نتائج البحث عن (يسوؤه)

1-المعجم الوسيط (أَوْقَعَ)

[أَوْقَعَ] المُغَنِّي: بَنَى أَلحانَ الغِناء على مَوقِعها وميزانها.

و- فلانٌ بالأَعداء: بالَغَ في قتالهم.

و- بفلان ما يسوءُه: أَنزله به.

و- به الدَّهرُ: سَطَا.

و- الرَّوضةُ: أَمسكت الماءَ.

و- فلانٌ.

الشيءَ: جَعَلَهُ يَقَعُ.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


2-المعجم الوسيط (كَسَعَ)

[كَسَعَ] فلانًا -َ كَسْعًا: ضرب دُبُرَه بيده أَو بصدر قدمه.

ويقال: كَسَعَ القومَ بالسَّيف: اتَّبع أَدبارَهم فضربهم به.

و- الشيءَ بكذا وكذا: جعله تابعًا له.

ويقال: وردت الخيلُ يَكْسَعُ بعضُها بعضًا.

و- فلانًا بما ساءَه: تكلَّم فرماه على إِثر قولهِ بكلمة يسوؤه بها.

و- طرده.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


3-شمس العلوم (كَسَعَ يَكْسَعُ)

الكلمة: كَسَعَ يَكْسَعُ. الجذر: كسع. الوزن: فَعَلَ/يَفْعَلُ.

[كَسَعَ]: الكَسْع: ضرب الإِنسان بيده أو برجله على دبر كل شيء، يقال: اتبعَ أدبارهم يكسعهم بالسيف.

ويقال: كَسَعَهُ بما ساءه: إِذا تكلم إِثر قوله بما يسوءه.

وكسع الناقةَ: إِذا نَضَحَ ضرَّتها بماء بارد وضربها بكفه إِلى أعلى لترتفع درتُها في ظهرها فيكون أغزر للبنها في العام المقبل، قال الحارث بن حلزة:

لا تكسع الشول بأغبارها *** إِنك لا تدري من الناتج

واضبب لأضيافك من رِسْلِها *** فإِن شر اللبن الوالجُ

والأغبار: بقايا اللبن في الضرع.

شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م


4-معجم ما استعجم (يوم الرزم)

يوم الرّزم: بفتح أوله وإسكان ثانيه. يوم كان لهمدان على مراد قبيل الإسلام، ورئيس همدان يومئذ الأجدع الشاعر، وفى ذلك يقول فروة بن مسيك المرادىّ:

«فإن نغلب فغلّابون قدما *** وإن نهزم فغير مهزّمينا»

«فما إن طبّنا جبن ولكن *** منايانا وطعمة آخرينا»

ولمّا وفد عروة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما، قال: هل ساءك ما أصاب قومك يوم الرّزم؟ قال: يا رسول الله، ومن ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومى فلا يسوءه؟.

وروى الطّبرىّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: كرهت يوميكم ويومى همدان؟ قال: إى والله، أفنيا الأهل والعشيرة. قال: أما إنّه خير لمن بقى.

واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه، وصدقات زبيد ومذحج؛ فلذلك ارتدّ عمرو بن معدى كرب فى مرتدّين من زبيد ومذحج.

وقال عمرو:

«وجدنا ملك فروة شرّ ملك *** حمار ساف منخره بثفر»

ويروى بقذر.

«وإنّك لو رأيت أبا عمير *** ملأت يديك من غدر وختر»

أبو عمير: هو فروة. فاستجاش عليهم فروة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجّه إليه خالد بن سعيد بن العاصى، وخالد بن الوليد، فاجتمعوا بكشر من

أرض اليمن، فهزم المرتدّون، وقتل أكثرهم، فلم تزل زبيد وجعفر وأود بعدها قليلة. وسبيت ريحانة أخت عمرو يومئذ، ففداها خالد بن سعيد، فأثابه عمر الصّمصامة، فهو السبب الذي أصارها إلى آل سعيد.

وقد اختلف فى يوم الرّزم، فقيل إنه منسوب إلى الموضع الذي اقتتلوا فيه من أرض اليمن، تلقاء كشر، وقيل إنه مشتقّ من قولك: رزمت الشيء أرزمه، إذا جمعته، ومنه اشتقاق الرّزمة من المتاع وغيره. وكذلك اختلف فى قول الأجدع بن مالك الهمدانى:

«أسألتنى بركائب ورحالها *** ونسيت قتل فوارس الأرباع»

وهم بنو الحصين ذى الغصّة. فقيل: الأرباع: هم الذين يأخذون ربع الغنيمة.

وقيل: الأرباع: موضع قتلوا فيه.

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع-أبو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد البكري الأندلسي-توفي 487هـ/1094م


5-معجم ما استعجم (ميسان)

ميسان: بفتح أوّله، وبالسين المهملة: موضع من أرض البصرة، استعمل عليها عمر بن الخطّاب النّعمان بن نضلة، فقال أبياتا منها:

«ألا هل أتى الحسناء أنّ حليلها *** بميسان يسقى فى زجاج وحنتم»

«لعلّ أمير المؤمنين يسوءه *** تنادمنا فى الجوسق المتهدّم»

فبلغت الأبيات عمر فقال: نعم، والله إن ذلك ليسوءنى. فمن لقيه فليخبره أنى قد عزلته.

وقال عمر رضى الله عنه: ما حابيت أحدا من أهلى إلّا النّعمان ابن عدىّ وقدامة بن مظعون، فما بورك لى فيهما، وكان ولّى قدامة البحرين، فأتاه الجارود العبدىّ فقال: يا أمير المؤمنين، استعملت علينا رجلا يشرب الخمر؟ فقال: تقول هذا فى رجل من أهل بدر؟ من يشهد معك؟ قال:

أبو هريرة. قال: لقد هممت أن أضرب أبا هريرة. فقال الجارود:

اللهمّ غفرا. يشرب ختنك، وتضرب ختنى! وكان أبو هريرة ختن الجارود، وقدامة خال عبد الله وحفصة ابنى عمر، وصمّم الجارود وأصحابه فى الشهادة، فجلد عمر قدامة ثمانين، بسوط تام.

ونبط ميسان لهم أذناب طوال، ولذلك قال مخلّد الموصلىّ:

«أذنابنا ترفع قمصاننا *** من خلفنا كالخشب الشائل»

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع-أبو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد البكري الأندلسي-توفي 487هـ/1094م


6-معجم متن اللغة (السباع)

السباع: الفخر بكثرة الرفث والجماع: الجماع نفسه.

و-: أن يتساب الرجلان فيرمي كل واحد منهما الأخر بما يسوؤه.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


7-معجم متن اللغة (أوقع بهم)

أوقع بهم: بالغ فى قتالهم: صدمهم فى الحرب (ز) "تميمية".

و- ت الروضة: أمسكت الماء.

و- هـ: أنزله وأسقطه.

و- ظنه على الشئ: قدره وأنزله (ز).

و- به ما يسوؤه: "

أنزله (ز).

و- به الدهر: سطا (ز).

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


8-جمهرة اللغة (سأوي)

ساءَهُ يَسوءه سَوْءًا وسُوءًا ومَساءةً.

ورجلُ سَوْءٍ، مهموز وغير مهموز.

وللسواء مواضع: فيكون السَّواء في موضع مفتوح السين ممدودًا في معنى غير، فإذا كسرتَ السينَ قَصَرْتَ، وهو أيضًَا في معنى غير.

وسَواء الشيء: وسطه، وكذلك فُسِّر في قوله جلّ وعزّ: {في سَواء الجَحِيم}.

ووضعتُ الشيءَ في سَواء كُمّي، أي في وسطه.

وسِوى الشيء: الشيء بعينه.

يقال: هذا سِوى فلانٍ، أي فلان بعينه.

قال حسان:

«أتانا فلم نَـعْـدِل سِـواه بـغـيره*** نبي أتى مِن عندِ ذي العَرْش هادِيا»

يريد لم نَعْدِلْه بغيره.

وهي عندهم من الأضداد.

والسِّوَى عندهم: العَدْل، وكذلك فسِّر في قوله جل وعزّ: {مَكانًا سِوًى}، واللّه أعلم، أي عَدْلًا بيننا.

والسَّواء من المُساواة، تقول: بنو فلانٍ سَواء، إذا استَوَوا في خير أو شرّ، فإذا قلت سَواسِيَة لم يكن إلا في شَرّ.

قال الشاعر:

«سَواسِيَة كأسنان الحمارِ»

وامرأة سَوْآءُ: قبيحة.

وفي الحديث: (سَوْآءُ وَلُود خير من حسناء عقيم).

وجاء فلان بالسَّوءة السَّوْءاء، أي بالأمر القبيح.

والسَّوْءة كناية عن العَوْرة.

وأسَوْتُ الرجل آسوه أسْوًا، إذا داويته، فأنا آسٍ والرجل أسي ومأسُوّ.

قال الشاعر:

«أسِيّ على أمّ الدِّماغ حَجِيجُ»

أي شجيج.

الحجيج، يقال: حُجُّ العظم من الجراحة، إذا قُطع فأخرج.

والسّوِية: كساء يُلَفّ ويُجعل شبيهًا بالحَوِية يُلقى على سَنام البعير تركبه النساء.

وأسيتُ الرَّجلَ وواسيته مُواساةَ، وأسِيَ الرجل يأْسَى أسَّى شديدًا، فهو أسْيانُ، إذا حزن.

قال الشاعر:

«وذي إيلٍ فَجَّعْته بخـيارِهـا*** فأصبح منها وهو أسْيانُ آيِسُ»

وأَسيتُ الرجلَ أؤسِّيه تَأسِيَةً؛ ويقال أيضًا: وسّيْتُّه أوسِّيه تأسِيَةَ وتَوْسيَةً، إذا عزَّيته، وتَأسَّى الرَّجل تأسَيًا، إذا تعزَّى.

والاسم الأسْوَة، والجمع الأسى.

وأْستُ الرجلّ أؤوسُه أوسًا، إذا أعطيته وأفضلت عليه.

وبه سُمِّي الوجل أوسًا.

وأويس من أسماء الذئب.

قال الراجز:

«يا ليت شعري عنك والأمْر أمَمْ*** ما فّعَلَ اليومَ أويس في الغَنَم»

والمستئيس: المستعطي، والمستآس: المستعطَي.

قال الشاعر:

«ثلاثهُّ أهلِينَ صاحبتهـم*** وكان الإله هو المستَآسا»

والسوس: هذه الدابّة المعروفة.

وساس الطعام يَساس، إذا وقع فيه السُّوس.

وقال أبو زيد: يقال: ساسَ الطعام وأساسَ بمعنى واحد.

وأبَى الأصمعي إلّا ساسَ.

ويقال: سيس الطعام فهو مَسُوس، إذا وقع فيه السُّوس، وكذلك سَوَّسَ تسويسًا.

السّوس: داء يُصيب الخيلَ في أعجازها.

وهذا مِن سُوسِ فلانٍ، أي من طَبْعِه.

ويقال: هذا من سوس صدقٍ وتوس صِدقٍ، أي من أصْل صِدق.

وسسْستّ القومَ أسوسهم سِياسةً، وكذلك الدوابّ.

والسّيساء: منتظَم فَقّار الظهر.

قال الشاعر.

لقد حَمَلتّ قيسَ بنَ عَيْلانَ حَرْبـنـا

على يابس السِّيساءِ محدودب الظَّهْرِ

أي حملته على أمر صعب.

وسواس: جبل أو موضع.

والآس: معروف.

وزعم قوم أن بعض العرب يسمُّونه السِّمْسِق، ولا أدري ما صحَّة ذلك.

وفسَّر قوم بيت الهذلي:

«تاللّه يَبْقى على الأيّام ذو حيَدٍ*** بمشمخِر به الظَّيّانُ والآسُ»

فزعموا أن الآس في هذا الموضع باقي العسل في موضع النّحل.

والآس: باقي الرماد بين الأثافي.

وأس البناء، والجمع أساس: معروف.

واليَأس، ضِدّ الرجاء: معروف أيِسَ يَأيَس يَأسًا، ويئَسَ يَيْأس يَأسًا أيضًا.

واليأسُ بن مُضَرَ، زعم قوم من أهل اللغة أن اسمه يأس وأدخلت الألفُ واللام للتعريف.

فأما تسميتهم إلْيَاس فهو اسم نبي، زعموا، واللّه أعلم.

وقد سمَّت العرب إياسًا، وهو مشتقّ من أسْتُه، إذا عَوَّضتَه.

والسأْوُ: الهمَّة.

قال ذو الرُّمَّة:

«كأنني من هوى خَرْقاءَ مُطَرَف*** دامي الأَظَلِّ بعيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ»

والسَّيْىء: باقي اللبن في الضَرع.

قال زهير:

«كما استغاثَ بسَيْىءٍ فَزّ غَيْطَـلَةٍ*** خافَ العيونَ فلم يُنظر به الحَشَكُ»

قال أبو بكر: الفَزّ: ولد البقرة.

والغَيْطَلَة: الأجَمَة.

وقالوا: الغيطلة: البقرة نفسها، فيقول إن ولد البقرة استغاث ببقية اللبن في الضَّرع ولم ينتظر به أن يَكْثُرَ ويَدُرَّ.

والسِّيّ: الفضاء الواسع من الأرض.

وجاء فلان بِسيِّ رأسه من المال، أي بما يوازي رأسَه.

والسِّيّ: المِثْل، من قولهم: هما سِيّان، أي مِثْلان.

وسِيّة الأسد: عِرِّيسه.

وسِيَة القوس، مخفَّفة: طَرفها، والجمع سِيات.

جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م


9-العباب الزاخر (سوأ)

سوأ

ساءه يَسُوْؤه سَوْءً -بالفتح- ومَسَاءَةً ومَسَائيَةً: نقيض سَرَّه، والاسم السُّوء -بالضم-، وقرأ عبد الله ابن كثير وأبو عمرو: (دائرةُ السُّوْء) يعني الهزيمة والشر، وقرأ الباقون بالفتح وهو من المَسَاءَة. وقوله تعالى: (تَخْرُجْ بيضاءَ من غيرِ سُوْء) أي من غير بَرَص. وقوله جل ذكره: (لَنَصْرفَ عنه السُّوءَ) أي خيانة صاحبة العزيز. و (سُوْءُ الحِساب): هو ألاَّ تُقْبَلَ منهم حَسنة ولا تُغفر لهم سيِّئة.

وقولهم: ما أنْكِركَ من سوء: أي لم يكن إنكاري إيّاك من سوء رأيته وإنما هو لقلة المعرفة.

والسُّوْءى: نقيض الحسنى، قال أبو الغول النَّهْشَلِيّث وليس لأبي الغول الطُّهوي:

«ولا يَجْزُوْنَ من حَسَنٍ بسُوْءى *** ولا يَجْزُوْنَ من غِلَظٍ بِلِـيْنِ»

ويروى: "بسوءٍ" و"بِسَيءٍ".

والسُّوْءى في قوله تعالى: (ثُم كان عاقِبَةَ الذين أساءُوا السُّوْءى) أي عاقبة الذين أشركوت النار.

وتقول: هذا رجل سَوْءٍ -بالإضافة- ثم تُدخل عليه الألف واللام فتقول: هذا رجل السَّوْء؛ ويقال: الحق اليقين وحق اليقين جميعًا، لأن السَّوْءَ ليس بالرجل؛ واليقين هو الحق، قال: ولا يقال: رجل السُّوءٍ -بالضم-.

والسَّيِّئةُ: أصلها سَيْوٍءئَةٌ؛ فقُلِبت الواو ياء وأدغمت. وقوله تعالى (ثمَّ بدَّلنا مكان السَّيئَةِ الحَسَنةَ) أي مكان الجَدْب والسَّنةِ الخِصْبَ والحيا. وقوله جل وعز: (ويَسْتَعْجِلُوْنَكَ بالسَّيِّئة قبلَ الحَسَنَةِ) أي يطلبون العذاب. وقوله: (وما أصابَكَ من سيئة فمن نفسِك) أي من أمْرٍ يَسُوْؤكَ.

ويقال: فلان سيئ الاختيار، وقد يُخفَّف فيقال: سيئ؛ مثل هيِّنٍ وهَيْنٍ ولَيِّنٍ ولَيْنٍ، وقد سبق الاستدلال ببيت أبي الغول.

ورجل أسوأ وامرأة سَوْءآءُ، وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: سَوْآءُ وَلُوْدٌ خير من حسناء عقيم، وكذلك كل خَصْلَةٍ أو فَعْلَةٍ قبيحة، قال أبو زبيد حَرْملة بن المنذر الطائي:

«لم يَهَبْ حُرْمَةَ النَّديم وحُقَّتْ *** يا لَقَوْمٍ للسَّوْءَةِ السَّـوْءآءِ»

والسَّوْءَةُ: العورة والفاحشة. ويقال: له عندي ما ساءه وناءه وما يسوْؤه ويَنُوْؤه.

ابن السكِّيت: سُؤْتُ به ظنّا وأسَأْتُ به الظن قال: يُثْبِتُونَ الألف إذا جاؤوا بالألف واللام. وسُؤْتُ الرجل سَوايةً ومسايةً -مُخَفَّفَتان-: أي ساءه ما رآه مني. وزاد أبو زيد: سَوَاءَةً -بالهمز-. وقال سيبويه: سألته -يعني الخليل- عن سُؤْتُه سَوَائيَةً فقال: هي فَعَاليةُ بمنزلة علانية؛ والذين قالوا سواية حذفوا الهمزة وأصلها الهمز، قال: وسألته عن مسائية فقال: مقوبة وأصلها مساوئة فكرهوا الواو مع الهمزة؛ والذين قالوا مسايةً حذفوا الهمز تخفيفًا.

وقولُهم: الخَيل تجريعلى مَساوئها: أي إنَّها وإِن كانت بها أوصابٌ وعُيوبٌ فانَّ كَرَمَها يحمِلُها على الجَري.

وسُواءَةُ -بالضمِّ والمَدِّ-: من الأعلام.

وأساءَ: نقيضُ أحسنَ.

وسَوَّأتُ عليه ما صَنَعَ تَسوئةً وتَسويئًا: إذا عِبتَه عليه وقُلتَ له: أسَأتَ، يقال: اِن أسَأتُ فَسَوّيء عَلَيَّ. وفي الحديث: أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ الله لو أني لَقيتُ أبي في المشركين فَسمِعتُ منه مَقالةً قبيحةً لك فما صَبَرتُ أن طَعَنتُه بالرُّمح فَقتَلتُه فما سَوَّأ ذلكم عليه.

واستاءَ الرجل من السُّوء: افتَعَل؛ منه، كما تقول من الغَمِّ: اغتَمَّ، على وَزنِ اسطاعَ. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "41-أ": أنَّ رجلًا قَصَّ عليه رؤيا فاستاءَ لها؛ ثمَّ قال: خِلافَةُ نُبوَّةٍ ثم يؤتس الله المُلكَ مَن يشاء، ويُروى: فاستاءَ لها: أي طَلب تأويلَها بالتَأمُّل والنَّظر.

العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م


10-العباب الزاخر (نوأ)

نوأ

ناء يَنُوْءُ نَوْءً: نهض بجَهْدِ ومشقة، قال جعفر بن عُلبة الحارثي:

«فَقُلْنا لهم تِلكُم إذَنْ بعـد كَـرَّةٍ *** تُغادِرُ صَرْعى نَوْؤُها مُتَخَاذِلُ»

وناء: سقط. وهو من الأضداد، ويقال: ناء بالحِمْلِ: إذا نهض به مُثْقَلًا، وناء به الحِمْل: إذا أثقلَه. والمرأة تَنُوءُ بها عجيزتُها: أي تَنْهَض بها مُثقلة. قوله عز وجل: (ما إنَّ مَفَاتِحَه لَتَنُوْءُ بالعُصْبَة) قال الفرّاء: أي لَتُنِيءُ العُصبة بثِقْلِها، قال:

«إنّي وجَدِّكَ ما أقْضِي الغَريْمَ وإنْ *** حانَ القَضاءُ وما رَقَّتْ له كَبدي»

«إلاّ عَصَا أرْزَنٍ طارَتْ بُرَايَتُهـا *** تَنُوْءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُـدِ»

والنَّوْءُ: سقوط نجمٍ من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقبيه من المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يوما؛ وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السّنة ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يومًا. قال أبو عبيدٍ: ولم نسمعْ في النَّوء أنه السّقوط إلاّ في هذا الموضع. وكانت العرب تُضيف الأمطار والرياح والحرَّ والبرْد إلى الساقط منها، وقال الأصمعي: إلى الطّالِع منها فتقول: مُطِرْنا بِنَوءِ كذا، وإنما غلّظ النبي -صلى الله عليه وسلم- القول فيمن يقول: مُطِرْنا بَنوْءِ كذا؛ لأن العرب كانت تقول: إنما هو من فعل النجم ولا يجعلونه سُقيا من الله تعالى. فأما من قال: مُطرِنا بَنوْء كذا ولم يُرِد هذا المعنى وأراد: مُطرنا في هذا الوقت؛ فذلك جائز، كما رُوي عن عمر -رضي الله عنه- أنه استسقى بالمصلّى ثم نادى العبّاس -رضي الله عنه-: كم بقي من نَوْء الثُّريّا فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعتَرض في الأفق سبعًا بعد وقوعها، فوالله ما مضت تلك السَّبع حتى غِيْثَ الناس. أراد عمر -رضي الله عنه-: كم بقي من الوقت الذي قد جَرت العادة أنه إذا تم أتى الله بالمطر.

وجمْع النَّوْء: أنْواءٌ ونُوْآن أيضًا؛ مثال عبدٍ وعُبْدان وبطْن وبُطْنان، قال حسّان بن ثابت -رضي الله عنه-:

«ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أنّا بـهـا *** إذا قَحَطَ القَطْرُ نُوْآنُها»

ابن السكِّيت: يقال: له عندي ما ساءَه وناءَه: أي أثقلَه، وما يَسُوؤه وينوؤُه، وقال بعضهم: أراد: ساءه وأناءَه، وغنما قال ناءَه -وهو لا يتعدى- لأجل الأزْدواج؛ كقولهم: إني لآتيه بالغَدَايا والعَشايا، والغَدَاةُ لا تُجمع على غَدَايا.

وناء الرجل -مثال ناعَ-: لُغة في نَأَى: إذا بَعُد، قال سهم بن حنظلة الغَنَوي، وأنشده الأصمعي لِرجل من غَنيّ من باهلة، قال ويُقال: إنّه لِعُبادَة ابن مُحَبَّر، وهو في شِعر سهم:

«إنَّ اتِّبَاعَكَ مَوْلى السَّوْء تَسْأَلُه *** مِثل القُعود ولَمّا تَتَّخِذْ نَشَبَا»

«إذا افْتَقَرْتَ نَأى واشْتَدَّ جانِبُه *** وإنْ رَآكَ غَنِيًّا لانَ واقْتَرَبا»

هكذا الرواية، وروى الكسائي:

«مَنْ إنْ رَآكَ غَنِيًا لانَ جانِبُـه *** وإنْ رآكَ فَقِيْرًا ناءَ واغْتَرَبا»

والشاهد في رواية الكسائي.

وأنَاءَهُ الحِمْل -مثال أناعَه-: أي أثقلَه وأماله.

واسْتَنَأْتُ الرجُل: طلبْتَ نَوءَه أي رفْدَه، كما يقال: شِمْتُ بَرْقه.

والمُسْتَنَاءُ: المُستعْطى، قال عمرو ابن أحمر الباهليّ:

وأتينا الرَّكيَّة فَوَجَّأناها ووجَّيْنَاها: أي وجدناها وَجِئَة ووجيَةً.

العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م


11-العباب الزاخر (أبس)

أبس

الأَبْسُ: يكون توبيخًا ويكون ترويعًا؛ عن الخليل. يقال أبَستُه آبسه أبْسًا. وأبَسْتُ به أبسًا: أي ذللّته وقهرته، قال العجاج يمدح عبد الملك بن مروان:

«لُيوثُ هَيْجي لم تُرَمْ بأبْسِ *** يَنْفِيْنَ بالزَّأرِ وأخذٍ هَمْسِ»

عن باحَةِ البَطْحَاءِ كُلَّ جَرْسِ والأبسً -أيضاَ-: المكان الخشن، مثل الشَّأْزِ والشأسِ، وقال ابنُ الأعرابيِّ: هو الإبسُ -بالكسر-. قال منظور بن حبة الأسدي:

«يَتْرُكْنَ في كُلِّ مُنَـاخٍ أبْـسِ *** كُلَّ جَنِيْنٍ مُشْعَرٍ في الغِرْسِ»

ويُروى: "في كل مُنَاخِ أبْسِ" بالإضافة، ومَنْ روى: "مُنَاخَ إنْسِ" - بالنون- وفسره بكل منزل ينزله الإنس فليست روايته بشئ. وقوله: "مُشْعَرٍ" أي مُدْخَلٍ في الغِرْس.

والأبسُ -أيضًا-: الجَدْبُ.

وأبسْتُ الرجُلَ أبسًا: حبستهُ.

والأبْسُ: بكع الرجل بما يسوءه ومقابلته بالمكروه.

وقال أبن الأعرابي: الأبس: ذَكَر السلاحف، وهو الرَّقُّ والغَيلَم.

والإبس -بالكسر-: الأصلُ السَّوء.

وقال ابن السكيت: امرأةٌ أُباس -بالضم-: إذا كانت سيئة الخلق، وأنشد لخذام الأسدي:

«رَقْرَاقَة مِثْل الفَنِيْقِ عَبْهَـرَه *** لًيْسَتْ بسوداء أُباس شهبره»

وقال الأصمعي: أبَّست به تأبيسًا: إذا صغَّرت به وحقَّرته، مثل أبَسْتُ به أبسًا، وكذلك إذا بكعته وقابلته بالمكروه.

وقال ابن فارس: تأبس الشيء: تغيّر، وأنشد للمُتَلمّس:

«ألم ترَ الجَون أصبح راسيًا *** تُطيف به الأيامُ ما يتأبَّسُ»

قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: الصواب في اللغة وفي الشعر: "تَأيَّسَ" و "يتَأيَّسَ" بالياء المعجمة باثنتين من تحتها، وسيذكر- إن شاء الله تعالى- في موضعه.

والتركيب يدل على القهر.

العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م


12-العباب الزاخر (ميس)

ميس

المَيْس والمَيَسَانُ: التَّبَخْتُر، يقال: ماسَ يَمِيْسُ مَيْسًا وميَسانًا، قال لَقيط بن زُرارَة:

«يا لَيْتَ شِعْري اليَومَ دَخْتَنوسُ *** إذا أتاها الخَبَرُ المَرْمَوْسُ»

«أتحْلِقُ القُرُوْنَ أمْ تَـمِـيْسُ *** لا بَلْ تَمِيْسُ إنَّها عَـرُوْسُ»

فهو مائِس ومَيُوس ومَيّاس، قال رؤبة يصف الغواني:

«مِثْلُ الدُّمى تَصْوِيرُهُنَّ أطْواسْ *** ومِرْفَلُ العَيْشِ رِفَلٌّ مَـيّاسْ»

وقال رؤبة -أيضًا- يَذْكُرُ كِبَرَه وهَرَمَه:

«أحْدُوا المُنى وأغْبِطُ العَرُوْسا *** لا أسْتَحي القُرّاءَ أنْ أمِيْسا»

«أحْسِبُ يَوْمَ الجُمْعَةِ الخَمِيْسا»

وفي حديث أبي الدَّرْداء -رضي الله عنه-: تَدْخُلُ قَيْسًا وتَخْرُجُ مَيْسًا. وقد كُتِبَ الحديث بتمامه في تركيب ق ي س.

والجَمَلُ رُبَّما ماسَ بِهَوْدَجِهِ في مَشْيِهِ ميَسَانًا.

وفي المَثَل: إنَّ الغَنِيَّ الطويلَ الذَّيْلِ مَيّاس. أي لا يَقْدرُ أن يَكْتُمَ الغِنى.

ومَيّاس -أيضًا-: فَرَسٌ شَقيقِ بن جَزْءٍ أحَدِ بَني قُتَيْبَة قال فيه عمرو بن أحْمَر الباهليّ:

«مَنى لكَ أنْ تَلْقى ابنَ هِنْدٍ منِيةٌ *** وفارِسَ مَيّاسٍ إذا ما تَلَبَّبـا»

مَنى: قَدَّرَ.

والمَيّاس -أيضًا-: الأسَد الذي يختال في مِشْيَتِه، ويَتَبَخْتَر؛ لِقِلَّةِ اكْتِراثِه بِمَن يَلْقاه، قال أبو زُبَيْد حَرْمَلة بن المنذر الطّائيّ يصف الأسَد:

«فَلَمّا أنْ رَآهُم قد تَـدانَـوا *** تَقَرّى حَوْلَ أرْجُلِهم يَمِيْسُ»

وقال ابن الأعرابيّ: ماسَ يَمِيْسُ مَيْسًا: إذا مَجَنَ، مِثْلُ مَسَأ يَمْسَأ مَسْأً. ومَاسَ اللهُ فيهم المَرَضَ يَمِيْسُه: أي كَثَّرَه فيهم.

ومَيسون بنت بَحْدَل بن أُنَيْفٍ؛ من بَني حارِثَة بن جَنَابٍ؛ أُمُّ يَزِيْدَ بن مُعَاوِيَة: من التّابِعِيّات.

والمَيْسون: الحَسَنْ القَدِّ الحَسَنُ الوَجْهِ من الغِلْمانِ.

والزَّبّاءُ المَلِكَة: اسْمُها مَيْسُونُ.

والمَيْسَان: من نجوم الجَوْزاء؛ عن ابن دُرَيْد. وقال أبو عمرو: المَيَاسِينُ: النجوم الزاهِرَة.

ومَيْسان: كُوْرَة مَشْهورة بينَ البَصْرَة وواسِط، فُتِحَتُ في خِلافَةِ عُمَرَ -رضي الله عنه-، ووَلاّها النُّعمان بن عَدِيِّ بن نَضْلَةَ العَدَوِيَّ -رضي الله عنه-، ولم يُوَلَّ أحَدًا من بَني عَدِيٍّ غيرَه وِلايَة قَطُّ، لِما كانَ يَعْلَمُ من صَلاحِه.

وأرادَ النُّعمانُ امْرَأتَه على الخُروجِ إلى مَيْسانَ فأبَت عليه، فَكَتَبَ إلَيْها:

«ألا هَلْ أتى الحَسْناءَ أنَّ حَلِيْلَـهـا *** بِمَيْسَانَ يُسْقى في زُجاجٍ وحَنْتَمِ»

«إذا شِئْتَ غَنَّتْني دَهَـاقِـينُ قَـرْيَةٍ *** وصَنّاجَةٌ تَجْذُو على حَرْفِ مَنْسِمِ»

«فإن كُنْتُ نَدْماني فبالأكْبَرِ اسْقِنـي *** ولا تَسْقِني بالأصْغَرِ المُتَثَـلِّـمِ»

«لَعَلَّ أمِيْرَ المـؤْمـنـينَ يَسُـوْؤُهُ *** تَنَادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَـهَـدِّمِ»

فَبَلَغَ ذلِكَ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَكَتَبَ إلَيه: بسم الله الرحمن الرحيم، حم، تنزيل الكِتابِ من الله العَزيزِ العَلِيم، غافِرِ الذَّنْبِ وقابِلِ التَّوْبِ شَديدِ العِقابِ ذي الطَّوْلِ لا إلهَ إلاّ هو. أمّا بَعْدُ: فقد بَلَغَني قَوْلُكَ:

«لَعَلَّ أمِيْرَ المؤْمنينَ يَسُـوْؤُهُ *** تَنَادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ»

وأيْمُ اللهِ لقد ساءني ذلك وقد عَزَلْتُكَ. فَلَمّا قَدِمَ عليه سألَه فقال: واللهِ ما كانَ مِن ذلك شَيْءٌ، وما كانَ إلاّ فَضْلُ شِعْرٍ وَجَدْتُهُ، وما شَرِبْتُها قَطُّ. فقال: أظُنُّ ذاكَ، ولكن لا تَعْمَلَ لي على عَمَلٍ أبَدًا.

والنّسْبَةُ إلى مَيْسانَ: مَيْسَانيٌّ؛ على الأصْلِ، ومَيْسَنانيٌّ؛ على التغيير. قال العجّاج:

«خَوْدًا تَخَالُ رَيْطَها المُدَمْقَـسـا *** ومَيْسَنانـيًّا لـهـا مُـمَـيَّسـا»

«أُلْبِسَ دِعْصًا بَيْنَ ظَهْرَيْ أوْعَسا»

وقال ابن عبّاد: رَجُلٌ مَيْسَانٌ: أي مُتَبَخْتِر، وامْرَأةٌ مَيْسَانَةٌ، وقيل: مَيْسَانُ ومَيْسى.

قال: ويقال لِلَيْلَةِ البَدْرِ: مَيْسانُ.

ويقال لأحَدِ كَوْكَبيِ الهَقْعَةِ: مَيْسَانُ.

وقال الدِّيْنَوَريّ: المَيْسُ: أخْبَرَني بَعْضُ أعْرابِ عُمَانَ -وعُمَانُ مَعْدِنُ المَيْسِ- فقال: شجر المَيْسِ عِظامٌ، شَبِيهٌ في نَبَاتِه ووَرَقِه بالغَرَبِ، وإذا كانَ شابًّا فهو أبْيَضْ الجَوْفِ، فإذا قَدُمَ اسْوَدَّ فَصَارَ كالآبَنُوْسِ، ويَغْلُظُ حتّى تُتَّخَذُ منه الموائِد الواسِعة، وتَتَّخَذ منه الرِّحالُ، قال العجّاج يصف الإبل:

«يَنْتُقْنَ بالقَوْمِ من الـتَّـزَعُّـلِ *** وهِزَّةِ المِرَاحِ والتَّـخَـيُّلِ»

«مَيْسَ عُمَانَ ورِحالَ الإسْحِلِ»

وقال حُمَيْد بن ثَور الهِلاليّ -رضي الله عنه- يصف الإبل:

«صُهْبٌ إذا غَرِثَتْ فُضُولُ حِبالها *** شَبِعَتْ بَرَاذِعُها ومَيْسٌ أحْمَرُ»

فَوَصَفَهُ بالحُمْرَةِ لأنَّه لم يَسْوَدَّ بَعْدُ. قال: والمَيْس رِيفيٌّ وليس بِبَرِّيٍّ يُغْرَسُ غَرْسًا. وفي حديث طَهْفَةَ بن أبي زُهَيْر النَّهْدِيّ -رضي الله عنه-: أتَيْناكَ يا رَسولَ اللهِ مِن غَوْري تِهَامَةَ بأكْوارِ المَيْسِ. وقد كُتِبَ الحديث بِتَمامِهِ في تركيب و ط ء. وقال ذو الرُّمَّة:

«كأنَّ أصْواتَ مِن إيغالِهِـنَّ بِـنـا *** أواخِرِ المَيْسِ أصْواتُ الفَرارِيْجِ»

أي كأنَّ أصواتَ أواخِرِ المَيْسِ من ايغالِهِنَّ بنا أصوات الفَراريج. وقال الشمَّاخ:

«وشُعْبَتَا مَيْسٍ بَرَاها إسْكافْ»

وقال الدِّيْنَوَريّ: المَيْسُ -أيضًا-: ضَرْبٌ من الكُرُوم ينهض على ساقٍ بعض النهوض، ثمَّ يَتَفَرَّع. أخْبَرَني بذلك بعض أهلِ المَعْرِفة، ومَعْدِنُه أرْضُ سَرُوْجَ من أرض الجزيرة، قال: وأخْبَرَني أنَّه قد رآه بالطائِفِ، وإليه يُنْسَبُ الزَّبِيْبُ الذي يُسَمّى المَيْس، قال: وأخبَرَني أنَّ للمَيْسِ ثَمَرَةٌ في خِلْقَةِ الإجّاصَةِ الصَّغيرة.

وقال ابن دريد: المَيّاس: الذِّئب؛ لأنَّه يَمِيْسُ أي يَتَحَرَّك.

والتَّمْيِيْسُ: التَّذْيِيْلُ. وفُسِّرَ قولُ العَجّاج:

«ومَيْسَنانِيًّا لها مُمَيَّسا»

بالمُذَيَّلِ؛ أي له ذَيْلٌ.

وتَمَيَّسَ: أي تَبَخْتَرَ؛ مِثْلُ ماسَ، قال:

«وإنّي لَمِنْ قُنْعَانِها حِيْنَ اعْتَزي *** وأمْشي بِهِ نحوَ الوَغى أتَمَيَّسُ»

والتَّركيبُ يَدُلُّ على المَيَلان.

العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م


13-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (ربس)

(ربس) - في حَدِيثِ إبراهِيمَ: "أَنَّ رجُلًا جاء إلى قُرَيشٍ فقال: إنّ أهلَ خَيْبَر أَسَروا مُحمَّدا - صلى الله عليه وسلم -، يُرِيدُون أن يُرسِلوا به إلى قومِه ليَقْتلُوه، فجَعَل المشركون يَرْبِسُون به العَبَّاسَ رضي الله عنه".

يُحتَمل أن يكون من الرَّبْس، وهو الدَّاهِيَة من قولهم: جاء بأُمورٍ رُبْسِ: أي سُودٍ. يَأتُون إلى العَبَّاس، رضي الله عنه، بدَاهِيَةٍ من أَجْلِ قَتْلِ النَّبِىِّ، - صلى الله عليه وسلم -، والأولَى على هَذَا، أن يَكُونَ يُربِسُون، بضَمِّ الياء، كما يقال: أَطْرفْتُك بكذا وأَيَّدتُك، وأَنْبَأْتُك.

ويُحْتَمل أن يكون من الرَّبيس، وهو المُصابُ بِمَالٍ أو غَيْرِه: أي يُصِيبُون العَبَّاسَ بما يَسُوؤُه، وأَصلُ الرَّبْس: الضَّربُ باليَدَيْن. يقال رَبَسَه بِيدِه، ويجوز أن يكون يُربِسُون من الِإرباسِ، وهو المُرَاغَمَة.

المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م


14-معجم البلدان (ميسان)

مَيْسَانُ:

بالفتح ثم السكون، وسين مهملة، وآخره نون: اسم كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط قصبتها ميسان، وفي هذه الكورة أيضا قرية فيها قبر عزير النبي، عليه السّلام، مشهور معمور يقوم بخدمته اليهود ولهم عليه وقوف وتأتيه النذور وأنا رأيته، وينسب إليه ميساني وميسناني بنونين، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما فتحت ميسان في أيامه ولّاها النعمان بن عدي بن نضلة بن عبد العزّى بن حرثان بن عوف بن

عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤيّ بن غالب وكان من مهاجرة الحبشة ولم يولّ عمر أحدا من قوم بني عدي ولاية قط غيره لما كان في نفسه من صلاحة، وأراد النعمان امرأته معه على الخروج إلى ميسان فأبت عليه، فكتب النعمان إلى زوجته:

«ألا هل أتى الحسناء أن حليلها *** بميسان يسقى في زجاج وحنتم؟»

«إذا شئت غنّتني دهاقين قرية *** وصنّاجة تجثو على حرف منسم»

«فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني، *** ولا تسقني بالأصغر المتثلّم»

«لعلّ أمير المؤمنين يسوءه *** تنادمنا في الجوسق المتهدّم»

فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فكتب إليه:

بسم الله الرحمن الرحيم: حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلا هو، أما بعد فقد بلغني قولك:

«لعلّ أمير المؤمنين يسوءه *** تنادمنا في الجوسق المتهدّم»

وايم الله لقد ساءني ذلك وقد عزلتك! فلما قدم عليه قال له: والله ما كان من ذلك شيء وما كان إلا فصل من شعر وجدته وما شربتها قط. فقال عمر:

أظنّ ذلك ولكن لا تعمل لي عملا أبدا، وكان بميسان مسكين الدارمي فقال يرثي زيادا:

«رأيت زيادة الإسلام ولّت *** جهارا حين فارقنا زياد»

معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م


15-إكمال الإعلام بتثليث الكلام (الملاذ)

الملاذ: مفعل من لَاذَ بالشَّيْء: التجأ إِلَيْهِ.

والملاذ والممالذة: أَن يسمع كلا الرجلَيْن الآخر مَا يسوؤه دون صدق.

والملاذ: الَّذِي أليذ: أَي ألجئ.

إكمال الإعلام بتثليث الكلام-محمد بن عبدالله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبدالله، جمال الدين-توفي: 672هـ/1273م


16-إكمال الإعلام بتثليث الكلام (يعظى)

يعظى الْبَعِير: يتَضَرَّر بِأَكْل العنظوان: وَهُوَ ضرب من الحمض.

ويعظيه: يسوؤه.

ويعظوه: يقطعهُ بالغيبة.

أَو يغتاله، أَو يسْقِيه سما.

إكمال الإعلام بتثليث الكلام-محمد بن عبدالله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبدالله، جمال الدين-توفي: 672هـ/1273م


17-الغريبين في القرآن والحديث (سبع)

(سبع)

قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة} العرب تضع التسبيع موضع التضعيف، وإن جاور السبع، والأصل فيه قول الله: {كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة} ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف)، وقال الأزهري: أنا أرى هذه الآية من باب التكثير والتضعيف، لا من باب حصر العدد ولم يرد أنه عليه الصلاة والسلام - إن زاد على السبعين غفر لهم، ولكن المعنى: إن استكثرت من الدعاء للمنافقن والاستغفار لهم لم يغفر الله لهم.

وحكى أبو عمر عن ابن الأعرابي أعطاه رجل درهمًا: سبع الله لك الأجر: أراد التضعيف.

وفي الحديث: (للبكر سبع وللثيب ثلاث) معناه: ان الرجل يجب عليه

أن يعدل بين نسائه في القسم، فيقيم عند كل واحدة مثل ما يقيم عند صواحباتها، وأباحت السنة: إذا دخل بامرأة بكر أن يقيم عندها سبعة أيام لا تحسبها عليه نساؤه في القسم، وأما الثيب فلها ثلاث أيام.

وفي الحديث: (أن ذئبًا اختطف شاة من الغنم أيام مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السبع) قال ابن الأعرابي: السبع: الموضع الذي عنده المحشر يوم القيامة، أراد من لها يوم القيامة، والسبع أيضًا: الذعر، يقال: سبعت الأسد: إذا ذعرته. قال الطرماح:

«فلما عوالف الشمال سبعته *** كما أنا أحيانًا لهن سبوع»

يصف الذئب وهو على التفسير يوم الفزع.

وفي الحديث: (نهى عن السباع) قال ابن الأعرابي: هو الفخار بكثرة الجماع، ويقال: هو أن يتساب الرجلان فيرمي كل واحد منهما صاحبة بما يسوءه من القذع، يقال: سبع.

فلان فلانًا إذا انتقصه وتناوله بسوء.

وأخبرنا ابن عمار عن أبي عمر عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السباع: الجماع.

ومنه الحديث: (صب على رأسه الماء من سباع).

يعني في شهر رمضان.

قال: وخبر عائشة - رضي الله عنها -: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح في رمضان فيغتسل من قراف أصابه). تعني جماعًا.

وفي الحديث: (سبعت سليم يوم الفتح) معناه كملت سبعمائة رجل.

وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنه - وسئل عن مسألة فقال: (إحدى من سبع)، قال شمر: اشتد فيها الفتيا، ويجوز أن تكون الليالي السبع التي أرسل الله فيها العذاب على عاد ضربها مثلًا للمسئلة لما أشكلت وخلق الله السماوات سبعًا والأرض سبعًا والأيام سبعًا.

وفي حديث ابن عباس: (وسئل عن مسألة قال: (إحدى من سبع) يريد سنى يوسف عليه السلام - السبع الشداد يريد أن المسألة صعبة).

الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م


18-الفروق اللغوية للعسكري (الفرق بين السوء والسوء)

الْفرق بَين السوء وَالسوء

أن السوء مصدر أضيف المنعوت اليه تَقول هُوَ رجل سوء وَرجل السوء بِالْفَتْح وَلَيْسَ هُوَ من قَوْلك سؤته وَفِي الْمثل لَا يعجز مسك السوء عَن عرف السوء أَي لَا يعجز الْجلد الرَّدِيء عَن الرّيح الرَّديئَة وَالسوء بِالضَّمِّ الْمَكْرُوه وَيُقَال سَاءَهُ يسوؤه إِذا لَقِي مِنْهُ مَكْرُوها وأصل الْكَلِمَتَيْنِ الْكَرَاهَة إِلَّا أَن اسْتِعْمَالهَا يكون على مَا وَصفنَا.

الفروق اللغوية-أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري-توفي:نحو: 395هـ/1005م


19-الفروق اللغوية للعسكري (الفرق بين الإساءة والسوء)

الْفرق بَين الْإِسَاءَة وَالسوء

أن الْإِسَاءَة اسْم للظلم يُقَال أَسَاءَ إِلَيْهِ إِذا ظلمه وَالسوء اسْم الضَّرَر وَالْغَم يُقَال سَاءَهُ يسوؤه إِذا ضره وغمه وَإِن لم يكن ذَلِك ظلما.

الفروق اللغوية-أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري-توفي:نحو: 395هـ/1005م


20-المعجم الغني (غَابَ)

غَابَ- [غيب]، (فعل: ثلاثي. متعدٍّ)، غَابَ، يَغِيبُ، المصدر: غِيبَةٌ. "غَابَ جَارَهُ": عَابَهُ فِي غِيَابِهِ وَذَكَرَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ سُوءٍ أَوْ ذَكَرَ مِنْهُ مَا يَسُوؤُهُ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


21-طِلبة الطلبة (سوء)

(سوء):

وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَسُوءَنَّهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا إلَّا بِنِيَّةِ تَرْكِ الْجِمَاعِ يُقَالُ سَاءَهُ يَسُوءُهُ مَسَاءَةً وَهُوَ نَقِيضُ سَرَّ يَسُرُّهُ مَسَرَّةً وَالسُّوءُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْهُ وَالسَّوْءُ بِالْفَتْحِ يُذْكَرُ عَلَى طَرِيقِ النَّعْتِ لَكِنْ بِالْإِضَافَةِ يُقَالُ هُوَ رَجُلُ سَوْءٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98] عَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ وَالْإِسَاءَةُ نَقِيضُ الْإِحْسَانِ وَيُوصَلُ بِكَلِمَةِ إلَى يُقَالُ أَسَاءَ إلَيْهِ كَمَا يُقَالُ أَحْسَنَ إلَيْهِ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ سَاءَهُ يَتَعَدَّى مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] وَهُوَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.

طلبة الطلبة-أبوحفص النسفي-توفي: 537هـ/1142م


22-تاج العروس (سوأ)

[سوأ]: ساءَه يَسوءُه سُوءًا بالضم وسَوْءًا بالفتح وَسَوَاءً كسحاب وَسَوَاءَةً كسَحَابةٍ وهذا عن أَبي زيد وَسَوَايَةً كعَبَاية وَسَوَائِيَةً قال سيبويه: سأَلْتُ الخليلَ عن سُؤْتُه سَوَائِيَةً فقال: هي فَعَالِيَة بمنزِلَة عَلَانِيَةٍ ومَسَاءَةً ومَسَائِيَةً مَقْلُوبًا كما قاله سيبويه، نقلًا عن الخليل وَأَصْلُه وحْدَه مَسَاوِئَة كَرهوا الواو مع الهمزة، لأَنهما حرفانِ مُستَثْقَلانِ وسُؤْتُ الرجلَ سَوَايَةً ومَسَايَةً يُخَفَّفان؛ أَي حذفوا الهمزة تخفيفًا كما حَذفوا همزة هَارٍ وَلَاثٍ كما أَجمع أَكثرُهم على ترك الهمز في مَلَك وأَصلُه مَلْأَكٌ ومَسَاءً وَمَسَائِيَّةً هكذا بالهمز في النّسخ الموجودة، وفي لسان العرب بالياءَين: فَعَلَ به ما يَكْرَهُ نقيض سَرَّه، فاسْتَاءَ هو في الصنيع مثل اسْتَاعَ، كما تقول من الغَمّ اغْتَمَّ، ويقال: ساءَ ما فَعل فلانٌ صَنِيعًا يَسُوءُ أَي قَبُحَ صَنِيعًا، وفي تَفسير الغَرِيب لابن قتيبة قوله تعالى: {وَساءَ سَبِيلًا} أَي قَبُحَ هذا الفعلُ فِعْلًا وطَرِيقًا، كما تقول: ساءَ هذا مَذْهَبًا، وهو منصوب على التمييز، كما قال: {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا} واستاءَ هو اسْتَهَمَّ وفي حديث النبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم أَن رجلًا قصَّ عليهِ رُؤيا فاستاءَ لها ثم قال: «خِلافَةُ نُبُوّةٍ ثم يُؤْتي اللهُ المُلكَ مَنْ يَشاء» قال أَبو عبيدٍ: أَراد أَن الرؤْيَا ساءَتْه فاستاءَ لها، افتعلَ من المَسَاءَة، ويقال: استاءَ فلانٌ بمكاني؛ أَي ساءَهُ ذلك، ويروى: «فاستآ لَها» أَي طلب تَأْوِيلَها بالنَّظرِ والتأَمَّلِ، والسُّوءُ، بالضم، الاسْمُ منه وقوله عز جل: {وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ} قيل: معناه ما بي من جُنونِ، لأَنهم نَسبوا النبيَّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم إِلى الجُنون، والسُّوءُ أَيضًا بمعنى الفُجور والمُنكر، وقولهم: لا أُنْكِرُك من سُوءٍ؛ أَي لم يكن إِنكاري إِيَّاك من سُوءٍ رأَيتُه بك، إِنما هو لِقِلَّة المَعرفة ويقال إِن السُّوءَ البَرَصُ ومنه قوله تعالى: {تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أَي من غير بَرَصٍ، قال الليث: أَما السُّوءُ فما ذُكر بِسَيِّئٍ فهو السُّوءِ، قال: ويُكْنَى بالسُّوءِ عن اسْمَ البَرَصِ، قلت: فيكون من باب المجاز.

والسُّوءُ كُلُّ آفَةٍ ومَرضٍ؛ أَي اسمٌ جامِعٌ للآفات والأَمراض، وقوله تعالى: {كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ} قال الزجاج: السُّوءُ: خيانَةُ صاحِبَةِ العَزِيز، والفحشاء: رُكُوب الفاحشة وَيقال: لا خَيْرَ في قَوْلِ السّوءِ بالفتح والضم، إِذا فتحتَ السين فمعناه لا خَيْرَ في قَوْلٍ قبيح، وإِذا ضَمَمْتَ السّين فمعناه لا خَيْرَ في أن تَقولَ سُوءًا أَي لا تَقُلْ سُوءًا وقُرِئ قوله تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ {السَّوْءِ} بِالْوَجْهَيْنِ الفتح والضم، قال الفراءُ: هو مثل قولك رَجُلُ السَّوْءِ، والسَّوْءُ بالفتح في القراءَة أَكثَرُ، وقَلَّما تقولُ العرب دائرة السّوءِ بالفتح وقال الزجّاج في قوله تعالى: {الظّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ} كانوا ظَنُّوا أَنْ لن يَعُودَ {الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ}، فجعلَ اللهُ دائرة السَّوْءِ عليهم، قال: ومن قَرأَ ظَنَّ السُّوءِ، فهو جائِزٌ، قال: ولا أَعلم أَحدًا قَرَأَ بها إِلَّا أَنَّها قد رُوِيَتْ، قال الأَزهريُّ: قولُه: لا أَعلم أَحدًا إِلى آخره، وَهَمٌ، قرأَ ابنُ كَثيرٍ وأَبو عمرٍو: دائرةُ السُّوءِ، بضمّ السين ممدودًا في سُورة بَراءَة وسُورة الفَتْح، وقرأَ سائرُ القُرّاءِ «السَّوْءِ» بفتح السين في السُّورتَيْن: قال: وتعجَّبْت أَن يَذْهَب على مِثْلِ الزجَّاج قِراءَةُ القارِئَيْنِ الجليلين ابنِ كثيرٍ وأَبي عمرٍو، وقال أَبو منصور: أَما قوله: (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) فلم يُقْرأْ إِلا بالفتح، قال: ولا يجوز فيه ضَمُّ السِّين، وقد قرأَ ابنُ كثير وأَبو عمرو دَائِرَةُ السُّوءِ بضم السين ممدودًا في السورتين، وقرأَ سائر القُرَّاءِ بِالفتح فيهما، وقال الفرَّاء في سورة براءَة في قوله تعالى: (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) قال: قراءَةَ القُرَّاءِ بنصْبِ السَّوْءِ وأراد بالسَّوْءِ المَصْدَرَ، ومن رَفَع السين جَعلَه اسمًا، قال: ولا يَجوز ضَمُّ السين في قوله: (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) ولا في قوله: (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) لأَنه ضِدٌّ لقولهم: هذا رَجُلُ صِدْق، وثَوْبُ صِدْقٍ، وليس للسَّوْءِ هنا معنًى في بَلاءٍ ولَا عَذابٍ فَيُضَمّ، وقُرِئَ قولُه تعالى: (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) أَي الهَزيمةِ والشَّرِّ والبلاءِ والعذاب والرَّدَى والفَسَاد وكَذَا في قوله تعالى: أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ بالوجهين أَو أَن المضموم هو الضَّرَرُ وسُوءُ الحال والسَّوْءُ المفتوحُ من المَسَاءَة مثل الفَسَاد والرَّدَى والنَّار، ومنه قوله تعالى: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساءُوا السُّوءَ قيل هي جهنم أَعاذَنا اللهُ منها في قِراءَةٍ أَي عند بعض القُرَّاءِ، والمشهور السُّواى كما يأْتي ورَجُلُ سَوْءٍ بالفتح؛ أَي يَعملُ عمَلَ سَوْءٍ وإِذا عَرَّفْتَه وصَفْتَ [به] تقول: هذا رَجُلُ سَوْءِ بالإِضافة وتُدْخِل عليه الأَلف واللام فتقول هذا رَجُلُ السَّوْءِ، قال الفرزدق:

وكُنْتُ كَذِئْبِ السَّوْءِ لمَّا رَأَى دَمًا *** بِصَاحِبِهِ يَوْمًا أَحَالَ عَلَى الدَّمِ

بالفَتْحِ والإضافة لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّب، قال الأَخفش: ولا يقال الرَّجُلُ السَّوْءُ، ويقال الحَقُّ اليَقِينُ، وحَقُّ اليَقِينِ، جَميعًا، لأَنّ السَّوْءَ ليس بالرجل، واليَقينُ هو الحَقُّ، قال: ولا يقال هذا رَجُلُ السُّوءِ، بالضمّ، قال ابنُ بَرِّيّ: وقد أَجازَ الأَخفَشُ أَن يُقال: رَجُلُ السَّوْءِ، وَرَجَلُ سَوْءٍ، بفتح السين فيهما، ولم يُجِزْ رَجُل السُّوءِ بضم السين، لأَن السُّوءَ اسمٌ للصُّرِّ وسُوءِ الحالِ، وإنما يُضاف إلى المصدر الذي هو فِعْلُه، كما يقال: رَجُلُ الضَّرْبِ والطَّعْنِ، فَيقومُ مَقَامَ قَوْلِك: رجلٌ ضَرّابٌ وطعَّانٌ، فلهذا جاز أَن يُقال: رَجُلُ السَّوْءِ بالفتح، ولم يَجُزْ أَن يقال: هذا رَجُلُ السُّوءِ، بالضمّ. وتقول في النّكِرة رَجُلُ سَوْءٍ، وإذا عرَّفتَ قلت: هذا الرَّجُلُ السَّوْءُ ولم تُضِفْ، وتقول هذا عَمَلُ سَوْءٍ، ولا تقل السَّوْءِ، لأَن السَّوْءَ يكون نَعْتًا للرجل، ولا يكون السَّوْءُ نَعْتًا للعَمل، لأَن الفِعل من الرجُل وليس الفِعل من السَّوْءِ، كما تقول: قوْلُ صِدْق والقَوْلُ الصِّدْقُ ورجُلُ صدْق ولا تقول رجُلُ الصِّدْق، لأَن الرجل ليس من الصدق.

والسَّوْءُ بالفتح أَيضًا: الضَّعْف في العيْنِ.

والسُّوأَى بوزن فُعْلَى اسمُ الفَعْلَةِ السَّيِّئَةِ بمنزِلة الحُسْنَى للحَسنة محمولَةٌ على جِهةِ النعْتِ في حدِّ أَفْعل وفُعْلَى كالأَسْوَإِ والسُّوأَى، وهي ضِدُّ الحُسْنَى قال أَبو الغُول الطُّهَوِىُّ وقيل: هو النَّهشَلِيُّ، وهو الصَّوابُ:

وَلَا يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسُوأَى *** وَلَا يَجْزُونَ مِنْ غِلَظٍ بِلِينِ

وقوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى} أَي عاقبة الذين أَشركوا النَّارُ أَي نار جهنّم أَعاذَنا الله منها.

وأساءَه: أَفْسَدَهُ ولم يُحسن عَمله، وأَساءَ فُلانٌ الخِياطَةَ والعمل، وفي المثل: «أَساءَ كارهٌ ما عمِل» وذلك أَن رجُلًا أَكْرهَه آخرُ على عملٍ فأَساءَ عملَه، يُضرب هذا للرجُل يَطْلَبُ الحاجةَ فلا يُبالغُ فيها. ويقال أَساءَ به، وأَساءَ إليه، وأَساءَ عليه، وأَساءَ له ضِدُّ أَحْسنَ، معنًى واستعمالًا، قال كُثَيِّر:

أَسِيئي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لَا ملُولَةٌ *** لَديْنَا ولَا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ

وقال سبحانه وتعالى: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} وقال عزَّ مِن قائلٍ: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} وقال تعالى: {وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها} وقال جلَّ وعزَّ: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}.

والسَّوْأَةُ: الفَرْجُ قال الليث: يُطلق على فَرْجِ الرجُل والمرأةِ، قال الله تعالى: {بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما} قال: فالسَّوْأَةُ: كلُّ عَمَلٍ وأَمْرٍ شائِنٍ، يقال: سَوْأَةً لفلانٍ، نَصْبٌ لأَنه شَتْمٌ ودُعَاءٌ. والفاحِشَةُ والعَوْرَةُ، قال ابنُ الأَثير: السَّوْأَةُ في الأَصل: الفَرْجُ، ثم نُقِل إلى كُلِّ ما يُسْتَحْيَا منه إذا ظهَرَ من قولٍ وفِعْل، ففي حَديث الحُدَيْبِيَة والمُغِيرة: وهَلْ غَسَلْتَ سَوْأَتَكَ إِلَّا الأَمْسَ أَشار فيه إلى غَدْرٍ كان المُغِيرةُ فَعلَه مع قَوْمٍ صَحبوه في الجاهِليَّة فقتَلَهم وأَخَذ أَموالَهم، وفي حديث ابن عبّاس في قوله جلّ وعزّ: {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} قال: يَجعلانِه على سَوْآتِهما؛ أَي على فُروجهما.

والسَّوْأَةُ: الخَلَّةُ القَبيحَةُ أَي الخَصلَة الرَّديئة كالسَّوْآءِ وكُلُّ خَصْلَةٍ أَو فعلة قبيحةٍ سَوْآءُ، والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ: المرأَةُ المُخالِفة، قال أَبو زُبيْدٍ في رجُل من طيِّئٍ نَزَل به رجلٌ من بني شَيْبانَ فأَضافَه الطائِيُّ وأَحسن إليه وسقاه، فلما أسرع الشرابُ في الطائِيِّ افتخر ومدَّ يده، فوثَب الشيبانيُّ فقطَع يده، فقال أَبو زُبيْدِ:

ظَلَّ ضَيْفًا أَخُوكُمُ لأَخِينَا *** فِي شَرابٍ ونَعْمةٍ وشواءِ

لَمْ يهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ وحُقَّتْ *** يا لَقَوْمٍ لِلسَّوْأَةِ السَّوْآءِ

والسَّيِّئَةُ: الخَطِيئَةُ أَصلُها سَيْوِئَة، قُلِبت الوَاو ياءً وأُدْغِمت. في حدِيث مُطَرِّف قال لابنِه لما اجتهدَ في العِبادةِ: خَيْرُ الأُمورِ أَوْسَاطُها، والحَسَنةُ بين السَّيِّئَتَيْنِ؛ أَي الغُلُوُّ سيِّئَةٌ والتَّقصير سيِّئَةٌ، وفَعْلةٌ حسنةٌ، وفَعْلة سَيِّئَة، وهي والسَّيِّئُ عَملانِ قَبِيحانِ، وقَوْلٌ سيِّئٌ: يسُوءُ، وهو نَعْتٌ للذَّكر من الأَعمال، وهي للأُنثى، واللهُ {يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ}، وفي التنزيل العزيز: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} فأَضافه، وكذا قولُه تعالى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهْلِهِ} والمعنى مَكْرُ الشِّرْكِ. وقرأَ ابنُ مسعود ومَكْرًا سَيِّئًا، على النعْتِ، وقولُه:

أَنَّى جَزَوْا عامِرًا سَيْئًا بِفِعْلِهِمُ *** أَمْ كَيْفَ يَجْزُونَنِي السُّوأَى منَ الحَسَنِ؟

فإِنه أَراد سَيِّئًا فَخفَّفَ، كَهيْن وهَيِّنٍ، وأَراد: من الحُسْنَى، فوضَع الحَسَن مكانه، لأَنه لم يُمْكِنه أَكثَرُ من ذلك، ويقال: فُلانٌ سَيِّئُ الاخْتِيارِ، وقد يُخَفَّف، قال الطُّهَوِيُّ:

ولَا يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْ‌ءٍ *** ولَا يَجْزُونَ مِنْ غِلَظٍ بِلين

وقال الليث: ساءَ الشي‌ءُ يَسُوءُ سَواءً كسَحَابٍ [فِعْلٌ] لازِمٌ ومُجاوِزٌ، كذا هو مضبوط، لكنه في قوْل الليث: سَوْأً بالفتح بدل سَوَاءٍ، فهو سَيِّئٌ إِذا قَبُحَ، والنَّعْتُ منه على وزن أَفْعَل، تقول رجُلٌ أَسْوَأُ أَي أَقْبَحُ وهي سَوْآءُ: قَبِيحةٌ، وقيل: هي فَعْلَاءُ لا أَفْعَلَ لها، وفي الحديث عن النبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم: «سَوْآءُ ولُودٌ خَيْرٌ مِنْ حسْنَاءَ عَقِيمٍ» قال الأُمويُّ: السَّوْآءُ: القبيحة، يقال للرجل من ذلك أَسْوأُ، مهموزٌ مقصورٌ، والأُنثى سَوْآءُ، قال ابنُ الأَثيرِ: أَخرجه الأَزهريُّ حديثًا عن النبيِّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم، وأَخرجه غيرُه حديثًا عن عُمر رضِى الله عنه، ومنه‌حدِيثُ عبدِ الملكِ بن عُميْرٍ: السَّوْآءُ بنتُ السَّيَّدِ أَحبُّ إليَّ مِن الحسْنَاء بِنْتِ الظَّنُونِ.

ويقال: ساءَ ما فَعَلَ فُلانٌ صَنيعًا يسُوءُ؛ أَي قَبُحَ صَنِيعُه صَنيعًا وسَوَّأَ عليه صَنِيعهُ أَي فِعْلَه تَسْوِئَةً وتَسْويئًا: عَابَهُ عليه فيما صَنَعه وقال له أَسَأْتَ يقال. إِنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئْنِى، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ علَيَّ، كذا في الأَساس؛ أَي قَبِّحْ علَيَّ إِساءَتي، وفي الحديث: فما سَوَّأَ عليه ذلك؛ أَي ما قال له أَسَأْتَ.

* ومما أَغفله المصنف:

ما في المحكم: وذا مِمَّا ساءَك وناءَك. ويقال: عندي ما ساءَهُ وناءَهُ، وما يَسُوءُه ويَنُوءُهُ.

وفي الأَمثال للميداني: «تَركَ ما يَسُوءُهُ ويَنُوءُهُ» يُضرب لمن تَرك مالَه للورثة، قيل: كان المحبوبي ذا يسارٍ، فلما حضرتْه الوفَاةُ أَراد أَن يُوصِيَ، فقيل له: ما نَكْتُب؟ فقال: اكتبوا: تَركَ فُلَانٌ ـ يعْني نَفْسه ـ ما يَسُوءُه ويَنُوءُه. أَي مالًا تأْكُلُه وَرَثَتُه ويَبْقَى عليه وِزْرُه.

وقال ابن السكيت: وسُؤْتُ به ظَنَّا وأَسَأْتُ به الظَّنَّ، قال: يُثبتون الأَلف إِذا جاءُوا بالأَلف واللام، قال ابن برِّيّ: إنما نَكَّر ظَنَّا في قوله سُؤْتُ به ظَنًّا لأَن ظَنًّا مُنتصب على التمييز، وأَما أَسأْت به الظَّنَّ، فالظَّنُّ مفعولٌ به، ولهذا أَتى به معرفةً، لأَن أَسأْتُ متعَدٍّ، وقد تقدمت الإِشارة إليه.

وسُؤتُ له وجْهَ فلانٍ: قَبَّحْتُه، قال الليث: ساءَ يسوءُ فِعْلٌ لازِمٌ ومُجاوِزٌ.

ويقال سُؤْتُ وجْهَ فِلانِ وأَنا أَسُوءُه مَساءَةً ومَسائِيَة، والمَسايَةُ لغةٌ في المساءَةِ تقول: أَردت مَساءَتك ومَسايَتَك ويقال أَسأْتُ إليه في الصُّنْع، وخَزْيَانُ سَوْآنُ من القُبْحِ.

وقال أَبو بكر في قوله: ضَربَ فلانٌ على فلانٍ سَايةً: فيه قولان: أَحدهما السَّايَةُ: الفَعْلَةُ من السَّوْءِ فتُرِك همزُها، والمعنى فَعَل به ما يُؤَدِّي إلى مكروهه والإِساءَةِ به، وقيل: معناه: جَعَل لما يُرِيد أَن يَفعله به طريقًا، فالسَّايَةُ فَعْلَةٌ من سَوَيْتُ، كان في الأَصل سَوْيَة، فلما اجتمعت الواوُ والياءُ والسابقُ ساكِنٌ، جعلوها ياءً مُشدَّدَةً، ثم استثقلوا التشديد فأَتْبَعُوهما ما قبله، فقالوا سَايَةٌ، كما قالوا دِينَار ودِيوَان وقِيراط، والأَصل دِوَّان فاستثْقلوا التشديدَ فأَتبعوه الكسرةَ التي قبله.

ويقال: إن الليلَ طَوِيلٌ ولا يَسُوءُ بالُه؛ أَي يسوءُني بالُه، عن اللِّحيانيِّ، قال ومعناه الدعاءُ. وقال تعالى: {أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ} قال الزجّاج: سُوءُ الحِساب: لا يُقبل منهم حسنةٌ ولا يُتَجاوز عن سَيِّئة لأَن كُفْرَهم أَحبط أَعمالَهم، كما قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} وقيل: سُوءُ الحساب أَن يُسْتَقْصَى عليه حِسابُه ولا يُتَجاوز له [عن] شي‌ءٍ من سيِّآتِه، وكِلاهما فيه، أَلَا تراهم قالوا: من نُوقِشَ الحِساب عُذِّب.

وفي الأَساس: تقول: سَوِّ ولَا تُسَوِّئْ؛ أَي أَصْلِح ولا تُفْسِدْ.

وبنُو سُوأَةَ بالضم: حيٌّ من قيس بن عليٍّ كذا لابن سيده.

وسُوَاءَةُ كَخُرافَةٍ: اسمٌ وفي العُباب: من الأَعلام، كذا في النسخ الموجودة بتكرير سُوَاءَةَ في محلَّين، وفي نسخة أُخرى بنو أُسْوَة كَعُرْوَة، هكذا مضبوط فلا أَدري هو غلط أَم تحريفٌ، وذكر القَلْقَشَنْدِيّ في نِهاية الأَرب بنو سُوَاءَةَ بنِ عامرِ بن صَعْصَعة، بطْنٌ من هَوَازِن من العَدْنانية، كان له ولدان حَبِيبٌ وحُرْثان قال في العِبَر: وشعوبهم في بني حُجَير بن سُوَاءَة.

قلت: ومنهم أَبو جُحَيْفة وَهْب بن عبد الله المُلَقَّب بالخَيْر السُّوائِيّ، رضي ‌الله‌ عنه، روى له البخاري ومسلم والترمذي، قال ابن سعد: ذكروا أَن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم تُوُفِّي ولم يبلغ أَبو جُحيفَة الحُلُم، وقال: تُوفِّي في وِلاية بِشْر بن مَرْوان، يعني بالكُوفة، وقال غيره: مات سنة 74 في ولاية بِشْر، وعَوْنُ بنُ [أبي] جُحَيْفَة سَمِع أَباه عندهما، والمنذريّ حرر عند مسلم، كلّ ذلك في رجال الصحيحين لأَبي طاهر المَقْدسِي.

وفي أَشجع بنو سُوَاءَة بن سُلَيم، وقال الوزير أَبو القاسم المغربي: وفي أَسد سُواءَة بن الحارث بن سعد بن ثَعْلَبة بن دُودَان بن أَسَدَ، وسُوَاءَة بن سَعْد بن مالك بن ثَعْلبة بن دُودَان بن أَسد، وفي خَثْعَم سُوَاءَة بن مَنَاة بن نَاهِس بن عِفْرِس بن خَلَف بن خَثْعَم.

وقولهم: الخَيْلُ تَجرِي عَلَى مَسَاوِيها؛ أَي أَنها وإن كانت بها عُيُوبٌ وأَوْصابٌ فإِنَّ كَرَمَها مع ذلك يَحْمِلُهَا على الإِقدام والجَرْيِ. وهذا المثل أَورده الميدانيّ والزمخشريّ، قال الميدانيّ بعد هذا: فكذلك الحُرُّ الكريمُ يَحتمل المُؤَنَ، ويحْمِي الذِّمار وإِن كان ضعيفًا، ويستعمِل الكَرَمَ على كلِّ حالٍ، وقال اليوسى في زهر الأَكم: إِنه يُضْرب في حِمَاية الحَرِيم والدَّفع عنه مع الضرر والخوف، وقيل: إن المراد بالمثل، أَن الرجلَ يُستمتَع به وفيه الخِصالُ المكروهة، قاله شيخُنا، والمَساوِي هي العُيوبُ، وقد اختلفوا في مُفردِها، قال بعضُ الصرفيين: هي ضدّ المحاسِن، جمع سُوءٍ، على غير قياس، وأَصله الهمز، ويقال: إنه لا واحد لها كالمحاسن.

[السَّيْ‌ءُ]: بالفتح ويُكْسر هو اللَّبَنُ يَنْزِلُ قُبُلَ بضمتين الدِّرَّةِ يكُون في أَطْرَافِ الأَخْلافِ وفي نسخة أَطراف الأَخلاف، وروى قولُ زُهيرٍ يصف قَطاةً:

كَما اسْتَغَاثَ بِسَيْ‌ءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ *** خَافَ العُيُونَ ولَمْ يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ

بالوجهين جميعًا وقد سَيَّأَتِ الناقةُ وسَيَّأَها: حَلَبَ وفي نسخة احتلب سَيْأَهَا بالوجهين، وتَسَيَّأَها الرجلُ، مثلُ ذلك، عن الهجريّ وقال الفراءُ تَسَيَّأَت الناقةُ إذا أَرسَلَتِ اللَّبَنَ مِن غَيْرِ حَلْبٍ قال: وهو السَّيْ‌ءُ، وقد انْسَيَأَ اللبَنُ، ويقال: إن فلانًا ليَتَسيَّأُ لي بشي‌ءٍ قليلٍ، وأَصله مِن السَّيْ‌ءِ، وهو اللبنُ قُبُلَ نُزول الدِّرَّة، وفي الحديث: لا تُسَلِّم ابْنَكَ سَيَّاءً قال ابن الأَثير: تفسيره في الحديث أَنه الذي يَبِيع الأَكْفانَ ويتمَنَّى مَوْتَ النَّاسِ، ولعله من السُّوءِ والمَساءَةِ، أَو مِن السَّيْ‌ءِ بالفتح، وهو اللبنُ الذي يكون في مُقَدَّم الضَّرْعِ، ويحتمل أَن يكون فَعَّالًا مِن سَيَّأْتُها إِذا حَلَبْتها.

وتَسَيَّأَتْ عليَّ الأُمورُ: اختلَفَتْ فلا أَدري أَيّها أَتبع، وقد تقدّم ذلك في ساءَ أَيضًا.

وتَسَيَّأَ فُلانٌ بِحَقِّي: أَقَرَّ به بعْدَ إِنكارِه.

والسِّي‌ءُ بالكسر مهموزٌ: اسمُ أَرضٍ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


23-تاج العروس (نوأ)

[نوأ]: نَاءَ بِحِمْله يَنُوءُ نَوْأً وتَنْوَاءً بفتح المُثنّاة الفوقية ممدودٌ على القياس: نَهَضَ مُطلقًا وقيل: نَهَضَ بِجَهْدٍ ومَشَقَّةِ قال الحارِثيُّ:

فقلنا لهمْ تِلْكمْ إِذًا بعد كَرَّةٍ *** تُغادِرُ صَرعَى نَوؤُها مُتخاذِلُ

ويقال: ناءَ بالحِمْلِ إِذا نَهَضَ به مُثْقَلًا، وناءَ به الحِمْلُ إِذا أَثَقَلَهُ وأَمَالَه إِلى السقوط كَأنَاءَهُ مثل أَنَاعه، كما يقال: ذَهَبَ به وأَذْهَبه بمعنًى، والمرأَة تَنُوءُ بها عَجِيزَتُها؛ أَي تُثْقِلُهَا، وهي تَنُوءُ بِعَجِيزَتِهَا؛ أَي تَنْهض بها مُثْقَلَةً وقال تعالى {ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أَي تُثْقِلهم، والمعنى أَنَّ مفاتِحَه تَنُوءُ بالعُصْبَةِ، أي تُمِيلُهم مِن ثِقْلِهَا، فإِذا أَدْخَلْت البَاءِ قُلْتَ تَنُوءُ بهم، وقال الفراءُ: لَتُنِي‌ءُ بالعُصْبَةِ: تُثْقِلُها، وقال:

إِنِّي وَجَدِّك لَا أَقْضِي الغَرِيم وَإِنْ *** حَانَ القَضَاءُ وَمَا رَقَّتْ لَهُ كَبِدِي

إِلَّا عَصَا أَرْزَنٍ طَارَتْ بُرَايَتُهَا *** تَنُوءُ ضَرْبَتُهَا بِالكَفِّ والعَضُدِ

أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ.

وقيل: ناءَ فُلانٌ إِذا أُثْقِلَ فَسَقَط، فهو ضِدٌّ، صَرَّح به ابنُ المُكرَّم وغيرُه، وقد تَقدَّم في س وأَ قولهم ما ساءَك وَنَاءَك بإِلقاءِ الأَلف لأَنه متبع لساءَك، كما قالت العرب: أَكلْتُ طَعَامًا فَهَنَأَني وَمَرَأَني، ومعناه إِذا أُفْرِد: أَمْرَأَني. فحُذِف منه الأَلف لَمَّا أُتْبع ما ليس فيه الأَلف، ومعناه ما سَاءَك وأَنَاءَك. وقالوا: له عندي ما سَاءَهُ ونَاءَه. أَي أَثقله، وما يَسُوءُه وما يَنوُءُه، وإِنما قال ناءَهَ وهو لا يَتَعَدَّى لأَجل ساءَه، وَلِيَزْدَوِجَ الكلامُ، كذا في لسان العرب.

