نتائج البحث عن (يَنْبَعِثَ)

1-العربية المعاصرة (بركان)

بُرْكان [مفرد]: جمعه بَراكينُ: [في البيئة والجيولوجيا] فُتحة في القشرة الأرضيّة في جبل، يكون في الغالب مخروطيَّ الشّكل، ينتهي بفوّهة تخرج منها موادّ مُنصهرة، وغازات، وأبخرة، ودُخَان (*) بُرْكان ثائر: حيّ نشيط، عكسه بُرْكان خامد- دُخَان البراكين: غاز ينبعث منها وقت ثورانها- علم البراكين: الدراسة العلميَّة للبراكين- على فُوَّهة بركان: عُرضة للخطر أو الهلاك.

بُركانيَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى بُرْكان (*) أَرْض بركانيَّة: تكوّنت من ثوران البراكين- حُمَم بُركانيَّة: مقذوفاتها، موادّ منصهرة تتدفّق من البركان- مقذوفات بركانيَّة: ما يقذفه البركان من حُمَم.

2 - مصدر صناعيّ من بُرْكان.

3 - [في البيئة والجيولوجيا] مجموع الظواهر البُرْكانيَّة والنَّظريَّات التي تشرح أسبابها.

بَرْكَنة [مفرد]: [في البيئة والجيولوجيا] عِلْم البراكين، وهو يتناول بالبحث الظواهر البُرْكانيَّة ومسبِّباتها.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-العربية المعاصرة (بعث)

بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في يبعَث، بَعْثًا وبِعْثةً وبَعْثةً، فهو باعِث، والمفعول مَبْعوث.

* بعَث اللهُ الخلقَ: أحياهم بعد موتهم {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [قرآن] - {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ} [قرآن] (*) بعثَه من النَّوم: أيقظه- يُبعث من جديد: ينهض من العدم.

* بعَث الشُّعورَ ونحوه: أثاره وأيقظه وهيّجه (بعَث الشّعرُ في النفوس حماسةً- يبعث الرّعب في النفوس- {فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [قرآن]) - بعَث الأملَ: أحياه وولّده.

* بعَث الشَّخصَ: أرسله (بعث الرئيسُ وزير الخارجيّة للتَّفاوض- {فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [قرآن]) - مبعوث فوق العادة: مندوب سياسيّ له مطلق الصَّلاحية في دولة أجنبيّة.

* بعَث رسالةً/بعَث إليه رسالةً/بعَث له رسالةً/بعَث برسالةٍ/بعَث إليه برسالة: أرسلها، وجّهها.

* بعَث الشَّخصَ على النَّجاح: حمله عليه، أجبره، أغراه به وشجَّعه عليه (بعثه الحزنُ على البكاء- جوٌّ يبعث على المذاكرة- {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [قرآن]: سلَّطْنا).

* بعَث في طلب كذا: أرسل (بعَث في طلب الطّبيب).

ابتعثَ يبتعث، ابتِعاثًا، فهو مُبتعِث، والمفعول مُبتعَث.

* ابتعثَ الشَّخصَ:

1 - بعَثه، أرسله (كان من المُبتَعَثين للدِّراسة).

2 - بعثَه، أيقظه من نومه (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِي) [حديث].

انبعثَ/انبعثَ عن/انبعثَ في/انبعثَ من ينبعث، انبَعاثًا، فهو مُنبعِث، والمفعول مُنبعَث عنه.

* انبعث الشَّخصُ/انبعث الشَّخصُ في السَّير: مُطاوع بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في: انْدَفع، أوغل، انطلق وأسْرَع وهبَّ مندفعًا (انبعث الماءُ- {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [قرآن] - {وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ} [قرآن]: خروجَهم للقتال).

* انبعث الدُّخانُ عنه/انبعث الدُّخان منه: صَدَرَ، تصاعد، خرج، تحرّك (انبعثتِ الأضواءُ من الدّاخل- انبعثت منه/عنه رائحةٌ: فاحت وانتشرت- شعاع مُنْبعث: منتشر، منطلق) (*) انبعثت صداقة قديمة: عادت للظهور بعد أن زالت- انبعث حيًّا من رماده: بدأ حياة جديدة.

ابتِعاث [مفرد]:

1 - مصدر ابتعثَ.

2 - [في الطبيعة والفيزياء] إطلاق شيء ما مثل الحرارة من جسم ساخن، أو الضّوء من مصدر إشعاع.

انبعاث [مفرد]:

1 - مصدر انبعثَ/انبعثَ عن/انبعثَ في/انبعثَ من.

2 - [في الطبيعة والفيزياء] ما يخرج من مصدر ما مثل انبعاث أشعَّة ألفا أو بيتا من العناصر ذات النشاط الإشعاعيّ.

3 - نهضة بعد ركُود (كان انبعاث الأمة العربية في القرن الماضي بداية نهوض وتحرّر) (*) عصر الانبعاث: عصر النَّهضة، نهضة بعد انحطاط.

باعِث [مفرد]: جمعه باعثون وبَواعِثُ (لغير العاقل)، والمؤنث باعثة، والجمع المؤنث باعثات وبَواعِثُ (لغير العاقل):

1 - اسم فاعل من بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في: (من بواعِث النهضة توافر التقنية الحديثة- ما الباعث على التمرّد؟) (*) باعث النَّهضة: أوّل الدعاة إليها- باعثة الأشباح: آلة السينما المرسِلةُ الصورَ على الشَّاشة البيضاء.

2 - دافِع، سبب، داعٍ.

3 - [في الفلسفة والتصوُّف] عامِل نفسيّ، وهو فكرة تنزع إلى إحداث عمل إراديّ.

* الباعِث: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: باعث الخلق يوم القيامة للحساب، وباعث الرّسل إلى الخلق لهدايتهم.

بَعْث [مفرد]: جمعه بُعوث (لغير المصدر):

1 - مصدر بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في (*) يَوْمُ البَعْث: يوم القيامة.

2 - مَنْ يُرْسَل في مهمَّة، واحدًا كان أو جماعة (ما زالت البعوث تقصد إفريقيا).

3 - جيش (كنت في بعْث فلان: في جيشه الذي بُعث معه).

بَعْثة [مفرد]: جمعه بَعَثات (لغير المصدر) وبَعْثات (لغير المصدر):

1 - مصدر بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في.

2 - اسم مرَّة من بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في: (البَعْثة المحمَّديّة).

3 - هيئة تُرْسَل للقيام بمُهمّة معيّنة لوقتٍ مُحدَّد كالبَعْثات العلميّة والأثريّة والعسكريّة والدّبلوماسيّة (بَعْثة دراسيّة) (*) طالب بَعْثَة: صاحب زمالة أو منحة للدراسة في بلد آخر- مديرية البعثات/إدارة البعثات: إدارة تُعنى بشئون البعثات الدراسيّة.

بِعْثَة [مفرد]: جمعه بِعْثَات (لغير المصدر):

1 - مصدر بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في.

2 - اسم هيئة من بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في.

3 - بَعْثة؛ هيئة تُرْسَل للقيام بمُهمّة معيّنة لوقتٍ مُحدَّد كالبعثات العلميّة والأثريّة والعسكريَّة والدبلوماسيّة.

مَبْعَث [مفرد]: جمعه مَباعِثُ:

1 - مصدر ميميّ من بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في: (كان سنّ الرسول صلى الله عليه وسلم عند مَبْعَثه أربعين عامًا).

2 - عامِل، سبَب (مَبْعَث التفوّق) (*) مبعث سخريّة: ما يحمل على فعل شيء.

مبعوث [مفرد]:

1 - اسم مفعول من بعَثَ/بعَثَ ب/بعَثَ في.

2 - مَنْ يُرسَل للدِّراسة أو لمهمَّة خاصَّة (مبعوث رسميّ) (*) مبعوث سياسيّ: دبلوماسيّ تُوكل إليه مهمَّة رسميَّة في بلد آخر.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


3-العربية المعاصرة (حس)

حسَّ حَسَسْتُ، يَحُسّ ويَحِسّ، احْسُسْ/حُسَّ واحسِسْ/حِسّ، حَسًّا، فهو حاسّ، والمفعول مَحْسوس.

* حسَّ فلانًا: قتله قتلًا ذريعًا مستأصِلًا رأسَه (حَسَسْتُ اليهوديَّ لما أظهر عداوتَه لله ودينه- {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [قرآن]).

حسَّ/حسَّ ب حَسَسْتُ، يَحُسّ ويَحِسّ، احْسُسُ/حُسَّ واحسِسْ/حِسّ، حَسًّا وحَسِيسًا، فهو حاسّ، والمفعول مَحْسوس.

* حسَّ الشَّيءَ/حسَّ بالشَّيءِ: أدركه بإحدى حواسِّه، علمه وشعر به (حسَّ بالقلق- قدّم للقاضي دلائلَ محسوسة على براءته- {هَلْ تَحُسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [قرآن]: وقرئت كذلك بالكسر (تَحِسُّ)) (*) تقدُّم محسوس: ملموس واضح- حسَّ في قلبه بالأمر: حدَّثته به نفسه- نتائج محسوسة: ظاهرة.

حسَّ ل حَسَسْتُ، يَحِسّ، احْسِسْ/حِسَّ، حِسًّا وحَسًّا، فهو حاسّ، والمفعول مَحْسوس له.

* حسَّ لصديقه: تألَّم لألمه وعطف عليه (حَسَسْتُ لأطفال فلسطين وما يلاقونه).

أحسَّ/أحسَّ ب يُحِسّ، أحْسِسْ/أحِسَّ، إحْساسًا، فهو مُحِسّ، والمفعول مُحَسّ.

* أحسَّ الخبرَ/أحسَّ بالخبر:

1 - عَلِمَ به، وعرَف منه طرَفًا، شعَر (أحسَّ بما يُدبَّر له- قدّم دلائلَ مُحسَّة على براءته- {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ} [قرآن]).

2 - أدركه يإحْدى الحواسّ وشعر به (أحسَّ بالجوع والبَرْد- أذُن تُحِسُّ الخطر- {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [قرآن]).

تحسَّسَ/تحسَّسَ ل/تحسَّسَ من يتحسَّس، تحسُّسًا، فهو مُتحسِّس، والمفعول مُتحسَّس.

* تحسَّس الخبرَ: تتبّعه، تطلَّب معرفتَه وسعى في إدراكه.

* تحسَّس الشَّيءَ: تفحَّصَه أو لمسه للتعرُّف عليه (تحسَّس القماشَ ليعرف نوعَه ودرجةَ جودته- تحسَّس جيَبه بحثًا عن المفتاح- تحسَّس قوَّةَ فلان).

* تحسَّس للقوم: سعى لهم بجمع الأخبار (يتحسّس الجاسوس لقومه بأخبار العدُوّ).

* تحسَّس من فلان: تعرف منه وتتبّع أخبارَه (تحسَّس من القوم- {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [قرآن]).

حسَّسَ/حسَّسَ على يحسِّس، تحسيسًا، فهو مُحَسِّس، والمفعول مُحَسَّس.

* حسَّس فلانًا بأهمِّيَّة الوقت: حمله على تقديرها والشعُّور الكامل بها (حسَّستِ الصّحافةُ الجماهيرَ بخطورة الموقف- حسَّس ولدَه بالتركيز في مذاكرته).

* حسَّس على جسده: جسَّه، مسَّه، تلمَّسه.

إحساس [مفرد]: جمعه إحساسات (لغير المصدر) وأحاسيسُ (لغير المصدر):

1 - مصدر أحسَّ/أحسَّ ب (*) إحساس داخليّ: نابع من الدّاخل كالجوع والعطش وآلام الرأس وغيرها- إحساس مشترك/إحساس متبادل: شعور بالانسجام والاتِّفاق والتفاهم- عديم الإحساس/مجرّد من الإحساس: متبلِّد، ثقيل لا يقدِّر- قلَّة الإحساس: بلادة.

2 - ظاهرة فسيولوجيّة سيكولوجيّة متولَّدة من تأثّر إحدى الحواسّ بمؤثِّرٍ ما (الأدب يعبِّر عن أحاسيس المجتمع واتِّجاهاته- إنّه رقيق الإحساس).

* قياس الإحساس: [في علوم النفس] فرع من علم النفس البدنيّ يقيس متغيِّرات الإحساس بالنِّسبة إلى متغيِّرات المنبِّهات.

إحْساسِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى إحساس.

* الطَّائفة الإحساسيَّة: [في الثقافة والفنون] رسَّامون أو كتَّاب يقولون بالانطباعيَّة، أي يبرزون ما يشعرون به من انطباعات، ويطرحون التَّفاصيل جانبًا.

تحسُّس [مفرد]: مصدر تحسَّسَ/تحسَّسَ ل/تحسَّسَ من.

* التَّحسُّس الضَّوئيّ: [في الطب] حساسية البشرة للضوء وللإشعاع فوق البنفسجيّ الناتج عن اختلالات أو موادّ كيميائيَّة معيَّنة.

تحسيس [مفرد]:

1 - مصدر حسَّسَ/حسَّسَ على.

2 - تنبيه الحِسّ في عضو ما، أو إيجاد الحساسيّة.

حاسَّة [مفرد]: جمعه حَواسُّ:

1 - صيغة المؤنَّث لفاعل حسَّ ل وحسَّ وحسَّ/حسَّ ب.

2 - قوّة طبيعيّة لها اتِّصال بأجهزة جسميّة بها يدرك الإنسان والحيوان ما يطرأ على جسمه من التَّغيُّرات، ملكة الإحساس (استعاد نشاط حواسّه- ذو حاسّة مرهفة/حادّة: حسّاس- يفتقر إلى حاسَّة التّمييز السّياسيّ) (*) الحاسَّة السَّادسة: الحَدْس- الحواسُّ الخمس: البصر والسَّمع والتذوّق والشَّمّ واللَّمس- حاسّة الشَّمّ: التي تُدرك من خلالها الروائحُ- حواسّ مرهفة: حادّة يمكنها التقاط أدقّ الأشياء وأضعفها- عديم الحاسَّة: جافٍ قاسي القلب- ملك عليه حَواسَّه: شغله وأثَّر فيه.

حُساس [جمع]: مفرده حُسَاسة: [في الحيوان] سمكٌ صغير يصل طوله إلى عشرة سنتيمترات، يوجد بالبَحْرين يجفَّف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه.

حَسَاسِيَة [مفرد]: (انظر: ح س س - حَسَّاسيَّة).

حَسَاسِيَّة [مفرد]: (انظر: ح س س - حَسَّاسيَّة).

حَسّ [مفرد]: مصدر حسَّ ل وحسَّ وحسَّ/حسَّ ب.

* عُضو الحَسّ: عُضو أو بناء مُتَخَصِّص كالعين أو الأذن أو اللِّسان أو الأنف أو البشرة تعمل كعضو استقبال حِسِّيّ.

حِسّ [مفرد]: جمعه حُسوس (لغير المصدر):

1 - مصدر حسَّ ل (*) حِسّ مرهف- قليل الحِسّ: عديم التّبصُّر.

2 - إدراك بإحدى الحواسّ (حِسٌّ بالبرد- حِسّ صائب) (*) تشّوُّش الحِسّ: إحساس بالحَذَر من غير سبب ظاهر- حِسٌّ باطن: شعور باطن- حِسٌّ باطنيّ: شعور حدسيّ قويّ بأنّ شيئًا سيحدُث- حِسٌّ خُلُقيّ: ضمير يميِّز بين الخير والشَّرِّ- حِسٌّ داخليّ: شعور يجعل المرءَ يتوقَّع ما لا بدّ من حصوله- حِسٌّ علميّ: قدرة على فهم الوقائع- حِسٌّ فَنّيّ: ذوق مرهف، مَلَكة فنيّة- حِسّ متزامن: تداعٍ تلقائيّ يبيِّن إحساساتٍ ذاتَ طبيعة مختلفة- حِسٌّ سياسيّ- صدق الحِسّ: صدق الإدراك- لُطْف الحِسّ: دقَّة الإدراك- ملك عليه حِسَّه: انشغل به.

3 - صوت خفيّ (تلفَّت الرجلُ حوله فلم يبصر شيئًا ولم يسمع حِسًّا) (*) لا أسكت الله لك حِسًّا: دعاء له بالحياة، أطال الله بقاءَك.

4 - حديث القلب وشعور داخليّ.

5 - دويّ الصَّوت (حِسّ قصف).

* عُضو الحِسّ: العين أو الأذن أو اللِّسان أو الأنف أو البشرة.

حَسّاس [مفرد]:

1 - صيغة مبالغة من حسَّ/حسَّ ب: كثير التَّأثّر بالعوارض الخارجيّة (هو حسّاس للبرد) (*) أذن حَسّاسة: مرهفة الحِسّ تُحِسّ بالخطر- جهاز حسّاس: شديد التّأثّر بالتّغيّرات- لقطة حسّاسة- مكان حسّاس: أحد أماكن الجسم التي لا يَحسُن التّصريح بها- مَوْضوع حسّاس: لا يمكن مناقشتُه بصراحة أمام الجمهور- ميزان حسّاس: يزن أدقّ الأوزان- ورق حسّاس: ورق للتصوير سريع التَّأثُّر- يَضرب على الوتر الحسّاس: يتكلَّم بما هو أكثر أهميّة وتأثيرًا.

2 - سريع الانفعال (أصبح حسّاسًا غير قادر على تحمُّل المزاح).

3 - مُرْهف الحِسّ (شاعرٌ/فنّانٌ حسّاس).

* حسَّاس للضَّوء: [في الطبيعة والفيزياء] وصف للمادّة التي يحدث فيها تغيُّر كيميائيّ أو ينبعث منها الضَّوء نتيجة امتصاصها له.

حَسّاسَة [جمع]: [في النبات] جنس نبات مُعَمَّر برّيّ وتزيينيّ، من فصيلة القَرْنيَّات، ساقه وفروعه دقيقة، أوراقه ريشيّة مركَّبة، أزهاره ورديّة أو حمراء اللَّون، يُزرع لغرابته وفرط حساسيّته، تنطبق وريقاتُه بعضُها على بعض من اللَّمس.

حَسَّاسيَّة [مفرد]:

1 - مصدر صناعيّ من حَسّاس: وتخفّف سينها، قوّة الشّعور بالأحوال الانفعاليّة كاللَّذات والآلام (حساسيَّة شعور).

2 - سرعة التَّهيّج (راعى حساسيَّة صديقه).

3 - شعور متعاطف مع الغير (يمتلك الشَّاعر حساسيّة مرهفة).

4 - دقَّة الإحساس (حساسية لوحة تصوير- يستخدم تُجَّار الذَّهب ميزانًا شديد الحساسيّة).

5 - استعداد للتأثُّر بالعوارض الخارجيّة (حساسيَّته للبرد شديدة) (*) حَساسيَّة ضوئيّة: استجابة للضوء.

6 - [في الطب] شدة تأثر جسم الإنسان بموادّ مُعيَّنة مثل غُبار الطَّلع، أو بعض الأطعمة، وعادة ما تسبِّب العطس والحكَّة والطَّفح الجلدي.

7 - [في الطبيعة والفيزياء] درجة استجابة لوح أو فيلم للضوء وخاصةً لضوء ذي طول موجيّ معيّن.

* اختبار الحساسيَّة: [في الطب] اختبار لبيان مدى التَّأثُّر بدواء مُعيّن أو بمرض مُعْدٍ بوضع لزقات على الجلد أو بإحداث خدوش جلديّة وتعريضِها لجرعاتٍ تُسَبِّبُ المرض أو العدوى.

* مقياس الحساسيَّة: جهاز لقياس حساسية الضَّوء كالفيلم الفوتوغرافي.

حِسِّيّ [مفرد]: جمعه حِسِّيّات:

1 - اسم منسوب إلى حِسّ.

2 - محسوس، ما يُدرك بالحواسّ ويقابله المعنويّ (دليل/شيءٌ حِسِّيّ) (*) بُرهان حِسِّيّ: ساطع كأنّك تُحِسّ به.

3 - مُنْغَمِس في الملذَّات الحسّيّة أو الشّهوانيّة.

4 - ما يحرِّك الحواس (حبّ حسيّ).

* المذهب الحسِّيّ: [في الفلسفة والتصوُّف] مذهب القائلين بأنّ المعرفة لا تنشأ إلاّ عن الإحساس.

* عصبيّ حِسِّيّ: متعلِّق أو متضمِّن الأعصاب الحسِّيَّة وخاصَّة التي تؤثِّر على السَّمع.

* الأعضاء الحسِّيَّة: أعضاء الحِسِّ.

حِسِّيَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى حِسّ.

2 - مصدر صناعيّ من حِسّ: شهوانيَّة.

حسيس [مفرد]:

1 - مصدر حسَّ/حسَّ ب.

2 - حِسّ، صوت خفيّ تسمعه يتحرّك قريبًا منك ولا تراه (سمع حسيسًا- {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [قرآن]: صوت تلهُّب النّار) (*) لا حِسَّ ولا حَسيس: هدوء شديد.

3 - قويّ الإحساس.

مِحَسَّة [مفرد]: جمعه مَحاسّ: اسم آلة من حسَّ1: آلة مؤلَّفة من صفائح معدنيّة متوازية صغيرة محزَّزة مركَّبة على لوح وفيها مقبض تُستخدم لتنظيف جلد الحيوان.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


4-العربية المعاصرة (دخاخني)

دخاخِنِيّ [مفرد]: جمعه دَخاخِنيَّة: بَائعُ التَّبغ والسَّجائر.

دُخَان [مفرد]: جمعه أدخنة (لغير المصدر) ودواخن (لغير المصدر) ودواخين (لغير المصدر):

1 - مصدر دخَنَ.

2 - ما يتصاعد عن النَّار من دقائق الوقود غير المحترقة (دُخان حريق/سيجارة- {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [قرآن]) (*) ستار الدُّخان: دُخّان اصطناعيّ يُستخدم لإخفاء المناطق العسكريّة أو العمليّات العسكريّة- كان بينهم أمر ارتفع له دخان: ثار من أجله شرّ- لا دُخان بلا نار [مثل]: لا إشاعة بدون مصدر أو أساس تنطلق منه- لَوْنٌ دُخانيّ: لون أزرق باهت يميل إلى الرماديّ أو الرماديّ المزرقّ- هل يفوح العود بلا دُخان: تنبيه إلى أنّ الكمال مستحيل في عالمنا.

3 - غاز ينبعث من البراكين وقت ثورانها.

4 - تَبْغ، سجائر (زراعة الدّخان- الدُّخان ضارّ بالصحَّة).

5 - [في الكيمياء والصيدلة] جُسيمات صغيرة جدًّا عالقة في غاز، وينتج الدُّخان من إحراق الموادّ العُضويّة حرقًا غير كامل.

* الدُّخان: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 44 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها تسعٌ وخمسون آية.

دُخانة [مفرد]: بقيَّة دُخان النّار (لم يبقَ في المكان إلاّ دُخانة).

دُخانيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى دُخان.

* ضباب دُخانيّ: [في البيئة والجيولوجيا] خليط من دخان وضباب، وهو شائع في المناطق الصناعيّة بالقرب من الأنهار أو البحيرات أو المحيطات.

* البارود اللاَّدُخانيّ: [في العلوم العسكرية] متفجِّرة بلا دخان نسبيّا تتألّف بشكل رئيسيّ من النَّيتروسليور المستخدم في الذَّخيرة الحربيَّة (قنبلة دخانيّة: قنبلة تُخرِج دخانًا كثيفًا عند الانفجار وتُستخدم لإحداث ستار دخانيّ).

دُخَّان [مفرد]:

1 - دُخانٌ، ما يتصاعَدُ عن النَّارِ من دقائقِ الوقود غير المحترقة {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخّانٍ مُبِينٍ} [قرآن]: بُخار وما هو على صورته مثل نواتج اشتعال النار، وقد يراد به الجدب لما يبدو للناظر إلى السماء من شبه الدخان).

2 - دُخانٌ، تبغٌ، سجائِرُ.

دَخْن [مفرد]: مصدر دخَنَ.

دَخَن [مفرد]:

1 - مصدر دخِنَ ودخِنَ.

2 - حِقْدٌ وعداوَةٌ (بينَهُما دخَن- َهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ [حديث]: صُلْحٌ على فساد باطِن).

دَخِن [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من دخِنَ2: كثر فيه الدُّخان.

دُخْن [جمع]: [في النبات] جنس من النباتات العشبيّة من الفصيلة النَّجيليّة، حَبُّه صغير أملس كحبّ السمسم، ينبت بَرِّيًّا أو مزروعًا، ومنه نوع يصلح حَبُّه طعامًا للعصافير.

* دُخْن هنديّ: [في النبات] نبات من العالم القديم ذو أنواع متعدّدة، يُزرع في مختلف أنواع العالم كذرة أو علف أو كمصدر لشراب حلو كثيف.

دُخْنَة [مفرد]: جمعه دُخُنات (لغير المصدر {ودُخْنات} [قرآن] لغير المصدر) ودُخَن (لغير المصدر):

1 - مصدر دخُنَ ودخِنَ.

2 - ما يُتبَخَّر به من الطِّيب.

3 - بخورٌ خاصٌّ تُقْتَلُ به الجراثيم.

4 - [في الطب] حُبَيبة بيضاءُ صُلْبةٌ غير التهابيّة تَظْهَرُ على الوجه.

دُخون [مفرد]: مصدر دخَنَ.

مَدْخَنَة/مِدْخَنَة [مفرد]: جمعه مَداخِنُ: أنبوبة رأسيّة تُستعْمَلُ في تصريف الدُّخان والغازات المحترقة (مِدْخنة فرنٍ/مصنعٍ/مطعمٍ) (*) قِدر المدخنة: أنبوب فخاريّ أو معدنيّ في أعلى المدخنة لجعلها أقدر على تصريف الدُّخان.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


5-العربية المعاصرة (شر)

شرَّ شَرَرْتُ، يَشِرّ، اشْرِرْ/شِرّ، شَرًّا وشَرَرًا وشرارةً وشِرَّةً، فهو شِرِّير وشَرِير، والمفعول مشرور (للمتعدِّي).

* شرَّ الرَّجلُ: مال إلى الشرِّ وتعوَّده، اتَّصف به (مَن خالط الأشرارَ شرّ- تلميذ شرِّير- وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ [حديث]: حديث ينفي الظلم والفساد عن الله تعالى، لأنّ أفعاله تعالى صادرة عن حكمة بالغة بالموجودات كلّها).

* شرَّ الشَّيءُ: كان موضع استهجان وذمّ.

* شرَّ فلانًا: عابه وألحق به الشّرَّ.

شرَّ شَرُرْتُ، يَشُرّ، اشْرُرْ/شُرَّ، شَرًّا وشَرَرًا وشرارةً وشِرَّةً، فهو شِرِّير وشَرِير، والمفعول مشرور (للمتعدِّي).

* شرَّ الرَّجلُ: مال إلى الشرِّ وتعوَّده، اتَّصف به (مَن خالط الأشرارَ شرَّ- تلميذ شرِّير- وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ [حديث]: حديث ينفي الظلم والفساد عن الله تعالى، لأنّ أفعاله تعالى صادرة عن حكمة بالغة بالموجودات كلِّها).

* شرَّ الشَّيءُ: كان موضع استهجان وذمّ.

* شرَّ فلانًا: عابه وألحق به الشّرَّ.

شرَّ شَرِرْتُ، يَشَرّ، اشْرَرْ/شَرَّ، شَرًّا وشَرَرًا وشرارةً وشِرَّةً، فهو شِرِّير وشَرِير، والمفعول مشرور (للمتعدِّي).

* شرَّ الرَّجلُ: شرَّ الرَّجلُ مال إلى الشرِّ وتعوَّده (اتّصف به مَن خالط الأشرارَ شرَّ- تلميذ شرِّير- وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ [حديث]: حديث ينفي الظلم والفساد عن الله تعالى، لأنّ أفعاله تعالى صادرة عن حكمة بالغة بالموجودات كلِّها).

* شرَّ الشَّيءُ: كان موضع استهجان وذمّ.

* شرَّ فلانًا: عابه وألحق به الشّرَّ.

أشرَّ يُشِرّ، أشْرِرْ/أشِرَّ، إشرارًا، فهو مُشِرّ، والمفعول مُشَرّ.

* أشرَّ فلانًا: نسبه إلى الشرِّ.

شارَّ يشارّ، شارِرْ/شارَّ، مُشارّةً، فهو مُشارّ، والمفعول مُشارّ.

* شارَّ فلانًا: عاداه وخاصمه (شارّ جيرانَهُ).

أشرُّ [مفرد]: اسم تفضيل من شرَّ وشرَّ وشرَّ3: أكثر سوءًا وفسادًا {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأَشَرُّ} [قرآن]).

شَرار [جمع]: مفرده شَرارة:

1 - أجزاء صغيرة متوهِّجة تتطاير عادةً عن نارٍ أو جسم يحترق (شرار ينبعث من نار متأجّجة- تطاير شرار من الموقد).

2 - [في الطبيعة والفيزياء] ضوء حادث من تفريغ كهربيّ (*) الشَّرار يقدح من عَيْنَيْه: احمرارٌ يدلُّ على شدَّة الغضب.

شرارة [مفرد]: جمعه شرارات (لغير المصدر) وشَرار (لغير المصدر):

1 - مصدر شرَّ وشرَّ وشرَّ.

2 - جزء صغير مُتوهِّج ينفصل عادة عن جسم يحترق (لحقته شرارة في وجهه أحرقت جزءًا منه) (*) مفتاح الشَّرارة: مفتاح الإشعال في السَّيّارة.

* شرارة عين: [في الطب] إحساس مضيء ينتج من الضّغط على مقلة العين حين يكون الجفن مُغمَضًا، أو يظهر تلقائيًّا في بعض الأمراض.

* الشَّرارة الكَهربيَّة: [في الطبيعة والفيزياء] الضّوء الحادث من التَّفريغ الكهربيّ.

شَرّ [مفرد]: جمعه أشرار (لغير المصدر {وشِرار} [قرآن] لغير المصدر) وشُرور (لغير المصدر):

1 - مصدر شرَّ وشرَّ وشرَّ.

2 - اسم تفضيل من شرَّ وشرَّ وشرَّ3: على غير قياس، والأصل أشرُّ حذفت منه الهمزة: أكثر سوءًا وفسادًا (الدَّيْن شرّ أنواع الفقر- {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [قرآن]) (*) هزمهم شَرّ هزيمة: ألحق بهم هزيمةً مُرَّة.

3 - سوء وفساد، عكسه خير، وقيل هو اسم جامع للرّذائل والخطايا، نقيضه خير (اتّق شرَّ من أحسنت إليه- {وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [قرآن]: كفر- {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [قرآن]: شدّة من فقر أو مرض- {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [قرآن]: كان عذابه مستطيرًا) (*) شرٌّ مُستطير: ساطع مُنتشِر.

4 - شرِّير، ذو شرّ (رجلٌ شرّ- {وَقَالُوا مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ} [قرآن]).

شَرَر [جمع]: مفرده شَرَرة: شَرار، أجزاء صغيرة متوهّجة تنفصل عادة عن نارٍ أو جسم يحترق (*فمعظم النار من مستصغر الشَّرَر*- {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [قرآن]) (*) كانت عيناه تقدحان بالشّرر: تمتلئ نفسه بالغيظ والغضب الشديدَيْن.

شَرّانيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى شرَّ وشرَّ وشرَّ3: على غير قياس: كثير الشرّ، أثيم مُنطوٍ على ارتكاب مخالفة خطيرة للقانون أو الأخلاق (رجلٌ شرّانيّ: مجرم، كثير الشرور).

شِرَّة [مفرد]:

1 - مصدر شرَّ وشرَّ وشرَّ.

2 - حِدَّة (أعوذ بالله من شِرَّة الغضب).

3 - نشاط (للشّباب شِرَّة).

شِرِّير [مفرد]: جمعه أشرار وأشِرّاء:

1 - صيغة مبالغة من شرَّ وشرَّ وشرَّ3: كثير الشرّ مُولَع به {وَقَالُوا مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ} [قرآن].

2 - [في الثقافة والفنون] شخصيَّة في تمثيليَّة أو رواية لها فاعليّة تميل نحو الشّرّ في بناء الحبكة.

* الشِّرِّير: إبليس، الشَّيطان.

شَرِير [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من شرَّ وشرَّ وشرَّ.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


6-العربية المعاصرة (عنق)

عنِقَ يَعنَق، عَنَقًا، فهو أعنقُ.

* عنِق الشَّخصُ: طال عُنُقه وغَلُظ.

اعتنقَ يعتنق، اعتناقًا، فهو مُعتَنِق، والمفعول مُعتَنَق.

* اعتنق دينًا: لَزِمه وآمن بصحَّته وأخذه بجدّ، دان به (اعتنق مذهبًا/حِزبًا/فكرةً/الإسلامَ).

تعانقَ يتعانق، تعانُقًا، فهو متعانِق.

* تعانق الصَّديقان/تعانق فلانٌ مع صديقه: عانق أحدُهما الآخر، أدنى كلٌّ منهما عُنُقَه من عُنُق الآخر وضمَّه إلى صدره حُبًّا له (التقيا بعد فراق طويل فتعانقا).

عانقَ يعانق، معانقةً وعِناقًا، فهو مُعانِق، والمفعول مُعانَق.

* عانق الأبُ ولدَه العائِدَ: أدنى عُنُقَه من عُنُقِه وضمَّه إلى صدره حُبًّا فيه (استقبل صديقًا له في المطار وعانقه بحرارة) (*) عانق أفكارَ المؤلِّف: أخذ بها.

أعنقُ [مفرد]: جمعه عُنْق، والمؤنث عنقاءُ، والجمع المؤنث عنقاوات وعُنْق: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من عنِقَ (*) هضبة عنقاءُ: مرتفعة، طويلة.

عَنَاق [مفرد]: [في الحيوان] حيوان من فصيلة السَّنانير، أكبر قليلًا من القطّ، لونه أحمر، أعلى أُذُنَيْه شعرات سود.

عِناقيَّة [جمع]: [في النبات] نبات متسلِّق دائم الخُضرة وأوراقه خضراء غامقة متقابلة وأزهاره بتُوَيْج أزرق قاروريّ الشكل.

عَنَق [مفرد]: مصدر عنِقَ.

عُنْق/عُنُق [مفرد]: جمعه أعناق:

1 - رقبة، وهي وصلةٌ بين الرأس والجسد، يذكّر ويؤنّث (قصير العُنُق- قطعُ الأرزاق من قطع الأعناق- {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [قرآن]: ولا تبخل أو تُمسك عن الإنفاق) (*) اشرأَبَّ عنُقُه: مدّ عنقه، ارتفع لينظر، تطلّع إلى- اندقّت عُنْقه: قُتل، مات- تتقطَّع دونه الأعناق: صعب المنال- جوزة العُنُق: نتوء في مقدّم عُنُق الرَّجل مركّب من الغضروف الدرقيّ- ركِب أعناقَ الرِّياح: أسرع في سيره- ضرَبه فوق عنقه: أطاح برأسه أو أصابه فيه- طوَّق عُنُقَه: غمره بفضله وإحسانه- عنق الزُّجاجة: فترة حرجة- كلامٌ يأخذ بعضه بأعناقٍ بعض: كلام جيِّد متماسك حسن الالتحام- له عُنُق في الخير: له سابقة فيه- لوَى عُنُق فلان: قتله بالضَّغط على رقبته وقصفها، غلبه.

2 - ذيل (عنق الزهرة).

3 - مسلك (عنق الرَّحم).

4 - [في النبات] قسم بين الجذر والسَّاق.

* عنق كلِّ شيء: أوَّله وما استدقّ منه (عنق عظم الفَخِذ- عنق زجاجة: رقبة ضيِّقة بين فوّهتها وجوفها).

* رَبْطَة العُنُق: قطعة قماش مستطيلة تلتفّ تحت قبّة القميص وتعقد من الأمام وتتدلّى على الصَّدر؛ كرافتة.

عنقاءُ [مفرد].

* العنقاءُ: طائر خُرافيّ زعَم قُدماء المِصْريين أنَّه يُعَمَّر خمسة قرون وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده من جديد.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


7-العربية المعاصرة (وهج)

وهَجَ يهِج، هِجْ، وَهْجًا ووَهيجًا ووَهَجانًا، فهو واهج.

* وهَجِت النّارُ: اتّقدت ({وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} [قرآن]: وقَّادًا متلألئًا).

* وهَج اليومُ أو اللَّيلةُ: اشتدَّ حَرُّهما.

أوهجَ يُوهج، إيهاجًا، فهو مُوهِج، والمفعول مُوهَج.

* أوهج النَّارَ: أوقدَها (أوهجت الحُمَّى خدَّيْه: ألهبتهما من شِدَّة الحرارة- أوهجت الحربُ نارَ البغضاءِ بين الطّرفين).

توهَّجَ يتوهَّج، توهُّجًا، فهو مُتوهِّج.

* توهَّجت النَّارُ أو الشَّمسُ: وهَجت؛ توقَّدت (يشتدُّ توهّج الشَّمس في الصَّيف- توهَّجت نيران الحرب من جديد).

* توهَّجَ النَّهارُ: وهَج، اشتدَّ حرُّه.

* توهَّجت رائحةُ الطِّيب: انتشرت (توهَّج نورُ الحقيقة).

* توهَّج الجوهرُ: تلألأ.

توهُّج [مفرد]: مصدر توهَّجَ (*) توهُّج العاطفة: شدَّتها.

* توهُّج جوِّيّ: [في الفلك] تلألؤ كيميائيّ ضوئيّ باهت في الغلاف الجوِّيّ العلويّ.

وَهْج [مفرد]: مصدر وهَجَ.

* الوَهْج المقابل: [في الفلك] بقعة في السَّماء ذات توهُّج باهت مقابلة تمامًا للشَّمس.

وَهَج [مفرد]:

1 - حرُّ النّار والشَّمس ونحوهما من بعيد (وَهَج التَّنُّور- ذكت نارُ شوقي في فؤادي فأصبحت.. لها وَهَجٌ مُسْتَضْرِمٌ في فؤاديا).

2 - [في الطبيعة والفيزياء] إشعاع حراريّ ينبعث من جسم بعد تسخينه إلى درجة حرارة عالية، وقد يحدث الوهج لجامد أو لسائل أو لغاز.

* وَهَج الطِّيب: انتشار رائحته.

* وَهَج الألماسة: تلألؤها.

وَهَجان [مفرد]: مصدر وهَجَ.

وهيج [مفرد]: مصدر وهَجَ.

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


8-المعجم الوسيط (اجْلَخَّ)

[اجْلَخَّ]: ضعُف، وفَتَرت عظامه فلا ينبعث.

و- فتح عَضُديه للسجود.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


9-المعجم الوسيط (الثَّفَالُ)

[الثَّفَالُ] من الدوابّ وغيرِها: البطيءُ الثَّقيل الذي لا ينبعث إلاَّ كَرْهًا.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


10-المعجم الوسيط (الضَّغِيطُ)

[الضَّغِيطُ]: يقال: رجل ضَغِيِطٌ.

ضعيفُ الرَّأْيِ لا ينبعثُ مع القومِ.

وبئر ضغيط: فسد ماؤها ثم تسرَّبَ إِلى أُخرى بجوارها فأَفسد ماءَها، أَو حُفِرَ إِلى جنبها أُخرى فقلَّ ما فيها من ماء.

(والجمع): ضَغْطَى.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


11-المعجم الوسيط (القُتَارُ)

[القُتَارُ]: دُخَانٌ ذو رائحة خاصَّة ينبعث من الطَّبيخ أو الشِّواء، أَو العظم المحروق، أو البَخور.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


12-المعجم الوسيط (كَلَّ)

[كَلَّ] -ِ كُلولًا، وكَلالةً: ضعُف.

يقال: كلَّ السيفُ ونحوُه: لم يقطع، فهو كَليلٌ، وكَلٌّ.

و- فلانٌ: تَعِبَ، فهو كالٌّ.

ويقال: كلَّ بصرُه أَو- لسانُه: لم يحقِّق المنظورَ أَو المنطوقَ، فهو كَلِيل.

وكلَّت الرّيحُ: ضَعُفَت عن الجري والهبوب.

وكلَّ عن الأَمر: ثقُل عليه فلم ينبعث فيه.

و- كَلاًّ، وكَلالَةً: لم يُخْلِف والدًا ولا ولدًا يرثه.

و- الوارثُ: لم يكن ولدًا ولا والدًا للميِّت.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


13-شمس العلوم (الأورق)

الكلمة: الأورق. الجذر: ورق. الوزن: أَفْعَل.

[الأورق] من الحَمام والإِبل: الذي لونه على لون الرماد، فيه بياض وسواد، والأنثى ورقاء، وفي حديث ابن مسعود في ذكر الفتنة: «الزم بيتك، قيل: فإِن دُخل عليَّ بيتي، قال: فكن مثل الجمل الأورق الثفال الذي لا ينبعث إِلا كرهًا، ولا يمشي إِلا كرهًا» قيل: إِنما خَصَ الأورق لأنه أثقل الإِبل في سيره وعمله.

ويقال: إِنه أطيب الإِبل لحمًا.

والثفال: البطيء، أراد بذلك التثبط عن الفتنة.

ويقال: سنانٌ أورق، ونصلٌ أورق: إِذا أدخل النار فشُحذ ولم يجل.

وعامٌ أورق: لا مطر فيه.

شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م


14-تغير المناخ (ظاهرة الدفيئة-ظاهرة الاحتباس الحراري)

ظاهرة الدفيئة (ظاهرة الاحتباس الحراري): تمتص غازات الدفيئة بفعالية الإشعاع الحراري دون الأحمر الذي ينطلق من سطح الأرض، ومن الغلاف الجوي نفسه بسبب الغازات هذه، ومن السحب. وينبعث إشعاع الغلاف الجوي في جميع الاتجاهات، بما في ذلك إلى الأسفل نحو سطح الأرض. وهكذا تختزن غازات الدفيئة الحرارة داخل نظام السطح – التروبوسفير. ويطلق على ذلك اسم ظاهرة الدفيئة. ويقترن الإشعاع الحراري دون الأحمر بقوة مع درجة حرارة الغلاف الجوي على الارتفاع الذي ينبعث عنده. وتنخفض درجة الحرارة بصورة مطردة بصفة عامة مع ازدياد الارتفاع في التروبوسفير. أما من الناحية العملية، فإن الإشعاع دون الأحمر الذي ينبعث في الفضاء ينشأ عن ارتفاع يبلغ عنده متوسط درجة الحرارة -١٩ درجة مئوية مما يتوازن مع صافي الإشعاع الشمسي الوارد، بينما تظل درجة حرارة سطح الأرض مرتفعة بصورة أكبر بكثير حيث تبلغ في المتوسط +١٤ درجة مئوية. وتفضي أية زيادة في تركيز غازات الدفيئة إلى تزايد عدم الشفافية تحت الحمراء للغلاف الجوي، ومن ثم إلى الإشعاع الفعال في الفضاء من ارتفاع أعلى عند درجة حرارة أدنى. ويؤدي ذلك إلى حدوث تأثير إشعاعي، وهو اختلال يعزز عامل الدفيئة، ويُدعى ظاهرة الدفيئة المعززة.

تغير المناخ


15-البيئة والمناخ (ظاهرة الدفيئة-ظاهرة الاحتباس الحراري)

ظاهرة الدفيئة (ظاهرة الاحتباس الحراري): تمتص غازات الدفيئة بفعالية الإشعاع الحراري دون الأحمر الذي ينطلق من سطح الأرض، ومن الغلاف الجوي نفسه بسبب الغازات هذه، ومن السحب. وينبعث إشعاع الغلاف الجوي في جميع الاتجاهات، بما في ذلك إلى الأسفل نحو سطح الأرض. وهكذا تختزن غازات الدفيئة الحرارة داخل نظام السطح – التروبوسفير. ويطلق على ذلك اسم ظاهرة الدفيئة. ويقترن الإشعاع الحراري دون الأحمر بقوة مع درجة حرارة الغلاف الجوي على الارتفاع الذي ينبعث عنده. وتنخفض درجة الحرارة بصورة مطردة بصفة عامة مع ازدياد الارتفاع في التروبوسفير. أما من الناحية العملية، فإن الإشعاع دون الأحمر الذي ينبعث في الفضاء ينشأ عن ارتفاع يبلغ عنده متوسط درجة الحرارة -١٩ درجة مئوية مما يتوازن مع صافي الإشعاع الشمسي الوارد، بينما تظل درجة حرارة سطح الأرض مرتفعة بصورة أكبر بكثير حيث تبلغ في المتوسط +١٤ درجة مئوية. وتفضي أية زيادة في تركيز غازات الدفيئة إلى تزايد عدم الشفافية تحت الحمراء للغلاف الجوي، ومن ثم إلى الإشعاع الفعال في الفضاء من ارتفاع أعلى عند درجة حرارة أدنى. ويؤدي ذلك إلى حدوث تأثير إشعاعي، وهو اختلال يعزز عامل الدفيئة، ويُدعى ظاهرة الدفيئة المعززة.

البيئة والمناخ


16-معجم ما استعجم (المغمس)

المغمّس: بضمّ أوّله، وفتح ثانيه، بعده ميم أخرى مشددة مكسورة، وسين مهملة: موضع فى طرف الحرم، وهو الموضع الذي ربض فيه الفيل حين جاء به أبرهة، فجعلوا ينخسونه بالحراب، فلا ينبعث، حتّى بعث الله عليهم طيرا أبابيل فأهلكتهم. قال أبو الصّلت الثّقفىّ:

«حبس الفيل بالمغمّس حتّى *** ظلّ يحبو كأنّه معقور»

وقال طفيل الغنوىّ:

«ترعى منابت وسمىّ أطاع لها *** بالجزع حيث عصى أصحابه الفيل»

وقال ابن أبى ربيعة:

«ألم تسأل الأطلال والمتربّعا *** ببطن حليّات دوارس بلقعا»

«إلى السّرح من وادى المغمّس بدّلت *** معالمه وبلا ونكباء زعزعا»

هكذا رواه أبو علىّ فى شعر ابن أبى ربيعة: المغمّس، بفتح الميم. ونقلته من كتابه الذي بخطّ ابن سعدان. ورواه أبو علىّ عن أبى بكر ابن دريد فى شعر المؤرّق الهذلىّ: المغمّس بالكسر، قال المؤرّق:

«غدرتم غدرة فضحت أباكم *** ونتّقت المغمّس والظّرابا»

ورواه السّكّرىّ وثبتّت المغمّس، بكسر الميم أيضا.

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع-أبو عبيد عبدالله بن عبدالعزيز بن محمد البكري الأندلسي-توفي 487هـ/1094م


17-معجم متن اللغة (الضغيط)

الضغيط: بئر تحفر إلى جنبها بئر أخرى فيقل ماؤها أو تندفن إحدهما فتحمأ فيصير ماؤها منتنً فيسيل في ماء العذبة فيفسده فلا يشربه أحد، أو بئرين مدفونتين و-: الضعيف الرأي لا ينبعث مع القوم ج ضغطى.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


18-معجم متن اللغة (الضغط)

الضغط: الثقيل البطن لا ينبعث مع القوم لضعف رأيه.

و-: التار الممتلئ اللحم من الرجال، وهو الضفنط.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


19-معجم متن اللغة (الضفاط)

الضفاط: الجمال: الجلاب يجلب المتاع والميرة إلى المدن ويمري من منزل إلى منزل.

و-: الكثير اللحم "ل: ش ط ط".

و-: السمين الرخو: الثقيل لا ينبعث مع القوم.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


20-معجم متن اللغة (أقصت الفرس أو الشاة)

أقصت الفرس أو الشاة: استبان حملها أو ذهب وداقها وحملت، وهي مقص ج مقاص.

و- العير هزالا: لم يستطع أن ينبعث من الهزال.

و- الأمير فلانا و- من فلان: قتله قودا: أمكنه من أخذ القصاص أو جرحه مثل جرحه.

و- ت الأرض: أنبتت القصيص.

و- فلان من نفسه: من من الاقتصاص منه.

و- الموت: أشرف عليه ثم نجا منه.

و- هـ: أدناه من الموت.

و- ته شعوب: إذا أشرف على المنية ثم نجا.

وقد ورد في كلام بعض الأئمة: أقصصت قصتهم أي قصصتها وحدثت بها "طبري: 9: 29".

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


21-معجم متن اللغة (الأمر)

الأمر: ثقل عليه فلم ينبعث فيه.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


22-معجم متن اللغة (دابه ملح)

دابه ملح: إذا برك ثبت ولم ينبعث؛ أو الذي يقوم من الإعياء فلا يبرح.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


23-القاموس المحيط (جلخ)

جَلَخَ السَّيْلُ الوادِيَ، كمَنَعَ: مَلأَه، وهو سَيْلٌ جُلاخٌ، كغُرابٍ،

وـ به: صَرَعَه،

وـ بَطْنَه: سَحَجَه،

وـ جارِيَتَه: نَكَحَها،

وـ الشيءَ: مَدَّه،

وـ فلانًا بالسَّيْفِ: بَضَعَ من لَحْمِه بَضْعَةً.

والجِلْواخُ، بالكسر: الوادي الواسِعُ المُمْتَلِئُ.

ومجالِخُ، كمساكِنَ: وادٍ بِتِهامَةَ.

واجْلَخَّ اجْلِخاخًا: ضَعُفَ، وفَتَرَ عِظامُه فلا يَنْبَعِثُ،

وـ في السُّجودِ: فَتَحَ عَضُدَيْهِ.

واجْلَنْخَى: تَقَوَّضَ، وبَرَكَ. وكغُرابٍ: عَلَمٌ.

القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م


24-القاموس المحيط (قص)

قَصَّ أثَرَه قَصًّا وقَصيصًا: تَتَبَّعَه،

وـ الخَبَرَ: أعْلَمَهُ.

{فارْتَدَّا على آثارِهِما قَصَصًا}، أي: رَجَعا من الطَّرِيقِ الذي سَلَكاهُ يَقُصَّانِ الأَثَرَ.

و {نحنُ نَقُصُّ عليك أحْسَنَ القَصَصِ}: نُبَيِّنُ لك أحْسَنَ البَيانِ.

والقاصُّ: مَنْ يَأتِي بالقِصَّةِ.

والقَصَّةُ: الجَصَّةُ، ويُكْسَرُ.

وفي الحَدِيثِ: "حَتى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيضاءَ"، أي: تَرَيْنَ الخِرْقَةَ بَيْضَاءَ كالقَصَّةِ

ج: قِصاصٌ، بالكسر.

وذُو القَصَّةِ: ع بينَ زُبالةَ والشُّقوقِ، وماءٌ في أجَأ لِبَنِي طَريفٍ.

وقَصَّ الشَّعَرَ والظُّفُرَ: قَطَعَ منهما

بالمِقَصِّ، أي: المِقْراضِ، وهُما مِقَصَّانِ.

وقُصاصُ الشَّعَرِ: حيثُ تَنْتَهِي نِبْتَتُه من مُقَدَّمِه أو مُؤَخَّرِهِ،

وـ من الوَرِكَيْنِ: مُلْتَقاهُما. وكَسحابٍ: شَجَرٌ يَجْرُسُه النَّحْلُ، ومنه: عَسَلُ قَصاصٍ. وكغُرابٍ: جَبَلٌ، وبهاءٍ: ع.

والقَصُّ والقَصَصُ: الصَّدْرُ، أو رَأسُهُ، أو وَسَطُه، أو عَظْمُه

ج: قِصاصٌ، بالكسر،

وـ من الشَّاةِ: ما قُصَّ من صُوفِها.

وقَصَّتِ الشاةُ أو الفرسُ: اسْتَبانَ حَمْلُها، أوْ ذَهَبَ وِداقُها، وحَمَلَتْ،

كأَقَصَّتْ فيهما، وهي مُقِصٌّ، من مقَاصَّ.

والقَصْقَصُ والقَصيصُ: مَنْبِتُ الشَّعَرِ من الصَّدْرِ، والصَّوْتُ.

وقَصيصٌ: ماءٌ بأجَأَ.

والقَصيصةُ: البعيرُ يَقُصُّ أثَرَ الرِّكابِ، والقِصَّةُ، والزَّامِلَةُ الصغيرَةُ، والطائفَةُ المُجْتَمِعَةُ في مكان.

ورَجُلٌ قُصْقُصٌ وقُصْقُصةٌ وقُصاقِصٌ، بِضَمّهِنَّ،

وقَصْقاصٌ: غَليظٌ، أو قَصيرٌ وأسَدٌ قُصاقِصٌ وقُصْقُصةٌ وقَصْقاصٌ: كُلُّ ذلك نَعْتٌ، وجَمْعُ القُصاقِصِ المُكَسَّرُ: قَصاقِصُ، بالفتح، وجَمْعُ السَّلامةِ: قُصاقِصاتٌ، بالضم.

وحَيَّةٌ قُصاقِصٌ: خَبيثةٌ.

وجَمَلٌ قُصاقِصٌ: قَوِيٌّ.

وقُصاقِصةُ: ع.

والقِصَّةُ، بالكسر: الأَمْرُ، والتي تُكْتَبُ

ج: كعِنَبٍ، وبالضم: شَعَرُ النَّاصيَةِ

ج: كصُرَدٍ ورِجالٍ. وشُجاعُ بنُ مُفَرِّجِ بنِ قُصَّةَ: مُحَدِّثٌ.

والقِصاصُ، بالكسر: القَوَدُ،

كالقِصاصاءِ والقُصاصاءِ، وبالضم: مَجْرَى الجَلَمَيْنِ من الرَّأسِ في وسَطِه، أو حَدُّ القَفا، أو نِهايَةُ مَنْبِتِ الشَّعَرِ.

وأقَصَّ البَعيرُ

هُزالًا: لا يَسْتطيعُ أنْ يَنْبَعِثَ،

وـ الأَميرُ فُلانًا من فُلانٍ: اقْتَصَّ له منه فَجَرَحَه مِثلَ جَرْحِهِ، أو قَتَلَهُ قَوَدًا،

وـ الأرضُ: أنْبَتَتِ القَصيصَ،

وـ الرجُلُ من نفسِه: مَكَّنَ من الاقْتِصاصِ منه.

وأقَصَّهُ الموتُ وقَصَّهُ: دَنَا منه.

وضَرَبَهُ حتى أقَصَّه من الموتِ، وقَصَّه على المَوْتِ: أدْناهُ منه.

وتَقْصيصُ الدَّارِ: تَجْصيصُها.

واقْتَصَّ أثَرَهُ: قَصَّه،

كتَقَصَّصَهُ،

وـ فلانًا: سأله أن يُقِصَّه،

كاسْتَقَصَّه،

وـ منه: أخَذَ القِصاصَ،

وـ الحديثَ: رواهُ على وَجْهِه.

وتَقاصَّ القومُ: قاصَّ كلُّ واحدٍ منهم صاحِبَه في حِسابٍ وغيرِه.

وقَصْقَصَ بالجِرْوِ: دَعاهُ.

وتَقَصَّصَ كلامَه: حَفِظَه.

القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م


25-القاموس المحيط (الضفاطة)

الضَّفاطَةُ: الجَهْلُ، وضَعْفُ الرأي، وضِخَمُ البَطْنِ، والفِعْلُ ككَرُمَ، والدُّفُّ، أو اللِّعابُ به.

والضَّفيطُ: العِذْيَوطُ، والجاهِلُ

ج: كحَمْقَى، والسَّخِيُّ، والشَّريسُ من الإِبِلِ، ضِدُّ.

والضافِطُ: مُسافِرٌ لا يُبْعِدُ السَّفَرَ.

والضَّفْطَةُ: الحَمْقَةُ. وكشدَّادٍ: الجَمَّالُ، والمُكارِي، والجَلاَّبُ،

والذي ضَفَطَ بِسَلْحِهِ، والسمينُ الرِّخْوُ،

كالضفيطِ، كأميرٍ وسَمَنْدٍ، والثقيلُ لا يَنْبَعِثُ مع القومِ

كالضِّفِطِّ، كِفِلِزٍّ.

والضَّفَّاطَةُ بهاء: الإِبِلُ الحَمُولَةُ،

كالضَّافِطَةِ، والرُّفْقَةُ العظيمَةُ كالدَّجَّالَةِ. وكرُمَّانٍ: رُذَالُ الناس،

كالضَّافِطَةِ.

وضَفَطَهُ: شدَّهُ،

وـ عليه: رَكِبَهُ فلم يُزايِلْهُ. وكفِلِزٍّ: التارُّ من الرجالِ.

وتضافَطَ اللحمُ: اكْتَنَزَ.

القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م


26-المعجم الاشتقاقي المؤصل (مرد)

(مرد): {قَال إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44]

رَمْلَة مَرْداء- بالفتح: متسطحة / لا تنبت. والمَرَدُ -محركة: نقاء الخدَّين من الشعر، ونقاء الغُضْن من الورق. شاب أمرد: بلغ خروجَ لحيته وطَرَّ شاربُه ولم تَبْدُ لحيتُه. وشجرة مرداء: لا وَرَقَ عليها. والمراد- كسحاب: العنق. وتَمْريدُ البناء تمليسه / وتَسْويته وتطيينه. وبناء مُمَرّد: مُطَوَّل (كمعظم فيها).

° المعنى المحوري

ملاسة ظاهر الشيء الممتد تجرُّدًا مما ينبت أو يتشعب منه عادة كالرملة، والخدود، والأغصان والباء الموصوفات. فمن البناء الموصوف {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44]، فسروه بالمطوَّل [ل، وشرح السبع الطوال 160] واستواء الظاهر يبرز الطول، والمتوقع أنه كان مع الطول (= الارتفاع) مملَّسَ الظاهر لاكتسائه بطبقة من القوارير (= الزُجَاج).

وملاسة الظاهر الممتد يلزم عنها انطباع بشدة تماسك الشيء أي شدته في ذاته، كما يلزم منها عدم التمكن من الإمساك بالشيء فيخرج عن الطاعة "المَروُد والمارد من الخيل: الذي يجيء ويذهب نشاطًا "أي من شدته. "والمارد من الرجال: العاتي الشديد. مَرَد على الشر وتمرَّد: عتا وطغى. تمرّد علينا: عتا. والمارد والمريد: الخبيث المتمرد الشرير، فهذا كله من لازم المعنى الأصلي (المحوري) {وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج: 3 وكذا ما في النساء: 117]، {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ مَارِدٍ} [الصافات: 7]. ومن طريق المجاز في هذا "تمرد هذا البِثق-

بالكسر- وهو الشقّ في وسط شط النهر ينبعث منه الماء): جاوز حَدّ مثله " (أي فلا يكاد يُقدَر على سَدِّه).

وملاسة الظاهر يلزم عنها أيضًا سلاسة مرور الشيء وجريانه عليه -كما لو أَمَرَّ الإنسان يده على رخام ناعم أو مرمر، ومن ذلك جاء "المَرْدُ- بالفتح: دفع السفينة بالمُرْديّ (ككرسي وهو خشبة يدفع بها الملاح السفينة فتندفع في الماء بسلاسة كأنها تنزلق) "والمَرْد كذلك: السوْق الشديد "هو من هذا. ومن معنوي هذا ما في قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: 101]، (تعودوا عليه وسلس أمره عليهم فلم يعودوا يشعرون بحرج).

أما "مَرَدَ الخبزَ والتمرَ في الماء: ماثه حتى يلين، والشيءَ: لينه، والصبيُّ ثَدْيَ أمه "فقد رويت بالذال المعجمة والثاء، فالحق مع من رواها بهما كأبي عبيد فتلك الليونة أنسبُ أن تعبر عنها الذال، لكن تليين الخبز والتمر بالماء يتأتى من معنى الملاسة هنا، لأن كليهما تنعيم وإذهاب للخشونة. وأما "المَرْد: الغض من ثمر الأراك "فلم أره، ولعله أملس صُلْبٌ شأنَ الثمار الفِجّة، فيكون من المعنى الأصلي هنا وهو الملاسة ولازمها شدة الشيء في ذاته.

المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م


27-معجم الأفعال المتعدية بحرف (بعثه)

(بعثه) يبعثه بعثا أرسله وحده وبعث به أرسله مع غيره قال صاحب المصباح (كل

شيء لا ينبعث بنفسه كالكتاب والهدية فإن الفعل يتعدى إليه بالباء فيقال بعثت به) وبعثه بعثا على الشيء حمله على فعله وبعثه من نومه أيقظه وبعث الله على الخلق البلاء أحله وانبعث في السير وغيره اندفع أسرع وانبعث فلان لشأنه ثار ومضى ذاهبا لقضاء حاجته وتباعثوا على الخير تواصوا به وحمل بعضهم بعضا على صنيعه.

معجم الأفعال المتعدية بحرف-موسى بن الحاج محمد بن الملياني الأحمدي الدراجي المسيلي الجزائري (الملقب نويوات)-صدر:1398هـ/1977م


28-معجم الأفعال المتعدية بحرف (كل)

(كل) يكل كلا وكلة وكلالة وكلولة وكلولا البصر والسيف وغيرهما نبا ولم يقطع فهو كل وكليل وكل عن الأمر ثقل عليه فلم ينبعث فيه وكلله بالحجارة علاه بها وكلله بالشيء أحاطه به وكلل في الأمر جد فيه ومضى قدما وكلل عليه بالسيف هجم وكلل عنه أحجم (ضد) جبن واكتل الغمام بالبرق واكتل عن البرق انكل وتكلل السحاب عن البرق تبسم وتكلل به أحاط وتكللت الجفنة بالسديف وتكللت الروضة بالنور حفتا وكلل عن القتال نكل.

معجم الأفعال المتعدية بحرف-موسى بن الحاج محمد بن الملياني الأحمدي الدراجي المسيلي الجزائري (الملقب نويوات)-صدر:1398هـ/1977م


29-معجم دمشق التاريخي (حمام الراس)

حمّام الراس: كان بجوار مدخل سوق السروجيّة من جهة السنجقدار، شيّده في العثماني والي دمشق (لالا مصطفى پاشا) سنة 971 ه‍، وسمّي بالراس نسبة إلى تمثال لرأس إنسان ينبعث من فمه الماء على بحرة الحمّام البرّانية حسب قول الكيّال، وهناك رأي آخر للتسمية يقول بأن الشرطة كانت في النصف الأول من هذا القرن تغسل رؤوس البدو والفلاحين القادمين إلى دمشق وتحلق رؤوسهم إجباريّا وهو الرأي الأصوب، وكان اسمه في الأصل حمّام المؤيّدية كما ورد في وقفية لالا مصطفى پاشا، وفي سنة 1942 م أغلق الحمّام وتحوّل إلى مخازن للإطارات، ثمّ هدم مع سوق الزرابليّة عند تنظيم المنطقة وفتح شارع الثورة سنة 1974 م.

معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م


30-موسوعة الفقه الكويتية (استماع 2)

اسْتِمَاع -2

د- الِاسْتِمَاعُ إلَى الْهَجْوِ وَالنَّسِيبِ:

23- يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَامِ- سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْزُونًا (كَالشِّعْرِ) أَمْ غَيْرَ مَوْزُونٍ، مُلَحَّنًا (كَالْغِنَاءِ) أَمْ غَيْرَ مُلَحَّنٍ- حَتَّى يَحِلَّ اسْتِمَاعُهُ أَلاَّ يَكُونَ فَاحِشًا، وَلَيْسَ فِيهِ هَجْوٌ، وَلَا كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا عَلَى الصَّحَابَةِ، وَلَا وَصْفُ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنِ اُسْتُمِعَ إلَى شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، فَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْقَائِلِ فِي الْإِثْمِ.

أَمَّا هِجَاءُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَدْ «كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَاعِرُ رَسُولِ اللَّهِ يُهَاجِي الْكُفَّارَ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَوْ أَمْرِهِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ- عليه الصلاة والسلام-: اُهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»

وَأَمَّا النَّسِيبُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ يُقَالُ أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يَسْتَمِعُ إلَيْهِ «فَقَدِ اسْتَمَعَ (((إلَى قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ: إلَى قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ

مَعَ مَا فِيهَا مِنَ النَّسِيبِ.

النَّوْعُ الثَّانِي:

اسْتِمَاعُ صَوْتِ الْحَيَوَانِ:

24- اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ اسْتِمَاعِ أَصْوَاتِ الْحَيَوَانَاتِ، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأَصْوَاتُ قَبِيحَةً كَصَوْتِ الْحِمَارِ وَالطَّاوُوسِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ عَذْبَةً مَوْزُونَةً كَأَصْوَاتِ الْعَنَادِلِ وَالْقَمَارِيِّ وَنَحْوِهَا، قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَسَمَاعُ هَذِهِ الْأَصْوَاتِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَحْرُمَ لِكَوْنِهَا طَيِّبَةً أَوْ مَوْزُونَةً، فَلَا ذَاهِبَ إلَى تَحْرِيمِ صَوْتِ الْعَنْدَلِيبِ وَسَائِرِ الطُّيُورِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ:

اسْتِمَاعُ أَصْوَاتِ الْجَمَادَاتِ:

25- إِذَا انْبَعَثَتْ أَصْوَاتُ الْجَمَادَاتِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهَا أَوْ بِفِعْلِ الرِّيحِ فَلَا قَائِلَ بِتَحْرِيمِ اسْتِمَاعِ هَذِهِ الْأَصْوَاتِ.

أَمَّا إِذَا انْبَعَثَتْ بِفِعْلِ الْإِنْسَانِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَوْزُونَةٍ وَلَا مُطْرِبَةٍ، كَصَوْتِ طَرْقِ الْحَدَّادِ عَلَى الْحَدِيدِ، وَصَوْتِ مِنْشَارِ النَّجَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا قَائِلَ بِتَحْرِيمِ اسْتِمَاعِ صَوْتٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْوَاتِ.

وَإِمَّا أَنْ يَنْبَعِثَ الصَّوْتُ مِنَ الْآلَاتِ بِفِعْلِ الْإِنْسَانِ مَوْزُونًا مُطْرِبًا، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالْمُوسِيقَى.فَتَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِيهِ كَمَا يَلِي:

أَوَّلًا- اسْتِمَاعُ الْمُوسِيقَى:

26- إنَّ مَا حَلَّ تَعَاطِيهِ (أَيْ فِعْلُهُ) مِنَ الْمُوسِيقَى وَالْغِنَاءِ حَلَّ الِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ، وَمَا حَرُمَ تَعَاطِيهِ مِنْهُمَا حَرُمَ الِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْمُوسِيقَى أَوِ الْغِنَاءِ لَيْسَ لِذَاتِهِ، وَلَكِنْ لِأَنَّهُ أَدَاةٌ لِلْإِسْمَاعِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ شِعْرِ الْخَنَا، وَالْهَجْوِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَسَمَاعُ ذَلِكَ حَرَامٌ بِأَلْحَانٍ وَبِغَيْرِ أَلْحَانٍ، وَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكٌ لِلْقَائِلِ.وَقَوْلُ ابْنِ عَابِدِينَ: وَكُرِهَ كُلُّ لَهْوٍ وَاسْتِمَاعُهُ.

أ: الِاسْتِمَاعُ لِضَرْبِ الدُّفِّ

وَنَحْوِهِ مِنَ الْآلَاتِ الْقَرْعِيَّةِ:

27- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حِلِّ الضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَالِاسْتِمَاعِ إلَيْهِ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ، هَلْ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ هِيَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ، أَمْ هِيَ فِي الْعُرْسِ دُونَ غَيْرِهِ؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الدُّفُّ خَالِيًا مِنَ الْجَلَاجِلِ أَمْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ وَسَتَجِدُ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ فِي مُصْطَلَحِ (مَعَازِفُ) (وَسَمَاعٌ).

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ».

وَبِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ- رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ».وَمَا رَوَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ:

وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ

فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقَوْلِي كَمَا كُنْتِ تَقُولِينَ».

28- وَأَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِالدُّفِّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الطُّبُولِ- وَهِيَ الْآلَاتُ الْفَرْعِيَّةُ- مَا لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالُهَا لِلَهْوٍ مُحَرَّمٍ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ- كَالْغَزَالِيِّ مَثَلًا- الْكُوبَةَ، لِأَنَّهَا مِنْ آلَاتِ الْفَسَقَةِ.

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ.قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: ضَرْبُ النَّوْبَةِ لِلتَّفَاخُرِ لَا يَجُوزُ، وَلِلتَّنْبِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ بُوقُ الْحَمَّامِ وَطَبْلُ الْمُسَحِّرِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً بِعَيْنِهَا بَلْ لِقَصْدِ اللَّهْوِ فِيهَا، إمَّا مِنْ سَامِعِهَا، أَوْ مِنَ الْمُشْتَغِلِ بِهَا، وَبِهِ تُشْعِرُ الْإِضَافَةُ- يَعْنِي إضَافَةَ الْآلَةِ إلَى اللَّهْوِ- أَلَا تَرَى أَنَّ ضَرْبَ تِلْكَ الْآلَةِ حَلَّ تَارَةً وَحَرُمَ أُخْرَى بِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ، وَالْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا.

ب- الِاسْتِمَاعُ لِلْمِزْمَارِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْآلَاتِ النَّفْخِيَّةِ:

29- أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الِاسْتِمَاعَ إلَى الْآلَاتِ النَّفْخِيَّةِ كَالْمِزْمَارِ وَنَحْوِهِ، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمْ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ إبَاحَةَ الِاسْتِمَاعِ إلَيْهِ، فَقَدْ رَوَى بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ دَخَلَ عُرْسًا فَوَجَدَ فِيهِ مَزَامِيرَ وَلَهْوًا، فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ.وَمَنَعَهُ غَيْرُ الْمَالِكِيَّةِ.

30- أَمَّا الْآلَاتُ الْوَتَرِيَّةُ كَالْعُودِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الِاسْتِمَاعَ إلَيْهَا مَمْنُوعٌ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.

وَذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ إلَى التَّرْخِيصِ فِيهَا، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَشُرَيْحٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

ثَانِيًا: اسْتِمَاعُ الصَّوْتِ وَالصَّدَى:

31- مِنْ تَتَبُّعِ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُمْ يُرَتِّبُونَ آثَارَ الِاسْتِمَاعِ عَلَى اسْتِمَاعِ الصَّوْتِ، أَمَّا اسْتِمَاعُ الصَّدَى فَلَمْ يَتَحَدَّثْ عَنْهُ إلاَّ الْحَنَفِيَّةُ.

وَيَظْهَرُ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يُرَتِّبُونَ آثَارَ الِاسْتِمَاعِ عَلَى اسْتِمَاعِ الصَّدَى، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِسَمَاعِهَا مِنْ الصَّدَى.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


31-الشوارد ما تفرد به بعض أئمة اللغة (قصص)

(قصص): أَقَصَّ هذا البَعِيرُ هُزَالًا، وهو الَّذي لا يَسْتَطِيعُ أن يَنْبَعِثَ، وقد كرَبَ.

الشوارد ما تفرد به بعض أئمة اللغة-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن القرشي الصغاني-توفي: 650هـ/1252م


32-الغريبين في القرآن والحديث (ثفل)

(ثفل)

في الحديث، أنه قال في غزوة الحديبية: (من كان معه ثفل فليصطنع).

أراد بالثفل: الدقيق. وما لا يشرب فهو ثفل.

وفي الحديث، أن حديفة ذكر فتنة فقال: (تكون فيها مثل الجمل الثفال الذي لا ينبعث إلا كرهًا) الثفال: البطيء.

وفي حديث ابن عمر: (أنه أكل الدجر، وهو اللوبياء، ثم غسل يده بالثفال) قال ابن الأعرابي: هو الإبريق.

وفي حديث علي: (وتدقهم الفتن دق الرحا بثفالها). يريد دقها للحب، إذا كانت مثفلة، ولا تكون مثفلة إلا وهي تطحن. أراد: دق الرحا وهي طاحنة. والثفال: جلدة تبسط تحت رحا اليد، ليقع عليها الدقيق.

الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م


33-الغريبين في القرآن والحديث (لدن)

(لدن)

قوله تعالى: {من لدني عذرا} لدن أقرب من عند لأنك تقول: عندي مال والمال غائب عنك، ولا تقول: لدني إلا ما يليك لا غير وفيه لغات لدن ولدن ولدن ولد.

وفي الحديث (أن رجلا ركب ناضحا لهف ثم بعثه فتلدن عليه) أي تمكث وتلكأ ولم ينبعث، يقال: تلدنت في الأمر وتلبثت.

الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م


34-الغريبين في القرآن والحديث (مدد)

(مدد)

قوله تعالى: {ويمدهم في طغيانهم يعمهون} أي: يمهل لهم ويطيل.

وقوله: {كيف مد الظل} أي: بسط.

وقوله تعالى: {فليمدد له الرحمن مدا} لفظ أمر معناه الخبر، ومعناه أن الله جعل جزاء ضلالته أن يمده فيها وإذا جاء الخبر في لفظ الأمر كان أوكد وألزم.

وقوله تعالى: {ولو جئنا بمثله مددا} أي: زيادة.

وفي دعائه - صلى الله عليه وسلم - (مدام كلماته) أي: مثلها، وعددها وقيل: المدام مصدر كالهدد، يقال: مددت الشيء مدا ومدادا، ويقال: بنو بيوتهم على غرار واحد ومداد واحد أي مثال واحد.

وفي حديث آخر: (ينبعث فيه ميزابان من الجنة مدادهم أنهار الجنة) أي تمدهما أنهارها.

في حديث عثمان رضي الله عنه: قال لبعض عماله (بلغني أنك تزوجت

امرأة مديدة) قال أبو العباس: رجل مديد أي طويل وامرأة مديدة والمد ربع الصاع.

الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م


35-الغريبين في القرآن والحديث (هرج)

(هرج)

في الحديث: (قدام الساعة هرج) أي: قتال واختلاط وقد هرج الناس يهرجون هرجًا إذا اختلطوا.

في حديث ابن عمر: (لأكونن فيها- يعني الفتنة- مثل الجمل الرداح يحمل عليه الحمل الثقيل فيهرج فيبرك ولا ينبعث حتى ينحر) قوله يهرج أي يشدد يقال: هرج البعير هرجًا.

في حديث عمر رضي الله عنه: (فذلك حين استهرج له الرأي) أي: قوي واتسع يقال: هرج الفرس يهرج إذا كثر جريه.

الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م


36-المعجم الغني (اِنْبَعَثَ)

اِنْبَعَثَ- [بعث]، (فعل: خماسي. لازم، مزيد بحرف)، اِنْبَعَثَ، يَنْبَعِثُ، المصدر: اِنْبِعاثٌ.

1- "اِنْبَعَثَ الرَّجُلُ": اِنْدَفَعَ، هَبَّ.

2- "اِنْبَعَثَ في السَّيْرِ": أَسْرَعَ.

3- "اِنْبَعَثَ الْمُقَاوِمُ لِهَدَفِهِ": ثارَ، مَضَى، نَهَضَ ذاهِبًا لِتَحْقيقِ هَدَفِهِ.

4- "اِنْبَعَثَ الدَّمُ": سالَ.

5- "اِنْبَعَثَتِ الرَّائِحَةُ": فاحَتْ، اِنْتَشَرَتْ. "تَنْبَعِثُ رائِحَةٌ نَتِنَةٌ مِنَ القُمامَةِ".

6- "اِنْبَعَثَ الماءُ": جَرَى، تَدَفَّقَ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


37-المعجم الغني (جَرَسٌ)

جَرَسٌ- الجمع: أَجْرَاسٌ. [جرس]:

1- "دَقَّ جَرَسُ الْمَدْرَسَةِ": جِسْمٌ حَدِيدِيٌّ مُجَوَّفٌ بِدَاخِلِهِ حَدِيدَةٌ مُدَلاَّةٌ، تُحَرَّكُ بِوَاسِطَةِ حَبْلٍ وَيَصْدُرُ عَنْهُ صَوْتٌ رَنَّانٌ يُسْمَعُ مِنْ بَعِيدٍ. "دَقَّتْ أَجْرَاسُ الكَنَائِسِ".

2- "دَقَّ جَرَسُ البَيْتِ، فَهَرَعَ إِلَى البَابِ": آلَةٌ كَهْرَبَائِيَّةٌ يَنْبَعِثُ مِنْهَا صَوْتُ رَنِينٍ بِمُجَرَّدِ الضَّغْطِ عَلَى الزِّرِّ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


38-المعجم الغني (جَرْسٌ)

جَرْسٌ- الجمع: جُرُوسٌ. [جرس]، (مصدر: جَرَسَ):

1- "يَنْبَعِثُ مِنْ سَاعَةِ الحَائِطِ جَرْسٌ رَتِيبٌ": صَوْتٌ بِهِ نَقْرَةٌ، صَوْتٌ خَفِيٌّ.

2- "جَرْسُ الصَّوْتِ": نَغْمَتُهُ.

3- "تَرَكَ جَرْسُ الأَلْفَاظِ أَثَرًا فِي نَفْسِهِ": رَنَّتُهَا الموُسِيقِيَّةُ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


39-المعجم الغني (دُفٌّ)

دُفٌّ- الجمع: دُفُوفٌ. (موسيقى): آلَةٌ مُوسِيقِيَّةٌ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إطَارٍ خَشَبِيٍّ مُدَوَّرٍ تُشَدُّ عَلَيْهِ قِطْعَةٌ مِنَ الجِلْدِ. "كَانَ صَدى الدُّفُوفِ يَنْبَعِثُ مِن دَارِ العُرْسِ".

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


40-المعجم الغني (سَنَاءٌ)

سَنَاءٌ- [سني]، (مصدر: سَنِيَ):

1- "لَمَعَ السَّناءُ": البَرْقُ، الضَّوْءُ السَّاطِعُ. {يَكادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ} [النور: 43]:

2- (نبات): نَبَاتٌ مِنْ فَصِيلَةِ القَرْنِيَّاتِ، أنْوَاعُهُ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا أشْجَارٌ وَشُجَيْراتٌ، أزْهَارُهُ مُصْفَرَّةٌ عُنْقودِيَّةٌ، قصِيرةُ الأنْبُوبِ، ثِمَارُهُ أسْطُوَانِيَّةٌ مُسْتَطِيلَةٌ، لَهُ مَنَافِعُ طِبِّيَّةٌ.

3- "يَنْبَعِثُ سَناءٌ مِنْ وَرَاءِ الشَّجَرِ": ضَوْءُ القَمَرِ، 4- "سَنَاءُ": اسْمُ عَلَمٍ لِلْمُؤَنَّثِ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


41-المعجم الغني (كَلَّ)

كَلَّ- [كلل]، (فعل: ثلاثي. لازم، مزيد بحرف)، كَلَّ، يَكِلُّ، المصدر: كَلٌّ، كَلَالٌ، كُلُولٌ، كَلالَةٌ.

1- "كَلَّ العَامِلُ": تَعِبَ، أَعْيَا. "نَشَاطٌ لَا يَكِلُّ وَشَجَاعَةٌ لَا تَعْرِفُ الخَوْفَ". (الأفغاني):

2- "كَلَّ السَّيْفُ": لَمْ يَقْطَعْ.

3- "كَلَّ لِسَانُهُ": ثَقُلَ، ضَعُفَ.

4- "كَلَّ عَنِ العَمَلِ": ثَقُلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْبَعِثْ فِيهِ.

5- "كَلَّ بَصَرُهُ": ضَعُفَ. "إِنَّ النَّفْسَ تَمَلُّ كَمَا أَنَّ البَدَنَ يَكِلُّ". (أبو حيان التوحيدي):

6- "كَلَّ الوَارِثُ": لَمْ يَكُنْ وَلَدًا ولا والِدًا لِلْمَيِّتِ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


42-معجم الرائد (سراج)

سراج الليل: حشرة تجول في الليل ينبعث من ذنبها نور.

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


43-معجم الرائد (قتار)

قتار: دخان ذو رائحة ينبعث من البخور والقدر والشواء والعظم المحرق والعود.

الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م


44-تاج العروس (حب حبب حبحب)

[حبب] الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ، والحُبّ: الوِدَادُ والمَحَبَّةُ، كالحِبَابِ بِمَعْنَى المُحَابَّة والمُوَادَّةِ والحُبِّ، قال أَبو ذُؤيب:

فَقُلْتُ لِقَلْبِي يَا لَكَ الخَيْرُ إِنَّمَا *** يُدَلِّيكَ للخَيْرِ الجَدِيدِ حِبَابُهَا

وقال صَخْرُ الغَيّ:

إِنِّي بِدَهْمَاءَ عَزَّ مَا أَجِدُ *** عَاوَدَنِي مِنْ حِبَابِهَا الزُّؤُدُ

والحِبّ، بكَسْرِهِمَا حُكِيَ عن خَالِدِ بنِ نَضْلَةَ: مَا هَذَا الحِبُّ الطَّارِقُ. والمَحَبَّةِ، والحُبَابِ بالضّمِّ، قَالَ أَبُو عَطَاءٍ السِّنْدِيُّ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ:

فَوَ اللهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَصَادِقٌ *** أَدَاءٌ عَرَانِي مِنْ حُبَابِكِ أَمْ سِحْرُ

قال ابن بَرِّيّ: المَشْهُورُ عند الرُّوَاةِ مِنْ حِبَابِكِ، بكسر الحاءِ، وفيه وَجْهَانِ، أَحدُهما أَن يكون مصدرَ حَابَبْتُه مُحَابَّةً وحِبَابًا، والثاني أَنْ يَكُونَ جَمْعَ حُبٍّ، مثل عُشّ وعِشَاش، ورواهُ بعضُهُم: من جَنَابِكِ، بالجيم والنون؛ أَي من نَاحِيَتِك وقال أَبو زيد: أَحَبَّه اللهُ، وهو مُحِبٌّ بالكسْرِ، ومَحْبُوبٌ على غير قياسٍ هذَا الأَكثرُ قال: ومِثْلُهُ مَزْكُومٌ ومَحْزُونٌ ومَجْنُونٌ ومَكْزُوزٌ وَمَقْرُورٌ، ولذلك أَنهم يقولون: قَد فُعِلَ، بغير أَلِفٍ في هذا كله، ثم بُنِيَ مفْعُولٌ على فُعِلَ وإِلّا فلا وَجْهَ له، فإِذَا قالُوا: أَفْعَلَه اللهُ فهو كله بالأَلف، وحكى اللِّحْيَانِيُّ عن بني سُلَيْمٍ: ما أَحَبْتُ ذلكَ أَي ما أَحْبَبْتُ، كما قالوا: ظَنْتُ ذلك؛ أَي ظَنَنْتُ، ومثلُه ما حكاه سيبويه من قولهم: ظَلْتُ، وقال:

فِي سَاعَةٍ يُحَبُّهَا الطَّعَامُ

أَي يُحَبُّ فِيهَا وقد قِيلَ مُحَبٌّ بالفَتْح على القياسِ وهو قليلٌ قالَ الأَزهريُّ: وقد جاءَ المُحَبُّ شاذًّا في قولِ عنترةَ:

ولَقَدْ نَزَلْتِ فَلَا تَظُنِّي غَيْرَهُ *** مِنِّي بِمَنْزِلَةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ

وحكى الأَزهريُّ عن الفراء قال: وحَبَبْتُه أَحِبُّه بالكَسْر لُغَةٌ حُبًّا بالضَّمِّ والكَسْرِ فهو مَحْبُوبٌ، قال الجوهريّ: وهو شَاذٌّ لأَنَّهُ لا يَأْتِي في المضاعف يَفْعِلُ بالكَسْرِ إِلّا ويَشْرُكُه يَفْعُلُ بالضَّمِّ إِذا كان مُتَعَدِّيًا، ما خَلا هذَا الحَرْفَ، وكَرِهَ بعضُهُمْ حَبَبْتُه وأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا البيتُ لِفَصِيح، وهو قولُ غَيْلَانَ بنِ شُجَاعٍ النَّهْشَلِيِّ:

أَحِبُّ أَبَا مَرْوَانَ مِنْ أَجْلِ تَمْرِهِ *** وأَعْلَمُ أَنَّ الجَارَ بالجَارِ أَرْفَقُ

فَأُقْسِمُ لَوْ لَا تَمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ *** وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ

وكان أَبو العباس المبرِّدُ يَرْوِي هذا الشِّعْرَ:

وَكَانَ عِيَاضٌ منه أَدْنَى ومُشْرِقُ.

وعَلَى هذه الرِّوَاية لا يكون فيه إِقْوَاءٌ. وحكى سيبويهِ:

حَبَبْتُهُ وأَحْبَبْتُه بِمَعْنًى واسْتَحْبَبْتُه كَأَحْبَبْتُهُ، والاسْتحْبَابُ كالاستِحْسَانِ.

والحَبِيبُ والحُبَابُ بالضَّمِّ، وكَذَا الحِبّ بالكَسْرِ، والحُبَّةُ بالضَّمِّ مع الهاء كُلُّ ذلك بمعنى المَحْبُوب، وهي أَي المَحْبُوبَةُ بهاء، وتَحَبَّب إِليه: تَوَدَّدَ، وامرأَةٌ مُحِبَّةَ لزَوْجِهَا، ومُحِبٌّ أَيضًا، عن الفراء، وعن الأَزهريّ: حُبَّ الشَّي‌ءُ فهو مَحْبُوبٌ ثم لا تَقُلْ: حَبَبْتَهُ، كما قالوا جُنَّ فهو مَجْنُونٌ، ثم يقولون: أَجَنَّه اللهُ، والحِبُّ بالكَسْرِ: الحَبِيبُ، مثل خِدْنٍ وخَدِينٍ، وكان زيدُ بنُ حارِثَةَ يُدْعَى حِبَّ رَسُولِ اللهِ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم، والأُنْثَى بالهاء، وفي الحديث «ومَنْ يَجْتِرِئُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رسولِ الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم» أَي مَحْبُوبُهُ، وكان صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم يُحِبُّه كَثِيرًا، وفي حديث فاطمةَ رضي ‌الله‌ عنها قالَ لَهَا رسولُ الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم [عَنْ عائشة] «إِنَّهَا حِبَّةُ أَبِيكِ» الحِبُّ بالكسر: المَحْبُوبُ والأُنْثَى: حِبَّةٌ وجَمْعُ الحِبِّ بالكسر أَحْبَابٌ وحِبَّانٌ بالكسر وحُبُوبٌ وحِبَبَةٌ بالكسر مُحَرَّكَةً، وحُبٌّ بالضم وهذه الأَخيرةُ إِما أَنها جَمْعٌ عَزِيزٌ أَو أَنها اسمُ جَمْعٍ، وقال الأَزهريّ: يُقَالُ للحَبِيبِ: حُبَابٌ، مُخَفَّفٌ، وقال الليث: الحِبَّةُ والحِبُّ بمنزلة الحَبِيبَةِ والحَبِيبِ، وحكى ابن الأَعرابيّ: أَنَا حَبِيبُكُمْ أَي مُحَبُّكُم، وأَنشد:

وَرُبَّ حَبِيبٍ ناصحٍ غَيْرِ مَحْبُوبِ

وفي حديث أُحُدٍ «هُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبّهُ» قال ابن الأَثير: وهذا محمولٌ على المجازِ، أَراد أَنه جَبَلٌ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ ونُحِبُّ أَهْلَهُ، وهُم الأَنْصَارُ، ويجوزُ أَن يكونَ من باب المَجَاز الصَّريحِ؛ أَي أَنَّنَا نُحِبُّ الجَبَلَ بِعَيْنِه، لأَنَّه في أَرْضِ مَنْ نُحِبُّ، وفي حديث أَنَس «انْظُرُوا حُبَّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ» وفي روايةٍ بإسْقَاطِ انْظُرُوا، فيجوزُ أَن تكونَ الحَاءُ مكسورةً بمعنَى المَحْبُوبِ أَي مَحْبُوبُهُمُ التَّمْرُ، فعلَى الأَوّلِ يكون التمرُ منصوبًا، وعلى الثاني مرفوعًا.

وحُبَّتُكَ، بالضَّمِ: ما أَحْبَبْتَ أَنْ تُعْطَاهُ أَو يكونَ لَكَ واخْتَرْ حُبَّتَكَ ومَحَبَّتَكَ أَي الذي تُحِبُّه وقال ابن بَرِّيّ: الحَبِيبُ يجي‌ءُ تَارَةً بمعنى المُحِبِّ كقول المُخَبَّلِ:

أَتَهْجُرُ لَيْلَى بالفِرَاقِ حَبِيبَها *** ومَا كَانَ نَفْسًا بالفِرَاقِ تَطِيبُ

أَي مُحِبَّهَا، ويجي‌ءُ تارةً بمعنى المَحْبُوبِ كقول ابنِ الدُّمَيْنَةَ:

وإِنَّ الكَثِيبَ الفَرْدَ مِنْ جَانِب الحِمَى *** إِلَيَّ وإِنْ لَمْ آتِهِ لَحَبِيبُ

أَي لمَحْبُوبٌ:

وحَبِيبٌ بلا لامٍ خَمْسَةٌ وثَلَاثُون صَحَابِيًّا وهم حَبيبُ بنُ أَسْلَمَ مَوْلَى آلِ جُشَمَ، بَدْرِيٌّ، رُوِيَ عنه، وحَبِيبُ بنُ الأَسْوَدِ، أَوْرَدَه أَبُو مُوسَى، وحَبِيبُ بنُ أَسِيد بنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، قُتِلَ يَوْمَ اليَمَامَةِ، وحَبِيبُ بنُ بُدَيْلِ بنِ وَرْقَاءَ، وحَبِيبُ بنُ تَيْمٍ، وحَبِيبُ بنُ حَبِيبِ بنِ مَرْوَانَ، لَهُ وِفَادَةٌ، وحبيبُ بنُ الحَارِثِ، له وِفَادَةٌ، وحَبِيبُ بنُ حُبَاشَةَ، وحَبِيبُ بنُ حِمَارٍ، وحَبِيبُ بن خِرَاشٍ العصريّ، وحَبِيبُ بنُ حَمَامَةَ، ذَكَره أَبُو مُوسَى، وحَبُيبُ بنُ خِرَاش التَّمِيمِيُّ، وحبيبُ بن خماسة الأَوْسِيُّ الخطميّ وحبيبُ بنُ رَبِيعَةَ بن عَمْرو، وحبيبُ بن رَبِيعَةَ السُّلَمِيُّ، قاله المزّيّ، وحَبِيبُ بن زيدِ بنِ تَيْمِ البَيَاضِيُّ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وحَبِيبُ بن زَيْدِ بنِ عاصمٍ المَازِنِيُّ الأَنْصَاريُّ، وحَبِيبُ بنُ زَيْدٍ الكِنْدِيُّ، وحبيبُ بنُ سَبُعٍ أَبو جُمُعَةً الأَنْصَارِيُّ، وحَبيبُ بنُ سبيعة، أَوْرَدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وحَبِيبُ بْنُ سَعْدٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ، وحَبِيبٌ أَبُو عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، وحَبِيبُ بنُ سَنْدَر وحَبِيبُ بنُ الضَّحَّاكِ، رضي ‌الله‌ عنهم.

وحَبِيبٌ أَيضًا جَمَاعَةٌ مُحَدِّثُونَ وأَبُو حَبيبٍ: خَمْسَةٌ من الصَّحَابَةِ.

ومُصَغَّرًا هو حُبَيِّبُ بنُ حَبِيب أَخُو حمْزَةَ الزَّيَّاتِ المُقرِئ وحُبَيِّبُ بنُ حَجْرٍ بفَتْحٍ فَسُكُونٍ بَصْرِيُّ وحُبَيِّبُ بنُ عَلِيٍّ، مُحَدِّثُونَ، عن الزُّهْرِيِّ.

وفاتَهُ مُحَمَّدُ بنُ حُبَيِّب ابنُ أَخي حَمْزَةَ الزَّيَاتِ، رَوَتْ عنه بِنْته فَاطِمَةُ، وعنها جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وحَبِيب بنُ فَهْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ، الثَّانِي شَيْخٌ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وحَبِيب بنُ تَمِيمٍ المُجَاشِعِيُّ، شَاعِرٌ، وحَبِيب بنُ كَعْبِ بنِ يَشْكُرَ، قَدِيم، وحَبِيب بنُ عَمْرِو بنِ عَوْف جَدّ سُوَيْدِ بنِ الصَّامِتِ وحُبَيِّب ابن الحارث في ثَقِيفٍ، وذَكَرَ الأَصْمَعيُّ أَنَّ كُلَّ اسمٍ في العَرَبِ فهو حَبِيبٌ بالفَتْحِ إِلّا الذي في ثَقِيفٍ وفي تَغْلِب وفي مُرَادٍ، ذَكَره الهَمْدَانيُّ.

وحُبَيْبٌ كزُبَيْر بنُ النُّعْمَان، تَابِعِيّ عن أَنَسٍ، لَهُ مَنَاكِيرُ وهُوَ غَيْرُ حُبَيْب بنِ النُّعْمَانِ الأَسَدِيِّ الذي رَوَى عن خُرَيْمِ بن فَاتِكٍ الأَسَدِيِّ، فإِنَّ ذَاكَ بالفَتْحِ وهو ثِقَةٌ.

وقَالُوا حَبَّ بِفُلَانٍ أَي مَا أَحَبَّهُ إِلَيَّ، قَالَهُ الأَصمعيُّ، وقال أَبو عبيدٍ: مَعْنَاهُ حَبُبَ بِفُلَانٍ بضَمِّ البَاءِ ثم سُكِّنَ وأُدْغِمَ في الثانيةِ، ومثلُه قال الفراءُ، وأَنشد:

وزَادَهُ كَلَفًا فِي الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ *** وَحَبَّ شَيْئًا إِلى الإِنْسَانِ ما مُنِعَا

قال: ومَوْضِعُ «مَا» رَفْعٌ، أَرَادَ حَبُبَ، فأَدْغَمَ، وأَنْشَدَ شَمِرٌ:

وَلَحَبَّ بِالطَّيْفِ المُلِمِّ خَيَالا

أَي مَا أَحَبَّه إِلَيَّ، أَيْ أَحْبِبْ بِهِ.

وحَبُبْتُ إِلَيْهِ، كَكَرُمَ: صِرْتُ حَبِيبًا لَهُ، ولا نَظِيرَ له إِلَّا شَرُرْتُ، مِنَ الشَّرِّ وما حَكَاه سيبويه عن يُونُسَ من قولهم لَبُبْتُ مِنَ اللُّبِّ وتقول: مَا كُنْتَ حَبِيبًا ولَقَدْ حَبِبْتَ، بالكَسْرِ؛ أَي صِرْتَ حَبِيبًا.

وحَبَّذَا الأَمْرُ، أَيْ هُوَ حَبيبٌ قال سيبويه: جُعِلَ حَبَّ وذَا أَي مَعَ ذَا كَشَيْ‌ءٍ وَاحِدٍ أَي بِمَنْزِلَتِهِ وهُوَ عِنْدَه اسْمٌ وما بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ بِه ولَزِمَ ذَا حَبَّ وجَرَى كالمثَلِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ في المُؤَنَّثِ حَبَّذَا لَا يقولونَ حَبَّذِهْ بكسر الذالِ المعجمة، ومنه قولُهم: حَبَّذَا زَيْدٌ، فَحَبَّ فِعْلٌ مَاضٍ لَا يَتَصَرَّفُ، وأَصْلُهُ حَبُبَ، عَلَى ما قَالَهُ الفرّاءُ، وذَا فَاعلُهُ، وهو اسْمٌ مُبْهَمٌ من أَسْمَاءِ الإِشَارَةِ، جُعِلَا شَيئًا واحدًا فصارَا بِمَنْزِلَةِ اسم يَرْفَعُ ما بَعْدَه، وموضِعُه رَفْعٌ بالابْتِدَاءِ وزيدٌ خَبَرُه ولا يجوز أَن يكونَ بَدَلًا مِنْ ذَا، لأَنَّكَ تقولُ: حَبَّذَا امْرَأَةٌ، ولو كان بَدَلًا لقلتَ حَبَّذِهِ المَرْأَةُ، قال جرير:

يَا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ بَلَدٍ *** وَحَبَّذَا سَاكِنُ الرَّيَّانِ مَنْ كَانَا

وحَبَّذَا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِيَةٍ *** تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحْيَانَا

وقال الأَزهريّ: وأَمّا قولُهم: حَبَّذَا كَذَا وكَذَا فهُوَ حَرْفُ مَعْنًى أُلِّفَ مِنْ حَبَّ وَذَا، يُقَالُ: حَبَّذَا الإِمَارَةُ، والأَصْلُ: حَبُبَ ذَا، فأُدْغِمَتْ إِحْدَى البَاءَيْنِ في الأُخْرَى وشُدِّدَتْ، وذَا إِشَارةٌ إِلى ما يَقْرُبُ مِنْك، وأَنشد:

حَبَّذَا رَجْعُهَا يَدَيْهَا إِلَيْهَا *** فِي يَدَيْ دِرْعِهَا تَحُلُّ الإِزَارَا

كأَنَّه قال: حَبُبَ ذَا، ثُمَّ تَرْجَمَ عن ذَا فقال: هو رَجْعُهَا يَدَيْهَا إِلَى حَلِّ تِكَّتِهَا؛ أَي مَا أَحَبَّه، وقال ابنُ كَيْسَانَ: حَبَّذَا كَلِمَتَانِ جُمِعَتَا شيئًا واحدًا ولم تُغَيَّرَا في تَثْنِيَةٍ وَلا جَمْعٍ ولا تَأْنِيثٍ، ورُفعَ بها الاسم، تَقُولُ: حَبَّذَا زَيْدٌ، وحَبَّذَا الزَّيْدَانِ، وحَبَّذَا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذَا هِنْدٌ وحَبَّذَا أَنْتَ وأَنْتُمَا وأَنْتُم، يُبْتَدَأُ بها، وإِن قُلْتَ: زَيْدٌ حَبَّذَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وهي قَبِيحَةٌ، وإِنَّمَا لَمْ يُثَنَّ ولَمْ يُجْمَعْ ولَمْ يُؤَنَّثْ، لأَنَّك إِنَّمَا أَجْرَيْتَهَا على ذِكْرِ شي‌ءٍ سَمِعْتَهُ فكأَنَّكَ قُلْتَ حَبَّذَا الذِّكْرُ ذِكْرُ زَيْدٍ، فصارَ زَيْدٌ مَوْضِعَ ذِكْره مُشَارًا إِلى الذِّكْرِ به، كذا في كتب النحو وحَبَّ إِليَّ هَذَا الشَّيْ‌ءُ يَحَبُّ حُبًّا قال ساعِدَةُ:

هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ *** وَعَدَتْ عَوَاد دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ

وأَنشد الأَزهريّ:

دَعَانَا فَسَمَّانَا الشِّعَارَ مُقَدِّمًا *** وحَبَّ إِلينا أَن يكونَ المُقَدَّما

ويقال: أَحْبِبْ إِلَيَّ بِه، وروى الجوهريّ في قول سَاعِدَةَ: وحُبَّ، بالضمِّ، قال: إِراد حَبُب فأَدْغَمَ ونَقَلَ الضمةَ إلى الحاءِ لأَنه مَدْحٌ، ونَسبَ هذا القولَ لابن السكّيت.

وحَبَّبهُ إِلَيَّ: جعلَنِي أُحِبُّهُ وحَبَّبَ الله إِليه الإِيمانَ، وحَبَّبه إِليَّ إِحسانُه، وحَبَّ إِلَيَّ بِسُكْنَى مَكَّةَ، وحَبَّ إِليَّ بأَن تَزورني.

وقَولُهُم: حَبَابُكَ كَذَا بالفَتْح، وحَبابُكَ أَنْ يكُونَ ذلكَ، أَو حَبابُكَ أَن تَفْعلَ ذلكَ أَي غَايةُ مَحبَّتِكَ أَو معناه مَبْلَغُ جُهْدِكَ الأَخِيرُ عن اللِّحْيانيّ، ولم يذْكُرِ: الحُبَّ، ومثلُه: حُمَاداك؛ أَي جُهْدُكَ وغَايتُكَ.

ويقال تَحابُّوا: أَحبَّ بَعْضُهُمْ بعْضًا وهما يَتَحابَّانِ، وفي الحديث «تَهادَوْا تَحابُوا» أَي يُحِبّ بعْضُكُمْ بعْضًا.

والتَّحبُّبُ: إِظْهارُ الحُبِّ، يقال تَحبَّبَ فلانٌ، إِذا أَظْهرَهُ أَي الحُبَّ، وهو يَتَحَبَّبُ إِلى الناسِ، ومُحَبَّبٌ إِليهم أَي مُتَحَبِّبٌ وَحَبَّانُ وحُبَّانُ وحِبَّانَ بالتثليث وحُبَيِّبُ مُصغَّرًا قد سبق ذكرُه، فَسردُه ثانيًا كالتكرارِ وحُبَيْبٌ كَكُمَيْتِ كذلك تقدَّمَ ذِكرُه وحَبِيبةُ كَسفِينَةٍ، وحُبَيْبة ك جُهَيْنَةَ وحَبابةُ مثلُ سَحابةٍ وحَبَابٌ مثلُ سَحَاب وحُبَابٌ مِثْلُ عُقَابٍ وحَبَّةُ بالفتح وحُبَاحِبُ بالضم وقد يأْتي ذكره في الرباعيّ أَسْمَاءٌ مَوْضوعةٌ من الحُبِّ.

وحَبَّانُ بالفَتْحِ: وَادٍ باليَمَنِ قريبٌ من وادِي حَيْقٍ وحَبَّانُ بنُ مُنْقِذِ بنِ عمرٍو الخَزْرَجِيُّ المازنيُّ شَهد أُحُدًا، وتُوُفِّي في زَمنِ عثمانَ رضي ‌الله‌ عنه صحابِيُّ وابْنُه سعيدٌ له ذِكْرٌ وحَبَّانُ بنُ هِلَالٍ وحَبَّانُ بنُ واسِعِ بنِ حَبَّانَ الحارِثيُّ الأَنْصارِيُّ من أَهْلِ المدِينَةِ، يَرْوِي عن أَبِيه، وعن ابنُ لَهِيعةَ وسَلَمَةُ بنُ حَبَّانَ شيخٌ لأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ مُحَدِّثُونَ.

وسِكَّةٌ حِبَّانَ بالكَسْرِ: مَحَلَّةٌ بَنَيسابُور منها محمدُ بن جعفرِ بنِ أَحمد الحِبَّانِيّ، وحِبَّانَ بنُ الحكَم السُّلَمِيّ من بَنِي سُلَيْمٍ، قِيلَ كانت معه رايةُ قَوْمِهِ يومَ الفَتْحِ وحِبَّانُ بنُ بُجٍّ الصُّدَائِيُّ له وِفَادةٌ، وشَهِد فَتْحَ مِصْرَ أَوْ هُوَ حَبَّانُ بالفَتْحِ قاله ابن يُونُس، والكَسْرُ أَصحّ وكذا حِبَّانُ بنُ قَيْسِ أَو هُو أَي الأَخِيرُ بالياءِ المُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، وكذا حِبَّانُ أَبُو عقيلٍ الأَبْصارِيُّ، وحِبَّانُ بن وَبرَة المرّيّ صحابِيُّونَ وحِبَّانُ بنُ مُوسى المَرْوَزِيُّ شيخُ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ وحِبَّانُ بنُ عَطِيَّةَ السُّلَمِيُّ، لَهُ ذِكْرٌ في الصَّحِيحِ، في حديث عليّ رضي ‌الله‌ عنه في قِصَّةِ حاطِبٍ، ووَقَع في رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيّ حَبَّانُ بالفَتْحِ. وحِبَّانُ بنُ عَلِيّ العَنَزِيُّ من أَهلِ الكوفَة، روى عن الأَعْمَشِ والكُوفيّينَ مات سنة 173 وكان يَتَشَيَّع، كذا في الثِّقَاتِ.

قلتُ: هو أَخُو مَنْدَل، وابْنَاهُ: إِبراهيمُ وعبدُ الله حَدَّثَا وحِبَّانُ بنُ يَسَارٍ أَبُو رَوْحٍ الكِلَابِيُّ يَرْوِي عن العِرَاقِيِّينَ، مُحَدّثُونَ.

وحُبَّانُ بالضَّمِّ بنُ مَحْمُودِ بن محموية البَغْدَادِيّ قال عَبْدُ الغَنِيِّ: حَدَّثْتُ عنْهُ ومُحَمَّدُ بن جُبَانَ بن بَكْرِ بنْ عَمْرٍو بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ، رَوَى عن سَلَمَةَ بنِ الفَضْلِ وعنه الطَّبَرَانِيُّ، والجِعَابِيّ ولهم آخر: مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ اخْتُلِفَ فيه، قيلَ بالفَتْح، واسم جَدِّه أَزْهَرُ، وهو باهِلِيٌّ، يَرْوِي عن أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وقيل: هُمَا واحِدٌ، رَاجِع «التَّبْصِير» للحافظ رَوَيَا وحَدَّثَا.

والمُحَبَّةُ والمَحْبُوبَةُ حَكَاهُمَا كُرَاع وكذا المُحَبّبَةُ والحَبِيبَةُ جميعًا من أَسماءِ مَدِينَة النَّبيِّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم وقد أَنْهَيْتُهَا إِلى اثْنَيْن وتِسْعِينَ اسْمًا، وإِنَّمَا سُمِّيَتْ بذلك لحُبِّ النبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم وأَصحابه إِياها.

ومَحْبَبٌ كمَقْعَدٍ اسْمُ عَلَمٌ جَاءَ على الأَصْلِ لمكان العَلَمِيَّةِ، كما جاءَ مَزْيَدٌ، وإِنَّمَا حَمَلَهُم على أَن يَزِنُوا مَحْبَبًا بمَفْعَلٍ دُونَ فَعْلَلٍ لأَنهم وَجَدُوا ما تركَّب من ح ب ب ولم يَجِدُوا معروف ح ب ولَوْ لَا هذا لكان حَمْلُهُم مَحْبَبًا على فَعْلَلٍ أَوْلَى، لأَنَّ ظُهورَ التضعيفِ في فَعْلَل هو القِيَاسُ والعُرْفُ كَقَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ.

وأَحَبَّ البَعِيرُ: بَرَكَ فلَمْ يَثُرْ وقيلَ: الإِحْبَابُ في البَعِيرِ كالحِرَانِ في الخَيْلِ، وهو أَنْ يَبْرُكَ، قال أَبُو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ:

حُلْتُ عَلَيْهِ بالقَفِيلِ ضَرْبَا *** ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إِذْ أَحَبَّا

القَفِيلُ: السُّوْطُ، وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قوله تعالى {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أَيْ لَصِقْتُ بالأَرْضِ لِحُبِّ الخَيْلِ حَتَّى فَاتَتْنِي الصَّلاةُ أَوْ أَحَبَّ البَعِيرُ إحْبَابا: أَصَابَهُ كَسْرٌ أَو مَرَضٌ فَلَمْ يَبْرَحْ مَكَانَهُ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَمُوتَ قال ثعلبٌ: ويقال لِلْبَعِيرِ الحَسِيرِ: مُحِبُّ، وأَنْشَدَ يَصِفُّ امْرَأَةً قَاسَتْ عَجِيزَتَهَا بِحَبْلٍ وبَعَثَت بِهِ إِلى أَقْرَانِهَا:

جَبَّتْ نِسَاءَ العَالَمِينَ بالسَّبَبْ *** فَهُنَّ بَعْدُ كُلُّهُنَّ كالمُحِبّ

وقال أَبُو الهَيْثَمِ: الإِحْبَابُ: أَنْ يُشْرِفَ البَعِيرُ عَلَى المَوْتِ من شِدَّةِ المَرَضِ فَيَبْرُكَ وَلَا يَقْدِرَ أَنْ يَنْبَعِثَ، قال الراجز:

مَا كَانَ ذَنْبِي مِنْ مُحَبٍّ بَارِكْ *** أَتَاهُ أَمْرُ اللهِ وهُوَ هَالِكْ

والإِحْبَابُ: البُرْءُ من كُلِّ مَرَضٍ، يقال: أَحَبَّ فُلَانٌ إِذا بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ، وأَحَبَّ الزَّرْعُ وَأَلَبَّ صَارَ ذَا حَبٍّ، ووذَلِكَ إِذا دَخَلَ فيه الأُكْلُ وتَنَشَّأ الحَبُّ واللُّبُّ فيه.

واسْتَحَبَّتْ كَرِشُ المَالِ إِذَا أَمْسَكَتِ المَاءَ وطَالَ ظِمْؤُهَا، وإِنما يكون ذلك إِذَا التَقتِ الصَّرْفَةُ والجَبْهَة وطلعَ بهما سُهيل.

والحَبَّةُ: وَاحِدَةُ الحَبِّ، والحَبُّ: الزَّرْعُ صغيرًا كان أَو كبيرًا، والحَبُّ: معروفٌ مستعملٌ في أَشياءَ: حَبَّةٌ مِنْ بُرٍّ، وحَبَّةٌ مِنْ شَعِيرٍ، حَتَّى يقولوا: حَبَّةٌ من عِنَبٍ، والحَبَّةُ منَ الشَّعِيرِ والبُرِّ ونحوِهِمَا الجمع: حَبَّاتٌ وحَبٌّ وحُبُوبٌ وحُبَّانٌ كتُمْرَانٍ في تَمْرٍ، وهذه الأَخيرةُ نادرةٌ، لأَنَّ فَعْلَة لا يُجْمَعُ على فُعْلَانٍ إِلا بَعْدَ الزَّائِدِ.

والحَبَّةُ: الحَاجَةُ. والحُبَّةُ بالضَّمِّ: المُحَبَّةُ وقد تَقَدَّمَ، وعَجَمُ العِنَبِ، وقد يُخَفَّفُ فيقال: الحُبَةُ كَثُبَةٍ.

والحِبَّةُ بالكَسْرِ بُزُورُ البُقُولِ ورَوَى الأَزهريُّ عن الكِسَائيِّ: الحِبَّة: حَبُّ الرَّيَاحِينِ ووَاحِدَةُ الحِبَّةِ حَبَّةٌ أَو هِيَ نَبْتٌ يَنْبُتُ في الحَشِيشِ صَغِيرٌ أَو هي الحُبُوبُ المُخْتَلِفَةُ من كلِّ شي‌ءٍ وبِهِ فُسِّرَ حديثُ أَهلِ النارِ «فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ» والحَمِيلُ: ما يَحْمِلُ السَّيْلُ من طِينٍ أَو غُثَاءٍ، والجَمْعُ حِبَبٌ، وقِيلَ: مَا كَانَ له حَبٌّ منَ النَّبَاتِ فاسمُ ذلك الحَبِّ الحِبَّةُ أَو هي ما كانَ من بَزْرِ العُشْبِ قاله ابن دريد أَو هي جَمِيعُ بُزُورِ النَّبَاتِ قاله أَبو حنيفَةَ، وقيل: الحِبَّةُ بالكسر: بُزُورُ الصَّحْرَاءِ مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ وَوَاحِدُهَا حِبَّةٌ بالكَسْرِ، وحَبَّةٌ بالفَتْحِ عن الكسائِيِّ، قال: فَأَمَّا الحَبُّ فليْسَ إِلَّا الحِنْطَةَ والشَّعِيرَ، وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ بالفَتْحِ، وإِنَّمَا افْتَرَقا في الجَمْع، وقال الجوهريّ: الحَبَّةُ: وَاحِدَةُ حَبّ الحِنْطَةِ ونحوِهَا من الحُبُوبِ، أَو الحِبَّةُ بالكسرِ بَزْرُ كلِّ ما نَبَتَ وَحْدَه بِلَا بَذْرٍ، وكُلُّ مَا بُذِرَ فَبالفَتْحِ وقال أَبُو زِيَادٍ: الحِبَّةُ بالكسرِ اليَبِيسُ المُتَكَسِّرُ المُتَرَاكِمُ بعضُه على بعضٍ، رواه عنه أَبو حنيفةَ، وأَنشد قولَ أَبِي النَّجْمِ:

تَبَقَّلَتْ مِنْ أَوَّلِ التَّبَقُّلِ *** فِي حِبَّةٍ حَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ

قال الأَزهريّ: ويقال لِحَبِّ الرَّيَاحِين حِبَّةٌ؛ أَي بالكسر، والوَاحِدَةُ منها حَبَّةٌ أَي بالفتح أَو الحِبَّة: يابسُ البَقْل والحِبَّة حُبُّ البَقْلِ الذي يَنْتَثِرُ، قال الأَزهَريّ، وسمعتُ العرَبَ يقولونَ: رَعَيْنَا الحِبَّةَ، وذلك في آخِرِ الصَّيْفِ إِذَا هَاجَتِ الأَرْضُ وَيَبِسَ البَقْلُ والعُشْبُ وتَنَاثَرَتْ بُزُورُهَا وَوَرَقُهَا، فإِذَا رَعَتْهَا النَعَمُ سَمِنَتْ عليها. قال: ورأَيْتُهُمْ يُسَمُّونَ الحِبَّةَ بعدَ الانْتِثَارِ القَمِيمَ والقَفَّ، وتَمَامُ سِمَنِ النَّعَمِ بعدَ التَّبَقُّلِ ورَعْيِ العُشْبِ يكونُ بِسَفِّ الحِبَّةِ والقَمِيمِ، قال: وَلَا يَقَعُ اسْمُ الحِبَّةِ إِلَّا على بُزُورِ العُشْبِ، وقد تقَدَّم، والبُقُولِ البَرِّيَةِ ومَا تَنَاثَرَ من وَرَقِهَا فاخْتَلَطَ بها، مثل القُلْقُلَانِ، والبَسْبَاسِ، والذُّرَقِ، والنَّفَلِ، والمُلَّاحِ وأَصْنَافِ أَحْرَارِ البُقُولِ كُلِّهَا وذُكُورِهَا.

ويُقَالُ: جَعَلَه في حَبَّةِ قَلْبِهِ وأَصَابَتْ فُلَانَةُ حَبَّة قَلْبِهِ حَبَّةُ القَلْبِ: سُوَيْدَاؤُهُ، أَو هي مُهْجَتُه، أَو ثَمَرَتَهُ أَو هي هَنَةٌ سَوْدَاءُ فيهِ وقيل: هي زَنَمَةٌ في جَوْفِهِ قال الأَعْشى:

فَأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِهَا وطِحَالَهَا

وعن الأَزهريّ: حَبَّةُ القَلْبِ: هِي العَلَقَةُ السَّوْداءُ التي تكونُ دَاخِلَ القَلْبِ وهي حَمَاطَةُ القَلْبِ أَيضًا، يقالُ: أَصَابَتْ فلانةُ حَبَّةَ قَلْبِ فُلَانٍ، إِذا شَغَفَ قَلْبَهُ حُبُّهَا، وقال أَبو عمرٍو: الحَبَّةُ: وَسَطُ القَلْبِ.

وحَبَّةُ بِنْتُ عبدِ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ تَابِعِيَّةٌ: وحبة اسمُ امْرَأَةٍ عَلِقَهَا: عَشِقَهَا مَنْظُورٌ الجِنِّيُّ فكَانَتْ حَبَّةُ تَتَطَبَّبُ بِمَا يُعَلِّمُهَا مَنْظُورٌ قالَه ابنُ جِنِّي، وأَنشد:

أَعَيْنَيَّ سَاءَ الله مَنْ كَانَ سَرَّهُ *** بُكَاؤُكُمَا أَوْ مَنْ يُحِبُّ أَذاكُمَا

ولَوْ أَنَّ مَنْظُورًا وحَبَّةَ أُسْلِمَا *** لِنَزْعِ القَذَى لَمْ يُبْرِئَا لِي قَذَاكُمَا

وحَبَّةُ بنُ الحَارِثِ بنِ فُطْرَةَ بنِ طَبِّي‌ءٍ هو الذي سَارَ مع أُسَامَةَ بنِ لُؤَيّ بنِ الغَوْثِ خَلْفَ البَعِيرِ إِلى أَنْ دَخَلَا جَبَلَيْ أَجَاءٍ وسَلْمَى.

وحَبَابُ المَاءِ والرَّمْلِ وكَذَا النَّبِيذِ كسَحَابٍ: مُعْظَمُه، كَحَبَبِهِ مُحَرَّكَة وحِبَبِهِ بالكسرِ، واختص بالثالث أَولهما قال طرفة:

يَشُقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا *** كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلُ باليَدِ

فَدَلَّ على أَنه المُعْظَمُ، قلتُ: ومنهُ حدِيثُ عليٍّ رضي ‌الله‌ عنه قال لأَبي بكرٍ رضي ‌الله‌ عنه «طِرْتَ بِعُبَابِهَا وفُزْتَ بِحَبَابِهَا» أَي مُعْظَمِهَا، أَو حَبَابُ المَاءِ: طَرَائِقُه كأَنَّهَا الوَشْيُ، قاله الأَصمعيّ وأَنشد لجريرٍ.

كَنَسْجِ الرِّيحِ تَطَّرِدُ الحَبَابَا

أَوْ حَبَابُ المَاءِ نُفَّاخَاتُه وفَقَاقِيعُه التي تَطْفُو كَأَنَّهَا القَوَارِيرُ وهي اليَعَالِيلُ، يقالُ: طَفَا الحَبَابُ عَلَى الشَّرَابِ، وقال ابنُ دُرَيْد: حَبَبُ المَاءِ: تَكَسَّرُهُ، وهو الحَبَابُ وأَنشد الليثُ:

كَأَنَّ صَلَا جَهِيزَةَ حِينَ قَامَتْ *** حَبَابُ المَاءِ يَتَّبِعُ الحَبَابَا

ويُرْوَى: حِينَ تَمْشِي، لَمْ يُشَبِّهْ صَلَاهَا ومَآكِمَهَا بالفَقَاقِيع وإِنَّما شَبَّهَ مَآكمَهَا بالحَبَابِ الذِي عليه، كأَنَّهُ دَرَجٌ في حَدَبَةٍ، والصَّلَا: العَجِيزَةُ، وقيلَ: حَبَابُ المَاءِ: مَوْجُهُ الذي يتبعُ بعضُه بَعْضًا، قال ابنُ الأَعْرَابِيّ، وأَنشد شَمِرٌ:

سُمُوّ حَبَابِ المَاءِ حَالًا عَلَى حَالِ

والحُبُّ بالضَّمِّ: الجَرَّةُ صَغِيرَةً كانت أَو كبيرةً أَو هي الضَّخْمَة منها أَو الحُبُّ: الخَابِيَةُ، وقال ابن دُريد: هو الذي يُجْعَلُ فيه الماءُ، فلم يُنَوِّعْهُ، وهو فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، قال: وقال أَبو حاتم: أَصْلُهُ حُنْبُ، فعُرِّب، والحُبَّةُ بالضَّمِّ: الحُبُّ، يُقَالُ: نَعَم وحُبَّةً وكَرَامَةً أَوْ يُقَالُ في تَفْسِيرِ الحُبِّ والكَرَامةِ: إن الحُبَّ: الخَشَبَاتُ الأَرْبَعُ التي تُوضَعُ عليها الجَرَّةُ ذاتُ العُرْوَتَيْنِ، وإِن الكَرَامَةَ غِطَاءُ الجَرَّةِ من خَشَبٍ كانَ أَو من خَزَف ومنه قولُهُم حُبًّا وكَرَامَةً نقله الليثُ الجمع: أَحْبَابٌ وحِبَبَةٌ وحِبَابٌ بالكسر.

والحِبُّ بالكَسْرِ: الحَبِيبُ مثل خِدْن وخَدِينٍ، قال ابن برّيّ: والحَبِيبُ يجي‌ءُ تارةً بمعنى المُحِبِّ كقول المُخَبَّلِ:

أَتَهْجُرُ لَيْلَى بالفِرَاقِ حَبِيبَها *** وَما كَانَ نَفْسًا بالفِرَاقِ تَطِيبُ

أَي مُحِبَّهَا، ويجي‌ءُ تارةً بمعنى المَحْبُوبِ كقَوْل ابنِ الدُّمَيْنَةِ:

وإِنَّ الكَثِيبَ الفَرْدَ مِنْ جَانِبِ الحِمَى *** إلَيَّ وإِنْ لَمْ آتِهِ لحَبِيبُ

وقد تَقَدَّم.

