نتائج البحث عن (يَنْكَسِرُ)
1-العربية المعاصرة (قاد)
قادَ يَقِيد، قِدْ، قَيْدًا، فهو قائِد، والمفعول مَقِيد.* قاد السَّجينَ بالسَّلاسِل: جعلها في رِجله (قادَ الحمارَ بالحبل).
تقيَّدَ/تقيَّدَ ب/تقيَّدَ في يتقيَّد، تقيُّدًا، فهو مُتقيِّد، والمفعول مُتقيَّدٌ به.
* تقيَّد العَقْدُ: التزم بشروط معيَّنة (تقيَّد بعقد عمل).
* تقيَّد بالأمر: حافظ عليه بدقَّة ولم يَحِدْ عمّا يجب عليه مُراعاته (تقيّد بالقَسَم/بوعد/بقرار/بالأنظمة/بالأوامر/بالتعليمات/بالقوانين/بمعتقداته الدينيّة).
* تقيَّد الطَّالبُ في الجامعة: سجّل اسْمَهُ بها.
قيَّدَ يُقيِّد، تقييدًا، فهو مُقيِّد، والمفعول مُقيَّد.
* قيَّد الحِمارَ: ربطه بقيْد (قيّد حُرّيتَه/السجينَ- قيّد لسانك قبل أن يقيدك- قيّد شخصًا بوقت أو بمكان معيّن) (*) قَيّد فلانًا بالإحسان: ملك قلْبَه به.
* قيَّد اسمَه: سجّله (قيَّد اسمَه في قائمة الناخبين- قيَّد الفكرةَ في الكتاب: أثبتها وضبطها- قيّدوا نعم الله بالشكر- قيِّدوا العلمَ بالكتابة- قَيَّد الحسابَ: رقمه).
* قيَّد العقدَ بشروط: حدّده بها.
قِياد [مفرد]: جمعه أَقْوِدة: (انظر: ق و د - قِياد).
قَيْد [مفرد]: جمعه قُيُود (لغير المصدر):
1 - مصدر قادَ (*) قيد الإعداد/قيد البحث: تحت الإعداد/البحث- قَيْد الدَّرس: تحت الدَّرس.
2 - حَبْل ونحوه يُجعل في رِجْل الدَّابّة وغيرها فيمسكها، كلّ ما يمنع التَّصرُّف (قَيْدٌ من حديد- لا أحد يحب قيودَه ولو كانت من ذهب- ولا بد لليل أن ينجلي.. ولا بد للقَيْد أن ينكسر) (*) رسَف في القيود: مشى يجر قيودَه- فلانٌ ما زال على قيد الحياة/فلانٌ ما زال بقيد الحياة: لم يَمُت.
3 - إجْراء يَفْرِضُه القانون (قيود الانتخاب- موقوف قيد المحاكمة- فلان قيد الإقامة الجبريّة) (*) بدون قَيْد ولا شرْط: بصورة مطلقة- على قَيْد البصر: يمكن رؤيته بسهولة.
4 - تقييد، تسجيل وإثبات في ورقة أو دفتر أو كتاب (ساقط قَيْد).
5 - قَدْر (بينهما قيْد رمح- قيد أنملة- لا يفارقه قيد خطوة- هو مني قيد رحم) (*) على قَيْد أنملة: قريب جدًّا، ميسور، سهل- قَيْد الأسنان: اللّثة- قيد النظر: موضوع درس ومراجعة- قَيْد شَعْرَة: قدر شعرة، مسافة ضئيلة.
قِيد [مفرد]: قَدْر، مقدار (لم يتزحزح عن رأيه قِيد شعرة- {فَكَانَ قِيْدَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [قرآن]).
مُقيَّد [مفرد]: اسم مفعول من قيَّدَ.
* الشِّعر المُقيَّد: [في الآداب] الشِّعر الجاري على أوزان البحور القديمة أو المستحدثة الخاضعة لقواعد العروض والقافية، كما هو الحال في الشّعر العربيّ، ويقابله الشِّعر المرسَل، وهو الذي لا يخضع لنظم ولا قواعد معيَّنة.
* القافية المُقيَّدة: [في العروض] غير الموصولة، أي التي ليس فيها حرف لين ناشئ عن إشباع حركة الرويّ.
مُقَيِّد [مفرد]: جمعه مقيّدون (للعاقل) ومقيّدات (لغير العاقل): اسم فاعل من قيَّدَ.
* المقيِّد النَّحويّ: [في النحو والصرف] حرف أو كلمة أو جملة أو شبه جملة يحدِّد ويبيِّن المعنى ويزيد فيه شيئًا جديدًا.
* قاعدة مقيِّدة: [في القانون] قاعدة لهيئة تشريعيّة تمنع تداول أو نقاش موضوع معيّن.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (كسر)
كسَرَ يَكسِر، كسْرًا، فهو كاسِر، والمفعول مَكْسور وكَسِير.* كسَر الشّخصُ الزّجاجَ: حوَّله إلى قطع صغيرة بفِعل ضربة أو صَدْمة أو شدٍّ أو ضَغْط، هشّمه وفرّق بين أجزائه (كسَر غطاءَ صندوق: شَقَّه بضَرْبة أو صَدْمة- كسَر صُندوقًا حديديًّا: فتحه عَنوة- كسَر قُفْلَ الباب: فتحه عَنوة، خلعه- كسَر ذراعَه: فكَّ مَفْصله) (*) كسَر الصَّمْتَ: تحدّث بعد سُكوت- كسَر العطشَ: أروى- كُسِر بينهم رُمح: نشبت الحربُ بينهم- كسَر حاجزَ الخوف: جرؤ وتشجَّع- كسَر قلبَه: آلمه- كسَر من حِدَّته أو ثورته: خفَّف منها.
* كسَر العدوَّ: هزمه وغلبه- كسَر أنفَه/كسَر عينَه: حطّ من كبريائه فأذَلّه وأخزاه وجعله يخجل- كسَر الإشارةَ: تخطّاها، تجاوزها- كسَر الرقمَ العالميّ/كسَر الرقمَ المحليّ/كسَر حاجزَ الصوت: تخطّاه، تجاوزه- كسَر خاطره: خيَّب أمله- كسَر شوكتَه: هزمه، أضعف قوّته.
* كسَر الشِّعرَ: [في العروض] لم يُقِمْ وَزْنَه (لا تنظم الشِّعر ما دمت تكسره).
* كسَر العهدَ: نقَضه وخالفه (كسَر الوصيَّةَ- كسَر القانونَ: خالفه).
* كسَر المتعلِّمُ الحرْفَ: [في النحو والصرف] أَلْحقه الكسرة.
* كسَر المنشورُ الأشعّةَ: [في الطبيعة والفيزياء] حوَّل اتِّجاهها عند انتقالها من وسط شفّاف إلى وسط شفّاف آخر يختلف عنها في الكثافة الضوئيَّة.
انكسرَ/انكسرَ عن ينكسر، انكسارًا، فهو مُنكسِر، والمفعول مُنكسَر عنه.
* انكسر الزُّجاجُ: مُطاوع كسَرَ: تحطَّم وتهشَّم (انكسر القُفْلُ/الغُصنُ- انكسرتِ البيضةُ- انكسرت رِجلُه: أصيبت بكسر من ضربة أو صدمة) (*) انكسر الموجُ على الشَّاطئ: تطاير متناثرًا- انكسر قلبُه: أصيب بصدمة عاطفيّة.
* انكسر القومُ: انهزموا (انكسر الجيشُ) - انكسرت شوكتُه: هُزم وذُلّ وهان أمرُه.
* انكسر الشِّعرُ: [في العروض] لم يَقُمْ وزنُه.
* انكسر الضَّوءُ: [في الطبيعة والفيزياء] تكسَّر؛ غيَّر اتِّجاه مساره عند انتقاله من وسط شفّاف إلى وسط آخر شفّاف يختلف عنه في الكثافة الضَّوئيَّة (شعاع منكسر- خَطٌّ منكسر: منحرف).
* انكسرت موجةُ الحرّ: فتَرت.
* انكسر عن الشَّيء: عجَز عنه.
تكسَّرَ/تكسَّرَ على يتكسَّر، تكَسُّرًا، فهو مُتكسِّر، والمفعول مُتكسَّر عليه.
* تكسَّر زجاجُ النَّافذة: تحطَّم وتهشَّم (تكسَّر البيضُ- تكسَّرتِ القارورَةُ- *تكسَّرت النِّصالُ على النِّصال*) (*) أمواج مُتكسِّرة: مُتفرِّقة زبَدًا عند اصطدامها بالشّاطئ- حَرَكة مُتكسِّرة: فاترة، خاملة- شابٌّ فيه تكسُّر: فيه تخنّث وتفكّك- وَجْهٌ متكسِّر: مُتْعب، شاحِب.
* تكسَّرَ النُّورُ على كذا: [في الطبيعة والفيزياء] انكسر؛ أيّ: غيّر اتِّجاهَ مساره عند انتقاله من وسط شفّاف إلى وسط آخر شفّاف يختلف عنه في الكثافة الضَّوئيّة.
كسَّرَ يكسِّر، تكسيرًا، فهو مُكسِّر، والمفعول مُكسَّر.
* كسَّر الشّيءَ: بالغَ في كسْره، حوَّله إلى قطع صغيرة (كسَّر المرآةَ/الحجارةَ/زُجاجَ النافذة- كسَّر الصحونَ من شدّة غيظه) (*) كسَّر أظفارَه في فلان: اغتابه.
* كسَّر الكلمةَ: [في النحو والصرف] جمعها جمع تكسير.
انكسار [مفرد]: جمعه انكسارات (لغير المصدر):
1 - مصدر انكسرَ/انكسرَ عن (*) انكسار القلب: إصابته بصدمة.
2 - [في الطبيعة والفيزياء] ما يكون لبعض الأجسام الشَّفّافة من خاصيّة لتقسيم الشّعاع الضّوئيّ الذي ينفذ فيها إلى قسمين (انكسار مزدوج في بعض البلّورات).
3 - [في الطبيعة والفيزياء] تحوُّل في اتِّجاه شعاع ضَوْئيّ يَمرّ من وسط شفّاف إلى وسط شفّاف آخر (انكسار شعاع ضوئيّ).
* مُعامِل الانكسار: [في الطبيعة والفيزياء] رقم يُعبِّر عن مقدار التغيُّر النَّسبيّ في اتِّجاه حزمة ضوئيَّة، عندما تنتقل من الفراغ إلى مادّة شفَّافة معلومة، أو من مادَّة إلى أخرى.
انكساريَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى انكسار.
* الفترة الانكساريَّة: [في الطب] فترة تعقب الإثارةَ مباشرة وتكون الخليَّة العصبيَّة خلالها غير قابلة لمزيد من الإثارة.
تكسُّر [مفرد]:
1 - مصدر تكسَّرَ/تكسَّرَ على.
2 - اتِّخاذ شَكْل خُطوط مُتَعَرِّجة مُتَلَوِّية (تكسُّر البروق في السماء).
3 - فُتور، خُمول (تَكسُّر حركات/خُطًى).
4 - [في الطب] حالة يجد فيها الإنسانُ اختلافًا في البرد وألمًا في الجلد والعضل.
تكسير [مفرد]: جمعه تكسيرات (لغير المصدر):
1 - مصدر كسَّرَ.
2 - [في الكيمياء والصيدلة] عمليَّة تُستخدم لتقسيم الجزيئات الكبيرة إلى جزيئات أصغر.
3 - [في الكيمياء والصيدلة] كسْر بعض الروابط بين الذرَّات في جزيئات مادّة ما بتسخينها إلى درجة حرارة عالية وتحت ضغط مرتفع.
* جمع التَّكسير: [في النحو والصرف] ما دلّ على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تغيُّر صورة المفرد، ويكون للعاقل وغير العاقل وللمذكّر والمؤنّث، وهو سماعيّ في أكثر أوزانه، وينقسم إلى: جمع القلّة، وجمع الكثرة.
كاسِر [مفرد]: جمعه كاسرون وكُسَّر وكواسِرُ، والمؤنث كاسرة، والجمع المؤنث كاسِرات وكواسِرُ:
1 - اسم فاعل من كسَرَ.
2 - [في الحيوان] نعت يطلق على جنس طير عظام من رتبة الجوارح التي تنقضّ على فريستها، كالصُّقور والنُّسور والعُقاب (طير كاسر- كواسِرُ الطَّيْر).
3 - [في النبات] جنس زهر جميل من فصيلة القلبيَّات سُمِّي بذلك إمّا لأنّه ينمو بين الأحجار، وإمّا لأنّه يُساعد على تذويب الحصى في المثانة.
* كاسِر أمواج: حاجز أو سَدّ أمام مَرْفأ أو شاطئ يحميه من شدّة اصطدام الأمواج.
* كاسِر الجَوْز/كاسِر اللَّوْز: [في الحيوان] جنس طير من الجواثم المتسلِّقات الرَّقيقات المناقير، جميع أنواعه صغيرة القدّ، أثوابها ملوَّنة تألف الآجام والغابات وتتعذّى بالحشرات والبزور البريَّة والزِّراعيّة.
* كاسرُ العظام: [في الحيوان] طائر من الكواسر أكبر من النِّسر.
* كاسرُ الحجر: [في النبات] نبات بذوره لؤلؤيّة طبّيّة تُدِرّ البول.
كُسارة [مفرد]: ما تبقّى من الشيء بعد كسره (كُسارة زجاج/خشب).
كَسْر [مفرد]: جمعه كُسُور (لغير المصدر):
1 - مصدر كسَرَ (*) قابل للكسر.
2 - شيءٌ قليل (جُنيه وكُسُور).
3 - فصل الجسم الصلب بمصادمة قويّة من غير نفوذ جسم فيه.
4 - [في الجبر والإحصاء] جزء غير تامّ من أجزاء الواحد كالنّصْف والثُّلث والرُّبع ويقابله الصحيح.
5 - [في النحو والصرف] إعراب الكلمة بالكسرة أو ماينوب عنها.
* كَسْر عشريّ: [في الجبر والإحصاء] كسر اعتياديّ مقامه إحدى قوى العدد 10، وقد يُحذف المقام وتُوضع علامة عشريّة إلى يسار عدد من أرقام البسط مساوٍ لعدد أصفار المقام.
* كَسْر اعتياديّ: [في الجبر والإحصاء] كسر بسطه عدد صحيح ومقامه عدد صحيح غير الصفر.
كَسْرَة [مفرد]: جمعه كَسَرات وكَسْرات:
1 - اسم مرَّة من كسَرَ.
2 - [في النحو والصرف] إحدى الحركات الثلاث في الكتابة العربيّة، وعلامتها (ِ).
كِسْرَة [مفرد]: جمعه كِسْرات وكِسَر: قطعة صغيرة من الشّيء المكسور (كِسْرة من الخُبز- كِسَرُ الخَشَبِ).
كَسْرِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى كَسْر.
* عدد كسْرِيّ: [في الجبر والإحصاء] عدد مؤلَّف من عدد صحيح وكسر عشريّ أو اعتياديّ مثل: 3.5.
كَسّارة [مفرد]:
1 - أداة يُكسَر بها الجوزُ ونحوُه (كسّارة بُنْدق).
2 - آلة لتكسير الصّخور وجعلها صالحة للخلط مع الأسمنت والرَّمْل في عمليّة تسليح الخرسانة.
كَسير [مفرد]: جمعه كَسْرَى وكَسارَى: صفة ثابتة للمفعول من كسَرَ: مكسور (*) قَلْبٌ كسير: متألِّم- كسير الجناح: ضعيف، لا حيلة له- كسير الخاطر: خائب مهزوم- كسير الطرف: خافضه.
مَكْسِر [مفرد]: جمعه مكاسِرُ: اسم مكان من كسَرَ: مكان الكسر من كُلِّ شيء (مكسِر الثّوب: ثنيته- مكسِر الشّجرة: أصلها أو جذعها حيث تُكسر منه الأغصان) (*) عُود صُلب المكسِر: تُعرف جودته بكسره- فلانٌ صُلب المكسِر: ثابت لا يعرف الاستسلام- فلانٌ طيِّبُ المكسِر: حميد الصفات- فلانٌ ليِّن المكاسر: سهل القياد.
مُكَسَّرات [جمع]: فواكه جافَّة كالجوز واللَّوْز والبُنْدُق ونحوها.
مكسور [مفرد]:
1 - اسم مفعول من كسَرَ.
2 - مَوْروب، مُنحرف (خطّ مكسور).
3 - لَيِّن ضعيف (صَوْت مكسور) (*) فتاة مكسورة الجناح: بمفردها فلا سَند لها ولا مُعين.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-العربية المعاصرة (نضح)
نضَحَ يَنضَح ويَنضِح، نَضْحًا، فهو ناضح، والمفعول منضوح (للمتعدِّي).* نضَح الماءُ: سالَ ورشحَ (كلُّ إناءٍ ينضح بما فيه: وصف المرء يتصرّف طبقًا لأصله وعنصره- نضَح الجلدُ بالعرق).
* نضَحتِ العينُ: فارت بالدّمع.
* نضَح الثّوبَ ونحوَه: بلّه، رشَّه بماءٍ أو طيب (نضح الجلدَ: بلّه كي لا ينكسر- نضح شعرَه) (*) نضحتنا السَّماءُ: أمطرتنا.
مِنْضَحَة [مفرد]: جمعه مناضِحُ:
1 - اسم آلة من نضَحَ: أداة ترشُّ السائل بقوّة (مِنْضحةُ عطورٍ- مناضحُ مبيدات).
2 - نوع من المطابع تستخدم فيها طبقة جيلاتينيّة مغطّاة بالجلسيرين لاستخراج نُسخ من شيء مكتوب أو مطبوع.
نَضْح [مفرد]: مصدر نضَحَ.
نَضَّاحة [مفرد]: جمعه نَضَّاحات: اسم آلة من نضَحَ: مِنْضحة؛ أداة ترشُّ السائِلَ بقوَّة (نضّاحة مبيدات حشريَّة- سقيت أزهار الحديقة بالنضّاحة) (*) قوسٌ نضّاحة بالنَّبل: شديدةُ الرّمي به.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
4-المعجم الوسيط (المُقْعَدُ)
[المُقْعَدُ]: المصابُ بداء القُعاد.و - الزَّمِنُ.
و - الأَعْرَجُ.
و - الثديُ الناهدُ لا ينكسر.
و - النِّسرُ الذي قُشِبَ له حتى صِيدَ وأُخِذَ ريشُه.
و - من الشِّعْرِ: كلُّ بيتٍ فيه زِحافٌ.
ومُقْعَدُ الحَسَب: الذي ليس له شَرَفٌ.
وفلانٌ مُقْعَدُ الأَنف: في منخريه سَعَةٌ.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
5-المعجم الوسيط (النِّكْسُ)
[النِّكْسُ]: السَّهم ينكسِر فَوقُهُ فيجعل أَعلاه أسفلَه.و- القصيرُ.
و- الضَّعيفُ.
و- الرَّذلُ المقصِّرُ عن غاية النَّجْدَة والكرَم.
(والجمع): أَنْكاسٌ.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
6-شمس العلوم (سَجَدَ يَسْجُدُ)
الكلمة: سَجَدَ يَسْجُدُ. الجذر: سجد. الوزن: فَعَلَ/يَفْعُلُ.[سَجَدَ] سجودًا: إِذا تطامن وانحنى، ومنه السجود في الصلاة، قال الله تعالى: {تَراهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوانًا سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} وفي الحديث: «أمر النبي عليهالسلام أن يُسْجَد على سبعة آراب: اليدين والركبتين والقدمين والجبهة» قال الشافعي: ومن وافقه: يجب السجود على هذه السبعة، وقال أبو حنيفة: يجب السجود على الجبهة والراحتين، والباقي مسنون، وعنه: لا يجب السجود إِلا على الجبهة فقط.
قال: فإِن اقتصر على السجود على الأنف دون الجبهة أجزأه.
وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: لا يجزئه؛ وقوله تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} قيل: كان السجود في شريعتهم مقدمًا على الركوع.
وقيل: الواو توجب الاشتراك، ولا توجب الترتيب.
وقرأ يعقوب والكسائي: {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} أَلَا يَسْجُدُوا بتخفيف ألا على الأمر، أي: يا هؤلاء اسجدوا، ويروى أنها قراءة ابن عباس والحسن والزهري كقوله:
ألا يا اسلمي يا دارَ مَيَّ على البلى *** ولا زال مُنْهَلًّا بجرعائِكِ القَطْرُ
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة بالتشديد.
وهو رأي أبي عبيد، والباقون أن لا بتبيين النون؛ قال الكسائي: (أن) في موضع نصب، أي: فصدَّهم أن لا يسجدوا؛ وقال علي بن سليمان: (أَنْ) في موضع نصب على البدل من «أَعْمالَهُمْ».
وقيل: في موضع خفض على البدل من «السَّبِيلِ».
وقال الأخفش: أي لأن لا يسجدوا.
ويقال: سجدت الدابة: إِذا خفضت رأسها، لِتُرْكَب.
وأصل السجود: الخشوع والتواضع.
يقال: سجد البعير: إِذا خفض رأسه ليُرْكَب، قال:
ساجد المنخر لا يرفعه *** خاشع الطرف أصمُّ المستمع
وقال:
بجمعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَراته *** ترى الأكم فيه سُجَّدًا للحوافر
حجراته: أي نواحيه، واحدتها حَجْرة.
ومن ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ}.
{... مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}، وقوله تعالى: ولله يسجد من في السماوات والأرض {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ}.
وقيل: سجودها لأنه يُسْجَد من أجلها.
ويقال: سجدت النخلة: إِذا مالت، ونخلٌ سواجد.
قال الفراء في قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ} أي: يستقبلان الشمس ويميلان معها حين ينكسر الفيء.
وسجود كل شيء من الحيوان والجماد: دوران ظله.
والسجود: التحية، وكانت تحيتهم السجود بمنزلة المصافحة لنا اليوم.
ومنه قوله تعالى: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا)، قال أسعد تُبَّع:
قد كان ذو القرنين جدي مسلمًا *** ملكًا تدين له الملوك وتسجد
وقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} قيل: إِنه كان مثل السجود في الصلاة تكريمًا لآدم عليه السلام، وليس سجود عبادة، وقيل: السجود الذي أُمروا به لآدم هو الخضوع له كقوله:
هل رامنا معشرٌ ممن يحاربنا *** إِلا أقروا لنا بالفضل أو سجدوا
وقيل: كان السجود للمخلوقين مباحًا إِلى وقت النبي عليه السلام، ثم حُظر السجود إِلا لله عز وجل.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
7-شمس العلوم (التوافق)
الكلمة: التوافق. الجذر: وفق. الوزن: التَّفَاعُل.[التوافق]: توافقوا بالنبل: أي أوفق بعضهم بها لبعض.
وتوافقوا: أي اتفقوا.
والمتوافق من مسائل الفرائض: أن يكون بين رؤوس الورثة وبين سهامهم موافقة، أو بين عدد الرؤوس موافقة بجزءٍ لا ينكسر كأن يكون لكل واحدٍ منهما نصف أو ثلث أو ربع أو خُمس ونحو ذلك.
والمتوافق يقع بأقل الأجزاء، ولا يقع بجزأين كالثلثين والخُمسين ونحوهما؛ والعمل فيه أنك تجتزئ بالوَفق، فإِن كان بين الرؤوس والسهام ضربتَ وفقَ الرؤوس في أصل المسألة.
مثال ذلك زوجة وبنت وستة إِخوة، مسألتهم من ثمانية: نصيب الإِخوة ثلاثة، توافق رؤوسهم، وسهم بثلث فاضرب وفق رؤوسهم، وهو اثنان في ثمانية فذلك ستة عشر، ومنها تصح.
وإِن كان التوافق بين رؤوس الورثة، وكانوا صنفين ضربت وفق أحدهما في جميع الأخر، ثم اضربه في أصل المسألة.
مثال ذلك أربع زوجات وعشرة إِخوة مسألتهم من أربعة، فعدد الإِخوة يوافق عدد الزوجات بنصف ما ضرب وفقَ أحدهما في جميع الأخر، فذلك عشرون ثم عشرون في أربعة ثمانون، ومنها تصح.
وإِن كان التوافق بين ثلاثة أصناف وقفت أحدها، ثم أخذت وفقي الصنفين الآخرين، فضربت بعضهما في بعض، فما اجتمع ضربته في العدد الموقوف، فما اجتمع ضربته في أصل المسألة.
مثال ذلك بنت وستُّ بناتِ ابن وأربع جَدّات وعشرة إِخوة لأب، مسألتهم من ستة وأعداد رؤوسهم تتفق بنصف، وأوفاقهم ثلاثة واثنان وخمسة فثلاثة في اثنتين، ستة، وستة في عشرة ستون، وستون في ستة ثلاثمئة وستون، ومنها تصح.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
8-معجم متن اللغة (المعقص)
المعقص: السهم المعوج: ما ينكسر نصله فيبقى سنخه في السهم فيخرج ويضرب حتى يطول ويرد إلى موضعه ولا يسد مسده لأنه دقق وطول.معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
9-معجم متن اللغة (القحف)
القحف: العظم فوق الدماغ من الجمجمة: الجمجمة التي فيها الدماغ: الرأس (ز): أو ما انفلق من الجمجمة فبان؛ ولا يدعى قحفا حتى يبين أو ينكسر منه شيء.أو القبيلة من قبائل الرأس، وهي كل قطعة منها، أو ما انطبق من جمجمته وانفصل، ج أقحاف وقحوف وقحفة.
و-: ما ضرب من الرأس فطاح.
و- من الرمانة: قشرها (ز).
و- من الاست: شقه.
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
10-معجم متن اللغة (النكس)
النكس: السهم الذي ينكسر فوقه فيجعل أعلاه أسفله, أو أضعف السهام الذي يجعل نصله سنخًا وسنخه نصلًا.و -: القوس تجعل رجلها رأس الغصن, كالمنكوسة.
و-: الرجل الذنئ (ز).
و -: الضعيف ج أنكاس.
و - إلىتن من الأولاد "وليس بثبت".
و -: المقصر عن غاية النجدة والكرم (ز) ج أنكاس.
و -: الفرس لا يلحق الخيل في شأوها.
و -: القصير.
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
11-جمهرة اللغة (بخن بنخ خبن خنب نبخ نخب)
رجل بَخْن ومَخْن، وهو الطويل.وخَبَنْتُ الثوبَ أخْبِنه خَبْنًا، إذا كسرته ثم خِطْتَه ليَقْصُر.
وكل ما قبضتَه إليك فقد خَبَنْتَه.
والخبْنة: الحُجْزة يتّخذها الرجل في إزاره فيحمل فيها الشيءَ.
والخَنب: من قولهم: خَنِبَ يَخْنَب خَنَبًا، وهو شبيه بالخُنان في الأنف.
والأخناب: الفُروج بين الأضلاع، الواحد خِنْب.
والأخناب واحدها خِنْب، وهو باطن الرُّكبة.
والخِنّابتان: ما يكون عن يمين الأرْنَبَة وشمالها.
وفرس خِنّاب: طويل.
وقال تأبَّط شرًّا:
«لمّا رأيتُ بني نُفاثةَ أقبَلوا*** يُشْلُون كلَّ مُقَلِّصٍ خِنّابِ»
يُشْلُون أي يزعجون.
والمُقلِّص: الفَرَس.
وأخْنَبَ القوم فهم مُخنِبون، إذا هَلكوا.
ورجل نَخْب ونَخيب ومَنخوب، إذا كان ضعيف القلب.
وكلَّمته فنَخِبَ عنّي، إذا كلَّ عن جوابك.
والنَّخْب: كناية عن النكاح.
وانتَخبتُ الشيء انتخابًا، إذا اخترته.
واسم ما تنتخِبه: النُّخْبة، نحو النَّصيَّة والعِيمَة وما أشبهها.
والنخْبة: الدُّبُر في بعض اللغات.
والنَّبْخ: جدَري الغنم، الواحدة نَبْخَة.
قال الشاعر:
«تحطَّم عنها قَيْضُها عن خَراطم*** وعن حَدَقٍ كالنَّبْخ لم يتفتَّـقِ»
القَيض: البَيض الذي ينكسر عمّا فيه.
وصف نعامًا صغارًا.
والنَّبْخ: نبت يستعمله البحريون في سُفنهم، ولا أدري أعربّي هو أم معرب.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
12-جمهرة اللغة (حفق حقف فحق فقح قحف قفح)
الحِقْف: الكثيب من الرمل إذا اعوجّ وتقوّس، والجمع أحقاف وحُقوف.وفي الحديث: (مرَّ بظبي حاقص فرماه)، وله تفسيران: إما أن يكون حاقف أي في أصل حِقْفٍ من الرمل، أو يكون حاقف قد انطوى وتعطّف.
قال الراجز:
«ناج طَواه الأيْنُ ممّا شَسَفا*** طيَّ الليالي زُلَفاَ فزُلَـفـا»
«سَماوةَ الهلال حتّى احقَوْقَفا»
سَماوة كل شيء: شخصه الشَّسَف: الهُزال والضُّمور، ويُروى: وجَفا.
قال أبو بكر: وقد رَوَوْا: طَيُّ الليالي، والنصب أعلى.
وكل شيء اعوجّ فقد احقوقف.
والقَحْف: جَرْفك ما في الإناء من ثريد وغيره، قحفت ما في الإناء أقحَفه قَحْفًا.
والقُحافة: ما استخرجته مما تقحَفه، وكل ما اقتحفتَ من شيء فهو قُحافة لك.