والنَّوْءُ: النَّجْم إِذا مَالَ للغرُوبِ وفي بعض النُّسخ: للمَغِيب الجمع: أَنْوَاءٌ ونُوآنٌ مِثل عَبْد وعُبْدان وبَطْنٍ وبُطْنَان، قال حسَّانُ بن ثابتٍ رضي ‌الله‌ عنه:

وَيَثْرِبُ تَعْلَم أَنَّا بِهَا *** إِذَا أَقْحَطَ الغَيْثُ نُوآنُهَا

أَو هو سُقوطُ النَّجْم من المَنَازِل في المَغْرِب مع الفَجْرِ وطُلُوعُ رَقِيبه وهو نجم آخَرَ يُقَابِلُه مِنْ سَاعَتِه في المَشْرِق في كل ليلةٍ إِلى ثلاثةَ عَشَرَ يومًا، وهكذا كلَّ نَجْمٍ مِنها إِلى انْقِضَاءِ السَّنة ما خلا الجَبْهَةَ فإِنَّ لها أَربعةَ عَشرَ يومًا، فَتَنْقضِي جميعُها مع انْقِضَاءِ السَّنةِ، وفي لسان العرب: وإِنما سُمِّي نَوْءًا لأَنه إِذا سَقط الغارِبُ ناءَ الطالِعُ، وذلكَ الطُّلوعُ هو النَّوْءُ، وبعضُهم يَجعلُ النَّوْءَ هو السُّقوط، كأَنه من الأَضدادِ، قال أَبو عُبيدٍ: ولم يُسْمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلا في هذا الموضع، وكانت العربُ تُضِيفُ الأَمطارَ والرِّياحَ والحَرَّ والبَرْدَ إِلى الساقط منها. وقال الأَصمعيُّ: إِلى الطالعِ منها في سُلْطانِه، فتقول: مُطِرْنَا بِنَوْء كذا، وقال أَبو حَنيفةَ: نَوْءُ النجْمِ: هو أَوَّل سُقوطٍ يُدْرِكُه بالغَداةِ، إِذا هَمَّت الكواكبُ بالمُصُوحِ، وذلك في بَياض الفَجْر المُسْتَطِير.

وفي التهذيب: ناءَ النجْمُ يَنُوءُ نَوْءًا، إِذا سَقَط.

وقال أَبو عُبَيْدٍ: الأَنواءُ ثَمانِيَةٌ وعشرونَ نجمًا، واحدُها نَوْءٌ، وقد ناءَ الطالع بالمَشْرِق يَنُوءُ نَوْءًا؛ أَي نَهضَ وطَلَع، وذلك النُّهوضُ هو النَّوْءُ، فسُمِّيَ النجمُ به، وكذلك كلُّ ناهضٍ بِثِقَلٍ وإِبْطَاءٍ فإِنَّه يَنوءُ عند نُهُوضه، وقد يكون النَّوْءُ السُّقُوطَ، قال ذو الرُّمَّةِ:

تَنُوءُ بِأُخْرَاها فَلأْيًا قِيَامُها *** وَتَمْشِي الهُوَيْنَى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ

أُخْراها: عَجِيزَتُها تَنِيئُها إِلى الأَرض لِضِخَمِهَا وكَثْرَة لَحْمِها في أردافها.

وقد نَاءَ النجمُ نَوْءًا واسْتَنَاءَ واستَنْأَى الأَخيرةُ على القَلْبِ قال:

يَجُرُّ وَيَسْتَنْئِي نَشَاصًا كَأَنَّهُ *** بِغَيْقَةَ لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ حَالِبُ

قال أَبو حَنيفَةَ: اسْتَنَاءُوا الوَسْمِيَّ: نَظرُوا إِليه، وأَصلُه من النَّوْءِ، فقَدَّم الهمزةَ.

وفي لسان العرب: قال شَمِرٌ: ولا تَسْتَنِئُ العَربُ بالنُّجوم كلِّها، إِنما يُذْكَرُ بالأَنواءِ بعضُها، وهي معروفةٌ في أَشعارِهم وكلامِهم، وكان ابنُ الأَعرابيّ يقول: لا يكون نَوْءٌ حتى يَكون معه مَطَرٌ، وإِلا فلا نَوْءَ. قال أَبو منصورٍ: أَوَّل المَطَرِ الوَسْمِيُّ، وأَنْوَاؤُه العَرْقُوَتانِ المُؤَخَّرَتانِ، هما الفَرْغُ المُؤَخَّرُ، ثم الشَّرَطُ، ثم الثُّرَيَّا، ثم الشَّتَوِيّ، وأَنواؤُه الجَوْزَاءُ، ثم الذِّرَاعَانِ ونَثْرَتُهما، ثم الجَبْهَةُ، وهي آخر الشَّتَوِيّ وأَوَّلُ الدَّفَئِيِّ والصَّيْفِيِّ ثم الصَّيْفِيُّ، وأَنواؤُه السِّماكانِ الأَعزلُ والرَّقيبُ، وما بين السِّماكَيْن صَيْفٌ، وهو نَحْوُ أَربعينَ يومًا ثم الحَمِيمُ، وليس له نَوْءٌ، ثم الخَريفيُّ وأَنواؤُه النَّسْرَانِ، ثم الأَخضر، ثم عَرْقُوَتَا الدَّلْوِ الأُولَيَانِ، وهما الفَرْغُ المُقَدَّم، قال: وكُلُّ مَطَرٍ من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ رَبِيعٌ.

وفي الحديث: «مَنْ قَالَ سُقِينَا بِالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْمِ وكَفَرَ بالله» قال الزجَّاجُ: فمن قال: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وأَرادَ الوَقْتَ ولم يَقْصِدْ إِلى فِعْلِ النَّجْمِ فذلك ـ والله أَعلمُ ـ جائزٌ كما جاءَ عن عُمَر رضي ‌الله‌ عنه أَنّه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثم نادَى العَبَّاسَ: كم بَقِي مِنْ نَوْء الثُّرَيَّا؟ فقال: إِن العلماءَ بها يَزْعمونَ أَنها تَعْتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعًا بعد وُقُوعِها. فو اللهِ ما مَضَتْ تلك السَّبْعُ حتى غيثَ النَاسُ.

فإِنما أَراد عُمَرُ: كَمْ بَقِيَ من الوقْتِ الذي جَرَتْ به العادَةُ أَنه إِذا تَمَّ أَتى الله بالمَطَرِ؟ قال ابنُ الأَثير: أَمَّا مَن جَعلَ المطَرَ مِنْ فِعْلِ الله تعالى وأَراد: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا؛ أَي في وقت كذا وهو هذا النَّوْءُ الفلانيّ، فإِن ذلك جائزٌ؛ أَي أَن الله تعالى قد أَجْرَى العادَةَ أَنْ يَأْتِيَ المَطرُ في هذه الأَوْقَاتِ. ومثلُ ذلك رُوِي عن أَبي منصور.

وفي بعض نُسخ الإِصلاح لابن السّكِّيت: ما بِالْبَادِيَةِ أَنْوَأُ منه؛ أَي أَعْلَمُ بِالأَنْوَاءِ منه ولا فِعْلَ له. وهذا أَحدُ ما جاءَ من هذا الضَّرْبِ من غير أَن يكون له فُعْلٌ وإِنما هو كَأَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَك البَعِيرَيْنِ، على الشُّذوذ؛ أَي مِن بَابِهما؛ أَي أَعْظَمُهما حَنَكًا. ووجْهُ الشُّذوذِ أَنَّ شَرْطَ أَفْعَل التفضيلِ أَن لا يُبْنى إِلَّا مِنْ فِعْلٍ وقد ذكر ابن هشامٍ له نَظائِرَ، قاله شيخُنا. ونَاءَ بصَدْرِه: نهض. وناءَ إِذا بَعُدَ، كَنَأَى، مَقْلوبٌ منه، صرَّح به كثيرون، أَو لُغة فيه، أَنشد يَعقوبُ:

أَقول وقَدْ نَاءَتْ بهم غُرْبَةُ النَّوَى *** نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشُطُّ دِيَارُكِ

وقال ابن بَرِّيّ: وقَرَأَ ابنُ عَامِرٍ أَعْرَضَ وَنَاءَ بِجَانِبِهِ على القلب. وأَنشد هذا البيت، واستشْهَد الجوهريُّ في هذا الموضع بقَوْلِ سَهْمِ بن حَنْظَلَةَ:

مَنْ إِنْ رَآكَ غَنِيًّا لانَ جَانِبُهُ *** وَإِنْ رَآكَ فَقِيرًا ناءَ وَاغْتَربَا

قال ابنُ المُكَرَّم: ورأَيت بخَطِّ الشيخ الصَّلاح المُحَدِّث رحمه ‌الله أَن الذي أَنشده الأَصمعيُّ ليس على هذه الصُّورةِ، وإنما هو:

إذَا افْتَقَرْتَ نَأَى وَاشْتَدَّ جَانِبُهُ *** وَإنْ رَآكَ غَنِيًّا لَانَ وَاقْتَرَبَا

وناءَ الشيْ‌ءُ واللَّحْمُ يَنَاءُ أَي كيَخاف، والذي في النهاية والصّحاح والمِصباح ولسان العرب يَنِي‌ءُ مثل يَبِيع، نَيْئًا مثل بَيْعٍ فهو نِي‌ءٌ بالكسر مثل نِيعٍ بَيِّنُ النُّيُوءِ بوزن النُّيوعِ والنُّيُوأَةِ وكذلك نَهِئَ اللحمُ وهو بَيِّن النُّهُوءِ أَي لم يَنْضَجْ أَو لم تَمَسَّه نارٌ، كذا قاله ابن المُكَرَّم، هذا هو الأَصل، وقيل إِنها يَائِيَّةٌ أَي يُتْرَكُ الهمزُ ويُقْلَب يَاءً، فيقال نِيٌّ، مُشَدَّدًا، قال أَبو ذُؤَيْب:

عُقَارٌ كَمَاءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بِخَمْطَةٍ *** وَلَا خَلَّةٍ يَكْوِي الشُّرُوبَ شِهَابُهَا

شِهابُها: نارُها وحِدَّتُها وذِكْرُها هُنَا وَهَمٌ للجوهريّ قال شيخُنا: لا وَهَم للجوهري، لأَنه صَرَّح عياضٌ وابنُ الأَثير والفَيُّومي وابنُ القَطَّاع وغيرُهم بأَن اللام همزةٌ، وجَزَموا به ولم يذكروا غيره، ومثلُه في عامّة المُصَنَّفات، وإِن أُريد أَنه يَائِيَّة العَيْنِ فلا وَهَم أَيضًا لأَنه إِنما ذكره بعد الفراغ من مادَّة الواو. قلت: وهو صَنيع ابنِ المُكَرَّم في لسان العرب.

واسْتَنَاءَهُ: طَلَبَ نَوْأَهُ كما يقال سام بَرْقَه أَي عَطَاءَه وقال أَبو منصور: الذي يُطْلَب رِفْدُه، ومنه المُسْتَنَاءُ بمعنى المُسْتَعْطَى الذي يُطلَب عَطاؤُه، قال ابنُ أَحمر:

الفَاضِلُ العَادِلُ الهَادِي نَقِيبَتُهُ *** والمُسْتَنَاءُ إِذا مَا يَقْحَط المَطَرُ

ونَاوَأَه مُنَاوَأَةً وَنِوَاءً ككِتاب: فَاخَرَه وعَادَاه يقال: إِذا نَاوَأْتَ الرِّجالَ فَاصْبِرْ، ورُبَّما لم يُهْمَز وأَصلُه الهمز، لأَنه من نَاءَ إِليك ونُؤْتَ إِليه؛ أَي نَهَض إِليك ونَهَضْتَ إِليه، قال الشاعر:

إِذَا أَنْتَ نَاوَأْتَ الرِّجالَ فَلَمْ تَنُؤْ *** بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ القُرُونُ الكَوامِلُ

وَلَا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطَاحِ الَّذِي بِهِ *** تَنوءُ وَقَرْنٌ كُلَّمَا نُؤْتَ مَائِل

والنِّوَاءُ والمُناوأَةُ: المُعَاداة، وفي الحديث في الخيل «ورَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسلام»: أَي مُعادَاةً لهم، وفي حديث آخر: «لا تزالُ طَائِفةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ» أَي نَاهَضَهم وعادَاهم. ونقل شيخنا عن النهاية أَنه من النَّوَى، بالقصر، وهو البُعْد وحكى عياض فيه الفتح والقصر، والمعروف أَنه مهموز، وعليه اقتصر أَبو العَباس في الفصيح وغيرُه ونقل أَيضًا عن ابن درستويه أَنه خَطَّأَ مَنْ فَسَّر نَاوَيْت بِعَادَيْت، وقال: إِنما معناه مَانَعْت وغَالَبْت، وطَالَبْت، ومنه قيل للجارِيةِ المُمْتَلِئةِ اللَّحِيمَةِ إِذا نَهَضَت قد نَأَت وأَجاب عنه شيخُنا بما هو مذكورٌ في الشرح.

والنَّوْءُ: النَّبات، يقال: جَفَّ النَّوْءُ؛ أَي البَقْلُ، نقله ابنُ قتَيْبة في مُشْكِل القرآن وقال: هو مستعارٌ، لأَنَّه من النَّوْءِ يكون.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


24-تاج العروس (غيب)

[غيب]: الغَيْبُ: الشَّكُّ قال شيخُنا: أَنكَره بعْضٌ، وحَمَلَه بعْضٌ على المجَاز، وصَحَّحه جمَاعة الجمع: غِيابٌ وغُيُوبٌ قال:

أنت نَبِيٌّ تَعْلَمُ الغِيَابا *** لا قائلًا إِفكًا وَلَا مُرْتَابَا

والغَيْبُ: كُلُّ مَا غَابَ عَنْكَ، كأَنه مَصْدَر بِمَعْنَى الفَاعِل، ومثْلُه في الكَشَّاف. قال أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ في قَوْلِه تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} أَي بما غَابَ عَنْهم، فَأَخْبَرَهُم به النَّبِيُّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم من أَمْرِ البَعْث والجنَّة والنَّارِ. وكُلُّ مَا غَاب عَنْهُم مِمَّا أَنْبَأَهُم به فهو غَيْبٌ. وقال ابْنُ الأَعْرَابِيّ: يُؤْمِنُون بِاللهِ. قال: والغَيْبُ أَيْضًا: مَا غَابَ عن العُيُونِ وإِنْ كَانَ مُحَصَّلًا في القُلُوب. ويقال: سَمِعتُ صَوتًا مِنْ ورَاء الغَيْبِ؛ أَي مِنْ مَوْضِعٍ لا أَراه. وقد تَكرَّر في الحَدِيثِ ذكْرُ الغَيْب؛ وهو كلُّ ما غَاب عَنِ العُيُون سَوَاءٌ كان مُحصَّلًا في القلوب أو غَيْرَ مُحصَّل.

والغَيْبُ من الأَرْضِ: ما غَيَّبكَ، وجَمْعُه غُيُوبٌ. أَنشدَ ابْنُ الأَعْرابِيّ:

إِذَا كَرِهُوا الجمِيعَ وحَلَّ مِنْهُم *** أَراهِطُ بالغُيوبِ وبالتِّلَاعِ

والغَيْبُ: مَا اطْمأَنَّ من الأَرْضِ وجَمْعُه غُيُوبٌ. قال لَبِيدٌ يَصِف بَقرةً أَكَلَ السَّبُع وَلدَها، فأَقَبَلَت تَطُوفُ خَلْفَه: وتَسَمَّعتْ رِزَّ الأَنِيسِ أَي صَوْتَ الصَّيْادِين، فَرَاعَهَا، عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُهَا تَسَمَّعَت رِزَّ الأَنِيسِ أَي صَوْتَ الصَّيّادِين، فَرَاعَهَا؛ أَي أَفزَعَهَا. وقوله: والأَنِيسُ سَقَامُهَا؛ أَي أَنَّ الصَّيَّادِين يَصِيدُونَها فهم سَقَامُهَا.

وقال شَمِر: كُلُّ مَكَان لا يُدْرَى ما فيه فهو غَيْبٌ، وكذلك المَوْضِعُ الَّذِي لا يُدْرَى ما وَرَاءَه، وجَمْعُه غُيُوب. قال أَبو ذُؤَيْب:

يَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْه ومَطْرِفُهُ *** مُغْضٍ كما كَشَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ

كذا في لسان العرب.

والغَيْبُ: الشَّحْمُ؛ أَي شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاةِ، وشاةٌ ذَاتُ غَيْب أَي شَحْمٍ، لتَغَيُّبِه عن العيْن. وقولُ ابْنِ الرِّقاع يَصِفُ فَرَسًا:

وتَرَى لِغَرِّ نَساهُ غَيْبًا غَامضًا *** قَلِقَ الخَصِيلَة من فُوَيْقِ المَفْصِل

قوله غَيْبًا، يَعْنِي انْفَلَقَت فَخِذَاه بلَحْمَتَين عند سمَنه فجَرَى النَّسا بَيْنَهُمَا واسْتَبَانَ. والخَصيلَةُ: كلُّ لَحْمَة فيها عَصَبَة. والغَرُّ: تَكَسُّر الجلْدِ وتَغَضُّنه.

والغَيْبَةُ بالفَتْح، والغَيْب كالغِيَاب بالكَسْرِ، والغَيْبُوبَةِ على فَعْلُولة ويقال: فَيْعُولَة، على اخْتلاف فيه. والغُيُوبِ والغُيُوبَةِ بضَمِّهِمَا والمَغَاب، والمَغِيب كُلُّ ذلك مَصْدَر غاب عَنِّي الأَمرُ، إِذَا بَطَن. والغَيْبُ: مثل التَّغَيُّبٍ. يقال: تَغَيَّبَ عَنِّي الأَمْرُ: بَطَنَ، وغَيَّبَهُ هُو وغَيَّبهُ عنْه. وفي الحَدِيثِ «لَمَّا هجَا حَسّانُ قُريْشًا قالوا: إِنَّ هذا لَشَتْمٌ ما غَابَ عَنهُ ابنُ أَبي قُحَافَة». أَرادُوا أَنَّ أَبا بَكْر كان عَالِمًا بالأنْسَابِ والأَخْبَارِ، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ. ويدُلُّ عليه قولُ النَّبِيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم لِحَسَّان: «سَلْ أَبا بَكْر عن معَايِبِ القَوْم».

وكان نَسَّابَةً عَلَّامَة.

وغَابَتِ الشَّمسُ وغيرُهَا من النُّجُوم مغِيبًا وغِيابًا وغُيُوبًا وغَيْبُوبَةً وغُيُوبَةً، عن الهَجَرِيّ: غَرَبت. وغَاب الرَّجُل غَيْبًا ومَغِيبًا وتَغَيَّبَ: سَافَر، أَو بَانَ. وأَمَّا ما أَنشَدهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ:

ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّة *** ولا عِدَةً النَّاظِرِ المُتَغَيَّبِ

إِنَّما وَضَع فيه الشاعِرُ المُتَغَيَّبَ موضع المُتَغَيِّب. قال ابنُ سيِدَه: وهكذا وجدتُه بخَطِّ الحَامِض، والصحِيح المُتَغَيِّب، بالكَسْرِ.

وغَابَ الشَّيْ‌ءُ في الشَّي‌ءِ يَغِيبُ غِيَابَةً بالكَسْرِ وغُيُوبةً بالضَّمِّ وبالفَتْح، هما عن الفَرَّاء وَغَيَابًا بالفَتْح وغِيَابًا وغِيبةً بِكَسْرِهِمَا، وقوم غُيَّبٌ كرُكَّع وغُيَّابٌ مثل كُفَّار وغَيَبٌ، مُحرَّكةً، كخَادِم وخَدَمٍ؛ أَي غائِبُون، الأَخِيرةُ اسمٌ للجمْع، وصَحَّت اليَاءُ فيها تَنبِيهًا على أَصْل غاب، وإِنما تَثْبُتُ فيه الياءُ مع التَّحْرِيك؛ لأَنَّه شُبِّه بِصَيَدٍ وإِنْ كان جَمْعًا، وصيَدٌ مَصْدَرُ قَوْلك: بعِيرٌ أَصْيدُ؛ لأَنَّه يجوز أَن تَنْوِيَ به المَصْدَر.

وفي حديثِ أَبِي سَعِيد «إِنَّ سَيِّد الحَيِّ سَلِيمٌ، وإِنّ نَفَرَنَا غَيَبٌ» أَي رِجَالنَا غَائِبُون.

وقال الهَوَازِنِيّ: الغَابَةُ: الوَطْأَةُ مِنَ الأَرْض الَّتي دُونَهَا شُرْفَة، وهي الوَهْدَةُ، رواه شَمِر عن الهوازِنِيّ. وقال أَبو جَابِر الأَسَديّ: الغَابَة: الجمْعُ مِنَ النّاسِ، وَمن المَجَاز: أَتوْنَا في غَابَة. قلت: يُحْتَمَل أَنْ يكون بمَعْنَى جَمْع من النَّاسِ، أَوِ الغَابَة: الرُّمْحُ الطَّوِيلُ الذي له أَطْرَافٌ تُرَى كأَطْرَافِ الأَجَمَةِ أَو المُضْطَرِبُ منه فِي الرِّيح، وقِيلَ: هِيَ الرِّماح إِذَا اجتَمعتْ. قال ابنُ سِيَده: وَأُرَاه على التَّشْبِيه بالغَابَة الَّتِي هِيَ الأَجَمَةُ ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكَاثِف؛ لأَنَّها تُغَيِّبُ مَا فِيهَا، والجَمْعُ من كُلِّ ذَلكَ غَابَاتٌ وَغَابٌ.

وقيل: الغَابَة: الأَجَمَة الَّتِي طالَت ولهَا أَطْرَافٌ مُرْتفِعَةٌ باسقةٌ. يقال: ليْثُ غابةٍ. والغابُ: الآجام، وهو من الياء.

وفي حَدِيثِ عَلَيٍّ كرَّم اللهُ وَجْهَه:

كليْثِ غابَاتٍ شدِيدٍ قَسْوَرَهْ

أَضَافَه إِلَى الغَابَاتِ لِشدَّته وقُوتَّه.

وغَابَةُ: اسْمُ موضع، بالحجازِ.

وقال أَبو حَنِيفَة: الغَابَة: أَجَمةُ القَصب. قال: وقد جُعِلَت جماعَة الشَّجَر، لأَنَّه مَأْخُوذٌ من الغَيَابَةِ. وفي الحَدِيث «أَنّ مِنْبر سَيِّدِنا رسُولِ اللهِ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم كان من أَثْلِ الغَابَةِ» وفي رواية: «من طَرْفاءِ الغَابَة».

قال ابنُ الأَثير: الأَثْلُ: شَجَرٌ شَبِيهٌ بالطَّرْفَاءِ إِلَّا أَنَّه أَعْظَمُ منه. والغَابَةُ: غَيْضَةٌ ذَاتُ شَجَر كثير، وَهي على تِسْعَةِ أَمْيال من المَدِينَة. وقَال في مَوْضعِ آخَر: هي مَوْضِع قَرِيبٌ من المدينة من عَوَاليهَا، وبِهَا أَمْوالٌ لأَهْلها، قال: وهو المَذْكُور في حَديثِ السِّباق.

وفي حديثِ تَرِكَة ابْنِ الزُّبَيْر وغَيْر ذلك.

وغَيَابَةُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ: ما سَتَرَك؛ وهو قَعْرُه مِنْهُ كالجُبِّ والوَادِي وغَيْرهما. تَقولُ: وقَعْنَا فِي غَيْبَة من الأَرْض؛ أَي في هَبْطة، عن اللِّحيانيّ. ووقعوا في غَيابَةٍ من الأَرْض؛ أَي في مُنْهَبَطَ منها. ومنه قول الله عزّ وجلّ: وأَلقُوهُ في غَيابَاتُ الجُبِّ وفي حرف أُبَيٍّ: «في غَيْبَة الجُبِّ».

وبَدا غَيَبَاتُ الشّجَر بفَتح الغَيْن وتَخْفِيفِ اليَاء وآخِره تَاءٌ مُثَنَّاة فَوْقِية، هكَذَا في نُسْخَتِنا، وهو خَطَأٌ، وصَوَابُه غَيْبانُ بالنُونِ في آخِرِه وتُشَدَّدُ الياءُ التَّحْتِيَّة وفي نُسْخَة زِيَادَة قوله: وتُكْسَرُ؛ أَي الغَيْن عُرُوقُه التي تَغَيَّبَت منه، وذلك إِذا أَصابه البُعاقُ مِن المَطَرِ فاشْتَدَّ السَّيْلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجَر حتى ظَهَرت عُروقُه وما تَغَيَّب مِنْهُ.

وقال أَبُو حَنِيفَة: العَرَب تُسَمِّي ما لم تُصِبْه الشَّمْسُ من النَّبَاتِ كُلِّه الغَيْبَانَ بتَخْفِيف اليَاءِ، والغَيَابَةُ كالغَيْبَان، وعن أَبي زِيَادٍ الكِلَابِيّ: الغَيَّبَانُ بالتَّشْدِيد والتَّخْفِيفِ مِنَ النَّبَاتِ: ما غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فلم تُصِبْه، وكذلك غَيَّبَانُ العُرُوق.

كذَا في لسان العرب.

وروى بعْضُهُم أَنّه سَمِع: غَابَه يَغِيبُه، إِذَا عابَه وذَكَره بِمَا فِيهِ مِنَ السُّوء. وفي عبارة غَيْره وذَكَر منه ما يَسُوءُه، كاغْتَابَه.

والغَيْبَةُ من الغَيْبُوبَة، والغِيبَةُ من الاغْتِيَاب. يقال: اغتاب الرجُل صاحِبَه اغْتِيَابًا، إِذَا وَقَعَ فيه: وهو أَن يَتَكَلَّم خَلْف إِنْسَان مَسْتُورٍ بِسُوءٍ، أَوْ بِمَا يَغُمُّه، [لو سمعه] وإِن كَان فِيهِ، فإِن كان صِدْقًا فهو غِيبَةٌ، وإِنْ كَانَ كَذِبًا فهو البَهْتُ والبُهْتَانُ، كذلك جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم، والاسم الغِيبَة؛ ولا يكونُ ذلِكَ إِلّا مِنْ وَرَائِه، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} أَي لا يتَنَاولْ رَجُلًا بظَهْرِ الغَيْب بما يَسُوءُه مِمَّا هُوَ فِيه، وإِذَا تَنَاوَلَه بِمَا ليس فيه فهو بَهْتٌ وبُهْتَانٌ، وعن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: غَابَ، إِذَا اغْتَابَ، وغَابَ، إِذَا ذَكَر إِنْسَانًا بخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ والغِيبَةُ فِعْلة مِنْه أَي من الاغْتِيَاب، كمَا أَسْلفْنا بَيَانَه تكُونَ حَسَنَةً أَو قَبِيحَةً، وأَطْلَقَه عن الضَّبْطِ لشُهْرَتِه.

وامرَأَةٌ مُغِيبٌ، ومُغِيبَةٌ: غَابَ عنها بَعْلُها أَو وَاحِدٌ من أَهْلِها. الأُولَى عن اللِّحْيَانيّ. ويقال: هي مُغِيبة، بالهاء ومُشْهِدٌ، بلا هَاءٍ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْد. وأَغابَتِ المَرْأَة فهي مُغِيبٌ كمُحْسِن أَي بالإِعْلَال، وَهذِه عن ابْنِ دُرَيْد، غَابُوا عَنْهَا. وفي الحَدِيثِ «أَمْهِلُوا حَتَّى تَمْتَشِط الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ» هي التي غَابَ عَنْها زَوْجُهَا. وفي حَدِيث ابْنِ عَبَّاس «أَنَّ امرأَة مُغِيبًا أَتت رَجُلًا تَشْتَرِي منه شَيْئًا، فتعرَّض لَهَا، فقالَت له: ويْحَك إِنِّي مُغِيبٌ. فتَرَكها» وقَوْلُهُم: وهم يَشْهَدُون أَحْيانًا وَيَتَغَايَبُون أَحْيَانًا؛ أَي يَغِيبُون أَحْيَانًا، ولا يقال: يَتَغَيَّبُون. ويقال: تَغَيَّب عَنِّي فُلَانٌ، ولَا يَجُوزُ؛ أَي عِنْد الجَمْهُور عَدَا الكُوفِيِّين، تَغَيَّبنِي، إِلَّا في ضَرُورَةٍ شِعْرٍ قال امرؤُ القَيْس:

فَظلَّ لَنَا يومٌ لَذِيذٌ بنَعْمَةٍ *** فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغيِّبِ

وقال الفَرَّاءُ: معروف المُتَغَيِّبُ مَرْفُوعٌ والشِّعْرُ مُكْفَأٌ ولا يجُوز أَن يُرَدَّ على المَقِيل، كما لَا يَجُوزُ: مررتُ برَجُل أَبوه قَائِمٍ. وغَائِبُكَ: مَا غَابَ عنْكَ، اسمٌ كالْكَاهِل والجَامِلِ؛ أَي لَيْسَ بمُشْتَقٍّ من الغَيْبُوبَة. وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ:

ويُخْبِرُنِي عنْ غَائِبِ المَرْءِ هَدْيُه *** كَفَى الهَدْيُ عَمَّا غَيَّب المرءُ مُخْبِرَا

قال: شَيْخُنَا: ولكنْ قولُه في تَفْسِيره: ما غَاب عنْك؛ أَي الَّذِي غَابَ، صَرِيحِ في أَنَّه صِيغَةُ اسْمِ فَاعِل من غَابَ وإِن كَانَ يُمْكن دَعْوَى أَنَّه الأَصْل وتُنوسِيَت الوصْفِيَّةُ وصارَ اسْمًا للغَائِب مُطْلَقًا، كالصَّاحِب، فَتَأَمَّل، انتهى.

* ومِمّا بقِي على المؤلف: قولُهم: «غَيَّبَه غَيَابُهُ» أَي دُفِن في قَبْرِه، ومِنْه قَوْلُ الشَّاعِر:

إِذَا أَنَا غَيَّبَتْنِي غَيابتي

أَرَادَ بِهَا القبرَ لأَنَّه يُغَيِّبه عن أَعْيُن النَّاظِرُين، ومِثْلُه في مَجْمع الأَمْثَال للميْدانِي.

وقيل الغَيابة في الأصل قَعْرُ البِئرُ، ثم نُقِلَت لِكُلِّ غَامِضٍ خَفِيّ والمُغَايبَة خلَافُ المُخَاطَبَة.

وفِي الأَساسِ تَقُولُ: أَنَا مَعَكُم لا أُغَايِبُكم، وتَكلَّمَ به عن ظَهْرِ غَيْبٍ، وشَرِبَتِ الدَّابَّةُ حَتَّى وَارَت غُيوبَ كُلَاها، وهي هُزُومها، جَمْع غَيْب وهي الخَمْصة التي في موضع الكُلْيَة انتهى.

وفي لسان العرب: في حَدِيثِ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ «لا دَاءَ ولا خُبْثَةَ ولا تَغْيِيب» التَّغْيِيبُ: أَن تبيعه ضَالَّة ولُقَطَة.

قال شَيْخُنَا: هذا الفَصْل سَاقِطٌ برُمَّته من الصِّحَاح والخُلَاصَةِ وأَكْثَرِ الدَّوَاوِينِ، لأَنَّه لَيْسَ فِيه شَيْ‌ءٌ من الأَلْفَاظ العَرَبِيَّة، إِنَّما فِيهِ أَسماءُ قُرًى أَو بُلْدَان أَو أَشْجَار أَعْجَميَّة.

قلت: ذُكَرِ في الأَسَاسِ منها فَرَّبَ، وفي المُحْكَم والنِّهَايَةِ ولِسَانِ الْعَرَب والتَّكْمِلَة: فرب وفرقبَ وفرنبَ. وزاد المُؤَلِّفُ عَلَيْهم بمَادَّتَيْن، على ما يأْتي بَيَانُ الكُلّ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


25-تاج العروس (غر غرر غرغر)

[غرر]: غَرَّه الشَّيْطَانُ يَغُرّه بالضّمّ غَرًّا، بالفَتْح، وغُرُورًا، بالضمِّ، وغِرَّةً، بالكَسْرِ، الأَخِيرَة عن اللّحْيَانيّ، وغَرَرًا، محرّكةً عن ابن القَطّاع، فهو مَغْرُورٌ وغَرِيرٌ، كأَمِيرٍ، الأَخيرة عن أَبي عُبَيْد؛ خَدَعَهُ وأَطْمَعَهُ بالبَاطِلِ، قال الشاعِر:

إِنّ امْرَأً غَرَّه مِنْكُنَّ واحِدَةٌ *** بَعْدِي وبَعْدَكِ في الدُّنّيَا لَمَغْرُورُ

أَرَاد لَمَغْرُورٌ جِدًّا أَو لَمَغْرُورٌ حَقَّ مَغْرُورٍ، ولَوْلا ذلك لم يَكُن في الكَلامِ فائدَة، لأَنّه قد عُلِم أَنّ كُلَّ مَنْ غُرَّ فهو مَغْرُورٌ، فأَيّ فائدةٍ في قوله: لَمَغْرُور؟ إِنّمَا هو على ما فُسِّر؛ كذا في المُحْكَم.

فاغْتَرَّ هُوَ: قبِلَ الغُرُورَ. وقال أَبو إِسحاق في قولِه تعالَى: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أَي ما خَدَعك وسَوَّلَ لك حتَّى أَضَعْتَ ما وَجَب عليك؟ وقال غَيْرُه: أَي ما خَدَعَكَ بِرَّبِّك وحَمَلَكَ على مَعْصِيَتِهِ والأَمْنِ من عِقَابِه؟ وهذا تَوْبِيخٌ وتَبْكِيتٌ للعَبْد الذي يَأْمَنُ مَكْرَ الله ولا يَخافُه. وقال الأَصمعيّ: ما غَرَّك بفُلانٍ؛ أَي كَيْفَ اجْتَرَأْتَ عليه؟ وفي الحديث: «عَجِبتُ من غِرَّتِه بالله عَزَّ وجَلّ»؛ أَي اغْتِراره.

والغَرُورُ، كصَبُورٍ: الدُّنْيَا صِفَةٌ غالِبَة، وبه فُسِّر قولُه تعالى: {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}، قيل لأَنَّهَا تَغُرّ وتَمُرّ.

والغَرُورُ: ما يُتَغَرْغَرُ بِهِ من الأَدْوِيَةِ، كاللَّعُوقِ والسَّفُوفِ، لِمَا يُلْعَقُ ويُسَفّ.

والغَرُورُ، أَيضًا: مَا غَرَّك من إِنْسَان وشَيْطَانٍ وغَيْرِهِمَا؛ قاله الأَصْمَعِيّ وقال المُصَنّف في البَصَائر: مِنُ مالٍ وجَاهٍ وشَهْوَةٍ وشَيْطَانٍ، أَو يُخَصّ بالشَّيْطَانِ، عن يَعْقُوبَ؛ أَي لأَنَّهُ يَغُرّ النّاسَ بالوَعْدِ الكاذِبِ والتَّمْنِيَة، وبه فُسِّرَ قولُه تعالَى: {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}، وقِيلَ: سُمِّيَ به لأَنّه يَحْمِلُ الإِنْسَانَ على مَحابِّه ووَراءَ ذلك ما يَسُوءُه، كَفَانَا اللهُ فِتْنَتَه.

وقِيل: إِنّ الشَّيْطَانَ أَقْوَى الغارِّين وأَخْبَثُهُم.

وقال الزَّجّاج: ويَجُوزُ أَنْ يكُونَ الغُرُور بالضَّمّ، وقال في تَفْسِيره: الغُرُور: الأَباطِيلُ، كأَنَّهَا جمع «غَرّ» مصدر غَرَرْتُهُ غَرًّا. قال الأَزهريّ: وهو أَحسنُ من أَنْ يُجْعَل [مَصْدَرَ] غَرَرْتُ غُرُورًا لأَنَّ المتعدِّيَ من الأَفعال لا تَكادُ تَقع مصادِرُهَا على فُعُولٍ إِلّا شاذًّا. وقد قال الفَرّاءُ: غَرَرْتُه غُرُورًا. وقال أَبو زَيْد: الغُرُورُ: الباطِلُ، وما اغْتَرَرْتَ به من شَيْ‌ءٍ فهو غُرُورٌ. وقال الزَّجّاج: ويَجُوزُ أَنْ يكونَ جَمْع غارٍّ، مثل شاهِدٍ وشُهُودٍ، وقاعِدٍ وقُعُودٍ.

وقَولُهُم: أَنَا غَرِيرُك منه؛ أَي أُحَذِّرُكَهُ، وقال أَبو نَصْرٍ في كتابِ الأَجْنَاس: أَي لن يأْتِيَكَ منه ما تَغْتَرُّ به، كأَنَّهُ قال: أَنا القَيِّم لكَ بذلِكَ. وقال أَبو مَنْصُورٍ: كأَنَّهُ قال: أَنا الكَفِيلُ لك بِذلِكَ. وقال أَبو زَيْد في كِتَابِ الأَمْثَال: ومن أَمْثَالِهِم في الخِبْرَةِ والعِلْم: «أَنا غَرِيرُك من هذا الأَمْرِ»؛ أَي اغْتَرَّنِي فسَلْني مِنْه على غِرَّة؛ أَي أَني عالم به فمَتَى سَأَلْتَنِي عنه أَخْبَرْتُك به من غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ لذلك ولا رَوِيَّة.

وقال الأَصمعيّ: هذا المَثَلُ معناهُ أَنَّك لَسْتَ بمَغْرُورٍ منّي لكِنّي أَنا المَغْرُور، وذلِك أَنّه بَلَغَنِي خَبرٌ كان باطِلًا وأَخبرْتُك به، ولم يكُنْ على ما قُلْتُ لك وإِنّمَا أَدَّيْتُ ما سَمِعْتُ.

وقال أَبو زَيْدٍ: سمعتُ أَعرابِيًّا يقول لآخَرَ: «أَنا غَرِيرُك مِنْ تَقُولَ ذلك» يقول: مِنْ أَنْ تقولَ ذلك. قال: ومعناه اغْتَرَّنِي فسَلْنِي عن خَبَرِه، فإِنّي عالم به أُخْبِركَ عن أَمْرِه على الحَقّ والصِّدْق. وقال الزمخشريّ بمثل ما قال أَبو زَيْدٍ حيث قال: أَي إِن سَأَلْتَنِي على غِرَّةٍ أُجِبْك به لاسْتِحْكَام عِلمِي بحَقِيقَتِه.

وغَرَّرَ بِنَفْسِه وكذلك بالمالِ تَغْرِيرًا وتَغِرَّةً، كتَحِلَّة وتَعِلَّة: عَرَّضَها لِلْهَلَكَةِ من غير أَنْ يَعْرِفَ، والاسْمُ الغَرَر، مُحَرَّكةً، وهو الخَطَرُ، ومنه‌الحديثُ: «نَهَى رَسُولُ الله صلَّى الله تعالَى عليه وسَلَّم عن بَيْعِ الغَرَر»، وهو مِثْلُ بَيْعِ السَّمَك في المَاءِ، والطَّيْرِ في الهَوَاءِ. وقِيلَ: هو ما كانَ له ظاهرٌ يَغُرّ المُشْتَرِيَ، وباطِنٌ مَجْهُول. وقِيل: هو أَنْ يكونَ على غَيْرِ عُهْدَةٍ ولا ثِقَةٍ. قال الأَزهريّ: ويَدْخُل في بَيْع الغَرَرِ البُيُوعُ المَجْهُولَة الّتي لا يُحِيطُ بكُنْهِها المُتبايِعانِ حَتَّى تَكُونَ مَعْلُومَةً.

وغَرَّرَ القِرْبَةَ: مَلأَها، قاله الصاغانِيّ، وكذا غَرَّرَ السِّقاءَ. قال حُمَيْد:

وغَرَّرَهُ حَتَّى اسْتَدارَ كَأَنَّهُ *** عَلَى القَرْوِ عُلْفُوفٌ مِنَ التُّرْكِ رَاقِدُ

وغَرَّرَتِ الطَّيْرُ: هَمَّتْ بالطَّيَرَانِ ورَفَعَتْ أَجْنِحَتَهَا، مَأْخُوذٌ مِنْ غَرَّرَتْ أَسنانُ الصَّبِيّ، إِذا هَمَّت بالنَّباتِ وخَرَجَت.

والغُرَّةُ والغُرْغُرَةُ، بضمّهما: بَيَاضٌ في الجَبْهَة، وفي الصحاح: في جَبْهَةِ الفَرَس، وفَرَسٌ أَغَرُّ وغَرّاءُ، قال ابنُ القَطّاع: غَرَّ الفَرَسُ يَغَرُّ غُرَّةً فهو أَغَرُّ. وفي اللّسَان: وقيل: الأَغَرّ من الخَيْلِ: الذي غُرَّتُه أَكْبَرُ من الدِّرْهَم، قد وَسَطَتْ جَبْهَتَه، ولم تُصِب واحِدَةً من العَيْنَيْن، ولم تَمِلْ على واحِدٍ من الخَدَّيْنِ، ولم تَسِلْ سُفْلًا، وهي أَفْشَى من القُرْحَةِ، والقُرْحَة قَدْرُ الدّرْهم فما دُونَه. وقِيلَ: الأَغرّ: ليس بضَرْبٍ واحدٍ بل هو جِنسٌ جامِعٌ لأَنْوَاعٍ من قُرْحَة وشِمْرَاخٍ ونَحْوِهما. وقِيل: الغُرَّةُ إِنْ كانَتْ مُدَوَّرَةً فهي وَتِيرَةٌ، وإِنْ كانت طَوِيلَةً فَهِيَ شادِخَةٌ. قال ابنُ سِيدَه: وعندي أَنّ الغُرَّة نَفْسُ القَدْرِ الذي يَشْغَلُه البَيَاضُ من الوَجْه لا أَنّه البَيَاضُ.

وقال مُبْتَكِرٌ الأَعرابيّ: يُقَال: بِم غُرِّرَ فَرَسُك؟ فيقولُ صاحِبُه: بشادِخَةٍ أَو بِوَتِيرَةٍ أَو بيَعْسُوبٍ. وقال ابنُ الأَعْرَابيّ: فَرَسٌ أَغَرُّ، وبه غَرَرٌ، وقد غَرَّ يَغَرُّ غَرَرًا، وجَمَلٌ أَغَرُّ، وفيه غَرَرٌ وغُرُورٌ.

والأَغَرُّ: الأَبْيَضُ من كُلّ شيْ‌ءٍ وقد غَرَّ وَجْهُهُ يَغَرّ، بالفَتْح، غَرَرًا وغُرَّةً: ابْيَضَّ؛ عن ابن الأَعْرَابيّ كما سيأْتي.

ومن المَجاز: الأَغَرُّ من الأَيّام: الشَّديدُ الحَرّ، وأَنشد الزمخشريّ لِذِي الرُّمَّة:

ويَوْمٍ يُزِيرُ الظَّبْيَ أَقْصَى كِنَاسِه *** وتَنْزُو كَنَزْوِ المُعْلَقاتِ جَنَادِبُهْ

أَغَرَّ كَلَوْنِ المِلْحِ ضاحِي تُرَابِهِ *** إِذَا اسْتَوقَدَتْ حِزَّانُه وسَبَاسِبُهْ

ومن المَجَازِ أَيضًا، هاجِرَةٌ غَرّاءُ: شديدةُ الحَرِّ، قال الشاعر:

وهاجِرَةٍ غَرّاءَ قاسَيْتُ حَرَّهَا *** إِلَيْكَ وجَفْنُ العَيْنِ بالمَاءِ سائِحُ

وكذا ظَهِيرَةٌ غَرّاءُ. قال الأَصمعيّ: أَي بَيْضَاءُ من شِدَّةِ حَرّ الشَّمْس، كما يُقَال: هاجِرَةٌ شَهْبَاءُ. وأَنشد أَبو بَكْر:

مِنْ سَمُومٍ كأَنَّهَا لَفْحُ نارٍ *** شَعْشَعَتْهَا ظَهِيرَةٌ غَرّاءُ

وكذا وَدِيقَةٌ غَرّاءُ؛ أَي شَدِيدَةُ الحَرِّ.

والأَغَرُّ الغِفَارِيُّ، والأَغَرُّ الجُهَنِيُّ، والأَغَرُّ بنُ ياسِرٍ المُزَنِيُّ: صَحابِيُّون. فالغِفارِيُّ رَوَى عَنْه شَبِيبُ بن رَوْح أَنَّه صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ رَسُولِ الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم. والجُهَنِيُّ رَوَى عنه أَبو بُرْدَةَ بنِ أَبي مُوسَى، والمُزَنِيُّ يَرْوِي عن مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ عنه، وعنه أَبو بُرْدَة في الصّحِيح، أَو هُمْ واحِدٌ قاله أَبو نُعَيمٍ، وفيه نَظَرٌ. أَو الأَخِيرَان؛ أَي الجُهَنِيُّ والمُزَنِيّ واحِدٌ، قاله التِّرْمِذِيّ.

والأَغَرُّ: تابِعِيّان، أَحدُهما الأَغَرُّ بن عَبْد الله، كُوفيٌّ، كُنْيَتُه أَبو مُسْلِمٍ، رَوَى عن أَبي هُرَيْرَةَ وأَبِي سَعِيد، وعنه أَبو إِسحاق المُسَيّبيّ، وعَطاءُ بن السائِب، وَقَعَ لنا حَدِيثُه عالِيًا في كِتَاب الذِّكْر للفِرْيابيّ. والثَّاني: الأَغَرُّ بن سُلَيْكٍ الكُوفِيُّ، وهو الذي يُقَال له أَغَرُّ بَنِي حَنْظَلَةَ، يَرْوِي المَراسِيلَ، رَوَى عنه سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، ذكرهما ابنُ حِبّانَ في الثِّقات.

والأَغَرُّ: جَمَاعَةٌ مُحَدِّثُون، منهم الأَغَرُّ بن الصَّبَّاح المِنْقَرِيُّ، مولَى آلِ قَيْسِ بن عاصِمٍ، من أَهْل البَصْرَة، رَوَى عَنْه محمّدُ بنُ ثَوَاءٍ؛ ذكرَه ابنُ حبّانَ في أَتْبَاع التابِعِينَ.

قلتُ: وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ والنَّسَائِيُّ. والأَغَرُّ الرَّقَاشِيُّ، عن عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وعنه يَحْيَى بنُ اليَمَانِ، رَوَى له ابن ماجَه حديثًا واحِدًا: «أَنَّ النبيّ صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم تَزَوَّجَ عائشَة عَلَى مَتَاعٍ قِيمَتُه خَمْسُون دِرْهَمًا».

والأَغَرّ: الرَّجُلُ الكرِيمُ الأَفْعَالِ الواضِحُهَا وهو على المَثَلِ. ورَجُلٌ أَغَرُّ الوَجهِ: أَبْيَضُهُ. وفي الحديث: «غُرٌّ مُحَجَّلُونَ من آثَارِ الوُضُوءِ» يريد بَيَاضَ وُجُوهِهِم بنُورِ الوُضُوءِ يَوْمَ القِيَامَة.

وقول أُمِّ خالِدٍ الخَثْعَمِيَّة:

لِيَشْرَبَ منه جَحْوَشٌ ويَشِيمَه *** بعَيْنَيْ قَطَامِيٍّ أَغَرَّ شَآمِي

يَجُوزُ أَنْ تَعْنِيَ قَطَامِيًّا أَبْيَضَ، وإِنْ كَانَ القَطَامِيّ قَلَّمَا يُوصَفُ بالأَغَرّ، وقد يَجُوزُ أَنْ تَعْنِيَ عُنُقَه، فيكون كالأَغرِّ بيْنَ الرِّجَال.

والأَغَرُّ من الرِّجال: الَّذِي أَخَذَتِ اللِّحْيَةُ جميعَ وَجْهِه إِلَّا قَلِيلًا كأَنَّه غُرَّة.

والأَغَرُّ: الشَّرِيفُ، وقد غَرَّ الرجُلُ يَغَرُّ: شَرُفَ، كالغُرْغُرَةِ، بالضَّمّ، الجمع: غُرَرٌ، كصُرَدٍ، وغُرّانٌ، بالضَّمّ، قال امرُؤ القيس:

ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ *** وأَوْجُهُهمْ عندَ المَشَاهِدِ غُرّانُ

أَي إِذا اجْتَمَعُوا لغُرْمِ حَمَالَةٍ أَو لإِدارَة حَرْبٍ وَجَدْتَ وُجُوهَهُم مُسْتَبْشِرَةً غير مُنْكَرَةٍ. ورُوِي: «بِيضُ المَسَافِرِ غُرّانُ». وقوله: «غُرَرٌ كصُرَد»، هكذا في سائِر النُّسَخ، وهو جَمْعُ غُرَّة، وأَمّا غُرّانٌ فجَمْعُ الأَغَرِّ، ولو قال: «جَمْعُه غُرٌّ وغُرّانٌ» كما في المُحكم والتَّهْذِيب كانَ أَصْوَبَ.

والأَغَرُّ: فَرَسُ ضُبَيْعَةَ بنِ الحارِثِ العَبْسِيِّ من بَنِي مَخْزُومِ بنِ مالِكِ بنِ غالِبِ بن قُطَيْعَةَ؛ والأَغَرُّ: فَرَسُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ الله أَبي رَبِيعَةَ المَخْزُومِيّ الشاعِر. والأَغَرُّ: فَرَسُ شَدّادِ بنِ مُعَاوِيَةَ العَبْسِيّ أَبِي عَنْتَرَة؛ والأَغَرُّ: فَرَسُ مُعَاوِيَةَ بنِ ثوْرٍ البَكّائيّ، والأَغَرُّ: فَرَسُ عَمْرِو بن النَّاسِي الكِنَانِيّ، والأَغَرُّ: فَرَسُ طَرِيفِ بنِ تَمِيمٍ العَنْبَرِيّ، من بَنِي تَمِيمٍ، والأَغَرُّ: فَرَسُ مالِكِ بن حَمّادٍ، والأَغَرُّ: فَرَسُ بَلْعَاءَ بنِ قَيْسٍ الكِنانيّ، واسمُه خَمِيصَة كما حَقَّقَهُ السِّرَاجُ البُلْقَينِيّ في قَطْرِ السَّيْل، والأَغَرُّ: فَرَسُ يَزِيدَ بنِ سِنَانٍ المُرِّيّ.

والأَغَرُّ: فَرَسُ الأَسْعَرِ بنِ حُمْرَانَ الجُعْفيّ، فهذه عشرة أَفراس كِرام ساقَهم الصاغانيّ هكذا. ولكن فَرَسَ تَمِيمِ بنِ طَرِيف قيل إِنّهَا الغَرّاءُ لا الأَغَرُّ، كما في اللّسان، وسيأْتِي، وغالِبُهُم مِنْ آلِ أَعْوَجَ. وفاتَه الأَغَرُّ فَرَسُ بَنِي جَعْدَةَ بنِ كَعْبِ بنِ رَبيعَةَ، وفيه يقول النابِغَة الجَعْدِيّ:

أَغَرُّ قَسَامِيٌّ كُمَيْتٌ مُحَجَّلٌ *** خَلَا يَدَهُ اليُمْنَى فتَحْجِيلُه حَسَا

وكذلك الأَغَرُّ فَرَسُ بَني عِجْل، وهو من وَلَدِ الحَرُون، وفيه يقول العِجْلي:

أَغَرّ من خَيْلِ بَنِي مَيْمُون *** بَيْنَ الحُمَيْلِيَّاتِ والحَرُونِ

والأَغرُّ: اليَوْمُ الحارُّ، هكذا في النُّسخ، وهو مع قَوْله آنفًا: و«الأَغَرُّ من الأَيّام: الشَّديدُ الحَرِّ» تكرارٌ، كما لا يَخْفَى.

وقد، غَرَّ وَجْهُه يَغَرُّ بالفَتْح، قال شيخُنَا: قد يُوهِمُ أَنّه بالفَتْح في الماضِي والمُضَارِع، وليس كذلك، بل الفَتْحُ في المُضَارع لأَنّ الماضيَ مَكْسُورٌ، فهو قِياس خِلافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ غَيْرَه، غَرَرًا، مُحَرَّكةً، وغُرَّةً، بالضَّمّ، وغَرَارَةً، بالفَتْح: صارَ ذا غُرَّةٍ، وأَيضًا ابْيَضَّ، عن ابنِ الأَعرابيّ. وفَكَّ مَرّةً الإِدْغامَ ليُرِيَ أَنّ غَرَّ فَعِلَ، فقال: غَرِرْتَ غُرَّةً فأَنْت أَغَرُّ. قال ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنّ غُرَّة ليس بمَصْدَرٍ، كما ذهب إِليه ابنُ الأَعرابيّ هاهُنَا، إِنّمَا هو اسمٌ، وإِنّمَا كان حُكْمُه أَنْ يَقُول: غَرِرْتَ غَرَرًا. قال: عَلَى أَنّي لا أُشَاحُّ ابنَ الأَعْرَابِيّ في مثْل هذا.

والغُرَّةُ، بالضَّمّ: العَبْدُ والأَمَةُ، كأَنَّهُ عَبَّرَ عن الجِسْمِ كلِّه بالغُرَّة، وقال الراجِز:

كُلُّ قَتِيل في كُلَيْبٍ غُرَّهْ *** حَتَّى يَنَالَ القَتْلُ آلَ مُرَّهْ

يقول: كُلُّهم لَيْسُوا بكُفْ‌ء لِكُلَيْب، إِنّمَا هم بمَنْزِلَة العَبِيدِ والإِمَاءِ، إِنْ قَتَلْتُهُم، حَتَّى أَقْتُلَ آلَ مُرَّةَ فإِنَّهم الأَكْفَاءُ حينئذ.

قال أَبو سَعِيد: الغُرَّةُ عند العَرَبِ: أَنْفَسُ شيْ‌ءٍ يُمْلَك وأَفْضَلُه، والفَرَسُ غُرَّةُ مَال الرَّجُل، والعَبْدُ غُرَّةُ مالِه، والبَعِيرُ النَّجِيبُ غُرَّةُ مالِه، والأَمَةُ الفَارِهَةُ مِنْ غُرَّةِ المال. وفي الحَدِيث: «وجَعَلَ في الجَنِينِ غُرَّةً عَبْدًا أَوْ أَمَةً». قال الأَزهريّ: لم يَقصد النبيُّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم في جَعْله في الجَنين غُرَّةً إِلَّا جِنْسًا واحِدًا من أَجْنَاس الحَيَوان بعَيْنِه، [بَيَّنه] فقال: عَبْدًا أَوْ أَمَةً. ورُوِي عن أَبي عَمْرِو بن العَلاءِ أَنّه قال في تَفْسِير غُرَّة الجَنِين: عَبْدٌ أَبْيَضُ أَوْ أَمَةٌ بَيْضَاءُ. قال ابنُ الأَثِيرِ: وليس ذلك شَرْطًا عند الفُقَهاءِ، وإِنّمَا الغُرَّة عندهم ما بَلَغَ ثَمَنُهَا عُشْرَ الدِّيَة من العَبِيدِ والإِمَاءِ. وقد جاءَ في بَعْضِ رِوَايَات الحَدِيث: «بغُرّة عَبْدٍ أَو أَمَةٍ أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ».

وقيل: إِنّه غَلَطٌ من الرّاوِي. قلتُ: وهو حَدِيثٌ رَواهُ محمّد بن عَمْرو، عَنْ أَبِي سَلمَةَ عن أَبي هرَيْرَةَ: «قَضَى رسولُ الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم في الجَنِين بغُرَّة» الحَدِيث، ولم يَرْوِ هذه الزِيادَة عنه إِلّا عيسَى بنُ يُونُس، كذا حَقَّقه الدارَقُطْنِيّ في كتابِ العِلَل. وقد يُسَمَّى الفرَسُ غُرَّةً، كما في حديث ذي الجَوْشَن: «ما كنتُ لأَقْضِيَه اليَوْمَ بغُرَّة» فعُرِف مِمّا ذَكَرْنا كُلّه أَنّ إِطْلاقَ الغُرَّةِ على العَبْد أَو الأَمَة أَكْثَرِيٌّ.

والغُرَّةُ من الشَّهْر: لَيْلَةُ اسْتِهْلالِ القَمَرِ، لبَياضِ أَوَّلِهَا، يقال: كَتَبْتُ غُرَّةَ شَهْر كذا. ويقال لثَلاث لَيَالٍ من الشَّهْرِ: الغُرَرُ والغُرُّ؛ قاله أَبو عُبَيْد. وقال أَبو الهَيْثَم: سُمِّينَ غُرَرًا، واحدتها غُرَّةٌ، تشبيهًا بغُرّة الفَرَسِ في جَبْهَته لأَن البَيَاض فيه أَوّلُ شيْ‌ءٍ فيه، وكذلك بَياضُ الهِلال في هذه اللَّيَالِي أَوّلُ شيْ‌ءِ فيها. وفي الحَدِيث «في صَوْمِ الأَيّام الغُرِّ» أَي البِيضِ اللَّيَالي بالقَمَرِ [و] هي لَيْلَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وأَرْبَعَ عَشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ. ويُقال لها: البِيضُ أَيضًا. وقَرأْتُ في شَرْح التَّسْهِيلِ للبَدْرِ الدَّمامِينيّ ما نَصُّه: قال الجَوْهَريّ: غُرَّةُ كُلِّ شيْ‌ءٍ: أَوَّلُه. لكنَّه قال بإِثْر هذا: والغُرَرُ: ثلاثُ ليال من أَوّل الشَّهْر. وكذا قال غَيْرُه من أَهْلِ اللُّغَة. وهو صَريحٌ في عدم اختصاص الغُرَّةِ باللَّيْلَة الأُولَى. وقال ابنُ عُصْفُور: يُقال كُتِبَ غُرَّةَ كذا، إِذا مَضَى يَوْمٌ أَو يَوْمَان أَو ثَلاثَة؛ وتَبِعَه أَبو حَيّانَ. والظاهِرُ أَنّ اشتراطَ المُضيّ سَهْوٌ.

انتهى. وقيلَ: الغُرَّةُ من الهِلال: طَلْعَتُه، لِبَيَاضِهَا.

والغُرَّةُ من الأَسْنَان: بَياضُها وأَوّلُهَا، يُقَال: غَرَّرَ الغُلَامُ، إِذا طَلَعَ أَوَّلُ أَسْنَانِه، كأَنَّه أَظْهَر غُرة أَسْنَانِه، أَيْ بَياضها.

والغُرَّةُ من المَتَاع: خِيَارُه ورَأْسُه، تقول: هذا غُرّةٌ من غُرَرِ المتاعِ، وهو مَجاز.

والغُرَّةُ من القَوْمِ: شَرِيفُهُم وسَيِّدُهُم، يُقَال: هو غُرَّةُ قَوْمه، ومن غُرَرِ قوْمه.

والغُرَّةُ من الكَرْم: سُرْعَةُ بُسُوقِه.

والغُرَّةُ من النَّبَات: رَأْسُه.

والغُرَّةُ من الرَّجُل: وَجْهُه وقِيلَ: طَلْعَتُه.

وكلُّ ما بَدَا لك من ضَوْءٍ أَو صُبْح فقد بَدَتْ لك غُرَّتُه.

وغُرَّةُ: أُطُمٌ بالمَدِينَة لِبَنِي عَمْرِو بنِ عَوْف من قَبَائِلِ الأَنْصَار، بُنِيَ مكانَه مَنارَةُ مَسْجدِ قُبَاءَ الآن. والغَرِيرُ، كأَمِير: الخُلُقُ الحَسَنُ لأَنَّه يَغُرّ. ومن المَجازِ:

يُقَال للشَّيْخ إِذا هَرِم: أَدْبَرَ غَرِيرُه، وأَقْبَلَ هَرِيرُه. أَي قد ساءَ خُلُقُه.

والغَريرُ: الكَفِيلُ والقَيِّم والضامِنُ. وأَنشد الأَصمعيّ:

أَنتَ لِخَيرِ أُمَّة مُجِيرُهَا *** وأَنْتَ مِمّا ساءَهَا غَرِيرُهَا

هكذا رواه ثَعْلَب عن أَبي نَصْر عنه.

ومن المَجَازِ الغَرِيرُ من العَيْش: ما لا يُفَزِّع أَهلُه، يقال: عيشٌ غَرِيرٌ، كما يُقَال: عَيْشٌ أَبْلَهُ، الجمع: غُرّانٌ بالضمّ، ككَثِيب وكُثْبَانٍ.

والغَرِيرُ: الشابُّ الَّذِي لا تَجْرِبَةَ له، كالغِرّ، بالكَسْرِ، الجمع: أَغِرّاءُ وأَغِرَّةٌ، هُمَا جَمْعُ غَرِير، وأَما الغِرُّ، بالكسر، فجَمْعُه أَغْرَارٌ وغِرَارٌ، ككتَاب. ومن الأَخير حَدِيثُ ظَبْيَانَ: «إِنّ مُلُوكَ حمْيَرَ مَلَكوا مَعاقلَ الأَرْض وقَرَارَهَا ورُؤُوسَ المُلُوكِ وغِرَارَها». والأُنْثَى غِرٌّ، بغير هاءٍ، وغِرَّةٌ، بكَسْرِهما، قال أَبو عُبَيْد: الغِرَّة: الجارِيَةُ الحَديثَةُ السِّنِّ التي لَمْ تُجرِّب الأُمُورَ ولم تَكُن تَعْلَمُ ما يَعْلَم النسَاءُ من الحُبِّ، وهي أَيضًا غِرٌّ، بغير هاءٍ. قال الشاعرُ:

إِنَّ الفَتَاةَ صَغِيرَةٌ *** غِرٌّ فَلا يُسْرَى بِهَا

ويُقال أَيضًا: هي غَرِيرَةٌ. ومنه‌حديثُ ابنِ عُمَر: «إِنَّكَ ما أَخَذْتَهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً» وهي الشابَّة الحَدِيثَة التي لم تُجرِّب الأُمورَ. وقال الكسائيْ: رجلٌ غِرٌّ وامْرَأَة غِرٌّ، بيِّنَةُ الغَرَارَةِ، بالفَتْح، من قَوْم أَغِرّاءَ، قال: ويُقَالُ من الإِنْسَان الغِرِّ: غَرِرْتَ يا رَجُلُ، كفَرِحَ، تَغَرّ غَرَارَةً، بالفَتْح، ومن الغارِّ اغْتَرَرْتَ. وقال أَبو عُبَيْد: الغَرِيرُ: المَغْرُور، والغَرَارَةُ من الغِرَّة، والغِرَّةُ من الغارّ، والغَرَارَةُ والغِرَّة واحِدٌ.

والغَارُّ: الغافِلُ، زاد ابنُ القَطّاع: لا يَتَحَفَّظُ.

والغرَّةُ: الغَفْلَةُ.

وقد اغْتَرَّ؛ أَي غَفَلَ، وبالشَّيْ‌ءِ: خُدعَ به والاسم منهما الغِرَّةُ، بالكَسْر، وفي المَثَل: «الغِرَّةُ تَجلُبُ الدَّرَّةَ» أَي الغَفْلَةُ تَجْلُب الرِّزْقَ؛ حكاه ابن الأَعرابيّ. وفي الحديث: «أَنَّه أَغارَ على بَنِي المُصْطَلِق وهُمْ غارُّون»؛ أَي غافلُون.

والغارُّ: حافرُ البِئْرَ، لأَنَّه يَغُرُّ البِئْرَ؛ أَي يَحْفِرها؛ قاله الصاغانيّ، أَو من قَوْلِهِم: غَرَّ فُلانٌ فُلانًا: عَرَّضَه للهَلَكَة والبَوَارِ.

والغِرارُ، بالكسر: حَدُّ الرُّمْحِ والسَّهْمِ والسَّيْفِ. وقال أَبو حَنِيفَةَ: الغِرَارَانِ: ناحِيَتَا المِعْبَلَةِ خاصَّةً. وقال غَيْرُه: الغِرَارَانِ: شَفْرَتَا السَّيْفِ. وكلُّ شيْ‌ءٍ له حَدٌّ فحَدُّه غِرَارُه، والجَمْعُ أَغِرَّةٌ.

والغِرَارُ: النَّوْمُ القَلِيلُ، وقيل: هو القَلِيلُ من النَّوْمِ وغَيْرِه، وهو مَجازٌ. ورَوَى الأَوْزاعِيُّ عن الزُّهْرِيّ أَنّه قال: كانُوا لا يَرَوْنَ بِغرَارِ النَّوْمِ بَأْسًا. قال الأَصْمَعِيّ: غِرَارُ النَّوْمِ قِلَّتُه. قال الفَرَزْدَقُ في مَرْثِيَة الحَجَّاجِ:

إِنّ الرَّزِيَّةَ في ثَقيفٍ هَالِكٌ *** تَرَكَ العُيُونَ فنَوْمُهُنَّ غِرَارُ

أَي قَليلٌ. و‌في حَديث النّبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم: «لا غِرَارَ في صَلَاةٍ ولا تَسْليمٍ».

قال أَبو عُبَيْد: الغِرَارُ في الصَّلاة: النَّقْصَانُ في رُكُوعِهَا وسُجُودِهَا وطُهُورِهَا، وهو أَلَّا يُتمَّ رُكوعَها وسُجُودَهَا وطُهُورَهَا. قال: وهذا كقَوْل سَلْمَان: الصَّلاةُ مِكْيَالٌ، فمَنْ وَفَّى وُفِّيَ له، ومن طَفَّف فقد عَلمْتُم ما قالَ الله في المُطَفِّفين.

قال: وأَما الغِرَارُ في التَّسْلِيم فنرَاهُ أَنْ يَقُولَ [له: ] السَّلامُ عَلَيْكم، فيَرُدّ عليه الآخَرُ: وعَلَيْكُم، ولا يَقُول: وعَليْكُم السَّلام؛ هذا من التَّهْذيب. وقال ابنُ سيدَه: نرَاهُ أَنْ يَقُولَ: سَلَامٌ عليكم، هكذا في النُّسخ، وفي المحكم: عَلَيْكَ، أَو أَنْ يَرُدَّ بِعَلَيْكَ ولا يَقُولُ: عَلَيْكُم، وهو مَجازٌ. وقيل: لا غِرَارَ في صَلاةٍ ولا تَسْلِيمَ فِيهَا؛ أَي لا قَلِيلَ من النَّوْم في الصَّلاة ولا تَسْلِيمَ؛ أَي لا يُسَلِّم المُصَلِّي ولا يُسَلَّم عليه. قال ابْن الأَثِير: ويُرْوَى بالنَّصْب والجَرِّ، فَمَن جَره كان معطوفًا على الصلاة، ومن نَصَبَه كان مَعْطُوفًا على الغرَار، ويكون المَعْنَى: لا نَقْصَ ولا تَسْلِيمَ في صلاةٍ، لأَنّ الكَلام في الصلاة بغير كَلامها لا يَجُوز، قلتُ: ويؤيّد الوَجْهَ الأَوّلَ ما جاءَ في حديث آخَرَ: «لا تُغَارُّ التَّحِيَّةُ»؛ أَي لا يُنْقَصُ السَّلَامُ، وَلكِنْ قُلْ كما يُقَالُ لك أَو زِدْ.

والغِرَارُ: كَسَادُ السُّوقِ، وهو مَجازٌ، يقال: للسُّوقِ دِرَّةٌ وغِرَارٌ؛ أَي نَفَاقٌ وكَسَادٌ؛ قال الزمخشريّ. قلت: وهو مَصْدَرُ غارّتِ السُّوقُ تُغارُّ غِرَارًا، إِذا كَسَدَتْ.

ومن المَجَاز: الغِرَارُ: قِلَّةُ لَبَنِ الناقةِ أَو نُقْصَانُه. وقد غارَّتْ تُغارُّ غِرَارًا، وهي مُغَارٌّ، إِذا ذَهَبَ لبَنُهَا لحَدَثٍ أَو لِعلّة. ومنهم من قالَ ذلك عند كَرَاهِيَتهَا للوَلَد وإِنْكَارهَا الحَالِبَ. وقال الأَزْهَرِيّ: غرَارُ الناقَة أَن تُمْري فتَدِرّ، فإِنْ لَمْ يُبَادَرْ دَرُّهَا رَفَعتْ دَرَّهَا ثمّ لم تدِرّ حَتَّى تُفِيقَ. وقال الأَصمعِيّ: ومن أَمثالهم في تَعْجِيل الشَّيْ‌ءِ قَبْلَ أَوَانِه: «سَبَق دِرَّتَه غِرَارُه»، ومثْلُه «سَبَقَ سَيْلُه مَطَرَه». وقال ابنُ السِّكِّيت: يقال: غارَّت النَّاقَةُ غِرَارًا، إِذَا دَرَّت ثمّ نَفَرَتْ فرَجَعَت الدِّرَّةُ. يُقَالُ ناقَةٌ مُغارٌّ بالضّمّ، و، الجمع: مَغَارُّ، بالفتْح، غيْرَ مصْرُوف.

والغِرَارُ: المِثالُ الذي يُضْرَب عليه النِّصالُ لتُصْلَحَ، يقال: ضَرَبَ نِصَالَه على غِرَارٍ واحِد؛ أَي مِثَال، وَزْنًا ومعْنًى. قال الهُذَلِيُّ يَصفُ نَصْلًا:

سَدِيدِ العَيْرِ لَمْ يَدْحضْ عَلَيْه الـ *** غِرارُ فقِدْحُه زَعِلٌ دَرُوجُ

والغِرَارَةُ بهَاءٍ ولا تُفْتَحُ خلافًا للعَامَّة: الجُوَالِقُ واحِدَةُ الغَرَائِرِ، قال الشاعر:

كأَنَّهُ غِرَارَةٌ مَلْأَى حَثَى

قال الجَوْهريّ: وأَظُنُّه مُعَرَّبًا.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


26-تاج العروس (أبس)

[أبس]: أَبَسَه يَأْبِسُه أَبْسا: وَبَّخَه ورَوَّعَه وغَاظَه، قالَهُ الخَلِيلُ.

وأَبَسَ به يَأْبِسُ أَبْسًا: ذَلَّلَه وقَهَرَه، عن ابن الأَعْرَابِيِّ.

وكَسَّرَه وزَجَرَه، قال العَجّاج:

لُيُوثُ هَيْجَا لم تُرَمْ بأَبْسِ

أَي بزَجْرٍ وإِذلالٍ.

وأَبَسَ فُلانًا: حَبَسه وقَهَرَهُ.

وبَكَعَه بما يَسُوؤُه وقَابَلَه بالمَكْرُوه.

وقيل: صَغَّرَه وحَقَّره، نقلَه الأَصْمَعِيُّ، كأَبَّسَه تَأْبِيسًا. وبكُلِّ ذلك فُسِّرَ‌ حديثُ جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ: «جاءَ رجلٌ إِلى قُرَيْش من فَتْح خَيْبَرَ فقال: إِنّ أَهلَ خَيْبَرَ أَسَرُوا رسولَ الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم، ويُريدُون أَن يُرْسِلُوا به إِلى قَومه؛ ليَقْتُلُوه، فَجَعَلَ المُشْرِكُون يُؤَبِّسُون به العَبّاسَ». وكذلك قَوْلُ العَبَّاس بن مِرْدَاسٍ يُخَاطبُ خُفَافَ بنَ نُدْبَةَ.

إِنْ تَكُ جُلْمُودَ صَخْرٍ لا أُؤَبِّسُه *** أُوقِدْ علَيْه فأُحْمِيه فيَنْصَدعُ

السَّلْمُ يَأْخُذُ منها ما رَضِيتَ به *** والحَرْبُ يَكْفيكَ من أَنْفَاسها جُرَعُ

قال ابنُ بَرِّيٍّ: التَّأْبيسُ: التَّذْليلُ، ويُرْوَى: «إِنْ تَكُ جُلْمُودَ بِصْرٍ»، وقال: البِصْرُ: حجارةٌ بِيضٌ. وقال صاحبُ اللِّسَان: ورأَيْتُ في نُسْخَةٍ من أَمالي ابن بَرِّيٍّ بخطِّ الشيخ رَضيِّ الدِّين الشّاطبيِّ رَحمَه الله تعالَى، قال: أَنْشَدَه المُفَجِّعُ في التَّرْجُمَان:

إِنْ تَكُ جُلْمُودَ صَخْدٍ..

وقال بعدَ إِنشادِه: صَخْدٌ: وَادٍ. وقال الصّاغَانيُّ: الصَّوَابُ فيه لا أُؤَيِّسُه ـ بالتَّحْتيَّة ـ بالمَعْنَى الذي ذَكَرَه، كما سيأْتي.

والأَبْسُ: الجَدْبُ نقَلَه الصّاغَانيُّ في كتابَيْه.

والأَبْسُ: المَكَانُ الغَليظُ الخَشِنُ، مثلُ الشَّأْز، ومنه: مُنَاخٌ أَبْسٌ، إِذا كان غيرَ مُطْمَئنٍّ، قال مَنْظُورُ بنُ مَرْثَدٍ الأَسَديُّ يَصفُ نُوقًا قد أَسْقَطَتْ أَولادَهَا؛ لشِدَّة السَّيْر والإِعْيَاءِ:

يَتْرُكْنَ في كلِّ مُنَاخٍ أَبْسِ *** كُلَّ جَنِينٍ مُشْعَرٍ في الغِرْسِ

ويُكْسَرُ، عن ابن الأَعرَابيِّ.

وقال ابنَ الأَعْرَابيِّ: الأَبْسُ: ذَكَرُ السَّلاحِف، قال: وهو الغَيْلَمُ.

وقال أَيضًا: الإِبْسُ بالكَسْر: الأَصْلُ السُّوءُ.

وقال ابنُ السِّكِّيتِ: امرَأَةٌ أُبَاسٌ، كغُرَابٍ، إِذا كانت سَيِّئَةَ الخُلُقِ، وأَنشَد لخِذامٍ الأَسَديِّ:

رَقْرَاقَة مثل الفَنيق عَبْهَرَهْ *** ليسَتْ بسَوْداءَ أُبَاسٍ شَهْبَرَهْ

وتَأَبَّسَ الشيْ‌ءُ، إِذا تَغَيَّرَ، قالَه الجوهريُّ، وأَنشدَ قولَ المُتَلَمِّس.

تُطيفُ به الأَيّامُ ما يَتَأَبَّسُ

وهكذا أَنشدَه ابنُ فارسٍ. قلت: وأَوَّلُه:

أَلمْ تَرَ أَنّ الجَوْنَ أَصبَحَ راسِيًا

أَو هُوَ تَصْحيفٌ من ابن فَارسٍ والجَوْهريِّ، والصَّوَابُ «تَأَيَّس» بالمُثَنّاة التَّحْتيَّة بالمعنى الذي ذَكَرَه في هذا التَّرْكيب، كما نَقَلَه الصّاغَانيُّ في كتابَيْه في هذه المادّة، وقال أَيضًا في مادة «أَيس»: والصَّوابُ إِيرادُهما؛ أَعْني بَيْتَيِ المُتَلَمِّس وابن مِرْداسٍ هاهنا، لُغَةً واستشهادًا، وإِنّمَا اقْتَدَى بمَنْ قَبْلَه، ونَقَلَ من كُتُبهم، من غيرِ نَظَرٍ في دَوَاوينِ الشُّعَراءِ، وتَتَبُّع الخُطُوطِ المُتْقَنَة؛ فقولُ شَيْخنَا: تَبعَ فيه ابنَ بَرِّيٍّ، وتَعَقَّبُوه وصَوَّبُوا ما نَقَلَه ابنُ فارس، مَحَلُّ تَأَمَّلٍ ونَظَرٍ بوُجُوهٍ.

* وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

التَّأْبيسُ: التَّعْييرُ. وقيل: الإِرغامُ. وقيل: الإِغْضَابُ. وقيل: حَمْلُ الرَّجُلِ على إِغلاظِ القَوْل له.

وبكلِّ ذلك فُسِّرَ حديثُ جُبَيْر السّابقُ.

وحَكَى ابنُ الأَعْرَابيِّ: إِبَاءٌ أَبْسٌ [مُخْزٍ كاسرٌ]. قال المُفَضَّلُ: إِنّ السُّؤَالَ المُلِحَّ يَكْفيكَه الإِباءُ الأَبْسُ. وقال ثعلبٌ: إِنّمَا هو الإِباءُ الأَبْأَسُ؛ أَي الأَشَدُّ.

وأَبْسُسُ، بفتحٍ فسكونٍ وضمِّ السِّين الأُولى: اسمُ مدينة قُرْبَ أَبُلُسْتَيْنَ من نَواحِي الرُّومِ، وهي خَرَابٌ، وفيها آثَارٌ غَريبةٌ مع خَرَابهَا، يقال: فيهَا أَصحابُ الكَهْف والرَّقيم.

قالَهُ ياقُوت.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


27-تاج العروس (ربس)

[ربس]: رَبَسَهُ بيَدِهِ رَبْسًا: ضَرَبَهُ بِهَا. ويُقَال: الرَّبْسُ: الضَّرْبُ بِاليَدَيْنِ جَمِيعًا، قَالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ.

ورَبَسَ الْقِرْبَةَ: مَلأَهَا.

ودَاهِيَةٌ رَبْسَاءُ: شَدِيدَةٌ.

ورَبْسَى، كسَكْرَى: فَرَسٌ كان لِبَنِي العَنْبَرِ، قَال المَرَّارُ العَنْبَرِيُّ:

وَرِثْتُ عَنْ رَبِّ الكُمَيْتِ مَنْصِبَا *** وَرِثْتُ رَبْسَى ووَرِثْتُ دَوْأَبَا

رِبَاطَ صِدْقٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَشَبَا

والرَّبِيسُ، كأَمِيرٍ: الشُّجَاعُ من الرِّجَالِ.

والرَّبِيسُ: العُنْقُودُ، والكِيسُ، كذا في النُّسَخِ، ومِثْلُه في العُبَابِ، وصَوابُه: والكَبْشُ المُكْتَنِزَانِ، يُقَال: ارْتَبَسَ العُنْقُودُ؛ إِذا اكْتَنَزَ، وذلك إِذا تَضَامَّ حَبُّه وتَدَاخَلَ في بَعْضٍ. وكَبْشٌ رَبِيسٌ ورَبِيزٌ؛ أَي مُكْتَنِزٌ أَعْجَرُ.

والرَّبِيسُ: المَضْرُوبُ باليَدَيْن. والرَّبِيسُ: المُصَابُ بِمَالٍ أَو غَيْرِه، عن ابنِ دُرَيْدٍ. والرَّبِيسُ: الدَّاهِيَةُ مِن الرِّجَالِ، كالرَّبْسِ، بالفَتْح، كما يقتضيه سِياقُه، وضَبَطه الصاغانيُّ بالكَسْرِ، في التَّكْمِلَةِ، وبالوَجهين في العُبَابِ.

يُقَال: رَجُلٌ رَبِيسٌ؛ أَي جَلْدٌ مُنْكَرٌ دَاهٍ، قال:

ومِثْلِي لُزَّ بِالْحَمِسِ الرَّبِيسِ

والرَّبِيسُ: الكَثِيرُ من المَال وغيرِه، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ، كالرِّبْسِ، بالكَسْر، يقال: جاءَ بِمَالٍ رَبِيسٍ وربْسٍ؛ أَي كَثِيرٍ.

وأُمُّ الرُّبَيْسِ، كزُبَيْرٍ: الأَفْعَى، عن ابنِ عَبّاد، ويُكْنَى بها عن الدَّاهِيةِ.

وأَبو الرُّبَيْسِ عَبَّادُ بنُ طَهْمَةَ، هكذا بالميم في التَّكْملَة، وتَبعَه المُصنِّفُ، وذكرَ الحافِظُ أَنَّه طِهْفَةُ الثَّعْلَبيُّ شاعِرٌ من بَنِي ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدِ بنِ ذُبْيَانَ. هكذا قالَهُ الصاغَانِيُّ، وفي اللِّسَان: وأَبُو الرُّبَيْسِ التَّغْلِبِيّ، من شعراءِ تَغْلِبَ. وهو تَصْحِيفٌ، والصوابُ مع الصّاغانِيّ. وهو عَبَّادُ بنُ طَهْفَةَ بن عِياضٍ، مِنْ بني رِزامِ بنِ مَازِنِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدٍ، كما ذَكَرَه ابنُ الكَلْبِيِّ وغيرُه.

وكجَعْفَرِ: الرَّبْأَسُ بنُ عامِرٍ الطّائِيُّ. صَحَابِيٌّ والصوابُ: أَنه رَبْتَسٌ، بالمُثَنَّاة الفَوقِيَّة، كما حَقَّقه الحَافِظُ، وغيرُه، وسيأْتِي للمصنِّف قريبًا. وأَمّا ما ذكرَه هنا فهو تَصْحِيفٌ.

وكسِكِّيتٍ: رِبِّيسُ السَّامِرَةِ: كَبِيرُهم خَذَلَهُم الله تَعَالَى.

والرَّبِسَةُ من النِّسَاءِ كخَجِلَةٍ: المَرْأَةُ القَبِيحَةُ الوَسِخَةُ، عن ابن عَبّادٍ، نقَله الصّاغَانِيُّ.

والرِّيبَاسُ، بالكَسْرِ: نَبْتٌ له عَسَالِيجُ غَضَّةٌ إِلى الخُضْرَةِ، عِرَاضُ الوَرَقِ، طَعْمُهَا حامِضٌ، مع قَبْضٍ، يَنْبُتُ في الجِبَالِ ذَوَاتِ الثُّلُوجِ، والبلادِ البَارِدَةِ من غير زَرْعٍ، بارِدٌ يابِسٌ في الثّانِيَةِ، وله مَنَافِعُ جَمَّةٌ، يَنْفَعُ الحَصْبَةَ والجُدَرِيَّ ويقْطَعُ العَطَشَ والإِسْهَالَ الصَّفْرَاوِيَّ، ويُزِيل الغَثَيانَ والتَّهَوُّعَ، وفيه تَقْوِيَةٌ للقَلْبِ. وذُكِر أَنّهَا تنفَعُ من الطاعُون. كذا في سُرورِ النَّفْسِ، لابنِ قاضِي بَعْلَبَكَّ.

ورُبُّه يُقَوِّي المَعِدَةَ والهَضْمَ ويَنْفَعُ من القَيْ‌ءِ الشَّدِيدِ والحُمَّى، ويُسَكِّنُ البَلْغَمَ، كذا في المِنْهَاج. وعُصارَتُه تُحِدُّ النَّظَرَ وفي بعضِ النُّسَخ: البَصَرَ كُحْلًا مُفْرَدًا ومَجْمُوعًا مع الإِثْمِدِ.

والارْتِبَاسُ: الاخْتِلاطُ والإِكْثَارُ مِن، هكذا في النُّسَخ، وصَوابُه: الاكْتِنَازُ في اللَّحْمِ، وغيرِه، كما في الأُصُول المُصَحَّحَةِ.

وقال الأُرْمَوِيُّ: ارْبَسَّ: الرَّجُلُ ارْبِسَاسًا، إِذا ذَهَب في الأَرْضِ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: إِذَا عَدَا فِيهَا.

وارْبَسَّ أَمْرُهُم ارْبِساسًا؛ أَي ضَعُفَ حَتَّى تَفَرَّقُوا، لُغَةٌ في ارْبَثَّ.

والارْبِسَاسُ أَيضًا، هكذا في سائرِ النُّسَخِ، والصَّوابُ: الإِرْبَاسُ، من باب الإِفْعَالِ: المُرَاغَمَةُ، قاله ابنُ الأَثِير، وبه فُسِّرَ‌ الحديثُ: «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلى قُرَيْشٍ»، إِلى آخِرِه، وفيه: «فجَعَلَ المُشْرِكُونَ يُرْبِسُونَ به العَبَّاسَ» أَي يُسْمِعونَه ما يُسْخِطُه ويَغِيظُه، أَو يَعِيبُونه بما يَسُوءُه، أَو غير ذلِك. وقد تقدَّم ذِكْرهُ في «أ ب س».

والارْبِساسُ: التَّصَرُّفُ، نقلَه الصاغانِيُّ في العُبَابِ.

والارْبِسَاسُ: الاسْتِئْخَارُ، يقال: ارْبَسَّ أَمْرُهُمْ، إِذا اسْتَأْخَرَ.

قال الصّاغانِيُّ: التَّرْكِيب يدلُّ على الضَّرْب بِاليَدَيْنِ، وقد شَذَّ عن هذا التركيبِ: الارْبِساس، والرِّيباس.

* ومِمَّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:

مَالٌ رِبْسٌ؛ أَي كَثِيرٌ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.

وأَمْرٌ رَبْسٌ: منْكَرٌ.

وجاءَ بأُمورٍ رُبْسٍ، يعني الدَّوَاهِيَ، كدُبْسٍ بالراءِ والدال.

وتَرَبَّسَ: طَلَبَ طَلَبًا حَثِيثًا.

وتَرَبَّسْتُ فُلانًا: طَلَبْتُه، وأَنْشَد:

تَرَبَّسْتُ فِي تَطْلَابِ أَرْضِ ابْنِ مَالِكٍ *** فَأَعْجَزَنِي وَالْمَرْءُ غَيْرُ أَصِيلِ

وقال ابنُ السِّكِّيت: يُقَال: جاءَ فُلانٌ يَتَرَبَّسُ؛ أَي يَمْشِي مَشْيًا خَفيًّا.

وأَرْبَسُ: قَرْيَةٌ مِن أَعْمَالِ تُونُسَ، منها أَبو عَبْدِ الله محمَّدُ بنُ عبدِ الله بنِ عُمَرَ بنِ عُثْمَانَ الأَرْبَسِيُّ المَالِكِيُّ قاضِي الرَّكْبِ، سَمع الحديثَ بتُونُسَ والحَرَمَيْنِ ومِصْرَ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


28-تاج العروس (سبع)

[سبع]: سَبْعَةُ رجالٍ، بسُكُونَ الباءِ وقد يُحَرَّكُ، وأَنْكَرَهُ بعضُهم، وقال: إِنَّ المُحَرَّكَ جَمْعُ سَابِعٍ ككَاتِب وكَتَبَةٍ، وَسَبْعُ نِسْوَةٍ فالسَّبْعُ والسَّبْعَةُ من العَدَدِ مَعْرُوفٌ. وقد تَكَرَّرَ ذِكْرُهُما في القُرْآنِ، كقَوْلهِ تَعالَى: {سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُومًا}، و {بَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدادًا} و {سَبْعَ سُنْبُلاتٍ} و {سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}.

وِقولُهُم: أَخَذَه أَخْذَ سَبْعَةٍ، ويُمْنَعُ، إِذا كانَ اسمَ رَجُلٍ للمَعْرِفَةِ والتَّأْنِيثِ، اخْتَلَفُوا فيه: إِمّا أَصلُهَا سَبُعْةٌ، بضَمِّ الباءِ، فخُفِّفَ، وفي الصّحاح: فخُفِّفَتْ أَي لبُؤَة واللَّبُؤَةُ أَنْزَقُ من الأَسَدِ. نَقَلَه الجَوْهَرِي والصّاغَانِيُّ عن ابْنِ السِّكِّيتِ، وإِمّا اسمُ رَجُلٍ مَارِدٍ من العَرَبِ أَخَذَه بعضُ المُلُوكِ فنَكَّلَ به، كما نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ عن ابْنِ الكَلْبِيِّ: وقالَ اللَّيْثُ: قالَ ابنُ الكَلْبِيِّ: سَبْعَةُ أَذْنَبَ ذَنْبًا عَظِيمًا، فأَخَذَه بعضُ مُلُوكِ اليَمَنِ فَقَطَعَ يَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ وصَلَبَه، فَقِيلَ: لأُعَذِّبَنَّكَ عَذَابَ سَبْعَة، حَكَى هذا عنِ الشَّرْقِيِّ، وزعم هو أَنّه كانَ عَاتِيًا يُبالِغُ فِي الإِسَاءَة. ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن ابْنِ الكَلْبِيِّ: هو سَبْعَةُ بنُ عَوْفِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ سَلامانَ بنِ ثُعَلَ بنِ عَمْرِو بنِ الغَوْثِ بنِ طَيِّئِ بنِ أُدَد، وكانَ رَجُلًا شَدِيدًا، قال: فعَلَى هذا لا يُجْرَى للمَعْرِفَةِ والتَّأْنِيثِ، زادَ في العُبَابِ: قال: وفِيه المَثَلُ المَقُولُ «لأَعْمَلَنَّ بكَ عَمَلَ سَبْعَةَ» وهو سَبْعَةُ هذا، ولم يَزِدْه، أَو كَان اسْمُه سَبْعًا فصُغِرَ وحُقِّرَ بالتَّأْنِيثِ سَبْعَة، كما قالوا: ثَعْلَبَة ونَحْوه أَو مَعْناه: أَخَذَهُ أَخْذَ سَبْعَةِ رِجَالٍ.

وقالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهم: «لأَعْمَلَنَّ بفُلانٍ عَمَلَ سَبْعَةٍ» أَرادُوا المُبَالَغَةَ وبُلُوغَ الغَايَةِ. وقالَ بعضُهُم: أَرادُوا عَمَلَ سَبْعَةِ رِجَالٍ. وقولُهُمْ: أَخذتُ منه مِائَةَ دِرْهَم وَزْن سَبْعَةٍ، يَعْنُون به أَنَّ كُلَّ عَشَرَةٍ منها بزِنَةِ سَبْعَة مَثَاقِيلَ نقلَه الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيّ.

وَجَوْذانُ بنُ سَبْعَةَ الطائيّ من بني خِطامَة: تابِعِيٌّ، أَدْرَكَ عُثْمَانَ، رضي ‌الله‌ عنه.

وِالسَّبْعُ، قرية، بينَ الرَّقَّةِ ورَأْسِ عَيْنٍ، على الخَابُور.

وِالسَّبْعُ: موضع، بل نَاحِيَةُ بأَرْضِ فِلَسْطِينَ بين القُدْسِ والكَرَكِ، سُمِّيَ بذلِكَ لِأَنَّ به سَبْعَ آبَارٍ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: السَّبْعُ: المَوْضِعُ الَّذِي يَكُونُ إِلَيْهِ المَحْشَرُ يومَ القِيَامَةِ، وِمنه الحَدِيثُ: «بَيْنا رَاعٍ في غَنَمِه عَدَا عليه الذِّئبُ، فأَخَذَ منها شاةً، فطَلَبَه الرّاعِي حتَّى اسْتَنقَذَهَا منه، فالْتَفَتَ إِليه الذِّئْبُ فقال له: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبْعِ؟» أَي من لَهَا يوْمَ القِيَامَةِ. هكَذَا فَسَّرَه ابنُ الأَعْرَابِيِّ، ونَقَلَه الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ، ويُعَكِّرُ عَلَى هذا وفي بعضِ النُّسَخِ، أَو يُعَكِّرُ عَلَى هذا؛ أَي التأْوِيلِ، بَقِيَّةُ قَوْل الذِّئِبِ وهو بَقِيَّةُ الحَدِيثِ بَعْدَ قوله: «مَنْ لها يَوْمَ السَّبْعِ؟» يَوْمَ لا يَكُونُ لهَا ونَصُّ الحَدِيثِ: «يَوْمَ لَيْسَ لها راعٍ غَيْرِي» فَقَالَ النّاسُ: سُبْحَانَ الله! ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ؟وِالذِّئْبُ لا يَكُونُ رَاعِيًا يَوْمَ القِيَامَةِ وهو اعْتِرَاضٌ قَوِيٌّ على ابْنِ الأَعْرَابِيِّ. أَو أَرادَ: مَنْ لَهَا عِنْدَ الفِتَنِ حينَ تُتْرَكُ سُدًى بلا راعٍ، نُهْبَةً للسِّباع، فجَعَلَ السَّبُعَ لها راعِيًا بطَرِيقِ التَّجَوُّز إِذْ هو مُنْفَرِدٌ بها، يكونُ حِينَئذٍ بضَمِّ الباءِ، وهذا إِنذَارٌ بما يَكُونُ من الشَّدَائِدِ والفِتَنِ التي يُهْمِلُ الناسُ منها مَوَاشِيَهُم، فتَسْتَمْكِنُ منها السِّبَاعُ بلا مانِعٍ. أَو يَوْمُ السَّبْعِ: عيدٌ كانَ لهُم فِي الجاهِلِيَّةِ، كانُوا يَشْتَغِلُونَ فيه بِلَهْوِهِم وعِيدِهِم عن كُلِّ شَيْ‌ءٍ، وليس بالسَّبُعِ الّذِي يَفْتَرِسُ النّاسَ، وهكَذَا قالَهُ أَبُو عُبَيْدةَ ورُوِيَ، بضَمِّ الباءِ، قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ: وهكَذَا أَمْلَاه أَبُو عامرٍ العَبْدَرِيُّ الحافِظُ، وكانَ من العِلْمِ والإِتقانِ بمكَانٍ.

وِيُقَال لِلأَمْرِ المُتَفَاقِمِ: إِحْدَى الإِحَدِ، وإِحْدَى مِنْ سَبْعٍ، ومنه حَدِيثُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقد سُئِلَ عن رَجُلٍ تَتَابَع عليهِ رَمضانانِ، فسَكَت. ثمّ سَأَلَهُ آخَرُ، فقال: «إِحْدَى مِنْ سَبْع، يَصوم شَهْرَيْنِ ويُطْعِم مِسْكِينًا». وقال شَمِرٌ: يَقُولُ: اشْتَدَّتْ فِيها الفُتْيَا وعَظُمَ أَمرُهَا. قال: ويَجُوز أَنْ يكُون شَبَّهَهَا بإِحْدَى اللَّيَالِي السَّبْعِ الّتِي أَرْسَلَ الله فِيها العَذَابَ على عادٍ، فضَرَبَهَا بها مَثَلًا في الشِّدَة؛ لإِشْكَالِهَا، وقِيل.

أَرَادَ سَبْعَ سِنِي يُوسُفَ الصِّدِّيقِ ـ عليه‌السلام ـ في الشِّدَّةِ.

وِخَلَقَ الله السَّبْعَيْنِ وما بَيْنَهُمَا فِي سِتَّة أَيامٍ، ومنه قولُ الفَرَزْدَقِ الشّاعِرِ:

وِكَيْفَ أَخافُ النّاسَ والله قابِضٌ *** عَلَى النّاسِ والسَّبْعَيْنِ فِي رَاحَةِ اليَدِ

أَيْ: سبْعِ سَموَاتٍ وسَبْعِ أَرَضِينَ.

وِالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ وَهْبٍ الدِّمَشْقِيُّ عن أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ القَطّانِ، وأَبُو عَلِيِّ بَكْرُ بنُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بنِ أَبِي سَهْل النَّيْسَابُورِيُّ، ماتَ سنة أَرْبَعِمِائَةٍ وخَمْسٍ وسَبْعِينَ، وابْنُه عُمَرُ بنُ بَكْرٍ: سَمِعَ منه ابنُ ناصِرٍ، وأَبُو القاسِم سَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، عن أَبِي عثمان الصابُونِيّ، وابْنُه أَبو بكر أَحْمَدُ بن سَهْل عن أَبي بَكْرِ بن خَلَف.

وِحَفِيدُه أَبُو المَفَاخِرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ عن جَدِّه المَذْكُور، سَمِعَ منه مَعْتُوقُ بنُ مُحَمَّد الطِّيبِيّ بمَكَّةَ.

وإِبْرَاهِيمُ بنُ سَهْلِ بنِ إِبراهِيمَ، أَخُو أَحْمَدَ، سَمِعَ منه الفُرَاوِيُّ، وزاهِرُ بنُ طَاهِرٍ السّبْعِيُّون: مُحَدِّثُون، ظاهِرُ صَنِيعه أَنّه بفَتْحِ السِّين، وهو خطَأٌ، قال الحافِظُ في التَّبْصِير ـ تَبَعًا لابْنِ السّمْعَانِيّ والذَّهَبِيّ ـ: إِنّه بضَمِّ السِّينِ، وأَمّا بفَتْحِ السِّينِ فنِسْبَةُ طائِفَةٍ يُقَالُ لهَا: السَّبْعِيَّةُ، من غُلاةِ الشِّيعَةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ السّمْعَانِي، فاعْرِف ذلِكَ.

وِالسَّبُع، بضمِّ الباءِ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، وفَتْحِها، وبِه قَرَأَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ ويَحْيَى وإِبْرَاهِيمُ وما أَكَل السَبعُ قَالَ الصّاغَانِيُّ: فَلَعَلَّهَا لُغَةٌ وسُكُونِها، وبه قَرَأَ عاصِمٌ، وأَبو عَمْرٍو، وطَلْحَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وأَبُو حَيْوَةَ، وابنُ قُطَيْبٍ: المُفْتَرِسُ من الحَيَوانِ، مثْلُ الأَسَدِ والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد، وما أَشْبَهَها مِمّا له نابٌ، ويَعْدُو عَلَى النّاسِ والدَّوابِّ فيَفْتَرِسُهَا، وأَمّا الثَّعْلَبُ وإِن كانَ له نابٌ فإِنه ليسَ بسَبُعٍ؛ لأَنَّه لا يَعْدُو إِلّا علَى صِغَارِ المَوَاشِي، ولا يُنَيِّبُ فِي شَيْ‌ءٍ من الحَيَوانِ، وكذلِكَ الضَّبُع لا يُعَدُّ من السِّبَاعِ العَادِيَة، ولذلِكَ ورَدَت السُّنَّةُ بإِبَاحَةِ لَحْمِهَا، وبأَنَّهَا تُجْزَى إِذا أُصِيبَتْ في الحَرَمِ، أَو أَصابَها المُحْرِم، وأَمّا ابنُ آوَى فإِنّهُ سَبُعٌ خَبِيثٌ، ولحمُه حَرَامٌ، لأَنَّه من جِنْسِ الذِّئابِ، إِلّا أَنَّه أَصْغَرُ جِرْمًا، وأَضْعَفُ بَدَنًا، هذَا قولُ الأَزْهَرِيِّ. وقالَ غيرُه: السَّبُعُ من البَهَائِمِ العادِيَةِ: ما كانَ ذَا مِخْلَبٍ. وفي المُفْرَدَاتِ: سُمِّيَ بذلِكَ لتَمَامِ قُوَّتِه، وذلِكَ أَنَّ السَّبْعَ من الأَعْدَادِ التّامَّة.

ج: أَسْبُعٌ في أَدْنَى العَدَدِ، وسِبَاعٌ، قال سَيبِوَيْهٌ: لم يُكَسَّرْ عَلَى غَيْرِ سِبَاعٍ، وأَما قَوْلُهم في جَمْعِه: سُبُوعٌ، فمُشْعِر أَنَّ السَبْعَ ليسَ بتَخْفِيفٍ كما ذَهَبَ إِليهِ أَهْلُ اللُّغَةِ؛ لأَنَّ التَّخْفِيفَ لا يُوجِبُ حُكْمًا عند النَّحْوِيِّين، عَلَى أَنَّ تَخْفِيفه لا يَمْتَنِعُ، وقد جاءَ كَثِيرًا في أَشْعَارِهم، مِثْل قَوْلِه:

أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا وأَيْنَ نَجَاؤُكُم *** فهذَا ورَبِّ الرَّاقِصَاتِ المُزَعْفَرُ

وأَنْشَدَ ثَعْلَب:

لِسانُ الفَتَى سَبْعٌ عليه شَذَاتُه *** فإِنْ لَمْ يَزَعْ من غَرْبِه فهو آكِلُهْ

وِأَرْضٌ مَسْبَعَةٌ، كمَرْحَلَةٍ: كَثِيرَتُه، وفِي الصّحاحِ: ذاتُ سِبَاعٍ، وقال لَبِيدٌ:

إِلَيْكَ جاوَزْنَا بِلادًا مَسْبَعَهْ

قالَ سِيبَوَيْهٌ: بابُ مَسْبَعَةٍ ومَذْأَبَةٍ ونَظِيرِهما ممّا جاءَ على مَفْعَلَةٍ لازمٌ له الهاءُ، وليس في كُلِّ شي‌ءٍ يُقَال، إِلَّا أَنْ تَقِيسَ شَيْئًا وتَعْلَم مع ذلِكَ أَنَّ العَرَبَ لم تَتَكَلَّم به، وليسَ له نَظِير من بناتِ الأَرْبَعَةِ عنْدَهُم، وإِنَّمَا خَصُّوا به بَنَاتِ الثلاثَة لِخِفَّتِها، مع أَنَّهُم يَسْتَغْنُون بقَوْلِهِم: كَثِيرَةُ الذِّئابِ، ونحوها.

وِذاتُ السِّبَاع، ككِتَابٍ: موضع، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

وِوادِي السِّباع: مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الرَّقَّةِ على ثَلاثة أَمْيَالٍ من الزُّبَيْدِيَّة، يُقَالُ: إِنَّه مَرَّ بهِ وَائِلُ بنُ قَاسِطٍ على أَسْمَاءَ بِنْتِ دُرَيْمِ بنِ القَيْنِ بنِ أَهْوَدَ بنِ بَهْرَاءَ بنِ عَمْرِو بنِ الحَافِي بنِ قُضَاعَةَ، فَهَمَّ بها حِينَ رآها مُنْفَرِدَةً فِي الخِباءِ، فقَالَتْ له: والله لَئِنْ هَمَمْتَ بي لَدَعَوْتُ أَسْبُعِي، فقالَ: ما أَرَى فِي الوَادِي غَيْرَكِ، فصاحَتْ ببَنْيها: يا كَلْبُ، يا ذِئْبُ، يا فَهْدُ، يا دُبُّ. يا سِرْحَانُ، يا سِيدُ، يا ضَبُعُ، يا نَمِرُ، فجاؤُوا يَتَعَادَوْنَ بالسُّيُوفِ، فقال: ما أَرَى هذا إِلَّا وَادِي السِّبَاعِ، وقد ذَكَرَهُ سُحَيْمُ بنُ وَثِيلٍ الرِّياحِيُّ، فقال:

مَرَرْتُ على وَادِي السِّبَاعِ ولا أَرَى *** كَوَادِي السِّبَاعِ حينَ يُظْلِمُ وَادِيَا

وِالسَّبْعِيَّةُ، هكَذَا في النُّسَخِ، كأَنَّهُ نِسْبَة إِلى السَّبْعَة.

وفي العُبَاب: السُّبَيْعَةُ، مصغَّرًا: ماءَةٌ لِبَنِي نُمَيْرٍ.

وِالسَّبْعُونَ: عَدَدٌ، م، وهو العِقْدُ الَّذِي بين السِّتِّينَ والثّمانِين، وقد تكرّر ذِكْرُه فِي القُرآنِ والحَدِيثِ. والعرب تَضَعُها مَوْضِعَ التَّضْعِيفِ والتَّكْثِير، كقَوْلِه تَعالَى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} فهو لَيْسَ من بابِ حَصْرِ العَدَد، فإِنَّه لم يُرِد الله عَزَّ وجَلَّ أَنَّه إِنْ زادَ على السَّبْعِينَ غُفِرَ لهم، ولكِنَّ المَعْنَى إِن اسْتَكْثَرْتَ من الدُّعَاءِ والاسْتِغْفَارِ للمُنَافِقِينَ لم يَغْفِرِ الله لهم. وكذلِكَ الحَدِيث: «إِنَّه لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي حَتّى أَسْتَغْفِرَ الله في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرّةً».

وِمُحَمَّدُ بنُ سَبْعُونَ المُقْرِئُ المَكِّيُّ قَرَأَ عَلى أَسْمَاعِيلَ بنِ عَبْدِ الله بنِ قُسْطَنْطِينَ، المَعْرُوفِ بالقُسْطِ.

وِأَبُو مُحَمَّدٍ، كما في العُبَابِ، ابنِ يَحْيَى السُّلَمِيّ، وفي التَّبْصِيرِ: أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الله بنُ سَبْعُونَ القَيْرَوانِيُّ مُحَدِّث، عن أَبِي نَصْرٍ عُبَيْدِ الله بنِ سَعِيدٍ الوَائِلِيّ السِّجْزِيّ بمَكَّة، وأَبِي الحَسَنِ بنِ صَخْرٍ، وعنه أَبُو القاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وأَبو الحَسَنِ بنُ عَبْدِ السّلامِ، سَكَن بَغْدَادَ، وتُوُفِّيَ سنةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وتِسْعٍ وعِشْرِين، وقد اشْتَبَه عَلِي الحافِظِ حين كناه أَبا بَكْرٍ بوَلَدِه أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الله بنِ سَبْعُون القَيْرَوانِيّ، ثم البَغْدَادِيّ، وهذا قد سَمِعَ أَبا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ، وعنه ابنُه عبدُ الله وتُوُفِّيَ سنةَ خَمْسِمائَةٍ، وعَشْرٍ. كذا في تَارِيخِ الذَّهَبِيِّ، فتأَمَّلْ ذلِكَ.

وِسَبْعِينُ: قرية، بحَلَبَ ببَابِها كانَتْ إِقْطَاعًا للمُتَنَبِّئِ الشّاعِر، من سَيْفِ الدَّوْلَة مَمْدُوحِه، وإيّاهَا عَنَى بقَوْلِه:

أَسِيرُ إِلى إِقْطَاعِهِ فِي ثِيَابِه *** عَلَى طِرْفِهِ من دَارِه بحُسَامِهِ

وِالسَّبُعانُ، بضمِّ الباءِ: موضع، هكَذا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، قال: ولم يَأْتِ على فَعُلَانَ شَيْ‌ءٌ غيره. وفِي العُبَابِ أَنَّه ببِلادِ قَيْسٍ، وفي مُعْجَمِ البَكْرِيِّ أَنَّه جَبَلٌ قِبَلَ فَلْج، وقِيلَ: وَادٍ شَمَالِيَّ سَلَم، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لابنِ مُقْبِلٍ:

أَلَا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعَانِ *** أَمَلَّ عليها بالبِلَى المَلَوَانِ

وِالسَّبْعَةُ ـ وتُضَمُّ الباءُ ـ: اللَّبُؤَةُ، ومنه المَثَل «أَخَذَه أَخْذَ سَبُعَة» على ما ذَهَبَ إِلَيْه ابنُ السِّكِّيتِ، كما تَقَدَّم.

وِككِتَابٍ: سِبَاعُ بنُ ثابِتِ، رَوَى عنه عُبَيْدُ الله بنُ أَبِي يَزِيدَ أَنَّه أَدْرَكَ الجاهِلِيَّةَ.

وِسِبَاعُ بنُ زَيْدٍ أَو يَزِيد، العَبْسِيُّ، له وِفَادَةٌ رُوَاتُهَا مَجْهُولُون.

وِسِبَاعُ بنُ عُرْفُطَةَ الغِفَارِيُّ مَشْهُورٌ، اسْتَعْمَله النَّبِيُّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم على المَدِينَة.

وِكزُبَيْرٍ: سُبَيْعُ بنُ حَاطِبٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ، حَلِيفُهم، وفِي العُبَابِ، وهُوَ من بَنِي مُعَاوِيَةَ بنِ عَوْفٍ، اسْتُشْهِدَ يومَ أُحُدٍ.

وِسُبَيْعُ بنُ قَيْس بهن عَيْشَةَ الخَزْرَجِيُّ الحارِثِيُّ، بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ صَحَابِيَّونَ، رضِيَ الله عنهم.

وِكجُهَيْنَةَ: سُبَيْعَةُ بنتُ الحَارِثِ الأَسْلَمِيّة، تُوُفِّيَ عَنْهَا سَعْدُ بن خَوْلَةَ بمكَّة، فَوَلَدَتْ بعدَه بنِصْفِ شَهْرٍ، وقد تَقَدَّم حَدِيثُها.

وِسُبَيْعَةُ بِنْتُ حَبِيبٍ الضَّبْعِية رَوَى عَنْهَا ثَابِتٌ البُنَانِيّ: صَحابِيَّتانِ، رضِيَ الله عَنْهُمَا، وقال العُقَيْلِيُّ فِي الأَفْرَادِ: سُبَيْعَةُ الأَسْلَمِيَّةُ، وقالَ: هي غيرُ بِنْتِ الحارِثِ.

وِالسِّبْعُ، بالكَسْرِ: الوِرْدُ، وهو ظِمْ‌ءٌ من أَظْمَاءِ الإِبِلِ، وإِبِلٌ سَوَابِعُ، وهو أَنْ تَرِدَ في اليَوْمِ السابِعِ. وقال الأَزْهَرِيُّ: وفي أَظْمَاءِ الإِبِلِ السِّبْعُ، وذلِكَ إِذا أَقامَتْ في مَرَاعِيها خَمْسَةَ أَيّامٍ كَوَامِلَ. ووَرَدَتِ اليومَ السادِسَ، ولا يُحْسَبُ يومُ الصَّدَرِ.

وِالسُّبْعُ، بالضَّمِّ، وكأَمِيرٍ: جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةٍ، والجَمْعُ: أَسْبَاعٌ، وقالَ شَمِرٌ: لم أَسْمَعْ سَبِيعًا لغيرِ أَبي زَيْدٍ.

وِسَبَعَهُم، كَضَرَبَ ومَنَعَ: كانَ سابِعَهُمْ، الأَخِيرُ نَفَلَه الجَوْهَرِيُّ، وزادَ يُونُس بنُ حَبِيب في كتَاب اللُّغاتِ: من حدِّ ضَرَبَ ونَصَرَ، فهو مُثَلَّثٌ، مُسْتَدْرَكٌ على المُصَنِّفِ.

أَو سَبَعَهُم يَسْبعهم بالتَّثْلِيثِ: أَخَذَ سُبْعَ أَمْوَالِهِم.

وِسَبَعَ الذِّئْبَ: رَمَاهُ أَو ذَعَرهُ، قالَ الطِّرِمّاحُ يَصِفُ ذِئْبًا.

فَلَمَّا عَوَى لَفْتَ الشِّمَالِ سَبَعْتُهُ *** كَمَا أَنَا أَحْيَانًا لَهُنَّ سَبُوعُ

ويُقَال أَيْضًا: سَبَعَ فُلانًا، إِذا ذَعَرَه.

وِسَبَعَ فُلانًا: شَتَمهُ وعَابَه وانْتَقَصَه ووَقَعَ فِيه بالقَوْلِ القِبيحِ، ورَمَاهُ بمَا يَسُوءُ من القَذَعِ.

أَو سَبَعَهُ: عَضَّهُ بِأَسْنَانِه، كفِعْلِ السَّبُعِ.

وِسَبَعَ الشَّيْ‌ءَ: سَرَقَه، كاسَتَبَعَهُ، كِلاهما عن أَبِي عَمْرٍو.

وِسَبَعَ الذِّئْبُ الغَنَمَ؛ أَي فَرَسَهَا فَأَكَلَهَا. وسَبَع الحَبْلَ يَسْبَعُه سَبْعًا: جَعَلَهُ على سَبْعِ قُوًى؛ أَي طاقاتٍ.

وِالسُّبَاعِيُّ، بالضَّمِّ: الجَمَلُ العَظِيمُ الطَّوِيلُ، قَالَه النَّضْرُ، والرُّبَاعِيُّ مثلُه على طُولِه، وهي بهَاءٍ، يقال: نَاقَةٌ سُبَاعِيَّة ورَجُلٌ سُبَاعِيُّ البَدَنِ كذلِكَ؛ أَي تامُّه.

وِالأُسْبُوعُ، من الأَيَّامِ، قالَ اللَّيْثُ: ومن النّاسِ مَنْ يَقُول: السُّبُوعُ في الأَيّامِ والطَّوافِ بضَمِّهِما، الأَخِيرُ بلا أَلِف، م، هو مَأْخُوذٌ من عَدَدِ السَّبْعِ، والجَمْعُ: الأَسابِيعُ.

وِيُقَال: طَافَ: ـ البَيْتِ سَبْعًا، بفَتْحِ السِّين وضَمِّها وأُسْبُوعًا، وقالَ أَبُو سَعِيدٍ: قال ابنُ دُرَيْدٍ: سُبُوعًا ولا أَعْرِفُ أَحَدًا قالَهُ غيرُه، والمَعْرُوفُ أُسْبُوعًا، أَي: سَبْعَ مَرّاتٍ. وقال اللَّيْث: الأُسْبُوع من الطَّوافِ ونَحْوِه: سَبْعَةُ أَطْوَافٍ، والجَمْعُ أُسْبُوعاتٌ. ويُقَال: أَقَمْتُ عِنْدَه سُبْعَيْن؛ أَي جُمعَتَيْنِ.

وِكأَمِيرٍ: السَّبِيعُ بنُ سَبْع بنِ صَعْبِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ كُرْزِ بنِ مَالِكِ بن جُشَمَ بنِ حَاشِدِ بنِ جُشَمَ بنِ خَيْرَانَ بنِ نَوْفِ بن هَمْدَانَ، أَبُو بَطْنٍ من هَمْدَانَ، نَقَلَهُ ابنُ الكَلْبِيِّ، مِنْهُم: الإِمَامُ أَبُو إِسْحاقَ عُمَر، هكَذا في النُّسَخِ، وصَوَابُه: عَمْرُو بنُ عَبْد الله بن عليِّ بنِ هَانِئٍ التّابِعيُّ المُحَدِّثُ، رَوَى عن البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وعنه شُعْبَةُ. قلت: ومنهم أَيضًا: أَبو محمد الحَسَنُ بنُ أَحمدَ السَّبِيعِيُّ الحافِظُ، كان في حُدُود السَّبْعِين وثلاثِمِائةٍ، بحَلَبَ.

وِالسَّبِيعُ: مَحَلَّةٌ بالكُوفة مَنسوبةٌ إِليهم أَيضًا.

وَأَسْبَعَ الرَّجُلُ: وَرَدَت إِبِلُه سَبْعًا، وهم مُسْبِعُونَ، وكذلِكَ في سائر الأَظْماءِ، كما تقدَّم.

وِأَسْبَع القَوْمُ: صارُوا سَبْعَةً.

وِأَسْبَعَ الرُّعْيَانُ، إِذا وَقَعَ السَّبُعُ في مَوَاشِيهِم، عن يعقوبَ، قال الراجز:

قد أَسْبَع الرَّاعِي وضَوْضَا أَكْلُبُه

وِأَسْبَع ابْنَهُ: دَفَعَه إِلى الظُّؤُورَةِ ومنه قولُ العَجَّاج، كما في التَّهْذِيب:

إِنَّ تَمِيمًا لَمْ يُرَاضَعْ مُسْبَعَا *** وِلَمْ تَلِدْهُ أُمُّه مُقَنَّعَا

ونَبَسَهُ الجَوْهَرِيُّ إِلى رُؤْبَةَ، وقد تَقَدَّمَ في «رضع» ويَأْتِي تَفْسِيرُه قَرِيبًا.

وِأَسْبَعَ فُلانًا: أَطْعَمَه السَّبُعَ، كذا نَصُّ الصّحاحِ، وفِي المُفْرَدَاتِ لَحْمَ السَّبُعِ.

وِأَسْبَعَ عَبْدَه؛ أَي أَهْمَلَه، قال أَبُو ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيُّ، يَصِفُ حِمَارًا:

صَخْبُ الشَّوارِبِ لا يَزَالُ كَأَنَّهُ *** عَبْدٌ لآلِ أَبِي رَبِيعَةَ مُسْبَعُ

وِالمُسْبَعُ، كمُكْرَمٍ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: هكَذا رَوَاهُ الأَصْمَعِيُّ «مُسْبَعٌ» بفتح الباءِ، واخْتُلِفَ فيه فقِيلَ: هو المُتْرَفُ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وهو قَرِيبٌ من مَعْنَى المُهْمَلِ؛ لأَنَّهُ إِذَا أُهْمِلَ فقَدْ أُتْرِفَ عادَةً، أَو كَنَى بالمُسْبَع عن الدَّعِيّ الّذِي لا يُعْرَفُ أَبُوه، قاله الرّاغِبُ والصّاغَانِيُّ، أَو وَلَدُ الزِّنَا، وهو قَرِيبٌ من الدَّعِيِّ أَو مَنْ تَمُوتُ أُمُّه، فيُرْضِعُه غيرُها، قال النَّضْر: ويقال: رُبَّ غُلامٍ رَأَيْتُه يُرَاضَع، قال: والمُرَاضَعَة: أَنْ يَرْضَعَ أُمَّهُ وفي بَطْنِها وَلَدٌ، وقد تَقَدَّم، ويُرَاعَى فيه مَعْنَى الإِهْمَالِ، لأَنَّه إِذَا مَاتَتْ أُمُّه فقد أُهْمِلَ، أَو مَنْ في العُبُودِيَّةِ إِلى سَبْعَةِ آباءٍ، أَو فِي اللُّؤْم، وقال بَعْضُهُم: إِلى سَبْعِ أُمَّهاتٍ، أَو إِلى أَرْبَعَةٍ، هكَذَا قالَه النَّضْر، ولم يَأْخُذْه من اللَّفْظِ، وقال غَيْرُه: مَنْ نُسِبَ إِلى أَرْبَعِ أُمَّهَاتٍ كُلّهنّ أَمَةٌ، أَو مَنْ أُهْمِلَ مع السِّبَاعِ، فصارَ كسَبُع خُبْثًا، نَقَلَه أَبو عُبَيْدَةَ. وقال غَيْرُه: المُسْبَع: المُهْمَلُ الذي لم يُكَفَّ عن جَرَاءَتهِ، فبَقِيَ عليها. وعَبْدٌ مُسْبَعُ؛ أَي مُهْمَلٌ جَرِي‌ءٌ، تُرِكَ حَتّى صارَ كالسَّبُعِ، وبه فَسَّرَ الجَوْهَرِيُّ قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ. وقالَ السُّكَّرِيُّ فِي شَرْحِ الدِّيوانِ عَبْدٌ مُسْبَعٌ؛ أَي مُهْمَلٌ، وأَصْلُ المُسْبَع: المُسْلَمُ إِلى الظُّؤُورَةِ، قالَ رُؤْبَةُ:

إِنّ تَمِيمًا لم يُرَاضَعْ مُسْبَعَا

قلتُ: وهذَا الَّذِي أَنْكَرَه أَبو سَعِيدٍ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ قد جَاءَ في حَدِيثِ سَلَمَةَ بنِ جُنَادَةَ: «إِذا كانَ يَوْمُ سُبُوعِه» يريدُ يومَ أُسْبُوعهِ من العُرْسِ؛ أَي بعدَ سَبْعَةِ أَيّامٍ.

أَي لم يُقْطَعْ عن أُمِّه؛ فيُدْفَعْ إِلى الظُّؤُورَة، فيكون مُهْمَلًا، والصَّبِيُّ في أَسابِيعِه سَبْعَةُ أَسابِيعَ، وهي أَرْبَعُون يومًا لا يُسْقَى، فالمُسْبَعُ مِنْ هذا، وسُمِّي تَمِيمًا لأَنَّهُ تَمَّ في بَطْنِ أُمِّه، وُلِدَ لِسَنَتَيْن، فحين وُلِدَ لم يَشْرَبِ اللَّبَنَ، أَكَلَ وقد نَبَتَتْ أَسْنَانُه. أَو المَوْلُود لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَم يُنْضِجْه الرَّحِمُ ولم يُتِمَّ شُهُورَه، نقَلَه الأَزْهَرِيُّ وابنُ فارِسٍ، وبه فَسَّرَ الأَزْهَرِيُّ قولَ رُؤْبَةَ.

وقال الجَوْهَرِيُّ: قال أَبو سَعِيدٍ الضَّرِير: مُسْبِعٌ؛ بكسر الباءِ، قال: فَشَبَّه الحِمَارَ وهو يَنْهَق بعَبْدٍ قد صَادَفَ في غَنَمِه سَبُعًا، فهُوَ يُهَجْهِجُ بهِ؛ لِيَزْجُرَه عَنْهَا. قالَ: وأَبُو رَبِيعَةَ في بَنِي سعدِ بنِ بَكْرٍ، وفي غيرهم، ولكنّ جِيرَانَ أَبِي ذُؤَيْبٍ بَنُو سَعْدِ بنِ بَكْرٍ، وهم أَصْحَابُ غَنَم. قلتُ: وفي شَرْحِ الدِّيوَانِ: أَبُو رَبِيعَةَ هذَا ابنُ ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَ، ويُقَالُ: أَبُو رَبِيعَةَ من بَنِي شِجْعِ بنِ عامِرِ بنِ لَيْثِ بنِ بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ.

قلتُ: وفيهِ وَجْهٌ آخَرَ، تَقَدَّم في «ر ب ع» فرَاجِعْه.

وِسَبَّعَهُ تَسْبِيعًا: جَعَلَه سَبْعَةً، وكذا سَبَّعَه: إِذا جَعَلَه ذا سَبْعَةِ أَرْكانٍ.

وِسَبَّعَ الإِنَاءَ: غَسَلَه سَبْعَ مَرّاتٍ، ومنه قولُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

فإِنَّكَ مِنْهَا والتَّعَذُّرَ بَعْدَ ما *** لَجَجْتَ وشَطَّتْ من فُطَيْمَةَ دَارُهَا

لَنَعْتُ الَّتِي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَهَا *** وِقالَتْ: حَرَامٌ أَنْ يُرَجَّلَ جَارُهَا

وقال أَعْرَابِيٌّ لرَجُلٍ أَحْسَنَ إِليه: سَبَّعَ الله لَكَ؛ أَي أَعْطَاكَ أَجْرَكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أَو ضَعَّفَ لكَ ما صَنَعْتَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ.

وفي نَوَادِرِ الأَعْرَابِ: سَبَّعَ الله لِفُلانٍ تَسْبِيعًا، وَتَبَّعَ له تَتْبِيعًا؛ أَي تابَعَ له الشَّيْ‌ءَ بعدَ الشَّيْ‌ءِ، وهو دَعْوةٌ تَكُونُ فِي الخَيْرِ والشَّرِّ، قالَ أَبو سَعِيدٍ: وحُكِيَ عن العَرَبِ ـ وسَمِعْتُ من دعَامَةَ بنِ ثامِلٍ ـ: سَبَّعَ الله لكَ أَجْرَها؛ أَي ضاعَفَ الله لكَ أَجْرَ هذِه الحَسَنَةِ. وقال السُّكَّرِيّ في شرحِ قَوْلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ: «تُسَبِّعُ سُؤْرَهَا»؛ أَي تَتَصَدَّقُ به، تَلْتَمِس تَسْبِيعَ الأَجْرِ، والعَرَبُ تَضَعُ التَّسْبِيعَ موضِعَ التَّضْعِيفِ وإِن جاوَز السَّبع، والأَصلُ في ذلِكَ قولُه عَزّ وجلّ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} ثُمَّ قالَ النَّبِيُّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم: «الحَسَنَةُ بعَشْرٍ إِلى سَبْعِمائَةٍ» والمَعْنَى تَلْتَمِسُ تَسْبِيعَ الثَّوَابِ بسُؤْرِهَا، فأَلْقَى الباءَ ونَصَب.

وِسَبَّع القُرْآنَ: وَظَّفَ عليهِ قِراءَتَه في كُلِّ سَبْعة لَيالٍ، كما في اللِّسَانِ والعُبَابِ. وسَبَّعَ لِامْرَأَتِه: أَقامَ عِنْدَهَا سَبْعَ لَيالِ، ومنه قَوْلُ النَّبِيِّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم لأُمِّ سَلَمَةَ ـ حين تَزَوَّجَها وكانت ثَيِّبًا ـ «إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لنِسَائِي» وفِي رِوايَة: «إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ، ثُمَّ سَبَّعْتُ عِنْدَ سائِرِ نِسَائِي، وإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ ودُرْتُ، فقَالَتْ: ثَلِّثْ ودُرْ» اشْتَقُّوا فَعَّلَ من الوَاحد إِلى العَشَرة، فمَعْنَى سَبَّعَ: أَقامَ عندها سَبْعًا، وثَلَّثَ: أَقام عِندها ثَلاثًا، وكذلِكَ مِن الوَاحدِ إِلى العَشَرة في كُلِّ قَوْلٍ وفِعْل.

وِسبَّعَ دَرَاهِمَهُ؛ أَي كَمَّلَها سَبْعِينَ. وهذه مُوَلَّدَة، وكذلِكَ سَبْعَنَ دَراهِمَه: إِذا كَمَّلهَا سَبْعِين، مولّدة أَيضًا، لا يجوز أَن يُقَالَ ذلِكَ، ولِكن إِذا أَرَدْتَ أَنَّك صَيَّرْتَه سَبْعِينَ قلتَ: كَمَّلْتُه سَبْعِينَ.

وِسَبَّعَت القَوْمُ: تَمَّتْ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ، ومنه‌الحَدِيثُ: «سَبَّعَت سُلَيْم يَوْمَ الفَتْح» أَي كَمُلَت سَبْعَمِائَةِ رَجُل، وهُوَ نَظِيرُ ثَيَّبَتِ المَرْأَةُ، ونَيَّبَتِ النّاقَةُ.

وِالسِّبَاعُ: ككِتَابٍ: الجِمَاعُ نَفسُه، ومنه‌الحَدِيثُ: «أَنّه صَبَّ على رَأْسِهِ الماءَ من سِبَاعٍ كانَ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ» هذِه عن ثَعْلَبٍ عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ. وقِيلَ: هو الفَخَارُ بكَثْرتِه، وإِظهارُ الرَّفَث، وبهِ فُسِّرَ الحَدِيثُ: «نُهِيَ عن السِّبَاعِ» قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: كأَنَّه نُهِيَ عن المُفَاخَرَةِ بالرَّفَث وكَثْرَةِ الجِمَاعِ، والإِعْرَابِ بما يُكْنَى عنه من أَمْرِ النَّسَاءِ.

وِقِيل: السِّبَاعُ المَنْهَيُّ عنه: التَّشَاتُمُ بأَنْ يَتَسابَّ الرَّجُلَانِ، فَيَرْمِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَه بما يَسُوءُهُ من القَذْعِ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

السَّبْعُ المَثَانِي: الفَاتِحَةُ؛ لأَنَّهَا سَبْعُ آياتٍ، وقيلَ: السُّوَرُ الطِّوَالُ من البَقَرَةِ إِلى الأَعْرَاف، كما في المُفْرَداتِ، وفي اللِّسَان إِلى التَّوْبَةِ، على أَنْ تُحْسَبَ التَّوْبَةُ والأَنْفَالُ بسُورَةٍ وَاحِدَةٍ، ولهذا لم يُفْصَلْ بينَهُمَا بالبَسْمَلَةِ في المُصْحَف.

وهذا سِبيعُ هذَا، أَي، سابِعُه.

وهو سابعُ سَبْعَةٍ، وسَابعُ سِتَّةٍ.

وِأَسبَعَ الشَّيْ‌ءَ: صَيَّرَهُ سَبْعَةً.

وِسَبَّعَتِ المَرْأَةُ: وَلَدَتْ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ.

وِسُبِعَ المَوْلُودُ: حُلِقَ رَأْسُه، وذُبِحَ عنه لسَبْعَةِ أَيّامٍ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ.

وَسَبَّعَ الله لَكَ: رَزَقَكَ سَبْعَةَ أَوْلَادٍ، وهو عَلَى الدُّعاءِ.

وثَوْبٌ سُبَاعِيٌّ، إِذا كانَ طُولُه سَبْعَ أَذْرُعٍ، أَو سَبْعَةَ أَشْبَارٍ، لأَنَّ الشِّبْرَ مُذَكَّر، والذِّراعَ مُؤَنَّثَةٌ.

وبَعِيرٌ مُسَبَّعٌ، كمُعَظَّم، إِذا زادَتْ في مُلَيْحائِه سَبْعُ مَحَالاتِ.

وِالمُسَبَّعُ من العُرُوضِ: ما بُنِيَ على سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ.

وجمع السَّبْعِ: سُبُوعٌ وسُبُوعَةٌ، كصُقُورٍ، وصُقُورَةٍ.

وِسُبِعَت الوَحْشِيَّةُ، فهي مَسْبُوعَةٌ: أَكَلَ السَّبُعُ وَلدَهَا.

وِالسِّبَاعُ، ككِتَابٍ: موضعٌ، أَنْشَدَ الأَخْفَشُ:

أَطْلَال دَارٍ بالسِّبَاعِ فحَمَّةٍ *** سأَلْتُ فلَمَّا اسْتَعْجَمَت ثمَّ صَمَّتِ

وِالسُّبَيْعَانِ: جَبَلانِ، قال الرّاعِي:

كَأَنِّي بصَحَراءِ السُّبَيْعَينِ لَمْ أَكُنْ *** بأَمْثَالِ هِنْدٍ قَبْلَ هِنْدٍ مُفَجَّعَا

وِأَسْبَعَت الطَّرِيقُ: كثُرَ فِيها السِّباعُ.

وِالمُتَسَبَّعُ: مَوْضِعُ السَّبُعِ.

وأَبُو السِّبَاع: كُنْيَةُ إِسْمَاعِيلَ عليه‌السلام؛ لأَنَّهُ أَوّلُ من ذُلِّلَتْ له الوُحُوشُ: ويُقَال: ما هو إِلَّا سَبُعٌ من السِّبَاعِ، للضَّرّارِ. وهو مَجَاز.

وِأَسْبَعَ لامْرَأَتهِ: لغَةٌ في سَبَّعَ.

وأُمُّ الأَسْبُعِ بِنْتُ الحَافِي بنِ قُضَاعَةَ، بضَمّ الباءِ، هي أُمّ أَكْلُبٍ وكِلَابٍ ومَكْلَبَة؛ بنِي رَبِيعَةَ بنِ نِزَارٍ.

وِسُبَيْعَةُ بنُ غَزَالٍ: رَجُلٌ من العرَب له حَدِيثٌ.

ووَزْنُ سَبْعَةَ: لَقَبٌ.

وأَبو الرَّبِيع سُلَيْمَانُ بنُ سَبْعٍ السَّبْتِيّ، وقد تُضَمّ الباءُ: صاحِبُ شِفّاءِ الصُّدُورِ.

وِالسَّبْعِيَّة: طائفَةٌ من غُلاة الشِّيعَةِ.

وكُزَبَيْرٍ: سُبَيْعُ بنُ الحارِثِ بن أُهْبَانَ السُّلَمِيُّ، من ولَدِه أَحْمَرُ الرَّأْسِ بن قَرَّةَ بنِ دُعْمُوصِ بنِ سُبَيْع السُّبَيْعِيُّ: شاعِرٌ، رَوَتْ عنه ابنَتُه أُمُّ سُرَيْرَةَ كثيرًا من شِعْرِه، أَنْشَدَه عنها الهَجَرِيُّ في نَوَادِرِه.

وكجُهَيْنَةَ. سُبَيْعَةُ بنُ رَبِيع بنِ سُبَيْعٍ القُضَاعِيّ، مِنْ وَلَده: أَوْسُ بنُ مالِكِ بنِ زينةَ بنِ مالكِ بن سُبَيْعَةَ، كانَ شَرِيفًا، ذَكرَه الرُّشاطِيُّ.

وبِرْكَةُ السَّبْع: قريةٌ بمِصْر.

وسُوَيْقَةُ السَّبَّاعِينَ: خُطَّةٌ بها.

وأَبو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ بنُ إِبراهِيمَ بنِ نَصْرٍ، الشَّهيرُ بابْن سَبْعِين المَكِّيُّ المُرْسِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ المُلَقَّبُ بقُطْبِ الدِّينِ، ولِدَ سنةَ خَمْسِمِائَةٍ وأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وتُوفِّي بمكَّةَ سنةَ سِتِّمِائةٍ وتِسْعٍ وعِشْرِينَ.

ودَرْبُ السَّبِيعيّ بحَلَب، وإِليه نُسِبَ أَبو عَبْدِ الله الحُسَيْنُ بنُ صالِح بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عُمَرَ بنِ حَمّادِ بنِ حَمْزَةَ الحَلَبِيُّ السَّبِيعيّ، مُحَدِّث ابنُ مُحَدِّث ابنِ مُحَدِّثٍ، وابنُ عَمِّ أَبِيه الحَسَنُ بنُ أَحمدَ بنِ صالِح: حَافِظٌ ثِقَةٌ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


29-تاج العروس (كسع)

[كسع]: كسَعَه، كمَنَعَه كَسْعًا: ضَرَبَ دُبُرَه بيَدِه، أَوْ بِصَدْرِ قَدَمِه، يُقال: اتَّبَعَ فُلانٌ أَدْبَارَهُم يَكْسَعُهُم بالسَّيفِ، مثلُ يَكْسَؤُهُم؛ أَي يَطْرُدُهُم، كَما في الصِّحاحِ، وقد سبقَ في الهَمْزَةِ، ومَرَّ عن الجَوْهَرِيِّ هُناكَ أَيْضًا. قولُهُم ـ للرَّجُلِ إِذا هَزَمَ القَوْمَ، فَمَرَّ وهُو يَطْرُدُهُم ـ: مَرَّ فُلانٌ يَكْسَعُهُم وَيَكْسَؤُهُم.

وِكَسَعَت النّاقَةُ والظَّبْيَةُ كَسْعًا: أَدْخَلَتا أَذْنابَهُمَا بَيْنَ أَرْجُلِهِما، فهِيَ كاسِعٌ بغَيْرٍ هَاءٍ، كما في العُبَابِ، وفي الأَساسِ: كَسَعَت الخَيْلُ بأَذْنابِها، واكْتَسَعَتْ: أَدْخَلَتْهَا بَيْنَ أَرْجُلِهَا، وهُنَّ كَوَاسِعُ.

وِقالَ اللَّيْثُ: كَسَعَ النّاقَةَ بغُبْرِها: تَرَكَ بَقِيَّةً مِنْ لَبَنِها في خِلْفِهَا، يُرِيدُ بذلِكَ تَغْزِيرَها وهُوَ أَشَدُّ لَهَا، ونَصُّ الجَوْهَرِيِّ: إِذا ضَرَب خِلْفَهَا بِالماءِ البارِدِ لِيَتَرادَّ اللَّبَنُ في ظَهْرِهَا، وذلِكَ إِذا خافَ عَلَيْهَا الجَدْبَ في العَام القَابِلِ، قالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ:

لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِهَا *** إِنّك لا تَدْرِي مَن النّاتِجُ

يَقُولُ: لا تُغَرِّزْ إِبِلَكَ تَطْلُبُ بذلِكَ قُوَّةَ نَسْلِهَا، واحْلُبْهَا لِأَضْيافِكَ، فلَعَلَّ عَدُوًّا يُغِيرُ عَلَيْهَا، فيَكُونُ نِتَاجُها لَهُ دُونَكَ، وقالَ الخَلِيلُ: هذا مَثَلٌ، وتَفْسِيرُه: إِذا نالَتْ يَدُكَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا بَيْنَكَ وبَيْنَهُم إِحْنَةٌ، فلا تُبْقِ عَلَى شَيْ‌ءٍ، إِنَّك لا تَدْرِي ما يَكُونُ في الغَدِ.

وِالكُسْعَةُ، بالضّمِّ: النُّكْتَةُ البَيْضَاءُ، الّتِي تَكُونُ فِي جَبْهَةِ كُلِّ شَيْ‌ءٍ، الدّابَّةِ وغَيْرِهَا، وقِيلَ: في جَنْبِهَا.

وِأَيْضًا: الرِّيشُ الأَبْيَضُ المُجْتَمِعُ تَحْتَ ذَنَبِ العُقبِ، ونَحْوِها من الطَّيْرِ، كما في العُبَابِ والتَّهْذِيبِ، وفي المُحْكَمِ تَحْتَ ذَنَبِ الطائِرِ ج: كُسَعٌ، كصُرَدٍ، والصِّفَةُ أَكْسَعُ.

وِذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ ـ في تَفْسِيرِ الحَدِيثِ: «لَيْسَ في الجَبْهَةِ، ولا في النَّخَّةِ، ولا فِي الكُسْعَةِ صَدَقَةٌ» ـ أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ قالَ: الكُسْعَةُ: الحَمِيرُ، وعَلَيهِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ، قِيلَ: لأَنَّهَا تُكْسَعُ في أَدْبارِهَا، وَعَلَيْها أَحْمَالُها وقالَ أَبُو سَعِيدٍ: الكُسْعَةُ تَقَعُ أَيْضًا عَلَى الإِبِلِ العَوامِلِ، والبَقَر العَوَامِل، والرَّقِيق؛ لأَنَّها تُكْسَعُ بالعَصَا إِذا سِيقَتْ، قالَ: والحَمِيرُ لَيْسَتْ بأَوْلَى بالكُسْعَةِ من غَيْرِهَا، وقالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الحَمِيرُ والعَبِيدُ، وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الكُسْعَةُ: الرَّقِيقُ، سُمِّيَ كُسْعَةً لأَنَّكَ تَكْسَعُه إِلى حاجَتِكِ.

وِالكُسْعَةُ: اسمُ صَنَمٍ كانَ يُعْبَدُ.

وِقالَ أَبُو عَمْرٍو: الكُسْعَةُ: المَنِيحَةُ.

وِالكُسَعُ كَصُرَدٍ: كِسَرُ الخُبْزِ وحُكِيَ عن ابنِ الأعرابي كما في اللسان وفي العُبابِ، حُكِيَ عَنْ أَعْرَابِيٍّ ـ أَنَّه قالَ: «ضِفْتُ قَوْمًا، فأَتَوْنِي بكُسَعٍ جَبِيزَاتٍ مُعَشِّشاتٍ» أَي: اليابِسَاتِ المُكَرِّجَاتِ.

وِكُسَعُ: حَيٌّ باليَمَنِ رُماةٌ، نَقَلَه اللّيْثُ، قال: أَو حَيٌّ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلانَ، ومِنْه غامِدُ بنُ الحارِثِ الكُسَعِيُّ، وقال حَمْزَةُ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ كُسَعَةَ، واسْمُه مُحَارِبُ بنُ قَيْسٍ، وقالَ غَيْرُه: هُوَ مِنْ بَنِي كُسَع، ثُمَّ مِنْ بَنِي مُحَارِبٍ، وهُو الَّذِي اتَّخَذَ قَوْسًا يُقال: إِنَّه كانَ يَرْعَى إِبِلًا لَهُ بوادٍ مُعْشِبٍ، وقد بَصُرَ بنَبْعَةٍ في صَخْرَةٍ فأَعْجَبَتْهُ، وفي اللِّسَانِ: في وادٍ فيهِ حَمْضٌ وشَوْحَطٌ، نابِتًا في صَخَرَة فأَعْجَبَتْهُ، فقال: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هذِه قَوْسًا، فجَعَلَ يَتَعَهَّدُهَا، حَتَّى إِذا أَدْرَكَتْ قَطَعَهَا وجَفَّفَهَا، فلَمَّا جَفَّتْ اتَّخَذَ مِنْهَا قَوْسًا، وأَنْشَأَ يَقُولُ:

يا رَبِّ سَدِّدْني لنَحْتِ قَوْسِي *** فإِنَّهَا مِنْ لَذَّتِي لِنَفْسِي

وِانْفَعْ بقَوْسِي وَلَدِي وعِرْسِي *** انْحَتُهَا صَفْرَا كَلَوْنِ الوَرْسِ

كَبْدَاءَ لَيْسَتْ كالقِسِيِّ النُّكْسِ

ثُمَّ دَهَنَهَا، وخَطَمَهَا بوَتَرٍ، ثُمّ عَمَدَ إِلى ما كانَ مِنْ بُرايَتِها وجَعَلَ مِنْهُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، وجَعَلَ يُقَلِّبُها في كَفِّهِ، ويَقُولُ:

هُنَّ ورَبِّي أَسْهُمٌ حِسانُ *** يَلَذُّ للرَّامِي بِها البَنَانُ

كأَنَّمَا قَوَّمَها مِيزانُ *** فأَبْشِرُوا بالخِصْبِ يا صِبْيانُ

إِنْ لَمْ يَعُقْنِي الشُّؤْمُ والحِرْمَانُ

ثُمَّ خَرَجَ لَيْلًا، وكَمَنَ فِي قُتْرَةٍ عَلَى مَوَارِدِ حُمُرِ الوَحْشِ، فمَرَّ قَطِيعٌ من الوَحْشِ، فَرَمَى عَيْرًا مِنْهَا، فأَمْخَطَه السَّهْمُ، أَيْ أَنْفَذَه، وصَدَمَ الجَبَلَ، فأَوْرَى السَّهْمُ فِي الصَّوّانَةِ نارًا، فظَنَّ أَنَّه قَدْ أَخْطَأَ فقالَ

أَعُوذُ بالمُهَيْمِنِ الرَّحْمنِ *** مِنْ نَكدِ الجَدِّ مَعَ الحِرْمَانِ

ما لِي رَأَيْتُ السَّهْمَ في الصَّوّانِ *** يُورِي شَرارَ النّارِ كالعِقْيانِ

أَخْلَفَ ظَنِّي ورَجَا الصِّبْيَانِ

ثم وَرَدَت الحُمْرُ فرمَى ثانِيًا فكانَ كالَّذِي مَضَى مِنْ رَمْيِه، فقالَ:

أَعُوذُ بالرَّحْمنِ مِنْ شَرِّ القَدَرْ

لا بارَكَ الرَّحْمنُ في أُمِّ القُتَرْ *** أَأُمْغِطُ السَّهْمَ لإِرْهَاقِ الضَّرَرْ

أَمْ ذاكَ مِنْ سُوءِ احْتِيَالٍ ونَظَرْ *** أَمْ لَيْسَ يُغْنِي حَذَرٌ عِنْدَ قَدَرْ

ثُمَّ وَرَدَت الحُمُرُ، ورَمَى ثالِثًا، فكانَ كما مَضَى مِنْ رَمْيَهِ، فقال:

إِنِّي لشُؤُمِي وشَقَائِي ونَكَدْ *** قَدْ شَفَّ مِنِّي ما أَرَى حَرُّ الكَبِدْ

أَخْلَفَ ما أَرْجُو لِاهْلٍ ووَلَدْ

إِلى آخِرِهَا، وهو يَظُنُّ خَطَأَهُ قال:

أَبَعْدَ خَمْس قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا *** أَحْمِلُ قَوْسِي وأُرِيدُ رَدَّهَا

أَخْزَى إِلهِي لِينَها وشَدَّها *** وِالله لا تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَها

وِلا أُرَجِّي ما حَيِيتُ رِفْدَهَا

وخَرَجَ مِنْ قُتْرَتهِ فعَمَدَ إِلَى قَوْسِه فكَسَرَها عَلَى صَخْرَةٍ، ثم باتَ إِلى جانِبِها، فلَمّا أَصْبَحَ نَظَر، فإِذَا الحُمُرُ مُطَرَّحَةٌ حَوْلَه مُصَرَّعَةٌ، وإِذا أَسْهُمُه بالدَّمِ مُضَرَّجَةٌ، فنَدِمَ على كَسْرِ القَوْسِ فقَطَعَ إِبْهَامَه، وأَنْشَدَ:

نَدِمْتُ نَدَامَةً لَوْ أَنَّ نَفْسِي *** تُطَاوِعُنِي إِذًا لقَطَعْتُ خَمْسِي

ويُرْوَى: «لبَتَرْتُ خَمْسِي».

تَبَيَّنَ لِي سَفاهُ الرَّأْيِ مِنِّي *** لَعَمْرُ أَبِيكَ حِينَ كَسَرْتُ قَوْسِي

ويُرْوَى: «لعَمْرُ اللهِ»، ثمّ صارَ مَثَلًا لِكُلِّ نادِمٍ على فِعْلٍ يَفْعَلُه، وإِيّاهُ عَنَى الفَرَزْدَقُ بقَوْلهِ:

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا *** غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوارُ

وقالَ آخرُ:

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا *** رَأَتْ عَيْنَاهُ ما فَعَلَتْ يَداهُ

وقالَ الحُطَيْئَةُ:

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا *** شَرَيْتُ رِضَى بَنِي سَهْمٍ برَغْمِ

وِالكَسَعُ، مُحَرَّكَةً: مِنْ شِيَاتِ الخَيْلِ، مِنْ وَضَح القَوَائِمِ: أَنْ يَكُونَ البَيَاضُ في طَرَفِ الثُّنَّةِ مِنْ رِجْلِها عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، وما أَحْسَنَ نَصَّ الجَوْهَرِيِّ: بَياضٌ في أَطْرافِ الثُّنَّةِ، يُقَال: فَرَسٌ أَكْسَعُ بَيِّنُ الكَسَعِ، ففيهِ اخْتِصَارٌ مُفِيدٌ.

وِحَمَامٌ أَكْسَعُ: تَحْتَ ذَنَبِه رِيشٌ بِيضٌ، زادَ في التَّكْمِلَةِ: أَو حُمْرٌ، ولَمْ يَذْكُرْه الأَصْفَهَانِيُّ في «غَرِيبِ الحَمَامِ».

وِمِنَ المجازِ: رَجُلٌ مُكَسَّعٌ، كمُعَظَّمٍ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: وهُوَ من نَعْتِ العَزَبِ إِذا لم يَتَزَوَّجْ، وتَفْسِيرُهِ: رُدَّتْ بَقِيَّتُه في ظَهْرِه، وأَنْشَدَ للرّاجِزِ:

وِالله لا يُخْرِجُها مِنْ قَعْرِهِ *** إِلّا فَتًى مُكَسَّعٌ بغُبْرِهِ

وهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَسْعِ النّاقَةِ، وهُوَ عِلاجُ الضَّرْعِ بالمَسْحِ وغَيْرِه، حَتَّى يَرْتَفِعَ اللَّبَنُ، وقد تَقَدَّمَ.

وِقالَ أَبُو سَعِيدٍ: اكْتَسَعَ الفَحْلُ: إِذا خَطرَ فضَرَبَ فخِذَيْهِ بذَنَبِه فإِنْ شالَ بهِ، ثم طَوَاهُ، فقَدْ عَقْرَبَه.

وِفي الصِّحاحِ: اكْتَسَعَ الكَلْبُ بذَنَبِه: إِذا اسْتَثْفَرَ بهِ.

وِكَذَا اكْتَسَعَتِ الخَيْلُ بأَذْنابِهَا: إِذا أَدْخَلَتْها بينَ أَرْجُلِهَا، نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ.

وِقالَ أَبُو عُمْرٍو: المُكْتَسِعَةُ: الشّاةُ تُصِيبُها دابَّةٌ يُقَالُ لَها: البَرْصَةُ وهِيَ الوَحَرَةُ، وقد ذُكِرَتْ في الرّاءِ والصّادِ، فيَيْبَسُ أَحَدُ شَطْرَيْ ضَرْعِ الغَنَمِ قالَ: وإِنْ بَضَتْ عَلَى بَوْلِ امْرَأَةٍ أَصابَها ذلِكَ أَيْضًا.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

كَسَعَ فُلانٌ فُلانًا، وكَسَحَه وثَفَنَه، ولَطَّه، ولاطَه، وتَلَّأطَهُ: إِذا طَرَدَهُ، كَذا في نَوَادِرِ الأَعْرَابِ، وكَسَعَه: إِذا تَبِعَه بالطَّرْدِ.

قُلْتُ: ومنه اسْتِعْمَالُ العامَّةِ الكَسْعَ في السُّفُنِ، يَقُولُون: كَسَعَها في البَحْرِ.

واكْتَسَعَتْ عُرْقُوبُ الفَرَسِ: سَقَطَتْ مِنْ نَاحِيَةِ مُؤَخَّرِهَا.

ووَرَدَتِ الخُيُولُ يَكْسَعُ بَعْضُها بَعْضًا، أَيْ: يَتْبَعُ.

وِكَسَعَهُ بما ساءَه: تَكَلَّمَ فَرَمَاهُ عَلَى إِثْرِ قَوْلِهِ بكَلِمَةٍ يَسُوءُهُ بِهَا.

وقِيلَ: كَسَعَهُ: إِذا هَمَزَهُ مِنْ وَرَائِه بكَلامٍ قَبِيحٍ، وهُوَ مَجَازٌ.

وقولُهُم: مَرَّ فُلانٌ يَكْسَعُ، قالَ الأَصْمَعِيُّ: الكَسْعُ: شِدَّةُ المَرِّ، يُقَالُ: كَسَعَهُ بكَذَا وكَذَا: إِذا جَعَلَه تابِعًا لَهُ ومُذْهَبًا به، وأَنْشَدَ لِأَبِي شِبْلٍ الأَعْرَابِيِّ:

كُسِعَ الشِّتَاءُ بسَبْعَةٍ غُبْرِ *** أَيّامِ شَهْلَتِنا من الشَّهْرِ

وِكَسَعَ الغُلامُ الدَّوّامَةَ بالمِكْسَعِ.

وِالكُسْعُومُ، بالضَّمّ: الحِمَارُ بالحِمْيَرِيَّةِ، والمِيمُ زائِدَةٌ، نقله الجَوْهَرِيُّ هُنا، وسَيَأْتِي للمُصَنِّفِ في «المِيم» وتَقَدَّمَتْ الإِشَارَةُ إِليه أَيْضًا في «ك موضع س».

وَتَكَسَّعَ فِي ضَلالِه: ذَهَبَ، كتَسَكَّعَ، عن ثَعْلَبٍ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


30-تاج العروس (جسق)

[جسق]: الجَوْسَقُ: القَصْرُ نقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقال اللَّيْثُ: هو مُعَرَّبٌ، وأَنشدَ:

إِنِّي أَدِينُ بما دانَ الشُّراةُ بِه *** يَوْمَ الخُرَيْبَةِ عندَ الجَوْسَقِ الخَرِبِ

قلتُ: وأَصْلُها بالفارِسِيَّة: كوشك.

وقال ابنُ بَرّيّ: الجَوْسَقُ: الحِصْنُ، وشاهِدُه قول النُّعْمان بن عَدِيٍّ:

لعَلَّ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ يَسُوؤُه *** تَنادُمُنا بالجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

والجَوْسَقُ: لَقَبُ محمَّدِ بن مُسْلمٍ المُحَدِّثِ نقَله الصّاغانيُّ.

وجَوْسَقُ: قرية، بدُجَيْلٍ، وبِقُرْبها جَبَلٌ.

وجَوْسَقُ: قرية، أُخْرَى ببَغْدادَ.

وجَوْسَقٌ: قرية، بالنَّهْرَوانِ من أَعْمالِ بَغْدادَ منها: أَبُو طاهِرٍ الخَلِيلُ بنُ عَلِيّ بنِ إِبراهِيمَ الضَّرِيرُ المُقْرِئُ سَكَنَ بَغْدادَ، وروى عن ابن البَطِرِ والنِّعالِيِّ، وعنه السَّمْعانِيُّ، وُلد سنة 482.