والحِبُّ القُرْطُ مِنْ حَبَّةٍ وَاحِدَةٍ قال ابن دريد: أَخْبَرَنَا أَبو حاتمٍ عن الأَصمعيِّ أَنَّهُ سَأَلَ جنْدَلَ بنَ عُبَيْدٍ الرَّاعِي عن معْنَى قولِ أَبِيهِ الرَّاعِي:

تَبِيتُ الحَيَّةُ النَضْنَاضُ مِنْهُ *** مَكَانَ الحِبِّ تَسْتَمِعُ السِّرَارَا

ما الحِبُّ: فقال: القُرْطُ، فقال خُذُوا عنِ الشَّيْخِ فإِنَّه عالِمٌ، قال الأَزهريُّ وفَسَّر غيرُه الحِبَّ في هذا البيتِ الحَبِيبَ، قال: وأُرَاهُ قَوْلَ ابنِ الأَعْرَابيّ، وقوله كالحِبَاب بالكَسْر صَرِيحُه أَنه لغةٌ في الحبِّ بمَعْنَى القُرْط ولم أَرَه في كُتُبِ اللُّغةِ، أَو أَنه لُغَةٌ في الحِبِّ بمعنى المُخِبِّ وهو كَثِيرٌ، وقد تقدم في كلامِه، ثم إِنّي رأَيتُ في لسان العرب بعد هذه العبارة ما نَصُّه: والحُبَابُ كالحِبِّ، ولا يخْفَى أَنَّه مُحْتَمِل المَعْنَيَيْنِ، فتأَمَّلْ.

والحُبَابِ كغُرَابِ: الحَيَّة بِعَيْنِهَا وقيل: هي حَيَّةٌ ليْسَتْ مِن العَوَارِم. والحُبَابُ: حَيٌّ من بَنِي سُلَيْمٍ، وحُبَابٌ اسْمُ رَجُل من الأَنْصَارِ، غُيِّرَ لِلْكَرَاهَةِ وحُبَابٌ جَمْعُ حُبَابَةٍ اسْم لِدُوَيْبَةٍ سَوْدَاءَ مَائِيَةٍ، وحُبَابٌ اسْمُ شَيْطَانٍ، وفي الحديث «الحُبَابُ شَيْطَانٌ» قال ابن الأَثير: هو بالضَّمِّ اسمٌ له، ويَقَعُ عَلَى الحَيَّةِ أَيضًا، كما يقالُ لها: شَيْطَانٌ، فهما مُشْتَرِكَانِ، ولذلك غُيِّرَ اسمُ حُبَابٍ كَرَاهِيَةً للشَّيْطَانِ، وقال أَبو عُبيدٍ: وإِنما قيلَ الحُبَابُ اسمُ شَيْطَانٍ لأَن الحَيَّةَ يقال لها شَيْطَانٌ، قال الشاعر:

تُلَاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ كَأَنَّهُ *** تَمَعُّجُ شَيْطَانٍ بِذِي خِرْوَعٍ قَفْرٍ

وبه سُمَّي الرَّجُلُ، انتهى.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


45-تاج العروس (شوب)

[شوب]: الشَّوْب: الخَلْطُ. شَابَ الشي‌ءَ شَوْبًا: خَلَطَه.

وشُبْتُه أشُوبُه: خَلَطْتُه فَهُوَ مَشُوبٌ كالشِّيَابِ بالكَسْرِ. قال أَبُو ذُؤَيْب:

وأَطْيِبْ بِرَاحِ الشام جَاءَتْ سَبِيئَةً *** مُعَتَّقَةً صِرْفًا وتِلْكَ شيَابُها

هكذا أَنْشَدَه أَبُو حَنِيفَة.

وقال تَعَالَى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} أَي لَخَلْطًا ومِزَاجًا. يقال للمُخَلِّط في القَوْلِ أَو العَمَل: هو يَشُوبُ ويَرُوبُ. والشِّيَابُ أَيْضًا: اسْمُ ما يُمْزَجُ. وقِيلَ: يَشُوبُ وَيَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدَافَعَةً غَيْرَ مُبَالَغٍ فيها. وقال شَيْخُنَا: وَقَع في الحَدِيث الأَشْوَابُ. قال أَهْلُ الغَرِيب: هُم الأَخْلاطُ مِنْ أَنْوَاعٍ شَتَّى. قَالُوا: والأَوْبَاشُ: الأَخْلاط من السِّفلة فهو أَخص.

وقَوْلُهُم مَالَه شَوْبٌ ولا رَوْبٌ أَي لا مَرَقٌ ولا لَبَنٌ.

وقَالَ ابن الأَعْرَابِيّ: وفي الخَبَر: «لا شَوْبَ ولا رَوْبَ» أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِيطَ في شِرَاء أَو بَيْعٍ، وقيل: مَعْنَاه أَنَّكَ بَرِي‌ءٌ مِنْ هذِه السِّلْعَةِ. ورُوِي عَنْه أَنَّه قَالَ: إِنَّك بَرِي‌ءٌ مِنْ عَيْبِها.

والشَّوْبُ: القطْعَةُ من العَجِين ويُقَالُ: هي الفَرَزْدَقَةُ، وَهِي الخُبْزَةُ الغَلِيظَةُ.

وسَقَاهُ الذَّوْبَ بالشَّوْبِ. الذَّوْبُ: العَسَل والشَّوْبُ: ما شُبْتَه مِنْ مَاءٍ أَو لَبَنٍ فِهُو مَشُوبٌ ومَشِيبٌ.

وحكى ابن الأَعْرَابِيّ: مَا عِنْدِي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ.

فالشَّوْبُ: العَسَلُ المَشُوبُ. والرَّوْبُ: اللَّبَنُ الرَّائِبُ. وقِيلَ: الشَّوْبُ: العَسَلُ. والرَّوْب: اللَّبَنُ، من غَيْرِ أَن يُحَدَّا.

ويقال: سَقَاهُ الشَّوْبَ بالذَّوْب. فالشَّوبُ: اللَّبَنُ، والذَّوْبُ: العَسَل. قَالَه ابْنُ دُرَيْد.

واشْتَابَ هُوَ وانْشَابَ: اخْتَلَط. قال أَبُو زُبَيْدٍ الطَّائِيّ:

جَادَتْ مَنَاصِبَه شَفَّانُ غَادِيَةٍ *** بسُكَّرٍ ورَحِيقٍ شِيبَ فَاشْتَابَا

ويروى فانْشَابَا، وهو أَذْهَبُ في بَابٍ المُطَاوَعَة.

والمُشاوَبُ بالضَّمِّ وفَتْحِ الوَاوِ: غِلَافُ القَارُورَةِ لأَنَّه مَشُوبٌ بحُمْرَة وصُفْرَةٍ وخُضْرَة، رَوَاهُ أَبو حَاتِمٍ عن الأَصْمَعِيّ وبِكَسْرِها أَي الوَاو وفَتْحِ المِيم جَمْعُه أَي جَمْع المُشَاوَب. نُقِلَ ذلك عن أَبي حَاتِمٍ أَيْضًا.

وفي فلان شَوْبَةٌ. الشَّوْبَةُ: الخَدِيعَةُ كما يُقَالُ: في فُلَانٍ ذِوْبَةٌ أَي حَمْقَةٌ ظَاهِرَةٌ. واستَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّين الشَّوبَ في الحَرَكَاتِ فَقَالَ: أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَةُ بالكَسْرَة، فالفَتْحة الَّتِي قَبْلَ الإِمَالَة نَحْوُ فَتْحَة عَيْن عَابد وعَارِف. قَالَ: وذَلِكَ أَنَّ الإِمَالَة إِنَّمَا هِيَ أَنْ تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نَحْو الكَسْرَة فتُميلَ الأَلِفَ التي بَعْدَهَا ليست أَلفًا مَحْضَةً، وهذا هو القياس، لأَن الأَلِفَ تَابِعَةٌ للفَتْحَة، فكمَا أَنّ الفَتْحَةَ مَشوبَةٌ فكَذَلِك الأَلِفُ اللَّاحِقَةُ لهَا، كَذَا في لِسَانِ العَرَبِ.

وعن الفَرَّاءِ: شَابَ إِذَا خَانَ، وبَاشَ إِذَا خَلط. وعن الأَصْمَعِيّ في باب إِصَابَةِ الرَّجُلِ في مَنْطِقه مَرَّةً وإِخْطَائِه أُخْرَى: هُو يَشُوبُ ويَرُوبُ.

وعن أَبي سَعِيد، يُقَالُ لِلرَّجُل إِذَا نَضَحَ عَنِ الرَّجُل قَدْ شَابَ عَنْه، وَرابَ إِذَ كَسِلَ. وشَوَّبَ إِذا دَافَع مُدَافَعَةً ونَضَح عَنْه فَلَمْ يُبَالِغْ فِيهما أَي يُدَافِعُ مَرَّة وَيَكْسَلُ مَرَّة فلا يُدَافع الْبَتَّةَ. وقال أَبُو سَعِيد: التَّشْوِيب: أَن يَنْضَحَ نَضْحًا غَيْرَ مُبَالَغٍ فيه. وقال أَيْضًا: العَرَب تَقُولُ: لَقِيتُ فُلَانًا اليومَ يَشُوبُ عَنْ أَصْحَابِه، إِذَا دَافَع عَنْهم شَيئًا من دِفَاعٍ، قال: ولَيْسَ قَوْلُهم: هُوَ يَشُوبُ وَيُرُوبُ من اللِّبَن، ولكنْ مَعْنَاه رَجُلٌ يرُوبُ أَحْيَانًا فلا يَتَحرَّكُ ولا يَنْبَعِثُ، وأَحْيَانًا يَنْبَعِث فيَشُوبُ عن نَفْسِه غَيْرَ مُبَالغٍ فِيهِ.

وعن ابْن الأَعْرَابِيّ: شَابَ إِذَا كَذَب وشَابَ إِذَا خَدَعَ في بَيْعٍ أَو شِرَاءٍ. وشَاب شَوْبًا إِذَا غَشَّ. وفي الحديث: «يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ فَشَوِّبُوه بالصَّدَقَة».

وقَوْلُ السُّلَيْكِ بْنِ السُّلَكَة السَّعْدِيّ:

سَيَكْفِيكَ صَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعُرَّصٌ *** وماءُ قُدُورٍ في القِصَاع مَشِيبُ

إِنما بَنَاهُ عَلَى شِيبَ الَّذي لم يُسَمَّ فَاعِلُه أَي مَخْلُوطٌ بالتَّوَابِل والصِّبَاغ.

والصَّرْبُ: اللَّبَن الحَامِضُ، ومُعَرَّصٌ: مُلْقًى في العَرْصَةِ ليَجِفَّ. ويروى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ، ويروى مُغَرَّضٌ أَي لم يَنْضَجْ بَعْدُ وهُو الْمُلَهْوَجُ.

وشَابَةُ: قَرْيَةٌ بالفَيُّوم. وجَبَلٌ بمَكَّة أَو بِنَجْدٍ، وقِيلَ: موضع بنجد كما لابْنِ سِيَده، وسيذكر في «ش ى ب» لأَنَّ الأَلِفَ تَكُونُ مُنْقَلِبةً عن وَاوٍ وعَنْ يَاء، لأَنَّ في الكَلَام ش وب وفيه ش ى ب، ولو جُهِلَ انْقِلَابُ هذِه الأَلِف لحُمِلَت عَلَى الوَاوِ، لأَنَّ الأَلِفَ هُنَا عَيْن وانْقِلَابُ الأَلِف إِذَا كَانَتْ عَيْنًا عن الوَاوِ أَكْثَرُ من انْقِلَابِها عَنِ اليَاءِ. قَالَ:

وضَرْب الجَمَاجِمِ ضَرْبَ الأَصَمّ *** حَنْظَلَ شَابَةَ يَجْنِي هَبِيدَا

كذا في لِسَانِ العَرَب. ومِثْلُه في المُحْكَم، ومِنْهُم مَنْ قَالَ: إِنَّه شَامَة بالمِيمِ، والصَّوَابُ أَنَّهُمَا مَوْضِعَان أَو جَبَلَان. وقال البَكْرِيّ: إِن شَابَة جَبَلٌ في الحِجَاز في دِيَار غَطَفَان، وقِيلَ بنَجد، وعَلَيْه اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ وابنُ مَنْظُور. وبه صَدَّرَ في المَرَاصِدِ والمُعْجَمِ. وسَيَأْتِي قَولُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ الَّذِي اسْتَدلَّ بِهِ الجَوْهَرِيّ في «ش ى ب».

وبَنُو شَيْبَان: قَبِيلَةٌ مِن الْعَرَب، قِيلَ يَاؤُه بَدَلٌ من الوَاوِ لقَوْلِهم الشَّوابِنَة، وسيأْتي في «ش. ى ب» والمُؤَلِّفُ تَبِع ابْنَ سَيِدَه حَيْثُ أَوْرَدَهَا في المَوْضِعَين. واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ وابن مَنْظُور عَلَى إِيرَادِهَا في اليَاءِ التَّحْتِيَّة. واخْتَار ابْنُ جِنّي أَنَّهَا وَاوِيَّةُ العَيْنِ، وأَنّ أَصْلَه شَيْوَبَان على فَيْعَلَانَ فأَدْغَم وخَفَّفَ كما قِيلَ في رَيْحَان وإِلَّا لَقِيل شَوْبَان كَخَوْلَان، ونَقَل الوَجْهَيْن العَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ المَالِكِيُّ في اقْتِطَافِ الأَزَاهِر والْتِقَاطِ الْجَوَاهِر، وقال: طَرِيقَةُ ابْنِ جِنِّي تَدْرِيجٌ حَسَنٌ، قَالَه شَيْخُنَا.

وقَوْلُهُم: بَاتَت أَي البِكْرُ بَلْيَلَةِ شَيْبَاءَ بالإِضَافَة. قال عُرْوَةُ ابْنُ الوَرْدِ.

كَلَيْلَةِ شَيْبَاءَ التي لَسْتُ نَاسِيًا *** ولَيْلَتِنَا إذْ مَنَّ ما مَنَّ قَرْمَلُ

أَو بِلَيْلَةِ الشَّيْبَاءِ مُعَرَّفًا. قال عُرْوَةُ أَيْضًا:

فكُنْتَ كَلَيْلهِ الشَّيْبَاءِ هَمَّت *** بمَنْع الشَكْرِ أَتْأَمَهَا القَبِيلُ

إِذَا غُلِبَت بالبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ عَلَى نَفْسِهَا أَي غَلَبها زَوْجُها فافْتَضَّها وأَزَال بَكَارَتها لَيْلَةَ هِدَائِهَا بالكسر من إهْدَاءِ المَاشِطَة العَرُوسَ لِزَوْجِهَا لَيْلَةَ الزّفَافِ، فإذا دخل بها ولم يَفْتَرِعْهَا قيل: باتت بلَيْلة حُرَّةٍ. ونقل شَيْخُنَا عَنْ ابْنِ أَبِي الحَدِيدِ في شَرْحِ نَهْجَ البَلَاغَةِ: أَنَّ الشَّيْبَاءَ المرْأَةُ البِكْرُ لَيْلَةَ افْتِضَاضِها لَا تَنْسَى بَعْلَهَا الَّذي افْتَرَعَهَا أَبَدًا، ولا تَنْسَى قاتِلَ بِكْرِها أَبَدًا، وهو أَوَّلُ وَلَدِهَا، انتهى. ذكره الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاس في «ش ى ب» وجَعَلَه مِن الْمَجَازِ، وقَالَ: «كَأَنَّهَا دُهِيَت بأَمْرٍ شَدِيدٍ تَشِيبُ منه الذَّوَائِبُ. ومِثْلُه في لِسَانِ العَرَبِ غَيْرَ أَنَّه قَالَ: وقِيلَ يَاء شَيْبَاءَ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، لأَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ شَابَ [ماءَ] المَرْأَةَ غَيْرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهُم قَالُوا بِلَيْلَة شَوْبَاءَ، جَعَلُوا هَذَا بَدَلًا لَازِمًا كعِيدٍ وأَعْيَاد. وأَورَدَه ابْنُ سِيدَه في المُحْكَمِ في الوَاوِ واليَاءِ، وقَالَ: بَاتَتِ المرأَةُ بلَيْلَةِ شَيْبَاءَ. قيل: إِنَّ اليَاءَ فيها مُعَاقِبَة، وإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْوَاوِ.

واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ على ذِكْرِهَا في التَّحْتِيَّة كالزَّمَخْشَرِيِّ وابْنِ مَنْظُور وغَيْرِهم. والشَّائِبَة: وَاحِدَة الشَّوَائِبِ وَهِيَ الأَقْذَارُ والأَدْنَاسُ جَمْعُ قَذَر ودَنَس.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


46-تاج العروس (هرج)

[هرج]: هَرَجَ النّاسُ يَهْرِجونَ من حَدِّ ضَرَبَ، هَرْجًا، إِذا وَقَعوا في فِتْنةٍ واختلاطٍ وقَتْلٍ. وأَصلُ الهَرْجِ الكَثْرةُ في الشَّيْ‌ءِ والاتِّساعُ، والهَرْجُ: الفِتْنَةُ في آخرِ الزَّمان. والهَرْجُ: شِدّةُ القَتْلِ وكَثْرَتُه.

وفي الحديث: «بين يَدَيِ السَّاعةِ هَرْجٌ»: أَي قِتَالٌ واختلاطٌ. وقال أَبو موسى: الهَرْجُ، بلسان الحَبشة: القَتْلُ. وقال ابنُ قَيسِ الرُّقَيّاتِ أَيَّامَ فِتنةِ ابن الزُّبَيْر:

ليتَ شِعْرِي أَأَوّلُ الهَرْجِ هذا *** أَمْ زَمانٌ من فِتْنَةٍ غَيْرِ هَرْجِ؟!

وهَرِجَ البَعيرُ كفَرِحَ يَهْرَجُ هَرَجًا: سَدِرَ؛ أَي تَحيَّرَ، من شِدّةِ الحَرِّ وكَثْرةِ الطِّلاءِ بالقَطِرانِ وثِقَلِ الحِمْل.

وفي حديث ابن عُمَرَ: «لأَكونَنَّ فيها مِثْلَ الجَمَلِ الرَّدَاحِ يُحْمَل عليه الحِمْلُ الثَّقِيل فيَهْرَجُ ويَبْرُكُ ولا يَنْبَعِثُ حتى يُنْحَرَ»: أَي يتحَيَّر ويَسْدَر. وقال الأَزهريّ: ورأَيتُ بَعيرًا أَجربَ هُنِئَ بالخَضْخاضِ فهَرِجَ فماتَ.

والهِرْجُ، بالكسر: الأَحمقُ، والضَّعيف من كلِّ شيْ‌ءٍ قال أَبو وَجْزةَ:

والكَبْشُ هِرْجٌ إِذا نَبَّ العَتُودُ له *** زَوْزَى بأَلْيَتِه للذُّلِّ واعْتَرَفَا

والهِرْجةُ بهاءٍ: القَوْسُ اللَّيِّنةُ، وهي المُسمَّاة بكِبادَه.

والتَّهرِيجُ في البَعيرِ: حَمْلُه على السَّيْر في الهاجِرةِ حتى يَسْدَرَ أَي يَتَحَيَّر؛ قاله الأَصمعيّ، كَالإِهْراجِ. يقال: أَهْرَجَ بَعيرَه إِذا وَصَلَ الحَرُّ إِلى جَوْفِه. والتهريجُ: زَجْرُ السَّبُعِ والصِّياحُ به. يقال: هَرَّجَ بالسَّبع: إِذا صاحَ به وزَجَرَه. قال رُؤبةُ.

هَرَّجْتُ فارْتَدَّ ارْتِدادَ الأَكْمَهِ *** في غائِلاتِ الحَائِرِ المُتَهْتِهِ

والتَّهْرِيجُ في النَّبيذ: أَن يَبْلُغَ مِن شَارِبِه يقال: هَرَّجَ النَّبيذُ فلانًا: إِذا بلَغَ منه فانْهَرَجَ وأنهِكَ.

وقال خالدُ بن جَنْبةَ: بابٌ مَهْروجٌ وهو الّذي لا يُسَدُّ، يَدْخُلُه الخَلْقُ.

وقد هَرَجَ البابَ يَهْرِجُه بالكسر: أَي تَرَكَه مَفتوحًا، وهَرَجَ في الحَدِيث: إِذا أَفاضَ فأَكْثَرَ، هذا هو الأَكثرُ، أَو هَرَجَ في الحديث: إِذا خَلَّطَ فيه. والهَرْجُ: كثرُة النِّكاحِ.

وقد هَرَجَ جارِيتَه: إِذا جامَعَها يَهْرُجُ، بالضَّمّ، ويَهْرِج، بالكسر. وهَرَجَ الفَرَسُ يَهْرِجُ هَرْجًا: جَرَى.

وإِنه لمِهْرَجٌ وهَرّاجٌ، كمِنْبَر وشَدّادٍ: إِذا كان كثيرَ الجَرْيِ. وفرَسٌ مِهْرَاجٌ، إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه.

والهَرّاجَةُ: الجَمَاعةُ يَهْرِجُون في الحديث.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

في حديث أَبي الدَّرْدَاءِ: «يَتهارَجون تَهارُجَ البَهائمِ»: أَي يَتسافَدُون. والتَّهارُجُ: التَّناكُحُ والتَّسافُدُ.

والهَرْجُ: كثرةُ الكَذِبِ وكثْرَةُ النَّوْم. والهَرْجُ: شي‌ءٌ تَراه في النَّوْم وليس بصادِق.

وهَرَجَ يَهْرِج هَرْجًا: لم يُوقِن بالأَمْرِ، كذا في اللسان، وسيأْتي في هلج.

وهَرِجَ الرَّجلُ: أَخذَه البُهْرُ من حَرٍّ أَو مَشْيٍ.

ورجلٌ مُهْرِج: إِذا أَصاب إِبلَه الجَرَبُ فطُلِيَتْ بالقَطِرانِ، فوصَلَ الحَرُّ إِلى جَوْفها.

وفي حديث ابن عُمَر: «فذلك حين اسْتَهْرجَ له الرَّأْيُ»: أَي قَوِيَ واتَّسعَ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


47-تاج العروس (جلخ)

[جلخ]: جَلَخَ السَّيْلُ الوَادِيَ، كَمَنَعَ، يَجلَخُه جَلْخًا: قطع أَجرافَهُ، وملأَه. وهو سَيْلٌ جُلَاخٌ، كغُرَاب، وجُرَاف؛ أَي كثيرٌ.

والجُلَاح، بالحَاءِ غير معجمة: الجُرَاف.

وجَلَخَ به: صَرَعَه. وجلَخَ بَطْنَه سَحَجَه. وجَلَخَ جارِيَتَه: نَكَحها، وهو نَوعٌ من النِّكاح، وقيل الجَلْخ إِخراجُها والدَّعْس إِدخالُها.

وجَلخَ الشَّيْ‌ءَ: مَدَّهُ. وجَلَخَ فُلانًا بالسَّيْف: بَضَعَ مِنْ لحْمِهِ بَضْعَةً.

ورُوِيَ عن النّبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم أَنّه قال: «أَخَذَني جِبْرِيلُ ومِيكائِيلُ فصَعِدَا بِي فإِذا بنهرَيْن جِلْوَاخَيْنِ، فقلتُ: ما هذانِ النَّهْرَان؟

قال جبريل سُقْيَا أَهْلِ الدُّنيا»، جِلوَاخَيْنِ؛ أَي واسِعَيْن، قاله ابن الأَثير. والجِلْوَاخ، بالكسر: الوادِي الواسِع الضَّخْم الممتلِئ العَميق. وأَنشد أَبو عَمرٍو:

أَلا ليتَ شِعْرِي هَلْ أَبيتَنَّ ليلَةً *** بأَبْطح جِلْواخٍ بأَسفلِه نَخْلُ

والجِلْوَاخُ: التَّلْعَةُ التي تَعظُم حتّى تَصيرَ نِصفَ الوادِي أَو ثُلثَيْه.

ومَجَالِخُ كمَسَاكن: وادٍ بِتهَامَة.

وعن ابن الأَنباريّ: اجْلَخَّ الشَّيْخُ اجْلِخاخًا، إِذا ضَعُفَ وفَتَر عِظامُه وأَعضاؤُه، وقيل: سَقَطَ فلا يَنْبَعِثُ ولا يَتحرَّك. وأَنشد:

لا خَيْر في الشَّيخ إِذَا ما اجْلخَّا *** واطْلَخَّ ماءُ عَينِهِ وَلَخَّا

وقال أَبو العبّاس: جَخّ وَجَخَّى واجْلَخّ في السُّجود: فَتَحَ عَضُدَيه عن جَنْبَيْه وَجافَاهمَا عنهما.

واجْلَنْخَى، كاسْلَنْقَى: تَقَوَّض وبَرَكَ ولم يَنبعِثْ.

والجُلَاخُ، كغُرَابٍ: علَمٌ لشاعر.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

الجِلْواخُ: ما بانَ من الطّريق ووَضَحَ وجَلْوَخٌ اسمٌ.

واستدرك شيخنا هنا: جِلخٍ جِلب بكسرهما، من شرح أَمَالي القالي لأَبي عُبَيد البكري، ومنهم من ضَبطَه بالحاءِ المهملة.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


48-تاج العروس (مد مدد مدمد)

[مدد]: المَدّ: السَّيْلُ، يقال مَدّ النَّهْرُ ومَدَّه نَهْرٌ آخَرُ، قال العجّاج:

سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّهُ أَتِيُّ *** غِبَّ سَماءٍ فَهْوَ رَقْرَاقِيُّ

ومن المَجاز: المَدُّ: ارْتفَاعُ النَّهارِ والظِّلّ، وقد مَدَّ وامتَدَّ، ويقال: جِئْتُك مَدَّ النَّهَارِ وفي مَدِّ النهارِ، وكذلك مَدَّ الضُّحى، يَضعون المَصْدَر في كُلِّ ذلك موضعَ الظَّرْف.

والمَدُّ الاسْتِمْدَادُ مِن الدَّوَاةِ، ومعنى الاستمدادِ منها أَن يَسْتَمِدَّ منها مَدَّةً واحِدةً.

والمَدُّ: كَثْرَةُ الماءِ أَيّامَ المُدُودِ، وجمعه مُدُودٌ، وقد مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا وامْتَدَّ.

والمَدُّ: البَسْطُ. قال اللِّحيانيُّ: مَدَّ اللهُ الأَرْضَ مَدًّا: بَسطَها وسَوَّاها. وقوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} أَي بُسِطَتْ وسُوِّيت.

والمَدُّ: طُموحُ البَصَرِ إِلى الشي‌ءِ، يقال: مدَّ بصرَه إِلى الشي‌ءِ، إِذا طَمَح به إِليه. وفي البصائر والأَفعالِ: مَدَدْت عَيني إِلى كذا: نَظَرْتُه رَاغِبًا فيه، ومنه قولُه تعالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ} والمَدُّ: الإِمْهَالُ، كالإِمْدَادِ يقال: مَدَّه في الغَيِّ والضَّلالِ يَمُدُّه مَدًّا، ومَدَّ له: أَمْلَى له وتَرَكه، وقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أَي يُمْلِي لهم ويُلِجُّهم ويُطِيل لهم المُهْلَة، وكذلك، مَدَّ اللهُ له في العَذَابِ مَدًّا، وهو مَجاز. وأَمَدَّه في الغَيِّ، لغةٌ قليلةٌ، وقوله تعالى: {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ} قراءَة أَهل الكوفة والبَصْرة يَمُدُّونَهم، وقرأَ أَهلُ المَدينة يُمِدُّونَهم.

والمَدُّ: الجَذْبُ، ومَدَدْت الشي‌ءَ مَدَّا: جَذَبْتُه، قاله ابنُ القَطَّاع.

والمَدُّ: المَطْلُ وقال المُصنّف في البصائر: أَصْلُ المَدّ جَرُّ شي‌ءٍ في طُولٍ، واتِّصالُ شي‌ءٍ بشي‌ءٍ في استطالَة، مَدَّهُ يَمُدُّه مَدًّا، ومَدَّ به، فامْتَدَّ، ومَدَّدَه فتَمَدَّدَ وتَمَدَّدَه كتَمَدُّدِ السِّقَاءِ، وكذلك كلُّ شي‌ءٍ يَبْقَى فيه سَعَةُ المَدِّ.

وتَمَدَّدْنَاه بيننا: مَدَدْنَاهُ.

ومادَدَه وفي بعض النسخ: مَادَّه مُمَادَّةً ومِدَادًا فَتَمَدَّدَ، وقال اللِّحْيَانيُّ: مَدَدْتُه ومَدَّني، وفلانٌ يُمَادُّ فُلانًا؛ أَي يُمَاطِلُه ويُجَاذِبُه.

وتَمَدَّد الرَّجُلُ؛ أَي تَمَطَّى.

ومَدَّ النَّهَارُ إِذا ارْتَفعَ، وهو مَجاز، وقال شَمِرٌ: كلُّ شيْ‌ءٍ امتلأَ وارْتَفعَ فقد مَدَّ، وقد أَمْدَدْته أَنا.

وعن أَبي زيدٍ: مَدَّ زَيْدٌ القَوْمَ أَي صارَ لَهُمْ مَدَدًا، وأَمَدَّه بغيره.

ويقال: هناك قطعةٌ من الأَرض قَدْرُ مَدِّ البَصَرِ؛ أَي مَدَاهُ وقد يأْتي له في المعتلّ أَنه لا يقال مَدُّ البَصَرِ، مُضَعَّفًا وإِنما يقال مَدَاه، معتلًّا، وأَصله للحريريِّ في دُرَّة الغواصِ وانتقدوه بأَنه وَرد في الحديثِ مَدُّ صَوْتِ المُؤَذِّن، كَمَدَاه، كما حَقَّقه شيخُنَا، قلت: والحديث المُشَار إِليه «أَنَّ المُؤَذِّن يُغْفَر له مَدَّ صَوْتِه»، يريد به قَدْرَ الذُّنُوبِ؛ أَي يُغْفَر له ذلك إِلى مُنْتَهَى مَدِّ صَوْتِه، وهو تَمثيلٌ لِسَعَةِ المَغْفِرَة، ويُروَى «مَدَى صَوْتِهِ».

والمَدِيدُ: المَمْدُودُ، والمَدِيد: الطَّوِيلُ، ورجُلُ مَدِيدُ الجِسْمِ: طَوِيل، وأَصله في القِيَامِ. وَقَدٌّ مَدِيدٌ، وهو من أَجْمَلِ الناسِ وأَمَدِّهِم قَامَةً، وهو مَجاز، كما في الأَساس، الجمع: مُدُدٌ. قال سيبويهِ: جاءَ على الأَصْل، لأَنه لم يُشْبِه الفِعْلَ. والأُنثى مَديدَةٌ. وفي حديث عُثْمَانَ قال لبعض عُمَّاله: «بَلَغَنِي أَنك تَزَوَّجْتَ امرأَةً مَدِيدةً». أَي طَوِيلة.

ورَجُلٌ مَدِيدُ القامةِ: طَوِيلُهَا.

والمَديد: البَحْرُ الثاني من العَرُوض، والأَوَّلُ الطويلُ، سُمِّيَ بذلك لامتداد أَسْبَابِه وأَوْتَاده وقال أَبو إِسحاق: سُمِّيَ مَدِيدًا لأَنه امتد سَبَباهُ فصارَ سَبَبٌ في أَوَّله وسَبَبٌ بعد الوَتِد، ووزنه فاعلَاتُنْ فاعلُنْ.

وقوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} فسّره ثعلب فقال: معناه في عَمَدٍ طِوَالٍ.

والمَدِيد: ما ذُرَّ عليه دَقِيقٌ أَو سِمْسِمٌ أَو سَوِيقٌ أَو شَعِيرٌ جَشٌ، قال ابنُ الأَعرابيّ: هو الذي ليس بِحَارٍّ، أَو خَبَطٌ كما قاله ابن القطاع. لِيُسْقَى الإِبِلَ، وقد مَدَّهَا يَمُدُّهَا مَدًّا، إِذا سَقَاهَا إِيَّاه، وقال أَبو زيد: مَدَدْتُ الإِبِلَ أَمُدُّهَا مَدًّا، وهو أَن تَسْقِيَهَا المَاءَ بالبِزْرِ أَو الدَّقِيقِ أَو السِّمْسِم. وقال في موضع آخَرَ: المَدِيدُ: شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلّ فَيُضْفَرُ البَعِيرُ: ومَدَدْتُ الإِبل وأَمْدَدْتُهَا بِمَعْنًى، وهو أَن يَنْثُر لها على الماءِ شيئًا من الدَّقيقِ ونحوِه فَيَسْقِيَهَا، والاسم المَدِيدُ.

والمَديد: موضع قُرْبَ مَكَّةَ شَرّفها اللهُ تعالى، عن الصاغانيّ.

وقيل: المَدِيد: العَلَفُ، وقد مَدَّهُ به يَمُدُّه مَدًّا.

والمَدِيدَانِ: جَبَلَانِ في ظَهْرِ الخَالِ وهو ظَهْر عَارِضِ اليَمَامَةِ، عن الصاغانيّ.

والمِدَادُ، بالكسر: النِّقْسُ، بكسر النون وسكون القاف وسين مهملة، هكذا عَبَّروا به في كُتب اللغة، وهو مِن شَرْحِ المَعْلُومِ المَشْهُور بالغَرِيب الذي فيه خَفَاءٌ، وهو الذي يُكْتَب به. قال ابنُ الأَنبارِيّ: سُمِّيَ المِدَادُ مِدَادًا لإِمْدَادِه الكاتِبَ، من قولِهِم أَمْدَدْتُ الجَيْشَ بِمَدَد.

والمِدَادُ: السِّرْقِينُ الذي يُصْلَح به الزَّرْعُ، وقد مَدَّ الأَرْضَ مَدًّا، إِذَا زَاد فيها تُرَابًا أَو سَمَادًا من غيرِهَا ليكون أَعْمَرَ لها وأَكْثَرَ رَيْعًا لِزَرْعِهَا، وكذلك الرِّمَال، والسَّمَادُ مِدَادٌ لها.

والمِدَادُ: ما مَدَدْتَ به السِّرَاجَ مِنَ زَيْتٍ ونَحْوِه، كالسَّلِيطِ، قال الأَخطل:

رَأَوْا بَارِقَاتٍ بِالأَكُفِّ كَأَنَّهَا *** مَصَابِيحُ سُرْجٌ أُوقِدَتْ بِمِدَادِ

أَي بِزَيْتٍ يُمِدُّهَا. ونقل شيخُنَا عن قُدَمَاءِ أَئمَّةِ اللغةِ أَنَّ المِدَادَ، بالكسر: هو كلُّ ما يُمَدُّ به الشي‌ءُ أَي يُزَادُ فيه لِمَدِّه والانتفاعِ بهِ كحِبْرِ الدَّواةِ وسَلِيطِ السِّراجِ وما يُوقَد به من دُهْنٍ ونَحْوِه، لأَن وضْعَ فِعَالٍ، بالكسر، لما يُفْعَل به كالآلةِ، ثم خُصَّ المِدَادُ في عُرْفِ اللغةِ بالحِبْرِ.

والمِداد: المِثَالُ، يقال: جاءَ هذا على مِدَادٍ واحدٍ؛ أَي على مِثَالٍ واحدٍ، وقال جَنْدَلٌ:

لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ وَلَمْ أُسَانِدِ *** ولَمْ أَرِشْهُنَّ بِرِمٍّ هَامِدِ

عَلَى مِدَادٍ وَرَوِيٍّ وَاحِدِ

والمِدَاد: الطَّرِيقَةُ، يقال: بَنَوْا بُيُوتَهم على مِدَادٍ واحدٍ؛ أَي على طَرِيقَةٍ واحِدَة.

وفي التهذيب: مِدَادُ قَيْسٍ: لُعْبَةٌ لهم أَي لِصبيانِ العَرب.

ويقال: وادِي كذا يَمُدُّ في نهر كذا؛ أَي يَزِيد فيه. ويقال منه: قَلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتْهَا رَكِيَّةٌ أُخْرَى فهي تَمُدُّهَا مَدًّا.

ومَدَّ النَّهْرُ النَّهْرَ إِذا جَرَى فيه. وقال اللِّحيانيّ: يقال لكلّ شيْ‌ءٍ دَخَل فيه مِثْلُه فَكثَّرَهُ مَدَّه يَمُدُّه مَدًّا. وفي التنزيل العزيز: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} أَي يَزِيد فيه ماء مِن خَلْفِه تَجُرُّه إِليه وَتُكَثِّرهُ. وفي حديث الحَوْض يَنْبَعِث فيه مِيزَابَانِ مِدَادُهُما أَنهارُ الجَنّة؛ أَي تَمُدُّهما أَنْهَارُها. وقال الفَرَّاءُ في قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} قال: يكون مِدَادًا كالمِدَادِ الذي يُكْتَبُ به، والشي‌ءُ إِذَا مَدَّ الشي‌ءَ فكان زِيَادَةً فيه فهو يَمُدُّه. تقول: دِجْلَة تَمُدُّ [بِثارَنَا وأَنْهَارَنَا، والله يَمُدُّنَا بها.

والمَدْمَدُ كجَعْفَر: النَّهْرُ، والمَدْمَدُ: الحَبْلُ، قاله الأَصمعيّ، وفي بعض النُّسخ الجَبَلُ، والأَوَّل الصوابُ.

ونَصُّ عِبَارَة الأَصمعيّ: والمَدُّ: مَدُّ النَّهْرِ، والمَدُّ: مَدُّ الحَبْلِ والمَدّ أَن يَمُدَّ الرَّجُلُ [الرَّجُلَ] في غَيِّه. قلت: فهي تَدُلُّ صَرِيحًا أَنّ المَدَّ هُنا ثُلاثيٌّ لا رُبَاعيٌّ مُضَاعَفٌ كما توهَّمَه المصنِّف.

والمُدُّ، بالضمّ: مِكْيَالٌ، وهو رِطْلانِ عند أَهل العِرَاق وأَبي حَنيفةَ أَو رِطْلٌ وثُلُثٌ عند أَهلِ الحِجَازِ والشافعيِّ، وقيل: هو رُبْعُ صَاعٍ، وهو قَدْرُ مُدِّ النبيّ صلى ‌الله‌ عليه ‌وسلم، والصَّاعُ خَمْسَةُ أَرطَالٍ وأَرْبَعَةُ أمْدَادٍ قال:

لَمْ يَغْذُهَا مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ *** وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعْجِيفُ

وفي حديثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ: «مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم ولَا نَصِيفَهُ» وإِنّمَا قَدَّرَه به لأَنّه أَقَلُّ ما كانُوا يَتَصَدَّقُون به في العَادَة. أَو مِلْ‌ءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إِذا مَلأَهُمَا ومَدَّ يَدَه بهما، وبه سُمِّيَ مُدًّا، هكذا قَدَّرُوه، وأَشار له في اللِّسَان.

وقد جَرَّبْتُ ذلِكَ فَوَجَدْتُه صَحِيحًا، الجمع: أَمْدَادٌ، كَقُفْلٍ وأَقْفَالٍ، ومِدَدَةٌ ومِدَدٌ، كعِنَبةٍ وعِنَبٍ، في القليل، ومِدَادٌ، بالكسر في الكثير، قال:

كَأَنَّمَا يَبْرُدْنَ بِالغَبُوقِ *** كَيْلَ مِدَادٍ مِنْ فَحًا مَدْقُوقِ

قِيل: ومنه: سُبْحَانَ الله مدَادَ كَلِمَاتِه، ومِدَادَ السَّمواتِ ومَدَدَها؛ أَي قَدْرَ ما يُوازِيها في الكَثْرَة عِيَارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عَدَدٍ أَو ما أَشْبَهه مِن وُجُوه الحَصْرِ والتقديرِ، قال ابنُ الأَثير: وهذا تَمْثِيلٌ يُرَادُ به التقديرُ، لأَن الكلام لا يَدْخُل في الكَيْلِ والوَزْنِ، وإِنما يَدْخُل في العَددِ، والمِدَاد مَصْدَرٌ كالمَدَدِ، يقال: مَددْت الشي‌ءَ مَدًّا ومِدَادًا، وهو ما يُكْثَّر به ويُزَاد.

والمُدَّةُ، بالضَّم: الغايَةُ من الزَّمانِ والمَكَانِ، ويقال: لهذه الأُمَّةِ مُدَّةٌ أَي غايَةٌ في بَقَائِها، والمُدَّة: البُرْهَةُ من الدَّهْرِ. وفي الحديثِ «المُدَّة التي مَادَّ فيها أَبا سُفْيَانَ» قال ابن الأَثير: المُدَّة: طائفةٌ مِن الزَّمَانِ تَقَعُ على القَليلِ والكَثِير. ومَادَّ فيها أَي أَطَالَها.

والمُدَّة: اسْمُ ما استَمْدَدْتَ بِه مِن المِدَاد عَلَى القَلَمِ، والعَامَّة تقول بالفتح والكسر، ويقال مُدَّني يا غُلامُ مُدَّةً منِ الدَّوَاة. وإِن قلتَ: أَمْدِدْني مُدَّةً، كان جائزًا، وخُرِّج على مَجْرَى المَدَد بها والزِّيادة.

والمِدَّةُ بالكسر: القَيْحُ المُجْتَمِع في الجُرْح.

والأُمْدُودُ، بالضمّ: العَادَة.

والأَمِدَّةُ، كالأَسِنَّةِ جَمْعِ مِدَاد، كسِنَانٍ، وضبطه الصاغانيُّ بكسر الهمزةِ بِخَطِّه، فليس تَنظيرُه بالأَسِنَّة بصحيح: سدَى الغَزْلِ، وهي أَيضًا المِسَاكُ في جَانِبَيِ الثَّوْبِ إِذا ابتُدِئَ بِعَمَلِه، كذا في اللسان.

والإِمِدَّانُ بِكسرتينِ، وفي بعض النسخ: كعِفِتَّانٍ: الماءُ المِلْحُ، كالمِدَّانِ، بالكسر، وهذه عن الصاغانيّ، وقيل: هو الشديدُ المُلُوحَةِ، وقيل: مِيَاهُ السِّبَاخِ، قال: وهو إِفْعِلَانٌ، بكسر الهمزة، وقال زيدُ الخَيْلِ، وقيل: هو لأَبي الطَّمَحَانِ.

فَأَصْبَحْنَ قَدْ أَقْهَيْنَ عَنِّي كَمَا أَبَتْ *** حِيَاضَ الإِمِدَّانِ الظِّبَاءُ القَوامِحُ

والإِمِدَّانُ: النَّزُّ، وقد تُشَدَّد المِيمُ وتُخَفَّف الدالُ، وهو قولٌ آخرُ أَوردَه صاحبُ اللسان، وموضعه أَم د.

ومن المَجاز قولهم: سُبحَانَ الله مِدَادَ السَّموَاتِ ومِدَادَ كلماتِه ومَدَدَهَا أَي عَدَدَهَا وكَثْرَتَها ذكره ابنُ الأَثير في النّهايَة.

والإِمْدَادُ: تأْخِير الأَجَلِ والإِمهالُ، وقد أَمَدَّ له فيه: أَنْسَأَه.

والإِمداد: أَنْ تَنْصُرَ الأَجْنَادَ بِجَمَاعةٍ غَيْرَكَ، والمَدَدُ: أَن تصير لهم ناصِرًا بنفْسِك.

والإِمدادُ: الإِعطاءُ والإِغاثَةُ، يقال: مَدَّه مِدَادًا وأَمَدَّه: أَعطاه، وحكى اللِّحْيَانيُّ: أَمَدَّ الأَميرُ جُنْدَه بالخيلِ والرِّجالِ وأَعانهم وأَمَدَّهم بمالٍ كثيرٍ وأَغَاثَهُم، قال: وقال بعضهم: أَعْطَاهم، والأَوّل أَكْثَرُ، وفي التنزيل العزيز {وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ} أَو ما كان في الشَّرِّ فإِنك تقول مَدَدْتُه، وما كان في الخَيْرِ تقول أَمْدَدْتُه بالأَلف، قاله يُونُس، قال شيخُنا: هو على العَكْس في وَعَدَ وأَوْعَدَ، ونقَلَ الزمخشريُّ عن الأَخفش: كُلُّ ما كان من خَيْرٍ يقال فيه: مَدَدْتُ، وما كان مِن شَرٍّ يقال فيه: أَمْدَدْت، بالأَلف. قلت: فهو عكس ما قاله يُونُس. وقال المُصَنّف في البصائر: وأَكثَرُ ما جاءَ الإِمداد في المَحْبُوب، والمَدَد في المَكْرُوه، نحو قوله تعالى: {وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمّا يَشْتَهُونَ}.

{وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا}.

والإِمداد: أَن تُعُطِيَ الكاتِبَ مَدَّةَ قَلَمٍ أَو مُدَّةً بقلم، كما في بعض الأُمَّهاتِ، يقال: مُدَّني يا غلامُ وأَمْدِدْنِي، كما تقدّم.

والإِمداد في الجُرْحِ: أَن تَحْصُلَ فيه مِدَّةٌ، وهي غَثِيثَتُه الغَلِيظَة، والرَّقيقةُ: صَدِيدٌ، كما في الأَساس، قال الزمخشريّ: أَمَدَّ الجُرْحُ. رُبَاعِيًّا لا غيرُ، ونقلَه غير واحدٍ.

والإِمدادُ في العَرْفَجِ: أَن يَجْرِيَ الماءُ في عُودِهِ، وكذا الصِّلِّيَان والطَّرِيفة.

والمَادَّةُ: الزِّيادَةُ المُتَّصِلَةُ. وَمَادَّةُ الشيْ‌ءِ: ما يَمُدُّه، دَخلتْ فيه الهاءُ للمبالغة. والمَادَّةُ: كُلُّ شَيْ‌ءٍ يكونُ مَدَدًا لغيرِهِ، ويقال: دَعْ في الضَّرْع مَادَّةَ اللَّبنِ. فالمَتْرُوك في الضَّرْع هو الدَّاعِيَةُ، وما اجتمع إِليه فهو المَادَّة.

والمُمَادَّةُ: المُمَاطَلَةُ وفُلانٌ يُمَادُّ فُلانًا؛ أَي يُمَاطِله ويُجَاذِبه. وفي الحديث «إِن شَاؤُوا مَادَدْنَاهُم».

والاسْتِمْدادُ: طَلَبُ المَدَدِ والمُدَّةِ.

وفي التهذيب في ترجمة دمم: دَمْدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَابًا شَدِيدًا، ومَدْمَدَ إِذا هَرَبَ، عن ابنِ الأَعرابيّ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

مَدَّ الحَرْفَ يَمُدُّه مَدًّا: طَوَّلَه. قال ثعلب: كُلُّ شيْ‌ءٍ مَدَّه غَيْرُه فهو بأَلفٍ، يقال مَدَّ البَحْرُ وامْتَدَّ الحَبْلُ، قال الليث: هكذا تقول العرب.

وفي الحديث «فَأَمَدُّها خَوَاصِرَ» أَي أَوْسَعُها وأَتَمُّها.

والأَعرابُ أَصْلُ العَربِ ومَادَّةُ الإِسلامِ، وهو مَجَازٌ؛ أَي لِكَوْنِهم يُعِينُونَ ويُكَثِّرُونَ الجُيُوشَ ويُتَقَوَّى بِزكاةِ أَمْوَالِهم.

وقد جاءَ ذلك في حديث سيّدنا عُمَر رضي ‌الله‌ عنه.

والمَدَدُ: العساكر التي تَلْحَق بالمَغَازِي في سَبِيلِ الله، قال سيبويهِ: والجَمْع أَمْدَادٌ، قال: ولم يُجَاوِزُوا به هذا البِنَاءَ، ومن ذلك الحَديثُ: «كان عُمَرُ رضي ‌الله‌ عنه إِذا أَتى أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سأَلَهم: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ». وفي حديث عَوْفِ بن مالكٍ: «وَرافَقَني مَدَدِيّ من اليَمَنٍ» هو مَنْسوبٌ إِلى المَدَدِ.

وكُلُّ ما أَعَنْتَ به قَوْمًا في حَرْبٍ أَو غيرِه فهو مادَّة لَهم.

وفي حَدِيثِ الرَّمْيِ: «مُنْبِلُه والمُمِدُّ به» أَي الذي يَقُوم عند الرَّامِي فيُنَاوِلُه سَهْمًا بعد سَهْم أَو يَرُدُّ عَلَيْه النَّبْلَ من الهَدَفِ، يقال: أَمَدَّه يُمِدُّه فهو مُمِدٌّ.

وفي حديث عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه: «قائلُ كَلِمَةِ الزُّورِ والذي يَمُدُّ بِحَبْلِهَا في الإِثْمِ سَوَاءٌ» مَثَّلَ قائِلَها بالمَائحِ الذي يَمْلأُ الدَّلْوَ في أَسْفَلِ البِئرِ، وحاكِيَهَا بالماتِح الذي يَجْذِب الحَبْلَ على رَأْسِ البِئرِ ويَمُدُّه، ولهذا يقال: الرَّاوِيَةُ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ.

ومَدَّ الدَّوَاةَ، وأَمَدَّها: زاد في مائِها ونِقْسِهَا، ومَدَّهَا وأَمَدَّها: جَعَلَ فيها مِدَادًا، وكذلك مَدَّ القَلَمَ وأَمَدَّه، واسْتَمَدَّ مِن الدَّواة: أَخَذَ منها مِدَادًا. والمَدَّة، بالفتحِ، الوَاحِدَةُ، مِن قَوْلِك مَدَدْتُ الشيْ‌ءَ.

ومن المَجاز: مَدَّ اللهُ في عُمرِك؛ أَي جعَل لِعُمْرِك مُدَّةً طَوِيلَةً، ومَدَّ في عُمْرِه بشيْ‌ءٍ وامْتَدَّ عُمرُه، ومَدَّ اللهُ الظِّلَّ، وامْتَدَّ الظِّلُّ والنَّهارُ، وظِلٌّ مَمْدُودٌ. وامْتَدَّتِ العِلَّة. وأَقمْتُ [عنده] مُدَّةً مَدِيدَةً. كل ذلك في الأَساس.

وقال ابنُ القطاع في الأَفعال: مَدَّ اللهُ تعالى في العُمْرِ: أَطالَه، وفي الرِّزْقِ: وَسَّعَه. والبَحْرُ والنَّهْرُ: زَادَ، ومَدَّهُمَا غَيْرُهما. وفي اللسان امْتَدَّ النهارُ: تَنَفَّس، وامْتَدَّ بهم السَّيْرُ: طَالَ، ومَدَّ في السَّيْرِ: مَضَى.

وفي الأَفعال لابن القَطَّاع: وأَمَدَّ اللهُ تعالى في الخَيْرِ: أَكْثَرَه.

ومَدَّ الرَّجُلُ في مِشْيتِه: تَبَخْتَر.

ومُدَّ الإِنسانُ مَدًّا: حَبِنَ بَطْنُه.

وفي الأَساس: وهذا مَمَدُّ الحَبْلِ. وطِرَازٌ مُمَدَّد.

قلت: أَي مَمدود بالأَطْنَاب، شُدِّد للمبالَغة. ومادَّهُ الثَّوبَ وتَمَادَّاهُ، ومن المَجازِ: مَدَّ فُلانٌ فِي وُجُوهِ المَجْدِ غُرَرًا، وله مالٌ مَمْدودٌ: كثير.

واستدرك شيخنا هنا نَقْلًا عن بعض أَربابِ الحواشي: تَمَادى به الأَمْر أَصلُه تَمادَدَ، بدالَيْنِ مُضَعَّفًا، ووقَع الإِبدال، كتَقَضَّى ونَحْوِه، وقيل، من المَدَى، وعليه الأَكْثَر، فلا إِبدالَ، وموضِعه المعتلُّ. قلت: وفي اللسان، قال الفرزدق:

رَأَتْ كَمَرًا مِثْلَ الجَلَامِيدِ فَتَّحَتْ *** أَحَالِيلَها لَمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذُورُها

قيل في تفسيره: اتمأَدَّتْ، قال ابنُ سِيده: ولا أَدرِي كيف هذا، اللهُمَّ إِلّا أَن يريد تَمَادَّتْ فسَكَّنَ التَّاءَ واجْتَلَب للساكِن أَلِفَ الوَصْلِ كما قالوا: {ادَّكَرَ} وادارأتم {فَادّارَأْتُمْ} فِيها) وهَمَز الأَلف الزائدة كما هَمز بعضُهم أَلِف دَابَّة فقال دَأَبَّة.

ومُدٌّ، بالضمّ، اسمُ رجُلٍ من دارِمٍ، قال خالدُ بن عَلْقَمَة الدَّارِمِيّ يَهجو خُنْشُوشَ بن مُدٍّ:

جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلَامَةً *** إِذَا زَيَّنَ الفَحْشَاءَ للنَّاسِ مُوقُها

وأَرْضٌ مَمْدُودَةٌ أُصْلِحَتْ بالمِدَادِ. والمَدَادِينُ جَمْع مِدَّانٍ، للمِيَاه المِلْحَةِ.

والمَدَّادُ، ككَتَّانٍ: الحَبَّارُ، وهو المَدَّادِيُّ أَيضًا، والولِيدُ بن مُسْلِم المَدَّادِيّ من شُعَرَاءِ الأَندلس في الدَّولَةِ العامِرِيّة.

وقد سَمَّوْا مَمْدُودًا.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


49-تاج العروس (قص قصص قصقص)

[قصص]: قَصَّ أَثَرَهُ، يَقُصُّه قَصًّا وقَصِيصًا، هكذا في النُّسخ، وصَوابُه قَصَصًا، كما في العُبَاب واللّسان، والصّحاح: تَتَبَّعَهُ. وفي التَّهْذيب: القَصُّ: اتِّباعُ الأَثَر.

ويُقَالُ: خَرَجَ فُلانٌ قَصَصًا في أَثَرِ فُلانٍ وقَصًّا، وذلكَ إِذا اقْتَصَّ أَثَرَهُ. وفي قَوْله تَعالَى: {وَقالَتْ لِأُخْتِهِ} قُصِّيهِ أَي تَتَبَّعِي أَثَرَهُ. وقيل القَصُّ: تَتَبُّعُ الأَثَرِ شَيْئًا بَعْدَ شَىْ‌ءٍ، والسِّينُ لُغَة فيه. ومِنْهُم مَن خَصَّ في القَصّ تَتَبُّع الأَثَرِ باللَّيْلِ، والصَّحيحُ في أَيِّ وَقْتٍ كان. وقال أُمَيَّةُ بنُ أَبي الصَّلْتِ:

قالَتْ لأُخْتٍ له قُصِّيهِ عن جُنُبٍ *** وكَيْفَ تَقْفُو بلا سَهْلٍ ولا جَدَدِ

وقَصَّ عليه الخَبَرَ قَصَصًا: أَعْلَمَه به، وأَخْبَرَه، ومنه: قَصَّ الرُّؤْيَا. يقال: قَصَصْتُ الرُؤْيَا أَقُصُّها قَصًّا.

وقَوْلُه تَعَالَى: فَارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا؛ أَي رَجَعَا من الطَّريق الَّذي سَلَكَاه يَقُصَّانِ الأَثَرَ؛ أَي يَتَتَبَّعانِه، وقولُه تَعَالَى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ أَيْ نُبَيِّنُ لَكَ أَحْسَنَ البَيَانِ. وقال بَعْضُهُم: القَصُّ: البَيَانُ، والقَصَصُ الاسْم، زَادَ الجَوْهَرِيُّ: وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ حَتَّى صَارَ أَغْلَبَ عليه.

والقَاصُّ: مَنْ يَأْتِي بالقِصَّة على وَجْهِهَا، كأَنَّهُ يَتَتَبَّعُ مَعَانِيَهَا وأَلْفاظَها، ومِنْهُ‌ الحَدِيث الموضُوع: «القَاصُّ ينْتَظِرُ المَقْتَ، والمُسْتَمعُ إِليه ينْتَظِرُ الرَّحْمةَ» ‌وكأَنَّهُ لِمَا يعْتَرضُ في قَصَصِه من الزِّيادة والنُّقْصان. و‌في حدِيثٍ آخَرَ: «إِنّ بنِي اسْرائيل لمَّا قَصُّوا هَلَكُوا» وفي رِوَايَةٍ: لما هَلَكُوا قَصُّوا؛ أَي اتَّكَلُوا على القَوْلِ وتَرَكُوا العَمَلَ، فكانَ ذلك سَبَبَ هَلَاكِهم، أَو العَكْس، لمَّا هَلَكُوا بتَرْك العَمَلِ أَخْلَدُوا إِلَى القَصَصِ. وقِيلَ: القَاصُّ. يَقُصُّ القَصَصَ لإِتْباعه خَبَرًا بعد خَبَرٍ، وسَوْقِه الكَلامَ سَوْقًا.

والقَصَّةُ: الجَصَّة، لُغَةٌ حجَازِيَّة، وقيل: الحجَارَةُ من الجَصِّ، ويُكْسَر، عن ابنِ دُرَيْد. قال أَبو سَعِيدٍ السِّيرافِيُّ: قال أَبُو بَكْرٍ: بِكَسْرِ القَافِ، وغَيْرُه يقولُ بفَتْحِها.

وفي الحَدِيثِ عن عائشَةَ، رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهَا، أَنَّها قالَت لِلنّساءِ: «لا تَغْتَسِلْنَ من المَحيضِ حَتَّى تَرَيْنَ القَصَّة البَيْضَاءَ». أَي حَتَّى تَرَيْنَ القُطْنَة أَو الخِرْقَةَ الّتِي تحْتَشِي بها بَيْضَاءَ كالقَصَّة؛ أَي كأَنّهَا قَصَّةٌ لا يُخَالِطُهَا صُفْرةٌ ولا تَرِيَّة كما ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ، وزاد الصّاغَانِيّ: وقيل: هي شَىْ‌ءٌ كالخَيْطِ الأَبْيَضِ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ، ووَجْهٌ ثالِثٌ، وهو أَنْ يُرِيدَ انْتِفَاءَ اللَّوْنِ، وأَن لا يَبْقَى منه أَثَرٌ البَتَّةَ، فضَرَبَتْ رُؤْيَةَ القَصَّةِ لِذلِكَ مَثَلًا، لأَنَّ رائِيَ القَصَّةِ البَيْضَاءِ غَيْرُ راءٍ شَيْئًا من سائرِ الأَلْوَانِ. وقال ابنُ سِيدَه: والَّذِي عِنْدِي أَنَّه إِنَّما أَرادَ ماءً أَبْيَضَ مِنْ مَصَالَةِ الحَيْضِ في آخِرهِ، شَبَّهَهُ بالجَصّ، وأَنَّثَ لِأَنَّه ذَهَبَ إِلى الطائِفَة، كما حَكاهُ سِيبَوَيْه من قَوْلِهِم: لَبَنَةٌ وعَسَلَةٌ. الجمع: قِصَاصٌ، بالكَسْر.

وذُو القَصَّة، بالفَتْح: موضع بَيْنَ زُبَالَةَ والشُّقُوقِ، وأَيضًا: مَاءٌ في أَجَأَ لِبَنِي طَرِيفٍ منْ بَنِي طَيِّئ، هكَذا ذَكَره الصّاغَانِيّ. والصَّوَابُ أَنَّ الماءَ هو القَصَّةُ. وأَمَّا ذُو القَصَّةِ فإِنَّه اسْمُ الجَبَلِ الَّذِي فيه هذا المَاءُ. وهو قَرِيبٌ من سَلْمَى عند سَقْفٍ وغَضْوَر.