وبنو قحافة: بطن من العرب، وقال أيضًا: بطن من خَثْعَم.
وقُحيف العامري: أحد شعراء العرب.
وقِحْف الرأس: ما انضَمّ على أمّ الدماغ.
وقال قوم من أهل اللغة: لا نسمّيه قِحْفًا حتى ينكسر أو يُقطع فيسقط عن الدماغ، والجمع الأقحاف والقِحَفَة والقُحوف.
ويقال: اقتحفَ ما في الإناء، إذا شربه أجمع.
ولما بلغ أمرأ القيس قتل أبيه وهو يشرب قال: "اليومَ خمر وغدًا أمر، اليومَ قِحاف وغدًا نِقاف".
والفُقّاح: فَغْوُ الشجر من أي شجرٍ كان، وهو الوَرد.
والفُقّاحة والفَقْحَة: الراحة، لغة يمانية، وأحسبها سُمِّيت بذلك لانفتاحها.
وكان بعض أهل اللغة يقول: الفَقْحَة: الدُّبُر الواسع، ثم كثر ذلك في كلامهم حتى سُمِّي كلُّ دُبُرٍ فَقْحَةً.
وفَقَّح الجِرْوُ، إذا فتح عينه.
قال الشاعر:
«أقْبِحْ به من ولدٍ وأَشْقحِ *** مثل جُرَيِّ الكلبِ لم يُفَقِّحِ»
والقَفحٍ: لغة يمانية قفحتُ الشيء أقفَحه قَفْحًا، إذا سَفِفتَه كما يسَفّ الدواء.
ويقال: قَفَحَتْ نفسُه عن الشيء، إذا كرهتْه.
وقد جاء في شعر الطرمّاح في القصيدة التي يمدح بها يزيد بن المهلَّب.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
13-جمهرة اللغة (سكن سنك كسن كنس نسك نكس)
السَّكْن: سُكّان الدار، والسَّكْن: الدار أيضًا.والسَّكَن: صاحبك الذي تسكُن إليه؛ فلان سَكَني، أي الذي أسكن إليه.
وفي التنزيل: {فالقُ الإصباحِ وجَعَلَ الليلَ سَكَنًا}، أي تسكن فيه الحركات، والله أعلم.
والسَّكَن: النار.
قال الراجز:
«قُوِّمْنَ بالدُّهْنِ وبالأسكانِ»
ويُروى: بالدَّهن.
والسُّكون: ضدّ الحركة.
وقد سمّت العرب ساكنًا وسُكَيْنًا وسَكَنًا.
وقالوا أيضًا: المَسْكَن والمَسْكِن للموضع الذي يُسكن فيه، والجمع مَساكن، وكذلك فُسِّر في التنزيل، والله أعلم.
فأما مَسْكِن، اسم موضع، فليس إلا بكسر الكاف.
والمِسكين: الذي لا شيء له، والناس يجعلون المِسكين في غير موضعه فيجعلونه الفقير؛ قال أبو عبيدة: وليس كذلك، لأن الفقير الذي له شيء وإن كان قليلًا، والمسكين الذي لا شيء له.
قال الشاعر:
«أما الفقيرُ الذي كانت حَلوبتُه***وَفْقَ العيالِ فلم يُترك له سَبَدُ»
فأما قوله جلّ ثناؤه: {وأما السّفينةُ فكانت لمساكينَ يعملونَ في البحر}.
قال أبو حاتم: فأحسبه، والله أعلم، أنهم كانوا شركاء في سفينة لا يملكون سواها.
قال أبو بكر: وهذا مخالف لقول أبي عبيدة لأنه قال: المسكين الذي لا يملك شيئًا.
ويقال: على فلان سَكينة ووَقار.
والسِّكّين: عربي معروف، وهو فِعّيل من قولهم: ذبحت الشيء حتى سكنَ اضطرابُه.
والمَسْكَنَة: الفقر، وكذلك فُسِّر في التنزيل.
وسُكّان السفينة: عربي معروف، واشتقاقه من أنها تَسْكُنُ به عن الحركة والاضطراب.
وكانت سَكينة بني إسرائيل، على ما ذكره الحسن البصري، ما في التابوت من مواريث الأنبياء، عليهم السلام: عصا موسى، وعِمامة هارون الصفراء، ورُضاض اللوحين اللذين رُفعا.
وقال الحسن: قد جعل الله لهم سَكينةً لا يفرّون أبدًا وتطمئنّ قلوبهم إليه؛ وقال مقاتل: كان في رأس كرأس الهِرّة إذا صاح كان فيه الظَّفَر لبني إسرائيل.
وكَنَسْتُ البيتَ وغيرَه أكنِسه كَنْسًا، إذا كسحتَه.
والمِكنسة: المِكسحة.
والكُناسة: ما كُنس.
وكِناس الظبي من ذلك اشتقاقه لأنه يكنِس الرملَ حتى يصل الى بَرْد الثرى؛ وجمع كِناس: كُنُس وكُنْس.
وفسّر أبو عُبيدة قوله جلّ وعزّ: {الجَوارِ الكُنَّس} فقال: تكنِس في المغيب كما تكنِس الظِّباء في الكُنس، والله أعلم.
ويقال: فرس مكنوسة، وهي الملساء الرداء من الشَّعَر، زعموا، وليس بثَبْت.
والنُّسُك أصله ذبائح كانت تُذبح في الجاهلية.
قال الشاعر:
«كمَنْصِبِ العِتْرِ دَمّى رأسه النُّسُكُ»
والنّسيكة: شاة كانوا يذبحونها في المحرَّم في أول الإسلام ثم نُسخ ذلك بالأضاحي.
قال الشاعر:
«وذا النُّصُبَ المنصوبَ لا تَنْسُكَنَّه***ولا تَعْبُِ الشيطانَ والله فاعْبُدا»
والنُّسْك في الإسلام اختلفوا فيه، فقال قوم: هو نُسْك الحجّ، وقال آخرون: هو الزهد في الدنيا من قولهم: رجل ناسك.
والنَّكْس: قلبُك الشيء على رأسه؛ نَكَسْتُه أنكُسه نَكْسًا.
قال يصف السيوف:
«إذا نُكِسَتْ صار القوائمُ تحتهـا***وإن نُصِبَتْ شالت عليها القوائمُ»
والنُّكْس: العَوْد في المرض؛ نُكِسَ الرجلُ فهو منكوس.
والنِّكْس: النصل الذي ينكسر سِيخُه فتُجعل ظُبَتُه سِنْخًا فلا يزال ضعيفًا، ثم كثر ذلك في كلامهم حتى سمّوا كل ضعيف نِكْسًا.
وقال قوم: النَّكْس: اليَتْن، وليس بثَبْت؛ واليَتْن: الولد تخرج رجلاه قبل رأسه.
والنِّكْس من القوم: المقصِّر عن غاية النجدة والكَرَم، والجمع أنكاس.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
14-جمهرة اللغة (صفم صمف فصم فمص مصف مفص)
انفم الشيء ينفصم انفصامًا، إذا انصدع ولمّا ينكسر، وفَصَمْتُه أنا فَصْمًا، وكذلك فُسِّر قوله جلّ وعزّ: {لا انفصام لها}، والله أعلم.جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
15-جمهرة اللغة (صقي صيق قصي قيص يصق يقص)
الصِّيق: الغُبار، أعجميّ معرَّب.وبنو الصَّيْق: بطن من العرب.
والقَيْص: الكسر؛ انقاصَ السِّنُّ انقياصًا وتقيّص تقيّصًا، إذا انصدع ولمّا يَبِنْ؛ فأما انقاضَ ينقاض انقياضًا فهو أن ينكسر فيَبين.
ويُروى بيت الهُذلي بالصاد والضاد، والضاد أكثر:
«فِراقٌ كقَيْضِ السن فالصبرَ إنّه***لكلّ أُناسٍ عَثْـرَةٌ وجُـبـورُ»
ويُروى: كقَيْص السِّنّ.
وقُصَيّ: اسم.
والقَصِيّ: الخيوط التي يطرحها الحائك من أطراف الثوب إذا فرغ منه؛ لغة يمانية.
وأقصتُ الرجلَ وغيرَه إقصاءً، إذا أبعدته، وهذه الياء مقلوبة عن الواو.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
16-جمهرة اللغة (ضهو ضوه هضو هوض ضها ضاه هضا هاض ضهي ضيه هضي هيض ضهأ ضأه هضأ هأض أضه أهض)
الهَضّاء: الجماعة من الناس.وضاهيتُ الرجلَ مضاهاةً وضِهاءً، إذا امتثلت فعله وتشبّهت به.
والهَيْض: الكسر، وليس كل كسر هَيضًا، إنما الهَيْض أن ينكسر العظمُ ثم يجبر فلا يستوي فيُكسر بعد جبر، هِضْتُ العظمَ أَهيضه هَيْضًا، ثم كثر ذلك حتى قيل لكلّ ما أَلمَّك: مَهيض.
وفلان مَهيض الفؤاد من ألم حبّ أو مرض.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
17-إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت (الظاهره)
الظّاهرههي في شرقيّ قعوضه إلى جهة الجنوب، وفيها يقول السّيّد حسين بن حامد المحضار لمّا زارها في أيّام الحرب للإصلاح بين نهد فلم ينجح:
«يا الظّاهره جيناش للمقدار *** والبعد قرّبنا ميوحه »
«والقبوله ما طعمها الّا قار *** ماشي مصلّح من جبوحه »
وقد ذكرت في «النّجم المضي لنقد عبقريّة الرّضي» أنّ هذا مثل قول حبيب [أبي تمّام في «ديوانه» 2 / 21 من الكامل]:
«والحمد شهد لا ترى مشتاره *** يجنيه إلّا من نقيع الحنظل »
مع يقيني أنّ العمّ حسينا لم يطّلع على بيت حبيب قطّ، وإنّما هو دليل لما أقرّره من فحولة الشّعر الحضرميّ العاميّ، وقوّة متنه وشدّة أسره.
ولقد كانت القبائل تضرب آباط الإبل من نواحي حضرموت المترامية إلى حكّام نهد في قعوضة والظّاهرة والقارة، ولا يدخل من كان كبيرا منهم في نفسه إلّا في حفل وزفاف، فتقابله نهد بمثله للتّرحيب، ويتبادلون الأشعار الطّبيعيّة، ويشرحون فيها ما يختلج بصدورهم وما يهجس على خواطرهم بين طلقات البنادق الدّاوية، فمن ذلك:
أنّ جماعة من يافع ترافعوا إلى ابن عجّاج في مهمّة كبرى، فقال شاعرهم:
«ما شي بقش ما شي بقش *** من لي يهزّون النّمش »
«يافع كما ناب الحنش *** مقبوصهم ما له طبيب »
فلم يبلع النّهديّ ريقه حتّى قال:
«ما في قعوضه شي وخش *** أوعال في روس الحمش »
«لو تغدي الأعظام طشّ *** قوّس على الحكم الصّليب »
وربّما نظم المدّعي دعواه في تلك الأراجيز فيجيب خصمه على غرار قوله، وأتيا على أطراف الجرح والتّزكية في أشعارهم. ثمّ يصبّ حكم الحاكم النّهديّ في قالب البحر والقافية، فلا ينتهون إلى دار الحاكم حيث تمدّ الأنطاع وتبسط الموائد.. إلّا وقد انفصلت القضيّة بالقضاء المبرم، الّذي لا ينفذ إليه استئناف، ولا يرقى إليه طعن، ولا تعلق بذيله غميصة.
تلك هي حال نهد فيما غبر، أمّا الآن.. فلا أدري ما الخبر! ! أفليس أولئك على هذا الصّنيع البديع أحقّ بقول البحتريّ [في «ديوانه» 2 / 312 من الكامل]:
«وإذا خطاب القوم في الخطب اعتلى *** فصل القضيّة في ثلاثة أحرف »
وقد ذكرنا في «العود الهنديّ» بعض حديث هدبة بن الخشرم، وأنّه لمّا حمل إلى معاوية.. قال له: قل يا هدبة.. قال: أكلاما أم شعرا تريد؟ قال معاوية: بل شعرا، فارتجل هدبة قصيدة يقول منها:
«رمينا فرامينا فصادف رمينا *** منايا رجال في كتاب وفي قدر»
فقال له معاوية: أراك أقررت يا هدبة... إلى آخر القصّة المناسبة لما نحن فيه، بما جاءت به من وصف الأمر في الشّعر.
وقد اختصم حيّان من العرب في ماء من مياههم إلى والي المدينة من قبل يزيد بن عبد الملك ـ وهو عبد الرّحمن بن الضّحّاك الفهريّ ـ وكان مصاهرا لأحد الحيّين، فبرك بين يديه شيخ من الحيّ الآخر وهو سنان بن الفحل الطّائيّ فقال [من الوافر]:
«إلى الرّحمن ثمّ إلى أميري *** تعسّفت المفاوز واشتكيت »
«رجالا طالبوني ثمّ لجّوا *** ولو أنّي ظلمتهم انتهيت »
«رجوا في صهرهم أن يغلبوني *** وبالرّحمن صدق ما ادّعيت »
«وقالوا قد جننت فقلت كلّا *** وربّي ما جننت ولا انتشيت »
«ولكنّي ظلمت فكدت أبكي *** من الظّلم المبيّن أو بكيت »
«فإنّ الماء ماء أبي وجدّي *** وبئري ذو حفرت وذو طويت »
وقد خرج بخضوعه عن عادة العرب من التّمدّح بالقسوة والجلادة، وهي تعيّر الرّجال بمثل ذلك، أمّا النّساء.. فلا، ولهذا استحسنوا من فاطمة بنت الأحجم أن قالت بعدما لان جانبها، وغاب ناصرها:
«قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه *** فتركتني أمشي بأجرد ضاحي »
«قد كنت ذات حميّة ما عشت لي *** أمشي البراح وكنت أنت جناحي »
«فاليوم أخضع للذّليل وأتّقي *** منه وأدفع ظالمي بالرّاح »
وبها تمثّلت سيّدتنا فاطمة ـ رضوان الله عليها ـ بعد وفاة أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فميل بين ما يكون من أحكام العصور الأولى، وما سمعت عن نهد ـ وما بالعهد من قدم ـ وبين ما يكون من قضاة المحاكم اليوم.. ينكسر ذرعك ويتبادر دمعك؛ إذ يكون غدوّ الدّعوى شهرا ورواحها مثله، بلا دليل من فقه، ولا مبرّر من شرع، ولكنّها الأغراض المخلّة، والجهالة المضلّة، ولا ينكر اندفاع النّقض عن أحكام نهد لذلك العهد مع عدم الرّويّة؛ لأنّ الحقّ مثل الصّدق أبلج؛ والصّادق لا يحتاج إلى تفكّر ولا إلى تذكّر، وكذلك العادل لا يطيف بحكمه إلّا التّمحّل الّذي لا ينفق عند أهل الإنصاف، ولقد كانت الأحكام مثلما قال الأعشى [في «ديوانه» 291 من الطّويل]:
«تعالوا فإنّ الحكم عند ذوي النّهى *** من النّاس كالبلقاء باد حجولها »
ولقد شهدت اجتماع الحموم بالشّحر في سنة (1333 ه) متنازعين في كثير من القضايا المهمّة الّتي حار فيها السّيّد حسين بن حامد، فقال له حبريش: ردّها إليّ وأنا أحكم فيها على شرطين:
أحدهما: أن تجعل لي ألف ريال.
والثّاني: أن أضع أنا ألف ريال، فإن نقض حكمي شرع أو عرف.. كنت في حلّ من ألفي.
فامتدّ عنقي لذلك البدويّ الّذي لم أعرفه من قبل، وأكبرت تحدّيه للشّرع، وقلت له: هبك أمنت النّقض من جهة العرف والعادة؛ لإتقانك لهما، فمن لك بالأمان من جهة الشّرع، أفتعرفه؟
فقال: لا، ولكنّي سأحكم بالعدل، والعدل لا يتغيّر، ولا يمكن نقضه بحال.
فأكبرت ما في طيّ تلك الأسمال البالية وتحت تلك اللّحية الشّعثة من الحكمة الّتي ابتعدت عن مجالس القضاة اليوم، وزادني ذلك تصديقا لقول الإمام علي كرّم الله وجهه: (العلم نقطة، وإنّما وسّعته آراء الجهّال) أو ما هذا معناه.
وقد قال زهير في جاهليّته [من الوافر]:
«فإنّ الحقّ مقطعه ثلاث *** يمين أو نفار أو جلاء»
فكان ابن الخطّاب رضي الله عنه يتعجّب من معرفته بمقاطع الحقوق مثلما تعجّبت من حبريش.
وروى الشّيخ أحمد بن سهل ـ وكان جارا لقاضي مصر بكّار بن قتيبة ـ أنّه مرّ ببيت بكّار أوّل اللّيل وهو يتلو هذه الآية: (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) قال: ثمّ انتبهت من آخر اللّيل فسمعته يكرّرها.
وقد كان بكّار من أعدل القضاة حكما، وأشرفهم موقفا، ولمّا حبسه أحمد بن طولون.. استردّ منه ما أعطاه ـ وقدره عشرة آلاف دينار ـ فألفاها بختمها، لم يمسّها زهدا وورعا.
وما كان حبسه ـ وإن كان له سبب معروف ـ إلّا ناشئا عن الحسد؛ بأمارة أنّه قال له: غرّك قول النّاس: ما في الدّنيا مثل بكّار.
وقيل للقاضي إسماعيل بن إسحاق المالكيّ: ألا تؤلّف كتابا في آداب القضاء؟
فقال: وهل للقضاء من أدب غير العدل؟ اعدل ومدّ رجليك في مجلس القضاء. أو ما هذا معناه. فمثّل بين هذا وبين ما أسلفناه عن القضاء في المكلّا.
وقال سعيد بن شريك في خطبته: (أيّها النّاس، إنّ الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائطه الحقّ، وبابه العدل. ولا يزال الإسلام منيعا ما اشتدّ السّلطان، وليس شدّته القتل بالسّيف، والضّرب بالسّوط، لكن قضاء بالحقّ وأخذ بالعدل).
وقوله: (اعدل ومدّ رجليك.. إلخ) شبيه بما يؤثر عن بعض ملوك الهند في الموضوع.
وفي عهد عليّ للأشتر ما نصّه: ثمّ اختر للحكم بين النّاس أفضل رعيّتك في نفسك ممّن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزّلّة، ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشّبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلّهم تبرّما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشّف الأمور، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم.
ويروى أنّ معاوية كثيرا ما ينشد إذا اجتمع النّاس قول سعيد بن غريض أخي السّموءل [من السّريع]:
«إنّا إذا جارت دواعي الهوى *** وأنصت السّامع للقائل »
«واعتلج القوم بألبابهم *** في المنطق القائل والفاصل »
«لا نجعل الباطل حقّا ولا *** نلطّ دون الحقّ بالباطل »
وكان عبد الملك يأمر وصيفا ينشدها على رأسه عندما يجلس للقضاء.
ثمّ اعلم أنّ في كلّ ربع بني سعد؛ إذ لا يمكن لعدل وجود مع ما منيت به المحاكم من الرّيث الّذي اتّخذه الحكّام والمحامون سبيلا للعيث.
وسكّان الظّاهرة: آل مقيزح النّهديّون. وفي جنوبها إلى المشرق:
إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت-عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف-توفي: 1375ه/1956م
18-العباب الزاخر (نكس)
نكسنَكَسْتُ الشَّيْءَ أنْكُسُه نَكْسًا: قَلَبْتُه على رأسِه.
وقوله تعالى: (ثُمَّ نُكِسُوا على رُؤوسِهم)، قال الفرّاء: أي رَجَعُوا عَمّا عَرَفُوا مِن الحُجَّة لإبْراهِيمَ -صلوات الله عليه-، وقال الأزهري: أي ضَلُّوا. وأنشد الليث في وَصْفِ الزِّقِّ:
«إذا نُكِسَتْ صارَ القَوائمُ تَحْتَـهـا *** وإنْ نُصِبَتْ شالَتْ عليها القَوائمُ»
وقرَأ غَيرُ عاصِمٍ وحَمْزَةَ قوله تعالى: (ومَنْ نُعَمِّرْهُ نَنْكُسْه) -بفتح النون وتخفيف الكاف-، أي مَنْ أطَلْنا عُمُرَه نَكَسْنَا خَلْقَه، فَصَارَ بَعْدَ القوَّةِ الضَّعْفُ وبَعْدَ الشَّبابِ الهَرَمُ.
وفي حديث عَليٍّ -رضي الله عنه-: إذا كانَ القَلْبُ لا يَعْرِفُ مَعروفًا ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا نُكِسَ فَجُعِلَ أعلاه أسْفَلَه.
وفي حديث ابن مسعود- رضي الله عنه-: أنّه قيل له: إنَّ فُلانًا يَقْرَأُ القُرآنَ مَنْكوسًا، فقال: ذاكَ مَنْكوس القَلْب. قال أبو عُبَيد: يَتَأوَّلُه كثيرًا من النَّاسِ أنَّه يَبْدأ من آخِرِ السَّورَة فَيَقْرَأها إلى أوَّلِها، وهذا شَيْءٌ ما أحْسِبُ أحَدًا يُطِيْقُه، ولا كانَ هذا في زَمَنِ عبد الله ولا عَرَفَة. ولكن وَجْهُهُ عِنْدي أن يَبْدَأَ الرَّجُل من آخِر القُرآن من المُعَوِّذَتَيْنِ ثمَّ يَرْتَفِع إلى البَقَرة؛ كَنَحْوِ ما يَتَعَلّم الصِّبيانُ في الكُتّاب، لأنَّ السُّنَّة خِلافُ هذا، يُعْلَمُ ذلك بالحديث الذي يُحَدِّثُه عثمان رضي الله عنه- عن النبي ّ-صلى الله عليه وسلّم- أنَّه كانَ إذا أُنْزِلَت عليه السورة أو الآيَة قال: ضَعوها في المَوْضِع الذي يُذْكَرُ فيه كذا كذا. ألا تَرى أنَّ التَّأْلِيْفَ الآنَ في هذا الحديث من رَسول الله صلى الله عليه وسلّم-، ثمَّ كُتِبَت المَصَاحِفُ على هذا. ومِمّا يُبَيِّنُ ذلك لك أنَّه ضمَّ بَراءَةَ إلى الأنفالِ فجعلها بعدها وهي أطوَل، وإنَّما ذلك للتأليف، فكانَ أوَّلُ القُرآن فاتِحَةُ الكِتاب ثمَّ البقرة إلى آخِرِ القُرآن، فَكَيْفَ تُسَمّى فاتِحَتُه وقد جُعِلَت خاتِمَتَه. وقد رُوِيَ عن الحَسَن وابنِ سيرين من الكَرَاهَةِ فيما هوَ دون هذا: أنَّهما كانا يَقْرَئانِ القُرآنَ من أوَّلِهِ إلى آخِرِه ويَكْرَهانِ الأورادَ، وقال ابن سيرين: تأليف اللهِ خيرٌ من تَأليفِكم. وتأويل الأوراد أنَّهم كانوا أحْدَثوا أنْ جَعَلوا القُرآنَ أجزاءً؛ كُلُّ جُزْءٍ منها فيه سُوَرٌ مختَلِفَة من القُرآنِ على غَيْرِ التأليف، جَعَلوا السورة الطويلة مع أُخرى دونَها في الطول، ثمَّ يَزيدونَ كذلك حتى يَتِمَّ الجُزْء، ولا تكون فيه سورة مُنْقَطِعَة، ولكن يكون كُلُّها سُوَرًا تامّة، فهذه الأوراد التي كَرِهَهَا الحَسَن ومحمد. والنَّكْسُ أكْثَرُ من هذا وأشَدُّ، وإنَّما جاءت الرُّخْصَة في تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ والعَجَمِيِّ من المُفَصَّلِ لِصُعُوبَةِ السُّوَرِ الطِّوالِ عَلَيْهِما، فهذا عُذْرٌ، فأمّا مَن قد قَرَأَ القُرآنَ وحَفِظَه ثمَّ تَعَمَّدَ أنْ يَقْرَأَ من آخِرِه إلى أوَّلِه فهذا النَّكْسُ المَنْهِيُّ عنه، وإذا كَرْهْنا هذا فَنَحْنُ للنَّكْسِ من آخِرِ الصُّورة إلى أوَّلِها أشَدُّ كَرَاهَةً إن كانَ ذلك يكون. هذا كُلُّهُ كَلامُ أبي عُبَيْد رَحْمَةُ الله عليه.
والوِلاد المَنْكوس: الذي تَخْرُجُ رِجْلاهُ قَبْلَ رأسِهِ، وهو اليَتْنُ.
والمَنكوس من أشكال الرّمل: ثلاثَةُ أزواج مُتَوالِيَة يَتْلوها فَرْدٌ، وبعضهم يُسَمِّيْه الإنْكيس.
والنُّكْسُ والنُّكَاسُ -بالضم فيهما-: عَوْدُ المَرَضِ بَعْدَ النَّقَهِ، قال أُمَيَّة بن أبي عائذٍ الهُذَليّ:
«خَيالٌ لِزَيْنَبَ قد هـاجَ لـي *** نُكَاسًا مِنَ الحُبِّ بعدَ انْدِمالِ»
وقد نُكِسَ الرَّجُلُ نُكْسًا فهو مَنْكوس. يقال: تَعْسًا له ونُكْسًا، وقد يُفْتَح هاهنا للازْدِواجِ.
والناكِسُ: المُطَأْطِئُ رَأسَه، وجُمِعَ في الشَّعْرِ على نَواكِسَ، وهو شاذٌّ، قال الفَرَزْدَق يمدح يَزيد بن المُهَلَّب:
«وإذا الرِجالُ رَأوْا يَزِيْدَ رَأيْتَهـم *** خُضُعَ الرِّقابِ نَواكِسَ الأبْصارِ»
ويروى: مُنَكِّسِي الأبْصارِ.
ونَكَسَ كذا داءَ المَريْضِ بَعْدَ البُرْءِ: أي رَدَّهُ وأعادَهُ، قال ذو الرمَّةِ:
«إذا قُلْتُ أسْلو عَنْكِ يا مَيُّ لم يَزَل *** مَحَلٌّ لِدائي مِن دِيارِكِ ناكِـسُ»
وقال ابن الأعرابيّ: النُّكُسُ -بضمتين-: المُدْرَهِمُّونَ من الشُيُوخِ بعْدَ الهَرَمِ.
والنِّكْسُ -بالكسر-: السَّهْمُ الذي يَنْكَسِرُ فَوْقَهُ فَيَجْعَل أعلاه أسْفَلَه، قال الحُطَيْئَة يهجو الزّبْرَقان بن بَدر:
«قد ناضَلُوكَ فَسَلُّوا من كناسهم *** مَجْدًا تَليدًا ونَبْلًا غَيرَ أنْكاسِ»
وقال أبو عمرو: النِّكْسُ من القِسِيِّ: التي تُحَوِّلُ يَدُها رِجْلَها. وقال الأصمعيّ: هي المَنكوسَة من القِسِيِّ وهي عَيْب؛ وهو أن تكونَ رِجْلُ القَوْسِ رَأْسَ الغُصْنِ.
والنِّكْسُ -أيضًا-: الضَّعيفُ.
وقال ابن دريد: النِّكْسُ: النَّصْلُ الذي يَنْكَسِر سِنْخُه فَتُجْعَلُ ظُبَتُه سِنْخًا فلا يَزَالُ ضَعيفًا، ثُمَّ كَثُرَ ذلك في كلامِهِم حتى سمُّوا كُلَّ ضَعيفٍ نِكْسًا. قال: وقال قومٌ: النِّكْسُ اليَتْنُ، ولَيْسَ بثَبَتٍ.
قال: والنِّكْسُ من القَوْمِ: المُقَصِّرُ عن غايَةِ النَّجْدَةِ والكَرَمِ، وأنْشَدَ إبراهيم الحَرْبيُّ رحمه الله:
«رَأْسُ قِوَامِ الدِّيْنِ وابْنُ رَأْسِ *** وخَضِلُ الكَفَّيْنِ غَيْرُ نِكْسِ»
والجمع: أنكاس، قال كَعْب بن زُهَيْرٍ -رضي الله عنه- يَمْدَحُ صَحَابَةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلّم، ورضي عنهم-:
«زالُوا فَما زالَ أنْكاسٌ ولا كُشُفُ *** عِنْدَ اللِّقاءِ ولا مِيْلٌ مَعَـازِيْلُ»
ونَكَّسْتُه تَنْكيسًا: مِثل نَكَسْتُه نَكْسًا، والتَّشْديد للمُبالَغة. وقَرَأَ عاصِمٌ وحَمْزَة: (ومَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْه) بالتشديد.
والمُنَكِّسُ من الخَيْل: الذي لا يَسمو برأسِه. وقال ابن فارِس: هو الذي إذا جَرى لا يَسْمو بِهادِيْه ولا بِرَأْسِه من ضَعْفِه.
وقال الليث: إذا لَم يَلْحَقِ الفَرَسُ بالخَيل قيل: قد نَكَّسَ، وأنشد:
«إذا نَكَّسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ»
وقال رؤبة:
«آمَرْتَ نَفْسًا تَكْرُمُ النُّفُوسـا *** لَيْسَت لِخَبٍّ يَرْهَبُ التَّفْلِيْسا»
«ولا لِنِكْسٍ يَعْمُرُ التَّنْكِيْسـا»
وانْتَكَسَ الرَّجُلُ: وَقَعَ على رأسِهِ، ومنه حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: تَعَسَ وانْتَكَسَ؛ وإذا شِيْكَ فلا انْتَقَشَ. وقد ذُكِرَ الحديث بتمامِهِ في تركيب ت ع س.