وجَوْسَقُ: قرية، بنَهْرِ المَلِكِ.

وجَوْسَقُ: قرية، تُجاهَ بُلْبَيْسَ شرقِيَّ مِصْرَ.

وجَوْسَقُ: قَلْعَةٌ هناك.

وجَوْسَقُ: قَرْيتانِ بالرَّيِّ.

وجَوْسَقُ: دارٌ بُنِيَتْ للمُقْتَدِرِ باللهِ الخَلِيفَةِ في دارِ الخِلافَةِ يُقال: إِنَّ في وَسَطِها بِرْكَة مِنَ الرَّصاصِ ثَلاثُون ذِراعًا في عِشْرِينَ ذِراعًا.

وجُواسَقان، بالضَّمِّ وفَتْحِ السِّينِ وفي العُبابِ: جَوْسَقان: قرية، بِأسْفِرايِنَ متَّصِلَةٌ بها، ومثلُه في التَّكْمِلَة.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


31-تاج العروس (صم صمم صمصم)

[صمم]: الصَّمَمُ، محرَّكةً: انْسِدادُ الأُذُنِ وثِقَلُ السَّمْعِ، وقد صَمَّ يَصَمّ بفتحهما؛ أَي مِن حَدِّ عَلِمَ، وِصَمِمَ، بالكسْرِ، بإظْهارِ التَّضْعيفِ وهو نادِرٌ، صَمًّا وِصَمَمًا وِأَصَمَّ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للكُمَيْت:

أَشَيْخًا كالوَليدِ برَسْمِ دارٍ *** تُسائِلُ ما أَصَمَّ عن السُّؤالِ

يقولُ: تُسائِلُ شَيئًا قد أَصَمَّ عن السُّؤَالِ.

وِأَصَمَّهُ اللهُ تعالَى فهو أَصَمٌّ، الجمع: صُمٌّ وِصُمَّانُ، بضمَّهِما، قالَ الجُلَيْحُ:

يَدْعُو بها القوْمُ دُعاءَ الصُّمَّانْ

وشاهِدُ الصُّمِّ قوْلُه تعالَى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}، جَعَلَهُم كَذلِكَ بمنْزِلةِ مَنْ لا يَسْمَع ولا يَبْصِرُ ولا يَعِي لعَدَمِ وَعْيِهم، واعْتِبارهم بمَا عايَنُوه مِن قُدْرةِ اللهِ، عزّ وجلّ، كما قالَ الشاعِرُ:

أَصَمُّ عَمّا ساءَه سَمِيعُ

يقولُ: يَتَصامَمُ عمَّا يَسُوءُه وإِنْ سَمِعَه فكانَ كأَن لم يَسْمَعْه، فهو سَمِيعٌ ذو سَمْعٍ أَصَمُّ في تَغابِيه، ومنه أَيْضًا:

ولي أُذُنٌ عن الفَحْشاء صمّا

وِتَصامَّ عن الحَديثِ وِتَصامَّهُ: أَرَى مِن نفْسه صاحِبه أَنَّه أَصَمُّ وليسَ به، قالَ:

تَصامَمْتُه حتى أَتَاني نَعِيُّهُ *** وِأُفْزعَ منه مُخْطئٌ ومُصِيبُ

وِصِمامُ القارُورَةِ وِصِمامَتُها وِصِمَّتُها، بكسْرِهِنَّ، الثانيَةُ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ: سِدادُها وشِدادُها.

وقيلَ: الصِّمامُ ما أُدْخِلَ في رأْسِ القارُورَةِ، والعِفاصُ ما سدَّ عليه.

وِصَمَّها صَمًّا: سَدَّها وشَدَّها، كأَصَمَّها.

وِقالَ الجَوْهرِيُّ: صَمَّها سَدَّها، وِأَصَمَّها: جَعَلَ لها صِمامًا.

وِمِن المجازِ: حَجَرٌ أَصَمُّ وصَخْرَةٌ صَمَّاءُ؛ أَي صُلْبَةٌ مُصْمَتَةٌ.

وقالَ اللَّيْثُ: الصَّمَمُ في الحِجارَةِ: الصَّلابَةُ والشِّدَّةُ.

وقيلَ: الصَّخْرَةُ الصَّمَّاءُ التي ليسَ فيها صَدْعٌ ولا خَرْقٌ.

وِمِن المجازِ: الصَّمَّاءُ: النَّاقَةُ السَّمينَةُ.

وِقيلَ: الصَّمَّاءُ مِن النُّوْقِ: اللَّاقِحُ.

وِالصَّمَّاءُ: طَرَفُ العَفِجَةِ الرَّقيقَةِ لصَلابَتِها.

وِالصَّمَّاءُ مِن الْأَرْضِ: الغَليظَةُ، قالَهُ ثَعْلَب وبه فَسَّر قوْلَ الشاعِرِ:

أَجَلْ لا ولكنْ أَنتَ أَلأَمُ من مَشَى *** وِأَسْأَلُ من صَمَّاءَ ذاتِ صَلِيلِ

قالَ: وصَلِيلُها صَوْتُ دُخولِ الماءِ فيها، الجمع: أَي جَمْع الكُلِّ: صُمُّ، بالضمِّ.

وِمِن المجازِ أَيْضًا: الصَّمَّاءُ الدَّاهِيَةُ الشَّدِيدَةُ المُنْسَدَّةُ، قالَ العجَّاجُ:

صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها من الصَّمَمْ *** حَوادثُ الدَّهْرِ ولا طُولُ القِدَمْ

أَي داهِيَة عارُها باقٍ لا تُبْرِئُها الحَوادِثُ، كصَمامِ كقَطامٍ، وِمنه قوْلُهم: صَمِّي صَمامِ أَي زِيدي يا داهِيَةُ، قالَهُ الجَوْهرِيُّ.

وقالَ غيرُهُ: يُضْرَبُ للرجُلِ يَأْتي الداهِيَةَ؛ أَي اخْرَسِي يا صَمامِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للأَسْودِ بنِ يَعْفُر:

فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانُها *** صَمِّي لمَا فَعَلَتْ يَهُودُ صَمَامِ

وقالَ أَبو الهَيْثم: هذا مَثَلٌ إذا أَتى بداهِيَةٍ.

وِيقالُ: صَمَامِ صَمامِ، وذلِكَ يُحْمَل على مَعْنَيَيْن: أَي تَصامُّوا في السُّكوتِ واحْمِلُوا على العدُوِّ، وعلى الوَجْهِ الأَوَّل اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ.

وِصَمَّهُ بحَجَرٍ: إذا ضَرَبَه به، وكذا بالعَصا ونَحْوهما.

وِمِن المجازِ: صَمَّ صَداهُ؛ أَي هَلَكَ.

ويقولُون: أَصَمَّ اللهُ صَدا فُلانٍ؛ أَي أَهْلَكَه، والصَّدَا: الصَّوتُ الذي يَرُدُّه الجَبَلُ إذا رَفَع فيه الإنْسانُ صَوْتَه، قالَ امرؤُ القَيْسِ:

صَمَّ صَدَاها وعَفا رَسْمُها *** وِاسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِلِ

وِمِن المجازِ: يسمُّونَ رَجَبَ شَهْرَ اللهِ الأَصَمّ، لأَنَّه كانَ لا يُسْمَع فيه صَوْتُ السِّلاحِ لكَوْنِه شَهْرًا حَرامًا، كذا جاءَ في الحدِيْثِ، ووُصِفَ بالأَصَمِّ مَجازًا والمُرادُ به الإنْسان الذي يدْخلُ فيه، كما قيلَ: ليلٌ نائِمٌ، وإنّما النائِمُ مَنْ في اللَّيْلِ، فكأَنَّ الإنْسانَ في شَهْرِ رَجَبٍ أَصَمَّ عن صَوْتِ السِّلاحِ، وكَذلِكَ مُنْصِلُ الأَلِّ، قالَ:

يا رُبَّ ذي خالٍ وذي عَمٍّ عَمَمْ *** قد ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ في الشَّهْرِ الأَصَمْ

ونَقَلَ الجَوْهرِيُّ عن الخَليلِ أَنَّه إِنَّما سُمِّي بذلِكَ لأَنَّه كانَ لا يُسْمَع فيه صَوْتُ مُسْتغيثٍ ولا حَركةُ قِتالٍ ولا قَعْقَعَةُ سِلاحٍ، لأَنَّه مِن الأَشْهرِ الحُرُمِ، فلم يكنْ يُسْمَع وِلا يُنادَى فيه يا لَفُلان وِلا يا صَباحاهُ.

وِمِن المجازِ: الأَصَمُّ: الرَّجُلُ الذي لا يُطْمَعُ فيه ولا يُرَدُّ عن هَواهُ، كأَنَّه يُنادَى فلا يَسْمَعُ.

وِمِن المجازِ: الحَيَّةُ الأَصَمُّ وِالصَّمَّاءُ: هي التي لا تَقْبَل الرُّقَى ولا تُجيبُ الرّاقي.

وِحاتِمٌ الأَصَمُّ: من الأَوْلياءِ المَشْهورِيْن، مترجم في الرِّسالةِ القُشَيْريَّةِ، وذَكَرُوا لتلْقِيبِهِ به حِكَايَةً.

وِالصَّمَّانُ: كُلُّ أَرضٍ صُلْبَةٍ غَلِيظةٍ ذاتِ حِجارَةٍ إلى جَنْبِ رَمْلٍ، كالصَّمَّانَةِ، سُمِّيَت لصَلابَتِها وشِدَّتِها.

وقيلَ: هي أَرضٌ غَلِيظةٌ دونَ الجَبَلِ.

وِالصَّمَّانُ: موضع بعالِجٍ، وعَالِج، رَمْلٌ بالدَّهْناءِ.

قالَ نَصْر: الصَّمَّانُ: جَبَلٌ أَحْمر في أرَضِ تَمِيمٍ ليَرْبوعٍ ينقادُ ثلاثَ ليالٍ، بَيْنه وبينَ البَصْرةِ تسْعَة أَيَّام، وقيلَ: على ضفةِ فَلَج إلى الرَّمل، وآخِرُه في دِيارِ أَسَدٍ.

وقالَ الأَزْهرِيُّ وقد شَتَوْتُ الصَّمَّانَ شَتْوَتَيْن، وهي أَرضٌ فيها غِلَظٌ وارْتفاعٌ وفيها قِيعانٌ واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْر، عَذِيَةٌ ورِياضٌ مُعْشِبةٌ، وإذا أَخْصبتِ الصَّمَّانُ رَتَعَتِ العربُ جَمِيعُها، وكانت الصَّمَّانُ في قدِيمِ الدَّهْرِ لبَني حنْظَلَةَ، والحَزْنُ لبَني يَرْبُوع، والدَّهْناءُ لجَماعَتِهم، وِالصَّمَّانُ مُتَاخِمُ الدَّهْناء.

وِالصِّمَّةُ، بالكسرِ: الشُّجَاعُ، الذي يصمُّ الضَّريبَة، قالَهُ الرَّاغبُ.

وِأَيْضًا: الأَسَدُ وفي المِصْباحِ: أَنَّ الشَّجاعَ مجازٌ عن الأَسَدِ، كالصِّمِّ، بالكسْرِ أَيْضًا، والجَمْعُ صِمَمٌ، وِمنه سُمِّي الصّمَّةُ والِدُ دُرَيْدٍ الشَّاعِرِ.

وعبارَةُ الصِّحاحِ: ومنه سُمِّي دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ، والصّوابُ ما ذَكَرْناه نبَّه عليه أَبو زكريَّا.

وِالصِّمَّتانِ: مثنى هو؛ أَي الصِّمَّة وأَخُوهُ مالِكٌ عَمُّ دُرَيْدٍ، وبه فُسِّر قولُ جَريرٍ:

سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها *** فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها

وِالصِّمَّةُ: الذَّكَرُ من الحَيَّاتِ، جَمْعُه صِمَمٌ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

وِالصِّمَّةُ: أُنْثَى القَنافِذِ، وصَوْتُها الصَّمْصَمَةُ، بالفتحِ.

وِالصَّميمُ: العَظْمُ الذي به قِوامُ العُضْوِ، كصَمِيمِ الوَظِيفِ وِصَمِيمِ الرأْسِ، وِمنه الصَّمِيمُ: بُنْك الشَّي‌ءِ وخالِصُه، وأَصْلُه يقالُ: هو في صَمِيمِ قوْمِه، وهو مجازٌ، وضِدُّه شظى، وأَنْشَدَ الكِسائيُّ:

بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ يومَ تأَلَّبَتْ *** علينا تَميمٌ من شَظًى وصَمِيمِ

وِالصَّمِيمُ: من الحَرِّ والبَرْدِ: أَشَدُّه حَرًّا وبَرْدًا، وهو مجازٌ.

وِالصَّمِيمُ: القِشْرَةُ اليابِسَةُ الخارِجَةُ من البَيْضِ.

وِمِن المجازِ: رجلٌ صَمِيمٌ، كأَميرٍ؛ أَي مَحْضٌ، قالَ خُفافُ بنُ نُدْبَةَ:

إنْ تَكُ خَيْلي قد أُصِيبَ صَمِيهُما *** فعَمْدًا على عَيْني تَعَمَّدْتُ مالِكا

قالَ الجَوْهرِيُّ: قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وكان صَميمَ خَيْلِه يومَئِذٍ مُعاوِيَةُ أَخُو خَنْساء، قَتَله دُرَيْدٌ وهاشِمٌ ابْنا حَرْملَةَ المُرِّيانِ.

للواحِدِ والجَمْعِ والمُؤَنَّثِ.

وِمِن المجازِ: صَمَّ فلانٌ في الأمْرِ وِفي السَّيْرِ تَصْميمًا، إذا مَضَى فيهما.

وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: صَمَّمَ على كذا: مَضَى على رأْيِه بعدَ إرادَتِه.

وقالَ الزَّمَخْشرِيُّ: صَمَّمَ الفَرَسُ في سيرِهِ، كصَمْصَمَ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لحُمَيْدِ بن ثَوْرٍ:

وِحَصْحَصَ في صَمِّ الصفا ثَفِناتِهِ *** وِناءَ بسَلْمَى نَوْأَةً ثم: صَمَّما

وِمِن المجازِ: صَمَّمَ تَصْمِيمًا: إذا عَضَّ.

وِصَمَّمَ في عَضَّتِه: نَيَّبَ أَسْنانه، كما في الأسَاسِ.

وفي الصِّحاحِ: صَمَّمَ أَي عَضَّ ونَيَّبَ لم يُرْسِلْ ما عَضَّ، وقالَ المُتَلَمِّسُ:

فأَطْرَقَ إطْراقَ الشُّجاعِ ولو رَأَى *** مَساغًا لِنابَيْه الشُجاعُ لَصَمَّما

قالَ الأَزْهَرِيُّ: وأَنْشَدَه لنا الفرَّاء لِنابَاه على اللّغَةِ القدِيمَةِ لبعضِ العَرَبِ.

قلْتُ: ونَسَبها الشَّريشيّ في شرْحِ المَقامَاتِ لشَمِرٍ.

وِصَمَّمَ السَّيْفُ: إذا أَصابَ المَفْصِلَ وقَطَعَهُ، أَو طَبَّقَ، هكذا في النسخِ وهو مخالِفٌ لنصِّ الجَوْهرِيِّ وغيرِهِ مِن الأَئمَّةِ فإنَّهم قالوا: صَمّ السَّيْفُ إذا مَضَى في العَظْمِ وقَطَعَه، فإذا أَصابَ المَفْصِلَ وقَطَعَهُ يقالُ طَبَّقَ، قالَ الشاعِرُ يَصِفُ سَيْفًا:

يُصَمِّم أَحْيانًا وحِينًا يُطَبِّق

فتأَمَّلْ ذلِكَ، فإنَّ إصابَةَ المَفْصِلِ وقَطْعَه هو التَّطْبِيق، وأَمَّا التَّصْمِيم فهو المُضِيُّ في العَظْمِ وقَطْعه.

وِصَمَّمَ الرَّجُلُ الفَرَسَ العَلَفَ تَصْميمًا إذا أَمْكَنَه منه فاحْتَقَنَ فيه الشَّحْمُ والبِطْنَةُ، وهو مجازٌ.

وِصَمَّمَ، صاحِبَهُ الحَديثَ: إذا أَوْعاهُ إِيَّاهُ وجَعَلَه يَحْفظُهُ، وهو مجازٌ أَيْضًا.

وِرجُلٌ صَمَمٌ، وفَرَسٌ صَمَمٌ، مُحرَّكةً، وِصَمْصامٌ وِصَمْصامَةٌ وِصِمْصِمٌ، كزِبْرِجٍ وعُلَبِطٍ وعُلابِطٍ وعُلابِطَةٍ؛ أَي مُصَمِّمٌ، الذَّكَرُ والْأُنْثى في الفَرَسِ سَواءٌ.

وقالَ أَبو عبيدَةَ: مِن صِفاتِ الخَيْلِ الصَّمَمُ، والأُنْثى صَمَمةٌ، وهو الشَّديدُ الأَسْرِ المَعْصُوبُ، قالَ الجعْديُّ:

وِغارةٍ تَقْطَعُ الفَيافيَ قَد *** حارَبْتُ فيها بصِلْدِمٍ صَمَمِ

وِالصَّمْصامُ: السَّيْفُ الذي لا يَنْثَنَي في ضَريَبتِه، كالصَّمْصامَةِ. وفي حدِيثِ أَبي ذَرِّ: «لو وَضَعْتم الصَّمْصامَةَ على رَقَبَتي».

وفي حدِيْث قُسِّ: «تَرَدَّوْا بالصَّماصِمِ»؛ أَي جَعَلُوها لهم بمنْزِلَةِ الأَرْدِيَة لحَمْلِهم لها وحَمْلِ حَمائِلِها على عَواتِقِهم. قالَ الجَوْهَرِيُّ: وِهُما أَيْضًا اسمُ سَيْفِ عَمْرِو بنِ مَعْدِيكرِبَ الزّبَيْديّ، هو الذي سَمَّاه بذِلكَ، وقالَ حينَ وَهَبَه:

خَليلٌ لم أَحُنْهُ ولم يَخْنِّي *** على الصَّمْصامَةِ السَّيْفِ السَّلامُ

قالَ ابنُ بَرِّي: صوابُ إنْشادِه:

على الصَّمْصامَةِ أم سَيْفي سَلامِي

وبَعْده:

خَليلٌ لَمْ أَهَبْهُ من قِلاهُ *** وِلكنَّ المَواهِبَ في الكِرامِ

حَبَوْتُ به كَريمًا من قُرَيْشٍ *** فَسُرَّ به وصِينَ عن اللِّثامِ

يقولُ عَمْرٌو هذه الأَبْياتَ لما أهْدَى صَمْصامَتَه لسَعِيدِ بنِ العاصِ، قالَ: ومِن العَرَبِ مَنْ يَجْعل صَمْصامَة غيرَ مُنوَّنٍ معْرفةٍ للسَّيْفِ فلا يَصْرِفه إِذا سَمَّى به سَيْفًا بعَيْنِه كقوْلِ القائِلِ:

تَصْميمَ صَمْصامةَ حينَ صَمَّما

وِالصمم كزِبْرِجٍ: الغَلِيظُ القَصيرُ مِن الرِّجالِ، واقْتَصَرَ أَبو عبيدٍ على الغَلِيظِ. وِيقالُ: هو الجَرِي‌ءُ الماضِي.

وِالصِّمْصِمَةُ، بهاءٍ: وَسَطُ القَوْمِ، ويُفْتَحُ.

وِالصِّمْصِمَةُ: الجماعَةُ مِن النَّاسِ كالزِّمْزِمَةِ، قالَ:

وِحالَ دُوني من الأنْبارِ صِمْصِمةٌ *** كانوا الأُنُوفَ وكانوا الأَكرمِينَ أَبا

ويُرْوَى: زِمْزِمَة، وليسَ أَحَدُ الحرْفَيْن بَدَلًا من صاحِبِه لأنَّ الأَصَمْعيّ قد أَثْبَتهما جَمِيعًا ولم يَجْعل لأَحدِهما مَزِيَّةً على صاحِبِه، الجمع: صِمْصِمٌ.

وِالصُّمَصِمُ، كعُلَبِطٍ وعُلابِطٍ: الأَسَدُ لشدَّتِهِ وصَلابَتِه.

وِالصَّمْصَمُ، كفَدْفَدٍ: البَخيلُ جِدًّا، وهو النِّهايَةُ في البُخْلِ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ. ومنه قوْلُ عبدِ مَنَاف الهُذَليّ:

وِلقد أَتاكُم ما يَصُوبُ سُيوفَنا *** بَعدَ الهَوادَةِ كلُّ أَحْمَر صِمْصِمِ

وِالصُّمَيْماءُ، كالغُبَيْراءِ: نباتٌ يُشْبِهُ الغَرَزَ يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعانِ.

وِاشْتِمالُ الصَّمَّاءِ المنهى عنه في الحدِيثِ، أنْ تُجَلِّلَ جَسَدَك بثَوْبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْرابِ بأَكْسِيَتِهم، وهو أَنْ يَرُدَّ الكِساءَ من قِبَلِ يَمينِه على يَدِهِ اليُسْرَى وعاتِقِه الأَيْسَر، ثم يَرُدَّهُ ثانِيَةً من خَلْفِهِ على يَدِهِ اليُمْنَى وعاتِقِهِ الأَيْمَنِ فَيُغَطِّيَهُما جَمِيعًا، هذا نَصُّ الجَوْهِريّ بحَروفِهِ، وهو قولُ أبي عُبَيْدَة. أو هو الاشْتِمالُ بثَوْبٍ واحِدٍ ليسَ عليه غيرُهُ ثم يَضَعُهُ، كذا في النسخِ والصَّوابُ: ثم يَرْفَعُه، من أَحَدِ جانِبَيْهِ، كما هو نَصّ الصِّحاحِ، فَيَضَعُهُ على مَنْكِبِهِ فَيَبْدو منه فَرْجُهُ، وهذا القولُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ ونَسَبَه إلى الفُقَهاء، زادَ: فإذا قلْت اشْتَمَل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنَّك قلْت اشْتَمَلَ الشِّمْلةَ التي تُعْرَفُ بهذا الاسْمِ، لأَنَّ الصَّمَّاء ضَرْبٌ مِن الاشْتِمالِ.

وِمِن المجازِ: صمَّت حَصاةٌ بدَمٍ، يقالُ ذلِكَ إذا اشْتَدَّ الأَمْرُ، كما في الأَساسِ؛ أَي كَثُر سَفْكُ الدِّماءِ؛ أَي أَنَّ الدِّماءَ لمَّا سُفِكَتْ وِكَثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ في المعْرَكَةِ حتى لو أُلْقِيَتْ حَصاةٌ على الأرْضِ لم يُسْمَعْ لها صَوْتٌ لأَنَّها لا تَقَعُ إلَّا في نَجيعٍ، ومنه قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:

بُدِّلْتُ من وائلٍ وكِنْدةَ عَدْ *** وِانَ وفَهْمًا صَمِّي ابْنَةَ الجَبَلِ

قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ ونِسْ *** وان قِصار كهَيْئةِ الحَجَلِ

أَو المُرادُ بابْنَةِ الجَبَلِ الصَّدَى، هكذا يَزْعَمُون، قالَهُ أَبو الهَيْثَم، أَو أَنَّها الصَّخْرَةُ، نَقَلَه أَبو الهَيْثم أَيْضًا. ويقالُ: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَلِ يُضْرَبُ مَثَلًا للداهِيَةِ الشَّديدَةِ، كأَنَّه قيلَ لها اخْرَسِي يا داهِيَة.

وقالَ الأَصْمَعيُّ في كتابِ الأَمْثالِ: إنّه يقالُ ذلِكَ عنْدَ الأَمْر يُسْتَفْظَعُ.

ويقالُ: هي الحَيَّةُ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ:

إنِّي إلى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبةٍ *** أَدْعُو حُبَيْشًا كما تُدْعى ابنَةَ الجَبَلِ

وِأَصَمَّهُ: صادَفَهُ، وفي الصِّحاحِ: وَجَدَهُ، أَصَمَّ. يقالُ: نادَاهُ فأَصَمَّهُ.

وِأَصَمَّ دُعاؤُهُ: وافَقَ قَوْمًا صُمًّا لا يَسْمعونَ عَذْلَه، وبه فَسَّر ثَعْلَب قوْلَ ابن أَحْمر:

أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى *** بآخِرِنا وتَنْسي أَوَّلينا

وقوْلُه: تَحَجَّى: أَي تَسْبقُ إليهم باللَّوْمِ وتَدَعُ الأَوَّلينَ.

وِالأَصَمَّانِ: أَصَمُّ الجَلْحاءِ، وِأَصَمُّ السَّمُرَةِ ببِلادِ بَني عامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، ثم لبَني كِلابِ منهم خاصَّةً، قالَهُ نَصْر.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

أَصَمَّني الكَلام إذا شَغَلَني عن سمَاعِه، فكأَنَّه جَعَلَه أَصَمَّ.

ويقالُ: حلمٌ أَصَمّ، على الاسْتِعارَةِ، أَنْشَدَ ثَعْلَب:

قُلْ ما بَدا لَكَ من زُورٍ ومن كَذِبٍ *** حِلْمي أَصَمُّ وأُذْني غَيرُ صَمَّاءِ

وفِتْنةٌ صَمَّاءُ: لا سَبيلَ إلى تَسْكِينِها لتناهِيها في ذهابِها.

وأَرْزَةٌ صَمَّاءُ: مُكْتَنزةٌ لا تَخَلْخُلَ فيها، وكَذلِكَ قَناةٌ صَمَّاء.

وأَمْرٌ أَصَمُّ: شَديدٌ.

وصَوْتٌ مُصِمُّ: يُصِمُّ الضَّماخَ.

وِالصِّمامُ، بالكسْرِ: الفَرْجُ، ومنه حدِيْثُ الوَطْءِ: «في صِمامٍ واحِدٍ؛ أَي في مَسْلَكٍ واحِدٍ، ويُرْوَى بالسِّيْن أَيْضًا، ويَجوزُ أَنْ يكونَ على حَذْفِ مُضافٍ، أي في مَوْضِعِ صِمامٍ.

وِصُمَّ، بالضمِّ: ضُرِبَ ضَرْبًا شَديدًا، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.

وِصَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه صَمًّا: سَدَّهُ وضَمَّدَه بالدَّواءِ.

ويقالُ للنَّذير إذا أَنْذَرَ قوْمًا من بَعيدٍ وأَلْمَعَ لهم بثَوْبِه: لَمَعَ بهم لمع الأَصَمَّ، وذلِكَ أَنَّه لمَّا كَثُر إِلْماعُه بثَوْبِه كانَ كأَنَّه لا يَسْمَعُ الجَوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ، ومِن ذلِكَ قوْلُ بِشْر:

أَشارَ بهم لَمْعَ الأَصَمّ فأَقْبَلُوا *** عَرانِينَ لا يَأتِيه للنَّصْرِ مُجْلِبُ

أي لا يأْتِيه مُعِيْنٌ مِن غير قوْمِه، وإِذا كانَ المُعِيْنُ مِن قَوْمِه لم يكن مُجْلِبًا.

وِالصَّمَّاءُ: القَطاةُ لسَكَكِ أُذُنيها، أَو لصَمَمِها إِذا عَطِشَتْ، قالَ:

رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمًّا *** كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الما

وقد يُسْتَعْمَلُ الصَّمَمُ في العقارِبِ، أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ:

قَرَّطَكِ اللهُ على الأُذُنَيْنِ *** عَقارِبًا صُمًّا وأَرْقَمَيْنِ

ومِن المجازِ: ضَرَبَه ضَرْبَ الأَصَمِّ إِذا تابَعَ الضرْبَ وبالَغَ فيه، وذلِكَ أَنَّ الأَصَمَّ إذا بالَغَ يَظُنُّ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ فلا يُقْلِعُ.

ويقالُ: دَعاهُ دَعْوةَ الأَصَمِّ إِذا بالَغَ فيه في النِّداءِ، قالَ الراجِزُ يَصِفُ فَلاةً:

يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصَّمَّانْ

ودَهْرٌ أَصَمُّ: كأَنَّه يُشْكى إِليه فلا يَسْمَع.

وِصَمَام صَمَام: أَي احْمِلُوا على العدُوِّ، نَقَلَه أَبو الهَيْثمِ، وِالأَصَمُّ صفَةٌ غالبَةٌ، قالَ:

جَاؤُوا بزُورَيْهمْ وجئْنا بالأَصَمّ

وكانوا جَاؤُوا ببَعِيرَيْن فعَقَلُوهُما وقالوا: لا نَفِرُّ حتى يَفِرَّ هذان.

وِالأَصَمُّ أَيْضًا: عبدُ اللهِ بنُ رَبْعِيِّ الدُّبَيْريّ، ذَكَرَه ابنُ الأَعْرَابيِّ.

وِالأَصَمُّ أَيْضا: لَقَبُ أَبي العبّاس محمدِ بنِ يَعْقوب بنِ يوسفَ مُحَدِّثٌ تُوفي بنَيْسابُورَ سَنَة ثلثمائةٍ وسِتّ وأَرْبَعِيْن، ظَهَرَ به الصَّمَمُ بعدَ انْصِرافِه مِن الرحْلَةِ حتى أَنَّه كانَ لا يَسْمَع نَهِيقَ الحِمارِ.

وأَيْضًا لَقَبُ أَبي عَلْقَمَةَ عبدِ اللهِ بنِ عيسى البَصْرِيّ المُحَدِّث.

وأَيْضًا لَقَبُ مالِكِ بنِ جنابِ بنِ هبل الكَلْبيّ الشاعِر لقَوْلِهِ:

أَصمّ عن الخَنَى إِنْ قيلَ يَومًا *** وِفي غيرِ الخَنَى أَلْفى سَمِيعا

وأَيضًا لَقَبُ أَبي جَعْفرٍ محمد المزكيّ الاسْتَراباذِي الحَنَفيّ، ثقّةٌ، كَتَبَ عن أَبي صاعِدٍ ببَغْدادَ.

وِالصِّمُّ وِالصِّمَّةُ، بالكسْرِ: الداهِيَةُ، نَقَلَه الجَوْهريُّ.

وِالمُصَمِّمُ مِن السُّيوفِ: الماضِي في الضَّريبَةِ.

وِصَمْصَمَ السَّيْف كصَمَّمَ.

ورجُلٌ صَمَمٌ، محرَّكةً: شَديدٌ صُلْبٌ، وقيلَ: مجتمعُ الخَلْقِ، كالصِّمْصِم، كزِبْرِجٍ وعُلَبِطٍ.

وقالَ النَّضْرُ: الصِّمْصِمَةُ، بالكسْرِ: الأَكَمَةُ الغَلِيظَةُ التي كادَتْ تكونُ حِجارَتُها مُنْتَصِبة.

وقالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانيُّ: المُصَمِّمُ الجَمَلُ الشَّديدُ، وأَنْشَدَ:

حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها

وِالصّمْصامُ: لَقَبُ أَبي عبدِ اللهِ الحُسَيْن بن الحُسَيْن الأَنْماطِيّ المُحَدِّث عن الدَّارْقطْنيِّ.

وأَبو الصّمْصامِ: ذُو الفِقارِ بنُ مَعْبدٍ العلويُّ مُحدِّثٌ.

وكقُنْفُذٍ: صُمْصُمُ بنُ يوسفَ الزُّبَيْديُّ مُحدِّثٌ، قيَّدَه الحافِظُ عبد الغني المَقْدسي.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


32-تاج العروس (ندم)

[ندم]: نَدِمَ عليه، كفَرِحَ، نَدَمًا، محرَّكةً على القِياسِ، وِنَدَامَةً، على القِياسِ أَيْضًا، وِتَنَدَّمَ: أَي أَسِفَ.

وفِي الحَدِيْث: «النَّدَمُ تَوْبةٌ».

وقالَ الرَّاغبُ: النَّدامَةُ التَّحَسُّر مِن تغيّرِ رَأْيٍ في أَمْرٍ فائِتٍ.

وقالَ أَبو البَقاءِ: اسْمٌ للنَّدمِ وحَقِيقَتُه أَنْ يَلُومَ نفْسَه على تَفْرِيطٍ وَقَعَ منه.

وقالَ غيرُهُ: غَمٌّ يَصْحبُ الإِنْسانَ يَتَمنَّى أنَّ ما وَقَعَ منه لم يَقَعْ.

فهو نادِمٌ سادِمٌ؛ أَي مُهْتمٌّ، وِنَدْمانُ سَدْمانُ كَذلِكَ؛ هذا قَوْلُ كَثيرٍ مِن أَهْلِ اللُّغَةِ وأَنْكَره بعضُهم فقالَ: النَّدْمانُ لا يكونُ إلَّا مِن المُنادَمَةِ، نَقَلَهُ شيْخُنا.

الجمع: ندَامَى كسَكارَى، ومنه الحَديْث: «غيرَ خَزايَا ولا نَدامَى»؛ أَي غَيْر نادِمِينَ.

وفي المُحْتَسِبُ لابنِ جنيِّ: وكأَنَّه مُحرَّفٌ عن ندامين، ثم أَبْدَلُوا النُّونَ ياءً وأَدْغَمُوا فيها ياءَ فَعالِيل ثم حَذَفُوا إحْدَى الياءَيْن تَخْفِيفًا، ثم أَبْدلُوا مِن الكسْرَةِ فتْحةً، ومِن الياءِ ألِفًا فصارَ نَدامَى.

وِقومٌ نِدَامٌ سِدَامٌ مِثْل كِتابٍ، وِنُدَّامٌ سُدَّامٌ مِثْل زُنَّارٍ.

وِالنَّديمُ وِالنَّديمةُ: المُنادِمُ، فَعِيلٌ بمعْنَى مُفاعِلٍ لأنَّه مِن نادَمَه على الشّرابِ فهو نَدِيمُه ونَدِيمَتُه، وليْسَتِ التاءُ للتَّأْنِيثِ؛ قالَ البُرَيْق الهُذَليُّ:

زُرنا أَبا زيدٍ ولا حيَّ مِثْله *** وِكان أَبو زيدٍ أَخي ونَدِيمي

الجمع: نُدَماءُ، ككُرَماء.

ووَقَعَ في نسخةِ شيْخِنا: نُدْمانُ ومَثَّله بقُضْبان وهو صَحِيحٌ أَيْضًا.

كالنَّدْمانِ، بالفتْحِ، مُتَّفقٌ عليه، وهو الذي يُرافِقُك ويُشارِبُك؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للنُّعمانِ بن نَضْلةَ العَدويّ:

فإن كنتَ نَدْماني فبالأَكْبَرِ اسْقِني *** وِلا تَسْقِني بالأَصْغَر المُتَثَلِّمِ

قُلْتُ: ومثْلُه للبُرْجِ بنِ مُسْهِرٍ:

وِنَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيبًا *** سقيْتُ إذا تَغَوَّرتِ النُّجومُ

الجمع: نَدامَى، كسَكارَى؛ وأَنْشَدَ ابنُ جنيِّ في المحتسبِ:

لعَمْري لئنْ أَنْزَفْتُمُ أو صَحَوْتُمُ *** لبِئْس النَّدَامَى كُنْتمُ آلَ أَبْجرا

وِنِدامٌ، بالكسْرِ، ولا يُجْمَعُ بالواوِ والنُّونِ، وإن أُدْخِلتِ الهاءُ في مُؤَنَّثِه.

قالَ أَبو الحَسَن: إنَّما ذلِكَ لأنَّ الغالِبَ على فَعْلانَ أَنْ يكونَ أُنْثاهُ بالأَلفِ نَحْو رَيَّان ورَيَّا وسَكْران وسَكْرَى، وأَمَّا بابُ نَدْمانةٍ ومَوْتانةٍ وسَيْفانةٍ فيمَنْ أَخَذَه مِن السَّيْف فعَزِيزٌ بالإِضافَةِ إلى فَعْلان الذي أُنثاه فَعْلى.

وفي الصِّحاحِ: جَمْعُ النَّديمِ ندامٌ، وجَمْعُ النَّدْمانِ نَدامَى.

وِقد يكونُ النَّدْمانُ جَمْعًا، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.

وِمحمدُ بنُ حَسَنِ بنِ أَبي بَكْرٍ بنِ نَدِيمَة، كسَفِينَةٍ، أَبو بَكْرٍ الصَّيْدَلانِيُّ: شَيخُ أَبي سَعِيدِ بنِ السَّمْعانيِّ، وقد رَوَى عن أَبي الخَيْر بنِ أَبي عِمْران؛ قالَ الحافِظُ: وهو فردٌ.

وِنادَمَهُ منادَمَةً وِنِدامًا؛ بالكسْرِ: جالَسَه على الشَّرابِ؛ هذا هو الأَصْل، ثم اسْتُعْمِل في كلِّ مُسامَرةٍ.

قالَ الجَوْهرِي: ويقالُ المُنادَمَةُ مَقْلوبةٌ مِن المُدامَنةِ، لأنَّه يُدْمِنُ شُرْبَ الشَّرابِ مع نَدِيمِه، لأنَّ القَلْبَ في كَلامِهم كَثيرٌ.

وِالنَّدْمُ، بالفتحِ: الكَيِّسُ الظَّريفُ، كالنَّدْبِ، بالباءِ.

وِالنَّدَمُ بالتَّحريكِ: الأَثَرُ، كالنَّدَبِ، والباءُ والمِيمُ يَتَبادَلانِ كَثيرًا.

وِخُذْ ما انْتَدَمَ وانْتَدَبَ وأَوْهَفَ: أَي ما تَيَسَّرَ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: امرأَةٌ نَدْمَى مِن النَّدْمِ، لا نَدْمانَة، كما جَزَمَ به في المِصْباحِ.

وقيلَ: يقالُ ذلِكَ على لُغَةِ بَني أَسَدٍ فإنَّهم يُجوِّزونه في كلِّ فعْلان.

ويُجْمَعُ النَّدِيمُ أَيْضًا على نُدْمان، كقَضِيبٍ وقُضْبان.

وامرأَةٌ نَدْمانَة مِن المُنادَمَةِ، نَقَلَه ابنُ مالِكٍ ولم يُخْتلفْ فيه، والنِّسوةُ نَدامَى أَيْضًا كما في الصِّحاحِ.

وِالتَّنادُمُ: المُنادَمَةُ على الشَّرابِ، ومنه قولُ النُّعْمانِ بنِ نَضْلةَ:

لعلَّ أَميرَ المؤْمنينَ يَسُوءُه *** تَنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

وِالنِّدَامُ، بالكسْرِ: السَّقيُ، وبه فَسَّر ثَعْلَب قَوْلَ أَبي محمدٍ الحذْلمِيِّ:

فذاكَ بعدَ ذاكَ من نِدامِها

وفي حَدِيْث عُمَرَ، رضي ‌الله‌ عنه: «إيَّاكُم ورَضاع السَّوْء فإِنَّه لا بُدَّ من أَنْ يَنْتَدِمَ يومًا مَّا»؛ أَي يَظْهَرُ أَثَرُه، وهو مِن النَّدَمِ، محرَّكةً: الأَثَر.

وقالَ الزَّمَخْشرِيُّ: مِن النَّدْمِ، بالفتحِ، وهو الغَمُّ اللازِمُ إذ يَنْدَم صاحِبُه لمَا يَعْثر عليه مِن سوءِ آثارِه.

وِتَنَدَّمَ: تَتَبَّعَ أَمْرًا نَدَمًا.

وِأَنْدَمَه اللهُ فنَدِمَ.

ويقالُ: اليمينُ حِنْثٌ أَو مَنْدَمة؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للَبيدٍ:

وِإِلا فما بالمَوْتِ ضُرٌّ لأَهْلِه *** وِلم يُبْقِ هذا الأَمْرُ في العَيْش مَنْدَما

وِالنَّيْدَمانُ: نَبْتٌ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


33-تاج العروس (حزن)

[حزن]: الحُزْنُ، بالضَّمِّ ويُحَرَّكُ، لُغتانِ كالرُّشْدِ والرَّشَدِ. قالَ الأَخْفَشُ: والمِثالانِ يَعْتَقِبان هذا الضَّرْب باطِّرادٍ. وقالَ اللَّيْثُ: للعَرَبِ في الحُزْنِ لُغَتانِ، إذا فَتَحُوا ثَقَّلوا، وإذا ضَمُّوا خَفَّفُوا؛ يقالُ: أَصابَهُ حَزَنٌ شَديدٌ وحُزْنٌ شَديدٌ. وقالَ أَبو عَمْرٍو: إذا جاءَ الحزَن مَنْصوبًا فَتَحُوه، وإذا جاءَ مَرْفوعًا أَو مَكْسورًا ضَمُّوا الحاءَ كقَوْلِ اللهِ عزّ وجلّ: {وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ} الْحُزْنِ؛ أَي أَنَّه في مَوْضِع خَفْض. وقالَ: {تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا}؛ أَي أَنَّه في مَوْضِعِ النَّصْبِ. وقالَ: {أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى} {اللهِ} ضمُّوا الحاءَ ههنا: الهَمُّ؛ وفي الصِّحاحِ: خِلافُ السّرورِ.

وفرَّقَ قومٌ بينَ الهَمِّ والحُزْنِ، وقالَ المناوِيُّ: الحُزْنُ الغَمُّ الحاصِلُ لوقوعِ مَكْرُوه أَو فَواتِ مَحْبوبٍ في الماضِي، ويُضادُّه الفَرَحُ.

وقالَ الرَّاغِبُ: الحُزْنُ خُشونَةٌ في النفْسِ لمَا يَحْصَلُ فيه مِن الغَمِّ. الجمع: أَحْزَانٌ، لا يُكْسَّرُ على غيرِ ذلِكَ؛ وقد حَزِنَ، كفَرِحَ، حَزَنًا وتَحَزَّنَ وتَحازَنَ واحْتَزَنَ بمعْنًى؛ قالَ العجَّاجُ:

بَكَيْتُ والمُحْتَزَن البَكِيُّ *** وإنَّما يأْتي الصِّبا الصَّبِيُّ

فهو حَزْنانٌ ومِحزانٌ: شَديدُ الحُزْنِ.

وحَزَنَهُ الأَمْر يَحْزُنُه حُزْنًا، بالضَّمِّ، وأَحْزَنَهُ غيرُهُ، وهُما لُغَتانِ.

وفي الصِّحاحِ: قالَ اليَزِيدِيُّ: حَزَنَه لُغةُ قُرَيْشٍ، وأَحْزَنَه لُغَةُ تَمِيمٍ، وقد قُرِئَ بهما، اه.

وكَوْن الثلاثيّ لُغَة قُرَيْش قد نَقَلَه ثَعْلَب أَيْضًا، وأَقَرَّهما الأَزْهرِيُّ، وهو قَوْل أَبي عَمْرٍو، رَحِمَه اللهُ تعالَى.

وقالَ غيرُهُ: اللغَةُ العالِيةُ حَزَنَه يَحْزُنه، وأَكْثَرُ القرَّاءِ قَرَأُوا {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}، وكَذلِكَ قَوْله: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ}؛ وأَمَّا الفِعْلُ اللازِمُ فإنَّه يُقالُ فيه حَزِنَ يَحْزَنُ لا غَيْر.

وقالَ أَبو زيْدٍ: لا يَقولُونَ قد حَزَنَه الأَمْرُ، ويقولونَ يَحْزُنه، فإذا قالوا أَفْعَلَه اللهُ فهو بالأَلِفِ. ومالَ إليه صاحِبُ المِصْباحِ.

وقالَ الزَّمَخْشرِيُّ: المَعْروفُ في الاسْتِعْمالِ ماضِي الأَفْعالِ ومُضارِعِ الثلاثيّ، وأَبْدَى له أَصْحابُ الحَواشِي الكشافية والبَيْضاوِيَّة نكتًا وأَسْرارًا مِن كَلامِ العَرَبِ وعَدْلًا في إنْصافِ الكَلِماتِ وإعْطاءِ كلّ واحِدَةٍ نَوْعًا مِن الاسْتِعْمال.

قالَ شيْخُنا، رَحِمَه اللهُ تعالَى: وكُلُّ ذلِكَ عنْدِي لا يَظْهرُ له وَجْه وَجِيه إذ مَناطُه النَّقْل والتَّعْليل بعْدَ الوُقُوعِ، ا ه.

وقالَ الرَّاغِبُ في قوْلِه تعالَى: {وَلا تَحْزَنُوا}، {وَلا تَحْزَنْ}، ليسَ بذلِكَ، نَهْي عن تَحْصِيلِ الحُزْنِ، فالحُزْنُ لا يَحْصَلُ باخْتِيارِ الإنْسانِ، ولكنَّ النَّهْي في الحَقِيقَةِ إنَّما هو عن تَعاطِي ما يُورِثُ الحزنَ واكْتِسابه، وإلى معْنى ذلِكَ أَشارَ القائِلُ:

ومن سَرَّه أَنْ لا يَرى ما يَسُوءُهُ *** فلا يتَّخِذ شيئًا يَخافُ له فَقْدا

وفي النِّهايَةِ: قوْلُه تعالَى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}؛ قالوا فيه: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وقيلَ: هو كُلُّ ما يَحْزُن مِنْ هَمِّ مَعاشٍ أَو حَزَنِ عَذابٍ أَو حَزَنِ موْتٍ.

أَو أَحْزَنَهُ: جَعَلَهُ حَزِينًا، وحَزَنَهُ: جَعَلَ فيه حُزْنًا، كأَفْتَنَه: جَعَلَه فاتِنًا، وفَتَنَه: جَعَلَ فيه فِتنَةً، قاله سِيْبَوَيْه.

وفي الحَدِيْثِ: «كان إذا حَزَنَه أَمْرٌ صلَّى»؛ أَي أَوْقَعَه في الحُزْنِ، ويُرْوَى بالباءِ وقد تقدَّمَ؛ فهو مَحْزونٌ، مِن حَزنَه الثُّلاثيّ.

وقالَ أَبو عَمْرو: يَقولُونَ: أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وهو مُحْزِنٌ، ويَقولُونَ: صَوْتٌ مُحْزِنٌ وأَمْرٌ مُحْزِنٌ، ولا يَقولُونَ: صَوْتٌ حازِنٌ.

ورجُلٌ حَزِينٌ وحَزِنٌ، بكسْرِ الزَّاي على النَّسَبِ وضَمِّهما، الجمع: حِزانٌ، بالكسْرِ، كظَرِيفٍ وظِرافٍ، وحُزَناءُ ككَرِيمٍ وكُرَماء.

وقد خَلَطَ المصنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالَى، بينَ اسْمِ فاعِلٍ ومَفْعولٍ وبينَ المَأْخُوذِ مِن الثّلاثِي والرّباعي، وفي المَجْموعِ، ولا يَكادُ يُحَرِّرُه إلّا الماهِرُ بالعُلومِ الصَّرْفيَّةِ، فتأَمَّلْه.

وعامُ الحُزْن، بالضمِّ: العامُ الذي ماتَتْ فيه خَديجَةُ، رَضِيَ اللهُ تعالى عنها، وعَمُّه أَبو طالِبٍ، هكذا سَمَّاه رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم؛ حَكَى ذلك ثَعْلَبُ عن ابنِ الأَعْرابيِّ، قالَ: وماتَا قَبْل الهِجْرةِ بثلاثِ سِنِيْنَ.

والحُزانَةُ، بالضَّمِّ: قَدْمَةُ العَرَبِ على العَجَمِ في أَوَّلِ قُدومِهِم الذي اسْتَحَقُّوا به ما اسْتَحَقّوا من الدُّورِ والضِّياعِ؛ كذا في المُحْكَمِ.

وقالَ الأَزْهرِيُّ: هو شَرْطٌ كانَ للعَرَبِ على العَجَمِ بِخُراسان إذا أَخَذُوا بَلدًا صُلْحًا أَنْ يكون إذا مَرَّ بهم الجيوش أَفْذاذًا أَو جَماعاتٍ أَنْ يُنْزلوهم ثم يَقْرُوهم، ثم يُزَوِّدونَهم إلى ناحيةٍ أُخْرى.

وحُزانَتُكَ: عِيالُكَ الذينَ تَتَحزَّنُ لأَمْرِهِم وتَهْتَم بهم، فيقولُ الرَّجُل لصاحِبِه: كيفَ حَشَمُك وحُزانَتُك؟.

ومِن سَجَعاتِ الأَساسِ: فلانٌ لا يُبالي إذا شَبِعَتْ خِزَانَتُه أَنْ تَجوعَ خُزَانَتُهُ.

والحَزونُ: الشَّاةُ السَّيِّئَةُ الخُلُقِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

والحَزْنُ، بالفتْحِ: ما غَلُظَ من الأَرضِ؛ كما في الصِّحاحِ.

وقالَ أَبو عَمْرٍو: الحَزْنُ والحَزْمُ: الغَلِيظُ مِن الأَرضِ.

وقالَ غيرُهُ: الحَزْمُ ما احْتَزم مِن السَّيْل مِن نَجَوات المُتُونِ، والحَزْنُ ما غَلُظ مِن الأَرْض في ارْتِفاعٍ، والجَمْعُ حُزُومٌ وحُزُونٌ.

وقالَ ابنُ شُمَيْل: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرْضِ قِفافُها وجِبالُها ورَضْمُها، ولا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وإن جَلُدَتْ حَزْنًا.

كالحَزْنَةِ: لُغَة في الحَزْنِ؛ وأَحْزَنَ: صار فيها، كأَسْهَلَ: صَارَ في السَّهْلِ.

والحَزْنُ: حَيٌّ من غَسَّان معروف مَعْرُوفٌ، وهُم الذينَ ذَكَرَهم الأَخْطَلُ في قَوْلِه: تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان إذْ حَضروا والحَزْنُ كَيْفَ قَراه الغِلْمةُ الجَشَرُ؟ هكذا أَوْرَدَه الجَوْهرِيُّ.

قالَ ابنُ بَرِّي: الصَّوابُ: كَيْفَ قَراكَ، كما أَوْرَدَه غيرُهُ؛ أَي الصُّبْرُ تَسْأَلُ عُمَيْر بنَ الحُباب، وكان قد قُتِل، فتَقولُ له: كيفَ قَراكَ الغِلْمةُ الجَشَر، وإنَّما قالوا له ذلِكَ لأنَّه كانَ يقولُ لهم: إنَّما أنْتُم جَشَرٌ؛ أَي رعاةُ الإبِلِ.

والحَزْنُ: بِلادُ العَرَبِ، هكذا في النسخِ، والذي في الصِّحاحِ بِلادٌ للعَرَبِ، أَو هُما حَزْنانِ: أَحَدُهما: ما بَيْنَ زُبالَةَ وما فَوْقَ ذلِكَ مُصْعِدًا في بِلادِ نَجْدٍ، وله غِلْظٌ وارْتِفاعٌ.

والثاني: موضع لبَني يَرْبوعٍ، وهو مَرْتعٌ مِن مَراتِعِ العَرَبِ، فيه رِياضٌ وقِيعانٌ.

وقالَ نَصْر: صقْعٌ واسِعٌ نَجْدِيٌّ بينَ الكُوفَةِ وفيد مِن دِيارِ بَني يَرْبوعٍ.

وقالَ أَبو حَنيفَةَ: حَزْنُ بَني يَرْبوعٍ قفٌّ غَلِيظٌ مَسِير ثَلاث لَيالٍ في مثْلِها، وهي بَعِيدَةٌ مِن المِياهِ، فليسَ تَرْعاها الشِّياه ولا الحمر، فليسَ فيها دمنٌ ولا أَرْواثٌ.

والحَزْنُ في قوْلِ الأَعْشَى:

ما رَوْضَةٌ مِنْ رياضِ الحَزْن مُعْشِبَةٌ *** خَضْراءُ جادَ عليه مُسْبِلٌ هَطِلُ

موْضِعٌ كانتْ تَرْعَى فيه إبِلُ المُلُوكِ، وهو مِن أَرْضِ بَني أَسَدٍ.

ومنه قوْلُهم: مَنْ تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصَّمَّان وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقد أَخْصَبَ؛ نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ

وحَزْنُ بنُ أَبي وهبِ بنِ عَمْرِو بنِ عائِذِ بنِ عِمْرانَ بنِ مَخْزومٍ المَخْزوميُّ، صَحابيٌّ له هجْرَةٌ، رَوَى عنه ابْنُه المُسَيّبُ أَبو سعِيدٍ، وقُتِلَ يومَ اليَمامَةِ؛ قالَ سَعِيدُ بنُ المُسَيِّبِ: أَرادَ النَبيُّ صَلّى الله عليه وسلّم، أَنْ يغيِّرَ اسْمَ جَدِّي ويُسمِّيَه سَهْلًا فأَبَى وقالَ: لا أُغَيِّرُ اسْمًا سمَّاني به أَبي، فما زَالَتْ فِينَا تِلْكَ الحُزونَةُ بَعْدُ.

والحُزَنُ، كصُبْرَدٍ، الجِبالُ الغِلاظُ الواحِدُ، حُزْنَةٌ، بالضمِّ، كصُبْرَةٍ وصُبَرٍ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن الأَصْمَعيّ وبه فَسَّرَ قَوْل أَبي ذُؤَيْبٍ السابق في رِوايَةِ مَنْ رَوَى:

فأَنْزَلَ من حُزَن المُغْفِرات

وإنَّما حَذَفَ التَّنْوينَ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن.

[وجَبَلٌ] *.

وحَزِينٌ، كأَميرٍ ماءٌ بنَجْدٍ؛ عن نَصْر.

والحَزِينُ: اسْمُ رجُلٍ.

وحَزانٌ، كسَحابٍ، وثُمَامَةَ وزُبَيْرٍ: أَسْماءٌ.

وتَحَزَّنَ عليه: تَوَجَّعَ.

وهو يَقْرأُ بالتَحْزِينِ؛ أَي يُرَقَّقُ صَوْتَهُ به؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

الحُزونَةُ: الخُشُونَةُ في الأَرضِ.

وقد حَزُنَتْ، ككَرُمَ: جاؤُوا به على ضِدِّه، وهو كقوْلِهم؛ مكانٌ سَهْلٌ وقد سَهُل سُهولَةً.

ومَحْزونُ اللِّهْزِمةِ: خَشِنُها، أَو أَنَّ لِهْزِمَته تَدَلَّت مِن الكآبَةِ.

وأَحْزَنَ بِنا المنزلُ: صارَ ذا جُزونَةٍ، كأَخْصَبَ وأَجْدَبَ، أَو أَحْزَنَ: رَكِبَ الحَزْنَ، كأَنَّ المنزلَ أَرْكَبَهم الحُزونَةَ حيثُ نَزلُوا فيه.

وقالَ ابنُ السِّكِّيت: بَعيرٌ حَزْنيٌّ: يَرْعَى في الحَزْنِ مِن الأَرْضِ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

والحُزَنُ، كصُرَدٍ: الشَّدائدُ؛ وبه فُسِّر قَوْلُ المُتَنَخّل:

وأَكْسُو الحُلَّةَ الشَّوْكاءَ خِدْني *** وبَعْضُ الخَيْرِ في حُزَنٍ وِراطِ

والحَزْنُ مِن الدوابِّ: ما خَشُنَ، صفَةٌ، والأُنثى حَزْنةٌ.

ويَقولُونَ للدابَّةِ إذا لم تكُنْ وَطِيئًا: إِنَّه لحَزْنُ المشْيِ، وفيه حُزُونَةٌ، وهو مجازٌ.

والحُزُنُ، بضَمَّتَيْن في قَوْلِ ابنِ مُقْبِل:

مَرَابِعُهُ الحُمْرُ مِنْ صَاحَةٍ *** ومُصْطَافُهُ في الوُعُولِ الحُزُنْ

قيلَ: لُغَةٌ في الحَزْنِ، بالفتْحِ، وقيلَ: جَمْعٌ له.

وحُزُنٌ، بضمَّتَيْن: جَبَلٌ لهُذَيْل، وبه رُوِي أَيْضًا قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ السابِقُ.

وأَرْضٌ حَزْنَةٌ، وقد حَزُنَتْ واسْتَحْزَنَتْ.

وصَوْتٌ حَزِينٌ: رَخِيمٌ.

ورجُلٌ حَزْنٌ: أَي غيرُ سَهْل الخُلُقِ؛ كما في الأَساسِ.

وعَمْرُو بنُ عبيدِ بنِ وهبٍ الكِنانيُّ الشاعِرُ يُلَقَّبُ بالحَزِينِ، وهو القائِلُ في عبدِ اللهِ بنِ عبْدِ المَلِكِ وقد وَفَدَ إليه بمِصْرَ وهو وَالِيها يمدَحُه في أَبْياتٍ مِن جُملتِها:

في كَفِّه خَيزُرانٌ رِيحُه عَبِق *** في كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِه شَمَمُ

يُغْضي حَياءً ويُغْضَى مِن مَهابَتِه *** فما يُكَلَّمُ إلَّا حين يَبْتَسِمُ

وهو القائِلُ أَيْضًا يَهْجو إنْسانًا بالبُخْلِ:

كأَنَّما خُلِقَتْ كَفَّاه منْ حَجَرٍ *** فليسَ بينَ يدَيْهِ والنَّدَى عَمَلُ

يَرى التَّيَمُّمَ في بَرِّ وفي بَحْرٍ *** مَخافَةً أَنْ يُرَى في كَفِّه بَلَلُ

وأَبو حزانَةَ اليَّمَنِيُّ: شاعِرٌ كانَ مع ابنِ الأَشْعَثِ، واسْمُه الوَليدُ بنُ حَنيفَةَ؛ نَقَلَه الحافِظُ.

ومالِكُ الحَزِينِ: طائِرٌ.

وحزنُ بنُ زنْباعٍ: بَطْنٌ؛ عن الهَمدانيِّ.

وحزنُ بنُ خفاجَةَ: بَطْنٌ مِن قَيْسٍ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

الحَيْزَبونُ: العَجوزُ مِن النِّساءِ، والسَّيِّئَةُ الخُلُقِ.

وناقَةٌ حَيزَبون: شَهْمَة حَديدَةٌ.

وقد أَهْمَلَه المصنِّفُ هنا وفي حَزَبَ أَيْضًا، وأَوْرَدَه الجَوْهرِيُّ في حَزَبَ على أَنَّ النّونَ زائِدَةٌ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


34-لسان العرب (سوأ)

سوأ: ساءَهُ يَسُوءُه سَوْءًا وسُوءًا وسَواءً وسَواءَةً وسَوايةً وسَوائِيَةً ومَساءَةً ومَسايةً ومَساءً ومَسَائِيَةً: فَعَلَ بِهِ مَا يَكْرَهُ، نَقِيضُ سَرَّه.

وَالِاسْمُ: السُّوءُ بالضم.

وسُؤْتُ الرجلَ سَوايةً ومَسايةً، يُخَفَّفَانِ، أَي ساءَهُ مَا رَآهُ مِنّي.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: سأَلت الْخَلِيلَ عَنْ سَوائِيَةٍ، فَقَالَ: هِيَ فَعالِيةٌ بِمَنْزِلَةِ عَلانِيَةٍ.

قَالَ: وَالَّذِينَ قَالُوا سَوايةً حَذَفُوا الْهَمْزَةَ، كَمَا حَذَفُوا هَمْزَةَ هارٍ ولاثٍ، كَمَا اجْتَمَعَ أَكثرهم عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ فِي مَلَك، وأَصله مَلأَكٌ.

قَالَ: وسأَلته عَنْ مَسَائِيَةٍ، فَقَالَ: هِيَ مَقْلُوبَةٌ، وَإِنَّمَا حَدُّها مَساوِئَةٌ، فَكَرِهُوا الْوَاوَ مَعَ الهمزِ لأَنهما حرفان مُسْتَثْقَلانِ.

وَالَّذِينَ قَالُوا: مَسايةً، حَذَفُوا الْهَمْزَ تَخْفِيفًا.

وَقَوْلُهُمْ: الخَيْلُ تَجْرِي عَلَى مَساوِيها أَي إِنها وَإِنْ كَانَتْ بِهَا أَوْصابٌ وعُيُوبٌ، فإنَّ كَرَمها يَحْمِلُها عَلَى الجَرْي.

وَتَقُولُ مِنَ السُّوءِ: اسْتَاءَ فلانٌ فِي الصَّنِيعِ مِثْلَ اسْتاعَ، كَمَا تَقُولُ مِنَ الغَمِّ اغْتَمَّ، واسْتَاءَ هُوَ: اهْتَمَّ.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنّ رَجُلًا قَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيا فاسْتَاءَ لَهَا»، ثُمَّ قَالَ: خِلافةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ المُلْكَ مَن يَشَاءُ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد أَنَّ الرُّؤْيا ساءَتْه فاسْتاءَ لَهَا، افْتَعل مِنَ المَساءَةِ.

وَيُقَالُ: اسْتَاءَ فُلَانٌ بِمَكَانِي أَي ساءَه ذَلِكَ.

وَيُرْوَى: فاسْتَالَها أَي طلَب تأْويلَها بالنَّظَر والتَّأَمُّل.

وَيُقَالُ: ساءَ مَا فَعَلَ فُلان صَنِيعًا يَسُوءُ أَي قَبُحَ صَنِيعُه صَنِيعًا.

والسُّوءُ: الفُجُورُ والمُنْكَر.

وَيُقَالُ: فُلَانٌ سيِّئُ الاخْتِيار، وَقَدْ يُخَفَّفُ مِثْلُ هَيِّنٍ وهَيْنٍ، ولَيِّنٍ ولَيْنٍ.

قَالَ الطُّهَوِيُّ:

وَلَا يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْءٍ، ***وَلَا يَجْزُونَ مِن غِلَظٍ بِلَيْنِ

وَيُقَالُ: عِنْدِي مَا سَاءَه وناءَه وَمَا يَسُوءُه ويَنُوءُه.

ابْنُ السِّكِّيتِ: وسُؤْتُ بِهِ ظَنًّا، وأَسَأْتُ بِهِ الظَّنَّ، قَالَ: يُثْبِتُونَ الأَلف إِذَا جاؤُوا بالأَلف وَاللَّامِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنَّمَا نَكَّرَ ظَنًّا فِي قَوْلِهِ سُؤْت بِهِ ظَنًّا لأَن ظَنًّا مُنْتَصِب عَلَى التَّمْيِيزِ، وأَما أَسَأْت بِهِ الظَّنَّ، فالظَّنُّ مَفْعُولٌ بِهِ، وَلِهَذَا أَتى بِهِ مَعْرِفةً لأَن أَسَأْت متَعدٍّ.

وَيُقَالُ أَسَأْت بِهِ وَإِلَيْهِ وَعَلَيْهِ وَلَهُ، وَكَذَلِكَ أَحسَنْت.

قَالَ كُثَيِّرٌ:

أَسِيئِي بِنا، أَوْ أَحْسِنِي، لَا مَلُولةٌ ***لَدَيْنا، وَلَا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي.

وَقَالَ عَزَّ مِن قَائِلٍ: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها.

وَقَالَ: {وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها}.

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}.

وسُؤْتُ لَهُ وجهَه: قَبَّحته.

اللَّيْثُ: ساءَ يَسُوءُ: فِعْلٌ لَازِمٌ ومُجاوِز، تَقُولُ: ساءَ الشيءُ يَسُوءُ سَوْءًا، فَهُوَ سيِّئٌ، إِذَا قَبُحَ، وَرَجُلٌ أَسْوَأُ: قَبِيحٌ، والأُنثى سَوْآءُ: قَبِيحةٌ، وَقِيلَ هِيَ فَعْلاءُ لَا أَفْعَلَ لَهَا، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَوْآءُ ولُودٌ خيرٌ مِن حَسْناءَ عقِيمٍ.

قَالَ الأُموي: السَّوْآءُ القبيحةُ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ: أَسْوأُ، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ، والأُنثى سَوْآءُ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: أَخرجه الأَزهري حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَخرجه غَيْرُهُ حَدِيثًا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: السَّوْآءُ بنتُ السيِّدِ أَحَبُّ إليَّ مِنَ الحَسْناءِ بنتِ الظَّنُونِ.

وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى}، قَالَ: هِيَ جهنمُ أَعاذنا اللهُ مِنْهَا.

والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ: المرأَةُ المُخالِفة.

والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ: الخَلّةُ القَبِيحةُ.

وكلُّ كَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ أَو فَعْلة قبيحةٍ فَهِيَ سَوْآءُ.

قَالَ أَبو زُبَيْد فِي رَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ نزَل بِهِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي شَيْبانَ، فأَضافه الطَّائِيُّ وأَحْسَنَ إِلَيْهِ وسَقاه، فَلَمَّا أَسرَعَ الشرابُ فِي الطَّائِيِّ افْتَخَرَ ومدَّ يدَه، فَوَثَبَ عَلَيْهِ الشَّيْبَانِيُّ فقَطَع يدَه، فَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

ظَلَّ ضَيْفًا أَخُوكُمُ لأَخِينا، ***فِي شَرابٍ، ونَعْمةٍ، وشِواءِ

لَمْ يَهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ، وحُقَّتْ، ***يَا لَقَوْمِي، للسَّوْأَةِ السَّوْآءِ

وَيُقَالُ: سُؤْتُ وجهَ فُلَانٍ، وأَنا أَسُوءُه مَساءَةً ومَسائِيَةً، والمَسايةُ لُغَةٌ فِي المَساءَة، تَقُولُ: أَردت مَساءَتك ومَسايَتَكَ.

وَيُقَالُ: أَسأْتُ إِلَيْهِ فِي الصَّنِيعِ.

وخَزْيانُ سَوْآنُ: مِنَ القُبْح.

والسُّوأَى، بِوَزْنِ فُعْلى: اسْمٌ للفَعْلة السيِّئَة بِمَنْزِلَةِ الحُسْنَى للحَسَنة، محمولةٌ عَلَى جهةِ النَّعْت فِي حَدِّ أَفْعَل وفُعْلى كالأَسْوإ والسُّوأَى.

والسُّوأَى: خِلَافُ الحُسْنَى.

وَقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ: ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى؛ الذين أَساؤُوا هُنَا الَّذِينَ أَشْرَكُوا.

والسُّوأَى: النارُ.

وأَساءَ الرجلُ إساءَةً: خلافُ أَحسَن.

وأَساءَ إِلَيْهِ: نَقِيضُ أَحْسَن إِلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ مُطَرِّف، قَالَ لِابْنِهِ لَمَّا اجْتَهد فِي العِبادة: «خَيْرُ الأُمورِ أَوساطُها»، والحَسَنةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْن أَي الغُلُوُّ سَيِّئةٌ والتقصيرُ سَيِّئةٌ والاقتِصادُ بَيْنَهُمَا حَسَنةٌ.

وَقَدْ كَثُرَ ذِكْرُ السَّيِّئة فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ والحَسَنةُ مِنَ الصفاتِ الْغَالِبَةِ.

يُقَالُ: كَلِمَةٌ حَسَنةٌ وَكَلِمَةٌ سَيِّئةٌ، وفَعْلة حَسَنة وفَعْلةٌ سيِّئة.

وأَساءَ الشيءَ: أَفْسَدَه وَلَمْ يُحْسِنْ عَمَلَه.

وأَساءَ فلانٌ الخِياطةَ والعَمَلَ.

وَفِي الْمَثَلِ أَساءَ كارِهٌ مَا عَمِلَ.

وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا أَكْرَهَه آخَرُ عَلَى عَمَلٍ فأَساءَ عَمَله.

يُضْرَب هَذَا لِلرَّجُلِ يَطْلُب الحاجةَ فَلَا يُبالِغُ فِيهَا.

والسَّيِّئةُ: الخَطِيئةُ، أَصلها سَيْوِئةٌ، فقُلبت الْوَاوُ يَاءً وأُدْغِمت.

وقولٌ سَيِّئٌ: يَسُوءُ.

والسَيِّئُ والسَّيِّئةُ: عَمَلانِ قَبِيحانِ، يَصِيرُ السَيِّئُ نَعْتًا لِلذَّكَرِ مِنَ الأَعمالِ والسَّيِّئةُ الأُنثى.

وَاللَّهُ يَعْفو عَنِ السَّيِّئاتِ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ}، فأَضافَ.

وَفِيهِ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، وَالْمَعْنَى مَكْرُ الشِّرْك.

وقرأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ومَكْرًا سَيِّئًا عَلَى النَّعْتِ.

وَقَوْلُهُ:

أَنَّى جَزَّوْا عامِرًا سَيْئًا بِفِعلِهِم، ***أَمْ كَيْف يَجْزُونَني السُّوأَى مِنَ الحَسَنِ؟

فَإِنَّهُ أَراد سَيِّئًا، فخفَّف كهَيْنٍ مِنْ هَيِّنٍ.

وأَراد مِنَ الحُسْنَى فَوَضَعَ الحَسَن مَكَانَهُ لأَنه لَمْ يُمْكِنْهُ أَكثر مِنْ ذَلِكَ.

وسَوَّأْتُ عَلَيْهِ فِعْلَه وَمَا صنَع تَسْوِئةً وتَسْوِيئًا إِذَا عِبْتَه عَلَيْهِ، وقلتَ لَهُ: أَسَأْتَ.

وَيُقَالُ: إنْ أَخْطَأْتُ فَخطِّئْني، وإنْ أسَأْتُ فَسَوِّئْ عَليَّ أَي قَبِّحْ عَليَّ إساءَتي.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فَمَا سَوَّأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، » أَي مَا قَالَ لَهُ أَسأْتَ.

قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ ضَرَبَ فلانٌ عَلَى فلانٍ سَايَةً: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدُهما السايةُ، الفَعْلة مِنَ السَّوْء، فتُرك همزُها، وَالْمَعْنَى: فَعَل بِهِ مَا يؤَدِّي إِلَى مَكْرُوهٍ والإِساءة بِه.

وَقِيلَ: ضَرَبَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ سَايَةً مَعْنَاهُ: جَعل لِمَا يُريد أَن يَفْعَلَهُ بِهِ طَرِيقًا.

فالسايةُ فَعْلةٌ مِن سَوَيْتُ، كَانَ فِي الأَصل سَوْية فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ، وَالسَّابِقُ سَاكِنٌ، جَعَلُوهَا يَاءً مُشَدَّدَةً، ثُمَّ اسْتَثْقَلُوا التَّشْدِيدَ، فأَتْبَعُوهما مَا قَبْلَهُ، فَقَالُوا سايةٌ كَمَا قَالُوا دِينارٌ ودِيوانٌ وقِيراطٌ، والأَصل دِوَّانٌ، فَاسْتَثْقَلُوا التَّشْدِيدَ، فأَتْبَعُوه الْكَسْرَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.

والسَّوْأَة: العَوْرة وَالْفَاحِشَةُ.

والسَّوْأَة: الفَرْجُ.

اللَّيْثُ: السَّوْأَةُ: فَرْج الرَّجل والمرأَة.

قَالَ اللَّهُ تعالى: {بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما}.

قَالَ: فالسَّوْأَةُ كلُّ عَمَلٍ وأَمْرٍ شَائِنٍ.

يُقَالُ: سَوْأَةً لِفُلَانٍ، نَصْبٌ لأَنه شَتْم ودُعاء.

وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِيةِ والمُغِيرة: «وَهَلْ غَسَلْتَ سَوْأَتَكَ إلَّا أَمْسِ؟ قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّوْأَةُ فِي الأَصل الفَرْجُ ثُمَّ نُقِل إِلَى كُلِّ مَا يُسْتَحْيا مِنْهُ إِذَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ»، وَهَذَا الْقَوْلُ إِشارة إِلى غَدْرٍ كَانَ المُغِيرةُ فَعَله مَعَ قَوْمٍ صَحِبوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فقَتَلهم وأَخَذَ أَمْوالَهم.

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تعالى: « {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} »؛ قَالَ: يَجْعلانِه عَلَى سَوْآتِهما؛ أي عَلَى فُرُوجِهما.

ورَجُلُ سَوْءٍ: يَعملُ عَمَل سَوْءٍ، وَإِذَا عرَّفتَه وصَفْت بِهِ وَتَقُولُ: هَذَا رجلُ سَوْءٍ، بالإِضافة، وتُدخِلُ عَلَيْهِ الأَلفَ وَاللَّامَ فَتَقُولُ: هَذَا رَجُلُ السَّوْء.

قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وكنتُ كَذِئبِ السَّوْءِ لَمَّا رأَى دَمًا ***بِصاحِبه، يوْمًا، أَحالَ عَلَى الدَّمِ

قَالَ الأَخفش: وَلَا يُقَالُ الرجُلُ السَّوْءُ، وَيُقَالُ الحقُّ اليَقِينُ، وحَقُّ اليَّقِينِ، جَمِيعًا، لأَنَّ السَّوْءَ لَيْسَ بالرجُل، واليَقِينُ هُو الحَقُّ.

قَالَ: وَلَا يقال هذا رجلُ السُّوءِ، بِالضَّمِّ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ أَجاز الأَخفش أَن يُقَالَ: رَجُلُ السَّوْءِ ورَجُلُ سَوْءٍ، بِفَتْحِ السِّينِ فِيهِمَا، وَلَمْ يُجوِّزْ رَجُلُ سُوء، بِضَمِّ السِّينِ، لأَن السُّوء اسْمٌ لِلضُّرِّ وسُوء الْحَالِ، وَإِنَّمَا يُضاف إِلَى المَصْدر الَّذِي هُوَ فِعْله كَمَا يُقَالُ رجلُ الضَّرْبِ والطَّعْنِ فيَقوم مَقام قَوْلِكَ رجلٌ ضَرَّابٌ وطَعَّانٌ، فَلِهَذَا جَازَ أَن يُقَالَ: رَجُلُ السَّوْءِ، بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يَجُز أَن يقال: هذا رجلُ السُّوءِ، بِالضَّمِّ.

قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: الْمَصْدَرُ السَّوْءُ، وَاسْمُ الفِعْل السُّوءُ، وَقَالَ: السَّوْءُ مَصْدَرُ سُؤْتُه أَسُوءُه سَوءًا، وأَما السُّوءُ فاسْم الفِعْل.

قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ}، وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا.

وَتَقُولُ فِي النَّكِرَةِ: رَجُلُ سَوْءٍ، وَإِذَا عَرَّفت قُلْتَ: هَذَا الرَّجلُ السَّوْءُ، وَلَمْ تُضِفْ، وَتَقُولُ: هَذَا عَمَلُ سَوْءٍ، وَلَا تَقُلِ السَّوْءِ، لأَن السَّوْءَ يَكُونُ نَعْتًا لِلرَّجُلِ، وَلَا يَكُونُ السَّوْء نَعْتًا لِلْعَمَلِ، لأَن الفِعل مِنَ الرَّجُلِ وَلَيْسَ الفِعل مِنَ السَّوْءِ، كَمَا تَقُولُ: قَوْلُ صِدْقٍ، والقَوْلُ الصِّدْقُ، ورَجلٌ صِدْقٌ، وَلَا تَقُولُ: رجلُ الصِّدْقِ، لأَن الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الصِّدْقِ.

الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ}؛ مِثْلُ قَوْلِكَ: رجلُ السَّوْءِ.

قَالَ: ودائِرَةُ السَّوْءِ: العذابُ.

السَّوْء، بِالْفَتْحِ، أَفْشَى فِي الْقِرَاءَةِ وأَكثر، وَقَلَّمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: دائرةُ السُّوءِ، بِرَفْعِ السِّينِ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ}.