وقَصَّ الشَّعرَ والظُّفرَ يَقُصُّهُما قَصًّا: قَطَعَ منهما بالمقَصّ، بالكَسْر؛ أَي المقْراضِ، وهو ما قَصَصْتَ به، ومنه قَصّ الشّارِب، وهُمَا مِقَصّانِ، والجَمْعُ مَقَاصُّ. وقِيلَ: المقَصَّانِ: ما يُقَصُّ بِه الشَّعرُ ولا يُفْرَدُ. هذا قَوْلُ أَهْل اللُّغَة. قال ابنُ سيدَه: وقد حَكَاهُ سِيبَوَيْه مُفْرَدًا في باب «ما يُعْتَمَلُ به». قال شَيْخُنَا: وجَعَلَه بَعْضُهُم من لَحْنِ العَامَّة، وأَغْرَبُ من ذلِكَ ما نَقَلَه أَيضًا عن «العِقْد الفَرِيد وبُغْيَةِ المَلك الصِنْدِيد» للعَلاَّمَة صَالِح بن الصِّدِّيق الخَزْرَجِيّ أَنَّه سُمِّيَ المِقَصّ لِاسْتِوَاءِ جانِبَيْه، واعْتِدالِ طَرَفَيْه. فتَأَمَّلْ.

وقُصَاصُ الشَّعرِ مُثَلَّثة حَيْثُ تَنْتَهِي نِبْتَتُهُ من مُقَدَّمه أَو مُؤَخَّرِه، والضَّمُّ أَعْلَى، وقيل: نِهَايَةُ مَنْبِتهِ، ومُنْقَطَعُهُ على الرَّأْسِ في وَسَطه وقيل: قُصاص الشّعرِ: حَدُّ القَفَا. وقيل: هو ما اسْتَدارَ به كُلِّهِ مِنْ خَلْفٍ وأَمام، وما حَوَالَيْه. ويُقَالُ: قُصَاصَةُ الشَّعرِ. وقال الأَصْمَعيّ: يُقَال: ضَربَهُ على قُصَاصِ شَعرِهِ، ومَقَصّ ومَقَاصّ.

والقُصَاصُ من الوَرِكَيْن: مُلْتَقاهُمَا من مُؤَخَّرِهما، وهو بالضَّمّ وَحْدَه، هكذَا نَقَلَه الصّاغَانِيّ في العُبَابِ. والَّذِي في اللِّسَان: قُصَاقِصَا الوَرِكَيْن: [أَعلاهما] فتَأَمَّلْ.

والقَصَاصُ كسَحَاب: شَجَرٌ. قال الدّينَوَرِيّ: باليَمَنِ، يَجْرُسُه النَّحْلُ. قال: ومِنْه عَسَلُ قَصَاصٍ، قال: ولم أَلْقَ مَنْ يُحَلِّيه عَلَيَّ.

والقُصَاصُ، كغُراب: جَبَلٌ لبَني أَسَدٍ.

وقُصَاصَةُ، بهاءٍ: موضع، نقله الصّاغَانِيُّ.

والقَصُّ والقَصَصُ: الصَّدْرُ من كُلِّ شَيْ‌ءٍ، وكَذلِكَ القَصْقَصُ، أو رَأْسُهُ، يُقَال له بالفَارسيّة سَرْسينَه، كما نَقلَه الجَوْهَرِيّ، أَوْ وَسَطُه، وهو قَوْلُ اللَّيْث، ونَصُّه: القَصُّ هو المُشَاشُ المَغْرُوزُ فيه أَطْرَافُ شَرَاسِيفِ الأَضْلاعِ في وَسَطِ الصَّدْرِ، أَو القَصُّ: عَظْمُه، من النَّاسِ وغَيْرهِم، كالقَصَصِ، وهو قَوْلُ ابن دُرَيْد، الجمع: قِصَاصٌ، بالكَسْر.

والقَصُّ من الشَّاةِ: ما قُصَّ من صُوفِهَا، كالقَصَصِ.

وقَصَّتِ الشَّاةُ، أَو الفَرَسُ، إِذا استَبانَ حَمْلُها أَو وَلَدُها، أَو ذَهَبَ وِدَاقُهَا وحَمَلَتْ، كأَقَصَّتْ، فِيهِمَا، وهي مُقِصٌّ مِنْ مَقَاصَّ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعِيّ. قال الأَزْهَرِيُّ: ولم أَسْمَعْهُ في الشَّاءِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وقِيل: فَرَسٌ مُقِصٌّ حَتَّى تَلْقَح، ثُمَّ مُعِقٌّ حَتَّى يَبْدَأَ حَمْلُهَا، ثُمَّ نَتُوجٌ. وقيل: هي الَّتِي امتَنَعَت ثمّ لَقِحَتْ: وقيل: أَقَصَّت، إِذا حَمَلَتْ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: لَقِحَت النَّاقَةُ، وحَمَلَت الشَّاةُ، وأَقَصَّت الفَرَسُ والأَتَانُ في أَوَّل حَمْلِهَا. وأَعَقَّت، في آخِرِه إِذا اسْتَبَان حَمْلُها.

والقَصْقَصُ والقَصِيصُ: مَنْبِت الشَّعرِ من الصَّدْرِ وكذلِكَ القَصَصُ، والقَصُّ. ومنه‌ حَديثُ صَفْوَانَ بن مُحرِز أَنَّه كانَ إِذا قَرأَ: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} بَكَى حَتَّى نَقُولَ قد انْدَقَّ قَصَصُ زَوْرِه.

والقَصِيصُ: الصَّوْتُ، عن ابنِ عَبّادٍ، كالكَصِيصِ، وقد مَرَّ أَيْضًا في الفَاءِ عَنْهُ ذلِكَ.

وقَصِيصٌ: ماءٌ بأَجَأَ لطِيِّئ.

والقَصِيصَةُ: البَعِيرُ، يقال: وَجَّهْتُ قَصِيصَةً مع بَنِيّ فُلانٍ؛ أَي بعِيرًا يَقُصُّ أَثَرَ الرِّكَابِ. والجَمْعُ القَصَائصُ، عن ابْن عَبّادٍ.

والقَصِيصَةُ: القِصَّةُ، والجَمْعُ القَصَائصُ. والقَصِيصَةُ: الزَّامِلَةُ الصَّغِيرَةُ الضَّعيفَةُ يُحْمَلُ عليها المَتَاعُ والطَّعَامُ لِضَعْفِها.

والقَصِيصَةُ: الطَّائفَةُ المُجْتَمِعَةُ في مَكَانٍ. يقال: تَركْتُهم قَصِيصَةً وَاحِدَةً؛ أَي مُجْتَمِعِين بمَكَانٍ وَاحِدٍ.

ورَجُلٌ قُصْقُصٌ، وقُصْقُصَةٌ، وقُصَاقِصٌ، بضَمِّهِنَّ، وقَصْقاصٌ، بالفَتْح، أَيْ غَلِيظٌ مُكَتَّلٌ، أَو قَصِيرٌ مُلَزَّزٌ، وقيل: هو الغَلِيظُ الشَّدِيدُ مع القِصَرِ.

وأَسَدٌ قُصَاقِصٌ، وقُصْقُصَةٌ بضَمِّهما وقَصْقَاصٌ، بالفَتْح، كُلُّ ذلِكَ نَعْتٌ له في صَوْتهِ، الأَخِيرُ عن الجَوْهَرِيّ، وهو قَوْلُ اللَّيْث. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: هو من أَسْمَائِه. وقِيلَ: أَسَدٌ قُصْقُصٌ، وقُصْقُصَةٌ، وقُصَاقِصٌ: عَظِيمُ الخَلْقِ شَدِيدٌ، وأَنْشَد أَبو مَهْدِيّ:

قُصْقُصَةٌ قُصاقِصٌ مُصَدَّرُ *** له صَلًا وعَضَلٌ مُنَقَّرُ

ورُوِي عن أَبي مالكٍ: أَسَدٌ قُصَاقِصٌ، ومُصَامِصٌ، وفُرَافِصٌ: شَديدٌ. ورَجُلٌ قُصَاقِصٌ فُرَافِصٌ: يُشَبَّه بالأَسَد.

وقال هِشامٌ: القُصَاقِصُ صِفَةٌ، وهو الغَليظُ المُكَتَّلُ.

وقال أَبو سَهْلٍ الهَرَوِيُّ: جَمْعُ القُصَاقِصِ المُكَسَّرُ قَصَاقِصُ، بالفَتْح، وجَمْعُ السَّلامَةِ قُصَاقِصَاتٌ، بالضَّمّ.

وحَيَّةٌ قُصَاقِصٌ: خَبِيثَةٌ، هكَذا في سائرِ النُّسَخ، والّذي في الصّحاح: وحَيَّةٌ قَصْقَاصٌ أَيضًا نَعْتٌ لها في خُبْثِها.

وفي كِتابِ العَيْنِ: والقَصْقَاصُ أَيضًا: نَعْتُ الحَيَّةِ الخَبِيثَةِ. قال: ولم يَجِي‌ءْ بِنَاءٌ على وَزْنِ فَعْلالٍ غَيْرهُ، إِنَّمَا حَدُّ أَبْنِيَةِ المُضَاعَفِ على وَزْنِ فُعْلُلٍ أَو فُعْلُولٍ أَو فِعْلِل أَو فِعْلِيلٍ مع كُلِّ مَقْصُورٍ مَمْدُودٍ منْه. قال: وجاءَتْ خَمْسُ كَلِمَاتٍ شَوَاذَّ، وهي ضُلَضِلة، وزُلَزِلٌ، وقَصْقَاصٌ، والقَلَنْقَلُ، والزِّلْزَال، وهو أَعمُّها، لأَنَّ مَصْدَرَ الرُّباعِيّ يحْتَمل أَنْ يُبْنَى كُلُّه على فِعْلالٍ، وليس بمُطَّرِدٍ. وكُلُّ نَعْتٍ رُبَاعِيٍّ فإِنّ الشُّعَراء يَبْنُونَهُ على فُعَالِلٍ، مثل قُصَاقِص كقَوْلِ القَائِل في وَصْفِ بَيْتٍ مُصَوَّرٍ بأَنْوَاعِ التَّصاوِير:

فِيه الغُوَاةُ مُصَوَّرُو *** نَ فحَاجِلٌ منهُمْ ورَاقِصْ

والفِيلُ يَرْتَكِبُ الرِّدَا *** فُ عَلَيْه والأَسَدُ القُصَاقصْ

انْتَهَى.

وفي التَّهذيب: أَمَّا ما قَالَهُ اللَّيْثُ في القُصَاقِصِ بمَعْنَى صَوْتِ الأَسَدِ ونَعْتِ الحَيَّةِ الخَبِيثة فإِنّي لم أَجِدْهُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. قال: وهو شَاذٌّ إِن صَحَّ، وفي بَعْضِ النُّسَجِ: فإِنّي لا أَعرِفُه، وأَنا بَرِي‌ءٌ من عُهْدَته.

قُلْتُ: فإن صَحَّت نُسَخُ القَامُوس كُلُّها، وثَبَتَ: حَيَّةٌ قُصَاقِصٌ، فيَكُونُ هَرَبًا من إِنْكارِ الأَزْهَرِيّ على اللَّيْثِ فيما قَالَهُ، ولكِنْ قد ذكرَ: أَسَدٌ قَصْقَاصٌ، بالفَتْح، تَبَعًا للجَوْهَرِيّ وغَيْره، وإِلاّ فَهُو مُخَالِفٌ لِمَا في أُصُولِ اللُّغَة. فتَأَمَّلْ.

وجَمَلٌ قُصَاقِصٌ: قَوِيٌّ وقِيلَ: عَظِيمٌ. وقد مَرَّ للمُصَنِّف أَيضًا في السّين: القَسْقَاس والقَسْقَس والقُسَاقِسُ: الأَسَدُ، ويأْتِي له في الضَّادِ أَيضًا: أَسَدٌ قَضْقَاضٌ، بالفَتْح والضَّمّ.

وقُصَاقِصَةُ، بالضَّمّ: موضع، نقله الصّاغانيّ.

والقِصَّةُ، بالكَسْرِ: الأَمْرُ والحَدِيثُ، والخَبَر، كالقَصَصِ، بالفَتْح. والَّتِي تُكْتَب، ج: قِصَصٌ، كعِنَبٍ.

يُقَالُ: لَهُ قِصَّةٌ عَجِيبَةٌ، وقد رَفَعْتَ قِصَّتِي إِلى فُلانٍ.

والأَقَاصِيصُ جَمْعُ الجَمْع.

والقُصَّةُ، بالضَّمِّ: شَعرُ النَّاصِيَةِ. ومنهم مَنْ قَيَّدَهُ بالفَرَسِ وقِيلَ: ما أَقْبَلَ من النّاصِيَة عل الوَجْهِ. قال عَدِيُّ ابنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:

لَهُ قُصَّةٌ فَشَغَتْ حاجِبَيْ *** هِ والعَيْنُ تُبْصِرُ مَا فِي الظُّلَمْ

ومنه‌ حَدِيثُ أَنَسٍ: «ولَكَ قَرْنَانِ أَو قُصَّتانِ». و‌في حَدِيث مُعَاوِيَة: «تَنَاوَلَ قُصَّةً من شَعرٍ كانَتْ في يَدِ حَرَسِيّ». والقُصَّة أَيضًا تَتَّخِذُهَا المَرْأَةُ في مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، تَقُصُّ ناصِيَتَها ما عَدَا جَبِينَهَا الجمع: قُصَصٌ وقِصَاصٌ، كصُرَدٍ ورِجَالٍ.

وأَبُو أَحْمَدَ شُجَاعُ بنُ مُفَرِّجِ بنِ قُصَّةَ، بالضَّمّ، المَقْدِسيُّ: مُحَدِّثٌ، عن أَبي المَعَالِي بْن صَابِر، وعَنْهُ الفَخْرُ بنُ البُخَارِيّ.

والقِصَاصُ، بالكَسْرِ: القَوَدُ، وهو القَتْل بالقَتْل، أو الجَرْحُ بالجَرْحِ، كالقِصَاصَاءِ، بالكَسْرِ، والقُصَاصَاءِ، بالضَّمّ. قال شَيْخُنا: وهو من المَفَارِيدِ شاذٌّ عن ابْن دُرَيْدٍ.

والقُصَاصُ، بالضَّمِّ: مَجْرَى الجَلَمَيْن من الرَّأْسِ في وَسَطِهِ، أَو قُصَاصُ الشّعرِ: حَدُّ القَفَا، أَو هو نِهَايَةُ مَنْبِتِ الشَّعرِ من مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وقِيلَ: هو حَيْثُ يَنْتَهِي نَبْتُه من مُقَدَّمِه ومُؤَخَّرِه. وقد تَقَدَّم قريبًا.

ويُقَال: أَقَصَّ هذا البَعيرُ هُزَالًا، وهو الَّذِي لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْبَعِثَ وقد كَرَبَ.

والإقْصاصُ: أَنْ يُؤْخَذَ لَك القِصَاصُ. يُقَال: أَقَصَّ الأَمِيرُ فُلانًا مِنْ فُلان، إِذا اقْتَصَّ لَهُ مِنْه فجَرَحَهُ مِثْلَ جَرْحِه، أَو قَتَلَه قَوَدًا، وكَذلكَ أَمْثَلَهُ منه إِمْثَالًا، فامْتَثَلَ.

وأَقَصَّتِ الأَرضُ: أَنْبَتَت القَصِيصَ، ولم يُفَسِّرِ القَصِيصَ ما هُو وهو غَرِيبٌ لأَنَّهُ أَحالَهُ على مَجْهُولٍ. وقال اللَّيْثُ: القَصِيصُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ في أُصولِ الكَمْأَةِ، وقد يُجْعَلُ غِسْلًا للرَّأْسِ كالخِطْمِيّ.

وقال أَبو حَنِيفَةَ: القَصِيصَةُ: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ في أَصْلِ الكَمْأَةِ، ويُتَّخَذُ منْهَا الغِسْلُ، والجَمْع قَصَائِصُ وقَصِيصٌ.

قال الأَعْشَى:

فقُلْتُ ولم أَمْلِكْ أَبَكْرُ بنَ وَائِلٍ *** مَتَى كُنتَ فَقْعًا نَابِتًا بقَصَائِصَا

وأَنشدَ ابنُ بَرِّيّ لامْرِئِ القَيْس:

تَصَيِّفَها حَتَّى إِذا لَمْ يَسُغْ لَهَا *** حَلِيٌّ بأَعْلَى حائِلٍ وقَصِيصُ

وأَنْشَدَ لِعَدِيّ بْنِ زَيْد:

تَجْنِي له الكَمْأَةَ رِبْعِيَّة *** بالخَبْ‌ءِ تَنْدَى في أُصولِ القَصِيص

وقال مُهاصِرٌ النَّهْشَليّ:

جَنَيْتُهَا من مَنْبِت عَوِيصِ *** من مَنْبِتِ الإِجْرِدِ والقَصِيصِ

قال أَبو حَنِيفَةَ: وزَعَم بَعْضُ النَّاس أَنّه إِنَّما سُمِّيَ قَصِيصًا لِدَلالَتِهِ على الكَمْأَة، كما يُقْتَصّ الأَثَرُ. قال: ولم أَسْمَعْه.

يُرِيدُ أَنّهُ لم يَسْمَعْه من ثِقَةٍ.

وأَقَصَّ الرَّجُلُ من نَفْسِه، إِذا مَكَّنَ من الاقْتِصاصِ مِنْه.

والقِصَاصُ الاسْمُ منه، وهو أَنْ يَفْعَلَ به مِثْلَ فِعْلِه، من قَتْلٍ، أَو قَطْعٍ، أَو ضَرْبٍ، أَو جَرْحٍ. ومِنْه‌ حَدِيثُ عُمَرَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى ‌الله‌ عليه‌وسلم يُقِصُّ مِنْ نَفْسِه».

وأَقَصَّهُ المَوْتُ إِقْصَاصًا: أَشْرَفَ عليه ثُمَّ نَجَا، ويقال: أَقَصَّتْهُ شَعُوبُ. وقال الفَرَّاءُ: قَصَّهُ من المَوْت وأَقَصَّهُ مِنْه بمَعْنًى. أَي دَنَا مِنْه. وكان يَقَولُ: ضَرَبَه حَتَّى أَقَصَّهُ المَوْتُ. وقال الأَصْمَعِيُّ: ضَرَبَهُ ضَرْبًا أَقَصَّه من المَوْتِ أَي أَدْنَاهُ من المَوْتِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْه، وقال:

فإِنْ يَفْخَرْ عَلَيْكَ بِهَا أَمِيرٌ *** فقد أَقْصَصْتَ أُمَّكَ بالهُزالِ

أَي أَدْنَيْتَهَا من المَوْت.

وتَقْصِيصُ الدَّارِ: تَجْصِيصُها. ومَدِينَةٌ مُقَصَّصَةٌ: مَطْلِيَّةٌ: بالقَصِّ، وكَذلكَ قَبْرٌ مُقَصَّصٌ. ومنه‌ الحَدِيث: «نَهَى عن تَقْصِيصِ القُبُورِ» ‌وهو بِنَاؤُهَا بالقَصَّة.

واقْتَصَّ أَثَرَهُ: قَصَّة، كتَقَصَّصَهُ، وقيل: التَّقَصُّصُ: تَتَبُّعُ الآثَار باللَّيْلِ. وقيل: أَيّ وَقْتٍ كانَ.

واقْتَصَّ فُلانًا: سَأَلَهُ أَنْ يُقِصَّه، كاسْتَقَصَّه هكذا في سَائِر النُّسَخِ، وهو وَهَمٌ والصَّوابُ: اسْتَقَصَّه: سَأَله أَنْ يُقِصَّه مِنْه. وأَمّا اقْتَصَّه فمَعْنَاه تَتَبَّع أَثَرَه، هذا هو المَعْرُوف عنْدَ أَهْلِ اللُّغَة، وإِنَّمَا غَرَّه سَوْقُ عِبَارَة العُبَاب ونَصُّه: وتَقَصَّصَ أَثَرَهُ مِثْلُ قَصَّه واقْتَصَّه. واسْتَقَصَّه: سَأَلَهُ أَن يُقِصَّه، فظَنَّ أَن اسْتَقَصَّه مَعْطُوف على اقْتَصَّه وليس كَذلِكَ، بَلْ هِي جُمْلَة مُسْتَقِلَّة، وقد تَمَّ الكَلامُ عنْدَ قَوْله: واقْتَصَّه، فتَأَمَّلْ.

واقْتَصَّ مِنْه أَخَذَ منه القِصَاصَ، ويُقَال: اقْتَصَّه الأَمِيرُ؛ أَي أَقادَهُ.

واقتَصَّ الحَديثَ: رَوَاهُ على وَجْهِه، كَأَنَّه تَتَبَّعَ أَثَرَه فأَوْرَدَهُ على قَصِّهِ.

وتَقَاصَّ القَوْمُ: قَاصَّ كُلُّ وَاحدٍ منهم صَاحبَهُ في حِسَابٍ وغَيْرِه، وهو مَجازٌ، مَأْخُوذٌ من مُقاصَّةِ وَلِيِّ القَتِيلِ. وأَصْلُ التَّقاصِّ التَّنَاصُفُ في القِصَاصِ، قال الشاعر:

فَرُمْنا القِصَاصَ وكَانَ التَّقَاصُّ *** حُكْمًا وعَدْلًا على المُسْلِمِينَا

قال ابنُ سِيدَه: قولُه التَّقَاصُّ شَاذٌّ، لأَنَّه جَمَعَ بَيْنَ الساكنَيْن في الشِّعْرِ، ولذلك رَوَاهُ بعضُهم: «... وكان القِصَاصُ»، ولا نَظيرَ له إِلاّ بَيْتٌ وَاحدٌ أَنْشَدَه الأَخْفَش:

ولَوْلا خِدَاشٌ أَخَذْتُ دَوابّ *** سَعْدٍ ولم أُعْطِه ما عَلَيْهَا

قال أَبو إِسْحَاق: أَحْسَب هذَا البيت إِنْ كَانَ صَحيحًا [فَهُوَ].

ولَوْ لا خدَاشٌ أَخَذْتُ دَوَابِبَ سَعْدٍ...

لأَنَّ إظْهَارَ التَّضْعيف جَائِزٌ في الشِّعْر. أَو: أَخَذْتُ رَوَاحِلَ سَعْدٍ.

وقَصْقَصَ بالجِرْوِ: دَعَاهُ، والسِّينُ لُغَة فيه.

وقال أَبُو زَيْد: تَقَصَّصَ كَلامَهُ؛ أَي حَفِظَهُ.

* ومما يُسْتَدْرَك عليه:

قَصَّصَ الشَّعرَ وقَصَّاهُ، على التحْوِيل، كقَصَّهُ [قطعه].

وقُصَاصَةُ الشَّعرِ، بالضَّمّ: ما قُصَّ منه، وهذِه عن اللِّحْيَانيّ.

وطَائِرٌ مَقْصُوصُ الجَنَاحِ.

ومَقَصُّ الشَّعرِ: قُصَاصُهُ حيثُ يُؤْخَذُ بالمِقَصّ. وقد اقْتَصَّ وتَقَصَّصَ وتَقَصَّى. وشَعرٌ قَصِيصٌ ومَقْصُوصٌ.

وقَصَّ النَّسّاجُ الثَّوْبَ: قَطَعَ هُدْبَهُ. وما قُصَّ مِنْهُ هي القُصَاصَةُ.

ويُقَال: في رَأْسِهِ قِصَّةٌ، يَعْنِي الجُمْلَةَ من الكَلامِ ونَحْوِه، وهو مَجازٌ.

وقَصَصُ الشّاةِ: ما قُصَّ من صُوفِها.

وقَصَّهُ يَقُصُّه: قَطَعَ أَطْرافَ أُذُنَيْه، عن ابن الأَعْرابِيّ.

قال: وُلِد لِمَرْأَةٍ مِقْلاتٍ فقِيلَ لها: قُصِّيهِ فَهُو أَحْرَى أَن يَعيشَ لَكِ. أَي خُذِي من أَطْرَافِ أُذُنَيْه، ففَعَلَتْ فعَاشَ.

وفي الحَدِيثِ: «قَصَّ الله بها خَطَاياه»؛ أَي نَقَصَ وأَخَذَ.

وفي المَثَل: «هو أَلْزَمُ لَكَ من شَعَرَاتِ قَصِّك» نَقَلَه الجَوْهَريّ. وبخَطِّ أَبي سَهْلٍ: «شُعَيْرَاتِ قَصِّكَ» ويُرْوَى: «من شَعَراتِ قَصَصِكَ» قال الأَصْمَعِيّ: وذلِك أَنَّهَا كُلَّما جُزَّت نَبَتَتْ. وقال الصّاغَانِيّ: يُرَادُ أَنّهُ لا يُفَارِقُكَ ولا تَسْتَطيعُ أَنْ تُلْقِيه عَنْك. يُضْرَبُ لِمَنْ يَنْتَفِي مِنْ قَرِيبِه، ويُضْرَب أَيضًا لِمَنْ أَنْكَرَ حَقًّا يَلْزَمُهُ من الحُقُوق.

وقَصُّ: بَلْدَةٌ على ساحِل بَحْرِ الهِنْد، وهو مُعَرَّب كَج، وذَكَرَه المُصَنّف في السّينِ. والقَصَصُ، بالفَتْح: الخَبَرُ المَقْصُوص، وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدرِ. و‌في حَدِيث غَسْلَ دَمِ المَحِيض: «فَتَقُصُّه برِيِقهَا» ‌أَي تَعَضُّ مَوْضِعَهُ من الثَّوْب بأَسْنانِها ورِيقِها لِيَذْهَبَ أَثَرهُ، كأَنَّه من القَصّ، القَطْع، أَو تَتَبُّع الأَثَرِ.

والقَصُّ: البَيَانُ. والقَاصُّ: الخَطيبُ، وبه فَسَّر بَعْضٌ‌ الحَديثَ: «لا يَقُصُّ إِلاَّ أَميرٌ أَو مَأْمُورٌ أَو مُخْتَالٌ». وخَرَجَ فُلانٌ قَصَصًا في إِثْر فُلان: إِذا اقْتَصَّ أَثَرَه.

وفي المَثَل: «هو أَعْلَمُ بمَنْبِت القَصِيصِ»، يُضْرَبُ للعارِف بمَوْضِعِ حَاجَتِهِ.

ولُعْبَةٌ لهُم يُقَالُ لها: قَاصَّة.

وحَكَى بَعْضُهم: قُوصَّ زَيْدٌ ما عَلَيْه. قال ابنُ سِيدَه: عِنْدِي أَنَّه في مَعْنَى حُوسبَ بِمَا عَلَيْه.

إِلاَّ أَنّه عُدِّيَ بغَيْر حَرْفٍ، لأَنَّ فِيه مَعْنَى أُغْرِمَ ونَحْوِه.

وفي حَديث زَيْنَب: يا قَصَّةً على مَلْحُودَةِ» ‌شَبَّهَتْ أَجْسَامَهم بالقُبُورِ المُتَّخَذَةِ من الجَصّ، وأَنْفُسَهم بجِيَفِ المَوْتَى التَّي تَشْتَمِلُ عليها القُبورُ.

والقَصّاصُ: لُغَةٌ في القَصِّ، اسمٌ كالجَيَّارِ. وما يَقِصُّ في يَدِه [شىْ‌ءٌ]؛ أَي ما يَبْرُدُ وما يَثْبُتُ، عن ابن الأَعْرَابيّ. وذَكَره المُصَنِّف في «ف ص ص»، وتَقَدَّم هُنَاكَ الإِنْشادُ.

والقَصَاصُ كسَحَاب؛ ضَرْبٌ من الحَمْض، وَاحدَتُه: قَصَاصَةٌ.

وقَصْقَصَ الشَّيْ‌ءَ: كَسَرَهُ.

والقَصْقَاصُ، بالفَتْح: ضَرْبٌ من الحَمْضِ. قال أَبُو حَنِيفَةَ؛ هو دَقِيقٌ ضَعِيفٌ أَصْفَرُ اللَّوْنِ. وقال أَبو عَمْرٍو: القَصقَاصُ: أُشْنانُ الشَّأْمِ.

وذُو القَصَّة، بالفَتْح: مَوْضِعٌ على أَرْبَعَةٍ وعِشْرِين مِيلًا من المَدِينة المُشَرَّفة، وقد جاءَ ذِكْرُه في حَديث الرِّدَّةِ، وهو‌ المَذْكُور في المَتْنِ كما هو الظَّاهِرُ، وَيَأْتي ذِكْرُهُ أَيْضًا في «ب ق ع».

والقُّصَّاص، كرُمّانٍ: جَمْعُ القاصِّ. ومن المجَاز: عَضَّ بقُصَاصِ كَتِفَيْه: مُنْتَهاهُما حَيْثُ الْتَقَيَا.

وقاصَصْتُه بما كانَ لي قبَلَهُ؛ حَبَسْتُ عنه مِثْلَه. نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيّ.

وأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ القَصَّاصُّ الأَصْبَهَانِيُّ، صاحِبُ أَبِي بَكْرِ بنِ المُقْرِئِ. وأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بنُ مَوْهُوبِ بن عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ السُّلَمِيّ، عُرف بابْن المُقَصِّصِ، سَمع منه الحافِظُ أَبو القَاسِمِ بنُ عَساكِر، وذَكَرَه في تَارِيخِه، تُوُفِّيَ بدِمَشْق سنة 559 وعمُّه أَبُو البرَكاتِ كتائِبُ بنُ عَلِيّ بْنِ حَمْزَةَ السُّلَمِيّ الحَنْبَلِيّ، سَمِعَ أَبا بَكْرٍ الخَطِيبَ، وكَتَبَ عنه السِّلَفِيُّ في «معجم السّفر» كذا في تَكْمِلَة الإِكْمَال لأَبِي حَامِد الصَّابُونِيّ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


50-تاج العروس (ضغط)

[ضغط]: ضَغَطَه يَضْغَطُه ضَغْطًا: عَصَرَهُ وضَيَّقَ عَلَيْه وقَهَرَه.

وضَغَطَه، إِذا زَحَمَهُ إِلى حائِطٍ ونَحْوِه، كما في الصّحاح.

وضَغَطَهُ، إِذا غَمَزَه إِلى شَيْ‌ءٍ كأَرْضٍ أَو حَائِطٍ، ومنه‌ الحَدِيثُ: «لَوْ نَجا أَحدٌ من ضَغْطَة القَبْرِ، ويُرْوَى: «من ضَمَّةِ القَبْر» لَنَجا منها سَعْدٌ»، وفي حديثٍ آخَرَ: «لَتُضْغَطُنَّ على بَابِ الجَنَّة» ‌أَي تُزْحَمُونَ.

ومن المَجَازِ: الضّاغِطُ مثْل الرَّقِيب والأَمِين على الشَّيْ‌ءِ، يُقَالُ: أَرْسَلَه ضاغِطًا على فُلانٍ، سُمِّيَ بذلِك لِتَضْيِيقِه على العامِل، ومنه حَدِيثُ مُعَاذٍ: «كَان عليَّ ضاغِطٌ» كذا في الصّحاح. قلتُ: والحَدِيثُ أَنَّ مُعَاذًا كانَ بَعَثَهُ عُمَرُ رضي ‌الله‌ عنهما سَاعِيًا على بَنِي كِلابٍ، أَو على سَعْدِ بنِ ذُبْيَانَ، فقَسَمَ فيهِمْ ولَم يَدَعْ شَيْئًا حتّى جاءَ‌ بحِلْسه، الذي خَرَجَ به على رَقَبَتِه، فقالَت لَهُ امْرَأَتُه: أَيْنَ ما جِئْتَ به مِمّا يأتي به العُمّالُ من عُرَاضَةِ أَهْلِيهِم. فقال: «كان مَعِي ضاغِطٌ»؛ أَي أَمينٌ، ولم يكُنْ مَعَه أَمِينٌ ولا شَرِيكٌ، وإِنَّمَا أَراد، واللهُ أَعْلَمُ، إِرْضَاءَ المَرْأَةِ بهذا القَوْلِ؛ أَي أَمينٌ حافِظٌ، يَعْنِي الله عَزَّ وجلَّ المطَّلِعَ على سَرائرِ العِبادِ. وهذا من مَعارِيضِ الكَلام.

والضّاغِطُ: انْفِتَاقٌ في إِبِطِ البَعِيرِ وكَثْرَةُ لَحْم وهو: الضَّبُّ أَيضًا، كما في الصّحاحِ وقال ابنُ دُرَيْدٍ: بَعِيرٌ به ضَاغطٌ، إِذا كان إِبِطُه يُصِيبُ جَنْبه حتَّى يُؤَثِّر فيه أَو يَتَدَلَّى جِلْدُه. وقال غيرُه: هو شِبْهُ جِرَابٍ أَو جِلْد مُجْتَمِع. وقال بَعْضُهُم: الضَّاغِطُ في البَعِيرِ: أَصْلُ كِرْكِرَتِه يَضْغَطُ مَوضعَ إِبطِه فيُؤَثِّرُ فيه ويَسْحَجُه.

والمَضْغَطُ، كمَقْعَدٍ: أَرْضٌ ذاتُ أَمْسِلَةٍ جَمْع مَسِيلٍ مُنْخَفِضَةٍ، زَعَمُوا، قاله ابنُ دُرَيْدٍ، الجمع: مَضَاغِطُ. وقال ابنُ فارِسٍ: المَضَاغيطُ: أَرَضُونَ مُنْخَفِضَة.

والضُّغْطةُ، بالضَّمِّ: الضِّيقُ والإِكْرَاهُ، يقال: أَخَذْتُ فُلانًا ضُغْطَةً، إِذا ضَيّقتَ عليه لِتُكْرِهَه على الشَّيْ‌ءِ، كما في الصّحاح.

والضُّغْطة: أَيضًا: الشِّدَّةُ والمشَقَّة، وهو مَجَازٌ. يُقَال: ارفَعْ عَنَّا هذه الضُّغْطَةَ، كما في الصّحاح. وفي بعضِ النُّسَخِ: «اللهُمَّ ارْفَعْ» وفي الحَدِيث «لا تَجُوزُ الضُّغْطَةُ» قِيل: هي أَنْ تُصَالِحَ مَنْ لك عليهِ مالٌ، على بعْضِه، ثمّ تَجِد البَيِّنةَ فتَأْخُذه بجَمِيعِ المالِ.

وقال ابنُ دُريد: ضُغَاطٌ كغُرَابٍ: موضع، هكذا في العُبَابِ: وفي التَّكْمِلَة: ضَغَاطِ: اسمُ مَوضِع وفيه نَظَرٌ، وضَبَطَه كحَذَامِ.

والضَّغِيطُ، كأَمِيرٍ: بِئْرٌ تُحْفَر إِلى جَنْبِهَا بئْرٌ أُخْرَى فيَقِلُّ ماؤُهَا. قاله ابنُ دُرَيدٍ. قال: وقالَ قومٌ: بل الضَّغِيطُ بِئْرٌ تُحْفَرُ بينَ بِئْرَيْن مَدْفُونَيْن، وفي الصّحاحِ: قال الأَصْمَعِيُّ: الضَّغِيطُ: بِئْرٌ إِلى جَنْبِها بِئْرٌ أُخْرَى فتَنْدَفِنُ إِحْداهُمَا، وليسَ هذا في نَصِّ الأَصْمَعِيِّ، وإِنَّما فيه بعدَ قَوْلِه: أُخْرَى، فتَحْمَأُ؛ أَي تَصِيرُ ذاتَ حَمْأَةٍ، فيُنْتِنُ ماؤها، فيَسِيلُ في العَذْبةِ فيُفْسِدُهَا، فلا تُشْرَبُ. ونصُّ الأَصْمَعِيِّ: فيَصِيرُ ماؤهَا مُنْتِنًا [فيسيلُ] في مَاءِ العَذْبَةِ فيُفْسِدُه، فلا يَشْرَبُه أَحَدٌ، قال الرّاجِزٌ:

يَشْرَبْنَ ماءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ *** ولا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيطِ

والضَّغِيطُ: الرَّجُلِ الضَّعِيفُ الرَّأْي لَا يَنْبَعِثُ مع القَوْمِ ج: ضَغْطَى، لأَنَّهُ دَاءٌ.

والضَّغِيطَةُ، بهاءٍ: الضَّعِيفَةُ من النَّبْتِ، هكَذَا في سَائِرِ أُصُولِ القَامُوسِ، وهو غَلَطٌ والصّوابُ: والضَّغِيغَةُ بغَيْنَيْن معجمتَيْن، وهو مَأْخُوذٌ من المُحِيط لابْنِ عَبّادٍ، ونصُّه:

الضَّغِيطَةُ: مثل الضَّغِيغَةِ من النَّبْتِ والبَقْل، وهي من الطَّعَامِ: مثْل اللَّبِيكَة، وسيأْتي في «ض غ غ» بيانُ ذلِكَ فتَأْمَّلْ.

وتَضَاغَطُوا: ازْدَحَمُوا.

وضَاغَطُوا: زَاحَمُوا، وفي التَّهْذِيب: تَضَاغَطَ الناسُ في الزِّحام. والضِّغَاطُ، بالكَسْرِ، كالتَّضاغُطِ، أَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:

إِنّ النَّدَى حَيْث تَرَى الضِّغَاطَا

* ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:

الضَّغْطَةُ، بالفَتْح: القَهْرُ، والضِّيقُ والاضْطِرَارُ.

وضَغَطَ عليه واضْتَغَطَ: تَشَدَّدَ عليه في غُرْمٍ أَو نَحْوِه، عن اللِّحْيَانِيِّ، كذا حكاه اضْتَغَطَ، بالإِظهَارِ، والقِيَاسُ اضْطَغَطَ.

والضُغْطَةُ: المُجاحَدةُ، عن النَّضْر.

وانْضَغَطَ الرَّجُلُ: انْقَهَر.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


51-تاج العروس (ضفط)

[ضفط]: الضَّفَاطَةُ: الجَهْلُ والغَفْلَةُ، كالسَّفَاطَةِ.

والضَّفَاطَةُ: ضَعْفُ الرَّأْيِ، وفي حَدِيثِ عُمَرَ رضِيَ الله عنه: «اللهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بكَ من الضَّفَاطَةِ» ‌قال أَبُو عُبَيْدٍ: عَنَى ضَعْفَ الرَّأْيِ والجَهْلَ.

والضَّفَاطَةُ: ضِخَمُ البَطْنِ مع الرَّخَاوَةِ.

والفِعْلُ ككَرُمَ، ضَفُطَ ضَفَاطَةً.

والضَّفَاطَةُ الدُّفُّ، ومنه‌ حَدِيثُ ابنِ سِيرينَ: «أَنَّه حَضَر نِكَاحًا فقال: «أَيْنَ ضَفَاطَتُكُنَّ؟».

فَسَّرُوا أَنَّه أَرادَ الدُّفَّ، وفي الصّحاح: أَين ضَفَاطَتُكُنَّ؟ يَعْنِي الدُّفَّ، قال أَبُو عُبَيْدٍ: وإِنَّمَا نرَاه سَمّاه ضَفَاطَةً لهذا المَعْنَى؛ أَي أَنَّهُ لَهوٌ ولَعِبٌ، وهو راجِعٌ إِلى ضَعْفِ الرَّأْيِ والجَهْلِ.

أَو الضَّفَاطَةُ: اللِّعَابُ به، أَي، بالدُّفِّ والصَّنْجِ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ، هكَذَا نقلهُ الصّاغَانِيُّ وهو مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ بالتَّشْدِيدِ، فإِنَّ ابنَ دُرَيْدٍ لم يَضْبِطْه ولا الصّاغَانِيَّ ولا صَاحِبَ اللّسان، فتأَمّل.

والضَّفِيطُ، كأَمِيرٍ: العِذْيَوْطُ وهو الذِي يُحْدِثُ عند الجِمَاع.

والضَّفِيطُ: الجاهِلُ الضَّعِيفُ الرَّأْيِ ج: ضَفْطَى كصَرِيعٍ وصَرْعَى، وفي حَدِيث عُمَرَ رضِي الله عنه: «لكِنّي أَوتِرُ حِين يَنَامُ الضَّفْطَى» ‌هم الحَمْقَى والنَّوْكَى.

والضَّفيطُ: السَّخِيُّ.

والضَّفِيطُ: الشَّرِيسُ من فُحُولِ الإِبِلِ، ضِدٌ، كما في العُبَابِ.

وقال ابنُ عَبّادٍ: الضّافِطُ: مُسَافِرٌ لا يُبْعِدُ السَّفَرَ.

والضَّفْطَةُ للمَرَّةِ، مِثْلُ الحَمْقَة، جمعُه ضَفَطَاتٌ، مُحَرَّكَةً، ومنه حدِيثُ ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عنهما؛ «إِنَّ فِيَّ ضَفْطةً، وهذِه إِحْدى ضَفَطَاتِي»، كما في الصّحاحِ، يعني أَنَّه لما قَال: لو لم يَطْلُب النّاسُ بدَمِ عُثْمَانَ لَرُمُوا بالحِجَارةِ من السّمَاءِ، فقِيلَ له: أَتَقُولُ هذا، وأَنْت عامِلٌ لفُلانٍ؟ فقالَهُمَا.

والضَّفَّاطُ، كشَدّادٍ: الجمّالُ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ.

والضَّفَّاطُ: المُكَارِي الذي يُكْرِي الأَحْمالَ من قَرْيَةٍ إِلى قَرْيَةٍ أُخْرَى، وقِيل: الَّذِي يُكْرِي من منْزِلٍ إِلى مَنْزِلٍ، حكاه ثَعْلَبٌ، وأَنْشَدَ:

لَيْسَتْ له سمَائلُ الضَّفّاطِ

والضَّفّاطُ: الجَلاّبُ يَجْلِبُ المِيرَةَ والمَتَاعَ إِلى المُدُن.

وفي الحَدِيثِ: «إِنّ ضَفَّاطِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ» ‌وكان يَوْمَئذٍ قَومٌ من الأَنْبَاطِ يَحْمِلُون إِلى المَدِينَةِ الدَّقِيقَ والزَّيْتَ وغيرَهما، وأَنْشَدَ سَيبَوَيْه للأَخْضَرِ بن هُبَيْرَةَ:

فما كُنْتُ ضَفّاطًا ولكِنَّ رَاكِبًا *** أَنَاخَ قليلًا فَوْقَ ظَهْرِ سَبِيلِ

والضَّفّاطُ: الّذِي قد ضَفَطَ بسَلْحِه، عن اللَّيْث؛ أَي رَمَى به. وقال غيرُه: هو المُحْدِثُ، يقال: ضَفَط، إِذا قَضَى حَاجَتَهُ.

والضَّفّاطُ: السَّمِينُ الرِّخْوُ الضَّخْمُ البَطِينُ، كالضَّفِيطِ، كأَمِيرٍ. وضَفَنطٍ: مثل سَمَنْدٍ، هكَذَا هو في أُصُول القامُوسِ، والصّوابُ: ضَفَنَّط مثلُ عَمَلَّسٍ. وقد ضَفُطَ ضَفَاطَةً.

والضَّفّاطُ: الثَّقِيلُ البَطِينُ من الرِّجال لا يَنْبَعِثُ مع القَوْمِ لِضَعْفِ رَأْيِه، كالضِّفِطِّ، كفِلِزٍّ، وهذِه عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ، كما أَنَّ الأُّولَى عن ثَعْلَبٍ.

والضَّفّاطَةُ، بهاءٍ: الإِبِلُ الحَمُولَةُ يُحْمَلُ عليها من بَلَدٍ إِلى بلَدٍ، وكذلِكَ الحُمُرُ المُخْتلَفُ عَلَيْهَا من مَاءٍ إِلى ماءٍ، كالضّافِطَةِ، وهم أَيْضًا: الَّذين يَجْلِبُون المِيرَةَ والطَّعَامَ.

وفي حَدِيثِ قَتَادَةَ بنِ النُّعْمَانِ: «فقَدِمَ ضَافِطَةٌ من الدَّرْمَكِ» ‌وهُوَ من ذلِكَ، قاله ابنُ شُمَيْلٍ.

والضَّفّاطَةُ أَيضًا: الرُّفْقَةُ العَظِيمَةُ، كالدَّجّالَةِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

والضُّفّاطُ، كرُمّانٍ: رُذَالُ النّاسِ، كالضّافِطَةِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وأَنْشَدَ قولَ جَسّاسِ بنِ قُطَيْبٍ:

لَيْسَت به شَمَائلُ الضُّفّاطِ

وضَفَطَهُ ضَفْطًا: شَدَّه بالحَبْلِ وأَوْثَقَه.

وضَفَطَ عَلَيْهِ: رَكِبَه فلم يُزَايِلْه أَي لم يفارِقْه.

والضِّفِطُّ كفِلِزٍّ: التَّارُّ من الرِّجالِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عن ابنِ شُمَيْلٍ، وصاحِبُ اللِّسَانِ عن شَمِرٍ.

وقال ابنُ عَبّادٍ: تَضَافَطَ عليه اللَّحْمُ أَي اكْتَنزَ.

قال الصّاغَانِيُّ: والتَّركِيب يَدُلُّ على الحُمْقِ والجَفَاءِ.

وقال ابنُ فارسٍ: وأَحْسَب أَنَّ البابَ كُلَّه ممّا لا يُعَوَّل عليه.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

الضَّفّاطُ، كشَدّادٍ: الأَحْمَق، عن ابْنِ الأَعْرَابيِّ. وقال شَمِرٌ: رَجُلٌ ضَفِيطٌ: أَحْمَقُ كَثِيرُ الأَكْلِ.

والضَّفّاطُ: المُخْتَلِفُ على الحُمُرِ من قَرْيَةٍ إِلى قَرْيَةٍ، ويُقَال أَيْضًا لِلحُمُرِ: الضَّفّاطَةُ.

وقال ثَعْلَبٌ: رَحَلَ فلانٌ على ضَفّاطَةٍ، وهي الرَّوْحَاءُ المائِلَةُ.

وما أَعْظَمَ ضُفُوطَهُم؛ أَي خُرْأَهُم.

وضَفِطَ الرَّجُلُ ضَفَاطَةً، كفَرِحَ: لغةٌ في ضَفُطَ، ككَرُمَ، نقله ابنُ القَطّاع.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


52-تاج العروس (ثفل)

[ثفل]: الثُّفْلُ بالضمِ والثافِلُ وهذه عن ابن دُرَيْدٍ ما اسْتَقَرَّ تَحْتَ الشي‌ءِ من كُدْرَةٍ ونَحْوِها، يقالُ: ثفل الماءُ والمرقُ والدواءُ وغيرهما أي علا صَفْوُه ورَسَبَ ثُفْلُه أي خَثَارته. والثَّفِلُ ككَتِفٍ مَنْ يأْكُلُهُ يقالُ: ليس الثّفِلُ كالمحِضِ أي ليسَ من يأْكُلُ الثُّفْلَ كشَارِبِ المحِضِ وهو مجازٌ ومن المجازِ: هُم مُثافِلونَ أي يأكلُونَ الثُّفْلَ أي يَتَبَلَّغُون به.

والثُّفْلُ. هو الحَبُّ. وأَهْلُ البَدْوِ يسمُّونَ ما سِوَى اللَّبَنِ من تمْرٍ وحَبِّ ثُفْلًا أي ما لَهُم لبَنٌ وتلكَ أَشَدُّ الحالِ عنْدَهُم. وفي حدِيثِ غَزْوةٍ الحُدَيْبيَّةِ: «مَن كان مَعَه ثُفْل فلْيَصْطَنِع»، أَرَادَ بالثُّفْل الدَّقيقَ وما لا يُشْربُ كالخبزِ ونحوِه ثُفْل، والاصْطِناعُ اتَّخاذُ الصَّنِيع، والثَّافِلُ الرَّجيعُ ربّما كُنِّي به عنه.

والثِّفَالُ: ككِتَابٍ الإِبْريقُ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ وبه فسِّرَ حدِيثُ ابن عُمَرَ رضي ‌الله‌ عنهما: أنّه أَكَلَ الدُّجْر ثم غَسَلَ يَدَه بالثِّفَالِ، الدُّجْرُ اللّوبيَاء. والثِّفَالُ: مَا وَقَيْتَ به الرَّحَى من الأرضِ وهو جِلْدٌ يُبْسَطُ فتُوْضَعُ فَوْقه الرَّحَى كالثُّفْلِ بالضمِ وقد ثَفَلَها يَثْفَلها ثَفْلًا ومنه حدِيثُ عليّ رضي ‌الله‌ عنه: «تَدُقُّهم الفِتَنُ دَقَّ الرَّحَى بِثِفَالِها». وقالَ عَمْرُو بنُ كُلْثُوم:

تكون ثفالُها شرقي نجدٍ *** ولُهْوَتُها قُضَاعَةُ أَجمعونا

وقولُ زُهَيْر بن أَبي سُلْمى:

فتَعْرُكْكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِها *** وتَلْقَحْ كِشَافًا ثم تَنْتَجْ فتُتْئِمِ

أَي على ثِفالِها أَو مَعَ ثِفالِها أَي حالَ كَوْنِها طاحِنَةً لأَنَّهم لا يَثْفُلونها إلَّا إذا طَحَنَتْ. وقالَ الزَّمَخْشَريُّ: وهو في محلِّ الحالِ كأَنَّه قيلَ: عَرْكَ الرَّحَى مَطْحونًا بها.

قال شيْخُنا: هذا البَيْتُ قد بَسَّطَه البَغْدَادِيُّ في شرْحِ شَوَاهِدِ الرضى، ثم التَّعرُّض لهذا البَحْثِ والنَّظرِ في كونِ الباءِ بمعْنَى على أَو مَعَ من مباحِثِ النَّحْوِ لا من مباحِثِ اللُّغةِ فذِكْرُ المصنِّفِ إيَّاه ولا سيَّما بالإِشارَةِ التي أَكْثَرُ الناسِ لا يكادُ يَهْتدِي إليها، وليسَ بَيْتُ زُهَيْرٍ مَعْرُوفًا للناسِ في هذه الأَزْمانِ ولا دِيوانهُ موجودًا عنْدَ كلِّ إنْسانٍ، فلذلِكَ قالُوا: إنَّ تَعَرُّضَه لهذا البَحْثِ من الفضُولِ كما نَبَّهُوا عليه.

والثُّفالُ كغُرَابٍ وكِتابٍ الحَجَرُ الأَسْفَلُ مِنَ الرَّحَى ربَّما سُمِّي بذلِكَ.

وكسَحابٍ وجَبَلٍ: البَطي‌ءُ من الإِبِلِ وغيرِها يقالُ: جَمَلٌ ثفل وثَفَال ويقالُ: بتْ رَاكِبَ ثَفَال قائِدَ جَزُور. وفي حدِيثِ حذَيْفَةَ رضي ‌الله‌ عنه: «أَنَّه ذَكَرَ فتْنَةً فقالَ: تكونُ فيها مِثْلَ الجَمَل الثَّفَال، الذي لا يَنْبَعثُ إلَّا كَرْهًا».

وقالَ اللَّيْثُ: ثَفَلَهُ يَثْفُلُه ثَفْلًا نَثَرَه كلَّه بِمَرَّةٍ واحِدَةٍ.

وقالَ الزَّجَّاجُ: أَثْفَلَ الشَّرابُ صَارَ فيه ثُفْلٌ. ومن المجازِ: تَثَفَّلَه عِرْقُ سوءٍ وهو مُتَثَفّلٌ بعُرُوقِ السوءِ إذا قَصَّرَ به عن المَكارِمِ عن ابنِ عَبَّادٍ، قالَ: وثافَلَهُ بمعْنَى ثافَنَه قالَ: وثَفَّلْتُ عن اللَّبَنِ بالطَّعامِ تَثفيلًا أي أَكَلْتُ الطَّعامَ مع اللَّبَنِ* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه: في الغِرَارةِ ثُفْلة من تَمَرٍ بالتَّحريكِ نَقَلَه أَبُو تُرابٍ عن بعضِ بنِي سُلَيْم.

وتَبَرْدَعْتُ فلانًا وتَثَفَّلْتُه عَلَوتُه أي جَعَلْتُه تَحْتِي كالبردعَة والثِّفَالِ وهو مجازٌ.

وأَبُو ثِفَالٍ المريُّ ككِتابٍ شاعِرٌ تابِعِيُّ اسْمُه ثُمَامَة بنُ وائِلٍ رَوَى عن أَبي هُرَيْرَةَ وأَبي بَكْرِ بنِ حُوَيْطِبٍ وعنه عَبْدُ الرَّحْمن بن حَرْمَلَةَ الأَسْلَميّ وسُلَيْمن بنُ بِلالٍ والدَراورْدِيُّ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


53-تاج العروس (لدن)

[لدن]: اللَّدْنُ: اللَّيِّنُ مِن كلِّ شي‌ءٍ مِن عُودٍ أَو حَبْلٍ أَو خُلُقٍ، وهي بهاءٍ، الجمع: لِدانٌ، بالكسْرِ، ولُدْنٌ، بالضَّمِّ، وقد لَدُنَ، ككَرُمَ، لَدانَةً ولُدُونَةً، فهو لَدِنٌ.

والتَّلْدِينُ: التَّلْيِينُ؛ ومنه خُبْزٌ مُلَدَّنٌ. ولَدُنْ، بضمِّ الدَّال وسكونِ النُّونِ، ولَدْنٌ، بسكونِ الَّدالِ وإلقاءِ الضَّمَّة منها كعَضُدٍ وعَضْدٍ، وقد قُرِئَ: {بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}. ولَدِنٌ، ككَتِفٍ، ولُدْنٌ، بالضَّمِّ، بإلقاءِ ضمَّة الدالِ على اللَّامِ، ولَدْنِ كجَيْرِ ولَدْ كَكُمْ ولُدْ كَمُذْ ولدًا كقَفًا ولُدُنْ بضمَّتَيْن وحَكَى ابنُ خالَوَيْه في البديعِ: وهبْ لنا مِن لَدُنْك ولُدُ، بضمِّهِما مأْخُوذَةٌ من لدن بحذْفِ النُّونِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لغَيْلانِ بنِ الحارِثِ:

يَسْتَوْعِبُ النَّوْعينِ من خَرِيرِه *** من لَدُ لَحْيَيْه إلى مُنْخُورِه

وَلَدَا، هكذا هو في النُّسخِ بالألِفِ والصّوابُ بالياءِ، وهي مُحَوَّلَةٌ، فهي إحْدَى عَشَرَةَ لُغَة، وزِيدَ لَدَنْ، محرّكةً، حُذِفَتْ ضمَّةُ الدَّالِ، فلمَّا الْتَقَى سَاكِنان فُتِحَتِ الدُّالُ؛ عن أَبي عليٍّ، فهي ثنْتَا عَشَرَةَ لُغَةً. وقالَ أَبو عليٍّ: نَظِير لَدُنْ ولَدَى ولَدُ، في اسْتِعْمالِ اللامِ تارَةً نونًا وتارَةً حَرْفَ عِلَّة، وتارَةً مَحْذوفَة، دَدَنْ ودَدَى ودَدُ.

قالَ ابنُ بَرِّي: ولم يَذْكُرْ أَبو عليٍّ تَحْرِيك النُّونِ بكسْرٍ ولا فَتْح فيمَنْ أسْكَن الدَّال، قالَ: ويَنْبَغي أَنْ تكونَ مَكْسورَةً، قالَ: وكذا حَكَاها الحَوْفيُّ، ولم يذكرْ لُدْن التي حَكَاه أبو عليٍّ؛ كلُّ ذلِكَ ظَرْفٌ زَمانيٌّ ومَكانِيٌّ كعِنْدَ.

قالَ سِيْبَوَيْه: لَدُنْ جُزِمَتْ ولم تُجْعَل كعِنْدَ لأنَّها لم تَمَكَّنْ في الكَلامِ تَمَكُّن عِنْدَ، واعْتَقَبَ النونُ وحرفُ العِلَّةِ على هذه اللَّفظَةِ لامًا، كما اعْتَقَبَتِ الهاء والواوُ في سَنَةٍ لامًا، وكما اعْتَقَبَتْ في عِضاهٍ.

وقالَ أَبو إسْحاق: لَدُنْ لا تَمَكَّنُ تَمَكُّنَ عِنْدَ لأنَّك تقولُ هذا القولَ عِنْدِي صوابٌ، ولا تقولُ هو لَدُني صوابٌ، وتقولُ عنْدِي مالٌ عَظيمٌ، والمالُ غائِبٌ عنْك، ولَدُنْ لمَا يَلِيكَ لا غَيْر.

وقالَ الزجَّاجُ في قوْلِهِ تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}، وقُرِئَ بتَخْفيفِ النونِ، ويَجوزُ تَسْكين الدَّال، وأَجْودُها بتَشْديدِ النُّونِ، لأنَّ أَصْلَ لَدُنْ الإِسْكانُ، فإِذا أَضَفْتها إلى نَفْسِك زِدْتَ نونًا ليَسْلم سكونُ النونِ الأُولى؛ قال: والدَّليلُ على أنَّ الأسْماءَ يَجوزُ فيها حَذْفُ النونِ قَوْلهم قَدْني في معْنَى حَسْبي، ويَجوزُ قَدِي بحذْفِ النّونِ لأنَّ قد اسمٌ غَيْر مُتَمَكِّنٍ.

وحَكَى أَبو عَمْرِو عن أَحْمدَ بن يَحْيَى والمبرِّدِ أنَّهما قالا: العَرَبُ تقولُ لَدُنْ غُدْوَةٌ ولَدُنْ غُدْوَةً ولَدُنْ غُدْوَةٍ، فمن رَفَعَ أَرادَ لَدُنْ كانتْ غُدْوةٌ، ومن نصَبَ أَرادَ لَدُنْ كانَ الوقتُ غُدْوةً، ومن خَفَضَ أَرادَ من عِنْد غُدْوةٍ.

وقالَ ابنُ كَيْسان: لَدُنْ حرفٌ يَخْفِضُ، ورُبَّما نُصِبَ بها؛ قالَ: وحَكَى البَصْريُّون أَنَّها تنصبُ غُدْوةً خاصَّةً من بين الكَلامِ؛ وأَنْشَدَوا:

ما زالَ مُهْري مَزْجَرَ الكَلبِ منهم *** لَدُنْ غُدْوَةً حتى دَنَتْ لغُروبِ

وقالَ ابنُ كَيْسان: مَنْ خَفَضَ بها أَجْراها مُجْرَى مِنْ وعَنْ، ومَنْ رَفَعَ أَجْراها مُجْرَى مُذْ، ومَنْ نَصَبَ جَعَلَها وَقْتًا وجَعَلَ ما بعْدَها تَرْجمةً عنها.

وقالَ الليْثُ: لَدُنْ في معْنَى مِن عِنْد، تقولُ: وقَفَ الناسُ له من لَدُنْ كذا إلى المَسْجِدِ ونَحْو ذلِكَ إذا اتَّصلَ ما بينَ الشَّيْئَيْن، وكذلِكَ في الزَّمانِ مِن لَدُنْ طُلُوعِ الشمسِ إلى غُروبِها؛ أَي مِن حِين.

وقالَ أَبو زيْدٍ عن الكِلابيِّين: هذا مِن لَدُنِهِ، ضمُّوا الدالَ وفَتَحُوا اللامَ وكسَرُوا النونَ.

وقالَ الجوْهرِيُّ: لَدُنْ الموْضِع الذي هو الغايَةُ، وهو ظرْفٌ غَيْر مُتَمكِّن بمنْزِلَةِ عِنْد، وقد أَدْخلُوا عليها مِن وَحْدها مِن حُرُوفِ الجرِّ، قالَ تعالى: {مِنْ لَدُنّا}، وجاءَتْ مُضافَةً تَخْفِضُ ما بَعْدَها؛ قالَ: وقد حَمَلَ حذْفُ النونِ بعضَهم إلى أَنْ قالَ: لَدُنْ غُدْوَةً، فنَصَبَ غُدْوَةً بالتَّنْوينِ لأنَّه توهَّم أنَّ هذه النونَ زائِدَةٌ تقومُ مَقامَ التَّنْوين فنَصَبَ، كما تقولُ: ضارِبٌ زَيْدًا، قالَ: ولم يُعْمِلوا لَدُنْ إلَّا في غُدْوَةٍ خاصَّةً.