والتركيب يدل على القَلْب.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
19-العباب الزاخر (مقط)
مقطالفراءُ: الماقطُ من البعيرِ: مثلُ الرازمِ، وقد مَقَطَ يَمُطُ مُقُوطًا: أي هُزل هُزالًا شديدًا.
والماقِطُ: الحازي الذي يتكهن ويطرقُ بالحصى.
وتقول العرب: فلانٌ ساقطٌ ابن ماقطِ ابن لاقطِ. فالساقطُ عبد الماقِط: والماقِطُ عبدُ اللاقِطِ؛ والاقِطُ عبدٌ مشتريٍ.
والماقِطُ -أيضًا-: الشديدُ. والمَقْطُ: الشدةُ.
وقيل في قولِ أبي جُندبٍ الهذلي:
«أين الفتى أسامةُ بن لُـعْـطِ *** هلا تقومُ أنت أو ذو الإبطِ»
«لو أنه ذو عِـزةٍ ومـقـطِ *** لمنعَ الجيرانَ بعض الهمطِ»
إن المقطَ: الضربُ، يقالِ: مقطه بالسوط، وقيل: الشدة.
وقال ابن دريدٍ: رجلٌ ماقِطٌ ومَقاطٌ: وهو الذي يكري من منزلٍ إلى منزلٍ.
ومَقَطَتُ الحبلَ أمقطه مقطًا: إذا شددت فتله، وبه سمي المِقاطُ وهو الحبلُ الشديدُ الفتلِ، وقيل: هو حبلٌ صغيرٌ يكادُ يقومُ من شدةِ إغارته. وفي حديثِ عُم ر-رضي اللّه عنه-: أنه قدمَ مكةَ فسأل من يعلمُ موضوعَ المقامَ؛ وكان السيلُ احتملهَ من مكانهِ، فقال المطلبُ بن أبي وداعةَ السهمي -رضي اللّه عنه-: أنا يا أمير المؤمنين قد كنتُ قدرتهُ وذرعتهُ بِمِقاطٍ عندي. وقال رؤبة:
«جذبي دِلاءَ المجدِ وانتشاطي *** مثلينِ في كرينِ من مِقَاطِ»
وقال أبو داودٍ جاريةُ بن الحجاج الايادي:
«مُدْمَجٍ كالمِقَاطِ يَختالُ نِسـعـًا *** زَهِماتِ الأكفالِ قُب البُطونِ»
وجمعُ المِقاطِ: مُقُطٌ -مثالُ كِتابٍ وكُتُبٍ-، قال الراعي:
«كأنها مُقُطٌ ظـلـتْ عـلـى قـيمٍ *** من ثُكْدَ واغتَمَستْ في مائهِ الكدرِ»
وقال ابن دريدٍ: مِقَاطُ الفرس: مقودُه، ومِقاطُ الدلوِ: رشاؤها.
قال؛ ويقال: رب ماقطٍ قد شَهِدهُ فلانٌ: أي معركةَ، والجمعُ: المَقاطُ.
وقال الليثُ -أيضًا- في هذا التركيب: الماقِطُ: أضيقُ المواضع.
في الحربِ وأشدها. قال الصغاني مؤلفُ هذا الكتاب؛ إيرادهما إياه في هذا التركيب سَهْو؛ "إذ هذا التركيبُ مختصٌ بما كانت ميمه أصليةً، وما ذكراه هو الماقِطُ بالهمز -كمجلس-، وقد مر في أ ق ط، والميمُ ليست بأصليةٍ".
ومَقَطَه بالأيمانِ: إذا حفله بها.
وقال ابنُ عبادٍ: مقَطَه الشيء: أي جرمه.
وقال الليث: المقطُ: ضربك بالكرةِ على الأرض ثم تأخذها، وقال الشماخُ:
«كأن أوبَ يديهـــا حـــــــين *** أدركها أوبُ المراحِ وقد نادوا بترحالِ»
«مقطُ الكُرينَ على مـكـنـوسةٍ زَلَـفٍ *** في ظهر حنانةِ الـنـيرينِ مِـعـزالِ»
وقال المُسيبُ بن علي يصفُ ناقته:
«مرحت يداها بالنجاءٍ كأنمـا *** تكروُ بكفي ماقِطٍ في صاعِ»
ويروى: "لاعبٍ في قاعِ" و"في صاعِ".
ومَقَقْتُ صاحبي أمقُطُه مَقْطًا: إذا غِظْتَه وبلغتَ إليه في الغيظ؛ عن أبي زيدٍ.
ومَقَطَتُ عُنُقه بالعصا: إذا ضربته بها حتى ينكسرَ عظمُ العُنُقِ والجلدُ صحيحٌ.
وقال الليثُ: المقطُ: الضربُ بالحبيلِ الصغيرِ المُغارِ.
وقال ابن عبادٍ: المَقِطُ -مثالُ كتفٍ-: الذي يُولدُ لستةِ أشهرٍ أو لسبعةِ أشهرٍ.
قال: والمقطُ -بالضم-: خيطٌ يصطادُ به الطيورُ، وجمعهُ: الأمقاطُ.
ومقطْتَه تمقيطًا: صرعتهُ.
وقال غيره: امتقطَ فلانٌ عينينِ مثل جمرتينِ: أي استخرجهما.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
20-القاموس المحيط (نكسه)
نَكَسَهُ: قَلَبَهُ على رأسِهِ،كنَكَّسَهُ.
ويَقْرَأُ القرآنَ مَنْكُوسًا، أي: يَبْتَدِئُ من آخِرِهِ، ويَخْتِمُ بالفاتحَةِ، أو من آخِرِ السُّورَةِ فَيَقْرَؤُهَا إلى أوَّلهَا مَقْلُوبًا، وكِلاهُمَا مَكْرُوهٌ، لا الأوَّلُ في تَعْلِيمِ الصِّبْيَةِ.
والمَنْكُوسُ في أشْكَالِ الرَّمْلِ: الإِنْكيسُ.
والوِلادُ المَنْكُوسُ: أن تخْرُجَ رِجْلاَهُ قَبْلَ رأسِهِ.
والنُّكْسُ والنُّكاسُ، بضمِّهما: عَوْدُ المَرَضِ بعدَ النَّقَهِ، نُكِسَ، كعُنِيَ،
فهو مَنْكُوسٌ.
وتَعْسًا له ونُكْسًا، وقد يفتحُ ازْدِوَاجًا.
والناكِسُ: المُتَطأطِئُ رأسُهُ
ج: نَواكِسُ شاذٌّ.
ونَكَسَ الطَّعامُ وغيرُهُ داءَ المَرِيضِ: أعادَهُ.
والنُّكُسُ، بضمَّتينِ: المُدْرَهِمُّونَ من الشُّيوخِ بعدَ الهَرَمِ، وبالكسر: السَّهْمُ يَنْكَسِرُ فُوقُهُ، فَيُجْعَلُ أعْلاهُ أسْفَلَهُ، والقَوْسُ جُعِلَ رِجْلُهَا رأسَ الغُصْنِ،
كالمَنْكُوسَةِ، وهو عَيْبٌ، والضعيفُ، والنَّصْلُ يَنْكَسِرُ سِنْخُهُ، فَتُجْعَلُ ظُبَتُهُ سِنْخًا، واليَتْنُ من الأولادِ، والمُقَصِّرُ
عن غايةِ الكَرَمِ
ج: أنْكَاسٌ. وكمحدِّثٍ: الفرسُ لا يَسْمُو برأسِهِ ولا بِهادِيهِ إذا جَرَى ضَعْفًا، أو الذي لم يَلْحَقِ الخَيلَ.
وانْتَكَسَ: وَقَعَ على رأسِهِ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
21-القاموس المحيط (عقص)
عَقَصَ شَعَرَهُ يَعْقِصُهُ: ضَفَرَهُ، وفَتَلَهُ.والعِقْصَةُ، بالكسر،
والعَقِيصَةُ: الضَّفِيرَةُ
ج: عِقَصٌ وعِقاصٌ وعَقائصُ. وذُو العَقِيصَتَيْنِ، ضِمَامُ بنُ ثعلبةَ: صَحَابِيٌّ. وككِتابٍ: خَيْطٌ يُشَدُّ به أطْرَافُ الذَّوائِبِ.
وعُقْصَةُ القَرْنِ، بالضم: عُقْدَتُهُ.
والمِعْقَصُ، كمِنْبَرٍ: السَّهْمُ المُعْوَجُّ، وما يَنْكَسِرُ نَصْلُهُ فَيَبْقَى سِنْخُهُ في السَّهْمِ، فَيُخْرَجُ، ويُضْرَبُ حتى يَطُولَ، ويُرَدُّ إلى مَوْضِعِهِ.
والمِعْقَاصُ: أسْوَأُ من المِعْفَاصِ، والشاةُ المُعْوَجَّةُ القَرْنِ. وعَقِيصَى، مَقْصُورًا: لَقَبُ أبي سعيدٍ التَّيْمِيِّ التابِعِيِّ.
والأعْقَصُ من التُّيوسِ: ما الْتَوَى قَرْنَاهُ على أذُنَيْهِ من خَلْفِهِ، والذي تَلَوَّتْ أصابِعُهُ بعضُهَا على بعضٍ، والذي دَخَلَتْ ثَنَاياهُ في فِيه.
والعَقَصُ، محركةً: خَرْمُ مُفاعَلَتُنْ في الوافِرِ بعدَ العَصْبِ وبَيْتُهُ:
«لَوْلاَ مَلِكّ رَؤُفٌ رَحيمٌ *** تَدارَكَنِي بِرَحْمَتِهِ هَلَكْتُ»
مُشْتَقٌّ منه. وككتِفٍ: رَمْلٌ مُتَعَقِّدٌ لا طَرِيقَ فيه، وعُنُقُ الكَرِشِ، والبخيلُ،
كالعَيْقَصِ، كحَيْدَرٍ وسِكِّيتٍ.
والعُقَيْصَاءُ: كَرِشةٌ صغيرةٌ مَقْرُونَةٌ بالكَرِشِ الكُبْرَى.
والعَقَنْقَصَةُ، كعَكَنْكَعَةٍ وخُبَعْثِنَةٍ: دُوَيبَّةٌ.
والمُعاقَصَةُ: المُعازَّةُ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
22-القاموس المحيط (رعظ)
رُعْظُ السَّهْمِ، بالضم: مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ، وفَوْقَهُ لفائِفُ العَقَبِج: أرْعاظٌ: و"إنَّ فلانًا لَيَكْسِرُ عليكَ أرْعاظَ النَّبْلِ" مَثَلٌ لمن يَشْتَدُّ غَضَبُه، كأَنه يقولُ: إذا أخَذَ السَّهْمَ، نَكَتَ به الأرضَ وهو واجِمٌ، نَكْتًا شديدًا حتى يَنْكَسِرَ رُعْظُه. أو معناهُ: يَحْرِقُ عليكَ الأَسْنانَ، شَبَّهَ مَداخِلَ الأنْيابِ ومَنابِتَها بمَداخِلِ النِّصالِ من النِّبال. ومَثَلٌ آخَرُ" ما قَدَرْتُ على كذا حتى تَعَطَّفَتْ عليَّ أرْعاظُ النَّبْلِ".
ورَعَظَه، كمنَعه: جَعَلَ له رُعْظًا،
كأرْعَظَه، وكَسَر رُعْظَه، ضِدٌّ.
والتَّرْعيظُ: التَّفتيرُ، والتَّعْجيلُ، ضدٌّ. وتحريكُ الإِصْبَعِ لِتَرَى أبِها بَأْسٌ، أو الوَتِدِ لِتَقْلَعَه.
والتَّرَعُّظُ: أن تُحاوِلَ تَسْوِيَةَ حِمْلٍ على بعيرٍ فَيَروغَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
23-القاموس المحيط (القحف)
القِحْفُ، بالكسر: العَظْمُ فوق الدِماغِ، وما انْفَلَقَ من الجُمْجُمَةِ فبانَ، ولا يُدْعَى قِحْفًا حتى يَبينَ أو يَنْكَسِرَ منه شيءٌ، ج: أقْحافٌ وقُحوفٌ وقِحَفَةٌ،و=: القَدَحُ، أو الفِلْقَةُ من القَصْعَةِ إذا انْثَلَمَتْ، وإناءٌ من خَشَبٍ نحوُ قِحْفِ الرأسِ، كأنه نِصْفُ قَدَحٍ، ومنه:
اليومَ قِحافٌ وغَدًا نِقافٌ، أي: الشُّرْبُ بالقِحافِ.
أو القِحْفُ والقِحافُ، بكسرهما: شِدّةُ الشُّرْبِ.
و"مالَه قِدٌّ ولا قِحْفٌ" أي: شيءٌ، والقِدُّ: قَدَحٌ من جِلْدٍ.
وهو "أفْلَسُ من ضاربِ قِحْفِ اسْتِه"، وهو: شِقُّه، بمعنى: لِحْفِ اسْتِه،
وبالضم: جمعُ قاحِفٍ: لمُسْتَخْرِجِ ما في الإِناءِ.
ورَماهُ بأَقْحافِ رأسِه: إذا أسْكَتَهُ بداهيةٍ، أَوْرَدَها عليه، أو مَعناهُ: رَماهُ بنَفْسِهِ، أو نَطَحَهُ عَمَّا يُحاوِلُهُ.
والقَحْفُ، كالمَنْعِ: قَطْعُ القِحْفِ، أو كَسْرُهُ، أو ضَرْبُهُ، أو إصابَتُهُ، وشُرْبُ جَميعِ ما في الإِناءِ،
كالاقْتِحافِ، واسْتِخْراجُ ما في الإِناءِ، أو جَذْبُ الثَّريدِ وغَيْرِهِ منه.
ورَجُلٌ مَقْحوفٌ: مَقْطوعُ القِحْفِ.
وكمِكنَسَةٍ: المِذْرأةُ يُقْحَفُ بها الحَبُّ، أي: يُذْرَى.
والقاحِفُ: المَطَرُ يَجيءُ فَجْأَةً
فَيَقتَحِفُ كُلَّ شيء، أي: يَذْهَبُ به. وكزُبَيْرٍ، ابنُ عُمَيْرِ بنِ سُلَيْمِ النَّدَى: شاعرٌ.
والقُحوفُ: المَغارِفُ.
وسَيْلٌ قُحافٌ، كغُرابٍ: جُرافٌ.
وبَنو قُحافَةَ: بَطْنٌ من خَثْعَمَ. وأبو قُحافَةَ، عثمانُ بنُ عامِرٍ: صَحابِيٌّ، والدُ الصدّيق، رضي الله تعالى عنهما.
وكلُّ ما اقْتَحَفْتَهُ فهو: قُحافَةٌ.
وعَجاجَةٌ قَحْفاءُ: تَقْحَفُ الشيءَ، أي: تَذْهَبُ به.
وأقْحَفَ: جَمَعَ حِجارَةً في بَيْتِهِ، فَوَضَعَ عليها مَتاعَهُ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
24-القاموس المحيط (جل)
جَلَّ يَجِلُّ جَلالَةً وجَلالًا: أسَنَّ واحْتَنَكَ، فهو جَليلٌ من جِلَّةٍ،وـ جَلالًا: عَظُمَ، فهو جَليلٌ وجِلٌّ، بالكسر والفتح، وكغُرابٍ ورُمَّانٍ، وهي جَليلةٌ وجُلالَةٌ.
وأجَلَّه: عَظَّمَهُ.
والتَّجِلَّةُ: اسمٌ.
وجُلُّ الشيءِ،
وجُلالُه، بضمهما: مُعظَمُهُ.
وتَجَلَّلَه: عَلاهُ، وأخَذَ جُلَّهُ.
وتَجالَّ عنه: تعَاظَمَ.
والجُلَّى، كرُبَّى: الأمرُ العظيمُ، ج: جُلَلٌ.
وقَوْمٌ جِلَّةٌ، بالكسر: عُظماءُ سادةٌ، ذَوُو أخْطارٍ، وهي المَسانُّ مِنَّا ومن الإِبِلِ، للواحدِ والجمْعِ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، أو هي الثَّنِيَّةُ إلى أن تَبْزُلَ، أو الجَملُ إذا أثْنَى، أو يُقالُ: بَعيرٌ جِلٌّ، وناقَةٌ جِلَّةٌ، وبالضم: قُفَّةٌ كبيرَةٌ للتَّمْرِ.
والجَلَلُ، محرَّكةً: العظيمُ والصَّغيرُ، ضِدٌّ.
والجِلُّ، بالكسرِ: ضِدُّ الدِّقِّ،
وـ من المَتاعِ: البُسْطُ، والأَكْسِيَةُ ونَحْوُها، وقَصَبُ الزَّرْعِ إذا حُصِدَ، ويُضَمُّ ويُفْتَحُ، وبالضم وبالفتح: ما تُلْبَسُهُ الدابَّةُ لتُصَانَ به، وقد جَلَّلْتُها وجَلَلْتُها، ج: جِلالٌ وأجْلالٌ، وبالفتح: الشِّراعُ، ويُضَمُّ،
ج: جُلولٌ، واسْمُ أبي حَيٍّ من العَربِ، والجَليلُ، والحَقيرُ، ضِدٌّ، وبالضم، ويفتَحُ: الياسَمِينُ، والوَرْدُ أبْيَضُهُ وأحْمَرُهُ وأصْفَرُهُ، الواحِدَةُ: بهاءٍ، وماءٌ قُرْبَ واقِصَةَ. وجُلُّ بنُ خُقٍّ، بالضم: في طَيِّئٍ.
وجُلُّ بَيْتِكَ: حَيْثُ ضُرِبَ وبُنِيَ. وكسَحابٍ: أَبو الجَلالِ الزُّبَيْرُ بنُ عُمَرَ، والكِرْمِينِيُّ، أَو هو بالحاءِ: مُحَدِّثانِ. وأُمُّ الجَلالِ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ كُلَيْبٍ العُقَيْلِيَّةُ، ومحمدُ بنُ أبي بَكْرٍ الجَلالِيُّ: مُحَدِّثٌ.
وذاتُ الجِلالِ، بالكسر: فَرَسُ هِلالِ بن قَيْسٍ الأَسَدِيِّ، وبالضم: الضَّخْمُ، وجَبَلٌ، ومُعْظَمُ الشيءِ.
وجَلاَّلٌ، كشَدَّادٍ: اسْمٌ لطَريقِ نَجْدٍ إلى مَكَّةَ.
والجَلاَّلَةُ: البَقَرَةُ تَتَبَّعُ النجاساتِ. وككُناسَةٍ: الناقَةُ العَظيمَةُ.
والجُلَّةُ، بالضم: وعاءٌ من خوصٍ، ج: جِلالٌ وجُلَلٌ.
والجِلَّةُ، مُثَلَّثَةً: البَعَرُ، أو البَعَرَةُ، أو الذي لم يَنْكَسِرْ.
وجَلَّ البَعَرَ جَلاًّ وجَلَّةً: جَمَعَهُ بيدِهِ.
واجْتَلَّهُ: التَقَطَهُ للوَقُودِ.
وفَعَلَهُ من جُلِّكَ، بالضم،
وجَلالِكَ وجَلَلِكَ، محرَّكةً،
وتجِلَّتِكَ وإجْلالِكَ، بالكسر، ومن أجلِ إجْلالِكَ، ومن أجْلِكَ: بمعنًى.
وجَلَلْتَ هذا على نَفْسِكَ: جَنَيْتَهُ.
وجَلُّوا عن منازِلِهِم يَجِلُّونَ جُلولًا وجَلاًّ: جَلَوْا، وهُمُ الجالَّةُ،
وـ الأَقِطَ: أخذوا جُلالَهُ.
وجَلُّ، وجَلاَّنُ: حَيَّانِ.
والتَّجَلْجُلُ: السُّؤوخُ في الأرضِ، والتحرُّكُ، والتَّضَعْضُعُ.
والجَلْجَلَةُ: التحريكُ، وشِدَّةُ الصَّوْتِ، وصَوْتُ الرَّعْدِ، والوَعيدُ. وسَحابٌ مُجَلْجِلٌ، وغَيْثٌ جَلْجَالٌ.
ورَجُلٌ مُجَلْجَلٌ، بالفتحِ: ظَريفٌ جِدًّا لا عَيْبَ فيه،
وـ من الإِبِلِ: ما تَمَّتْ شِدَّتُهُ.
والمُجَلجِلُ بالكسر: السَّيِّدُ القَوِيُّ، أو البَعيدُ الصَّوْتِ، والجَرِيءُ الدَّفَّاعُ المِنْطِيقُ، والكَثيرُ من الأَعْدادِ.
والجُلْجُلُ، بالضم: الجَرَسُ الصَّغِيرُ.
وإبِلٌ مُجَلْجَلَةٌ: عُلِّقَ عليها.
ودارَةُ جُلْجُلٍ: ع.
والجلَلُ، محرَّكةً: الأَمرُ العظيمُ، والهَيِّنُ الحَقِيرُ، ضِدٌّ.
والجُلْجُلانُ، بالضم: ثَمَرُ الكُزْبَرَةِ، وحَبُّ السِّمْسِمِ، وحَبَّةُ القَلْبِ.
وجَلْجَلَهُ: خَلَطَهُ،
وـ الفَرَسُ: صَفا صَهيلُهُ،
وـ الوتَرَ: شَدَّ فَتْلَهُ.
وجَلاجِلُ، ويُضَمُّ: ع، وبالفتح: آخَرُ.
والمَجَلَّةُ، بالفتح: الصَّحيفَةُ فيها الحِكْمَةُ، وكُلُّ كتابٍ. وكأَميرٍ: العظيمُ، والثُّمامُ، ج: جَلائِلُ، واسْمٌ، وقَوْمٌ باليمنِ، منهم: أبو مُسْلِمٍ الجَلِيلِيُّ التابِعِيُّ، أَو من ذِي الجَليلِ وادٍ بها.
وجبَلُ الجَليلِ: بالشامِ.
والجَليلَةُ: التي نُتِجَتْ بَطْنًا واحِدًا.
وما أجَلَّني: ما أعْطانِيها،
وـ: النَّخْلَةُ العظيمةُ الكثيرةُ الحَمْلِ، ج: جِلالٌ.
وجَلُولاءُ: ة ببَغْدَادَ قُرْبَ خانِقينَ بِمَرْحَلَةٍ، وهو جَلُولِيُّ، ولها وَقْعَةٌ. وأُمُّ جَميلٍ فاطِمَةُ بِنْتُ المُجَلِّلِ، كمحدِّثٍ: صحابِيَّةٌ.
وأجَلَّ: قَوِيَ، وضَعُفَ، ضِدٌّ.
واجْتَلَلْتُه وتَجالَلْتُه: أخَذْتُ جِلالَهُ.
وجَلُلْتا، بفتح الجيم وضم اللام: ة بنواحي النَّهْرَوانِ.
وجلولَتَيْن: ة. وأبو جُلَّةَ، بالضم: رجُلٌ.
وجُلالَةُ، بالضم: امرأةٌ.
وأبْثَثْتُهُ جُلاجِلَ نَفْسِي، بالضم، أي: ما كانَ يَتَجَلْجَلُ فيها.
وحِمارٌ جُلاجِلٌ وجُلالٌ: صافي النَّهيقِ.
وغُلامٌ جُلاجِلٌ أيضًا. وكهُدْهُدٍ: خَفيفُ الرُّوحِ نَشيطٌ في عَمَلِهِ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
25-المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (حيى)
(حيى) - في الحديث: "يُصَلِّى العَصْرَ والشَّمسُ حَيَّة".قيل: حَياتُها: شِدَّةُ وَهِيجِها وبَقاءُ حَرِّها لم ينكَسِر منه شىءٌ وقيل: حَياتُها: صَفاءُ لَونِها لم يدخُلْها التَّغَيُّر.
- في الحديث: "أنَّ المَلائِكَةَ قالت لآدم، عليه الصلاة والسلام: حَيَّاك اللهُ تَعالَى وبَيَّاك"
حَيَّاكَ. قِيل: أَبقاكَ، من الحَيَاة، وقيل: مَلَّكَك، وقيل: سَلَّم عليكَ. وقيل: أَفرحَك. وقيل: هو من استِقبال المُحَيَّا، وهو الوَجْه، وهو من الفَرَس دَائِرَةٌ في أَسفلِ النَّاصِيَة.
وبَيَّاك: إتباعٌ له، وقيل: أي بَوَّأَك منزِلًا، ترك الهمْزَ، وأَبدَل من الوَاوِ يَاءً لِيزْدَوِجَ الكَلامُ، كالغَدَايا والعَشَايا. وقال أبو زَيْد الأَنصارِىّ: بَيَّاك: قَرَّبك، وأنشد:
«بَيًّا لهم إذْ نَزَلُوا الطَّعاما »
: أي قَرَّبه إليهم، وقال ابن الأعرابى: بَيَّاكَ: قَصَدَك بالتَّحِية، وأنشد:
«لَمَّا تَبَيَّيْنا أَخَا تَمِيمِ *** أَعطى عَطَاء اللَّحِزِ اللَّئِيمِ»
: أي لَمَّا قَصدْناه.
وقال الأصمعى: بَيَّاك: أَضْحكك، ذهب إلى قَولِ المفُسِّرين؛ لأنهم زَعَمُوا: أَنَّ قَابِيل لمَّا قَتَل هابِيلَ مَكَث آدمُ، عليه الصلاة والسلام، كَذَا وكَذَا لا يَضْحَكُ، فأَوحَى الله تعالى إليه: "حَيَّاكَ الله وبَيَّاك": أي أضحَكَك، فَضحِك حِينَئِذٍ.
- قوله للأَنصَارِ: "المَحْيَا مَحْياكُم".
المَحْيَا: الحَياةُ، ومَوضِعُ الحَياةِ، وزمان الحَياةِ.
- في الحديث: "أنه كَرِه من الشَّاة سبعًا: الدَّمَ، والمَرارةَ، والحَياءَ، والغُدَّة، والذَّكَر، والأُنْثَيَيْنِ، والمَثَانَة".
الحَياءُ ممدود: الفَرْج لِذَوات الخُفِّ والظَّلف، وجمعه أَحْيِية، من مصدر استَحْيَا قَصدًا إلى التَّورية، وأنه مِمَّا يُسْتَحَى من ذِكْره.
- في حَدِيثُ عُمَرَ: "أَحيُوا ما بين العِشَاءَين"
: أي تَأَرّقوا، لأَنَّ النومَ موتٌ، واليَقظَة حَياةٌ، ومَرجِع الصِّفة إلى صَاحِب اللَّيل، وهو من باب قَولِه:
«فأَتت به حُوشَ الجَنانِ مُبطَّنًا *** سُهُدًا إذَا مَا نَامَ لَيْلُ الهَوْجلِ»
أي: يُنام فيه، ويُرِيد بالعِشاءَين المَغرِبَ والعِشاءَ، فَغلَّب العِشاءَ: كالعُمَرين].
المجموع المغيث في غريبي القرآن-محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى-توفي: 581هـ/1185م
26-المعجم الاشتقاقي المؤصل (حيي)
(حيي): {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]الحيّة: الحَنَش. والحيّ من النبات: ما كان طريًّا يهتز. وأرض حَيَّة: مُخْصِبة. وأحْيَيْناها: وَجَدْناها حَيّة النبات غَضّة. وحياءُ ذوات الظلف والخف: رَحِمُها.
° المعنى المحوري
امتلاء بالطراءة التي لها حِدّةٌ ما أو فاعلية تتمثل في رهافة الحسّ وفي النمو حركة أو امتدادًا: كجِرْم الحية ممتدَّا يتحرك (والامتداد يصور النمو)، وتتجلى طراءته في مرونته وتَلَويِّه دُونَ أن ينقطع كأنه مليءٌ بمانع. والتلوِّى دون انكسار يعطي التماسكَ أيضًا، وكالنبات الطري ينمو، واهتزازه دون أن ينكسر يبدي تماسكه. والحياءُ مجتمعُ الجرم على طراءة وهو حادّ الحس (وهو للمرأة حَيّ -بالفتح. وقد ارتبط تركيب (حيي) في القرآن الكريم بالماء في أكثر من عشرة مواضع مثل {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: 65]. ومن ذلك أيضًا "الحيا: المطر " (به تكون الطراءة والنمو، وفُسِّر أيضًا بالخِصْب). ومنه أيضًا: "المحاياة: الغِذَاء للصبي " (به نموه وغضاضته) (وعند الفلاحين أول سَقْية لبعض ما يزرعون تُسَمى رَيَّة المحاياة). "وأحيا القومُ: أُمطِروا فأصابت دوابُّهم العُشْب حتى سَمِنت. وحَيُوا هُمْ أنفسُهم بعد الهزال ". (السِمَن عن شحم متراكم وهو طري) وقالوا "حَيَّ الطريقُ: استبان " (وهو حينئذ ممتد متصل متماسك) ومن ذلك الأصل "الحياة نقيض الموت " (قوة سارية تتمثل في الحِسّ والنموّ وهو حركة واتصال وامتداد مع الطراءة. وجسمُ الميت يتصلب). {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ} [الأعراف: 25] {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ} [الحج: 66] "والحيوان: الحياة الدائمة الباقية " {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الحياة ضد الموت -عدا التحية والحياء. وعنه الاستحياء إبقاء الشخص حيًّا أي عدم قتله {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49، الأعراف: 141، إبراهيم: 6] وكذلك ما في [الأعراف: 127، والقصص: 4، وغافر: 25].