كَانُوا ظَنُّوا أَنْ لَنْ يَعُودَ الرسولُ والمُؤمِنون إِلَى أَهليهم، فَجَعل اللهُ دائرةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: وَمَنْ قَرَأَ ظَنَّ السُّوء، فَهُوَ جَائِزٌ.

قَالَ: وَلَا أَعلم أَحدًا قَرَأَ بِهَا إلَّا أَنها قَدْ رُوِيت.

وَزَعَمَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: أَن مَعْنَى السَّوْءِ ههنا الفَساد، يَعْنِي الظانِّينَ بِاللَّهِ ظنَّ الفَسادِ، وَهُوَ مَا ظَنُّوا أَنَّ الرسولَ ومَن معَه لَا يَرجِعون.

قَالَ اللَّهُ تعالى: {عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ}، أَي الفَسادُ والهلاكُ يَقَعُ بِهِمْ.

قَالَ الأَزهريّ: قَوْلُهُ لَا أَعلم أَحدًا قرأَ ظَنَّ السُّوءِ، بِضَمِّ السِّينِ مَمْدُودَةً، صَحِيحٌ، وَقَدْ قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو: دَائِرَةُ السُّوءِ، بِضَمِّ السِّينِ مَمْدُودَةً، فِي سُورَةِ براءَة وَسُورَةِ الْفَتْحِ، وقرأَ سَائِرُ القرّاءِ {السَّوْءِ}، بِفَتْحِ السِّينِ فِي السُّورَتَيْنِ.

وَقَالَ الفرّاءُ فِي سُورَةِ براءَة فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ}؛ قَالَ: قرأَ القُرّاءُ بِنَصْبِ السِّينِ، وأَراد بالسَّوْءِ الْمَصْدَرَ مِنْ سُؤْتُه سَوءًا ومَساءَةً ومَسائِيةً وسَوائِيةً، فَهَذِهِ مَصَادِرُ، ومَن رَفع السِّينَ جَعَله اسْمًا كَقَوْلِكَ: عَلَيْهِمْ دائرةُ البَلاءِ والعَذاب.

قَالَ: وَلَا يَجُوزُ ضَمُّ السِّينِ فِي قَوْلِهِ تعالى: {مَا كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}؛ وَلَا فِي قَوْلِهِ: وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ؛ لأَنه ضِدٌّ لِقَوْلِهِمْ: هَذَا رجلُ صِدْقٍ، وثوبُ صِدْقٍ، وليس للسَّوءِ ههنا مَعْنًى فِي بَلاءٍ وَلَا عَذاب، فَيُضَمُّ.

وقرئَ قَوْلُهُ تعالى: {عليهم"""" دائرةُ السُّوءِ}، يَعْنِي الهزِيمةَ والشرَّ، ومَن فَتَح، فَهُوَ مِنَ المَساءَة.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: السُّوءُ: خِيانةُ صاحِبه، والفَحْشاءُ: رُكُوبُ الْفَاحِشَةِ.

وَإِنَّ اللَّيْلَ طويلٌ وَلَا يَسوءُ بالهُ أَي يَسُوءُنِي بالُه، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.

قَالَ: وَمَعْنَاهُ الدُّعاءُ.

والسُّوءُ: اسْمٌ جَامِعٌ لِلْآفَاتِ والداءِ.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ}، قِيلَ مَعْنَاهُ: مَا بِي مِنْ جُنون، لأَنهم نَسَبوا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى الجُنون.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُوءُ الحِسابِ أَن لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ حسنةٌ، وَلَا يُتجاوَز عَنْ سَيِّئَةٍ، لأَنَّ كُفرَهم أَحْبَط أَعْمالَهم، كَمَا قَالَ تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ.

وَقِيلَ: سُوءُ الْحِسَابِ: أَن يُسْتَقصَى عَلَيْهِ حِسابُهُ، وَلَا يُتَجاوَز لَهُ عَنْ شيءٍ مِنْ سَيّئاته، وَكِلَاهُمَا فِيهِ.

أَلا تَراهم قَالُوا:

مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ.

وَقَوْلُهُمْ: لَا أُنْكِرُك مِنْ سُوءٍ، وَمَا أُنْكِرُك مِنْ سُوءٍ أَي لَمْ يَكُنْ إِنْكارِي إِيَّاكَ مِنْ سُوءٍ رأَيتُه بِكَ، إِنما هُوَ لقلَّةِ الْمَعْرِفَةِ.

وَيُقَالُ: إِن السُّوءَ البَرَصُ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أَي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: أَمَّا السوءُ، فَمَا ذُكِرَ بسَيِّئٍ، فَهُوَ السُّوءُ.

قَالَ: وَيُكَنَّى بالسُّوءِ عَنِ اسْمِ البرَص، وَيُقَالُ: لَا خَيْرَ فِي قَوْلِ السُّوءِ، فَإِذَا فتَحتَ السِّينَ، فَهُوَ عَلَى مَا وصَفْنا، وإِذا ضَمَمْتَ السِّينَ، فَمَعْنَاهُ لَا تَقُلْ سُوءًا.

وبنو سُوءَةَ: حَيٌّ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَلي.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


35-لسان العرب (نوأ)

نوأ: ناءَ بِجِمْلِه يَنُوءُ نَوْءًا وتَنْوَاءً: نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ.

وَقِيلَ: أُثْقِلَ فسقَطَ، فَهُوَ مِنَ الأَضداد.

وَكَذَلِكَ نُؤْتُ بِهِ.

وَيُقَالُ: ناءَ بالحِمْل إِذَا نَهَضَ بِهِ مُثْقَلًا.

وناءَ بِهِ الحِملُ إِذَا أَثْقَلَه.

والمرأَة تنُوءُ بِهَا عَجِيزَتُها أَي تُثْقِلُها، وَهِيَ تَنُوءُ بِعَجِيزَتِها أَي تَنْهَضُ بِهَا مُثْقلةً.

وناءَ بِهِ الحِمْلُ وأَناءَه مِثْلُ أَناعَه: أَثْقَلَه وأَمالَه، كَمَا يُقَالُ ذهَبَ بِهِ وأَذْهَبَه، بِمَعْنًى.

وَقَوْلُهُ تعالى: {مَا إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}.

قَالَ: نُوْءُها بالعُصْبةِ أَنْ تُثْقِلَهم.

وَالْمَعْنَى إنَّ مفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أَي تُمِيلُهم مِن ثِقَلِها، فَإِذَا أَدخلت الباءَ قُلْتَ تَنُوءُ بِهِمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}.

وَالْمَعْنَى ائْتُوني بقِطْرٍ أُفْرِغْ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَذَفْتَ الباءَ زدْتَ عَلَى الْفِعْلِ فِي أَوله.

قَالَ الفرّاءُ: وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ: مَا إنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه، فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلَى المَفاتِحِ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:

إِنَّ سِراجًا لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ، ***تَحْلى بهِ العَيْنُ، إِذَا مَا تَجْهَرُهْ

وَهُوَ الَّذِي يَحْلى بالعين، فإذا كَانَ سُمِعَ آتَوْا بِهَذَا، فَهُوَ وَجْه، وإلَّا فَإِنَّ الرجُلَ جَهِلَ الْمَعْنَى.

قَالَ الأَزهري: وأَنشدني بَعْضُ الْعَرَبِ:

حَتَّى إِذَا مَا التَأَمَتْ مَواصِلُهْ، ***وناءَ، فِي شِقِّ الشِّمالِ، كاهِلُهْ

يَعْنِي الرَّامي لَمَّا أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها.

قَالَ: وَنَرَى أَنَّ قَوْلَ الْعَرَبِ مَا ساءَكَ وناءَكَ: مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ، كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: أَكَلْتُ طَعامًا فهَنَأَني ومَرَأَني، مَعْنَاهُ إِذَا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فَحُذِفَ مِنْهُ الأَلِف لَمَّا أُتْبِعَ مَا لَيْسَ فِيهِ الأَلِف، وَمَعْنَاهُ: مَا ساءَكَ وأَناءَكَ.

وَكَذَلِكَ: إنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا، والغَداةُ لَا تُجمع عَلَى غَدايا.

وَقَالَ الفرَّاءُ: لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ: تُثْقِلُها، وَقَالَ:

إنِّي، وَجَدِّك، لَا أَقْضِي الغَرِيمَ، وإِنْ ***حانَ القَضاءُ، وَمَا رَقَّتْ لَهُ كَبِدِي

إلَّا عَصا أَرْزَنٍ، طارَتْ بُرايَتُها، ***تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ

أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ.

وَقَالُوا: لَهُ عِنْدِي مَا سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وَمَا يَسُوءُه ويَنُوءُه.

قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قَالَ ناءَه، وَهُوَ لَا يَتَعدَّى، لأَجل ساءَه، فَهُمْ إِذَا أَفردوا قَالُوا أَناءَه، لأَنهم إِنَّمَا قَالُوا ناءَه، وَهُوَ لَا يتعدَّى لِمَكَانِ سَاءَه ليَزْدَوِجَ الْكَلَامُ.

والنَّوْءُ: النَّجْمُ إِذَا مَالَ للمَغِيب، وَالْجَمْعُ أَنْواءٌ ونُوآنٌ، حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، مِثْلُ عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ.

قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِها***.

إِذَا قَحَطَ الغَيْثُ، نُوآنُها

وَقَدْ ناءَ نَوْءًا واسْتَناءَ واسْتَنْأَى، الأَخيرة عَلَى القَلْب.

قَالَ:

يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصًا، كأَنَّه ***بِغَيْقةَ، لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ، جالِبُ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ: نَظَرُوا إِلَيْهِ، وأَصله مِنَ النَّوْءِ، فقدَّم الهمزةَ.

وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:

الفاضِلُ، العادِلُ، الهادِي نَقِيبَتُه، ***والمُسْتَناءُ، إِذَا مَا يَقْحَطُ المَطَرُ

المُسْتَنَاءُ: الَّذِي يُطْلَبُ نَوْءُه.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ الَّذِي يُطْلَبُ رِفْدُه.

وَقِيلَ: مَعْنَى النَّوْءِ سُقوطُ نَجْمٍ مِنَ المَنازِل فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وطُلوعُ رَقِيبه، وَهُوَ نَجْمٌ آخَرُ يُقابِلُه، مِنْ سَاعَتِهِ فِي الْمَشْرِقِ، فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

وَهَكَذَا كلُّ نَجْمٍ مِنْهَا إِلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ، مَا خَلَا الجَبْهةَ، فَإِنَّ لَهَا أَربعة عَشَرَ يَوْمًا، فتنقضِي جميعُها مَعَ انقضاءِ السَّنَةِ.

قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ نَوْءًا لأَنَّه إِذَا سَقَطَ الغارِبُ ناءَ الطالِعُ، وَذَلِكَ الطُّلوع هُوَ النَّوْءُ.

وبعضُهم يَجْعَلُ النَّوْءَ السُّقُوطَ، كأَنه مِنَ الأَضداد.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يُسْمع فِي النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ وَالْبَرْدَ إِلَى السَّاقِطِ مِنْهَا.

وَقَالَ الأَصمعي: إِلَى الطَّالِعِ مِنْهَا فِي سُلْطَانِهِ، فَتَقُولُ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَوْءُ النَّجْمِ: هُوَ أَوَّل سُقُوطٍ يُدْرِكُه بالغَداة، إِذَا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ، وَذَلِكَ فِي بَيَاضِ الْفَجْرِ المُسْتَطِير.

التَّهْذِيبِ: ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءًا إِذَا سقَطَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «ثلاثٌ مِنَ أَمْرِ الجاهِليَّةِ: الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ».

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَنواءُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ نَجْمًا مَعْرُوفَةَ المَطالِع فِي أزْمِنةِ السَّنَةِ كُلِّهَا مِنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ، يَسْقُطُ مِنْهَا فِي كُلِّ ثلاثَ عَشْرة لَيْلَةً نجمٌ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، ويَطْلُع آخَرُ يُقَابِلُهُ فِي الْمَشْرِقِ مِنْ سَاعَتِهِ، وَكِلَاهُمَا مَعْلُومٌ مُسَمًّى، وانقضاءُ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ وَعِشْرِينَ كُلِّهَا مَعَ انقضاءِ السَّنَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الأَمر إِلَى النَّجْمِ الأَوّل مَعَ اسْتِئْنَافِ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ.

وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا سَقَطَ مِنْهَا نَجْمٌ وَطَلَعَ آخَرُ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ أَن يَكُونَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ أَو رِيَاحٌ، فيَنْسِبُون كلَّ غَيْثٍ يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى ذَلِكَ النَّجْمِ، فَيَقُولُونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ.

والأَنْوَاءُ وَاحِدُهَا نَوْءٌ.

قَالَ: وإِنما سُمِّيَ نَوْءًا لأَنه إِذَا سَقَط الساقِط مِنْهَا بِالْمَغْرِبِ ناءَ الطَّالِعُ بِالْمَشْرِقِ يَنُوءُ نَوْءًا أَي نَهَضَ وطَلَعَ، وَذَلِكَ النُّهُوض هُوَ النَّوْءُ، فَسُمِّيَ النَّجْمُ بِهِ، وَذَلِكَ كُلُّ نَاهِضٍ بِثِقَلٍ وإبْطَاءٍ، فَإِنَّهُ يَنُوءُ عِنْدَ نُهوضِه، وَقَدْ يَكُونُ النَّوْءُ السُّقُوطُ.

قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ النَّوْءَ السُّقُوطُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

تَنُوءُ بِأُخْراها، فَلأْيًا قِيامُها؛ ***وتَمْشِي الهُوَيْنَى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ

مَعْنَاهُ: أَنَّ أُخْراها، وَهِيَ عَجِيزَتُها، تُنِيئُها إِلَى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لَحْمِهَا فِي أَرْدافِها.

قَالَ: وَهَذَا تَحْوِيلٌ لِلْفِعْلِ أَيضًا.

وَقِيلَ: أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد.

قَالَ شَمِرٌ: هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ، الَّتِي أَراد أَبو عُبَيْدٍ، هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الفُرْس وَالرُّومِ وَالْهِنْدِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنها ثَمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ، يَنْزِلُ الْقَمَرُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلَةٍ مِنْهَا.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ}.

قَالَ شَمِرٌ: وَقَدْ رأَيتها بِالْهِنْدِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ مُتَرْجَمَةً.

قَالَ: وَهِيَ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيمَا أَخبرني بِهِ ابْنُ الأَعرابي: الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ، والهَقْعَةُ، والهَنْعَةُ، والذِّراع، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والخَراتانِ، والصَّرْفَةُ، والعَوَّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإِكْليلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ، والنَّعائمُ، والبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِحِ، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، والحُوتُ.

قَالَ: وَلَا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بِهَا كُلِّها إِنَّمَا تَذْكُرُ بالأَنْواءِ بَعْضَها، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ فِي أَشعارهم وَكَلَامِهِمْ.

وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: لَا يَكُونُ نَوْءٌ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ مَطَر، وَإِلَّا فَلَا نَوْءَ.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَول الْمَطَرِ: الوَسْمِيُّ، وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُمَا الفَرْغُ المُؤَخَّر ثُمَّ الشَّرَطُ ثُمَّ الثُّرَيَّا ثُمَّ الشَّتَوِيُّ، وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ، ثمَّ الذِّراعانِ، ونَثْرَتُهما، ثمَّ الجَبْهةُ، وَهِيَ آخِر الشَّتَوِيِّ، وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي، ثُمَّ الصَّيْفِيُّ، وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ، والآخرُ الرَّقيبُ، وَمَا بَيْنَ السِّماكَيْنِ صَيف، وَهُوَ نَحْوُ مِنْ أَربعين يَوْمًا، ثمَّ الحَمِيمُ، وَهُوَ نَحْوُ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً عِنْدَ طُلُوعِ الدَّبَرانِ، وَهُوَ بَيْنَ الصيفِ والخَرِيفِ، وَلَيْسَ لَهُ نَوْءٌ، ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ، ثمَّ الأَخْضَرُ، ثُمَّ عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُمَا الفَرْغُ المُقَدَّمُ.

قَالَ: وكلُّ مطَر مِنَ الوَسْمِيِّ إِلَى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي بَعْضٍ أَمالِيهِ وذَكر قَوْلَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ سُقِينا بالنَّجْمِ فَقَدْ آمَنَ بالنَّجْم وكَفَر باللهِ، وَمَنْ قَالَ سَقانا اللهُ فَقَدْ آمَنَ باللهِ وكَفَر بالنَّجْمِ.

قَالَ: وَمَعْنَى مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا، أَي مُطِرْنا بطُلوع نَجْمٍ وسُقُوط آخَر.

قَالَ: والنَّوْءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ سُقُوط نَجْمٍ فِي المَغْرِب وطُلوعُ آخَرَ فِي الْمَشْرِقِ، فالساقِطةُ فِي الْمَغْرِبِ هِيَ الأَنْواءُ، والطالِعةُ فِي الْمَشْرِقِ هِيَ البَوارِحُ.

قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَسُقُوطُ نَظِيرِهِ فِي الْمَغْرِبِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْقَوْلِ الأَوَّل، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ مُطِرْنا بِنَوْءِ الثرَيَّا، فإِنما تأْويله أَنَّه ارْتَفَعَ النَّجْمُ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَسَقَطَ نَظِيرُهُ فِي الْمَغْرِبِ، أَي مُطِرْنا بِمَا ناءَ بِهِ هَذَا النَّجمُ.

قَالَ: وإِنما غَلَّظَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَزْعُمُ أَن ذَلِكَ الْمَطَرَ الَّذِي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هُوَ فِعْلُ النَّجْمِ، وَكَانَتْ تَنْسُبُ الْمَطَرَ إِلَيْهِ، وَلَا يَجْعَلُونَهُ سُقْيا مِنَ اللَّهِ، وَإِنْ وافَقَ سقُوطَ ذَلِكَ النَّجْمِ المطرُ يَجْعَلُونَ النجمَ هُوَ الْفَاعِلَ، لأَن فِي الْحَدِيثِ دَلِيلَ هَذَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَن قَالَ سُقِينا بالنَّجْمِ فَقَدْ آمَنَ بالنَّجْم وكَفَرَ باللهِ.

قَالَ أَبو إِسحاق: وأَما مَنْ قَالَ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ومرادُه أَنَّا مُطِرْنا فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلِمَ يَقْصِدْ إِلَى فِعْل النَّجْمِ، فَذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعلم، جَائِزٌ، كَمَا جاءَ عَنْ عُمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثُمَّ نادَى العباسَ: كَمْ بَقِيَ مِن نَوْءِ الثُرَيَّا؟ فَقَالَ: إنَّ العُلماءَ بِهَا يَزْعُمُونَ أَنها تَعْتَرِضُ فِي الأُفُقِ سَبْعًا بَعْدَ وقُوعِها، فواللهِ مَا مَضَتْ تِلْكَ السَّبْعُ حَتَّى غِيثَ الناسُ، فَإِنَّمَا أَراد عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، كَمْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أنَّه إِذَا تَمَّ أَتَى اللهُ بِالْمَطَرِ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: أَمَّا مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى، وأَراد بِقَوْلِهِ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا أَي فِي وَقْت كَذَا وَهُوَ هَذَا النَّوْءُ الْفُلَانِيُّ، فإِن ذَلِكَ جَائِزٌ أَي إِن اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجْرَى الْعَادَةَ أَن يأْتِيَ المَطَرُ فِي هَذِهِ الأَوقات.

قَالَ: ورَوى عَليٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّه قَالَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}؛ قَالَ: يَقُولُونَ مُطِرْنا بنوءِ كَذَا وَكَذَا.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ: وتَجْعَلُون شُكْرَ رِزْقِكم، الَّذِي رَزَقَكُمُوه اللَّهُ، التَّكْذِيبَ أَنَّه مِنْ عندَ الرَّزَّاقِ، وَتَجْعَلُونَ الرِّزْقَ مِنْ عندِ غيرِ اللهِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ؛ فأَمَّا مَنْ جَعَلَ الرِّزْقَ مِن عندِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وجَعَل النجمَ وقْتًا وقَّتَه للغَيْثِ، وَلَمْ يَجعلْه المُغِيثَ الرَّزَّاقَ، رَجَوْتُ أَن لَا يَكُونُ مُكَذِّبًا، وَاللَّهُ أَعلم.

قَالَ: وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَهُ أَبو إِسحاق وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ.

قَالَ أَبو زَيْدٍ: هَذِهِ الأَنْواءُ فِي غَيْبوبة هَذِهِ النُّجُومِ.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصل النَّوْءِ: المَيْلُ فِي شِقٍّ.

وَقِيلَ لِمَنْ نَهَضَ بِحِمْلِهِ: ناءَ بِهِ، لأَنَّه إِذَا نَهَضَ بِهِ، وَهُوَ ثَقِيلٌ، أَناءَ الناهِضَ أَي أَماله.

وَكَذَلِكَ النَّجْمُ، إِذَا سَقَطَ، مائلٌ نحوَ مَغِيبه الَّذِي يَغِيبُ فِيهِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الإِصلاح: مَا بِالبادِيَةِ أَنْوَأُ مِنْ فُلَانٍ، أَي أَعْلَمُ بأَنْواءِ النُّجوم مِنْهُ، وَلَا فِعْلَ لَهُ.

وَهَذَا أَحد مَا جاءَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ لَهُ فِعْلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ أَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعِيرَيْنِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُئِلَ ابْنِ عبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عنهما، عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِه بِيَدِها، فَقَالَتْ لَهُ: أَنت طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها أَلّا طَلَّقَتْ نَفْسها ثَلَاثًا.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّوْءُ هُوَ النَّجْم الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْمَطَرُ، فَمن هَمَز الْحَرْفَ أَرادَ الدُّعاءَ عَلَيْهَا أَي أَخْطَأَها المَطَرُ، وَمَنْ قَالَ خطَّ اللهُ نَوْءَها جَعَلَه مِنَ الخَطِيطَةِ.

قَالَ أَبو سَعِيدٍ: مَعْنَى النَّوْءِ النُّهوضُ لَا نَوْءُ الْمَطَرِ، والنَّوْءُ نُهُوضُ الرَّجل إِلَى كلِّ شيءٍ يَطْلُبه، أَرَادَ: خَطَّأَ اللهُ مَنْهَضَها ونَوْءَها إِلَى كلِّ مَا تَنْوِيه، كَمَا تَقُولُ: لَا سَدّدَ اللهُ فُلَانًا لِمَا يَطْلُب، وَهِيَ امرأَة قَالَ لَهَا زَوْجُها: طَلِّقي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ لَهُ: طَلَّقْتُكَ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَوْ عَقَلَتْ لَقالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي.

وَرَوَى ابْنُ الأَثير هَذَا الحديثَ عَنْ عُثمانَ، وَقَالَ فِيهِ: إنَّ اللهَ خَطَّأَ نَوْءَها أَلَّا طَلَّقَتْ نَفْسَها.

وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: قِيلَ هُوَ دُعاءٌ عَلَيْهَا، كَمَا يُقَالُ: لَا سَقاه اللَّهُ الغَيْثَ، وأَراد بالنَوْءِ الَّذِي يَجِيءُ فِيهِ المَطَر.

وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: هَذَا لَا يُشْبِهُ الدُّعاءَ إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ، وَالَّذِي يُشْبِهُ أَن يَكُونَ دُعاءً حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَها لَوَقَعَ الطَّلاق، فَحَيْثُ طَلَّقَتْ زوجَها لَمْ يَقَعِ الطَّلاقُ، وَكَانَتْ كَمَنْ يُخْطِئُه النَّوْءُ، فَلَا يُمْطَر.

وناوَأْتُ الرَّجُلَ مُناوَأَةً ونِوَاءً: فاخَرْتُه وعادَيْتُه.

يُقَالُ: إِذَا ناوَأْتَ الرجلَ فاصْبِرْ، وَرُبَّمَا لَمْ يُهمز وأَصله الْهَمْزُ، لأَنَّه مِنْ ناءَ إلَيْكَ ونُؤْتَ إِلَيْهِ أَي نَهَضَ إليكَ وَنهَضْتَ إِلَيْهِ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ، فَلَمْ تَنُؤْ ***بِقَرْنَيْنِ، غَرَّتْكَ القُرونُ الكَوامِلُ

وَلَا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطاحِ، الَّذِي بِهِ ***تَنُوءُ، وقَرْنٌ كُلَّما نُؤتَ مائلُ

والنَّوْءُ والمُناوَأَةُ: المُعاداةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي الْخَيْلِ: ورجُلٌ رَبَطَها فَخْرًا ورِياءً ونِوَاءً لأَهل الإِسلام، أَي مُعاداةً لَهُمْ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَزالُ طائفةٌ مِنْ أُمّتي ظاهرينَ عَلَى مَن ناوَأَهم»؛ أَي ناهَضَهم وعاداهم.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


36-لسان العرب (غيب)

غيب: الغَيْبُ: الشَّكُّ، وَجَمْعُهُ غِيابٌ وغُيُوبٌ؛ قَالَ:

أَنْتَ نَبيٌّ تَعْلَمُ الغِيابا، ***لَا قَائِلًا إِفْكًا وَلَا مُرْتابا

والغَيْبُ: كلُّ مَا غَابَ عَنْكَ.

أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}؛ أَي يُؤْمِنُونَ بِمَا غابَ عَنْهُمْ، مِمَّا أَخبرهم بِهِ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مِنْ أَمرِ البَعْثِ والجنةِ وَالنَّارِ.

وكلُّ مَا غابَ عَنْهُمْ مِمَّا أَنبأَهم بِهِ، فَهُوَ غَيْبٌ؛ وَقَالَ ابن الأَعرابي: يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.

قَالَ: والغَيْبُ أَيضًا مَا غابَ عَنِ العُيونِ، وإِن كَانَ مُحَصَّلًا فِي الْقُلُوبِ.

ويُقال: سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ وَرَاءِ الغَيْب أَي مِنْ مَوْضِعٍ لَا أَراه.

وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْغَيْبِ، وَهُوَ كُلُّ مَا غَابَ عَنِ الْعُيُونِ، سَوَاءٌ كَانَ مُحَصَّلًا فِي الْقُلُوبِ، أَو غَيْرَ مُحَصَّلٍ.

وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْبًا، وغِيابًا، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوبًا، ومَغابًا، ومَغِيبًا، وتَغَيَّب: بَطَنَ.

وغَيَّبه هُوَ، وغَيَّبه عَنْهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمَّا هَجا حَسَّانُ قُرَيْشًا، قَالَتْ: إِن هَذَا لَشَتْمٌ مَا غابَ عَنْهُ ابنُ أَبي قُحافة»؛ أَرادوا: أَن أَبا بَكْرٍ كَانَ عَالِمًا بالأَنْساب والأَخبار، فَهُوَ الَّذِي عَلَّم حَسَّانَ؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسَّانَ: سَلْ أَبا بَكْرٍ عَنْ مَعايِب الْقَوْمِ؛ وَكَانَ نَسَّابةً عَلَّامة.

وَقَوْلُهُمْ: غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ فِي قَبْرِه.

قَالَ شَمِرٌ: كلُّ مَكَانٍ لَا يُدْرَى مَا فِيهِ، فَهُوَ غَيْبٌ؛ وَكَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يُدْرَى مَا وَرَاءَهُ، وَجَمْعُهُ: غُيُوبٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ، ومَطْرِفُه ***مُغْضٍ، كَمَا كَشَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ

وغابَ الرجلُ غَيْبًا ومَغِيبًا وتَغَيَّبَ: سافرَ، أَو بانَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

وَلَا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ، ***وَلَا عِدَةً، فِي الناظِرِ المُتَغَيَّبِ

إِنما وَضعَ فِيهِ الشاعرُ المُتَغَيَّبَ موضعَ المُتَغَيِّبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الْحَامِضِ، وَالصَّحِيحُ المُتَغَيِّب، بِالْكَسْرِ.

والمُغَايَبةُ: خلافُ المُخاطَبة.

وتَغَيَّبَ عَنِّي فلانٌ.

وجاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ تَغَيَّبَنِي؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

فظَلَّ لَنَا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ، ***فَقِلْ فِي مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ

وَقَالَ الفراءُ: المُتَغَيِّبُ مَرْفُوعٌ، وَالشِّعْرُ مُكْفَأٌ.

وَلَا يَجُوزُ أَن يَرِدَ عَلَى المَقيلِ، كَمَا لَا يَجُوزُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَبوه قَائِمٍ.

وَفِي حَدِيثِ عُهْدَةِ الرَّقيقِ: «لَا داءَ»، وَلَا خُبْنَة، وَلَا تَغْييبَ.

التَّغْيِيب: أَن لَا يَبيعه ضالَّةً، وَلَا لُقَطَة.

وقومٌ غُيَّبٌ، وغُيَّابٌ، وغَيَبٌ: غائِبُون؛ الأَخيرةُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَصَحَّتِ الياءُ فِيهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَصل غابَ.

وإِنما ثَبَتَتْ فِيهِ الْيَاءُ مَعَ التَّحْرِيكِ لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كَانَ جَمْعًا، وصَيَدٌ: مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يَجُوزُ أَن تَنْوِيَ بِهِ الْمَصْدَرَ.

وَفِي حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ: «إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَبٌ»أَي رجالُنا غَائِبُونَ.

والغَيَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ.

وامرأَةٌ مُغِيبٌ، ومُغْيِبٌ، ومُغِيبةٌ: غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ وَيُقَالُ: هِيَ مُغِيبةٌ، بِالْهَاءِ، ومُشْهِدٌ، بِلَا هَاءٍ.

وأَغابَتِ المرأَةُ، فَهِيَ مُغِيبٌ: غابُوا عَنْهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَمْهِلُوا حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ، هِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زوجُها».

وَفِي حديثِ ابنِ عَبَّاس: أَنَّ امرأَةً مُغِيبةً أَتَتْ رَجُلًا تَشْتَري مِنْهُ شَيْئًا، فَتَعَرَّضَ لَهَا، فقالتْ لَهُ: وَيْحَكَ إِني مُغِيبٌ فتَرَكها.

وَهُمْ يَشْهَدُون أَحْيانًا، ويَتَغايَبُونَ أَحْيانًا أَي يَغِيبُون أَحْيانًا.

وَلَا يُقَالُ: يَتَغَيَّبُونَ.

وغابَتِ الشمسُ وغيرُها مِنَ النُّجوم، مَغِيبًا، وغِيابًا، وغُيوبًا، وغَيْبُوبة، وغُيُوبةً، عَنِ الهَجَري: غَرَبَتْ.

وأَغابَ القومُ: دَخَلُوا فِي المَغِيبِ.

وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه الَّتِي تَغَيَّبَتْ مِنْهُ؛ وَذَلِكَ إِذا أَصابه البُعَاقُ مِنَ المَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حَتَّى ظَهَرَتْ عُروقُه، وَمَا تَغَيَّبَ مِنْهُ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْعَرَبُ تُسَمِّي مَا لَمْ تُصِبْه الشمسُ مِنَ النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ، بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ؛ والغَيَابة: كالغَيْبانِ.

أَبو زِيَادٍ الكِلابيُّ: الغَيَّبانُ، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، مِنَ النَّبَاتِ مَا غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فَلَمْ تُصِبْه؛ وَكَذَلِكَ غَيَّبانُ العُروق.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة، وَهِيَ عُرُوقها الَّتِي تَغَيَّبَتْ فِي الأَرض، فحَفَرْتَ عَنْهَا حَتَّى ظَهَرَتْ.

والغَيْبُ مِنَ الأَرض: مَا غَيَّبك، وَجَمْعُهُ غُيُوب؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِذَا كَرِهُوا الجَمِيعَ، وحَلَّ مِنْهُمْ ***أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ

والغَيْبُ: مَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ غُيوب.

قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ بَقَرَةَ، أَكل السبعُ وَلَدَهَا فأَقبلت تَطُوف خَلْفَهُ:

وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ، فَراعَها ***عَنْ ظهرِ غَيْبٍ، والأَنِيسُ سَقامُها

تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصَّيَّادِينَ، فَرَاعَهَا أَي أَفزعها.

وَقَوْلُهُ: والأَنيسُ سَقامُها أَي أَنَّ الصَّيَّادِينَ يَصِيدُونها، فَهُمْ سَقامُها.

ووقَعْنا فِي غَيْبة مِنَ الأَرض أَي فِي هَبْطةٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.

ووَقَعُوا فِي غَيابةٍ مِنَ الأَرض أَي فِي مُنْهَبِط مِنْهَا.

وغَيابةُ كلِّ شَيْءٍ: قَعْرُه، مِنْهُ، كالجُبِّ وَالْوَادِي وَغَيْرِهِمَا؛ تَقُولُ: وَقَعْنا فِي غَيْبةٍ وغَيابةٍ أَي هَبْطة مِنَ الأَرض؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فِي غَياباتِ الجُبِّ}.

وغابَ الشيءُ فِي الشيءِ غِيابةً، وغُيُوبًا، وغَيابًا، وغِيابًا، وغَيْبةً، وَفِي حرفِ أُبَيٍّ، فِي غَيْبةِ الجُبِّ.

والغَيْبَةُ: مِنَ الغَيْبُوبةِ.

والغِيبةُ: مِنَ الاغْتِيابِ.

واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِيابًا إِذا وَقَع فِيهِ، وَهُوَ أَن يَتَكَلَّمَ خَلْفَ إِنْسَانٍ مَسْتُورٍ بِسُوءٍ، أَو بِمَا يَغُمُّه لَوْ سَمِعَهُ وإِن كَانَ فِيهِ، فإِن كَانَ صِدْقًا، فَهُوَ غِيبةٌ؛ وإِن كَانَ كَذِبًا، فَهُوَ البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كَذَلِكَ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا مِنْ وَرَائِهِ، وَالِاسْمُ: الغِيبةُ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}؛ أَي لَا يَتَناوَلْ رَجُلًا بظَهْرِ الغَيْبِ بِمَا يَسُوءُه مِمَّا هُوَ فِيهِ.

وإِذا تَنَاوَلَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ بَهْتٌ وبُهْتانٌ.

وَجَاءَ المَغْيَبانُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه سَمِعَ: غَابَهُ يَغِيبُهُ إِذا عَابَهُ، وذكَر مِنْهُ مَا يَسُوءُه.

ابْنُ الأَعرابي: غابَ إِذا اغْتَابَ.

وغابَ إِذا ذَكَرَ إِنسانًا بخيرٍ أَو شَرٍّ؛ والغِيبَةُ: فِعْلَةٌ مِنْهُ، تَكُونُ حَسَنةً وقَبِيحةً.

وغائِبُ الرجلِ: مَا غابَ مِنْهُ، اسْمٌ، كالكاهِل وَالْجَامِلِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ويُخْبِرُني، عَنْ غَائبِ المَرْءِ، هَدْيُه، ***كفَى الهَدْيُ، عَمَّا غَيَّبَ المَرْءُ، مُخبرا

والغَيْبُ: شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ.

وَشَاةٌ ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عَنِ الْعَيْنِ؛ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّقَاعِ يَصِفُ فَرَسًا:

وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْبًا غامِضًا، ***قَلِقَ الخَصِيلَةِ، مِن فُوَيْقِ الْمِفْصَلِ

قَوْلُهُ: غَيْبًا، يَعْنِي انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بِلَحْمَتَيْنِ عِنْدَ سِمَنِه، فَجَرَى النَّسا بَيْنَهُمَا واسْتَبان.

والخَصِيلَةُ: كُلُّ لَحْمة فِيهَا عَصَبة.

والغَرُّ: تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه.

وَسُئِلَ رَجُلٌ عَنْ ضُمْرِ الفَرس، قال: إِذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ غُرورُه، وَبَدَا حَصِيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه.

وَالشَّاكِلَةُ: الطِّفْطِفَةُ.

وَالْفَرِيرُ: موضعُ المَجَسَّة مِنْ مَعْرَفَتِه.

والحَصِيرُ: العَقَبة الَّتِي تَبْدُو فِي الجَنْبِ، بَيْنَ الصِّفاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع.

الهَوَازنيُّ: الْغَابَةُ الوَطَاءَةُ مِنَ الأَرض الَّتِي دُونَهَا شُرْفَةٌ، وَهِيَ الوَهْدَة.

وَقَالَ أَبو جَابِرٍ الأَسَدِيُّ: الغابَةُ الجمعُ مِنَ الناسِ؛ قَالَ وأَنشدني الهَوَازِنيُّ:

إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ، ***حَسِبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي

وَالْغَابَةُ: الأَجَمَةُ الَّتِي طالتْ، وَلَهَا أَطْراف مُرْتَفِعَةٌ باسِقَة؛ يُقَالُ: ليثُ غابةٍ.

والغابُ: الْآجَامُ، وَهُوَ مِنَ الْيَاءِ.

والغابةُ: الأَجَمة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغابةُ أَجَمة القَصَب، قَالَ: وَقَدْ جُعِلَتْ جماعةَ الشَّجَرِ، لأَنه مأْخوذ مِنَ الغَيابةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ مِنْبَر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَثْلِ الغابةِ»؛ وَفِي رِوَايَةٍ:

مِنْ طَرْفاءِ الْغَابَةِ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَثْلُ شَجَرٌ شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلَّا أَنه أَعظم مِنْهُ؛ والغابةُ: غَيْضَةٌ ذَاتُ شَجَرٍ كَثِيرٍ، وَهِيَ عَلَى تسعةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هِيَ موضعٌ قريبٌ مِن الْمَدِينَةِ، مِن عَواليها، وَبِهَا أَموال لأَهلها.

قَالَ: وَهُوَ المذكور في حديث فِي حَدِيثِ السِّباق، وَفِي حَدِيثِ تَرِكَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالْغَابَةُ: الأَجمة ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ مَا فِيهَا.

والغابةُ مِنَ الرِّماحِ: مَا طَالَ مِنْهَا، وَكَانَ لَهَا أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وَقِيلَ: هِيَ المُضْطَرِبةُ مِنَ الرماحِ فِي الرِّيحِ؛ وَقِيلَ: هِيَ الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْغَابَةِ الَّتِي هِيَ الأَجمة؛ والجمعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ: غاباتٌ وغابٌ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وجهَه: «كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ».

أَضافه إِلى الْغَابَاتِ لشدّتِه وَقُوَّتِهِ، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى.

وغابةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْحِجَازِ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


37-لسان العرب (ولج)

وَلَجَ: ابْنُ سِيدَهْ: الوُلُوجُ الدخولُ.

وَلَجَ البيتَ وُلُوجًا ولِجَةً، فأَما سِيبَوَيْهِ فَذَهَبَ إِلى إِسقاط الْوَسَطِ، وأَما مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ فذهب إِلى أَنه مُتَعَدٍّ بِغَيْرِ وَسَطٍ؛ وَقَدْ أَولَجَه.

والمَوْلَجُ: المَدْخَلُ.

والوِلاجُ: الْبَابُ.

والوِلاجُ: الْغَامِضُ مِنَ الأَرض وَالْوَادِي، وَالْجَمْعُ وُلُجٌ ووُلُوجٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَن فِعالًا لَا يُكسَّر عَلَى فُعول، وَهِيَ الوَلَجَةُ، وَالْجَمْعُ وَلَجٌ.

ابْنُ الأَعرابي: وِلاجُ الْوَادِي مَعَاطِفُهُ، وَاحِدَتُهَا وَلَجَةٌ، وَالْجَمْعُ الوُلُجُ؛ وأَنشد لِطُرَيْحٍ يَمْدَحُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:

أَنتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطاحِ، وَلَمْ ***تَعْطِفْ عَلَيْكَ الحُنِيُّ والوُلُجُ

لَوْ قلتَ للسَّيْلِ: دَعْ طَريقَكَ، والمَوْجُ ***عَلَيْهِ كالهَضْبِ يَعْتَلِجُ،

لارْتَدَّ أَوْ ساخَ، أَو لكانَ لَهُ ***فِي سائرِ الأَرضِ، عنكَ، مُنْعَرَجُ

وَقَالَ: الحُنِيُّ والوُلُجُ الأَزِقَّةُ.

والوُلُجُ: النَّواحي.

والوُلُجُ: مَغارِفُ العسلِ.

والوَلَجَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَوْضِعٌ أَو كَهْف يَسْتَتِرُ فِيهِ المارَّةُ مِنْ مَطَرٍ أَو غَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ وَلَجٌ وَأَولاجٌ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «إِياكم والمُناخَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فإِنه مَنْزِلُ الوالِجَةِ»، يَعْنِي السِّبَاعَ وَالْحَيَّاتِ، سمِّيت والِجَةً لِاسْتِتَارِهَا بِالنَّهَارِ فِي الأَوْلاجِ، وَهُوَ مَا وَلَجْتَ فِيهِ مِنْ شِعْب أَو كهف وغيرهما.

والوَلَجُ والوَلَجَةُ: شَيْءٌ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ فِناء الْقَوْمِ، فإِما أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ حِقٍّ وحِقَّةٍ أَو مِنْ بَابِ تَمْر وتَمْرَةٍ.

ووِلاجَا الخَلِيَّة: طَبَقاها مِنْ أَعلاها إِلى أَسفلها، وَقِيلَ: هُوَ بَابُهَا، وَكُلُّهُ مِنَ الدُّخُولِ.

وَرَجُلٌ خَرّاجٌ وَلّاجٌ، وخَرُوجٌ وَلُوجٌ؛ قَالَ:

قَدْ كنتُ خَرَّاجًا وَلُوجًا صَيْرَفًا، ***لَمْ تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ

وَرِجْلٌ خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ، مِثْلَ هُمَزَة، أَي كَثِيرُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.

ووَلِيجةُ الرَّجُلِ: بِطانَتُه وَخَاصَّتُهُ ودِخْلَتُه؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً}؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الوَلِيجَة البِطانَةُ، وَهِيَ مأْخوذة مِنْ وَلَجَ يَلِجُ وُلُوجًا وَلِجَةً إِذا دَخَلَ أَي وَلَمْ يَتَّخِذُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكَافِرِينَ دَخِيلَةَ مَوَدّةٍ؛ وَقَالَ أَيضًا: ولِيجةً.

كلُّ شَيْءٍ أَولَجْته فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ وَلِيجَة؛ وَالرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، فَهُوَ وَلِيجَة فِيهِمْ، يَقُولُ: وَلَا يَتَّخِذُوا أَولياء لَيْسُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

فإِن القَوافي يَتَّلِجْنَ مَوالِجًا، ***تَضايَقُ عَنْهَا أَنْ تَوَلَّجَها الإِبَرْ

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الوَليجَة الْبِطَانَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما جَاءَ مَصْدَرُهُ وُلُوجًا، وَهُوَ مِنْ مَصَادِرَ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي، عَلَى مَعْنَى وَلَجْتُ فِيهِ، وأَولَجَه: أَدخله.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «أَقَرَّ بالبَيْعَةِ وادَّعى الوَلِيجةَ»؛ وَلِيجة الرجلِ: بِطانَتُه ودُخلاؤه وَخَاصَّتُهُ.

واتَّلَجَ مَوالِج، عَلَى افْتَعَل، أَي دَخَلَ مَداخل.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَن أَنسًا كَانَ يَتَوَلَّجُ عَلَى النِّسَاءِ وهنَّ مُكَشَّفاتُ الرؤوس» أَي يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ، وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُ.

التَّهْذِيبُ: وَفِي نَوَادِرِهِمْ: وَلَّجَ مالَه تَوْلِيجًا إِذا جَعَلَهُ فِي حَيَاتِهِ لِبَعْضِ وَلَده، فتسامعَ الناسُ بِذَلِكَ فانْقَدَعُوا عَنْ سُؤَالِهِ.

والوالِجةُ: وَجَعٌ يأْخذ الإِنسان.

وَقَوْلُهُ تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ}: أَي يَزِيدُ مِنْ هَذَا فِي ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا.

وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع: «لَا يُولِجُ الكَفَّ ليَعْلَمَ البَثَ» أَي لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثَوْبِهَا لِيَعْلَمَ مِنْهَا مَا يسوءُه إِذا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، تَصِفُهُ بِالْكَرَمِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَقِيلَ: إِنها تَذُمُّهُ بأَنه لَا يَتَفَقَّدُ أَحوال الْبَيْتِ وأَهله.

والوُلوجُ: الدُّخُولُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «عُرِضَ عليَّ كلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَه»، بِفَتْحِ اللَّامِ، أَي تُدْخَلُونه وَتَصِيرُونَ إِليه مِنْ جَنَّةٍ أَو نَارٍ.

والتَّوْلَجُ: كِنَاسُ الظَّبْيِ أَو الْوَحْشِ الَّذِي يَلِجُ فِيهِ، التَّاءُ فِيهِ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْوَاوِ، والدَّولَجُ لُغَةٌ فِيهِ، دَالُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ بَدَلٌ مِنْ تَاءٍ، فَهُوَ عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ بَدَلٍ، وعَدَّه كُراعٌ فَوْعَلًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:

وبادَرَ العُفْر تَؤُمُّ الدَّولَجَا

الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ التَّاءَ مُبْدَلَةُ مِنَ الْوَاوِ، وَهُوَ فَوْعَل لأَنك لَا تَجِدُ فِي الْكَلَامِ تَفْعَلٌ اسْمًا، وفَوعَل كَثِيرٌ؛ وَقَالَ يَصِفُ ثَوْرًا تَكَنَّسَ فِي عِضاه، وَهُوَ لِجَرِيرٍ يَهْجُو البَعِيثَ:

قَدْ غَبَرَتْ أُمُّ البَعِيث حَجِجَا، ***عَلَى السَّوايا مَا تَحُفُّ الهَوْدَجا،

فوَلَدتْ أَعْثَى ضَرُوطًا عُنْبُجا،

كأَنه ذِيخٌ إِذا مَا مَعَجا، ***مُتَّخِذًا فِي ضَعَواتٍ تَوْلَجا

غَبَرَت: بَقِيَتْ.

والسَّوايا: جَمْعُ سَوِيَّة، وَهُوَ كِسَاءٌ يُجْعَلُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ مِنْ مَرَاكِبِ الإِماء.

وَقَوْلُهُ: مَا تَحُفُّ الهودَجا أَي مَا تُوَطِّئُهُ مِنْ جَوَانِبِهِ وتَفْرُشُ عَلَيْهِ تَجْلِسُ عَلَيْهِ.

والذِّيخُ: ذَكَر الضِّباع.

والأَعْثى: الْكَثِيرُ الشَّعْرُ.

والعُنْبُجُ: الثَّقِيلُ الوَخِمُ.

ومَعَجَ: نَفَشَ شَعْرَهُ.

والضَّعَواتُ: جَمْعُ ضَعَةٍ لنبتٍ مَعْرُوفٍ.

وَقَدِ اتَّلَجَ الظَّبْيُ فِي كِنَّاسِهِ وأَتْلَجَه فِيهِ الحَرُّ أَي أَوْلَجه.

وشَرٌّ تالِجٌ والِجٌ؛ اللَّيْثُ: جَاءَ فِي بَعْضِ الرُّقَى: أَعوذ بَاللَّهِ مِنْ شرِّ كلِّ تالِجٍ ومالِجٍ وَنَجَ: الوَنَجُ: المِعْزَفُ، وَهُوَ المِزْهَرُ والعُودُ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الصَّنْجِ ذُو الأَوتار وَغَيْرُهُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ أَصله وَنَهْ، وَالْعَرَبُ قَالَتْ: الوَنُّ، بتشديد النون.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


38-لسان العرب (غرر)

غرر: غَرَّهُ يغُرُّه غَرًّا وغُرورًا وغِرّة؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ مَغرور وَغَرِيرٌ: خدعه وأَطعمه بِالْبَاطِلِ؛ قَالَ:

إِن امْرَأً غَرّه مِنْكُنَّ واحدةٌ، ***بَعْدِي وبعدَكِ فِي الدُّنْيَا، لَمَغْرُورُ

أَراد لَمَغْرُورٌ جِدًّا أَو لَمَغْرُورٌ جِدَّ مغرورٍ وحَقَ مغرورٍ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ لأَنه قَدْ عَلِمَ أَن كُلَّ مَنْ غُرّ فَهُوَ مَغْرور، فأَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ لَمَغْرُورٌ، إِنما هُوَ عَلَى مَا فُسِّرَ.

واغْتَرَّ هُوَ: قَبِلَ الغُرورَ.

وأَنا غَرَرٌ مِنْكَ، أَي مَغْرُورٌ وأَنا غَرِيرُك مِنْ هَذَا أَي أَنا الَّذِي غَرَّك مِنْهُ أَي لَمْ يَكُنِ الأَمر عَلَى مَا تُحِبّ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «المؤمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ»أَي لَيْسَ بِذِي نُكْر، فَهُوَ ينْخَدِع لِانْقِيَادِهِ ولِينِه، وَهُوَ ضِدُّ الخَبّ.

يُقَالُ: فَتًى غِرٌّ، وَفَتَاةٌ غِرٌّ، وَقَدْ غَرِرْتَ تَغَرُّ غَرارةً؛ يُرِيدُ أَن الْمُؤْمِنَ المحمودَ منْ طَبْعُه الغَرارةُ وقلةُ الْفِطْنَةِ لِلشَّرِّ وتركُ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ جَهْلًا، وَلَكِنَّهُ كَرَمٌ وَحُسْنُ خُلُق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجَنَّةِ: يَدْخُلُني غِرّةُ النَّاسِ "أَي البُلْه الَّذِينَ لَمْ يُجَرِّبوا الأُمور فَهُمْ قَلِيلُو الشرِّ مُنْقَادُونَ، فإِنَ منْ آثرَ الخمولَ وإِصلاحَ نَفْسِهِ والتزوُّدَ لِمَعَادِهِ ونَبَذَ أُمور الدُّنْيَا فَلَيْسَ غِرًّا فِيمَا قَصَد لَهُ وَلَا مَذْمُومًا بِنَوْعٍ مِنَ الذَّمِّ؛ وَقَوْلُ طَرَفَةَ:

أَبا مُنْذِرٍ، كَانَتْ غُرورًا صَحِيفتي، ***وَلَمْ أُعْطِكم، فِي الطَّوْعِ، مَالِي وَلَا عِرْضِي

إِنما أَراد: ذَاتَ غُرورٍ لَا تَكُونُ إِلا عَلَى ذَلِكَ.

قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ قَالَ: لأَن الغُرور عَرَضٌ وَالصَّحِيفَةَ جَوْهَرٌ وَالْجَوْهَرُ لَا يَكُونُ عَرَضًا.

والغَرورُ: مَا غَرّك مِنْ إِنسان وَشَيْطَانٍ وَغَيْرِهِمَا؛ وَخَصَّ يَعْقُوبُ بِهِ الشَّيْطَانَ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}؛ قِيلَ: الغَرور الشَّيْطَانُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ الغُرور، بِضَمِّ الْغَيْنِ، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: الغُرور الأَباطيل، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الغُرور جَمْعَ غارٍّ مِثْلَ شَاهِدٍ وشُهود وَقَاعِدٍ وقُعود، والغُرور، بِالضَّمِّ: مَا اغْتُرَّ بِهِ مِنْ مَتَاعُ الدُّنْيَا.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا}؛ يَقُولُ: لَا تَغُرَّنَّكم الدُّنْيَا فإِن كَانَ لَكُمْ حَظٌّ فِيهَا يَنْقُص مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تُؤْثِروا ذَلِكَ الْحَظَّ {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} ".

والغَرُور: الشَّيْطَانُ يَغُرُّ النَّاسَ بِالْوَعْدِ الْكَاذِبِ والتَّمْنِية.

وَقَالَ الأَصمعي: الغُرور الَّذِي يَغُرُّك.

والغُرور، بِالضَّمِّ: الأَباطيل، كأَنها جَمْعُ غَرٍّ مَصْدَرُ غَرَرْتُه غَرًّا، قَالَ: وَهُوَ أَحسن مِنْ أَن يُجْعَلَ غَرَرْت غُرورًا لأَن الْمُتَعَدِّيَ مِنَ الأَفعال لَا تَكَادُ تَقَعُ مَصَادِرُهَا عَلَى فُعول إِلا شَاذًّا، وَقَدْ قَالَ الْفَرَّاءُ: غَرَرْتُه غُرورًا، قَالَ: وَقَوْلُهُ: {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}، يُرِيدُ بِهِ زِينَةَ الأَشياء فِي الدُّنْيَا.

والغَرُور: الدُّنْيَا، صِفَةٌ غَالِبَةٌ.

أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}؛ أَي مَا خدَعَك وسوَّل لَكَ حَتَّى أَضَعْتَ مَا وَجَبَ عَلَيْكَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا غَرَّكَ أَي مَا خَدَعَكَ بربِّك وَحَمَلَكَ عَلَى معصِيته والأَمْنِ مِنْ عِقَابِهِ فزيَّن لَكَ الْمَعَاصِيَ والأَمانيَّ الْكَاذِبَةَ فَارْتَكَبْتَ الْكَبَائِرَ، وَلَمْ تَخَفْه وأَمِنْت عَذَابَهُ، وَهَذَا تَوْبِيخٌ وَتَبْكِيتٌ لِلْعَبْدِ الَّذِي يأْمَنُ مكرَ اللَّهِ وَلَا يَخَافُهُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: مَا غَرَّك بِفُلَانٍ أَي كَيْفَ اجترأْت عَلَيْهِ.

ومَنْ غَرَّك مِنْ فُلَانٍ ومَنْ غَرَّك بِفُلَانٍ أَي مَنْ أَوْطأَك مِنْهُ عَشْوةً فِي أَمر فُلَانٍ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:

أَغَرَّ هِشَامًا، مِنْ أَخيه ابْنِ أُمِّه، ***قَوادِمُ ضَأْنٍ يَسَّرَت ورَبيعُ

قَالَ: يُرِيدُ أَجْسَرَه عَلَى فِرَاقِ أَخيه لأُمِّه كثرةُ غنمِه وأَلبانِها، قَالَ: وَالْقَوَادِمُ والأَواخر فِي الأَخْلاف لَا تَكُونُ فِي ضُرُوعِ الضأْن لأَن للضأْن وَالْمَعْزِ خِلْفَيْنِ مُتحاذِيَينِ وما له أَربعة أَخلاف غَيْرُهُمَا، والقادِمان: الخِلْفان اللَّذَانِ يَليان الْبَطْنَ والآخِران اللَّذَانِ يَلِيَانِ الذَّنَب فَصَيَّرَهُ مَثَلًا للضأْن، ثُمَّ قَالَ: أَغرّ هِشَامًا لضأْن.

لَهُ يَسَّرت وَظَنَّ أَنه قَدِ اسْتَغْنَى عَنْ أَخيه.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغَرير المَغْرور.

وَفِي حَدِيثِ سارِق أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «عَجِبْتُ مِن غِرّتِه بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»؛ أي اغترارِه.

والغَرارة مِنَ الغِرِّ، والغِرّة مِنَ الْغَارِّ، والتَّغرّة مِنَ التَّغْرير، وَالْغَارُّ: الْغَافِلُ.

التَّهْذِيبُ: وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «أَيّما رَجُلٍ بايعَ آخَرَ عَلَى مَشُورَةٍ».

فإِنه لَا يُؤَمَّرُ واحدٌ مِنْهُمَا تَغرَّةَ أَن يُقْتَلا "؛ التَّغرَّة مَصْدَرُ غَرَرْته إِذا أَلقيته فِي الغَرَر وَهُوَ مِنَ التَّغْرير كالتَّعِلّة مِنَ التَّعْلِيلِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ خَوْفَ تَغرَّةٍ فِي أَن يُقْتَلا أَي خَوْفَ وُقُوعِهِمَا فِي الْقَتْلِ فحَذَف المضافَ الَّذِي هُوَ الْخَوْفُ وأَقام الْمُضَافَ إِليه الذي هو ثَغِرّة مُقَامَهُ، وَانْتَصَبَ عَلَى أَنه مَفْعُولٌ لَهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ أَن يُقْتَلا بَدَلًا مِنْ تَغِرّة، وَيَكُونَ الْمُضَافُ مَحْذُوفًا كالأَول، وَمَنْ أَضاف ثَغِرّة إِلى أَن يُقْتَلا فَمَعْنَاهُ خَوْفَ تَغِرَّةِ قَتْلِهما؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: «أَن الْبَيْعَةَ حَقُّهَا أَن تَقَعَ صَادِرَةً عَنِ المَشُورة والاتفاقِ، فإِذا اسْتبدَّ رَجُلَانِ دُونَ الْجَمَاعَةِ فبايَع أَحدُهما الآخرَ، فَذَلِكَ تَظاهُرٌ مِنْهُمَا بشَقّ الْعَصَا واطِّراح الْجَمَاعَةِ، فإِن عُقدَ لأَحد بيعةٌ فَلَا يَكُونُ المعقودُ لَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وليْكونا مَعْزُولَيْنِ مِنَ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَّفِقُ عَلَى تَمْيِيزِ الإِمام مِنْهَا، لأَنه لَوْ عُقِد لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدِ ارْتَكَبَا تِلْكَ الفَعْلة الشَّنِيعَةَ الَّتِي أَحْفَظَت الْجَمَاعَةَ مِنَ التهاوُن بِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ رأْيهم، لَمْ يُؤْمَن أَن يُقْتلا»؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير، وَهُوَ مُخْتَصَرُ قَوْلِ الأَزهري، فإِنه يَقُولُ: لَا يُبايع الرَّجُلُ إِلا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الملإِ مِنْ أَشراف النَّاسِ وَاتِّفَاقِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنَ الملإِ لَمْ يؤمَّرْ واحدٌ منهما تَغرّةً بِمَكْرِ المؤمَّر مِنْهُمَا، لِئَلَّا يُقْتَلا أَو أَحدهما، ونَصب تَغِرّة لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ وإِن شِئْتَ مَفْعُولٌ مِنْ أَجله؛ وَقَوْلُهُ: أَن يُقْتَلَا أَي حِذارَ أَن يُقْتَلَا وكراهةَ أَن يُقْتَلَا؛ قَالَ الأَزهري: وَمَا عَلِمْتُ أَحدًا فَسَّرَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَا فَسَّرْتُهُ، فَافْهَمْهُ.

والغَرِير: الْكَفِيلُ.

وأَنا غَرِير فُلَانٍ أَي كَفِيلُهُ.

وأَنا غَرِيرُك مِنْ فُلَانٍ أَي أُحذِّرُكَه، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ فِي كِتَابِ الأَجناس: أَي لَنْ يأْتيك مِنْهُ مَا تَغْتَرُّ بِهِ، كأَنه قَالَ: أَنا الْقَيِّمُ لَكَ بِذَلِكَ.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه قَالَ أَنا الْكَفِيلُ لَكَ بِذَلِكَ؛ وأَنشد الأَصمعي فِي الغَرِير الْكَفِيلِ رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْ أَبي نَصْرٍ عَنْهُ قَالَ:

أَنت لخيرِ أُمّةٍ مُجيرُها، ***وأَنت مِمَّا سَاءَهَا غَرِيرُها

أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الأَمثال قَالَ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الخِبْرة وَالْعِلْمِ: أَنا غَرِيرُك مِنْ هَذَا الأَمر أَي اغْترَّني فَسَلْنِي مِنْهُ عَلَى غِرّةٍ أَي أَني عَالِمٌ بِهِ، فَمَتَى سأَلتني عَنْهُ أَخبرتك بِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ لِذَلِكَ وَلَا روِيّة فِيهِ.

وَقَالَ الأَصمعي فِي هَذَا الْمَثَلِ: مَعْنَاهُ أَنك لستَ بِمَغْرُورٍ مِنِّي لكنِّي أَنا المَغْرور، وَذَلِكَ أَنه بَلَغَنِي خبرٌ كَانَ بَاطِلًا فأَخْبَرْتُك بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَا قلتُ لَكَ وإِنما أَدَّيت مَا سمعتُ.

وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعرابيا يَقُولُ لِآخَرَ: أَنا غَرِيرُكَ مِن تقولَ ذَلِكَ، يَقُولُ مِنْ أَن تَقُولَ ذَلِكَ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ اغْترَّني فسَلْني عَنْ خَبَرِهِ فإِني عَالِمٌ بِهِ أُخبرك عَنْ أَمْرِهِ عَلَى الْحَقِّ وَالصِّدْقِ.

قَالَ: الغُرور الْبَاطِلُ؛ وَمَا اغْتَرَرْتَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ غَرُور.

وغَرَّرَ بِنَفْسِهِ ومالِه تَغْريرًا وتَغِرّةً: عرَّضهما للهَلَكةِ مِنْ غَيْرِ أَن يَعْرِف، وَالِاسْمُ الغَرَرُ، والغَرَرُ الخَطَرُ.

وَنَهَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ بَيْعِ الغَرَرِوَهُوَ مِثْلُ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ.

والتَّغْرير: حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الغَرَرِ، وَقَدْ غرَّرَ بِنَفْسِهِ تَغْرِيرًا وتَغِرّة كَمَا يُقَالُ حَلَّل تَحْلِيلًا وتَحِلَّة وعَلّل تَعِليلًا وتَعِلّة، وَقِيلَ: بَيْعُ الغَررِ المنهيُّ عَنْهُ مَا كَانَ لَهُ ظاهرٌ يَغُرُّ الْمُشْتَرِيَ وباطنٌ مَجْهُولٌ، يُقَالُ: إِياك وبيعَ الغَرَرِ؛ قَالَ: بَيْعُ الغَرَر أَن يَكُونَ عَلَى غَيْرِ عُهْدة وَلَا ثِقَة.

قَالَ الأَزهري: وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الغَرَرِ البُيوعُ الْمَجْهُولَةُ الَّتِي لَا يُحيط بكُنْهِها المتبايِعان حَتَّى تَكُونَ مَعْلُومَةً.

وَفِي حَدِيثِ مُطَرِّفٍ: «إِن لِي نَفْسًا وَاحِدَةً وإِني أَكْرهُ أَن أُغَرِّرَ بِهَا» أَي أَحملها عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الشَّيْطَانُ غَرُورًا لأَنه يَحْمِلُ الإِنسان عَلَى مَحابِّه ووراءَ ذَلِكَ مَا يَسوءه، كَفَانَا اللَّهُ فِتْنَتَهُ.

وَفِي حَدِيثُ الدُّعَاءِ: وتَعاطِي مَا نُهِيتَ عَنْهُ تَغْريرًا أَي مُخاطرةً وَغَفْلَةً عَنْ عاقِبة أَمره.

وَفِي الْحَدِيثِ: «لأَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أُقاتلَ أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَن أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الأَية»؛ يُرِيدُ قَوْلَهُ تعالى: {فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ}، وَقَوْلَهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؛ الْمَعْنَى أَن أُخاطِرَ بِتَرْكِي مُقْتَضَى الأَمر بالأُولى أَحَبُّ إِليّ مِن أَن أُخاطِرَ بِالدُّخُولِ تَحْتَ الْآيَةِ الأُخرى.

والغُرَّة، بِالضَّمِّ: بَيَاضٌ فِي الْجَبْهَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ؛ فَرَسٌ أَغَرُّ وغَرّاء، وَقِيلَ: الأَغَرُّ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي غُرّتُه أَكبر مِنَ الدِّرْهَمِ، قَدْ وَسَطَت جبهَته وَلَمْ تُصِب وَاحِدَةً مِنَ الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ تَمِلْ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الخدّينِ وَلَمْ تَسِلْ سُفْلًا، وَهِيَ أَفشى مِنَ القُرْحة، والقُرْحة قَدْرُ الدِّرْهَمِ فَمَا دُونَهُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُقَالُ للأَغَرّ أَغَرُّ أَقْرَح لأَنك إِذا قُلْتَ أَغَرُّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَن تَصِف الغُرَّة بِالطُّولِ والعِرَض والصِّغَر والعِظَم وَالدِّقَّةِ، وَكُلُّهُنَّ غُرَر، فَالْغُرَّةُ جَامِعَةٌ لَهُنَّ لأَنه يُقَالُ أَغرُّ أَقْرَح، وأَغَرُّ مُشَمْرَخُ الغُرّة، وأَغَرُّ شادخُ الغُرّة، فالأَغَرُّ لَيْسَ بِضَرْبٍ وَاحِدٍ بَلْ هُوَ جِنْسٌ جَامِعٌ لأَنواع مِنْ قُرْحة وشِمْراخ وَنَحْوِهِمَا.

وغُرّةُ الفرسِ: البياضُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَوَّرة فَهِيَ وَتِيرة، وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً فَهِيَ شادِخةٌ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الغُرّة نَفْسُ القَدْر الَّذِي يَشْغَله الْبَيَاضُ مِنَ الْوَجْهِ لَا أَنه الْبَيَاضُ.

والغُرْغُرة، بِالضَّمِّ: غُرَّة الْفَرَسِ.

وَرَجُلٌ غُرغُرة أَيضًا: شَرِيفٌ.

وَيُقَالُ بِمَ غُرّرَ فرسُك؟ فَيَقُولُ صَاحِبُهُ: بشادِخةٍ أَو بوَتِيرةٍ أَو بِيَعْسوبٍ.

ابْنُ الأَعرابي: فَرَسٌ أَغَرُّ، وَبِهِ غَرَرٌ، وَقَدْ غَرّ يَغَرُّ غَرَرًا، وَجَمَلٌ أَغَرُّ وَفِيهِ غَرَرٌ وغُرور.

والأَغَرُّ: الأَبيض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

وَقَدْ غَرَّ وجهُه يَغَرُّ، بِالْفَتْحِ، غَرَرًا وغُرّةً وغَرارةً: صَارَ ذَا غُرّة أَو ابيضَّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وفكَّ مَرَّةً الإِدغام ليُري أَن غَرَّ فَعِل فَقَالَ غَرِرْتَ غُرّة، فأَنت أَغَرُّ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن غُرّة لَيْسَ بِمَصْدَرٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه ابْنُ الأَعرابي هَاهُنَا، إِنما هُوَ اسْمٌ وإِنما كَانَ حُكْمُهُ أَن يَقُولَ غَرِرْت غَرَرًا، قَالَ: عَلَى أَني لَا أُشاحُّ ابنَ الأَعرابي فِي مِثْلِ هَذَا.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: «اقْتُلوا الكلبَ الأَسْودَ ذَا الغُرّتين»؛ الغُرّتان: النُّكْتتان البَيْضاوانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ.

وَرَجُلٌ أَغَرُّ: كَرِيمُ الأَفعال وَاضِحُهَا، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ.

وَرَجُلٌ أَغَرُّ الْوَجْهِ إِذَا كَانَ أَبيض الْوَجْهِ مِنْ قَوْمٍ غُرٍّ وغُرّان؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَمْدَحُ قَوْمًا:

ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ، ***وأَوجُهُهم بِيضُ المَسافِر غُرّانُ

وَقَالَ أَيضًا: أُولئكَ قَوْمي بَهالِيلُ غُرّ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي بَيْتِ امْرِئِ الْقَيْسِ: وأَوجُههم عِنْدَ المَشاهِد غُرّانُ "أَي إِذَا اجْتَمَعُوا لِغُرْم حَمالةٍ أَو لإِدارة حَرْب وجدتَ وُجُوهَهُمْ مُسْتَبْشِرَةً غَيْرَ مُنْكَرَةٍ، لأَن اللَّئِيمَ يَحْمَرُّ وجهه عندها يُسَائِلُهُ السَّائِلُ، وَالْكَرِيمُ لَا يَتَغَيَّرُ وجهُه عَنْ لَوْنِهِ قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَراده مَنْ رَوَى بِيضُ الْمَسَافِرِ.

وَقَوْلُهُ: ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طهارَى، يُرِيدُ بِثِيَابِهِمْ قُلُوبَهُمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ}.

وَفِي الْحَدِيثِ: «غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثارِ الوُضوء»؛ الغُرُّ: جَمْعُ الأَغَرّ مِنَ الغُرّة بياضِ الْوَجْهِ، يُرِيدُ بياضَ وُجُوهِهِمْ بِنُورِ الوُضوء يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَقَوْلُ أُمّ خَالِدٍ الخَثْعَمِيّة:

ليَشْرَبَ مِنْهُ جَحْوَشٌ، ويَشِيمهُ ***بِعَيْني قُطامِيٍّ أَغَرّ شَآمِي

يَجُوزُ أَن تَعْنِيَ قُطَامِيًّا أَبيض، وإِن كَانَ الْقُطَامِيُّ قَلَّمَا يُوصَفُ بالأَغَرّ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَعْنِيَ عنُقَه فَيَكُونُ كالأَغَرّ بَيْنَ الرِّجَالِ، والأَغَرُّ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي أَخَذت اللحيَةُ جميعَ وَجْهِهِ إِلا قَلِيلًا كأَنه غُرّة؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:

ولقد تُزانُ بك المَجالِسُ، ***لَا أَغَرّ وَلَا عُلاكزْ

وغُرّة الشَّيْءِ: أَوله وأَكرمُه.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا أَجدُ لِمَا فَعَل هَذَا فِي غُرَّةِ الإِسلام مَثَلًا إِلا غَنَمًا وَرَدَتْ فرُمِيَ أَوّلُها فنَفَر آخِرُها»؛ وغُرّة الإِسلام: أَوَّلُه.

وغُرَّة كُلِّ شَيْءٍ: أَوله.

والغُرَرُ: ثَلَاثُ لَيَالٍ مِنْ أَول كُلِّ شَهْرٍ.

وغُرّةُ الشَّهْرِ: ليلةُ اسْتِهْلَالِ الْقَمَرِ لِبَيَاضِ أَولها، وَقِيلَ: غُرّةُ الْهِلَالِ طَلْعَتُه، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْبَيَاضِ.

يُقَالُ: كَتَبْتُ غُرّةَ شَهْرِ كَذَا.

وَيُقَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ مِنَ الشَّهْرِ: الغُرَر والغُرُّ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِبَيَاضِهَا وَطُلُوعِ الْقَمَرِ فِي أَولها، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ للأَيام.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَا اثْنَيْنِ: يُقَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ أَول الشَّهْرِ: ثَلَاثُ غُرَر، وَالْوَاحِدَةُ غُرّة، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سُمِّين غُرَرًا وَاحِدَتُهَا غُرّة تَشْبِيهًا بغُرّة الْفَرَسِ فِي جَبْهَتِهِ لأَن الْبَيَاضَ فِيهِ أَول شَيْءٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ بَيَاضُ الْهِلَالِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي أَول شَيْءٍ فِيهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ: «فِي صَوْمِ الأَيام الغُرِّ»؛ أَي الْبِيضِ اللَّيَالِي بِالْقَمَرِ.

قَالَ الأَزهري: وأَما اللَّيالي الغُرّ الَّتِي أَمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بِصَوْمِهَا فَهِيَ لَيْلَةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَربعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرةَ، وَيُقَالُ لَهَا الْبِيضُ، وأَمر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمِهَا لأَنه خَصَّهَا بِالْفَضْلِ؛ وَفِي قَوْلِ الأَزهري: اللَّيَالِي الغُرّ الَّتِي أَمر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمِهَا نَقْدٌ وَكَانَ حقُّه أَن يَقُولَ بِصَوْمِ أَيامها فإِن الصِّيَامَ إِنما هُوَ للأَيام لَا لِلَّيَالِي، وَيَوْمٌ أَغَرُّ: شَدِيدُ الْحَرِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَاجِرَةٌ غَرّاء ووَدِيقة غَرّاء؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَغَرّ كَلَوْنِ المِلْحِ ضاحِي تُرابه، ***إِذَا اسْتَوْدَقَت حِزانُه وضياهِبُه

قَالَ وَأَنْشَدَ أَبو بَكْرٍ:

مِنْ سَمُومٍ كأَنّها لَفحُ نارٍ، ***شَعْشَعَتْها ظَهيرةٌ غَرّاء

وَيُقَالُ: وَدِيقة غَرّاء شَدِيدَةُ الْحَرِّ؛ قَالَ:

وَهَاجِرَةٌ غَرّاء قاسَيْتُ حَرّها ***إِلَيْكَ، وجَفْنُ العينِ بالماء سابحُ

الأَصمعي: ظَهِيرة غَرّاء أَي هِيَ بَيْضَاءُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الشَّمْسِ، كَمَا يُقَالُ هَاجِرَةٌ شَهْباء.

وغُرّة الأَسنان: بياضُها.

وغَرَّرَ الغلامُ: طَلَعَ أَوّلُ أَسنانه كأَنه أَظهر غُرّةَ أَسنانِه أَي بَيَاضَهَا.

وَقِيلَ: هُوَ إِذَا طَلَعَتْ أُولى أَسنانه ورأَيت غُرّتَها، وَهِيَ أُولى أَسنانه.

وَيُقَالُ: غَرَّرَت ثَنِيَّتا الْغُلَامِ إِذَا طَلَعَتَا أَول مَا يطلعُ لِظُهُورِ بَيَاضِهِمَا، والأَغَرُّ: الأَبيض، وَقَوْمٌ غُرّان.

وَتَقُولُ: هَذَا غُرّة مِنْ غُرَرِ الْمَتَاعِ، وغُرّةُ الْمَتَاعِ خيارُه ورأْسه، وَفُلَانٌ غُرّةٌ مِنْ غُرَرِ قَوْمِهِ أَي شَرِيفٌ مِنْ أَشرافهم.

وَرَجُلٌ أَغَرُّ: شَرِيفٌ، وَالْجَمْعُ غُرٌّ وغُرَّان؛ وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ: " وأَوْجُهُهم عِنْدَ الْمَشَاهِدِ غُرّان "وَهُوَ غُرَّةُ قومِه أَي سيّدهُم، وَهُمْ غُرَرُ قَوْمِهِمْ.

وغُرّةُ النَّبَاتِ: رأْسه.

وتَسَرُّعُ الكَرْمِ إِلَى بُسُوقِه: غُرّتُه؛ وغُرّةُ الْكَرْمِ: سُرْعةُ بُسوقه.

وغُرّةُ الرَّجُلِ: وجهُه، وَقِيلَ: طَلْعَتُهُ وَوَجْهُهُ.

وَكُلُّ شَيْءٍ بَدَا لَكَ مِنْ ضَوْءٍ أَو صُبْح، فَقَدْ بَدَتْ لَكَ غُرّته.

ووَجْهٌ غريرٌ: حَسَنٌ، وَجَمْعُهُ غُرّان؛ والغِرُّ والغرِيرُ: الشابُّ الَّذِي لَا تَجْرِبَةَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أَغِرّاء وأَغِرّة والأُنثى غِرٌّ وغِرّة وغَريرة؛ وَقَدْ غَرِرْتَ غَرارَةٌ، وَرَجُلٌ غِرٌّ، بِالْكَسْرِ، وَغَرِيرٌ أَي غَيْرُ مُجَرِّبٍ؛ وَقَدْ غَرّ يَغِرُّ، بِالْكَسْرِ، غَرَارَةً، وَالِاسْمُ الغِرّة.

اللَّيْثُ: الغِرُّ كالغِمْر وَالْمَصْدَرُ الغَرارة، وَجَارِيَةٌ غِرّة.

وَفِي الْحَدِيثِ: «المؤمنُ غِرٌّ كَريم والكافرُ خَبٌّ لَئِيم»؛ مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ بِذِي نَكراء، فالغِرُّ الَّذِي لَا يَفْطَن لِلشَّرِّ ويغفلُ عَنْهُ، والخَبُّ ضِدُّ الغِرّ، وَهُوَ الخَدّاع المُفْسِد، ويَجْمَع الغِرَّ أَغْرارٌ، وَجَمْعُ الغَرِير أَغرّاء.