وسُمِعَ لَدَا بمَعْنَى هَلْ؛ نَقَلَهُ أَبو عليٍّ في التّذْكِرَةِ عن المُفَضَّلِ، وأَنْشَدَ:

لَدَى من شبابٍ يُشْتَرى بمَشِيبِ *** وكيفَ شَبابُ المرْءِ بعدَ دبِيبِ؟

ويقالُ: طَعامٌ لَدُنٌ، بضمِّ الدَّالِ: أَي غيرُ جَيِّدِ الخَبْزِ والطَّبْخِ.

واللُّدُنَّةُ، كدُجُنَّةٍ، وتُفْتَحُ اللَّامُ، وعليه اقْتَصَرَ ابنُ بَرِّي، الحاجَةُ. يقالُ: لي إليه لُدُنَّةٌ.

وتَلَدَّنَ: تَمَكَّثَ في الأَمْرِ وتَلَبَّثَ؛ عن أَبي عَمْرٍو.

وتَلَدَّنَ عليه: تَلَكَّأَ ولم يَنْبَعِثْ؛ ومنه حدِيثُ عائِشَةَ، رضِيَ اللهُ تعالى عنها: «فأَرْسَلَ إليَّ ناقةً مُحَرَّمةً فتَلَدَّنتْ عليَّ فلَعَنْتها».

ولَدَّنَ ثَوْبَه تَلْدِينًا: نَدَّاهُ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

فتاةٌ لَدْنةٌ: لَيِّنَةُ المهَزَّةِ.

وامْرأَةٌ لَدْنةٌ: ريَّا الشبابِ ناعِمَةٌ.

ولَدَّنَه تَلْدِينًا: لَيَّنَهُ.

ومِن المجازِ: لَدُنَتْ أَخْلاقُه، وهو لَدْنُ الخَلِيقَةِ ليِّنُ العَرِيكَةِ.

وما بها مُتَلدَّنٌ، بفتْحِ الدالِ المُشدَّدَةِ: أَي ما يمكثُ فيه.

وتَلَدَّنَ بالمَكانِ: أَقامَ.

والعِلْمُ اللِّدْني: ما يَحْصَلُ للعَبْدِ بغيرِ واسطَةٍ بل بإلْهامٍ مِن اللهِ تعالى.

وعامِرُ بنُ لُدَيْنٍ، كزُبَيْرٍ، الأَشْعرِيُّ تابِعِيٌّ مَشْهورٌ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


54-تاج العروس (جري)

[جري]: ي جَرَى الماءُ ونحوُه كالدَّمِ؛ وفي الصِّحاحِ: جَرَى الماءُ وغيرُهُ؛ والذي قالَهُ المصنِّفُ أَوْلى؛ جَرْيًا.

قالَ الرَّاغبُ: الجَرْيُ المَرُّ السَّريعُ، وأصْلُه المرَّ الماءِ وما يَجْرِي جَرْيَه.

وجَرَيانًا، بالتَّحْرِيكِ: وجِرْيَةً، بالكسْرِ: هو في الماءِ خاصَّةً. يقالُ: ما أَشَدَّ جِرْيَة هذا المَاءِ؛ بالكسْرِ.

وفي التَّنْزيلِ العَزيزِ: {وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي}.

وجَرَى الفَرَسً ونَحْوُهُ يَجْرِي جَرْيًا وجِراءً، بالكسْرِ؛ ظاهِرُه أنَّه مقْصورٌ والصَّوابُ ككِتابٍ؛ وهو في الفَرَسِ خاصَّةً كما نَصَّ عليه الليْثُ؛ قالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

يُقَرِّبُه للمُسْتَضِيفِ إذا دَعا *** جِراءٌ وشَدٌّ كالحَرِيقِ ضَرِيجُ

وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:

غَمْرُ الجِراءِ إذا قَصَرْتَ عِنانَهُ

وأَجْراهُ فهو مُجْرىً؛ ومنه الحدِيثُ: «إذا أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ أَجْزَأَ عنك».

وجاراهُ مُجارَاةً وجِراءً: جَرَى معه في الحدِيثِ؛ ومنه الحدِيثُ: «من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلماءَ»؛ أَي يَجْرِي معهم في المُناظَرَةِ والجِدالِ ليُظْهِرَ عِلْمَه إلى الناسَ رِياءً وسُمْعةً.

والإجْريا، بالكسْر وتَخْفيفِ الياءِ: الجَرْيُ، وفي بعضِ النُّسخِ: والإجْرى بالكسْرِ.

والجارِيَةُ: الشَّمسُ، سُمِّيَت بذلِكَ لجَرْيها من القُطْر إلى القُطْر، وقد جَرَتْ تَجْرِي جَرْيًا.

وفي التَّهذِيب: الجارِيَةُ عينُ الشمسِ في السماءِ: قالَ اللهُ، عزّ وجلّ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها}.

والجارِيَةُ: السَّفينةُ صفَةٌ غالِبَةٌ؛ ومنه قَوْلُه تعالى: {حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ}؛ وقد جَرَتْ جَرْيًا، والجَمْعُ الجَوارِي، ومنه قَوْلُه تعالى: وله الجَوارِي المُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأَعْلامِ.

والجارِيَةُ: النِّعْمَةُ من اللهِ تعالى على عبادِهِ: ومنه الحدِيثُ: «الأرْزاقُ جارِيَةٌ والأَعْطياتُ دارَّةٌ مُتَّصلةٌ».

قالَ شَمِرٌ: هُما واحِدٌ يقولُ هو دائِم. يقالُ: جَرَى له ذلكَ الشي‌ءُ ودَرَّ له بمعْنَى دامَ له.

والجارِيَةُ: فَتِيَّةُ النِّساءِ؛ الجمع: جَوارِ.

ويقالُ: جاريةٌ بَيِّنَةُ الجَرايَةِ والجَراءِ والجَرَا* والجَرائِيَةِ، بفتْحِهِنَّ؛ الأَخيرَةُ عن ابنِ الأعرابيِّ؛ والجِراءِ، بالكسْرِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للأَعْشى:

والبيضُ قد عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها *** ونَشَأْنَ في قِنِّ وفي أَذْوادِ

قالَ الجَوْهرِيُّ: يُرْوى بفتْحِ الجيم وبكسْرِها.

وقَوْلُهُم: كَانَ ذلكَ أيَّام جَرَائِها، بالفتْحِ؛ أَي صِبَاها.

قالَ الأخْفَش: والمَجْرَى في الشِّعْرِ: حَرَكَةُ حَرْفِ الرَّوِيِّ، فَتْحتُه وضمَّتُه وكسْرَتُه، وليسَ في الرَّوِيِّ المُقَيَّدِ مَجْرىً لأنَّه لا حَرَكَةَ فيه، فيُسَمَّى مَجْرىً، وإنَّما سُمِّي بذلكَ مَجْرىً لأنَّه مَوْضِع جَرْيِ حَرَكاتِ الإعْرابِ والبِناءِ.

والمَجارِي: أَواخِرُ الكَلِمِ، وذلكَ لأنَّ حَرَكات الإعْرابِ والبناءِ إنَّما تكونُ هنالكَ.

قالَ ابنُ جنِّي: سُمِّي بذلكَ لأنَّ الصَّوْتَ يَبْتدِئُ بالجَرَيانِ في حُرُوفِ الوَصْلِ منه؛ قالَ: وأَمَّا قَوْل سِيْبَوَيْه هذا بابُ مَجارِي أَواخِرِ الكَلِمِ مِن العَربيَّةِ، وهي تَجْرِي على ثمانِيَةِ مَجارٍ، فلم يَقْصُر المَجارِيَ هنا على الحَرَكاتِ فقط كما قَصَر العَرُوضيُّون المَجْرَى في القافِيَةِ على حركةِ حَرَفِ الرَّوِيِّ دون لكن غرض صاحب الكتاب في قوله: مجاري أواخرِ الكلم، أي: أواخر الكلم وأَحكامها، والصُّور التي نتشكل لها، فإذا كانت احوالًا واحكامًا فسكون الساكن حال له، كما ان حركة المتحرك حال له ايضًا، فمن هنا سقط تعقب من تَتَبَّعه في هذا الموْضِعِ فقالَ: كيفَ ذَكَرَ السكونَ والوقْفَ في المَجارِي، وإِنَّما المجَارِي فيمَا ظَنَّه الحَركاتُ، وسَبَبُ ذلِكَ خَفاء غَرَضِ صاحِبِ الكِتابِ عليه.

وقَوْلُه تعالى: بِسْمِ اللهِ {مَجْراها وَمُرْساها}؛ قُرئَ بالضَّمِّ والفتْحِ، وهُما مَصْدَرَا جَرَى وأَجْرَى ورَسَى؛ وكَذلِكَ قَوْلُ لبيدٍ:

وغَنِيتُ سَبْتًا قبلَ مُجْرَى داحِسٍ *** لو كان للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ

رُوِي بالوَجْهَيْن، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ. وجارِيَةُ بنُ قُدامَةَ؛ ويزِيدُ بنُ جارِيةً، كِلاهُما من رِجالِ الصَّحِيحَيْنِ؛ الأَخيرُ مَدنيٌّ عن معاوِيةً وعنه الحكمُ ابنُ مينا، وُثِّقَ، كذا في الكاشِفِ، واقْتَصَرَ عليهما اقْتِفاء لشيْخِه الذهبيِّ. وإلا فَمَنْ يُسَمَّى بذلِكَ عِدَّة في الصَّحابَةِ منهم: جارِيَةُ بنُ ظفر، وجارِيَةُ بنُ جميلٍ الأَشْجعيُّ، وجارِيَة بنُ أَصْرمٍ، وجارِيَةُ بنُ عبدِ اللهِ الأشْجعيُّ، ومجمّعُ بنُ جارِيَةُ أَخُو يَزِيد، وزيدُ بنُ جارِيَة الأوسي، وجارِيَةُ بنُ عبدِ المنْذرِ، والأسْودُ بنُ العَلاءِ بنِ جارِيةَ الثَّقَفيُّ، وحيُّ بنُ جَارِيَةَ، وأَبو الجارِيَةَ الأنْصارِيُّ، رضي ‌الله‌ عنهم.

وفي الرُّواةِ: جارِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ جارِيَةَ، وعُمَرُ بنُ زيْدِ ابنِ جارِيَةَ، وجارِيَةُ بنُ إسْحاق بنِ أَبي الجارِيَةَ، وجارِيَةُ بنُ النُّعْمانِ الباهِليُّ كان على مَرْوَ الشَّاهجان، وجارِيَةُ بنُ سُلَيْمان الكُوفيُّ، وجارِيَةُ بنُ بَلْج الواسطيُّ، وجارِيَةُ بنُ هرمٍ ضُعِّفَ، وزِيادُ بنُ جارِيَةَ، وعيسَى بنُ جارِيَةَ، وإياسُ ابنُ جارِيَةَ المُزَنيُّ المِصْريُّ، وعَمْرُو بنُ جارِيَةَ اللّخميُّ، وأَبو الجارِيَةَ عن أَبي ذرِّ، وأَبو جارِيَةَ عن شعْبَةَ.

وفي الشُّعَراء: جارِيَةُ بنُ حَجَّاج أَبو دُوَاد الإيادِيُّ، وجارِيَةُ بنُ مشمت العَنْبريُّ، وجارِيَةُ بنُ سبر أَبو حَنْبلٍ الطائيُّ، وجارِيَةُ بن سليط بنِ يَربوعٍ في تمِيمٍ، وغيرُ هؤلاءِ. فعُلِمَ ممَّا تقدَّمَ أَنَّ اقْتِصارَه على الاثْنَيْن قُصورٌ.

والإِجْرِيَّا، بالكسْرِ والشّدِّ مَقْصورًا وقد يُمَدُّ، والقَصْرُ أَكْثر: الوَجْهُ الذي تَأْخُذُ فيه وتجْرِي عليه، قالَ لبيدٌ يصفُ الثوْرَ:

وَوَلَّى كنَصْلِ السَّيْفِ يَبْرُقُ مَتْنُه *** على كلِّ إجْريَّا يَشُقُّ الخَمائِلا

وقالَ الكُمَيْت:

على تِلْكَ إجْرِيَّا وهي ضَرِيبَتي *** ولو أَجْلَبُوا طُرًّا عليّ وأَحْلَبُوا

والإجْرِيَّا: الخُلُقُ والطَّبيعَةُ. قالوا: الكَرَمْ من إِجْرِيَّاهُ ومِن إجْرِيَّائِه؛ أَي مِن طَبيعَتِه؛ عن اللّحْيانيّ، وذلِكَ لأنَّه إذا كانَ الشي‌ءُ مِن طبْعِه جَرَى إليه وجَرَنَ عليه.

كالجِرِيَّاءِ كسِنِمَّارٍ، والإجْرِيَّة، بالكسْرِ مُشَدَّدَة، الأُولى بحذْفِ الألفِ ونَقْل حَرَكتها إلى الجيمِ، والثانِيَة بقلْبه الألفِ الأخيرَةِ هاء.

والجَرِيُّ، كغَنِيِّ: الوكيلُ لأنَّه يَجْرِي مَجْرى مُوكِّلِه؛ للواحِدِ والجَمْعِ والمُؤَنَّثِ. يقالُ: جَرِيٌّ بَيِّنُ الجَرَايةِ والجِرايةِ.

قالَ أَبو حاتم: وقد يقالُ للأنثى جَرِيَّةٌ، وهي قَليلةٌ.

قالَ الجوْهرِيٌّ: والجَمْعُ أَجْرِياءُ.

والجرِيُّ: الرَّسُولُ الجارِي في الأمْرِ؛ وقد أَجْراهُ في حاجَتِه.

قالَ الرَّاغبُ: وهو أَخَصّ مِن الرَّسُولِ والوكيلِ.

قالَ ابنُ بَرِّي: شاهِدُه قَول الشمَّاخ:

تَقَطَّعُ بَيْننا الحاجاتُ إلَّا *** حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مع الجَرِيِّ

ومنه حدِيثُ أُمِّ إسْماعيل، عليه‌السلام: «فأرْسَلُوا جَرِيًّا»؛ أَي رَسُولًا.

والجَرِيُّ: الأجيرُ؛ عن كُراعٍ.

والجَرِيُّ: الضَّامِنُ؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ؛ وأَمَّا الجَرِيُّ المِقْدَامُ فهو بالهَمْزِ.

والجَرايَةُ، ويُكْسَرْ: الوَكَالَةُ يقالُ: جَرِيٌ بَيِّنُ الجَرَايَةِ والجِرَايَةِ.

وأَجْرَى: أَرْسَلَ وَكِيلًا، كجَرَّى بالتّشْديدِ. قالَ ابنُ السِّكِّيت: جَرَّى جَرِيًّا وَكَّلَ وَكِيلًا.

وأَجْرَتِ البَقْلَةُ: صارَتْ لها جِراءُ. صَوابُه أنْ يُذْكَرَ في جرو.

والجِرِّيُّ، كذِمِيِّ: سَمَكٌ معروف مَعْروفٌ.

والجِرِّيَّةُ، بهاءٍ: الحَوْصَلَةُ.

قالَ الفرَّاءُ: يقالُ أَلْقِه في جِرِّيَّتِك، وهي الحَوْصَلَةُ، هكذا رَوَاهُ ثَعْلَب عن ابنِ نَجْدَةَ بغيرِ هَمْزٍ، ورَواهُ ابنُ هانئ مَهْموزًا لأبي زيْدٍ.

قالَ الرَّاغبُ: سُمِّيت بذلِكَ إمَّا لإنْتِهاءِ الطَّعامِ إليها في جَرْيهِ أَو لأنَّها مَجْرى الطَّعامِ.

وفَعَلْتُه من جَراكَ، ساكنَةً مَقْصورةً وتُمَدُّ: أَي من أَجْلِكَ، كَجَرَّاكَ بالتَّشْدِيدِ؛ قالَ أَبو النجْم:

فاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ من جَرَّاها

ولا تَقُل فعلتُ ذلكَ مَجْراكَ.

وحَبِيبةُ بنتُ أَبي تُجْراةٍ العَبْدريَّةُ، بالضَّمِّ ويُفْتَحُ أَوَّلُه: صَحابيَّةٌ رَوَتْ عنها صفيَّةُ بنتُ شيبَةَ؛ أَو هي بالزَّاي مَهْموزةً؛ وقد ذُكِرَتْ في الهَمْزِ. ويقالُ فيها جيبة بالتَّشْدِيدِ مُصَغَّرًا.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

الجِرْيَةُ، بالكسْرِ: حالَةُ الجَرَيانِ.

والإجْرِيّ، بالكسْرِ: ضَرْبٌ من الجَرْي؛ والجَمْعُ الأَجارِيّ. يقالُ: فَرَسٌ ذو أَجارِيّ أَي ذُو فُنونٍ مِن الجَرْي؛ قالَ رَؤبَة:

غَمْرُ الأجارِيِّ كَرِيم السِّنْحِ *** أَبْلَج لم يُولَدْ بنَجْمِ الشُّحِّ

وجَرَتِ النّجومُ: سارَتْ مِن المَشْرق إلى المَغْرب.

والجَوارِي الكُنَّس: هي النّجومُ.

والجارِيَةُ الرِّيحُ، والجَمْعُ الجَوارِي؛ قالَ الشاعِرُ:

فَيَوْمًا تَراني في الفَرِيقِ مُعَقَّلًا *** ويوْمًا أُبارِي في الرياحِ الجَوَارِيَا

وتَجَارَوْا في الحدِيثِ كجَارَوا؛ ومنه الحدِيثُ: «تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ؛ أَي يَتَدَاعَوْنَ فيها وهو يَجْرِي مجْرَاهُ: حالُهُ كحالِهِ.

ومَجْرَى النّهْر: مَسِيلُه.

والجارِيَةُ: عينُ كلِّ حَيوانٍ.

والجِرَايَةُ: الجارِي من الوَظائِفِ.

وجَرَى له الشي‌ءُ: دامَ؛ قالَ ابنُ حازمٍ:

غَذاها قارِصٌ يَجْرِي عليها *** ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ

قالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: ومنه أَجْرَيْتُ عليه كذا: أَي أَدَمْتُ له.

وصدقَةٌ جارِيَةٌ: أَي دارَّةٌ مُتَّصِلَة كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبوابِ البِرِّ.

والجَرِيُّ، كغَنِيِّ: الخادِمُ؛ قالَ الشاعِرُ:

إذا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُو *** حَ حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ

المُحْصَنُ: المُدَّخَرُ للجَدْبِ.

واسْتَجْراهُ: طَلَبَ منه الجَرْيَ.

واسْتَجْرى جَرِيًّا: اتّخَذَه وَكِيلًا؛ ومنه الحدِيثُ: «ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطانُ»؛ أَي لا يَسْتَتْبعَنَّكُم فيَتَّخِذكُم جَرِيّه ووَكِيلَه؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

وجُوَيْرِيةُ بنُ قُدامَةَ التَّيمِيُّ تابِعيٌّ عن عُمَر ثِقَةٌ.

والإجْرِيا بالكسْرِ والتّخْفيفِ لُغَةٌ في الإجْرِيّا، بالتّشْدِيدِ، بمعْنَى العادَةِ.

ولا جَرَ بمعْنَى لا جَرَمَ، وجَرَى حَسُنَ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


55-تاج العروس (شقو)

[شقو]: والشَّقا، بالقَصْر: الشِّدَّةُ والعُسْرُ؛ نقلَهُ الأزهريُّ؛ ويُمَدُّ.

وقد شَقِيَ، كرَضِيَ، انْقلبَتِ الواوُ ياءً لكَسْرةِ ما قَبْلها، يَشْقَى انْقَلَبَتْ في المضارعِ أَلفًا لفَتْحةِ ما قَبْلها، وتقولُ يَشْقَيانِ فيكونانِ كالماضِي، كما في الصِّحاحِ؛ شَقاوَةً، ويُكْسَرُ؛ وبه قَرَأَ قتادَةُ رَبَّنا غَلَبَتْ علينا شِقاوَتُنا، وهي لُغَةٌ، وإنّما جاءَ بالواوِ لأنَّه بُني على التّأْنيثِ في أَوَّلِ أَحْوالِه، وكَذلكَ النَهايةُ فلم تكنِ الياءُ والواوُ حَرْفي إعْرابٍ، ولو بُنيَ على التَّذْكيرِ لكانَ مَهْموزًا كقَوْلهم: عَظاءَةٌ وعَباءَةٌ وصَلاءةٌ، وهذا أُعِلّ قَبْل دُخولِ الهاءِ.

وشَقًا، بالقَصْر، وشَقاءً، بالمدِّ، وشَقْوَةً، ويُكْسَرُ، وبهما قُرِئَ أَيْضًا.

قالَ الرَّاغبُ: الشَّقاوَةُ خِلافُ السَّعادَةِ والشّقْوَةُ كالرِّدَّةِ، والشّقاوَةُ كالسَّعادَةِ من حيثُ الإضافَةِ، وكما أَنَّ السَّعادَةَ في الأصْلِ ضَرْبان: سَعادَةٌ أُخْرويَّةٌ، وسَعادَةُ دُنْيويَّة، ثم السَّعادَةُ الدّنْيويَّةُ ثلاثَةُ أَضْربٍ: سَعادَةٌ نَفْسيَّةٌ وبدنيَّةٌ وخارِجيَّةٌ، كَذلكَ الشَّقاوَةُ على هذه الأَضْربِ، وهي الشَّقاوَةُ الأُخرويَّةُ والدّنْيويَّةُ.

قالَ: وقالَ بعضُهم: قد يُوضَعُ الشَّقاءُ موضِعَ التَّعَبِ نحْو شَقيتُ في كذا، وكلُّ شَقاوَةٍ تَعَبٌ وليسَ كلُّ تَعَبٍ شَقاوَةً، فالتَّعَبُ أَعَمُّ من الشَّقاوَةِ.

وشَقاهُ اللهُ وأَشْقاهُ: ضدُّ أَسْعَدَه اللهُ، وهو شَقِيٌّ من قوْمٍ أَشْقياءٍ بَيِّنُ الشِّقْوَةِ، بالكسْرِ والفَتْح؛ وقولُه تعالى: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}؛ أَرادَ كنْتُ مُسْتجابَ الدّعْوةِ.

والمِشْقى*، بالكسْر: المُشْطُ لُغَةٌ في الهَمْز.

وأَشْقَى: إذا سَرَّحَ به كِلاهُما عن أَبي زيْدٍ.

وشَاقاهُ مُشاقاةً وشقياء: عالَجَهُ في الحَرْبِ ونحوِهِ، صَوابُه ونَحْوِها، كما في التَّهْذيب. وفي الصِّحاح: عَاناهُ ومَارسَهُ.

وشَاقاهُ: غالَبَهُ في الشَّقاءِ؛ فَشَقاهُ يَشْقوهُ؛ أَي غَلَبَهُ؛ نقَلهُ الجوهريُّ.

وفي المُحْكم: كانَ أَشَدَّ شَقاء منه.

والشَّاقِي من الجِبالِ: الحَيْدُ الطَّالِعُ الطَّويلُ لا يُسْتطاعُ ارْتِقاؤُه، الجمع: شَواقٍ.

قالَ الصَّاغاني: والقِياسُ الهَمْزُ.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

المُشاقاةُ: المُعاسَرَةُ.

وأَيْضًا: المُصابَرَةُ؛ وهو مجازٌ؛ قال الراجزُ:

إذا يُشاقي الصَّابراتِ لم يَرِثْ *** يكادُ مِنْ ضَعْف القُوى لا يَنْبَعِثْ

يَعْني جَمَلًا يُصابِرُ الجِمالَ مَشْيًا.

وهو أَشْقَى مِن أَشْقَى ثَمُود.

وأَشْقَى من رَائِضِ مهْرٍ: أَي أَتْعبُ، وهو مجازٌ.

ويَجْمَعُ الشاقِي من الجِبالِ على شُقْيانٍ بالضَمِّ أَيْضًا.

وشَقا نابُ البَعيرِ شَقْيًا: طَلَعَ؛ لُغَةٌ في الهَمْزِ؛ عن ابنِ سِيدَه.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


56-المصباح المنير (بعث)

بَعَثْتُ رَسُولًا بَعْثًا أَوْصَلْتُهُ وَابْتَعَثْتُهُ كَذَلِكَ وَفِي الْمُطَاوِعِ فَانْبَعَثَ مِثْلُ: كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ بَعَثْتُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ كَالْكِتَابِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَعَثْتُ بِهِ وَأَوْجَزَ الْفَارَابِيُّ فَقَالَ بَعَثَهُ أَيْ أَهَبَّهُ وَبَعَثَ بِهِ وَجَّهَهُ وَالْبَعْثُ الْجَيْشُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ الْبُعُوثُ وَبُعَاثٌ وِزَانُ غُرَابٍ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَتَأْنِيثُهُ أَكْثَرُ وَيَوْمُ بُعَاثٍ مِنْ أَيَّامِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بَيْنَ الْمَبْعَثِ وَالْهِجْرَةِ وَكَانَ الظَّفَرُ لِلْأَوْسِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هَكَذَا ذَكَرَهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْوَاقِدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَحَّفَهُ اللَّيْثُ فَجَعَلَهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ الْقَالِي فِي بَابِ الْعَيْنِ

الْمُهْمَلَةِ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِضَمِّ الْبَاءِ قَالَ هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ أَيْضًا وَقَالَ الْبَكْرِيُّ بُعَاثٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَتَيْنِ.

المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م


57-لسان العرب (حبب)

حبب: الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ.

والحُبُّ: الودادُ والمَحَبَّةُ، وَكَذَلِكَ الحِبُّ بِالْكَسْرِ.

وحُكِي عَنْ خَالِدِ بْنِ نَضْلَة: مَا هَذَا الحِبُّ الطارِقُ؟ وأَحَبَّهُ فَهُوَ مُحِبٌّ، وَهُوَ مَحْبُوبٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ هَذَا الأَكثر، وَقَدْ قِيلَ مُحَبٌّ، عَلَى القِياس.

قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَ المُحَبُّ شَاذًّا فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

وَلَقَدْ نَزَلْتِ، فَلَا تَظُنِّي غيرَه، ***مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ

وَحَكَى الأَزهري عَنِ الفرَّاءِ قَالَ: وحَبَبْتُه، لُغَةٌ.

قَالَ غَيْرُهُ: وكَرِهَ بعضُهم حَبَبْتُه، وأَنكر أَن يَكُونَ هَذَا البيتُ لِفَصِيحٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَيْلانَ بْنِ شُجاع النَّهْشَلِي:

أُحِبُّ أَبا مَرْوانَ مِنْ أَجْل تَمْرِه، ***وأَعْلَمُ أَنَّ الجارَ بالجارِ أَرْفَقُ

فَأُقْسِمُ، لَوْلا تَمْرُه مَا حَبَبْتُه، ***وَلَا كانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ

وَكَانَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدِ يَرْوِي هَذَا الشِّعْرَ: وَكَانَ عِياضٌ مِنْهُ أَدْنَى ومُشْرِقُ

وَعَلَى هَذِهِ الروايةِ لَا يَكُونُ فِيهِ إِقْوَاءٌ.

وحَبَّه يَحِبُّه، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ مَحْبُوبٌ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذَا شَاذٌّ لأَنه لَا يأَتي فِي الْمُضَاعَفِ يَفْعِلُ بِالْكَسْرِ، إِلَّا ويَشرَكُه يَفْعُل بِالضَّمِّ، إِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، مَا خَلا هَذَا الحرفَ.

وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: حَبَبْتُه وأَحْبَبْتُه بِمَعْنًى.

أَبو زَيْدٍ: أَحَبَّه اللَّهُ فَهُوَ مَحْبُوبٌ.

قَالَ: وَمِثْلُهُ مَحْزُونٌ، ومَجْنُونٌ، ومَزْكُومٌ، ومَكْزُوزٌ، ومَقْرُورٌ، وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ: قَدْ فُعِلَ بِغَيْرِ أَلف فِي هَذَا كُلِّهِ، ثُمَّ يُبْنَى مَفْعُول عَلَى فُعِلَ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ، فَإِذَا قَالُوا: أَفْعَلَه اللَّهُ، فَهُوَ كلُّه بالأَلف؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْ بَنِي سُلَيْم: مَا أَحَبْتُ ذَلِكَ، أَي مَا أَحْبَبْتُ، كَمَا قَالُوا: ظَنْتُ ذَلِكَ، أَي ظَنَنْتُ، وَمِثْلُهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ ظَلْتُ.

وَقَالَ:

فِي ساعةٍ يُحَبُّها الطَّعامُ أَي يُحَبُّ فِيهَا.

واسْتَحَبَّه كأَحَبَّه.

والاسْتِحْبابُ كالاسْتِحْسانِ.

وَإِنَّهُ لَمِنْ حُبَّةِ نَفْسِي أَي مِمَّنْ أُحِبُّ.

وحُبَّتُك: مَا أَحْبَبْتَ أَن تُعْطاهُ، أَو يَكُونَ لَكَ.

واخْتَرْ حُبَّتَك ومَحَبَّتَك مِنَ النَّاسِ وغَيْرِهِم أَي الَّذِي تُحِبُّه.

والمَحَبَّةُ أَيضًا: اسْمٌ للحُبِّ.

والحِبابُ، بِالْكَسْرِ: المُحابَّةُ والمُوادَّةُ والحُبُّ.

قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فَقُلْتُ لقَلْبي: يَا لَكَ الخَيْرُ، إنَّما ***يُدَلِّيكَ، للخَيْرِ الجَدِيدِ، حِبابُها

وَقَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:

إِنِّي بدَهْماءَ عَزَّ مَا أَجِدُ ***عاوَدَنِي، مِنْ حِبابِها، الزُّؤُدُ

وتَحَبَّبَ إِلَيْهِ: تَودَّدَ.

وامرأَةٌ مُحِبَّةٌ لزَوْجِها ومُحِبٌّ أَيضًا، عَنِ الفرَّاءِ.

الأَزهري: يُقَالُ: حُبَّ الشيءُ فَهُوَ مَحْبُوبٌ، ثُمَّ لَا يَقُولُونَ: حَبَبْتُه، كَمَا قَالُوا: جُنَّ فَهُوَ مَجْنُون، ثُمَّ يَقُولُونَ: أَجَنَّه اللهُ.

والحِبُّ: الحَبِيبُ، مِثْلُ خِدْنٍ وخَدِينٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: الحَبِيبُ يجيءُ تَارَةً بِمَعْنَى المُحِبِّ، كَقَوْلِ المُخَبَّلِ:

أَتَهْجُرُ لَيْلَى، بالفِراقِ، حَبِيبَها، ***وَمَا كَانَ نَفْسًا، بالفِراقِ، تَطِيبُ

أَي مُحِبَّها، ويجيءُ تَارَةً بِمَعْنَى المحْبُوب كَقَوْلِ ابْنِ الدُّمَيْنةِ:

وَإِنَّ الكَثِيبَ الفَرْدَ، مِن جانِبِ الحِمَى، ***إلَيَّ، وإنْ لَمْ آتهِ، لحَبِيبُ

أَي لمَحْبُوبٌ.

والحِبُّ: المَحْبُوبُ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ حارِثةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُدْعَى: حِبَّ رَسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ والأَنثى بالهاءِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أُسامةُ، حِبُّ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، » أَي مَحْبُوبُه، وَكَانَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحِبُّه كَثِيرًا.

وَفِي حَدِيثِ فاطِمَة، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، قَالَ لَهَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَائِشَةَ: «إِنَّها حِبَّةُ أَبِيكِ».

الحِبُّ بِالْكَسْرِ: المَحْبُوبُ، والأُنثى: حِبَّةٌ، وجَمْعُ الحِبِّ أَحْبابٌ، وحِبَّانٌ، وحُبُوبٌ، وحِبَبةٌ، وحُبٌّ؛ هَذِهِ الأَخيرة إِما أَن تَكُونَ مِنَ الجَمْع الْعَزِيزِ، وَإِمَّا أَن تَكُونَ اسْمًا للجَمْعِ.

والحَبِيبُ والحُبابُ بِالضَّمِّ: الحِبُّ، والأُنثى بالهاءِ.

الأَزهري: يُقَالُ للحَبِيب: حُبابٌ، مُخَفَّفٌ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: الحِبَّةُ والحِبُّ بِمَنْزِلَةِ الحَبِيبةِ والحَبِيب.

وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَنا حَبِيبُكم أَي مُحِبُّكم؛ وأَنشد:

ورُبَّ حَبِيبٍ ناصِحٍ غَيْرِ مَحْبُوبِ والحُبابُ، بِالضَّمِّ: الحُبُّ.

قَالَ أَبو عَطاء السَّنْدِي، مَوْلى بَنِي أَسَد:

فوَاللهِ مَا أَدْرِي، وإنِّي لصَادِقٌ، ***أَداءٌ عَراني مِنْ حُبابِكِ أَمْ سِحْرُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ عِنْدَ الرُّواة: مِن حِبابِكِ، بِكَسْرِ الحاءِ، وَفِيهِ وَجْهان: أَحدهما أَن يَكُونَ مَصْدَرَ حابَبْتُه مُحابَّةً وحِبابًا، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ جَمْعَ حُبٍّ مِثْلَ عُشٍّ وعِشاشٍ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: مِنْ جَنابِكِ، بِالْجِيمِ وَالنُّونِ، أَي ناحِيَتكِ.

وَفِي حَدِيثِ أُحُد: «هُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه».

قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمَجَازِ، أَراد أَنه جَبَلٌ يُحِبُّنا

أَهْلُه، ونُحِبُّ أَهْلَه، وَهُمُ الأَنصار؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ المَجاز الصَّريح، أَي إنَّنا نحِبُّ الجَبلَ بعَيْنِهِ لأَنه فِي أَرْضِ مَن نُحِبُّ.

وَفِي حَدِيثِ أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «انْظُروا حُبّ الأَنصار التَّمرَ»، يُروى بِضَمِّ الحاءِ، وَهُوَ الِاسْمُ مِنَ المَحَبَّةِ، وَقَدْ جاءَ فِي بَعْضِ الرِّوايات، بِإِسْقَاطِ انظُروا، وَقَالَ: حُبّ الْأَنْصَارِ التمرُ، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالضَّمِّ كالأَوّل، وَحُذِفَ الْفِعْلُ وَهُوَ مُرَادٌ لِلْعِلْمِ بِهِ، أَو عَلَى جَعْلِ التَّمْرِ نَفْسَ الحُبِّ مُبَالَغَةً فِي حُبِّهم إِياه، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الحاءُ مَكْسُورَةً، بِمَعْنَى الْمَحْبُوبِ؛ أي مَحْبُوبُهم التمرُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّمْرُ عَلَى الأَوّل، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ مَنْصُوبًا بالحُب، وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَرْفُوعًا عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ.

وَقَالُوا: حَبَّ بِفُلان، أَي مَا أَحَبَّه إِلَيَّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ حَبُبَ بِفُلان، بِضَمِّ الباءِ، ثُمَّ سُكِّن وأُدغم فِي الثَّانِيَةِ.

وحَبُبْتُ إِلَيْهِ: صِرْتُ حَبِيبًا، وَلَا نَظِير لَهُ إِلَّا شَرُرْتُ، مِن الشَّرِّ، وَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنْ يُونُسَ قَوْلُهُمْ: لَبُبْتُ مِنَ اللُّبِّ.

وَتَقُولُ: مَا كنتَ حَبيبًا، وَلَقَدْ حَبِبْتَ، بِالْكَسْرِ، أَي صِرْتَ حَبِيبًا.

وحَبَّذَا الأَمْرُ أَي هُوَ حَبِيبٌ.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَعَلُوا حَبّ مَعَ ذَا، بِمَنْزِلَةِ الشيءِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ عِنْدَهُ اسْمٌ، وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ بِهِ، ولَزِمَ ذَا حَبَّ، وجَرَى كَالْمَثَلِ؛ والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ فِي المؤَنث: حَبَّذا، وَلَا يَقُولُونَ: حَبَّذِه.

ومنهُ قَوْلُهُمْ: حَبَّذا زَيْدٌ، فَحَبَّ فِعْل ماضٍ لَا يَتصرَّف، وأَصله حَبُبَ، عَلَى مَا قَالَهُ الفرّاءُ، وَذَا فَاعِلُهُ، وَهُوَ اسْمٌ مُبْهَم مِن أَسْماءِ الإِشارة، جُعِلا شَيْئًا وَاحِدًا، فَصَارَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ يُرْفَع مَا بَعْدَهُ، وَمَوْضِعُهُ رَفْعٌ بالابْتداءِ، وَزَيْدٌ خَبَرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ بَدَلًا مِن ذَا، لأَنّك تَقُولُ حَبَّذا امرأَةٌ، وَلَوْ كَانَ بَدَلًا لَقُلْتَ: حَبَّذِهِ المرأَةُ.

قَالَ جَرِيرٌ:

يَا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ، ***وحَبَّذا ساكِنُ الرَّيّانِ مَنْ كَانَا

وحَبَّذا نَفَحاتٌ مِنْ يَمانِيةٍ، ***تَأْتِيكَ، مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ، أَحيانا

الأَزهري: وأَما قَوْلُهُمْ: حَبَّذَا كَذَا وَكَذَا، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، فَهُوَ حَرْفُ مَعْنىً، أُلِّفَ مِنْ حَبَّ وَذَا.

يُقَالُ: حَبَّذا الإِمارةُ، والأَصل حَبُبَ ذَا، فأُدْغِمَتْ إحْدَى الباءَين فِي الأُخْرى وشُدّدتْ، وَذَا إشارةٌ إِلَى مَا يَقْرُب مِنْكَ.

وأَنشد بَعْضُهُمْ:

حَبَّذا رَجْعُها إلَيها يَدَيْها، ***فِي يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارَا

كأَنه قَالَ: حَبُبَ ذَا، ثُمَّ تَرْجَمَ عَنْ ذَا، فقالَ هُوَ رَجْعُها يَدَيْهَا إِلَى حَلِّ تِكَّتِها أَي مَا أَحَبَّه، ويَدَا دِرْعِها كُمَّاها.

وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ بْنُ كَيْسَانَ: حَبَّذا كَلِمتان جُعِلَتا شَيْئًا وَاحِدًا، وَلَمْ تُغَيَّرا فِي تَثْنِيَةٍ، وَلَا جَمْعٍ، وَلَا تَأْنِيث، ورُفِع بِهَا الِاسْمُ، تَقُولُ: حَبَّذا زَيْدٌ، وحَبَّذا الزَّيْدانِ، وحَبَّذا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذا هِنْد، وحَبَّذا أَنْتَ.

وأَنْتُما، وأَنتُم.

وحَبَّذا يُبتدأُ بِهَا، وَإِنْ قُلْتَ: زَيْد حَبَّذا، فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَهِيَ قَبِيحة، لأَن حَبَّذا كَلِمَةُ مَدْح يُبْتَدأُ بِهَا لأَنها جَوابٌ، وَإِنَّمَا لَمْ تُثَنَّ، وَلَمْ تُجمع، ولم تُؤَنَّثْ، لأَنك إِنَّمَا أَجْرَيْتَها عَلَى ذِكر شيءٍ سَمِعْته، فكأَنك قُلْتَ: حَبَّذا الذِّكْرُ، ذُكْرُ زَيْدٍ، فَصَارَ زيدٌ موضعَ ذِكْرِهِ، وصارَ ذَا مُشَارًا إِلَى الذِّكْرِيّةِ، والذِّكرُ مُذَكَّرُ.

وحَبَّذا فِي الحَقِيقةِ: فِعْلٌ واسْم، حَبَّ بِمَنْزِلَةِ نِعْم، وَذَا فَاعِلٌ، بِمَنْزِلَةِ الرَّجل.

الأَزهري قَالَ: وأَمَّا حَبَّذا، فَإِنَّهُ حَبَّ ذَا، فَإِذَا وَصَلْتَ رَفَعْتَ بِهِ فَقُلْتَ: حَبَّذا زَيْدٌ.

وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه.

وَهُمْ يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضًا.

وحَبَّ إلَيَّ هَذَا الشيءُ يَحَبُّ حُبًّا.

قَالَ سَاعِدَةُ:

هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، ***وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْعَبُ

وأَنشد الأَزهري:

دَعانا، فسَمَّانَا الشِّعارَ، مُقَدِّمًا ***وحَبَّ إلَيْنا أَن نَكُونَ المُقدَّما

وقولُ سَاعِدَةَ: وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّب أَي حَبَّ بِهَا إِلَيَّ مُتَجَنِّبةً.

وَفِي الصِّحَاحِ فِي هَذَا الْبَيْتِ: وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، وَقَالَ: أَراد حَبُبَ، فأَدْغَمَ، ونَقَل الضَّمَّةَ إِلَى الحاءِ، لأَنه مَدْحٌ، ونَسَبَ هَذَا القَوْلَ إِلَى ابْنِ السِّكِّيتِ.

وحَبابُكَ أَن يَكُونَ ذلِكَ، أَو حَبابُكَ أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ أَي غايةُ مَحَبَّتِك؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهُ مَبْلَغُ جُهْدِكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الحُبَّ؛ وَمِثْلُهُ: حماداكَ.

أَي جُهْدُك وغايَتُكَ.

الأَصمعي: حَبَّ بِفُلانٍ، أَي مَا أَحَبَّه إِلَيَّ وَقَالَ الفرَّاءُ: مَعْنَاهُ حَبُبَ بِفُلَانٍ، بِضَمِّ الْبَاءِ، ثُمَّ أُسْكِنَتْ وأُدْغِمَتْ فِي الثَّانِيَةِ.

وأَنشد الفرَّاءُ:

وزَادَه كَلَفًا فِي الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ، ***وحَبَّ شيْئًا إِلَى الإِنْسانِ مَا مُنِعَا

قَالَ: وموضِعُ مَا، رفْع، أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ.

وأَنشد شَمِرٌ: ولَحَبَّ بالطَّيْفِ المُلِمِّ خَيالا

أَي مَا أَحَبَّه إليَّ، أَي أَحْبِبْ بِه والتَّحَبُّبُ: إظْهارُ الحُبِّ.

وحِبَّانُ وحَبَّانُ: اسْمانِ مَوْضُوعانِ مِن الحُبِّ.

والمُحَبَّةُ والمَحْبُوبةُ جَمِيعًا: مِنْ أَسْماءِ مَدِينةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَاهُمَا كُراع، لِحُبّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَصحابِه إيَّاها.

ومَحْبَبٌ: اسْمٌ عَلَمٌ، جاءَ عَلَى الأَصل، لِمَكَانِ الْعَلَمِيَّةِ، كَمَا جاءَ مَكْوَزةٌ ومَزْيَدٌ؛ وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى أَن يَزِنوا مَحْبَبًا بِمَفْعَلٍ، دُونَ فَعْلَلٍ، لأَنهم وَجَدُوا مَا تَرَكَّبَ مِنْ ح ب ب، وَلَمْ يَجِدُوا م ح ب، وَلَوْلَا هَذَا، لَكَانَ حَمْلُهم مَحْبَبًا عَلَى فَعْلَلٍ أَولى، لأَنّ ظُهُورَ التَّضْعِيفِ فِي فَعْلَل، هُوَ القِياسُ والعُرْفُ، كقَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ.

وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

يَشُجُّ بِهِ المَوْماةَ مُسْتَحْكِمُ القُوَى، ***لَهُ، مِنْ أَخِلَّاءِ الصَّفاءِ، حَبِيبُ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: حَبِيبٌ أَي رَفِيقٌ.

والإِحْبابُ: البُروكُ.

وأَحَبَّ البَعِيرُ: بَرَكَ.

وَقِيلَ: الإِحْبابُ فِي الإِبلِ، كالحِرانِ فِي الْخَيْلِ، وَهُوَ أَن يَبْرُك فَلَا يَثُور.

قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:

حُلْتُ عَلَيْهِ بالقَفِيلِ ضَرْبا، ***ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إذْ أَحَبَّا

القَفِيلُ: السَّوْطُ.

وَبَعِيرٌ مُحِبٌّ.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}؛ أَي لَصِقْتُ بالأَرض، لِحُبّ الخَيْلِ، حَتَّى فاتَتني الصلاةُ.

وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الإِنسان، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الإِبل.

وأَحَبَّ البعِيرُ أَيضًا إحْبابًا: أَصابَه كَسْرٌ أَو مَرَضٌ، فَلَمْ يَبْرَحْ مكانَه حَتَّى يَبْرأَ أَو يموتَ.

قَالَ ثَعْلَبٌ: وَيُقَالُ للبَعِيرِ الحَسِيرِ: مُحِبٌّ.

وأَنشد يَصِفُ امرأَةً، قاسَتْ عَجِيزتها بحَبْلٍ، وأَرْسَلَتْ بِهِ إِلَى أَقْرانِها:

جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسَّبَبْ، ***فَهُنَّ بَعْدُ، كُلُّهُنَّ كالمُحِبّ

أَبو الْهَيْثَمِ: الإِحْبابُ أَن يُشْرِفَ البعيرُ عَلَى الْمَوْتِ مِن شِدَّةِ المَرض فَيَبْرُكَ، وَلَا يَقدِرَ أَن يَنْبَعِثَ.

قَالَ الرَّاجِزُ:

مَا كَانَ ذَنْبِي فِي مُحِبٍّ بارِك، ***أَتاهُ أَمْرُ اللهِ، وَهْوَ هالِك

والإِحْبابُ: البُرْءُ مِنْ كُلِّ مَرَضٍ ابْنُ الأَعرابي: حُبَّ: إِذَا أُتْعِبَ، وحَبَّ: إِذَا وقَفَ، وحَبَّ: إِذَا تَوَدَّدَ، واسْتحَبَّتْ كَرِشُ المالِ: إِذَا أَمْسَكَتِ الْمَاءَ وَطَالَ ظِمْؤُها؛ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ، إِذَا الْتَقَتِ الطَّرْفُ والجَبْهةُ، وطَلَعَ مَعَهُمَا سُهَيْلٌ.

والحَبُّ: الزرعُ، صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا، وَاحِدَتُهُ حَبَّةٌ؛ والحَبُّ مَعْرُوفٌ مُستعمَل فِي أَشياءَ جَمة: حَبَّةٌ مِن بُرّ، وحَبَّة مِن شَعير، حَتَّى يَقُولُوا: حَبَّةٌ مِنْ عِنَبٍ؛ والحَبَّةُ، مِنَ الشَّعِير والبُرِّ وَنَحْوِهِمَا، وَالْجَمْعُ حَبَّاتٌ وحَبٌّ وحُبُوبٌ وحُبَّانٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ، لأَنَّ فَعلة لَا تُجْمَعُ عَلَى فُعْلانٍ، إِلَّا بَعْدَ طَرْحِ الزَّائِدِ.

وأَحَبَّ الزَّرْعُ وأَلَبَّ: إِذَا دخَل فِيهِ الأُكْلُ، وتَنَشَّأَ فِيهِ الحَبُّ واللُّبُّ.

والحَبَّةُ السَّوْداءُ، والحَبَّة الخَضْراء، والحَبَّةُ مِنَ الشَّيْءِ: القِطْعةُ مِنْهُ.

وَيُقَالُ للبَرَدِ: حَبُّ الغَمامِ، وحَبُّ المُزْنِ، وحَبُّ قُرٍّ.

وَفِي صفتِه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ويَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبّ الغَمامِ

، يَعْنِي البَرَدَ، شَبَّه بِهِ ثَغْرَه فِي بَياضِه وصَفائه وبَرْدِه.

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَهَذَا جابِرٌ بْنُ حَبَّةَ اسْمٌ للخُبْزِ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ.

وحَبَّةُ: اسْمُ امرأَةٍ؛ قَالَ:

أَعَيْنَيَّ ساءَ اللهُ مَنْ كانَ سَرَّه ***بُكاؤُكما، أَوْ مَنْ يُحِبُّ أَذاكُما

ولوْ أَنَّ مَنْظُورًا وحَبَّةَ أُسْلِما ***لِنَزْعِ القَذَى، لَمْ يُبْرِئَا لِي قَذاكُما

قَالَ ابْنُ جِنِّي: حَبَّةُ امرأَةٌ عَلِقَها رجُل مِنَ الجِنِّ، يُقَالُ لَهُ مَنْظُور، فَكَانَتْ حَبَّةُ تَتَطَبَّبُ بِمَا يُعَلِّمها مَنْظُور.

والحِبَّةُ: بُزورُ البقُولِ والرَّياحِينِ، وَاحِدُهَا حَبٌّ.

الأَزهري عَنِ الْكِسَائِيِّ: الحِبَّةُ: حَبُّ الرَّياحِينِ، وَوَاحِدُهُ حَبَّةٌ؛ وَقِيلَ: إِذَا كَانَتِ الحُبُوبُ مُخْتَلِفَةً مِنْ كلِّ شيءٍ شيءٌ، فَهِيَ حِبَّةٌ؛ وَقِيلَ: الحِبَّةُ، بِالْكَسْرِ: بُزورُ الصَحْراءِ، مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ؛ وَقِيلَ: الحِبَّةُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي الحَشِيشِ صِغارٌ.

وَفِي حَدِيثِ أَهلِ النارِ: «فَيَنْبُتون كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيل السَّيْلِ»؛ قَالُوا: الحِبَّةُ إِذَا كَانَتْ حُبوب مُخْتَلِفَةٌ مِنْ كُلِّ شيءٍ، والحَمِيلُ: مَوْضِعٌ يَحْمِلُ فِيهِ السَّيْلُ، وَالْجَمْعُ حِبَبٌ؛ وَقِيلَ: مَا كان لهحَبٌّ مِنَ النَّباتِ، فاسْمُ ذَلِكَ الحَبِّ الحِبَّة.

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحِبَّة، بِالْكَسْرِ: جميعُ بُزورِ النَّباتِ، وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ، بِالْفَتْحِ، عَنِ الْكِسَائِيِّ.

قَالَ: فأَما الحَبُّ فَلَيْسَ إِلَّا الحِنْطةَ والشَّعِيرَ، وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ، بِالْفَتْحِ، وَإِنَّمَا افْتَرَقا فِي الجَمْع.

الْجَوْهَرِيُّ: الحَبَّةُ: وَاحِدَةُ حَبِّ الحِنْطةِ، وَنَحْوِهَا مِنَ الحُبُوبِ؛ والحِبَّةُ: بَزْر كلِّ نَباتٍ يَنْبُتُ وحْدَه مِنْ غَيْرِ أَن يُبْذَرَ، وكلُّ مَا بُذِرَ، فبَزْرُه حَبَّة، بِالْفَتْحِ.

وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحِبَّةُ، بِالْكَسْرِ، مَا كَانَ مِن بَزْرِ العُشْبِ.

قَالَ أَبو زِيَادٍ: إِذَا تَكَسَّرَ اليَبِيسُ وتَراكَمَ، فَذَلِكَ الحِبَّة، رَوَاهُ عَنْهُ أَبو حَنِيفَةَ.

قَالَ: وأَنشد قَوْلَ أَبي النَّجْمِ، وَوَصَفَ إِبِلَه:

تَبَقَّلَتْ، مِن أَوَّلِ التَّبَقُّلِ، ***في حِبَّةٍ جَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ

قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِحَبّ الرَّياحِين: حِبَّةٌ، وَلِلْوَاحِدَةِ مِنْهَا حَبّةٌ؛ والحِبَّةُ: حَبُّ البَقْل الَّذِي ينْتَثِر، والحَبَّة: حَبّةُ الطَّعام، حَبَّةٌ مِنْ بُرٍّ وشَعِيرٍ وعَدَسٍ وأَرُزٍّ، وَكُلُّ مَا يأْكُله الناسُ.

قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ العربَ تَقُولُ: رَعَيْنا الحِبَّةَ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ الصَّيْف، إِذَا هاجتِ الأَرضُ، ويَبِسَ البَقْلُ والعُشْبُ، وتَناثَرتْ بُزُورُها وَوَرَقُها، فَإِذَا رَعَتْها النَّعَم سَمِنَتْ عَلَيْهَا.

قَالَ: ورأَيتهم يُسَمُّونَ الحِبَّةَ، بَعْدَ الانْتثارِ، القَمِيمَ والقَفَّ؛ وتَمامُ سِمَنِ النَّعَمِ بَعْدَ التَّبَقُّلِ، ورَعْيِ العُشْبِ، يَكُونُ بِسَفِّ الحِبَّةِ والقَمِيم.

قَالَ: وَلَا يَقَعُ اسْمُ الحِبَّةِ، إِلَّا عَلَى بُزُورِ العُشْبِ والبُقُولِ البَرِّيَّةِ، وَمَا تَناثر مِنْ ورَقِها، فاخْتَلَطَ بِهَا، مِثْلَ القُلْقُلانِ، والبَسْباسِ، والذُّرَق، والنَّفَل، والمُلَّاحِ، وأَصْناف أَحْرارِ البُقُولِ كلِّها وذُكُورها.

وحَبَّةُ القَلْبِ: ثَمَرتُه وسُوَيْداؤُه، وَهِيَ هَنةٌ سَوْداءُ فِيهِ؛ وَقِيلَ: هِيَ زَنَمةٌ فِي جَوْفِه.

قَالَ الأَعشى:

فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِها وطِحالَها الأَزهري: حَبَّةُ القَلْب: هِيَ العَلَقةُ السَّوْداء، الَّتِي تَكُونُ داخِلَ القَلْبِ، وَهِيَ حَماطةُ الْقَلْبِ أَيضًا.

يُقَالُ: أَصابَتْ فلانةُ حَبَّةَ قَلْبِ فُلان إِذَا شَعَفَ قَلْبَه حُبُّها.

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الحَبَّةُ وَسَطُ القَلْبِ.

وحَبَبُ الأَسْنانِ: تَنَضُّدُها.

قَالَ طَرَفَةُ:

وَإِذَا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَبًا ***كَرُضابِ المِسْكُ بالماءِ الخَصِرْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، وَقَالَ غَيْرُ الْجَوْهَرِيِّ: الحَبَبُ طَرائقُ مِن رِيقِها، لأَنّ قِلَّةَ الرِّيقِ تَكُونُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ.

ورُضابُ المِسْكِ: قِطَعُه.

والحِبَبُ: مَا جَرَى عَلَى الأَسْنانِ مِنَ الماءِ، كقِطَعِ القَوارِير، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الخَمْرِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد قَوْلَ ابْنِ أَحمر:

لَها حِبَبٌ يَرَى الرَّاؤُون مِنْهَا، ***كَمَا أَدْمَيْتَ، فِي القَرْوِ، الغَزالا

أَراد: يَرى الرَّاؤُون مِنْهَا فِي القَرْوِ كَمَا أَدْمَيْتَ الغَزالا.

الأَزهري: حَبَبُ الفَمِ: مَا يَتَحَبَّبُ مِنْ بَياضِ الرِّيقِ عَلَى الأَسْنانِ.

وحِبَبُ الْمَاءِ وحَبَبُه، وحَبابه، بِالْفَتْحِ: طَرائقُه؛ وَقِيلَ: حَبابُه نُفّاخاته وفَقاقِيعُه، الَّتِي تَطْفُو، كأَنَّها القَوارِيرُ، وَهِيَ اليَعالِيلُ؛ وَقِيلَ: حَبابُ الْمَاءِ مُعْظَمُه.

قَالَ"""" طَرفةُ:

يَشُقُّ حَبابَ الْمَاءِ حَيْزُومُها بِها، ***كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ

فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ المُعْظَمُ.

وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحَبَبُ: حَبَبُ الْمَاءِ، وَهُوَ تَكَسُّره، وَهُوَ الحَبابُ.

وأَنشد اللَّيْثُ:

كأَنَّ صلَا جهِيزةَ، حِينَ قامتْ، ***حَبابُ الْمَاءِ يَتَّبِعُ الحَبابا

ويُروى: حِينَ تَمْشِي.

لَمْ يُشَبِّهْ صَلاها ومَآكِمَها بالفَقاقِيع، وَإِنَّمَا شَبَّهَ مَآكِمَها بالحَبابِ، الَّذِي عَلَيْهِ، كأَنَّه دَرَجٌ فِي حَدَبةٍ؛ والصَّلا: العَجِيزةُ، وَقِيلَ: حَبابُ الْمَاءِ مَوْجُه، الَّذِي يَتْبَعُ بعضُه بَعْضًا.

قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد شَمِرٌ:

سُمُوّ حَبابِ الْمَاءِ حَالًا عَلَى حالِ

قَالَ، وَقَالَ الأَصمعي: حَبابُ الْمَاءِ الطَّرائقُ الَّتِي فِي الْمَاءِ، كأَنَّها الوَشْيُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:

كنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الحَبابا وحَبَبُ الأَسْنان: تَنَضُّدها.

وأَنشد:

وَإِذَا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَبًا، ***كأَقاحي الرَّمْلِ عَذْبًا، ذَا أُشُرْ

أَبو عَمْرٍو: الحَبابُ: الطَّلُّ عَلَى الشجَر يُصْبِحُ عَلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ صِفةِ أَهل الجَنّةِ: «يَصِيرُ طَعامُهم إِلَى رَشْحٍ»، مثْلِ حَباب المِسْكِ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَبابُ، بِالْفَتْحِ: الطَّلُّ الَّذِي يُصْبِحُ عَلَى النَّباتِ، شَبّه بِهِ رَشْحَهم مَجازًا، وأَضافَه إِلَى المِسْكِ ليُثْبِتَ لَهُ طِيبَ الرَّائحةِ.

قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ شبَّهه بحَباب الْمَاءِ، وَهِيَ نُفَّاخاتهُ الَّتِي تَطْفُو عَلَيْهِ؛ وَيُقَالُ لِمُعْظَم الْمَاءِ حَبابٌ أَيضًا، وَمِنْهُ حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لأَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: طِرْتَ بعُبابِها، وفُزْتَ بحَبابِها

، أَي مُعْظَمِها.

وحَبابُ الرَّمْلِ وحِبَبهُ: طَرائقُه، وَكَذَلِكَ هُمَا فِي النَّبِيذ.

والحُبُّ: الجَرَّةُ الضَخْمةُ.

والحُبُّ: الخابِيةُ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الماءُ، فَلَمْ يُنَوِّعْه؛ قَالَ: وَهُوَ فارِسيّ مُعَرّب.

قَالَ، وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَصلُه حُنْبٌ، فَعُرِّبَ، والجَمْعُ أَحْبابٌ وحِبَبةٌ وحِبابٌ.

والحُبَّةُ، بِالضَّمِّ: الحُبُّ؛ يُقَالُ: نَعَمْ وحُبَّةً وكَرامةً؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ الحُبِّ والكَرامةِ: إنَّ الحُبَّ الخَشَباتُ الأَرْبَعُ الَّتِي تُوضَعُ عَلَيْهَا الجَرَّةُ ذاتُ العُرْوَتَيْنِ، وَإِنَّ الكَرامةَ الغِطاءُ الَّذِي يُوضَعُ فوقَ تِلك الجَرّة، مِن خَشَبٍ كَانَ أَو مِنْ خَزَفٍ.

والحُبابُ: الحَيَّةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ حَيَّةٌ لَيْسَتْ مِنَ العَوارِمِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا قِيلَ الحُبابُ اسْمُ شَيْطانٍ، لأَنَّ الحَيَّةَ يُقال لَهَا شَيْطانٌ.

قَالَ:

تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنَّه ***تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِيِ خِرْوَعٍ، قَفْرِ

وَبِهِ سُمِّي الرَّجل.

وَفِي حَدِيثِ: «الحُبابُ شيطانٌ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالضَّمِّ اسْمٌ لَهُ، ويَقَع عَلَى الحَيَّة أَيضًا، كَمَا يُقَالُ لَهَا شَيْطان، فَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِيهِمَا.

وَقِيلَ: الحُبابُ حيَّة بِعَيْنِهَا، وَلِذَلِكَ غُيِّرَ اسمحُبابٍ، كَرَاهِيَةً لِلشَّيْطَانِ.

