ظَهْرُ

والظَّهْرُ: موضع ذكره الصاغانِيّ.

والظَّهْرُ: المالُ الكَثِيرُ، يقال: له ظَهْرٌ؛ أَي مالٌ من إِبِلٍ وغَنَمٍ.

والظَّهْرُ: الفَخْرُ بالشَّيْ‌ءِ.

وظَهَرْتُ به: افْتَخَرْتُ بهِ، قال زِيَادٌ الأَعْجَمُ:

واظْهَرْ بِبِزَّتهِ وعَقْدِ لِوَائِهِ *** واهْتِفْ بِدَعْوَةِ مُصْلِتِينَ شَرَامِحِ

أَي افْخَر بهِ على غيرِه، قال الصّاغانيّ: وروى القصيدَةَ الأَصمعيُّ للصَّلَتَانِ.

والظَّهْرُ: الجَانِبُ القَصِيرُ من الرِّيشِ، كالظُّهَارِ بالضّمّ، ج: ظُهْرانٌ، بالضَّمّ، والبُطْنَانُ الجانِبُ الطَّوِيلُ، يقال: رِشْ سَهْمَكَ بظُهْرَانٍ، ولا تَرِشْه بِبُطْنَانٍ، واحدُهُما ظَهْرٌ وبَطْنٌ، مثْل عَبْدٍ وعُبْدَان.

وقال ابن سِيدَه: الظُّهْرَانُ: الرِّيشُ الذي يَلِي الشَّمْسَ والمَطَرَ من الجَنَاحِ.

وقيل: الظُّهَارُ والظُّهْرَانُ من رِيشِ السَّهْمِ: ما جُعِلَ مِنْ ظَهْرِ عَسِيبِ الرِّيشَةِ، وهو الشِّقُّ الأَقْصرُ، وهو أَجْوَدُ الرِّيشِ، الواحِدُ ظَهْرٌ، فأَمّا ظُهْرَانٌ فعَلَى القِيَاسِ، وأَمّا ظُهَارٌ فنادِرٌ، قال: ونَظِيرُه عَرْقٌ وعُرَاقٌ، ويُوصَف به فيقال: رِيشٌ ظُهَارٌ وظُهْرَانٌ.

وقال اللَّيْثُ: الظُّهَارُ من الرِّيشِ: هو الذي يَظْهَرُ من ريشِ الطّائِرِ، وهو في الجَنَاح، قال ويقال: الظُّهَارُ جَمَاعَةٌ واحدُهَا ظَهْرٌ، ويُجْمَعُ على الظُّهْرَانِ، وهو أَفضلُ ما يُراشُ به السَّهْمُ، فإِذا رِيشَ بالبُطْنَانِ فهو عَيْبٌ.

ومن المَجَازِ: الظَّهْرُ: طَرِيقُ البَرِّ، قال ابن سِيدَه: وطَرِيقُ الظَّهْرِ: طَرِيقُ البَرِّ، وذلك حين يكون فيه مَسْلَكٌ في البَرِّ ومَسْلَكٌ في البَحْرِ.

والظَّهْرُ: ما غَلُظَ من الأَرْضِ وارْتَفَعَ، والبَطْنُ: ما لَانَ منها وسَهُلَ ورَقَّ واطْمَأَنَّ.

وقوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم: «ما نَزَلَ من القُرْآنِ آيَةٌ إِلّا لَهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ، ولكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ، ولِكُلِّ حَدٍّ مُطَّلَعُ» قال أَبو عُبَيْد: قال بعضُهُم: الظَّهْرُ: لفْظُ القُرآنِ، والبَطْنُ: تَأْوِيلُه.

وقيل: الظَّهْرُ: الحَدِيثُ والخَبَرُ والبَطْنُ: ما فيه من الوَعْظِ والتَّحْذِيرِ والتَّنْبِيه، والمُطَّلَعُ: مَأْتَى الحَدِّ ومَصْعَدُه.

وقيل في تفسيرقوله: «لها ظَهْرٌ وبَطْنٌ»، قيل: ظَهْرُها: لَفْظُهَا، وبَطْنُها: معناها.

وقيل: أَرادَ بالظَّهْرِ ما ظَهَرَ تأْوِيلُه وعُرِفَ مَعْنَاه، وبالبَطْنِ ما بَطَنَ تَفْسِيرُه.

وقيل: قَصَصُه في الظَّاهِرِ أَخْبَارٌ، وفي الباطِنِ عِبْرَةٌ وتَنْبِيهٌ وتَحْذير.

وقيل: أَرادَ بالظَّهْرِ التِّلاوةَ، وبالبَطْنِ التّفَهُّمَ والتَّعَلُّم.

والظَّهْرُ: ما غَابَ عَنْكَ، يقال: تكَلَّمْتُ بذلك عن ظَهْرِ غَيْبٍ، وهو مَجاز، قال لَبِيدٌ:

وتَكَلَّمَتْ رِزَّ الأَنِيسِ فَرَاعَها *** عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها

والظَّهْرُ: إِصابَةُ الظَّهْرِ بالضَّرْبِ والفِعْلُ كجَعَلَ، ظَهَرَهُ يَظْهَرُه ظَهْرًا: ضَرَبَ ظَهْرَه، فهو مَظْهُورٌ.

والظَّهَرُ بالتَّحْرِيكِ: الشِّكَايَةُ من الظَّهْرِ، يقال: ظَهِرَ الرَّجلُ، كفَرِحَ، فهو ظَهِيرٌ: اشتَكَى ظَهْرَه، وكذلك مَظْهُورٌ: به ظُهَارٌ، وهو وَجَعُ الظَّهْرِ، قالَه الأَزهريّ.

وهو؛ أَي الظَّهِيرُ أَيضًا: القَوِيُّ الظَّهْرِ، صَحيحُه، قاله اللَّيْث، كالمُظَهَّرِ، كمُعَظَّمٍ، كما يقال: رجلٌ مُصَدَّرٌ: شِدِيدُ الصَّدْرِ، ومَصْدُور: يَشْتَكِي صَدْرَه.

وقيل: هو الصُّلْب الشَّدِيدُ، من غيرِ أَن يُعَيَّنَ منه ظَهْرٌ ولا غَيْرُه. بَعِيرٌ ظَهِيرٌ، وناقَةٌ ظَهِيرَةٌ. وقد ظَهَرَ ظَهَارَةً بالفَتْح.

ويُقَال: أَعْطَاهُ عن ظَهْرِ يَدٍ، هو مأْخُوذٌ من الحَدِيث: ما رأَيْتُ أَحَدًا أَعطَى لجَزِيلٍ عن ظَهْرِ يدٍ من طَلْحَةَ»، قيل: عن ظَهْرِ يَدٍ؛ أَي ابْتِداءً بِلَا مُكَافَأَةٍ.

وفُلانٌ يأْكلُ عن ظَهْرِ يَدِ فُلان، إِذا كان هو يُنفِقُ عليه.

والفقراءُ يأْكُلُون عن ظَهْرِ أَيْدِي النَّاسِ، وهو مَجَاز.

ورَجلٌ خَفِيفُ الظَّهْرِ: قليلُ العِيَالِ. وثقيلُه: كثِيرُه، وكلاهُما على المَثَل.

وهُوَ على ظَهْرٍ؛ أَي مُزْمِعٌ للسَّفَرِ، غيرُ مطمئنّ، كَأَنّه قد رَكِبَ ظَهْرًا لذلك، وهو مَجازٌ، قال يَصِفُ أَمْواتًا:

وَلَوْ يَسْتَطِيعُونَ الرَّواحَ تَرَوَّحُوا *** مَعِي أَو غَدَوْا في المُصْبِحِينَ على ظَهْرِ

وأَقْرَانُ الظَّهْرِ: الذين يُحِبُّونَك، هكذا في الأُصول المصحَّحَة، وهو خَطَأٌ، والصَّوَابُ: يَجِيؤُونَكَ مِنْ وَرَائِكَ، أَو مِنْ وَراءِ ظَهْرِك في الحَرْبِ، مأْخُوذٌ من الظَّهْرِ، قال أَبو خِرَاشٍ:

لكَان جَميلٌ أَسْوأَ النَّاسِ تَلَّةً *** ولكنّ أَقْرَانَ الظُّهُورِ مَقَاتِلُ

وقال الأَصْمَعِيّ: فلانٌ قِرْنُ الظَّهْرِ، وهو الّذِي يَأْتِيه مِنْ وَرَائه ولا يَعْلَم، قال ذلك ابنُ الأَعرابِيّ وأَنشد:

فلَوْ كَانَ قِرْنِي واحِدًا لكُفِيتُه *** ولكنَّ أَقْرَانَ الظُّهُورِ مَقَاتِلُ

وَرَوَى ثَعْلَبٌ عن ابنِ الأَعرابِيّ أَنّه أَنشده:

فلَوْ أَنَّهُمْ كانُوا لَقُونَا بمِثْلِنا *** ولكِنَّ أَقْرَانَ الظُّهُورِ مُغَالِبُ

قال: أَقْرَان الظُّهُورِ: أَن يَتَظَاهَرُوا عليه إِذا جاءَ اثنانِ وأَنتَ واحدٌ غَلَبَاكَ.

والظِّهْرَةُ، بالكَسْر: العَوْنُ وظَهْرُ الرجُلِ وأَنصارُه، كالِظُّهْرَةِ، بالضَّمّ، والكَسْرُ عن كُرَاع، كالظَّهْرِ بالفَتْحِ، يقال: فلان ظُهْرَتِي على فُلانٍ، وأَنَا ظِهْرَتُك على هذا؛ أَي عَونُك قال تَمِيمٌ:

أَلَهْفِي على عِزٍّ عَزِيرٍ وظِهْرَةٍ *** وظِلِّ شَبَابٍ كُنْتُ فيه فأَدْبَرَا

وأَبُو رُهْمٍ، بالضّمّ: أَحْزَابُ بْنُ أَسِيدٍ، كأَمِيرٍ الظِّهْرِيّ، بالكسر، هكذا ضبطه ابن السَّمْعَانِيّ، وضبطه ابنُ ماكُولَا بالفتح، ورجَّحَه الحافِظُ في التَّبْصِير وقال: وهو الصحيح، نُسِبَ إِلى ظَهْرٍ: بَطنٍ من حِمْيَر، قلْت: وهو ظَهْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ جُشَمَ بنِ عبدِ شَمْسِ بنِ وائِلِ بنِ الغَوْثِ، وصحّفه بعضُهُم بظَفْر: صحابِيّ.

وقال ابنُ فَهْد في مُعْجَمِه: أَبو رُهْمٍ الظَّهْرِيّ شيخ مُعمَّرٌ، أَوردَه أَبو بكرِ بنُ عليّ في الصَحابةِ، وقال في ترجمة أَبي رُهْم السماعِيّ أَو السَّمَعيّ، ذَكَرَه ابنُ أَبي خَيْثَمَةَ في الصحابة، وهو تابعيّ اسمه أَحزابُ بنُ أَسيدٍ، وقال في ترجمة أَبي رُهْمٍ الأَنْمَارِيّ: رَوَى عنه خالدُ بن مَعْدَانَ، قلْت: أَظُنُّه الفِهْرِيّ، انتهى: فتأَمَّل، وفي معجم البَغَوِيّ: أَنه عاش مائة وخمسين سنّةً، ولَيستْ له رِوَايَةٌ.

والحارِثُ بنُ مُحَمَّرٍ، كمُعَظَّم، الظِّهْرِيّ الحِمْصِيّ، تابِعِيّ، كنْيته أَبو حَبِيب، عن أَبي الدّرداءِ، وعنه حَوْشَبُ بن عَقيلٍ، ذكره ابنُ الأَثير.

وأَبو مَسْعُودٍ المُعَافَى بنُ عِمْرانَ الظِّهْرِيّ الحِمْصِيّ، ويقال المَوْصِلِيّ روى عن مالك وإِسماعيلَ بنِ أَبي عَيَّاش، والأَوْزَاعِيّ، وعنه يَزِيدُ بنُ عبدِ الله وغيرُه، ذَكَره ابنُ أَبي حاتِمٍ عن أَبيه، وهو ضَعِيفٌ، وقال الحافظ: لَيِّنٌ. وفاته: أَبو الحارث حَبِيبُ بنُ محمّدٍ الظِّهْرِيّ الحِمْصِيّ، لَقِيَ أَبا الدَّرْدَاءِ، أَوردَه الحافظُ في التبصير، قلت: وهو بِعَيْنه الذي قَبْلَه، إِنما جَعَل كُنْيَتَه اسْمَه، واسمَه، كنَيتَه، فتَأَمَّل.

والظَّهَرَةُ، بالتَّحْرِيكِ: مَتاعُ البَيْتِ، وأَثَاثُه، وقال ثعلبٌ: بَيْتٌ حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَةِ. فالظَّهَرَةُ: ما ظَهَرَ منه، والأَهَرَةُ: ما بَطَنَ منه.

وقال ابنُ الأَعرابيّ: بَيْتٌ حَسَنُ الأَهَرَةِ والظَّهَرَةِ والعَقَارِ، بمعنًى واحدٍ.

وظَهَرَةُ المال: كَثْرَتُه.

والظَّاهِرُ: خِلَافُ البَاطِنِ، ظَهَرَ الأَمْرُ يَظْهَرُ ظُهُورًا، فهو ظاهِرٌ، وظَهِيرٌ، وقوله تعالَى: {وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ} قيل: ظاهِرُه المُخَالَّةُ على جِهَةِ الرّيبَةِ، قال الزّجّاج: والذي يَدُلّ عليه الكلامُ ـ والله أَعلم ـ أَن المَعْنَى: اترُكُوا الإِثْمَ ظَهْرًا وبَطْنًا؛ أَي لا تقرَبُوا ما حَرَّمَ الله جَهْرًا وسِرًّا.

والظَّاهِرُ: من أَسْمَاءِ الله تَعالَى الحُسْنَى، قال ابنُ الأَثِير: هو الذي ظَهَرَ فوقَ كلّ شيْ‌ءٍ، وعَلَا عليه، وقيل: عُرِفَ بطَرِيقِ الاستدلالِ العَقْلِيّ بما ظَهَرَ لهم من آثارِ أَفعالِه وأَوْصَافِه.

والظَّاهِرَةُ، بالهَاءِ، من الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبِلُ كُلَّ يَومٍ نِصْفَ النَّهارِ، يقال: إِبِلُ فُلانٍ تَرِدُ الظَّاهِرَةَ، وزاد شَمِرٌ: وتَصْدُرُ عند العَصْرِ، يقال: شَاؤُهُم ظَوَاهِرُ، والظَّاهِرَةُ: أَن تَرِدَ كلَّ يومٍ ظُهْرًا.

والظَّاهِرةُ: العَيْنُ الجاحِظَةُ. البصر: وهي التي مَلأَتْ نُقْرَة العَيْنِ، وهي خلافُ الغائِرَةِ.

والظَّواهِرُ: أَشْرَافُ الأَرْضِ، جَمعُ شَرَف، مُحَرَّكةً، لِمَا أَشْرَفَ منها.

وفي الحديث ذِكْرُ قُرَيْش الظَّوَاهِرِ، قال ابنُ الأَعرابيّ، وهم النّازِلُونَ بظَهْرِ جِبَالِ مَكَّةَ، شَرَّفها الله تعالَى، وقُرَيْشُ البِطَاحِ: هم النّازِلُونُ بِبِطَاحِ مَكَّةَ، قال: وهم أَشْرَفُ وأَكرمُ مِن قُرَيْشِ الظّواهِرِ، وقال الكُمَيْتُ:

فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطَا *** حِ وحَلَّ غيرُكَ بالظَّوَاهِرْ

قال خالِدُ بن كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ البِطَاحِ: بَطْنُ مَكَّةَ، وذلِك أَنّ بنِي هاشِم، وبَنِي أَمَيَّةَ، وسَادَةَ قُرَيْش نُزُولٌ ببَطْنِ مَكَّةَ، ومَنْ كانَ دونَهُم فهم نُزُولٌ بظَوَاهِرِ جِبَالِها، ويقال: أَرادَ بالظَّوَاهِرِ: أَعْلَى مكّةَ. والبَعِيرُ الظِّهْرِيُّ، بالكسر، هو المُعَدُّ للحاجَةِ إِن احْتِيجَ إِليه، نُسِبَ إِلى الظَّهْرِ على غير قِياسٍ، يقال: اتَّخِذْ مَعَكَ بَعِيرًا أَو بَعِيرَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ؛ أَي عُدَّةً.

وقد ظَهَرَ بهِ، واسْتَظْهَرَه، قال الأَزهريّ: الاسْتِظْهَارُ: الاحتياطُ واتّخاذُ الظِّهْرِيّ من الدّوابّ عُدَّةً للحاجةِ إِليه احتِياطٌ؛ لأَنّه زِيَادَةٌ على قَدْرِ حاجَةِ صاحِبِه إِليه، وإِنما الظِّهْريُّ: الرجلُ يكونُ مَعَهُ حاجتُه من الرِّكَابِ لحُمُولَتِه فيحْتاطُ لسَفَرِه، ويَعُدُّ بَعِيرًا أَو بَعِيرَيْن أَو أَكثرَ فُرَّغًا تكون مُعَدَّةً لاحتمالِ ما انقَطَع مِن رِكَابِه ثم يقال: استَظْهَرَ ببَعِيرَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ مُحتاطًا بهما، ثم أُقيم الاسْتِظْهارُ مُقَامَ الاحتياطِ في كلِّ شيْ‌ءٍ.

وقيل: سُمِّيَ ذلِك البَعِيرُ ظِهْرِيًّا؛ لأَنّ صاحبَه جَعَلَه وَرَاءَ ظَهْرِه، ولمْ يَركَبْهُ، ولم يَحمِلْ عليه، وتَرَكَه عُدَّةً لحاجتِه إِن مَسَّتْ إِليه، ومنه قوله عزّ وجلّ حِكَايَةً عن شُعَيْب: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا}.

الجمع: ظَهَارِيُّ، مُشَدَّدَةً مَمنوعَةً من الصّرْفِ؛ لأَنّ ياءَ النّسْبَةِ ثابتَةٌ في الواحِدِ، كذا في الصّحاح.

ومن المَجَاز: ظَهَرَ بحَاجَتِي، كمَنَعَ، وظَهَّرَها، بالتَّشْدِيد، وفي بعض النُّسخ بالتّخفيفِ، وأَظْهَرَهَا إِظْهَارًا، واظَّهَرَها، كافتعل: جَعَلَها بِظَهْرٍ؛ أَي وَرَاءَ ظَهْر، واستَخَفّ بها، تَهاوُنًا بها، كأَنّه أَزالَهَا ولم يَلْتَفِتْ إِليها.

واتَّخَذَها ظِهْرِيًّا وظِهْرِيَّةً؛ أَي خَلْفَ ظَهْر، كقوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ} قال الفَرَزْدَق:

تَميمُ بنَ قَيْس لا تَكُونَنَّ حاجَتِي *** بظَهْرٍ فلَا يَعْيَا عَليَّ جَوَابُهَا

وقال ابنُ سِيدَه: واتَّخَذَ حاجَتَه ظِهْرِيًّا: استهانَ بها، كأَنَّه نَسَبَها إِلى الظَّهْرِ، على غير قياسٍ، كما قالُوا في النَّسب إِلى البَصْرَة بِصْرِيّ.

وقال ثعلبٌ: يقالُ للشيْ‌ءِ الذي لا يُعْنَى به: قد جَعَلْتُ هذا الأَمْرَ بظَهْر، ورمَيْتُه بظَهْر، وقولهم: لا تَجْعَلْ حاجَتِي بظَهْرٍ؛ أَي لا تَنْسَها.

وقال أَبو عُبَيْدَة: جَعلْتُ حاجَتَه بظَهْر؛ أَي بظَهْرِي خَلْفِي، ومنه قوله تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا} هو استهانَتُك بحاجةِ الرَّجل.

وجَعَلَني بظَهْرٍ: طَرَحَنِي.

وظَهَرَ الشيْ‌ءُ ظُهُورًا، بالضّمّ: تَبَيَّنَ، والظُّهُورُ: بُدُوُّ الشيْ‌ءِ المَخْفِيّ، فهو ظَهِيرٌ وظاهِرٌ، قال أَبو ذؤيب:

فإِنّ بَنِي لِحْيَانَ إِمّا ذَكَرْتَهم *** نَثَاهُم إِذَا أَخْنَى اللِّئَامُ ظَهِيرُ

ويُرْوَى «طَهِير»، بالطّاءِ المهملة، وقد تقدّم.

وقد أَظْهَرْتُه أَنا؛ أَي بَيَّنْتُه.

ويقال: أَظْهَرَنِي الله على ما سُرِقَ مِنِّي؛ أَي أَطْلَعَنِي عليه.

وظَهَرَ عليَّ: أَعانَنِي، قاله ثعلبٌ.

وظَهَرَ بهِ وعَلَيْهِ، يَظْهَر: غَلَبَه وقَوِيَ، وفُلانٌ ظاهِرٌ على فُلانٍ؛ أَي غالِبٌ، وظَهَرْتُ على الرَّجُل: غَلَبْتُه، وقوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ} أَي غالِبِين عالِينَ، من قَوْلك: ظَهَرْتُ على فُلانٍ؛ أَي عَلَوْتُه وغَلَبْتُهُ.

وهذا أَمْرٌ أَنتَ بهِ ظاهِرٌ؛ أَي أَنت قَوِيٌّ عليه.

وهذا أَمْرٌ ظاهِرٌ بِكَ، غالِبٌ عليك.

وقيل: الظُّهُور: الظَّفَرُ بالشيْ‌ءِ، والاطّلاعُ عليه.

وقال ابن سيده: ظَهَرَ عليهِ يَظْهَرُ ظُهُورًا، وأَظْهَرَه الله عَلَيْه. وظَهَرَ بفُلانٍ: أَعْلَنَ بهِ، هكذا في سائر النسخ، والذي في كتاب الأَبْنِيَةِ لابنِ القَطّاع: وأَظْهَرْتُ بفُلانٍ: أَعْلَيْتُ به، هكذا بالتّحتِيّة بدل النون، وصحّح عليها، ومثْله في اللّسان، فإِنه قال فيه: وظَهَرْتُ البَيْت: عَلَوْتُه، وأَظْهَرْتُ بفلانٍ: أَعْلَيْتُ بهِ، ففي كلامِ المُصنِّف مخالفةٌ من وَجْهَيْن، فانظرْ ذلك.

ويُقَال أَيضًا: أَظَهَرَ الله المُسْلمِينَ على الكافِرِين؛ أَي أَعْلاهُم عليهم.

ومن المَجَاز: هو نازِلٌ بَيْنَ ظَهْرَيْهِم وظَهْرَانَيْهِم، ولا تُكْسَرُ النّونُ، وكذا بين أَظْهُرِهِمْ؛ أَي وَسَطَهُم وفي مُعْظَمِهِمْ.

قال ابنُ الأَثِير: قد تَكرّرت هذه اللفظةُ في الحَدِيثِ، والمُرادُ بها أَنّهم أَقامُوا بينَهُم على سَبيلِ الاسْتِظْهارِ والاسْتِنَادِ إِليهم، وزِيدَت فيه أَلِفٌ ونون مفتوحة تأْكيدًا، ومعناه أَنّ ظَهْرًا منهم قُدّامَه وظَهْرًا وراءَه، فهو مَكْنُوفٌ من جانِبَيْه، ومن جَوَانِبِه، إِذَا قيل: بين أَظْهُرِهِمْ ثمَّ كَثُرَ حتّى استُعْمِل في الإِقامةِ بين القومِ مُطْلَقًا.

ولَقِيتُه بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ، والظَّهْرَانَيْنِ؛ أَي في اليَوْمَيْنِ، أَو الثَّلاثَة، أَو في الأَيّام، وهو من ذلك، وكُلُّ ما كانَ في وَسَطِ شَيْ‌ءٍ ومُعْظَمِه فهو بَيْن ظَهْرَيْه وظَهْرَانَيْهِ.

ورَوَى الأَزْهَريُّ عن الفَرّاءِ: فُلانٌ بين ظَهْرَيْنَا، وظَهْرَانَيْنَا، وأَظْهُرِنَا، بمَعْنًى واحدٍ، قال: ولا يجوزُ بين ظَهْرَانِينا، بكسر النون.

ويقال: رأَيته بين ظَهْرَانَيِ اللَّيْلِ، يَعْنِي بينَ العِشَاءِ إِلى الفَجْرِ.

وقال الفَرّاءُ: أَتَيْتُه مَرَّةً بين الظَّهْرَيْنِ: يَومًا من الأَيام، قال: وقال أَبو فَقْعَس: إِنّمَا هو يَوْمٌ بَيْنَ عامَيْنِ، ويقال للشيْ‌ءِ إِذا كانَ في وَسَط شَيْ‌ءٍ: هو بَيْنَ ظَهْرَيْهِ وظَهْرَانَيْهِ.

والظُّهْرُ، بالضَّمّ: سَاعَةُ الزَّوَالِ؛ أَي زَوالِ الشَّمْسِ من كَبِدِ السّمَاءِ، ومنه: صَلاةُ الظُّهْرِ.

وقال ابنُ الأَثِيرِ: هو اسمٌ لنِصْفِ النَّهَار، سُمِّيَ به من ظَهِيرَةِ الشَّمْسِ، وهو شِدَّةُ حَرِّهَا.

وقيل: إِنما سُمِّيَت لأَنَّهَا أَوَّلُ صَلاةٍ أُظْهِرَتْ وصُلِّيَتْ.

والظُّهْرَةُ، بهاءٍ: السُّلَحْفاةُ، نقله الصاغانيّ.

والظَّهِيرَةُ: الهاجِرةُ، يقال: أَتَيْتَهُ حَدَّ الظَّهِيرَةِ، وحينَ قامَ قائِمُ الظَّهيرَةِ. وقال ابنُ الأَثِير: هو شِدَّةُ الحَرِّ نِصْفَ النّهَارِ.

وقال ابنُ سِيدَه: الظَّهِيرَةُ: حَدُّ انْتِصَافِ النَّهارِ وقال الأَزْهَرِيّ: هما واحدٌ، أَو إِنّمَا ذلِكَ في القَيْظِ. ولا يُقَال في الشّتاءِ: ظَهِيرَةٌ، صرَّحَ به ابنُ الأَثِيرِ وابنُ سِيدَه.

وجَمْعُها الظَّهَائرُ، ومنه‌حديث عُمَرَ: «أَتاهُ رَجُلٌ يَشْكُو النِّقْرِسَ، فقال: كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ» أَي عليك بالمَشْيِ في الظّهائِرِ في حَرِّ الهَوَاجِرِ.

وأَظْهَرُوا: دَخَلُوا فِيهَا، ويقال دَخَلُوا في وَقْتِ الظُّهْرِ، كما يُقَال: أَصْبَحْنَا، وأَمْسَيْنَا. في الصّباحِ والمَسَاءِ، وفي التّنْزِيلِ العزيزِ: {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} قال ابن مُقبل:

فَأَضْحَى له جُلْبٌ بأَكْنافِ شُرْمَةٍ *** أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ من الوَبْلِ أَفْصَحُ

وأَظْهَر في غُلّانِ رَقْدٍ وسَيْلُه *** عَلَاجِيمُ لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ

يعني أَنّ السّحَابَ أَتَى هذا المَوضعَ ظُهْرًا.

ويقال: أَظْهَر القَوْمُ، إِذا سَارُوا فِيهَا؛ أَي في الظَّهِيرَةِ، أَو وقت الظُّهْر، قاله الأَصمعِيُّ. كظَهَّرُوا تَظْهِيرًا، يقال:

أَتانِي مُظْهِرًا، ومُظَهِّرًا؛ أَي في الظَّهيرةِ، قال الأَزهريُّ:

ومُظْهِرٌ بالتَّخْفِيف هو الوَجْه، وبه سُمِّيَ الرجلُ مُظْهِرًا.

وتَظَاهَرُوا: تَدابَرُوا، كأَنَّه وَلَّى كلُّ واحدٍ منهم ظَهْرَه للآخَرِ. وتَظَاهَرُوا عليه: تَعَاوَنُوا، ضِدٌّ.

والظَّهِيرُ كَأَمِيرٍ: المُعِينُ، الواحِدُ والجَمِيعُ في ذلك سَوَاءٌ، وإِنما لم يُجْمَع ظَهِيرٌ؛ لأَنَ فَعِيلًا وفَعُولًا قد يَستوِي فيهما المذكّر والمؤَنّث والجمْع، كما قال عزّ وجَلّ: {إِنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ} وقال عزّ وجلّ {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} قال ابنُ سِيدَه: وهذا كما حَكَاه سِيبَوَيْه من قولهم للجماعة: هم صَدِيقٌ، وهم فَرِيقٌ.

وقال ابنُ عَرَفَةَ في قوله عَزَّ وجَلّ: {وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيرًا}؛ أَي مُظَاهِرًا لأَعداءِ الله تعالى.

كالظُّهْرَةِ، بالضّمّ، والظِّهْرَةِ، بالكسر، وهذه عن كُرَاع، وقد تَقدَّم، وفَسَّرَه هناك بالعَوْنِ، وتقدّم أَيضًا إِنشادُ قَوْلِ تَمِيم في الظِّهْرَةِ.

ويقال: هُمْ في ظِهْرَةٍ واحِدَةٍ أَي يَتَظَاهَرُونَ على الأَعداءِ.

ويقال: جاءَنَا في ظُهْرَتِهِ، بالضّمّ وبالكَسْرِ وبالتَّحْرِيكِ، وظاهِرَتِهِ؛ أَي في عَشِيرَتِهِ وقَوْمِه ونَاهِضَتِه الذين يُعِينُونَه.

وظاهَرَ عَلَيْهِ: أَعانَ.

واسْتَظْهَرَه عليهِ: اسْتَعانَهُ.

واسْتَظْهَرَ عَلَيْه بِهِ: اسْتَعَانَ، ومنْهُ حديث عليٍّ كرّمَ الله وَجْهَهُ: «يَسْتَظْهِرُ بحُجَجِ الله وبِنِعْمَتِه على كِتَابِهِ».

ومن المَجَاز: قَرَأَه مِنْ ظَهْرِ القَلْبِ؛ أَي قَرَأَه حِفْظًا بلا كِتَابٍ.

ويقال: حَمَلَ فُلانٌ القُرْآنَ على ظَهْرِ لِسَانِه، كما يُقَال: حَفِظَه عَنْ ظَهْرِ قَلْبِه.

وقد قَرَأَه ظَاهِرًا.

ويقال: ظَهَرَ على القُرْآنِ: اسْتَظْهَرَه؛ أَي حَفِظَه وقَرَأَه ظاهِرًا.

ومن المَجَاز: أَظْهَرتُ على القُرْآنِ، وأَظْهَرْتُه، هكذَا في سائِر النَّسخ عندنا بإثبات الهمز في الاثنين، والصواب في الأَوّل ظَهَرْتُ من باب مَنَع، كما رأَيتُه هكذا في التَّكْمِلَة مجَوَّدًا مُصَحَّحًا وعزَاه للفَرّاءِ؛ أَي قَرَأْتُه على ظَهْرِ لِسَانِي، وهو مَجَاز.

والظِّهارَةُ، بالكسر: نَقِيضُ البِطَانَةِ، فظِهَارَةُ الثّوْب: ما عَلَا منه وظَهَر، ولمْ يَلِ الجَسَدَ، وبِطَانَتُه: ما وَلِيَ منه الجَسَدَ وكانَ داخِلًا، وكذلك ظِهَارَةُ البِسَاطِ، وبِطَانَتُه ممّا يَلِي الأَرْضَ.

ويُقَال: ظَهَرْتُ الثَّوْبَ، إِذا جعَلْتَ له ظِهَارَةً، وبَطَنْتُه.

إِذا جعَلْتَ له بِطَانَةً، وجَمْعُهما: ظَهَائِرُ وبَطَائِنُ.

وظَاهَرَ بَيْنَهُمَا؛ أَي بينَ نَعْلَيْنِ، وثَوْبَيْنِ: لَبِسَ أَحدَهم على الآخر، وذلك إِذا طارَقَ بينهما وطَابَقَ، وكذلك ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْنِ.

وقيل: ظَاهَرَ الدِّرْعَ: لأَمَ بعضَهَا على بَعْضٍ، وفي الحَدِيث: «أَنّه ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَ أُحُد»؛ أَي جَمَع ولَبِسَ إِحْداهُمَا فوقَ الأُخْرَى، وكأَنَّه من التَّظَاهُرِ والتَّعَاوُنِ والتساعُد، قاله ابنُ الأَثِير، ومنه قولُ وَرْقاءَ بنِ زُهَيْرٍ:

فَشُلَّتْ يَمِينِي يَومَ أَضْرِبُ خالدًا *** ويَمْنَعُه مِنِّي الحَدِيدُ المُظَاهَرُ

وعَنَى بالحَدِيد هنا الدِّرْعَ.