وفي الحديث" ظَبْيَانَ: إِنَّ مُلُوكَ حِمْير مَلَكُوا مَعاقِلَ الأَرض وقرَارَها ورؤوسَ المُلوكِ وغِرارَها.

الغِرار والأَغْرارُ جَمْعُ الغِرّ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «إِنَّكَ مَا أَخَذْتَها بَيْضاءَ غَرِيرة»؛ هِيَ الشَّابَّةُ الْحَدِيثَةُ الَّتِي لَمْ تجرِّب الأُمور.

أَبو عُبَيْدٍ: الغِرّة الْجَارِيَةُ الْحَدِيثَةُ السِّنِّ التي لم تجرِّب الأُمور وَلَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ مَا يَعْلَمُ النِّسَاءُ مِنَ الحُبِّ، وَهِيَ أَيضًا غِرٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ الفَتَاةَ صَغِيرةٌ ***غِرٌّ، فَلَا يُسْرَى بِهَا

الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ غِرٌّ وامرأَة غِرٌّ بيِّنة الغَرارة، بِالْفَتْحِ، مِنْ قَوْمٍ أَغِرّاء؛ قَالَ: وَيُقَالُ مِنَ الإِنسان الغِرّ: غَرَرْت يَا رَجُلُ تَغِرُّ غَرارة، وَمِنَ الْغَارِّ وَهُوَ الْغَافِلُ اغْتَرَرْت.

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ غَرَرْت بَعْدي تَغِرُّ غَرارَة فأَنت غِرٌّ وَالْجَارِيَةُ غِرٌّ إِذَا تَصابَى.

أَبو عُبَيْدٍ: الغَريرُ المَغْرور والغَرارة مِنَ الغِرّة والغِرَّة مِنَ الْغَارِّ والغَرارةُ والغِرّة واحدٌ؛ الْغَارُّ: الْغَافِلُ والغِرَّة الْغَفْلَةُ، وَقَدِ اغْتَرّ، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا الغِرة.

وَفِي الْمَثَلِ: الغِرَّة تَجْلُب الدِّرَّة أَي الْغَفْلَةُ تَجْلُبُ الرِّزْقَ، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي.

وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ فِي غَرارتي وحَداثتي أَي فِي غِرّتي.

واغْتَرّه أَي أَتاه عَلَى غِرّة مِنْهُ.

واغْترَّ بِالشَّيْءِ: خُدِع بِهِ.

وَعَيْشٌ غَرِيرٌ: أَبْله يُفَزِّع أَهله.

والغَريِر الخُلُق: الْحَسَنُ.

يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا شاخَ: أَدْبَرَ غَريرهُ وأَقْبَل هَريرُه أَي قَدْ سَاءَ خلُقه.

والغِرارُ: حدُّ الرُّمْحِ وَالسَّيْفِ وَالسَّهْمِ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغِراران نَاحِيَتَا المِعْبلة خَاصَّةً.

غَيْرُهُ: والغِراران شَفْرتا السَّيْفِ وَكُلِّ شَيْءٍ لَهُ حدٌّ، فحدُّه غِرارُه، وَالْجَمْعُ أَغِرّة، وغَرُّ السَّيْفِ حَدُّهُ؛، منه قَوْلُ هِجْرِس بْنِ كُلَيْبٍ حِينَ رأَى قاتِلَ أَبيه: أَما وسَيْفِي وغَرَّيْه أَي وحَدّيه.

ولَبِثَ فُلَانٌ غِرارَ شَهْرٍ أَي مَكَثَ مقدارَ شَهْرٍ.

وَيُقَالُ: لَبِث اليومُ غِرارَشَهْرٍ أَي مِثالَ شَهْرٍ أَي طُول شَهْرٍ، والغِرارُ: النَّوْمُ الْقَلِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ النَّوْمِ وَغَيْرِهِ.

وَرَوَى الأَوزاعي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرَون بِغِرَارِ النَّوْم بأْسًا حَتَّى لَا يَنْقض الوضوءَ أَي لَا يَنْقُضُ قليلُ النَّوْمِ الْوُضُوءَ.

قَالَ الأَصمعي: غِرارُ النَّوْمِ قلّتُه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي مَرْثِيَةِ الْحَجَّاجِ:

إِنَّ الرَّزِيّة مِنْ ثَقيفٍ هالكٌ ***تَرَك العُيونَ، فنَوْمُهُن غِرارُ

أَي قَلِيلٌ.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا غِرار فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمٍ»؛ أي لَا نُقْصَانَ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغرارُ فِي الصَّلَاةِ النُّقْصَانُ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وطُهورها وَهُوَ أَن لَا يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَا غِرار فِي صَلَاةٍ أَي لَا يُنْقَص مِنْ رُكُوعِهَا وَلَا مِنْ سُجُودِهَا وَلَا أَركانها، كَقَوْلِ سَلْمان: الصَّلَاةُ مِكْيَالٌ فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ، وَمَنْ طَفّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قَالَ اللَّهُ فِي المُطَفِّفِين؛ قَالَ: وأَما الغِرَارُ فِي التَّسْلِيمِ فَنَرَاهُ أَن يَقُولَ لَهُ: السَّلام عَلَيْكُمْ، فَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْآخَرُ: وَعَلَيْكُمْ، وَلَا يَقُولُ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ؛ هَذَا مِنَ التَّهْذِيبِ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما الغِرارُ فِي التَّسْلِيمِ فَنَرَاهُ أَن يَقُولَ سَلامٌ عليكَ أَو يَرُدَّ فَيَقُولَ وَعَلَيْكَ وَلَا يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ، وَقِيلَ: لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَسليم فِيهَا أَي لَا قَلِيلَ مِنَ النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ ولا تسليم أَي لا يُسَلِّم الْمُصَلِّي وَلَا يَسَلَّم عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَمَنْ جَرَّهُ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَمَنْ نَصَبَهُ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الغِرار، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا نَقْصَ وَلَا تسليمَ فِي صَلَاةٍ لأَن الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ كَلَامِهَا لَا يَجُوزُ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: " لَا تُغارُّ التحيّةُ "أَي يُنْقَص السلامُ.

وأَتانا عَلَى غِرارٍ أَي عَلَى عَجَلَةٍ.

وَلَقِيتُهُ غِرارًا أَي عَلَى عَجَلَةٍ، وأَصله القلَّةُ فِي الرَّوِية لِلْعَجَلَةِ.

وَمَا أَقمت عِنْدَهُ إِلَّا غِرارًا أَي قَلِيلًا.

التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ اغْتَرَرْتُه واسْتَغْرَرْتُه أَي أَتيته عَلَى غِرّة أَي عَلَى غَفْلَةٍ، والغِرار: نُقصانُ لَبَنِ النَّاقَةِ، وَفِي لَبَنِهَا غِرارٌ؛ وَمِنْهُ غِرارُ النومِ: قِلّتُه.

قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: غَرَّ فلانٌ فُلَانًا: قَالَ بَعْضُهُمْ عرَّضه للهلَكة والبَوارِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ مُغارٌّ إِذَا ذَهَبَ لَبَنُهَا لحَدث أَو لعلَّة.

وَيُقَالُ: غَرَّ فُلَانٌ فُلَانًا مَعْنَاهُ نَقَصه، مِنَ الغِرار وَهُوَ النُّقْصَانُ.

وَيُقَالُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ غَرَّ فُلَانٌ فُلَانًا فَعَلَ بِهِ مَا يُشْبِهُ القتلَ وَالذَّبْحَ بِغرار الشّفْرة، وغارَّت الناقةُ بِلَبَنِهَا تُغارُّ غِرارًا، وَهِيَ مُغارٌّ: قَلَّ لَبَنُهَا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ كَرَاهِيَتِهَا لِلْوَلَدِ وَإِنْكَارِهَا الحالِبَ.

الأَزهري: غِرارُ الناقةِ أَنْ تُمْرَى فَتَدِرّ فَإِنْ لَمْ يُبادَرْ دَرُّها رفَعَت دَرَّها ثُمَّ لَمْ تَدِرّ حَتَّى تُفِيق.

الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي تعَجُّلِ الشَّيْءِ قَبْلَ أوانِه قَوْلُهُمْ: سَبَقَ درَّتُه غِرارَه، وَمِثْلُهُ سَبَقَ سَيْلُه مَطرَه.

ابْنُ السِّكِّيتِ: غارَّت الناقةُ غَرَارًا إِذا دَرَّت، ثُمَّ نَفَرَتْ فَرَجَعَتْ الدِّرَة؛ يُقَالُ: نَاقَةٌ مُغارٌّ، بِالضَّمِّ، ونُوق مَغارُّ يَا هَذَا، بِفَتْحِ الْمِيمِ، غَيْرَ مَصْرُوفٍ.

وَيُقَالُ فِي التَّحِيَّةِ: لَا تُغارَّ أَي لَا تَنْقُصْ، وَلَكِنْ قُلْ كَمَا يُقال لَكَ أَو رُدَّ، وَهُوَ أَن تمرَّ بِجَمَاعَةٍ فتخصَّ وَاحِدًا.

ولِسُوقنا غِرارٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَتَاعِهَا نَفاقٌ؛ كُلُّهُ عَلَى الْمَثَلِ.

وغارَّت السوقُ تُغارُّ غِرارًا: كسَدَت، ودَرَّت دَرَّةً: نفَقَت؛ وَقَوْلُ أَبي خِرَاشٍ:

فغارَرت شَيْئًا والدَّرِيسُ، كأَنّما ***يُزَعْزِعُه وَعْكٌ مِنَ المُومِ مُرْدِمُ

قِيلَ: مَعْنَى غارَرْت تَلَبَّثت، وَقِيلَ: تنبهت "ووَلَدَت ثَلَاثَةً عَلَى غِرارٍ وَاحِدٍ أَي بعضُهم فِي إثْر بَعْضٍ لَيْسَ بَيْنَهُمْ جَارِيَةٌ.

الأَصمعي: الغِرارُ الطَّرِيقَةُ.

يُقَالُ: رَمَيْتُ ثَلَاثَةَ أَسْهُم عَلَى غِرار وَاحِدٍ أَي عَلَى مَجْرًى وَاحِدٍ.

وَبَنَى القومُ بُيُوتَهُمْ عَلَى غِرارٍ واحدٍ.

والغِرارُ: المثالُ الَّذِي يَضْرَب عَلَيْهِ النصالُ لِتَصْلُحَ.

يُقَالُ: ضرَبَ نِصالَه عَلَى غِرارٍ وَاحِدٍ؛ قَالَ الهُذَلي يَصِفُ نَصْلًا:

سَديد العَيْر لم يَدْحَضْ عليه الغِرارُ، ***فقِدْحُه زَعِلٌ دَرُوجُ

قَوْلُهُ سَدِيدٌ، بِالسِّينِ، أَي مُسْتَقِيمٌ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَمْرِو بْنِ الدَّاخِلِ، وَقَوْلُهُ سَدِيد العَيْر أَي قاصِد.

والعَير: النَّاتِئُ فِي وَسَطِ النَّصْلِ.

وَلَمْ يَدْحَضْ أَي لَمْ يَزْلَقْ عَلَيْهِ الغِرارُ، وَهُوَ الْمِثَالُ الَّذِي يَضْرِبُ عَلَيْهِ النَّصْلَ فَجَاءَ مِثْلَ الْمِثَالِ.

وزَعِلٌ: نَشِيط.

ودَرُوجٌ: ذاهِبٌ فِي الأَرض.

والغِرارةُ: الجُوالِق، وَاحِدَةُ الغَرائِر؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " كأَنّه غرارةٌ مَلأَى حَثَى الْجَوْهَرِيُّ: الغِرارةُ وَاحِدَةُ الغَرائِر الَّتِي للتّبْن، قَالَ: وأَظنّه مُعَرَّبًا.

الأَصمعي: الغِرارُ أَيضًا غرارُ الحَمامِ فرْخَه إِذَا زَقّه، وَقَدْ غرَّتْه تَغُرُّه غَرًّا وغِرارًا.

قَالَ: وغارَّ القُمْرِيُّ أُنْثاه غِرارًا إِذَا زقَّها.

وغَرَّ الطائرُ فَرْخَه يَغُرُّه غِرارًا أَي زقَّه.

وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغُرُّ عَلِيًّا بِالْعِلْمِ أَي يُلْقِمُه إِيّاه.

يُقَالُ: غَرَّ الطائرُ فَرْخَه أَي زقَّه.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ يُطِع اللَّهَ يَغُرّه كما يغُرّهُ الغُرابُ بُجَّه»؛ أي فَرْخَه.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَذِكْرِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين، فَقَالَ: «إِنما كَانَا يُغَرّان العِلْمَ غَرًّا»، والغَرُّ: اسمُ مَا زقَّتْه بِهِ، وَجَمْعُهُ غُرورٌ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ ذُرْوَةَ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي سَيْرِ الإِبل:

إِذا احْتَسَى، يومَ هَجِير هائِفِ، ***غُرورَ عِيدِيّاتها الخَوانِفِ

يَعْنِي أَنه أَجهدها فكأَنه احتَسَى تِلْكَ الغُرورَ.

وَيُقَالُ: غُرَّ فلانٌ مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يُغَرَّ غيرهُ أَي زُقَّ وعُلِّم.

وغُرَّ عَلَيْهِ الماءُ وقُرَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ أَي صُبَّ عَلَيْهِ.

وغُرَّ فِي حَوْضِكَ أَي صُبَّ فِيهِ.

وغَرَّرَ السِّقَاءَ إِذا ملأَه؛ قَالَ حُمَيْدٌ:

وغَرَّرَه حَتَّى اسْتَدارَ كأَنَّه، ***عَلَى الفَرْو، عُلْفوفٌ مِنَ التُّرْكِ راقِدُ

يُرِيدُ مَسْك شاةٍ بُسِطَ تَحْتَ الوَطْب.

التَّهْذِيبُ: وغَرَرْتُ الأَساقِيَ ملأْتها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

فَظِلْتَ تَسْقي الماءَ فِي قِلاتِ، ***فِي قُصُبٍ يُغَرُّ فِي وأْباتِ،

غَرَّكَ فِي المِرارِ مُعْصَماتِ "القُصْبُ: الأَمْعاءُ.

والوَأْباتُ: الْوَاسِعَاتُ.

قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيًّا يَقُولُ لِآخَرَ غُرَّ فِي سِقائك وَذَلِكَ إِذا وَضَعَهُ فِي الْمَاءِ وملأَه بِيَدِهِ يَدْفَعُ الْمَاءَ فِي فِيهِ دَفْعًا بِكَفِّهِ وَلَا يَسْتَفِيقُ حَتَّى يملأَه.

الأَزهري: الغُرّ طَيْرٌ سُود بيضُ الرُّءُوسِ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ غَرَّاء، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الغُرُّ ضَرْبٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، وَوَصْفُهُ كَمَا وَصَفْنَاهُ.

والغُرَّةُ: الْعَبْدُ أَو الأَمة كأَنه عُبِّر عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ بالغُرَّة؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

كلُّ قَتيلٍ فِي كُلَيْبٍ غُرَّه، ***حَتَّى يَنَالَ القَتْلَ آلُ مُرَّه

يَقُولُ: كلُّهم لَيْسُوا بِكُفْءٍ لِكُلَيْبٍ إِنما هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعَبِيدِ والإِماء إِنْ قَتَلْتُهُمْ حَتَّى أَقتل آلَ مُرَّة فإِنهم الأَكفاء حِينَئِذٍ.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنه قَضَى فِي وَلَدِ المَغْرور بغُرَّة»؛ هو الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ امرأَة عَلَى أَنها حُرَّةٌ فَتَظْهَرُ مَمْلُوكَةً فيَغْرَم الزوجُ لِمَوْلَى الأَمة غُرَّةً، عَبْدًا أَوْ أَمة، وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ غَرَّه وَيَكُونُ ولدُه حُرًّا.

وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الغُرَّة عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْفَسُ شَيْءٍ يُمْلك وأَفْضلُه، وَالْفَرَسُ غُرَّةُ مَالِ الرَّجُلِ، وَالْعَبْدُ غرَّةُ مَالِهِ، وَالْبَعِيرُ النَّجِيبُ غُرَّةُ مالِهِ، والأَمة الفارِهَةُ مِنْ غُرَّة الْمَالِ.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لَهُ: «إِني كُنْتُ بَيْنَ جَارِيَتَيْنِ لِي فَضَرَبتْ إِحداهما الأُخرى بِمِسْطَحٍ فأَلقت جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ»، فقَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بديَةِ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وجَعَلَ فِي الجَنِين غُرَّةً عَبْدًا أَو أَمة.

وأَصل الغُرَّة الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وكأَنه عُبّر عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ بالغُرَّة.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ يَقْصِدِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَعْلِهِ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً إِلا جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ أَجناس الْحَيَوَانِ بِعينه فَقَالَ: عَبْدًا أَو أَمة.

وغُرَّةُ الْمَالِ: أَفضله.

وغُرَّةُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ فِي تَفْسِيرِ الغُرّة الْجَنِينُ، قَالَ: الغٌرّة عَبْدٌ أَبيض أَو أَمَةٌ بَيْضَاءُ.

وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا تَكُونُ إِلا بيضَ الرَّقِيقِ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا يُقْبَل فِي الدِّيَةِ عبدٌ أَسود وَلَا جاريةٌ سَوْدَاءُ.

قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا الغُرَّة عِنْدَهُمْ مَا بَلَغَ ثمنُها عُشْر الدِّيَةِ مِنَ الْعَبِيدِ والإِماء.

التَّهْذِيبُ وَتَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْغُرَّةَ مِنَ الْعَبِيدِ الَّذِي يَكُونُ ثمنُه عُشْرَ الدِّيَةِ.

قَالَ: وَإِنَّمَا تَجِبُ الغُرّة فِي الْجَنِينِ إِذا سَقَطَ مَيِّتًا، فإِن سَقَطَ حِيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً.

وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ: «بغُرّة عَبْدٍ أَو أَمة أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ، وَقِيلَ: إِن الْفَرَسَ والبَغْل غَلَطٌ مِنَ الرَّاوِي».

وَفِي حَدِيثِ ذِي الجَوْشَن: «مَا كُنْتُ لأَقْضِيَه الْيَوْمَ بغٌرّة»؛ سُمِّيَ الْفَرَسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غُرّة؛ وأَكثرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْعَبْدِ والأَمة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالغُرّة النِّفِيسَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ مَا كُنْتُ لأَقْضِيَه بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِيّاكم ومُشارّةَ النَّاسِ فإِنها تَدْفِنُ الغُرّةَ وتُظْهِرُ العُرّةَ»؛ الغُرّة هَاهُنَا: الحَسَنُ والعملُ الصَّالِحُ، شَبَّهَهُ بغُرّة الْفَرَسِ.

وكلُّ شَيْءٍ تُرْفَع قيمتُه، فَهُوَ غُرّة.

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «عَليْكُم بالأَبْكارِ فإِنّهُنّ أَغَرُّ غُرَّةً»، يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنَ غُرَّة الْبَيَاضِ وَصَفَاءِ اللَّوْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ حُسْنِ الخلُق والعِشْرةِ؛ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " عَلَيْكمُ بالأَبْكار فإِنّهُنّ أَغَرُّ أَخْلاقًا "، أَي إِنهن أَبْعَدُ مِنْ فطْنةِ الشَّرِّ ومعرفتِه مِنَ الغِرّة الغفْلة.

وكلُّ كَسْرٍ مُتَثَنٍّ فِي ثَوْبٍ أَو جِلْدٍ: غَرُّ؛ قَالَ:

قَدْ رَجَعَ المُلْك لمُسْتَقَرّه ***ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بَعْدَ غَرّه

وَجَمْعُهُ غُرور؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

حَتَّى إِذَا مَا طَار منْ خَبِيرِها، ***عَنْ جُدَدٍ صُفْرٍ، وَعَنْ غُرورِها

الْوَاحِدُ غَرٌّ، بِالْفَتْحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَوَيْت الثوبَ عَلَى غَرِّه أَي عَلَى كَسْرِه الأَول.

قَالَ الأَصمعي: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رُؤْبَةَ أَنه عُرِضَ عَلَيْهِ ثوبٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وقَلَّبَه ثُمَّ قَالَ: اطْوِه عَلَى [غَرِّه].

والغُرورُ فِي الْفَخْذَيْنِ: كالأَخادِيد بَيْنَ الْخَصَائِلِ.

وغُرورُ الْقَدَمِ: خُطُوطُ مَا تَثَنَّى مِنْهَا.

وغَرُّ الظَّهْرِ: ثَنِيُّ المَتْنِ؛ قَالَ:

كأَنَّ غَرَّ مَتْنِه، إِذ تَجْنُبُهْ، ***سَيْرُ صَناعٍ فِي خَرِيرٍ تَكْلُبُهْ

قَالَ اللَّيْثُ: الغَرُّ الكَسْرُ فِي الْجِلْدِ مِنَ السِّمَن، والغَرُّ تكسُّر الْجِلْدِ، وَجَمْعُهُ غُرور، وَكَذَلِكَ غُضونُ الجلْد غُرور.

الأَصمعي: الغُرورُ مَكاسِرُ الْجِلْدِ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَتْ: «رَدَّ نَشْرَ الإِسلام عَلَى غَرِّه»؛ أي طَيِّه وكَسْرِه.

يُقَالُ: اطْوِ الثَّوْبَ عَلَى غَرِّه الأَول كَمَا كَانَ مَطْوياًّ؛ أَرادت تَدْبيرَه أَمرَ الرِّدَّةِ ومُقابَلة دَائِها بِدَوَائِهَا.

وغُرورُ الذِّرَاعَيْنِ: الأَثْناءُ الَّتِي بَيْنَ حِبالِهما.

والغَرُّ: الشَّقُّ فِي الأَرض.

والغَرُّ: نَهْرٌ دَقِيقٌ فِي الأَرض، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ النَّهْرُ، وَلَمْ يُعَيِّن الدَّقِيقَ وَلَا غَيْرَهُ؛ وأَنشد: " سَقِيّة غَرٍّ فِي الحِجال دَمُوج "هَكَذَا فِي الْمُحْكَمِ؛ وأَورده الأَزهري، قَالَ: وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ جَارِيَةٍ: " سَقِيَّةُ غَرٍّ فِي الحِجال دَمُوج "وَقَالَ: يَعْنِي أَنها تُخْدَمُ وَلَا تَخْدُمُ.

ابْنُ الأَعرابي: الغَرُّ النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ غُرور، والغُرور: شَرَكُ الطَّرِيقِ، كلُّ طُرْقة مِنْهَا غَرٌّ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ: اطْوِ الكتابَ والثوبَ عَلَى غَرّه وخِنْثِه أَي عَلَى كَسْره؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: " كأَنّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذ تَجْنُبُهْ "غَرُّ الْمَتْنَ: طَرِيقُهُ.

يقولُ دُكَيْن: طريقتُه تَبْرُق كأَنها سَيْرٌ فِي خَرِيز، والكَلبُ: أَن يُبَقَّى السَّيْرُ في القربة تُخْرَز فتُدْخِل الجاريةُ يَدَهَا وَتَجْعَلُ مَعَهَا عُقْبَةً أَوْ شَعْرَةً فَتُدْخِلُهَا مِنْ تَحْتِ السَّيْرِ ثُمَّ تَخْرُقُ خَرْقًا بالإِشْفَى فَتُخْرِجُ رأْس الشَّعْرَةِ مِنْهُ، فإِذا خَرَجَ رأْسها جَذَبَتْها فاسْتَخْرَجَت السَّيْرَ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَرّانِ خَطّانِ يَكُونَانِ فِي أَصل العَيْر مِنْ جَانِبَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ مَقْرُومٍ وَذَكَرَ صَائِدًا:

فأَرْسَلَ نافِذَ الغَرَّيْن حَشْرًا، ***فخيَّبه مِنَ الوَتَرِ انْقِطاعُ

وَالْغَرَّاءُ: نَبْتٌ لَا يَنْبُتُ إِلّا فِي الأَجارِع وسُهولةِ الأَرض ووَرَقُها تافِهٌ وَعُودُهَا كَذَلِكَ يُشْبِه عودَ القَضْب إِلَّا أَنه أُطَيْلِس، وَهِيَ شَجَرَةُ صِدْقٍ وَزَهْرَتُهَا شَدِيدَةُ الْبَيَاضِ طَيِّبَةُ الرِّيحِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُحبّها الْمَالُ كُلُّهُ وتَطِيب عَلَيْهَا أَلْبانُها.

قَالَ: والغُرَيْراء كالغَرّاء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَرْنَا الغُرَيْراء لأَن الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُهُ مُصَغَّرًا كَثِيرًا.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


39-لسان العرب (أبس)

أبس: أَبَسَهُ يأْبِسهُ أَبْسًا وأَبَّسَه: صغَّر بِهِ وحَقَّره؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: " وليْث غابٍ لَمْ يُرَمْ بأَبْسِ "أَي بِزَجْرٍ وَإِذْلَالٍ، وَيُرْوَى: لُيُوثُ هَيْجا.

الأَصمعي: أَبَّسْتُ بِهِ تأْبيسًا وأَبَسْتُ بِهِ أَبْسًا إِذَا صغَّرته وَحَقَّرْتَهُ وذَلَّلْتَه وكَسَّرْته؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْداس يُخَاطِبُ خُفاف بْنَ نُدْبَة:

إِنْ تكُ جُلْمودَ صَخْرٍ لَا أُؤَبِّسهُ، ***أُوقِدْ عَلَيْهِ فأَحْمِيه، فيَنْصَدِعُ

السِّلْمُ تأْخذ مِنْهَا مَا رضيتَ بِهِ، ***والحَرْبُ يكفيكَ مِنْ أَنفاسِها جُرَعُ

وَهَذَا الشِّعْرُ أَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ: إِن تَكُ جُلْمُودَ بِصْرٍ، وَقَالَ: البصْرُ حِجَارَةٌ بِيضٌ، والجُلمود: الْقِطْعَةُ الْغَلِيظَةُ مِنْهَا؛ يَقُولُ: أَنا قَادِرٌ عَلَيْكَ لَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ وَلَوْ كُنْتَ جُلْمُودَ بِصْرٍ لَا تَقْبَلُ التأْبيس وَالتَّذْلِيلَ لأَوْقَدْتُ عَلَيْهِ النَّارَ حَتَّى يَنْصَدِعَ وَيَتَفَتَّتَ.

والسِلم: المُسالمة وَالصُّلْحُ ضِدُّ الْحَرْبِ وَالْمُحَارَبَةِ.

يَقُولُ: إِنَّ السِّلم، وَإِنْ طَالَتْ، لَا تَضُرُّكَ وَلَا يَلْحَقُكَ مِنْهَا أَذًى وَالْحَرْبُ أَقَلُّ شَيْءٍ مِنْهَا يَكْفِيكَ.

ورأَيت فِي نُسْخَةٍ مِنْ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، رَحِمَهُ اللَّه، قَالَ: أَنشده المُفَجِّع فِي التَّرجُمان: " إِن تَكُ جُلْمودَ صَخْدٍ وَقَالَ بَعْدَ إِنشاده: صَخْدٌ وادٍ، ثُمَّ قَالَ: جَعَلَ أُوقِدْ جَوَابَ المجازاة وأَحْمِيه عَطْفًا عَلَيْهِ وَجَعَلَ أُؤَبِّسُه نَعْتًا لِلْجُلْمُودِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ فَيَنْصَدِعُ.

والتَّأَبُّس: التَّغَيُّر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ: " تَطيفُ بِهِ الأَيام مَا يَتأَبَّسُ "والإِبْس والأَبْسُ: الْمَكَانُ الْغَلِيظُ الْخَشِنُ مِثْلَ الشَّأْز.

ومُناخ أَبْس: غَيْرُ مُطَمْئِنٍ؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرثَدٍ الأَسَدي يَصِفُ نُوقًا قَدْ أَسقطت أَولادها لِشِدَّةِ السَّيْرِ والإِعياء:

يَتْرُكْنَ، فِي كُلِّ مُناخٍ أَبْسِ، ***كلَّ جَنين مُشْعَرٍ فِي الغِرْسِ

وَيُرْوَى: مُناخِ إِنسِ، بِالنُّونِ والإِضافة، أَراد مُناخ نَاسٍ أَي الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْزِلُهُ النَّاسُ أَو كُلَّ مَنْزِلٍ يَنْزِلُهُ الإِنس: والجَنِين المُشْعَرُ: الَّذِي قَدْ نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ.

والغِرْسُ: جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تَخْرُجُ عَلَى رأْس الْمَوْلُودِ، وَالْجَمْعُ أَغراس.

وأَبَسَه أَبْسًا: قَهَرَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

وأَبَسَه وأَبَّسَه: غَاظَهُ ورَوَّعه.

والأَبْسُ: بَكْع الرَّجُلِ بِمَا يسوءُه.

يُقَالُ: أَبَسْتُه آبِسُه أَبْسًا.

وَيُقَالُ: أَبَّسْتُه تأْبيسًا إِذا قَابَلْتُهُ بِالْمَكْرُوهِ.

وَفِي حَدِيثِ جُبَيْر بْنِ مُطْعِم: «جَاءَ رَجُلٌ إِلى قُرَيْشٍ مِنْ فَتْحِ خَيْبَر فَقَالَ: إِن أَهل خَيْبَرَ أَسَروا رسول اللَّه، صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُرِيدُونَ أَن يُرْسِلُوا بِهِ إِلى قَوْمِهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يؤَبِّسون بِهِ الْعَبَّاسَ»أَي يُعَيِّرونه، وَقِيلَ: يخوِّفونه، وَقِيلَ: يُرْغِمونه، وَقِيلَ: يُغضبونه ويحْمِلونه عَلَى إِغلاظ الْقَوْلِ لَهُ.

ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة أُباس إِذا كَانَتْ سيِّئة الْخُلُقِ؛ وأَنشد: " ليسَتْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَه "ابْنُ الأَعرابي: الإِبْسُ الأَصل السُّوء، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ.

ابْنُ الأَعرابي: الأَبْس ذَكر السَّلاحف، قَالَ: وَهُوَ الرَّقُّ والغَيْلَمُ.

وإِباءٌ أَبْسٌ: مُخْزٍ كاسِرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابيّ.

وَحُكِيَ عَنِ المُفَضَّل أَن السُّؤَالَ المُلِحَّ يكْفيكَه الإِباءُ الأَبْسُ، فكأَنَّ هَذَا وَصْف بِالْمَصْدَرِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ الإِباءُ الأَبْأَسُ أَي الأَشدُّ.

قَالَ أَعرابي لِرَجُلٍ: إِنك لتَرُدُّ السُّؤال المُلْحِف بالإِباءِ الأَبأَس.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


40-لسان العرب (ربس)

ربس: الرَّبْسُ: الضَّرْبُ بِالْيَدَيْنِ.

يُقَالُ: رَبَسَه رَبْسًا ضَرَبَهُ بِيَدَيْهِ.

والرَّبِيسُ: الْمَضْرُوبُ أَو المُصابُ بِمَالٍ أَو غَيْرِهِ.

والرَّبْسُ مِنْهُ الارْتِباسُ.

وارْتَبَسَ العُنْقُودُ: اكْتَنَزَ.

وَعُنْقُودٌ مُرْتَبِس: مَعْنَاهُ انهضامُ حَبِّهِ وتداخُلُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ.

وكَبْش رَبِيسٌ ورَبيز أَي مُكْتَنِزٌ أَعْجَر.

والارْتِباسُ: الِاكْتِنَازُ فِي اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ.

وَمَالٌ رِبْسٌ [رَبْسٌ]: كَثِيرٌ.

وأَمر رَبْسٌ: مُنْكَرٌ.

وَجَاءَ بأُمُور رُبْسٍ: يَعْنِي الدَّوَاهِيَ كَدُبْس، بِالرَّاءِ وَالدَّالِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن رَجُلًا جَاءَ إِلى قُرَيْشٍ فَقَالَ: إِن أَهل خَيْبَرَ أَسروا مُحَمَّدًا وَيُرِيدُونَ أَن يُرْسِلُوا بِهِ إِلى قَوْمِهِ لِيَقْتُلُوهُ فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يُرْبِسُون بِهِ العباسَ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الإِرْباس وَهُوَ المُراغَمَة، أَي يُسْمِعُونه مَا يُسْخطه ويَغِيظُه، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَ بأُمور رُبْسٍ أَي سُود، يَعْنِي يأْتونه بِدَاهِيَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الرَّبِيس وَهُوَ الْمُصَابُ بِمَالٍ أَو غَيْرِهِ أَي يُصِيبُونَ الْعَبَّاسَ بِمَا يَسُوءُه.

وَجَاءَ بِمَالٍ رَبْسٍ [رِبْسٍ] أَي كَثِيرٍ.

وَرَجُلٌ رَبِيسٌ: جَلْدٌ مُنْكرٌ دَاهٍ.

والرَّبيسُ مِنَ الرِّجَالِ: الشُّجَاعُ وَالدَّاهِيَةُ.

يُقَالُ: دَاهِيَةٌ رَبْساء أَي شَدِيدَةٌ؛ قَالَ: " ومِثلِي لنُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ "وتَرَبَّسَ: طَلَبَ طَلَبًا حَثيثًا.

وتَرَبَّسْت فُلَانًا أَي طَلَبْتُهُ؛ وأَنشد:

تَرَبَّسْتُ فِي تَطْلابِ أَرض ابنِ مالكٍ ***فأَعْجَزَني، والمَرْءُ غيرُ أَصِيلِ

ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ يَتَرَبَّسُ أَي يَمْشِي مَشْيًا خَفِيًّا؛ وَقَالَ دُكَيْن: " فَصَبَحَتْه سَلِقٌ تَبَرْبَسُ أَي تَمْشِي مَشْيًا خَفِيًّا.

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: جَاءَ فُلَانٌ يَتَبَرْبَسُ إِذا جَاءَ مُتَبَخْتِرًا.

وارْبَسَّ الرجلُ ارْبِساسًا أَي ذَهَبَ فِي الأَرض.

وَقِيلَ: ارْبَسَّ إِذا غَذَا فِي الأَرض.

وارْبَسَّ أَمرُهم اربِساسًا: لُغَةٌ فِي ارْبَثَّ أَي ضَعُفَ حَتَّى تَفَرَّقُوا.

ابْنُ الأَعرابي: البِرْباسُ الْبِئْرُ العَمِيقة.

ورَبَسَ قِرْبته أَي ملأَها.

وأَصل الرَّبْس: الضَّرْبُ بِالْيَدَيْنِ.

وأُمُّ الرُّبَيْسِ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ وأَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبِيُّ: مِنْ شُعَرَاءِ تَغْلِبَ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


41-لسان العرب (سبع)

سبع: السَّبْعُ والسبْعةُ مِنَ الْعَدَدِ: مَعْرُوفٌ، سَبْع نِسوة وسبْعة رِجَالٍ، وَالسَّبْعُونَ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ العِقْد الَّذِي بَيْنَ السِتِّينَ وَالثَّمَانِينَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أُوتِيتُ السَّبْعَ المَثاني، وَفِي رِوَايَةٍ: سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي، قِيلَ: هِيَ الْفَاتِحَةُ لأَنها سَبْعُ آيَاتٍ، وَقِيلَ: السُّوَرُ الطِّوالُ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلى التَّوْبَةِ عَلَى أَن تُحْسَبَ التوبةُ والأَنفالُ سُورَةً وَاحِدَةً، وَلِهَذَا لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا فِي الْمُصْحَفِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَمِنْ فِي قَوْلِهِ [مِنَ الْمَثَانِي] لِتَبْيِينِ الْجِنْسِ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ» أَي سَبْعَ آيَاتٍ أَو سَبْعَ سُوَرٍ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُثْنَى بِهِ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْآيَاتِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنه لَيُغانُ عَلَى قَلْبِي حَتَّى أَستغفر اللَّهَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكر السبعة والسبع وَالسَّبْعِينَ وَالسَّبْعِمِائَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الْحَدِيثِ وَالْعَرَبُ تَضَعُهَا مَوْضِعَ التَّضْعِيفِ وَالتَّكْثِيرِ كَقَوْلِهِ تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ}، وَكَقَوْلِهِ تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، وَكَقَوْلِهِ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمثالها إِلى سَبْعِمِائَةٍ».

والسُّبُوعُ والأُسْبُوعُ مِنَ الأَيام: تَمَامُ سَبْعَةِ أَيام.

قَالَ اللَّيْثُ: الأَيام الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الزَّمَانُ فِي كُلِّ سَبْعَةٍ مِنْهَا جُمُعَةٌ تُسَمَّى الأُسْبُوع وَيُجْمَعُ أَسابِيعَ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ سُبُوعٌ فِي الأَيام وَالطَّوَافِ، بِلَا أَلف، مأْخوذة مِنْ عَدَدِ السَّبْع، وَالْكَلَامُ الْفَصِيحُ الأُسْبُوعُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: للبِكر سَبْع وللثَّيِّب ثَلَاثٌ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَن يَعْدِلَ بَيْنَ نسائِه فِي القَسْمِ فَيُقِيمَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلَ مَا يُقِيمُ عِنْدَ الأُخرى، فإِن تَزَوَّجَ عَلَيْهِنَّ بِكْرًا أَقام عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَيام وَلَا يَحْسِبُهَا عَلَيْهِ نِسَاؤُهُ فِي الْقَسْمِ، وإِن تَزَوَّجَ ثيِّبًا أَقام عِنْدَهَا ثَلَاثًا غَيْرَ مَحْسُوبَةٍ فِي الْقَسْمِ».

وَقَدْ سَبَّعَ الرَّجُلُ عِنْدَ امرأَته إِذا أَقام عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُم سَلَمَةَ حِينَ تَزَوَّجَهَا، وَكَانَتْ ثيِّبًا: إِن شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ ثُمَّ سَبَّعْتُ عِنْدَ سَائِرِ نِسَائِي، وإِن شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثُمَّ دُرْتُ لَا أَحتسب بِالثَّلَاثِ عَلَيْكِ»؛ اشْتَقُّوا فَعَّلَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلى الْعَشَرَةِ، فَمَعْنَى سَبَّعَ أَقام عِنْدَهَا سَبْعًا، وثَلَّثَ أَقام عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلى الْعَشَرَةِ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ.

وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ جُنادة: «إِذا كَانَ يَوْمُ سُبُوعه»، يُرِيدُ يَوْمَ أُسْبوعه مِنَ العُرْس أَي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيام.

وطُفْتُ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا أَي سَبْعَ مَرَّاتٍ وَثَلَاثَةَ أَسابيعَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه طَافَ بِالْبَيْتِ أُسبوعًا»أَي سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأُسْبوعُ مِنَ الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ سَبْعَةُ أَطواف، وَيُجْمَعُ عَلَى أُسْبوعاتٍ، وَيُقَالُ: أَقمت عِنْدَهُ سُبْعَيْنِ أَي جُمْعَتَينِ وأُسْبوعَين.

وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم، بِالْفَتْحِ، سَبْعًا: صَارَ سَابِعَهُمْ.

واسْتَبَعُوا: صَارُوا سَبْعةً.

وَهَذَا سَبِيعُ هَذَا أَي سابِعُه.

وأَسْبَعَ الشيءَ وسَبَّعَه: صَيَّره سَبْعَةً.

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «سَبَّعَتْ سُلَيم يَوْمَ الْفَتْحِ»أَي كمَلَت سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

لَنَعْتُ الَّتِي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَها، ***وقالَتْ: حَرامٌ أَنْ يُرَحَّلَ جَارُهَا

يَقُولُ: إِنَّكَ واعتذارَك بأَنك لَا تُحِبُّهَا بِمَنْزِلَةِ امرأَة قَتَلَتْ قَتِيلًا وضَمَّتْ سِلاحَه وتحَرَّجَت مِنْ تَرْحِيلِ جَارِهَا، وَظَلَّتْ تَغْسِلُ إِناءَها مِنْ سُؤر كَلْبِهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ.

وَقَوْلُهُمْ: أَخذت مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَزْنًا وَزْنَ سَبْعَةٍ؛ الْمَعْنَى فِيهِ أَن كُلَّ عَشَرَةٍ مِنْهَا تَزِنُ سَبْعَةَ مَثاقِيلَ لأَنهم جَعَلُوهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَلِذَلِكَ نَصَبَ وَزْنًا.

وسُبعَ الْمَوْلُودُ: حُلِقَ رأْسُه وذُبِحَ عَنْهُ لِسَبْعَةِ أَيام.

وأَسْبَعَتِ المرأَةُ، وَهِيَ مُسْبِعٌ، وسَبَّعَتْ: ولَدَتْ لِسَبْعَةِ أَشهر، والوَلدُ مُسْبَعٌ.

وسَبَّعَ اللَّهُ لَكَ رزَقَك سَبْعَةَ أَولاد، وَهُوَ عَلَى الدُّعَاءِ.

وسَبَّعَ اللَّهُ لَكَ أَيضًا: ضَعَّفَ لَكَ مَا صَنَعْتَ سَبْعَةَ أَضعاف؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي لِرَجُلٍ أَعطاه دِرْهَمًا: سَبَّعَ اللَّهُ لَكَ الأَجر؛ أَراد التَّضْعِيفَ.

وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: سَبَّعَ اللَّهُ لِفُلَانٍ تَسْبِيعًا وتَبَّع لَهُ تَتْبيعًا أَي تَابَعَ لَهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَهُوَ دَعْوَةٌ تَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ التَّسْبِيعَ مَوْضِعَ التَّضْعِيفِ وإِن جَاوَزَ السَّبْعَ، والأَصل قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ}.

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ إِلى سَبْعِمِائَةٍ.

قَالَ الأَزهري: وأَرى قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ "اللَّهُ لَهُمْ، مِنْ بَابِ التَّكْثِيرِ وَالتَّضْعِيفِ لَا مِنْ بَابِ حَصْرِ الْعَدَدِ، وَلَمْ يُرِدِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِن زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ غَفَرَ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى إِن اسْتَكْثَرْتَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُنَافِقِينَ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُمْ.

وسَبَّعَ فُلَانٌ الْقُرْآنَ إِذا وَظَّفَ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ فِي سَبْعِ لَيَالٍ.

وسَبَّعَ الإِناءَ: غَسَلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

وسَبَّعَ الشيءَ تسْبيعًا: جَعَلَهُ سَبْعَةً، فإِذا أَردت أَن صَيَّرْتَهُ سَبْعِينَ قُلْتَ: كَمَّلْتُهُ سَبْعِينَ.

قَالَ: وَلَا يَجُوزُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَلِّدِينَ سَبَّعْتُه، وَلَا قَوْلُهُمْ سَبْعَنْتُ دَراهِمي أَي كَمَّلْتُها سَبْعِين.

وَقَوْلُهُمْ: هُوَ سُباعِيُّ البَدَن أَي تامُّ الْبَدَنِ.

والسُّباعيُّ مِنَ الْجِمَالِ: الْعَظِيمُ الطَّوِيلُ، قَالَ: وَالرُّبَاعِيُّ مِثْلُهُ عَلَى طُولِهِ، وَنَاقَةٌ سُباعِيَّةٌ ورُباعِيَّةٌ.

وَثَوْبٌ سُباعيّ إِذا كَانَ طُولُهُ سبعَ أَذْرُع أَو سَبْعةَ أَشبار لأَن الشِّبْرَ مُذَكَّرٌ وَالذِّرَاعَ مُؤَنَّثَةٌ.

والمُسْبَعُ: الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ آباءٍ فِي العُبُودة أَو فِي اللُّؤْمِ، وَقِيلَ: الْمُسْبَعُ الَّذِي يُنْسَبُ إِلى أَربع أُمهات كُلُّهُنَّ أَمَة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلى سَبْعِ أُمهات.

وسَبَع الحبلَ يَسْبَعُه سَبْعًا: جَعَلَهُ عَلَى سَبْعِ قُوًى.

وبَعِيرٌ مُسْبَعٌ إِذا زَادَتْ فِي مُلَيْحائِه سَبْع مَحالات.

والمُسَبَّعُ مِنَ العَرُوض: مَا بُنِيَ عَلَى سَبْعَةِ أَجزاء.

والسِّبْعُ: الوِرْدُ لسِتِّ لَيَالٍ وَسَبْعَةِ أَيام، وَهُوَ ظِمْءٌ مِنْ أَظْماء الإِبل، والإِبل سَوابِعُ وَالْقَوْمُ مُسْبِعُون، وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الأَظْماءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَفِي أَظْماء الإِبل السِّبْعُ، وَذَلِكَ إِذا أَقامت فِي مَراعِيها خَمْسَةَ أَيام كَوامِلَ وَوَرَدَتِ الْيَوْمَ السَّادِسَ وَلَا يحسَب يَوْمُ الصّدَر.

وأَسْبَعَ الرَّجُلُ: وَرَدَت إِبله سبْعًا.

والسَّبِيعُ: بِمَعْنَى السُّبُع كالثَّمين بِمَعْنَى الثُّمُن؛ وَقَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَسمع سَبِيعًا لِغَيْرِ أَبي زَيْدٍ.

وَالسُّبْعُ، بِالضَّمِّ: جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَمْعُ أَسْباع.

وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم سَبْعًا: أَخذ سُبُعَ أَموالِهم؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

وكيفَ أَخافُ الناسَ، واللهُ قابِضٌ ***عَلَى الناسِ والسَّبْعَيْنِ فِي راحةِ اليَدِ؟

فإِنه أَراد بالسَّبْعَينِ سبْعَ سماواتٍ وسبعَ أَرَضِين.

والسَّبُعُ: يَقَعُ عَلَى مَا لَهُ نَابٌ مِنَ السِّباعِ ويَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَالدَّوَابِّ فَيَفْتَرِسُهَا مِثْلُ الأَسد والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد وَمَا أَشبهها؛ والثعلبُ، وإِن كَانَ لَهُ نَابٌ، فإِنه لَيْسَ بِسَبُعٍ لأَنه لَا يَعْدُو عَلَى صِغار الْمَوَاشِي وَلَا يُنَيِّبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَكَذَلِكَ الضَّبُع لَا تُعَدُّ مِنَ السِّبَاعِ العادِيةِ، وَلِذَلِكَ وَرَدَتِ السُّنة بإِباحة لَحْمِهَا، وبأَنها تُجْزَى إِذا أُصِيبت فِي الْحَرَمِ أَو أَصابها الْمُحْرِمُ، وأَما الوَعْوَعُ وَهُوَ ابْنُ آوَى فَهُوَ سَبْعٌ خَبِيثٌ وَلَحْمُهُ حَرَامٌ لأَنه مِنْ جِنْسِ الذِّئابِ إِلَّا أَنه أَصغر جِرْمًا وأَضْعَفُ بدَنًا؛ هَذَا قَوْلُ الأَزهري، وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّبُعُ مِنَ الْبَهَائِمِ الْعَادِيَةِ مَا كَانَ ذَا مِخلب، وَالْجَمْعُ أَسْبُعٌ وسِباعٌ.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يكسَّر عَلَى غَيْرِ سِباعٍ؛ وأَما قَوْلُهُمْ فِي جَمْعِهِ سُبُوعٌ فَمُشْعِرٌ أَن السَّبْعَ لُغَةٌ فِي السَّبُع، لَيْسَ بِتَخْفِيفٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه أَهل اللُّغَةِ لأَن التَّخْفِيفَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، عَلَى أَن تَخْفِيفَهُ لَا يَمْتَنِعُ؛ وَقَدْ جَاءَ كَثِيرًا فِي أَشعارهم مِثْلَ قَوْلِهِ:

أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكم؟ ***فَهَذَا ورَبِّ الرّاقِصاتِ المُزَعْفَرُ

وأَنشد ثَعْلَبٌ:

لِسانُ الفَتى سَبْعٌ، عَلَيْهِ شَذاتُه، ***فإِنْ لَمْ يَزَعْ مِن غَرْبِه، فَهُوَ آكِلُهْ

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نَهَى عَنْ أَكل كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»؛ قَالَ: هُوَ مَا يَفْتَرِسُ الْحَيَوَانَ ويأْكله قَهْرًا وقَسْرًا كالأَسد والنَّمِر والذِّئب وَنَحْوِهَا.

وَفِي تَرْجَمَةٍ عَقَّبَ: وسِباعُ الطَّيْرِ الَّتِي تَصِيدُ.

والسَّبْعةُ: اللَّبُوءَةُ.

وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ: أَخَذه أَخْذ سَبْعةٍ، إِنما أَصله سَبُعةٌ فَخُفِّفَ.

واللَّبُوءَةُ أَنْزَقُ مِنَ الأَسد، فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُولُوا أَخْذَ سَبُعٍ، وَقِيلَ: هُوَ رَجُلٌ اسْمُهُ سبْعة بْنُ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سلامانَ بْنِ ثُعَل بْنِ عَمْرِو بْنِ الغَوْث بْنِ طَيِّءِ بْنِ أُدَد، وَكَانَ رَجُلًا شَدِيدًا، فَعَلَى هَذَا لَا يُجْرَى لِلْمَعْرِفَةِ والتأْنيث، فأَخذه بَعْضُ مُلُوكِ الْعَرَبِ فَنَكَّلَ بِهِ وَجَاءَ الْمَثَلُ بِالتَّخْفِيفِ لِمَا يُؤْثِرُونَهُ مِنَ الْخِفَّةِ.

وأَسْبَعَ الرجلَ: أَطْعَمه السَّبُعَ، والمُسْبِعُ: الَّذِي أَغارت السِّباعُ عَلَى غَنَمِهِ فَهُوَ يَصِيحُ بالسِّباعِ والكِلابِ؛ قَالَ: " قَدْ أَسْبَعَ الرَّاعِي وضَوْضَا أَكْلُبُه "وأَسْبَعَ القومُ: وقَع السَّبُع فِي غَنَمِهِمْ.

وسَبَعت الذّئابُ الغنَم: فَرَسَتْها فأَكلتها.

وأَرض مَسْبَعةٌ: ذَاتُ سِباع؛ قَالَ لَبِيدٌ: " إِليك جاوَزْنا بِلَادًا مَسْبَعَهْ "ومَسْبَعةٌ: كَثِيرَةُ السِّبَاعِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: بَابُ مَسْبَعةٍ ومَذْأَبةٍ ونظيرِهما مِمَّا جَاءَ عَلَى مَفْعَلةٍ لَازِمًا لَهُ الْهَاءُ وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُقَالُ إِلا أَن تَقِيسَ شَيْئًا وَتَعْلَمَ مَعَ ذَلِكَ أَن الْعَرَبَ لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة عِنْدَهُمْ، وإِنما خَصُّوا بِهِ بناتِ الثَّلَاثَةِ لِخِفَّتِهَا مَعَ أَنهم يَسْتَغْنُونَ بِقَوْلِهِمْ كَثِيرَةُ الذِّئَابِ وَنَحْوِهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ فِي قَوْلِهِمْ لأَعْمَلَنّ بِفُلَانٍ عملَ سَبْعَةٍ: أَرادوا الْمُبَالَغَةَ وبلوغَ الْغَايَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرادوا عَمَلَ سَبْعَةِ رِجَالٍ.

وسُبِعَتِ الوَحْشِيَّةُ، فَهِيَ مَسْبُوعةٌ إِذا أَكَل السبُعُ وَلَدَهَا، والمَسْبُوعةُ: الْبَقَرَةُ الَّتِي أَكَل السبعُ ولدَها.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن ذِئْبًا اخْتَطَفَ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ أَيام مَبْعَثِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَزَعَهَا الرَّاعِي مِنْهُ، فَقَالَ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السبْع»؟ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّبْعُ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، الموضعُ الَّذِي يكونُ إِليه المَحْشَرُ يومَ الْقِيَامَةِ، أَراد مَنْ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَقِيلَ: السبْعُ الذَّعْرُ، سَبَعْتُ فُلَانًا إِذا ذَعَرْتَه، وسَبَعَ الذِّئْبُ الْغَنَمَ إِذا فَرَسَهَا، أَي مَنْ لَهَا يومَ الفَزَع؛ وَقِيلَ: هَذَا التأْويل يَفْسُد بِقَوْلِ الذِّئْبِ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ: «يومَ لَا راعِيَ لَهَا غَيْرِي»، وَالذِّئْبُ لَا يَكُونُ لَهَا رَاعِيًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: إِنه أَراد مَنْ لَهَا عِنْدَ الْفِتَنِ حِينَ يَتْرُكُهَا النَّاسُ هَمَلًا لَا رَاعِيَ لَهَا نُهْبَة للذِّئاب والسِّباع، فَجُعِلَ السبُع لَهَا رَاعِيًا إِذ هُوَ مُنْفَرِدٌ بِهَا، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهَذَا إِنذار بِمَا يَكُونُ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالْفِتَنِ الَّتِي يُهْمِلُ النَّاسُ فِيهَا مَوَاشِيَهُمْ فَتَسْتَمْكِنُ مِنْهَا السِّبَاعُ بِلَا مَانِعٍ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ: يومُ السبْعِ عِيدٌ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَشْتَغِلُونَ بِعِيدِهِمْ ولَهْوِهِم، وَلَيْسَ بالسبُع الَّذِي يَفْتَرِسُ النَّاسَ، وَهَذَا الْحَرْفُ أَملاه أَبو عَامِرٍ الْعَبْدَرِيُّ الْحَافِظُ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَكَانَ مِنَ الْعِلْمِ والإِتقان بِمَكَانٍ، وَفِي الْحَدِيثِ نهَى عَنْ جُلودِ السِّباعِ "؛ السباعُ: تَقَعُ عَلَى الأَسد وَالذِّئَابِ والنُّمُور، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلودِ السِّباعِ، وإِن دُبِغَتْ، وَيَمْنَعُ مِنْ بِيعَهَا، وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: إِن الدِّباغَ لَا يؤثِّر فِيمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلى أَن النَّهْيَ تَنَاوُلُهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ، فأَما إِذا دُبِغَتْ فَقَدْ طهُرت؛ وأَما مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فإِن الذَّبْحَ يُطَهِّرُ جُلود الْحَيَوَانِ المأْكول وَغَيْرِ المأْكول إِلا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا، والدِّباغُ يُطَهِّرُ كُلَّ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِهِمَا؛ وَفِي الشُّعُورِ والأَوبار خِلَافٌ هَلْ تَطْهُر بِالدِّبَاغِ أَم لا، إِنما نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ مُطْلَقًا أَو عَنْ جِلْدِ النَّمِر خَاصًّا لأَنه وَرَدَ فِي أَحاديث أَنه مِنْ شِعار أَهل السَّرَفِ والخُيَلاءِ.

وأَسبع عَبْدَهُ أَي أَهمله.

والمُسْبَعُ: المُهْمَلُ الَّذِي لَمْ يُكَفَّ عَنْ جُرْأَتِه فَبَقِيَ عَلَيْهَا.

وعبدٌ مُسْبَعٌ: مُهْمَلٌ جَريءٌ تُرِكَ حَتَّى صَارَ كالسبُع؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ حِمَارَ الْوَحْشِ:

صَخِبُ الشَّوارِبِ لَا يَزالُ كأَنَّه ***عَبدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَعُ

الشَّوارِبُ: مجارِي الحَلْق، والأَصل فِيهِ مَجاري الْمَاءِ، وأَراد أَنه كَثِيرُ النُّهاقِ، هَذِهِ رِوَايَةُ الأَصمعي، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: مُسْبِع، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَزَعَمَ أَن مَعْنَاهُ أَنه وَقَعَ السِّبَاعُ فِي مَاشِيَتِهِ، قَالَ: فَشَبَّهَ الْحِمَارَ وَهُوَ يَنْهَقُ بِعَبْدٍ قَدْ صادفَ فِي غَنَمِهِ سَبُعًا فَهُوَ يُهَجْهِجُ بِهِ لِيَزْجُرَهُ عَنْهَا، قَالَ: وأَبو رَبِيعَةَ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَفِي غَيْرِهِمْ وَلَكِنَّ جِيرَانَ أَبي ذُؤَيْبٍ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَهُمْ أَصحاب غَنَمٍ، وَخَصَّ آلَ رَبِيعَةَ لأَنهم أَسوأُ الناسِ مَلَكةً.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ مسأَلة فَقَالَ: «إِحْدى مِنْ سَبْع»أَي اشْتَدَّتْ فِيهَا الْفُتْيَا وعَظُم أَمرها، يَجُوزُ أَن يَكُونَ شِبهها بإِحدى اللَّيَالِي السَّبْعِ الَّتِي أَرسل اللَّهُ فِيهَا الْعَذَابَ عَلَى عَادٍ فَضَرَبَها لَهَا مَثَلًا فِي الشِّدَّةِ لأَشكالها، وَقِيلَ: أَراد سَبْعَ سِنِي يُوسُفَ الصدِّيق، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الشِّدَّةِ.

قَالَ شَمِرٌ: وَخَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى السَّمَاوَاتِ سَبْعًا والأَرضين سَبْعًا والأَيام سَبْعًا.

وأَسْبَعَ ابْنَهُ أَي دَفَعَهُ إِلى الظُّؤُورةِ.

المُسْبَع: الدَّعِيُّ.

والمُسْبَعُ: المَدْفُوعُ إِلى الظُّؤُورةِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

إِنَّ تَمِيمًا لَمْ يُراضَعْ مُسْبَعا، ***وَلَمْ تَلِدْه أُمُّهُ مُقَنَّعا

وَقَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ أَيضًا المُسْبَعُ التابِعةُ، وَيُقَالُ: الَّذِي يُولَدُ لِسَبْعَةِ أَشهر فَلَمْ يُنْضِجْه الرَّحِمُ وَلَمْ تَتِمّ شُهورُه، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجَ.

قَالَ النَّضْرُ: وَيُقَالُ رُبَّ غُلَامٍ رأَيتُه يُراضَعُ، قَالَ: والمُراضَعةُ أَنْ يَرْضَعَ أُمَّه وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ.

وسَبَعَه يَسْبَعُه سَبْعًا: طَعَنَ عَلَيْهِ وَعَابَهُ وشتَمه وَوَقَعَ فِيهِ بِالْقَوْلِ الْقَبِيحِ.

وسَبَعَه أَيضًا: عَضَّه بِسِنِّهِ.

والسِّباعُ: الفَخْرُ بِكَثْرَةِ الجِماع.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نهَى عن السِّباعِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّباعُ الفَخار كأَنه نَهَى عَنِ المُفاخَرة بالرَّفَثِ وَكَثْرَةِ الْجِمَاعِ والإِعْرابِ بِمَا يُكَنّى بِهِ عَنْهُ مِنْ أَمر النِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَسابَّ الرَّجُلَانِ فَيَرْمِي كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ بِمَا يَسُوؤُهُ مِنْ سَبَعَه أَي انْتَقَصَهُ وَعَابَهُ، وَقِيلَ: السِّباعُ الْجِمَاعُ نفسُه.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَبَّ عَلَى رأْسه الْمَاءَ مِنْ سِباعٍ كَانَ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ»؛ هَذِهِ عَنْ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

وَبَنُو سَبِيعٍ: قَبِيلَةٌ.

والسِّباعُ وَوَادِي السِّباعِ: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد الأَخفش:

أَطْلال دارٍ بالسِّباعِ فَحَمَّةِ ***سأَلْتُ، فلمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثُمَّ صَمَّتِ

وَقَالَ سُحَيْم بْنُ وَثِيلٍ الرِّياحِي:

مَرَرْتُ عَلَى وادِي السِّباعِ، وَلَا أَرَى، ***كَوادِي السِّباعِ حينَ يُظْلِمُ، وادِيا

والسَّبُعانُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي دِيَارِ قَيْسٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

أَلا يَا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ، ***أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى المَلَوانِ

وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِهِمُ اسْمٌ عَلَى فَعُلان غَيْرُهُ، والسُّبَيْعان: جَبَلَانِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

كأَني بِصَحْراءِ السُّبَيْعَينِ لَمْ أَكُنْ، ***بأَمْثالِ هِنْدٍ، قَبْلَ هِنْدٍ، مُفَجَّعا

وسُبَيْعٌ وسِباعٌ: اسْمَانِ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:

يَا لَيْتَ أَنِّي وسُبَيْعًا في الغَنَمْ، ***والجرْحُ مِني فَوْقَ حَرّار أَحَمْ

هُوَ اسْمُ رَجُلٍ مُصَغَّرٍ.

والسَّبِيعُ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ رَهْطُ أَبي إِسحاق السَّبِيعي.

وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّبِيعِ، هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مَحِلّة مِنْ مَحالِّ الْكُوفَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلى الْقَبِيلَةِ، وَهُمْ بَنُو سَبِيعٍ مِنْ هَمْدانَ.

وأُمُّ الأَسْبُعِ: امرأَة.

وسُبَيْعةُ بْنُ غَزالٍ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لَهُ حَدِيثٌ.

ووزْن سَبْعةٍ: لقب.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


42-لسان العرب (كسع)

كسع: الكَسْعُ: أَنْ تَضْرِبَ بِيَدِكَ أَو بِرِجْلِكَ بِصَدْرِ قَدَمِكَ عَلَى دُبُرِ إِنسان أَو شَيْءٍ.

وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرقم: «أَنَّ رَجُلًا كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصار»؛ أي ضرَب دُبُرَه بِيَدِهِ.

وكَسَعَهم بالسيفِ يَكْسَعُهم كَسْعًا: اتَّبَعَ أَدبارَهم فَضَرَبَهُمْ بِهِ مِثْلَ يَكْسَؤُهم وَيُقَالُ: ولَّى القومُ أَدْبارَهم فَكَسَعُوهم بِسُيُوفِهِمْ أَي ضَرَبُوا دَوابِرَهم.

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا هَزَمَ الْقَوْمَ فمرَّ وَهُوَ يَطْرُدُهُم: مَرَّ فُلَانٌ يَكْسَؤُهم ويَكْسَعُهم أَي يَتْبَعُهُمْ.

وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ يَوْمَ أُحد: «فَضَرَبْتُ عُرْقُوبَ فرَسِه فاكْتَسَعَتْ بِهِ»؛ أي سَقَطَتْ مِنْ نَاحِيَةِ مُؤَخَّرِها ورَمَتْ بِهِ.

وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبيةِ: «وعليٌّ يَكْسَعُها بقائِمِ السيفِ»أَي يَضْرِبُها مِنْ أَسْفَلَ.

وورَدَتِ الخيولُ يَكْسَعُ بعضُها بَعْضًا، وكَسَعه بِمَا ساءَه: تَكَلَّمَ فَرَمَاهُ عَلَى إِثْر قَوْلِهِ بِكَلِمَةٍ يَسوءُه بِهَا، وَقِيلَ: كَسَعَه إِذا هَمَزَه مِنْ وَرَائِهِ بكلامٍ قَبِيحٍ.

وَقَوْلُهُمْ: مَرَّ فُلَانٌ يَكْسَعُ، قَالَ الأَصمعي: الكَسْعُ شدَّةُ المَرِّ.

يُقَالُ: كَسَعَه بِكَذَا وَكَذَا إِذا جَعَلَهُ تَابِعًا لَهُ ومُذْهَبًا بِهِ؛ وأَنشد لأَبي شِبْلٍ الأَعرابي:

كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعةٍ غُبْرِ: ***أَيامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ

فإِذا انْقَضَتْ أَيّامُ شَهْلَتِنا:

صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ، ***وبآمِرٍ وأَخِيهِ مُؤْتَمِرٍ،

ومُعَلِّلٍ وبِمُطْفِئِ الجَمْرِ، ***ذهَب الشِّتاءُ مُوَلِّيًا هَرَبًا،

وأَتَتْكَ واقِدَةٌ مِنَ النَّجْرِ "وكَسَعَ الناقةَ بغُبْرِها يَكْسَعُها كَسْعًا: تَرَكَ فِي خِلْفِها بقِيَّةً مِنَ اللَّبَنِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ تَغْزِيرَها وَهُوَ أَشدُّ لَهَا؛ قَالَ الحرِثُ بْنُ حِلِّزةَ:

لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِها، ***إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَنِ الناتِجُ

واحْلُبْ لأَضْيافِكَ أَلْبانها، ***فإِنَّ شَرَّ اللبَنِ الوالِجُ

أَغْبارُها: جَمْعُ الغُبْرِ وَهِيَ بقيّةُ اللَّبَنِ فِي الضرْعِ، والوالِجُ أَي الَّذِي يَلِجُ فِي ظُهُورِها مِنَ اللَّبَنِ المَكْسُوعِ؛ يَقُولُ: لَا تُغَزِّرْ إِبِلَك تَطلُبُ بِذَلِكَ قُوَّةَ نَسْلِها واحْلُبْها لأَضْيافِكَ، فلعلَّ عَدُوًّا يُغيرُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ نتاجُها لَهُ دُونَكَ، وَقِيلَ: الكَسْعُ أَن يُضْرَبَ ضَرْعُها بِالْمَاءِ الْبَارِدِ ليَجِفَّ لبنُها ويَترادّ فِي ظَهْرِهَا فَيَكُونَ أَقوى لَهَا عَلَى الجَدْب فِي العامِ القابِلِ، وَمِنْهُ قِيلَ رَجُلٌ مُكَسَّعٌ، وَهُوَ مِنْ نَعْتِ العَزَبِ إِذا لَمْ يَتَزَوَّجْ، وَتَفْسِيرُهُ: رُدَّت بَقِيَّتُهُ فِي ظَهْرِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وَاللَّهِ لَا يُخْرِجُها مِنْ قَعْرِه ***إِلَّا فَتًى مُكَسَّعٌ بِغُبْرِه

وَقَالَ الأَزهري: الكَسْعُ أَن يؤخَذَ ماءٌ باردٌ فَيُضْرَبَ بِهِ ضُرُوعُ الإِبل الْحَلُوبَةِ إِذا أَرادوا تَغْزِيرَها ليَبْقَى لَهَا طِرْقُها وَيَكُونَ أَقْوى لأَولادِها الَّتِي تُنْتَجُها، وَقِيلَ: الكَسْعُ أَن تَتْرُكَ لَبَنًا فِيهَا لَا تَحْتَلِبُها، وَقِيلَ: هُوَ علاجُ الضرْعِ بالمَسْحِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَذْهَبَ اللَّبَنُ ويَرْتَفِعَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

أَكْبَرُ مَا نَعْلَمُه مِنْ كُفْرِه ***أَنْ كُلّها يَكْسَعُها بغُبْرِه،

وَلَا يُبالي وَطْأَها فِي قَبْرِه يَعْنِي الْحَدِيثَ فِيمَنْ لَا يؤدِّي زَكَاةَ نعَمه أَنَّها تَطَؤُه، يَقُولُ: هَذَا كُفْرُه وعَيْبُه.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الإِبلَ والغَنَمَ إِذا لَمْ يُعْطِ صاحِبُها حَقَّها»أَي زكاتَها وَمَا يَجِبُ فِيهَا بُطِحَ لَهَا يومَ الْقِيَامَةِ بِقاعٍ قَرْقَر فَوَطِئَتْه لأَنه يَمْنَعُ حَقَّها ودَرَّها ويَكْسَعُها وَلَا يُبالي أَن تَطَأَه بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: ضِفْتُ قَوْمًا فأَتَوْني بكُسَعٍ جَبِيزاتٍ مُعَشِّشاتٍ؛ قَالَ: الكُسَعُ الكِسَرُ، والجِبِيزاتُ اليابِساتُ، والمُعَشِّشاتُ المُكَرَّجاتُ.

واكْتَسَعَ الكلبُ بذَنَبِه إِذا اسْتَثْفَرَ.

وكَسَعَتِ الظَّبْيةُ والناقةُ إِذا أَدخلتا ذَنَبَيْهِما بَيْنَ أَرْجُلِهما، وَنَاقَةٌ كاسِعٌ بِغَيْرِ هَاءٍ.

وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: إِذا خَطَرَ الفحْلُ فَضَرَبَ فَخِذَيْه بِذَنَبِهِ فَذَلِكَ الاكْتِساعُ، فإِن شالَ بِهِ ثُمَّ طَواه فَقَدَ عَقْرَبَه.

والكُسْعُومُ: الحِمارُ بالحِمْيَرِيّةِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.

والكُسْعةُ: الرِّيشُ الأَبيض الْمُجْتَمِعُ تَحْتَ ذنَب الطائِر، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَحْتَ ذَنَبِ العُقابِ، والصِّفةُ أَكْسَعُ، وَجَمْعُهَا الكُسَعُ، والكَسَعُ فِي شِياتِ الْخَيْلِ مِنْ وضَحِ القوائمِ: أَن يَكُونَ البياضُ فِي طرَفِ الثُّنَّةِ فِي الرجْل، يُقَالُ: فرَسٌ أَكْسَعُ.

والكُسْعَةُ: النُّكْتةُ البَيْضاء فِي جبْهة الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، " وَقِيلَ فِي جَنْبِهَا.

والكُسْعةُ: الحُمُرُ السائمةُ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: لَيْسَ فِي الكُسْعةِ صَدَقةٌ "، وَقِيلَ: هِيَ الْحُمُرُ كُلُّهَا.

قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتِ الْحُمُرُ كُسْعةً لأَنها تُكْسَعُ فِي أَدْبارِها إِذا سِيقَتْ وَعَلَيْهَا أَحْمالُها.

قَالَ أَبو سَعِيدٍ: والكُسْعةُ تَقَعُ عَلَى الإِبل العَوامِل والبقَر الحَوامِلِ والحَمِيرِ والرَّقِيقِ، وإِنما كُسْعَتُها أَنها تُكْسَعُ بِالْعَصَا إِذا سيقَت، وَالْحَمِيرُ لَيْسَتْ أَولى بالكُسعةِ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْحُمُرُ وَالْعَبِيدُ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الكُسْعة الرَّقِيقُ، سُمِّيَ كسْعة لأَنك تَكْسَعُه إِلى حَاجَتِكَ، قَالَ: والنّخَّةُ الْحَمِيرُ، والجَبْهةُ الْخَيْلُ.

وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: كَسَعَ فُلَانٌ فُلَانًا وكَسَحَه وثَفَنَه ولَظَّه ولاظَه يَلُظُّه ويَلُوظُه ويَلأَظُه إِذا طَرَدَه.

والكُسْعةُ: وثَنٌ كَانَ يُعْبَدُ، وتَكَسَّعَ فِي ضَلَالِهِ ذهَب كَتَسَكَّعَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ.

والكُسَعُ: حَيٌّ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وَقِيلَ: هُمْ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ رُماةٌ، وَمِنْهُمُ الكُسَعِيُّ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ المثلُ فِي النَّدامةِ، وَهُوَ رَجُلٌ رامٍ رَمى بعد ما أَسْدَفَ الليلُ عَيْرًا فأَصابَه وَظَنَّ أَنه أَخْطأَه فَكَسَرَ قَوْسَه، وَقِيلَ: وَقَطَعَ إِصْبَعَه ثُمَّ نَدِمَ مِنَ الغَدِ حِينَ نَظَرَ إِلى العَيْر مَقْتُولًا وسَهْمُه فِيهِ، فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ نَادِمٍ عَلَى فِعْل يَفْعَلُه؛ وإِياه عَنى الفرزدقُ بِقَوْلِهِ:

نَدِمْتُ نَدامةَ الكُسَعِيِّ، لَمَّا ***غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقةً نَوارُ

وَقَالَ الْآخَرُ:

نَدِمْتُ نَدامةَ الكُسَعيّ، لَمَّا ***رأَتْ عَيْنَاهُ مَا فَعَلَتْ يَداهُ

وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ مُحارِبَ بْنَ قَيْسٍ مِنْ بَنِي كُسَيْعةَ أَو بَنِي الكُسَعِ بَطْنٍ مِنْ حِمْيَرَ؛ وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ الْكُسَعِيِّ أَنه كَانَ يَرْعَى إِبلًا لَهُ فِي وادٍ فِيهِ حَمْضٌ وشَوْحَطٌ، فإِمّا رَبَّى نَبْعةً حَتَّى اتَّخَذَ مِنْهَا قَوْسًا، وإِما رأَى قَضِيبَ شَوْحَطٍ نَابِتًا فِي صَخْرَةٍ فأَعْجَبَه فجعلَ يُقوِّمُه حَتَّى بَلَغَ أَن يَكُونَ قَوْسًا فَقَطَعَهُ وَقَالَ:

يَا رَبِّ سَدِّدْني لنَحْتِ قَوْسي، ***فإِنَّها مِنْ لَذَّتي لنَفْسي،

وانْفَعْ بقَوْسي ولَدِي وعِرْسي؛ ***أَنْحَتُ صَفْراءَ كَلَوْنِ الوَرْسِ،

كَبْداءَ ليسَتْ كالقِسِيِّ النُّكْسِ حَتَّى إِذا فَرَغَ مِنْ نَحْتِهَا بَرى مِنْ بَقِيَّتها خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ثُمَّ قَالَ:

هُنَّ ورَبِّي أَسْهُمٌ حِسانُ ***يَلَذُّ للرَّمْي بِهَا البَنانُ،

كأَنَّما قَوَّمَها مِيزانُ ***فأَبْشِرُوا بالخِصْبِ يَا صِبْيانُ

إِنْ لمْ يَعُقْني الشُّؤْمُ والحِرْمانُ ثُمَّ خَرَجَ لَيْلًا إِلى قُتْرة لَهُ عَلَى مَوارِدِ حُمُرِ الوحْش فَرَمى عَيْرًا مِنْهَا فأَنْفَذَه، وأَوْرى السهمُ فِي الصوَّانة نَارًا فَظَنَّ أَنه أَخطأَ فَقَالَ:

أَعوذُ بالمُهَيْمِنِ الرحْمنِ ***مِنْ نَكَدِ الجَدِّ مع الحِرْمانِ،

ما لي رَأَيتُ السَّهْمَ فِي الصَّوّانِ ***يُورِي شَرارَ النارِ كالعِقْيانِ،

أَخْلَفَ ظَنِّي ورَجا الصِّبْيانِ ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ ثَانِيَةً فَرَمَى عَيْرًا مِنْهَا فَكَانَ كَالَّذِي مَضى مِنْ رَمْيه فَقَالَ:

أَعوذُ بالرحْمنِ مِنْ شَرِّ القَدَرْ، ***لَا بارَك الرحمنُ فِي أُمِّ القُتَرْ

أَأُمْغِطُ السَّهْمَ لإِرْهاقِ الضَّرَرْ، ***أَمْ ذاكَ مِنْ سُوءِ احْتِمالٍ ونَظَرْ،

أَمْ لَيْسَ يُغْني حَذَرٌ عِنْدَ قَدَرْ؟ المَغْطُ والإِمْغاطُ: سُرْعةُ النزْعِ بِالسَّهْمِ؛ قَالَ: ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ ثَالِثَةً فَكَانَ كَمَا مَضَى مِنْ رَمْيِهِ فَقَالَ:

إِنِّي لشُؤْمي وشَقائي ونَكَدْ، ***قَدْ شَفَّ مِنِّي مَا أَرَى حَرُّ الكَبِدْ،

أَخْلَفَ مَا أَرْجُو لأَهْلي ووَلَدْ ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ رَابِعَةً فَكَانَ كَمَا مَضَى مِنْ رَمْيِهِ الأَوّل فَقَالَ:

مَا بالُ سَهْمِي يُظْهِرُ الحُباحِبَا؟ ***قَدْ كنتُ أَرْجُو أَن يكونَ صائِبا،

إِذْ أَمكَنَ العَيْرُ وأَبْدَى جانِبا، ***فَصَارَ رَأْيي فِيهِ رَأْيًا كاذِبا

ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ خَامِسَةً فَكَانَ كَمَا مَضَى مِنْ رَمْيِهِ فَقَالَ:

أَبَعْدَ خَمْسٍ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّها ***أَحْمِلُ قَوْسِي وأُرِيدُ رَدَّها؟

أَخْزَى إِلَهِي لِينَها وشَدَّها ***واللهِ لَا تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَها،

وَلَا أُرَجِّي، مَا حَييتُ، رِفْدَها "ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قُتْرَتِه حتى جاء بها إِلى صَخْرَةٍ فَضَرَبَهَا بِهَا حَتَّى كَسَرَها ثُمَّ نَامَ إِلى جَانِبِهَا حَتَّى أَصبح؛ فَلَمَّا أَصبح وَنَظَرَ إِلى نَبْلِهِ مُضَرَّجة بِالدِّمَاءِ وإِلى الحُمُرِ مُصَرَّعةً حَوْلَهُ عَضَّ إِبهامه فقطعها ثم أَنشأَ يَقُولُ:

نَدِمْتُ نَدامةً، لَوْ أَنَّ نَفْسِي ***تُطاوِعُني، إِذًا لَبَتَرْتُ خَمْسِي

تَبَيَّنَ لِي سَفاه الرَّأْي مِنِّي، ***لَعَمْرُ اللَّهِ، حينَ كَسَرْتُ قَوْسِي

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


43-لسان العرب (وقع)

وَقَعَ: وقَع عَلَى الشَّيْءِ وَمِنْهُ يَقَعُ وَقْعًا ووُقُوعًا: سقَطَ، ووَقَعَ الشيءُ مِنْ يَدِي كَذَلِكَ، وأَوْقَعَه غيرُه ووَقَعْتُ مِنْ كَذَا وَعَنْ كَذَا وَقْعًا، ووَقَعَ المطرُ بالأَرض، وَلَا يُقَالُ سَقَطَ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: سَقَط المطرُ مكانَ كَذَا فمكانَ كَذَا.