والحِبُّ: القُرْطُ مِنْ حَبَّةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْد: أَخبرنا أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي أَنه سأَل جَنْدَلَ بْنَ عُبَيْدٍ الرَّاعِي عَنْ مَعْنَى قَوْلِ أَبيه الرَّاعِي:

تَبِيتُ الحَيّةُ النَّضْناضُ مِنْهُ ***مَكانَ الحِبِّ، يَسْتَمِعُ السِّرارا

مَا الحِبُّ؟ فَقَالَ: القُرْطُ؛ فَقَالَ: خُذُوا عَنِ الشَّيْخِ، فَإِنَّهُ عالِمٌ.

قَالَ الأَزهريّ: وَفَسَّرَ غَيْرُهُ الحِبَّ فِي هَذَا الْبَيْتِ، الحَبِيبَ؛ قَالَ: وأُراه قَوْلَ ابْنِ الأَعرابي.

والحُبابُ، كالحِبِّ.

والتَّحَبُّبُ: أَوَّلُ الرِّيِّ.

وتَحَبَّبَ الحِمارُ وغَيْرُه: امْتَلأَ مِنَ الماءِ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرَى حَبَّبَ مَقُولةً فِي هَذَا المَعنى، وَلَا أَحُقُّها.

وشَرِبَتِ الإِبلُ حَتَّى حَبَّبَتْ: أَي تَمَلأَتْ رِيًّا.

أَبو عَمْرٍو: حَبَّبْتُه فتَحَبَّبَ، إِذَا مَلأْتَه للسِّقاءِ وغَيْرِه.

وحَبِيبٌ: قبيلةٌ.

قَالَ أَبو خِراش:

عَدَوْنا عَدْوةً لَا شَكَّ فِيها، ***وخِلْناهُمْ ذُؤَيْبةَ، أَو حَبِيبا

وذُؤَيْبة أَيضًا: قَبِيلة.

وحُبَيْبٌ القُشَيْرِيُّ مِنْ شُعَرائهم.

وذَرَّى حَبًّا: اسْمُ رَجُلٍ.

قَالَ:

إنَّ لَهَا مُرَكَّنًا إرْزَبَّا، ***كأَنه جَبْهةُ ذَرَّى حَبَّا

وحَبَّانُ، بِالْفَتْحِ: اسْمُ رَجل، مَوْضُوعٌ مِن الحُبِّ.

وحُبَّى، عَلَى وَزْنِ فُعْلى: اسْمُ امرأَة.

قَالَ هُدْبةُ بْنُ خَشْرمٍ:

فَما وَجَدَتْ وَجْدِي بِهَا أُمُّ واحِدٍ، ***وَلَا وَجْدَ حُبَّى بِابْنِ أُمّ كِلابِ

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


58-لسان العرب (شوب)

شوب: الشَّوْبُ: الخَلْطُ.

شابَ الشيءَ شَوْبًا: خَلَطَه.

وشُبْتُه أَشُوبُه: خَلَطْتُه، فَهُوَ مَشُوبٌ.

واشْتابَ، هُوَ، وانْشابَ: اخْتَلَط؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:

جادَتْ، مَنَاصِبَه، شَفَّانُ غادِيةٍ، ***بسُكَّرٍ، ورَحِيقٍ شيبَ، فاشْتابا

وَيُرْوَى: فانْشابا، وَهُوَ أَذْهَبُ فِي بابِ المُطاوَعَة.

والشَّوْبُ والشِّيابُ: الخَلْطُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْب:

وأَطْيِبْ براحِ الشامِ، جاءَتْ سَبيئَةً، ***مُعَتَّقَةً، صِرْفًا، وتِلكَ شِيابُها

وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ:

فأَطْيِبْ بِراحِ الشامِ صِرْفًا، وَهَذِهِ ***مُعَتَّقَةٌ، صَهْباءُ، وهْيَ شِيابُها

قَالَ: هَكَذَا أَنشده أَبو حَنِيفَةَ، وَقَدْ خلَّط فِي الرِّوَايَةِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ}؛ أَي لَخَلْطًا ومِزاجًا؛ يُقَالُ للمُخَلِّطِ فِي القولِ أَو العَمَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ.

أَبو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنِ المَشاوِبِ، وَهِيَ الغُلُفُ، فَقَالَ: يُقَالُ لِغِلافِ الْقَارُورَةِ مُشاوَبٌ، عَلَى مُفاعَل، لأَنه مَشُوبٌ بحُمْرَةٍ، وصُفْرةٍ، وخُضْرَةٍ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يجوزُ أَنْ يُجْمَع المُشاوَبُ عَلَى مَشاوِبَ.

والمُشاوَبُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وفتحِ الواوِ: غِلافُ الْقَارُورَةِ لأَنَّ فِيهِ أَلوانًا مُخْتَلِفَةً.

والشِّيابُ: اسمُ مَا يُمْزَجُ.

وسَقاه الذَّوْبَ بالشَّوْبِ؛ الذَّوْبُ: العَسَلُ؛ والشَّوْبُ: مَا شُبْتَه بِهِ مِنْ ماءٍ أَو لَبنٍ.

وَحَكَى ابنُ الأَعرابي: مَا عِنْدِي شَوْبٌ وَلَا رَوْبٌ؛ فالشَّوْبُ العَسَل، والرَّوْبُ اللَّبنُ الرَّائبُ؛ وَقِيلَ: الشَّوْبُ العَسَلُ، والرَّوْبُ اللَّبَنُ، مِنْ غيرِ أَن يُحَدَّا؛ وَقِيلَ: لَا مَرَقٌ وَلَا لَبَنٌ.

وَيُقَالُ: سَقَاه الشَّوْبَ بالذَّوْب، فالشَّوْبُ اللبنُ، والذَّوْبُ العَسَل، قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ.

الْفَرَّاءُ: شابَ إِذا خانَ، وباشَ إِذا خَلَطَ.

الأَصمعي، فِي بَابِ إِصابةِ الرجلِ فِي مَنْطِقِه مَرَّة، وإِخطائِه أُخْرى: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ.

أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَضَحَ عَنِ الرَّجُلِ: قَدْ شابَ عَنْهُ ورابَ، إِذا كَسِلَ.

قَالَ: والتَّشْوِيبُ أَن يَنْضَحَ نَضْحًا غيرَ مُبالَغٍ فِيهِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: هُوَ يشُوبُ ويَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدَافَعَة غيرَ مُبالَغٍ فِيهَا، ومَرَّة يَكْسَلُ فَلَا يُدافِعُ البَتَّة.

قَالَ غيرُه: يَشُوبُ مِنْ شَوْبِ اللَّبنِ، وَهُوَ خَلْطُه بالماءِ ومَذْقُه؛ ويَرُوبُ أَرادَ أَن يَقُولَ يُرَوِّب أَي يَجْعلُه رائِبًا خاثِرًا، لَا شَوْبَ فِيهِ، فأَتْبَع يَرُوبُ يَشُوبُ لازْدواجِ الْكَلَامِ، كَمَا قَالُوا: هُوَ يَأْتيه الغَدايا والعَشايا، والغَدايا لَيْسَ بِجمْعٍ للغَداة، فجاءَ بِهَا عَلَى وَزْنِ العَشايا.

أَبو سَعِيدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ: رأَيْتُ فُلانًا اليومَ يَشُوبُ عَنْ أَصحابه إِذا دافَعَ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ دِفاعٍ.

قَالَ: وَلَيْسَ قولُهم هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ مِنَ اللَّبنِ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ رجلٌ يَرُوبُ أَحيانًا، فَلَا يتَحَرَّك وَلَا يَنْبَعِث، وأَحيانًا يَنْبَعِثُ فيَشُوبُ عَنْ نفسِه، غيرَ مُبالغٍ فِيهِ.

ابْنُ الأَعرابي: شابَ إِذا كَذَب، وشابَ: خَدَع فِي بَيْعٍ أَو شِراءٍ.

ابْنُ الأَعرابي: شابَ يَشُوب شَوْبًا إِذا غَشَّ؛ وَمِنْهُ الخَبرُ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ أَي لَا غِشَّ وَلَا تَخْلِيطَ فِي بَيعٍ أَو شِراءٍ.

وأَصلُ الشَّوْبِ الخَلْطُ، والرَّوْبُ مِنَ اللَّبنِ الرائِبِ، لخَلْطِه بالماءِ.

وَيُقَالُ للمُخَلِّط فِي كَلَامِهِ: هُوَ يَشُوبُ ويرُوبُ.

وَقِيلَ: مَعْنَى لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ أَنَّكَ بريءٌ مِنْ هَذِهِ السِّلْعَة.

ورُوِي عَنْهُ أَنه قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ فِي البَيْعِ والشِّراءِ فِي السِّلْعَةِ تَبِيعُها أَي إَنَّكَ بَريءٌ مِنْ عَيْبِها.

وَفِي الْحَدِيثِ: «يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ، فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ»؛ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لمَا يَجْرِي بَينهُم مِنَ الكَذِب والرِّبا، والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ فِي القولِ، لتكُونَ كَفَّارةً لِذَلِكَ؛ وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي:

سَيَكْفِيكَ، صَرْبَ القَوْمِ، لَحْمٌ مُعَرَّصٌ، ***وماءُ قُدُورٍ، فِي القِصاعِ، مَشِيبُ

إِنما بناهُ عَلَى شِيب الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوط بالتَّوابِلِ والصِّباغِ.

والصَّرْبُ: اللبنُ الحامِضُ.

ومُعَرَّصٌ: مُلْقًى فِي العَرْصَةِ ليَجِفَّ، وَيُرْوَى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ؛ وَيُرْوَى مُعَرَّضٌ أَي لَمْ يَنْضَجْ بعدُ، وَهُوَ المُلَهْوَجُ.

وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ، يُضرب مَثَلًا لمَنْ يَخْلِطُ فِي القولِ والعَمَلِ.

وَفِي فُلَانٍ شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ، وَفِي فُلَانٍ ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ.

واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّينَ الشَّوْبَ فِي الحركاتِ، فَقَالَ: أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَة بالكسرةِ، فالفَتْحة الَّتِي قَبْلَ الإِمالةِ، نَحْوَ فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ؛ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الإِمالة إِنما هِيَ أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة، فتُمِيلَ الأَلِفَ نحوَ الْيَاءِ، لِضَرْبٍ مِنْ تَجانُسِ الصَّوْتِ، فَكَمَا أَنَّ الحركَةَ لَيْسَتْ بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ، كَذَلِكَ الأَلِفُ الَّتِي بعدَها لَيْسَتْ أَلِفًا مَحْضَةً، وَهَذَا هُوَ القياسُ، لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة، فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة، فَكَذَلِكَ الأَلِفُ اللَّاحقة لَها.

والشَّوْبُ: القِطْعَة مِنَ العَجِينِ.

وباتَتِ المَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ؛ قِيلَ: إِنَّ الياءَ فِيهَا مُعاقِبَة، وإِنما هُوَ مِنَ الواوِ، لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ.

والشَّائِبَة: واحِدة الشَّوائِبِ، وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ.

وشَيْبانُ: قَبيلَة؛ قِيلَ ياؤُه بدَلٌ مِنَ الوَاوِ، لقَولِهِم الشَّوابِنَة.

وشَابَةُ: مَوْضِعٌ بنَجْدٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الياءِ، لأَنَّ هَذِهِ الأَلف تَكُونُ منقَلِبة عَنْ ياءٍ وَعَنْ واوٍ، لأَنّ فِي الكلامِ ش وب، وَفِيهِ ش ي ب، وَلَوْ جُهِل انْقِلابُ هَذِهِ الأَلِف لَحُمِلَتْ عَلَى الواوِ، لأَنَّ الأَلِف هاهنا عَين، وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كَانَتْ عَيْنًا عَنِ الواوِ أَكثر مِنِ انقلابِها عَنِ الياءِ؛ قَالَ:

وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ، ***حَنْظَل شَابَةَ، يَجْني هَبِيدا

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


59-لسان العرب (هرج)

هرج: الهَرْجُ: الِاخْتِلَاطُ؛ هَرَجَ النَّاسُ يَهْرِجُون، بِالْكَسْرِ، هَرْجًا مِنَ الِاخْتِلَاطِ أَي اخْتَلَطُوا.

وأَصل الهَرْج: الْكَثْرَةُ فِي الْمَشْيِ والاتساعُ.

والهَرْجُ: الْفِتْنَةُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.

والهَرْجُ: شدَّة الْقَتْلِ وَكَثْرَتُهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ هَرْج»أَي قِتَالٌ وَاخْتِلَاطٌ؛ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الأَشعري أَنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَتعلم الْأَيْامَ الَّتِي ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا الهَرْجَ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ الْجَهْلُ وَيَكُونُ الهَرْجُ، قَالَ أَبو مُوسَى: الهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ.

وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ: «يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ويكثُر الهَرْجُ، قِيلَ: وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْقَتْلُ»؛ وَقَالَ ابنُ قَيْس الرُّقَيَّاتِ أَيامَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ:

ليتَ شِعْري أَأَوّلُ الهَرْجِ هَذَا، ***أَم زمانٌ مِنْ فتنةٍ غيرِ هَرْجِ؟

يَعْنِي أَأَوّل الْهَرْجِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ هَذَا، أَم زَمَانٌ مِنْ فِتْنَةٍ سِوَى ذَلِكَ الْهَرْجِ؟ اللِّيْثُ: الهَرْج الْقِتَالُ وَالِاخْتِلَاطُ، وأَصلُ الهَرْج الكثرةُ فِي الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْجِمَاعِ: بَاتَ يَهْرِجُها ليلتَه جَمْعاء.

والهَرْجُ: كَثْرَةُ النِّكَاحِ.

وَقَدْ هَرَجَها يَهْرُجُها ويَهْرِجها هَرْجًا إِذا نَكَحَهَا.

وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ: «إِنما هُمْ هَرْجًا مَرْجًا»؛ الهَرْجُ: كَثْرَةُ النِّكَاحِ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبي الدَّرْدَاءِ: يَتهارَجُون تهارُجَ الْبَهَائِمِ

أَي يَتَسَافَدُونَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا خَرَّجه أَبو مُوسَى وشَرَحَه وأَخرجه الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: أَي يَتَساوَرُونَ.

والتَّهارُج: التَّنَاكُحُ والتسافُدُ.

والهَرْجُ: كَثْرَةُ الْكَذِبِ وَكَثْرَةُ النَّوْمِ.

وهَرَج القومُ يَهْرِجُون فِي الْحَدِيثِ إِذا أَفْضَوا بِهِ فأَكثروا.

وهَرَج النومَ يَهْرِجُه: أَكثره؛ قَالَ:

وحَوْقَلٍ سِرْنا بِهِ وَنَامَا، ***فَمَا دَرى إِذ يَهْرِجُ الأَحْلاما،

أَيَمَنًا سِرْنا بِهِ أَمْ شَاما؟

والهَرْج: شَيْءٌ تَرَاهُ فِي النَّوْمِ وَلَيْسَ بِصَادِقٍ.

وهَرَجَ يَهْرِجُ هَرْجًا: لَمْ يُوقِنْ بالأَمر.

وهَرِجَ الرجلُ: أَخذه البُهْرُ مِنْ حَرٍّ أَو مَشْي.

وهَرِجَ الْبَعِيرُ، بِالْكَسْرِ، يَهْرَجُ هَرَجًا: سَدِرَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَكَثْرَةِ الطلاءِ بالقَطِرانِ وثِقَلِ الحِمْل؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْحِمَارَ والأَتان:

ورَهِبَا مِنْ حَنْذِه أَن يَهْرَجا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «لأَكونَنَّ فِيهَا مثلَ الجَمَل الرَّداح يُحْمَلُ عَلَيْهِ الحِمْلُ الثقيلُ فَيَهْرَجُ فَيَبْرُك، وَلَا يَنْبَعِثُ حَتَّى يُنْحَر»أَي يَتَحَيَّرُ ويَسْدَرُ.

وَقَدْ أَهْرَجَ بعيرُه إِذا وَصَلَ الْحَرُّ إِلى جَوْفِهِ.

وَرَجُلٌ مُهْرِجٌ إِذا أَصاب إِبلَه الجرَبُ، فَطُلِيَتْ بِالْقَطِرَانِ فَوَصَلَ الحرُّ إِلى جَوْفِهَا؛ وأَنشد:

عَلَى نَارِ جِنٍّ يَصْطَلُونَ كأَنها ***طَلَاهَا بِالْغِيبَةِ مُهْرِجُ

قَالَ الأَزهري: رأَيت بَعِيرًا أَجرب هُنِئَ بالخضْخاضِ فَهَرَجَ وَمَاتَ.

الأَصمعي: يُقَالُ هَرَّجَ بعيرَه إِذا حَمَلَ عَلَيْهِ فِي السَّيْرِ فِي الْهَاجِرَةِ.

وهَرَّجَ بِالسَّبْعِ: صَاحَ بِهِ وَزَجَرَهُ؛ قَالَ رؤْبة:

هَرَّجْتُ فارْتَدَّ ارْتِدادَ الأَكْمَهِ، ***فِي غائلاتِ الحائِر المُتَهْتِهِ

قَالَ شَمِرٌ: المُتَهْتِهُ الَّذِي تَهْتَهَ فِي الْبَاطِلِ أَي تَرَدَّد فِيهِ.

وَيُقَالُ للفَرَس: مَرَّ يَهْرِجُ وإِنه لَمِهْرَجٌ وهَرَّاج إِذا كَانَ كَثِيرَ الْجَرْيِ.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «فَذَلِكَ حِينَ استَهْرَجَ لَهُ الرأْيُ»أَي قَوِيَ وَاتَّسَعَ.

وهَرَجَ الفرسُ يَهْرِجُ هَرْجًا، وَهُوَ مِهْراجٌ، وَهُوَ مِهْرَجٌ وهَرَّاجٌ إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجا وَقَالَ الْآخَرُ: مِنْ كلِّ هَرَّاجٍ نَبِيلٍ مَحْزِمُه التَّهْذِيبِ: ابْنُ مُقْبل يَصِفُ فَرَسًا:

هَرْج الوَليدِ بخَيْطٍ مُبْرَمٍ خَلَقٍ، ***بينَ الرَّواجِبِ، فِي عُودٍ مِنَ العُشَرِ

قَالَ: شَبَّهَهُ بخُذْرُوف الْوَلِيدِ فِي دُرُورِ عَدْوِه.

وهَرَّجْتُ الْبَعِيرَ تَهْريجًا وأَهْرَجْتُه أَيضًا إِذا حَمَلْتُ عَلَيْهِ فِي السَّيْرِ فِي الْهَاجِرَةِ حَتَّى سَدِرَ.

وهَرَّجَ النبيذُ فُلَانًا إِذا بَلَغَ مِنْهُ فانْهَرَجَ وانْهَكَّ.

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: بابٌ مَهْرُوجٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُسَدُّ يَدْخُلُهُ الْخَلْقُ، وَقَدْ هَرَجَه الإِنسان يَهْرِجُه أَي تَرَكَهُ مَفْتُوحًا.

والهِرْجُ: الضَّعِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:

والكَبْشُ هِرْجٌ إِذا نَبَّ العَتُودُ لَهُ، ***زَوْزَى بأَلْيَتِه للذُّلِّ، واعْتَرَفا

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


60-لسان العرب (لحح)

لحح: اللَّحَحُ فِي الْعَيْنِ: صُلاقٌ يُصِيبُهَا وَالْتِصَاقٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ التزاقُها مِنْ وَجَعٍ أَو رَمَص؛ وَقِيلَ: هُوَ لزُوق أَجفانها لِكَثْرَةِ الدُّمُوعِ؛ وَقَدْ لَحِحَتْ عينُه تَلْحَحُ لَحَحًا، بإِظهار التَّضْعِيفِ، وَهُوَ أَحد الأَحرف الَّتِي أُخرجت عَلَى الأَصل مِنْ هَذَا الضَّرْبِ مُنَبِّهَةً عَلَى أَصلها وَدَلِيلًا عَلَى أَوّلية حَالِهَا والإِدغام لُغَةٌ؛ الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعِلَتْ سَاكِنَةِ التَّاءِ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ، فَهُوَ مُدْغَمٌ، نَحْوَ صَمَّتِ المرأَةُ وأَشباهها إِلا أَحرفًا جَاءَتْ نَوَادِرَ فِي إِظهار التَّضْعِيفِ، وَهِيَ: لَحِحَتْ عينُه إِذا الْتَصَقَتْ، ومَشِشَت الدَّابَّةُ وصَكِكَت، وضَبِبَ البلدُ إِذا كَثُرَ ضَبابه، وأَلِلَ السِّقاءُ إِذا تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، وقَطِطَ شَعره.

ولَحَّتْ عينُه كَلَخَّتْ: كَثُرَتْ دُمُوعُهَا وغَلُظَتْ أَجفانها.

وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لَحٍّ، فِي النَّكِرَةِ بِالْكَسْرِ لأَنه نَعْتٌ لِلْعَمِّ؛ وَابْنُ عَمِّي لَحًّا فِي الْمَعْرِفَةِ أَي لازقُ النَّسَبِ مِنْ ذَلِكَ، وَنَصَبَ لَحًّا عَلَى الْحَالِ، لأَن مَا قَبْلَهُ مَعْرِفَةٌ، وَالْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ والمؤَنث فِي هَذَا سَوَاءٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُمَا ابْنَا عَمٍّ لَحٍّ ولَحًّا، وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، وَلَا يُقَالُ: هُمَا ابْنَا خَالٍ لَحًّا، وَلَا ابْنَا عَمَّةٍ لَحًّا، لأَنهما مُفْتَرَقَانِ إِذ هُمَا رَجُلٌ وامرأَة، وإِذا لَمْ يَكُنِ ابْنُ الْعَمِّ لَحًّا وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَشِيرَةِ قُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّ الكلالةِ، وابنُ عَمٍّ كَلَالَةً.

والإِلْحاحُ: مِثْلُ الإِلْحافِ.

أَبو سَعِيدٍ: لَحَّت القرابةُ بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ فُلَانٍ إِذا صَارَتْ لَحًّا، وكَلَّتْ تَكِلُّ كَلَالَةً إِذا تَبَاعَدَتْ.

ومكانٌ لَحِحٌ لاحٌّ: ضَيِّقٌ، وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.

ووادٍ لاحٌّ: ضَيِّقٌ أَشِبٌ يَلْزَقُ بعضُ شَجَرِهِ بِبَعْضٍ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ إِسماعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأُمِّه هاجَرَ: «وإِسكان إِبراهيم إِياهما مَكَّةَ وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ لاحٌ»أَي ضَيِّقٌ مُلْتَفٌّ بِالشَّجَرِ وَالْحَجَرِ؛ أي كَثِيرِ الشَّجَرِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

بخَوْصاوَيْنِ فِي لِحَحٍ كَنِين؛ أي فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ يَعْنِي مَقَرَّ عَيْنَيْ نَاقَتَهُ، وَرَوَاهُ شَمِرٌ: وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ لاخٌ، بِالْخَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

وأَلَحَّ عَلَيْهِ بالمسأَلة وأَلَحَّ فِي الشَّيْءِ: كَثُرَ سؤالُه إِياه كَاللَّاصِقِ بِهِ.

وَقِيلَ: أَلَحَّ عَلَى الشَّيْءِ أَقبل عَلَيْهِ لَا يَفْتُرُ عَنْهُ، وَهُوَ الإِلحاحُ، وَكُلُّهُ مِنَ اللُّزوق.

وَرَجُلٌ مِلْحاحٌ: مُدِيمٌ لِلطَّلَبِ.

وأَلَحَّ الرَّجُلُ عَلَى غَرِيمِهِ فِي التَّقَاضِي إِذا وَظَبَ.

والمِلحاحُ مِنَ الرِّحَالِ: الَّذِي يَلْزَق بِظَهْرِ الْبَعِيرِ فَيَعَضُّه ويَعْقِره، وكذلك هو من الأَقْتاب وَالسُّرُوجِ.

وَقَدْ أَلَحَّ القَتَبُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِذا عَقَرَهُ؛ قَالَ البَعِيثُ المُجاشِعِيُّ:

أَلَدُّ إِذا لاقيتُ قَوْمًا بخُطَّةٍ، ***أَلَحَّ عَلَى أَكْتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ

ورَحى مِلْحاحٌ عَلَى مَا يَطْحَنُه.

وأَلَحَّ السحابُ بِالْمَطَرِ: دَامَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

دِيارٌ لسَلْمى عافِياتٌ بِذِي خالِ، ***أَلَحَّ عَلَيْهَا كلُّ أَسْحَمَ هَطَّالِ

وسحابٌ مِلْحاحٌ: دَائِمٌ.

وأَلح السحابُ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ مِثْلَ أَلَثَّ، وأَنشد بَيْتَ الْبَعِيثِ الْمُجَاشِعِيِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَفَ نَفْسَهُ بالحِذْق فِي الْمُخَاصَمَةِ وأَنه إِذا عَلِقَ بخَصْمٍ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ حَتَّى يُؤَثِّرَ كَمَا يُؤَثِّرُ الْقَتْبُ فِي ظَهْرِ الدَّابَّةِ.

وأَلَحَّت المَطِيُّ: كَلَّتْ فأَبطأَت.

وكلُّ بَطِيءٍ: مِلْحاحٌ.

وَدَابَّةٌ مُلِحٌّ إِذا بَرَك ثَبَتَ وَلَمْ يَنْبَعِثْ.

وأَلَحَّت النَّاقَةُ وأَلَحَّ الْجَمَلُ إِذا لَزِمَا مَكَانَهُمَافَلَمْ يَبْرَحا كَمَا يَحْرُنُ الفرسُ؛ وأَنشد:

كَمَا أَلحَّتْ عَلَى رُكْبانِها الخُورُ

الأَصمعي: حَرَنَ الدابةُ وأَلَحَّ الجملُ وخَلأَتِ الناقةُ.

والمُلِحُّ: الَّذِي يَقُومُ مِنَ الإِعياء فَلَا يَبْرَحُ.

وأَجاز غيرُ الأَصمعي: وأَلحَّت الناقةُ إِذا خَلأَتْ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لامرأَة دَعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ كِبَرِهِ:

تقولُ: وَرْيًا، كُلَّما تَنَحْنَحا، ***شَيْخًا، إِذا قَلَبْتَه تَلَحْلَحا

ولَحْلَح القومُ وتَلَحْلَحَ الْقَوْمُ: ثَبَتُوا مَكَانَهُمْ فَلَمْ يَبْرَحُوا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

بحَيٍّ إِذا قِيلَ: اظْعَنُوا قَدْ أُتِيتُمُ، ***أَقامُوا عَلَى أَثقالهم، وتَلَحْلَحوا

يُرِيدُ أَنهم شُجْعان لَا يَزُولُونَ عَنْ مَوْضِعِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ إِذا قِيلَ لَهُمْ: أُتيتم، ثِقَةً مِنْهُمْ بأَنفسهم.

وتَلَحْلَحَ عَنِ الْمَكَانِ: كَتَزَحْزَحَ، وَيَقُولُ الأَعرابي إِذا سُئِلَ: مَا فِعْلُ الْقَوْمِ؟ يَقُولُ تَلَحْلَحُوا أَي ثَبَتُوا؛ وَيُقَالُ: تَحَلْحَلُوا أَي تَفَرَّقُوا؛ قَالَ: وَقَوْلُهَا فِي الأُرجوزة تَلَحْلَحا، أَرادت تَحلْحَلا فَقُلِبَتْ، أَرادت أَن أَعضاءه قَدْ تَفَرَّقَتْ مِنَ الْكِبْرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَحْلَحَتْ عِنْدَ بَيْتِ أَبي أَيوبَ وَوَضَعَتْ جِرانَها» أَي أَقامت وَثَبَتَتْ وأَصله مِنْ قَوْلِكَ أَلَحَّ يُلِحُّ.

وأَلَحَّت النَّاقَةُ إِذا بَرَكَت فَلَمْ تَبْرح مَكَانَهَا.

وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ: «فَرَكِبَ نَاقَتَهُ فزَجَرها الْمُسْلِمُونَ فأَلَحَّت»أَي لَزِمَتْ مَكَانَهَا، مِنْ أَلَحَّ عَلَى الشَّيْءِ إِذا لَزِمَهُ وأَصَرَّ عَلَيْهِ.

وأَما التَّحَلْحُلُ: فَالتَّحَرُّكُ والذهابُ.

وخُبْزةٌ لَحَّةُ ولَحْلَحةٌ ولَحْلَحٌ: يَابِسَةٌ؛ قَالَ:

حَتَّى اتَّقَتْنا بقُرَيْصٍ لَحْلَحِ، ***ومَذْقَةٍ كقُرْبِ كَبْشٍ أَمْلَحِ

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


61-لسان العرب (جلخ)

جَلَخَ: جَلَخَ السيلُ الواديَ يَجْلَخُه جَلْخًا: قَطَعَ أَجرافه وملأَه.

وَسَيْلٌ جُلاخ وجُراف: كَثِيرٌ.

والجُلاح، بِالْحَاءِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ: الجُرافُ.

والجَلْخُ: ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ؛ وَقِيلَ: الجَلْخُ إِخراجها والدَّعْسُ إِدخالها.

والجَليخُ: صَوْتُ الْمَاءِ.

والجُلاخُ: اسْمُ شَاعِرٍ.

والجِلْواخُ: الْوَاسِعُ الضَّخْمُ الْمُمْتَلِئُ مِنَ الأَودية؛ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: أَخذني جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَصَعِدا بِي فإِذا بِنَهْرَيْنِ جِلْواخَيْنِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ؟ قَالَ جِبْرِيلُ: سُقْيا أَهل الدُّنْيَا؛ جِلواخَين أَي وَاسِعَيْنِ.

والجُلاخُ: الْوَادِي العَميقُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ:

أَلا ليتَ شعْري، هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ***بأَبْطح جِلْواخٍ، بأَسْفله نَخْلُ؟

والجِلْواخ: التَّلَعَةُ الَّتِي تَعْظُمُ حَتَّى تَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِ الْوَادِي أَو ثُلُثَيْهِ.

والجِلْواخ: مَا بَانَ من الطريق ووضَحَ.

وجَلَوَّخٌ: اسْمٌ.

ابْنُ الأَنباري: اجْلَخَّ الشيخُ أَي ضَعُفَ وفَترت عظامُه وأَعضاؤه؛ وأَنشد:

لَا خيرَ فِي الشَّيْخ إِذا مَا اجْلَخَّا، ***واطْلَخَّ ماءُ عينِه ولَخَّا

اطْلَخَّ أَي سَالَ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: اجْلَخَّ مَعْنَاهُ سَقَطَ فَلَا يَنْبَعِثُ وَلَا يَتَحَرَّكُ.

أَبو الْعَبَّاسِ: جَخَّ وجَخَّى واجْلَخَّ إِذا فَتَحَ عَضُدَيْهِ فِي السجود.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


62-لسان العرب (مدد)

مدد: المَدُّ: الجَذْب والمَطْلُ.

مَدَّه يَمُدُّه مَدًّا ومدَّ بِهِ فامتَدّ ومَدَّدَه فَتَمَدَّد، وتَمَدَّدناه بَيْنَنَا: مَدَدْناه.

وَفُلَانٌ يُمادُّ فُلَانًا أَي يُماطِلُه ويُجاذِبه.

والتَّمَدُّد: كَتَمَدُّدِ السِّقاء، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ تَبْقَى فِيهِ سَعَةُ المَدِّ.

والمادَّةُ: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ.

ومَدَّه فِي غَيِّه أَي أَمهلَه وطَوَّلَ لَهُ.

ومادَدْتُ الرَّجُلَ مُمادَّةً ومِدادًا: مَدَدْتُه ومَدَّني؛ هَذِهِ عن اللِّحْيَانِيِّ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}؛ مَعْنَاهُ يُمْهِلُهم.

وطُغْيانُهم: غُلُوُّهم فِي كُفْرِهِمْ.

وَشَيْءٌ مَدِيد: مَمْدُودٌ.

وَرَجُلٌ مَدِيد الْجِسْمِ: طَوِيلٌ، وأَصله فِي الْقِيَامِ؛ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ مُدُدٌ، جَاءَ عَلَى الأَصل لأَنه لَمْ يُشْبِهِ الْفِعْلَ، والأُنثى مَدِيدة.

وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: «قَالَ لِبَعْضِ عُمَّالِهِ: بَلَغَنِي أَنك تَزَوَّجْتَ امرأَة مَدِيدَةً»أَي طَوِيلَةً.

وَرَجُلٌ مَدِيدُ الْقَامَةِ: طَوِيلُ الْقَامَةِ.

وطِرافٌ مُمدَّد أَي ممدودٌ بالأَطناب، وشُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ.

وتَمَدَّد الرَّجُلُ أَي تَمطَّى.

والمَدِيدُ: ضَرْبٌ مِنَ العَرُوض، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِامْتِدَادِ أَسبابه وأَوتاده؛ قَالَ أَبو إِسحاق: سُمِّيَ مَدِيدًا لأَنه امتَدَّ سَبَبَاهُ فَصَارَ سَبَب فِي أَوله وَسَبَبٌ بَعْدَ الوَتِدِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ فِي عَمَد طِوال.

ومَدَّ الْحَرْفَ يَمُدُّه مَدًّا: طَوَّلَه.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مدَّ اللهُ الأَرضَ يَمُدُّها مَدًّا بَسَطَهَا وسَوَّاها.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ}؛ وَفِيهِ: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها.

وَيُقَالُ: مَدَدْت الأَرض مَدًّا إِذا زِدت فِيهَا تُرَابًا أَو سَمادًا مِنْ غَيْرِهَا لِيَكُونَ أَعمر لَهَا وأَكثر رَيْعًا لِزَرْعِهَا، وَكَذَلِكَ الرِّمَالُ، والسَّمادُ مِداد لَهَا؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقُ:

رَأَتْ كَمَرًا مِثْلَ الجَلاميدِ فَتَّحَتْ ***أَحالِيلَها، لمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذورُها

قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: اتْمَأَدَّتْ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، اللَّهُمَّ إِلا أَن يُرِيدَ تَمادَّت فَسَكَّنَ التَّاءَ وَاجْتَلَبَ لِلسَّاكِنِ أَلِفَ الْوَصْلِ، كَمَا قَالُوا: ادَّكَرَ وادّارَأْتُمْ فِيهَا، وَهَمَزَ الأَلف الزَّائِدَةَ كَمَا هَمَزَ بَعْضُهُمْ أَلف دابَّة فَقَالَ دأَبَّة.

ومدَّ بصَرَه إِلى الشَّيْءِ: طَمَح بِهِ إِليه.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا}.

وأَمَدَّ لَهُ فِي الأَجل: أَنسأَه فِيهِ.

ومَدَّه فِي الغَيّ وَالضَّلَالِ يَمُدُّه مَدًّا ومَدَّ لَهُ: أَمْلَى لَهُ وَتَرَكَهُ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}؛ أَي يُمْلِي ويُلِجُّهم؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ مدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْعَذَابِ مَدًّا.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا}.

قَالَ: وأَمَدَّه فِي الْغَيِّ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ}؛ قِرَاءَةُ أَهل الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ يَمُدُّونَهم، وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ يُمِدُّونَهم.

والمَدُّ: كَثْرَةُ الْمَاءِ أَيامَ المُدُود وَجَمْعُهُ مُدُود؛ وَقَدْ مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا، وامْتَدَّ ومَدَّه غَيْرُهُ وأَمَدَّه.

قَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ شَيْءٍ مَدَّه غَيْرُهُ، فَهُوَ بأَلف؛ يُقَالُ: مَدَّ البحرُ وامتَدَّ الحَبْل؛ قَالَ اللَّيْثُ: هَكَذَا تَقُولُ الْعَرَبُ.

الأَصمعي: المَدُّ مَدُّ النَّهْرِ.

والمَدُّ: مَدُّ الْحَبْلِ.

والمَدُّ: أَن يَمُدّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي غيِّه.

وَيُقَالُ: وادِي كَذَا يَمُدُّ فِي نَهْرِ كَذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ.

وَيُقَالُ مِنْهُ: قلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتها ركيةٌ أُخرى فَهِيَ تَمُدُّها مَدًّا.

والمَدُّ: السَّيْلُ.

يُقَالُ: مَدَّ النهرُ ومدَّه نَهْرٌ آخَرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّه أَتِيُّ ***غِبَّ سمَاءٍ، فَهُوَ رَقْراقِيُ

ومَدَّ النَّهرُ النهرَ إِذا جَرَى فِيهِ.

قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ دَخَلَ فِيهِ مِثْلُهُ فَكَثَّرَه: مدَّه يَمُدُّه مَدًّا.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}؛ أَي يَزِيدُ فِيهِ مَاءً مِنْ خلْفِه تجرُّه إِليه وتُكثِّرُه.

ومادَّةُ الشَّيْءِ: مَا يمدُّه، دَخَلَتْ فِيهِ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ.

وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ: «يَنْبَعِثُ فِيهِ مِيزابانِ مِدادُهما أَنهار الْجَنَّةِ»؛ أي يَمُدُّهما أَنهارُها.

وَفِي الْحَدِيثِ: «وأَمَدَّها خَواصِر» أَي أَوسعها وأَتَمَّها.

والمادَّة: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ مَدَدًا لِغَيْرِهِ.

وَيُقَالُ: دعْ فِي الضَّرْع مادَّة اللَّبَنِ، فَالْمَتْرُوكُ فِي الضَّرْعِ هُوَ الداعِيَةُ، وَمَا اجْتَمَعَ إِليه فَهُوَ المادَّة، والأَعْرابُ مادَّةُ الْإِسْلَامِ.

وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}؛ قَالَ: تَكُونُ مِدادًا كالمِدادِ الَّذِي يُكتب بِهِ.

وَالشَّيْءُ إِذا مدَّ الشَّيْءَ فَكَانَ زِيَادَةً فِيهِ، فَهُوَ يَمُدُّه؛ تَقُولُ: دِجْلَةُ تَمُدُّ تَيَّارنا وأَنهارنا، وَاللَّهُ يَمُدُّنا بِهَا.

وَتَقُولُ: قَدْ أَمْدَدْتُك بأَلف فَمُدَّ.

وَلَا يُقَاسُ عَلَى هَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ.

ومَدَدْنا القومَ: صِرْنا لَهُمْ أَنصارًا ومدَدًَا وأَمْدَدْناهم بِغَيْرِنَا.

وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَمَدَّ الأَمير جُنْدَهُ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وأَعانهم، وأَمَدَّهم بِمَالٍ كَثِيرٍ وأَغاثهم.

قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَعطاهم، والأَول أَكثر.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ}.

والمَدَدُ: مَا مدَّهم بِهِ أَو أَمَدَّهم؛ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَمْداد، قَالَ: وَلَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ، واستَمدَّه: طلَبَ مِنْهُ مَدَدًا.

والمَدَدُ: العساكرُ الَّتِي تُلحَق بالمَغازي فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

والإِمْدادُ: أَنْ يُرْسِلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مَدَدًا، تَقُولُ: أَمْدَدْنا فُلَانًا بِجَيْشٍ.

قال الله تعالى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ}.

وَقَالَ فِي الْمَالِ: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ؛ هَكَذَا قُرِئَ نُمِدُّهُمْ، بِضَمِّ النُّونِ.

وَقَالَ: وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ، فالمَدَدُ مَا أَمْدَدْتَ بِهِ قَوْمَكَ فِي حرْب أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ طَعَامٍ أَو أَعوان.

وَفِي حَدِيثِ أُويس: «كَانَ عُمَرَ»، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذا أَتَى أَمْدادُ أَهل الْيَمَنِ سأَلهم: أَفيكم أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ الأَمداد: جَمْعُ مَدَد وَهُمُ الأَعوان والأَنصار الَّذِينَ كَانُوا يَمُدُّون الْمُسْلِمِينَ فِي الْجِهَادِ.

وَفِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: «خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَة ورافَقَني مَدَدِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ»؛ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى المدَد.

وَقَالَ يُونُسُ: مَا كَانَ مِنَ الْخَيْرِ فإِنك تَقُولُ أَمْدَدْته، وَمَا كَانَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ مدَدْت.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: «هُمْ أَصلُ الْعَرَبِ ومادَّة الإِسلام»؛ أي الَّذِينَ يُعِينونهم ويَكُثِّرُون جُيُوشَهُمْ ويُتَقَوَّى بزكاةِ أَموالهم.

وَكُلُّ مَا أَعنت بِهِ قَوْمًا فِي حَرْبٍ أَو غَيْرِهِ، فَهُوَ مادَّة لَهُمْ.

وَفِي حَدِيثِ الرَّمْيِ: «مُنْبِلُه والمُمِدُّ بِهِ» أَي الَّذِي يَقُومُ عِنْدَ الرَّامِي فَيُنَاوِلُهُ سَهْمًا بَعْدَ سَهْمٍ، أَو يَرُدُّ عَلَيْهِ النَّبْلَ مِنَ الهَدَف.

يُقَالُ: أَمَدَّه يُمِدُّه، فَهُوَ مُمِدٌّ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «قَائِلُ كلمةِ الزُّورِ وَالَّذِي يَمُدُّ بِحَبْلِهَا فِي الإِثم سواءٌ»؛ مَثَّل قَائِلَهَا بالمائِح الَّذِي يملأُ الدَّلْوَ فِي أَسفل الْبِئْرِ، وحاكِيَها بالماتِحِ الَّذِي يَجْذِبُ الْحَبْلَ عَلَى رأْس الْبِئْرِ ويَمُدُّه؛ وَلِهَذَا يُقَالُ: الراويةُ أَحد الكاذِبَيْنِ.

والمِدادُ: النِّقْس.

والمِدادُ: الَّذِي يُكتب بِهِ وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ.

قَالَ شَمِرٌ: كُلُّ شَيْءٍ امتَلأَ وَارْتَفَعَ فَقَدْ مَدَّ؛ وأَمْدَدْتُه أَنا.

ومَدَّ النهارُ إِذا ارْتَفَعَ.

ومَدَّ الدَّواةَ وأَمَدَّها: زَادَ فِي مائِها ونِقْسِها؛ ومَدَّها وأَمَدَّها: جَعَلَ فِيهَا مِدادًا، وَكَذَلِكَ مَدَّ القَلم وأَمَدَّه.

واسْتَمَدَّ مِنَ الدواةِ: أَخذ مِنْهَا مِدادًا؛ والمَدُّ: الاستمدادُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَسْتَمِدَّ مِنْهَا مَدّة وَاحِدَةً؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: سُمِّيَ المِدادُ مِدادًا لإِمداده الكاتِب، مِنْ قَوْلِهِمْ أَمْدَدْت الْجَيْشَ بمَدد؛ قَالَ الأَخطل:

رَأَوْا بارِقاتٍ بالأَكُفِّ كأَنّها ***مَصابيحُ سُرْجٌ، أُوقِدَتْ بِمِدادِ

أَي بِزَيْتٍ يُمِدُّها.

وأَمَدَّ الجُرْحُ يُمِدُّ إِمْدادًا: صَارَتْ فِيهِ مَدَّة؛ وأَمْدَدْت الرَّجُلَ مُدَّةً.

وَيُقَالُ: مُدَّني يَا غلامُ مُدَّة مِنَ الدَّوَاةِ، وإِن قُلْتَ: أَمْدِدْني مُدّة، كَانَ جَائِزًا، وَخَرَجَ عَلَى مَجْرَى المَدَدِ بِهَا وَالزِّيَادَةِ.

والمُدَّة أَيضًا: اسْمُ مَا اسْتَمْدَدْتَ بِهِ مِنَالمِدادِ عَلَى الْقَلَمِ.

والمَدّة، بِالْفَتْحِ: الْوَاحِدَةُ مِنْ قَوْلِكَ مَدَدْتُ الشيءَ.

والمِدّة، بِالْكَسْرِ: مَا يَجْتَمِعُ فِي الجُرْح مِنَ الْقَيْحِ.

وأَمْدَدْتُ الرَّجُلَ إِذا أَعطيته مُدّة بِقَلَمٍ؛ وأَمْدَدْتُ الْجَيْشَ بِمَدَد.

والاستمدادُ: طلبُ المَدَدِ.

قَالَ أَبو زَيْدٍ: مَدَدْنا الْقَوْمَ أَي صِرنا مَدَدًا لَهُمْ وأَمْدَدْناهم بِغَيْرِنَا وأَمْدَدْناهم بِفَاكِهَةٍ.

وأَمَدّ العَرْفَجُ إِذا جَرَى الماءُ فِي عُودِهِ.

ومَدَّه مِدادًا وأَمَدَّه: أَعطاه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

نُمِدُّ لهمْ بالماءِ مِن غيرِ هُونِه، ***ولكِنْ إِذا مَا ضاقَ أَمرٌ يُوَسَّعُ

يَعْنِي نَزِيدُ الْمَاءَ لِتَكْثُرَ الْمَرَقَةُ.

وَيُقَالُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مِدادَ السموات ومِدادَ كلماتِه ومَدَدَها أَي مِثْلَ عدَدِها وَكَثْرَتِهَا؛ وَقِيلَ: قَدْرَ مَا يُوازيها فِي الْكَثْرَةِ عِيارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عدَد أَو مَا أَشبهه مِنْ وُجُوهِ الْحَصْرِ وَالتَّقْدِيرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ التَّقْدِيرُ لأَن الْكَلَامَ لَا يَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وإِنما يَدْخُلُ فِي الْعَدَدِ.

والمِدادُ: مَصْدَرٌ كالمَدَد.

يُقَالُ: مَدَدْتُ الشيءَ مَدًّا ومِدادًا وَهُوَ مَا يَكْثُرُ بِهِ وَيُزَادُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن المؤَذِّنَ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِه»؛ الْمَدُّ: الْقَدْرُ، يُرِيدُ بِهِ قَدْرَ الذُّنُوبِ أَي يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ إِلى مُنْتَهَى مَدِّ صَوْتِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِسَعَةِ الْمَغْفِرَةِ كقوله الْآخَرِ: وَلَوْ لَقِيتَني بِقُراب [بِقِراب] الأَرض خَطايا لِقيتُك بِهَا مَغْفِرَةً؛ وَيُرْوَى مَدَى صَوْتِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَبَنَوْا بُيُوتَهُمْ عَلَى مِدادٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَيُقَالُ: جَاءَ هَذَا عَلَى مِدادٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ جَنْدَلٌ:

لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ، وَلَمْ أُسانِدِ ***عَلَى مَدادٍ ورويٍّ واحِدِ

والأَمِدّةُ، والواحدةُ مِدادٌ: المِساكُ فِي جَانِبَيِ الثوبِ إِذا ابْتدِئَ بعَملِه.

وأَمَدَّ عُودُ العَرْفَجِ والصِّلِّيانِ والطَّرِيفَةِ: مُطِرَ فَلانَ.

والمُدَّةُ: الْغَايَةُ مِنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.

وَيُقَالُ: لِهَذِهِ الأُمّةُ مُدَّة أَي غَايَةٌ فِي بَقَائِهَا.

وَيُقَالُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمُرك أَي جَعَلَ لعُمُرك مُدة طَوِيلَةً.

ومُدَّ فِي عُمُرِهِ: نُسِئَ.

ومَدُّ النهارِ: ارتفاعُه.

يُقَالُ: جِئْتُكَ مَدَّ النَّهَارِ وَفِي مَدِّ النَّهَارِ، وَكَذَلِكَ مَدَّ الضُّحَى، يَضَعُونَ الْمَصْدَرَ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَوْضِعَ الظَّرْفِ.

وامتدَّ النهارُ: تَنَفَّس.

وامتدَّ بِهِمُ السَّيْرُ: طَالَ.

ومَدَّ فِي السَّيْرِ: مَضَى.

والمَدِيدُ: مَا يُخْلَطُ بِهِ سَوِيقٌ أَو سِمْسمٌ أَو دَقِيقٌ أَو شَعِيرٌ جَشٌّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بحارٍّ ثُمَّ يُسقاه الْبَعِيرُ وَالدَّابَّةُ أَو يُضْفَرُه، وَقِيلَ: المَدِيدُ العَلَفُ، وَقَدْ مَدَّه بِهِ يَمُدُّه مَدًّا.

أَبو زَيْدٍ: مَدَدْتُ الإِبلَ أَمُدُّها مَدًّا، وَهُوَ أَن تَسْقِيَهَا الْمَاءَ بِالْبِزْرِ أَو الدَّقِيقِ أَو السِّمْسِمِ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: المَدِيدُ شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلُّ فَيُضْفَرُ البَعِيرَ.

وَيُقَالُ: هُنَاكَ قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض قَدْرُ مَدِّ الْبَصَرِ أَي مَدَى الْبَصَرِ.

ومَدَدْتُ الإِبِلَ وأَمْدَدْتُها بِمَعْنًى، وهو أَن تَنْثِرَ [تَنْثُرَ] لَهَا عَلَى الماءِ شَيْئًا مِنَ الدَّقِيقِ وَنَحْوِهِ فَتَسْقِيَها، وَالِاسْمُ المَدِيدُ.

والمِدّانُ والإِمِدّانُ: الْمَاءُ المِلْح، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْمِلْحُ الشديدُ المُلُوحة؛ وَقِيلَ: مِياهُ السِّباخِ؛ قَالَ: وَهُوَ إِفِعْلانٌ.

بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ، وَقِيلَ هُوَ لأَبي الطَّمَحان:

فأَصْبَحْنَ قَدْ أَقْهَينَ عَنِّي كَمَا أَبَتْ، ***حِياضَ الإِمِدَّانِ، الظِّباءُ القوامِحُ

والإِمِدّانُ أَيضًا: النَّزُّ.

وَقِيلَ: هُوَ الإِمِّدانُ؛ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ.

والمُدُّ: ضَرْبٌ مِنَ المكايِيل وَهُوَ رُبُع صَاعٍ، وَهُوَ قَدْرُ مُدِّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، والصاعُ: خَمْسَةُ أَرطال؛ قال:

لم يَغْدُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ***وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا تَعْجِيفُ

وَالْجَمْعُ أَمدادٌ ومِدَدٌ ومِدادٌ كَثِيرَةٌ ومَدَدةٌ؛ قَالَ:

كأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ ***كَيْلَ مِدادٍ، مِنْ فَحًا مَدْقوقِ

الْجَوْهَرِيُّ: المُدُّ، بِالضَّمِّ، مِكْيَالٌ وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلْثٌ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيِّ، وَرِطْلَانِ عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ وأَبي حَنِيفَةَ، وَالصَّاعُ أَربعة أَمداد.

وَفِي حَدِيثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ: «مَا أَدْرَك مُدَّ أَحدِهم وَلَا نَصِيفَه»؛ وَالْمُدُّ، فِي الأَصل: رُبُعُ صَاعٍ وإِنما قَدَّره بِهِ لأَنه أَقلُّ مَا كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ بِهِ فِي الْعَادَةِ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْغَايَةُ؛ وَقِيلَ: إِن أَصل الْمُدِّ مقدَّر بأَن يَمُدَّ الرَّجُلُ يَدَيْهِ فيملأَ كَفَّيْهِ طَعَامًا.

ومُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ: بُرْهَةٌ مِنْهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «المُدَّة الَّتِي مادَّ فِيهَا أَبا سُفْيَانَ»؛ المُدَّةُ: طَائِفَةٌ مِنَ الزَّمَانِ تَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ومادَّ فِيهَا أَي أَطالَها، وَهِيَ فاعَلَ مِنَ الْمَدِّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن شاؤُوا مادَدْناهم».

ولُعْبة لِلصِّبْيَانِ تُسَمَّى: مِدادَ قَيْس؛ التَّهْذِيبِ: ومِدادُ قَيْس لُعْبة لَهُمْ.

التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ دمم: دَمدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَابًا شَدِيدًا، ومَدْمَدَ إِذا هَرَبَ.

ومُدٌّ: رَجُلٌ مِنْ دارِم؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الدَّارِمِيُّ يَهْجُو خُنْشُوشَ بْنَ مُدّ:

جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلامةً، ***إِذا زَيَّنَ الفَحْشاءَ للناسِ مُوقُها

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


63-لسان العرب (ضغط)

ضغط: الضَّغْطُ والضَّغْطةُ: عَصْرُ شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ.

ضَغَطَه يَضْغَطُه ضَغْطًا: زَحَمه إِلى حائطٍ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ ضَغْطةُ الْقَبْرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «لتُضْغَطُنّ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ» أَي تُزْحَمُون.

يُقَالُ: ضَغَطَه إِذا عصَره وضيَّق عَلَيْهِ وقَهَره.

وَمِنْهُ حَدِيثُ الحُدَيْبِيةِ: لَا يَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنا ضُغْطةً أَي عَصْرًا وقَهرًا.

وأَخذت فُلَانًا ضُغْطة، بِالضَّمِّ، إِذا ضيَّقت عَلَيْهِ لتُكْرِهَهُ عَلَى الشَّيْءِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يَشْتَرِيَنَّ أَحدُكم مالَ امرِئٍ فِي ضُغْطةٍ مِنْ سُلطان»أَي قَهْرٍ.

والضُّغْطةُ: الضِّيق.

والضُّغطة: الإِكْراه.

والضِّغاطُ: المُزاحَمةُ.

والتَّضاغُطُ: التَّزاحُم.

وَفِي التَّهْذِيبِ: تَضاغَطَ الناسُ فِي الزِّحامِ.

والضُّغطة، بِالضَّمِّ: الشِّدَّةُ والمَشقة.

يُقَالُ: ارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الضُّغطة.

والضاغِطُ: كالرَّقِيبِ والأَمِين يُلْزَمُ بِهِ الْعَامِلُ لِئَلَّا يَخُونَ فِيمَا يَجْبي.

يُقَالُ: أَرسَلَه ضاغِطًا عَلَى فُلَانٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَضْيِيقِهِ عَلَى الْعَامِلِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: قَالَتِ امرأَةُ مُعاذٍ لَهُ وَقَدْ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ لَمَّا رَجَعَ عَنِ الْعَمَلِ: أَين مَا يَحْمِلُه العامِلُ مِنْ عُراضة أَهله؟ فَقَالَ: كَانَ مَعِي ضاغِطٌ أَي أَمِينٌ حافِظٌ، يَعْنِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ المُطَّلِعَ عَلَى سَرائرِ العِباد، وَقِيلَ: أَراد بالضَّاغِط أَمانةَ اللَّهِ الَّتِي تَقَلَّدَها فأَوْهَمَ امرأَته أَنه كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ يُضيِّق عليه ويمنعه على الأَخذ ليُرْضِيَها.

وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ ضُغطة أَي قَهْرًا واضْطِرارًا.

وضَغط عَلَيْهِ واضْتَغَطَ: تَشدّد عَلَيْهِ فِي غُرْمٍ أَو نَحْوِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كَذَا حَكَاهُ اضْتَغَطَ بالإِظهار، والقِياسُ اضْطَغَطَ.

والضاغِطُ: أَن يتحرّكَ مِرْفَقُ الْبَعِيرِ حَتَّى يقعَ فِي جَنْبِهِ فيَخْرِقَه.

والضاغِطُ فِي الْبَعِيرِ: انْفِتاقٌ مِنَ الإِبْطِ وكثرةٌ مِنَ اللَّحْمِ، وَهُوَ الضَّبُّ أَيضًا.

والضاغطُ فِي الإِبل: أَن يَكُونَ فِي الْبَعِيرِ تَحْتَ إِبطه شِبه جِرابٍ أَو جِلْد مُجْتَمِعٌ؛ وَقَالَ حَلْحلةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ أَشْيَمَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ أَقْعده ليُقادَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: صَبْرًا حَلْحَل، فأَجابه: " أَصْبَرُ مِنْ ذِي ضاغِطٍ عَرَكْرَك "قَالَ: الضَّاغِطُ الَّذِي أَصل كِرْكِرَتِه يَضْغَط مَوْضِعَ إِبطه ويؤثِّر فِيهِ ويَسْحَجُه.

والمَضاغِطُ: مَوَاضِعُ ذاتُ أَمْسِلةٍ مُنخفضة، وَاحِدُهَا مَضْغَطٌ.

وَالضَّغِيطُ: رَكِيّةٌ يَكُونُ إِلى جَنْبِهَا رَكِيّةٌ أُخرى فتَنْدَفِنُ إِحداهما فتَحْمَأُ فيُنْتِنُ ماؤُها فيَسِيلُ فِي مَاءِ العذْبة فيُفْسِدُها فَلَا يُشْرَبُ، قَالَ: فَتِلْكَ الضَّغِيطُ والمَسِيطُ؛ وأَنشد:

يَشْرَبْنَ مَاءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ، ***وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيطِ

أَراد مَاءَ المَنْهلِ الآجِن أَو إِضافةَ الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ.

وَرَجُلٌ ضَغِيطٌ: ضعيفُ الرأْي لَا يَنْبَعِثُ مَعَ الْقَوْمِ، وجمعه ضَعْطى لأَنه كأَنه دَاءٌ.

وضُغاطٌ: مَوْضِعٌ.

وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنه كَانَ لَا يُجِيزُ الضُّغْطةَ، يُفَسَّر تَفْسِيرَيْنِ: أَحدهما الإِكْراهُ، والآَخَر أَن يُماطِل بَائِعَهُ بأَداء الثَّمن ليَحُطّ عَنْهُ بعضَه؛ قَالَ النَّضْرُ: الضُّغْطةُ المُجاحَدةُ، يَقُولُ: لَا أُعْطِيك أَو تَدَعَ مِمَّا لَكَ عليَّ شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ شُرَيْحٍ: «هُوَ أَن يَمْطُلَ الغريمُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ حَتَّى يَضْجَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ: أَتَدَعُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وتأْخذ الباقيَ مُعَجَّلًا؟ فيَرْضى بِذَلِكَ».

وَفِي الْحَدِيثِ: «يُعتق الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ إِن شَاءَ ثُلُثًا أَو رُبُعًا أَو خُمُسًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ضُغْطة».

وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَجُوزُ الضُّغْطة»؛ قِيلَ: هِيَ أَن تُصالِحَ مَنْ لَكَ عَلَيْهِ مالٌ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ تَجِد الْبَيِّنَةَ فتأْخذه بجميع المال.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


64-لسان العرب (ضفط)

ضفط: الضَّفاطةُ: الجَهْلُ والضَّعْفُ فِي الرأْي.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنه سَمِعَ رَجُلًا يتَعوَّذُ مِنَ الفِتَنِ»، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الضَّفاطة أَتَسلُ ربَّك أَن لَا يَرْزُقَك أَهلًا وَمَالًا؟ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: تأَوَّل قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}، وَلَمْ يُرِدْ فِتنةَ القتالِ وَالِاخْتِلَافِ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ.

قَالَ: وأَما الضَّفاطةُ فإِن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ: عَنى بِهِ ضَعْفَ الرأْي وَالْجَهْلَ.

وَرَجُلٌ ضَفِيطٌ: جَاهِلٌ ضَعِيفٌ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، أَنه سُئِلَ عَنِ الوتْر فَقَالَ: أَنا أُوتِرُ حِينَ يَنَامُ الضَّفْطَى "؛ أَراد بالضَّفْطَى جَمْعَ ضَفِيط، وَهُوَ الضعيفُ الْعَقْلِ والرأْي.

وعُوتِب ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي شَيْءٍ فَقَالَ: إِني فِي ضَفْطَةٍ وَهِيَ إِحدى ضَفَطاتي أَي غَفَلاتي؛ وَقَدْ" ضَفُطَ، بَالضَّمِّ، يَضْفُطُ ضَفاطةً.

وَفِي الْحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الضَّفاطةِ»؛ هِيَ ضعْفُ الرأْي وَالْجَهْلُ، وَهُوَ ضَفِيطٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «إِذا سَرَّكم أَن تنظُروا إِلى الرَّجُلِ الضَّفِيطِ المُطاعِ فِي قَوْمِهِ فَانْظُرُوا إِلى هَذَا، يَعْنِي عُيَيْنةَ بْنَ حِصْنٍ».

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: «بلغَه عَنْ رَجُلٍ شَيْءٌ فَقَالَ: إِني لأُراهُ ضَفِيطًا».