ومن المَجَاز: الظِّهَارُ من النِّسَاءِ، ككِتَاب هو قَوْلُه؛ أَي الرجل، لامْرَأَتِه: أَنْتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أُمِّي، أَو كظَهْرِ ذات رَحم، وكانت العربُ تُطَلِّقُ نِسَاءَهَا بهذِه الكَلِمَة، وكان في الجاهِليَّة طَلاقًا، فلما جاءَ الإِسلامُ نُهُوا عنها، وأَوجَب الكَفّارة على من ظَاهَرَ من امرأَتِهِ، وهو الظِّهَارُ، وأَصلُه مأْخُوذٌ من الظَّهْرِ، وإِنّمَا خَصُّوا الظَّهْرَ دونَ البَطْنِ والفَخْذِ والفَرْج، وهذه أَوْلَى بالتّحْرِيم؛ لأَن الظَّهْرَ مَوضعُ الرُّكُوبِ، والمَرْأَةُ مَرْكُوبَةٌ إِذا غُشِيَتْ، فكأَنَّه إِذا قال: أَنْت عليَّ كظَهْرِ أُمِّي، أَرادَ: رُكُوبُك للنِّكَاحِ عليَّ حَرامٌ، كرُكُوب أُمِّي للنِّكاحِ، فأَقَامَ الظَّهْرَ مُقَامَ الرُّكُوبِ، لأَنّه مَرْكُوبٌ، وأَقام الرُّكُوبَ مُقَامَ النِّكَاحِ؛ لأَنّ النّاكحَ راكِبٌ، وهذا من لَطِيفِ الاستِعَارَات للكِنَايَةِ.

قال ابنُ الأَثِير: قِيلَ: أَرادُوا أَنْتِ عليَّ كبَطْنِ أُمِّي؛ أَي كجِمَاعِهَا، فكَنْوَا بالظَّهْرِ عن البَطْنِ للمُجَاوَرَةِ، وقالَ: وقيل: إِنّ إِتْيَانَ المَرْأَةِ وظَهْرُهَا إِلى السماءِ كان حَرَامًا عندهُم، وكان أَهلُ المَدِينَةِ يقولون: إِذا أُتِيَت المَرْأَةُ ووَجْهُها إِلى الأَرضِ جاءَ الولدُ أَحْوَلَ، فلِقَصْدِ الرَّجلِ المُطَلِّق منهم إِلى التغليظِ في تَحْرِيمِ امرَأَتِه عليه شَبَّهَها بالظَّهْرِ، ثم لم يَقْنَعْ بذلك حتّى جَعَلَهَا كظَهْرِ أُمِّهِ.

وقد ظاهرَ مِنْهَا مُظَاهَرَةً وظِهَارًا، وتَظَهَّرَ، وظَهَّرَ تَظْهِيرًا، وتَظَاهَرَ، كلُّه بمَعْنًى، وقوله عَزَّ وجَلّ {وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ، مِنْ نِسائِهِمْ}، قرئَ يُظاهِرُونَ، وقُرِئَ يَظَّهَّرُونَ، والأصل يَتَظَهَّرُونَ، والمَعْنَى واحدٌ.

قال ابنُ الأَثِير: وإِنّمَا عُدِّيَ الظِّهَارُ بمِنْ لأَنَّهُم كانُوا إِذا ظاهَرُوا المَرْأَةَ تجَنَّبُوهَا، كما يتَجَنَّبُونَ المُطَلَّقَة ويَحْتَرِزُون منها، فكان قوله ظَاهَرَ من امرأَتِه أَي بَعُدَ واحْتَرَزَ منْهَا، كما قيل: آلَى من امْرَأَتِه، لمّا ضُمِّنَ معنَى التّبَاعِدُ عُدِّيَ بمِن.

والمَظْهَرُ: المَصْعَدُ، كلاهما مِثَالُ مَقْعَد، كذا ضبطه الصّاغانيّ، ويُوجَد هنا في بعضِ النُّسخ بضمّ الميمِ فيهما، وهو خَطَأٌ، قال النّابِغَةُ الجَعْدِيّ وأَنشَدَه رسولَ الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم:

بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنا وسَنَاؤُنَا *** وإِنّا لنَرْجُو فَوقَ ذلك مَظْهَرَا

فَغضِبَ، وقال: إِلى أَيْنَ المَظْهَرُ يا أَبَا لَيْلَى؟ فقال: إِلى الجَنَّةِ يا رَسولَ الله، قال: أَجَلْ إِن شاءَ الله تعالَى.

والظَّهَارُ، كسَحَابٍ: ظاهِرُ الحَرَّةِ وما أَشْرَفَ منها.

والظُّهَارُ، بالضّمِّ: الجَمَاعَةُ، هكذا نقلَه الصّاغانِيُّ، ولم يُبَيِّنْه، وتَبِعَه المصنِّف من غير تَنبيهٍ عليه مع أَنّه مذكورٌ في أَوّل المادّة.

وتحقيقه أَنّ الظُّهَارَ، بالضّمّ قيل مُفرد، وهو قَوْلُ اللَّيْث، ويقال: جَماعة، واحدُهَا ظَهْرٌ، ويجمع على الظُّهْرانِ، وهو أَفضلُ ما يُرَاشُ به السَّهْم، فتأَمَّل.

والظُّهَارِيَّةُ، مِن أُخَذِ الصِّرَاعِ، والأُخَذُ، بضمّ ففتح، جمع أُخْذَة، نقله الصّاغانيُّ. أَو هِيَ الشَّغْزَبِيَّةُ، يقال: أَخَذَه الظُّهَارِيَّةَ والشَّغْزَبِيَّةَ بمعنًى. أَوْ أَنْ تَصْرَعَه على الظَّهْرِ، وهذا الذي فسّر به الصّاغانِيّ قولَه: من أخَذِ الصِّرَاعِ، فهو قَولٌ واحِدٌ، والمصَنِّف أَتَى بأَو الدّالّةِ على التّنْوِيعِ والخِلافِ تكْثِيرًا للمّادة من غير فائِدَةٍ، كما هو ظاهر. وقال ابنُ شُمَيْلٍ: الظُّهَارِيَّةُ: أَنْ تَعْتَقلَه الشَّغْزَبِيَّة فتَصْرَعَه.

ومن المَجَاز: الظُّهَارِيَّة: نَوْعٌ من النِّكَاحِ، تَشْبيهًا بالشَّغْزَبِيَّةِ، وقد ذكرَه الصّاغانِيُّ.

وأَوْثَقَه الظُّهَارِيّةَ؛ أَي كَتَّفَه، قاله ابن بُزُرْج، وهو إِذَا شَدَّه إِلى خَلْفٍ، وهو من الظَّهْرِ.

وظَهْرَانُ كسَحْبانَ: قرية بالبَحْرَيْنِ وثَوْبٌ ظَهْرَانِيٌّ: منسوبٌ إِليها.

وظَهْرَانُ: جَبَلٌ لأَسَدٍ في أَطْرافِ القَنَانِ، وظَهْرانُ:

وادٍ قُرْبَ مَكَّةَ، بينها وبين عُسْفانَ، يُضَافُ إِليهِ مَرٌّ، بفتح الميم، فيقال: مَرُّ الظَّهْرَانِ، فمَرّ: اسمُ القَرْيَةِ، وظَهْرَانُ: الوادِي، وبمَرّ عُيُونٌ كِثيرَةٌ ونَخِيلٌ لأَسْلَمَ وهُذَيْلٍ وغاضِرَةَ، ويُعْرَف الآنَ بِوَادِي فاطِمَةَ، وهي إِحْدَى مناهِلِ الحاجِّ، قال كُثَيِّر:

ولَقَدْ حَلَفْتُ لَهَا يَمِينًا صادِقًا *** بالله عندَ مَحارِمِ الرَّحْمنِ

بالرّاقِصَاتِ على الكَلَالِ عَشِيَّةً *** تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرَانِ

العَرْمَضُ هنا صِغَارُ الأَرَاكِ، حكاه ابنُ سِيدَه عن أَبي حَنِيفَةَ.

ورَوَى ابنُ سِيرِين أَنّ أَبا مُوسَى الأَشْعَرِيّ كسا ثَوْبَيْنِ في كفّارَةِ اليَمِين ظَهْرَانِيًّا ومُعَقَّدًا، قال ابنُ شُمَيل: هو مَنْسُوبٌ إِلى مَرِّ الظَّهْرَانِ، وقيل: إِلى القَرْيَةِ الّتي بالبَحْرَيْنِ، وبهما، فُسِّرَ.

ومُظَهَّرٌ، كمُعَظَّم: جَدُّ عبدِ المَلِكِ بنِ قُرَيْب بن عبدِ المَلِك بنِ عليِّ بنِ أَصْمَعَ بنِ مُظَهَّرٍ الأَصْمَعِيّ، صاحِب الأَخْبَارِ، والنّوادِرِ، وقد تقَدَّم عامُ وِلادَتهِ ووَفَاته في المُقَدِّمَةِ، وضَبطَه الحافِظُ وغيرُه كمُحْسِنٍ.

وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: يقال: سَالَ وادِيهِمْ ظَهْرًا، بالفَتْح؛ أَي مِنْ مَطَرِ أَرْضِهِمْ وسالَ دُرْءًا، بالضَّمّ أَي من مَطَرِ غَيْرِهِمْ، هكذا في النُّسخ، ونصّ ابن الأَعْرَابِيّ: من غير مَطَرِ أَرضِهِم.

وقال مَرَّةً: سالَ الوَادِي ظُهْرًا، كقَوْلك ظَهْرًا. وقال غَيْرُه: سالَ الوَادِي ظَهْرًا، إِذا سالَ بمَطَرِ نَفْسِه، فإِن سالَ بمَطَرِ غيرِهِ قيل: سال ذَرْءًا. قال الأَزهَريُّ: وأَحسَبُ الظُّهْرَ بالضَّمّ أَجودُ؛ لأَنّه أَنشد:

ولو دَرَى أَنَّ ما جَاهَرْتَنِي ظُهُرًا *** ما عُدْتُ ما لأْلأَتْ أَذْنَابَهَا الفُؤُرُ

ويقال: أَصَبْتُ مِنْه مَطَرَ ظَهْرٍ، بالإِضافَة؛ أَي خَيْرًا كَثِيرًا، نقله الصّاغانِيّ.

ويقال: لِصٌّ عادِي ظَهْرٍ، بالإِضافَة؛ أَي عَدَا في ظَهْرٍ فَسَرَقه. وقال الزَّمَخْشَريُّ: عَدَا في ظَهْرِه: سَرَقَ ما وَرَاءَه.

وبَعِيرٌ مُظْهِرٌ، كمُحْسِن: هَجَمَتْهُ الظَّهِيرَةُ، نقله الصّاغانِي.

ومن المَجَاز: هو يَأْكُلُ على ظَهْرِ يَدِي؛ أَي أُنْفِقُ عَلَيْهِ، والفُقَراءُ يأْكُلُونَ على ظَهْر أَيْدِي النّاسِ.

وكزُبَيْرٍ: ظُهَيْرُ بْنُ رافِعِ بن عَدِيٍّ الأَنْصَاريُّ الأَوْسِيُّ الصّحابِيُّ، عَقَبِيٌّ أُحُدِيٌّ، روى عنه رافِعُ بنُ خَدِيج وجَمَاعَةٌ، منهم من الصحابَة: ظُهَيْرُ بنُ سِنَانٍ الأَسَدِيّ حِجَازِيٌّ، له ذِكْرٌ في حديثٍ غريب.

وأَبُو ظُهَيْر: عَبْدُ الله بنُ فَارِسٍ العُمَرِيُّ، شَيْخُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ السُّلَمِيِّ، هكذا ضَبَطَه السِّلَفيُّ.

وكأَمِير، الإِمام مَجْدُ الدّينِ أَبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ عُمَرَ بنِ شاكِرٍ، عُرِفَ بابنِ الظَّهِيرِ، الإِرْبِلِيُّ الحَنَفِيُّ الأَدِيبُ، ولد بإِرْبِلَ سنة 632 سمع بدِمَشْقَ العَلَمَ السَّخَاوِيّ، وكَرِيمَةَ، وابنَ اللَّتِّيّ، وعنه الدِّمْيَاطِيُّ، والمِزِّيُّ، وله من بَدِيع الاستطراد قوله:

أَجازَ ما قَدْ سَأَلُوا *** بشَرْطِ أَهْلِ السَّنْدِ

محمَّدُ بنُ أَحْمَدَ *** بنِ عُمَرَ بنِ أَحْمَدِ

وله ديوان شِعر، وتُوُفِّي في سنة 677. ومُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيل بنِ الظَّهِيرِ الحَمَوِيّ، اشتغلَ بحَمَاةَ، وحَدَّثَ. مُحَدِّثانِ.

* وممّا يستدرك عليه:

قَلَّبَ الأَمْرَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَهُ، كذلِك يقول المُدَبِّرُ للأَمْرِ.

وَقلَّب فلانٌ أَمْرَهُ ظَهْرًا لبَطْن، وظَهْرَهُ لبَطْنِه، وظَهْرَه للبَطْنِ، وهو مَجاز، قال الفَرَزْدَقُ:

كيْفَ تَرانِي قالِبًا مِجَنِّي *** أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه للبَطْنِ

وإِنما اختار الفَرَزْدَقُ هُنَا «للبَطْنِ» على قولِه: لِبَطْنِ؛ لأَنّ قوله: ظَهْرَه معرفةٌ، فأَراد أَن يَعطِفَ عَلَيْه معرفةً مثلَه وإِن اخْتَلَفَ وَجْهُ التعريف.

وبَعِيرٌ ظَهِيرٌ: لا يُنْتَفَعُ بظَهْرِه من الدَّبَرِ. وقيل: هو الفَاسِدُ الظَّهْرِ من دَبَرٍ أَو غيرِه، رواه ثعلبٌ.

وبعير ظَهِيرٌ: قَوِيٌّ، قاله اللَّيْثُ، وذَكَرَه المصنف، فهما ضدٌّ. ويقال: أَكَلَ الرجلُ أَكْلَةً ظَهَرَ منها ظَهْرَةً؛ أَي سَمِنَ منها.

وفي الحديث: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى»؛ أَي ما كان عَفْوًا قد فَضَلَ عن غِنًى، وقال أَيُّوب: عن فَضْلِ عِيَالٍ.

قال الفَرّاءُ: العَربُ تقولُ: هذا ظَهْرُ السّماءِ، وهذا بَطْنُ السَّماءِ، لظاهِرِها الذي تَرَاه.

قال الأَزهرِيّ: وهذا جاءَ في الشَّيْ‌ءِ ذي الوَجْهَيْنِ الذي ظَهْرُه كبَطْنِه، كالحَائِطِ القائِمِ، لمَا وَلِيَكَ يقال بَطْنُه، ولما وَلِيَ غَيرَكَ يقال ظَهْرُه، وهو مَجَاز.

وظَهَرْتُ البَيْتَ: عَلَوْتُه، وبه فُسِّرَ قوله تعالى: {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} أَي ما قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عليه؛ لارتفاعه. وقوله تعالى: {وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ} أَي يَعْلُونَ.

وحاجَتُه عندَك ظاهِرَةٌ؛ أَي مُطَّرَحَةٌ ورَاءَ الظَّهْر.

وجَعَلَنِي بظَهْرٍ؛ أَي طَرَحَنِي، وهو مَجاز، وقوله جَلّ وعَزّ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ} أَي لم يَبْلُغُوا أَنْ يُطِيقُوا إِتْيَانَ النِّسَاءِ، وهو مَجاز، ومن ذلك قولُ الشاعرِ:

خَلَّفْتَنَا بينَ قَوْمٍ يَظْهَرُونَ بِنَا *** أَمْوالُهُم عازِبٌ عنّا ومَشْغُولُ

وقوله جلّ وعَزّ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها}، رَوَى الأَزْهَرِيّ عن ابنِ عبّاس قالَ: الكَفُّ والخَاتَمُ والوَجْهُ، وقالت عائِشَةُ: الزّينَةُ الظّاهِرَةُ: القُلْبُ والفَتَخةُ، وقال ابنُ مسعود: الثِّيَابُ، وهو أَصَحُّ الأَقْوَالِ، كما أَشار إِليه الصّاغانيّ، وقال: إِنّ فيه سبعَةَ أَقوالٍ.

وظَهَرَت الطَّيْرُ من بَلَدِ كذا إِلى بَلَدِ كذا، إِذا انْحَدَرَتْ منه إِليه، وخَصّ أَبو حَنِيفَةَ به النَّسْرَ.

وفي كتابِ عُمَرَ رضي ‌الله‌ عنه إِلى أَبي عُبَيْدَةَ: «فاظْهَرْ بمَنْ مَعَكَ من المُسْلِمِينَ إِليهَا» أَي اخرُجْ بهِم إِلى ظاهِرِهَا، وابرُزْ بِهِم، وفي حديث عائِشَةَ: «كان يُصَلِّي العَصْرَ في حُجْرَتِي قبلَ أَن تَظْهَر». تَعْنِي الشَّمْسَ؛ أَي تَعْلُوَ وتَظْهَر، أَو ترتفع.

وقال الأَصمعيّ: يقال: هاجَت ظُهُورُ الأَرْضِ، وذلِك ما ارْتَفَعَ منها، ومعنَى هاجَتْ: يَبِسَ بَقْلُهَا، ويقال: هاجَتْ ظَوَاهِرُ الأَرْضِ.

وقال ابنُ شُمَيْل: ظاهِرُ الجَبَلِ: أَعلَاه، وظاهِرَةُ كلّ شَيْ‌ءٍ: أَعلَاه، اسْتَوَى أَو لم يَسْتَوِ ظاهِرُه.

وفي الأَساس: الظّاهِرَةُ: الأَرضُ المُشْرِفَةُ. انتهى.

وإِذا عَلَوْتَ ظَهْرَ الجَبَلِ فَأَنْتَ فوقَ ظاهِرَتِه.

والظُّهْرَانِ بالضَّمّ: جَنَاحَا الجَرادَةِ الأَعْلَيَانِ الغَلِيظَانِ، عن أَبي حنيفةَ.

وظَاهَرَ به: اسْتَظْهَرَ.

وظاهَرَ فُلانًا: عاوَنَه ونَصَرَه.

وقال الأَصْمَعِيُّ: هو ابنُ عَمِّه دِنْيَا، فإِذَا تَبَاعَدَ فهو ابنُ عَمِّه ظَهْرًا، بالفَتْح، وهو مَجَاز.

وفُلانٌ من وَلَدِ الظَّهْرِ؛ أَي ليس مِنّا، وقيل: معناه أَنّه لا يُلْتَفَتْ إِليهِم قال أَرْطَاةُ بنُ سُهَيَّةَ:

فمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنَا *** وَجَدْنَا بَنِي البَرْصَاءِ مِن وَلَدِ الظَّهْرِ

ونَسبه الجَوْهَرِيُّ إِلى الأَخْطَل، وأَنكرَه الصّاغانيُّ؛ أَي من الذين يَظْهَرُون بهم ولا يَلْتَفِتُون إِلى أَرْحَامِهِم.

وفُلانٌ لا يَظْهَرُ عليه أَحَدٌ؛ أَي لا يُسَلِّمُ، وهو مجاز.

وأَظْهَرَنا الله على الأَمرِ: أَطْلَعَ.

وقَتَلَه ظَهْرًا؛ أَي غِيلَةً، عن ابنِ الأَعرابيّ. وقوله تعالى: {إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} أَي يَطَّلِعُوا ويَعْثُرُوا.

وهذا أَمرٌ ظاهِرٌ عنك عارُه؛ أَي زائِلٌ، وهو مَجَاز، وقيل: ظاهِرٌ عنك؛ أَي ليس بلازِمٍ لك عَيْبُه، قال أَبو ذؤَيب:

أَبَى القَلْبُ إِلَّا أُمَّ عَمْرٍو فأَصْبَحَتْ *** تُحَرَّقُ نارِي بالشّكاةِ ونارُهَا

وعَيَّرَهَا الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها *** وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عنكَ عارُهَا

ومعنَى «تُحَرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ» أَي قد شاعَ خَبَرِي وخَبَرُهَا وانتَشَرَ بالشَّكاةِ والذِّكْرِ القَبِيحِ.

ويقال: ظَهَرَ عني هذا العَيْبُ، إِذا لم يَعْلَقْ بي ونَبَا عنّي، وفي النِّهَايَةِ: إِذا ارْتَفَع عنك، ولم يَنَلْكَ منه شيْ‌ءٌ، وفي الأَساس: لم يَعْلَقْ بك.

وقيل لابْنِ الزُّبَيْرِ: يا ابْنَ ذاتِ النِّطاقَيْنِ، تَعْيِيرًا له بِهَا، فقال مُتَمَثِّلًا:

وتِلْكَ شَكَاةٌ ظاهِرٌ عنْكَ عارُهَا

أَرادَ أَنّ نِطاقَهَا لا يَغُضُّ منها ولا منه فيُعَيَّرَ به، ولكنّه يَرفَعُه فيَزِيدُه نُبْلًا.

والاسْتِظْهَارُ: الاحتِيَاطُ والاسْتِيثَاقُ وهو مَجاز، ومنه قول الفُقَهَاءِ: إِذا اسْتُحِيضَت المَرْأَةُ واستَمَرّ بها الدَّمُ فإِنها تَقْعُدُ أَيّامَهَا للحَيْضِ ولا تُصَلِّي، ثم تَغْتَسِلُ وتُصَلِّي، وهو مَأْخُوذٌ من البَعِيرِ الظِّهْرِيِّ، ومنه‌الحَدِيثُ: «أَنّه أَمَرَ خُرّاصَ النَّخْلِ أَن يَسْتَظْهِرُوا» أَي يَحْتَاطُوا لأَرْبَابِهَا، ويَدَعُوا لهم قَدْرَ ما يَنُوبُهُم ويَنْزِلُ بهم من الأَضْيَافِ وأَبنَاءِ السَّبِيلِ.

وظَاهِرَةُ الغِبِّ: هي للغَنَمِ لا تَكَادُ تكونُ للإِبِلِ، وظَاهِرَةُ الغِبِّ: أَقْصَرُ من الغِبِّ قَليلًا.

والمُظْهِرُ، كمُحْسِنٍ اسمٌ.

وفي المُحْكَم مُظْهِرُ بنُ رَبَاح: أَحَدُ فُرْسانِ العَرَبِ وشُعَرائِهِمْ. والظَّوَاهِرُ: مَوضعٌ، قال كُثَيِّرُ عَزَّة:

عَفَا رَابِغٌ من أَهْلِهِ فالظَّوَاهِرُ *** فأَكْنَافُ تُبْنَى قَدْ عَفَتْ فالأَصافِرُ

وظَهُورٌ، كصَبُورٍ: مَوْضِعٌ بأَرْضِ مَهْرَةَ.

وشَرِبَ الفَرَسُ ظاهِرَةً؛ أَي كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ.

وظَهَّرَ فُلانٌ نَجْدًا تَظْهِيرًا: عَلَا ظَهْرَها. الثلاثَةُ نقَلَها الصّاغانِيّ.

وظاهِرٌ: لَقَبُ عبدِ الصَّمَدِ بن أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيّ المُحَدِّث، سمع ابنَ المُذَهَّبِ.

والمُسَمَّوْنَ بظاهِرٍ من المُحَدِّثِينَ كثِيرُون، أَورَدَهُم الحافِظُ في التّبْصِيرِ.

وأَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ الأَعَزِّ بنِ علِيٍّ البَغْدَادِيّ المعروفُ بابنِ الظَّهْرِيّ، بالفتح، من شيوخ الحافِظِ الدِّمْيَاطِيّ.

والظَّاهِرِيَّةُ: من الفُقَهَاءِ مَنسوبُون إِلى القَوْلِ بِالظَّاهِرِ، منهم داوودُ بنُ عَلِيّ بنِ خَلَف الأَصْبَهَانِيّ رئيسُهُم، رَوَى عن إِسْحَاقَ بنِ رَاهَوَيهِ، وأَبِي ثَوْرٍ، مات سنة 270 ببغْدَادَ.

والحافِظُ جَمَالُ الدّينِ الظَّاهِرِيّ، وآلُ بَيْتِه، منسوبون إِلى الظَّاهِرِ صاحِبِ حَلَبَ.

والشيخُ شِهَابُ الدّينِ الظّاهِريُّ الفقيهُ الشّافِعِيُّ، مَنْسُوبٌ إِلى الظّاهِرِ بِيبَرْسَ.

والظّاهِرَةُ: قريَةٌ باليَمَنِ، منها الشَّيْخُ الإِمامُ العالِمُ صِدِّيقُ بنُ محَمّد المِزْجاجِيّ الظّاهِرِيّ المُتَوفَّى بزَبِيدَ سنة 912.

وبَنُو ظَهِيرَةَ، كسَفِينَة: قَبِيلَةٌ بمكَّةَ، منهم حُفّاظٌ وعُلَمَاءُ ومُحَدِّثُونَ، وقد تَكَفَّلَ لبيانِ أَحْوَالِهِمْ كتابُ «البُدُورِ المُنِيرَة في السّادَةِ بني ظَهِيرَة».

والظِّهْرانِيُّ بالكسر: أَبُو القاسِمِ عليُّ بنُ أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ، رَوَى عن مَكْحُول البَيْرُوتِيّ، هكذا ذَكروه، ولم يُبَيِّنُوا. قلت: والصّوَابُ أَنّه بالفَتْحِ إِلى مَرِّ الظَّهْرَانِ؛ لكَوْنِه نَزَلَه، وسَمِعَ به الحَدِيثَ، والله أَعلم. ومُظْهِرُ بنُ رافِعٍ، كمُحْسِنٍ، صحابِيٌّ، بَدْرِيٌّ أَخُو ظَهِيرٍ الذي تقَدّم ذِكْرُه.

ومَعْقِلُ بنُ سِنَانِ بنِ مُظْهِرٍ الأَشْجَعِيّ صَحابِيٌّ مشهورٌ.

ومُظْهِرُ بنُ جَهْمِ بنِ كَلَدَة، عن أَبيه، وعنه حَفِيدُه أَبو اللَّيْثِ مُظْهِرٌ.

والحَارِثُ بنُ مَسْعُودِ بنِ عَبدةَ بنِ مُظْهِرِ بنِ قَيْسٍ الأَنْصَاريّ، له صُحْبَةٌ، قُتِلَ يومَ الجِسْرِ.

وحَبِيبُ بنُ مُظْهِرِ بنِ رِئابٍ الأَسَدِيّ، قُتِلَ مع الحُسَيْنِ بنِ عليٍّ، رضي ‌الله‌ عنهما.

ومُظَاهِرُ بنُ أَسْلَمَ، عن المَقْبُرِيّ.

وسِنَانُ بنُ مُظاهِرٍ: شَيْخٌ لأَبِي كُرَيْب.

وعبدُ الله بنُ مُظَاهِرٍ: حافِظٌ مشهور، تُوُفِّيَ سنة 304.

والظَّهْرين: قَرية باليَمَنِ، منها الإِمام الحافِظُ إِبراهِيمُ بنُ مَسْعُود، سمع الحَدِيثَ على الإِمام المُحَدِّثِ عبدِ الرّحمنِ بن حُسَيْنٍ النزيليّ بهِجْرَةِ القيريّ من أَعمالِ كَوْكَبَان، وانتهتْ إِليه الرِّحْلَةُ في زَمانِه في الحفظ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


82-لسان العرب (سكر)

سكر: السَّكْرَانُ: خِلَافَ الصَّاحِي.

والسُّكْرُ: نَقِيضُ الصَّحْوِ.

والسُّكْرُ ثَلَاثَةُ: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ يَسْكَرُ سُكْرًا وسُكُرًا وسَكْرًا وسَكَرًا وسَكَرَانًا، فَهُوَ سَكِرٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ.

قَالَ: وَمَنْ قَالَ هَذَا وجب عَلَيْهِ أَن يَصْرِفَ سَكْرَانَ فِي النَّكِرَةِ.

الْجَوْهَرِيُّ: لغةُ بَنِي أَسد سَكْرَانَةٌ، وَالِاسْمُ السُّكْرُ، بِالضَّمِّ، وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، وَالْجَمْعُ سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وَقَوْلُهُ تعالى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى}؛ وَقُرِئَ: " سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى "؛ التَّفْسِيرُ أَنك تَرَاهُمْ سُكَارَى مِنَ الْعَذَابِ وَالْخَوْفِ وَمَا هُمْ بِسُكَارَى مِنَ الشَّرَابِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تعالى: {وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}، وَلَمْ يقرأْ أَحد مِنَ الْقُرَّاءِ سَكَارَى، بِفَتْحِ السِّينِ، وَهِيَ لُغَةٌ وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا لأَن الْقِرَاءَةَ سنَّة.

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: النَّعْتُ الَّذِي عَلَى فَعْلَانَ يُجْمَعُ عَلَى فُعَالى وفَعَالى مِثْلُ أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وَقَوْمٌ غُيَارَى وغَيَارَى، وإِنما قَالُوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر مَا تَجِيءُ جَمْعًا لفَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ قَتِيلٍ وقَتْلى وَجَرِيحٍ وجَرْحَى وَصَرِيعٍ وصَرْعَى، لأَنه شُبِّهَ بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لِزَوَالِ عَقْلِ السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ فَلَا يُقَالُ فِي جَمْعِهِ غَيْرَ النَّشَاوَى، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَوْ قِيلَ سَكْرَى عَلَى أَن الْجَمْعَ يَقَعُ عَلَيْهِ التأْنيث فَيَكُونُ كَالْوَاحِدَةِ كَانَ وَجْهًا؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:

أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ، ***إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ وَلَا باسُ

وَقَوْلُهُ تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى}؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما قِيلَ هَذَا قَبْلَ أَن يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما عَنَى هُنَا سُكْرَ النَّوْمِ، يَقُولُ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ رَوْبَى.

ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دَائِمُ السُّكر.

ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كَثِيرُ السُّكْرِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لعمرو ابن قَمِيئَةَ:

يَا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه ***أَن قِيلَ يَوْمًا: إِنَّ عَمْرًا سَكُورْ

وَجَمْعُ السَّكِر سُكَارَى كَجَمْعِ سَكرْان لِاعْتِقَابِ فَعِلٍ وفَعْلان كَثِيرًا عَلَى الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ.

وَرَجُلٌ سِكِّيرٌ: لَا يَزَالُ سكرانَ، وَقَدْ أَسكره الشَّرَابُ.

وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ وَاسْتَعْمَلَهُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقَ:

أَسَكْرَان كانَ ابْنُ المَرَاغَةِ إِذ هَجَا ***تَمِيمًا، بِجَوْفِ الشَّامِ، أَم مُتَساكِرُ؟

تَقْدِيرُهُ: أَكان سَكْرَانَ ابْنُ الْمَرَاغَةِ فَحَذَفَ الْفِعْلَ الرَّافِعَ وَفَسَّرَهُ بِالثَّانِي فَقَالَ: كَانَ ابْنُ الْمَرَاغَةِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فَهَذَا إِنشاد بَعْضِهِمْ وأَكثرهم يَنْصِبُ السَّكْرَانَ وَيَرْفَعُ الْآخَرَ عَلَى قَطْعٍ وَابْتِدَاءٍ، يُرِيدُ أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَجْعَلُ اسْمَ كَانَ سَكْرَانُ وَمُتَسَاكِرُ وَخَبَرَهَا ابْنَ الْمَرَاغَةِ؛ وَقَوْلُهُ: وأَكثرهم يَنْصِبُ السَّكْرَانَ وَيَرْفَعُ الْآخَرَ عَلَى قَطْعٍ وَابْتِدَاءٍ يُرِيدُ أَن سَكْرَانَ خَبَرُ كَانَ مُضْمَرَةٍ تَفْسِيرُهَا هَذِهِ الْمُظْهَرَةُ، كأَنه قَالَ: أَكان سَكْرَانَ ابْنُ الْمَرَاغَةِ، كَانَ سَكْرَانَ وَيَرْفَعُ مُتَسَاكِرُ عَلَى أَنه خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ، كأَنه قَالَ: أَم هُوَ مُتَسَاكِرٌ.

وَقَوْلُهُمْ: ذَهَبَ بَيْنَ الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هُوَ بَيْنَ أَن يَعْقِلَ وَلَا يَعْقِلَ.

والمُسَكَّرُ: الْمَخْمُورُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ، ***ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا

وسَكْرَةُ الْمَوْتِ: شِدَّتُهُ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ}؛ سَكْرَةُ الْمَيِّتِ غَشْيَتُه الَّتِي تَدُلُّ الإِنسان عَلَى أَنه مَيِّتٌ.