ومَواقِعُ الغيثِ: مَساقِطُه.

وَيُقَالُ: وقَع الشيءُ مَوْقِعَه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض يَقَعُ وُقُوعًا لأَوّلِ مَطَرٍ يَقَعُ فِي الخَرِيفِ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ سَقَطَ.

وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَقْعَ المطرِ وَهُوَ شدّةُ ضَرْبِه الأَرضَ إِذا وَبَلَ.

وَيُقَالُ: سَمِعْتُ لحَوافِرِ الدّوابِّ وقْعًا ووُقُوعًا؛ وَقَوْلُ أَعْشَى باهِلةَ:

وأَلْجَأَ الكلبَ مَوْقُوعُ الصَّقِيعِ بِهِ، ***وأَلْجَأَ الحَيَّ مِنْ تَنْفاخِها الحَجرُ

إِنما هُوَ مَصْدَرٌ كالمَجْلُودِ والمَعْقُول.

والمَوْقِعُ والمَوْقِعةُ: موضِعُ الوُقُوع؛ حَكَى الأَخيرةَ اللِّحْيَانِيُّ.

وَوِقاعةُ السّترِ، بِالْكَسْرِ: مَوْقِعُه إِذا أُرسل.

وَفِي حَدِيثِ أُم سلمةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «اجْعَلي بَيْتَكِ حِصْنَكِ وَوِقاعةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ»؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الوِقاعةُ، بِالْكَسْرِ، موضعُ وُقُوعِ طَرَفِ الستْرِ عَلَى الأَرض إِذا أُرْسِلَ، وَهِيَ مَوْقِعُه ومَوْقِعَتُه، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ أي ساحةَ الستْرِ.

والمِيقَعةُ: داءٌ يأْخذ الْفَصِيلَ كالحَصْبةِ فيَقَعُ فَلَا يَكَادُ يَقُومُ.

ووَقْعُ السيفِ ووَقْعَتُه ووُقُوعُه: هِبَّتُه ونُزُولُه بالضَّرِيبة، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، ووَقَعَ بِهِ ماكر يَقَعُ وُقُوعًا ووَقِيعةً: نَزَلَ.

وَفِي الْمَثَلِ: الحِذارُ أَشدُّ مِنَ الوَقِيعةِ؛ يُضْرَبُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَعْظُمُ فِي صَدْرِه الشيءُ، فإِذا وَقَعَ فِيهِ كَانَ أَهْوَنَ مِمَّا ظَنَّ، وأَوْقَعَ ظَنَّه عَلَى الشَّيْءِ ووَقَّعَه، كِلَاهُمَا: قَدَّرَه وأَنْزَلَه.

ووَقع بالأَمر: أَحدثه وأَنزله.

ووَقَعَ القولُ والحكْمُ إِذا وجَب.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعلم، وإِذا وَجَبَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخرجنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرض، وأَوْقَعَ بِهِ مَا يَسُوءُهُ كَذَلِكَ.

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ}، مَعْنَاهُ أَصابَهم ونزَلَ بِهِمْ.

ووَقَعَ مِنْهُ الأَمْرُ مَوْقِعًا حسَنًا أَو سَيِّئًا: ثَبَتَ لَدَيْهِ، وأَمّا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ فإِنها تَقَعُ مِنَ الجائِعِ مَوْقِعَها مِنَ الشبْعانِ، فإِنه أَراد أَنَّ شِقَّ التمرةِ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ كبيرُ مَوْقِعٍ مِنَ الْجَائِعِ إِذا تناوَلَه كَمَا لَا يَتَبَيَّنُ عَلَى شِبَعِ الشبعانِ إِذا أَكله، فَلَا تعْجِزُوا أَن تَتَصَدَّقُوا بِهِ، وَقِيلَ: لأَنه يسأَل هَذَا شقَّ تَمْرَةٍ وَذَا شِقَّ تَمْرَةٍ وَثَالِثًا وَرَابِعًا فَيَجْتَمِعُ لَهُ مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَه».

وأَوْقَعَ بِهِ الدهرُ: سَطا، وَهُوَ منه.

والوَقِعةُ: الدّاهِيةُ.

والواقِعةُ: النازِلةُ مِنْ صُرُوف الدهرِ، والواقعةُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ}، يَعْنِي القيامةَ.

قَالَ أَبو إِسحاق: يُقَالُ لِكُلِّ آتٍ يُتَوَقَّعُ قَدْ وقَعَ الأَمْرُ كَقَوْلِكَ قَدْ جَاءَ الأَمرُ، قَالَ: والواقِعةُ هَاهُنَا الساعةُ والقيامةُ.

والوَقْعةُ والوَقِيعةُ: الحْربُ والقِتالُ، وَقِيلَ: المَعْرَكةُ، وَالْجَمْعُ الوَقائِعُ.

وَقَدْ وقَعَ بِهِمْ وأَوْقَعَ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وإِذا وقَعَ قومٌ بِقَوْمٍ قِيلَ: واقَعُوهم وأَوْقَعُوا بِهِمْ إِيقاعًا.

والوَقْعةُ والواقِعةُ: صَدْمةُ الْحَرْبِ، وواقَعُوهم فِي القتالِ مُواقَعةً وَوِقاعًا.

وَقَالَ اللَّيْثُ: الوقْعَةُ فِي الْحَرْبِ صَدْمةٌ بَعْدَ صَدْمةٍ.

ووَقائِعُ الْعَرَبِ: أَيّامُ حُرُوبِهم.

والوِقاعُ: المُواقَعةُ فِي الحَرْبِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ: " ومَنْ شَهِدَ المَلاحِمَ والوِقاعا "والوَقْعةُ: النَّوْمة فِي آخِرِ اللَّيْلِ.

والوَقْعةُ: أَن يَقْضِيَ فِي كُلِّ يومٍ حَاجَةً إِلى مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.

وتَبَرَّزَ الوَقْعةَ أَي الغائِطَ مَرَّةً فِي الْيَوْمِ.

قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَيَعْقُوبُ: سُئِلَ رَجُلٌ عَنْ سَيْرِه كَيْفَ كَانَ سَيْرُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ آكُل الوجْبةَ، وأَنْجو الوَقْعةَ، وأُعَرِّسُ إِذا أَفْجَرْتُ، وأَرْتَحِلُ إِذَا أَسْفَرْتُ، وأَسِيرُ المَلْعَ والخَبَبَ والوَضْعَ، فأَتَيْتُكم لِمُسْيِ سَبْع؛ الوَجْبةُ: أَكْلة فِي الْيَوْمِ إِلى مِثْلِهَا مِنَ الغَدِ، ابْنُ الأَثير: تَفْسِيرُهُ الوَقْعةُ المرّةُ مِنَ الوُقُوعِ السُّقُوطِ، وأَنْجُومِنَ النَّجْو الحَدَثِ أَي آكُلُ مرَّةً وَاحِدَةً وأُحْدِثُ مَرَّةً فِي كُلِّ يومٍ، والمَلْعُ فوقَ المَشْيِ ودُونَ الخَبَبِ، والوَضْعُ فَوْقَ الْخَبَبِ؛ وَقَوْلُهُ لِمُسْي سَبْعٍ أَي لِمَساء سَبْعٍ.

الأَصمعي: التوْقِيعُ فِي السَّيْرِ شَبِيهٌ بِالتَّلْقِيفِ وَهُوَ رَفْعُهُ يدَه إِلى فَوْقَ.

ووَقَّعَ القومُ تَوْقِيعًا إِذا عَرَّسوا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: " إِذا وقَّعُوا وهْنًا أَناخُوا مَطِيَّهُمْ "وطائِرٌ واقِعٌ إِذا كَانَ عَلَى شَجَرٍ أَو مُوكِنًا؛ قَالَ الأَخطل:

كأَنّما كانُوا غُرابًا واقِعا، ***فطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواعِقا

ووَقَعَ الطائِرُ يَقَعُ وُقُوعًا، وَالِاسْمُ الوَقْعةُ: نزلَ عَنْ طَيَرانِه، فَهُوَ واقِعٌ.

وإِنه لَحَسَنُ الوِقْعةِ، بِالْكَسْرِ.

وَطَيْرٌ وُقَّعٌ ووُقُوعٌ: واقِعةٌ؛ وَقَوْلُهُ:

فإِنَّك والتَّأْبِينَ عُرْوةَ بَعْدَ ما ***دَعاكَ، وأَيْدِينا إِليه شَوارِعُ،

لَكَالرَّجُلِ الحادِي، وَقَدْ تَلَعَ الضُّحَى، ***وطَيْرُ المَنايا فوْقَهُنَّ أَواقِعُ

إِنما أَراد وواقِعٌ جَمْعَ واقِعةٍ فَهَمَزَ الْوَاوَ الأُولى.

ووَقِيعةُ الطائِر ومَوْقَعَتُه، بِفَتْحِ الْقَافِ: مَوْضِعُ وُقُوعه الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ ويَعْتادُ الطائِرُ إِتْيانَه، وَجَمْعُهَا مَواقِعُ.

ومِيقَعةُ البازِي: مَكَانٌ يأْلَفُه فَيَقَعُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد:

كأَنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النَّفِيّ ***مَواقِع الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيّ

شَبَّهَ مَا انْتَشَرَ مِنْ مَاءِ الِاسْتِقَاءِ بِالدَّلْوِ عَلَى مَتْنَيْهِ بِمَوَاقِعِ الطَّيْرِ عَلَى الصَّفا إِذا زَرَقَتْ عَلَيْهِ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: المَوْقِعُ مَوْضِعٌ لِكُلِّ واقِعٍ.

تَقُولُ: إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيَقَعُ مِنْ قلبِي مَوْقِعًا، يَكُونُ ذَلِكَ فِي المَسرّةِ والمَساءةِ.

والنَّسْرُ الواقِعُ: نَجْمٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ كأَنه كاسِرٌ جناحَيْه مِنْ خَلْفِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ واقِعًا لأَنّ بِحِذائِه النَّسْرَ الطَّائِرَ، فالنسرُ الواقِعُ شامِيٌّ، والنَّسْرُ الطائرُ حَدّه مَا بَيْنَ النُّجُومِ الشَّامِيَّةِ وَالْيَمَانِيَةِ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ غَيْرُ مُسْتَطِيلٍ، وَهُوَ نَيِّرٌ وَمَعَهُ كَوْكَبَانِ غامِضان، وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَّافٌ كأَنهما لَهُ كَالْجَنَاحَيْنِ قَدْ بسَطَهما، وكأَنه يَكَادُ يَطِيرُ وَهُوَ مَعَهُمَا مُعْتَرِضٌ مُصْطَفّ، وَلِذَلِكَ جَعَلُوهُ طَائِرًا، وأَمّا الواقِعُ فَهُوَ ثلاثةُ كواكِبَ كالأَثافي، فَكَوْكَبَانِ مُخْتَلِفَانِ لَيْسَا عَلَى هَيْئَةِ النَّسْرِ الطَّائِرِ، فَهُمَا لَهُ كَالْجَنَاحَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا مُنْضَمَّانِ إِليه كأَنه طائِرٌ وقَعَ.

وإِنه لواقِعُ الطيْرِ أَي ساكِنٌ لَيِّنٌ.

ووَقَعَتِ الدّوابُّ ووَقَّعَتْ: رَبَضَتْ.

ووَقَعَتِ الإِبلُ ووَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، وَقِيلَ: وَقَّعَتْ، مُشَدَّدَةٌ، اطمأَنت بالأَرض بَعْدَ الرِّيِّ؛ أَنشد ابْنِ الأَعرابي:

حَتَّى إِذَا وَقَّعْنَ بالأَنْباثِ، ***غيرَ خَفِيفاتِ وَلَا غِراثِ

وإِنما قَالَ غَيْرَ خَفِيفَاتٍ وَلَا غِراث لأَنها قَدْ شَبِعَتْ ورَوِيَتْ فَثَقُلَتْ.

والوَقِيعةُ فِي النَّاسِ: الغِيبةُ، ووَقَعَ فِيهِمْ وُقُوعًا ووَقِيعةً: اغْتابهم، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَذْكُرَ فِي الإِنسان مَا لَيْسَ فِيهِ.

وَهُوَ رَجُلٌ وَقّاعٌ ووَقّاعةٌ أَي يَغْتابُ الناسَ.

وَقَدْ أَظْهَرَ الوقِيعةَ فِي فُلَانٍ إِذا عابَهُ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «فوَقَعَ بِي أَبي»أَي لامَنِي وعَنَّقَنِي.

يُقَالُ: وقَعْت بِفُلَانٍ إِذا لُمْتَه ووَقَعْتُ فِيهِ إِذا عِبْتَه وذَمَمْتَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" طارقٍ: ذهَب رَجُلٌ ليَقَعَ فِي خَالِدٍ "أَي يَذُمَّه ويَعِيبَه ويَغْتابَه.

ووَقاعِ: دائِرةٌ عَلَى الجاعِرَتَيْن أَو حيثُما كَانَتْ عَنْ كَيٍّ، وَقِيلَ: هِيَ كَيّةٌ تَكُونُ بَيْنَ القَرْنَيْن قَرْنَي الرأْسِ؛ قَالَ عوفُ بْنُ الأَحوص:

وكنتُ، إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ، ***دَلَفْتُ لَهُ فأَكْوِيهِ وَقاعِ

وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الأَزهري لِقَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ.

قَالَ الْكِسَائِيُّ: كوَيْتُه وقاعِ، قَالَ: وَلَا تَكُونُ إِلا دَارَةً حَيْثُ كَانَتْ يَعْنِي لَيْسَ لَهَا مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ.

وَقَالَ شَمِرٌ: كَواهُ وَقاعِ إِذا كَوَى أُمّ رأْسِه.

يُقَالُ: وَقَعْتُه أَقَعُه إِذا كَوَيْتَه تِلْكَ الكَيّةَ، ووَقَعَ فِي العَمَلِ وُقُوعًا: أَخذ.

وواقَعَ الأُمورَ مُواقَعةً ووِقاعًا: دَانَاهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وأَرى قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

ويُطْرِقُ إِطْراقَ الشُّجاعِ وعِنْدَه، ***إِذا عُدَّتِ الهَيْجا، وِقاعُ مُصادِفِ

إِنما هُوَ مِنْ هَذَا، قَالَ: وأَما ابْنُ الأَعرابي فَلَمْ يُفَسِّرْهُ.

والوِقاعُ: مُواقَعةُ الرجلِ امرأَتَه إِذا باضَعَها وخالَطَها.

وواقَعَ المرأَة ووَقَعَ عَلَيْهَا.

جامَعَها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراهما عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

والوَقائِعُ: المنَاقِعُ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ: " رَشِيفَ الغُرَيْرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ "والوَقِيعُ: مَنَاقِعُ الْمَاءِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَقِيعُ مِنَ الأَرضِ الغليظُ الَّذِي لَا يُنَشِّفُ الْمَاءَ وَلَا يُنْبِتُ بَيِّنُ الوَقاعةِ، وَالْجَمْعُ وُقُعٌ.

والوَقِيعةُ: مَكَانٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الْمَاءَ، وَكَذَلِكَ النُّقْرةُ فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَجَمْعُهَا وَقائِعُ؛ قَالَ:

إِذا مَا اسْتَبالُوا الخيلَ كانتْ أَكُفُّهُمْ ***وَقائِعَ للأَبْوالِ، والماءُ أَبْرَدُ

يَقُولُ: كَانُوا فِي فَلاةٍ فاسْتَبالُوا الخيلَ فِي أَكفهم فَشَرِبُوا أَبوالها مِنَ الْعَطَشِ.

وَحَكَى ابْنُ شُمَيْلٍ: أَرضٌ وَقِيعةٌ لَا تَكَادُ تُنَشِّفُ الماءَ مِنَ القِيعانِ وَغَيْرِهَا مِنَ القفافِ والجبالِ، قَالَ: وأَمْكِنةٌ وُقُعٌ بَيِّنةُ الوَقاعةِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الأَسدِيّ يَقُولُ: أَوْقَعَتِ الروضةُ إِذا أَمْسَكَتِ الماءَ؛ وأَنشدني فِيهِ: " مُوقِعة جَثْجاثُها قَدْ أَنْوَرا "والوَقِيعةُ: نُقْرةٌ فِي مَتْنِ حَجَرٍ فِي سَهْل أَو جَبَلٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَهِيَ تَصْغُرُ وَتَعْظُمُ حَتَّى تُجاوِزَ حَدَّ الوَقِيعةِ فَتَكُونَ وَقِيطًا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

الزَّاجِرُ العِيسَ فِي الإِمْلِيسِ أَعْيُنُها ***مِثْلُ الوَقائِعِ، فِي أَنْصافِها السَّمَلُ

والوَقْعُ، بِالتَّسْكِينِ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْجَبَلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الوَقْعُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وهو دون الجبل.

الوَقْعُ الحصَى الصِّغارُ، وَاحِدَتُهَا وَقْعةٌ.

والوَقَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحجارةُ، وَاحِدَتُهَا وَقَعةٌ؛ قَالَ الذُّبْيَانِيُّ:

بَرَى وَقَعُ الصَّوانِ حَدَّ نُسُورِها، ***فَهُنَّ لِطافٌ كالصِّعادِ الذَّوائِدِ

والتوْقِيعُ: رَمْيٌ قَرِيبٌ لَا تُباعِدُه كأَنك تُرِيدُ أَن تُوقِعَه عَلَى شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ توْقِيعُ الأَرْكانِ.

والتوْقِيعُ: الإِصابة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

وَقَدْ جَعَلَتْ بَوائِقُ مِنْ أُمورٍ ***تُوَقِّعُ دُونَه، وتَكُفُّ دُوني

والتَّوَقُّعُ: تَنَظُّرُ الأَمْرِ، يُقَالُ: تَوَقَّعْتُ مَجِيئَه وتَنَظَّرْتُه.

وتَوَقَّعَ الشيءَ واسْتَوْقَعَه: تَنَظَّرَه وتَخَوَّفَه.

والتوْقِيعُ: تَظَنِّي الشيءِ وتَوهُّمُه، يُقَالُ: وَقِّعْ أَي أَلْقِ ظَنَّكَ عَلَى شَيْءٍ، والتوْقِيعُ بِالظَّنِّ وَالْكَلَامِ والرَّمْيِ يَعْتَمِدُه ليَقَعَ عَلَيْهِ وَهْمُه.

والوَقْعُ والوَقِيعُ: الأَثَرُ الَّذِي يخالفُ اللوْنَ.

والتوقيعُ: سَحْجٌ فِي ظَهْرِ الدابةِ، وَقِيلَ: فِي أَطرافِ عظامِ الدّابّةِ مِنَ الرُّكُوبِ، وَرُبَّمَا انْحَصَّ عَنْهُ الشعَرُ ونَبَتَ أَبيضَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.

والتوْقِيعُ: الدَّبَرُ.

وَبَعِيرٌ مُوَقَّعُ الظهرِ: بِهِ آثارُ الدَّبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَانَ بِهِ الدَّبَرُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلْحَكَمِ بْنِ عَبْدَلٍ الأَسدِيّ:

مِثْل الحِمارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ، لَا ***يُحْسِنُ مَشْيًا إِلَّا إِذا ضُرِبا

وَفِي الْحَدِيثِ: «قَدِمَتْ عَلَيْهِ حليمةُ فشَكَتْ إِليه جَدْبَ البلادِ، فَكَلَّمَ لَهَا خديجةَ فَأَعْطَتْها أَربعين شَاةً وَبَعِيرًا مُوَقَّعًا للظَّعِينةِ»؛ المُوَقَّعُ: الَّذِي بظَهْرِه آثَارُ الدَّبر لِكَثْرَةِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ ورُكِبَ، فَهُوَ ذَلُولٌ مجرّبٌ، والظَّعِينةُ: الهَوْدَجُ هاهنا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ يَدُلُّني عَلَى نَسِيجِ وحْدِه؟ قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ غيرَكَ، فَقَالَ: مَا هِيَ إِلا إِبلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُها أَي أَنا مِثْلُ الإِبلِ المُوَقَّعةِ فِي العيْبِ بدَبَر ظُهُورِهَا؛ وأَنشد الأَزهري: " وَلَمْ يُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ "والتوْقِيعُ: إِصابةُ المَطر بعضَ الأَرضِ وإِخطاؤه بَعْضًا، وَقِيلَ: هُوَ إِنباتُ بَعْضِهَا، دُونَ بَعْضٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابَ الأَرضَ مَطَرٌ مُتَفَرِّقٌ أَصاب وأَخْطأَ، فَذَلِكَ تَوْقِيعٌ فِي نَبْتِها.

والتوْقِيعُ فِي الكتابِ: إِلْحاقُ شَيْءٍ فِيهِ بَعْدَ الفراغِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ التوْقِيعِ الَّذِي هُوَ مخالفةُ الثَّانِي للأَوّلِ.

قَالَ الأَزهري: تَوْقِيعُ الكاتِب فِي الْكِتَابِ المَكْتُوبِ أَن يُجْمِلَ بَيْنَ تَضاعِيفِ سُطُوره مَقاصِدَ الْحَاجَةِ ويَحْذِفَ الفُضُولَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ تَوْقِيعِ الدَّبَرِ ظهرَ الْبَعِيرِ، فكأَنّ المُوَقِّع فِي الْكِتَابِ يُؤَثِّر فِي الأَمر الَّذِي كُتِبَ الكتابُ فِيهِ مَا يُؤَكِّدُه ويُوجبه.

والتوْقِيعُ: مَا يُوَقَّعُ فِي الكتابِ.

وَيُقَالُ: السُّرُورُ تَوْقِيع جائزٌ.

ووَقَعَ الحدِيدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعًا: أَحَدَّها وضَرَبَها؛ قَالَ الأَصمعي: يقالُ ذَلِكَ إِذا فَعَلْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:

حَرَّى مُوَقَّعة ماجَ البَنانُ بِهَا ***عَلَى خِضَمٍّ، يُسَقَّى الماءَ، عجَّاجِ

أَراد بالحَرَّى المِرْماةَ العَطْشَى.

ونَصْلٌ وقِيعٌ: مُحَدَّدٌ، وَكَذَلِكَ الشَّفْرةُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

وآخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي، ***وَفِي البَجْلِيّ مِعْبَلةٌ وقِيعُ

هَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ الأَصمعي: وَفِي البَجَلِيّ، فَقَالَ لَهُ أَعرابي كَانَ بالمِرْبَدِ: أَخْطَأْتَ يَا شيخُ مَا الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ عَبْسٍ وبَجِيلةَ؟ والوَقِيعُ مِنَ السُّيُوفِ: مَا شُحِذَ بِالْحَجَرِ.

وسكِّينٌ وقِيعٌ أَي حدِيدٌ وُقِعَ بالميقَعةِ، يُقَالُ: قَعْ حَدِيدك؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

يُباكِرْنَ العِضاه بمُقْنَعاتٍ، ***نَواجِذُهُنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ

ووَقَعْتُ السِّكِّينَ: أَحْدَدْتُها.

وَسِكِّينٌ مُوَقَّعٌ أَي مُحَدَّدٌ.

واسْتَوْقَعَ السيفُ: احتاجَ إِلى الشَّحْذِ.

والمِيقَعةُ: مَا وُقِعَ بِهِ السَّيْفُ، وَقِيلَ: المِيقَعةُ المِسَنُّ الطَّوِيلُ.

والتوْقِيعُ: إِقْبالُ الصَّيْقَلِ عَلَى السَّيْفِ بِمِيقَعَتِه يُحَدّده، ومِرْماةٌ مُوَقَّعةٌ.

والمِيقَعُ والمِيقَعةُ، كِلَاهُمَا: المِطْرَقةُ.

والوَقِيعةُ: كالمِيقَعةِ، شاذٌّ لأَنها آلَةٌ، والآلةُ إِنما تأْتي عَلَى مِفْعل؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

رَأَى شَخْصَ مَسْعُودِ بْنَ سَعْدٍ، بكَفِّه ***حدِيدٌ حدِيثٌ، بالوَقِيعةِ مُعْتَدِي

وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

دَلَفْتُ لَهُ بأَبْيَضَ مَشْرَفِيّ، ***كأَنَ، عَلَى مَواقِعِه، غُبارا

يَعْنِي بِهِ مَواقِعَ المِيقَعةِ وَهِيَ المِطْرَقةُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِابْنَ حِلِّزة:

أَنْمِي إِلى حَرْفٍ مُذَكَّرةٍ، ***تَهِصُ الحَصى بمَواقِعٍ خُنْسِ

وَيُرْوَى: بمنَاسِمٍ مُلْسِ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «نَزَل مَعَ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، المِيقَعةُ والسِّنْدانُ والكَلْبتانِ»؛ قَالَ: المِيقَعةُ المِطْرقةُ، وَالْجَمْعُ المَواقِع، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ قُلِبَتْ لِكَسْرَةِ الْمِيمِ.

والمِيقَعةُ: خَشَبَةُ القَصّارِ الَّتِي يَدُقُّ عَلَيْهَا.

يُقَالُ: سَيْفٌ وَقِيعٌ وَرُبَّمَا وُقِّعَ بِالْحِجَارَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «ابنُ أَخي وَقِعٌ»أَي مريضٌ مُشْتَكٍ، وأَصل الوَقَعِ الحجارةُ المحَددة.

والوَقَعُ: الحَفاءُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ: " لا وَقَعٌ في نَعْلِه وَلَا عَسَمْ والوَقِعُ: الَّذِي يَشْتَكِي رِجْلَهُ مِنَ الْحِجَارَةِ، والحجارةُ الوَقَعُ.

ووَقِعَ الرجلُ والفرسُ يَوْقَعُ وقَعًا، فَهُوَ وَقِعٌ: حَفِيَ مِنَ الْحِجَارَةِ أَو الشوْك وَاشْتَكَى لحمَ قَدِّمِيهِ، زَادَ الأَزهري: بَعْدَ غَسْلٍ مِنْ غِلَظِ الأَرض وَالْحِجَارَةِ.

وَفِي حَدِيثِ أُبَيٍّ: «قَالَ لِرَجُلٍ لَوِ اشتريْتَ دَابَّةً تَقِيكَ الوَقَعَ»؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ أَن تُصيب الحجارةُ القَدَمَ فتُوهِنَها.

يُقَالُ: وَقِعْتُ أَوْقَعُ وَقَعًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي المِقْدامِ وَاسْمُهُ جَسّاسُ ابن قُطَيْبٍ:

يَا لَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ، ***وشُرُكًا مِنَ اسْتِها لَا تَنْقَطِعُ،

كلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الْحَافِي الوَقِعْ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنَّ الحاجةَ تَحْمِلُ صاحبَها عَلَى التَّعَلُّقِ بِكُلِّ شَيْءٍ قَدَرَ عَلَيْهِ، قَالَ: ونحوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمُ الغَرِيقُ يتعلقُ بالطُّحْلُبِ.

ووقِعَتِ الدابةُ تَوْقَعُ إِذا أَصابها دَاءٌ ووَجَعٌ فِي حَافِرِهَا مِنْ وَطْء على غِلظٍ، "والغِلظ هُوَ الَّذِي يَبرِي حَدَّ نُسورِها، وَقَدْ وَقَّعه الحجرُ تَوْقِيعًا كَمَا يُسَنُّ الْحَدِيدُ بِالْحِجَارَةِ.

ووَقَّعَتِ الحجارةُ الحافِرَ فَقَطَعَتْ سنابِكَه تَوْقِيعًا، وَحَافِرٌ وَقِيعٌ: وَقَعَتْه الحجارةُ فغَضَّتْ مِنْهُ.

وَحَافِرٌ مَوْقوعٌ: مِثْلُ وَقِيعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رؤْبة:

لأْم يَدُقُّ الحَجَرَ المُدَمْلَقا، ***بكلِّ موْقُوعِ النُّسورِ أَخْلَقا

وَقَدَمٌ موْقوعةٌ: غليظةٌ شَدِيدَةٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ رُؤْبَةَ: " يَرْكَبُ قَيْناه وقِيعًا ناعِلا "الوقِيعُ: الحافرُ المحَدَّد كأَنه شُحِذَ بالأَحجار كَمَا يُوقَعُ السيفُ إِذا شُحِذ، وَقِيلَ: الوقِيعُ الحافرُ الصُّلْبُ، والناعِلُ الَّذِي لَا يَحْفى كأَنَّ عَلَيْهِ نعْلًا.

وَيُقَالُ: طَرِيقٌ مُوَقَّعٌ مُذَلَّلٌ، وَرَجُلٌ مُوَقَّعٌ مُنَجَّذٌ، وَقِيلَ: قَدْ أَصابته الْبَلَايَا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَمَا مِنْكُمُ، أَفْناءَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ، ***بِغارَتِنا، إِلا ذَلُولٌ مُوَقَّعُ

أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لغِلافِ القارورةِ الوَقْعةُ والوِقاعُ، والوِقَعةُ للجميع.

والواقِعُ: الذي يَنْفُرُ الرَّحى وَهُمُ الوَقَعةُ.

والوَقْعُ: السحابُ الرَّقيق، وأَهل الْكُوفَةِ يُسَمَّوْنَ الفِعْل المتعدِّي واقِعًا.

والإِيقاعُ: مِنْ إِيقاعِ اللحْنِ والغِناءِ وَهُوَ أَن يُوقِعَ الأَلحانَ ويبنيها، وَسَمَّى الْخَلِيلُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، كِتَابًا مِنْ كُتُبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى كِتَابُ الإِيقاعِ.

والوَقَعةُ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الأَزهري: هُمْ حَيٌّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ؛ وأَنشد الأَصمعي: " مِنْ عامِرٍ وسَلولٍ أَوْ مِنَ الوَقَعهْ ومَوْقوعٌ: مَوْضِعٌ أَو مَاءٌ.

وواقِعٌ: فرسٌ لِرَبِيعَةَ ابنِ جُشَمَ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


44-لسان العرب (جسق)

جَسَقَ: الجَوْسَقُ: الحِصْن، وَقِيلَ: هُوَ شَبِيهٌ بِالْحِصْنِ، مُعَرَّبٌ وأَصله كُوشك بِالْفَارِسِيَّةِ.

والجَوْسَق: الْقَصْرُ أَيضًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الْجَوْسَقُ الْحِصْنُ قَوْلُ النُّعْمَانِ مِنْ بَنِي عدِيّ:

لعلَّ أَميرَ المؤمِنين يَسُوءُه ***تَنادُمُنا فِي الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


45-لسان العرب (دهق)

دهق: الدَّهْقُ: شِدَّةُ الضَّغْط.

والدهْق أَيْضًا: مُتابعة الشَّدِّ.

ودَهَق الماءَ وأدْهَقه: أفْرَغه إِفْرَاغًا شَدِيدًا.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: «نُطْفةً دِهاقًا وعَلَقةً مُحاقًا» أَي نُطْفَةً قَدْ أَفْرغت إِفراغًا شَدِيدًا، مِنْ قَوْلِهِمْ أَدْهَقْت الْمَاءَ أَفْرَغته إِفراغًا شَدِيدًا، فَهُوَ إِذًا مِنَ الأَضداد.

وَأَدْهَقَ الكأسَ: شدَّ ملأَها.

وكأسٌ دِهاق: مُتْرعة مُمْتَلِئَةٌ.

وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَكَأْسًا دِهاقًا}، قِيلَ: مَلأَى؛ وَقَالَ خِداش بْنُ زُهير:

أَتَانَا عامرٌ يَرْجُو قِرانا، ***فأَتْرَعْنا لَهُ كأْسًا دِهاقا

وَيُقَالُ: أدْهَقْتُ الكأْسَ إِلَى أصْبارها أَيْ ملأْتها إِلَى أعالِيها.

وَفِي التَّهْذِيبِ: دهقْت الكأْس أَيْ ملأْتها، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ دِهاقًا مُتتابعة عَلَى شارِبِيها مِنَ الدهْق الَّذِي هُوَ مُتَابَعَةُ الشَّدِّ، والأَوّل أَعْرَفُ، وَقِيلَ: دِهاقًا صَافِيَةً؛ وَأَنْشَدَ: " يَلَذُّه بكَأْسِه الدِّهاق "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَمَّا صِفَتُهم الكأْسَ وَهِيَ أُنْثَى بالدِّهاق وَلَفْظُهُ لَفْظُ التَّذْكِيرِ فَمِنْ بَابِ عَدْل ورِضا.

أَعْنِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ وَهُوَ مَوْضُوعُ مَوْضِعَ إِدْهَاقٍ، وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ هِجانٍ ودِلاصٍ إِلَّا أَنا لَمْ نَسْمَعْ كأْسان دِهاقانِ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا حَمَلَ سِيبَوَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ دِلاصًا وَهِجَانًا فِي حَدِّ الْجَمْعِ تَكْسِيرًا لهِجانٍ ودِلاص فِي حَدِّ الإِفراد قولُهم هِجانانِ ودِلاصانِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَحَمَلَهُ عَلَى بَابِ رِضًا لأَنه أَكْثَرُ، فَافْهَمْهُ.

ودَهَقَ لِي مِنَ الْمَالِ دَهْقةً: أَعْطَانِي مِنْهُ صَدْرًا.

والدَّهَقُ: خَشَبَتَانِ يُغْمَزُ بِهِمَا السَّاقُ.

وادَّهَقَتِالْحِجَارَةُ: اشْتَدَّ تَلازُبها وَدَخَلَ بعضُها فِي بَعْضٍ مَعَ كَثْرَةٍ؛ وَأَنْشَدَ الأَزهري: " يَنصاحُ مِن جِبْلةِ رَضْمٍ مُدَّهِقْ "والدِّهْقانُ والدُّهقان: التَّاجِرُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنْ جَعَلْتَ دِهقان مِنَ الدَّهْق لَمْ تَصْرِفْهُ.

هَكَذَا قَالَ مِنَ الدَّهْقِ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَهُ عَلَى أَنَّهُ مَقُولٌ أَمْ هُوَ تَمْثِيلٌ مِنْهُ لَا لَفْظٌ مَعْقُولٌ، قَالَ: والأَغلب عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ مَقُولٌ وَهُمُ الدَّهاقِنةُ والدَّهاقِين؛ قَالَ:

إِذَا شِئتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ قَرْيةٍ، ***وصَنَّاجةٌ تَحْدُو عَلَى كُلِّ مَنْسِم

وَقَبْلَهُ:

أَلَا أبْلِغا الحَسْناء أَنَّ حَلِيلَها، ***بِمَيْسانٍ، يُسْقى مِنْ زُجاجٍ وحَنْتَمِ

وَبَعْدَهُ:

لعَلَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَسُوءُه ***تَنادُمنا بالجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

إِذَا كنتَ ندْماني فبالأَكبَرِ اسْقِني، ***وَلَا تَسْقِني بالأَصْغَرِ المُتَثَلِّمِ

يَعْنِي بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ، لأَنه هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ.

والدَّهَقُ، بِالتَّحْرِيكِ: ضَرْبٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ [أَشْكَنْجَه].

ودَهَقْت الشيءَ: كسَرْته وقطَعْته، وَكَذَلِكَ دَهْدَقْتَه؛ وَأَنْشَدَ الحُجْر بْنُ خَالِدٍ أَحَدُ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلبةَ:

نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللَّحْمِ للباعِ والنَّدى، ***وبَعْضُهم تَغْلي بِذَمٍّ مَناقِعُهْ

ونحلب ضِرْسَ الضَّيْفِ فِينَا، إِذَا شَتا، ***سَدِيفَ السَّنامِ تَشْتَرِيهِ أصابِعُهْ

المَناقِعُ: القُدور الصِّغَارُ، وَاحِدُهَا مَنْقَع، ومَنْقَعة؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ: " قدِ اسْتَحلُّو القتْلَ فاقْتُلْ وادْهَقِ "والدَّهْدَقة: دَوَرانُ البِضَعِ الْكَثِيرِ فِي القِدر إذا غلت تَرَاهَا تَعلُو مرَّة وتَسْفُل أُخْرَى؛ وَأَنْشَدَ:

تَقَمَّصَ دَهْداقَ البَضِيعِ، كأنَّه ***رُؤُوسُ قَطًا كُدْرٍ دِقاقٍ الحَناجِر

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


46-لسان العرب (صمم)

صمم: الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن وثِقَلُ السَّمْعِ.

صَمَّ يَصَمُّ وصَمِمَ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ نادرٌ، صَمًّا وصمَمًا وأَصَمَّ وأَصَمَّهُ اللهُ فصَمَّ وأَصَمَّ أَيْضًا بِمَعْنَى صَمَّ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

أَشَيْخًا، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ ***تُسائِلُ مَا أَصَمَّ عَنِ السُّؤالِ؟

يَقُولُ تُسائِلُ شَيْئًا قَدْ أَصَمَّ عَنِ السُّؤَالِ، وَيُرْوَى: أَأَشْيَبَ كَالْوَلِيدِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَصَبَ أَشْيَبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ أَشائبًا تُسائِلُ رَسْمَ دارٍ كَمَا يفعل الوليدُ، "وَقِيلَ: إنَّ مَا صِلَةٌ أَراد تُسائل أَصَمَّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَا لِابْنِ أَحمر:

أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى ***بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا

يَدْعُو عَلَيْهَا أَيْ لَا جَعْلَهَا اللَّهُ تَدْعُو إلَّا أصَمَّ.

يُقَالُ: نَادَيْتُ فُلَانًا فأَصْمَمْتُه أَيْ أَصَبْتُه أَصَمَّ، وَقَوْلُهُ تَحَجَّى بآخِرنا: تَسْبقُ إِلَيْهِمْ باللَّوْمِ وتَدَعُ الأَوَّلينَ وأَصْمَمْتُه: وَجَدْتُه أَصَمَّ.

وَرَجُلٌ أَصَمُّ، وَالْجَمْعُ صُمٌّ وصُمَّانٌ؛ قَالَ الجُلَيْحُ: " يَدْعُو بِهَا القَوْمُ دُعاءَ الصُّمَّانْ "وأَصَمَّه الداءُ وتَصامَّ عَنْهُ وتَصامَّه: أَراه أَنه أَصَمُّ وَلَيْسَ بِهِ.

وتَصامَّ عَنِ الْحَدِيثِ وتَصامَّه: أَرى صاحِبَه الصَّمَمَ عَنْهُ؛ قَالَ:

تَصامَمْتُه حَتَّى أَتاني نَعِيُّهُ، ***وأُفْزِعَ مِنْهُ مُخْطئٌ ومُصيبُ

وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ:

ومَنْهَلٍ أَعْوَرِ إحْدى العَيْنَيْن، ***بَصيرِ أُخْرى وأَصَمَّ الأُذُنَيْن

قد تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي تَرْجَمَةِ عَوَرَ.

وَفِي حَدِيثِ الإِيمانِ: « الصُّمَّ البُكْمَ رُؤوسَ الناسِ »، جَمْعُ الأَصَمِّ وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْمَعُ، وأَراد بِهِ الَّذِي لَا يَهْتَدي وَلَا يَقْبَلُ الحَقَّ مِنْ صَمَمِ العَقل لَا صَمَمِ الأُذن؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ أَيْضًا:

قُلْ مَا بَدا لَكَ مِنْ زُورٍ وَمِنْ كَذِبٍ ***حِلْمي أَصَمُّ وأُذْني غَيرُ صَمَّاءِ

اسْتَعَارَ الصَّمَم لِلْحِلْمِ وَلَيْسَ بِحَقِيقَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنْشَدَهُ هُوَ أَيْضًا:

أجَلْ لَا، ولكنْ أنتَ أَلأَمُ مَنْ مَشى، ***وأَسْأَلُ مِنْ صَمَّاءَ ذاتِ صَليلِ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَعْنِي الأَرض، وصَلِيلُها صَوْتُ دُخولِ الْمَاءِ فِيهَا.

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَسْأَلُ مِنْ صَمَّاءَ، يَعْنِي الأَرضَ.

والصَّمَّاءُ مِنَ الأَرض: الغليظةُ.

وأَصَمَّه: وَجَدَه أَصَمَّ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثعلبٌ قولَ ابْنِ أَحمر:

أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى ***بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا

أراد وافَقَ قَومًا صُمًّا لَا يَسْمَعون عذْلَها عَلَى وَجْهِ الدُّعاء.

وَيُقَالُ: نَادَيْتُهُ فأَصْمَمْتُه أَيْ صادَفْتُه أَصَمَّ.

وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: « ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكلمةٍ أصَمَّنِيها الناسُ أَيْ شغَلوني عَنْ سَمَاعِهَا فكأَنهم جَعَلُونِي أَصَمَّ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « الفِتْنةُ الصَّمَّاءُ العَمْياء »؛ هِيَ الَّتِي لَا سَبِيلَ إِلَى تَسْكِينِهَا لِتَنَاهِيهَا فِي ذَهَابِهَا لأَن الأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ الِاسْتِغَاثَةَ وَلَا يُقْلِعُ عَمَّا يَفْعَلُه، وَقِيلَ: هِيَ كَالْحَيَّةِ الصَّمَّاء الَّتِي لَا تَقْبَلُ الرُّقى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « والفاجِرُ كالأَرْزَةِ صَمَّاءَ »أَيْ مُكْتَنزةً لَا تَخَلْخُلَ فِيهَا.

اللَّيْثُ: الصَّمَمُ فِي الأُذُنِ ذهابُ سَمْعِها، في القَناة اكْتِنازُ جَوفِها، وَفِي الْحَجَرِ صَلابَتُه، وَفِي الأَمر شدَّتُه.

وَيُقَالُ: أُذُنٌ صَمَّاءُ وقَناة صَمَّاءُ وحَجَرٌ أَصَمُّ وفِتْنَةٌ صَمَّاءُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْكَافِرِينَ: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ؛ التَّهْذِيبُ: يَقُولُ القائلُ كَيْفَ جعلَهم اللَّهُ صُمًّا وَهُمْ يَسْمَعُونَ، وبُكْمًا وَهُمْ نَاطِقُونَ، وعُمْيًا وَهُمْ يُبْصِرون؟ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَمْعَهُم لَمَّا لَمْ يَنْفَعْهم لأَنهملَمْ يَعُوا بِهِ مَا سَمِعوا، وبَصَرَهُم لَمَّا لَمْ يُجْدِ عَلَيْهِمْ لأَنهم لَمْ يَعْتَبِروا بِمَا عايَنُوه مِنْ قُدْرة اللَّهِ وخَلْقِه الدالِّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، ونُطْقَهم لَمَّا لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا إِذْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ إِيمَانًا يَنْفَعهم، كَانُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَعي؛ ونَحْوٌ منه قَوْلِ الشَّاعِرِ: " أصَمُّ عَمَّا ساءَه سَمِيعُ "يَقُولُ: يَتَصامَمُ عما يَسُوءُه وإن سَمِعَه فَكَانَ كأَنه لَمْ يَسْمَعْ، فَهُوَ سَمِيعٌ ذُو سَمْعٍ أَصَمُّ فِي تَغَابِيهِ عَمَّا أُريد بِهِ.

وصَوْتٌ مُصِمٌّ: يُصِمُّ الصِّماخَ.

وَيُقَالُ لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ.

وصَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه صَمًّا وأَصَمَّه: سَدَّه وشَدَّه، وصِمامُها: سِدادُها وشِدادُها.

والصِّمامُ: مَا أُدْخِلَ فِي فَمِ الْقَارُورَةِ، والعِفاصُ مَا شُدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ صِمامَتُها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

وصَمَمْتُها أَصُمُّها صَمًّا إِذا شَدَدْتَ رَأْسَها.

الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ صَمَمْتُ الْقَارُورَةَ أَي سَدَدْتُها.

وأَصْمَمْتُ الْقَارُورَةَ أَي جَعَلْتُ لَهَا صِمامًا.

وَفِي حَدِيثِ الْوَطْءِ: « فِي صِمامٍ وَاحِدٍ »أَي فِي مَسْلَكٍ واحدٍ؛ الصِّمامُ: مَا تُسَدُّ بِهِ الفُرْجةُ فَسُمِّيَ بِهِ الفَرْجُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي موضعِ صِمامٍ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَيُرْوَى بِالسِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

ويقال: صَمَّه بالعصا يَصُمُّه صَمًّا إِذا ضَرَبه بِهَا وَقَدْ صَمَّه بِحَجَرٍ.

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: صُمَّ إِذا ضُرِب ضَرْبًا شَدِيدًا.

وصَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه صَمًّا: سَدَّةُ وضَمَّدَه بِالدَّوَاءِ والأَكُولِ.

وداهيةٌ صَمَّاءُ: مُنْسَدَّة شَدِيدَةٌ.

وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ الشديدةِ: صَمَّاءُ وصَمامِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

صَمَّاءُ لَا يُبْرِئُها مِنَ الصَّمَمْ ***حَوادثُ الدَّهْرِ، وَلَا طُولُ القِدَمْ

وَيُقَالُ لِلنَّذِيرِ إِذا أَنْذَر قَوْمًا مِنْ بَعِيدٍ وأَلْمَعَ لَهُمْ بِثَوْبِهِ: لَمَع بهم لَمْعَ الأَصَمّ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا كَثُر إِلماعُه بِثَوْبِهِ كَانَ كأَنه لَا يَسْمَعُ الجوابَ فَهُوَ يُدِيمُ اللَّمْعَ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قولُ بِشْر:

أَشارَ بِهِمْ لَمْعَ الأَصَمّ، فأَقْبَلُوا ***عَرانِينَ لَا يَأْتِيه لِلنَّصْرِ مُجْلِبُ

أَي لَا يأْتيه مُعِينٌ مِنْ غَيْرِ قَوْمِهِ، وإِذا كَانَ المُعينُ مِنْ قَوْمِهِ لَمْ يَكُنْ مُجْلِبًا.

والصَّمَّاءُ: الداهيةُ.

وفتنةٌ صَمَّاءُ: شَدِيدَةٌ، وَرَجُلٌ أَصَمُّ بَيّنُ الصَّمَمِ فِيهِنَّ، وقولُهم للقطاةِ صَمَّاءُ لِسَكَكِ أُذنيها، وَقِيلَ: لَصَمَمِها إِذا عَطِشَت؛ قَالَ:

رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا، ***كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الْمَا

والأَصَمُّ: رَجَبٌ لِعَدَمِ سَمَاعِ السِّلَاحِ فِيهِ، وَكَانَ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ رَجَبًا شَهْرَ اللَّهِ الأَصَمَّ؛ قَالَ الْخَلِيلُ: إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ لَا يُسْمَع فِيهِ صوتُ مستغيثٍ وَلَا حركةُ قتالٍ وَلَا قَعْقَعةُ سِلَاحٍ، لأَنه مِنَ الأَشهر الحُرُم، فَلَمْ يَكُنْ يُسْمع فِيهِ يَا لَفُلانٍ وَلَا يَا صَبَاحاه؛ وَفِي الْحَدِيثِ: « شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ رَجَبٌ »؛ سُمِّيَ أَصَمَّ لأَنه كَانَ لَا يُسمع فِيهِ صَوْتُ السِّلَاحِ لِكَوْنِهِ شَهْرًا حَرَامًا، قَالَ: وَوُصِفَ بالأَصم مَجَازًا وَالْمُرَادُ بِهِ الإِنسان الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ، كَمَا قِيلَ ليلٌ نائمٌ، وَإِنَّمَا النَّائِمُ مَنْ فِي اللَّيْلِ، فكأَنَّ الإِنسانَ فِي شَهْرِ رجَبٍ أَصَمَّ عَنْ صَوْتِ السِّلَاحِ، وَكَذَلِكَ مُنْصِلُ الأَلِّ؛ قَالَ:

يا رُبَّ ذِي خالٍ وَذِي عَمّ عَمَمْ ***قَدْ ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ فِي الشَّهْرِ الأَصَمْ

والأَصَمُّ مِنَ الحياتِ: مَا لَا يَقْبَلُ الرُّقْيَةَ كأَنه "قَدْ صَمَّ عَنْ سَماعِها، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَقْرَبِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

قَرَّطَكِ اللهُ، عَلَى الأُذْنَيْنِ، ***عَقاربًا صُمًّا وأَرْقَمَيْنِ

وَرَجُلٌ أَصَمُّ: لَا يُطْمَعُ فِيهِ وَلَا يُرَدُّ عن هَواه كأَنه يُنادَى فَلَا يَسْمَعُ.

وصَمَّ صَداه أَيْ هَلَك.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَصَمَّ اللهُ صَدَى فلانٍ أَيْ أَهلكه، والصَّدَى: الصَّوْتُ الَّذِي يَرُدُّه الجبلُ إِذَا رَفَع فِيهِ الإِنسانُ صَوْتَه؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:

صَمَّ صَدَاها وعَفا رَسْمُها، ***واسْتَعْجَمَتْ عَنْ مَنْطِق السائِلِ

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل مَهْمَا يُقَلْ تَقُلْ؛ يُرِيدُونَ بابْنةِ الْجَبَلِ الصَّدَى.

وَمِنْ أَمثالهم: أَصَمُّ عَلَى جَمُوحٍ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ الَّذِي هَذِهِ الصِّفَةُ صِفَتُهُ؛ قَالَ:

فأَبْلِغْ بَني أَسَدٍ آيَةً، ***إِذَا جئتَ سَيِّدَهم والمَسُودَا

فأُوصِيكمُ بطِعانِ الكُماةِ، ***فَقَدْ تَعْلَمُونَ بأَنْ لَا خُلُودَا

وضَرْبِ الجَماجِمِ ضَرْبَ الأَصَمِّ ***حَنْظَلَ شابَةَ، يَجْني هَبِيدَا

وَيُقَالُ: ضَرَبَه ضَرْبَ الأَصَمِّ إِذَا تابَعَ الضرْبَ وبالَغَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الأَصَمَّ إِذَا بالَغَ يَظُنُّ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ فَلَا يُقْلِعُ.

وَيُقَالُ: دَعاه دَعْوةَ الأَصَمِّ إِذَا بَالَغَ بِهِ فِي النِّدَاءِ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ فَلاةً: " يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصَّمَّانْ "ودَهْرٌ أَصَمُّ: كأَنَّه يُشْكى إِلَيْهِ فَلَا يَسْمَع.

وقولُهم: صَمِّي صَمامِ؛ يُضْرَب لِلرَّجُلِ يأْتي الداهِيةَ أَيِ اخْرَسي يَا صَمامِ.

الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ: صَمِّي صَمامِ، مِثْلُ قَطامِ، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ أَيْ زِيدي؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ للأَسْود بْنِ يَعْفُر:

فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانُها، ***صَمِّي، لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمَامِ

وَيُقَالُ: صَمِّي ابنةَ الْجَبَلِ، يَعْنِي الصَّدَى؛ يُضْرَبُ أَيضًا مَثَلًا لِلدَّاهِيَةِ الشَّدِيدَةِ كأَنه قيل له اخْرَسِي يَا دَاهِيَةُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للحيَّةِ الَّتِي لَا تُجِيبُ الرَّاقِيَ صَمّاءُ، لأَن الرُّقى لَا تَنْفَعُهَا؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْحَرْبِ إِذَا اشتدَّت وسُفِك فِيهَا الدِّماءُ الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصاةٌ بِدَم؛ يُرِيدُونَ أَن الدِّمَاءَ لَمَّا سُفِكت وَكَثُرَتِ اسْتَنْقَعَتْ فِي المَعْرَكة، فَلَوْ وَقَعَتْ حصاةٌ عَلَى الأَرض لَمْ يُسمع لَهَا صَوْتٌ لأَنها لَا تَقَعُ إِلَّا فِي نَجِيعٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد إِمرؤ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ صَمِّي ابنةَ الجبلِ، وَيُقَالُ: أَراد الصَّدَى.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ حَصاةٌ بدمٍ يَنبغي أَنْ يَكُونَ حَصَاةً بِدَمِي، بِالْيَاءِ؛ وبيتُ إِمرئ الْقَيْسِ بِكَمَالِهِ هُوَ:

بُدِّلْتُ مِنْ وائلٍ وكِنْدةَ عَدْوانَ ***وفَهْمًا، صَمِّي ابنةَ الجَبَلِ

قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ وطنِسوان ***قِصار، كهَيْئةِ الحَجَلِ

الْمُحْكَمِ: صَمَّتْ حَصاةٌ بدمٍ أَيْ أَنَّ الدَّمَ كَثُرَ حَتَّى أُلْقيت فِيهِ الحَصاةُ فَلَمْ يُسْمَع لَهَا صَوْتٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لسَدُوسَ بِنْتِ ضباب:

إنِّي إِلَى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبةٍ ***أَدْعُو حُبَيْشًا، كَمَا تُدْعى ابْنَةُ الجَبلِ

أَيْ أُنَوِّهُ كَمَا يُنَوَّهُ بابنةِ الْجَبَلِ، وَهِيَ الحيَّة، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ الْعَظِيمَةُ.

يُقَالُ: صَمِّي صَمامِ، وصَمِّي ابْنةَ الْجَبَلِ.

والصَّمَّاءُ: الداهيةُ؛ وَقَالَ: " صَمَّاءُ لَا يُبْرِئُها طُولُ الصَّمَمْ "أَيْ داهيةٌ عارُها باقٍ لَا تُبْرِئها الحوادثُ.

وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِهِ فِي الأَمثال قَالَ: صَمِّي ابنةَ الْجَبَلِ، يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الأَمر يُسْتَفْظَعُ.

وَيُقَالُ: صَمَّ يَصَمُّ صَمَمًا؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِابْنَةِ الْجَبَلِ الصَّدَى؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

إِذَا لَقِيَ السَّفِيرَ بِهَا، وَقَالَا ***لَهَا: صَمِّي ابْنَةَ الجبلِ، السّفِيرُ

يَقُولُ: إِذَا لَقِي السفِيرُ السَّفِيرَ وَقَالَا لِهَذِهِ الدَّاهِيَةِ صَمِّي ابنةَ الْجَبَلِ، قَالَ: وَيُقَالُ إِنَّهَا صَخْرَةٌ، قَالَ: وَيُقَالُ صَمِّي صَمامِ؛ وَهَذَا مَثَلٌ إِذَا أَتَى بداهيةٍ.

وَيُقَالُ: صَمَامِ صَمَامِ، وَذَلِكَ يُحْمَل عَلَى مَعْنَيَيْنِ: عَلَى مَعْنَى تَصامُّوا واسْكُتوا، وَعَلَى مَعْنَى احْمِلُوا عَلَى العدُوّ، والأَصَمُّ صفة غالبة؛ قال: " جَاؤُوا بِزُورَيْهمْ وجئْنا بالأَصَمْ "وَكَانُوا جاؤوا بِبعيرين فعَقَلوهما وَقَالُوا: لَا نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ هَذَانِ.

والأَصَمُّ أَيْضًا: عبدُ اللَّهِ بنُ رِبْعِيٍّ الدُّبَيْريّ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَعرابي.

والصَّمَمُ فِي الحَجَر: الشِّدَّةُ، وَفِي القَناةِ الاكتِنازُ.

وحَجرٌ أَصَمُّ: صُلْبٌ مُصْمَتٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنَّهُ نَهَى عَنِ اشْتِمال الصّمَّاءِ »؛ قَالَ: هُوَ أَنْ يَتجلَّلَ الرجلُ بثوبْهِ وَلَا يرفعَ مِنْهُ جَانِبًا، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صَمَّاء لأَنه إِذَا اشْتَمل بِهَا سَدَّ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ المَنافذَ كلَّها، كأَنَّها لَا تَصِل إِلَى شَيْءٍ وَلَا يَصِل إِلَيْهَا شيءٌ كَالصَّخْرَةِ الصَّمّاء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ وَلَا صَدْع؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: اشْتِمال الصَّمَّاءِ أَنْ تُجلِّلَ جَسَدَك بتوبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْراب بأَكْسيَتِهم، وَهُوَ أَنْ يرُدَّ الكِساءَ مِنْ قِبَلِ يمينِه عَلَى يدهِ الْيُسْرَى وعاتِقِه الأَيسر، ثُمَّ يَرُدَّه ثَانِيَةً مِنْ خلفِه عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وعاتِقِه الأَيمن فيُغَطِّيَهما جَمِيعًا، وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ أَن الفُقهاء يَقُولُونَ: هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بثوبٍ واحدٍ ويَتغَطَّى بِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فيَضَعَه عَلَى مَنْكِبَيْهِ فيَبْدُوَ مِنْهُ فَرْجُه، فَإِذَا قُلْتَ اشْتَمل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنك قُلْتَ اشْتَملَ الشِّمْلةَ الَّتِي تُعْرَف بِهَذَا الِاسْمِ، لأَن الصَّمَّاءَ ضَرْبٌ مِنَ الِاشْتِمَالِ.

والصَّمَّانُ والصَّمَّانةُ: أرضٌ صُلْبة ذَاتُ حِجَارَةٍ إِلَى جَنْب رَمْل، وَقِيلَ: الصّمَّان موضعٌ إِلَى جَنْبِ رملِ عالِجٍ.

والصَّمّانُ: موضعٌ بِعالِجٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: الصَّمَّانُ أرضٌ غَلِيظَةٌ دُونَ الْجَبَلِ.

قَالَ الأَزهري: وَقَدْ شَتَوْتُ الصَّمّانَ شَتْوَتَيْن، وَهِيَ أَرْضٌ فِيهَا غِلَظٌ وارْتفاعٌ، وَفِيهَا قِيعانٌ واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْر، عَذِيَةٌ ورِياضٌ مُعْشِبةٌ، وَإِذَا أَخصبت الصَّمَّانُ رَتَعَتِ العربُ جميعُها، وَكَانَتِ الصَّمَّانُ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ لِبَنِي حَنْظَلَةَ، والحَزْنُ لِبَنِي يَرْبُوع، والدَّهْناءُ لجَماعتهم، والصَّمَّانُ مُتَاخِمُ الدَّهْناء.

وصَمَّه بِالْعَصَا: ضَرَبَه بِهَا.

وصَمَّه بحجرٍ وصَمَّ رأْسَه بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ وَنَحْوَهُ صَمًّا: ضَرَبَهُ.

والصِّمَّةُ: الشجاعُ، وجَمْعُه صِمَمٌ.

وَرَجُلٌ صِمَّةٌ: شُجَاعٌ.

والصِّمُّ والصِّمَّةُ، بِالْكَسْرِ: مِنْ أَسماء الأَسد لِشَجَاعَتِهِ.

الْجَوْهَرِيُّ: الصِّمُّ، بِالْكَسْرِ، مِنْ أَسْمَاءِ الأَسدِ والداهيةِ.

والصِّمَّةُ: الرجلُ الشُّجَاعُ، والذكرُ مِنَ الْحَيَّاتِ، وَجَمْعُهُ صِمَمٌ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَدُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة؛ وَقَوْلُ جَرِيرٌ:

سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها، ***فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها

أَراد بالصِّمَّتين أَبا دُرَيْدٍ وعَمَّه مالِكًا.

وصَمَّمَ أَي عَضَّ ونَيَّب فَلَمْ يُرْسِلْ مَا عَضّ.

وصَمَّمَ الحَيّةُ فِي عَضَّتِه: نَيَّبَ؛ قَالَ المُتَلمِّس:

فأَطْرَقَ إِطْراقَ الشُّجاعِ، وَلَوْ رَأَى ***مَساغًا لِنابَيْه الشُّجاعُ لَصَمَّما

وأَنشده بَعْضُ المتأَخرين مِنَ النَّحْوِيِّينَ: لِناباه؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَنشده الْفَرَّاءُ لِنَابَاهُ عَلَى اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ لِبَعْضِ الْعَرَبِ.

والصَّمِيمُ: العَظْمُ الَّذِي بِهِ قِوامُ العُضْو كصَميم الوَظِيف وصَميمِ الرأْس؛ وَبِهِ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: هُوَ مِنْ صَمِيم قَوْمِهِ إِذَا كَانَ مِنْ خالِصِهم، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي ضِدِّه وَشِيظٌ لأَن الوَشِيظَ أَصغرُ مِنْهُ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:

بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ، يَوْمَ تأَلَّبَتْ ***عَلَيْنَا تَميمٌ مِنْ شَظىً وصَمِيمِ

وصَمِيمُ كلِّ شَيْءٍ: بُنْكه وخالِصهُ.

يُقَالُ: هُوَ فِي صَميم قَوْمِه.

وصَميمُ الحرِّ وَالْبَرْدِ: شدّتُه.

وصَميمُ القيظِ: أَشدُّه حَرًّا.

وصَميمُ الشِّتَاءِ: أَشدُّه برْدًا؛ قَالَ خُفَاف بْنُ نُدْبَةَ:

وإنْ تَكُ خَيْلي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُها، ***فعَمْدًا عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مَالِكًا

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَانَ صَميمَ خيلهِ يَوْمَئِذٍ مُعَاوِيَةُ أَخُو خَنْساء، قَتَلَهُ دُرَيْدٌ وَهَاشِمٌ ابْنا حرملةَ المُرِّيانِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده: إِنْ تكُ خَيْلِي، بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الْخُرْمِ لأَنه أَول الْقَصِيدَةِ.

وَرَجُلٌ صَمِيمٌ: مَحْضٌ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ والمؤنتُ.

والتَّصْميمُ: المُضِيُّ فِي الأَمر.

أَبو بَكْرٍ: صَمَّمَ فلانٌ عَلَى كَذَا أَي مَضَى عَلَى رأْيه بَعْدَ إِرادته.

وصَمَّمَ فِي السَّيْرِ وَغَيْرِهِ أَيْ مَضَى؛ قَالَ حُمَيد بْنُ ثَوْر:

وحَصْحَصَ فِي صُمِّ القَنَا ثَفِناتِهِ، ***وناءَ بِسَلْمَى نَوْءةً ثُمَّ صَمَّما

وَيُقَالُ لِلضَّارِبِ بِالسَّيْفِ إِذَا أَصابَ الْعَظْمَ فأَنْفذ الضَّرِيبَةَ: قَدْ صَمَّمَ، فَهُوَ مُصَمِّم، فَإِذَا أَصاب المَفْصِل، فَهُوَ مُطَبِّقٌ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ: " يُصَمِّمُ أَحْيانًا وحِينًا يُطَبِّقُ "أَراد أَنه يَضْرِب مرَّةً صَمِيمَ الْعَظْمِ ومَرَّةً يُصِيب المَفْصِل.

والمُصَمِّمُ مِنَ السُّيوف: الَّذِي يَمُرُّ فِي العِظام، وَقَدْ صَمَّمَ وصَمْصَمَ.

وصَمَّمَ السيفُ إِذَا مَضَى فِي الْعَظْمِ وقطَعَه، وَأَمَّا إِذَا أَصاب المَفْصِلَ وَقَطَعَهُ فَيُقَالُ طَبَّقَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَيْفًا: " يُصَمِّم أَحْيانًا وَحِينًا يُطَبِّق "وسيفٌ صَمْصامٌ وصَمْصامةٌ: صارِمٌ لَا يَنْثَني؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ: " صَمْصامَةٌ ذَكَّرَهُ مُذَكِّرُهْ إِنَّمَا ذَكَّرَه عَلَى مَعْنَى الصَّمْصامِ أَو السَّيْفِ.

وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: « لَوْ وَضَعْتم الصَّمْصامةَ عَلَى رَقبَتي »؛ هِيَ السَّيْفُ الْقَاطِعُ، وَالْجَمْعُ صَماصِم.

وَفِي حَدِيثِ قُسّ: « تَرَدَّوْا بالصَّماصِم»؛ أي جعلوها لهم بمنزلة الأَرْدِية لحَمْلِهم لَهَا وحَمْلِ حَمائِلها عَلَى عَواتِقهم.

وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّمْصامَةُ اسمٌ للسيفِ الْقَاطِعِ والليلِ.

الْجَوْهَرِيُّ: الصَّمْصامُ والصَّمْصامةُ السيفُ الصارِمُ الَّذِي لَا يَنْثني؛ والصَّمْصامةُ: اسمُ سيفِ عَمْرو بن معديكرب، سَمَّاه بِذَلِكَ وَقَالَ حِينَ وَهَبَه:

خَليلٌ لمْ أَخُنْهُ وَلَمْ يَخُنِّي، ***عَلَى الصَّمْصامةِ السَّيْفِ السَّلامُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده: عَلَى الصَّمْصامةِ أَم سَيْفي سَلامِي.

وَبَعْدَهُ:

خَليلٌ لَمْ أَهَبْهُ مِنْ قِلاهُ، ***ولكنَّ المَواهِبَ فِي الكِرامِ

حَبَوْتُ بِهِ كَريمًا مِنْ قُرَيْشٍ، ***فَسُرَّ بِهِ وصِينَ عَنِ اللِّئامِ

يَقُولُ عَمْرٌو هَذِهِ الأَبياتَ لَمَّا أَهْدَى صَمْصامتَه لسَعِيد ابن الْعَاصِ؛ قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ صَمْصامة غيرَ مُنوّن مَعْرِفَةً للسَّيْف فَلَا يَصْرِفه إِذَا سَمَّى بِهِ سيْفًا بِعَيْنِهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: " تَصْميمَ صَمْصامةَ حينَ صَمَّما "ورجلٌ صَمَمٌ وصِمْصِمٌ وصَمْصامٌ وصَمْصامةٌ وصُمَصِمٌ وصُماصِمٌ: مُصَمِّمٌ، وَكَذَلِكَ الفَرَسُ، الذكرُ والأُنثى فِيهِ سواءٌ، وَقِيلَ: هُوَ الشديدُ الصُّلْبُ، وَقِيلَ: هُوَ المجتمعُ الخَلْق.

أَبو عُبَيْدٍ: الصِّمْصِمُ، بِالْكَسْرِ، الغليظُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وقولُ عَبْد مَناف بْنِ رِبْع الهُذَليّ:

وَلَقَدْ أَتاكم مَا يَصُوبُ سُيوفَنا، ***بَعدَ الهَوادةِ، كلُّ أَحْمَرَ صِمْصِم

قَالَ: صِمْصِم غَلِيظٌ شَدِيدٌ.

ابْنُ الأَعرابي: الصَّمْصَمُ البخيلُ النهايةُ فِي البُخْل.

والصِّمْصِمُ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ، وَيُقَالُ: هُوَ الجريءُ الماضي.

والصِّمْصِةُ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ كالزِّمْزِمةِ؛ قَالَ:

وحالَ دُوني مِنَ الأَنْبارِ صِمْصِمةٌ، ***كَانُوا الأُنُوفَ وَكَانُوا الأَكرمِينَ أَبا

وَيُرْوَى: زِمْزِمة، قَالَ: وَلَيْسَ أَحدُ الْحَرْفَيْنِ بَدَلًا مِنْ صَاحِبِهِ لأَن الأَصمعي قَدْ أَثبتهما جَمِيعًا وَلَمْ يَجْعَلْ لأَحدِهما مَزِيَّةً عَلَى صاحبِه، وَالْجَمْعُ صِمْصِمٌ.

النَّضْرُ: الصِّمْصِمةُ الأَكمَةُ الْغَلِيظَةُ الَّتِي كَادَتْ حِجَارَتُهَا أَن تكونُ مُنْتَصِبة.

أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ صِفات الْخَيْلِ الصَّمَمُ، والأُنثى صَمَمةٌ، وَهُوَ الشديدُ الأَسْرِ المعْصُوبُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:

وغارةٍ، تَقْطَعُ الفَيافيَ، قَد ***حارَبْتُ فِيهَا بِصلْدِمٍ صَمَمِ

أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: والمُصَمِّمُ الجملُ الشديدُ؛ وأَنشد: " حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها "والصَّمّاءُ مِنَ النُّوقِ: اللَّاقِحُ، وإبِلٌ صُمٌّ؛ قَالَ المَعْلُوطُ القُرَيْعيُّ:

وكانَ أَوابِيها وصُمُّ مَخاضِها، ***وشافِعةٌ أُمُّ الفِصالِ رَفُودُ

والصُّمَيْماءُ: نباتٌ شِبْه الغَرَزِ يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعان.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


47-لسان العرب (ندم)

ندم: نَدِمَ عَلَى الشَّيْءِ ونَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ نَدَمًا ونَدَامةً وتَنَدَّمَ: أَسِفَ.

وَرَجُلٌ نادِمٌ سادِمٌ ونَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتمٌّ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « النَّدَمُ تَوْبةٌ »، وَقَوْمٌ نُدَّامٌ سُدَّامٌ ونِدامٌ سِدامٌ ونَدَامَى سَدامى.

والنَّدِيمُ: الشَّرِيبُ الَّذِي يُنادِمه، وَهُوَ نَدْمانُه أَيضًا.

ونَادَمَني فلانٌ عَلَى الشَّرَابِ.

فَهُوَ نَدِيمِي ونَدْمَاني؛ قَالَ النُّعْمان بْنُ نَضْلةَ الْعَدَوِيُّ، وَيُقَالُ لِلنُّعْمَانِ بْنِ عَدِيٍّ وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهم عَلَى مَيْسانَ:

فإِن كنتَ نَدْماني فبالأَكْبَرِ اسْقِني، ***وَلَا تَسْقِني بالأَصْغَر المُتَثَلِّمِ

لَعَلَّ أَميرَ المؤمنينَ يَسُوءُه ***تَنَادُمُنَا فِي الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

قَالَ: وَمِثْلُهُ للبُرْجِ بْنُ مُسْهِرٍ:

ونَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيبًا، ***سقيْتُ إِذا تَغَوَّرتِ النُّجومُ

قَالَ: وشاهدُ نَديمٍ قولُ البُرَيْق الْهُذَلِيِّ:

زُرنا أَبا زيدٍ، وَلَا حيَّ مِثْله، ***وَكَانَ أَبو زيدٍ أَخي ونَدِيمي

وجمعُ النَّدِيم نِدامٌ، وَجَمْعُ النِّدامِ نَدامَى.

وَفِي الْحَدِيثِ: « مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ غيرَ خَزايا وَلَا نَدامى »أَي نادِمِينَ، فأَخرجه عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي الإِتباع بِخَزايا، لأَن النَّدامى جَمْعُ نَدْمانٍ، وَهُوَ النَّدِيمُ الَّذِي يُرافِقُك ويُشارِبُك.

وَيُقَالُ فِي النَّدَم: نَدْمان أَيضًا، فَلَا يَكُونُ إِتْباعًا لِخَزايا، بَلْ جَمْعًا برأْسه، والمرأَة نَدْمانةٌ، وَالنِّسْوَةُ نَدامَى.

وَيُقَالُ: المُنادَمةُ مقلوبةٌ مِنَ المُدامَنةِ، لأَنه يُدْمِنُ شُرْبَ الشَّرَابِ مَعَ نَدِيمه، لأَن الْقَلْبَ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرٌ كالقِسيِّ مِنَ القُوُوسِ، وجَذَب وجَبَذَ، وَمَا أَطْيَبَه وأَيْطَبَه، وخَنِزَ اللحمُ وخَزِنَ، وواحِدٌ وحادٍ.

ونادَمَ الرَّجُلَ مُنادَمةً ونِدامًا: جالَسه عَلَى الشَّرَابِ.

والنَّدِيمُ: المُنادِمُ، وَالْجَمْعُ نُدَماءُ، وَكَذَلِكَ النَّدْمانُ، وَالْجَمْعُ نَدامى ونِدامٌ، وَلَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وإِن أَدخلت الْهَاءَ فِي مُؤَنَّثِهِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِنما ذَلِكَ لأَن الْغَالِبَ عَلَى فَعْلانَ أَن يَكُونَ أُنثاه بالأَلف نَحْوَ رَيَّان ورَيَّا وسَكْرانَ وسَكْرَى، وأَما بابُ نَدْمانةٍ وسَيْفانةٍ فِيمَنْ أَخَذه مِنَ السَّيْفِ ومَوْتانةٍ فعزيزٌ بالإِضافة إِلَى فَعْلان الَّذِي أُنثاه فَعْلى، والأُنثى نَدْمَانَةٌ، وَقَدْ يَكُونُ النَّدْمان وَاحِدًا وَجَمْعًا؛ وَقَوْلُ أَبي مُحَمَّدٍ الحذْلميِّ: " فذاكَ بعدَ ذاكَ مِنْ نِدَامِها فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: نِدامُها سَقْيُها.

والنَيْدَمانُ: نَبْتٌ.

والنَّدَبُ والنَّدَمُ: الأَثرُ.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « إِياكم ورَضاع السَّوْء فإِنه لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْتَدِمَ يَوْمًا مَا »أَي يَظْهَرَ أَثرُه.

والنَّدَم: الأَثَر، وَهُوَ مِثْلُ النَّدَب، وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ يَتَبَادَلَانِ، وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِسُكُونِ الدَّالِ مِنَ النَّدْمِ، وَهُوَ الغَمّ اللَّازِمُ إِذ يَنْدَم صاحبُه لِمَا يَعْثر عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ آثَارِهِ.

وَيُقَالُ: خُذْ مَا انْتَدَمَ وانتَدَب وأَوْهَف أَي خُذْ مَا تَيسَّر.

والتَّنَدُّم: أَن يَتَّبع الإِنسان أَمرًا نَدَمًا.