ومن "الأصل التحيّة: البقاء "إذ هو امتداد واتصال مع رقة الحياة والحركة ومنه قول زهير بن جناب الكلبي:
ولَكُلُّ ما نالَ الفَتَى.. قد نِلْتُه إلا التحية
(أي الخلود) والتحيةُ: السلامُ من ذلك أيضًا فالشائع بين عرب الجزيرة إلى الآن: "حَيّاك الله "ومعناها أحياك الله أي أبقاك، "وأعمرك الله " [ل 236/ 237] وهذا المعنى مازال شائعًا إلى الآن (أطال الله عمرك وأبقاك وعافاك إلخ) وقد كان شائحًا قديمًا عند العرب والعجم [ل 237] وما أظنه كان خاصًّا. والتحيةُ في هذا صِنْو السلام من حيث المعنى فهو من السلامة وهي بقاء أو سبب للبقاء {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ومثلها ما في [المجادلة: 8]، وكل كلمة (تحية). وقولنا في التشهد "التحياتُ لله "معناها البقاء والدوام والسلامة (من كل نقص) كقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] وفيها معنى التنزيه مثل (سبحان الله، وتعالى الله). وفُسّرت بأنها جَمْع أنواع التحية: السلام. وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26] (أي لا يستبقى ذلك ولا يمنع منه ولا يحجزه -وأنا
أستريح لهذا التفسير هنا) وفي [طب 1/ 398، ول 238/ 18] جُعِلَتْ من الحَياء الذي هو نحو الخجل.
ومما في الأصل من تجمع مع رقة في الباطن قالوا: "الحَيّ: الواحدُ من أحياء العرب، والبطنُ من بطون العرب " (فهذا تجمع لقوم يربطهم الدم والرحم وهما رقة تضادّ جَفَافَ الأجانب وجفاءهم، مع التعاطف (إحساس)، ولتجمع القوم حركة كثيرة ونمو أيضًا).
والحياءُ الذي هو ضد الوقاحة هو من الامتلاء بالغضاضة والطراءة والحس المرهف المتمثل في سرعة التأثر. والعامة تصف الحيِىّ بأنه عنده دم وأنه حسّاس، ومن توقح بأنه فاقد الدم والإحساس، ويقال لمن عانَى مخجلًا: أراق ماءَ وجهه. قال الشاعر:
عساها تنجلي وخلاك ذم... وماء الوجه في الوَجَنات جار
ومن وقع في ما يُستحيا منه يقول إنه مَبْلول، والشوام يقولون مَغْسول) {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25]، {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]. وتأثر المستحْيي يغلب أن يكون انقباضًا، وقد عُرّفَ الحياءُ بأنه التوبةُ والحشمةُ. والتوبة انقباض وإمساك. وقالوا "لا حَيَّ عنه ولا حَدَدَ: أي لا مَنْعَ منه لا يَحُدّ عنه شيء " [ل 233/ 10] والمنع إمساك وقبض.
ومن الصفة (حيّ) ولوازمها استعملوا كلمة (حَيّ) بمعنى شَخْص ذي حياة قال: {وَحَيَّ بَكْرٍ طَعَنّا}، "أدركتُ حَيَّ أبي حفص "، "إن حيَّ ليلى لَشاعرة "يريدون ليلى، "أتانا حيُّ فلان أي أتانا في حياته "، "وسمعت حَيّ فلان يقول كذا
أي سمعته يقول "في حياته، {بعد حَيّ أبي المغيرة} أي بعد أبي المغيرة "، و "قاله حيُّ رياح: أي رياح "ثم قالوا: "حَيُّ فلان: فلان نفسه ". ومن هذا أيضًا قولهم "صليت العصر والشمس حَيَّة "أي فيها حدّتها وفاعليتها لم يصبها الفتور بدنو الغروب (غروبها انطفاء وموت).
وقولهم حيَّ على الصلاة أي ائتوها، وكذلك على الغداء أي هلموا وأقبلوا -وهو من المعنى المحوري أي تحركوا إلى مكانها.
المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
27-المعجم الاشتقاقي المؤصل (لد)
° معنى الفصل المعجمي (لد): الضم الشديد أي الحوز بلا إفلات -كما يتمثل في لَدِيدي الوادي جانبيه اللذين يحوزان ماءه- في (لدد)، وفي المكان الذي يستقر فيه الشيء- في (لَدى)، وفي صلة الولد بوالده كونه منه وامتدادًا وتبعًا له- في (ولد)، وفي تماسك الشيء اللدْن لا ينكسر رغم قبوله الاهتزاز والاضطراب- في (لدن).المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
28-المعجم الاشتقاقي المؤصل (نكس)
(نكس): {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [السجدة: 12]النِكْس -بالكسر: السَهمُ الذي يَنكسر فُوقُه فيُجعَل أعلاه أسفله، والرجلُ القصير، والمنكس من الخيل- كمُحَدِّث: الذي لا يسمو برأسه. والمنكوس من الولادة: أن يَخْرُج رِجْلا المولود قَبْلَ رأسه. ونُكِس المريض- للمفعول: عاد في مرضه بعد النَقَه. ونَكَسْت فلانًا في ذلك الأمر: رَدَدته فيه بعد ما خرج منه.
° المعنى المحوري
انقلاب الشيء أو ارتداده عن مُطّرِدِ حاله واتجاهِه: كالسهم المذكور. والقصيرُ ارتدَّ امتداده إلى داخله (يوصف أيضًا بأنه مُرَدَّد)، والفرس الذي لا يسمو برأسه يتجه به إلى أسفل بعكس المعتاد من الخيل. ومنه "الناكس: المطأطيء رأسه من ذلك -كما في آية التركيب. {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68]. كقوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيبَةً} [الروم: 54].
ومن الانتكاس المعنوي {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 64 - 65]. بعد ما سلّموا أنهم ظالمون لأنهم لم يسلكوا السبيل الصحيح بسؤال (المجني عليه) (الأصنام) عمن كسّرها، عادوا يفترضون أنهم كانوا على صواب إذ سألوا إبراهيم، لأن إبراهيم يعلم أن الأصنام لا تنطق فكيف يحيلهم عليها؟ أي أنهم تركوا الحدث الأصلي، وتضرروا من السخرية اللافتة التي وجهها إليهم سيدنا إبراهيم.
المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
29-المعجم المفصل في علم الصرف (اسم المفعول)
اسم المفعول1 ـ تعريفه: هو اسم مشتقّ، يدلّ على معنى مجرّد، غير ملازم، وعلى الذي وقع عليه هذا المعنى، نحو: «منظور»، و «مكتوب».
2 ـ صياغته من الثلاثيّ: يصاغ اسم المفعول من الثلاثيّ المجرّد على وزن «مفعول»، نحو: «منصور»، و «مخذول».
ولكن إذا كان هذا الثلاثيّ أجوف واويّا، فإنّ اسم المفعول يكون على وزن «مفول» نحو: «قال ـ مقول»، والأصل: «مقوول».
وإذا كان أجوف يائيّا، فإنّه يكون على وزن «فعيل»، نحو: «باع ـ مبيع، والأصل: «مبيوع».
وإذا صيغ اسم المفعول من فعل ناقص، آخره ياء أو ألف أصلها ياء، فإنّ واوه تقلب ياء، ويكسر ما قبلها، وتدغم في الياء بعدها، نحو: «رضي ـ مرضيّ»؛ أمّا إذا صيغ من فعل ناقص، آخره ألف أصلها واو، فإنّ واو المفعول تدغم بلام الفعل، نحو: «دعا ـ مدعوّ».
وهناك ألفاظ تكون بلفظ واحد لاسم الفاعل واسم المفعول، نحو: «محتاج»، و «محتلّ»، و «مختار».
3 ـ صياغته ممّا فوق الثلاثيّ:
يصاغ اسم المفعول ممّا فوق الثلاثيّ من المضارع المجهول، بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة، نحو: «دحرج ـ يدحرج ـ مدحرج». وأوزانه هي:
أ ـ من الثلاثيّ المزيد بحرف:
ـ مفاعل نحو: «صارع ـ يصارع ـ مصارع».
ـ مفعل نحو: «أكرم ـ يكرم ـ مكرم».
ـ مفعّل نحو: «عظّم ـ يعظّم ـ معظّم».
ب ـ من الثلاثيّ المزيد بحرفين:
ـ متفاعل نحو: «تصارع ـ يتصارع ـ متصارع».
ـ متفعّل نحو: «تحطّم ـ يتحطّم ـ متحطّم».
ـ مفتعل نحو: «استمع ـ يستمع ـ مستمع».
ـ منفعل نحو: «انكسر ـ ينكسر ـ منكسر».
ـ مفعلّ نحو: «احمرّ ـ يحمرّ ـ محمرّ».
ج ـ من الثلاثيّ المزيد بثلاثة أحرف:
ـ مستفعل نحو: «استخرج ـ يستخرج ـ مستخرج».
ـ مفعوّل نحو: «اجلوّذ ـ يجلوّذ ـ مجلوّذ».
ـ مفعالّ نحو: «احمارّ ـ يحمارّ ـ محمارّ».
ـ مفعوعل نحو: «اعشوشب ـ يعشوشب ـ معشوشب».
د ـ من الرباعيّ المجرّد:
ـ مفعلل نحو: «دحرج ـ يدحرج ـ مدحرج».
ه ـ من الملحق بالرباعيّ:
ـ متفعل نحو: «ترجم ـ يترجم ـ مترجم».
ـ مفأعل نحو: «طأمن ـ يطأمن ـ مطأمن».
ـ مسفعل نحو: «سنبس (أسرع) ـ يسنبس ـ مسنبس».
ـ مفتعل نحو: «حترف (اتخذ حرفة) ـ يحترف ـ محترف».
ـ مفعأل نحو: «برأل (نفش ريشه) ـ يبرأل ـ مبرأل».
ـ ممفعل نحو: «مرحب ـ يمرحب ـ ممرحب».
ـ مفعلى نحو: «قلسى (ألبسه القلنسوة) ـ يقلسى ـ مقلسى».
ـ مفعمل نحو: «قصمل (قارب الخطى في المشي) ـ يقصمل ـ مقصمل».
ـ مفوعل نحو: «صوبن ـ يصوبن ـ مصوبن».
ـ مفعفل نحو: «زهزق (ضحك شديدا) ـ يزهزق ـ مزهزق».
ـ مفعلت نحو: «عفرت ـ يعفرت ـ معفرت».
ـ مفعلل نحو: «جلبب ـ يجلبب ـ مجلبب».
ـ مفعلس نحو: «خلبس (خلب) ـ يخلبس ـ مخلبس».
ـ منفعل نحو: «نرجس ـ ينرجس ـ منرجس».
ـ ميفعل نحو: «يرنأ (صبغ بالحنّاء) ـ يبرنأ ـ مبرنأ».
ـ مهفعل نحو: «همرش (تحرّك) ـ
يهمرش ـ مهمرش».
ـ مفعهل نحو: «برهن ـ يبرهن ـ مبرهن».
ـ مفعلم نحو: «غلصم (قطع غلصومه) ـ يغلصم ـ مغلصم».
ـ مفعلن نحو: «قطرن ـ يقطرن ـ مقطرن».
ـ مفعنل نحو: «قلنس (ألبسه القلنسوة) ـ يقلنس ـ مقلنس».
ـ مفعول نحو: «جهور (أظهر) ـ يجهور ـ مجهور».
ـ مفعيل نحو: «شريف (شريف الزرع: قطع أوراقه) ـ يشريف ـ مشريف».
ـ مفيعل نحو: «سيطر ـ يسيطر ـ مسيطر».
ـ مفهعل نحو: «دهبل (أكبر اللقمة) ـ يدهبل ـ مدهبل».
ـ مفمعل نحو: «حمظل (جنى الحنظل) ـ يحمظل ـ محمظل».
ـ مفنعل نحو: «جندل ـ يجندل ـ مجندل».
و ـ من الرباعيّ المزيد بحرف:
ـ متفعلل نحو: «تدحرج ـ يتدحرج ـ متدحرج».
ز ـ من الرباعيّ المزيد بحرفين:
ـ مفعللّ نحو: «اطمأنّ ـ يطمأنّ ـ مطمأنّ».
ـ مفعنلل نحو: «احرنجم ـ يحرنجم ـ محرنجم».
ح ـ من الملحق بالرباعيّ الذي زيد فيه حرف واحد:
ـ متفعلى نحو: «تقلسى (لبس القلنسوة) ـ يتقلسى ـ متقلسى».
ـ متفعأل نحو: «تبرأل (نفش ريشه) ـ يتبرأل ـ متبرأل».
ـ متفتعل نحو: «تحترف (اتّخذ حرفة) ـ يتحترف ـ متحترف».
ـ متفعلل نحو: «تجلبب (لبس الجلباب) ـ يتجلبب ـ متجلبب».
ـ متفعيل نحو: «تتريق (شرب الترياق، وهو دواء للسّموم) ـ يتتريق ـ متتريق».
ـ متفعول نحو: «ترهوك (ماج في مشيه) ـ يترهوك ـ مترهوك».
ـ متفعلت نحو: «تعفرت ـ يتعفرت ـ متعفرت».
ـ متفعنل نحو: «تقلنس (لبس القلنسوة) ـ يتقلنس ـ متقلنس».
ـ متمفعل نحو: «تمسكن ـ يتمسكن ـ متمسكن».
ـ متفيعل نحو: «تشيطن ـ يتشيطن ـ متشيطن».
ـ متفوعل نحو: «تجورب ـ يتجورب ـ متجورب».
ط ـ من الملحق بالرباعي المزيد فيه حرفان:
ـ مفتعلى نحو: «استلقى ـ يستلقى ـ مستلقى».
ـ مفتعأل نحو: «استلأم (استلم) ـ يستلأم ـ مستلأم».
ـ مفعنلل ذو الزيادة، نحو: «اقعنسس (تأخّر) ـ يقعنسس ـ مقعنسس».
ـ مفعلّل نحو: «اخرمّش (سكت) ـ يخرمّش ـ مخرمّش».
ـ مفعنلى نحو: «احرنبى (احرنبى الديك: نفش ريشه وتهيّأ للقتال) ـ يحرنبى ـ محرنبى».
ـ مفعنمل أو مفعمّل نحو: «اهرنمع أو اهرمّع (أسرع في مشيه) ـ يهرنمع أو يهرمّع ـ مهرنمع أو مهرمّع».
ـ مفعيّل نحو: «اهبيّخ (تبختر) ـ يهبيّخ ـ مهبيّخ».
ـ مفونعل نحو: «احونصل (أخرج حوصلته) ـ يحونصل ـ محونصل».
ـ مفعألّ نحو: «ازلأمّ» ـ يزلأمّ ـ مزلأمّ».
ـ منفعلّ نحو: «انقهلّ (ضعف) ـ ينقهلّ ـ منقهلّ».
ـ مفعللّ ذو الزيادة، نحو: «ابيضضّ (اشتدّ بياضه) ـ يبيضضّ ـ مبيضضّ».
ـ مفوعلّ نحو: «اكوهدّ (ارتعد) ـ يكوهدّ ـ مكوهدّ».
ـ مفعهلّ نحو: «اقمهدّ (رفع رأسه) ـ يقمهدّ ـ مقمهدّ».
ـ مفعملّ نحو: «اسمقرّ (اسمقرّ النهار) ـ يسمقرّ ـ مسمقرّ».
ـ مفلعلّ نحو: «ازلعبّ (كثف) ـ يزلعبّ ـ مزلعبّ».
ـ مفعولّ نحو: «اهروزّ ـ يهروزّ ـ مهروزّ»
ملاحظة: تأتي «فعيل» بمعنى «مفعول» نحو: «قتيل»، و «جريح»، و «أسير»، و «حبيب»، وهي بمعنى: «مقتول» و «مجروح» و «مأسور» و «محبوب».
ويستوي فيه المذكر والمؤنّث، نحو: «امرأة كحيل العين ورجل كحيلها». وقيل فيه: إنّه يقاس في الأفعال التي ليس لها «فعيل» بمعنى «فاعل»، نحو «قتل»، و «سلب»، ولا ينقاس في الأفعال التي لها ذلك، نحو:
«سمع» و «علم» لأنّهم قالوا: «سميع”
و «عليم» بمعنى «سامع» و «عالم». وهو سماعيّ.
وهناك أوزان أخرى تنوب عن مفعول في الدلالة على معناه وهي:
فعل، نحو: «ذبح» و «طرح» بمعنى «مذبوح» و «مطروح».
فعل، نحو: «سلب» و «جلب» بمعنى «مسلوب» و «مجلوب».
فعلة، نحو: «مضغة» و «أكلة» بمعنى «ممضوغ» و «مأكول» وجميع هذه الأوزان سماعيّة، ويستوي فيها المذكّر والمؤنّث.
المعجم المفصل في علم الصرف-راجي الأسمر-صدر:1414هـ/1993م
30-المعجم المفصل في علم الصرف (الفعل المضارع)
الفعل المضارع1 ـ تعريفه: هو، في الاصطلاح، ما دلّ على معنى مقترن بزمان صالح للحاضر والمستقبل، نحو: «يفرح الطالب بنجاحه».
ويسمّى أيضا: الحاضر، والمستقبل، وفعل المستقبل، والمضارع، وفعل الحال،
والفعل الحاضر، والآتي، ويفعل، وبناء الفعل، وبناء ما يكون، وبناء ما هو كائن.
2 ـ علاماته: راجع: علامات الفعل.
3 ـ صياغته: يصاغ الفعل المضارع من الماضي بزيادة أحد حروف المضارعة (أ، ن، ي، ت)، مضموما في الرباعيّ، مفتوحا في غيره، نحو: «يقدم» (من «أقدم»)، و «يستغفر» (من «استغفر»)، و «يدخل» (من «دخل»).
4 ـ أوزانه: يأتي على الأوزان التالية:
أ ـ من الثلاثي المجرّد:
ـ يفعل مضارع «فعل» نحو: «علم ـ يعلم»، و «فعل» الذي لا يدلّ على المغالبة، ولا معتلّ الفاء بالواو، ولا معتلّ العين أو اللام بالواو أو الياء، وليس مضعّفا، ولا لامه أو عينه حرف حلق، نحو: «سأل ـ يسأل»، و «قرع ـ يقرع».
ـ يفعل، مضارع «فعل»، نحو: «شرف ـ يشرف»، و «فعل» الذي يدلّ على المغالبة، غير معتلّ العين أو اللام بالياء، ولا معتلّ الفاء بالواو، نحو: يضرب »، و «فعل» الذي يدلّ على المغالبة، وهو معتلّ العين واللام بالواو نحو: «عزا ـ يعزو»، و «فعل» المضعّف المتعدّي، نحو: «ردّ ـ يردّ» و «فعل» الذي ليس للمغالبة، ولا معتلّ الفاء بالواو، ولا معتلّ العين أو اللام بالواو أو الياء، وليس مضعّفا، وليست لامه أو عينه حرفا حلقيّا، نحو: «قعد ـ يقعد».
ـ يفعل، مضارع «فعل» الذي يدل على المغالبة، وهو معتلّ العين أو اللام بالياء، أو معتلّ الفاء بالواو، نحو: «رمى ـ يرمي »، و «فعل» الذي ليس للمغالبة، وهو معتلّ الفاء بالواو، نحو: «وجد ـ يجد»، أو معتلّ اللام بالياء نحو: «رمى ـ يرمي» أو «شاب ـ يشيب»، و «فعل» المضعّف المتعدّي، نحو: «فرّ ـ يفرّ»، و «فعل» الذي ليس للمغالبة، ولا معتلّ الفاء بالواو، ولا العين أو اللام بالواو أو الياء، وليس مضعّفا، وليست لامه أو عينه حرف حلق، نحو: «جلس ـ يجلس».
ب ـ من الثلاثيّ المزيد بحرف:
ـ يفعل، نحو: «أقدم ـ يقدم».
ـ يفاعل، نحو: «شارك ـ يشارك».
ـ يفعّل، نحو: «عظّم ـ يعظّم».
ج ـ من الثلاثي المزيد بحرفين:
ـ يفتعل، نحو: «استمع ـ يستمع».
ـ يفعلّ، نحو: «احمرّ ـ يحمرّ».
ـ ينفعل، نحو: «انكسر ـ ينكسر».
ـ يتفاعل، نحو: «تخاصم ـ يتخاصم».
ـ يتفعّل، نحو: تحطّم ـ يتحطّم».
د ـ من الثلاثيّ المزيد بثلاثة أحرف:
ـ يستفعل، نحو: «استخرج ـ يستخرج».
ـ يفعالّ، نحو: «احمارّ ـ يحمارّ».
ـ يفعوعل، نحو: «اخضوضر ـ يخضوضر».
ـ يفعوّل، نحو: «اجلوّذ ـ يجلوّذ» (يسير بسرعة).
ه ـ من الرباعيّ المجرّد:
ـ يفعلل، نحو: «دحرج ـ يدحرج».
و ـ من الملحق بالرباعيّ:
ـ يتفعل، نحو: «ترجم ـ يترجم».
ـ يسفعل، نحو: «سنبس ـ يسنبس» (يسرع).
ـ يفأعل، نحو: «طأمن ـ يطأمن».
ـ يفتعل، نحو: «حترف ـ يحترف».
ـ يفعئل، نحو: «برأل ـ يبرئل» (ينفش ريشه).
ـ يفعفل، نحو: «زهزق ـ يزهزق» (يضحك ضحكا شديدا).
ـ يفعلي، نحو: «قلسى ـ يقلسي» (ألبسه القلنسوة).
ـ يفعلت، نحو: «عفرت ـ يعفرت».
ـ يفعلس، نحو: «خلبس ـ يخلبس» (يخدع)
ـ يفعلل، نحو: «جلبب ـ يجلبب».
ـ يفعلم، نحو: «غلصم ـ يغلصم» (يقطع غلصومه).
ـ يفعلن، نحو: «قطرن ـ يقطرن».
ـ يفعمل، نحو: «قصمل ـ يقصمل» (يقارب الخطى في مشيه).
ـ يفعنل، نحو: «قلنس ـ يقلنس» (ألبسه القلنسوة).
ـ يفعهل، نحو: «غلهص ـ يغلهص» (يقطع غلصومه).
ـ يفعول، نحو: «جهور ـ يجهور».
ـ يفعيل، نحو: «شريف ـ يشريف» (يقطع أوراقه).
ـ يفمعل، نحو: «حمظل ـ يحمظل».
ـ يفنعل، نحو: «جندل ـ يجندل».
ـ يفهعل، نحو: «دهبل ـ يدهبل» (يكبر اللقمة).
ـ يفوعل، نحو: «حوقل ـ يحوقل» (يقول: لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم).
ـ يفيعل، نحو: «سيطر ـ يسيطر».
ـ يمفعل، نحو: «مرحب ـ يمرحب».
ـ ينفعل، نحو: «نرجس ـ ينرجس».
ـ يهفعل، نحو: «هلقم ـ يهلقم» (يكبر اللقمة).
ـ ييفعل، نحو: «يرنأ ـ ييرنىء» (يصبغ الحناء).
ز ـ من الرباعيّ المزيد بحرف:
ـ يتفعلل، نحو: «تدحرج ـ يتدحرج».
ح ـ من الرباعيّ المزيد بحرفين:
ـ يفعللّ، نحو: «اطمأنّ ـ يطمئنّ».
ـ يفعنلل، نحو: «احرنجم ـ يحرنجم» (يزدحم).
ط ـ من الملحق بالرباعيّ المزيد بحرف:
ـ يتفتعل، نحو: «تحترف ـ يتحترف».
ـ يتفعأل، نحو: «تبرأل ـ يتبرأل».
ـ يتفعلى، نحو: «تقلسى ـ يتقلسى» (يلبس القلنسوة).
ـ يتفعلت، نحو: «تعفرت ـ يتعفرت».
ـ يتفعلل، نحو: «تجلبب ـ يتجلبب».
ـ يتفعنل، نحو: «تقلنس ـ يتقلنس».
ـ يتفعول، نحو: «ترهوك ـ يترهوك» (يموج في مشيه).
ـ يتفعيل، نحو: «تتريق ـ يتتريق».
ـ يتفوعل، نحو: «تجورب ـ يتجورب».
ـ يتفيعل، نحو: «تشيطن ـ يتشيطن».
ـ يتمفعل، نحو: «تمسكن ـ يتمسكن».
ي ـ من الملحق بالرباعيّ المزيد بحرفين:
ـ يفعئلّ، نحو: «احتأمّ ـ يحتئمّ».
ـ يفعللّ، نحو: «ابيضضّ ـ يبيضضّ»
ـ يفعهلّ، نحو: «إقمهدّ ـ يقمهدّ» (يرفع رأسه).
ـ يفعولّ، نحو: «اهروزّ ـ يهروزّ».
ـ يفلعلّ، نحو: «ازلعبّ ـ يزلعبّ».
ـ يفمعلّ، نحو: «اسمقرّ ـ يسمقرّ».
ـ يفوعلّ، نحو: «اكوهدّ ـ يكوهدّ» (يكوهدّ الفرخ: يرتعد).
ـ ينفعلّ، نحو: «انقهلّ ـ ينقهلّ» (يضعف ويسقط).
ـ يفتعئل، نحو: «استلأم ـ يستلئم».
ـ يفتعلي، نحو: «استلقى ـ يستلقي».
ـ يفعلّل، نحو: «اخرمّس ـ يخرمّس» (يسكت).
ـ يفعنلي، نحو: «احرنبى ـ يحرنبي» (نفش ريشه).
ـ يفعنلل، نحو: «اقعنسس ـ يقعنسس» (يرجع ويتأخر).
ـ يفعنمل أو يفعمّل، نحو: «اهرنمع أو اهرمّع ـ يهرنمع أو يهرمّع» (يسرع).
ـ يفعيّل، نحو: «اهبيّخ ـ يهبيّخ» (يتبختر).
ـ يفونعل، نحو: «احونصل ـ يحونصل».
المعجم المفصل في علم الصرف-راجي الأسمر-صدر:1414هـ/1993م
31-موسوعة الفقه الكويتية (تحيز)
تَحَيُّزٌالتَّعْرِيفُ:
1- التَّحَيُّزُ: مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: الْمَيْلُ.وَمِنْهُ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} مَعْنَاهُ أَوْ مَائِلًا إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُقَالُ: انْحَازَ الرَّجُلُ إِلَى الْقَوْمِ بِمَعْنَى تَحَيَّزَ إِلَيْهِمْ.
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: انْحَازَ الْقَوْمُ: تَرَكُوا مَرْكَزَهُمْ وَمَعْرَكَةَ قِتَالِهِمْ وَمَالُوا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: التَّحَيُّزُ إِلَى فِئَةٍ: أَنْ يَصِيرَ الْمُقَاتِلُ إِلَى فِئَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِيَكُونَ مَعَهُمْ فَيَتَقَوَّى بِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَسَوَاءٌ بَعُدَتِ الْمَسَافَةُ أَمْ قَرُبَتْ.فَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ- رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «أَنَا فِئَةُ الْمُسْلِمِينَ» وَكَانُوا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ عَنْهُ.وَقَالَ عُمَرُ- رضي الله عنه-: «أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَجُيُوشُهُ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ.رَوَاهُمَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.وَقَالَ عُمَرُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عُبَيْدَةَ، لَوْ كَانَ تَحَيَّزَ إِلَيَّ لَكُنْتُ لَهُ فِئَةً».
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّحَرُّفُ:
2- التَّحَرُّفُ مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: الْمَيْلُ وَالْعُدُولُ.فَإِذَا مَالَ الْإِنْسَانُ عَنْ شَيْءٍ يُقَالُ: تَحَرَّفَ وَانْحَرَفَ وَاحْرَوْرَفَ.
وقوله تعالى: {إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} أَيْ مَائِلًا لِأَجْلِ الْقِتَالِ لَا مَائِلًا هَزِيمَةً، فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْدُودٌ مِنْ مَكَايِدِ الْحَرْبِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِضِيقِ الْمَجَالِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْجَوَلَانِ، فَيَنْحَرِفُ لِلْمَكَانِ الْمُتَّسِعِ، لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الْقِتَالِ.
وَالتَّحَرُّفُ فِي الِاصْطِلَاحِ: أَنْ يَنْتَقِلَ الْمُقَاتِلُ إِلَى مَوْضِعٍ يَكُونُ الْقِتَالُ فِيهِ أَمْكَنَ، مِثْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مُوَاجَهَةِ الشَّمْسِ أَوِ الرِّيحِ إِلَى اسْتِدْبَارِهِمَا، أَوْ مِنْ مُنْخَفِضٍ إِلَى عُلْوٍ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ مِنْ مَعْطَشَةٍ إِلَى مَوْضِعِ مَاءٍ، أَوْ لِيَجِدَ فِيهِمْ فُرْصَةً، أَوْ لِيَسْتَنِدَ إِلَى جَبَلٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَحَرُّفٌ).
فَالتَّحَيُّزُ وَالتَّحَرُّفُ يَكُونَانِ فِيمَا إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ فِي الْحَرْبِ، وَالْتَحَمَ جَيْشَاهُمَا، فَالْمُتَحَيِّزُ إِنْ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى مُوَاجَهَةِ عَدُوِّهِ وَالظَّفَرِ بِهِ لِكَثْرَةِ عَدَدِهِ وَعُدَدِهِ، إِلاَّ بِأَنْ يَسْتَنْصِرَ وَيَسْتَنْجِدَ بِغَيْرِهِ مِنْ فِئَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَنْحَازَ إِلَى فِئَةٍ مِنْهُمْ، لِيَتَقَوَّى بِهِمْ، وَيَسْتَطِيعُ بِذَلِكَ قَهْرَ الْعَدُوِّ وَالظَّفَرَ بِهِ وَالنَّصْرَ عَلَيْهِ.