وَقَوْلُهُ بِالْحَقِّ أَي بِالْمَوْتِ الْحَقِّ.

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ.

والسَّكْرَةُ: غَلَبَةُ اللَّذَّةِ عَلَى الشَّبَابِ.

والسَّكَرُ: الْخَمْرُ نَفْسُهَا.

والسَّكَرُ: شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والكَشُوثِ والآسِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّكَرُ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والكُشُوث يُطْرَحَانِ سَافًا سَافًا وَيَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ.

قَالَ: وَزَعَمَ زَاعِمٌ أَنه رُبَّمَا خُلِطَ بِهِ الْآسُ فَزَادَهُ شِدَّةً.

وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي السَّكَرِ الَّذِي فِي التَّنْزِيلِ: إِنه الخَلُّ وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَعْرِفُهُ أَهل اللُّغَةِ.

الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا "، قَالَ: هُوَ الْخَمْرُ قَبْلَ أَن يُحَرَّمَ وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ الزَّبِيبُ والتمر وما أَشبهها.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّكَرُ نقيع التَّمْرِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، وَكَانَ إِبراهيم وَالشَّعْبِيُّ وأَبو رَزِينٍ يَقُولُونَ: السَّكَرُ خَمْرٌ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: السَّكَرُ مِنَ التَّمْرِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ وَحْدَهُ: السَّكَرُ الطَّعَامُ؛ يَقُولُ الشَّاعِرُ: " جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا "أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْمًا لَكَ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا بِالْخَمْرِ أَشبه مِنْهُ بِالطَّعَامِ؛ الْمَعْنَى: جَعَلْتَ تَتَخَمَّرُ بأَعراض الْكِرَامِ، وَهُوَ أَبين مِمَّا يُقَالُ لِلَّذِي يَبْتَرِكُ فِي أَعراض النَّاسِ.

وَرَوَى" الأَزهري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتها، وَالرِّزْقُ مَا أُحِلَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا.

ابْنُ الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الِامْتِلَاءُ، والسَّكَرُ الْخَمْرُ، والسَّكَرُ النَّبِيذُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:

إِذا رَوِينَ عَلَى الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ ***نادَيْنَ: يَا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا

وَفِي الْحَدِيثِ: «حُرِّمَتِ الخمرُ بِعَيْنِهَا والسَّكَرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ»؛ السَّكَر، بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ: الْخَمْرُ المُعْتَصَرُ مِنَ الْعِنَبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ الأَثبات، ومنهم مَنْ يَرْوِيهِ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ، يُرِيدُ حَالَةَ السَّكْرَانِ فَيَجْعَلُونَ التَّحْرِيمَ للسُّكْرِ لَا لِنَفْسِ المُسْكِرِ فَيُبِيحُونَ قَلِيلَهُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَالْمَشْهُورُ الأَول، وَقِيلَ: السَّكَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، الطَّعَامُ؛ وأَنكر أَهل اللُّغَةِ هَذَا وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُهُ.

وَفِي حَدِيثِ أَبي وَائِلٍ: «أَن رَجُلًا أَصابه الصَّقَرُ فَبُعِثَ لَهُ السَّكَرُ فَقَالَ: إِن اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرُمَ عَلَيْكُمْ».

والسَّكَّار: النَّبَّاذُ.

وسَكْرَةُ الْمَوْتِ: غَشْيَتُه، وَكَذَلِكَ سَكْرَةُ الهَمِّ وَالنَّوْمِ وَنَحْوُهُمَا؛ وَقَوْلُهُ:

فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ عَلَيْنَا، ***فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صَاحِي

أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضَّمَّ الضَّمَّ لِيَسْلَمَ الْجَزْءُ مِنَ الْعَصْبِ، وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ سَكَرٌ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَمَنْ قَالَ سَكَرٌ عَلَيْنَا فَمَعْنَاهُ غَيْظٌ وَغَضَبٌ.

ابْنُ الأَعرابي: سَكِرَ مِنَ الشَّرَابِ يَسْكَرُ سُكْرًا، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَرًا إِذا غَضِبَ، وأَنشد الْبَيْتَ.

وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عَلَيْهِ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا}؛ أَي حُبِسَتْ عَنِ النَّظَرِ وحُيِّرَتْ.

وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: مَعْنَاهَا غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها الْحَسَنُ مُخَفَّفَةً وَفَسَّرَهَا: سُحِرَتْ.

التَّهْذِيبِ: قُرِئَ سُكِرت وسُكِّرت، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، وَمَعْنَاهُمَا أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فَيَتَخَايَلُ بأَبصارنا غَيْرَ مَا نَرَى.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ مُجَاهِدٌ إِلى أَن الأَبصار غَشِيَهَا مَا مَنَعَهَا مِنَ النَّظَرِ كَمَا يَمْنَعُ السَّكْرُ الْمَاءَ مِنَ الْجَرْيِ، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سُكِّرَتْ أَبصار الْقَوْمِ إِذا دِيرَ بِهِم وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فَلَمْ يُبْصِرُوا؛ وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: سُكِّرَتْ أَبصارُنا مأْخوذ مِنْ سُكْرِ الشَّرَابِ كأَن الْعَيْنَ لَحِقَهَا مَا يَلْحَقُ شَارِبَ المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ حُبِسَتْ وَمُنِعَتْ مِنَ النَّظَرِ.

الزَّجَّاجُ: يُقَالُ سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تَحَيَّرَتْ وسَكنت عَنِ النَّظَرِ، وسكَرَ الحَرُّ يَسْكُرُ؛ وأَنشد:

جَاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ، ***وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ

قَالَ أَبو بَكْرٍ: اجْثَأَلَّ مَعْنَاهُ اجْتَمَعَ وتقبَّض.

والتَّسْكِيرُ لِلْحَاجَةِ: اخْتِلَاطُ الرأْي فِيهَا قَبْلَ أَن يَعْزِمَ عَلَيْهَا فإِذا عَزَمَ عَلَيْهَا ذَهَبَ اسم التكسير، وَقَدْ سُكِرَ.

وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْرًا: سَدَّ فَاهُ.

وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ، فَقَدْ سُكِرَ، والسِّكْرُ مَا سُدَّ بِهِ.

والسَّكْرُ: سَدُّ الشِّقِّ ومُنْفَجَرِ الْمَاءِ، والسِّكْرُ: اسْمُ ذَلِكَ السِّدادِ الَّذِي يُجْعَلُ سَدًّا لِلشِّقِّ وَنَحْوِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ لَمَّا شَكَتْ إِلَيْهِ كَثْرَةَ الدَّمِ: اسْكُرِيه "، أَي سُدِّيه بِخِرْقَةٍ وشُدِّيه بِعِصَابَةٍ، تَشْبِيهًا بِسَكْر الْمَاءِ، والسَّكْرُ الْمَصْدَرُ.

ابْنُ الأَعرابي: سَكَرْتُه ملأَته.

والسِّكْرُ، بِالْكَسْرِ: العَرِمُ.

والسِّكْرُ أَيضًا: المُسَنَّاةُ، وَالْجَمْعُ سُكُورٌ.

وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ سُكُورًا وسَكَرانًا: سَكَنَتْ بَعْدَ الهُبوب.

وليلةٌ ساكِرَةٌ: سَاكِنَةٌ لَا رِيحَ فِيهَا؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:

تُزَادْ لَياليَّ فِي طُولِها، ***فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا ساكِرَهْ

وَفِي التَّهْذِيبِ قَالَ أَوس:

جَذَلْتُ عَلَى لَيْلَةٍ ساهِرَهْ، ***فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا ساكرهْ

أَبو زَيْدٍ: الْمَاءُ السَّاكِرُ السَّاكِنُ الَّذِي لَا يَجْرِي؛ وَقَدْ سَكَر سُكُورًا.

وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ بَحْرٍ: " يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ "كَذَا أَنشده يَسْكَرُ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ، وَفَسَّرَهُ بِيَرْكَدُ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ.

والسُّكَّرُ مِنَ الحَلْوَاءِ: فَارِسِيٌّ معرَّب؛ قَالَ:

يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ ***فِي فَمِهِ، مِثْلَ عَصِيرِ السُّكَّرِ

والسُّكَّرَةُ: الْوَاحِدَةُ مِنَ السُّكَّرِ.

وَقَوْلُ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ فِي صِفَةِ العُشَرِ: وَهُوَ مُرٌّ لَا يأْكله شَيْءٌ ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مِثْلَ السُّكَّرِ فِي الحلاوةِ.

وقال أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يُصِيبُهُ المَرَقُ فَيَنْتَثِرُ فَلَا يَبْقَى فِي العُنْقُودِ إِلَّا أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ، هو أَبيض رَطْبٌ صَادِقُ الْحَلَاوَةِ عَذْبٌ مِنْ طَرَائِفِ الْعِنَبِ، ويُزَبَّبُ أَيضًا.

والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ مِنَ الأَحرار؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.

قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي لَهَا حِلْيَةٌ.

والسَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْحِنْطَةِ.

والسَّكْرَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثيِّر يَصِفُ سَحَابًا:

وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى ***يجرُّ كَمَا جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ

والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قَالَ:

وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ ***مِنَ النَّبْتِ، إِلَّا سَيْكَرانًا وحُلَّبَا

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّيْكَرانُ مِمَّا تَدُومُ خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ قَالَ: وسأَلت شَيْخًا مِنَ الأَعراب عَنِ السَّيْكَرانِ فَقَالَ: هُوَ السُّخَّرُ وَنَحْنُ نأْكله رَطْبًا أَيَّ أَكْلٍ، قَالَ: وَلَهُ حَبٌّ أَخْضَرُ كَحَبِّ الرَّازِيَانِجِ.

وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الْحَارِّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قَدْ سَكَرَ يَسْكُرُ.

وسَكَّرَهُ تَسْكِيرًا: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخَرَ بِذِرَاعِهِ حَتَّى يَكَادَ يَقْتُلُهُ.

التَّهْذِيبِ: رُوِيَ عَنْ أَبي مُوسَى الأَشعري أَنه قَالَ: السُّكُرْكَةُ خَمْرُ الْحَبَشَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهِيَ مِنَ الذُّرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ، وَقَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ: السُّكْرُكَةُ، الْجَزْمُ عَلَى الْكَافِ وَالرَّاءُ" مَضْمُومَةٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه سُئِلَ عَنِ الغُبَيْراء فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهَا، وَنَهَى عَنْهَا»؛ قَالَ مَالِكٌ: فسأَلت زَيْدَ بْنَ أَسلم: مَا الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، نَوْعٌ مِنَ الْخُمُورِ تُتَّخَذُ مِنَ الذُّرَةِ، وَهِيَ لَفْظَةٌ حَبَشِيَّةٌ قَدْ عُرِّبَتْ، وَقِيلَ: السُّقُرْقَع.

وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا آكُلُ فِي سُكُرُّجَة»؛ هِيَ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ وَالتَّشْدِيدِ، إِناء صَغِيرٌ يُؤْكَلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ من الأُدْمِ، وهي فارسية، وأَكثر مَا يُوضَعُ فِيهَا الكوامخ ونحوها.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


83-لسان العرب (ظهر)

ظهر: الظَّهْر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: خِلافُ البَطْن.

والظَّهْر مِنَ الإِنسان: مِنْ لَدُن مُؤخَّرِ الْكَاهِلِ إِلى أَدنى الْعَجُزِ عِنْدَ آخِرِهِ، مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الَّتِي وُضِعَت مَوْضِعَ الظُّرُوفِ، وَالْجَمْعُ أَظْهُرٌ وظُهور وظُهْرانٌ.

أَبو الْهَيْثَمِ: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، والكاهلُ والكَتِدُ [الكَتَدُ] ستُّ فَقَارَاتٍ، وَهُمَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، وَفِي الرَّقبَة سِتُّ فقارات؛ قال أَبو الهيثم: الظَّهْر الَّذِي هُوَ سِتُّ فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا فِي الْبَعِيرِ؛ وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ: «وَلَمْ يَنْسَ حقَّ اللَّهِ فِي رِقابِها وَلَا ظُهورها»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عَلَيْهَا مُنْقَطِعًا أَو يُجاهدَ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " ومِنْ حَقِّها إِفْقارُ ظَهْرِها.

وقَلَّبَ الأَمرَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، وَكَذَلِكَ يَقُولُ المُدَبِّرُ للأَمر.

وقَلَّبَ فُلَانٌ أَمْره ظَهْرًا لِبَطْنٍ وظهرَه لِبَطْنه وظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

كَيْفَ تَرَانِي قَالِبًا مِجَنّي، ***أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ

وإِنما اخْتَارَ الْفَرَزْدَقُ هَاهُنَا لِلْبَطْنِ عَلَى قَوْلِهِ لِبَطْنٍ لأَن قَوْلَهُ ظَهْرَه مَعْرِفَةٌ، فأَراد أَن يَعْطِفَ عَلَيْهِ مَعْرِفَةً مِثْلَهُ، وإِن اخْتَلَفَ وَجْهُ التَّعْرِيفِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا بَابُ مِنَ الْفِعْلِ يُبْدَل فِيهِ الْآخِرُ مِنَ الأَول يَجْرِي عَلَى الِاسْمِ كَمَا يَجْرِي أَجْمعون عَلَى الِاسْمِ، ويُنْصَبُ بِالْفِعْلِ لأَنه مَفْعُولٌ، فَالْبَدَلُ أَن يَقُولَ: ضُرب عبدُ اللَّهِ ظَهرُه وبَطنُه، وضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ والبطنُ، وقُلِبَ عَمْرٌو ظَهْرُه وبطنُه، فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْبَدَلِ؛ قَالَ: وإِن شِئْتَ كَانَ عَلَى الِاسْمِ بِمَنْزِلَةِ أَجمعين، يَقُولُ: يَصِيرُ الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ تَوْكِيدًا لِعَبْدِ اللَّهِ كَمَا يَصِيرُ أَجمعون تَوْكِيدًا لِلْقَوْمِ، كأَنك قُلْتَ: ضُرِبَ كُلّه؛ قَالَ: وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ فَقُلْتَ ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ، قَالَ: وَلَكِنَّهُمْ أَجازوا هَذَا كَمَا أَجازوا دَخَلْتُ البيتَ، وإِنما مَعْنَاهُ دَخَلْتُ فِي الْبَيْتِ وَالْعَامِلُ فِيهِ الْفِعْلُ، قَالَ: وَلَيْسَ المنتصبُ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الظُّرُوفِ لأَنك لَوْ قُلْتَ: هُوَ ظَهْرَه وبَطْنَه وأَنت تَعْنِي شَيْئًا عَلَى ظَهْرِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يُجِيزُوهُ فِي غَيْرِ الظَّهْر والبَطْن والسَّهْل والجَبَلِ، كَمَا لَمْ يَجُزْ دخلتُ عبدَ اللَّهِ، وَكَمَا لَمْ يَجُزْ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ إِلَّا فِي أَماكن مِثْلِ دَخَلْتُ البيتَ، وَاخْتَصَّ قَوْلُهُمْ الظهرَ والبطنَ والسهلَ والجبلَ بِهَذَا، كَمَا أَن لَدُنْ مَعَ غُدْوَةٍ لَهَا حَالٌ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأَسماء.

وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا لَهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدّ مُطَّلَعٌ "؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ الظَّهْرُ لَفْظُ الْقُرْآنِ وَالْبَطْنُ تأْويله، وَقِيلَ: الظَّهْرُ الْحَدِيثُ وَالْخَبَرُ، وَالْبَطْنُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَعْظِ وَالتَّحْذِيرِ وَالتَّنْبِيهِ، والمُطَّلَعُ مَأْتى الْحَدِّ ومَصْعَدُه، أَي قَدْ عَمِلَ بِهَا قَوْمٌ أَو سَيَعْمَلُونَ؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ" لَهَا ظَهْرٌ وبَطْن قِيلَ: ظَهْرُهَا لَفْظُهَا وَبَطْنُهَا مَعْنَاهَا وَقِيلَ: أَراد بِالظَّهْرِ مَا ظَهَرَ تأْويله وَعُرِفَ مَعْنَاهُ، وَبِالْبَطْنِ مَا بَطَنَ تَفْسِيرُهُ، وَقِيلَ: قِصَصُه "فِي الظَّاهِرِ أَخبار وَفِي الْبَاطِنِ عَبْرَةٌ وَتَنْبِيهٌ وَتَحْذِيرٌ، وَقِيلَ: أَراد بِالظَّهْرِ التِّلَاوَةَ وَبِالْبَطْنِ التَّفَهُّمَ وَالتَّعَلُّمَ.

والمُظَهَّرُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً: الرَّجُلُ الشَّدِيدُ الظَّهْرِ.

وظَهَره يَظْهَرُه ظَهْرًا: ضَرَبَ ظَهْره.

وظَهِرَ ظَهَرًا: اشْتَكَى ظَهْره.

وَرَجُلٌ ظَهِيرٌ: يَشْتَكِي ظَهْرَه.

والظَّهَرُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ظَهِرَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذا اشْتَكَى ظَهْره.

الأَزهري: الظُّهارُ وَجَعُ الظَّهْرِ، وَرَجُلٌ مَظْهُورٌ.

وظَهَرْتُ فُلَانًا: أَصبت ظَهْره.

وَبَعِيرٌ ظَهِير: لَا يُنْتَفَع بظَهْره مِنَ الدَّبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَاسِدُ الظَّهْر مِنْ دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيده: رَوَاهُ ثَعْلَبٌ.

وَرَجُلٌ ظَهيرٌ ومُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ وَرَجُلٌ مُصَدَّر: شَدِيدُ الصَّدْر، ومَصْدُور: يَشْتَكِي صَدْرَه؛ وَقِيلَ: هُوَ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعَيَّن مِنْهُ ظَهْرٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَقَدْ ظَهَرَ ظَهَارَةً.

وَرَجُلٌ خَفِيفُ الظَّهْر: قَلِيلُ الْعِيَالِ، وَثَقِيلُ الظَّهْرِ كَثِيرُ الْعِيَالِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى المَثَل.

وأَكَل الرجُل أَكْلَةً ظَهَرَ مِنْهَا ظَهْرَةً أَي سَمِنَ مِنْهَا.

قَالَ: وأَكل أَكْلَةً إِن أَصبح مِنْهَا لَنَاتِيًّا، وَلَقَدْ نَتَوْتُ مِنْ أَكلة أَكلتها؛ يَقُولُ: سَمِنْتُ مِنْهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنى»أَي مَا كَانَ عَفْوًا قَدْ فَضَلَ عَنْ غِنًى، وَقِيلَ: أَراد مَا فَضَلَ عَنِ العِيَال؛ والظَّهْرُ قَدْ يُزَادُ فِي مِثْلِ هَذَا إِشباعًا لِلْكَلَامِ وَتَمْكِينًا كأَنَّ صَدَقَتَهُ إِلى ظَهْرٍ قَويٍّ مِنَ الْمَالِ.

قَالَ مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، مَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ أَيوب: مَا كَانَ عَنْ فَضْلِ عِيَالٍ.

وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ: «مَا رأَيتُ أَحدًا أَعطى لجَزِيلٍ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ طَلْحَةَ»، قِيلَ: عَنْ ظَهْرِ يَدٍ ابْتدَاءً مِنْ غَيْرِ مكافأَة.

وفلانٌ يأْكل عَنْ ظَهْرِ يَدِ فُلانٍ إِذا كَانَ هُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ.

والفُقَراء يأْكلون عَنْ ظَهْرِ أَيدي النَّاسِ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاءِ وَهَذَا بَطْنُ السَّمَاءِ لِظَاهِرِهَا الَّذِي تَرَاهُ.

قَالَ الأَزهري: وَهَذَا جَاءَ فِي الشَّيْءِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الَّذِي ظَهْرُه كَبَطْنه، كَالْحَائِطِ الْقَائِمِ لِمَا وَلِيَك يُقَالُ بطنُه، وَلِمَا وَلِيَ غَيْرَك ظَهْرُه.

فأَما ظِهارَة الثَّوْبِ وبِطانَتُه، فالبطانَةُ مَا وَلِيَ مِنْهُ الجسدَ وَكَانَ دَاخِلًا، والظِّهارَةُ مَا عَلَا وظَهَرَ وَلَمْ يَل الجسدَ؛ وَكَذَلِكَ ظِهارَة البِسَاطِ؛ وَبِطَانَتُهُ مِمَّا يَلِي الأَرضَ.

وَيُقَالُ: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا جعلتَ لَهُ ظِهَارَة وبَطَنْتُه إِذَا جعلتَ لَهُ بِطانَةً، وَجَمْعُ الظِّهارَة ظَهَائِر، وَجَمْعُ البِطَانَة بَطَائِنُ والظِّهَارَةُ، بِالْكَسْرِ: نَقِيضُ البِطانة.

وَظَهَرْتُ الْبَيْتَ: عَلَوْتُه.

وأَظْهَرْتُ بِفُلَانٍ: أَعليت بِهِ.

وَتَظَاهَرَ القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ظَهْرَه إِلى صَاحِبِهِ.

وأَقْرانُ الظَّهْرِ: الَّذِينَ يَجِيئُونَكَ مِنْ وَرَائِكَ أَو مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِك فِي الْحَرْبِ، مأْخوذ مِنَ الظَّهْرِ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:

لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً، ***وَلَكُنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ

الأَصمعي: فُلَانٌ قِرْنُ الظَّهْر، وَهُوَ الَّذِي يأْتيه مِنْ وَرَائِهِ وَلَا يَعْلَمُ؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:

فَلَوْ كَانَ قِرْني وَاحِدًا لكُفِيتُه، ***ولكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ

وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده:

فَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا لقُونا بِمثْلِنَا، ***ولَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ

قَالَ: أَقران الظُّهُورِ أَن يَتَظَاهَرُوا عَلَيْهِ، إِذا جَاءَ اثْنَانِ وأَنت وَاحِدٌ غَلَبَاكَ.

وشَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، وَهُوَ مِنَ الظَّهْر.

ابْنُ بُزُرج.

أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه.

والظَّهْرُ: الرِّكابُ الَّتِي تَحْمِلُ الأَثقال فِي السَّفَرِ لِحَمْلِهَا إِياها عَلَى ظُهُورها.

وَبَنُو فُلَانٍ مُظْهِرون إِذا كَانَ لَهُمْ ظَهْر يَنْقُلُون عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ مُنْجِبُون إِذا كَانُوا أَصحاب نَجائِبَ.

وَفِي حَدِيثِ عَرْفَجَة: «فَتَنَاوَلَ السَّيْفَ مِنَ الظَّهْر فَحذَفَهُ بِهِ»؛ الظَّهْر: الإِبل الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَيُرْكَبُ.

يُقَالُ: عِنْدَ فُلَانٍ ظَهْر أَي إِبل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَتأْذن لَنَا فِي نَحْر ظَهْرنا؟»أَي إِبِلِنَا الَّتِي نَرْكَبُهَا؛ وتُجْمَعُ عَلَى ظُهْران، بِالضَّمِّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «فَجَعَلَ رجالٌ يستأْذنونه فِي ظُهْرانهم فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ.

وفلانٌ عَلَى ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ لِلسَّفَرِ غَيْرُ مُطَمْئِنٍّ كأَنه قَدْ رَكِبَ ظَهْرًا لِذَلِكَ؛ قَالَ يَصِفُ أَمواتًا:

وَلَوْ يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا ***مَعِي، أَو غَدَوْا فِي المُصْبِحِين عَلَى ظَهْرِ

وَالْبَعِيرُ الظِّهْرِيُّ، بِالْكَسْرِ: هُوَ العُدَّة لِلْحَاجَةِ إِن احْتِيجَ إِليه، نُسِبَ إِلى الظَّهْر نَسَبًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.

يُقَالُ: اتَّخِذْ مَعَكَ بَعِيرًا أَو بَعِيرَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، وَالْجَمْعُ ظَهارِيٌّ وظَهَارِيُّ، وَفِي الصِّحَاحِ: ظَهَارِيُّ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لأَن يَاءَ النِّسْبَةِ ثَابِتَةٌ فِي الْوَاحِدِ.

وبَعير ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كَانَ شَدِيدًا قَوِيًّا، وَنَاقَةٌ ظَهِيرَةٌ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: الظَّهِيرُ مِنَ الإِبل الْقَوِيُّ الظَّهْر صَحِيحُهُ، وَالْفِعْلُ ظَهَرَ ظَهارَةً.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فَعَمَدَ إِلى بَعِيرٍ ظَهِير فأَمَرَ بِهِ فَرُحِلَ»، يَعْنِي شَدِيدَ الظَّهْرِ قَوِيًّا عَلَى الرِّحْلَةِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الظَّهْرِ؛ وَقَدْ ظَهَّر بِهِ واسْتَظَهْرَهُ.

وظَهَرَ بحاجةِ الرَّجُلِ وظَهَّرها وأَظْهَرها: جَعَلَهَا بظَهْرٍ وَاسْتَخَفَّ بِهَا وَلَمْ يَخِفَّ لَهَا، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنه جَعَلَ حَاجَتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِه تَهَاوُنًا بِهَا كأَنه أَزالها وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِليها.

وَجَعَلَهَا ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر، كَقَوْلِهِ تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ}، بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَاجَهَ إِرادَتَهُ إِذا أَقْبَلَ عَلَيْهَا بِقَضَائِهَا، وجَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كَذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي ***بظَهْرٍ، فَلَا يَعْيا عَليَّ جَوابُها

والظِّهْرِيُّ: الَّذِي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تَنْسَاهُ.

والظِّهْرِيُّ: الَّذِي تَنْساه وتَغْفُلُ عَنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا؛ أَي لَمْ تَلْتَفِتوا إِليه.

ابْنُ سِيدَهْ: وَاتَّخَذَ حَاجَتَهُ ظِهْرِيًّا اسْتَهان بِهَا كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا فِي النَّسَبِ إِلى البَصْرَة بِصْريُّ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: «اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيًّا حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغاراتُ»أَي جَعَلْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، قَالَ: وَكَسْرُ الظَّاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَب؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا: نَبَذْتُمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ}؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ تَرَكْتُمْ أَمر اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، يَقُولُ" شُعَيْبٌ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي وَتَرَكْتُمْ تَعْظِيمَ اللَّهِ وَخَوْفَهُ.

وَقَالَ فِي أَثناء التَّرْجَمَةِ: أَي وَاتَّخَذْتُمُ الرَّهْطَ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا تَسْتَظْهِرُون بِهِ عليَّ، وَذَلِكَ لَا يُنْجِيكُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

يُقَالُ: اتَّخَذَ بَعِيرًا ظِهْرِيًّا أَي عُدَّةً.

وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يُعْنَى بِهِ: قَدْ جَعَلْتُ هَذَا الأَمر بظَهْرٍ ورَميته بظَهْرٍ.

وقولهم.

ولا تَجْعَلْ حَاجَتِي بظَهْر أَي لَا تَنْسَها.

وحاجتُه عِنْدَكَ ظاهرةٌ أَي مُطَّرَحَة وَرَاءَ الظَّهْرِ.

وأَظْهَرَ بِحَاجَتِهِ واظَّهَرَ: جَعَلَهَا وَرَاءَ ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر.

أَبو عُبَيْدَةَ: جَعَلْتُ حاجته بظَهْرٍ أَي بظَهْرِي خَلْفِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا"، وَهُوَ اسْتِهَانَتُكَ بِحَاجَةِ الرَّجُلِ.

وَجَعَلَنِي بظَهْرٍ أَي طَرَحَنِي.

وظَهَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ: قَوِيَ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ}؛ أَي لَمْ يَبْلُغُوا أَن يُطِيقُوا إِتيانَ النِّسَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:

خَلَّفْتَنا بَيْنَ قَوْم يَظْهَرُون بِنَا، ***أَموالُهُمْ عازِبٌ عَنَّا ومَشْغُولُ

هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ ظَهَرَ بِهِ إِذا جَعَلَهُ وَرَاءَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وأَراد مِنْهَا عَازِبٌ وَمِنْهَا مَشْغُولُ، وَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الظَّهْر.

وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها}؛ رَوَى" الأَزهري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الكَفُّ والخاتَمُ والوَجْهُ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ القُلْبُ والفَتَخة، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ.

والظَّهْرُ: طَرِيقُ البَرِّ.

ابْنُ سِيدَهْ: وَطَرِيقُ الظَّهْر طَرِيقُ البَرِّ، وَذَلِكَ حِينَ يَكُونُ فِيهِ مَسْلَك فِي الْبَرِّ وَمَسْلَكٌ فِي الْبَحْرِ.

والظَّهْرُ مِنَ الأَرض: مَا غَلُظَ وَارْتَفَعَ، وَالْبَطْنُ مَا لانَ مِنْهَا وسَهُلَ ورَقَّ واطْمأَنَّ.

وَسَالَ الْوَادِي ظَهْرًا إِذَا سَالَ بمَطَرِ نَفْسِهِ، فَإِنْ سَالَ بِمَطَرِ غَيْرِهِ قِيلَ: سَالَ دُرْأً؛ وَقَالَ مَرَّةً: سَالَ الْوَادِي ظُهْرًا كَقَوْلِكَ ظَهْرًا؛ قَالَ الأَزهري: وأَحْسِبُ الظُّهْر، بِالضَّمِّ، أَجْودَ لأَنه أَنشد:

وَلَوْ دَرَى أَنَّ مَا جاهَرتَني ظُهُرًا، ***مَا عُدْتُ مَا لأْلأَتْ أَذنابَها الفُؤَرُ

وظَهَرت الطيرُ مِنْ بَلَدِ كَذَا إِلى بَلَدِ كَذَا: انْحَدَرَتْ مِنْهُ إِليه، وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ بِهِ النَّسْرَ فَقَالَ يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كَانَ آخِرُ الشِّتَاءِ ظَهَرَتْ إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الْغَنَمِ فتأْكل أَشْلاءَها.

وَفِي كِتَابِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِليها يَعْنِي إِلى أَرض ذَكَرَهَا، أَي اخْرُجْ بِهِمْ إِلى ظَاهِرِهَا وأَبْرِزْهم.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «كَانَ يُصَلِّي العَصْر فِي حُجْرتي قَبْلَ أَن تَظْهَرَ، تَعْنِي الشَّمْسَ، »؛ أي تَعْلُوَ السَّطْحَ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَمْ تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ مِنْ حُجْرتها أَي لَمْ تَرْتَفِعْ وَلَمْ تَخْرُجْ إِلى ظَهْرها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: " وإِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرا "يَعْنِي مَصْعَدًا.

والظاهِرُ: خِلَافُ الْبَاطِنِ؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُورًا، فَهُوَ ظَاهِرٌ وظهِير؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم، ***ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ

وَيُرْوَى طَهِيرُ، بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ}؛ قِيلَ: ظَاهَرَهُ المُخالَّةُ عَلَى جِهَةِ الرِّيبَةِ، وَبَاطِنِهِ الزِّنَا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن الْمَعْنَى اتْرُكُوا الإِثم ظَهْرًا وبَطْنًا أَي لَا تَقْرَبُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ جَهْرًا وَلَا سِرًّا.

والظاهرُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ}؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي ظَهَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَا عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: عُرِفَ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ آثَارِ أَفعاله وأَوصافه.

وَهُوَ نَازِلٌ بَيْنَ ظَهْرَيْهم وظَهْرانَيْهِم، بِفَتْحِ النُّونِ وَلَا يُكْسَرُ: بَيْنَ أَظْهُرِهم.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فأَقاموا بَيْنَ ظَهْرانيهم وَبَيْنَ أَظْهرهم»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُرَادُ بِهَا أَنهم أَقاموا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ وَالِاسْتِنَادِ لَهُمْ، وَزِيدَتْ فِيهِ أَلف وَنُونٌ مَفْتُوحَةٌ تأْكيدًا، وَمَعْنَاهُ أَن ظَهْرًا مِنْهُمْ قُدَّامَهُ وَظَهْرًا وَرَاءَهُ فَهُوَ مَكْنُوف مِنْ جَانِبَيْهِ، وَمِنْ جَوَانِبِهِ إِذا قِيلَ بَيْنَ أَظْهُرِهم، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي الإِقامة بَيْنَ الْقَوْمِ مُطْلَقًا.

وَلَقِيتُهُ بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ والظَّهْرانَيْنِ أَي فِي الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَةِ أَو فِي الأَيام، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.

وَكُلُّ مَا كَانَ فِي وَسَطِ شَيْءٍ ومُعْظَمِه، فَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه.

وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ الإِناء أَي مُمْكِنٌ لَكَ لَا يُحَالُ بَيْنَكُمَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ: فلانٌ بَيْنَ ظَهْرَيْنا وظَهْرانَيْنا وأَظهُرِنا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ ظَهْرانِينا، بِكَسْرِ النُّونِ.

وَيُقَالُ: رأَيته بَيْنَ ظَهْرانَي اللَّيْلِ أَي بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلى الْفَجْرِ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: أَتيته مَرَّةً بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ يَوْمًا فِي الأَيام.

قَالَ: وَقَالَ أَبو فَقْعَسٍ إِنما هُوَ يَوْمٌ بَيْنَ عَامَيْنِ.

وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا كَانَ فِي وَسَطِ شَيْءٍ: هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه؛ وأَنشد: " أَلَيْسَ دِعْصًا بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا "والظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض.

الأَصمعي: يُقَالُ هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض وَذَلِكَ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَمَعْنَى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها.

وَيُقَالُ: هاجَتْ ظَواهِرُ الأَرض.

ابْنُ شُمَيْلٍ: ظَاهِرُ الْجَبَلِ أَعلاه، وظاهِرَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَعلاه، أَسْتَوَى أَو لَمْ يَسْتَوِ ظَاهِرُهُ، وإِذا عَلَوْتَ ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:

وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين، ***كَمْشيِ الوُعُولِ عَلَى الظَّاهِره

وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطاحِ، ***وحَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ

قَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ الْبِطَاحِ بَطْنُ مَكَّةَ وَالْبَطْحَاءُ الرَّمْلُ، وَذَلِكَ أَن بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمية وَسَادَةَ قُرَيْشٍ نُزول بِبَطْنِ مَكَّةَ وَمَنْ كَانَ دُونَهُمْ فَهُمْ نُزُولٌ بِظَوَاهِرَ جِبَالِهَا؛ وَيُقَالُ: أَراد بِالظَّوَاهِرِ أَعلى مَكَّةَ.

وَفِي الْحَدِيثِ ذِكر قريشِ الظَّواهِرِ "، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الَّذِينَ نَزَلُوا بظُهور جِبَالِ مَكَّةَ، قَالَ: وقُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ وأَشرف مِنْ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ، وَقُرَيْشُ الْبِطَاحِ هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا بِطَاحَ مَكَّةَ.

والظُّهارُ: الرّيشُ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الظُّهْرانُ الرِّيشُ الَّذِي يَلِي الشَّمْسَ والمَطَرَ مِنَ الجَناح، وَقِيلَ: الظُّهار، بِالضَّمِّ، والظُّهْران مِنْ رِيشِ السَّهْمِ مَا جُعِلَ مِنْ ظَهْر عَسِيبِ الرِّيشَةِ، وَهُوَ الشَّقُّ الأَقْصَرُ، وَهُوَ أَجود الرِّيشِ، الْوَاحِدُ ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فَعَلَى الْقِيَاسِ، وأَما ظُهار فَنَادِرٌ؛ قَالَ: وَنَظِيرُهُ عَرْقٌ وعُراقٌ وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ رِيشٌ ظُهارٌ وظُهْرانٌ، والبُطْنانُ مَا كَانَ مِنْ تَحْتِ العَسِيب، واللُّؤَامُ أَن يَلْتَقِيَ بَطْنُ قُذَّةٍ وظَهرُ أُخْرَى، وَهُوَ أَجود مَا يَكُونُ، فإِذا الْتَقَى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فَهُوَ لُغابٌ ولَغْبٌ.

وَقَالَ اللَّيْثَ: الظُّهارُ مِنَ الرِّيشِ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ وَهُوَ فِي الْجَنَاحِ، قَالَ: وَيُقَالُ: الظُّهارُ جَمَاعَةٌ وَاحِدُهَا ظَهْرٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى الظُّهْرانِ، وَهُوَ أَفضل مَا يُراشُ بِهِ السَّهْمُ فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فَهُوَ عَيْبٌ، والظَّهْرُ الْجَانِبُ الْقَصِيرُ مِنَ الرِّيشِ، وَالْجَمْعُ الظُّهْرانُ، والبُطْنان الْجَانِبُ الطَّوِيلُ، الْوَاحِدُ بَطْنٌ؛ يُقَالُ: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ وَلَا تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، وَاحِدُهُمَا ظَهْر وبَطْنٌ، مِثْلَ عَبْد وعُبْدانٍ؛ وَقَدْ ظَهَّرت الرِّيشُ السهمَ.

والظَّهْرانِ: جَنَاحَا الْجَرَادَةِ الأَعْلَيانِ الْغَلِيظَانِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ: للقَوْسِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، فَالْبَطْنُ مَا يَلِي مِنْهَا الوَتَر، وظَهْرُها الآخرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ وتَرٌ.

وظاهَرَ بَيْنَ نَعْلين وَثَوْبَيْنِ: لَبِسَ أَحدهما عَلَى الْآخَرِ وَذَلِكَ إِذا طَارَقَ بَيْنَهُمَا وطابقَ، وَكَذَلِكَ ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، وَقِيلَ: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه ظاهرَ بَيْنَ دِرْعَيْن يَوْمَ أُحُد»أَي جَمَعَ وَلَبِسَ إِحداهما فَوْقَ الأُخرى، وكأَنه مِنَ التظاهر التعاون وَالتَّسَاعُدِ؛ وَقَوْلُ وَرْقاء بْنِ زُهَير:

رَأَيَتُ زُهَيْرًا تَحْتَ كَلْكَلِ خالِدٍ، ***فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ

فَشُلَّتْ يَمِينِي يَوْمَ أَضْرِبُ خَالِدًا، ***ويَمْنَعهُ مِنِّي الحديدُ المُظاهرُ

إِنما عَنَى بِالْحَدِيدِ هُنَا الدِّرْعَ، فَسَمَّى النَّوْعَ الَّذِي هُوَ الدِّرْعُ بِاسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ الْحَدِيدُ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:

سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عَلَيْهَا، ***ثُمَّ اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،

وظاهِري بِجَلِفٍ عَلَيْهَا "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنْ هَذَا، وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ اسْتَظْهِري، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ.

واسْتَظَهْرَ بِهِ أَي اسْتَعَانَ.

وظَهَرْتُ عَلَيْهِ: أَعنته.

وظَهَرَ عَليَّ: أَعانني؛ كِلَاهُمَا عَنْ ثَعْلَبٍ.

وتَظاهرُوا عَلَيْهِ: تَعَاوَنُوا، وأَظهره اللَّهُ عَلَى عَدُوِّه.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ}.

وظاهَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: أَعانه، والتَّظاهُرُ: التعاوُن.

وظاهَرَ فُلَانٌ فُلَانًا: عَاوَنَهُ.

والمُظاهَرَة: الْمُعَاوَنَةُ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: «أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ وظاهَرَ»؛ أي نَصَر وأَعان.

والظَّهِيرُ: العَوْنُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وإِنما لَمْ يُجْمَعْ ظَهِير لأَن فَعيلًا وفَعُولًا قَدِ يَسْتَوِي فِيهِمَا الْمُذَكَّرُ والمؤُنث وَالْجَمْعُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ}.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيرًا}؛ يَعْنِي بِالْكَافِرِ الجِنْسَ، وَلِذَلِكَ أَفرد؛ وَفِيهِ أَيضًا: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ: هُمْ صَدِيقٌ وَهُمْ فَرِيقٌ؛ والظَّهِيرُ: المُعِين.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ}، قَالَ: يُرِيدُ أَعوانًا فَقَالَ ظَهِير وَلَمْ يَقُلْ ظُهَراء.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِن الظَّهير لِجِبْرِيلَ وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةِ كَانَ صَوَابًا، وَلَكِنْ حَسُنَ أَن يُجعَلَ الظَّهِيرُ لِلْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ، أَي مَعَ نُصْرَةِ هَؤُلَاءِ، ظَهِيرٌ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ "، فِي مَعْنَى ظُهَراء، أَراد: وَالْمَلَائِكَةُ أَيضًا نُصَّارٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي أَعوان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا؛ أَي رُفَقاء، فَهُوَ مِثْلُ ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ كَمَا أَفرده الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:

يَا عاذِلاتي لَا تَزِدْنَ مَلامَتِي، ***إِن العَواذِلَ لَسْنَ لِي بأَمِيرِ

يَعْنِي لَسْنَ لِي بأُمَراء.

وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيرًا}؛ قَالَ ابْنُ عَرفة: أَي مُظاهِرًا لأَعداء اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ}؛ أَي عاوَنُوا.

وَقَوْلُهُ: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ؛ أَي تَتَعاونُونَ.

والظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قَالَ تَمِيمٌ:

أَلَهْفِي عَلَى عِزٍّ عَزِيزٍ وظِهْرَةٍ، ***وظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا

والظُّهْرَةُ والظِّهْرَةُ: الْكَسْرُ عَنْ كُرَاعٍ: كالظَّهْرِ.

وَهُمْ ظِهْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَي يَتَظَاهرون عَلَى الأَعداء وَجَاءَنَا فِي ظُهْرَته وظَهَرَتِه وظاهِرَتِهِ أَي فِي عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ وناهِضَتِهِ الَّذِينَ يُعِينُونَهُ.

وظَاهرَ عَلَيْهِ: أَعان.

واسْتَظْهَره عَلَيْهِ: اسْتَعَانَهُ.

واسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بالأَمر: اسْتَعَانَ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: «يُسْتَظْهَرُ بحُجَج اللَّهِ وَبِنِعْمَتِهِ عَلَى كِتَابِهِ».

وَفُلَانٌ ظِهْرَتي عَلَى فُلَانٍ وأَنا ظِهْرَتُكَ عَلَى هَذَا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي: هُوَ ابْنُ عَمِّهِ دِنْيًا فإِذا تَبَاعَدَ فَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ "ظَهْرًا، بِجَزْمِ الْهَاءِ، وأَما الظِّهْرَةُ فَهُمْ ظَهْرُ الرَّجُلِ وأَنْصاره، بِكَسْرِ الظَّاءِ.

اللَّيْثُ: رَجُلٌ ظِهْرِيٌّ مِنْ أَهل الظَّهْرِ، وَلَوْ نَسَبْتَ رَجُلًا إِلى ظَهْرِ الْكُوفَةِ لَقُلْتَ ظِهْريٌّ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَسَبْتَ جِلْدًا إِلى الظَّهْر لَقُلْتَ جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ.

والظُّهُور: الظَّفَرُ بِالشَّيْءِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ.

ابْنُ سِيدَهْ: الظُّهور الظَّفَرُ؛ ظَهَر عَلَيْهِ يَظْهَر ظُهُورًا وأَظْهَره اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَلَهُ ظَهْرٌ أَي مَالٌ مِنْ إِبل وَغَنَمٍ.

وظَهَر بِالشَّيْءِ ظَهْرًا: فَخَرَ؛ وَقَوْلُهُ: " واظْهَرْ بِبِزَّتِه وعَقْدِ لوائِهِ أَي افْخَرْ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

وظَهَرْتُ بِهِ: افْتَخَرْتُ بِهِ وظَهَرْتُ عَلَيْهِ: قَوِيتُ عَلَيْهِ يُقَالُ: ظَهَر فلانٌ عَلَى فُلَانٍ أَي قَوِيَ عَلَيْهِ.

وَفُلَانٌ ظاهِرٌ عَلَى فُلَانٍ أَي غَالِبٌ عَلَيْهِ.

وظَهَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ: غَلَبْتُهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فظَهَر الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَقَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَيْهِمْ»؛ أَي غَلَبُوهم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، قَالُوا: والأَشبه أَن يَكُونَ مُغَيَّرًا كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الأُخرى: " فَغَدَرُوا بِهِمْ.

وَفُلَانٌ مِنْ وَلَدِ الظَّهْر أَي لَيْسَ مِنَّا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه لَا يَلْتَفِتُ إِليهم؛ قَالَ أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:

فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا ***وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ؟

أَي مِنَ الَّذِينَ يَظْهَرُون بِهِمْ وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلى أَرحامهم.

وَفُلَانٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحد أَي لَا يُسَلِّم.

والظَّهَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا فِي الْبَيْتِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالثِّيَابِ.

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بَيْتٌ حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ مَا ظَهَر مِنْهُ، والأَهَرَةُ مَا بَطَنَ مِنْهُ.

ابْنُ الأَعرابي: بَيْتٌ حَسَنُ الأَهَرة والظَّهَرَةِ والعَقارِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

وظَهَرَةُ الْمَالِ: كَثْرَتُه.

وأَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَى الأَمر: أَطْلَعَ.

وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ}؛ أَي مَا قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ.

يُقَالُ: ظَهَرَ عَلَى الْحَائِطِ وَعَلَى السَّطْح صَارَ فَوْقَهُ.

وظَهَرَ عَلَى الشَّيْءِ إِذا غَلَبَهُ وَعَلَاهُ.

وَيُقَالُ: ظَهَرَ فلانٌ الجَبَلَ إِذا عَلَاهُ.

وظَهَر السَّطْحَ ظُهُورًا: عَلَاهُ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ} أَي يَعْلُون، وَالْمَعَارِجُ الدَّرَجُ.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ}؛ أَي غَالِبِينَ عَالِينَ، مِنْ قَوْلِكَ: ظَهَرْتُ عَلَى فُلَانٍ أَي عَلَوْتُه وَغَلَبْتُهُ.

يُقَالُ: أَظْهَر اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ أَي أَعلاهم عَلَيْهِمْ.

والظَّهْرُ: مَا غَابَ عَنْكَ.

يُقَالُ: تَكَلَّمْتُ بِذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ غَيْبِ، والظَّهْر فِيمَا غَابَ عَنْكَ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ: " عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها وَيُقَالُ: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ عَلَى ظَهْرِ لِسَانِهِ، كَمَا يُقَالُ: حَفِظَه عَنْ ظَهْر قَلْبِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ قرأَ الْقُرْآنَ فاسْتَظْهره»؛ أَي حَفِظَهُ؛ تَقُولُ: قرأْت الْقُرْآنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِي أَي قرأْته مِنْ حِفْظِي.

وظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه عَنْ غَيْرِ كِتَابٍ.

وَقَدْ قرأَه ظاهِرًا واسْتَظْهره أَي حَفِظَهُ وقرأَه ظاهِرًا.

والظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ.

النَّضْرُ: الْعَيْنُ الظَّاهرَةُ الَّتِي ملأَت نُقْرَة العَيْن، وَهِيَ خِلَافُ الْغَائِرَةِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَيْنُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الْجَاحِظَةُ الوَخْشَةُ.

وقِدْرٌ ظَهْرٌ: قَدِيمَةٌ كأَنها تُلقى وراءَ الظَّهْرِ لِقِدَمِها؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:

فَتَغَيَّرَتْ إِلَّا دَعائِمَها، ***ومُعَرَّسًا مِنْ جَوفه ظَهْرُ

وتَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه التعاوُنُ، فَهُوَ ضِدٌّ.

وَقَتَلَهُ ظَهْرًا أَي غِيْلَةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

وظَهَر الشيءُ بِالْفَتْحِ، ظُهُورًا: تَبَيَّن.

وأَظْهَرْتُ الشَّيْءَ: بَيَّنْته.

والظُّهور: بُدُوّ الشَّيْءِ الْخَفِيِّ.

يُقَالُ: أَظْهَرني اللَّهُ عَلَى مَا سُرِقَ مِنِّي أَي أَطلعني عَلَيْهِ.

وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحد أَي لَا يُسَلِّمُ عليه أَحد.

وقوله: {إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ}؛ أَي يَطَّلِعوا ويَعْثرُوا.

يُقَالُ: ظَهَرْت عَلَى الأَمر.

وَقَوْلُهُ تعالى: {يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا}؛ أَي مَا يَتَصَرَّفُونَ مِنْ مَعَاشِهِمْ.

الأَزهري: والظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة.

ابْنُ شُمَيْلٍ: الظُّهَارِيَّة أَن يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه.

يُقَالُ: أَخذه الظُّهارِيَّةَ والشَّغْزَبِيَّةَ بِمَعْنًى.

والظُّهْرُ: سَاعَةُ الزَّوَالِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَقَدْ يَحْذِفُونَ عَلَى السَّعَة فَيَقُولُونَ: هَذِهِ الظُّهْر، يُرِيدُونَ صَلَاةَ الظُّهْرِ.

الْجَوْهَرِيُّ: الظُّهْرُ، بِالضَّمِّ، بَعْدَ الزَّوَالِ، وَمِنْهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ.

والظَّهِيرةُ: الْهَاجِرَةُ.

يُقَالُ: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة وَحِينَ قامَ قَائِمُ الظَّهِيرة.

وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صَلَاةِ الظُّهْر؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمٌ لِنِصْفِ النَّهَارِ، سُمِّيَ بِهِ مِنْ ظَهِيرة الشَّمْسِ، وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَقِيلَ: أُضيفت إِليه لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصَّلَوَاتِ للأَبْصارِ، وَقِيلَ: أَظْهَرُها حَرًّا، وَقِيلَ: لأَنها أَوَّل صَلَاةٍ أُظهرت وَصُلِّيَتْ.

وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الظَّهِيرة فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي الشِّتَاءِ ظَهِيرَةٌ.

ابْنُ سِيدَهْ: الظَّهِيرَةُ حَدُّ انْتِصَافِ النَّهَارِ، وَقَالَ الأَزهري: هُمَا وَاحِدٌ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ فِي القَيْظِ مُشْتَقٌّ.

وأَتاني مُظَهِّرًا ومُظْهِرًا أَي فِي الظَّهِيرَةِ، قَالَ: ومُظْهِرًا، بِالتَّخْفِيفِ، هُوَ الْوَجْهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُظْهِرًا.

قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ أَتانا بالظَّهِيرة وأَتانا ظُهْرًا بِمَعْنًى.

وَيُقَالُ: أَظْهَرْتَ يَا رَجُلُ إِذا دَخَلْتَ فِي حَدِّ الظُّهْر.

وأَظْهَرْنا أَي سِرْنا فِي وَقْتِ الظُّهْر.

وأَظْهر القومُ: دَخَلُوا فِي الظَّهِيرة.

وأَظْهَرْنا.

دَخَلْنَا فِي وَقْتِ الظُّهْر كأَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا فِي الصَّباح والمَساء، وَتُجْمَعُ الظَّهيرة عَلَى ظَهائِرَ.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «أَتاه رَجُلٌ يَشْكُو النِّقْرِسَ فَقَالَ: كَذَبَتْكَ الظَّهائِرُ»؛ أي عَلَيْكَ بِالْمَشْيِ فِي الظَّهائِر فِي حَرِّ الْهَوَاجِرِ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَحِينَ تُظْهِرُونَ}؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

وأَظْهَرَ فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه ***عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ

يَعْنِي أَن السَّحَابَ أَتى هَذَا الْمَوْضِعَ ظُهْرًا؛ أَلا تَرَى أَن قَبْلَ هَذَا:

فأَضْحَى لَهُ جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ، ***أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ مِنَ الوَبْلِ أَفْصَحُ

وَيُقَالُ: هَذَا أَمرٌ ظاهرٌ عَنْكَ عارُه أَي زَائِلٌ، وَقِيلَ: ظاهرٌ عَنْكَ أَي لَيْسَ بِلَازِمٍ لَكَ عَيْبُه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ ***تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ ونارُها

وعَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها، ***وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها

وَمَعْنَى تحرَّق نَارِي بِالشَّكَاةِ أَي قَدْ شاعَ خبرِي وخبرُها وَانْتَشَرَ بالشَّكاة والذكرِ الْقَبِيحِ.

وَيُقَالُ: ظهرَ عَنِّي هَذَا العيبُ إِذا لَمْ يَعْلَق بِي وَنَبَا عَنِّي، وَفِي النِّهَايَةِ: إِذا ارْتَفَعَ عَنْكَ وَلَمْ يَنَلْك مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَقِيلَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: يَا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييرًا لَهُ بِهَا؛ فَقَالَ مُتَمَثِّلًا: " وَتِلْكَ شَكاة ظاهرٌ عَنْكَ عارُها أَراد أَن نِطاقَها لَا يَغُضُّ مِنْهَا وَلَا مِنْهُ فيُعَيَّرا بِهِ "وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُهُ فيَزيدُه نُبْلًا.

وَهَذَا أَمْرٌ أَنت بِهِ ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عَلَيْهِ.

وَهَذَا أَمر ظاهرٌ بِكَ أَي غَالِبٌ عَلَيْكَ.

والظِّهارُ مِنَ النِّسَاءِ، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، وَمِنْهَا، مُظاهَرَةً وظِهارًا إِذا قَالَ: هِيَ عَلَيَّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، وَقَدْ تَظَهَّر مِنْهَا وتَظاهَر، وظَهَّرَ مِنَ امرأَته تَظْهِيرًا كُلُّهُ بِمَعْنًى.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَظَّهَّرُون مِنْ نِسائهم}؛ قُرئ: يُظاهِرُونَ، وَقُرِئَ: يَظَّهَّرُون، والأَصل يَتَظَهَّرُون، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لامرأَته: أَنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمِّي.

وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُطلِّق نِسَاءَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَكَانَ الظِّهارُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام نُهوا عَنْهُ وأُوجبَت الكفَّارةُ عَلَى مَنْ ظاهَرَ مِنَ امرأَته، وَهُوَ الظِّهارُ، وأَصله مأْخوذ مِنَ الظَّهْر، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دُونَ الْبَطْنِ والفَخذِ وَالْفَرْجِ، وَهَذِهِ أَولى بِالتَّحْرِيمِ، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الرُّكُوبِ، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت، فكأَنه إِذا قَالَ: أَنت عَلَيَّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ لِلنِّكَاحِ عَلَيَّ حَرَامٌ كركُوب أُمي لِلنِّكَاحِ، فأَقام الظَّهْرَ مُقامَ الرُّكُوبِ لأَنه مَرْكُوبٌ، وأَقام الركوبَ مُقام النِّكَاحِ لأَن النَّاكِحَ رَاكِبٌ، وَهَذَا مِنْ لَطِيف الِاسْتِعَارَاتِ لِلْكِنَايَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَرادوا أَنتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمي أَي كَجِمَاعِهَا، فكَنَوْا بِالظَّهْرِ عَنِ الْبَطْنِ للمُجاورة، قَالَ: وَقِيلَ إِن إِتْيانَ المرأَة وظهرُها إِلى السَّمَاءِ كَانَ حَرَامًا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ أَهلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إِذا أُتِيت المرأَةُ ووجهُها إِلى الأَرض جَاءَ الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرَّجُلِ المُطَلِّق مِنْهُمْ إِلى التَّغْلِيظِ فِي تَحْرِيمِ امرأَته عَلَيْهِ شبَّهها بِالظَّهْرِ، ثُمَّ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ حَتَّى جَعَلَهَا كظَهْر أُمه؛ قَالَ: وإِنما عُدِّي الظهارُ بِمِنْ لأَنهم كَانُوا إِذا ظَاهَرُوا المرأَةَ تجَنّبُوها كَمَا يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ وَيَحْتَرِزُونَ مِنْهَا، فَكَانَ قَوْلُهُ ظاهَرَ مِنَ امرأَته أَي بعُد وَاحْتَرَزَ مِنْهَا، كَمَا قِيلَ: آلَى مِنَ امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ مَعْنَى التَّبَاعُدِ عُدِّيَ بِمِنْ.

وَفِي كَلَامِ بَعْضِ فُقَهَاءِ أَهل الْمَدِينَةِ: إِذا استُحيضت المرأَةُ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فإِنها تَقْعُدُ أَيامها لِلْحَيْضِ، فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها اسْتَظْهَرت بِثَلَاثَةِ أَيام تَقْعُدُ فِيهَا لِلْحَيْضِ وَلَا تُصلي ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى الِاسْتِظْهَارِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا الاحتياطُ وَالِاسْتِيثَاقُ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الظِّهْرِيّ، وَهُوَ مَا جَعَلْتَه عُدَّةً لِحَاجَتِكَ، قَالَ الأَزهري: واتخاذُ الظِّهْرِيّ مِنَ الدَّوَابِّ عُدَّةً لِلْحَاجَةِ إِليه احتياطٌ لأَنه زِيَادَةٌ عَلَى قَدَرِ حَاجَةِ صاحبِه إِليه، وإِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يَكُونُ مَعَهُ حاجتُه مِنَ الرِّكاب لِحُمُولَتِهِ، فيَحْتاطُ لِسَفِرِهِ ويُعِدُّ بَعيرًا أَو بَعِيرَيْنِ أَو أَكثر فُرَّغًا تَكُونُ مُعدَّةً لِاحْتِمَالِ مَا انقَطَع مِنْ رِكَابِهِ أَو ظَلَع أَو أَصابته آفَةٌ، ثُمَّ يُقَالُ: استَظْهَر بِبَعِيرَيْنِ ظِهْرِيّيْنِ مُحْتَاطًا بِهِمَا ثُمَّ أُقيم الاستظهارُ مُقامَ الِاحْتِيَاطِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ ذَلِكَ البعيرُ ظِهْرِيًّا لأَن صاحبَه جعلَه وَرَاءَ ظَهْرِه فَلَمْ يَرْكَبْهُ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ عُدّةً لِحَاجَتِهِ إِن مَسَّت إِليه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا".

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النَّخْلِ أَن يَسْتَظْهِرُوا»؛ أَي يَحْتَاطُوا لأَرْبابها ويدَعُوا لَهُمْ قدرَ مَا ينُوبُهم ويَنْزِل بِهِمْ مِنَ الأَضْياف وأَبناءِ السَّبِيلِ.

والظاهِرةُ مِنَ الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصف النَّهَارِ.

وَيُقَالُ: إِبِلُ فُلَانٍ تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ.

وَقَالَ شَمِرٌ: الظَّاهِرَةُ الَّتِي تَرِدُ كلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ وتَصْدُرُ عِنْدَ الْعَصْرِ؛ يُقَالُ: شاؤُهم ظَواهِرُ، والظاهرةُ: أَن تَردَ كُلَّ يَوْمٍظُهْرًا.

وظاهرةُ الغِبِّ: هِيَ لِلْغَنَمِ لَا تَكَادُ تَكُونُ للإِبل، وَظَاهِرَةُ الغِبِّ أَقْصَرُ مِنَ الغِبِّ قَلِيلًا.

وظُهَيْرٌ: اسْمٌ.

والمُظْهِرُ، بِكَسْرِ الْهَاءِ: اسمُ رَجُلٍ.

ابْنُ سِيدَهْ: ومُظْهِرُ بنُ رَباح أَحدُ فُرْسان الْعَرَبِ وشُعرائهم.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


84-لسان العرب (وتر)

وتر: الوِتْرُ والوَتْرُ: الفَرْدُ أَو مَا لَمْ يَتَشَفَّعْ مِنَ العَدَدِ.

وأَوْتَرَهُ أَي أَفَذَّهُ.

قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الفَرْدَ الوَتْرَ، وأَهل نَجْدٍ يَكْسِرُونَ الْوَاوَ، وَهِيَ صَلَاةُ الوِتْرِ، والوَتْرِ لأَهل الحجاز، ويقرؤُون: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، وَالْكَسْرُ لِتَمِيمٍ، وأَهل نجد يقرؤُون: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، وأَوْتَرَ: صَلَّى الْوِتْرَ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَوتر فِي الصَّلَاةِ فَعَدَّاهُ بِفِي.

وقرأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: والوِتر، بِالْكَسْرِ.

وقرأَ عَاصِمٌ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ: وَالْوَتْرِ، بِالْفَتْحِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: الْوَتْرُ آدَمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، والشَّفْع شُفِعَ بِزَوْجَتِهِ "، وَقِيلَ: الشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَقِيلَ: الأَعداد كُلَّهَا شَفْعٌ وَوِتْرٌ، كَثُرَتْ أَو قَلَّتْ، وَقِيلَ: الْوَتْرُ اللَّهُ الْوَاحِدُ وَالشَّفْعُ جَمِيعُ الْخَلْقِ خُلِقُوا أَزواجًا، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ؛ كَانَ الْقَوْمُ وِتْرًا فَشَفَعْتهم وَكَانُوا شَفْعًا فَوَتَرْتهم.

ابْنُ سِيدَهْ: وتَرَهُمْ وتْرًا وأَوْتَرَهُمْ جَعَلَ شَفْعَهُمْ وَتْرًا.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ" النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: إِذا اسْتَجْمَرْتَ فأَوْتِرْ أَي اجْعَلِ الْحِجَارَةَ الَّتِي تَسْتَنْجِي بِهَا فَرْدًا، مَعْنَاهُ اسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحجار أَو خَمْسَةٍ أَو "سَبْعَةٍ، وَلَا تَسْتَنْجِ بِالشَّفْعِ، وَكَذَلِكَ يُوتِرُ الإِنسانُ صلاةَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثم يصلي في آخرها رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى؛ وأَوْتَر صَلَاتَهُ.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ فأَوْتِرُوا يَا أَهل الْقُرْآنِ».

وَقَدْ قَالَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالْوِتْرُ: الْفَرْدُ، تُكْسَرُ وَاوُهُ وَتُفْتَحُ، وَقَوْلُهُ: أَوتروا، أَمر بِصَلَاةِ الْوِتْرِ، وَهُوَ أَن يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى ثم يصلي في آخرها رَكْعَةً مُفْرَدَةً وَيُضِيفَهَا إِلى مَا قَبْلَهَا مِنَ الرَّكَعَاتِ.

والوَتْرُ والوِتْرُ والتِّرَةُ والوَتِيرَةُ: الظُّلْمُ فِي الذَّحْل، وَقِيلَ: هُوَ الذَّحْلُ عَامَّةً.

قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الْحِجَازِ يَفْتَحُونَ فَيَقُولُونَ وَتْرٌ، وَتَمِيمٌ وأَهل نَجْدٍ يَكْسِرُونَ فَيَقُولُونَ وِتْرٌ، وَقَدْ وَتَرْتُه وَتْرًا وتِرَةً.

وكلُّ مَنْ أَدركته بِمَكْرُوهٍ، فَقَدَ وَتَرْتَه.

والمَوْتُورُ: الَّذِي قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَلَمْ يُدْرِكْ بِدَمِهِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: وَتَرَهُ يَتِرُه وَتْرًا وتِرَةً.

وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: «أَنا المَوْتُور الثَّائِرُ» أَي صَاحِبُ الوَتْرِ الطالبُ بالثأْر، وَالْمَوْتُورُ الْمَفْعُولُ.

ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ يُونُسُ أَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ: الوِتْرُ فِي الْعَدَدِ والوَتْرُ فِي الذَّحْلِ، قَالَ: وَتَمِيمٌ تَقُولُ وِتر، بِالْكَسْرِ، فِي الْعَدَدِ وَالذَّحْلِ سَوَاءٌ.

الْجَوْهَرِيُّ: الْوِتْرُ، بِالْكَسْرِ، الْفَرْدُ، وَالْوَتْرُ، بِالْفَتْحِ: الذَّحْلُ، هَذِهِ لُغَةُ أَهل الْعَالِيَةِ، فأَما لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ فَبِالضِّدِّ مِنْهُمْ، وأَما تَمِيمٌ فَبِالْكَسْرِ فِيهِمَا.

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الشُّورَى: «لَا تَغْمِدُوا السيوفَ عَنْ أَعدائكم فَتُوتِرُوا ثأْركم».

قَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ الوَتْرِ؛ يُقَالُ: وَتَرْتُ فُلَانًا إِذا أَصبته بِوَتْرٍ، وأَوْتَرْتُه أَوجدته ذَلِكَ، قَالَ: والثَّأْرُ هَاهُنَا العَدُوُّ لأَنه مَوْضِعُ الثأْر؛ الْمَعْنَى لَا تُوجِدوا عدوَّكم الوَتْرَ فِي أَنفسكم.

ووَتَرْتُ الرجلَ: أَفزعتُه؛ عَنِ الْفَرَّاءِ.