يُقَالُ: التقَدُّم قَبْلَ التنَدُّم؛ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ أَكثم بْنِ صَيفي أَنه قَالَ: إِن أَردتَ المُحاجَزة فقبْل المُناجزة؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ انجُ بِنَفْسِكَ قَبْلَ لِقاء مَنْ لَا قِوامَ لَكَ بِهِ، قَالَ: وَقَالَ الَّذِي قتلَ محمدَ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الجمَل:

يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجرٌ، ***فهلَّا تَلا حاميمَ قبلَ التقدُّم

وأَنْدَمَه اللهُ فنَدِمَ.

وَيُقَالُ: اليَمين حِنْثٌ أَو مَنْدَمة؛ قَالَ لَبِيدٌ:

وإِلا فَمَا بالمَوْتِ ضُرٌّ لأَهْلِه، ***وَلَمْ يُبْقِ هَذَا الأَمرُ في العَيْش مَنْدَما

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


48-لسان العرب (نجا)

نجا: النَّجَاءُ: الخَلاص مِنَ الشَّيْءِ، نَجا يَنْجُو نَجْوًا ونَجاءً، مَمْدُودٌ، ونَجاةً، مَقْصُورٌ، ونَجَّى واسْتَنْجَى كنَجَا؛ قَالَ الرَّاعِي:

فإِلَّا تَنَلْني منْ يَزيدَ كَرامةٌ، ***أُنَجِّ وأُصْبحْ مِنْ قُرى الشَّامِ خالِيا

وَقَالَ أَبو زُبيد الطَّائِيُّ:

أَمِ اللَّيْثُ فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكُمْ؟ ***فَهذا، ورَبِّ الرَّاقِصاتِ، المُزَعْفَرُ

ونَجَوْت مِنْ كَذَا.

والصِّدْقُ مَنْجاةٌ.

وأَنْجَيْتُ غَيْرِي ونجَّيْته، وقرئَ بِهِمَا قَوْلَهُ تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}؛ الْمَعْنَى نُنَجِّيك لَا بفِعْل بَلْ نُهْلِكُكَ، فأَضْمَر قَوْلَهُ لَا بفِعْل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ لَا بِفِعْلٍ يُرِيدُ أَنه إِذا نَجَا الإِنسان بِبَدَنِهِ عَلَى الْمَاءِ بِلَا فِعْلٍ فإِنه هَالِكٌ، لأَنه لَمْ يَفعل طَفْوَه عَلَى الْمَاءِ، وإِنما يطفُو عَلَى الماءِ حَيًّا بِفِعْلِهِ إِذا كَانَ حَاذِقًا بالعَوْم، ونَجَّاهُ اللَّهُ وأَنْجَاه.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}، وأَما قراءَة مَنْ قرأَ: وَكَذَلِكَ نُجِّي المؤْمِنين، فَلَيْسَ عَلَى إِقامة الْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الْفَاعِلِ وَنَصْبِ الْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ، لأَنه عَلَى حَذْفِ أَحد نُونَيْ نُنْجِي، كَمَا حُذِفَ مَا بَعْدَ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {تَذَكَّرُونَ}، أَي تَتَذَكَّرون، وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ أَيضًا سُكُونُ لَامِ نُجِّي، وَلَوْ كَانَ مَاضِيًا لَانْفَتَحَتِ اللَّامُ إِلا فِي الضَّرُورَةِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ المُثَقَّب:

لِمَنْ ظُعُنٌ تَطالَعُ مِن صُنَيْبٍ؟ ***فَمَا خَرَجتْ مِن الْوَادِي لِحِينِ

أَي تتَطالَع، فَحَذَفَ الثَّانِيَةَ عَلَى مَا مَضَى، ونجَوْت بِهِ ونَجَوْتُه؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:

نَجا عامِرٌ والنَّفْسُ مِنه بشِدْقِه، ***وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا

أَراد: إِلَّا بجَفْنِ سَيفٍ، فَحَذَفَ وأَوْصل.

أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ}؛ أَي نُخَلِّصُك مِنَ الْعَذَابِ وأَهْلَك.

واستَنْجَى مِنْهُ حَاجَتَهُ: تخَلَّصها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

وانْتَجَى مَتاعَه: تَخلَّصه وسَلبَه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ.

وَمَعْنَى نجَوْت الشيءَ فِي اللُّغَةِ: خَلَّصته وأَلْقَيْته.

والنَّجْوَةُ والنَّجَاةُ: مَا ارتفَع مِنَ الأَرض فَلَمْ يَعْلُه السَّيلُ فَظَنَنْتُهُ نَجاءَك، وَالْجَمْعُ نِجاءٌ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}؛ أَي نَجْعَلُكَ فَوْقَ نَجْوةٍ مِنَ الأَرض فنُظْهِرك أَو نُلْقِيك عَلَيْهَا لتُعْرَفَ، لأَنه قَالَ بِبَدَنِكَ وَلَمْ يَقُلْ برُوحِك؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ نُلْقِيكَ عُريانًا لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك عِبْرَةً.

أَبو زَيْدٍ: والنَّجْوةُ المَكان المُرْتَفِع الَّذِي تَظُنُّ أَنه نَجَاؤُكَ.

ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للوادِي نَجْوة وَلِلْجَبَلِ نَجْوةٌ، فأَما نَجْوة الْوَادِي فسَنداه جَمِيعًا مُستَقِيمًا ومُسْتَلْقِيًا، كلُّ سَنَدٍ نَجْوةٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الأَكَمةِ، وكلُّ سَنَدٍ مُشْرِفٍ لَا يَعْلُوهُ السَّيْلُ فَهُوَ نَجْوة لأَنه لَا يَكُونُ فِيهِ سَيْل أَبدًا، ونَجْوَةُ الجبَل مَنْبِتُ البَقْل.

والنَّجَاةُ: هِيَ النَّجْوَة مِنَ الأَرض لَا يَعلوها السَّيْلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فأَصُونُ عِرْضِي أَنْ يُنالَ بنَجْوةٍ، ***إِنَّ البَرِيَّ مِن الهَناةِ سَعِيدُ

وَقَالَ زُهَير بْنُ أَبي سُلْمى:

أَلم تَرَيا النُّعمانَ كَانَ بنَجْوةٍ، ***مِنَ الشَّرِّ، لَوْ أَنَّ امْرَأً كَانَ ناجِيا؟

وَيُقَالُ: نَجَّى فُلَانٌ أَرضَه تَنْجِيةً إِذا كبَسها مَخَافَةَ الغَرَقِ.

ابْنُ الأَعرابي: أَنْجى عَرِقَ، وأَنْجَى إِذا شَلَّح، يُقَالُ للِّصِّ مُشَلِّح لأَنه يُعَرِّي الإِنسانَ مِنْ ثِيَابِهِ.

وأَنْجَى: كشَفَ الجُلَّ عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ.

أَبو حَنِيفَةَ: المَنْجَى المَوْضع الَّذِي لَا يَبْلُغه السيلُ.

والنَّجَاء: السُّرْعةُ فِي السَّيْرِ، وَقَدْ نَجَا نَجَاءً، ممدود، "وَهُوَ يَنْجُو فِي السُّرْعة نَجَاءً، وَهُوَ نَاجٍ: سَريعٌ.

ونَجَوْتُ نَجَاء أَي أَسرَعْتُ وسَبَقْتُ.

وَقَالُوا: النَّجَاءَ النَّجَاءَ والنَّجَا النَّجا، فَمَدُّوا وقَصَرُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " إِذا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنَّجَا النَّجَا وَقَالُوا: النَّجَاكَ فأَدخلوا الْكَافَ لِلتَّخْصِيصِ بِالْخِطَابِ، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب لأَن الأَلف وَاللَّامَ مُعاقِبة للإِضافة، فَثَبَتَ أَنها كَكَافِ ذَلِكَ وأَرَيْتُك زَيْدًا أَبو مَنْ هُوَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « وأَنا النَّذِيرُ العُرْيان فالنَّجَاءَ النَّجاءَ» أَي انْجُوا بأَنفسكم، وَهُوَ مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي انْجُوا النَّجاء.

والنَّجاءُ: السُّرعة.

وَفِي الْحَدِيثِ: « إِنما يأْخذ الذِّئْبُ القاصِيةَ والشاذَّة الناجِيةَ »أَي السَّرِيعَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ عَنِ الْحَرْبِيِّ بِالْجِيمِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَتَوْكَ عَلَى قُلُصٍ نَواجٍ »أَي مُسْرِعاتٍ.

وَنَاقَةٌ نَاجِيةٌ ونَجَاة: سَرِيعَةٌ، وَقِيلَ: تَقطع الأَرض بِسَيْرِهَا، وَلَا يُوصف بِذَلِكَ الْبَعِيرُ.

الْجَوْهَرِيُّ: الناجِيةُ والنَّجاة النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ تَنْجُو بِمَنْ ركبها؛ قال: والبَعير ناجٍ؛ وَقَالَ:

أَيّ قَلُوصِ راكِبٍ تَراها ***ناجِيةً وناجِيًا أَباها

وَقَوْلُ الأَعشى:

تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وخْدًا ***بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ

أَي بقوائمَ سِراعٍ.

واسْتَنْجَى أَي أَسْرَعَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « إِذا سافَرْتُمْ فِي الجَدْب فاسْتَنْجُوا »؛ مَعْنَاهُ أَسْرِعُوا السيرَ وانْجُوا.

وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا انْهَزَمُوا: قَدِ اسْتَنْجَوْا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لُقْمَانَ بْنِ عَادَ: أَوَّلُنا إِذا نَجَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجَيْنا أَي هُوَ حامِيَتُنا إِذا انْهَزَمْنا يَدفع عنَّا.

والنَّجْوُ: السَّحاب الَّذِي قَدْ هَراقَ مَاءَهُ ثُمَّ مَضَى، وَقِيلَ: هُوَ السَّحَابُ أَوَّل مَا يَنشأُ، وَالْجَمْعُ نِجاء ونُجُوٌّ؛ قَالَ جَمِيلٌ:

أَليسَ مِنَ الشَّقاءِ وَجِيبُ قَلْبي، ***وإِيضاعي الهُمُومَ مَعَ النُّجُوِّ

فأَحْزَنُ أَنْ تَكُونَ عَلَى صَدِيقٍ، ***وأَفْرَحُ أَن تَكُونَ عَلَى عَدُوِّ

يَقُولُ: نَحْنُ نَنْتَجِعُ الغَيْثَ، فإِذا كَانَتْ عَلَى صدِيقٍ حَزِنْت لأَني لَا أُصيب ثَمَّ بُثَيْنَة، دَعَا لَهَا بالسُّقْيا.

وأَنْجَتِ السحابةُ: وَلَّتْ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: أَين أَنْجَتْكَ السَّمَاءُ أَي أَينَ أَمطَرَتْكَ.

وأُنْجِيناها بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَي أُمْطِرْناها.

ونَجْوُ السبُع: جَعْره.

والنَّجْوُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَطْنِ مِنْ رِيحٍ وَغَائِطٍ، وَقَدْ نَجا الإِنسانُ والكلبُ نَجْوًا.

والاسْتِنْجاء: الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ مِنَ النَّجْوِ والتَّمَسُّحُ بِالْحِجَارَةِ مِنْهُ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ قَطْعُ الأَذَى بأَيِّهما كَانَ.

واسْتَنْجَيْتُ بالماءِ وَالْحِجَارَةِ أَي تَطَهَّرْت بِهَا.

الْكِسَائِيُّ: جلَست عَلَى الْغَائِطِ فَمَا أَنْجَيْتُ.

الزَّجَّاجُ: يُقَالُ مَا أَنْجَى فُلَانٌ شَيْئًا، وَمَا نَجَا مُنْذُ أَيام أَي لَمْ يأْتِ الغائطَ.

والاسْتِنجاء: التَّنَظُّف بمدَر أَو مَاءٍ.

واسْتَنجَى أَي مَسْحَ مَوْضِعَ النَّجْو أَو غَسَله.

وَيُقَالُ: أَنْجَى أَي أَحدَث.

وَشَرِبَ دَواء فَمَا أَنْجَاه أَي مَا أَقامه.

الأَصمعي: أَنْجَى فُلَانٌ إِذا جَلَسَ عَلَى الْغَائِطِ يَتَغَوَّط.

وَيُقَالُ: أَنْجَى الغائطُ نَفْسُه يَنجُو، وَفِي الصِّحَاحِ: نَجا الغائطُ نَفْسُه.

وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَقلُّ الطعامِ نَجْوًا اللَّحم.

والنَّجْوُ: العَذِرة نَفْسُه.

واسْتَنْجَيْتُ النخلةَ إِذا أَلقَطْتَها؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا لقطتَ رُطبَها.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سَلَامٍ: « وإِني لَفِي عَذْقٍ أُنْجِي مِنْهُ رُطَبًا»؛ أي أَلتَقِطُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَسْتَنْجِي مِنْهُ بِمَعْنَاهُ.

وأَنْجَيْت قَضِيبًا مِنَ الشَّجَرَةِ فَقَطَعْتُه، واسْتَنْجَيْت الشجرةَ: قَطَعْتُها مِنْ أَصلها.

ونَجَا غُصونَ الشَّجَرَةِ نَجْوًا واسْتَنْجَاها: قَطَعها.

قَالَ شَمِرٌ: وأُرى الاسْتِنْجاءَ فِي الوُضوء مِنْ هَذَا لِقَطْعِه العَذِرةَ بالماءِ؛ وأَنْجَيت غَيْرِي.

واسْتَنجَيت الشَّجَرَ: قَطَعْتُهُ مِنْ أُصوله.

وأَنْجَيْتُ قَضِيبًا مِنَ الشَّجَرِ أَي قَطَعْتُ.

وَشَجَرَةٌ جَيِّدة النَّجا أَي الْعُودِ.

والنَّجا: الْعَصَا، وَكُلُّهُ مِنَ الْقَطْعِ.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النَّجا الغُصونُ، وَاحِدَتُهُ نَجاةٌ.

وفُلان فِي أَرضِ نَجاةٍ: يَسْتَنجِي مِنْ شَجَرِهَا العِصِيَّ والقِسِيَّ.

وأَنْجِنِي غُصنًا مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَي اقْطَعْ لِي مِنْهَا غُصْنًا.

والنَّجا: عِيدانُ الهَوْدَج.

ونَجَوْتُ الوَتَر واسْتَنجَيتُه إِذا خَلَّصته.

واسْتَنْجَى الجازِرُ وتَرَ المَتْنِ: قَطَعه؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:

فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لهَا، ***جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ

وَيُرْوَى: جِلْسةَ الأَعْسَرِ.

الْجَوْهَرِيُّ: اسْتَنْجَى الوَتَر أَي مَدَّ الْقَوْسَ، وأَنشد بَيْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: وأَصله الَّذِي يَتَّخذ أَوْتارَ القِسِيّ لأَنه يُخرج مَا فِي المَصارِين مِنَ النَّجْو.

وَفِي حَدِيثِ بِئْرِ بُضاعةَ: « تُلقَى فِيهَا المَحايِضُ وَمَا يُنْجِي الناسُ »أَي يُلقُونه مِنَ الْعَذَرَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ مِنْهُ أَنْجَى يُنْجِي إِذا أَلقَى نَجْوه، ونَجا وأَنْجَى إِذا قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهُ.

والاسْتِنجاءُ: اسْتِخْراج النَّجْو مِنَ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: هُوَ إِزالته عَنْ بَدَنِهِ بالغَسْل والمَسْح، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ وأَنْجَيْتُها إِذا قَطَعْتَهَا، كأَنه قَطَعَ الأَذَى عَنْ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّجْوَة، وَهُوَ مَا ارْتَفع مِنَ الأَرض كأَنه يَطلُبها لِيَجْلِسَ تَحْتَهَا.

وَمِنْهُ حَدِيثُ" عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ كيفَ تجِدُك؟ قَالَ: أَجِدُ نَجْوِي أَكثرَ مِن رُزْئي "أَي مَا يَخْرُجُ مِنِّي أَكثَرَ مِمَّا يَدْخُلُ.

والنَّجَا، مَقْصُورٌ: مِنْ قَوْلِكَ نَجَوْتُ جِلدَ الْبَعِيرِ عَنْهُ وأَنْجَيْتُه إِذا سَلَخْتَه.

ونَجا جِلدَ الْبَعِيرِ والناقةِ نَجْوًا ونَجًا وأَنْجَاه: كشَطَه عَنْهُ.

والنَّجْوُ والنَّجَا: اسْمُ المَنْجُوّ؛ قَالَ يُخَاطِبُ ضَيْفَينِ طَرَقاه:

فقُلْتُ: انْجُوَا عَنْهَا نَجا الجِلدِ، إِنَّه ***سَيُرْضِيكما مِنها سَنامٌ وغارِبُهْ

قَالَ الْفَرَّاءُ: أَضافَ النَّجَا إِلى الجِلد لأَن الْعَرَبُ تُضيف الشَّيْءَ إِلى نَفْسِهِ إِذا اخْتَلَفَ اللَّفْظَانِ، كَقَوْلِهِ تعالى: {لَحَقُّ الْيَقِينِ ولَدارُ الْآخِرَةِ}.

والجِلدُ نَجًا، مَقْصُورٌ أَيضًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِيَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ:

تُفاوضُ مَنْ أَطْوِي طَوَى الكَشْحِ دُونه، ***ومِنْ دُونِ مَنْ صافَيْتُه أَنتَ مُنْطَوِي

قَالَ: ويُقَوِّي قَوْلَ الْفَرَّاءِ بَعْدَ الْبَيْتِ قَوْلُهُمْ عِرْقُ النَّسا وحَبْل الوَرِيد وَثَابِتُ قُطْنةَ وسعِيد كُرْزٍ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: يُقَالُ نَجَوْت جِلدَ الْبَعِيرِ، وَلَا يُقَالُ سَلَخته، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ سَلَخته إِلا فِي عُنُقه خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ جَسَدِهِ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي آخِرِ كِتَابِهِ إِصلاح الْمَنْطِقِ: جَلَّدَ جَزُوره وَلَا يُقَالُ سَلَخه.

الزَّجَّاجِيُّ: النَّجا مَا سُلخ عَنِ الشَّاةِ أَو الْبَعِيرِ، والنَّجا أَيضًا مَا أُلقي عَنِ الرَّجل مِنَ اللِّبَاسِ.

التَّهْذِيبُ: يُقَالُ نَجَوْت الجِلد إِذا أَلقَيْته عَنِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: أَصل هَذَا كُلِّهِ مِنَ النَّجْوة، وَهُوَ مَا ارْتَفع مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: إِن الاستِنْجاء مِنَ الحَدث مأْخوذ مِنْ هَذَا لأَنه إِذا أَراد قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتَتَرَ بنَجْوةٍ مِنَ الأَرض؛ قَالَ عَبِيدٌ:

فَمَنْ بِنَجْوَتِه كمَنْ بِعَقْوته، ***والمُستَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بقِرواحِ

ابْنُ الأَعرابي: بَيْني وَبَيْنَ فُلَانٍ نَجَاوَةٌ مِنَ الأَرض أَي سَعة.

الْفَرَّاءُ: نَجَوْتُ الدَّواءَ شَربته، وَقَالَ: إِنما كُنْتُ أَسمع مِنَ الدَّوَاءِ مَا أَنْجَيْته، ونَجَوْتُ الجِلد وأَنْجَيْتُه.

ابْنُ الأَعرابي: أَنْجَانِي الدَّواءُ أَقْعدَني.

ونَجَا فُلَانٌ يَنْجُو إِذا أَحْدَث ذَنْبًا أَو غَيْرَ ذَلِكَ.

ونَجَاهُ نَجْوًا ونَجْوَى: سارَّه.

والنَّجْوَى والنَّجِيُّ: السِّرُّ.

والنَّجْوُ: السِّرُّ بَيْنَ اثْنَيْنِ، يُقَالُ: نَجَوْتُه نَجْوًا أَي سارَرْته، وَكَذَلِكَ ناجَيْتُه، وَالِاسْمُ النَّجْوى؛ وَقَالَ:

فبِتُّ أَنْجُو بِهَا نَفْسًا تُكَلِّفُني ***مَا لَا يَهُمُّ بِهِ الجَثَّامةُ الوَرَعُ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوى}؛ فَجَعَلَهُمْ هُمُ النَّجْوى، وإِنما النَّجْوى فِعلهم، كَمَا تَقُولُ قَوْمٌ رِضًا، وإِنما رِضًا فِعْلهم.

والنَّجِيُّ، عَلَى فَعِيل: الَّذِي تُسارُّه، وَالْجَمْعُ الأَنْجِيَة.

قَالَ الأَخفش: وَقَدْ يَكُونُ النَّجِيُّ جَماعة مِثْلُ الصدِيق، قَالَ اللَّهُ تعالى: {خَلَصُوا نَجِيًّا}.

قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدْ يَكُونُ النَّجِيُّ والنَّجْوى اسْمًا وَمَصْدَرًا.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء: « اللَّهُمَّ بمُحمد نبيِّك وبمُوسى نَجِيِّك »؛ هُوَ المُناجِي المُخاطِب للإِنسان والمحدِّث لَهُ، وَقَدْ تنَاجَيا مُناجاة وانْتِجاء.

وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا يَتَنَاجى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَنْتَجِي اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا» أَي لَا يَتَسارَران مُنْفَردَيْن عَنْهُ لأَن ذَلِكَ يَسوءُه.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: « دعاهُ رسولُ اللَّهِ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الطَّائِفِ فانْتَجاه فَقَالَ الناسُ: لَقَدْ طالَ نَجْواهُ فَقَالَ: مَا انْتَجَيْتُه ولكنَّ اللهَ انْتَجَاه أَي أَمَرَني أَن أُناجِيه.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: « قِيلَ لَهُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى؟ يُريد مناجاةَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَفِي حَدِيثٍ الشَّعْبِيُّ: إِذا عَظُمت الحَلْقة فَهِيَ بِذاء ونِجاء أَي مُناجاة، يَعْنِي يَكْثُرُ فِيهَا ذَلِكَ.

والنَّجْوَى والنَّجِيُّ: المُتسارُّون.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوى}؛ قَالَ: هَذَا فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ، وإِذْ هُمْ ذَوُو نَجْوى، والنَّجْوى اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ}؛ يَكُونُ عَلَى الصِّفَةِ والإِضافة.

ونَاجَى الرجلَ مُنَاجَاةً ونِجَاءً: سارَّه.

وانْتَجَى القومُ وتَناجَوْا: تَسارُّوا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

قَالَتْ جَواري الحَيِّ لَمَّا جِينا، ***وهنَّ يَلْعَبْنَ ويَنْتَجِينا:

مَا لِمَطايا القَوْمِ قَدْ وَجِينا؟ والنَّجِيُّ: المُتناجون.

وَفُلَانٌ نجِيُّ فُلَانٍ أَي يُنَاجِيهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}؛ أَي اعْتَزَلُوا مُتَناجين، وَالْجَمْعُ أَنْجِيَةٌ؛ قَالَ: " وَمَا نَطَقُوا بأَنْجِيَةِ الخُصومِ وَقَالَ سُحَيْم بْنُ وَثِيل اليَرْبُوعِي:

إِني إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ، ***واضْطرب القَوْمُ اضْطرابَ الأَرْشِيَهْ،

هُناكِ أَوْصِيني وَلَا تُوصي بِيَهْ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى الْقَاضِي الْجُرْجَانِيُّ عَنِ الأَصمعي وَغَيْرِهِ أَنه يَصِفُ قَوْمًا أَتعبهم السَّيْرُ وَالسَّفَرُ، فَرَقَدُوا عَلَى رِكابهم وَاضْطَرَبُوا عَلَيْهَا وشُدَّ بَعْضُهُمْ عَلَى نَاقَتِهِ حِذارَ سُقُوطِهِ مِنْ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: إِنما ضَرَبَهُ مَثَلًا لِنُزُولِ الأَمر الْمُهِمِّ، وَبِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ: هُناكِ، بِكَسْرِ "الْكَافِ، وَبِخَطِّهِ أَيضًا: أَوْصِيني وَلَا تُوصِي، بإِثبات الْيَاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ مُؤَنَّثًا؛ وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه يَرْوِيهِ: " واخْتَلَفَ القومُ اخْتلافَ الأَرْشِيَهْ "قَالَ: وَهُوَ الأَشهر فِي الرِّوَايَةِ؛ وَرُوِيَ أَيضًا: " والْتَبَسَ القومُ الْتِباسَ الأَرشيه "وَرَوَاهُ الزَّجَّاجُ: وَاخْتَلَفَ الْقَوْلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسُحَيْمٍ أَيضًا:

قالتْ نِساؤُهم، والقومُ أَنْجِيَةٌ ***يُعْدَى عَلَيْهَا، كَمَا يُعْدى عَلَى النّعَمِ

قَالَ أَبو إِسحاق: نجِيٌّ لَفْظٌ وَاحِدٌ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوى}؛ وَيَجُوزُ: قومٌ نَجِيٌّ وقومٌ أَنْجِيةٌ وقومٌ نَجْوى.

وانْتَجاه إِذا اختصَّه بمُناجاته.

ونَجَوْتُ الرَّجُلَ أَنْجُوه إِذا ناجَيْتَه.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ}؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى النَّجْوى فِي الْكَلَامِ مَا يَنْفَرِد بِهِ الْجَمَاعَةُ وَالِاثْنَانِ، سِرًّا كَانَ أَو ظَاهِرًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ: " يَخْرُجْنَ منْ نَجِيِّه لِلشَّاطِي "فَسَّرَهُ فَقَالَ: نجِيُّه هُنَا صَوْتُهُ، وإِنما يَصِفُ حَادِيًا سَوَّاقًا مُصَوِّتًا.

ونَجاه: نكَهه.

ونَجَوْت فُلَانًا إِذا استَنْكَهْته؛ قَالَ:

نَجَوْتُ مُجالِدًا، فوَجَدْتُ مِنْهُ ***كَرِيحِ الْكَلْبِ ماتَ حَديثَ عَهْدِ

فقُلْتُ لَهُ: مَتى استَحْدَثْتَ هَذَا؟ ***فَقَالَ: أَصابَني فِي جَوْفِ مَهْدي

وَرَوَى الْفَرَّاءُ أَن الْكِسَائِيَّ أَنشده:

أَقولُ لِصاحِبَيَّ وَقَدْ بَدا لِي ***مَعالمُ مِنْهُما، وهُما نَجِيَّا

أَراد نَجِيَّانِ فَحَذَفَ النُّونَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي هُمَا بِمَوْضِعِ نَجْوَى، فَنَصَبَ نَجِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الصِّفَةِ.

وأَنْجَت النَّخْلَةُ فأَجْنَتْ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ.

واسْتَنْجَى الناسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ: أَصابُوا الرُّطب، وَقِيلَ: أَكلوا الرُّطَبَ.

قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ الأَصمعي كُلُّ اجْتِنَاءٍ استِنْجاءٌ، يُقَالُ: نَجوْتُك إِياه؛ وأَنشد:

ولقَدْ نَجَوْتُك أَكْمُؤًا وعَساقِلًا، ***وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَناتِ الأَوْبَرِ

وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ جَنيْتُك، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

والنُّجَوَاءُ: التَّمَطِّي مِثْلَ المُطَواء؛ وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ البرْصاء:

وهَمٌّ تأْخُذُ النجَواء مِنه، ***يُعَلُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ النُّحَواء، بِحَاءٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ الرِّعْدة، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ وَابْنِ ولَّاد وأَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ، والمُلالُ: حَرَارَةُ الحمَّى الَّتِي لَيْسَتْ بصالبٍ، وَقَالَ المُهَلَّبي: يُرْوَى يُعَكُّ بصالِبٍ.

وناجِيةُ: اسْمٌ.

وَبَنُو ناجيةَ: قَبِيلَةٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ.

الْجَوْهَرِيُّ: بَنُو ناجيةَ قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم ناجِيٌّ، حُذِفَ مِنْهُ الْهَاءُ وَالْيَاءُ، والله أَعلم.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


49-صحاح العربية (سوأ)

[سوأ] ساءه يسُوءه سوْءًا، بالفتح، وَمَساءَةً وَمَسائِيَةً: نقيضُ سَرَّهُ، والاسم السوء، بالضم،

وقرئ (عليهم دائرة السُوءِ)، يَعْني الهزيمَةَ والشَّرَّ.

ومن فتح، فهو من المساءة.

وتقول هذا رَجُلُ سَوْءٍ بالإضافة، ثم تُدْخِلُ عليه الألفَ واللامَ، فتقول: هذا رَجُلُ السَوْءِ، قال الشاعر: وكنتُ كذئب السَوْءِ لما رأى دَمًا *** بصاحبه يوما أحال على الدم قال الاخفش: ولا يقال: الرجل السوء، ويقال: الحق اليقين، وحق اليقين جميعا، لان السوء ليس بالرجل واليقين هو الحق، قال: ولا يقال: هذا رجل السوء بالضم.

وأساء إليه: نقيض أحسن إليه.

والسُوآى نقيضُ الحُسْنى، وفي القرآن: (ثم كان عاقِبَةَ الذين أساؤُا السُوآى) يَعْني النَّارَ.

والسَيِّئَةُ أصلها سَيْوِئَةٌ، فقلبت الواو ياءً وأُدْغِمَتْ.

ويقال: فلان سيِّئُ الاختيار، وقد يخفف، مثل: هين، وهين، ولين ولين.

قال الطهوى: ولا يجزون من حسن بسئ *** ولا يجزون من غِلَظٍ بِلَيْنِ وامرأة سَوْآءُ: قبيحةٌ.

ويقال: له عندي ما ساءَهُ وناءَهُ، وما يسُوءُهُ ويَنُوءُهُ.

ابن السكيت: سُؤْتُ به ظَنًَّا، وأسأت به الظن.

قال: يثبتون الالف إذا جاءوا بالالف واللام.

وقولهم ما أُنْكِرُكَ من سُوءٍ، أي لم يكن إنكاري إيَّاك من سُوءٍ رأيتُهُ بك، إنما هو لِقِلَّةِ المعرفة بك.

وقيل في قوله تعالى: (تخرج بيضاء من غير سوءٍ) أي من غير بَرصٍ.

والسَوْأَةُ: العَوْرَةُ، والفاحشةُ.

والسوأَةُ السَوآءُ: الخَلَّةُ القبيحةُ.

وسَوَّأْتُ عليه ما صنع تسوئةً وتسويئًا، إذا عِبْتَهُ عليه، وقلتَ له: أَسَأْتَ.

يقال: إنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ عَلَيَّ.

قال: وسُؤْتُ الرجُلَ سَوايَةً ومَسايَةً، مخفَّفان، أي ساءه ما رآه مني، قال سيبويه: سألته - يعنى الخليل - عن سؤته سوائية، فقال: هي فعاليه، بمنزلة علانية، والذين قالوا: سواية حذفوا الهمزة، وأصله الهمز.

قال: وسألته عن مسائية، فقال: مقلوبة، وأصلها مساوئة فكرهوا الواو مع الهمزة: والذين قالوا: مساية حذفوا الهمزة تخفيفا.

وقولهم: " الخيلُ تَجْري علي مَساويها " أي إنها وإنْ كانت بها أو صاب وعيوب، فإن كرمها يحملها على الجَرْي.

وتقول من السُوءِ، استاء الرجل، مثل استاع، كما تقول من الغم: اغتم.

صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


50-صحاح العربية (نوأ)

[نوأ] ناءَ يَنوءُ نَوْءًا: نَهَضَ بِجَهْدٍ ومَشَقَّةٍ.

وناءَ: سَقط وهو من الأضداد.

ويقال ناءَ بالحِمْلِ، إذا نهض به مُثْقَلًا: وناءَ به الحِمْلُ، إذا أثْقَله.

والمرأةُ تَنوءُ بها عَجيزَتُها أي تُثْقِلُها، وهي تَنوءُ بعجيزَتِها أي تنهض بها مُثْقَلَةً.

وأناءهُ الحِمْلُ، مثل أناعَهُ، أي أثْقَلَهُ وأمالَهُ، كما يقال ذَهبَ به وأذْهَبَهُ بمعنًى.

وقوله تعالى: (ما إنَّ مفاتِحَهُ لَتَنوءُ بالعُصْبَةِ).

قال الفراء: أي لتنئ بالعصبة: تثقلها.

قال الشاعر: إنى وجدك ما أَقْضي الغريمَ وإن *** حانَ القضاءُ وما رقت له كبدي

إلا عَصا أَرْزَنٍ طارتْ بُرايَتُها *** تنوء ضربتها بالكف والعضد أي تثقل ضربتها الكف والعضد.

والنوء: سقوط نَجمٍ من المنازلِ في المغربِ مع الفجرِ وطُلوعُ رِقيبهِ من المشرقِ يُقابلُه من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثةَ عشَرَ يومًا، وهكذا كلُّ نجم منها إلى انقضاء السَنَةِ، ما خَلا الجَبهةَ فإنَّ لها أربعة عشر يومًا.

قال أبو عبيد: ولم نسمع في النَوْءِ أنه السقوطُ إلا في هذا الموضع.

وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحرَّ والبرد إلى الساقط منها.

وقال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مُطِرْنا بِنَوْءٍ كذا.

والجمع أنواء ونوآن أيضا، مثل عبد وعبدان وبطن وبطنان.

قال حسان بن ثابت: ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أنَّا بها *** إذا قَحَطَ القَطْرُ نوآنُها وناوَأتُ الرَّجُلَ مُناوَءةً ونِواءً: عادَيْتُه.

يقال: إذا ناوَأتَ الرِجالَ فاصْبرْ.

وربَّما لم يهمز وأصله الهمز، لأنه من ناءَ إليك ونؤت إليه، أي نهض ونهضت إليه.

ابن السكيت: يقال له عِندي ما ساءهُ وناءهُ، أي أثقله، وما يسوءه وينوءه.

وقال بعضهم: أراد ساءه وأناءه.

وإنما قال ناءه وهو لا يتعدى لاجل ساءه ليزدوج الكلام، كما يقال: إنى لآتيه الغدايا والعشايا، والغداة لا تجمع على غدايا.

وأناء اللحمَ يُنيئُهُ إناءةً، إذا لم ينضجه، وقد ناء اللحم ينئ نيأ، فهو لحم نئ بالكسر مثال نيعٌ، بيِّن النُيوءِ والنُيوءةِ.

وناء الرجل مثال ناع: لغة في نأى إذا بَعُدَ.

قال الشاعر: مَنْ إنْ رآكَ غَنيًّا لانَ جانِبُه *** وإنْ رآكَ فَقيرًا ناَء واغْتَرَبا

صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


51-صحاح العربية (وقع)

[وقع] الوَقْعَةُ: صَدمةُ الحرب.

والواقِعَةُ مثله.

والواقعة: القيامة.

ومواقع الغيث: مساقطه.

ويقال: وقع الشئ موقعه.

ومَوْقَعَةُ الطائرِ بفتح القاف: الموضع الذي يَقَعُ عليه.

ومِيقَعَةُ البازي: الموضع الذي يألفه فيقَع عليه، والميقَعَةُ أيضًا: خشبةُ القصَّارِ التي يدق عليها، والميقعة: المطرقة، فال ابن حلزة: أنمى إلى حرف مذكرة *** تهص الحصى بمواقع خنس *** وقول الشاعر: دلفت له بأبيض مشرفى *** كأن على مواقعه غبارا *** يعنى به مواقع الميقعة.

ويقال: الميقَعَةُ: المِسَنُّ الطويلُ.

والوَقْعُ بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل، عن أبى عمرو.

والوقع بالتحريك: الحجارةُ، واحدتها وَقَعَةٌ.

والوَقَعُ أيضًا: الحَفى.

يقال وَقِعَ الرجلُ

يَوْقَعُ، إذا اشتكى لحمَ قدمِه من غلظ الارض والحجارة.

ومنه قول الشاعر:

كل الحذاء يحتذى الحافى الوقع *** والوقع أيضًا: السحابُ الرقيق.

والحافرُ الوَقيعُ: الذي أصابته الحجارة فرقَّقته.

والوَقيعُ من السيوف: ما شُحِذَ بالحجر.

وسكِّينٌ وَقيعٌ أي حديدٌ وُقِعَ بالميقعة.

يقال: قع حديدك.

قال الشماخ:

نواجذهن كالحدإ الوقيع *** والوقائع: المناقع.

والوقيعة في الناس: الغيبَةُ.

والوَقيعَةُ: القتالُ ; والجمع الوَقائعُ.

وقال أبو صاعد: الوَقيعَةُ نُقْرةٌ في متن حجرٍ في سهلٍ أو جبلٍ يستنقِعُ فيها الماء، وهي تصغُر وتعظم حتَّى تجاوز حدَّ الوَقيعةِ فتكون وَقيطًا.

قال ابن أحمر: الزاجر العيس في الامليس أعينها *** مِثْلُ الوقائِع في أنصافِها السَمَلُ

ويقال: كَوَيْتُهُ وَقاعِ، مثل قَطامِ.

قال أبو عبيد: هي الدائرة على الجاعِرتَين وحيثما كانت، لا تكون إلاَّ إدارةً.

يعني ليس لها موضع معلوم.

وقال: وكنتُ إذا مُنيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ *** دَلَفْتُ له فَأَكْويهِ وَقاعِ *** وَوَقَعْتُ بالقوم في القتال وأَوْقَعْتُ بهم، بمعنًى.

ويقال أيضًا: أوْقَعَ فلانٌ بفلانٍ ما يسوءه، وأوْقَعوهُمْ في القتال مُواقَعَةً ووِقاعًا.

ووقعْتُ من كذا وعن كذا وقعا.

ووقع الشئ وقوعا: سقط، وأوقعه غيره.

وأهل الكوفة يسمون الفعل المتعدى واقعا.

ويقال: وَقَعَ رَبيعٌ بالأرض، ولا يقال: سقط.

ووَقَعْتُ السكِّين.

أحددْتُها.

وحافرٌ موقوع، مثل وقيع.

ومنه قول رؤبة:

بكل موقوع النسور أخلقا

ووقع في الناس وَقيعَةً، أي اغتابهم.

وهو رجلٌ وَقَّاعٌ ووَقَّاعَةٌ: يغتاب الناس.

ووَقَعَ الطائرُ وُقوعًا، وإنَّه لحَسَنُ الوِقْعَةِ بالكسر.

والنَسْرُ الواقِعُ: نجمٌ.

وتوقعت الشئ واستوقعته، أي انتظرت كونَه.

والتَوْقيعُ: ما يوَقَّعُ في الكتاب.

يقال: " السرورُ تَوْقيعٌ جائزٌ ".

وطريقٌ مُوَقَّعٌ، أي مذلَّلٌ.

ويقال رجلٌ مُوَقَّعٌ ; للذي أصابته البلايا، وكذلك البعير.

قال الشاعر: فما منكُمُ أفْناَء بكرِ بن وائلٍ *** لِغارتِنا إلاَّ ذَلولٌ مُوَقَّعُ *** والتَوْقيعُ أيضًا: إقبالُ الصَيْقلِ على السيف بميقَعَتِهِ يحدِّده.

وسكِّينٌ مُوَقَّعٌ، أي محدَّدٌ.

ومِرْماةٌ مُوَقَّعَةٌ.

والتَوْقيعُ: الدَبَرُ.

وإذا كثُر بالبعير الدَبَرُ قيل: إنَّه لمُوَقَّعُ الظهرِ.

وأنشد ابن الاعرابي: مثلُ الحمارِ المُوَقَّعِ الظَهْرِ لا *** يُحْسِنُ مشيًا إلاَّ إذا ضُرِبا

والتوقيع أيضا: تظنى الشئ وتوهمه.

يقال: وَقِّعْ، أي الْقِ ظنَّك على الشئ.

صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


52-منتخب الصحاح (سوء)

ساءه يسُوءه سوْءًا، بالفتح، وَمَساءَةً وَمَسائِيَةً: نقيضُ سَرَّهُ، والاسم السُّوءُ، بالضم، وقُرِئَ عليهم دائِرَةُ السُوءِ، يَعْني الهزيمَةَ والشَّرَّ.

ومن فَتَحَ، فهو المَساءَةِ.

وتقول هذا رَجُلُ سَوْءٍ بالإضافة، ثم تُدْخِلُ عليه الألفَ واللامَ، فتقول: هذا رَجُلُ السَوْءِ، قال الشاعر:

وكنتُ كذئب السَوْءِ لما رأى دَمًا *** يصاحبه يومًا أحالَ على الدَّمِ

وأساء إليه: نقيض أحسن إليه.

والسُوآى نقيضُ الحُسْنى، وفي القرآن: ثم كان عاقِبَةَ الذين أساؤُا السُوآى يَعْني النَّارَ.

والسَيِّئَةُ أصلها سَيْوِئَةٌ، فقلبت الواو ياءً وأُدْغِمَتْ.

ويقال: فلان سيِّئُ الاختيار، وقد يُخَفَّفُ.

قال الطُهَوِيُّ:

ولا يَجْزونَ من حَسَنٍ بِسَيْءٍ *** ولا يَجْزونَ من غِلَظٍ بِلَيْنِ

وامرأة سَوْآءُ: قبيحةٌ.

ويقال: له عندي ما ساءَهُ وناءَهُ، وما يسُوءُهُ ويَنُوءُهُ.

ابن السكيت: سُؤْتُ به ظَنًَّا، وأسأتُ به الظَّنَّ.

وقولهم ما أُنْكِرُكَ من سُوءٍ، أي لم يكن إنكاري إيَّاك من سُوءٍ رأيتُهُ بك، إنما هو لِقِلَّةِ المعرفة بك.

وقيل في قوله تعالى: يخرج بيضاء من غير سوءٍ أي من غير بَرصٍ.

والسَوْأَةُ: العَوْرَةُ، والفاحشةُ.

والسوأَةُ السَوآءُ: الخَلَّةُ القبيحةُ.

وسَوَّأْتُ عليه ما صنع تسوئةً وتسويئًا، إذا عِبْتَهُ عليه؛ وقلتَ له: أَسَأْتَ.

يقال: إنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ عَلَيَّ.

قال: وسُؤْتُ الرجُلَ سَوايَةً ومَسايَةً، مخفَّفان؛ أي ساءه ما رآه مني.

وقولهم: الخيلُ تَجْري علي مَساويها أي إنها وإنْ كانت بها أوصابٌ وعيوبٌ، فإنَّ كَرَمَها يحملها على الجَرْي.

وتقول من السُوءِ، استاء الرجلُ، كما تقول من الغَمِّ: اغتَمَّ.

منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


53-منتخب الصحاح (نوء)

ناءَ يَنوءُ نَوْءًا: نَهَضَ بِجَهْدٍ ومَشَقَّةٍ.

وناءَ: سَقط وهو من الأضداد.

ويقال ناءَ بالحِمْلِ، إذا نهض به مُثْقَلًا؛ وناءَ به الحِمْلُ، إذا أثْقَله.

والمرأةُ تَنوءُ بها عَجيزَتُها أي تُثْقِلُها، وهي تَنوءُ بعجيزَتِها أي تنهض بها مُثْقَلَةً.

وأناءهُ الحِمْلُ، مثل أناعَهُ، أي أثْقَلَهُ وأمالَهُ، كما يقال ذَهبَ به وأذْهَبَهُ بمعنًى.

وقوله تعالى: ما إنَّ مفاتِحَهُ لَتَنوءُ بالعُصْبَةِ.

قال الفراء: أي لَتُنيءُ بالعُصبَةِ: تُثْقِلُها.

والنَوْءُ: سُقوطُ نَجمٍ من المنازلِ في المغربِ مع الفجرِ وطُلوعُ رِقيبهِ من المشرقِ يُقابلُه من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثةَ عشَرَ يومًا، وهكذا كلُّ نجم منها إلى انقضاء السَنَةِ، ما خَلا الجَبهةَ فإنَّ لها أربعة عشر يومًا.

قال أبو عبيد: ولم نسمع في النَوْءِ أنه السقوطُ إلا في هذا الموضع.

وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحرَّ والبرد إلى الساقط منها.

وقال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مُطِرْنا بِنَوْءٍ كذا.

والجمع أنْواءٌ ونُوآنٌ أيضًا.

قال حسان بن ثابت:

ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أنَّا بها *** إذا قَحَطَ القَطْرُ نوآنُها

وناوَأتُ الرَّجُلَ مُناوَءةً ونِواءً: عادَيْتُه.

يقال: إذا ناوَأتَ الرِجالَ فاصْبرْ.

وربَّما لم يهمز وأصله الهمز، لأنه من ناءَ إليك ونُؤْتَ إليه، أي نهض نَهَضْتَ إليه.

ابن السكيت: يقال له عِندي ما ساءهُ وناءهُ، أي أثْقَلَهُ، وما يَسوءهُ ويَنوءهُ.

وأناءَ اللحمَ يُنيئُهُ إناءةً، إذا لم يُنضجهُ، وقد ناءَ اللحمُ يَنيءُ نَيًْا، فهو لحمٌ نيءٌ بالكسر مثال نيعٌ، بيِّن النُيوءِ والنُيوءةِ.

وناءَ الرجلُ: لغةٌ في نَأى إذا بَعُدَ.

قال الشاعر:

مَنْ إنْ رآكَ غَنيًّا لانَ جانِبُه *** وإنْ رآكَ فَقيرًا ناَء واغْتَرَبا

منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


54-منتخب الصحاح (وقع)

الوَقْعَةُ: صَدمةُ الحرب.

والواقِعَةُ مثله.

والواقِعَةُ: القيامةُ.

ومَواقِعُ الغيثِ: مساقطه.

ويقال: وَقَعَ الشيء مَوْقِعة.

ومَوْقَعَةُ الطائرِ بفتح القاف: الموضع الذي يَقَعُ عليه.

ومِيقَعَةُ البازي: الموضع الذي يألفه فيقَع عليه.

والميقَعَةُ أيضًا: خشبةُ القصَّارِ التي يدقُّ عليها.

والميقَعَةُ: المطرقةُ.

ويقال: الميقَعَةُ: المِسَنُّ الطويلُ.

والوَقْعُ بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل.

والوَقَعُ بالتحريك: الحجارةُ، واحدتها وَقَعَةٌ.

والوَقَعُ أيضًا: الحَفى.

يقال: وَقِعَ الرجلُ يَوْقَعُ، إذا اشتكى لحمَ قدمِه من غِلَظ الأرض والحجارة.

والوَقَعُ أيضًا: السحابُ الرقيق.

والحافرُ الوَقيعُ: الذي أصابته الحجارة فرقَّقته.

والوَقيعُ من السيوف: ما شُحِذَ بالحجر.

وسكِّينٌ وَقيعٌ، أي حديدٌ وُقِعَ بالميقَعَةِ.

والوقائِعُ: المناقِعُ.

والوَقيعَةُ في الناس: الغيبَةُ.

والوَقيعَةُ: القتالُ؛ والجمع الوَقائعُ.

وقال أبو صاعد: الوَقيعَةُ: نُقْرةٌ في متن حجرٍ في سهلٍ أو جبلٍ يستنقِعُ فيها الماء، وهي تصغُر وتعظم حتَّى تجاوز حدَّ الوَقيعةِ فتكون وَقيطًا.

ويقال: كَوَيْتُهُ وَقاعِ، مثل قَطامِ.

قال أبو عبيد: هي الدائرة على الجاعِرتَين وحيثما كانت، لا تكون إلاَّ إدارةً، يعني ليس لها موضع معلوم.

وقال:

وكنتُ إذا مُنيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ *** دَلَفْتُ له فَأَكْويهِ وَقاعِ

وَوَقَعْتُ بالقوم في القتال وأَوْقَعْتُ بهم، بمعنًى.

ويقال أيضًا: أوْقَعَ فلانٌ بفلانٍ ما يسوءه.

وأوْقَعوهُمْ في القتال مُواقَعَةً ووِقاعًا.

ووقعْتُ من كذا وعن كذا وَقْعًا.

ووقَعَ الشيء وُقوعًا: سقط، وأوْقَعَهُ غيره.

ويقال: وَقَعَ رَبيعٌ بالأرض، ولا يقال: سقط.

ووَقَعْتُ السكِّين: أحددْتُها.

وحافرٌ مَوْقوعٌ، مثل وَقيعٍ.

ووَقَعَ في الناس وَقيعَةً، أي اغتابهم.

وهو رجلٌ وَقَّاعٌ ووَقَّاعَةٌ: يغتاب الناس.

ووَقَعَ الطائرُ وُقوعًا، وإنَّه لحَسَنُ الوِقْعَةِ بالكسر.

والنَسْرُ الواقِعُ: نجمٌ.

وتَوَقَّعْتُ الشيءَ واسْتَوْقَعْتُهُ، أي انتظرت كونَه.

والتَوْقيعُ: ما يوَقَّعُ في الكتاب.

يقال: السرورُ تَوْقيعٌ جائزٌ.

وطريقٌ مُوَقَّعٌ، أي مذلَّلٌ.

ويقال: رجلٌ مُوَقَّعٌ؛ للذي أصابته البلايا.

وكذلك البعير.

قال الشاعر:

فما منكُمُ أفْناَء بكرِ بن وائلٍ *** لِغارتِنا إلاَّ ذَلولٌ مُوَقَّعُ

والتَوْقيعُ أيضًا: إقبالُ الصَيْقلِ على السيف بميقَعَتِهِ يحدِّده.

وسكِّينٌ مُوَقَّعٌ، أي محدَّدٌ.

ومِرْماةٌ مُوَقَّعَةٌ.

والتَوْقيعُ: الدَبَرُ.

وإذا كثُر بالبعير الدَبَرُ قيل: إنَّه لمُوَقَّعُ الظهرِ.

وأنشد ابن الأعرابي:

مثلُ الحمارِ المُوَقَّعِ الظَهْرِ لا *** يُحْسِنُ مشيًا إلاَّ إذا ضُرِبا

والتَوقيعُ أيضًا: تَظَنِّي الشيءِ وتوهُّمُه.

يقال: وَقِّعْ، أي الْقِ ظنَّك على الشيء.

منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


55-تهذيب اللغة (سبع)

سبع: السَّبْع من العدد معروف.

تقول: سبع نسوة وسبعة رجال.

والسبعون معروف، وهو العِقْد الذي بين الستّين والثمانين.

وفي الحديث: أن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم قال: «للبِكر سَبْع وللثيِّب ثلاث».

ومعناه: أن الرجل يكون له امرأة فيتزوّج أخرى، فإن كانت بِكرًا أقام عندها سَبْعًا لا يحسبها في القَسْم بينهما؛ وإن كانت ثيّبًا أقام عندها ثلاثًا غير محسوبة في القَسْم.

وقد سبَّع الرجلُ عند امرأته إذا أقام عندها سبع ليال.

وقال النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم لأمّ سَلَمة حين تزوّجها وكانت ثيّبًا: «إن شئتِ سبَّعت

عندك ثم سبَّعت عند سائر نسائي، وإن شئت ثلثت ثم دُرْت»، أي لا أحتسِب الثلاث عليك.

ويقال: سبَّع فلان القرآن إذا وظَّف عليه قراءته في سبع ليال.

وفي الحديث: سبَّعت سُلَيم يوم الفتح أي تمَّت سبعمائة رجل.

وقال الليث: الأُسبوع من الطواف سبعة أطواف، ويجمع على أسبوعات.

قال: والأيّام التي يدور عليها الزمان في كل سبعة منها جمعة تسمَّى الأُسبوع وتجمع أسابيع، ومن العرب من يقول سُبُوع في الأيام والطواف بلا ألف، مأخوذة من عدد السبع.

والكلام الفصيح: الأُسْبوع، أبو عبيد عن أبي زيد: السَّبِيع بمعنى السُّبُع كالثَمين بمعنى الثُمن، وقال شمر: لم أسمع سَبيعًا لغيره.

وفي الحديث: «أن ذئبًا اختطف شاة من غنم فانتزعها الراعي منه فقال الذئب: مَن لها يوم السَّبْع»؟ قال ابن الأعرابي: السبع: الموضع الذي إليه يكون المحشَر يوم القيامة، أراد: من لها يوم القيامة وروي عن ابن عباس أنه سئل عن مسألة فقال: إحدى من سَبْع.

قال شمر: يقول إذا اشتدّ فيها الفُتْيا قال: يجوز أن يكون الليالي السبع التي أرسل الله العذاب فيها على عاد، ضربها مثلًا للمسألة إذا أشكلت.

قال: وخلق الله السموات سبعًا والأرضين سبعًا وروي في حديث آخر أن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم نهى عن السِّبَاع قال ابن الأعرابي: السِّباع: الفِخار كأنه نهَى عن المفاخرة بكثرة الجماع.

وحكى أبو عمرو عن أعرابي أعطاه رجل درهمًا فقال: سبَّع الله له الأجر، قال: أراد: التضعيف، وفي «نوادر الأعراب»: سبّع الله لفلان تسبيعًا وتبَّع له تَتْبيعًا أي تابع له الشيء بعد الشيء، وهي دعوة تكون في الخير والشر، والعرب تصنع التسبيع موضع التضعيف وإن جاوز السبع، والأصل فيه قول الله جل وعز: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] ثم قال النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم: «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة».

قلت: وأُرَى قول الله جَلّ ثناؤه لنبيه صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] من باب التكثير والتضعيف لا من باب حَصْر العَدَد، ولم يُرد الله جل ثناؤه أنه عليه‌السلام إن زاد على السبعين غَفَر لهم، ولكن المعنى: إن استكثرتَ من الدعاء والاستغفار للمنافقين لم يغفر الله لهم.

وأمَّا قول الفرزدق:

وكيف أخاف الناس والله قابض *** على الناس والسَّبْعَين في راحة اليد

فإنه أراد بالسبعَين: سبع سموات وسبع أرضين.

ويقال: أقمت عنده سَبْعين أي جمعتين وأسبوعين.

أبو عبيد عن أبي عمرو: المُسْبَع: المهمَل.

وهو في قول أبي ذؤيب:

صخِب الشواربَ لا يزال كأنه *** عبد لآل أبي ربيعة مُسْبَعُ

ورَوَى شمر عن النضر بن شميل أنه قال: المُسْبَع: الذي يُنْسَب إلى أربع أمَّهات كلُّهن أمَة.

وقال بعضهم: إلى سبع أمَّهات.

قال: ويقال أيضًا: المُسْبع:

التابعة.

يقال: الذي يولد لسبعة أشهر فلم تُنْضجه الرحِم ولم تتمَّ شهوره.

وقال العجّاج:

إن تميمًا لم يراضع مُسْبَعا

قال النضر: ربّ غلام قد رأيته يراضِع.

قال: والمراضعة: أن يرضع أمّه وفي بطنها ولد.

وروى أبو سعيد الضرير قول أبي ذؤيب:

عبد لآل أبي ربيعة مسبع

بكسر الباء وزعم أن معناه: أنه قد وقع السباع في ماشيته فهو يصيح ويصرخ، ويقال: سبَّعت الشيء إذا صيَّرته سبعة، فإذا أردت أنك صيَّرته سبعين قلت: كمَّلته سبعين، ولا يجوز ما قال بعض المولَّدين: سبعنته ولا قولهم: سبعنَتْ دراهمي أي كَمُلتْ سبعين.

وقولهم: أخذت منه مئة درهم وزنًا وزنَ سبعة المعنى فيه: أن كل عشرة منها تزن سبعة مثاقيل ولذلك نصب وزنًا.

والسُبُع يقع على ماله ناب من السِباع ويَعْدُو على الناس والدوابّ فيفترسها؛ مثل الأسَد والذئب والنَّمِر والفَهْد وما أشبهها.

والثعلب وإن كان له ناب فإنه ليس بسَبُع لأنه لا يعدو على صغار المواشي ولا ينيّب في شيء من الحيوان.

وكذلك الضَبُع لا يعدّ من السباع العادِية، ولذلك وردت السنَّة بإباحة لحمها وبأنها تُجزَى إذا أصيبت في الحَرَم أو أصابها المحرم.

وأما الوَعْوع ـ وهو ابن آوى ـ فهو سَبُع خبيث ولحمه حرام لأنه من جنس الذئاب إلا أنه أصغر جِرْمًا وأضعف بَدَنًا.

ويقال: سبَع فلان فلانًا إذا قَصَبه واقترضه أي عابه واغتابه.

وسبع فلانًا إذا عضَّه بسنّه.

ومن أمثال العرب السائرة قولهم: أخذه أخذ سَبْعة.

قال ابن السكيت: إنما أصلها سَبُعَة فخُفّفتْ.

قال: واللَبُؤة ـ زعموا ـ أنزقُ من الأسَد، قال وقال ابن الكلبيّ هو سَبْعة بن عَوْف بن ثعلبة بن سَلامَان من طيّىء، وكان رجلًا شديدًا.

وقال ابن المظفّر: أرادوا بقولهم: لأعملنّ بفلان عمل سَبْعة: المبالغة وبلوغَ الغاية.

قال: وقال بعضهم: أرادوا: عمل سبعة رجال.

وأرضٌ مَسْبَعَة: كثيرة السِباع: ويقال: سَبَعْتُ القوم أسْبَعُهم إذا أخذت سُبُعَ أموالهم.

وكذلك سَبَعْتُهُم أسْبَعُهم إذا كنت سَابِعَهُم.

وفي أظمَاء الإبل السِّبْعُ، وذلك إذا أقامت في مراعيها خمسة أيام كواملَ، ووردت اليوم السادس، ولا يُحسب يومُ الصَدَر.

وسَبُعَتْ الوحشيّةُ فهي مسبوعة إذا أكل السَبُع ولدها.

قال أبو بكر في قولهم: فلان يَسْبَع فلانًا قولان.

أحدهما: يرميه بالقول القبيح من قولهم: سبعت الذئب إذا رميته.

قال: ويدلّك على ذلك حديث النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم أنه نهى عن السّبَاع وهو أن يتسابّ الرجلان فيرمي كلّ واحد منهما صاحبه بما يسوءه من القَذْع.

وقيل: هو إظهار الرَفَث والمفاخرة بالجماع، والإعراب بما يُكنَى عنه من أمر النساء.

قال والسَّبُعَان: موضعٌ معروفٌ في ديار قَيس.

ولا يعرف من كلامهم اسم على فَعُلَان غيره.

وقال النضر بن شميل: السُّبَاعِيُ من الجِمال: العظيم الطويل.

قال والرُباعيّ من الجمال، مثل السُّبَاعِي على طوله.

قال: وناقة سُبَاعِيَّة ورباعيّة.

وقال غيره: ثوبٌ سُبَاعِي إذا كان طوله سَبْع أذرع أو سبعة أشبار؛ لأن الشِبْر مذكّر، والذراع مؤنثة.

أبو عبيد عن الأصمعي: سَبَعْتُه إذا وقعت فيه، وأسْبَعْتُه إذا أطعمته السِّباع.

وقال ابن السكيت: أسْبَعَ الراعي إذا وقع في ماشيته السِّبَاع.

وسَبَعَ الذئبُ الشاةَ إذا فرسها.

وسَبَعَ فلان فلانًا إذا وقع فيه، وأسْبَعَ عَبْدُه إذا أهمله.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


56-تهذيب اللغة (عظا)

عظا: قال الليث: العظاية: على خِلْقة سامّ أبرص أو أعِيظم منه شيأ.

قال والعظاءة لغة فيها؛ والجمع العَظَاء، وثلاث عظايات.

الحراني عن ابن السكيت: يقال: عظاءة وعظاية، لغتان؛ كما يقال: امرأة سقّاءة وسقّاية.

الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العلاء: تقول العرب: أَرَدْتَ ما يُلهيني، فقلتَ ما يَعْظيني، قال: يقال هذا للرجل يريد أن ينصح صاحبه فيخطىء، ويقولُ ما يسوءه.

قال ومثله: أراد ما يحظيها فقال ما يَعْظيها.

وقال اللحْياني: يقال: قلت: ما أورمه وعَظَاه، أي قلت ما أسخطه.

وقال ابن شميل العَظَى أن تأكل الإبل العُنْظُوان، وهو شجر فلا تستطيع أن تجترَّه ولا أن تَبْغره فتحبَط بطونُها، فيقال: عِظى الجمل يعظي عظًى شديدًا فهو عظٍ عَظْيان.

قال وعظى فلان فلانًا إذا ساءه بأمر يأتيه إليه يَعْظيه عَظْيًا.

ثعلب عن ابن الأعرابي: عظا فلانًا يعظوه إذا قطَّعه بالغِيبة.

وقال ابن دريد: عظاه يعظوه عَظْوًا إذا اغتاله فسقاه سمًّا.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


57-تهذيب اللغة (غيب)

غيب: قال شمر: كلُّ مكانٍ لا يُدْرَى ما فيه فهو غيْبٌ، وكذلك الموْضِعُ الذي لا يُدْرَى ما وراءه، وجمعُهُ غيوبٌ.

قال أبو ذؤيب:

يرْمي الغُيوبَ بعَيْنَيْه ومَطرِفُه *** مُغضٍ كما كَسَفَ المُسْتأخِذُ الرَّمِدُ

وقال الليثُ: الغِيبَةُ من الاغتِيابِ، والغَيبَةُ من الغيبُوبة، وأغابت المرْأَةُ فهي مُغيبَةٌ إذا غابَ زوْجُها، والغابُ: الأجَمَة، والغيْبُ: الشَّكُّ.

وقال أبو إسحاق في قول الله جل وعز: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3]، أي: يُؤمِنونَ بما غابَ عنهم ممَّا أخبرهم به رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم مِنْ أمر البَعْثِ والجنَّة والنارِ، وكلُّ ما غابَ عنهم مِما أَنبأَهُمْ به فهوَ غيبٌ.

أبو العباس عن الأعرابي في قوله: (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، قال: يؤمِنونَ بالله، قال: والغيبُ أيضًا ما غابَ عنِ العيونِ وإن كان مُحَصَّلًا في القلوبِ، والغيْبُ: شَحْمُ ثَرْبِ الشاة، والغيبُ: المطمَئنُّ من الأرضِ، وجمعُهُ: غيوبٌ، ويقال: سمعتُ صوتًا منْ وراء الغيب: أي مِنْ موضع لا أراه.

وقال اللحيانيُّ: امرأةٌ مُغيبةٌ ومُغيب إذا غاب زوْجُها.

قال: وقال بعضهم: بَدَا غيْبَانُ الشّجَرة، وهيَ عُرُوقُها التي تغيَّبَتْ في الأرضِ فَحَفَرْت عنها حتى ظَهَرَتْ.

وقال الله جل وعز: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]، أي: لا يتناولْ رجُلًا بظهْرِ الغيبِ بما يَسُوءهُ مما هُو فيه، وإذا تنَاوَلهُ بما ليْسَ فيه فهو بَهْتٌ وبُهتانٌ، وجاء المَغيَبَانُ عن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وسلم، ويقال: اغتابَ فلانٌ فلانًا اغتِيابًا وغِيبَةً يَغتابُه.

ورُويَ عن بعضهم أنه سَمِعَ غابَهُ يَغيبُهُ: إذا عابَهُ وذكَرَ منه ما يَسُوءُه.

شمرٌ عن الهوازنيِّ: الغابةُ: الوطاءَةُ من الأرضِ التي دُونها شُرْفةٌ، وهي الوَهْدَةُ.

وقال أبو جابر الأسَدِيُّ: الغابةَ: الجمعُ من الناس.

قال: وأنشدني الهوازِنيُّ:

إذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغاب *** حَسِبْتَ رِماحَهم سَبَلَ الغوادي

ثعلب عن ابن الأعرابي: غابَ إذا اغتابَ، وغابَ إذا ذكَرَ إنسانًا بخيرٍ أو شَرٍّ، والغيبةُ فِعْلةٌ منه تكونُ حَسنَةً وقَبيحَة.

والغَيَب جمع غائب مثل حارس وحَرَس، ويجمع الغائب غُيَّبًا وغيَّابًا.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


58-تهذيب اللغة (صم)

صم: قال الليث: الصَّمَمُ في الأذن ذَهابُ سَمْعِها.

وفي القَناةِ: اكتنازُ جَوْفها.

وفي الحَجَر: صَلَابَتُه، وفي الأمر: شِدَّتُه.

ويقال: أُذُنٌ صَمَّاءُ، وحَجَرٌ أصَمُ، وفِتْنَةٌ صَمَّاء.

وقال اللهُ جلّ وعَزّ في صفة الكافرين: {صُمٌ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [البقرة: 171]، يقول القائل: جَعلَهم اللهُ صُمًّا وهم يَسْمعون، وبُكْمًا وهم ناطِقون،

وعُمْيًا وهم يُبْصِرون؟ والجواب في ذلك: أنَّ سَمْعَهم لمّا لم يَنْفعْهم لأنَّهم لم يَعُوا به ما سَمعوا، وبَصَرهم لما لم يُجْدِ عليهم لأنهم لم يَعْتَبِرُوا بما عايَنوه من قُدْرة الله تعالى وخَلْقِه الدَّالِّ على أنَّه واحد لا شريكَ له، ونُطقَهم لما لم يُغْنِ عنهم شيئًا إذْ لم يُؤمنوا به إيمانًا يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة مَنْ لا يَسْمَع ولا يُبْصِر ولا يَعِي، ونحوٌ من قول الشاعر:

* أصَمُ عمّا ساءَه سَمِيعُ*

يقول: يتصامَم عمّا يَسوءُه، وإن سَمِعه فكان كأنه لم يسمعه، فهو سميع ذُو سَمْع، أصَمُ في تَغَابِيه عمّا أُريدَ به.

وجمعُ الأصَم: صُمٌ وصُمَّانٌ.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ من أمثالهم: صَمِّي صَمَام.

ويقال: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل، يضرب مَثَلًا للداهية الشديدة، كأنَّه قيل لها: اخْرَسِي يا داهية.

وكذلك يقال للحيّة التي لا تجيب الرَّاقيَ: صَمّاء، لأنّ الرُّقَى لا تَنْفَعُها.

والعَرَبُ تقول: أصَمّ اللهُ صَدَى فلان، أي: أهْلَكَهُ الله.

والصّدَى: الصوتُ الّذي يَرُدُّهُ الجَبَلُ إذا رَفعَ فيه الإنسانُ صوتَهُ، وقال امرؤ القيس:

صَمَ صَداها وعَفَا رَسْمُهَا *** واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِل

ومنه قولُهم: صَمِّي ابْنَة الجَبَل، مهما يُقَلْ تَقُلْ، يريدون بابنةَ الجبَل: الصّدى.

والعَرَبُ تقول للحرب إذا اشتدَّتْ وسُفِكَ فيها الدِّماء الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصَاةٌ بدَمٍ، يريدون أنّ الدِّماء لما سُفكَتْ وكثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ في المَعركة، فلو وقعتْ حَصاةٌ على الأرض لم يُسمع لها صوتٌ، لأنَّها لا تقعُ إلَّا في نجيع.

ويقال للدَّاهية الشديدة: صَمَّاءُ وصَمَامِ، وقال العجَّاج:

صَمَّاءُ لا يبْرِئها من الصَّمَمْ *** حوادثُ الدهرِ ولا طُولُ القِدَمْ

ويقال للنَّذير إذا أَنْذَرَ قومًا من بَعِيدٍ وأَلْمَعَ لهم بثَوْبه: لمعَ بهمْ لَمْعَ الأصَمّ، وإن بالَغَ يَظنّ أنّه مقصّر، وذلك أنه لما كثر إلماعُه بثوبه كان كأنهُ لا يسمعُ الجوابَ، فهو يُديمُ اللمعَ، ومن ذلك قول بشر:

أشار بهم لمع الأصمِ فأقبلوا *** عرانين لا يأتيه للنصر مُجلِبُ

أي: لا يأتيه مُعينٌ من غير قومه، وإذا كان المعينُ من قومه لم يكن مُجلبًا.

ويقال: ضربه ضربَ الأصمّ: إذا تابعَ الضربَ وبالغ فيه، وذلك أنَ الأصمَ وإن بالغ يظن أنه مقصِّر فلا يُقلع، وقال الشاعر:

فأبْلِغْ بَني أسَدٍ آيةً *** إضا جِئتَ سَيِّدَهُمْ والمَسُودَا

فأُوصيكُمْ بطِعَانِ الكُماةِ *** فقد تَعلمون بأنْ لا خُلودَا

وضَرْبِ الجماجِمِ ضربَ الأصَمّ *** حَنْظَلَ شابةَ يَجْنِي هَبِيدَا

ويقال: دعاهُ دعوةَ الأصمّ: إذا بالغ في النّدَاء.

وقال الراجزُ يصف فَلَاةً:

* يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصُّمّانْ *

وهذه الأمثال التي مرّتْ في هذا الباب مسموعة من العرب وأهل اللغة المعروفين، وهي صحيحة وإن لم أعزها إلى الرواة.

أبو عُبَيْد عن الكسائيّ: الصِّمَّةُ: الشُّجاع، وجمعه صِمَم.

وقال الليث: الصِّمَّةُ من أسْمَاءِ الأسد.

قال: والصَّمِيمُ: هُوَ الْعَظْمُ الذي به قِوَامُ العُضْو مثلُ صَمِيمِ الوَظيف، وصَمِيم الرأس، وبه يقال للرجل: فُلانٌ مِنْ صَمِيمِ قومه: إذا كان من خالِصهم، وأنشد الكسائيّ:

بمَصْرَعِنَا النُّعْمانَ يَوْمَ تَأَلَّبتْ *** علينا تميمٌ من شَظًى وصَمِيمِ

ويقال للضارب بالسّيف إذا أصابَ العظم فأَنفَذَ الضَّريبةَ: قد صَمَّمَ فهو مصمِّم، فإذا أصاب المَفْصِل فهو مُطَبِّق، وأنشد أبو عُبَيْد:

* يُصَمِّمُ أَحيانًا وَحِينًا يُطَبِّقُ*

أراد أنَّه يَضْرِبُ مرّة صميمَ العَظْم، ومرة يُصِيب المَفْصِل.

ويقال للَّذِي يَشُدُّ على القوم ولا ينْثَنِي عنهم: قد صَمَّم تَصْميمًا.

وصَمَّمَ الحيَّة في نَهْشِهِ: إذا نَيّبَ، وقال المتلمِّس:

فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاع ولو يرى *** مَسَاغًا لِنَاباهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّما

هكذا أَنشدَه الفَرَّاء «لناباه» على اللغة القَدِيمة لبعض العرب.

أبو عُبَيْدة: من صفات الخَيْل: الصَّمَمُ، والأنثى صَمَمّة، وهو الشديد الأَسْرِ المَعْصوبُ الذي ليس في خلقه انتشار.

وقال الجَعديّ:

وغارةٍ تَقطَع الفَيافِيَ قد *** حارَبْتُ فيها بِصِلْدِمٍ صَمَمِ

ويقال لصِمام القارورة: صِمّة.

وقال ابن السكيت: الصْمُ: مصدرُ صَمَمتُ القارورةَ أَصُمُّها صَمًّا: إذا سددتَ رأسها ويقال: قد صَمَّه بالعَصا يصُمُّه صَمًّا: إذا ضَرَبه بها، وقد صَمَّه بحَجَر والصمم في الأذن.

وقال ابن الأعْرابيّ: صُمَ: إذا ضُرب ضَرْبًا شديدًا.

وقال الأصمعي في قول ابن أحمر:

أَصَمَ دُعاءُ عاذِلتِي تَحَجَّى *** بآخِرِنا وتَنْسَى أَوَّلِينَا

قال: أصمّ دعاءُها، أي: وافَق قومًا صُمًّا لا يَسمعون عَذْلَها.

ويقال: ناديْته فأصْمَمْتُه، أي: صادفتُه أصَمّ.

أبو عُبَيد: الصِّمْصِم: الغَليظُ من الرجال.

قال: وقال الأصمعي: الصِّمْصِمة والزِّمْزِمَة: الجماعةُ من الناس.

وقال النضر: الصِّمْصِمة: الأكمَةُ الغليظة التي كادت حجارتُها أن تكون منتصِبة.

وقال شَمِر: قال الأصمعي: الصَّمّان: أرضٌ غليظة دون الجَبَل.

قلتُ: وقد شَتَوْتُ الصَّمانَ ورياضها شَتوَتَين، وهي أرضٌ فيها غِلَظ وارتفاع، قيعان واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْرَ عَذِية، ورِياضٌ مُعْشِبة، وإذا أَخصبت الصَّمانُ رَتَعت العربُ جمْعاء.

وكانت الصَّمانُ في قديم الدهر لبني حَنْظَلة، والحَزْن لبني يَرْبوع والدَّهْناءُ لجماعاتهم.

والصَّمان مُتاخِم للدَّهْناء.

أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصَّمْصامةُ: السيفُ الصارمُ الذي لا يَنثَني.

قال: والمصمِّمُ من السُّيوف: الذي يَمُرّ في العظام.

وقال الليث: الصِّمْصامة: اسمٌ للسيف القاطع، وللأَسَد.

قال: ويقال: إن أوّل من سَمَّى سيفَهُ صَمْصامة: عمرُو بن معدِي كَرِبَ حين وهبَه فقال:

خليلٌ لَم أخُنْه ولم يَخُنِّي *** على الصَّمصامة السَّيفِ السَّلامُ

قال: ومن العرب من يَجعل صَمصامة معرفةً فلا يَصْرِفه إذا سَمَّى به سَيْفًا بعَيْنه؛ كقول القائل:

* تَصميمَ صَمصامةَ حينَ صَمَّمَا*

قال: وصوتٌ مُصِمٌ، يُصِمُ الصِّماخ.

وصَمِيمُ القَيْظ: أشدُّه حَرًّا.

وصَمِيمُ الشِّتاء.

أشَدُّه بَرْدًا.

قال: ويقال: صَمَامِ صَمَامِ، يُحمَل على معنَييْن: على معنى تصامُّوا واسكُتوا، وعلى معنى احمِلُوا على العَدُو.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصَمْصَم: البخيلُ النهايةُ في البخل.

شمِر عن أبي بخَيْم قال: الصَّمَّاءُ من النُّوق اللاقح، إبِل صُمّ.

وقال المعْلُوط القُريْعيّ:

وكأن أوابيها وصُمّ مخاضها *** وشافعة أم الفصال رفُود

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


59-تهذيب اللغة (أبس)

أبس: أبو عبيد عن الأصمعيّ: أَبَسْتُ به تَأْبِيسا، وأَبَسْتُ به أبسا: إذا صغّرْتَه وحَقَّرْتَه.

ثعلب عن ابن الأعرابي: الأَبْسُ: ذَكَرُ السَّلاحِف، قال: وهو الرَّقّ والغَيْلَم.

وقال ابن السكيت: الأَبْسُ: المكان الغليظ الخشن؛ وأَنشَد:

يَتْرُكْن في كلّ مكانٍ أَبْس *** كلَّ جَنِينٍ مُشْعَرٍ في الغِرْسِ

والأبْس: تتبّع الرَّجُل بما يَسوؤُه؛ يقال: أَبسْتُه آبِسُه أَبْسا؛ وقال العجّاج:

* ولَيْث غابٍ لَم يُرَمْ بأَبْسِ *

أي: بزَجْر وإذْلال.

قال يعقوب: وامرأةٌ أُباسٌ: إذا كانت سيّئةَ الخُلُق، وأَنشد:

* لَيْستْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَة*

ثعلب عن ابن الأعرابي: الإِبْس: الأَصْل السُّوءِ، بِكسر الهمزة تَأْبِيسا.

وأبَّسْتُه تَأْبِيسا: إذا قابلته بالمكروه.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com