وَالْمُتَحَرِّفُ لِقِتَالٍ إِذَا رَأَى أَنْ يَكِيدَ لِخَصْمِهِ وَيَتَغَلَّبَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ السَّبِيلَ إِلَى النَّيْلِ مِنْهُ وَالظَّفَرِ بِهِ وَالنَّصْرِ عَلَيْهِ، إِنَّمَا فِي تَغْيِيرِ خُطَطِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي تَغْيِيرِ الْمَكَانِ، أَمْ فِي التَّرَاجُعِ لِيَسْحَبَ الْعَدُوَّ وَرَاءَهُ، وَيُعَاوِدَهُ بِالْهُجُومِ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ (الْخُدَعَ الْحَرْبِيَّةَ) فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، إِذِ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ.أَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
الْحُكْمُ الْإِجْمَالِيُّ:
3- التَّحَيُّزُ مُبَاحٌ، إِذَا اسْتَشْعَرَ الْمُتَحَيِّزُ عَجْزًا مُحْوِجًا إِلَى الِاسْتِنْجَادِ بِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ بِقَصْدِ الِانْضِمَامِ إِلَى فِئَةٍ، أَيْ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ، لِيَتَقَوَّى بِهِمْ عَلَى مُحَارَبَةِ عَدُوِّهِمْ وَإِيقَاعِ الْهَزِيمَةِ بِهِ وَالنَّصْرِ عَلَيْهِ.فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ يَكُونُ فِرَارًا، وَهُوَ حَرَامٌ، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
فَإِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ فِي الْحَرْبِ وَالْتَحَمَ الْجَيْشَانِ، وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَأَصْلٍ عَامٍّ أَنْ يَثْبُتُوا فِي مُوَاجَهَةِ عَدُوِّهِمْ، وَحَرُمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفِرُّوا، لقوله تعالى: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}.وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
4- وَعَدَّ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- الْفِرَارَ عِنْدَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِرِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا: مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ».
فَثَبَاتُ الْمُسْلِمِينَ فِي مُوَاجَهَةِ أَعْدَائِهِمُ الْكَفَرَةِ وَحُرْمَةُ فِرَارِهِمْ مِنْ لِقَائِهِمْ وَاجِبٌ، إِذَا كَانُوا فِي مِثْلِ عَدَدِهِمْ أَوْ عَلَى النِّصْفِ مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، لقوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.إِلاَّ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ تَحَيُّزِهِمْ إِلَى فِئَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُنَاصِرُهُمْ وَتَشُدُّ مِنْ أَزْرِهِمْ وَيَتَقَوَّوْنَ بِهَا عَلَى أَعْدَائِهِمْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الْفِئَةُ قَرِيبَةً لَهُمْ أَمْ بَعِيدَةً عَنْهُمْ، لِعُمُومِ قوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: لَوْ كَانَتِ الْفِئَةُ بِخُرَاسَانَ وَالْفِئَةُ بِالْحِجَازِ جَازَ التَّحَيُّزُ إِلَيْهَا، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنِّي فِئَةٌ لَكُمْ» وَكَانُوا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ عَنْهُ.وَقَالَ عُمَرُ: «أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وَجُيُوشُهُ بِالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ.وَقَالَ عُمَرُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عُبَيْدَةَ لَوْ كَانَ تَحَيَّزَ إِلَيَّ لَكُنْتُ لَهُ فِئَةً.
5- فَإِنْ زَادَ الْكُفَّارُ عَلَى مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ فَيُبَاحُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْسَحِبُوا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَوْجَبَ عَلَى الْمِائَةِ مُصَابَرَةَ الْمِائَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مُصَابَرَةُ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- قَالَ: مَنْ فَرَّ مِنِ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَمَا فَرَّ» إِلاَّ أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُسْلِمِينَ الظَّفَرُ بِهِمْ وَالنَّصْرُ عَلَيْهِمْ، فَيَلْزَمُهُمُ الثَّبَاتُ إِعْلَاءً لِكَلِمَةِ اللَّهِ.وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمُ الْهَلَاكُ فِي الْبَقَاءِ وَالنَّجَاةُ فِي الِانْصِرَافِ فَالْأَوْلَى لَهُمُ الِانْصِرَافُ، لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وَإِنْ ثَبَتُوا جَازَ لِأَنَّ لَهُمْ غَرَضًا فِي الشَّهَادَةِ، وَحَتَّى لَا يَنْكَسِرَ الْمُسْلِمُونَ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَغْلِبُوا الْكُفَّارَ، فَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا حَرُمَ عَلَيْهِمُ الْفِرَارُ، وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ جِدًّا، مَا لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ، وَمَا لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ التَّحَيُّزِ لِقِتَالٍ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
32-موسوعة الفقه الكويتية (ذكر 1)
ذِكْرٌ -1التَّعْرِيفُ:
1- الذِّكْرُ لُغَةً مَصْدَرُ ذَكَرَ الشَّيْءَ يَذْكُرُهُ ذِكْرًا وَذُكْرًا، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ ضِدُّ الْإِنْصَاتِ ذَالُهُ مَكْسُورَةٌ، وَبِالْقَلْبِ ضِدُّ النِّسْيَانِ وَذَالُهُ مَضْمُومَةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ هُمَا لُغَتَانِ.
وَهُوَ يَأْتِي فِي اللُّغَةِ لِمَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: الشَّيْءُ يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ، أَيْ مَا يُنْطَقُ بِهِ، يُقَالُ: ذَكَرْتُ الشَّيْءَ أَذْكُرُهُ ذُكْرًا وَذِكْرًا إِذَا نَطَقْتَ بِاسْمِهِ أَوْ تَحَدَّثْتَ عَنْهُ، وَمِنْهُ قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}.
وَالثَّانِي: اسْتِحْضَارُ الشَّيْءِ فِي الْقَلْبِ، ضِدُّ النِّسْيَانِ.قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فَتَى مُوسَى: {وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّالشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}.
قَالَ الرَّاغِبُ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي بَصَائِرِهِ: الذِّكْرُ تَارَةً يُرَادُ بِهِ هَيْئَةٌ لِلنَّفْسِ بِهَا يُمْكِنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَحْفَظَ مَا يَقْتَنِيهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ كَالْحِفْظِ، إِلاَّ أَنَّ الْحِفْظَ يُقَالُ اعْتِبَارًا بِإِحْرَازِهِ، وَالذِّكْرُ يُقَالُ بِاعْتِبَارِ اسْتِحْضَارِهِ، وَتَارَةً يُقَالُ لِحُضُورِ الشَّيْءِ الْقَلْبَ أَوِ الْقَوْلَ.وَلِذَلِكَ قِيلَ: الذِّكْرُ ذِكْرَانِ: ذِكْرٌ بِالْقَلْبِ، وَذِكْرٌ بِاللِّسَانِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَرْبَانِ: ذِكْرٌ عَنْ نِسْيَانٍ، وَذِكْرٌ لَا عَنْ نِسْيَانٍ، بَلْ عَنْ إِدَامَةِ حِفْظٍ.وَكُلُّ قَوْلٍ يُقَالُ لَهُ ذِكْرٌ.وَمِنَ الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ مَعًا قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْآبَاءَكُمْ أَوْأَشَدَّ ذِكْرًا}.
أَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَيُسْتَعْمَلُ الذِّكْرُ بِمَعْنَى ذِكْرِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَوَاءٌ بِالْإِخْبَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ ذَاتِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ بِتِلَاوَةِ كِتَابِهِ أَوْ بِمَسْأَلَتِهِ وَدُعَائِهِ أَوْ بِإِنْشَاءِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِتَقْدِيسِهِ وَتَمْجِيدِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَحَمْدِهِ وَشُكْرِهِ وَتَعْظِيمِهِ.وَيُسْتَعْمَلُ الذِّكْرُ اصْطِلَاحًا بِمَعْنًى أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ بِمَعْنَى إِنْشَاءِ الثَّنَاءِ بِمَا تَقَدَّمَ، دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةِ.وَيُشِيرُ إِلَى الِاسْتِعْمَالِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْأَخَصِّ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} وَقَوْلُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَرْوِيهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: «مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ».فَجَعَلَتِ الْآيَةُ الذِّكْرَ غَيْرَ الصَّلَاةِ عَلَى التَّفْسِيرِ بِأَنَّ نَهْيَ ذِكْرِ اللَّهِ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أَعْظَمُ مِنْ نَهْيِ الصَّلَاةِ عَنْهُمَا، وَجَعَلَ الْحَدِيثُ الذِّكْرَ غَيْرَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرَ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ الدُّعَاءُ.وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ الْأَخَصُّ هُوَ الْأَكْثَرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، حَتَّى إِنَّ ابْنَ عَلاَّنَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ الْحَقِيقَةُ، وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي مَجَازٌ.قَالَ: «أَصْلُ وَضْعِ الذِّكْرِ هُوَ مَا تَعَبَّدَنَا الشَّارِعُ بِلَفْظِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِتَعْظِيمِ الْحَقِّ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ».
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- امْتَنَعَ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ حَتَّى تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ».
قَالَ ابْنُ عَلاَّنَ: جَوَابُ السَّلَامِ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ، أَيْ لِلثَّنَاءِ وَالتَّعْظِيمِ.فَإِطْلَاقُ الذِّكْرِ عَلَيْهِ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ سَبَبُهُ- أَيْ عَلَاقَتُهُ- الْمُشَابَهَةُ أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ قَوْلٌ يُبْنَى عَلَيْهِ الثَّوَابُ.
وَأُطْلِقَ الذِّكْرُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى عِدَّةِ أُمُورٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ اللُّغَوِيَّيْنِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَأُطْلِقَ عَلَى الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ نَفْسِهِ فِي مِثْلِ قوله تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} وَقَالَ: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}.
وَأُطْلِقَ عَلَى التَّوْرَاةِ فِي قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ}.
وَأُطْلِقَ عَلَى كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ.قَالَ الرَّاغِبُ: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} أَيِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ.وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: كُلُّ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ ذِكْرٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِآلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} أَيْ هَذَا هُوَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مَنْ مَعِي وَالْكِتَابُ الْآخَرُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَنِي، وَهُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالصُّحُفُ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ أَذِنَ بِأَنْ تَتَّخِذُوا إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ.وَقَدْ فُسِّرَتِ الْآيَةُ أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأُطْلِقَ الذِّكْرُ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي قوله تعالى: {قَدْأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا}.فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الذِّكْرَ هُنَا وَصْفٌ لِلرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم- كَمَا أَنَّ الْكَلِمَةَ وَصْفٌ لِعِيسَى- عليه السلام-، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بُشِّرَ بِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَأُطْلِقَ الذِّكْرُ بِمَعْنَى الصِّيتِ، وَيَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَبِمَعْنَى الشَّرَفِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ صَاحِبَهُمَا يُذْكَرُ بِهِمَا.وَقَدْ فُسِّرَ بِهِمَا قوله تعالى: {لَقَدْأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}.
وَأُطْلِقَ الذِّكْرُ بِمَعْنَى الِاتِّعَاظِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَعْظُ، وَقَدْ فُسِّرَ بِذَلِكَ قوله تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ((: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} قَالَ الرَّازِيُّ: الْمَعْنَى: أَنَرُدُّ عَنْكُمُ النَّصَائِحَ وَالْمَوَاعِظَ.وَقَدْ فُسِّرَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأُطْلِقَ الذِّكْرُ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ: «وَكَتَبَ اللَّهُ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ» أَيْ لِأَنَّ اللَّوْحَ مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ كَتَبَ اللَّهُ فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْكَائِنَاتِ.
وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَحْثُ عَلَى مَا يَلِي:
1- الذِّكْرُ بِمَعْنَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
2- وَالذِّكْرُ بِمَعْنَى النُّطْقِ بِاسْمِ الشَّيْءِ.
3- وَالذِّكْرُ بِمَعْنَى اسْتِحْضَارِ الشَّيْءِ فِي الْقَلْبِ.
4- وَالذِّكْرُ بِمَعْنَى الشُّهْرَةِ وَالصِّيتِ وَالشَّرَفِ.
وَأَمَّا الذِّكْرُ بِسَائِرِ الْمَعَانِي فَتُنْظَرُ أَحْكَامُهُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى (ر: قُرْآن.تَوْرَاة.إِنْجِيل.وَعْظ.دُعَاء).
أَوَّلًا: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى:
حُكْمُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى:
2- الذِّكْرُ مَحْبُوبٌ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مُرَغَّبٌ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، إِلاَّ فِي حَالٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِاسْتِثْنَائِهَا، كَحَالِ الْجُلُوسِ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَحَالِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَا يَأْتِي.
وَدَلِيلُ اسْتِحْبَابِهِ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَنَهَى عَنْ ضِدِّهِ مِنَ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ، وَعَلَّقَ الْفَلَاحَ بِاسْتِدَامَتِهِ وَكَثْرَتِهِ، وَأَثْنَى عَلَى أَهْلِهِ وَجَعَلَهُمْ أَهْلَ الِانْتِفَاعِ بِآيَاتِهِ، وَأَنَّهُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ، وَأَخْبَرَ عَنْ خُسْرَانِ مَنْ لَهَا عَنِ الذِّكْرِ بِغَيْرِهِ، وَجَعَلَ ذِكْرَهُ تَعَالَى لِأَهْلِهِ جَزَاءَ ذِكْرِهِمْ لَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلَهُ قَرِينَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَجَعَلَهُ مُفْتَتَحَهَا وَمُخْتَتَمَهَا، فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ يَرِدُ بَعْضُهَا أَثْنَاءَ هَذَا الْبَحْثِ لَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا هُنَا.وَيَزْدَادُ اسْتِحْبَابُ الذِّكْرِ فِي مَوَاضِعَ يَأْتِي تَفْصِيلُهَا.
وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَمِنَ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ بَعْضُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَمِنَ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا يَجِبَانِ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَرَدُّ السَّلَامِ وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ.فَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ أَحْكَامِ كُلٍّ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ.
وَقَدْ يَكُونُ الذِّكْرُ حَرَامًا، وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَضَمَّنَ شِرْكًا كَتَلْبِيَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ يَتَضَمَّنَ نَقْصًا، مِثْلَ مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ» فَإِنَّ السَّلَامَ إِنَّمَا يُطْلَبُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ هُوَ السَّلَامُ، فَالسَّلَامُ يُطْلَبُ مِنْهُ وَلَا يُطْلَبُ لَهُ، بَلْ يُثْنَى عَلَيْهِ بِهِ نَحْوُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ.
وَقَدْ يَحْرُمُ الذِّكْرُ فِي أَحْوَالٍ خَاصَّةٍ كَالذِّكْرِ فِي حَالِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلَاة الْجُمُعَةِ).
وَقَدْ يَكُونُ الذِّكْرُ مَكْرُوهًا وَذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ خَاصَّةٍ يَرِدُ ذِكْرُهَا أَثْنَاءَ الْبَحْثِ.
فَضَائِلُ الذِّكْرِ وَفَوَائِدُهُ:
3- تَتَبَيَّنُ مَنْزِلَةُ الذِّكْرِ بَيْنَ شَعَائِرِ الدِّينِ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا يَلِي:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الذِّكْرَ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِتِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَلاَّنَ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ مِنَ الذِّكْرِ.وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ».
قَالَ صَاحِبُ نُزُلِ الْأَبْرَارِ: أَفَادَ الْحَدِيثُ أَنَّ الذِّكْرَ خَيْرُ الْأَعْمَالِ عَلَى الْعُمُومِ، وَأَنَّهُ أَكْثَرُهَا نَمَاءً وَبَرَكَةً وَأَرْفَعُهَا دَرَجَةً.
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ «الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَوْ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ فِي الْكُفَّارِ حَتَّى يَنْكَسِرَ وَيَخْتَضِبَ دَمًا لَكَانَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ أَفْضَلَ مِنْهُ دَرَجَةً» وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ تَفْضِيلَ الذِّكْرِ عَلَى الْجِهَادِ مَعَ وُرُودِ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَجَمَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْنَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ فَمَنْ كَانَ مُطِيقًا لِلْجِهَادِ قَوِيَّ الْأَثَرِ فِيهِ فَأَفْضَلُ أَعْمَالِهِ الْجِهَادُ، وَمَنْ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَفْضَلُ أَعْمَالِهِ الصَّدَقَةُ، وَغَيْرُ هَذَيْنِ أَفْضَلُ أَعْمَالِهِ الذِّكْرُ وَالصَّلَاةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَلَكِنْ يَدْفَعُ هَذَا تَصْرِيحُهُ- صلى الله عليه وسلم- بِأَفْضَلِيَّةِ الذِّكْرِ عَلَى الْجِهَادِ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
وَجَمَعَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ، الذِّكْرُ الْكَامِلُ الْجَامِعُ بَيْنَ ذِكْرِ اللِّسَانِ وَذِكْرِ الْقَلْبِ بِالتَّفَكُّرِ وَالِاسْتِحْضَارِ، فَالَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ أَفْضَلَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارٍ لِذَلِكَ، وَأَفْضَلِيَّةُ الْجِهَادِ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلذِّكْرِ اللِّسَانِيِّ الْمُجَرَّدِ.وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ وَجْهَ الْجَمْعِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ إِلاَّ وَالذِّكْرُ مُشْتَرَطٌ فِي تَصْحِيحِهِ، فَمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ بِقَلْبِهِ فَلَيْسَ عَمَلُهُ كَامِلًا، فَصَارَ الذِّكْرُ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.
وَأَفْضَلُ أَهْلِ كُلِّ عَمَلٍ أَكْثَرُهُمْ فِيهِ ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَأَفْضَلُ الْمُصَلِّينَ أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لِلَّهِ، وَأَفْضَلُ الصَّائِمِينَ أَكْثَرُهُمْ فِي صَوْمِهِمْ ذِكْرًا لِلَّهِ، وَكَذَا الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا وَمَنِ الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ» وَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ بِقِلَّةِ الذِّكْرِ فِي صَلَاتِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلًا}.
الثَّانِي: أَنَّ جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} وَقَوْلُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَسَاجِدِ «إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ».
الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الذَّاكِرِينَ بِالْقُرْبِ وَالْوِلَايَةِ وَالنَّصْرِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَأَنَّهُ يَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَهُ، وَمَنْ نَسِيَ اللَّهَ نَسِيَهُ وَأَنْسَاهُ نَفْسَهُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}.وَقَالَ: {نَسُوا اللَّهَفَنَسِيَهُمْ} وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍَ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍَ خَيْرٍ مِنْهُمْ». الرَّابِعُ: أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى يُحَصِّنُ الذَّاكِرَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَمِنْ أَذَاهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَامَسَّهُمْطَائِفٌ مِنْالشَّيْطَانِ تَذَّكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ عَلَى قَلْبِهِ الْوَسْوَاسُ، فَإِذَا عَقَلَ فَذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ.
الْخَامِسُ: مَا فِي الذِّكْرِ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْحَدِيثِ «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ، قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ».
السَّادِسُ: أَنَّ الذِّكْرَ يَكْسُو الذَّاكِرِينَ الْجَلَالَةَ وَالْمَهَابَةَ وَيُورِثُهُمْ مَحَبَّةَ اللَّهِ الَّتِي هِيَ رُوحُ الْإِسْلَامِ، وَيُحْيِي عِنْدَهُمْ الْمُرَاقَبَةَ لَهُ وَالْإِنَابَةَ إِلَيْهِ وَالْهَيْبَةَ لَهُ وَتَتَنَزَّلُ السَّكِينَةُ.
وَفِي الذِّكْرِ حَيَاةُ قَلْبِ الذَّاكِرِ وَلِينُهُ، وَزَوَالُ قَسْوَتِهِ، وَفِيهِ شِفَاءُ الْقَلْبِ مِنْ أَدْوَاءِ الْغَفْلَةِ وَحُبِّ الْمَعَاصِي، وَيُعِينُ الْإِنْسَانَ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَيُيَسِّرُ أَمْرَهَا، فَإِنَّهُ يُحَبِّبُهَا إِلَى الْإِنْسَانِ وَيُلِذُّهَا لَهُ، فَلَا يَجِدُ لَهَا مِنَ الْكُلْفَةِ وَالْمَشَقَّةِ مَا يَجِدُهُ الْغَافِلُ.
وَفِي الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ التَّارِكَ لِلذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ فِي حَيَاةٍ ذَاتِيَّةٍ فَلَيْسَ لِحَيَاتِهِ اعْتِبَارٌ، بَلْ هُوَ شَبِيهٌ بِالْأَمْوَاتِ حِسًّا الَّذِينَ أَجْسَادُهُمْ عُرْضَةٌ لِلْهَوَامِّ، وَبَوَاطِنُهُمْ مُتَعَطِّلَةٌ عَنِ الْإِدْرَاكِ وَالْفَهْمِ.
السَّابِعُ: أَنَّ الذِّكْرَ أَيْسَرُ الْعِبَادَاتِ مَعَ كَوْنِهِ أَجَلَّهَا وَأَفْضَلَهَا وَأَكْرَمَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ أَخَفُّ حَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ، فِيهِ يَحْصُلُ الْفَضْلُ لِلذَّاكِرِ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَفِي سُوقِهِ، وَفِي حَالِ صِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ، وَفِي حَالِ نَعِيمِهِ وَلَذَّتِهِ وَمَعَاشِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَاضْطِجَاعِهِ وَسَفَرِهِ، وَإِقَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يَعُمُّ الْأَوْقَاتَ وَالْأَحْوَالَ مِثْلَهُ.
هَذَا وَيَأْتِي قَرِيبًا بَعْضُ مَا وَرَدَ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ مِنَ الْفَضْلِ نَوْعًا نَوْعًا.
مَا يَكُونُ بِهِ الذِّكْرُ:
4- الذِّكْرُ يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَبِالْقَلْبِ.وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ بِاللِّسَانِ أَنْ يَتَحَرَّكَ بِهِ اللِّسَانُ وَيُسْمِعَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَقَلِّ إِنْ كَانَ ذَا سَمْعٍ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَغَطٌ يَمْنَعُ السَّمَاعَ.
وَذِكْرُ اللِّسَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ يَتَأَدَّى بِهِ الذِّكْرُ الْمُكَلَّفُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ إِمْرَارِ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْقَلْبِ.
قَالَ الْفُقَهَاءُ: وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ أَقْوَالِهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّ مَنْ قَالَ كَذَا فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَذَا.فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلاَّ بِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ بِاللِّسَانِ وَبِالْقَلْبِ جَمِيعًا أَفْضَلُ مِنَ الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ وَحْدَهُ دُونَ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ أَيْ مَعَ عَدَمِ إِجْرَائِهِ عَلَى الْقَلْبِ تَسْبِيحًا كَانَ أَوْ تَهْلِيلًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَأَفْضَلُ مِنْ إِمْرَارِ الذِّكْرِ عَلَى الْقَلْبِ دُونَ نُطْقٍ بِاللِّسَانِ.أَمَّا فِي حَالِ انْفِرَادِ أَحَدِ الذِّكْرَيْنِ عَنِ الْآخَرِ فَقَدِ اخْتُلِفَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ. فَقِيلَ: ذِكْرُ الْقَلْبِ أَفْضَلُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ، وَقِيلَ: لَا ثَوَابَ فِي الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَحْدَهُ نَقَلَهُ الْهَيْتَمِيُّ عَنْ عِيَاضٍ وَالْبُلْقِينِيِّ، وَقِيلَ: ذِكْرُ اللِّسَانِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنِ الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِهِ الثَّوَابُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ اللِّسَانِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّ مَا تَعَبَّدَنَا بِهِ لَا يَحْصُلُ إِلاَّ بِالتَّلَفُّظِ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ، بِخِلَافِ الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَحْدَهُ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الِامْتِثَالُ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي الذِّكْرِ الْقَلْبِيِّ بِالْمَعْنَى الْمُبَيَّنِ، أَمَّا الذِّكْرُ الْقَلْبِيُّ بِمَعْنَى تَذَكُّرِ عَظَمَةِ اللَّهِ عِنْدَ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَإِرَادَةِ الْفِعْلِ الَّذِي فِيهِ رِضَاهُ فَيَفْعَلُهُ، أَوِ الَّذِي فِيهِ سُخْطُهُ فَيَتْرُكُهُ، وَالتَّفَكُّرُ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَبَرُوتِهِ وَآيَاتِهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمَاوَاتِهِ وَمَصْنُوعَاتِهِ فَقَالَ عِيَاضٌ: هَذَا النَّوْعُ لَا يُقَارِبُهُ ذِكْرُ اللِّسَانِ، فَكَيْفَ يَفْضُلُهُ.وَفِي الْحَدِيثِ «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ». صِيَغُ الذِّكْرِ:
5- الْأَذْكَارُ الْقَوْلِيَّةُ قِسْمَانِ: أَذْكَارٌ مَأْثُورَةٌ، وَهِيَ مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- تَعْلِيمُهَا وَالْأَمْرُ بِهَا، أَوْ وَرَدَ عَنْهُ قَوْلُهَا فِي مُنَاسَبَةٍ خَاصَّةٍ أَوْ فِي غَيْرِ مُنَاسَبَةٍ، وَمِنْ قَبِيلِ الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ الْأَذْكَارُ الْقُرْآنِيَّةُ كَذِكْرِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ فِي قوله تعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْأَذْكَارُ الْمَأْثُورَةُ:
6- الْأَذْكَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ أَفْرَدَهَا كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّأْلِيفِ مِنْهُمُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ الْجَزَرِيِّ وَغَيْرُهُمَا.وَالْقُرْآنُ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ ذِكْرًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ لِلذِّكْرِ إِلاَّ أَنَّ فِيهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ- وَهُوَ الذِّكْرُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ- الشَّيْءُ الْكَثِيرُ الطَّيِّبُ.وَقَدْ جَمَعَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ جُمَلًا مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا الشَّيْخُ صِدِّيق حَسَن خَان فِي بَابِ الدَّعَوَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ مِنْ كِتَابِهِ.
فَمِنْ ذَلِكَ أَمْرُهُ تَعَالَى لَنَا بِالِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. وَأَمَّا الْمَأْثُورَاتُ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَكَثِيرَةٌ وَسَيَأْتِي فِي أَثْنَاءِ الْبَحْثِ جُمْلَةٌ مِنْهَا.
ثُمَّ الْمَأْثُورَاتُ عَنْهُ- صلى الله عليه وسلم- مِنْهَا مَا وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ مُطْلَقًا أَوْ لِسَبَبٍ، وَمِنْهَا مَا وَرَدَ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ لِسَبَبٍ، فَيُتَّبَعُ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
وَفِيمَا يَلِي مِنَ الْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَاتِ أَنْوَاعٌ خُصَّتْ بِمَزِيدِ تَوْكِيدٍ:
التَّهْلِيلُ
7- وَهُوَ قَوْلُ (لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) وَمَعْنَاهَا نَفْيُ الْأُلُوهِيَّةِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلِّ أَحَدٍ، وَإِثْبَاتُ اسْتِحْقَاقِهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، فَلَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا يُعْبَدُ سِوَاهُ.
وَتُسَمَّى هَذِهِ الْكَلِمَةُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الشَّرِيكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.وَتُسَمَّى أَيْضًا كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ.
وَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ خُلَاصَةُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَاأَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّنُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} وَلَا يَصِحُّ الْإِيمَانُ لِلْقَادِرِ إِلاَّ بِالنُّطْقِ بِهَا مَعَ التَّصْدِيقِ بِمَعْنَاهَا بِالْجَنَانِ، وَقِيلَ: يَحْصُلُ بِالتَّصْدِيقِ بِهَا وَهُوَ عَاصٍ بِتَرْكِ اللَّفْظِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَمَنْ شَهِدَ بِهَا وَبِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ- صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ حُكْمًا (ر: إِسْلَام)، وَقَدْ جُعِلَتِ الشَّهَادَتَانِ جُزْءًا مِنَ الْأَذَانِ، وَهُمَا ذِكْرٌ مِنْ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَاجِبٌ، وَقِيلَ: سُنَّةٌ (ر: أَذَان، وَتَشَهُّد).
وَفَضْلُ التَّهْلِيلِ عَظِيمٌ، وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ» وَقَوْلُهُ: «أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ».
وَالتَّهْلِيلُ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحَالٍ، وَوَرَدَ فِي السُّنَّةِ الْأَمْرُ بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا:
عِنْدَ دُخُولِ السُّوقِ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفَ دَرَجَةٍ». وَمِنْهَا إِذَا أَصْبَحَ الْإِنْسَانُ وَإِذَا أَمْسَى، بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ، وَمِنْهَا إِذَا سَبَقَ لِسَانُهُ بِالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ».