ووَتَرَهُ حَقَّه وَمَالَهُ: نَقَصَه إِياه.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ}.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فكأَنما وَتَرَ أَهله وَمَالَهُ»؛ أي نَقَصَ أَهله وَمَالَهُ وَبَقِيَ فَرْدًا؛ يُقَالُ: وتَرْتُه إِذا نَقَصْتَه فكأَنك جَعَلْتَهُ وَتْرًا بَعْدَ أَن كَانَ كَثِيرًا، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَتْرِ الْجِنَايَةُ الَّتِي يَجْنِيهَا الرَّجُلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قَتْلٍ أَو نَهْبٍ أَو سَبْيٍ، فَشَبَّهَ مَا يَلْحَقُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بِمَنْ قُتِلَ حَمِيمُهُ أَو سُلِبَ أَهله وَمَالُهُ؛ وَيُرْوَى بِنَصْبِ الأَهل وَرَفْعِهِ، فَمَنْ نَصَبَ جَعَلَهُ مَفْعُولًا ثَانِيًا لوُتِرَ وأَضمر فِيهَا مَفْعُولًا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عَائِدًا إِلى الَّذِي فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ، وَمَنْ رَفَعَ لَمْ يُضْمِرْ وأَقام الأَهل مُقَامَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لأَنهم الْمُصَابُونَ المأْخوذون، فَمَنْ ردَّ النَّقْصَ إِلى الرَّجُلِ نَصَبَهُمَا، وَمَنْ رَدَّهُ إِلى الأَهل وَالْمَالِ رَفَعَهُمَا وَذَهَبَ إِلى قَوْلِهِ: وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ"، يَقُولُ: لَنْ يَنْقُصَكُمْ مِنْ ثَوَابِكُمْ شَيْئًا.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي لَنْ يَنْتَقِصَكم فِي أَعمالكم، كَمَا تَقُولُ: دَخَلْتُ الْبَيْتَ، وأَنت تُرِيدُ فِي الْبَيْتِ، وَتَقُولُ: قَدْ وَتَرْتُه حَقَّه إِذا نَقَصْتَه، وأَحد الْقَوْلَيْنِ قَرِيبٌ مِنَ الْآخَرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «اعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبَحْرِ فإِن اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا» أَي لَنْ يَنْقُصَك.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً» أَي نَقْصًا، وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ مِثْلُ وَعَدْتُه عِدَةً، وَيَجُوزُ نَصْبُهَا وَرَفْعُهَا عَلَى اسْمِ كَانَ وَخَبَرِهَا، وقيل: أَراد بالتِّرَةِ هاهنا التَّبِعَةَ.

الْفَرَّاءُ: يُقَالُ وَتَرْتُ الرَّجُلَ إِذا قَتَلْتَ لَهُ قَتِيلًا وأَخذت لَهُ مَالًا، وَيُقَالُ: وَتَرَه فِي الذَّحْلِ يَتِرُه وَتْرًا، وَالْفِعْلُ مِنَ الوَتْرِ الذَّحْلِ وَتَرَ يَتِرُ، وَمِنَ الوِتْرِ الفَرْد أَوْتَرَ يُوتِرُ، بالأَلف.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: قَلِّدوا الْخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدوها الأَوْتارَ "؛ هِيَجَمْعُ وِتر، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ الْجِنَايَةُ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: مَعْنَاهُ لَا تَطْلُبوا عَلَيْهَا الأَوْتارَ والذُّحُولَ الَّتِي وُتِرْتُمْ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ" عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ: فأَدْرَكْتَ أَوْتارَ مَا طَلَبُوا.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنها لَخَيْلٌ لَوْ كَانُوا يَضْرِبُونَهَا عَلَى الأَوْتارِ».

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: وَلَا تُقلدوها الأَوتار، قَالَ: غَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ أَشبه عِنْدِي بِالصَّوَابِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: مَعْنَى الأَوتار هَاهُنَا أَوتار القِسِيِّ، وَكَانُوا يُقَلِّدُونَهَا أَوتار القِسِيِّ فَتَخْتَنِقُ، فَقَالَ: لَا تُقَلِّدُوهَا.

وَرُوِيَ: عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بِقَطْعِ الأَوْتارِ مِنْ أَعناق الْخَيْلِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَلَغَنِي أَن مَالِكِ بْنِ أَنس قَالَ: كَانُوا يُقَلِّدُونها أَوتار القِسِيِّ لِئَلَّا تُصِيبَهَا الْعَيْنُ فأَمرهم بِقَطْعِهَا يُعلمهم أَن الأَوْتارَ لَا تَرُدُّ مِنْ أَمر اللَّهِ شَيْئًا "؛ قَالَ: وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا كَرِهَ مِنَ التَّمَائِمِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ: «مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَو تَقَلَّدَ وَتَرًا»، كَانُوا يَزْعُمُونَ أَن التَّقَلُّدَ بالأَوْتارِ يَرُدُّ العَيْنَ وَيَدْفَعُ عَنْهُمُ الْمَكَارِهَ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.

والتَّواتُرُ: التتابُعُ، وَقِيلَ: هُوَ تتابع الأَشياء وبينها فَجَواتٌ وفَتَراتٌ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تواتَرَت الإِبل والقَطا وكلُّ شَيْءٍ إِذا جَاءَ بَعْضَهُ فِي إِثر بَعْضٍ وَلَمْ تَجِئْ مُصْطَفَّةً؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:

قَرِينَةُ سَبْعٍ، إِن تواتَرْنَ مَرَّةً ***ضُرِبْنَ وصَفَّتْ أَرْؤُسٌ وجُنُوبُ

وَلَيْسَتِ المُتَواتِرَةُ كالمُتَدارِكَةِ والمُتَتابِعة.

وَقَالَ مَرَّةً: المُتَواتِرُ الشَّيْءُ يَكُونُ هُنَيْهَةً ثُمَّ يَجِيءُ الْآخَرُ، فإِذا تتابعت فليست مُتَواتِرَةً، وإِنما هِيَ مُتَدارِكة وَمُتَتَابِعَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

ابْنُ الأَعرابي: تَرى يَتْري إِذا تَراخى فِي الْعَمَلِ فَعَمِلَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.

الأَصمعي: واتَرْتُ الخَبَرَ أَتْبَعْتُ وَبَيْنَ الْخَبَرَيْنِ هُنَيْهَةٌ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: المُواتَرَةُ المُتابَعَةُ، وأَصل هَذَا كُلِّهِ مِنْ الوَتْر الوِتْر، وَهُوَ الفَرْدُ، وَهُوَ أَني جَعَلْتُ كُلَّ وَاحِدٍ بَعْدَ صَاحِبِهِ فَرْدًا فَرْدًا.

والمُتَواتِرُ: كُلُّ قَافِيَةٍ فِيهَا حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ بَيْنَ حَرْفَيْنِ سَاكِنَيْنِ نَحْوَ مَفَاعِيلُنْ وَفَاعِلَاتُنْ وَفَعِلَاتُنْ وَمَفْعُولُنْ وفَعْلُنْ وفَلْ إِذا اعْتَمَدَ عَلَى حَرْفٍ سَاكِنٍ نَحْوَ فَعُولُنْ فَلْ؛ وإِياه عَنَى أَبو الأَسود بِقَوْلِهِ:

وقافيةٍ حَذَّاءَ سَهْلٍ رَوِيُّها ***كَسَرْدِ الصَّنَاعِ، لَيْسَ فِيهَا تواتُرُ

أَي لَيْسَ فِيهَا تَوَقُّفٌ وَلَا فُتُورٌ.

وأَوْتَرَ بَيْنَ أَخباره وكُتُبه وواتَرَها مُواتَرَةً ووِتارًا: تابَعَ وَبَيْنَ كُلِّ كِتَابَيْنِ فَتْرَةٌ قَلِيلَةٌ.

والخَبَرُ المُتَواتِرُ: أَن يحدِّثه وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مِثْلُ المُتواتِرِ.

والمُواتَرَةُ: الْمُتَابَعَةُ، وَلَا تَكُونُ المُواتَرَةُ بَيْنَ الأَشياء إِلا إِذا وَقَعَتْ بَيْنَهَا فَتْرَةٌ، وإِلا فَهِيَ مُدارَكَة ومُواصَلة.

ومُواتَرَةُ الصَّوْمِ: أَن يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوُمًا أَو يَوْمَيْنِ، ويأْتي بِهِ وِتْرًا؛ قَالَ: وَلَا يُرَادُ بِهِ الْمُوَاصَلَةُ لأَن أَصله مِنَ الوِتْرِ، وَكَذَلِكَ واتَرْتُ الكُتُبَ فَتَواتَرَت أَي جَاءَتْ بعضُها فِي إِثر بَعْضٍ وِتْرًا وِتْرًا مِنْ غَيْرِ أَن تَنْقَطِعَ.

وَنَاقَةٌ مُواتِرَةٌ: تَضَعُ إِحدى رُكْبَتَيْهَا أَوّلًا فِي البُرُوكِ ثُمَّ تَضَعُ الأُخرى وَلَا تَضَعُهُمَا مَعًا فَتَشُقَّ عَلَى الرَّاكِبِ.

الأَصمعي: المُواتِرَةُ مِنَ النُّوقِ هِيَ الَّتِي لَا تَرْفَعُ يَدًا حَتَّى تَسْتَمْكِنَ مِنَ الأُخرى، وإِذا بَرَكَتْ وَضَعَتْ إِحدى يَدَيْهَا، فإِذا اطمأَنت وَضَعَتِ الأُخرى فإِذا اطمأَنت وَضَعَتْهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ تَضَعُ وَرِكَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا؛ وَالَّتِي لَا تُواتِرُ تَزُجُّ بِنَفْسِهَا زَجًّا فَتَشُقَّ عَلَى رَاكِبِهَا عِنْدَ الْبُرُوكِ.

وَفِي كِتَابِ هِشَامٍ إِلى عَامِلِهِ: أَن أَصِبْ لِي نَاقَةً مُواتِرَةً؛ هِيَ الَّتِي تَضَعُ قَوَائِمَهَا بالأَرض وِتْرًا وِتْرًا عِنْدَ البُروك وَلَا تَزُجُّ نَفْسَهَا" زَجًّا فَتَشُقَّ على راكبها، وَكَانَ بِهِشَامٍ فَتْقٌ.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «أَلِّفْ جَمْعَهُم وواتِرْ بَيْنَ مِيَرِهم»أَي لَا تَقْطَعِ المِيْرَةَ عَنْهُمْ واجْعَلْها تَصِلُ إِليهم مَرَّةً بعد مرة.

وجاؤوا تَتْرى وتَتْرًا أَي مُتَواتِرِين، التَّاءَ مُبْدَلَةُ مِنَ الْوَاوِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا الْبَدَلُ قِيَاسًا إِنما هُوَ فِي أَشياء مَعْلُومَةٍ، أَلا تَرَى أَنك لَا تقول في وَزِير تَزِيرٌ؟ إِنما تَقِيسُ عَلَى إِبدال التَّاءِ مِنَ الْوَاوِ في افْتَعَل وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا، إِذا كَانَتْ فَاؤُهُ وَاوًا فإِن فَاءَهُ تُقْلَبُ تَاءً وَتُدْغَمُ فِي تَاءِ افْتَعَلَ الَّتِي بَعْدَهَا، وَذَلِكَ نَحْوُ اتَّزَنَ؛ وَقَوْلُهُ تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا}؛ مِنْ تُتَابِعِ الأَشياء وَبَيْنَهَا فَجَواتٌ وفَتَراتٌ لأَن بَيْنَ كُلِّ رَسُولَيْنِ فَتْرَةً، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُنَوِّنُهَا فَيَجْعَلُ أَلفها للإِلحاق بِمَنْزِلَةِ أَرْطى ومِعْزى، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْرِفُ، يَجْعَلُ أَلفها للتأْنيث بِمَنْزِلَةِ أَلف سَكْرى وغَضْبى؛ الأَزهري: قرأَ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ: تَتْرًى مُنَوَّنَةً وَوَقَفَا بالأَلف، وقرأَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ: تَتْرى غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وأَكثر الْعَرَبِ عَلَى تَرْكِ تَنْوِينِ تَتْرَى لأَنها بِمَنْزِلَةِ تَقْوى، وَمِنْهُمْ مَنْ نَوَّنَ فِيهَا وَجَعَلَهَا أَلفًا كأَلف الإِعراب؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَنْ قرأَ تَتْرى فَهُوَ مِثْلُ شَكَوْتُ شَكْوى، غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ لأَن فِعْلى وفَعْلى لَا يُنَوَّنُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ؛ قَالَ: وَمَنْ قرأَها بِالتَّنْوِينِ فَمَعْنَاهُ وَتْرًا، فأَبدل التَّاءَ مِنَ الْوَاوِ، كَمَا قَالُوا تَوْلَج مِنْ وَلَجَ وأَصله وَوْلَجٌ كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ: " فإِن يَكُنْ أَمْسى البِلى تَيْقُورِي أَرادَ وَيْقُورِي، وَهُوَ فَيْعُول مِنَ الوَقار، وَمَنْ قرأَ تَتْرى فَهُوَ أَلف التأْنيث، قَالَ: وتَتْرى مِنَ الْمُوَاتَرَةِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: سأَلت يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا}، قَالَ: مُتَقَطِّعَةً مُتَفاوِتَةً.

وَجَاءَتِ الْخَيْلُ تَتْرى إِذا جَاءَتْ مُتَقَطِّعَةً؛ وَكَذَلِكَ الأَنبياء: بَيْنَ كُلِّ نَبِيَّيْنِ دَهْرٌ طَوِيلٌ.

الْجَوْهَرِيُّ: تَتْرى فِيهَا لُغَتَانِ: تُنَوَّنُ وَلَا تُنَوَّنُ مِثْلَ عَلْقى، فَمَنْ تَرَكَ صَرْفَهَا فِي الْمَعْرِفَةِ جَعَلَ أَلفها أَلف تأْنيث، وَهُوَ أَجود، وأَصلها وَتْرى مِنَ الوِتْرِ وَهُوَ الْفَرْدُ، وتَتْرى أَي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَمَنْ نَوَّنَهَا جَعَلَهَا مُلْحَقَةً.

وَقَالَ" أَبو هُرَيْرَةَ: لَا بأْس بِقَضَاءِ رَمَضَانَ تَتْرى أَي مُتَقَطِّعًا.

وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «لَا بأْس أَن يُواتِرَ قضاءَ رَمَضَانَ»؛ أي يُفَرِّقَهُ فيصومَ يَوْمًا ويُفْطِرَ يَوْمًا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِيهِ فَيَقْضِيهِ وِتْرًا وِتْرًا.

وَالْوَتِيرَةُ: الطَّرِيقَةُ، قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ مِنَ التَّواتُرِ أَي التَّتَابُعِ، وَمَا زَالَ عَلَى وَتِيرةٍ وَاحِدَةٍ أَي عَلَى صِفَةٍ.

وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: «كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِي جَارًا فَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَمَّا وَلِيَ قُلْتُ: لأَنظرنّ الْيَوْمَ إِلى عَمَلِهِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى مَاتَ»أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ مُطَّرِدَةٍ يَدُومُ عَلَيْهَا.

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الوَتِيرَةُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّواتُرِ والتتابُع.

والوَتِيرَةُ فِي غَيْرِ هَذَا: الفَتْرَةُ عَنِ الشَّيْءِ وَالْعَمَلِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً فِي سَيْرِهَا:

نَجَأٌ مُجِدٌّ لَيْسَ فِيهِ وَتِيرَةٌ ***ويَذُبُّها عَنْهَا بأَسْحَمَ مِذْوَدِ

يَعْنِي القَرْنَ.

وَيُقَالُ: مَا فِي عَمَلِهِ وَتِيرَةٌ، وسَيْرٌ لَيْسَتْ فِيهِ وَتِيرَةٌ أَي فُتُورٌ.

والوَتِيرَةُ: الفَتْرَةُ فِي الأَمر والغَمِيزَةُ وَالتَّوَانِي.

والوَتِيرَةُ: الحَبْسُ والإِبطاء.

ووَتَرَةُ الفخِذِ: عَصَبَةٌ بَيْنَ أَسفل الْفَخِذِ وَبَيْنِ الصَّفنِ.

والوَتِيرَةُ والوَتَرَةُ فِي الأَنف: صِلَةُ مَا بَيْنَ الْمُنْخُرَيْنِ، وَقِيلَ: الوَتَرَةُ حَرْفُ الْمَنْخَرِ، وَقِيلَ: الوَتِيرَةُ الْحَاجِزُ بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِ الأَنف دُونَ الغُرْضُوف.

وَيُقَالُ لِلْحَاجِزِ الَّذِي بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ: غُرْضُوفٌ، وَالْمَنْخَرَانِ: خَرْقَا الأَنف، ووَتَرَةُ الأَنف: حِجابُ مَا بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ، وَكَذَلِكَ الوَتِيرَة.

وَفِي حَدِيثِ زَيْدٍ: «فِي الوَتَرَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ»؛ هِيَ وتَرَةُ الأَنف الْحَاجِزَةُ بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ.

اللِّحْيَانِيُّ: الوَتَرَةُ مَا بَيْنَ الأَرْنَبَةِ والسَّبَلَةِ.

وَقَالَ الأَصمعي: خِتارُ كُلِّ شَيْءٍ وَتَرُه.

ابْنُ سِيدَهْ: والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ غُرَيضيفٌ فِي أَعلى الأُذن يأْخُذُ مِنْ أَعلى الصِّماخ.

وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْوَتِيرَةُ غُرَيْضِيفٌ فِي جَوْفِ الأُذن يأْخذ مِنْ أَعلى الصِّمَاخِ قَبْلَ الفَرْع.

والوَتَرَةُ مِنَ الفَرَسِ: مَا بَيْنَ الأَرْنَبَةِ وأَعلى الجَحْفَلةِ.

والوَتَرَتان: هَنَتانِ كأَنهما حَلْقَتَانِ فِي أُذني الْفَرَسِ، وَقِيلَ: الوَتَرَتانِ العَصَبتان بين رؤوس العُرْقُوبين إِلى المَأْبِضَيْنِ، وَيُقَالُ: تَوَتَّرَ عَصَبُ فَرَسِهِ.

والوَتَرَة مِنَ الذَّكر: العِرْقُ الَّذِي فِي بَاطِنِ الحَشَفَة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي بَيْنَ الذَّكَرِ والأُنثيين.

وَالْوَتَرَتَانِ: عَصْبَتَانِ بين المأْبضين وبين رؤوس العُرقوبين.

والوَتَرَةُ أَيضًا: العَصَبَةُ الَّتِي تَضُمُّ مَخْرَجَ رَوْثِ الْفَرَسِ.

الْجَوْهَرِيُّ: والوَتَرَةُ الْعِرْقُ الَّذِي فِي بَاطِنِ الكَمَرَة، وَهُوَ جُلَيْدَةٌ.

ووَتَرَةُ كُلِّ شَيْءٍ: حِتارُه، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنَ حُرُوفِهِ كَحِتارِ الظُّفْرِ والمُنْخُلِ والدُّبُر وَمَا أَشبهه.

والوَتَرَةُ: عَقَبَة المَتْنِ، وَجَمْعُهَا وَتَرٌ.

ووَتَرَةُ الْيَدِ ووَتِيرَتُها: مَا بَيْنَ الأَصابع، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا بَيْنَ كُلِّ إِصبعين وَتَرَةٌ، فَلَمْ يَخُصَّ الْيَدَ دُونَ الرِّجْلِ.

والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ: جُلَيْدَة بَيْنَ السَّبَّابَةِ والإِبهام.

والوَتَرَةُ: عَصَبَةٌ تَحْتَ اللِّسَانِ.

والوتِيرَةُ: حَلْقَةٌ يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الطَّعْنُ، وَقِيلَ: هِيَ حَلْقَةٌ تُحَلِّقُ عَلَى طَرَفِ قَناةٍ يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الرَّمْيُ تَكُونُ مِنْ وَتَرٍ وَمِنْ خَيْطٍ؛ فأَما قَوْلُ أُم سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

حَامِي الحقيقةِ ماجِدٌ ***يَسْمُو إِلى طَلَبِ الوَتِيرَهْ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فَسَّرَ الوَتِرة هُنَا بأَنها الحَلْقَةُ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ، إِنما الْوَتِيرَةُ هُنَا الذَحْلُ أَو الظُّلْمُ فِي الذحلِ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الوَتِيرة الَّتِي يُتَعَلَّمُ الطَّعْنُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الحَلْقَةَ.

والوَتِيرة: قِطْعَةٌ تَسْتَكِنُّ وتَغْلُظ وَتَنْقَادُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ:

لَقَدْ حَبَّبَتْ نُعْمٌ إِلينا بِوَجْهِهَا ***مَنازِلَ مَا بَيْنَ الوَتائِرِ والنَّقْعِ

وَرُبَّمَا شُبِّهَتِ الْقُبُورُ بِهَا؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ ضَبُعًا نَبَشَتْ قَبْرًا:

فَذاحَتْ بالوَتائِر ثُمَّ بَدَّتْ ***يَدَيْهَا عِنْدَ جَانِبِهَا، تَهِيلُ

ذَاحَتْ: يَعْنِي ضَبُعًا نَبَشَتْ عَنْ قَبْرِ قَتِيلٍ.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَاحَتْ مَشَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذاحَتْ مَرَّتْ مَرًّا سَرِيعًا؛ قَالَ: والوَتائِرُ جَمْعُ وَتِيرَةٍ الطَّرِيقَةُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ: وَهَذَا تَفْسِيرُ الأَصمعي؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانيُّ: الْوَتَائِرُ هَاهُنَا مَا بَيْنَ أَصابع الضَّبُعِ، يُرِيدُ أَنها فَرَّجَتْ بَيْنَ أَصابعها، وَمَعْنَى بَدَّتْ يَدَيْهَا أَي فَرَّقَتْ بَيْنَ أَصابع يَدَيْهَا فَحَذَفَ الْمُضَافَ.

وتَهِيل: تَحْثُو الترابَ.

الأَصمعي: الوَتِيرَةُ مِنَ الأَرض، وَلَمْ يَحُدَّها.

الْجَوْهَرِيُّ: الوَتِيرَةُ مِنَ الأَرض الطَّرِيقَةُ.

والوَتِيرَةُ: الأَرض الْبَيْضَاءُ.

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَتِيرُ نَوْرُ الوردِ، وَاحِدَتُهُ وَتِيرَةٌ.

والوَتِيرَةُ: الوَرْدَةُ الْبَيْضَاءُ.

والوتِيرَةُ: الغُرّة الصَّغِيرَةُ.

ابْنُ سِيدَهْ: الوَتِيرَة غُرَّةُ الْفَرَسِ إِذا كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً، فإِذا طَالَتْ فَهِيَ الشَّادِخَة.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شُبِّهَتْ غُرَّةُ الْفَرَسِ إِذا كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الطَّعْنُيُقَالُ لَهَا الْوَتِيرَةُ.

الْجَوْهَرِيُّ: الْوَتِيرَةُ حَلْقَةٌ مِنْ عَقَبٍ يُتَعَلَّمُ فِيهَا الطَّعْنُ، وَهِيَ الدَّرِيئَةُ أَيضًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:

تُبارِي قُرْحَةً مثل الْوَتِيرَةِ ***لَمْ تَكُنْ مَغْدَا

المَغْدُ: النَّتْفُ، أَي مَمْغُودَةً، وُضِعَ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الصِّفَةِ؛ يَقُولُ: هَذِهِ الْقُرْحَةُ خِلْقَةٌ لَمْ تُنْتَفْ فتبيضَّ.

وَالْوَتَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدُ أَوتار الْقَوْسِ.

ابْنُ سِيدَهْ: الوَتَرُ شِرْعَةُ الْقَوْسِ ومُعَلَّقُها، وَالْجَمْعُ أَوتارٌ.

وأَوْتَرَ القوسَ: جَعَلَ لَهَا وَتَرًا.

وَوتَرَها وَوتَّرها: شدَّ وتَرَها.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَتَّرَها وأَوْتَرَها شَدَّ وَتَرَها.

وَفِي الْمَثَلِ: إِنْباضٌ بِغَيْرِ تَوْتِير.

ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ أَمثالهم: لَا تَعْجَلْ بالإِنْباضِ قَبْلَ التَّوتِيرِ؛ وَهَذَا مَثَلٌ فِي اسْتِعْجَالِ الأَمر قَبْلَ بُلُوغِ إِناه.

قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَتَرَها، خَفِيفَةً، عَلَّق عَلَيْهَا وَتَرَهَا.

والوَتَرَةُ: مَجْرَى السَّهْمِ مِنَ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ عَنْهَا يَزِلُّ السَّهْمُ إِذا أَراد الرَّامِي أَن يَرْمِيَ.

وتَوَتَّرَ عَصَبُه: اشْتَدَّ فَصَارَ مِثْلَ الوَتَر.

وتَوَتَّرَتْ عُرُوقُهُ: كَذَلِكَ.

كلُّ وَتَرَة فِي هَذَا الْبَابِ، فَجَمْعُهَا وتَرٌ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

فِيمَ نِساءُ الحَيِّ مِنْ وَتَرِيَّةٍ ***سَفَنَّجَةٍ، كأَنَّها قَوْسُ تَأْلَبِ؟

قِيلَ: هَجَا امرأَة نَسَبَهَا إِلى الْوَتَائِرِ، وَهِيَ مَسَاكِنُ الَّذِينَ هَجَا، وَقِيلَ: وَتَرِيَّة صُلْبَة كالوَتَرِ.

والوَتِيرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:

وَلَمْ يَدَعُوا، بَيْنَ عَرْضِ الوَتِير ***وَبَيْنَ المناقِب، إِلا الذِّئابا

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


85-لسان العرب (جرس)

جرس: الجَرْسُ: مصدرٌ، الصوتُ المَجْرُوسُ.

والجَرْسُ: الصوتُ نَفْسُهُ.

والجَرْسُ: الأَصلُ، وَقِيلَ: الجَرْسُ والجِرْسُ الصَّوْتُ الخَفِيُّ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الجَرْسُ والجِرْسُ والجَرَسُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الحركةُ والصوتُ مِنْ كُلِّ ذِي صَوْتٍ، وَقِيلَ: الجَرْس، بِالْفَتْحِ، إِذا أُفرد، فإِذا قالوا: ما سمعت لَهُ حِسًّا وَلَا جِرْسًا، كَسَرُوا فأَتبعوا اللَّفْظَ اللَّفْظَ.

وأَجْرَسَ: عَلَا صَوْتُهُ، وأَجْرَسَ الطائرُ إِذا سمعتَ صوتَ مَرِّه؛ قَالَ جَنْدَلُ بنُ المُثَّنَّى الْحَارِثِيُّ الطُّهَوِيُّ يُخَاطِبُ امرأَته:

لَقَدْ خَشِيتُ أَن يَكُبَّ قابِرِي ***وَلَمْ تُمارِسْكِ مِنَ الضَّرائرِ

شِنْظِيرَةٌ شائِلَةُ الجَمائِرِ، ***حَتَّى إِذا أَجْرَسَ كلُّ طائِرِ،

قامتْ تُعَنْظِي بكِ سِمْعَ الحاضِرِ يَقُولُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَن أَموت وَلَا أَرى لَكِ ضَرَّةً سَلِطَةً تُعَنظِي بكِ وتُسْمِعُكِ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ إِجْراس الطَّائِرِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الصَّباح.

وَالْجَمَائِرُ: جَمْعُ جَمِيرة، وَهِيَ ضَفِيرَةُ الشَّعْرِ، وَقِيلَ: جَرَسَ الطائرُ وأَجْرَس صَوَّتَ.

وَيُقَالُ: سَمِعْتُ جَرْسَ الطَّيْرِ إِذا سَمِعْتُ صَوْتَ مَنَاقِيرِهَا عَلَى شَيْءٍ تأْكله.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فَتَسْمَعُونَ صوتَ جَرْسِ طَيْرِ الْجَنَّةِ»؛ أَي صوتَ أَكلها.

قَالَ الأَصْمَعِيُّ: كنتُ فِي مَجْلِسِ شُعْبَةَ قَالَ: فَتَسْمَعُونَ جَرْشَ طَيْرِ الْجَنَّةِ، بِالشِّينِ، فَقُلْتُ: جَرْسَ، فَنَظَرَ إِليَّ وَقَالَ: خُذُوهَا عَنْهُ فإِنه أَعلم بِهَذَا مِنَّا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «فأَقبل الْقَوْمُ يَدِبُّونَ ويُخْفُونَ الجَرْسَ»؛ أَي الصَّوْتَ.

وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي صِفَةِ الصَّلْصالِ قَالَ: «أَرض خِصْبَةٌ جَرِسَةٌ»؛ الجَرْسة: الَّتِي تصوِّت إِذا حُرِّكَتْ وَقُلِبَتْ وأَجْرَسَ الْحَادِي إِذا حَدَا للإِبل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَجْرِسْ لَهَا يَا ابنَ أَبي كِباشِ، ***فَمَا لَها الليلةَ مِنْ إِنْفاشِ،

غيرَ السُّرَى وسائِقٍ نَجَّاشِ "أَي احْدُ لَهَا لتَسْمَعَ الحُداءَ فتَسِيرَ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ بِالشِّينِ وأَلف الْوَصْلِ، وَالرُّوَاةُ عَلَى خِلَافِهِ.

وجَرَسْتُ وتَجَرَّسْتُ أَي تَكَلَّمَتْ بِشَيْءٍ وَتَنَغَّمَتْ بِهِ.

وأَجْرَسَ الحَيُّ: سمعتُ جَرْسه.

وَفِي التَّهْذِيبِ: أَجْرَسَ الحيُّ إِذا سَمعت صوتَ جَرْسِ شَيْءٍ.

وأَجرَسني السَّبُعُ: سَمِعَ جَرْسِي.

وجَرَسَ الكلامَ: تَكَلَّمَ بِهِ.

وفلانٌ مَجْرَسٌ لِفُلَانٍ: يأْنس بِكَلَامِهِ وَيَنْشَرِحُ بِالْكَلَامِ عِنْدَهُ؛ قَالَ:

أَنْتَ لِي مَجْرَسٌ، إِذا ***مَا نَبا كلُّ مَجْرَسِ

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فُلَانٌ مَجْرَسٌ لِفُلَانٍ أَي مأْكلٌ ومُنتَفَعٌ.

وَقَالَ مَرَّةً: فُلَانٌ مَجْرَسٌ لِفُلَانٍ أَي يأْخذ مِنْهُ ويأْكل مِنْ عِنْدِهِ.

والجَرَسُ: الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ.

وأَجْرَسه: ضَرَبَهُ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: لَا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ "؛ هُوَ الجُلْجُلُ الَّذِي يُعَلَّقُ عَلَى الدَّوَابِّ؛ قِيلَ: إِنما كَرِهَهُ لأَنه يَدُلُّ عَلَى أَصحابه بِصَوْتِهِ؛ وَكَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُحِبُّ أَن لَا يَعْلَمَ الْعَدُوُّ بِهِ حَتَّى يأْتيهم فجأَةً، وَقِيلَ الجَرَسُ الَّذِي يُعلق فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ.

وأَجْرَسَ الحَلْيُ: سُمِع لَهُ صوتٌ مِثْلُ صَوْتِ الجَرَسِ، وَهُوَ صوتُ جَرْسِه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

تَسْمَعُ للحَلْيِ إِذا مَا وَسْوَسا، ***وارْتَجَّ فِي أَجيادِها وأَجْرَسا،

زَفْزَفَةَ الرِّيحِ الحَصادَ اليَبَسا "وجَرْس الحَرْفِ: نَغْمَتُه.

والحروفُ الثَّلَاثَةُ الجُوفُ: وَهِيَ الْيَاءُ والأَلف وَالْوَاوُ، وسائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ.

أَبو عُبَيْدٍ: والجَرْسُ الأَكل، وَقَدْ جَرَسَ يَجْرُسُ.

والجاروسُ: الْكَثِيرُ الأَكل.

وجَرَسَت الماشيةُ الشجرَ والعُشْبَ تَجْرِسُه وتَجْرُسُه جَرْسًا: لَحَسَتْه.

وجَرَسَت الْبَقَرَةُ وَلَدَهَا جَرْسًا: لَحَسَتْهُ، وَكَذَلِكَ النحلُ إِذا أَكلت الشَّجَرَ للتَّعْسِيل؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ نَحْلًا:

جَوارِسُها تَأْوي الشُّعُوفَ دَوائِبًا، ***وتَنصَبُّ أَلْهابًا مَصِيفًا كِرابُها

وجَرَسَتِ النحلُ العُرْفُطَ تَجْرُسُ [تَجْرِسُ] إِذا أَكلته، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّحْلِ: جَوارِسُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَسَقَتْهُ عَسَلًا، فَتَواطَأَتْ ثِنْتَانِ مِنْ نسائه أَن تقول أَيَّتُهما دَخَلَ عَلَيْهَا: أَكَلْتَ مَغافِيرَ، فإِن قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَشَرِبْتَ إِذًا عَسَلًا جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُطَ»؛ أَي أَكلتْ ورَعَتْ.

والعُرْفُطُ: شَجَرٌ.

ونَحْلٌ جَوارِسُ: تَأْكل ثَمَرَ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ النَّحْلَ:

يَظَلُّ عَلَى الثَّمْراءِ مِنْهَا جَوارِسٌ، ***مَراضيعُ صُهْبُ الرّيشِ زُغْبٌ رِقابُها

وَالثَّمْرَاءُ: جَبَلٌ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْمٌ لِلشَّجَرِ المُثْمِر.