وَرَجُلٌ ضِفِطٌّ وضَفّاطٌ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: ثَقِيلٌ لَا يَنْبَعِثُ مَعَ الْقَوْمِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

والضَّفاطةُ: الدُّفُّ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: «أَنه شَهِدَ نِكاحًا فَقَالَ: أَين ضَفاطَتُكم؟ فسَّروا أَنه أَراد الدُّفّ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَين ضَفاطَتُكُنَ»يَعْنِي الدُّفَّ، وَقِيلَ: أَين ضَفاطَتُكم، قِيلَ: لِعابُ الدُّفِّ، سُمِّيَ ضَفاطَةً لأَنه لَهْوٌ ولَعِبٌ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى ضَعْفِ الرأْي وَالْجَهْلِ.

ابْنُ الأَعرابي: الضَّفّاط الأَحْمَقُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الضَّفّاطُ الَّذِي قَدْ ضَفَطَ بسَلْحِه وَرَمَى بِهِ.

وَرَجُلٌ ضَفّاطٌ وضَفِيطٌ وضَفَنَّطٌ: سَمِين رخْو ضَخْمُ البَطْنِ، وَقَدْ ضَفُطَ ضَفَاطةً.

شِمْرٌ: رَجُلٌ ضَفِيطٌ أَي أَحمق كَثِيرُ الأَكل، وَقَالَ: الضِّفِطُّ التارُّ مِنَ الرِّجَالِ، والضَّفّاطُ الجالِبُ مِنَ الأَصْل، والضفَّاطُ الَّذِي يُكْرِي الإِبل مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ.

والضافِطةُ والضَّفّاطةُ: العِير تحملُ المَتاع، وَقِيلَ: الضَّفَّاطُونَ التُّجَّار يَحْمِلُونَ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ للأَخضر بْنِ هُبَيْرَةَ:

فَمَا كُنْتَ ضَفّاطًا، ولكِنَّ راكِبًا ***أَناخَ قلِيلًا فَوْقَ ظَهْر سَبِيلِ

والضَّفَّاطُ: الَّذِي يُكْرِي مِنْ قَرْيَةٍ إِلى قَرْيَةٍ أُخرى، وَقِيلَ: الَّذِي يُكْري مِنْ مَنْزِلٍ إِلى مَنْزِلٍ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وأَنشد: " لَيْسَتْ لَهُ شَمائلُ الضَّفّاطِ والضّافِطةُ مِنَ النَّاسِ: الجَمّالُون والمُكارُون، وَقِيلَ: الضَّفّاطُ الْجَمَّالُ، والضفّاطةُ، بِالتَّشْدِيدِ، شَبِيهَةٌ بالدَّجّالةِ وَهِيَ الرُّفْقةُ الْعَظِيمَةُ.

والضَّفَّاطُ: المخْتلفُ عَلَى الحُمُر مِنْ قَرية إِلى قَرْيَةٍ، وَيُقَالُ لِلْحُمُرِ الضفّاطةُ.

وَفِي حَدِيثِ قَتادةَ بْنِ النُّعمان: «فقَدِمَ ضافِطةٌ مِنَ الدَّرْمَكِ»؛ الضافِطةُ والضفّاطُ الَّذِي يجْلِبُ المِيرةَ والمَتاعَ إِلى المُدُن، والمُكارِي الَّذِي يُكْرِي الأَحْمالَ، وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ قَوْمًا مِنَ الأَنْباط يَحْمِلُونَ إِلى الْمَدِينَةِ الدَّقيق وَالزَّيْتَ وَغَيْرَهُمَا؛ وَمِنْهُ أَنَّ ضَفّاطِينَ قَدِمُوا إِلى الْمَدِينَةِ.

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: رحلَ فُلَانٌ عَلَى ضَفّاطةٍ، وَهِيَ الرَّوْحاء المائِلةُ.

وضَفَطَ الرجلُ: أَسْوَى.

وَمَا أَعظَمَ ضُفوطَهم أَي خُرْأَهم.

والضَّفّاطُ: المُحْدِثُ.

يُقَالُ: ضفَطَ إِذا قضَى حاجتَه كأَنَّه نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وظُنَّ به ذلك.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


65-لسان العرب (رسغ)

رسغ: الرُسْغُ: مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ والذِّراع، وَقِيلَ: الرُّسْغُ مُجْتَمَعُ السَّاقِينِ وَالْقَدَمَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ السَّاعِدِ والكفِّ والساقِ والقدمِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ المُسْتَدِقُّ الَّذِي بَيْنَ الحافِر ومَوْصِلِ الوَظِيفِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَهُوَ الرُّسُغُ، بِالتَّحْرِيكِ أَيضًا مِثْلُ عُسْر وعُسُرٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

فِي رُسُغٍ لَا يَتَشَكّى الحَوْشَبا، ***مُسْتَبْطِنًا مَعَ الصَّمِيمِ عَصَبا

والجمعُ أَرْساغٌ.

ورَسَغَ البعيرَ: شدَّ رُسْغَ يَدَيْهِ بِخَيْطٍ.

والرُّسْغُ والرِّساغُ: مَا شُدَّ بِهِمَا، وَقِيلَ: الرُّسْغُ حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَعِيرُ شَدًّا شَدِيدًا فَيَمْنَعُهُ أَن يَنْبَعِثَ فِي المَشْي، وَجَمْعُهُ رِساغٌ.

التَّهْذِيبِ: الرِّساغُ حَبْلٌ يشدُّ فِي رُسْغَي الْبَعِيرِ إِذَا قُيِّدَ بِهِ، والرَّسَغُ: اسْتِرْخاءٌ فِي قَوائِمِ الْبَعِيرِ.

والرِّساغُ: مُراسَعةُ الصَّرِيعين فِي الصِّراع إِذَا أَخذ أَرساغَهما.

ابْنُ بُزُرْج: ارْتَسَغَ فُلَانٌ عَلَى عِيالِه إِذا وسَّعَ عَلَيْهِمُ النَّفَقَةَ.

وَيُقَالُ: ارْتَسِغْ عَلَى عيالِك وَلَا تُقتِّرُ.

وإِنه مُرَسَّغٌ عَلَيْهِ فِي الْعَيْشِ أَي مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ.

وعيشٌ رَسِيغٌ: واسِعٌ.

وَطَعَامٌ رَسِيغٌ: كَثِيرٌ.

وأَصابَ الأَرضَ مَطَرٌ فَرَسَّغَ أَي بَلَغَ الماءُ الرُّسْغَ أَو حَفَرَهُ حَافِرٌ فَبَلَغَ الثَّرَى قَدْرَ رُسْغه، وَكَذَلِكَ أَرْسَغَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: رَسَّغَ المطرُ كَثُرَ حَتَّى غَابَ فِيهِ الرُّسْغُ.

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَصابَنا مَطَرٌ مُرَسِّغٌ إِذَا ثَرَّى الأَرضَ حَتَّى تَبْلُغَ يَدُ الحافِر عنه إلى أَرْساغِه.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


66-لسان العرب (ثفل)

ثفل: ثُفْل كلِّ شَيْءٍ وثَافِلُه: مَا استقرَّ تَحْتَهُ مِنْ كَدَره.

اللَّيْثُ: الثُّفْل مَا رَسَب خُثَارته وعَلا صَفْوُه مِنَ الأَشياءِ كُلِّهَا، وثُفْلُ الدَّوَاءِ ونحوِه.

والثُّفْل: مَا سَفَل مِنْ كلِّ شَيْءٍ.

والثَافِل: الرَّجِيع، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْهُ.

والثُّفْل: الحَبُّ.

وَوَجَدْتُ بَنِي فُلَانٍ مُتَثَافِلِينَ أَي يأْكلون الحَبَّ وَذَلِكَ أَشدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّظَف؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ لَبَن.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَهل البَدْوِ إِذا أَصابوا مِنَ اللَّبَنِ مَا يَكْفِيهِمْ لقُوتهم فَهُمْ مُخْصِبون، لَا يَخْتَارُونَ عَلَيْهِ غِذاء مِنْ تَمْرٍ أَو زَبِيبٍ أَو حَبٍّ، فإِذا أَعْوَزَهم اللبنُ وأَصابوا مِنَ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ مَا يَتَبَلَّغون بِهِ فَهُمْ مُثَافِلُون، ويسمُّون كُلَّ مَا يُؤْكَلُمِنْ لَحْمٍ أَو خُبْزٍ أَو تَمْرٍ ثُفْلًا.

وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ مُثَافِلُون، وَذَلِكَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ حالُ الْبَدَوِيِّ.

أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: الثِّفال، بِالْكَسْرِ، الجِلْد الَّذِي يُبْسط تَحْتَ رَحَى الْيَدِ لِيَقي الطَّحِين مِنَ التُّرَابِ، وَفِي الصِّحَاحِ: جِلْدٌ يُبْسَطُ فَتُوضَعُ فَوْقَهُ الرَّحَى فيُطْحَن بِالْيَدِ لِيَسْقُطَ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ يَصِفُ الْحَرْبَ:

فتَعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِها، ***وتَلْقَحْ كِشَافًا ثُمَّ تُنْتَجْ فتُتْئِمِ

قَالَ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ الحَجَر الأَسفل بِذَلِكَ.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «وتَدُقُّهم الفِتَن دَقَّ الرَّحَى بثِفَالها»، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنها تَدُقُّهم دَقَّ الرَّحَى للحَبِّ إِذا كَانَتْ مُثَفَّلَة وَلَا تُثَفَّل إِلَّا عِنْدَ الطَّحن.

وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ: «اسْتَحارَ مَدَارُها وَاضْطَرَبَ ثِفَالها».

وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ ثُفْل فَلْيَصْطَنِع»؛ أَراد بالثُّفْل الدقيقَ وَالسَّوِيقَ وَنَحْوَهُمَا، وَالِاصْطِنَاعُ: اتِّخَاذُ الصَّنِيع، أَراد فليَطْبُخ وَلْيَخْتَبِزْ؛ وَمِنْهُ كَلَامُ" الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وبيَّن فِي سنَّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنَ الثُّفْل مِمَّا يَقْتات الرجلُ، وَمِمَّا فِيهِ الزَّكَاةَ "، وإِنما سُمِّي ثُفْلًا لأَنه مِنَ الأَقوات الَّتِي يَكُونُ لَهَا ثُفْل بِخِلَافِ الْمَائِعَاتِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَنه كَانَ يُحِبُّ الثُّفْل»؛ قِيلَ: هُوَ الثَّرِيدُ؛ وأَنشد:

يَحْلِفُ بِاللَّهِ، وإِن لَمْ يُسْأَل: ***مَا ذَاقَ ثُفْلًا منذُ عَامِ أَول

ابْنُ سِيدَهْ: الثُّفْل والثِّفَال مَا وُقِيَتْ بِهِ الرَّحَى مِنَ الأَرض، وَقَدْ ثَفَّلَها، فإِن وُقيَ الثِّفَالُ مِنَ الأَرض بِشَيْءٍ آخَرَ فَذَلِكَ الوِفَاض، وَقَدْ وَفَّضها.

وَبَعِيرٌ ثَفَال: بَطِيء، بالفتح.

وفي حُذَيْفَةَ: أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً فَقَالَ: تَكُونُ فِيهَا مِثْلَ الجَمَل الثَّفَال وإِذا أُكْرِهْت فتباطأْ عَنْهَا "؛ الثَّفَال: الْبَطِيءُ الثَّقِيلُ الَّذِي لَا يَنْبعث إِلَّا كَرْهًا، أَي لَا تَتَحَرَّكْ فِيهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ الثَّافِل؛ قَالَ مُدْرِكٌ:

جَرُورُ القِيَادِ ثَافِلٌ لَا يَرُوعُه ***صِيَاحُ المُنَادِي، واحْتِثاثُ المُرَاهِن

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «كُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَال».

والثَّفْلُ: نَثْرُك الشَّيْءَ كُلَّهُ بمرَّة.

والثِّفَالَة: الإِبريق.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنه أَكل الدَّجْر وَهُوَ اللُّوبِياء ثُمَّ غَسَل يَدَيْهِ بالثِّفَالة»، وَهُوَ فِي التَّهْذِيبِ الثِّفال، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الثِّفال الإِبريق؛ وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: الثِّفال الإِبريق.

أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيْمٍ: فِي الغِرَارة ثُفْلة مِنْ تَمْرٍ وثُمْلة مِنْ تَمْرٍ أَي بَقِيَّةٌ منه.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


67-لسان العرب (قوم)

قوم: القِيَامُ: نَقِيضُ الْجُلُوسِ، قَامَ يَقُومُ قَوْمًا وقِيامًا وقَوْمَة وقَامَةً، والقَوْمَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ.

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ أَراد أَنْ يَشْتَرِيَهُ: لَا تَشْتَرِنِي فَإِنِّي إِذَا جُعْتُ أَبغضت قَوْمًا، وَإِذَا شبِعت أَحببت نَوْمًا، أَيْ أَبغضت قِيَامًا مِنْ مَوْضِعِي؛ قَالَ:

قَدْ صُمْتُ رَبِّي، فَتَقَبَّلْ صَامَتِي، ***وقُمْتُ لَيْلي، فتقَبَّل قَامَتي

أَدْعُوك يَا ربِّ مِنَ النارِ الَّتِي ***أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ فِي القِيامةِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا أَراد قَوْمَتي وصَوْمَتي فأَبدل مِنَ الْوَاوِ أَلفًا، وَجَاءَ بِهَذِهِ الأَبيات مؤسَّسة وَغَيْرَ مُؤَسَّسَةٍ، وأَراد مِنْ خَوْفِ النَّارِ الَّتِي أَعددت؛ وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الرَّجَزُ شَاهِدًا عَلَى القَوْمة فَقَالَ:

قَدْ قُمْتُ لَيْلِي، فتقبَّل قَوْمَتي، ***وَصُمْتُ يَوْمِي، فتقبَّل صَوْمَتي

وَرَجُلٌ قَائِمٌ مِنْ رِجَالٍ قُوَّمٍ وقُيَّمٍ وقِيَّمٍ وقُيَّامٍ وقِيَّامٍ.

وقَوْمٌ: قِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: جَمْعُ.

التَّهْذِيبُ: وَنِسَاءٌ قُيَّمٌ وقَائِمَات أَعرف.

والقَامَةُ: جَمْعُ قَائِم؛ عَنْ كُرَاعٍ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَدْ تَرْتَجِلُ الْعَرَبُ لَفْظَةَ قَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْجُمَلِ فَيَصِيرُ كَاللَّغْوِ؛ وَمَعْنَى القِيام العَزْمُ كَقَوْلِ العماني الراجز للرشيد عند ما همَّ بأَن يَعْهَدَ إِلَى ابْنِهِ قَاسِمٍ:

قُل للإِمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه: ***مَا قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه،

فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ فسَمِّه "أَيْ فاعْزِمْ ونُصَّ عَلَيْهِ؛ وَكَقَوْلِ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:

نُبِّئتُ حِصْنًا وحَيًّا مِن بَني أَسَدٍ ***قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ

أَي عَزَموا فَقَالُوا؛ وَكَقَوْلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:

عَلَامَا قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ، ***كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمادِ

مَعْنَاهُ عَلَامَ يَعْزِمُ عَلَى شَتْمِي؛ وَكَقَوْلِ الْآخَرِ: " لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائِما وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}؛ أَيْ لَمَّا عَزَمَ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}؛ أَيْ عزَموا فَقَالُوا، قَالَ: وَقَدْ يَجِيءُ الْقِيَامُ بِمَعْنَى الْمُحَافَظَةِ والإِصلاح؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ}، وَقَوْلُهُ تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا}؛ أَيْ مُلَازِمًا مُحَافِظًا.

وَيَجِيءُ الْقِيَامُ بِمَعْنَى الْوُقُوفِ وَالثَّبَاتِ.

يُقَالُ لِلْمَاشِي: قِفْ لِي أَيْ تحبَّس مكانَك حَتَّى آتِيَكَ، وَكَذَلِكَ قُم لِي بِمَعْنَى قِفْ لِي، وَعَلَيْهِ فَسَّرُوا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا؛ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ: قَامُوا هُنَا بِمَعْنَى وقَفُوا وَثَبَتُوا فِي مَكَانِهِمْ غَيْرَ مُتَقَدِّمِينَ وَلَا متأَخرين، وَمِنْهُ التَّوَقُّف فِي الأَمر وَهُوَ الوقُوف عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ مُجاوَزة لَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « الْمُؤْمِنُ وَقَّافٌ متَأَنّ »، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الأَعشى:

كَانَتْ وَصاةٌ وحاجاتٌ لَهَا كَفَفُ، ***لَوْ أَنَّ صَحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا

أَيْ ثَبَتُوا وَلَمْ يتقدَّموا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ هُدبة يَصِفُ فَلَاةً لَا يُهتدى فِيهَا:

يَظَلُّ بِهَا الْهَادِي يُقلِّبُ طَرْفَه، ***يَعَضُّ عَلَى إبْهامِه، وَهْوَ واقِفُ

أَي ثَابِتٌ بِمَكَانِهِ لَا يتقدَّم وَلَا يتأَخر؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ مُزَاحِمٍ:

أَتَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ دَارًا تَأبَّدَتْ، ***منَ الحَيِّ، واستَنَّتْ عَليها العَواصِفُ

وقَفْتُ بِهَا لَا قاضِيًا لِي لُبانةً، ***وَلَا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ

قَالَ: فَثَبَتَ بِهَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ.

قَالَ: وَمِنْهُ قَامَتِ الدَّابَّةُ إِذَا وَقَفَتْ عَنِ السَّيْرِ.

وقَامَ عِنْدَهُمُ الْحَقُّ أَيْ ثَبَتَ وَلَمْ يَبْرَحْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَقَامَ بِالْمَكَانِ هُوَ بِمَعْنَى الثَّبَاتِ.

وَيُقَالُ: قَامَ الْمَاءُ إِذَا ثَبَتَ متحيرًا لا يجد مَنْفَذًا، وَإِذَا جَمد أَيْضًا؛ قَالَ: وَعَلَيْهِ فُسِّرَ بَيْتُ أَبِي الطِّيِّبِ:

وَكَذَا الكَريمُ إِذَا أَقام بِبَلدةٍ، ***سالَ النُّضارُ بِهَا وقَامَ الْمَاءُ

أَيْ ثَبَتَ مُتَحَيِّرًا جَامِدًا.

وقَامَت السُّوق إِذَا نفَقت، وَنَامَتْ إِذَا كَسَدَتْ.

وسُوق قَائِمَة: نافِقة.

وسُوق نائِمة: كاسِدة.

وقَاوَمْتُه قِوَامًا: قُمْت مَعَهُ، صحَّت الْوَاوُ فِي قِوام لِصِحَّتِهَا فِي قاوَم.

والقَوْمَةُ: مَا بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ القِيام.

قَالَ أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثَ قَوْمات، وَكَذَلِكَ قَالَ في الصلاة.

والمَقَام: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ؛ قَالَ:

هَذَا مَقَامُ قَدَمَي رَباحِ، ***غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ

وَيُرْوَى: بِراحِ.

والمُقَامُ والمُقَامَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُقيم فِيهِ.

والمُقَامَة، بِالضَّمِّ: الإِقامة.

والمَقَامَة، بِالْفَتْحِ: الْمَجْلِسُ وَالْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَأَمَّا المَقامُ والمُقامُ فَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَعْنَى الإِقامة، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى مَوْضِعِ القِيام، لأَنك إِذَا جَعَلْتَهُ مِنْ قَامَ يَقُوم فَمَفْتُوحٌ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ مِنْ أَقَامَ يُقِيمُ فَمضْموم، فَإِنَّ الْفِعْلَ إِذَا جَاوَزَ الثَّلَاثَةَ فَالْمَوْضِعُ مَضْمُومُ الْمِيمِ، لأَنه مُشَبَّه بِبَنَاتِ الأَربعة نَحْوُ دَحْرَجَ وَهَذَا مُدَحْرَجُنا.

وَقَوْلُهُ تعالى: {لَا مَقَامَ لَكُمْ}، أَيْ لَا مَوْضِعَ لَكُمْ، وقُرئ لَا مُقامَ لَكُمْ، بِالضَّمِّ، أَيْ لَا إِقَامَةَ لَكُمْ.

وحَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقامًا "؛ أَي مَوْضِعًا؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:

عَفَتِ الدِّيارُ: مَحلُّها فَمُقامُها ***بِمنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها

يَعْنِي الإِقامة.

وَقَوْلُهُ عزَّ وَجَلَّ: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ "؛ قِيلَ: المَقَامُ الْكَرِيمُ هُوَ المِنْبَر، وَقِيلَ: الْمَنْزِلَةُ الحسَنة.

وقَامَتِ المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تَنُوحُ، وَقَدْ يُعْنى بِهِ ضِدُّ القُعود لأَن أَكْثَرَ نَوائِحِ الْعَرَبِ قِيامٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ: " قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواح وَقَوْلُهُ:

يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ ***أَفضَلُ مِنْ يومِ احْلِقِي وقُومِي

إِنَّمَا أَراد الشِّدَّةَ فَكَنَّى عَنْهُ باحْلِقي وقُومِي، لأَن المرأَة إِذَا مَاتَ حَمِيمها أَوْ زَوْجُهَا أَوْ قُتل حلَقَت رأْسها وقامَت تَنُوح عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُمْ: ضَرَبه ضَرْبَ ابنةِ اقْعُدي وقُومِي أَيْ ضَرْبَ أَمَةٍ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لقُعودها وقِيامها فِي خِدْمَةِ مَوَالِيهَا، وكأنَّ هَذَا جُعِلَ اسْمًا، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا، لِكَوْنِهِ مِنْ عَادَتِهَا كَمَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَنْ قِيلٍ وقالٍ.

وأَقَامَ بِالْمَكَانِ إِقَامًا وإقَامةً ومُقَامًا وقَامَةً؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: لَبِثَ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ قَامَة اسْمٌ كالطّاعةِ والطّاقَةِ.

التَّهْذِيبُ: أَقَمْتُ إِقَامَةً، فَإِذَا أَضَفْت حَذَفْت الْهَاءَ كَقَوْلِهِ تعالى: {وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ}.

الْجَوْهَرِيُّ: وأَقَامَ بِالْمَكَانِ إِقَامَةً، وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنْ عَيْنِ الْفِعْلِ لأَن أصلَه إقْوامًا، وأَقَامَه مِنْ مَوْضِعِهِ.

وأَقَامَ الشَّيْءَ: أَدامَه، مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ}، وَقَوْلِهِ تعالى: {وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ}؛ أَرَادَ إِنَّ مَدِينَةَ قَوْمِ لُوطٍ لَبِطَرِيقٍ بيِّن وَاضِحٍ؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ.

والاسْتِقَامَةُ: الاعْتدالُ، يُقَالُ: اسْتَقَامَ لَهُ الأَمر.

وَقَوْلُهُ تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ} أَيْ فِي التَّوَجُّه إِلَيْهِ دُونَ الآلهةِ.

وقَامَ الشيءُ واسْتَقَامَ: اعْتدَل وَاسْتَوَى.

وَقَوْلُهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا}؛ مَعْنَى قَوْلِهِ اسْتَقَامُوا عَمِلُوا بِطَاعَتِهِ ولَزِموا سُنة نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ الأَسود بْنُ مَالِكٍ: ثُمَّ اسْتَقَاموا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَقَالَ قَتَادَةُ: اسْتَقَامُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

فَهُمْ صَرفُوكم، حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى، ***بأَسْيافِهِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ عَلَى القِيَمْ

قَالَ: القِيَمُ الاسْتِقامةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « قُلْ آمَنتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ »؛ فُسِّرَ عَلَى وَجْهَيْنِ: قِيلَ هُوَ الاسْتقامة عَلَى الطَّاعَةِ، وَقِيلَ هُوَ تَرْكُ الشِّرك.

أَبو زَيْدٍ: أَقَمْتُ الشَّيْءَ وقَوَّمْته فَقامَ بِمَعْنَى اسْتقام، قَالَ: والاسْتِقامة اعْتِدَالُ الشَّيْءِ واسْتِواؤه.

واسْتَقامَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ أَيْ مدَحه وأَثنى عَلَيْهِ.

وقَامَ مِيزانُ النَّهَارِ إِذَا انْتَصفَ، وَقَامَ قائمُ الظَّهِيرة؛ قَالَ الرَّاجِزُ: " وقَامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ "والقَوامُ: العَدْل؛ قَالَ تعالى: {وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوامًا}؛ وَقَوْلُهُ تعالى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لِلْحَالَةِ الَّتِي هِيَ أَقْوَمُ الحالاتِ وَهِيَ تَوْحِيدُ اللَّهِ، وشهادةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، والإِيمانُ برُسُله، وَالْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ.

وقَوَّمَه هُوَ؛ وَاسْتَعْمَلَ أَبُو إِسْحَاقَ ذَلِكَ فِي الشِّعر فَقَالَ: اسْتَقَامَ الشِّعر اتَّزَنَ.

وقَوَّمَ دَرْأَه: أَزال عِوَجَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ أَقَامَه؛ قَالَ:

أَقِيمُوا، بَني النُّعْمانِ، عَنَّا صُدُورَكُم، ***وَإِلَّا تُقِيموا، صاغِرِينَ، الرُّؤوسا

عدَّى أَقِيمُوا بِعَنْ لأَن فِيهِ مَعْنَى نَحُّوا أَو أَزيلُوا، وأَما قَوْلُهُ: وإلَّا تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنى بِهِ عُني بأَقِيموا أَيْ وَإِلَّا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين، فالرُّؤوسُ عَلَى هَذَا مَفْعُولٌ بتُقيموا، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ أَقيموا هُنَا غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِعَنْ فَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ حَرْفٌ ولا حذف، والرُّؤوسا حِينَئِذٍ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ.

أَبو الْهَيْثَمِ: القَامَةُ جَمَاعَةُ النَّاسِ.

والقَامَةُ أَيْضًا: قامةُ الرَّجُلِ.

وقَامَةُ الإِنسان وقَيْمَتُه وقَوْمَتُه وقُومِيَّتُه وقَوامُه: شَطاطُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

أَما تَرَيني اليَوْمَ ذَا رَثِيَّهْ، ***فَقَدْ أَرُوحُ غيرَ ذِي رَذِيَّهْ

صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ "وصَرَعَه مِنْ قَيْمَتِه وقَوْمَتِه وقَامَته بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ.

وَرَجُلٌ قَوِيمٌ وقَوَّامٌ: حَسَنُ الْقَامَةِ، وَجَمْعُهُمَا قِوَامٌ.

وقَوَام الرَّجُلِ: قَامَتُهُ وحُسْنُ طُوله، والقُومِيَّةُ مِثْلُهُ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ رَجَزَ الْعَجَّاجِ:

أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ، ***صلبَ الْقَنَاةِ سَلهبَ القَوْسِيَّهْ

والقَوَامُ: حُسْنُ الطُّول.

يُقَالُ: هُوَ حَسَنُ القَامَةِ والقُومِيَّة والقِمّةِ.

الْجَوْهَرِيُّ: وقَامَةُ الإِنسان قَدْ تُجمَع عَلَى قاماتٍ وقِيَمٍ مِثْل تاراتٍ وتِيَر، قَالَ: وَهُوَ مَقْصُورُ قِيَامٍ وَلَحِقَهُ التَّغْيِيرُ لأَجل حَرْفِ الْعِلَّةِ وَفَارَقَ رَحَبة ورِحابًا حَيْثُ لَمْ يَقُولُوا رِحَبٌ كَمَا قَالُوا قِيَمٌ وتِيَرٌ.

والقُومِيَّةُ: القَوام أَو القامةُ.

الأَصمعي: فُلَانٌ حَسَنُ القامةِ والقِمّة والقُوميَّة بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَنشد: " فَتَمَّ مِنْ قَوامِها قُومِيّ "وَيُقَالُ: فُلَانٌ ذُو قُومِيَّةٍ عَلَى مَالِهِ وأَمْره.

وَتَقُولُ: هَذَا الأَمر لَا قُومِيَّة لَهُ أَيْ لَا قِوامَ لَهُ.

والقُومُ: القصدُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ: " واتَّخَذَ الشَّد لهنَّ قُوما وقَاوَمَه فِي المُصارَعة وَغَيْرِهَا.

وتَقَاوَمُوا فِي الْحَرْبِ أَيْ قَامَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.

وقِوَامُ الأَمر، بِالْكَسْرِ: نِظامُه وعِماده.

أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ قِوَامُ أَهْلِ بَيْتِهِ وقِيامُ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُقيم شأْنهم مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيامًا}.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِئَتْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيامًا وقِيَمًا.

وَيُقَالُ: هَذَا قِوامُ الأَمر ومِلاكُه الَّذِي يَقوم بِهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

أَفَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ ***خُذِلَتْ، وهادِيةُ الصِّوارِ قوامُها؟

قَالَ: وَقَدْ يُفْتَحُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَيِ الَّتِي جعلَها اللَّهُ لَكُمْ قِيامًا تُقِيمكم فتَقُومون بِهَا قِيامًا، وَمَنْ قرأَ قِيَمًا فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى هَذَا، وَالْمَعْنَى جَعَلَهَا اللَّهُ قِيمةَ "الأَشياء فَبِهَا تَقُوم أُمورُكم؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيامًا" يَعْنِي الَّتِي بِهَا تَقُومون قِيَامًا وقِوامًا، وقرأَ نَافِعٌ الْمَدَنِيُّ قيَمًا، قَالَ: وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.

ودِينارٌ قائِم إِذَا كَانَ مِثْقَالًا سَواء لَا يَرْجح، وَهُوَ عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ نَاقِصٌ حَتَّى يَرْجَح بِشَيْءٍ فَيُسَمَّى مَيّالًا، وَالْجَمْعُ قُوَّمٌ وقِيَّمٌ.

وقَوَّمَ السِّلْعة واسْتَقَامَها: قَدَّرها.

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: « إِذَا اسْتَقَمْت بنَقْد فبِعْتَ بِنَقْدٍ فَلَا بأْس بِهِ، وَإِذَا اسْتَقَمْت بِنَقْدٍ فَبِعْتَهُ بِنَسيئة فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ »؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ إِذَا اسْتَقَمْتَ يَعْنِي قوَّمت، وَهَذَا كَلَامُ أَهْلِ مَكَّةَ، يَقُولُونَ: استَقَمْتُ المَتاع أَيْ قَوَّمْته، وَهُمَا بِمَعْنًى، قَالَ: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ يدفَعَ الرجلُ إِلَى الرَّجُلِ الثَّوْبَ فَيُقَوِّمُهُ مَثَلًا بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ يَقُولُ: بِعْهُ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَلَكَ، فَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بِالنَّقْدِ فَهُوَ جَائِزٌ، ويأْخذ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِينَ، وَإِنْ بَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ بأَكثر مِمَّا يَبِيعُهُ بِالنَّقْدِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ وَلَا يَجُوزُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بالرأْي لَا يَجُوزُ لأَنها إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ، وَهِيَ عِنْدَنَا مَعْلُومَةٌ جَائِزَةٌ، لأَنه إِذَا وَقَّت لَهُ وَقْتًا فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَالْوَقْتُ يأْتي عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بعد ما رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَسْتَقِيمه بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَيَبِيعُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ نَسِيئَةً، فَيَقُولُ: أُعْطِي صَاحِبَ الثَّوْبِ مِنْ عِنْدِي عَشَرَةً فَتَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِي، فَهَذَا الَّذِي كُرِهَ.

قَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لأَحمد قَوْلُ" ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا اسْتَقَمْتَ بِنَقْدٍ فَبِعْتَ بِنَقْدٍ، الْحَدِيثَ، قَالَ: لأَنه يَتَعَجَّلُ شَيْئًا وَيَذْهَبُ عَناؤه بَاطِلًا، قَالَ إِسْحَاقُ: كَمَا قَالَ قُلْتُ فَمَا المُسْتَقِيم؟ قَالَ: الرَّجُلُ يَدْفَعُ إِلَى الرَّجُلِ الثَّوْبَ فَيَقُولُ بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا ازْدَدْتَ فَهُوَ لَكَ، قُلْتُ: فَمَنْ يَدْفَعُ الثَّوْبَ إِلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا زَادَ فَهُوَ لَكَ؟ قَالَ: لَا بأْس، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ.

والقِيمَةُ: وَاحِدَةُ القِيَم، وأَصله الْوَاوُ لأَنه يَقُومُ مَقَامَ الشَّيْءِ.

والقِيمة: ثَمَنُ الشَّيْءِ بالتَّقْوِيم.

تَقُولُ: تَقَاوَمُوه فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِذَا انْقادَ الشَّيْءُ وَاسْتَمَرَّتْ طَرِيقَتُهُ فَقَدِ اسْتَقَامَ لوجه.

وَيُقَالُ: كَمْ قَامَتْ ناقتُك أَيْ كَمْ بَلَغَتْ.

وَقَدْ قَامَتِ الأَمةُ مِائَةَ دِينَارٍ أَيْ بَلَغَ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِينَارٍ، وَكَمْ قَامَتْ أَمَتُك أَيْ بَلَغَتْ.

والاسْتِقَامة: التَّقْوِيمُ، لِقَوْلِ أَهْلِ مَكَّةَ اسْتَقَمْتُ الْمَتَاعَ أَيْ قوَّمته.

وَفِي الْحَدِيثِ: « قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَوَّمْتَ لَنَا، فَقَالَ: اللَّهُ هُوَ المُقَوِّم، أَيْ لَوْ سَعَّرْت لَنَا، وَهُوَ مِنْ قِيمَةِ الشَّيْءِ، أَيْ حَدَّدْت لَنَا قِيمَتَهَا».

وَيُقَالُ: قَامَتْ بِفُلَانٍ دابتُهُ إِذَا كلَّتْ وأَعْيَتْ فَلَمْ تَسِر.

وقَامَتِ الدَّابَّةُ: وَقَفَت.

وَفِي الْحَدِيثِ: « حِينَ قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ أَيْ قِيَامُ الشَّمْسِ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَامَت بِهِ دَابَّتُهُ أَيْ وَقَفَتْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا بَلَغَتْ وسَط السَّمَاءِ أَبْطأَت حركةُ الظِّلِّ إِلَى أَنْ تَزُولَ، فَيَحْسَبُ النَّاظِرُ المتأَمل أَنَّهَا قَدْ وَقَفَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ لَكِنَّ سَيْرًا لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ سَرِيعٌ كَمَا يَظْهَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوُقُوفِ الْمُشَاهَدِ: قَامَ قَائِم الظَّهِيرَةِ، والقَائِمُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ».

وَيُقَالُ: قَامَ مِيزَانُ النَّهَارِ فَهُوَ قَائِم أَيِ اعْتَدَل.

ابْنُ سِيدَهْ: وقَامَ قَائِم الظَّهِيرَةِ إِذَا قَامَتِ الشَّمْسُ وعقَلَ الظلُّ، وَهُوَ مِنَ الْقِيَامِ.

وعَيْنٌ قَائِمَة: ذَهَبَ بَصَرُهَا وحدَقَتها صَحِيحَةٌ سَالِمَةٌ.

والقَائِم بالدِّين: المُسْتَمْسِك بِهِ الثَّابِتُ عَلَيْهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزام قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا أخِرَّ إِلَّا قَائِمًا»؛ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا مِنْ قِبَلِنا فَلَا تَخِرُّ إِلَّا قَائِمًاأَيْ لَسْنَا نَدْعُوكَ وَلَا نُبَايِعُكَ إِلَّا قَائِمًا أَيْ عَلَى الْحَقِّ؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ بَايَعْتُ أَنْ لَا أَمُوتَ إِلَّا ثَابِتًا عَلَى الإِسلام والتمسُّك بِهِ.

وكلُ" مَنْ ثَبَتَ عَلَى شَيْءٍ وَتَمَسَّكَ بِهِ فَهُوَ قَائِم عَلَيْهِ.

وَقَالَ تعالى: {لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ}؛ إِنَّمَا هُوَ مِنَ المُواظبة عَلَى الدِّينِ وَالْقِيَامِ بِهِ؛ الْفَرَّاءُ: القَائِم الْمُتَمَسِّكُ بِدَيْنِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أُمَّة قَائِمَة أَيْ مُتَمَسِّكَةٌ بِدِينِهَا.

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا}؛ أَيْ مُواظِبًا مُلازِمًا، وَمِنْهُ قِيلَ فِي الْكَلَامِ لِلْخَلِيفَةِ: هُوَ القائِمُ بالأَمر، وَكَذَلِكَ فُلَانٌ قَائِمٌ بِكَذَا إِذَا كَانَ حَافِظًا لَهُ مُتَمَسِّكًا بِهِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والقَائِمُ عَلَى الشَّيْءِ الثَّابِتُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ}؛ أَيْ مواظِبة عَلَى الدِّينِ ثَابِتَةٌ.

يُقَالُ: قَامَ فُلَانٌ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ وَتَمَسَّكَ بِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « اسْتَقِيموا لقُريش مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ، فإنْ لَمْ يَفْعَلوا فضَعُوا سيُوفَكم عَلَى عَواتِقكم فأَبِيدُوا خضْراءهم »، أَيْ دُوموا لَهُمْ فِي الطَّاعَةِ واثْبُتوا عَلَيْهَا مَا دَامُوا عَلَى الدِّينِ وَثَبَتُوا عَلَى الإِسلام.

يُقَالُ: قَامَ واسْتَقَامَ كَمَا يُقَالُ أَجابَ واسْتجابَ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الخَوارِج وَمَنْ يَرى رأْيهم يتأَوَّلونه عَلَى الخُروج عَلَى الأَئمة وَيَحْمِلُونَ قَوْلَهُ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ عَلَى الْعَدْلِ فِي السِّيرة، وَإِنَّمَا الاسْتِقَامَة هَاهُنَا الإِقامة عَلَى الإِسلام، وَدَلِيلُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ وتَشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفلا نُقاتلهم؟ قَالَ: لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ: الأَئمة مِنْ قُرَيْشٍ أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها وفُجَّارُها أُمَراءُ فُجَّارِها "؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « لَوْ لَمْ تَكِلْه لقَامَ لَكُمْ أَيْ دَامَ وَثَبَتَ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: لَوْ تَرَكَتْه مَا زَالَ قَائِمًا، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: مَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَها».

وقَائِمُ السَّيْفِ: مَقْبِضُه، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ قَائِمَة نَحْوُ قَائِمَةِ الخِوان وَالسَّرِيرِ وَالدَّابَّةِ.

وقَوَائِم الخِوان وَنَحْوُهَا: مَا قَامَتْ عَلَيْهِ.

الْجَوْهَرِيُّ: قَائِمُ السَّيْفِ وقَائِمَتُه مَقْبِضه.

والقَائِمَةُ: وَاحِدَةُ قَوَائِم الدَّوابّ.

وقَوَائِم الدَّابَّةِ: أربَعُها، وَقَدْ يُسْتَعَارُ ذَلِكَ فِي الإِنسان؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يَصِفُ السُّيُوفَ:

إِذَا هِيَ شِيمتْ فالقَوَائِمُ تَحْتها، ***وإنْ لمْ تُشَمْ يَوْمًا علَتْها القَوَائِمُ

أَراد سُلَّت.

والقَوَائِم: مقَابِض السُّيُوفِ.

والقُوَام: داءٌ يأْخذ الْغَنَمَ فِي قَوَائِمِهَا تَقُومُ مِنْهُ.

ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا فَعل قُوام كَانَ يَعتري هَذِهِ الدَّابَّةِ، بِالضَّمِّ، إِذَا كَانَ يَقُومُ فَلَا يَنْبَعث.

الْكِسَائِيُّ: القُوَام داءٌ يأْخذ الشَّاةَ فِي قَوَائِمِهَا تَقُومُ مِنْهُ؛ وقَوَّمْتُ الْغَنَمُ: أَصابها ذَلِكَ فقامت.

وقَامُوا بهم: جاؤوهم بأَعْدادهم وأَقرانِهم وأَطاقوهم.

وَفُلَانٌ لَا يَقُوم بِهَذَا الأَمر أَيْ لَا يُطِيق عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يُطِق الإِنسان شَيْئًا قِيلَ: مَا قَامَ بِهِ.

اللَّيْثُ: القَامَةُ مِقدار كَهَيْئَةِ رَجُلٍ يَبْنِي عَلَى شَفِير الْبِئْرِ يُوضَعُ عَلَيْهِ عُودُ البَكْرة، وَالْجَمْعُ القِيَم، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ فَوْقَ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ قَامَة؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الْقَامَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، والقَامَة عِنْدَ الْعَرَبِ الْبَكَرَةُ الَّتِي يُسْتَقَى بِهَا الْمَاءَ مِنَ الْبِئْرِ، وَرُويَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: النَّعامة الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى زُرْنُوقي الْبِئْرِ ثُمَّ تُعَلَّقُ الْقَامَةُ، وَهِيَ البَكْرة مِنَ النَّعَامَةِ.

ابْنُ سِيدَهْ: والقامةُ الْبَكَرَةُ يُستقَى عَلَيْهَا، وَقِيلَ: الْبَكَرَةُ وَمَا عَلَيْهَا بأَداتِها، وَقِيلَ: هِيَ جُملة أَعْوادها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لَا قامَهْ، ***وأَنَّني مُوفٍ عَلَى السَّآمَهْ،

نزَعْتُ نَزْعًا زَعْزَعَ الدِّعامهْ "وَالْجَمْعُ قِيَمٌ مِثْلُ تارةٍ وتِيَرٍ، وقَامٌ؛ قَالَ الطِّرِمّاح:

ومشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه ***ثَوْبَ سَحْلٍ فوقَ أَعوادِ قَامِ

وقال الرَّاجِزُ:

يَا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه، ***يَوْمَ تَلاقى شاؤُه ونَعَمُهْ،

واخْتَلَفَتْ أَمْراسُه وقِيَمُهْ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ: لَمّا رأَيت أَنها لَا قَامَه قَالَ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ ذَهَبَ ثَعْلَبٌ إِلَى أَن قَامَة فِي الْبَيْتِ جَمْعُ قَائِم مِثْلُ بائِع وباعةٍ، كأَنه أَراد لَا قَائِمِينَ عَلَى هَذَا الْحَوْضِ يَسْقُون مِنْهُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَصمعي:

وقَامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ، ***حَسبُكَ أَخلاقُهمُ وحَسْبي

أَيْ رَبِيعة قَائِمُونَ بأَمري؛ قَالَ: وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

وإنِّي لابنُ ساداتٍ ***كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ

وإنِّي لابنُ قَامَاتٍ ***كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ

أَراد بالقَامَاتِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بالأُمور والأَحداث؛ وَمِمَّا يَشْهَدُ بِصِحَةِ قَوْلِ ثَعْلَبٍ أَنَّ القَامَة جَمْعُ قَائِمٍ لَا الْبَكَرَةِ قَوْلُهُ: " نَزَعْتُ نَزْعًا زَعْزَعَ الدِّعامه "والدِّعامة إِنَّمَا تَكُونُ لِلْبَكَرَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بكْرَةٌ فَلَا دِعَامَةَ وَلَا زعزعةَ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ القَامَة لِلْبَكَرَةِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

إنْ تَسْلَمِ القَامَةُ والمَنِينُ، ***تُمْسِ وكلُّ حائِمٍ عَطُونُ

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ثُمامة الأَرْحبي فِي قَامٍ جَمْعِ قامةِ الْبِئْرِ:

قَوْداءَ تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لَهَا مَرَطَى، ***كأَن هادَيها قَامٌ عَلَى بِيرِ

والمِقْوَم: الخَشَبة الَّتِي يُمْسكها الْحَرَّاثُ.

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: « أَنَّهُ أَذِنَ فِي قَطْع المسَدِ والقائمَتينِ مِنْ شَجَرِ الحَرَم، يُرِيدُ قَائِمَتَيِ الرَّحْل اللَّتَيْنِ تَكُونَانِ فِي مُقَدَّمِه ومُؤَخَّره».

وقَيِّمُ الأَمر: مُقِيمهُ.

وأمرٌ قَيِّمٌ: مُسْتقِيم.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَتَانِي مَلَك فَقَالَ: أَنت قُثَمٌ وخُلُقُكَ قَيِّم أَيْ مُسْتَقِيم حسَن».

وَفِي الْحَدِيثِ: « ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ أَيْ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي لَا زَيْغ فِيهِ وَلَا مَيْل عَنِ الْحَقِّ».

وَقَوْلُهُ تعالى: {فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}؛ أَي مُسْتَقِيمَةٌ تُبيّن الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ عَلَى اسْتِواء وبُرْهان؛ عَنِ الزَّجَّاجِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}؛ أَي دِينُ الأُمةِ الْقَيِّمَةِ بِالْحَقِّ، ويجوز أَن يكن دِينَ المِلة الْمُسْتَقِيمَةِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنَّمَا أَنثه لأَنه أَراد المِلة الْحَنِيفِيَّةَ.

والقَيِّمُ: السَّيِّدُ وسائسُ الأَمر.

وقَيِّمُ القَوْم: الَّذِي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم.

وَفِي الْحَدِيثِ: « مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُم امْرَأَةٌ».

وقَيِّمُ المرأَةِ: زَوْجُهَا فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ.

وَقَالَ أَبو الْفَتْحِ ابْنُ جِنِّي فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بالمُغْرِب.

يُرْوَى أَن جَارِيَتَيْنِ مِنْ بَنِي جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ تَزَوَّجَتَا أَخوين مِنْ بَنِي أَبي بَكْرٍ ابن كِلَابٍ فَلَمْ تَرْضَياهما فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا:

أَلا يَا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ ***لَقَدْ ساقَنا منْ حَيِّنا هَجْمَتاهُما

أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لَا دَرَّ دَرُّه ***وآخَرُ مِثْلُ القِرْدِ لَا حَبَّذا هُما

يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها، ***ونَخْزَى إذَا مَا قِيلَ: مَنْ قَيِّماهُما؟

قَيِّمَاهما: بَعْلاهُما، ثَنَّتِ الهَجّمتين لأَنها أَرادت القِطْعَتَين أَو القَطيعَيْنِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امرأَة قَيِّمٌ وَاحِدٌ »؛ قَيِّمُ المرأَةِ: زَوْجُهَا لأَنه" يَقُوم بأَمرها وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ.

وَقَامَ بأَمر كَذَا.

وَقَامَ الرجلُ عَلَى المرأَة: مانَها.

وَإِنَّهُ لَقَوّام عَلَيْهَا: مائنٌ لَهَا.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ}؛ وَلَيْسَ يُرَادُ هَاهُنَا، وَاللَّهُ أَعلم، القِيام الَّذِي هُوَ المُثُولُ والتَّنَصُّب وَضِدُّ القُعود، إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ قُمْتُ بأَمرك، فَكَأَنَّهُ، وَاللَّهُ أَعلم، الرِّجَالُ مُتكفِّلون بأُمور النساء مَعْنِيُّون بشؤونهن، وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}؛ أَي إِذَا هَمَمْتم بِالصَّلَاةِ وتَوَجّهْتم إِلَيْهَا بالعِناية وَكُنْتُمْ غَيْرَ مُتَطَهِّرِينَ فَافْعَلُوا كَذَا، لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ لأَن كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى طُهر وأَراد الصَّلَاةَ لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْل شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، لَا مرتَّبًا وَلَا مُخيرًا فِيهِ، فَيَصِيرُ هَذَا كَقَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا؛ وَقَالَ هَذَا، أَعني قَوْلَهُ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِفَافْعَلُوا كَذَا، وَهُوَ يُرِيدُ إِذَا قُمْتُمْ وَلَسْتُمْ عَلَى طَهَارَةٍ، فَحَذَفَ ذَلِكَ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَحد الِاخْتِصَارَاتِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:

إِذَا مُتُّ فانْعِينِي بِمَا أَنا أَهْلُه، ***وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يَا ابنةَ مَعْبَدِ

تأْويله: فَإِنْ مُتُّ قَبْلَكِ، لَا بُدَّ أَن يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْقودًا عَلَى هَذَا لأَنه مَعْلُومٌ أَنه لَا يُكَلِّفُهَا نَعْيَه والبُكاء عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهَا، إِذِ التكليفُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالْمَيِّتُ لَا قُدْرَةَ فِيهِ بَلْ لَا حَياة عِنْدَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ.

وأَقامَ الصَّلَاةَ إِقَامةً وإِقَامًا؛ فإِقَامةً عَلَى الْعِوَضِ، وإِقَامًا بِغَيْرِ عِوَضٍ.

وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَأَقامَ الصَّلاةَ}.

وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: مَا أَدري أَأَذَّنَ أَو أَقَامَ؛ يَعْنُونَ أَنهم لَمْ يَعْتَدّوا أَذانَه أَذانًا وَلَا إقامَته إِقَامَةً، لأَنه لَمْ يُوفِّ ذَلِكَ حقَّه، فَلَمَّا وَنَى فِيهِ لَمْ يُثبت لَهُ شَيْئًا مِنْهُ إِذْ قَالُوهَا بأَو، وَلَوْ قَالُوهَا بأَم لأَثبتوا أَحدهما لَا مَحَالَةَ.

وَقَالُوا: قَيِّمُ الْمَسْجِدِ وقَيِّمُ الحَمَّام.

قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ ابْنُ ماسَوَيْهِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَن يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ كقَيِّم الحَمَّام، وأَما الصَّيْفُ فهو حَمَّام كله وَجَمْعُ قَيِّم عِنْدَ كُرَاعٍ قَامَة.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن قَامَة إِنَّمَا هُوَ جَمْعُ قَائِم عَلَى مَا يَكْثُرُ فِي هَذَا الضَّرْبِ.

والمِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، والأُمّة القَيِّمة كَذَلِكَ.

وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}؛ أَيْ الأُمَّة الْقَيِّمَةُ.

وَقَالَ أَبو العباس والمبرد: هَاهُنَا مُضْمَرٌ، أَراد ذَلِكَ دِينُ الملَّةِ الْقَيِّمَةِ، فَهُوَ نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا مِمَّا أُضيف إِلَى نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ لَفْظَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَا، وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي القَيِّمَة لِلْمُبَالَغَةِ، وَدِينٌ قَيِّمٌ كَذَلِكَ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ}.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَقَدْ قُرئ دِينًا قِيَمًا "أَيْ مُسْتَقِيمًا.

قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: القَيِّمُ هُوَ المُسْتَقيم، والقِيَمُ: مَصْدَرٌ كالصِّغَر والكِبَر إِلَّا أَنه لَمْ يُقل قِوَمٌ مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا؛ لأَن قِيَمًا مِنْ قَوْلِكَ قَامَ قِيَمًا، وقَامَ كَانَ فِي الأَصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فَصَارَ قَامَ فَاعْتَلَّ قِيَم، وأَما حِوَلٌ فَهُوَ عَلَى أَنه جَارٍ عَلَى غَيْرِ فِعْل؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قِيَمًا مَصْدَرٌ كَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَكَذَلِكَ دِينٌ قَوِيم وقِوَامٌ.

وَيُقَالُ: رُمْحٌ قَوِيمٌ وقَوَامٌ قَوِيمٌ أَي مُسْتَقِيمٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عَنِ الهُدَى ***بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ عَلَى القِيَمْ

وَقَالَ حَسَّانُ:

وأَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيكِ، ***أُرْسِلْتَ حَقًّا بِدِينٍ قِيَمْ

قَالَ: إِلَّا أَنَّ القِيَمَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِاسْتِقَامَةِ.

وَاللَّهُ "تَعَالَى القَيُّوم والقَيَّامُ.

ابْنُ الأَعرابي: القَيُّوم والقَيَّام والمُدبِّر وَاحِدٌ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: القَيُّوم والقَيَّام فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وأَسمائه الْحُسْنَى الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ أَمر خَلقه فِي إِنْشَائِهِمْ ورَزْقهم وَعِلْمِهِ بأَمْكِنتهم.

قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها}.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: صُورَةُ القَيُّوم مِنَ الفِعل الفَيْعُول، وَصُورَةُ القَيَّام الفَيْعال، وَهُمَا جَمِيعًا مَدْحٌ، قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ أَكثر شَيْءٍ قَوْلًا للفَيْعال مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ مِثْلُ الصَّوَّاغ، يَقُولُونَ الصَّيَّاغ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي القَيِّم: هُوَ مِنَ الْفِعْلِ فَعِيل، أَصله قَوِيم، وَكَذَلِكَ سَيّد سَوِيد وجَيِّد جَوِيد بِوَزْنِ ظَرِيف وكَرِيم، وَكَانَ يَلْزَمُهُمْ أَن يَجْعَلُوا الْوَاوُ أَلفًا لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا ثُمَّ يُسْقِطُوهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الَّتِي بَعْدَهَا، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ صَارَتْ سَيْد عَلَى فَعْل، فَزَادُوا يَاءً عَلَى الْيَاءِ لِيَكْمُلَ بِنَاءُ الْحَرْفِ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: قَيِّم وَزْنُهُ فَيْعِل وأَصله قَيْوِم، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالسَّابِقُ سَاكِنٌ أَبدلوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً وأَدغموا فِيهَا الْيَاءَ الَّتِي قَبْلَهَا، فَصَارَتَا يَاءً مُشَدَّدَةً، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي سَيِّدٍ وَجَيِّدٍ وَمَيِّتٍ وَهَيِّنٍ وَلَيِّنٍ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَ فِي أَبنية الْعَرَبِ فَيْعِل، والحَيّ كَانَ فِي الأَصل حَيْوًا، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالسَّابِقُ سَاكِنٌ جعلتا يَاءً مُشَدَّدَةً.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: القَيُّوم الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ قَتَادَةُ: القَيُّوم الْقَائِمُ عَلَى خَلْقِهِ بِآجَالِهِمْ وأَعمالهم وأَرزاقهم.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: القَيُّومُ الَّذِي لَا بَدِيء لَهُ.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: القَيُّوم الْقَائِمُ عَلَى الأَشياء.

الْجَوْهَرِيُّ: وقرأَ عُمَرُ" الحيُّ القَيَّام، وَهُوَ لُغَةٌ، و {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أَي الْقَائِمُ بأَمر خَلْقِهِ فِي إِنْشَائِهِمْ وَرَزْقِهِمْ وَعِلْمِهِ بمُسْتَقرِّهم وَمُسْتَوْدَعِهِمْ.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: « ولكَ الْحَمْدُ أَنت قَيَّام السماواتِ والأَرض »، وَفِي رِوَايَةٍ: قَيِّم، وَفِي أُخرى: قَيُّوم، وَهِيَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ، وَمَعْنَاهَا القَيّام بأُمور الْخَلْقِ وَتَدْبِيرِ الْعَالَمِ فِي جَمِيعِ أَحواله، وأَصلها مِنَ الْوَاوِ قَيْوامٌ وقَيْوَمٌ وقَيْوُومٌ، بِوَزْنِ فَيْعالٍ وفَيْعَلٍ وفَيْعُول.

والقَيُّومُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ الْمَعْدُودَةِ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا لَا بِغَيْرِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقُومُ بِهِ كُلُّ مَوْجُودٍ حَتَّى لَا يُتَصوَّر وُجُودُ شَيْءٍ وَلَا دَوَامُ وَجُودِهِ إِلَّا بِهِ.

والقِوَامُ مِنَ الْعَيْشِ: مَا يُقيمك.

وَفِي حَدِيثِ الْمَسْأَلَةِ: « أَو لِذِي فَقْرٍ مُدْقِع حَتَّى يُصِيب قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ »أَي مَا يَقُومُ بِحَاجَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ.

وقِوَامُ الْعَيْشِ: عِمَادُهُ الَّذِي يَقُومُ بِهِ.

وقِوَامُ الجِسم: تَمَامُهُ.

وقِوَام كُلِّ شَيْءٍ: مَا اسْتَقَامَ بِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: " رأْسُ قِوَامِ الدِّينِ وابنُ رَأْس وإِذا أَصاب البردُ شَجَرًا أَو نَبْتًا فأَهلك بَعْضًا وَبَقِيَ بَعْضٌ قِيلَ: مِنْهَا هامِد وَمِنْهَا قَائِمٌ.

الْجَوْهَرِيُّ: وقَوَّمْتُ الشَّيْءَ، فَهُوَ قَوِيم أَيْ مُسْتَقِيمٌ، وَقَوْلُهُمْ مَا أَقْوَمَه شَاذٌّ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي كَانَ قِيَاسُهُ أَن يُقَالَ فِيهِ مَا أَشدَّ تَقْويمه لأَن تَقْوِيمَهُ زَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ قَويم، كَمَا قَالُوا مَا أَشدَّه وَمَا أَفقَره وَهُوَ مَنِ اشْتَدَّ وَافْتَقَرَ لِقَوْلِهِمْ شَدِيدٌ وَفَقِيرٌ.

قَالَ: وَيُقَالُ مَا زِلت أُقَاوِمُ فُلَانًا فِي هَذَا الأَمر أَيْ أُنازِله.

وَفِي الْحَدِيثِ: « مَن جالَسه أَو قَاوَمَه فِي حَاجَةٍ صابَره».

قَالَ ابْنُ الأَثير: قَاوَمَه فاعَله مِنَ القِيام أَي إِذَا قامَ مَعَهُ لِيَقْضِيَ حاجتَه صبَر عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يقضِيها.

وَفِي الْحَدِيثِ: « تَسْويةُ الصَّفِّ مِنْ إِقَامَة الصَّلَاةِ أَيْ مِنْ تَمَامِهَا وَكَمَالِهَا، قَالَ: فأَمّا قَوْلُهُ قَدْ قَامَتِ الصلاة فمعناه قامَ أَهلُها أَو حَانَ قِيامهم».

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: « فِي الْعَيْنِ القَائِمَة ثُلُث الدِّيَةِ »؛ هِيَ الْبَاقِيَةُ فِي مَوْضِعِهَا صَحِيحَةً وَإِنَّمَا ذَهَبَ نظرُها وإبصارُها.

وَفِي حَدِيثِ أَبي الدَّرْدَاءِ: « رُبَّ قَائِمٍ مَشكورٌ لَهُ ونائمٍ مَغْفورٌ لَهُ»؛ أي رُبَّ مُتَهَجِّد يَستغفر لأَخيه النَّائِمِ فيُشكر لَهُ فِعله ويُغفر لِلنَّائِمِ بِدُعَائِهِ.

وَفُلَانٌ أَقْوَمُ كَلَامًا مِنْ فُلَانٍ أَي أَعدَلُ كَلَامًا.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


68-لسان العرب (لدن)

لدن: اللَّدْنُ: اللّيِّنُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ عُودٍ أَو حَبْلٍ أَو خُلُقٍ، والأُنثى لَدْنة، وَالْجَمْعُ لِدانٌ ولُدْن وَقَدْ لَدُنَ لَدانةً ولُدُونةً.

ولَدَّنه هُوَ: لَيَّنه.

وَقَنَاةٌ لَدْنة: ليِّنة المهَزَّةِ، وَرُمْحٌ لَدْنٌ ورِماحٌ لُدْنٌ، بِالضَّمِّ، وامرأَة لَدْنة: رَيَّا الشّبابِ ناعمةٌ، وكلُّ رَطْبٍ مأْدٍ لَدْنٌ.

وتَلدَّنَ فِي الأَمر: تَلبَّثَ وتمكَّثَ، ولدَّنه هُوَ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَن رَجُلًا مِنَ الأَنصار أَناخَ ناضِحًا فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بعضَ التَّلدُّن، فَقَالَ: شَأْ لعَنك اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَصْحبْنا بِمَلْعُونٍ »؛ التَّلدُّن: التَّمكُّثُ، مَعْنَى قَوْلِهِ تَلدَّنَ أَي تَلَكَّأَ وتمكَّثَ وتَلبَّثَ وَلَمْ يَثُرْ وَلَمْ يَنبَعِث.