التَّسْبِيحُ:
8- وَهُوَ قَوْلُ «سُبْحَانَ اللَّهِ».وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَائِلَ يُنَزِّهُ اللَّهَ تَعَالَى تَنْزِيهًا عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَمِنْهُ نَفْيُ الشَّرِيكِ وَالصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَجَمِيعِ النَّقْصِ.وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ مُرْسَلًا «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ- فِي قَوْلِ الْعَبْدِ سُبْحَانَ اللَّهِ-: تَنْزِيهُ اللَّهِ مِنَ السُّوءِ».
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ مُطْلَقًا كَمَا فِي: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} وَقَوْلِهِ: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ}.
وَالْأَكْثَرُ قَرْنُ التَّسْبِيحِ بِاسْمٍ دَالٍّ عَلَى التَّعْظِيمِ، أَوْ بِالْحَمْدِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّسْبِيحَ تَنْزِيهٌ وَتَخْلِيَةٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّلْبِ، وَالْحَمْدُ ثَنَاءٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِيجَابِ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَقَالَ {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} وَقَالَ {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}.
وَفَضْلُ التَّسْبِيحِ عَظِيمٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ».
وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِالتَّسْبِيحِ فِي الْقُرْآنِ {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} وَ {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}.
وَفِي السُّنَّةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» إِلَخْ.
وَالْأَمْرُ بِالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» وَفِي السُّجُودِ «بِسُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ.
وَجُعِلَ التَّسْبِيحُ لِمَنْ فِي الصَّلَاةِ إِذَا نَابَهُ أَمْرٌ تَنْبِيهًا لِغَيْرِهِ، وَأَمَرَ بِهِ وَعِنْدَ سَمَاعِ الرَّعْدِ.
وَكَذَا إِنْ حَكَى نِسْبَةَ مَا فِيهِ نَقْصٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوااتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} أَوْ سَمِعَ ذَلِكَ، أَوْ سَمِعَ مَا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ كَمَا فِي حَدِيثِ «أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ جُنُبًا وَرَأَى النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- فَانْخَنَسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».
وَفِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَسْبِيح).
التَّحْمِيدُ:
9- وَيُسَمَّى أَيْضًا الْحَمْدَلَةَ، وَهُوَ قَوْلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نُطْقًا.وَمَعْنَى كَوْنِ الْحَمْدِ لِلَّهِ: أَنَّ كُلَّ حَمْدٍ أَوْ حَقِيقَةَ الْحَمْدِ أَوِ الْحَمْدَ الْمَعْهُودَ أَيِ الَّذِي حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَحَمِدَهُ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ، مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ لَهُ، فَحَمْدُ غَيْرِهِ لَا اعْتِدَادَ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ النِّعَمِ مِنْهُ تَعَالَى، وَفِي الْحَدِيثِ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ».وَهَذَا يُرَجِّحُ أَنَّ الْمَعْنَى الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَحَقِيقَةُ الْحَمْدِ: الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى قَصْدِ التَّبْجِيلِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَدْحَ، فَإِنَّ الْمَدْحَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِهِ.وَقِيلَ الْحَمْدُ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ اخْتِيَارِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِقَصْدِ الثَّنَاءِ وَهَذَا أَصَحُّ.وَقِيلَ الْحَمْدُ فِي الْعُرْفِ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ أَيْضًا.
وَمَعْنَى الشُّكْرِ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْحَمْدِ إِلاَّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَعَمُّ مَوْرِدًا، أَيْ لِأَنَّ الشُّكْرَ يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ، وَالْحَمْدُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ، وَالْحَمْدُ أَعَمُّ مُتَعَلَّقًا؛ لِأَنَّ الشُّكْرَ لَا يَكُونُ إِلاَّ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ، وَالْحَمْدُ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَيَكُونُ لِمُجَرَّدِ اتِّصَافِ الْمَحْمُودِ بِالْجَمِيلِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالتَّمْجِيدُ أَخَصُّ مِنَ التَّحْمِيدِ، فَإِنَّ التَّمْجِيدَ: الْمَدْحُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْمُلْكِ وَالسُّؤْدُدِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ.
وَالذِّكْرُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَتَمْجِيدِهِ وَشُكْرِهِ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَفَضْلُهُ كَبِيرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} وَقَالَ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} «وَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- لِلْأَسْوَدِ بْنِ سُرَيْعٍ: إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ» وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأَُ الْمِيزَانَ».
وَتُسَنُّ الْحَمْدَلَةُ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ عَمَلٍ ذِي بَالٍ، فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَةِ النِّكَاحِ، وَالْخُطْبَةِ عِنْدَ عَقْدِهِ، وَفِي التَّدْرِيسِ، وَالتَّصْنِيفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَبَعْدَ الْأَكْلِ أَوِ الشُّرْبِ وَعِنْدَ الْعُطَاسِ، وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ، وَفِي افْتِتَاحِ الدُّعَاءِ وَاخْتِتَامِهِ وَعِنْدَ حُصُولِ النِّعَمِ أَوِ انْدِفَاعِ الْمَكْرُوهِ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ أَنْ يَقُولَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ).وَاسْتِيفَاؤُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَحْمِيد).
التَّكْبِيرُ:
10- وَهُوَ لُغَةً التَّعْظِيمُ، وَشَرْعًا قَوْلُ: (اللَّهُ أَكْبَرُ).
وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ مُطْلَقًا فِي قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} وَقَوْلِهِ: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} وَقَوْلِهِ {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَفِي السُّنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ».
وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمِنْهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ وَتَكْبِيرَاتُ الِانْتِقَالِ فِيهَا، وَالتَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَالتَّكْبِيرُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُكَبَّرُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ.
وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَعِنْدَ تَمَامِ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، وَفِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ، وَعِنْدَ ابْتِدَاءِ سَعْيِهِ، وَفِي أَثْنَاءِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.وَيُكَبِّرُ الذَّابِحُ وَالصَّائِدُ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَسُنَّ التَّكْبِيرُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِ إِذَا عَلَا شَرَفًا أَوْ رَكِبَ دَابَّةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَكْبِير).
وَوَرَدَ فِي فَضْلِهِ أَحَادِيثُ مِنْهَا قَوْلُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ فَذَكَرَ مِنْهُنَّ التَّكْبِيرَ». الْحَوْقَلَةُ:
11- هِيَ قَوْلُ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ».وَمَعْنَاهَا عَلَى مَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا تَحْوِيلَ لِلْعَبْدِ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلاَّ بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلاَّ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ، وَفِي الْفُتُوحَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ أَنَّ تَفْسِيرَهَا بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا وَفِي لَفْظِهِ: بِعَوْنِ اللَّهِ.وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هِيَ اسْتِسْلَامٌ وَتَفْوِيضٌ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةٌ فِي جَلْبِ نَفْعٍ، إِلاَّ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ.
وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِيَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ».
وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِقَوْلِهَا مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِقَوْلِهَا فِي إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ عِنْدَ قَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. وَوَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْأَمْرُ بِهَا فِي قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ}.وَاسْتِيفَاءُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (حَوْقَلَة).
الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ:
12- هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْخَمْسَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنَ الْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ وَرَدَ تَسْمِيَتُهَا «الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ» وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ- رضي الله عنه-، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ.قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا «قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَهُنَّ يَحْطُطْنَ الْخَطَايَا كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا، وَهُنَّ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ».وَفِي لَفْظٍ «خُذْهُنَّ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُنَّ».
وَوَرَدَ فِي فَضْلِ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ مِنْهُنَّ أَحَادِيثُ جَامِعَةٌ، مِنْهَا أَنَّهُنَّ «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ
وَمِنْهَا حَدِيثُ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا» هُنَّ أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ، وَهُنَّ مِنَ الْقُرْآنِ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ وَأَنَّهُنَّ «أَحَبُّ إِلَيْهِ- صلى الله عليه وسلم- مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» وَأَنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ أَرْبَعًا فَذَكَرَهُنَّ.
وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِقَوْلِهِنَّ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَيَأْتِي صِيغَةُ ذَلِكَ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
33-موسوعة الفقه الكويتية (مذي)
مَذْيٌالتَّعْرِيفُ
1- الْمَذْيُ وَالْمَذِيُّ لُغَةً: مَاءٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ أَوِ التَّذَكُّرِ وَيَضْرِبُ إِلَى الْبَيَاضِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، الْأُولَى: سُكُونُ الذَّالِ، وَالثَّانِيَةُ: كَسْرُهَا مَعَ التَّثْقِيلِ (تَثْقِيلُ الْيَاءِ)، وَالثَّالِثَةُ: الْكَسْرُ مَعَ التَّخْفِيفِ، وَالْمَذَّاءُ فَعَّالٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي كَثْرَةِ الْمَذْيِ مِنْ مَذَى يَمْذِي.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ- الْمَنِيُّ:
2- الْمَنِيُّ فِي اللُّغَةِ مُشَدَّدُ الْيَاءِ: مَاءُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَجَمْعُهُ مُنْيٌ، وَفِي التَّنْزِيلِ: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} وَقَالَ صَاحِبُ الزَّاهِرِ: سُمِّيَ الْمَنِيُّ مَنِيًّا لِأَنَّهُ يُمْنَى أَيْ يُرَاقُ وَيُدْفَقُ، وَمِنْ هَذَا سُمِّيَتْ مِنًى: لِمَا يُمْنَى بِهَا، أَيْ يُرَاقُ مِنْ دِمَاءِ النُّسُكِ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: هُوَ الْمَاءُ الْغَلِيظُ الدَّافِقُ الَّذِي يَخْرُجُ عِنْدَ اشْتِدَادِ الشَّهْوَةِ.
وَقَالَ صَاحِبُ دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ: الْمَنِيُّ هُوَ الْمَاءُ الْأَبْيَضُ الَّذِي يَنْكَسِرُ الذَّكَرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْوَلَدُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْمَنِيِّ أَنَّ الْمَنِيَّ يَخْرُجُ بِشَهْوَةٍ مَعَ الْفُتُورِ عَقِيبَهُ، وَأَمَّا الْمَذْيُ فَيَخْرُجُ عَنْ شَهْوَةٍ لَا بِشَهْوَةٍ وَلَا يَعْقُبُهُ فُتُورٌ.
ب- الْوَدْيُ
3- الْوَدْيُ بِإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا الْمَاءُ الثَّخِينُ الْأَبْيَضُ الَّذِي يَخْرُجُ فِي إِثْرِ الْبَوْلِ.
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ أَنَّ الْمَذْيَ يَخْرُجُ عِنْدَ الشَّهْوَةِ وَيَكُونُ مَاءً رَقِيقًا، أَمَّا الْوَدْيُ فَلَا يَخْرُجُ عِنْدَ الشَّهْوَةِ وَإِنَّمَا عَقِبَ الْبَوْلِ وَيَكُونُ ثَخِينًا.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَذْيِ مِنْ أَحْكَامٍ
أ- نَجَاسَتُهُ:
4- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى نَجَاسَةِ الْمَذْيِ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ وَالْوُضُوءِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- حَيْثُ قَالَ: «كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً وَكُنْتُ أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ».
وَلِأَنَّهُ- كَمَا قَالَ الشِّيرَازِيُّ- خَارِجٌ مِنْ سَبِيلِ الْحَدَثِ لَا يُخْلَقُ مِنْهُ طَاهِرٌ فَهُوَ كَالْبَوْلِ.
ب- كَيْفِيَّةُ التَّطَهُّرِ مِنَ الْمَذْيِ
5- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْأَظْهَرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ إِزَالَةِ الْمَذْيِ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَوِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ لِمَا رَوَى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ قَالَ «كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً فَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الْغُسْلَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ» وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ لَا يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ أَشْبَهَ الْوَدْيَ.
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِالْحَجَرِ فَيَتَعَيَّنُ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ، فَعَلَى هَذَا يُجْزِئُهُ غَسْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ خَرَجَ الْمَذْيُ بِلَذَّةِ مُعْتَادَةٍ يُغْسَلُ وُجُوبًا وَإِلاَّ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ مَا لَمْ يَكُنْ سَلَسًا لَازِمًا كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَإِلاَّ عُفِيَ عَنْهُ.
ج- نَقْضُ الْوُضُوءِ بِهِ:
6- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَذْيِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَذْيِ مِنَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَتُوجِبُ الْوُضُوءَ وَلَا تُوجِبُ الْغُسْلَ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- فِيمَا سَبَقَ، وَلِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الْغُسْلَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَالَ: يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ مِنْهُ».
د- الْغُسْلُ مِنْهُ:
7- إِذَا اسْتَيْقَظَ إِنْسَانٌ مِنْ نَوْمِهِ وَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ أَوْ فَخِذِهِ بَلَلًا وَلَمْ يَتَذَكَّرِ احْتِلَامًا فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِاحْتِمَالِ انْفِصَالِهِ عَنْ شَهْوَةٍ ثُمَّ نَسِيَ وَرَقَّ هُوَ بِالْهَوَاءِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَلَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَذْيٌ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: لَوْ أُغْشِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ فَوَجَدَ مَذْيًا، أَوْ كَانَ سَكْرَانَ فَأَفَاقَ فَوَجَدَ مَذْيًا لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْبِهُ النَّائِمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَ عَلَى فِرَاشِهِ مَذْيًا حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إِنْ تَذَكَّرَ الِاحْتِلَامَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ فِي النَّوْمِ ظَهَرَ تَذَكُّرٌ، ثُمَّ إِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَنِيٌّ رَقَّ بِالْهَوَاءِ أَوْ لِلْغِذَاءِ فَاعْتَبَرْنَاهُ مَنِيًّا احْتِيَاطًا وَلَا كَذَلِكَ السَّكْرَانُ وَالْمَغْشِيُّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمَا هَذَا السَّبَبُ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ شَكَّ مَنْ وَجَدَ بِفَرْجِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ فَخِذِهِ شَيْئًا مِنْ بَلَلٍ أَوْ أَثَرَ مَذْيٍ أَوْ مَنِيٍّ وَكَانَ شَكُّهُ مُسْتَوِيًا اغْتَسَلَ وُجُوبًا لِلِاحْتِيَاطِ كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلاَّ الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ ذَكَرِهِ وَإِنْ تَرَجَّحَ لَدَيْهِ أَحَدُهُمَا عَمِلَ بِمُقْتَضَى الرَّاجِحِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِنِ احْتَمَلَ كَوْنَ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ كَوَدْيٍ أَوْ مَذْيٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ جَعَلَهُ مَنِيًّا اغْتَسَلَ أَوْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ، لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنَ الْآخَرِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا وَجَدَ بَلَّةً اغْتَسَلَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ بَرْدَةٌ أَوْ لَاعَبَ أَهْلَهُ فَإِنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ فَأَرْجُو أَلاَّ يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ انْتَشَرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ بِتَذَكُّرٍ أَوْ رُؤْيَةٍ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَذْيٌ وَقَدْ وُجِدَ سَبَبُهُ فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مَعَ الشَّكِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، لِخَبَرِ عَائِشَةَ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ احْتِلَامٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاضِعَ.
هـ- أَثَرُهُ فِي الصَّوْمِ:
8- إِذَا أَمْذَى الصَّائِمُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَقُبْلَةٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فِطْرِهِ بِذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (صَوْمٌ ف44).
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
34-إكمال الإعلام بتثليث الكلام (حساس)
حساس لفُلَان: أَي رق لَهُ.والحساس: جمع حسوس: وهى السّنة الشَّدِيدَة الْمحل.
والحساس: الشؤم، وَضرب من السّمك، وَمَا ينحس من الشىء أَي ينكسر.
إكمال الإعلام بتثليث الكلام-محمد بن عبدالله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبدالله، جمال الدين-توفي: 672هـ/1273م
35-الأضداد لابن الأنباري (الساجد)
195 - والساجد: المنحني عند بعض العرب، وهو في لغة طيئ المنتصب، قال الشَّاعِر:«إنَّك لَنْ تلْقَى لهنَّ ذائِدا *** أَنجحَ من وَهْمٍ يَثُلُّ القائدا»
«لولا الزمامُ اقْتَحَمَ الأَجالدا *** بالغَرْبِ أَو دَقَّ النَّعامَ الساجدا»
ورواه أَبو عُبيدة: لولا الحزام جاوز الأَجالدا
وقالَ: الأَجالد جمع الجَلَد، وهو آخر منقطع المَنْحاة، والمنحاة مختلَف السانية. والنعام الساجد: خشبات منصوبة على البئر في قول أَبي عَمْرو. وقالَ غيره: أَراد بالساجد خشباتٍ منحنيةً لشدة ما تُجْذَب، والإسجاد في غير هذا الموضع
فتور النظر وغَضُّ الطَّرْف؛ يقال: قد أَسجدت المرأَة إِذا غضَّت طرفها، ويقال: قد سجدت عينُها إِذا فتر نظرها، قال كُثيّر:
«أَغَرَّكِ مِنَّا أَنَّ دَلَّك عِنْدَنا *** وإسجادَ عينيك الصَّيودَيْنِ رابِحُ»
والسجود في غير هذا: الخشوع والخضوع والتذلّل؛ كقوله جلّ اسمه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَنْ في السَّمواتِ ومَنْ في الأَرضِ والشَّمْسُ والقَمَرُ، فسجود الشمس والقمر على جهة الخشوع والتذلل. ومن هذا قوله: وإنَّ مِنْ شيءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه، معناه أَن أَثرَ صنعة الله عزَ وجلّ موجودة في الأَشياء كلّها حيوانها ومواتها؛ فما لم تكن له آلة النطق والتسبيح وُصِف بذلك على جهة التشبيه بمن ينطق ويسبّح لدلالته على خالقه وبارئه، قال الشَّاعِر:
«ساجدُ المُنخُر ما يرفَعْهُ *** خاشعُ الطَّرفِ أَصمُّ المُستَمَعْ»
وقال الآخر:
«بجَمْعٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَراتِهِ *** تَرَى الأُكْمَ مِنْها سُجَّدًا للحوافِرِ»
وقال الآخر:
«قدْ كان ذو القَرْنَيْنِ جَدِّي مُسْلِمًا *** مَلِكًا تَدينُ لهُ المُلوك وتَسْجُدُ»
وقالَ جرير:
«لَمَّا أَتى خَبَرُ الزُّبيْر تَضعضعتْ *** سورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ»
فوصفها بالخشوع على ما وصفنا. وقالَ الطِّرِمّاح:
«وأَخو الهُمومِ إِذا الهمومُ تَحَضَّرَتْ *** جِنْحَ الظلامِ وِسادُهُ لا يَرْقُدُ»
وقالَ الطِّرِمّاح أَيْضًا:
«وخَرْقٍ به البومُ رثي الصَّدا *** كما رَثَتِ الفاجِعَ النَّائِحَهْ»
فخبّر عن الصَّدَى بالمرثية على جهة التشبيه. وقالَ الطِّرِمّاح أَيْضًا:
«ولكِنِّي أَنُصُّ العيسَ يَدْمَى *** أَظَلاَّها وتركَعُ في الحُزونِ»
وقالَ عَمْرو بن أَحمر:
«خَلَدَ الحَبيبُ وبادَ حاضِرُهُ *** إِلاَّ منازلَ كُلُّها قَفْرُ»
«وَلَهَتْ عَلَيْها كُلُّ مُعْصِرَةٍ *** هَوْجاَء لَيْس لِلُبِّها زَبْرُ»
«خَرْقاء تَلْتَهِمُ الجِبالَ وأَجْ *** وازَ الفَلاةِ وبَطْنُها صِفرُ»
وقالَ بعده:
«وعرَفْتُ من شُرُفاتِ مَسْجِدِها *** حَجَرَيْنِ طالَ عَلَيْهِما الدَّهْرُ»
«بَكَيا الخَلاَء فقلت إذْ بَكَيا *** ما بَعْدَ مِثْل بُكاكُما صَبْرُ»
فوصف بهذه الأَفاعيل من لا يفعلها فعل حقيقة؛ إنما
جوازُها على المجاز والاتساع، وقد قال الله عزَ وجلّ: وَالنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدان، فخبّر عن النجم والشجر بالسجود على معنى الميْل، أَي يستقبلان الشمس ثمَّ يميلان معها حتَّى يَنْكَسِرَ الفيء، والسُّجود في الصَّلاة سُمِّي سجودًا لعلَّتين: إحداهما أَنه خُضوعٌ
وتَذَلُّلٌ لله جلّ وعزّ؛ إذْ كانت العرب تجعل الخاضع ساجدًا. والعلة الأُخرى أَنَّهُ سُمِّيَ سجودًا لأَنَّه بالميل يقع، والانحناء والتطاطؤ على ما تقدّم من التفسير، كما سُمِّيَ الركوع في الصلاة ركوعًا لأَنَّه انحناء، قال لَبيد:
«أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرون الَّتي مضت *** أَدِبُّ كأَنِّي كُلَّما قمتُ راكعُ»
وقالَ الأَضبط بن قريع:
«وَلا تُعادِ الفقير عَلَّكَ أَنْ *** تَرْكَعَ يومًا والدَّهرُ قد رَفَعَهْ»
أَراد: لعلّك أَن تنحنيَ ويقلّ مالك، فشبَّه قلة المال بالانحناء. ويجوز أَن يكون جَعَل الركوع مثلًا لذهاب ماله؛ لأَنَّ فيه ذلاًّ وخضوعًا، على مثل ما تقدم في السجود.
الأضداد-أبو بكر، محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن بن بيان بن سماعة بن فَروة بن قَطَن بن دعامة الأنباري-توفي: 328هـ/940م
36-الشوارد ما تفرد به بعض أئمة اللغة (حصص)
(حصص): قيلَ لرَجُل: أيُّ الأَيّام أَقَرُّ؟ قال: الأَحَصُّ الورْدُ، والأَزَبُّ الهِلَّوْفُ، فالأَحصُّ الوَرْد: اليَوْم الذي تَطْلُع فيه الشَّمْسُ، وتَصْفو فيه الشَّمال، ويَحْمَرُّ فيه الأَفُقُ، لا تَجد لَشمْسِه مَسًّا، ولا يَنْكَسر خَضَرُه والأَزَبُّ الهلَّوف: يومٌ تَهبُّ فيه النَّكْباءُ بينَ الشَّمال والجَنُوب، تَسُوقُ الجَهامَ والصُّرّادَ، ولا تَطْلُع له شَمْس، وتَلْبَسُ السَّماءُ زِبْرجَ القُرِّ.الشوارد ما تفرد به بعض أئمة اللغة-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن القرشي الصغاني-توفي: 650هـ/1252م
37-الغريبين في القرآن والحديث (قضض)
(قضض)قوله تعالى: {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض) أي ينكسر وينهدم وقرأ بعضهم: (يريد أن ينقاض) أي يتقلع من أصله، ويقال إذا انهارت انقاضت بالضاد معجمة.
وفي حديث أبي الدحداح: (وارتحلي بالقض والأولاد) أي: يتابعك من يتصل بك، ويكون في ناحيتك، ويقال: جاءوا بقضهم وقضيضهم إذا جاؤوا مجتمعين، والقضي، والقضض في غير هذا الحصى الصغار.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
38-الفروق اللغوية للعسكري (الفرق بين القصم والفصم)
الْفرق بَين القصم والفصمأَن القصم بِالْقَافِ الْكسر مَعَ الْإِبَانَة قَالَ أَبُو بكر القصم مصدر قصمت الشَّيْء قصما إِذا كَسرته والقصمة من الشَّيْء الْقطعَة مِنْهُ وَالْجمع قَصم والفصم بِالْفَاءِ كسر من غير إبانه قَالَ أَبُو بكر انفصم الشَّيْء انفصاما إِذا تصدع وَلم ينكسر قَالَ أَبُو هِلَال وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (لَا انفصام لَهَا) وَلم يُقَال لَا انقصام لَهَا لِأَن الانفصام أبلغ فِي مَا أُرِيد بِهِ هَهُنَا وذللك أَنه إِذا لم يكن لَهَا انفصام كَانَ أَحْرَى أَن لَا يكون لَهَا انقصام.
الفروق اللغوية-أبو هلال الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري-توفي:نحو: 395هـ/1005م
39-المعجم الغني (اِنْكَسَرَ)
اِنْكَسَرَ- [كسر]، (فعل: خماسي. لازم)، اِنْكَسَرَ، يَنْكَسِرُ، المصدر: اِنْكِسارٌ.1- "اِنْكَسَرَ عَظْمُ السَّاقِ": أُصيبَ بِكَسْرٍ.
2- "اِنْكَسَرَ الزُّجاجُ": تَحَطَّمَ، تَجَزَّأَ.
3- "اِنْكَسَرَتْ شَوْكَةُ العَدُوِّ": اِنْهَزَمَ في مَعْرَكَةٍ.
4- "اِنْكَسَرَ التَّاجِرُ": أَفْلَسَ، لَمْ يَنْجَحْ في تِجارَتِهِ.
5- "اِنْكَسَرَ الْحَرُّ": هَدَأَ، فَتَرَ.
6- "اِنْكَسَرَتِ الرِّيحُ": سَكَنَتْ.
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
40-المعجم الغني (قَيْدٌ)
قَيْدٌ- الجمع: قُيُودٌ. [قيد]:1- "رَبَطَ يَدَيْهِ بِقَيْدٍ": بِحَبْلٍ أَوْ بِحَدِيدٍ، أَيْ غَلَّ يَدَيْهِ. "وَلَا بُدَّ لِلْقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر". (أبو القاسم الشابي):
3- "اِسْتَجَابَ لِرَغْبَتِهِ بِلَا قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ": بِلَا حَصْرٍ وَلَا تَضْيِيقٍ.
4- "ما يَزَالُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ": ما يَزَالُ حَيًّا.
5- "مُشْرُوعُكَ عَلَى قَيْدِ الدَّرْسِ": تَحْتَ الدَّرْسِ.
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
41-معجم الرائد (عهن)
عهن يعهن عهنا وعهونا: - عهن القضيب: تثنى وكاد ينكسر.الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
42-معجم الرائد (عهنة)
عهنة: تثني القضيب حتى يكاد ينكسر.الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
43-معجم الرائد (فتغ)
فتغ يفتغ فتغا: - فتغ الشيء: وطئه حتى ينكسر.الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
44-معجم الرائد (نضح)
نضح ينضح وينضح نضحا:1- نضح الأرض بالماء: رشها، بلها.
2- نضح عليه الماء: رشه.
3- نضح الجلد: بله كي لا ينكسر.
4- نضح عطشه: سكنه.
5- نضح: شرب ولم يرو.
6- نضح الجمل الماء: حمله من بئر أو نهر لسقي الزرع.
7- نضح الزرع: سقاه.
8- نضح الشجر: انشق ليخرج ورقه.
9- نضح الزرع: ابتدأ الدقيق في حبه وهو رطب.
10- نضحهُ بالسهم: رماه به.
11- نضح عن نفسه: دافع.
الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
45-معجم الرائد (نكس)
نكس:1- رجل ضعيف دنيء لا خير فيه.
2- مقصر عن غاية النجدة والكرم.
3- سهم ينكسر مشق رأسه حيث يقع الوتر فيجعل أعلاه أسفله.
4- قصير القامة.
الرائد-جبران مسعود-صدر: 1384هـ/1965م
46-الأفعال المتداولة (ثَبُتَ)
ثَبُتَ: ثَبُتَ الجيشُ أمام خصمه في الحرب. (قاوم بحزم وشجاعة ولم ينكسر)الأفعال المتداولة-محمد الحيدري-صدر: 1423هـ/2002م
47-طِلبة الطلبة (هجر)
(هـجر):وَالْهَاجِرَةُ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى قُرْبِ الْعَصْرِ «وَعَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ بَكَّرَ بِالظُّهْرِ» بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَتَى بِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ أَبْرَدَ بِهَا أَيْ حِينَ يَنْكَسِرُ الْوَهَجُ أَيْ تَوَقُّدُ الْحَرِّ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَتَسْكِينِهَا وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَجِيرِ أَيْ الْهَاجِرَةِ.