وَمَرَاضِيعُ: صغارٌ، يَعْنِي أَن عَسَلَ الصِّغار مِنْهَا أَفضل مِنْ عَسَلِ الْكِبَارِ.

والصُّهْبَةُ: الشُّقْرَةُ، يُرِيدُ أَجنحتها.

اللَّيْثُ: النحلُ تَجْرُسُ العسلَ جَرْسًا وتجرُسُ النَّوْرَ، وَهُوَ لَحْسُها إِياه، ثُمَّ تُعَسِّله.

ومرَّ جَرْسٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي وقتٌ وَطَائِفَةٌ مِنْهُ.

وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ فِيهِ: جَرَسٌ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ بِالشِّينِ مُعْجَمَةٍ، وَالْجَمْعُ أَجْراسٌ وجُرُوسٌ.

وَرَجُلٌ مُجَرَّسٌ ومُجَرِّسٌ: مُجَرِّبٌ للأُمور؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي أَصابته الْبَلَايَا، وَقِيلَ: رَجُلٌ مُجَرَّسٌ إِذا جَرَّس الأُمور وَعَرَفَهَا، وَقَدْ جَرَّسَتْه الأُمورُ أَي جَرَّبَتْه وأَحكمته؛ وأَنشد:

مُجَرِّساتٍ غِرَّة الغَرِيرِ ***بالزَّجْرِ، والرَّيْمُ عَلَى المَزْجُورِ

وأَوَّل هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:

جارِيَ لَا تَسْتَنْكِري غَدِيري، ***سَيْرِي وإِشفاقي عَلَى بعيرِي،

وحَذَرِي مَا لَيْسَ بالمَحْذُورِ، ***وكَثْرَةَ التَحْدِيثِ عَنْ شُقُوري،

وحِفْظَةً أَكَنَّها ضَمِيرِي "أَي لَا تُنْكِرِي حِفظَة أَي غَضَبًا أَغضبه مِمَّا لَمْ أَكن أَغضب مِنْهُ؛ ثُمَّ قَالَ:

والعَصْرَ قَبلَ هَذِهِ العُصُورِ، ***مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ

بالزَّجْرِ، والرَّيْمُ عَلَى المَزْجُورِ الْعَصْرُ: الزَّمَنُ، وَالدَّهْرُ.

وَالتَّجْرِيسُ: التَّحْكِيمُ وَالتَّجْرِبَةُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الْعُصُورُ قَدْ جَرَّسَت الغِرَّ مِنَّا أَي حَكَمَتْ بِالزَّجْرِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي إِتيانه.

والرِّيْمُ: الْفَضْلُ، فَيَقُولُ: مَنْ زُجِرَ فَالْفَضْلُ عَلَيْهِ لأَنه لَا يُزْجَرُ إِلا عَنْ أَمر قَصَّرَ فِيهِ.

وَفِي حَدِيثَ نَاقَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَتْ نَاقَةً مُجَرَّسَةً "أَي مُجَرَّبة مُدَرَّبة فِي الرُّكُوبِ وَالسَّيْرِ.

والمُجَرَّسُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِي قَدْ جرَّبَ الأُمور وخَبَرَها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ لَهُ طَلحَة: قَدْ جَرّسَتْك الدُّهورُ أَي حَنَّكَتك وأَحكمتك وَجَعَلَتْكَ خَبِيرًا بالأُمور مجرَّبًا، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَاهُ.

أَبو سَعِيدٍ: اجْتَرَسْتُ واجْتَرَشْتُ أَي كَسَبْتُ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


86-لسان العرب (نقع)

نقع: نَقَعَ الماءُ فِي المَسِيلِ وَنَحْوِهِ يَنْقَعُ نُقُوعًا واسْتَنْقَعَ: اجْتَمَعَ.

واسْتَنْقَعَ الماءُ فِي الغَدِيرِ أَي اجْتَمَعَ وَثَبَتَ.

وَيُقَالُ: استنقَعَ الماءُ إِذا اجْتَمَعَ فِي نِهْيٍ أَو غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعًا.

وَيُقَالُ: طالَ إِنْقاعُ الماءِ واسْتِنْقاعُه حَتَّى اصْفَرَّ.

والمَنْقَعُ، بِالْفَتْحِ: المَوْضِعُ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الماءُ، وَالْجَمْعُ مَناقِعُ.

وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: «إِذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمنِ جاءَه ملَكُ الموتِ»أَي إِذا اجْتَمَعَتْ فِي فِيهِ تُرِيدُ الْخُرُوجَ كَمَا يَسْتَنْقِعُ الماءُ فِي قَرارِه، وأَراد بالنفْسِ الرُّوحَ؛ قَالَ الأَزهري: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ مَخْرَجٌ آخَر وهو من قَوْلُهُمْ نَقَعْتُه إِذا قَتَلْتَهُ، وَقِيلَ: إِذا اسْتَنْقَعَتْ، يَعْنِي إِذا خرجَت؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَا أَعرفها؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ: " مُسْتَنْقِعانِ عَلَى فُضُولِ المِشْفَرِ قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَعْنِي نَابَيِ النَّاقَةِ أَنهما مُسْتَنْقِعانِ فِي اللُّغامِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ: مُصَوِّتانِ.

والنَّقْعُ: مَحْبِسُ الماءِ.

والنَّقْعُ: الماءُ الناقِعُ أَي المُجْتَمِعُ.

ونَقْعُ البئرِ: الماءُ المُجْتَمِعُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَقَى.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ البئرِ وَلَا رَهْوُ الماءِ».

وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يَقْعُدْ أَحدُكم فِي طريقٍ أَو نَقْعِ ماءٍ»، يَعْنِي عِنْدَ الحَدَثِ وقضاءِ الحاجةِ.

والنَّقِيعُ: البئرُ الكثيرةُ الماءِ، مُذَكَّر والجمعُ أَنْقِعةٌ، وكلُّ مُجْتَمَعِ ماءٍ نَقْعٌ، وَالْجَمْعُ نُقْعانٌ، والنَّقْعُ: القاعُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الحُرَّةُ الطينِ لَيْسَ فِيهَا ارْتفاع وَلَا انْهِباط، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ وَقَالَ: الَّتِي يسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ نِقاعٌ وأَنْقُعٌ مِثْلُ بَحْرٍ وبِحارٍ وأَبْحُرٍ، وَقِيلَ: النِّقاعُ قِيعانُ الأَرض؛ وأَنشد:

يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنَّه، ***عَنِ الرَّوْضِ مِنْ فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: نَقْعُ البئرِ فَضْلُ مائِها الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا أَو مِنَ الْعَيْنِ قَبْلَ أَن يَصِيرَ فِي إِناء أَو وِعاء، قَالَ: وَفَسَّرَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الماءِ لِيَمْنَع بِهِ فَضْلَ الكَلإِ مَنَعَه اللَّهُ فَضْلَه يومَ القيامةِ "؛ وأَصل هَذَا فِي الْبِئْرِ يَحْتَفِرُهَا الرَّجُلُ بالفَلاةِ مِنَ الأَرض يَسْقِي بِهَا مَواشِيَه، فإِذا سَقاها فَلَيْسَ لَهُ أَن يَمْنَعَ الماءَ الفاضِلَ عَنْ مَواشِيهِ مَواشِيَ غَيْرِهِ أَو شَارِبًا يَشْرَبُ بشَفَتِه، وإِنما قِيلَ لِلْمَاءِ نَقْعٌ لأَنه يُنْقَعُ بِهِ العَطَشُ أَي يُرْوَى بِهِ.

يُقَالُ: نَقَعَ بِالرِّيِّ وبَضَعَ.

ونَقَعَ السّمُّ فِي أَنْيابِ الحيَّةِ: اجْتَمعَ، وأَنْقَعَتْه الحيّةُ؛ قَالَ:

أَبَعْدَ الَّذِي قَدْ لَجَّ تَتَّخِذِينَني ***عَدُوًّا، وَقَدْ جَرَّعْتِني السّمَّ مُنْقَعا؟

وَقِيلَ: أَنْقَعَ السمَّ عَتَّقَه.

وَيُقَالُ: سُمٌّ ناقِعٌ أَي بالِغٌ قاتِلٌ، وَقَدْ نَقَعَه أَي قَتَلَه، وَقِيلَ: ثَابِتٌ مُجْتَمِعٌ مِنْ نَقْعِ الْمَاءِ.

وَيُقَالُ: سُمٌّ مَنْقُوعٌ ونَقِيعٌ وناقِعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ ***مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ

وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ: «رأَيتُ البَلايا تَحْمِلُ الْمَنَايَا»، نَواضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ السُّمَّ الناقِعَ.

وموْتٌ ناقِعٌ أَي دائِمٌ.

ودمٌ ناقِعٌ أَي طَرِيٌّ؛ قَالَ قَسّام بْنُ رَواحةَ:

وَمَا زالَ مِنْ قَتْلَى رِزاحٍ بعالِجٍ ***دَمٌ ناقِعٌ، أَو جاسِدٌ غيرُ ماصِحِ

قَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُرِيدُ بالناقِعِ الطَّرِيَّ وبالجاسِدِ القَدِيمَ.

وسَمٌّ مُنْقَعٌ أَي مُرَبًّى؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " فِيهَا ذَراريحٌ وسَمٌّ مُنْقَعُ "يَعْنِي فِي كأْس الْمَوْتِ.

واسْتَنْقَعَ فِي الْمَاءِ: ثَبَتَ فِيهِ يَبْتَرِدُ، وَالْمَوْضِعُ مُسْتَنْقَعٌ، وَكَانَ عَطَاءُ يَسْتَنْقِعُ فِي حِياضِ عَرَفةَ أَي يدخلُها ويَتَبَرَّد بِمَائِهَا.

واسْتُنْقِعَ الشَّيْءُ فِي الْمَاءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

والنَّقِيعُ والنَّقِيعةُ: المَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ يُبَرَّدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أُطَوِّفُ، مَا أُطَوِّفُ، ثُمَّ آوِي ***إِلى أُمِّي، ويَكْفِيني النَّقِيعُ

وَهُوَ المُنْقَعُ أَيضًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:

قانَى لَهُ فِي الصَّيْفِ ظِلٌّ بارِدٌ، ***ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ونصِيُّ باعِجةٍ، بِالْبَاءِ؛ قَالَ أَبو هِشَامٍ: الباعِجةُ هِيَ الوَعْساءُ ذاتُ الرِّمْثِ والحَمْضِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّهْلةُ المُسْتَوِيةُ تُنْبِتُ الرِّمْثَ والبَقْلَ وأَطايِبَ العُشْبِ، وَقِيلَ: هِيَ مُتَّسَعُ الوادِي، وَقَانَى لَهُ أَي دامَ لَهُ؛ قَالَ الأَزهريّ: أَصلُه مِنْ أَنْقَعْتُ اللبَنَ، فَهُوَ نَقِيعٌ، وَلَا يُقَالُ مُنْقَعٌ، وَلَا يَقُولُونَ نَقَعْتُه، قَالَ: وَهَذَا سَماعي مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: ووجدْتُ للمُؤَرِّجِ حُرُوفًا فِي الإِنقاعِ مَا عُجْت بِهَا وَلَا علِمْت راوِيها عَنْهُ.

يُقَالُ: أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته، وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ الْبَيْتَ إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه، قَالَ: وَهَذِهِ حُروفٌ مُنْكَرةٌ كلُّها لَا أَعرِفُ مِنْهَا شَيْئًا.

والنَّقُوعُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنَ اللَّيْلِ لِدواءٍ أَو نَبِيذٍ ويُشْرَبُ نَهَارًا، وَبِالْعَكْسِ.

وَفِي حَدِيثِ الكَرْمِ: «تَتَّخِذُونَهُ زَبِيبًا تُنْقِعُونه»؛ أي تَخْلِطونه بِالْمَاءِ لِيَصِيرَ شَرابًا.

وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّقُوعُ مَا أَنْقَعْتَ مِنْ شَيْءٍ.

يُقَالُ: سَقَوْنا نَقُوعًا لِدواءٍ أُنْقِعَ مِنَ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ الإِناء مِنْقَعٌ، بِالْكَسْرِ.

ونَقَعَ الشيءَ فِي الماءِ وَغَيْرِهِ يَنْقَعُه نَقْعًا، فَهُوَ نَقِيعٌ، وأَنْقَعَه: نَبَذَه.

وأَنْقَعْتُ الدّواءَ وَغَيْرَهُ فِي الْمَاءِ، فَهُوَ مُنْقَعٌ.

والنَّقِيعُ والنَّقُوعُ: شَيْءٌ يُنْقَعُ فِيهِ الزَّبِيبُ وَغَيْرُهُ ثُمَّ يُصَفَّى ماؤُه ويُشْرَبُ، والنُّقاعةُ: مَا أَنْقَعْتَ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنُّقاعةُ اسْمُ مَا أُنْقِعَ فِيهِ الشيءُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

بِهِ مِنْ نِضاخِ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه ***نُقاعةُ حِنّاءٍ بماءِ الصَّنَوْبَرِ

وكلُّ مَا أُلقِيَ فِي ماءٍ، فَقَدْ أُنْقِعَ.

والنَّقُوعُ والنَّقِيعُ: شَرابٌ يُتَّخَذُ مِنْ زَبِيبٍ يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ، وَقِيلَ فِي السَّكَر: إِنه نَقِيعُ الزَّبيبِ.

والنَّقْعُ: الرَّيُّ، شَرِبَ فَمَا نَقَعَ وَلَا بَضَعَ.

ومثَلٌ مِنَ الأَمثالِ: حَتَّامَ تَكْرَعُ وَلَا تَنْقَعُ؟ ونَقَعَ مِنَ الْمَاءِ وَبِهِ يَنْقَعُ نُقُوعًا: رَوِيَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

لَوْ شِئْتِ، قَدْ نَقَعَ الفُؤادُ بشَرْبةٍ، ***تَدَعُ الصَّوادِيَ لَا يَجِدْنَ غَلِيلا

وَيُقَالُ: شَرِبَ حَتَّى نَقَعَ أَي شَفى غَلِيلَه ورَوِيَ.

وماءٌ ناقِعٌ: وهو كالناجِعِ؛ وَمَا رأَيت شَرْبةً أَنْقَعَ مِنْهَا.

ونَقَعْتُ بِالْخَبَرِ وبالشّرابِ إِذا اشْتَفَيْتَ مِنْهُ.

وَمَا نَقَعْتُ بِخَبَرِهِ أَي لَمْ أَشْتَفِ بِهِ.

وَيُقَالُ: مَا نَقَعْتُ بخبَر فُلَانٍ نُقوعًا أَي مَا عُجْتُ بكلامِه وَلَمْ أُصَدِّقْه.

وَيُقَالُ: نَقَعَتْ بِذَلِكَ نفْسِي أَي اطْمَأَنَّتْ إِليه ورَوِيَتْ بِهِ.

وأَنْقَعَني الماءُ أَي أَرْواني.

وأَنْقَعَني الرَّيُّ ونَقَعْتُ بِهِ ونَقَعَ الماءُ العَطَشَ يَنْقَعُه نَقْعًا ونُقُوعًا: أَذْهَبَه وسَكَّنَه؛ قَالَ حَفْصٌ الأُمَوِيُّ:

أَكْرَعُ عِنْدَ الوُرُودِ فِي سُدُمٍ ***تَنْقَعُ مِنْ غُلَّتي، وأَجْزَأُها

وَفِي الْمَثَلِ: الرَّشْفُ أَنْقَعُ أَي الشَّرابُ الَّذِي يُتَرَشَّفُ قَلِيلًا قَليلًا أَقْطَعُ للعطَشِ وأَنْجَعُ، وإِن كَانَ فِيهِ بُطءٌ.

ونَقَعَ الماءُ غُلَّتَه أَي أَرْوى عَطَشَه.

وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: إِنه لَشَرَّابٌ بأَنْقُعٍ.

ووَرَدَ أَيضًا فِي حديثِ الحَجّاجِ: إِنَّكُم يَا أَهلَ العِراقِ شَرَّابُونَ عَلَيَّ بأَنْقُعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الَّذِي جَرَّبَ الأُمُورَ ومارَسها، وقيل للذي يُعادُ الأُمور المَكْرُوهةَ، أَراد أَنهم يَجْتَرئُونَ عَلَيْهِ ويَتَناكَرون.

وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ للإِنسان إِذا كَانَ متعادًا لِفِعْلِ الْخَيْرِ والشرِّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه قَدْ جَرَّبَ الأُمور ومارَسها حَتَّى عَرَفَهَا وَخَبِرَهَا، والأَصل فِيهِ أَن الدَّلِيلَ مِنَ الْعَرَبِ إِذا عَرَفَ المِياهَ فِي الفَلَواتِ ووَرَدَها وَشَرِبَ مِنْهَا، حَذَقَ سُلُوكَ الطريقِ الَّتِي تُؤَدّيه إِلى الْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه مُعاوِدٌ للأُمور يأْتيها حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَى مُرادِه، وكأَنَّ أَنْقُعًا جَمْعُ نَقْعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَنْقُعٌ جَمْعُ قِلَّة، وَهُوَ الماءُ الناقِعُ أَو الأَرض الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وأَصله أَنَّ الطَّائِرَ الحَذِرَ لَا يَرِدُ المَشارِعَ، وَلَكِنَّهُ يأْتي المَناقِعَ يَشْرَبُ مِنْهَا، كَذَلِكَ الرَّجُلُ الحَذِرُ لَا يَتَقَحّمُ الأُمورَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبو عُبَيْدٍ أَن هَذَا الْمَثَلَ لِابْنِ جُرَيْجٍ قَالَهُ فِي مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَفصح النَّاسِ، يَقُولُ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنه رَكِب فِي طلَبِ الْحَدِيثِ كلَّ حَزْن وَكَتَبَ مِنْ كُلِّ وجْهٍ، قَالَ الأَزهريُّ: والأَنْقُعُ جَمْعُ النَّقْعِ، وَهُوَ كُلُّ ماءٍ مُسْتَنْقِعٍ مِنْ عِدٍّ أَوغَدِيرٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ.

وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُنْقَعٌ أَي يُسْتَشْفى بِرأْيه، وأَصله مِنْ نَقَعْتُ بِالرَّيِّ.

والمِنْقَعُ والمِنْقَعةُ: إِناءٌ يُنْقَعُ فِيهِ الشَّيْءُ.

ومِنْقَعُ البُرَمِ: تَوْرٌ صَغِيرٌ أَو قُدَيْرةٌ صَغِيرَةٌ مِنْ حِجارة، وجمعه مَناقِعُ، تَكُونُ لِلصَّبِيِّ يَطْرَحُون فِيهِ التمْر واللبَنَ يُطْعَمُه ويُسْقاهُ؛ قَالَ طَرَفةُ:

أَلْقَوْا إِلَيْكَ بِكُلِّ أَرْمَلةٍ ***شَعْثاءَ، تَحْمِلُ مِنْقَعَ البُرَمِ

البُرَمُ هَاهُنَا: جَمْعُ بُرْمةٍ، وَقِيلَ: هِيَ المِنْقَعةُ والمِنْقَعُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا تَكُونُ إِلا مِنَ حِجَارَةٍ.

والأُنْقُوعةُ: وَقْبَةُ الثَّرِيدِ الَّتِي فِيهَا الوَدَكُ.

وَكُلُّ شَيْءٍ سالَ إِليه الماءُ مِنْ مَثْعَبٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ أُنْقُوعةٌ.

ونُقاعةُ كُلِّ شَيْءٍ: الماءُ الَّذِي يُنْقَعُ فِيهِ.

والنَّقْعُ: دَواءٌ يُنْقَعُ ويُشْربُ.

والنَّقِيعةُ مِنَ الإِبل: العَبِيطةُ تُوَفَّر أَعْضاؤها فَتُنْقَعُ فِي أَشياءَ.

ونَقَعَ نَقِيعةً: عَمِلَها.

والنَّقِيعةُ: مَا نُحِرَ مِنَ النَّهْبِ قَبْلَ أَن يُقْتَسَمَ؛ قَالَ:

مِيلُ الذُّرى لُحِبَتْ عَرائِكُها، ***لَحْبَ الشِّفارِ نَقِيعةَ النَّهْبِ

وانْتَقَعَ القومُ نَقيعةً أَي ذَبَحوا مِنَ الغنيمةِ شَيْئًا قَبْلَ القَسْمِ.

وَيُقَالُ: جاؤُوا بناقةٍ مِنْ نَهْبٍ فَنَحَرُوهَا.

والنَّقِيعةُ: طَعَامٌ يُصْنَعُ للقادِم مِنَ السفَر، وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّقِيعَةُ مَا صنَعَه الرجُل عِنْدَ قُدُومِهِ مِنَ السَّفَرِ.

يُقَالُ: أَنْقَعْتُ إِنْقاعًا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:

إِنَّا لَنَضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ، ***ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ

وَيُرْوَى: إِنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيوفِ رُؤوسَهم "القُدَّامُ: القادِمُون مِنْ سفَر جَمْعُ قادِمٍ، وَقِيلَ: القُدَّامُ المَلِكُ، وَرُوِيَ القَدَّامُ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ المَلِكُ.

والقُدارُ: الجَزَّارُ.

والنَّقِيعةُ: طَعامُ الرجلِ ليلةَ إِمْلاكِه.

يُقَالُ: دَعَوْنا إِلى نَقِيعَتهم، وَقَدْ نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعًا وأَنْقَعَ.

وَيُقَالُ: كُلُّ جَزُورٍ جَزَرتَها للضِّيافةِ، فَهِيَ نَقِيعةٌ.

يُقَالُ: نَقَعْتُ النَّقِيعةَ وأَنْقَعْتُ وانْتَقَعْتُ أَي نَحَرْتُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَكَانِ:

كلُّ الطَّعامِ تَشْتَهي رَبِيعهْ: ***الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعهْ

وَرُبَّمَا نَقَعُوا عَنْ عدّةٍ مِنَ الإِبل إِذا بَلَغَتْها جَزُورًا أَي نَحَرُوهُ، فَتِلْكَ النَّقِيعةُ؛ وأَنشد:

مَيْمونةُ الطَّيْر لَمْ تَنْعِقْ أَشائِمُها، ***دائِمَةُ القِدْرِ بالأَفْراعِ والنُّقُعِ

وإِذا زُوِّجَ الرجلُ فأَطْعَمَ عَيْبَتَه قِيلَ: نَقَعَ لَهُمْ أَي نَحَرَ.

وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ: إِذا لَقِيَ الرجلُ مِنْهُمْ قَوْمًا يَقُولُ: مِيلُوا يُنْقَعْ لَكُمْ أَي يُجْزَرْ لَكُمْ، كأَنه يَدْعُوهم إِلى دَعْوَتِه.

وَيُقَالُ: الناسُ نَقائِعُ الموْتِ أَي يَجْزُرُهم كَمَا يَجْزُرُ الجَزَّارُ النَّقِيعةَ.

والنقْعُ: الغُبارُ الساطِعُ.

وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}؛ أَي غُبَارًا، وَالْجَمْعُ نِقاعٌ.

ونَقَعَ الموتُ: كَثُرَ.

والنَّقِيعُ: الصُّراخُ.

والنَّقْعُ: رَفْعُ الصوتِ.

ونَقَعَ الصوتُ واسْتَنْقَعَ أَي ارْتَفَع؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فَمَتى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ، ***يُحْلِبُوها ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ

مَتَى يَنْقَعْ صُراخٌ أَي مَتَى يَرْتَفِعْ، وَقِيلَ: يَدُومُ وَيَثْبُتُ، وَالْهَاءُ للحرْب وإِن لَمْ يَذْكُرْهُ لأَن فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ، وَيُرْوَى يَحْلِبُوها مَتَى مَا سَمِعُوا صارِخًا؛ أَحْلَبُوا الحرْبَ أَي جَمَعُوا لَهَا.

ونَقَعَ الصارِخُ بِصَوْتِهِ يَنْقَعُ نُقُوعًا وأَنْقَعَه، كِلَاهُمَا: تابَعَه وأَدامَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ" عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنه قَالَ فِي نساءٍ اجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: وَمَا عَلَى نِسَاءِ بَنِي الْمُغِيرَةِ أَنْ يُهْرِقْنَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَسْفِكْنَ مِنْ دُموعِهِنَّ عَلَى أَبي سُلَيْمانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ وَلَا لَقْلَقةٌ "، يَعْنِي رَفْعَ الصوتِ، وَقِيلَ: يَعْنِي بالنقْعِ أَصواتَ الخُدودِ إِذا ضُرِبَتْ، وَقِيلَ: هُوَ وَضْعُهُنَّ عَلَى رؤُوسهن النَّقْعَ، وَهُوَ الغبارُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا أَولى لأَنه قَرَنَ بِهِ اللَّقْلَقَةَ، وَهِيَ الصَّوْتُ، فحَمْلُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَوْلى مِنْ حَمْلِهِمَا عى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: النَّقْعُ هَاهُنَا شَقُّ الجُيُوبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَجَدْتُ بَيْتًا لِلْمَرَّارِ فِيهِ:

نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حَيًّا، ***وأَعْدَدْنَ المَراثيَ والعَوِيلا

والنَّقَّاعُ: المُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ مدْحِ نفْسِه بالشَّجاعة والسَّخاءِ وَمَا أَشبهه.

ونَقَعَ لَهُ الشَّرَّ: أَدامَه.

وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: أَنْقَعْتُ لَهُ شَرًّا، وَهُوَ اسْتِعارةٌ.

وَيُقَالُ: نَقَعَه بِالشَّتْمِ إِذا شَتَمَهُ شَتْمًا قَبِيحًا.

والنَّقائِعُ: خَبارَى فِي بِلادِ تَمِيمٍ، والخَبارَى: جُمَعُ خَبْراءَ، وَهِيَ قاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الماءُ.

وانْتُقِعَ لونُه: تَغَيَّرَ مِنْ هَمٍّ أَو فزَعٍ، وَهُوَ مُنْتَقَعٌ، وَالْمِيمُ أَعرف، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ امْتُقِعَ بَدَلٌ مِنْ نُونِهَا.

وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «أَنه أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملكانِ فأَضْجَعاه وشَقَّا بَطنَه فرجعَ وَقَدِ انْتُقِعَ لونُه»؛ قَالَ النَّضِرُ: يُقَالُ ذَلِكَ إِذا ذَهَبَ دَمُه وَتَغَيَّرَتْ جِلْدَةُ وَجْهِهِ إِما مِنْ خوْفٍ وإِما مِنْ مَرَضٍ.

والنَّقُوعُ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب.

الأَصمعي: يُقَالُ صَبَغَ فُلَانٌ ثوبَه بنَقُوعٍ، وَهُوَ صِبْغٌ يُجْعَلُ فِيهِ مِنْ أَفْواه الطِّيبِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ عُمَرَ حَمَى غَرَزَ النَّقِيعِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ حمَاه لِنَعَمِ الفيءِ وخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ فَلَا يَرْعاه غَيْرُهَا، وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ أَي يَجْتَمِعُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ" أَول جُمُعةٍ جُمِّعَتْ فِي الإِسلام بِالْمَدِينَةِ فِي نَقِيعِ الخَضِماتِ "؛ قَالَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


87-لسان العرب (كتم)

كتم: الكِتْمانُ: نَقِيض الإِعْلانِ، كَتَمَ الشيءَ يَكْتُمُه كَتْمًا وكِتْمَانًا واكْتَتَمَه وكَتَّمَه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

وكانَ فِي المَجْلِسِ جَمّ الهَذْرَمَهْ، ***لَيْثًا عَلَى الدَّاهِية المُكَتَّمَهْ

وكَتَمَه إِيَّاهُ؛ قَالَ النَّابِغَةِ:

كَتَمْتُكَ لَيْلًا بالجَمُومَينِ ساهِرًا، ***وهمَّيْن: هَمًّا مُسْتَكِنًّا، وَظَاهِرًا

أَحادِيثَ نَفْسٍ تشْتَكي مَا يَرِيبُها، ***ووِرْدَ هُمُومٍ لَا يَجِدْنَ مَصادِرا

وكَاتَمَه إِيَّاهُ: ككَتَمَه؛ قَالَ:

تَعَلَّمْ، ولوْ كَاتَمْتُه الناسَ، أَنَّني ***عليْكَ، وَلَمْ أَظْلِمْ بذلكَ، عاتِبُ

وَقَوْلُهُ: وَلَمْ أَظلم بِذَلِكَ، اعْتِرَاضٌ بَيْنَ أَنّ وخبرِها، وَالِاسْمُ الكِتْمَةُ.

وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لحَسن الكِتْمَةِ.

وَرَجُلٌ كُتَمَة، مِثَالُ هُمَزة، إِذَا كَانَ يَكْتُمُ سِرَّه.

وكَاتَمَنِي سِرَّه: كتَمه عَنِّي.

وَيُقَالُ للفرَس إِذَا ضَاقَ مَنْخِرهُ عَنْ نفَسِه: قَدْ كَتَمَ الرَّبْوَ؛ قَالَ بِشْرٌ:

كأَنَّ حَفِيفَ مَنْخِرِه، إِذَا مَا ***كَتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ

يَقُولُ: مَنْخِره وَاسِعٌ لَا يَكْتُم الرَّبو إِذَا كتمَ غَيْرَهُ مِنَ الدَّوابِّ نفَسَه مِنْ ضِيق مَخْرَجه، وكَتَمَه عَنْهُ وكَتَمَه إِيَّاهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

مُرَّةٌ، كالذُّعافِ، أَكْتُمُها النَّاسَ ***عَلَى حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ

وَرَجُلٌ كَاتِمٌ لِلسِّرِّ وكَتُومٌ.

وسِرٌّ كَاتِمٌ أَي مَكْتُومٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ.

ومُكَتَّمٌ، بِالتَّشْدِيدِ: بُولِغ فِي كِتْمانه.

واسْتَكْتَمه الخَبَر والسِّرَّ: سأَله كَتْمَه.

وَنَاقَةٌ كَتُوم ومِكتَامٌ: لَا تَشُول بِذَنَبِهَا عِنْدَ اللَّقاح وَلَا يُعلَم بِحَمْلِهَا، كَتَمَتْ تَكْتُمُ كُتُومًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ فَحْلٍ:

فَهْوَ لجَولانِ القِلاصِ شَمّامْ، ***إِذَا سَما فوْقَ جَمُوحٍ مِكْتَامْ

ابْنُ الأَعرابي: الكَتِيمُ الجَمل الَّذِي لَا يَرغو.

والكَتِيمُ: القَوْسُ الَّتِي لَا تَنشَقُّ.

وَسَحَابٌ مَكْتُومٌ: لَا رَعْد فِيهِ.

والكَتُوم أَيضًا: النَّاقَةُ الَّتِي لَا تَرْغُو إِذَا رَكِبَهَا صَاحِبُهَا، وَالْجَمْعُ كُتُمٌ؛ قَالَ الأَعشى:

كَتُومُ الرُّغاءِ إِذَا هَجَّرَتْ، ***وكانتْ بَقِيَّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ

وَقَالَ آخَرُ: كَتُومُ الهَواجِرِ مَا تَنْبِسُ وَقَالَ الطِّرِمّاح:

قَدْ تجاوَزْتُ بِهِلْواعةٍ ***عبْرِ أَسْفارٍ كَتُومِ البُغامِ

وَنَاقَةٌ كَتُوم: لَا تَرْغُو إِذَا رُكِبت.

والكَتُومُ والكَاتِمُ مِنَ القِسِيِّ: الَّتِي لَا تُرِنُّ إِذَا أُنْبِضَتْ، وَرُبَّمَا جَاءَتْ فِي الشِّعْرِ كَاتِمَةً، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا شَق فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا صَدْعَ فِي نَبْعِها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا صَدْعَ فِيهَا كَانَتْ مِنْ نَبْع أَوْ غَيْرِهِ؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ لَا دُونَ مِلْئِها، ***وَلَا عَجْسُها عَنْ مَوْضِعِ الكفِّ أَفْضَلا

قَوْلُهُ طِلاعُ الكَفِّ أَيْ مِلْءٌ الْكَفِّ، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْحَسَنِ أَحَبُّ إليَّ مِنْ طِلاع الأَرض ذَهَبًا.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه كَانَ اسْمُ قَوْسِ سَيِّدِنَا رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الكَتُومَ »؛ سُمِّيَتْ بِهِ لانْخِفاضِ صوتِها إِذَا رُمي عَنْهَا، وَقَدْ كَتَمْت كُتُومًا.