يُقَالُ: تَلدَّنَ عَلَيْهِ إِذا تَلكَّأَ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: تَلدَّنْتُ تَلدُّنًا وتَلبَّثْتُ تَلبُّثًا وتمكَّثْتُ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: « فأَرسلَ إِليَّ نَاقَةً مُحَرَّمةً فتَلدَّنتْ عليَّ فَلَعَنْتَهَا».

ولَدُنْ ولُدْنٌ ولَدْنٌ ولَدِنٌ ولَدُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا ولَدَى مُحَوَّلة، كُلُّهُ: ظَرْفٌ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ مَعْنَاهُ عِنْدَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَدُنْ جُزمَتْ وَلَمْ تُجْعَلْ كعِنْدَ لأَنها لَمْ تَمَكَّنْ فِي الْكَلَامِ تَمَكُّنَ عِنْدَ، واعْتَقَبَ النونُ وحرفُ الْعِلَّةِ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ لَامًا، كَمَا اعتقبَ الهاءُ وَالْوَاوُ فِي سنَةٍ لَامًا وَكَمَا اعْتَقَبَتْ فِي عِضاهٍ.

قَالَ أَبو إِسحق: لَدُنْ لَا تَمَكَّنُ تَمَكُّنَ عِنْدَ لأَنك تَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي صوابٌ، وَلَا تَقُولُ هُوَ لَدُني صَوَابٌ، وَتَقُولُ عِنْدِي مَالٌ عَظِيمٌ وَالْمَالُ غَائِبٌ عَنْكَ، ولَدُنْ لِمَا يَلِيكَ لَا غَيْرُ.

قَالَ أَبو عَلِيٍّ: نَظِيرُ لَدُنْ ولَدَى ولَدُ، فِي اسْتِعْمَالِ اللَّامِ تَارَةً نُونًا، وَتَارَةً حَرْفَ عِلَّةٍ، وَتَارَةً مَحْذُوفَةً، دَدَنْ ودَدَى ودَدٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَوَقَعَ فِي تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ لَدَى فِي مَعْنَى هَلْ عَنِ المفضَّل؛ وأَنشد:

لَدَى مِنْ شبابٍ يُشْترَى بمَشِيبِ؟ ***وَكَيْفَ شَبابُ المرْء بعدَ دَبيبِ؟

وَقَوْلُهُ تعالى: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقُرِئَ" مِنْ لَدُني، بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وَيَجُوزُ مِنْ لَدْني "، بِتَسْكِينِ الدَّالِ، وأَجودها بِتَشْدِيدِ النُّونِ، لأَن أَصل لَدُنْ الإِسكانُ، فإِذا أَضفتها إِلى نَفْسِكَ زِدْتَ نُونًا ليَسْلَم سكونُ النونِ الأُولى، تَقُولُ مِنْ لَدُنْ زَيْدٍ، فَتَسْكُنُ النُّونُ، ثُمَّ تُضِيفُ إِلى نَفْسِكَ فَتَقُولُ لَدْني كَمَا تَقُولُ عَنْ زَيْدٍ وَعَنِّي، وَمَنْ حَذَفَ النونَ فلأَنَّ لَدُنْ اسْمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن الأَسماء يَجُوزُ فِيهَا حَذْفُ النُّونِ قَوْلُهُمْ قَدْني فِي مَعْنَى حَسْبي، وَيَجُوزُ قَدِي بِحَذْفِ النُّونِ لأَن قَدِ اسْمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " قَدْنيَ مِنْ نصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي "فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ.

قَالَ: وأَما إِسكان دَالِ لَدُنٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ فِي عَضُدٍ عَضْد، فَيَحْذِفُونَ الضَّمَّةَ.

وَحَكَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى وَالْمُبَرِّدِ أَنهما قَالَا: الْعَرَبُ تَقُولُ لَدُنْ غُدْوَةٌ ولَدُنْ غُدْوَةً ولَدُنْ غُدْوَةٍ، فَمَنْ رَفَعَ أَراد لَدُنْ كَانَتْ غُدْوةٌ، وَمَنْ نَصَبَ أَراد لَدُنْ كَانَ الوقتُ غُدْوةً، وَمَنَ خَفَضَ أَراد مِنْ عِنْد غُدْوةِ.

وَقَالَ ابنُ كيسانَ: لَدُنْ حَرْفٌ يَخْفِضُ، وَرُبَّمَا نُصِبَ بِهَا.

قَالَ: وَحَكَى الْبَصْرِيُّونَ أَنها تَنْصِبُ غُدْوة خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ الْكَلَامِ؛ وأَنشدوا:

مَا زالَ مُهْري مَزْجَرَ الكلبِ منهمُ، ***لَدُنْ غُدْوَةً حَتَّى دَنَتْ لغُروبِ

وأَجاز الْفَرَّاءُ فِي غُدْوةٍ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالْخَفْضَ؛ قَالَ ابْنُ كيسانَ؛ مِنَ خَفَضَ بِهَا أَجراها مُجْرَى مِنْ وَعَنْ، وَمَنْ رَفَعَ أَجراها مُجْرى مُذْ، وَمَنْ نَصَبَ جَعَلَهَا وَقْتًا وَجَعَلَ مَا بَعْدَهَا تَرْجَمَةً عَنْهَا؛ وإِن شِئْتَ أَضمرت كَانَ كَمَا قَالَ: " مُذْ لَدُ شَوْلًا وإِلى إِتْلائِها أَراد: أَن كَانَتْ شَوْلًا.

وَقَالَ اللَّيْثُ: لَدُنْ فِي مَعْنَى مِنْ عِنْدِ، تَقُولُ: وَقَفَ الناسُ لَهُ مِنْ لَدُنْ كَذَا إِلى الْمَسْجِدِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إِذا اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الزَّمَانِ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلى غُرُوبِهَا أَي مِنْ حِينِ.

وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقة: « عَلَيْهِمَا جُنَّتانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ لَدُنْ ثُدِيِّهما إِلى ترَاقيهما »؛ لَدُنْ؛ ظَرْفُ مَكَانٍ بِمَعْنَى عِنْدَ إِلا أَنه أَقرب مَكَانًا مِنْ عِنْدَ وأَخصُّ مِنْهُ، فإِن عِنْدَ تَقَعُ عَلَى الْمَكَانِ وَغَيْرِهِ، تَقُولُ: لِي عِنْدَ فلانٍ مَالٌ؛ أي فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي لَدُنْ.

أَبو زَيْدٍ عَنِ الْكِلَابِيِّينَ أَجمعين: هَذَا مِنْ لَدُنِهِ، ضَمُّوا الدَّالَ وَفَتَحُوا اللَّامَ وَكَسَرُوا النُّونَ.

الْجَوْهَرِيُّ: لَدُنْ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ الْغَايَةُ، وَهُوَ ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ بِمَنْزِلَةِ عِنْدَ، وَقَدْ أَدخلوا عَلَيْهَا مِنْ وَحْدَهَا مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ، قَالَ تعالى: {مِنْ لَدُنَّا}، وَجَاءَتْ مُضَافَةً تَخْفِضُ مَا بَعْدَهَا؛ وأَنشد فِي لَدُ لغَيْلانَ بْنِ حُرَيث:

يَسْتَوْعِبُ النَّوْعينِ مِنْ خَريرِه، ***مِنْ لَدُ لَحْيَيْه إِلى مُنْخُورِه

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشده سِيبَوَيْهِ إِلى مَنْخُوره أَي مَنْخَره.

قَالَ: قَالَ وَقَدْ حَمَلَ حَذْفَ النُّونِ بَعْضُهُمْ إِلى أَن قَالَ لَدُنْ غُدْوَةً، فَنَصَبَ غُدْوَةً بِالتَّنْوِينِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

لَدُنْ غُدْوَةً، حَتَّى إِذا امتَدَّتِ الضُّحَى، ***وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ

لأَنه تَوَهَّمَ أَن هَذِهِ النُّونَ زَائِدَةٌ تَقُومُ مَقَامَ التَّنْوِينِ فَنَصَبَ، كَمَا تَقُولُ ضارِبٌ زَيْدًا، قَالَ: وَلَمْ يُعْمِلوا لَدُنْ إِلا فِي غُدْوة خَاصَّةً.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو عَلِيٍّ فِي لَدُنْ بِالنُّونِ أَربع لُغَاتٍ: لَدُنْ ولَدْنٌ، بإِسكان الدَّالِ، حَذْفُ الضَّمَّةِ مِنْهَا كَحَذْفِهَا مِنْ عَضُد، ولُدْنُ بإِلقاء ضَمَّةِ الدَّالِ عَلَى اللَّامِ، ولَدَنْ بِحَذْفِ الضَّمَّةِ مِنَ الدَّالِ، فَلَمَّا الْتَقَى سَاكِنَانِ فُتِحَتِ الدَّالُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَلَمْ يْذَكُرْ أَبو عَلِيٍّ تَحْرِيكَ النُّونِ بِكَسْرٍ وَلَا فَتْحٍ فِيمَنْ أَسكن الدَّالَ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تَكُونَ مَكْسُورَةً، قَالَ: وَكَذَا حَكَاهَا الحَوْفيُّ لَدْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لُدْن الَّتِي حَكَاهَا أَبو عَلِيٍّ، وَالْقِيَاسُ يُوجِبُ أَن تَكُونَ لَدْنِ، ولَدْنِ عَلَى حدِّ لَمْ يَلْدَهُ أَبوان، وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي الْبَدِيعِ: وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ لِي إِليه لُدُنَّةٌ أَي حَاجَةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


69-لسان العرب (جرا)

جَرَا: الجِرْوُ والجرْوةُ: الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى مِنَ الحَنْظل وَالْبِطِّيخِ والقِثَّاء والرُّمان وَالْخِيَارِ والباذِنجان، وَقِيلَ: هُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنْ ثِمَارِ الأَشجار كَالْحَنْظَلِ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ أَجْرٍ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أُهْديَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِناعٌ مِنْ رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْبٍ »؛ يَعْنِي شَعارِيرَ القِثَّاء.

وَفِي حَدِيثٍ آخِرَ: " أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بقِناع جِرْوٍ "، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ جِراءٌ، وأَراد بِقَوْلِهِ أَجْرٍ زُغْبٍ صغارَ القِثَّاء المُزْغِب الَّذِي زِئبَرُه عَلَيْهِ؛ شُبِّهت بأَجْرِي السِّبَاعِ وَالْكِلَابِ لِرُطُوبَتِهَا، والقِناع: الطَّبَقُ.

وأَجْرَتِ الشجرةُ: صَارَ فِيهَا الجِراءُ.

الأَصمعي: إِذَا أَخرج الحنظلُ ثَمَرَهُ فَصِغَارُهُ الجِرَاءُ، وَاحِدُهَا جِرْوٌ، وَيُقَالُ لِشَجَرَتِهِ قَدْ أَجْرَتْ.

وجِرْوُ الْكَلْبِ والأَسد وَالسِّبَاعِ وجَرْوُه وجُرْوُه كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَجْرٍ وأَجْرِيَةٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ نَادِرَةٌ، وأَجْرَاءٌ وجِرَاءٌ، والأُنثى جِرْوَة.

وكَلْبة مُجْرٍ ومُجْرِيَة ذَاتُ جِرْوٍ وَكَذَلِكَ السَّبُعة أَي مَعَهَا جِرَاؤُها؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

وتَجُرُّ مُجْرِيةٌ لَها ***لَحْمَى إِلَى أَجْرٍ حَواشِبْ

أَراد بالمُجْرِيَة هاهنا ضَبُعًا ذَاتَ أَولاد صِغَارٍ، شَبَّهَهَا بِالْكَلْبَةِ المُجْرِية؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للجُمَيْحِ الأَسَدِيّ وَاسْمُهُ مُنْقِذ:

أَمَّا إِذَا حَرَدَتْ حَرْدِي، فَمُجْرِيَةٌ ***ضَبْطاءُ، تَسْكُنُ غِيلًا غَيْرَ مَقْرُوبِ

الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِهِ عَلَى أَجْرٍ قَالَ: أَصله أَجْرُوٌ عَلَى أَفْعُلٍ، قَالَ: وَجَمْعُ الجِرَاء أَجْرِيَةٌ.

والجِرْوُ: وِعاءُ بِزْرِ الكَعابير، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِزر الكعابير التي في رؤوس العِيدان.

والجِرْوَة: النَّفْسُ.

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا وَطَّنَ نَفْسَه عَلَى أَمرٍ: ضَرَب لِذَلِكَ الأَمرِ جِرْوَتَه أَي صَبَر لَه ووَطَّنَ عَلَيْهِ، وضَرَب جِرْوَةَ نَفْسه كَذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

فضَرَبْتُ جِرْوَتها وقُلْتُ لَهَا: اصْبِري، ***وشَدَدتُ فِي ضَنْكِ المُقامِ إزَارِي

وَيُقَالُ: ضَرَبْتُ جِرْوَتي عَنْهُ وَضَرَبْتُ جِرْوَتي عَلَيْهِ أَي صَبَرْتُ عَنْهُ وَصَبَرْتُ عَلَيْهِ.

وَيُقَالُ: أَلقى فُلَانٌ جِرْوَته إِذَا صَبَر عَلَى الأَمر.

وَقَوْلُهُمْ: ضَرَبَ عَلَيْهِ جِرْوَته أَي وطَّن نَفْسَهُ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرٍو يُقَالُ ضَرَبْتُ عَنْ ذَلِكَ الأَمر جِرْوَتي أَي اطْمأَنَّت نَفْسِي؛ وأَنشد:

ضَرَبْتُ بأَكْنافِ اللِّوَى عَنْكِ جِرْوَتي، ***وعُلِّقْتُ أُخْرى لَا تَخُونُ المُواصِلا

والجِرْوَة: الثَّمَرَةُ أَوَّلَ مَا تَنْبُت غَضَّةً؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.

والجُرَاوِيُّ: ماءٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

أَلَا لَا أَرَى ماءَ الجُرَاوِيِّ شافِيًا ***صَدَايَ، وَإِنْ رَوَّى غَلِيلَ الرَّكائِب

وجِرْوٌ وجُرَيٌّ وجُرَيَّةُ: أَسماء: وَبَنُو جِرْوَة: بطنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يُقَالُ لَهُ جِرْوُ البَطْحاءِ.

وجِرْوَةُ: اسْمُ فَرَسِ شدّادٍ العَبْسيّ أَبي عَنْتَرَةَ؛ قَالَ شَدَّادٌ:

فَمنْ يَكُ سَائِلًا عَنِّي، فإنِّي ***وجِرْوَة لَا تَرُودُ وَلَا تُعارُ

وجِرْوَةُ أَيضًا: فَرَسُ أَبي قَتَادَةَ شَهِدَ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّرْحِ.

وجَرَى الماءُ والدمُ وَنَحْوُهُ جَرْيًا وجَرْيَةً وجَرَيَانًا، وَإِنَّهُ لحَسَنُ الجِرْيَةِ، وأَجْرَاه هُوَ وأَجْرَيْته أَنا.

يُقَالُ: مَا أَشدَّ جِرْيَةَ هَذَا الْمَاءِ، بِالْكَسْرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « وأَمسك اللَّهُ جِرْيَةَ الْمَاءِ »؛ هِيَ، بِالْكَسْرِ: حَالَةَ الْجَرَيَانِ؛ وَمِنْهُ: وعالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا الجِرْيَةَ.

وجَرَتِ الأَقْلامُ مَعَ جِرْيَةِ الْمَاءِ، كلُّ هَذَا بِالْكَسْرِ.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: « إِذَا أَجْرَيْتَ الماءَ عَلَى الماءِ أَجْزَأَ عَنْكَ »؛ يُرِيدُ إِذَا صَبَبْتَ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ فَقَدْ طَهُر المحلُّ وَلَا حَاجَةَ بِكَ إِلَى غَسْلِهِ ودَلْكه.

وجَرَى الفرسُ وغيرُه جَرْيًا وجِراءً: أَجْراه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

يُقَرِّبُه للمُسْتضيفِ، إِذَا دَعا، ***جِرَاءٌ وشَدٌّ، كالحَرِيقِ، ضَرِيجُ

أَراد جرْيَ هَذَا الرَّجُلِ إِلَى الحَرْب، وَلَا يَعْني فَرَسًا لأَن هُذَيْلًا إنَّما همْ عَراجِلَةٌ رَجّالة.

والإِجْرِيّا: ضَرْبٌ مِنَ الجَرْيِ؛ قَالَ: " غَمْرُ الأَجَارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجا وَقَالَ رُؤْبَةُ:

غَمْرُ الأَجارِيِّ كَرِيم السِّنْحِ، ***أَبْلَج لَمْ يُولَدْ بِنَجْمِ الشُّحِ

أَراد السِّنْخَ، فأَبدل الْخَاءَ حَاءً.

وجَرَت الشمسُ وسائرُ النجومِ: سَارَتْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ.

والجَارِيَة: الشَّمْسُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لجَرْيِها مِنَ القُطر إِلَى القُطْر.

التَّهْذِيبُ: والجَارِيَةُ عَيْنُ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها}.

والجَارِيَةُ: الرِّيحُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَيَوْمًا تَراني فِي الفَرِيقِ مُعَقَّلًا، ***وَيَوْمًا أُباري فِي الرِّيَاحِ الجَوَارِيَا

وَقَوْلُهُ تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ}؛ يَعْنِي النجومَ.

وجَرَتِ السفينةُ جَرْيًا كَذَلِكَ.

والجَارِيَةُ: السَّفِينَةُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ.

وَفِي التَّنْزِيلِ: {حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ}، وَفِيهِ: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها}؛ هُمَا مَصْدَرَانِ مِنْ أُجْرِيَتِ السفينةُ وأُرْسِيَتْ، ومَجْرَاها ومَرْساها، بِالْفَتْحِ، مِنْ جَرَتِ السفينةُ ورَسَتْ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:

وغَنِيتُ سَبْتًا قَبْلَ مَجْرَى داحِسٍ، ***لَوْ كَانَ للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ

ومَجْرَى داحِسٍ كَذَلِكَ.

اللَّيْثُ: الخَيْلُ تَجْرِي والرِّياح تَجْرِي والشمسُ تَجْرِي جَرْيًا إِلَّا الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَجْرِي جِرْيَةً، والجِرَاء لِلْخَيْلِ خَاصَّةً؛ وأَنشد: " غَمْر الجِرَاء إِذَا قَصَرْتَ عِنانَهُ وَفَرَسٌ ذُو أَجَارِيَّ أَي ذُو فُنون فِي الجَرْيِ.

وجَارَاه مُجَارَاةً وجِرَاءً أَي جَرَى مَعَهُ، وجَارَاه فِي الْحَدِيثِ وتَجَارَوْا فِيهِ.

وَفِي حَدِيثِ الرِّيَاءِ: « مَنْ طَلَبَ العِلْمَ ليُجَارِيَ بِهِ العُلَماءَ»؛ أي يَجْري مَعَهُمْ فِي المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ عِلْمَهُ إِلَى النَّاسِ رِيَاءً وسُمْعةً.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: تَتَجَارَى بِهِمُ الأَهْواءُ كَمَا يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحِبهِ "أَي يَتَواقَعُون فِي الأَهْواء الْفَاسِدَةِ ويَتَدَاعَوْنَ فِيهَا، تَشْبِيهًا بِجَرْيِ الْفَرَسِ؛ والكَلَب، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ مَعْرُوفٌ يَعْرِضُ للكَلْب فَمَنْ عَضَّه قَتَله.

ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الأَخفش والمَجْرَى فِي الشِّعْرِ حَرَكَةُ حَرْفِ الرَّوِيِّ فتْحَتُه وضَمَّتُه وكَسْرتُه، وَلَيْسَ فِي الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ مَجْرىً لأَنه لَا حَرَكَةَ فِيهِ فَتُسَمَّى مَجْرىً، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ مَجْرىً لأَنه مَوْضِعُ جَرْيِ حَرَكَاتِ الإِعراب وَالْبِنَاءِ.

والمَجَارِي: أَواخِرُ الكَلِم، وَذَلِكَ لأَن حَرَكَاتِ الإِعراب وَالْبِنَاءِ إِنَّمَا تَكُونُ هُنَالِكَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الصَّوْتَ يَبْتَدِئُ بالجَرَيان فِي حُرُوفِ الْوَصْلِ مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنك إِذَا قُلْتَ: " قَتِيلان لَمْ يَعْلم لَنَا الناسُ مَصْرَعا "فَالْفَتْحَةُ فِي الْعَيْنِ هِيَ ابْتِدَاءُ جَرَيَانِ الصَّوْتِ فِي الأَلف؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ: " يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّندِ "تَجِدُ كَسْرَةَ الدَّالِ هِيَ ابْتِدَاءُ جَرَيَانِ الصَّوْتِ فِي الْيَاءِ؛ وَكَذَا قَوْلُهُ: " هُرَيْرةَ ودِّعْها وإنْ لامَ لائِمُ "تَجِدُ ضَمَّةَ الْمِيمِ مِنْهَا ابتداءَ جَرَيانِ الصَّوْتِ فِي الْوَاوِ؛ قَالَ: فأَما قَوْلُ سِيبَوَيْهِ هَذَا بَابُ مَجارِي أَواخر الكَلِم مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَهِيَ تَجْرِي عَلَى ثَمَانِيَةِ مَجارٍ، فَلَمْ يَقْصُر المَجَارِيَ هُنَا عَلَى الْحَرَكَاتِ فَقَطْ كَمَا قَصَر الْعَرُوضِيُّونَ المَجْرَى فِي الْقَافِيَةِ عَلَى حَرَكَةِ حَرْفِ الرَّوِيِّ دُونَ سُكُونِهِ، لكنْ غَرَضُ صَاحِبِ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ مَجَارِي أَواخر الْكَلِمِ أَي أَحوال أَواخر الْكَلِمِ وأَحكامها والصُّوَرِ الَّتِي تَتَشَكَّلُ لَهَا، فَإِذَا كَانَتْ أَحوالًا وأَحكامًا فسكونُ السَّاكِنِ حَالٌ لَهُ، كَمَا أَن حَرَكَةَ الْمُتَحَرِّكِ حَالٌ لَهُ أَيضًا، فَمِنْ هُنَا سَقَط تَعَقُّبُ مَنْ تَتَبَّعه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ: كَيْفَ ذَكَرَ الْوَقْفَ وَالسُّكُونَ فِي المَجَارِي، وَإِنَّمَا المَجَارِي فِيمَا ظَنَّه الحركاتُ، وَسَبَبُ" ذَلِكَ خَفاءُ غَرَضِ صَاحِبِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَن يُسَلط الظنُّ عَلَى أَقل أَتباع سِيبَوَيْهِ فِيمَا يَلْطُفُ عَنْ هَذَا الجليّ الواضح فضلًا عنه نفسِه فِيهِ؟ أَفتراه يُرِيدُ الْحَرَكَةَ وَيَذْكُرُ السُّكُونَ؟ هَذِهِ غَباوة مِمَّنْ أَوردها وَضَعْفُ نَظَرٍ وَطَرِيقَةٌ دَلَّ عَلَى سُلُوكِهِ إِيَّاهَا، قَالَ: أَوَلَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْمُتَتَبِّعُ بِهَذَا الْقَدْرِ قولَ الْكَافَّةِ أَنت تَجْرِي عِنْدِي مَجْرَى فُلَانٍ وَهَذَا جارٍ مَجْرَى هَذَا؟ فَهَلْ يُرَادُ بِذَلِكَ أَنت تَتَحَرَّكُ عِنْدِي بِحَرَكَتِهِ، أَو يُرَادُ صُورَتُكَ عِنْدِي صُورَتُهُ، وحالُك فِي نَفْسِي ومُعْتَقَدِي حالُه؟ والجَارِيَة: عينُ كُلِّ حَيَوَانٍ.

والجَارِيَة: النِّعْمَةُ مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « الأَرْزاق جَارِيَةٌ والأَعطياتُ دارَّة مُتَّصِلَةٌ »؛ قَالَ شِمْرٌ: هُمَا وَاحِدٌ يَقُولُ هُوَ دَائِمٌ.

يُقَالُ: جَرَى لَهُ ذَلِكَ الشيءُ ودَرَّ لَهُ بِمَعْنَى دَامَ لَهُ؛ وَقَالَ ابنُ حَازِمٍ يَصِفُ امرأَة:

غَذَاها فارِضٌ يَجْرِي عَلَيْهَا، ***ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَمِنْهُ قَوْلُكَ أَجْرَيْتُ عَلَيْهِ كَذَا أَي أَدَمْتُ لَهُ.

والجِرَايَةُ: الجارِي مِنَ الْوَظَائِفِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا ماتَ الإِنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه إِلَّا مِنْ ثلاثٍ صَدَقةٍ جَارِيَةٍ »أَي دارَّة مُتَّصِلَةٍ كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبواب البِرِّ.

والإِجْرِيَّا والإِجْرِيَّاءُ: الوَجْهُ الَّذِي تأَخذ فِيهِ وتَجْرِي عَلَيْهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الثَّوْرَ:

ووَلَّى، كنَصْلِ السَّيْفِ، يَبْرُقُ مَتْنُه ***عَلَى كلِّ إجْرِيَّا يَشُقُّ الخَمائلا

وَقَالُوا: الكَرَمُ مِنْ إجْرِيَّاهُ وَمِنْ إِجْرِيَّائِه أَي مِنْ طَبيعته؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَذَلِكَ لأَنه إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ طَبْعِهِ جَرَى إِلَيْهِ وجَرَنَ عَلَيْهِ.

والإِجْرِيَّا، بِالْكَسْرِ: الجَرْيُ وَالْعَادَةُ مِمَّا تأْخذ فِيهِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

ووَلَّى بإجْرِيَّا وِلافٍ كأَنه، ***عَلَى الشَّرَفِ الأَقْصَى، يُساطُ ويُكْلَبُ

وَقَالَ أَيضًا:

عَلَى تِلْكَ إِجْرِيَّايَ، وَهِيَ ضَريبَتي، ***وَلَوْ أَجْلَبُوا طُرًّا عَلَيَّ وأَحْلَبُوا

وَقَوْلُهُمْ: فعلتُ ذَلِكَ مِنْ جَرَاكَ ومن جَرَائِكَ أَي مِنْ أَجلك لُغَةٌ فِي جَرَّاكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ: " فاضَتْ دُمُوعُ العينِ مِنْ جَرَّاها "وَلَا تَقُلْ مَجْراكَ.

والجَرِيُّ: الوكيلُ: الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

وَيُقَالُ: جَرِيٌّ بَيِّنُ الجَرَايَةِ والجِرَايَةِ.

وجَرَّى جَرِيًّا: وكَّلَه.

قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَقَدْ يُقَالُ للأُنثى جَرِيَّة، بِالْهَاءِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ أَجْرِياءُ.

والجَرِيُّ: الرَّسُولُ، وَقَدْ أَجْرَاه فِي حَاجَتِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:

تقَطَّعُ بَيْنَنَا الحاجاتُ، إلَّا ***حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مَعَ الجَرِيّ

وَفِي حَدِيثِ أُم إِسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: « فأَرْسَلُوا جَرِيًّا »أَي رَسُولًا.

والجَرِيُّ: الخادِمُ أَيضًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُوحَ، ***حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ

قَالَ: المُحْصَنُ: المُدَّخَرُ للجَدْب.

والجَرِيُّ: الأَجير؛ عَنْ كُرَاعٍ.

ابْنُ السِّكِّيتِ: إنِّي جَرَّيْتُ جَرِيًّا واسْتَجْرَيْتُ أَي وَكَّلْتُ وَكِيلًا.

وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنتَ الجَفْنةُ الغَرّاء، فَقَالَ قُولوا بقَوْلكم وَلَا يَستَجرِيَنَّكُم الشيطانُ »أَي لَا يَسْتَغْلِبَنَّكُم؛ كَانَتِ الْعَرَبُ تَدْعُو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لإِطعامه فِيهَا، وَجَعَلُوهَا غَرَّاءَ لِمَا فِيهَا مِنْ وَضَحِ السَّنامِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكم مِنَ الجَرِيِّ، وَهُوَ الْوَكِيلُ.

تَقُولُ: جَرَّيْتُ جَرِيًّا واسْتَجْرَيْتُ جَرِيًّا أَي اتَّخَذْتُ وَكِيلًا؛ يَقُولُ: تَكَلَّموا بِمَا يَحْضُركم مِنَ الْقَوْلِ وَلَا تتَنَطَّعُوا وَلَا تَسْجَعُوا وَلَا تَتَكَلَّفُوا كأَنكم وُكَلَاءُ الشَّيْطَانِ ورُسُلُه كأَنما تَنْطِقُونَ عَنْ لِسَانِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ وَلَمْ أَر الْقَوْمَ سَجَعُوا فِي كَلَامِهِمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ مَدَحُوا فكَرِهَ لَهُمُ الهَرْفَ فِي المَدْحِ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ تأْديبًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ النَّاسَ فِي وُجُوهِهِمْ، وَمَعْنَى لَا يَسْتَجْرِيَنَّكم أَي لَا يَسْتتبعنكم فَيَتَّخِذَكُمْ جَرِيَّه ووكِيلَه، وَسُمِّيَ الوكيلُ جَرِيًّا لأَنه يَجْري مَجْرَى مُوَكِّله.

والجَرِيُّ: الضامنُ، وأَما الجَرِيءُ المِقْدامُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْهَمْزِ.

والجارِيَةُ: الفَتِيَّةُ مِنَ النِّسَاءِ بيِّنةُ الجَرَايَة والجَرَاءِ والجَرَى والجِرَاء والجَرَائِيَةِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

أَبو زَيْدٍ: جَارِيَةٌ بَيِّنَة الجَرَايَةِ والجَرَاء، وجَرِيّ بيِّنُ الجَرَايَةِ؛ وأَنشد الأَعشى:

والبِيضُ قَدْ عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها، ***ونَشَأْنَ فِي قِنٍّ وَفِي أَذْوادِ

وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده والبيضِ، بالخفضِ، عَطَفَ عَلَى الشَّرْبِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ:

وَلَقَدْ أُرَجِّلُ لِمَّتي بعَشِيَّةٍ ***للشَّرْبِ، قَبْلَ سَنابِك المُرْتادِ

أَي أَتزين للشَّرْبِ وللبِيضِ.

وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَيام جَرَائها، بِالْفَتْحِ، أَي صِباها.

والجِرِّيُّ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ.

والجِرِّيَّة: الحَوْصَلة، وَمَنْ جَعَلَهُمَا ثُنَائِيَيْنِ فَهُمَا فِعْلِيٌّ وفِعْلِيَّة، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَلْقِه فِي جِرِّيَّتِكَ، وَهِيَ الحَوْصلة.

أَبو زَيْدٍ: هِيَ القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطَةُ لِحَوْصَلَةِ الطَّائِرِ؛ هَكَذَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ نَجْدَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وأَما ابنُ هَانِئٍ: فإِنه الجرِيئَةُ، مَهْمُوزٌ، لأَبي زيد.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


70-لسان العرب (رذي)

رذي: الرَّذِيُّ: الَّذِي أَثقَلَه المَرَض، وَقَدْ رَذِيَ وأُرْذِيَ.

والرَّذِيُّ مِنَ الإِبل: المهزُولُ الهالِكُ الَّذِي لَا يَستطيعُ بَراحًا وَلَا يَنبَعِث، والأُنْثَى رَذِيَّة.

وَفِي الصِّحَاحِ: الرَّذِيَّة النَّاقَةُ الْمَهْزُولَةُ مِنَ السَّيْرِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: هِيَ الْمَتْرُوكَةُ الَّتِي حسَرَها السفَرُ لَا تَقْدِرُ أَن تَلْحَق بِالرِّكَابِ.

وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ: « فَلَا يُعْطِي الرَّذِيَّةَ وَلَا الشّرَطَ اللّئِيمَة »أَي الهَزيلَة.

والرَّذِيُّ: الضَّعِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ رَذَايَا ورُذَاةٌ؛ الأَخيرة شاذَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَسَى أَن يَكُونَ عَلَى تَوَهُّمِ رَاذٍ، وَقَدْ رَذِيَ يَرْذَى رَذَاوَةً، وَقَدْ أَرْذَيْتُه.

الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ أَرْذَيْت نَاقَتِي إِذَا هَزَلْتها وخَلَّفْتها.

والمُرْذَى: المَنْبُوذ، وَقَدْ أَرْذَيْتُه.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الأَكوع: « ف أَرْذَوْا فَرَسَيْنِ فأَخذتُهُما» أَي تركوهُما لضَعْفِهِما وهُزالِهِما، وَرُوِيَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الرَّدَى الهَلاكِ أَي أَتْعَبُوهما وخَلَّفوهما، وَالْمَشْهُورُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وقضَيْنا عَلَى هَذَا بِالْوَاوِ لِوُجُودِ رَذَاوَةٍ.

وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: « فَقَاءَهُ الحُوتُ رَذِيًّا».

ابْنُ الأَعرابي: الرَّذِيُّ الضَّعِيفُ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

يَأْوِي إِلَى الأَطنابِ كُلُّ رَذِيَّةٍ ***مِثلِ البَلِيّةِ، قالِصًا أهدامُها

أَراد: كلُّ امرأَة أَرْذاها الجوعُ والسُّلالُ؛ والسُّلالُ: داءٌ باطِنٌ ملازِمٌ للجَسَدِ لَا يَزَال يَسُلُّه ويُذِيبُه.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


71-لسان العرب (شقا)

شقا: الشَّقاءُ والشَّقَاوَةُ، بِالْفَتْحِ: ضدُّ السَّعَادَةِ، يُمَدُّ ويُقْصَرُ، شَقِيَ يَشَقَى شَقًا وشَقاءً وشَقَاوةً وشَقْوةً وشِقْوَةً.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا}؛ وَهِيَ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ وأَهل الْمَدِينَةِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهِيَ كثيرةٌ فِي الْكَلَامِ، " وقرأَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَقاوَتُنا "؛ وأَنشد أَبو ثَرْوَانَ:

كُلِّفَ مِنْ عَنائهِ وشِقْوَتِهْ ***بِنتَ ثَمَانِيَ عَشْرَةٍ مِنْ حِجَّتِهْ

وقرأَ قَتَادَةُ: شِقاوتُنا، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ لُغَةٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ بِالْوَاوِ لأَنه بُنِي عَلَى التأْنيث فِي أَوَّلِ أَحواله، وَكَذَلِكَ النهايةُ فَلَمْ تَكُنِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ حَرْفَيْ إِعْرَابٍ، وَلَوْ بُنِيَ عَلَى التَّذْكِيرِ لَكَانَ مَهْمُوزًا كَقَوْلِهِمْ عَظاءةٌ وعَباءَةٌ وصَلاءَة، وَهَذَا أُعِلَّ قبلَ دُخولِ الْهَاءِ، تَقُولُ: شَقِيَ الرجلُ، انْقَلَبَتِ الواوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قبلَها، ويَشْقَى انقَلبتْ فِي الْمُضَارِعِ أَلِفًا لِفَتْحَةِ مَا قبلَها، ثُمَّ تقولُ يَشْقَيانِ فيكونانِ كَالْمَاضِي.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}؛ أَراد: كنتُ مُسْتَجابَ الدَّعْوة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مَنْ دَعاكَ مخلِصًا فَقَدْ وَحَّدَكَ وعَبَدَك فَلَمْ أَكنْ بعِبادَتِكَ شَقِيًّا؛ هَذَا قولُ الزَّجَّاجِ.

وشَاقَاهُ ف شَقَاهُ: كَانَ أَشَدَّ شَقَاءً مِنْهُ.

وَيُقَالُ: شَاقَانِي فُلَانٌ فشَقَوْته أَشْقُوه أَي غَلَبْته فِيهِ.

وأَشْقَاه" اللهُ، فَهُوَ شَقِيٌّ بيِّنُ الشِّقْوَة، بِالْكَسْرِ، وفتحُه لُغَةٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ: « الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بطْنِ أُمِّه »، وَقَدْ تكَرَّرَ ذِكْرُ الشَّقِيِّ والشَّقَاءِ والأَشقِياء فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ ضِدُّ السَّعِيد والسُّعداءِ والسَّعادةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَدَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ خِلْقَته أَن يَكُونَ شَقِيًّا فَهُوَ الشَّقِيُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لَا مَنْ عَرَض لَهُ الشَّقاء بعدَ ذَلِكَ، وَهُوَ إِشارة إِلى شَقاءِ الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا.

وشَاقَيْت فلانًا مُشَاقَاةً إِذا عاشَرْتَه وعاشَرَك.

والشَّقَاءُ: الشِّدةُ والعُسْرةُ.

وشَاقَيْته أَي صابَرْته؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

إِذا يُشاقي الصَّابِراتِ لَمْ يَرِثْ، ***يكادُ مِنْ ضَعْف القُوى لَا يَنْبَعِثْ

يَعْنِي جَمَلًا يصابرُ الجِمالَ مَشْيًا.

وَيُقَالُ: شَاقَيْتُ ذَلِكَ الأَمر بِمَعْنَى عانيْتُه.

والمُشَاقَاةُ: المُعالَجة فِي الحرْب وَغَيْرِهَا.

والمُشَاقَاةُ: المُعاناةُ: والمُمارسَةُ.

والشَّاقي: حَيْدٌ مِنَ الجَبل طويلٌ لَا يُسْتَطاع ارْتِقاؤُه، والجمْعُ شُقْيَانٌ.

وشَقَا نابُ البَعِيرِ يَشْقَى شَقْيًا: طَلع وظَهَر كشَقَأَ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


72-أساس البلاغة (بعث)

بعث

بعث الله الرسول إلى عباده، وابتعثه. ومحمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير مبعوث، ومبتعث. وفي حديث المبعث كذا. وبعثه من منامه، وبعثه على الأمر. وتواصوا بالخير وتباعثوا عليه. وبعثه لكذا فانبعث له. و «كره الله انبعاثهم فثبطهم» وفلان كسلان لا ينبعث. وبعث الشيء وبعثره: أثاره. قال:

فبعثها تقص الإكام

وفلان يكره الانبعاث، كأنما بعث ليوم بعاث وهو يوم بين الأوس والخزرج. ويوم البعث: يوم يبعثنا الله تعالى من القبور. ورجل بعث: لا يزال ينبعث من نومه. قال حميد بن ثور:

يهوي بأشعث قد وهى سرباله *** بعث تؤرقه الهموم فيسهر

وضرب البعث عليهم. وخرج في البعوث وهم الجنود يبعثون إلى الثغور.

أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م


73-أساس البلاغة (كلل)

كلل

كلّ الإنسان والدابّة كلالًا وكلالةً، وهو كال مكل: كلت دوابّه، وأكلّ دابته. وكلّ السيف كلولًا وكلّةً. وكلّله: ألبسه الإلكليل وهو عصابة مزيّنة بالجواهر. وانكلّت المرأة: ضحكت. قال الأعشى:

وتنكلّ عن مشرقٍ باردٍ *** كشوك السّيال أسفّ النؤورا

وهو كلّ عليه.

ومن المجاز: كل بصره ولسانه كلّةً، وهو كلة، وهو كليل البصر واللسان. وكلّ عن الأمر: ثقل عليه فلم ينبعث فيه. وكلّ فلان كلالة إذا لم يكن ولدًا ولا والدًا أي كلّ عن بلوغ القرابة المماسة. قال الطرمّاح يصف الثور:

يهز سلاحًا لم يرثه كلالة *** يشك به منها غموض المغابن

وكلّل عن القتال: نكل. وانطلق مكلّلًا: ذهب لا يبالي بما وراءه. وكلّل على القوم: حمل عليهم. يقال: كلّل تكليلة السبع. وقال أبو زبيد الطائيّ:

فأجمرت حرجٌ خوصاء ناجية *** وأيقنت أنه إذ كلل السبع

أي أنه وقت تكليله. وجفنة مكلّلة بالسّديف، وجفان مكللات. وروضة مكلّلة: محفوفة بالنور. وتكلّلوه: أحدقوا به. وألقى عليه الدهر كلكله، وانكلّ السحاب واكتلّ: ضحك بالبرق.

أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م


74-مقاييس اللغة (لح)

(لَحَّ) اللَّامُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مُلَازَمَةٍ وَمُلَازَّةٍ.

يُقَالُ: أَلَحَّ عَلَى الشَّيْءِ إِلْحَاحًا، إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْتُرْ.

وَيُقَالُ: لَحِحَتْ عَيْنُهُ، إِذَا الْتَصَقَتْ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ ابْنُ عَمِّهِ لَحًّا، أَيْ لَاصِقَ النَّسَبِ.

وَالْمِلْحَاحُ: الْقَتَبُ يَعَضُّ عَلَى غَارِبِ الْبَعِيرِ.

وَيُقَالُ أَلَحَّ السَّحَابُ، إِذَا دَامَ مَطَرُهُ.

وَقَالَ فِي الْقَتَبِ:

أَلَحَّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ قَتَبٌ عُقَرْ.

وَيُقَالُ: تَلَحْلَحَ الْقَوْمُ، إِذَا أَقَامُوا مَكَانَهُمْ لَمْ يَبْرَحُوا.

قَالَ:

أَقَامُوا عَلَى أَثْقَالِهِمْ وَتَلَحْلَحُوا.

وَيُقَالُ: مَكَانٌ لَاحٌّ: ضَيِّقٌ.

وَرَحًى مِلْحَاحٌ عَلَى مَا تَطْحَنُهُ.

وَيُقَالُ: أَلَحَّ الْجَمَلُ، كَمَا يُقَالُ خَلَأَتِ النَّاقَةُ، وَحَرَنَ الْفَرَسُ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكَدْ يَنْبَعِثُ.

مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م


75-مقاييس اللغة (نهر)

(نَهَرَ) النُّونُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَفَتُّحِ شَيْءٍ أَوْ فَتْحِهِ.

وَأَنْهَرْتُ الدَّمَ: فَتَحْتُهُ وَأَرْسَلْتُهُ.

وَسُمِّيَ النَّهْرَ لِأَنَّهُ يَنْهَرُ الْأَرْضَ أَيْ يَشُقُّهَا.

وَالْمَنْهَرَةُ: فَضَاءٌ يَكُونُ بَيْنَ بُيُوتِ الْقَوْمِ يُلْقُونَ فِيهَا كُنَاسَتَهُمْ.

وَجَمْعُ النَّهْرِ أَنْهَارٌ وَنُهُرٌ.

وَاسْتَنْهَرَ النَّهْرُ: أَخَذَ مَجْرَاهُ.

وَأَنْهَرَ الْمَاءُ: جَرَى.

وَنَهْرٌ نَهِرٌ: كَثِيرُ الْمَاءِ.

قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:

أَقَامَتْ بِهِ فَابْتَنَتْ خَيْمَةً *** عَلَى قَصَبٍ وَفُرَاتٍ نَهِرْ

وَمِنْهُ النَّهَارُ: انْفِتَاحُ الظُّلْمَةِ عَنِ الضِّيَاءِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَيَقُولُونَ: إِنَّ النَّهَارَ يُجْمَعُ عَلَى نُهُرٍ.

وَرَجُلٌ نَهِرٌ: صَاحِبُ نَهَارٍ كَأَنَّهُ لَا يَنْبَعِثُ لَيْلًا.

قَالَ:

لَسْتُ بِلَيْلِيٍّ وَلَكِنِّي نَهِرْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: النَّهَارُ: فَرْخُ بَعْضِ الطَّيْرِ، فَهُوَ مِمَّا [لَا] يُعَرَّجُ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ.

مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م


76-تهذيب اللغة (حب)

حب: قال الليثُ: الحَبُ معروف مستعملٌ في أشياءَ جَمَّة من بُرٍّ وشَعِيرٍ حتى يقولوا حبَّةُ عِنَبٍ ويجمعُ على الحُبُوبِ والحبَّات والحَبّ.

وجاء في الحديث: «كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّة في حَمِيلِ السَّيْلِ».

قالوا: الحِبَّةُ إذا كانت حبوبٌ مختلفةٌ من كلِّ شيء.

ويقال لِحَبِ الرَّياحين حِبَّة وللواحدةِ منها حَبَّة.

وقال أبو عُبَيْد: قال الأصمعيُّ: كلُّ نَبتٍ له حبٌ فاسمُ الحبِ منه الحِبَّة، وقال الفرّاء: الحِبَّة: بزُورُ البَقْل.

وقال أبو عمرو: الْحِبَّة: نبْتٌ ينبت في الحشيش صِغار.

وقال الكسائي: الْحِبّة: حَبُ الرياحين، وواحدة الْحِبَّة حبّة، قال: وأما الْحِنطة ونحوها فهو الْحَب لا غير.

شمِر عن ابن الأعرابي: الحِبّة: حَبُ البَقْل الذي يَنتثِر، قال: والحَبَّة: حَبَّة الطعام: حَبَّةٌ من بُرٍّ وشعير وعَدَس ورُزّ وكل ما يأكله الناس، قُلت أنا: وسمعت العرب تقول: رَعَينا الحِبّة وذلك في آخر الصيف إذا هاجت الأرض ويَبِس البقل والعُشب وتناثرت بزورها وورقُها وإذا رَعَتها النّعم سَمِنت عليها: ورأيتهم يُسَمون الحِبّة بعد انتثارها القَميم والقَفّ، وتمام سِمَن النَّعَم بعد التَّبَقُّل ورَعْي العُشب يكون بِسَفّ الحِبَّة والقَميم ولا يقع اسم الحِبَّة إلا على بُزُور العُشب والبُقول البريّة وما تناثر من ورقها فاختلط بها من القُلْقُلَان والبَسباس والذُّرَق والنَّفَل والمُلّاح وأصناف أحرار البُقول كلها وذُكورها.

وقال الليث: حَبَّة القلب: ثَمَرَتُه وأنشد:

* فأصَبْتُ حَبَّةَ قلبها وطِحالَها*

قلت: وحَبَّة القلب هي العَلَقَة السوداء التي تَكونُ داخل القلب، وهي حَمَاطة القلب أيضًا.

يُقال: أصابت فُلَانة حَبَّة قَلْب فُلان إذ شَغَفَ قَلبَه حُبُّها.

وقال أبو عَمْرو: الْحَبّة وَسَط القلب.

الليثُ: الحُبُ: نقيضُ البُغض، قالَ وتقول: أحبَبْتُ الشيء فَأنا مُحِبٌ وَهو مُحَبٌ.

أبو عُبَيد عن أبي زَيد: أحَبَّه الله فهو مَحْبوبٌ، قال ومِثله محزونٌ ومجنونٌ ومَزكومٌ ومَكزوز ومقرور: وذلك أنهم يَقولون: قد فُعِل بغِر ألفٍ في هذ كلِّه ثم بني مفعولٌ على فُعِل وإلا فلا وجه له، فإذا قالوا: أَفْعَلَهُ الله فهو كله بالألِفِ.

قُلْتُ: وقد جاء المُحَبُ شاذًّا في الشِّعْر، ومنه قول عَنترة:

ولقد نَزَلْتِ ـ فلا تظُنِّي غيره *** مِنّي بمَنزلة المُحَبّ المُكْرَمِ

وقال شَمِر: قال الفرّاء: وحَببته لُغةٌ وأنشد البيت:

فوالله لَوْلَا تَمْرُه ما حَبَبته *** ولا كان أَدْنى من عُبَيْد ومُشْرِقِ

قال: ويُقال: حُبّ الشيءُ فهو مَحْبوب ثم لا تقول حَبَبْتُه كما قالوا: جُنَّ فهو مجنون، ثم يقولون: أَجَنّه الله.

الليث: حَبّ إلينا هذا الشيء وهو يَحَبُ إلينا حُبًّا وأنشد:

دَعانا فَسَمَّانا الشِّعار مُقدِّمًا *** وحَبَ إلينا أن نكون المُقَدَّما

ثَعلب عن ابن الأعرابي: حُبَ إذا أُتعِب، وحَبَ إذا وقف، وحَبّ إذا تودد.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي: حَبَ بفُلَان معناه ما أحَبَّه إلَيّ، وقال الفرّاء: معناه حَبُبَ بفلان ثم أُدْغِم، وأنشد الفرّاء:

وزاده كلفًا في الحُبّ أَن مَنَعَت *** وَحَبّ شيئًا إلى الإنسان ما مُنِعا

قال: وموضع ما رَفْعٌ، أراد حَبُبَ فأدغَم وأنشد شَمِر:

* ولحَبَ بالطَّيْف المُلِمّ خَيالا*

أي: ما أَحبَّه إلَيّ أي أحبْبِ به.

أبو عُبيد عن الأصمعي: الْحُبابُ: الْحَيّة، قال: وإنما قيل الحُباب اسم شَيْطان [لأن الحية يقال لها شَيطان].

ويُقال للحَبيب: حُبابٌ مخفَّف، قاله ابن السكيت، وروى أبو عبيد عن الفراء مثله.

وقال اللَّيثُ: الْحِبَّةُ والحِبُ بمنزلة الْحَبيبة والحَبيبِ قال: والمَحَبَّة: الحُبُ.

وقال الليث: حَبَابك أَن يكون ذلك، معناه: غايةُ مَحَبَّتِك.

أبو عبيد عن الأصمعيِّ: حَبَابكَ أن تَفْعلَ ذاك معناه غايةُ محبَّتك ومثله: حُمَاداكَ أي جُهْدُك وغايتك.

اللَّيث: حَبَّان وَحِبَّانُ لُغَةٌ: اسمٌ موضوعٌ من الحُبِ.

قال: والحُبُ: الْجَرَّةُ الضخمة والجميع الْحِبَبةُ والحِبَابُ.

قال: وقال بعضُ الناس في تفسير الْحُبِ والكَرامةِ، قال: الْحُبُ: الْخَشباتُ الأربعُ التي توضع عليها الْجَرَّةُ ذاتُ الْعُرْوَتَيْن، قال والكرامة الغطاء الذي يوضع فوق تلك الجِرَّةِ من خشب كان أو من خَزَفٍ، قال الليثُ: وسمعت هاتين الكلمتين بِخُرَاسَانَ.

قال وأما حَبَّذَا فإنه حَبَ ذَا فإذا وصلْتَ رَفَعْتَ به، فقلتُ حبذا زَيدٌ.

قال: والْحِبُ: القُرْطُ من حَبَّة واحدة وأنشد:

تبيتُ الحَيَّةُ النِّضْنَاضُ منه *** مَكان الْحِبِ يستمِعُ السِّرَارَا

قلتُ: وفسَّر غيْرُه الْحِبَ في هذا الْبيتِ الْحَبِيبَ وأَرَاهُ قولَ ابنِ الأعْرَابيِّ.

وحَبابُ الماءِ: فَقاقِيعُه التي تَطْفُو كأَنَّهَا الْقوارِيرُ، ويقال: بل حَبابُ الماءِ: مُعْظَمُه، ومنه قول طَرَفَةَ:

يَشُقُ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بها *** كَمَا قسمَ التُّرْبَ المُفَايِلُ بالْيَدِ

وقال شمر: حَبَابُ الْماء: مَوْجُه الذي يتْبَعُ بعضُه بعضًا قاله ابن الأعرابي.

وأنشد شمر:

* سُمُوَّ حَبَابِ الماءِ حَالًا عَلَى حَال*

وقال: قال الأصمعيُّ: حَبابُ الماء:

الطَّرَائِقُ التي في الماء كأَنَّها الْوَشْيُ، وقال جَريرٌ:

* كَنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الْحَبَابا*

وقال: الْحَبَابُ: الطَّرَائِقُ، وقال ابن دُريد: الحبَبُ: حَبَبُ الماء، وهو تَكَسُّرُه وهو الحَبَابُ.

وأَنْشَد اللّيثُ:

كَأَنَّ صَلَا جَهِيزَةَ حين تَمْشِي *** حَبَابُ الماء يَتَّبِعُ الْحَبَابَا

شَبَّه مآكَمَها بالحَبَابِ الذي كأنه دَرَجٌ ولم يُشَبِّهْهَا بالْفَقاقِيع.

قال: وحَبَبُ الأسْنانِ: تَنَضُّدُها وأنشد:

وإذا تضحك تُبْدِي حَبَبًا *** كأَقَا حي الرَّمل عَذبًا ذَا أُشُرْ

وقال غيره: حَبَبُ الْفَمِ: ما يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ عَلَى الأَسْنَانَ.

وقال الليث: نَارُ الحُبَاحِب هو ذُبابٌ يطير بالليل لَهُ شُعاعٌ كالسِّراج، ويقال: بل نار الحُباحب: ما اقْتَدَحْتَ من الشَّرارِ من النَّارِ في الهواء من تَصادُمِ الحجارة، وَحَبْحَبَتُها: اتِّقَادُها، وقال الفرَّاء: يقال للخيل إذا أَوْرَتِ النار بِحوافِرِها هي نار الحُباحِب، قال: وقال الْكَلْبِيّ: كَان الْحُبَاحِبُ رَجلًا من أحياءِ العرب، وكَان من أبخل الناس فبَخِل حتى بلغ به البخل أنه كان لا يُوقِدُ نارًا بِلَيل إلا ضعيفة فإذا انتبه منتبه ليقتبس منها أَطْفَأَها: فكذلك ما أَوْرَتِ الخيل لا يُنتفع به كما لا يُنتفع بنار الْحبَاحِبِ.

وقال أبو طالب: يحكى عن الأعراب: أنَ الْحُباحِبَ طائرٌ أطول من الذباب في دِقَّة ما يَطِيرُ فيما بين المغرب والعِشاء كأَنَّه شَرارَةٌ قلت: وهذا معروف.

أبو العبَّاس عن ابنِ الأعْرَابي: إبِلٌ حَبْحَبَةٌ: مَهَازيلُ.

قال: ومن حَبْحَبَه نارُ أبي حُبَاحب.

وأنشد:

يَرَى الرَّاؤُون بِالشَّفَرَاتِ مِنْها *** وقُودَ أَبي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا

وقال الليث: الحَبْحَابُ: الصغير الجسم.

سلمة عن الفراء قال: الحَبْحَبِيُ: الصغير الجسم.

ابن هانىء: من أمثالِهم: «أهلكتَ من عشرٍ ثَمَانِيًا وجِئتَ بسائرِها حَبْحَبَةً» يقال عند المَزْرِيَةِ عَلَى المِتْلَافِ لِمَالِهِ، قال: والحَبْحَبَةُ تقع موقع الجماعة.

ثعلب عن ابن الأعرابي: حُبَ إذا أُتْعِبَ، وحَبَ إذا وقف.

أبو عبيد عن أبي زيد: بَعِيرٌ مُحِبٌ وقد أَحَبَ إحْبَابًا وهو أن يصيبَه مرضٌ أو كسر

فلا يَبْرَحُ مكانه حتى يبرأ أو يموت.

قال: والإحْبَابُ: هو البُرُوكُ.

وقال أبو الهَيْثَمِ: الإحْبَاب: أن يُشرفَ البَعِيرُ عَلَى الموتِ من شِدَّة المرضِ فَيَبْرُكَ ولا يقدرَ أن يَنْبَعِثَ وقال الرَاجزُ:

ما كَان ذنبي في مُحِبٍ بَارِكْ *** أَتَاهُ أَمْرُ الله وهو هَالِكْ

أبو العباس عن ابن الأعرابي: أَوّلُ الرِّيِ التَّحَبُّبُ.

وقال الأصمعيُّ: تَحَبَّبَ إذا امْتَلأ، وكذلك قال أبو عمرو.

قال: وحَبَّبْتُه فَتَحَبَّبَ إذا ملأتَهُ لِلسِّقاء وغيره.

اللَّحياني: حَبْحَبْتُ بالْجَمَل حِبْحَابًا، وحَوَّبْتُ بِه تَحْوِيبًا إذا قلت لَهُ: حَوْبُ حَوْب وهو زَجْر.

أبو عَمْرو: الحَبَابُ: الطَّلُّ عَلَى الشَّجَرِ يُصْبِحُ عليه.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


77-تهذيب اللغة (شقا)

شقا: قال الليث: يقال: شَقِيَ شَقاءً وشقاوة وشِقْوة.

وقال غيره: شاقَيْتُ فلانًا مُشاقاة: إذا عاشرتَه وعاشَرَك.

والشَّقاء: الشدّة والعُسْر، وشاقيتُهُ، أي: صابَرْتُه.

وقال الراجز:

إذا يُشاقِي الصّابراتِ لَم يَرِثّ *** يَكادُ مِن ضَعْف القُوَى لا يَنْبعِثْ

يعني جَمَلًا يُصابِر الجَمالِ مَشْيًا.

ويقال: شاقيتُ ذلك الأمرَ بمعنى عانَيتُه.

وقال الله جلّ وعزّ: {قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا} [المؤمنون: 106]، وهي قراءة عاصم وأهلِ المدينة.

قال الفراء: وهي كثيرةٌ في الكلام.

وقرا ابن مسعود: (شَقَاوَتَنا).

قال: وأنشدني أبو ثرْوان:

كلِّف مِن عَنائه وشِقْوتِهْ *** بنتَ ثماني عَشْرةٍ من حجَّته

عمرو عن أبيه قال: المُشاقاة: المعالَجة في الحَرْب وغيرها.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


78-تهذيب اللغة (ثفل)

ثفل: قال اللَّيْثُ: الثَّفْل: نَثْرَك الشيء كُلّه بمَرّة.

والثُّفْلُ: ما رَسَب خُثارته وعَلا صَفْوه من الأشْياء كُلّها.

ثُفْل القِدْر؛ وثُفْل الْحَبّ، ونحوه.

قلت: وأهل البَدو إذا أصابوا من اللَّبن ما يَكْفيهم لقُوتهم فهم مُخْصبون لا يختارون عليه غِذَاء مِن تَمر وزَبيب أو حَبّ؛ فإذا أَعوزهم اللّبَنُ وأصابوا من الحَبّ والتَّمر ما يَتَبَلّغون به فهم مُثافلون.

ويُسمون كُلَ

ما يُؤْكل من لَحم أو خُبز أو تمر ثُفْلًا.

ويُقال: بَنُو فلان مُثافلون، وذلك أشَدّ ما تكون حالُ البدويّ.

أبو عُبَيد: وغيره: الثِّفَال: الجِلْد الذي يُبْسط تحت رَحَا اليَد لِيَقيَ الطَّحِينَ من التُّراب؛ ومنه قولُ زُهير يَصف الْحَرب:

فَتَعْرككم عَرْكَ الرَّحَا بثِفَالِها *** وتَلْقَح كِشَافًا ثم تُنْتَجْ فَتُتْئِم

أبو عُبيد: سَمِعْتُ الكِسائي يقول: بعير ثَفَالٌ: أي بَطِيء.

قلت: وفي حَديث حُذيفة أنه ذكر فتنةً فقال: تكون فيها مِثل الجَمل الثَّفَال الذي لا يَنْبَعث إلا كَرْهًا.

وفي حديث ابن عُمر: أنه أَكل الدَّجْرَ، وهو اللُّوبِياء.

ثم غَسَل يده بالثِّفَال.

قال ابن الأعرابيّ: الثِّفَال: الإبْريق.

أبو تُراب، عن بعض بني سُليم: في الغِرارة ثُفْلة من تَمْر، وثُمْلة مِن تَمْر، أي بقيَّة منه.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


79-القانون (تحكمي؛ تعسفي؛ تقديري)

تحكمي؛ تعسفي؛ تقديري: ينبعث عن هوى أو استبداد في الرأي.

المعجم القانوني (الفاروقي)


80-القانون (غموض خارجي)

غموض خارجي: لا ينبعث عن نصوص العقد أو المحرر بل ينشأ عن مسألة فرعية أو ناحية أخرى لم ترد فيه.

المعجم القانوني (الفاروقي)


81-القانون (خلل عصبي)

خلل عصبي: ينبعث غالبًا من خوف شديد مباغت أو مفاجآت فاجعة أو بالغة الإثارة ولا يتأتى مبدئيًا عن أي تغيير عضوي.

المعجم القانوني (الفاروقي)


82-القانون (إهمال مفتعل)

إهمال مفتعل: ينبعث عن تصميم المهمل على أن لا يبذل ما ترتب عليه من عناية أو تحوط في الظروف الراهنة.

المعجم القانوني (الفاروقي)


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com