طلبة الطلبة-أبوحفص النسفي-توفي: 537هـ/1142م
48-تاج العروس (وثأ)
[وثأَ]: الوَثْءُ بالفتح والوَثَاءَةُ بالمد: وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ ولكن لا يَبْلُغ العَظْمَ فَيَرِمُ، وعليه اقتصر الجوهري، أَو هو تَوَجُّعٌ في العَظْمِ بلا كَسْرٍ، وعليه اقتصر ابنُ القوطِيّة وابنُ القطَّاع، أَو هو الفَكُّ، وهو انفِراجُ المَفَاصِل وتَزلْزُلُها وخُروجُ بعْضِها عن بعضٍ، وهو في اليَدِ دُونَ الكَسْرِ، وعليه اقتصرَ بعضُ أَهلِ الغرِيب، وقال أَبو منصور: الوَثْءُ: شِبْهُ الفَسْخِ في المَفْصِلِ، ويكون في اللَّحْمِ كالكَسْرِ في العَظْمِ، وقال ابنُ الأَعرابيّ: من دُعائهم: اللهمَّ ثَأْ يَدَهُ. والوَثْءُ: كسْرُ اللحمِ لا كَسْرُ العظمِ. قال الليثُ: إِذا أَصَابَ العَظمَ وَصْمٌ لا يَبلُغُ الكَسْرَ قِيل: أَصابَه وَثْءٌ وَوَثْأَةٌ مقصور، والوَثْءُ: الضَّرْبُ حتّى يَرْهَصَ الجِلْدَ واللحْمَ وَيَصِلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَنْ يَنْكَسِرَ.وَثِئَتْ يَدُه كَفَرِحَ حكاها ابنُ القطاع وغيرُه، وأَنكره بعضُهم، كذا قاله شيخُنا. وقال أَبو زيد: وَثَأَتْ يَدُ الرَّجُلِ تَثَأُ وَثْأً، ووَثِئَتْ وَثْأً، ووَثَأً محركة فهي وَثِئَةٌ كَفَرِحَةٍ ووُثِئَتْ كَعُنِيَ وهو الذي اقتصر عليه ثَعلَبٌ والجوهريُّ، وهي اللغةُ الفصيحةُ فهي مَوْثُوأَةٌ ووَثِيئَةٌ على فَعِيلة وَوَثَأْتُهَا مُتعَدِّيًا بنفسه وَأَوْثَأْتُهَا بالهمز، قال اللِّحيانيُّ؛ قيل لابنِ الجرَّاح: كيف أَصبحْتَ؟ قال: أَصبَحْتُ مَوْثوءًا مَرْثوءًا، وفسره يقال: كأَنه أَصابَه وَثْءٌ، من قولهم: وُثِئَتْ يَدُه، قال الجوهريُّ: وَبِه وَثْءٌ، ولا تَقُل وَثْيٌ أَي بالياءِ، كما تقوله العامَّة، قال شيخُنا: وقولهم: وقد لا يُهْمَز ويُترك همزة؛ أَي يحذف ويُستعمل استعمال يَدٍ وَدَمٍ. قال صاحب المبرز عن الأَصمعيّ: أَصابَه وَثْءٌ، فإِن خَفَّفتَ قُلْتَ وَثٌ، ولا يقال وَثْيٌ، ولا وَثْوٌ، ثم قال: وقد أَغفل المصنِّف من لُغة الفِعل وَثُؤَ ككرُمَ، نقلها اللَّبْلِيُّ في شَرْح الفصيح عن الصولي. ومن المصادر الوُثُوءُ، كالجُلوس، والوَثْأَةُ كضَرْبَةٍ، عن صاحب الواعِي، انتهى.
وَوَثَأَ اللَّحْمَ كَوَضَعَ يَثَؤُهُ: أَمَاتَه، ومنه: هذه ضَرْبَةٌ قد وَثَأَتِ اللَّحْمَ أَي رَهَصَتْهُ.
وفي الأَساس: ومن المجاز: وَثَأَ الوَتِدَ: شَعَّثَه، والمِيثَأَةُ: المِيتَدَةُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
49-تاج العروس (ثأب)
[ثأَب]: ثُئِبَ كَعُنِيَ، حَكَاهَا الخَليلُ في العَيْن، ونَقَلَهَا ابنُ فارِس وابنُ القَطَّاعِ وثَئِبَ أَيْضًا، كفَرِحَ، كذا في لسان العرب، ونقَلَهَا ابنُ القُوطِيَّة، واقْتَصَرَ عليهَا، ونَقَلَهَا جَماعَةٌ عن الخليل ثَأْبًا فهو مَثْؤُوبٌ، وَتَثَاءَبَ على تَفَاعَلَ بالهَمْز، هي اللُّغَة الفُصْحَى التي اقتصر عليها في الفَصيح وغيره، ومَنَعُوا أَن تُبْدَلَ همزتُه واوًا، قال في المصباح: إِنَّها لُغَةُ العَامَّةِ، وصرَّخَ في المُغَرِب بأَنَّها غَلَطٌ، قالَه شيخنا، ونقل ابن المُكَرَّم عن ابن السِّكِّيت: تَثَاءَبْتُ، علَى تَفَاعَلْت، ولا تَقُلْ: تَثَاوَبْتُ وتَثَأَّبَ بتَشْديد الهَمْزَة، على تَفَعَّلَ، حَكَاها صاحبُ المُبرز، ونَقَلَهَا الفِهْريُّ في شَرْح الفَصيح، وابنُ دُرَيْد في الجَمْهَرَة: قَال رُؤبَةُ:وَإِنْ حَدَاهُ الحَينُ أَوْ تَذَأَّبَا *** أَبْصَرَ هِلْقَامًا إِذَا تَثَأَّبَا
وفي الحَديث: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُطْبِقْ فَاهُ» قَال الوَلِيُّ العِرَاقيُّ في شَرْح التِّرْمِذيِّ: تَثَاوَبَ في أَصْلِ السَّمَاعِ بالوَاو، وفي بَعْض الرِّوَايَاتِ بالهَمْز والمَدِّ، وهي روَايَة الصَّيْرَفيِّ. وقد أَنكَرَ الجَوْهَريُّ والجُمْهُورُ كَوْنَه بالوَاو، وقَال ابنُ دُرَيْد وثَابتٌ السَّرَقُسْطيُّ في غَريب الحَديث: لا يُقَالُ تَثَاءَبَ بالمَدِّ مُخَفَّفًا بل تَثَأَّبَ بالهَمْز مُشَدَّدًا. قلْتُ: وهذا غَريبٌ في الرِّواية، فإِنَّا لا نَعْرفُ إِلَّا المَدَّ والهَمْزَ، نقله شيخُنا: أَصَابَهُ كَسَلٌ وتَوْصِيمٌ، قَالَه ابنُ دُرَيْد، وقال الأَصمعيُّ: أَصَابَتْهُ فَتْرَةٌ كفَتْرَة النَّعاسِ منْ غَيْرِ غَشْيٍ يغْشَى عليه من أَكْلِ شَيْءٍ أَو شُرْبه، قال أَبُو زَيْد: تَثَأّبَ يَتَثَأَّبُ تَثَؤُّبًا، منَ الثُّؤَبَاءِ في كتَاب الهَمْز، وهيَ الثُّؤَبَاءُ بضَمِّ المُثَلَّثَة، وَفَتْح الهَمْزَة مُمْدُودَةً، ونَقَلَ صَاحبُ المُبرز عن أَبي مِسْحَل أَنَّهُ يقالُ: ثَؤْبَاءُ، بالضَّمِّ فالسكُون، نَقَلَه الفِهْريُّ وَغَيْرُه، وهو غَريبٌ، نَقَلَ شيخُنَا عن شَرْح الفَصيحِ لابن دَرَسْتَوَيْه: هيَ ما يُصيبُ الإِنْسَانَ عندَ الكَسَل والنُّعَاس والهَمِّ منْ فَتْحِ الفَم والتَّمَطِّي، وقال التَدْمِيريّ في شَرْح الفَصيح: هي انْفتَاحُ الفَمِ بريح يَخْرُجُ منَ المَعِدَة لغَرَضٍ من الأَغْرَاض يَحْدُثُ فيها فيُوجِبُ ذلك، وفي لسان العرب: الثُّؤَبَاءُ من التَّثَاؤُبِ كالمُطَوَاءِ منَ التَّمَطِّي، قال الشَّاعرُ في صِفَة مُهْرٍ:
فَافْتَرَّ عَنْ قَارِحِه تَثَاؤُبُهْ
وفي المَثَلِ: «أَعْدَى منَ الثُّؤَبَاءِ» أَيْ إذَا تَثَاءَبَ إِنْسَانٌ بحَضَرَةِ قَوْمٍ أَصَابَهُمْ مثْلُ مَا أَصَابَهُ.
وقال شَيْخُنَا نَقْلًا عن صَاحب المبرز: الثُّؤَبَاءُ في المَثَل يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وقال ابن دَرَسْتَوَيْه: عَدَمُ الهَمْز للعَامَّة، وقَالَ غيرُهُ: هُوَ خَطَأٌ، انتهى، وفي الحَدِيث: «التَّثَاؤُبُ منَ الشَّيْطَان» قيلَ: وإِنَّمَا جَعَلَه منَ الشَّيْطَان كَرَاهِيَةً له، وإِنَّمَا يَكُونُ منْ ثِقَل البَدَنِ [وامتلائه واسترخائه] ومَيْلِه إِلى الكَسَلِ والنوم، فَأَضَافَه إِلى الشَّيْطَان لأَنَّهُ الذي يَدْعُو إِلى إِعْطَاءِ، النَّفْس شَهْوَتَهَا، وأَرَادَ به التَّحْذيرَ منَ السَّبَب الذي يَتَوَلَّدُ منهُ، وهو التَّوَسُّعُ في المطْعَم والشِّبَع فَيثْقُلُ عن الطَّاعاتِ ويكْسَلُ عن الخَيْرَاتِ.
والثَّأَبُ، مُحَرَّكَةً جَاءَ في شعْرِ الأَغْلَب، اسْمُ فَلَاةٍ باليَمَامَة، وسيأْتي في أَثْأَب وكَأَنَّه سَقَطَ ذِكْرُ العَيْن المُهْملَة بمَعْنَى الموْضع منْ هُنَا، وإِلَّا فَلَا مَحَلَّ له هُنَا إِنْ كانَ مَعْطُوفًا على ما قَبْلَه أَو ما بَعْدَهُ معطوفًا عليه، فتأَمّل.
والأَثْأَبُ عَلَى مِثَال أَفْعَل: شَجَرٌ يَنْبُتُ في بُطُون الأَوْديَة بالبَادية، وهُوَ عَلَى ضَرْبِ التِّينِ، يَنْبُتُ نَاعمًا، كأَنَّه على شاطئ نَهْر، وهُوَ بَعيدٌ من المَاءِ، وَاحدَتُهُ أَثْأَبَةٌ بهَاءٍ، قال الكُمَيْتُ:
وغَادَرْنَا المَقَاوِلَ في مَكَرٍّ *** كَخُشْبِ الأَثْأَبِ المُتَغَطْرِسينَا
قَالَ اللَّيْثُ: هيَ شَبيهَةٌ بشَجَرَة يُسَمِّيهَا العَجَمُ النَّشْكَ، وأَنشد:
في سَلَمٍ أَوْ أَثْأَبٍ وغَرْقَدِ
قَالَ أَبُو حَنيفَة: الأَثْأَبَةُ: دَوْحَةٌ مِحْلَالٌ واسعةٌ يَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا الأُلُوفُ مِنَ النَّاس تَنْبُتُ نَباتَ شَجَرِ الجوْز، وَورقُها أَيْضًا كنَحْوِ وَرقِه، ولَها ثَمرٌ مِثْلُ التِّين الأَبْيض يُؤْكَلُ، وفيه كَراهةٌ وله حَبُّ مثْلُ حَبِّ التِّينِ، وزِنَادُهُ جَيِّدةٌ، وقيلَ: الأَثْأَبُ: شِبْهُ القَصب لهُ رُؤُوسُ كرؤوسِ القَصَب [وشكيرٌ كَشَكيرِة]، فَأَمَّا قولُه:
قُلْ لِأَبِي قَيْسٍ خَفيفِ الأَثَبَهْ
فعلَى تَخْفيف الهَمْزَة، إِنَّما أَراد [خفيفَ] الأَثْأَبَةِ، وهذَا الشَّاعرُ كأَنَّه ليْسَ منْ لُغَتِه الهمْزُ، لأَنَّه لوْ هَمزَ لَمْ يَنْكَسر البَيْتُ، وظَنَّهُ قَوْمٌ لُغَةً، وهُو خَطَأٌ، وقَالَ أَبُو حَنيفَةَ: قال بَعْضُهُمْ: الأَثْبُ، فاطَّرَحَ [الهمزةَ] وأَبْقَى الثَّاءَ علَى سُكُونها، وأَنشد:
ونَحْنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلَى شِعْبِ *** مُضْطَرِبِ البَانِ أَثيثِ الأَثْبِ
وأَثْأَبُ كأَحْمَدَ: موضع لَعَلَّهُ وَاحدُ الأَثْأَبَاتِ، وهي فَلَاةٌ بنَاحِيَةِ اليمَامَة، ويقالُ فيه: ثَأْبٌ، أَيْضًا، كَذَا في كتَاب نَصْر.
وتَثَأّبَ الخَبَرَ إِذَا تَجَسَّسَهُ نَقَله الصاغَانيّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
50-تاج العروس (حمت)
[حمت]: يَوْمٌ حَمْتٌ، بالتَّسْكِين: شَدِيدُ الحرِّ، ولَيْلَةٌ حَمْتَةٌ، ويوم مَحْتٌ، ولَيْلَةٌ مَحْتَةٌ، وقَدْ حَمُتَ يَومُنَا، ككَرُمَ: إِذا اشْتَدَّ حَرُّه، كمَحُت. كلُّ هذا في شدّة الحرّ؛ وأَنشد شَمِرٌ:من سافِعاتٍ، وهَجِيرٍ حَمْتِ.
والحَمِيتُ: المَتِينُ من كُلَّ شَيْءٍ حتّى إِنّهم لَيَقُولُونَ: تَمْرٌ حَمِيتٌ، وعَسَلٌ حَمِيتٌ.
وما أَكلت تَمْرًا أَحْمَتَ حَلاوةً من التَّعْضوضِ، أَي: أَمْتَنَ، ويأْتي قريبًا.
والحَمِيتُ: وِعاءُ السَّمْنِ كالعُكَّةِ، وقيل: وِعاءُ السَّمْنِ الّذي مُتِّنَ بالرُّبِّ، وهو من ذلك كالتَّحْمُوتِ، بالفَتح، عن السِّيرافيّ، والتاءُ زائدة، وهو في لسان العرب، ونقله الصّاغانيُّ عن ابن دُرَيْد. ولَمّا لم يطّلع عليه شيخنا استغربه.
وقيل: الحَمِيت: الزِّقُّ الصَّغِيرُ وفي حديث عُمَرَ، رضي الله عنه، قال لرجلٍ أَتاهُ سائلًا، فقال: هَلَكْتُ، فقال له: «أَهْلَكْتَ، وأَنْتَ تَنِثُّ نَثِيتَ الحَمِيتِ» قال الأَحمرُ:
الحَمِيتُ: الزِّقُّ المُشْعَرُ الّذي يُجعَلُ فيه السَّمْنُ والعسلُ والزَّيْتُ، أَو الزِقُّ بِلا شَعَرٍ قاله الجوهريّ، وهو للسَّمْنِ.
قال ابنُ السِّكِّيت: فإذا جُعِل في نِحْيِ السَّمْنِ الرُّبُّ، فهو الحَمِيت، وإِنما سُمِّيَ حَمِيتًا، لأَنّه مُتِّنَ بالرُّبِّ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه «فإِذا حَمِيتٌ من سَمْن» قال: هو النِّحْيُ والزِّقُّ. وفي حديثِ وَحْشِيّ: «كأَنَّهُ حَمِيتٌ»؛ أَي زِقُّ.
وفي حديث هِنْد لَمَّا أَخبرَها أَبو سفيانَ بدخولِ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، مَكَّةَ، قالت: «اقْتُلُوا الحَمِيتَ الأَسودَ» تعنيه استِعظامًا لقولِه، حيث واجهها بذلك. وتَمْرٌ حَمْتٌ بالتّسكين، وحَمِت ككَتف، وحامِتٌ، وحَمِيتٌ، وتَحْمُوتٌ: كُلُّ ذلك بمعنَى شَديد الحَلاوَة. وهذه التَّمْرَةُ أَحْمَتُ حلاوةً من هذه، أَي: أَصدَقُ حَلَاوةً، وأَشَدُّ، وأَمْتَنُ. وحَمِتَ الجَوْزُ وغَيْرُه، وفي بعض الأُمّهات: ونحوُه، كفَرِحَ: إِذا تَغَيَّرَ وفَسَدَ. وتَحَمَّتَ لَوْنُهُ: صارَ خالِصًا، نقله الصّاغانيُّ.
وعن ابن شُمَيْل: حَمَتَك الله تعالى عَلَيْهِ يَحْمِتُكَ أَيّ صَبَّكَ الله عَلَيْهِ. * ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عليه: غَضَبٌ حَميتٌ: شديدٌ؛ قال رُؤبَةُ:
حَتَّى يَبُوخَ الغَضَبُ الحَمِيتُ
يعني الشَّدِيد؛ أَي ينكَسِرَ ويَسْكُنَ، كذَا في الصَّحاح.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
51-تاج العروس (عنت)
[عنت]: العَنَتُ مُحَرَّكَةً: الفَسَادُ، والإِثْمُ، والهَلَاكُ والغَلَطُ، والخَطَأُ، والجَوْرُ، وَالأَذَى، وَسَيَأْتِي، ودُخُولُ المَشَقّةِ على الإِنْسَانِ.وقال أَبو إِسْحَاقَ الزَّجَاجُ: العَنَتُ في الُّلغَةِ: المَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ، والعَنَتُ: الوُقُوعُ في أَمْر شَاقٍّ.
وقد عَنِتَ، وأَعْنَتَهُ غَيْرُه. والعَنَتُ: لِقَاءُ الشدَّةِ يقال: أَعْنَتَ فلانٌ فُلانًا إِعْنَاتًا، وفي الحديث «البَاغُونَ البَرَاءَ العَنَتَ».
قالَ ابنُ الأَثِيرِ: العَنَتُ المَشَقَّةُ، والفَسادُ، والهَلَاكُ، والإِثْمُ، والغَلَطُ، والخَطَأُ، والزِّنَا، كُلّ ذلك قَدْ جَاءَ، وأُطْلِقَ العَنَتُ عَلَيْهِ، والحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كُلَّهَا، والبُرَآءُ: جَمْعُ بَرِيءٍ، وهو والعَنَتُ مَنْصُوبان، مَفْعُولانِ للبَاغِينَ، وقوله عزَّ وجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} أَي لو أَطَاعَ مثلَ المُخْبِرِ الذي أَخْبَرَه بما لا أَصْلَ لَه، وكَانَ قد سَعَى بقَوم من العَرَبِ إِلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهم ارْتَدُّوا، لوَقَعْتُمْ في عَنَتٍ؛ أَي في فسَادٍ وهَلَاكٍ، وفي التَّنْزِيل {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ} معنَاه: لو شَاءَ [اللهُ] لشَدَّدَ عَلَيْكُمْ وتَعَبَّدَكُمْ بِمَا يَصْعُبُ عليكُمْ أَدَاؤُهُ، كما فَعَلَ بمن كانَ قَبْلَكُمْ. وقد يُوضَعُ العَنَتُ مَوْضِعَ الهَلَاكِ، فيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاه لو شَاءَ [الله] لأَعْنَتَكُمْ؛ أَي لأَهْلَكَكُمْ بحُكْم يكونُ فيه غيرَ ظَالِم.
وقال ابن الأَعْرَابِيّ: الإِعْنَاتُ: تَكْلِيفُ غيرِ الطَّاقَةِ، وفي التَّنْزِيلِ {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} يعنِي الفُجُورَ والزِّنا.
وقال الأَزْهَرِيُّ: نزلت هذه الآيةُ فيمَنْ لَمْ يَسْتَطعْ طَوْلًا؛ أَي فَضْلَ مَالٍ يَنْكِحُ بِهِ حُرَّةً، فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمةً، ثم قَالَ: {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} وهذا يُوجِبُ أَنّ من لَمْ يَخْشَ العَنَتَ، ولَمْ يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ أَنّهُ لا يَحِلُّ له أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً.
قال: واخْتَلَفَ النّاس في تَفْسِيرِ هذِه الآيَةِ، فقال بعضُهم: معناه: ذلك لمن خَافَ أَن يَحْمِلَهُ شِدَّةُ الشَّبَقِ والغُلْمَةِ على الزِّنَا، فيَلْقَى العَذَابَ العَظيمَ في الآخِرَةِ، والحَدَّ في الدُّنْيَا، وقال بعضُهُمْ: معناه أَن يَعْشَقَ أَمَةً، وليس في الآيةِ ذِكْرُ عِشْقٍ، ولكِنَّ ذا العِشْقِ يَلْقَى عَنَتًا، وقال أَبُو العَبَّاسِ محَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَالِيّ: العَنَتُ هاهنا الهَلاكُ، وقيل: الهلاكُ في الزِّنا، وأَنشد:
أُحَاوِلُ إِعْنَاتِي بما قَالَ أَو رَجَا
أَرَادَ إِهْلَاكِي، ونَقَل الأَزْهَرِيُّ قولَ أَبي إِسْحَاق الزَّجّاجِ السّابِق، ثم قال: وهذا الذي قَالَهُ صَحِيحٌ، فإِذَا شَقَّ على الرَّجُلِ الغُربَةُ [وغلبته الغُلْمَة] ولَمْ يَجِد ما يَتَزَوَّجَ بِهِ حُرَّةً، فلهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً، لأَنَّ غَلَبَةَ الشَّهْوَةِ، واجتماعَ الماءِ في الصُّلْبِ رُبَّما أَدّى إِلى العِلَّةِ الصَّعْبَةِ.
وفي الصحاح: العَنَتُ: الإِثْمُ، وقد عَنِتَ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: في قوله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} أَي عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكُمْ، وهو لِقَاءُ الشِّدَّةِ والمَشَقَّة وقال بعضُهم: مَعْنَاه: عزيزٌ؛ أَي شديدٌ مَا أَعَنَتَكُمْ؛ أَي ما أَورَدَكُم العَنَتَ والمَشَقَّةَ.
ويُقَالُ: العَنَتُ: الوَهْيُ والانْكِسَارُ، قال الأَزْهَرِيّ: والعَنَتُ: الكَسْرُ، وقد عَنِتَت يَدُهُ، أَو رِجْلُهُ؛ أَي انْكَسَرَتْ، وكذلك كُلُّ عَظْمٍ، قال الشاعر:
فَدَاوِ بِهَا أَضْلَاعَ جَنْبَيْكَ بَعْدَ مَا *** عَنِتْنَ وأَعْيَتْكَ الجَبَائِرُ مِنْ عَلُ
ويقال: عَنِتَ العَظْمُ عَنَتًا فهو عَنِتٌ: وَهَي وانْكَسَرَ، قال رؤبة:
فَأَرْغَمَ اللهُ الأُنُوفَ الرُّغَّمَا *** مَجْدُوعَهَا والعَنِتَ المُخَشَّمَا
وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَثْءُ ليسَ بعَنَتٍ، لا يَكُونُ العَنَتُ إِلّا الكَسْرَ، والْوَثْءُ: الضَّرْبُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدَ واللَّحْمَ ويَصلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَنْ يَنْكَسِرَ.
والعَنَتُ أَيضًا: اكْتِسَاب المَأْثَمِ، وقد عَنِتَ عَنَتًا، إِذا اكْتَسَبَ ذلك.
وقال ابنُ الأَنْبَارِيّ: أَصْلُ العَنَتِ التَّشْدِيدُ، فإِذا قَالتِ العَرَبُ: فُلانٌ يَتَعَنَّتُ فُلانًا، ويُعْنِتُهُ، وقد عَنَّتَهُ تَعْنِيتًا، فالمُرادُ شَدَّدَ عَلَيْهِ، وأَلْزَمَهُ بِمَا يَصعُبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ، قال: ثم نُقِلَتْ إِلَى مَعْنَى الهَلاكِ، والأَصلُ ما وَصَفْنَا. انتهى.
وَأَعْنَتَهُ، مِثْلُ عَنَّتَهُ، وقد تقدم الإِيماءُ إِلَيْهِ.
والعُنْتُوتُ بالضّمّ: يَبِيس الخَلَى بفتح فسكون: نَبْتٌ.
وجَبَلٌ مُسْتَدِقٌّ فِي الصَّحَرَاءِ، وعِبَارَةُ اللّسَان: جُبَيْلٌ مُسْتَدِقٌّ في السَّمَاءِ، وقيل: هي دُونَ الحَرّةِ، قال:
أَدْرَكْتُهَا تَأْفِرُ دُونَ العُنْتُوتْ *** تِلْكَ الهَلُوكُ والخَرِيعُ السُّلْحُوتْ
وَالعُنْتُوتُ: أَوّلُ كُلِّ شَيْءٍ، نقله الصّاغَانيّ.
و، العُنْتُوتُ: الشَّاقَّةُ المَصْعَدِ مِن الآكَامِ، كَالْعَنُوتِ، كصَبُورٍ، يقال: أَكَمَةٌ عَنُوتٌ، إِذا كَانَتْ طَوِيلَةً شَاقَّةَ المَصْعَدِ.
وَعَنْتَتَ عَنْهُ، بتاءَين، إِذا أَعْرَضَ.
وعَنْتَتَ قَرْنُ العَتُودِ إِذا ارْتَفَعَ وشَصَرَ، نَقَلَه الصاغانيّ.
والعَانِتُ: المَرْأَةُ العَانِسُ، قيلَ: هو إِبْدَالٌ، وقيل: هو لُغَةٌ، وقيل: لُثْغَةٌ. قالَه شيخنا.
وفِي العنَايَة للشِّهَاب في «المَعَارِجِ» العَنَتُ: المُكَابَرَةُ عِنادًا، وفي «ق»: العَنَتُ: اللَّجَاجُ في العِنَادِ.
ويُقَالُ: جَاءَهُ فُلَانٌ مُتَعَنِّتًا؛ أَي طَالِبًا زَلَّتَهُ.
وفي الأَساس: وتَعَنَّتَنِي: سأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ أَرادَ بِهِ اللَّبْسَ عليَّ والمَشَقَّةَ.
وفي اللسان: رَوَى المُنْذِرِيُّ عن أَبِي الهَيْثَمِ أَنَّه قَالَ: العَنَتُ فِي كَلَامِ العَرَبِ: الجَوْرُ، والإِثْمُ، والأَذَى، قال: فقلت له: التَّعَنُّتُ مِنْ هذَا؟ قال: نَعَمْ، يقال: تَعَنَّتَ فُلانٌ فُلانًا إِذا أَدْخَلَ عَلَيْهِ الأَذَى.
ويُقَالُ لِلْعَظْمِ المَجْبُورِ إِذا هَاضَهُ شَيْءٌ ـ وعبارةُ اللِّسَانِ إِذا أَصَابَهُ شَيْءٌ فَهَاضَهُ ـ: قد أَعْنَتَهُ، فهو عَنِتٌ، كَكَتفٍ، ومُعْنَتٌ كمكْرِم، قال الأَزْهَرِيُّ: معناه أَنَّهُ يَهِيضُه، وهو كَسْرٌ بعد انْجِبَارٍ، وذلك أَشَدُّ من الكَسْرِ الأَوَّلِ، ويقال: أَعْنَتَ الجَابِرُ الكَسِيرَ إِذَا لم يَرْفُقْ بهِ فزادَ الكَسْرَ فَسادًا، وكذلك راكبُ الدَّابَّةِ إِذا حَمَلَه على ما لا يَحْتَمِلُهُ من العُنْفِ حتى يَظْلَعَ، فقد أَعْنَتَهُ، وَقَدْ عَنِتَتِ الدَّابَّةُ.
وجُمْلَةُ العَنَتِ: الضَّرَرُ الشَّاقُّ المُؤْذِي، وفي حديث الزُّهريّ: «في رَجُلٍ أَنْعَلَ دَابَّةً فعَنِتَتْ» هكذا جاءَ في روايَةٍ؛ أَي عَرِجَتْ، وسمَّاه عَنَتًا، لأَنَّهُ ضَرَرٌ وفَسَادٌ، والرِّوَايَةُ فَعَتِبَتْ ـ بتاءٍ فوقها نُقْطَتَانِ ثم باءٍ تحتها نقطة ـ قال القُتَيْبِيُّ: والأَوّلُ أَحَبُّ الوَجْهَيْنِ إِلَيَّ.
ويقَال: عَنِتَ العَظْمُ، كفَرِحَ عَنَتًا، فهو عَنِتٌ: وَهَي وانْكَسَرَ، قال رُؤْبَةُ:
فَأَرْغَمَ اللهُ الأُنُوفَ الرُّغَّمَا *** مَجْدُوعَها والعَنِتَ المُخَشَّمِا
وقد تَقَدَّمَ عن اللَّيْثِ: أَنَّ العَنَتَ لا يكونُ إِلّا الكَسْرَ، ويُقَالُ: عَنِتَتْ يَدُهُ أَو رِجْلُهُ، وكذلك كُلُّ عَظْمٍ، فذِكْرُ المصنّفِ لها هنا ثانيًا في حُكم التَّكْرارِ، لأَنَّهُ داخلٌ تحت قوله: والوَهْيُ والانْكِسارُ، وهو يَشْمَلُ اليَدُ والرِّجْلَ والعَظْمَ.
* ومما يستدرك على المُؤَلّف: العُنْتُوتُ: الحَزُّ في القَوْسِ، قال الأَزْهَرِيُّ: عُنْتوتُ القَوْسِ: هو الحَزُّ الذي تُدْخَلُ فيه الغَانَةُ، والغَانَةُ: حَلْقَةُ رَأْسِ الوَتَرِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
52-تاج العروس (كبرت)
[كبرت]: الكِبْرِيتُ، بالكسر، أَهمله الجوهريّ هنا، وأَورده في ـ ك ب ر ـ وذكره هنا بناءً على أَصالَةِ التَّاءِ، وصَرَّح غيرُ واحدٍ بزيادتها، فموضِعه الرّاءُ، كعِفْرِيتٍ، وهو من الحِجَارة المُوقَدِ بِهَا، قال ابنُ دريد: لا أَحْسَبُهُ عَرَبِيٍّا صَحِيحًا، ومثْلُه في شِفَاءِ الغَلِيل.والكِبْرِيتُ: اليَاقُوتُ الأَحْمَرُ قاله ابنُ دُرَيْدٍ، وجعَلَ شيخُنَا استعمالَه فيه من المَجَازِ.