أَبو عَمْرٍو: كَتَمَتِ المَزادةُ تَكْتُمُ كُتُومًا إِذَا ذَهَبَ مَرَحُها وسَيَلانُ الماءِ مِنْ مَخارِزها أَوّل مَا تُسرَّب، وَهِيَ مَزادة كَتُوم.

وسِقاءٌ كَتِيم، وكَتَمَ السِّقاءُ يَكْتُمُ كِتْمَانًا وكُتُومًا: أَمسك مَا فِيهِ مِنَ اللَّبَنِ وَالشَّرَابِ، وَذَلِكَ حِينَ تَذْهَبُ عِينته ثُمَّ يُدْهَنُ السقاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَرادوا أَنْ يَسْتَقُوا فِيهِ سرَّبوه، وَالتَّسْرِيبُ: أَنْ يصُبُّوا فِيهِ الماءَ بَعْدَ الدُّهْنِ حَتَّى يَكْتُمَ خَرْزُه وَيَسْكُنَ الْمَاءُ ثُمَّ يُسْتَقَى فِيهِ.

وخَرْز كَتِيم: لَا يَنْضَح الْمَاءَ وَلَا يُخْرِجُ مَا فِيهِ.

والكَاتِم: الخارِز، مِنَ الْجَامِعِ لِابْنِ القَزاز، وأَنشد فِيهِ:

وسالَتْ دُموعُ العَينِ ثُمَّ تَحَدَّرَتْ، ***وللهِ دَمْعٌ ساكِبٌ ونَمُومُ

فَمَا شَبَّهَتْ إلَّا مَزادة كَاتِمٍ ***وَهَتْ، أَو وَهَى مِنْ بَيْنِهنَّ كَتُومُ

وَهُوَ كُلُّهُ مِنَ الكَتم لأَن إِخْفَاءَ الْخَارِزِ لِلْمَخْرُوزِ بِمَنْزِلَةِ الْكَتْمِ لَهَا، وَحَكَى كُرَاعٌ: لَا تسأَلوني عَنْ كَتْمةٍ، بِسُكُونِ التَّاءِ، أَيْ كَلِمَةٍ.

وَرَجُلٌ أَكْتَمُ: عَظِيمُ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: شَبْعَانُ.

والكَتَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: نَبَاتٌ يُخْلَطُ مَعَ الوسْمة لِلْخِضَابِ الأَسود.

الأَزهري: الكَتَم نَبْتٌ فِيهِ حُمرة.

وَرُوِيَ عَنْ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه كَانَ يَخْتَضِب بالحِنَّاء والكَتَم، وَفِي رِوَايَةٍ: يصبُغ بالحِنَاء والكَتَم "؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:

وشَوَّذَتْ شَمْسُهمْ إِذَا طَلَعَتْ ***بالجِلْب [بالجُلْب] هِفًّا كأَنه كَتَمُ

قَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: « يُشْبِهُ أَن يُرَادَ بِهِ اسْتِعْمَالُ الكَتَم مُفْرَدًا عَنِ الْحِنَّاءِ، فَإِنَّ الحِناء إِذَا خُضِب بِهِ مَعَ الْكَتْمِ جَاءَ أَسود وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنِ السَّوَادِ، قَالَ: وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ بِالْحِنَّاءِ أَو الكَتم عَلَى التَّخْيِيرِ، وَلَكِنَّ الرِّوَايَاتِ عَلَى اخْتِلَافِهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ».

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكَتَّم، مُشَدَّدُ التَّاءِ، وَالْمَشْهُورُ التَّخْفِيفُ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُشَبَّب الْحِنَّاءُ بِالْكَتَمِ لِيَشْتَدَّ لَوْنُهُ، قَالَ: وَلَا يَنْبُتُ الْكَتَمُ إلَّا فِي الشَّوَاهِقِ وَلِذَلِكَ يَقِلُّ.

وَقَالَ مُرَّةُ: الْكَتَمُ نَبَاتٌ لَا يَسْمُو صُعُدًا وَيَنْبُتُ فِي أَصعب الصَّخْرِ فيَتَدلَّى تَدَلِّيًا خِيطانًا لِطافًا، وَهُوَ أَخضر وَوَرَقُهُ كَوَرَقِ الْآسِ أَو أَصْغَرَ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ وَوَصَفَ وَعْلًا:

ثُمَّ يَنُوش إِذَا آدَ النَّهارُ لَهُ، ***بَعْدَ التَّرَقُّبِ مِن نِيمٍ ومِن كَتَمِ

وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ: « كُنَّا نَمتشط مَعَ أَسماء قَبْلَ الإِحرام ونَدَّهِنُ بالمَكْتُومة »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ دُهن مِنْ أَدْهان الْعَرَبِ أَحمر يُجْعَلُ فِيهِ الزَّعْفَرَانُ، وَقِيلَ: يُجْعَلُ فِيهِ الكَتَم، وَهُوَ نَبْتٌ يُخْلَطُ مَعَ الوسْمة وَيُصْبَغُ بِهِ الشَّعْرُ أَسود، وَقِيلَ: هُوَ الوَسْمة.

والأَكْثَم: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ.

والأَكثم: الشَّبْعَانُ، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِيهِمَا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ أَيضًا وسيأْتي ذِكْرُهُ.

ومَكْتُوم وكَتِيمٌ وكُتَيْمَة: أَسماء؛ قَالَ:

وأَيَّمْتَ مِنَّا الَّتِي لَمْ تَلِدْ ***كُتَيْمَ بَنِيك، وكنتَ الْحَلِيلَا

أَراد كَتِيمَةً فَرَخَّمَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ اضْطِرَارًا.

وابنُ أُم مَكْتُوم: مُؤَذِّنُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَذِّنُ بَعْدَ بِلَالٍ لأَنه كَانَ أَعمى فَكَانَ يَقْتَدِي بِبِلَالٍ.

وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ: « أَن عَبْدَ الْمَطَّلِبِ رأَى فِي الْمَنَامِ قِيلَ: احْفِر تُكْتَمَ بَيْنَ الفَرْث وَالدَّمِ »؛ تُكْتَمُ: اسْمُ بِئْرِ زَمْزَمَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها كَانَتْ انْدَفَنَتْ بَعْدَ جُرْهُم فَصَارَتْ مَكْتُومَةً حَتَّى أَظهرها عَبْدُ الْمُطَّلِبِ.

وبنو كُتَامَة: حَيٌّ مِنْ حِمْيَر صَارُوا إِلَى بَرْبَر حِينَ افْتَتَحَهَا افْرَيْقِسُ الْمَلِكُ، وَقِيلَ: كُتَامَة قَبِيلَةٌ مِنَ الْبَرْبَرِ.

وكُتْمان، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

قَدْ صَرَّحَ السَّيرُ عَنْ كُتْمانَ، وابتُذِلَت ***وَقعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيّةِ الذُّقُنِ

وكُتْمانُ: اسْمُ ناقة.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


88-لسان العرب (هيم)

هيم: هامَتِ الناقةُ تَهِيمُ: ذهَبَت عَلَى وجهِها لرَعْيٍ كهَمَتْ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ عَنْهُ.

والهُيامُ: كَالْجُنُونِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كَالْجُنُونِ مِنَ الْعِشْقِ.

ابْنُ شُمَيْلٍ: الهُيامُ نَحْوُ الدُّوارِ جنونٌ يأْخذ البعيرَ حَتَّى يَهْلِك، يُقَالُ: بعيرٌ مَهْيُومٌ.

والهَيمُ: داءٌ يأْخذ الإِبلَ فِي رؤوسها.

والهَائِمُ: المتحيِّرُ.

وَفِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ: « كَانَ عليٌّ أَعْلَمَ بالمُهَيِّماتِ »؛ يُقَالُ: هَامَ فِي الأَمر يَهِيمُ إِذَا تَحَيَّرَ فِيهِ، وَيُرْوَى" المُهَيْمِنات "، وَهُوَ أَيضًا الذاهبُ عَلَى وَجْهِهِ عِشْقًا، هَامَ بِهَا هَيْمًا وهُيُومًا وهِيامًا وهَيَمانًا وتَهْيَامًا، وَهُوَ بناءٌ موضوعٌ لِلتَّكْثِيرِ؛ قَالَ أَبو الأَخْزر الحُمّاني: " فَقَدْ تَناهَيْتُ عَنِ التَّهْيام "قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا بابُ مَا تُكَثِّرُ فِيهِ المصدرَ مِنْ فَعَلْت فتُلْحِق الزوائدَ وَتَبْنِيهِ بِنَاءً آخَرَ، كَمَا أَنك قُلْتَ فِي فَعَلت فَعَّلْت حِينَ كَثَّرت الْفِعْلَ، ثُمَّ ذكرَ المصادرَ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى التَّفْعال كالتَّهْذار وَنَحْوِهَا، وَلَيْسَ شيءٌ مِنْ هَذَا مصدرَ فَعَلْت، وَلَكِنْ لَمَّا أَرَدْتَ التَّكْثِيرَ بَنَيْتَ المصدرَ عَلَى هَذَا كَمَا بَنَيْتَ فَعَلْت عَلَى فَعَّلْت؛ وَقَوْلُ كُثَير:

وإنِّي، وتَهْيامِي بعَزَّةَ، بَعْدَ ما ***تَخَلَّيْتُ مِمَّا بَيْنَنا وتَخَلَّتِ

قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَلت أَبا عَلِيٍّ فَقُلْتُ لَهُ: مَا موضعُ تَهْيامي مِنَ الإِعراب؟ فأَفْتَى بأَنه مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وخبرُه قولُه بِعَزّة، وَجَعَلَ الْجُمْلَةَ الَّتِي هِيَ تَهْيامِي بِعَزَّةَ اعْتِرَاضًا بَيْنَ إِنَّ وخبرِها لأَن فِي هَذَا أَضْرُبًا مِنَ التَّشْدِيدِ لِلْكَلَامِ، كَمَا تَقُولُ: إِنَّكَ، فاعْلَم، رجلُ سَوْءٍ وَإِنَّهُ، والحقَّ أَقولُ، جَمِيلُ المَذْهَب، وَهَذَا الفصلُ وَالِاعْتِرَاضُ الْجَارِي مَجْرى التَّوْكِيدِ كثيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، قَالَ: وَإِذَا جازَ الِاعْتِرَاضُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:

وَقَدْ أَدْرَكَتْني، والحَوادِثُ جَمّةٌ، ***أَسِنّةُ قَوْمٍ لَا ضِعافٍ، وَلَا عُزْلِ

كانَ الاعتراضُ بَيْنَ اسْمِ إِنَّ وَخَبَرِهَا أَسْوَغَ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ بيتُ كُثَيّر أَيضًا تأْويلًا آخرَ غَيْرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عَلِيٍّ، وَهُوَ أَن يَكُونَ تَهْيامِي فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَلَى أَنه أَقْسَم بِهِ كَقَوْلِكَ: إِنِّي، وحُبِّك، لَضنِينٌ بِكَ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وعَرَضْتُ هَذَا الجوابَ عَلَى أَبي عَلِيٍّ فتقبَّله، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَهْيامي أَيضًا مُرْتَفِعًا بِالِابْتِدَاءِ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ فِيهِ بِنَفْسِ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ التَّهْيامُ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ كأَنّه قَالَ وتَهْيامِي بِعَزَّةَ كائنٌ أَوْ واقعٌ عَلَى مَا يُقَدَّر فِي هَذَا وَنَحْوِهِ، وَقَدْ هَيَّمَه الحُبُّ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ:

فَهَلْ لَكَ طَبٌّ نافعٌ مِنْ عَلاقةٍ ***تُهَيِّمُني بَيْنَ الحَشا والتَّرائِب؟

وَالِاسْمُ الهُيامُ.

وَرَجُلٌ هَيْمانُ: مُحِبٌّ شديدُ الوَجْدِ.

ابْنُ السِّكِّيتِ: الهَيْمُ مصدرُ هَامَ يَهِيمُ هَيْمًا وهَيَمانًا إِذَا أَحَبَّ المرأَةَ.

والهُيَّامُ: العُشّاقُ.

والهُيَّامُ: المُوَسْوِسُون، وَرَجُلٌ هَائِمٌ وهَيُومٌ.

والهُيُومُ: أَن يذهبَ عَلَى وَجْهِه، وَقَدْ هَامَ يَهِيمُ هُيامًا.

واسْتُهِيمَ فُؤادُه، فَهُوَ مُسْتَهامُ الفُؤاد أَيْ مُذْهَبُه.

والهَيْمُ: هَيَمانُ الْعَاشِقِ والشاعرِ إِذَا خَلَا فِي الصَّحْرَاءِ.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ}؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ وادِي الصَّحراءيَخْلو فِيهِ العاشقُ والشاعرُ؛ وَيُقَالُ: هُوَ وَادِي الْكَلَامِ، وَاللَّهُ أَعلم.

الْجَوْهَرِيُّ: هَامَ عَلَى وَجْهِه يَهِيمُ هَيْمًا وهَيَمانًا ذهبَ مِنَ العِشْقِ وَغَيْرِهِ.

وقلبٌ مُسْتَهَامٌ أَي هائمٌ.

والهُيامُ: دَاءٌ يأْخذ الإِبلَ فتَهِيم فِي الأَرضِ لَا تَرْعَى، يُقَالُ: نَاقَةٌ هَيْمَاء؛ قَالَ كُثَيّر:

فَلَا يَحْسَب الْوَاشُونَ أَنّ صَبابَتي، ***بِعَزَّةَ، كَانَتْ غَمْرَةً فتَجَلَّتِ

وإِنِّيَ قَدْ أَبْلَلْتُ مِنْ دَنَفٍ بِهَا ***كَمَا أَدْنَفَتْ هَيْمَاءُ، ثُمَّ اسْتَبَلَّتِ

وَقَالُوا: هِمْ لنَفْسِك وَلَا تَهِمْ لِهَؤُلَاءِ أَي اطْلُبْ لَهَا واهْتَمَّ واحْتَلْ.

وَفُلَانٌ لَا يَهْتامُ لنفسِه أَي لَا يَحْتالُ؛ قَالَ الأَخطل:

فاهْتَمْ لنَفْسِك، يَا جُمَيعُ، وَلَا تكنْ ***لَبني قُرَيْبَةَ والبطونِ تَهِيمُ

والهُيامُ، بِالضَّمِّ: أَشدُّ الْعَطَشِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

يَهِيمُ، وَلَيْسَ اللهُ شافٍ هُيامَه، ***بِغَرّاءَ، مَا غَنَّى الحَمامُ وأَنْجَدا

وشافٍ: فِي مَوْضِعِ نَصْبِ خَبَرِ لَيْسَ، وإِن شِئْتَ جعلتَه خبرَ اللهِ وَفِي لَيْسَ ضميرُ الشأْن.

وَقَدْ هَامَ الرجلُ هُيَامًا، فَهُوَ هَائِمٌ وأَهْيَمُ، والأُنثى هَائِمَةٌ وهَيْمَاءُ، وهَيْمَانُ، عَنْ سِيبَوَيْهِ، والأَنثى هَيْمَى، وَالْجَمْعُ هِيَامٌ.

وَرَجُلٌ مَهْيُومٌ وأَهْيَمُ: شديدُ العَطشِ، والأُنثى هَيْماءُ.

الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: والهِيامُ، بِالْكَسْرِ، الإِبلُ العِطاشُ، الْوَاحِدُ هَيْمَان.

الأَزهري: الهَيْمَانُ العَطْشانُ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الدَّاءِ مَهْيُومٌ.

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: « إِذا اغْبَرَّت أَرضُنا وهَامَت دوابُّنا» أَي عَطِشت، وَقَدْ هَامَت تَهِيمُ هَيَمًا، بِالتَّحْرِيكِ.

وَنَاقَةٌ هَيْمَى: مِثْلُ عَطْشان وعَطْشَى.

وقومٌ هِيمٌ أَيِ عِطاشٌ، وَقَدْ هَامُوا هُيامًا.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}، هِيَ الإِبلُ العِطاش، وَيُقَالُ: الرَّمْلُ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَيَامُ الأَرض، وَقِيلَ: هَيَامُ الرَّمْل، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شُرْبَ الهِيم، قَالَ: الهِيمُ الإِبلُ الَّتِي يُصيبها داءٌ فَلَا تَرْوَى مِنَ الْمَاءِ، واحدُها أَهْيَمُ، والأُنثى هَيْمَاء، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ هَائِمٌ، والأُنثى هَيْمَاء، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ هَائِمٌ، والأُنثى هَائِمَة، ثُمَّ يَجْمَعُونَهُ عَلَى هِيمٍ، كَمَا قَالُوا عائطٌ وعِيطٌ وَحَائِلٌ وحُول، وَهِيَ فِي مَعْنَى حائلٍ إِلا أَن الضَّمَّةَ تُرِكت فِي الهِيم لِئَلَّا تصيرَ الياءُ وَاوًا، وَيُقَالُ: إِن الهِيم الرَّمْلُ.

يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَشْرَبُ أَهلُ النَّارِ كَمَا تشربُ السِّهْلةُ}؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شُرْبَ الْهِيمِ، قَالَ: هَيامُ الأَرض؛ الهَيامُ: بِالْفَتْحِ: ترابٌ يخالِطُه رَمْلٌ يَنْشَفُ الماءَ نَشْفًا، وَفِي تَقْدِيرِهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن الهِيم جَمعُ هَيَامٍ، جُمِعَ عَلَى فُعُلٍ ثُمَّ خفِّف وكُسرت الهاءُ لأَجل الْيَاءِ، وَالثَّانِي أَن تَذْهَبَ إِلى الْمَعْنَى وأَن الْمُرَادَ الرِّمال الهِيم، وَهِيَ الَّتِي لَا تَرْوَى.

يُقَالُ: رَمْلٌ أَهْيَمُ؛ وَمِنْهُ حديث الخندق: " فعادتْ كَثِيبًا أَهْيَمَ "؛ قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَعْرُوفُ" أَهْيَل "، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

أَبو الْجَرَّاحِ: الهُيَامُ داءٌ يُصِيبُ الإِبل مِنَ ماءٍ تشرَبُه.

يُقَالُ: بعيرٌ هَيْمانُ وناقةٌ هَيْمَى، وجمعُه هِيامٌ.

والهُيَامُ والهِيامُ: داءٌ يُصِيبُ الإِبل عَنْ بعضِ المِياه بتهامةَ يُصيبها مِنْهُ مثلُ الحُمَّى؛ وَقَالَ الهَجَريّ: هُوَ داءٌ يصيبُها عَنْ شُرْبِ النَّجْلِ إِذا كثر طُحْلُبُه واكْتَنَفت الذِّيَّانُ بِهِ، بعيرٌ مَهْيُومٌ وهَيْمَانُ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: « أَن رَجُلًا باعَ مِنْهُ إِبلًا هِيمًا »أَي مِرَاضًا، جَمْعُ أَهْيَم، وَهُوَ الَّذِي أَصابه الهُيَامُ، وَهُوَ دَاءٌ يُكْسِبُها العطشَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الهِيمُ الإِبلُ الظِّماءُ، وَقِيلَ: هي المراضُالَّتِي تَمَصُّ الْمَاءَ مَصًّا وَلَا تَرْوى.

الأَصمعي: الهُيَامُ للإِبل داءٌ شَبيهٌ بالحُمَّى تَسْخُن عَلَيْهِ جُلودُها، وَقِيلَ: إِنها لَا تَرْوَى إِذا كَانَتْ كَذَلِكَ.

ومفازةٌ هَيْمَاءُ: لَا ماءَ بِهَا، وَفِي الصِّحَاحِ: الهَيْمَاءُ الْمَفَازَةُ لَا ماءَ بِهَا.

والهَيَام، بِالْفَتْحِ، مِنَ الرَّمْلِ: مَا كَانَ تُرابًا دُقاقًا يابِسًا، وَقِيلَ: هُوَ التُّرَابُ أَو الرملُ الَّذِي لَا يَتمالك أَن يَسِيلَ مِنَ اليَدِ لِلِينِه، وَالْجَمْعُ هِيمٌ مِثْلُ قَذالٍ وقُذُل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٌ:

يَجتابُ أَصْلًا قالِصًا مُتَنبِّذًا، ***بِعُجوب أَنْقاءٍ يَميلُ هَيامُها

الهَيامُ: الرَّمْلُ الَّذِي يَنْهارُ.

والتَّهَيُّمُ: مِشْيةٌ حسنةٌ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّهيمُ أَحسَنُ المشيِ؛ وأَنشد لِخُلَيد اليَشْكُرِيّ: " أَحسَن مَن يَمْشِي كَذَا تَهَيُّما "والهُيَيْمَاء: مَوْضِعٌ، وَهُوَ ماءٌ لِبَنِي مُجاشِع، يُمَدّ ويُقْصر؛ قَالَ الْشَّاعِرُ مُجَمِّع بْنُ هِلَالٍ:

وعاثِرة، يومَ الهُيَيْمَا، رأَيتُها ***وَقَدْ ضمَّها مِن داخلِ الْحُبِّ مَجْزَع

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُيَيْمَا قومٌ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ، قَالَ: وَالسَّمَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقِطَاعِ.

وهُيَيْما: مَاءٌ لَبَنِي مُجاشع، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ.

الأَزهري قَالَ: قَالَ عمارةُ: اليَهْماءُ الفلاةُ الَّتِي لَا ماءَ فِيهَا، وَيُقَالُ لَهَا هَيْمَاءُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « فدُفِنَ فِي هَيامٍ مِنَ الأَرض».

ولَيْلٌ أَهْيَمُ: لَا نُجوم فِيهِ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


89-لسان العرب (سكن)

سكن: السُّكُونُ: ضِدُّ الْحَرَكَةِ.

سَكَنَ الشيءُ يَسْكُنُ سُكونًا إِذَا ذَهَبَتْ حَرَكَتُهُ، وأَسْكَنه هو وسَكَّنه غَيْرُهُ تَسْكينًا.

وَكُلُّ مَا هَدَأَ فَقَدْ سَكَن كَالرِّيحِ والحَرّ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وسَكَنَ الرَّجُلُ: سَكَتَ، وَقِيلَ: سَكَن فِي مَعْنَى سَكَتَ، وسَكَنتِ الرِّيحُ وسَكَن الْمَطَرُ وسَكَن الْغَضَبُ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ وَلَهُ مَا حَلَّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا احْتِجَاجٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لأَنهم لَمْ يُنْكِرُوا أَن مَا استقرَّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِلَّهِ أَي هُوَ خَالِقُهُ ومُدَبِّره، فَالَّذِي هُوَ كَذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى.

وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}، قَالَ: إِنَّمَا السَّاكِنُ مِنَ النَّاسِ والبهائم خاصة، قال: وسَكَنَ هَدَأَ بَعْدَ تَحَرُّك، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، الخَلْق.

أَبو عُبَيْدٍ: الخَيْزُرَانَةُ السُّكّانُ، وَهُوَ الكَوْثَلُ أَيضًا.

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَذَفُ السُّكّان فِي بَابِ السُّفُن.

اللَّيْثُ: السُّكّانُ ذَنَب السَّفِينَةِ الَّتِي بِهِ تُعَدَّل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ: " كسُكّانِ بُوصِيٍّ بدَجْلَةَ مُصْعِدِ ".

وسُكَّانُ السَّفِينَةِ عَرَبِيٌّ.

والسُّكّانُ: مَا تُسَكَّنُ بِهِ السفينة تمنع به من الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ.

والسِّكِّين: المُدْية، تُذَكَّرُ وتؤَنث؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فعَيَّثَ فِي السَّنامِ، غَداةَ قُرٍّ، ***بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصابِ

وَقَالَ أَبو ذؤَيب:

يُرَى ناصِحًا فِيمَا بَدا، وَإِذَا خَلا ***فَذَلِكَ سِكِّينٌ، عَلَى الحَلْقِ، حاذقُ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ أَسمع تأْنيث السِّكِّين، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَدْ سَمِعَهُ الْفَرَّاءُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو حَاتِمٍ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ: " بسِكِّينٍ مُوَثَّقَة النِّصابِ.

هَذَا الْبَيْتُ لَا تَعْرِفُهُ أَصحابنا.

وَفِي الْحَدِيثِ: « فَجَاءَ المَلَك بسِكِّين دَرَهْرَهَةٍ »أَي مُعْوَجَّة الرأْس؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ ابْنُ الجَوَالِيقي فِي المُعَرَّب فِي بَابِ الدَّالِ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ.

ابْنُ سِيدَهْ: السِّكِّينَة لُغَةٌ فِي السِّكِّين؛ قَالَ:

سِكِّينةٌ مِنْ طَبْعِ سَيْفِ عَمْرِو، ***نِصابُها مِنْ قَرْنِ تَيْسٍ بَرِّي

وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: « قَالَ المَلَكُ لَمَّا شَقَّ بَطْنَه إيتِني بالسِّكِّينة »؛ هِيَ لُغَةٌ فِي السِّكِّين، وَالْمَشْهُورُ بِلَا هَاءٍ.

وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « أَنَّ سَمِعْتُ بالسِّكِّين إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، مَا كُنَّا نُسَمِّيهَا إلَّا المُدْيَةَ »؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:

قَدْ زَمَّلُوا سَلْمَى عَلَى تِكِّين، ***وأَوْلَعُوها بدَمِ المِسْكِينِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد عَلَى سِكِّين فأَبدل التَّاءَ مَكَانَ السِّينِ، وَقَوْلُهُ: بِدَمِ الْمِسْكِينِ أَي بإِنسان يأْمرونها بِقَتْلِهِ، وصانِعُه سَكّانٌ وسَكَاكِينيٌّ؛ قَالَ: الأَخيرة عِنْدِي مولَّدة لأَنك إِذَا نَسَبْتَ إِلَى الْجَمْعِ فَالْقِيَاسُ أَن تَردّه إِلَى الْوَاحِدِ.

ابْنُ دُرَيْدٍ: السِّكِّين فِعِّيل مِنْ ذَبَحْتُ الشيءَ حَتَّى سَكَنَ اضْطِرَابُهُ؛ وَقَالَ الأَزهري: سُمِّيَتْ سِكِّينًا لأَنها تُسَكَّنُ الذَّبِيحَةَ أَي تُسَكنها بِالْمَوْتِ.

وَكُلُّ شَيْءٍ مَاتَ فَقَدْ سَكَنَ، وَمِثْلُهُ غِرِّيد لِلْمُغَنِّي لِتَغْرِيدِهِ بِالصَّوْتِ.

وَرَجُلٌ شِمِّير: لتَشْمِيره إِذَا جَدَّ فِي الأَمر وَانْكَمَشَ.

وسَكَنَ بِالْمَكَانِ يَسْكُنُ سُكْنَى وسُكُونًا: أَقام؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:

وَإِنْ كَانَ لَا سُعْدَى أَطالتْ سُكُونَهُ، ***وَلَا أَهْلُ سُعْدَى آخِرَ الدَّهْرِ نازِلُهْ

فَهُوَ سَاكِنٌ مِنْ قَوْمٍ سُكّان وسَكْنٍ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: جَمْعٌ عَلَى قول الأَخفش.

وأَسْكَنه إياه وسَكَنْتُ داري وأَسْكَنْتها غَيْرِي، وَالِاسْمُ مِنْهُ السُّكْنَى كَمَا أَن العُتْبَى اسْمٌ مِنَ الإِعْتاب، وَهُمْ سُكّان فُلَانٍ، والسُّكْنَى أَن يُسْكِنَ الرجلَ مَوْضِعًا بِلَا كِرْوَة كالعُمْرَى.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: والسَّكَن أَيضًا سُكْنَى الرَّجُلِ فِي الدَّارِ.

يُقَالُ: لَكَ فِيهَا سَكَنٌ.

أَي سُكْنَى.

والسَّكَنُ والمَسْكَنُ والمَسْكِن: الْمَنْزِلُ وَالْبَيْتُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ مَسْكنٌ، بِالْفَتْحِ.

والسَّكْنُ: أَهل الدَّارِ، اسْمٌ لِجَمْعِ ساكِنٍ كَشَارِبٍ وشَرْبٍ؛ قَالَ سَلامة بْنُ جَنْدَل:

لَيْسَ بأَسْفَى وَلَا أَقْنَى وَلَا سَغِلٍ، ***يُسْقَى دواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ

وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِذِي الرُّمَّةِ:

فَيَا كَرَمَ السَّكْنِ الَّذِينَ تَحَمَّلوا ***عَنِ الدارِ، والمُسْتَخْلَفِ المُتَبَدَّلِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي صَارَ خَلَفًا وبَدَلًا للظباءِ وَالْبَقَرِ، وَقَوْلُهُ: فَيَا كَرَمَ يَتَعَجَّب مِنْ كَرَمِهِمْ.

والسَّكْنُ: جَمْعُ سَاكِنٌ كصَحْب وَصَاحِبٍ.

وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج: « حَتَّى إِنَّ الرُّمَّانة لتُشْبِعُ السَّكْنَ »؛ هو بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ لأَهل الْبَيْتِ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّكْنُ أَيضًا جِمَاعُ أَهل الْقَبِيلَةِ.

يُقَالُ: تَحَمَّلَ السَّكْنُ فَذَهَبُوا.

والسَّكَنُ: كُلُّ مَا سَكَنْتَ إِلَيْهِ واطمأْنَنت بِهِ مِنْ أَهل وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا قَالَتِ الْعَرَبُ السَّكَنُ لِمَا يُسْكَنُ إِلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}.

والسَّكَنُ: المرأَة لأَنها يُسْكَنُ إِلَيْهَا.

والسَّكَنُ: الساكِنُ؛ قال الراجز:

لِيَلْجَؤُوا مِنْ هَدَفٍ إِلَى فَنَنْ، ***إِلَى ذَرَى دِفْءٍ وظِلٍّ ذِي سَكَنْ

وَفِي الْحَدِيثِ: « اللهم أَنْزِلْ علينا في أَرضنا سَكَنَها» أَي غِيَاثَ أَهلها الَّذِي تَسْكُن أَنفسهم إِلَيْهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ.

اللَّيْثُ: السَّكْنُ السُّكّانُ.

والسُّكْنُ: أَن تُسْكِنَ إِنْسَانًا مَنْزِلًا بِلَا كِرَاءٍ، قَالَ: والسَّكْنُ الْعِيَالُ أَهلُ الْبَيْتِ، الْوَاحِدُ ساكِنٌ.

وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ: « السُّكْنُ القُوتُ».

وَفِي حَدِيثِ الْمَهْدِيِّ: « حَتَّى إنَّ العُنْقود لَيَكُونُ سُكْنَ أَهل الدَّارِ»؛ أي قُوتَهم مِنْ بَرَكَتِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النُّزْل، وَهُوَ طَعَامُ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَيْهِ.

والأَسْكانُ: الأَقْواتُ، وَقِيلَ للقُوتِ سُكْنٌ لأَن الْمَكَانَ بِهِ يُسْكَنُ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ نُزْلُ الْعَسْكَرِ لأَرزاقهم الْمُقَدِّرَةِ لَهُمْ إِذَا أُنزِلوا مَنْزِلًا.

وَيُقَالُ: مَرْعًى مُسْكِنٌ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يُحْوج إِلَى الظَّعْن، كَذَلِكَ مَرْعًى مُرْبِعٌ ومُنْزِلٌ.

قَالَ: والسُّكْنُ المَسْكَن.

يُقَالُ: لَكَ فِيهَا سُكْنٌ وسُكْنَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

وسُكْنى المرأَة: المَسْكَنُ الَّذِي يُسْكنها الزَّوْجُ إِيَّاهُ.

يُقَالُ: لَكَ دَارِي هَذِهِ سُكْنَى إِذَا أَعاره مَسْكنًا يَسْكُنه.

وسُكّانُ الدَّارِ: هُمُ الْجِنُّ الْمُقِيمُونَ بِهَا، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا اطَّرَفَ دَارًا ذَبَحَ فِيهَا ذَبيحة يَتَّقي بِهَا أَذَى الْجِنِّ فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ.

والسَّكَنُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّارُ؛ قَالَ يَصِفُ قَنَاةً ثَقَّفَها بِالنَّارِ والدُّهن: " أَقامها بسَكَنٍ وأَدْهان وَقَالَ آخَرُ:

أَلْجَأَني الليلُ وريحٌ بَلَّهْ ***إِلَى سَوادِ إِبلٍ وثَلَّهْ،

وسَكَنٍ تُوقَدُ فِي مِظَلَّهْ "ابْنُ الأَعرابي: التَّسْكِينُ تَقْوِيمُ الصَّعْدَةِ بالسَّكَنِ، وَهُوَ النَّارُ.

والتَّسْكين: أَن يَدُومَ الرَّجُلُ عَلَى رُكُوبِ السُّكَيْنِ، وَهُوَ الْحِمَارُ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، والأَتانُ إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ سُكَيْنة، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْجَارِيَةُ الْخَفِيفَةُ الرُّوح سُكَيْنة.

قَالَ: والسُّكَيْنة أَيضًا اسْمُ البَقَّة الَّتِي دَخَلَتْ فِي أَنف نُمْروذَ بْنِ كَنْعان الْخَاطِئِ فأَكلت دماغَه.

والسُّكَيْنُ: الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ؛ قَالَ أَبو دُواد:

دَعَرْتُ السُّكَيْنَ بِهِ آيِلًا، ***وعَيْنَ نِعاجٍ تُراعي السِّخالا

والسَّكينة: الوَدَاعة والوَقار.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فِيهِ مَا تَسْكُنُون بِهِ إِذَا أَتاكم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالُوا إِنَّهُ كَانَ فِيهِ مِيرَاثُ الأَنبياء وعصا موسى وعمامة هرون الصَّفْرَاءُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ رأْس كرأْس الهِرِّ إِذَا صَاحَ كَانَ الظَّفَرُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقِيلَ: إِنَّ السَّكينة لَهَا رأْس كرأْس الهِرَّة مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ ولها جناحان.

قال الْحَسَنُ: " جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِي التَّابُوتِ سَكِينة لَا يَفِرُّون عَنْهُ أَبدًا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ.

الْفَرَّاءُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَنزل اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّكينة للسَّكينة.

وَفِي حَدِيثِ قَيْلَةَ: « أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: يَا مِسْكِينة عَلَيْكِ السَّكِينةَ »؛ أَراد عَلَيْكِ الوَقارَ والوَداعَة والأَمْنَ.

يُقَالُ: رَجُلٌ وَدِيعَ وقُور سَاكِنٌ هَادِئٌ.

وَرُوِيَ عَنِ" ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: السَّكِينةَ مَغْنَم وَتَرْكُهَا مَغْرَم، وَقِيلَ: أَراد بِهَا هَاهُنَا الرَّحْمَةَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينة تَحْمِلُهَا الْمَلَائِكَةُ».

وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ السَّكِينة الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الطمأْنينة، وَقِيلَ: هِيَ النَّصْرُ، وَقِيلَ: هِيَ الوَقار وَمَا يَسْكُن بِهِ الإِنسان.

وَقَوْلُهُ تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ} مَا تَسْكُنُ بِهِ قلوبُهم.

وَتَقُولُ للوَقُور: عَلَيْهِ السُّكون والسَّكِينة؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي عُرَيْف الكُلَيبي:

للهِ قَبْرٌ غالَها، ماذا يُجِنْنَ، ***لَقَدْ أَجَنَّ سَكِينةً ووَقَارا

وَفِي حَدِيثِ الدَّفْع مِنْ عَرَفَةَ: « عَلَيْكُمُ السَّكِينةَ والوَقارَ والتَّأَنِّيَ فِي الْحَرَكَةِ وَالسَّيْرِ».

وَفِي حَدِيثِ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ: « فلْيأْتِ وَعَلَيْهِ السَّكِينة».

وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: « كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغَشِيَتْه السَّكِينةُ »؛ يُرِيدُ مَا" كَانَ يَعْرِضُ لَهُ مِنَ السُّكُونِ والغَيْبة عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَن السَّكينة تَكَلَّمُ عَلَى لسانِ عُمَرَ »؛ قِيلَ: هُوَ مِنَ الْوَقَارِ وَالسُّكُونِ، وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: أَراد السَّكِينَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، قِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّهَا حَيَوَانٌ لَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنسان مُجتَمِع، وسائِرُها خَلْقٌ رَقِيقٌ كَالرِّيحِ والهواء، وقيل: هي صُورة كالهِرَّة كَانَتْ مَعَهُمْ فِي جُيوشهم، فإِذا ظَهَرَتِ انْهَزَمَ أَعداؤُهم، وَقِيلَ: هِيَ مَا كَانُوا يَسْكُنُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أُعطيها مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ: والأَشْبه بِحَدِيثِ عُمَرَ أَن يَكُونَ مِنَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: « فأَرسل اللَّهُ إِلَيْهِ السَّكينة »؛ وَهِيَ رِيحٌ خَجُوجٌ؛ أي سَرِيعَةُ المَمَرِّ.

والسَّكِّينة: لُغَةٌ فِي السَّكينة؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا وَلَا يُعْلَمُ فِي الْكَلَامِ فَعِّيلة.

والسِّكِّينةُ، بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ عَنِ الْكِسَائِيِّ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ.

وتَسَكَّنَ الرَّجُلُ: مِنَ السَّكِينة والسَّكِّينة.

وَتَرَكْتُهُمْ عَلَى سَكِناتِهم ومَكِناتِهم ونَزِلاتِهم ورَباعَتهم ورَبَعاتهم أَي عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ وحُسْن حَالِهِمْ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: عَلَى مَسَاكِنِهِمْ، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَلَى مَنازلهم، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْجَيِّدُ لأَن الأَول لَا يُطَابِقُ فِيهِ الِاسْمُ الْخَبَرَ، إِذ الْمُبْتَدَأُ اسْمٌ وَالْخَبَرُ مَصْدَرٌ، فَافْهَمْ.

وَقَالُوا: تَرَكْنَا الناسَ عَلَى مُصاباتهم أَي عَلَى طَبَقَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ.

والسَّكِنة، بِكَسْرِ الْكَافِ: مَقَرُّ الرأْس مِنَ الْعُنُقِ؛ وَقَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ شَرْقيّ وَكُنْيَتُهُ أَبو الطَّحَّان:

بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَكِناتِه، ***وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: اسْتَقِرُّوا عَلَى سَكِناتكم فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ »أَي عَلَى مَوَاضِعِكُمْ وَفِي مسَاكنكم، وَيُقَالُ: وَاحِدَتُهَا سَكِنة مِثْلُ مَكِنة ومَكِنات، يَعْنِي أَن اللَّهَ قَدْ أَعز الإِسلام، وأَغنى عَنِ الْهِجْرَةِ والفِرار عَنِ الْوَطَنِ خَوْفَ الْمُشْرِكِينَ.

وَيُقَالُ: النَّاسُ عَلَى سَكِناتهم أَي عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ زامِل بْنُ مُصاد العَيْني:

بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَكِناته، ***وطَعْنٍ كأَفواه المَزاد المُخَرَّق

قَالَ: وَقَالَ طُفَيل:

بضرْبٍ يُزيل الهامَ عَنْ سَكِناته، ***ويَنْقَعُ مِنْ هامِ الرِّجَالِ المُشَرَّب

قَالَ: وَقَالَ النَّابِغَةُ:

بضربٍ يُزيلُ الهامَ عَنْ سَكِناته، ***وطعن كإِيزاغِ الْمَخَاضِ الضَّوارب

والمِسْكينُ والمَسْكِين؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعيل: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ يَكْفِي عِيَالَهُ، قَالَ أَبو إسحق: الْمِسْكِينُ الَّذِي أَسْكَنه الفقرُ أَي قَلَّلَ حركتَه، وَهَذَا بِعِيدٍ لأَن مِسْكينًا فِي مَعْنَى فَاعِلٍ، وَقَوْلُهُ الَّذِي أَسْكَنه الفقرُ يُخْرجه إِلى مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ المِسْكين وَالْفَقِيرِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ هُنَا شَيْئًا، وَهُوَ مِفْعيل مِنَ السُّكُونِ، مِثْلُ المِنْطيق مِنَ النُّطْق.

قَالَ ابْنُ الأَنباري: قَالَ يُونُسُ الْفَقِيرُ أَحسن حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يُقيمه، وَالْمِسْكِينُ أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ السِّكِّيتِ؛ قَالَ يُونُسُ: وَقُلْتُ لأَعرابي أَفقير أَنت أَم مِسْكِينٌ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ بَلْ مِسْكِينٌ، فأَعلم أَنه أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ؛ وَاحْتَجُّوا عَلَى أَن الْمِسْكِينَ أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ بِقَوْلِ الرَّاعِي:

أَما الفقيرُ الَّذِي كانَتْ حَلوبَتُه ***وَفْق العِيال، فَلَمْ يُترَك لَهُ سَبَدُ

فأَثبت أَن لِلْفَقِيرِ حَلوبة وَجَعَلَهَا وفْقًا لِعِيَالِهِ؛ قَالَ: وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا كَقَوْلِ يُونُسَ.

وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الْمِسْكِينُ أَحسن حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وإِليه ذَهَبَ أَحمد بْنُ عُبَيْد، قَالَ: وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا لأَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ؛ فأَخبر أَنهم مَسَاكِينُ وأَن لَهُمْ سَفينة تُساوي جُمْلة، وَقَالَ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافًا؛ فَهَذِهِ الْحَالُ الَّتِي أَخبر بِهَا عَنِ الْفُقَرَاءِ هِيَ دُونَ الْحَالِ الَّتِي أَخبر بِهَا عَنِ الْمَسَاكِينِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِلى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ عليُّ بْنُ حَمْزَةَ الأَصبهاني اللُّغَوِيُّ، ويَرى أَنه الصَّوَابُ وَمَا سِوَاهُ خطأٌ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ؛ فأَكد عَزَّ وَجَلَّ سُوءَ حَالِهِ بِصِفَةِ الفقر لأَن المَتْربَة الْفَقْرُ، وَلَا يُؤَكَّدُ الشَّيْءُ إِلا بِمَا هُوَ أَوكد مِنْهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}؛ فأَثبت أَن لَهُمْ سَفِينَةً يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ؛ وَاسْتَدَلَّ أَيضًا بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:

هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ، ***تُغِيثُ مِسْكينًا قَلِيلًا عَسْكَرُهْ،

عَشْرُ شِياهٍ سَمْعُه وبَصَرُهْ، ***قَدْ حَدَّثَ النَّفْسَ بِمِصْرٍ يَحْضُرُهْ

فأَثبت أَن لَهُ عَشْرَ شِيَاهٍ، وأَراد بِقَوْلِهِ عَسْكَرُهُ غَنَمُهُ وأَنها قَلِيلَةٌ، وَاسْتَدَلَّ أَيضًا بِبَيْتِ الرَّاعِي وَزَعَمَ أَنه أَعدل شَاهِدٍ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: " أَما الفقيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلوبَتُه لأَنه قَالَ: أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلوبتُه وَلَمْ يَقُلِ الَّذِي حَلُوبَتُهُ، وَقَالَ: فَلَمْ يُترك لَهُ سَبَدٌ، فأَعلمك أَنه كَانَتْ لَهُ حَلوبة تَقُوت عِيَالَهُ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ وَلَكِنْ مِسْكِينٍ، ثُمَّ أَعلمك أَنها أُخِذَتْ مِنْهُ فَصَارَ إِذ ذَاكَ فَقِيرًا، يَعْنِي ابنُ حمْزة بِهَذَا الْقَوْلِ أَن الشَّاعِرَ لَمْ يُثْبِتْ أَن لِلْفَقِيرِ حَلُوبَةً لأَنه قَالَ: الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ، وَلَمْ يَقُلِ الَّذِي حَلُوبَتُهُ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ لَهُ مَالٌ وثرْوة فإِنه لَمْ يُترَكْ لَهُ سَبَدٌ، فَلَمْ يُثْبت بِهَذَا أَن لِلْفَقِيرِ مَالًا وثرْوَة، وإِنما أَثبَت سُوءَ حَالِهِ الَّذِي به صارفقيرًا، بَعْدَ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَثَرْوَةٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ".

أَنه أَثبت فَقْرَهُ لِعَدَمِ حَلوبته بَعْدَ أَن كَانَ مِسْكِينًا قَبْلَ عَدَمِ حَلوبته، وَلَمْ يُرِد أَنه فَقِيرٌ مَعَ وُجُودِهَا فإِن ذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ لِلْفَقِيرِ مَالٌ وَثَرْوَةٌ فِي قَوْلِكَ: أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ لَهُ مَالٌ وَثَرْوَةٌ، لأَنه لَا يَكُونُ فَقِيرًا مَعَ ثَرْوَتِهِ وَمَالِهِ فَحَصَلَ بِهَذَا أَن الْفَقِيرَ فِي الْبَيْتِ هُوَ الَّذِي لَمْ يُتركْ لَهُ سَبَدٌ بأَخذ حَلُوبَتِهِ، وَكَانَ قَبْلَ أَخذ حَلُوبَتِهِ مِسْكِينًا لأَن مَنْ كَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ فَلَيْسَ فَقِيرًا، لأَنه قَدْ أَثبت أَن الْفَقِيرَ الَّذِي لَمْ يُترَكْ لَهُ سَبَدٌ، وإِذا لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا فَهُوَ إِمّا غَنِيٌّ وإِما مِسْكِينٌ، وَمَنْ لَهُ حَلُوبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ، وإِذا لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا لَمْ يَبْقَ إِلّا أَن يَكُونَ فَقِيرًا أَو مِسْكِينًا، وَلَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ فَقِيرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَلَمْ يبقَ أَن يَكُونَ إِلا مِسْكِينًا، فَثَبَتَ بِهَذَا أَن الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: وَلِذَلِكَ بدأَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْفَقِيرِ قَبْلَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ مِنَ الْمِسْكِينِ وَغَيْرِهِ، وأَنت إِذا تأَملت قَوْلَهُ تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ}، وَجَدْتَهُ سُبْحَانَهُ قَدْ "رَتَّبَهُمْ فَجَعَلَ الثَّانِي أَصلح حَالًا مِنَ الأَول، وَالثَّالِثَ أَصلح حَالًا مِنَ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالثَّامِنُ، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَن الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ أَن الْعَرَبَ قَدْ تَسَمَّتْ بِهِ وَلَمْ تَتَسَمَّ بِفَقِيرٍ لِتَنَاهِي الْفَقْرِ فِي سُوءِ الْحَالِ، أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا تَمَسْكَن الرَّجُلُ فَبَنَوْا مِنْهُ فِعْلًا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالْمِسْكِينِ فِي زِيِّه، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْفَقِيرِ إِذ كَانَتْ حَالُهُ لَا يَتَزَيّا بِهَا أَحدٌ؟ قَالَ: وَلِهَذَا رَغِبَ الأَعرابيُّ الَّذِي سأَله يُونُسُ عَنِ اسْمِ الْفَقِيرِ لِتَنَاهِيهِ فِي سُوءِ الْحَالِ، فَآثَرَ التَّسْمِيَةَ بالمَسْكَنة أَو أَراد أَنه ذَلِيلٌ لِبُعْدِهِ عَنْ قَوْمِهِ وَوَطَنِهِ، قَالَ: وَلَا أَظنه أَراد إِلا ذَلِكَ، وَوَافَقَ قولُ الأَصمعي وَابْنِ حَمْزَةَ فِي هَذَا قولَ الشَّافِعِيِّ؛ وَقَالَ قَتَادَةُ: الْفَقِيرُ الَّذِي بِهِ زَمانة، والمِسْكين الصَّحِيحُ الْمُحْتَاجُ.

وَقَالَ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ أَحمد: الْفَقِيرُ الْقَاعِدُ فِي بَيْتِهِ لَا يسأَل، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي يسأَل، فَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلى أَن الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ لأَنه يسأَل فيُعْطَى، وَالْفَقِيرُ لَا يسأَل وَلَا يُشْعَرُ بِهِ فيُعْطَى لِلُزُومِهِ بَيْتِهِ أَو لِامْتِنَاعِ سُؤَالِهِ، فَهُوَ يَتَقَنَّع بأَيْسَرِ شَيْءٍ كَالَّذِي يتقوَّت فِي يَوْمِهِ بِالتَّمْرَةِ وَالتَّمْرَتَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يسأَل مُحَافَظَةً عَلَى مَاءِ وَجْهِهِ وإِراقته عند السُّؤَالِ، فَحَالُهُ إِذًا أَشدّ مِنْ حَالِ الْمِسْكِينِ الَّذِي لَا يَعْدَمُ مَنْ يُعْطِيهِ، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ" قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ المسكينُ الَّذِي تَرُدُّه اللُّقْمةُ واللُّقْمتانِ، وإِنما الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يسأَل وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فيُعْطَى، فأَعْلَمَ أَن الَّذِي لَا يسأَل أَسوأُ حَالًا مِنَ السَّائِلِ، وإِذا ثَبَتَ أَن الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي لَا يسأَل وأَن الْمِسْكِينَ هُوَ السَّائِلُ فَالْمِسْكِينُ إِذًا أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَالْفَقِيرُ أَشدّ مِنْهُ فَاقَةً وَضُرًّا، إِلَّا أَن الْفَقِيرَ أَشرف نَفْسًا مِنَ الْمِسْكِينِ لِعَدَمِ الْخُضُوعِ الَّذِي فِي الْمِسْكِينِ، لأَن الْمِسْكِينَ قَدْ جَمَعَ فَقْرًا وَمَسْكَنَةً، فَحَالُهُ فِي هَذَا أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَلِهَذَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ فأَبانَ أَن لَفْظَةَ الْمِسْكِينِ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاسِ أَشدّ قُبحًا مِنْ لَفْظَةِ الْفَقِيرِ، وَكَانَ الأَولى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ أَن تَكُونَ لِمَنْ لَا يسأَل لِذُلِّ الْفَقْرِ الَّذِي أَصابه، فَلَفْظَةُ الْمِسْكِينِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَشد بُؤْسًا مِنْ لَفْظَةِ الْفَقِيرِ، وإِن كَانَ حَالُ الْفَقِيرِ فِي الْقِلَّةِ وَالْفَاقَةِ أَشد مِنْ حَالِ الْمِسْكِينِ، وأَصل الْمِسْكِينِ فِي اللُّغَةِ الْخَاضِعُ، وأَصل الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجُ، وَلِهَذَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَحْيِني مِسْكينًا وأَمِتْني مِسْكِينًا واحْشُرْني فِي زُمْرةِ الْمَسَاكِينِ "؛ أَراد بِهِ التَّوَاضُعَ والإِخْبات وأَن لَا يَكُونَ مِنَ الْجَبَّارِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ أَي خَاضِعًا لَكَ يَا رَبِّ ذَلِيلًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ، وَلَيْسَ يُرَادُ بِالْمِسْكِينِ هُنَا الْفَقِيرُ الْمُحْتَاجُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَقَدِ اسْتَعَاذَ سَيِّدُنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ الْفَقْرِ؛ قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنِ الخِضْرِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ"، فَسَمَّاهُمْ مَسَاكِينَ لِخُضُوعِهِمْ وَذُلِّهِمْ مِنْ جَوْرِ الْمَلِكِ الَّذِي يأْخذ كُلَّ سَفِينَةٍ وَجَدَهَا فِي الْبَحْرِ غَصْبًا، وَقَدْ يَكُونُ الْمِسْكِينُ مُقِلًّا ومُكْثِرًا، إِذ الأَصل فِي المسكين أَنه من المَسْكَنة، وَهُوَ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ، وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ الْمِسْكِينَ بِالْفَقْرِ لَمَّا أَراد أَن يُعْلِمَ أَن خُضُوعَهُ لِفَقْرٍ لَا لأَمر غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}؛ والمَتْرَبةُ: الْفَقْرُ، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمِسْكِينَ أَسوأَ حَالًا لِقَوْلِهِ ذَا مَتْرَبَةٍ، وَهُوَ الَّذِي لَصِقَ بِالتُّرَابِ لشدَّة فَقْرِهِ، وَفِيهِ أَيضًا حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ لأَنه أَكد حَالَهُ بِالْفَقْرِ، وَلَا يؤكَّد الشَّيْءُ إِلا بِمَا هُوَ أَوكد مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ المِسْكين والمَساكين والمَسْكَنة والتَّمَسْكُنِ، قَالَ: وَكُلُّهَا يَدُورُ مَعْنَاهَا على الخضوعوالذِّلَّة وَقِلَّةِ الْمَالِ وَالْحَالِ السَّيِّئَةِ، واسْتَكانَ إِذا خَضَعَ.

والمَسْكَنة: فَقْرُ النَّفْسِ.

وتَمَسْكَنَ إِذا تَشَبَّه بِالْمَسَاكِينِ، وَهُمْ جَمْعُ المِسْكين، وَهُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَهُ بَعْضُ الشَّيْءِ، قَالَ: وَقَدْ تَقَعُ المَسْكَنة عَلَى الضَّعف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" قَيْلة: قَالَ لَهَا صَدَقَت المِسْكِينةُ "؛ أَراد الضَّعف وَلَمْ يُرِدِ الْفَقْرَ.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: المِسْكين مِنَ الأَلفاظ المُتَرَحَّمِ بِهَا، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِ المِسْكين، تَنْصِبُهُ عَلَى أَعني، وَقَدْ يَجُوزُ الْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ، وَالرَّفْعُ عَلَى إِضمار هُوَ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّرَحُّمِ مَعَ ذَلِكَ، كَمَا أَن رحمةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإِن كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ مَعْنَى الدُّعَاءِ؛ قَالَ: وَكَانَ يُونُسُ يَقُولُ مَرَرْتُ بِهِ المسكينَ، عَلَى الْحَالِ، وَيَتَوَهَّمُ سُقُوطَ الأَلف وَاللَّامِ، وَهَذَا خطأٌ لأَنه لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ حَالًا وَفِيهِ الأَلف وَاللَّامُ، وَلَوْ قُلْتُ هَذَا لَقُلْتُ مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ الظريفَ تُرِيدُ ظَرِيفًا، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلَى الْفِعْلِ كأَنه قَالَ لَقِيتُ الْمِسْكِينَ، لأَنه إِذا قَالَ مَرَرْتُ بِهِ فكأَنه قَالَ لَقِيِتُهُ، وَحُكِيَ أَيضًا: إِنه المسكينُ أَحْمَقُ وتقديرُه: إِنه أَحمق، وَقَوْلُهُ المسكينُ أَي هُوَ المسكينُ، وَذَلِكَ اعتراضٌ بَيْنَ اسْمِ إِن وَخَبَرِهَا، والأُنثى مِسْكينة؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: شُبِّهَتْ بِفَقِيرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الإِكْثار، وَقَدْ جَاءَ مِسْكين أَيضًا للأُنثى؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:

قَدْ أَطْعَنُ الطَّعْنةَ النَّجْلاءَ عَنْ عُرُضٍ، ***كفَرْجِ خَرْقاءَ وَسْطَ الدارِ مِسْكينِ

عَنَى بِالْفَرَجِ مَا انْشَقَّ مِنْ ثِيَابِهَا، وَالْجَمْعُ مَساكين، وإِن شِئْتَ قُلْتَ مِسْكينون كَمَا تَقُولُ فَقِيرُونَ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: يَعْنِي أَن مِفْعيلًا يَقَعُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ نَحْوَ مِحْضِير ومِئْشير، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ مَا دَامَتِ الصِّيغَةُ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَمَّا قَالُوا مِسْكينة يَعْنُونَ الْمُؤَنَّثَ وَلَمْ يَقْصِدُوا بِهِ الْمُبَالَغَةَ شَبَّهُوهَا بِفَقِيرَةٍ، وَلِذَلِكَ سَاغَ جَمْعُ مُذَكَّرِهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ.

وَقَوْمٌ مَساكينُ ومِسْكِينون أَيضًا، وإِنما قَالُوا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ قِيلَ للإِناث مِسْكينات لأَجل دُخُولِ الْهَاءِ، وَالِاسْمُ المَسْكَنة.

اللَّيْثُ: المَسْكَنة مَصْدَرُ فِعْل المِسْكين، وإِذا اشْتَقُّوا مِنْهُ فِعْلًا قَالُوا تَمَسْكَنَ الرجلُ أَي صَارَ مِسكينًا.

وَيُقَالُ: أَسْكَنه اللَّهُ وأَسْكَنَ جَوْفَه أَي جَعَلَهُ مِسْكينًا.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمِسْكِينُ الْفَقِيرُ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الذِّلَّة وَالضَّعْفِ.

يقال: تَسَكَّن الرجل وتَمَسْكَن، كَمَا قَالُوا تَمَدْرَعَ وتَمَنْدَلَ مِنَ المِدْرَعَة والمِنْديل، عَلَى تَمَفْعَل، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ، وَقِيَاسُهُ تَسَكَّنَ وتَدرَّعَ مِثْلَ تشَجَّع وتحَلَّم.

وسَكَن الرجلُ وأَسْكَن وتمَسْكَنَ إِذا صَارَ مِسكينًا، أَثبتوا الزَّائِدَ، كَمَا قَالُوا تَمَدْرَع فِي المِدرعة.

قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَسَكَّن كتَمَسْكَن، وأَصبح القومُ مُسْكِنين أَي ذَوِي مَسْكنة.

وَحُكِيَ: مَا كَانَ مِسْكِينًا وَمَا كُنْتُ مِسْكِينًا وَلَقَدْ أَسكَنْتُ.

وتمسكَنَ لِرَبِّهِ: تضَرَّع؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.

وَتَمَسْكَنَ إِذا خَضَعَ لِلَّهِ.

والمَسْكَنة: الذِّلَّة.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ لِلْمُصَلِّي: تَبْأَسُ وتمسْكَنُ وتُقْنِع يَدَيْكَ "؛ وَقَوْلُهُ تمسْكَنُ أَي تذَلَّل وتَخْضَع، وَهُوَ تَمَفْعَل مِنَ السُّكُونِ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَصل الْحَرْفِ السُّكون، والمَسْكَنة مَفْعلة مِنْهُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ تسَكَّن، وَهُوَ الأَكثر الأَفصح إِلا أَنه جاءَ فِي هَذَا الْحَرْفِ تَمَفْعَل، وَمِثْلُهُ تمَدْرَع وأَصله تَدرَّع؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: كُلُّ مِيمٍ كَانَتْ فِي أَول حَرْفٍ فَهِيَ مَزِيدَةٌ إِلا مِيمَ مِعْزى وَمِيمَ مَعَدٍّ، تَقُولُ: تمَعْدَد، وَمِيمَ مَنْجَنِيق وَمِيمَ مَأْجَج وَمِيمَ مَهْدَد؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا فِيمَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ مَفْعَل أَو مِفْعَل أَو مِفْعيل، فأَما مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ فَعْلٍ" أَو فِعالٍ فَالْمِيمُ تَكُونُ أَصلية مِثْلُ المَهْدِ والمِهاد والمَرد وَمَا أَشبهه.

وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَسد: المَسْكين، بِفَتْحِ الْمِيمِ، المِسْكين.

والمِسْكينة: اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري لمَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ إِلا أَن يَكُونَ لِفَقْدِهَا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

واستَكان الرَّجُلُ: خَضَع وذلَّ، وَهُوَ افتَعَل مِنَ المَسْكَنة، أُشبعت حَرَكَةُ عَيْنِهِ فَجَاءَتْ أَلفًا.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ}؛ وَهَذَا نَادِرٌ، وَقَوْلُهُ: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ؛ أَي فَمَا خَضَعُوا، كَانَ فِي الأَصل فَمَا استَكَنُوا فَمُدَّتْ فَتْحَةُ الْكَافِ بأَلف كَقَوْلِهِ: لَهَا مَتْنتان خَظاتا، أَراد خَظَتا فَمَدَّ فَتْحَةَ الظَّاءِ بأَلف.

يُقَالُ: سَكَنَ وأَسكَنَ واسْتَكَنَ وتَمَسْكَنَ واسْتَكان أَي خَضَعَ وَذَلَّ.

وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ: « أَما صَاحِبَايَ فاستَكانا وقَعَدا فِي بُيُوتِهِمَا »أَي خَضَعَا وذلَّا.

والاسْتِكانة: اسْتِفْعال مِنَ السُّكون؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَكثر مَا جاءَ إِشباع حَرَكَةِ الْعَيْنِ فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِهِ يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوب أَي يَنْبَع، مُدَّتْ فَتْحَةُ الْبَاءِ بأَلف، وَكَقَوْلِهِ: أَدْنو فأَنْظُورُ، وَجَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مِنَ الكَيْنِ الَّذِي هُوَ لَحْمُ بَاطِنِ الْفَرْجِ لأَن الْخَاضِعَ الذَّلِيلَ خَفِيٌّ، فَشَبَّهَهُ بِذَلِكَ لأَنه أَخفى مَا يَكُونُ مِنَ الإِنسان، وَهُوَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ وَدُونِهِ؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:

فَمَا وَجدوا فِيكَ ابنَ مَرْوان سَقْطةً، ***وَلَا جَهْلةً فِي مازِقٍ تَسْتَكِينُها

الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}؛ أَي يَسْكُنون بِهَا.

والسَّكُون، بِالْفَتْحِ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ.

والسَّكون: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ مَسْكِنٌ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ مِنْ أَرض الْكُوفَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ الرَّزِيَّة، يَوْمَ مَسْكِنَ، ***والمُصِيبةَ والفَجيعه

جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ فَلَمْ يَصْرِفْهُ.

وأَما المُسْكان، بِمَعْنَى العَرَبون، فَهُوَ فُعْلال، وَالْمِيمُ أَصلية، وَجَمْعُهُ المَساكين؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي.

ابْنُ شُمَيْلٍ: تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ عِنْدَ النَّوْمِ سُكْنة كأَنه يأْمن الْوَحْشَةَ، وَفُلَانُ بنُ السَّكَن.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُهُ بِجَزْمِ الْكَافِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقَالُ سَكَنٌ وسَكْنٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ فِي الإِسكان:

ونُبِّئْتُ جَوَّابًا وسَكْنًا يَسُبُّني، ***وعَمْرو بنُ عَفْرا، لَا سلامَ عَلَى عَمْرِو

وسَكْنٌ وسُكَنٌ وسُكَينٌ: أَسماء.

وسُكَينٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

وَعَلَى الرُّمَيْثة مِنْ سُكَينٍ حاضرٌ، ***وَعَلَى الدُّثَيْنةِ مِنْ بَنِي سَيَّارِ

وسُكَينٌ، مُصَغَّرٌ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ فِي شِعْرِ النَّابِغَةِ الذُّبياني.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي هَذَا الْبَيْتَ: وَعَلَى الرُّميثة مِنْ سُكين.

وسُكَيْنة: بِنْتُ الحُسَين بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، والطُّرَّة السُّكَيْنِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِليها.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


90-معجم العين (فرع)

فرع: فَرَعْتُ رأس الجبل، وفَرَعْتُ فلانًا: علوتُه.

قال لبيد:

لم أَبِتْ إلاّ عليه أو على *** مَرْقَب يَفْرَعُ أطرافَ الجَبَلْ

والفَرْعُ: أوّل نِتاجِ الغنم أو الإبل.

وأَفْرَعَ القومُ إذا نُتِجوا في أوّل النِّتاج.

ويقال: الفَرَعُ: أوّل نتاج الإبل يُسلخ جلده فَيُلْبَسُ فصيلًا آخر ثم تَعْطِفُ عليه ناقة سوى أُمّه فتحلبُ عليه.

قال أوس بن حَجَر:

وشُبِّهَ الهيدب العبام من الأقوام *** سَقْبًا مُجَلَّلًا فَرَعا

والفَرْعُ: أعلى كلّ شيء، وجَمْعُه: فُروعٌ.

والفروع: الصّعود من الأرض.

ووادٍ مُفْرِعٍ: أفْرَع أهلَه، أيْ: كفاهم فلا يحتاجون إلى نُجْعة.

والفَرَعُ: المال المُعَدُّ.

ويقال: فَرِعَ يَفْرَعُ فَرَعًا، ورجلٌ أَفْرَعُ: كثير الشّعر.

والفارِع والفارِعة والأفرَعُ والفَرْعاء يوصف به كثرة الشّعر وطوله على الرأس.

ورجلٌ مُفْرَعُ الكَتِفِ: أي: عريض.

قال مرار

جَعْدةٌ فرعاءُ في جُمْجُمةٍ *** ضخْمةٍ نمرق عنها كالضّفر

وأفرع فلان إذا طال طولًا.

وأَفْرَعْتُ بفلانٍ فما أحمدته، أي: نزلت.

وأفرع فلان في فرع قومه، قال النابغة:

ورعابيب كأمثالِ الدُّمَى *** مُفْرِعات في ذِرَى عز الكرم

وقول الشاعر

وفروعٍ سابغٍ أطرافها *** عللتها ريح مسك ذي فَنَع

يعني بالفروع: الشعور.

وافْتَرَعْتُ المرأةَ: افْتَضَضْتُها.

وفَرَّعْتُ أرض كذا: أي جوّلت فيها، وعلمت علمها وخبرها.

وفَرْعَةُ الطّريق وفارِعَتُهُ: حواشيه.

وتَفَرّعْتُ بني فلان: أي: تزوّجتُ سيّدةَ نسائهم.

قال

وتفرّعنا من ابني وائلٍ *** هامةَ العزّ وخُرطومَ الكرم

العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com