والكِبْرِيتُ: الذَّهَبُ الأَحْمَرُ، قال رُؤبَة:
هَلْ يَعْصِمَنِّي حَلِفٌ سِخْتِيتُ *** أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ
قال ابن الأَعْرَابيّ: ظَنّ رُؤبةُ أَن الكِبرِيتَ ذَهَبٌ، قال شيخُنا: وخَطِئ فيه، لأَنَّ العَرَبَ القدماءَ يُخْطِئون في المَعَانِي دونَ الأَلفاظِ.
أَو الكبريتُ الأَحْمَرُ ـ عن الليث ـ يقال: هو جَوْهَرٌ، ومَعْدِنُه خَلْفَ بلادِ التُّبَّتِ بِوادِي النَّمْلِ الذي مَرَّ عليه سيِّدُنَا سليمانُ عليه وعلى نبيِّنَا أَفضلُ الصلاةِ والسلام، كذا في التهذيب، وعن الليث: الكِبْرِيتُ: عَيْنٌ تَجْرِي، فإِذا جَمَدَ ماؤُهَا صار كِبْرِيتًا أَبيضَ وأَصْفَرَ وأَكْدَرَ، وقال شيخُنَا: وقد شَاهَدْتُه في مواضِعَ: منها هذا الذي قَرِيبٌ مِن المَلالِيحِ ما بين فَاس ومِكْنَاسَةَ يُتَدَاوَى بالعَوْمِ فيه من الحَبِّ الإِفْرِنْجِيّ وغيره، ومنها مَعْدِنٌ في أَثناءِ إِفْرِيقيَّةِ في وَسَطِ بَرْقَةَ، يُقَال له: البُرْجُ، وغير ذلك، واستعماله في الذَّهَبِ كأَنَّهُ مَجَازٌ، لقولهم: الكِبْرِيتُ الأَحْمَرُ، لأَنَّهُ يُصْنَعُ منه، ويَصْلُح لأَنواعٍ من الكِيمياءِ، ويكونُ من أَجْزَائِها. انتهى.
وفي اللسان: يُقَال: فِي كلِّ شيْءٍ كِبْرِيتٌ، وهو يُبْسُه، ما خلا الذَّهَبَ والفِضَّةَ، فإِنَّهُ لا يَنْكَسِر، فإِذا صُعِّدَ؛ أَي أُذِيبَ، ذَهَبَ كِبْرِيتُه.
وقال أَبو منصور: ويقال: كَبْرَتَ بَعِيرَهُ إِذا طَلاهُ بِه أَي بالكِبْرِيتِ مَخْلُوطًا بالدَّسَمِ والخَضْخَاض، وهو ضَرْبٌ من النِّفْطِ أَسودُ رقيقٌ لا خُثُورَةَ فيه، وليس بالقَطِرَانِ، لأَنَّهُ عُصَارَةُ شَجرٍ أَسْوَد خَاثِر، كذا في التّكملة، وهو للتَّداوِي من الجَرَبِ، لأَنَّه صالحٌ لرَفْعِه جِدًّا.
ونقل القزوينيّ ـ في عَجَائبه عن أُرسطو ـ الكِبْرِيتُ أَصناف: الأَحمرُ الجَيِّدُ اللونِ، والأَبيضُ اللّونِ، هو كالغُبَارِ، ومنه الأَصفَرُ، فمَعْدِنُه بالمَغْرِب، لأناس في موضعٍ، بقُرْبِ بحر أَوْقَيانُوسَ على فرسِخٍ منه، وهو نافعٌ من الصَّرَع والسَّكَتاتِ والشَّقِيقَةِ، ويَدْخُل في أَعمالِ الذّهَب، وأَمّا الأَبيضُ فيُسوِّدُ الأَجسامَ البِيضَ، وقد يكونُ كامِنُه في العُيُونِ التي يَجْرِي منها الماءُ الجاري مَشُوبًا به، ويُوجَد لتلكِ المياهِ رائحةٌ مُنتِنَةٌ، فمَن اغْتَمَسَ في هذه العيونِ في أَيّامٍ معتَدِلَةِ الهواءِ أَبرأَه من الجِرَاحَاتِ والأَوْرَامِ والجَرَب والسّلَعِ التي تكون من المِرَّةِ السَّوْدَاءِ.
وقال ابنُ سِيناءَ: إِنَّ الكِبْرِيتَ من أَدْوِيَةِ البَرَصِ ما لم تَمَسَّه النارُ. وإِذَا خُلِطَ بصَمْغِ البُطْمِ قَلَعَ الآثارَ التي تكون علَى الأَظْفَارِ، وبالخلِّ على البَهَقِ، ويَجْلُو القُوَبَاءَ، وهو طِلاءٌ للنِّقْرِسِ مع النَّطْرُونِ والماءِ، ويَحْبِسُ الزُّكامَ بَخُورًا.
وفيه خواصُّ غيرُ ذلك، ومَحلُّه المُطَوَّلاتُ من كتب الطِّبِّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
53-تاج العروس (نضح)
[نضح]: نَضَحَ البَيْتَ يَنْضِحُهُ، بالكسر نَضْحًا: رَشَّه، وقيل رَشَّه رَشًّا خَفيفًا. قال الأَصمعيّ: نَضَحْتُ عليه الماءَ نَضْحًا، وأَصابَهُ نَضْحٌ من كذا. وقال ابن الأَعرابيّ: النَّضْح ما كان على اعتماد، وهو ما نَضْحتَه بيدِكَ معْتمِدًا. والنَّاقَةُ تَنضَح ببَوْلها، والنَّضْخُ ما كانَ على غَير اعتمادٍ، وقيل: هما لُغتان بمعنًى واحدٍ وكلّه رَشٌّ. وحكَى الأَزهريّ عن اللّيْث: النَّضْح كَالنَّضْخِ ربَّمَا، اتَّفَقَا وربّمَا اختلفَا، وسيأْتي.ومن المجاز: نضَحَ الماءُ عَطَشَه يَنْضِحُه: بَلَّه وسَكَّنَه،، أَو رَشَّه فذَهَبَ به، أَو كاد أَن يَذهب به، ونَضَحَ الرِّيَّ نَضْحًا: رَوِيَ أَو شَرِب دُونَ الرِّيِّ، ضِدٌّ. وفي التهذيب: نضَحَ الماءُ المالَ يَنضِحُه: ذَهَبَ بعطَشه أَو قَارَبَ ذلك. قال شيخُنا: قضيّة كلام المصنّف كالجوهريّ أَنّ نَضَحَ يَنْضِح رَشَّ كضَرَب، والأَمرُ منه كاضْرِب، وفيه لغة أُخْرَى مشهورة كمنَع، والأَمر انضَحْ، كامنَعْ، حكاه أرباب الأَفعال والشِّهاب الفيَوميّ في المصباح، وغيرُ واحدٍ.
ووقعَ في الحديث «انضحْ فَرْجَكَ» فضبَطه النَّوويُّ وغيره بكسر الضّاد المعجمة كاضرِب، وقال: كذلك قيَّده عن جمْع من الشُّيُوخ. واتَّفق في بعض المجالِس الحديثيّة أَنّ أَبا حَيّان رحمه الله أَملَى هذا الحديثَ فقَرَأَ انضَحْ بالفتح، فردّ عليه السِّراجُ الدّمنهُوريّ بقول النّوويّ، فقال أَبو حيّان: حَقّ النَّوويّ أَن يستفيد هذا منّي، وما قُلْتُه هو القِيَاسُ. وحكى عن صاحب الجامع أَنَّ الكَسْر لغة، وأَن الفتح أَفصَحُ، ونقله الزَّركشيّ وسلَّمَه. واعتمَد بعضُهم كلامَ الجوهَريّ وأَيّد به كلَامَ أَبي حيّان. وهو غير صحيح، لما سمعْت من نقْله عن جماعةٍ غيرهم. واقتصارُ المصنّف تبعًا للجوهَرَيّ قُصُورٌ، والحافظ مقدَّم على غَيْرِه، والله أَعلَمُ، انتهى.
ونضَحَ النّخْلَ والزّرعَ وغَيرَهما: سَقَاهَا بالسَّانِيَة.
وفي الحديث «ما سُقِيَ من الزَّرْع نَضْحًا ففيه نِصْفُ العُشْرِ» يريد ما سُقِيَ بالدّلاءِ والغُرُوب والسَّوانِي ولم يُسْقَ فَتْحًا. وهذه نَخْلٌ تُنْضَحُ أَي تُسقَى، ويقال: فلانٌ يَسقِي بالنّضْح، وهو مصدرٌ.
ومن المجاز نَضَحَ فُلانًا بالنَّبْل نَضْحًا: رَمَاه ورَشَقَه.
ونَضحْنَاهم نَضْحًا فَرَّقْناه فيهم كما يُفَرّق الماءُ بالرَّشّ.
وفي الحديث أَنّه قال للرُّماة يوم أَحُدٍ «انضِحُوا عنَّا الخَيْلَ لا نُؤْتَى مِنْ خَلْفِنا»؛ أَي ارمُوهُم بالنُّشَّاب.
ومن المجاز: نَضَحَ الغَضَا: تَفطَّرَ بالورق والنّباتِ. وعَمَّ بعضُهم به الشَّجَرَ فقال: نَضحَ الشَّجَرُ نَضْحًا: تَفَطَّر ليَخْرُجُ وَرقُه، قاله الأَصْمعيّ. قال أَبو طالب بن عبد المطّلب:
بُورِكَ الميِّتُ الغرِيبُ كما بُو *** رِكَ نَضْحُ الرُّمّانِ والزَّيْتونُ
وفي اللسان: فأَمّا قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر، فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو أَقدَمَ فجمَع نَضْحَ الشَّجَرِ على نُضوحٍ، لأَنّ بعضَ المصادر قد يُجمع كالمرَض والشُّغلُ والعَقْلِ [قالوا: أَمراضٌ وأَشغالٌ وعُقُولٌ].
ونَضَح الزَّرْعُ غَلُظَت جُثّتُه، وذلك إِذا ابتَدأَ الدَّقيقُ في حبِّهِ؛ أَي حبِّ سُنْبله وهو رطْبٌ، كأَنْضَحَ، لُغتان، قال ابن سيده.
ونَضَحَ بالبَوْل على فَخِذَيْهِ: أَصابَهُمَا به، وكذلك نَضَحَ بالغُبَار.
وفي حديث قَتادَة: «النَّضْح من النَّضْح» يريد من أَصابه نَضْحٌ من البَوْل وهو الشيءُ اليسيرُ منه فعلَيه أَن يَنضحَه بالماءِ، وليس عليه غَسْلُه. قال الزَّمَخشريّ: هو أَن يَصيبَه من البَوْل رَشاشٌ كرُؤُوس الإِبر. وقال الأَصمعيّ نضحْت عليه الماءَ نَضْحًا، وأَصابَه نَضْحٌ من كذا.
ونَضَحَ الجُلَّةَ، بضمّ الجيم وتشديد اللّام، يَنْضِحُها نَضْحًا: رَشَّها بالماءِ لِيَتَلازبَ تَمْرُهَا ويَلزَم بَعضُه بعضًا. أَو نَضَحَها، إِذا نَثَرَ ما فيها. وقولُ الشاعر:
يَنضِحُ بِالبوْلِ والغُبَارِ على *** فخْذَيْهِ نَضْحَ العِيدِيّةِ الجُلَلَا
يفسَّرُ بكلّ واحدٍ من هاتين.
ومن المجاز: نَضَحَ عَنْه: ذَبَّ ودَفَع كمَضَحَ، عن شُجاع، ونَضَحَ الرَّجلَ: رَدَّ عنه، عن كَراع. ونَضَحَ الرَّجلُ عن نَفْسِه، إِذا دفَعَ عنها بحُجّة. وهو يَنضَح عنْ فُلانٍ كناضَحَ عنه مُناضحةً ونِضَاحًا. وهو يُناضِحُ عن قَوْمه وينافِح. وأَنشد:
ولوْ بُلِي في مَحْفِلٍ نِضَاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه.
ونضَحَت القِرْبَةُ والخابيَةُ والجَرَّةُ تَنْضَحُ كتَمنَع، هذا هو القياس، وقد مرَّ عن أَبي حَيّان ما يُؤيِّده نَضْحًا وتَنضَاحًا، بالفتح فيهما، إِذا كَانَتْ رَقيقَةً فخَرَجَ الماءُ ورَشَحَتْ، عن ابن السِّكّيت. وكذلك الجَبلُ الذي يَتحلَّبُ الماءُ بين صُخورِه. ومَزَادةٌ نَضُوحٌ: تَنضَحُ الماءَ.
ونَضَحَت العَيْنُ تَنْضَح نَضْحًا: فَارَتْ بالدَّمْع، والنَّضْح يَدْعُوه الهَمَلَانُ، وهو أَن تَمتلِئ العَيْنُ دمْعًا ثُمّ تنتَضِح همَلانًا لا ينقَطع، كانتَضَحَتْ وتَنَضَّحَتْ انتِضاحًا وتَنَضُّحًا.
وانْتَضَحَ الرَّجلُ واستَنْضَحَ، إِذا نضَحَ ماءً؛ أَي شيئًا منه على فَرْجِه؛ أَي مذاكِيره ومُؤتَزرِه بَعْدَ الفراغ من الوُضوءِ ليَنْفِيَ بذلك عنه الوَسْواس، كانتَفضَ، كما في حديثٍ آخَرَ، ومعناهما واحدٌ. وانتضاحُ الماءِ على الفَرْج من إِحدَى الخِلالِ العَشرة من السُنة التي وردتْ في الحديث، خَرّجَه الجماهيرُ. وفي حديث عطاءٍ وسُئل عن نَضَح الوُضوءِ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند الوُضُوءِ كالنَّشَر.
وقَوسٌ نَضُوحٌ ونُضَحِيَّة كجُهَنيّة: طَرُوحٌ نَضَّاحَةٌ بالنَّبْلِ؛ أَي شديدةُ الدَّفْع والحفْزِ للسَّهم، حكاه أَبو حنيفةَ، وأَنشد لأَبي النَّجم:
أَنْحَى شِمَالًا هَمَزَى نَضُوحَا
أَي مَدّ شِمالَه في القَوْس وهَمَزَى، يَعنِي شديدة.
والنَّضُوح من أَسماءِ القَوْس. والنَّضُوحُ كصَبُورٍ: الوَجُورُ في أَيِّ مَوْضعٍ مِنَ الفَمِ كانَ. ونصُّ عبارةِ اللسان: في أَيِّ الفمِ كان.
ومن المجاز: النَّضُوح الطِّيبُ، وقد انتَضَحَ به، والنَّضْحُ: [منه] ما كان رَقِيقًا كالماءِ، والجمْع نُضُوحٌ وأَنضِحَةٌ. والنَّضْخُ: ما كان منه غليظًا كالخَلُوقِ والغَالِيَة، وسيأْتي.
وفي حديث الإِحرام: «ثم أَصبَح مُحْرِمًا يَنْضح طِيبًا» أَي يَفوح. وأَصْلُ النَّضْح الرّشْحِ، فشبَّهَ كَثْرةَ ما يَفوح من طِيبه بالرَّشْح.
ومن المجاز: رأَيتُه يَتنضَّح. يقال: تَنَضَّحَ مِنْه؛ أَي مما قُرِفَ به، إِذا انْتَفَى وتَنَصَّلَ منه.
والنَّضَّاحُ كشَدّاد: سَوَّاقُ السَّانِيَةِ وساقِي النَّخْل. قال أَبو ذؤيب:
هَبَطْن بَطنَ رُهَاطٍ واعتصَبْنَ كمَا *** يَسْقِي الجُذُوعَ خِلالَ الدُّورِ نَضّاحُ
ونَضَّاحُ بن أَشْيَمَ الكَلْبِيّ له قِصّة مع الحُطيئة، ذَكرهَا ابن قُتيبَة كذا في التبصير.
وأَنضَحَ عِرْضَه: لَطَخَه، قال ابن الفَرَجِ: سمعْتُ شُجاعًا السُّلميّ يقول: أَمضحْتُ عرضي وأَنضَحتُه، إِذا أَفْسدْتَه.
وقال خليفة: أَنضحْتُهُ، إِذا أَنهبْتَه النّاسَ.
وعن ابن الأَعرابيّ: المِنْضَحة والمِنْضَخَة، بالكسر فيهما: الزَّرَّاقة. قال الأَزهريّ: وهي عند عوامّ النّاس النَّضَّاحة، ومعناهما واحِدٌ. والنّضَّاحةُ هي الآلةُ الّتي تُسوَّي من النُّحاسِ أَو الصُّفْرِ للنِّفط وزَرْقِه.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
النَّضَح، محرّكَةً، والنَّضيحُ: الحَوْضُ لأَنه يَنضَحُ العَطَشَ أَي يَبلُّه. وقيل هما الحَوْضُ الصغير، والجمع أَنضاحٌ ونُضُحٌ. وقال اللّيْث: النَّضيح من الحِياض: ما قَرُب من البِئر حتّى يكون الإِفراغُ فيه من الدَّلْو، ويكون عظيمًا، وهو مَجاز.
والناضِح: البعيرُ أَو الحمارُ أَو الثَّوْرُ الذي يُستقَى عليه الماءُ، وهي ناضِحةٌ وسانِيَة، والجمع نَواضِحُ، وهو مَجَاز، وقد تَكرّر ذِكْرُه في الحديث مُفرَدًا ومجموعًا، فكان واجبَ الذِّكْر.
والنَّضْحات: الشّيْءُ اليَسِيرُ المتفرِّق من المطرِ، قال شَمِر: وقد قالوا في نَضَحَ المطرُ بالحاءِ والخاءِ، والنَّاضِح: المطرُ، وقد نضَحتْنَا السَّماءُ. والنَّضْحُ أَمْثَلُ من الطَّلّ، وهو قَطْرٌ بينَ قطْرَيْنِ. ونضَح الرَّجلُ بالعَرقِ نَضْحًا فضَّ به، وكذلك الفرسُ.
والنَّضِيحُ والتَّنضاحُ: العَرَقُ. ونَضَحَت ذِفْرَى البَعيرِ بالعَرَق نَضْحًا، وقال القُطَاميّ:
حَرَجًا كَأَنَّ من الكُحَيل صُبَابَةً *** نَضَحَتْ مَغابِنُها به نَضَحَانَا
ورواه المؤرِّج «نُضِختْ» وقال شَمِرٌ: نضَحْت الأَديمَ بَلَلْتُه أَنْ لا يَنْكَسِر. قال الكُميت:
نَضَحْتُ أديمَ الوُدّ بيني وبينَكُمْ *** بآصِرَةِ الأَرْحَامِ لو تَتَبلَّلُ
نضَحْت؛ أَي وَصلْت، وهو مَجاز.
وأرضٌ مَنْضَحَة: واسعةٌ.
ونَضَحَت الغَنَمُ: شَبعَتْ.
وانتضَحَ من الأَمر: أَظهرَ البرَاءَةَ منه. والرّجلُ يُرْمَى أَو يُقْرَف بتُهمَة فينتَضِح منه؛ أَي يُظْهِر التَّبرُّؤَ منه.
ومِنضَحٌ، كمنبر: مَعدِنٌ جاهِليّ بالحجاز عنده جَوْبَةٌ عظيمة يَجتمع فيه الماءُ.
والمَنْضَحِيّة قال الأَصمعيّ: ماءٌ بتهامَة لبني الدِّيل خاصَّةً، كذا في المعجم.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
54-تاج العروس (سجد)
[سجد]: سَجَدَ: خَضَعَ، ومنه سُجُودُ الصَّلاةِ، وهو وَضْعُ الجَبْهةِ على الأرض، ولا خُضُوعَ أَعظمُ منه، والاسم: السَّجْدة، بالكسر.وسَجَدَ: انتَصَبَ في لُغَة طَيّئٍ قال الأَزهريُّ: ولا يُحْفَظُ لغير الليث، ضِدٌّ.
قال شيخنا: وقد يقال لا ضِدِّيَّة بين الخُضوع والانتصاب، كما لا يَخْفَى. قال ابن سيده: سَجَدَ يَسجُد سُجُودًا: وَضَعَ جَبْهَتَه على الأَرضِ، وقَوْمٌ سُجَّدٌ وسُجُودٌ. وقال أَبو بكر: سَجَدَ، إِذا انْحَنى وتَطَامَنَ إِلى الأَرضِ.
وأَسْجَدَ: طَاطَأَ رأْسَهُ [وانحنى] وكذلك البَعِيرُ، وهو مَجاز. قال الأَسديُّ أَنشده أَبو عُبيدةَ:
وقُلْنَ له أَسْجِدْ لِلَيْلَى فأَسْجَدَا
يَعنِي بَعيرَها أَنه طاطأَ رأْسَه لِتَرْكَبه، وقال حُمَيْد بن ثَوْر يَصف نساءً:
فلَمَّا لَوَيْنَ علَى مِعْصَمٍ *** وَكفٍّ خَضِيبٍ وإِسوارِها
فُضُولَ أَزِمَّتِها أَسْجَدَتْ *** سُجُودَ النَّصارَى لأَحْبارِهَا
يقول: لمّا ارْتَحَلْن ولَوِيْن فُضُولَ أَزِمَّةِ جِمالِهِنّ على مَعاصِمِهِنّ أَسْجَدَتْ لَهُنَّ. وسَجَدتْ، إِذا خَفَضَتْ رأْسَها لتُرْكَبَ.
وفي الحديث: «كانَ كِسْرَى يَسْجُدُ للطَّالعِ» أَي يَتَطَامَنُ ويَنحِني. والطَّالِع: هو السَّهمُ الذي يُجَاوِزُ الهَذَف من أَعلاه، وكانوا يَعُدُّونَه كالمُقَرْطِس، والذي يقع عن يَمينه وشماله يقال له: عاصِدٌ. والمعنى: أَنه كان يُسْلِم لراميه ويَسْتَسْلِم. وقال الأَزهَرِيُّ: معناه أَنه كان يَخفِض رأْسه إِذا شخَص سَهْمُه وارتفعَ عن الرَّمِيَّة، لِيَتَقوَّمَ السَّهمُ فيصيب الدَّارةَ.
ومن المجاز: أَسجَدَ: أَدامَ النَّظَرَ مع سُكون. وفي الصّحاح: زيادةُ في إِمراضِ ـ بالكسر ـ أَجْفَان، والمرادُ به: النَّظَرُ الدَّالُّ على الإدلال، قال كُثيِّر:
أَغرَّكِ مني أَنَّ دَلَّكِ عِندَنَا *** وإِسجادَ عينيكَ الصَّيُودَيْنِ رَابِحُ
والمَسْجَد، كمَسْكَن: الجَبْهَةُ حيث يُصِيب الرجلَ نَدَبُ السُّجودِ. وهو مَجاز، والآرابُ السَّبعةُ مَساجِدُ قال الله تَعالى: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ} وقيل: هي مَوَاضِعُ السُّجودِ من الإِنسانِ: الجَبْهَةُ، والأَنْفُ، واليَدَانِ، والرُّكْبتانِ، والرِّجْلانِ.
وقال اللَّيْث: السُّجود، مواضِعُه من الجَسَدِ والأَرْضِ: مَساجِدُ، واحِدُهَا مَسْجَد، قال: والمَسْجِد اسمٌ جامعٌ حَيث سجدَ عليه.
والمَسْجِد بكسر الجِيم: م؛ أَي مَوضِعُ السُّجُود نَفْسه.
وفي كتاب «الفروق» لابن بَرّيّ: المَسْجِد: البَيْتُ الذي يُسْجَد فيه، وبالفتح: مَوضع الجَبْهَةِ.
وقال الزَّجَّاج: كلّ مَوضع يُتَعَبَّد فيهِ فهو مَسْجِد، ويُفتح جِيمُه.
قال ابن الأعرابيّ: مَسْجَد، بفتح الجيم، مِحْرَابُ البيوتِ ومُصَلَّى الجَماعاتِ.
وفي الصّحاح: قال الفرّاء المَفْعَل من باب نَصر، بفتحِ العَيْن، اسمًا كان أَو مصدرًا، ولا يَقَع فيه الفَرْق، مثل دَخَلَ مَدْخَلًا، وهذا مَدْخَلُه، إِلا أَحْرُفًا من الأَسماءِ كمَسجِد، ومَطْلع، ومَشْرِق، ومَسْقِط، ومَفْرِق، ومَجْزِر، ومَسْكن، ومَرْفق، ومَنْبِت، ومَنْسِك فإِنهم أَلزموها كسْرَ العينِ وجَعلوا الكسر علامَةَ الاسمِ.
والفتحُ في كلّه جائزٌ وإِن لم نَسمَعْه، فقد رُوِيَ مَسْكَنٌ ومَسْكِن وسُمِعَ المَسْجَد والمَسْجِد، والمَطلَع والمَطْلِع.
قال وما كان من باب جَلَسَ يَجلِس فالموضع بالكسر، والمصدر بالفتح، للفرق بينهما، تقول نَزل مَنْزَلا. بفتح الزاي؛ أَي نُزُولًا، وتقول هذا مَنزِله، بالكسر، لأَنه بمعنى الدَّارِ.
قال: وهو مَذْهَبٌ تَفَرَّد به هذا البابُ من بين أَخواته، وذلك أَن المواضع والمصادِر في غير هذا البابِ يُرَدُّ كلُّهَا إِلى فتح العين، ولا يقع فيها الفرق، ولم يُكْسَر شَيْءٌ فيما سِوَى المَذكورِ إِلّا الأَحرف الّتي ذكرناها، انتهى نصُّ عِبَارَة الفَرّاءِ.
ومن المَجاز: سَجِدَتْ رِجْلُه، كفَرِحَ، إِذا انتفَخَتْ، فهو أَي الرَّجُلُ أَسْجَدُ. والأَسجاد بالفتح في قول الأَسْوَد بن يَعْفُر النَّهْشَلّي من ديوانه، رواية المفضّل:
مِن خَمْرِ ذي نُطَفٍ أَغَنَّ مُنَطَّق *** وَافَى بها كَدَرَاهِمِ الأَسْجَادِ
هم اليَهُودُ والنّصَارَى، أَو معناه الجِزْيَة، قاله أَبو عُبَيْدَةَ، ورواه بالفَتح. أَو دَراهِم الأَسجادِ هي دراهمُ الأكاسرِة كانَتْ عليها صُوَرٌ يَسجُدون لها، وقيل: كانت عليها صُورَةُ كسرى فمَنْ أَبصرَها سَجَدَ لها؛ أَي طَاطَأَ رأْسَه لهَا وأَظهَرَ الخُضُوعَ، قاله ابن الأَنباريّ، في تفسير شِعْرِ الأَسود بن يَعْفُر ورُوي بكسر الهمزة، وفُسِّر، باليهود وهو قول ابن الأَعرابيّ.
ومن المَجَاز: الإِسجاد، فتُورُ الطَّرْف، وعَيْنٌ ساجِدةٌ إِذا كانت فاتِرة، وأَسْجَدَتْ عينَها غَضَّتْها.
ومن المَجَاز أَيضًا: شَجَرٌ ساجدٌ، وسَواجِدُ، ونَخْلةٌ ساجِدةٌ، إِذا أَمالَهَا حَمْلُهَا، وسَجَدَت النَّخْلَةُ: مالَتْ، ونَخلٌ سَواجِدُ: مائلةٌ، عن أَبي حنيفةَ، قال لبيد:
بَيْنَ الصَّفَا وخَليِجِ العَيْنِ ساكِنَةٌ *** غُلْبٌ سَواجِدُ لم يَدْخُلْ بها الحَصَرُ
وقوله تعالى: {سُجَّدًا لِلّهِ وَهُمْ داخِرُونَ} أَي خُضَعَاءَ مُتسخِّرةً لما سُخِّرتْ له.
وقال الفَرَّاءُ في قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ} معناه: يَستقبلانِ الشَّمسَ ويَمِيلانِ مَعَها حتى يَنْكَسرَ الفىْءُ.
وقولُه تعالى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} سُجودَ تَحِيَّةٍ لا عبادةٍ.
وقال الأَخفش معنى الخُرورِ في هذه الآيةِ: المرورُ لا السُّقوطُ والوقوعُ.
وقال ابن عبَّاس في قوله تعالى: وَادْخُلُوا الْبابَ {سُجَّدًا} أَي رُكَّعا، وقال: باب ضيقّ. وسُجُودُ المَواتِ مَحْمَلُه في القرآنِ طَاعَتُه لما سُخِّرَ له، وليس سُجودُ المَواتِ لله بأَعجبَ من هُبوطِ الحِجَارةِ من خَشْيَةِ الله، وعلينا التّسليمُ لله، والإِيمانُ بما أَنزَلَ من غير تَطَلُّب كَيفيِّة ذلك السُّجُود، وفِقْهِه.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
المَسْجِدانِ: مَسْجِدُ مَكَّةَ، ومسجِدُ المدينة، شرَّفهما الله تعالى، قال الكُمَيْتُ، يمدح بني أَمَيَّةَ:
لَكُمْ مَسْجِدَا الله المَزُورَانِ والحَصَى *** لَكُمْ قَبْصَةٌ ما بَيْنَ أَثْرَى وأَقْتَرا
والمِسْجَدة، بالكسر، والسَّجَّادة: الخُمْرَة المَسْجُود عليها، وسُمِع ضمّ السين، كما في الأَساس.
ورجلٌ سَجَّاد، ككَتَّان، وعلَى وَجْهِهِ سَجَّادَة: أَثرُ السُّجودِ.
والسَّوَاجِد: النَّخِيل المتأَصِّلة الثابتة. قاله ابن الأَعرابيّ وبه فُسِّر قولُ لبيد وسُورة السَّجْدة، بالفتح.
ويكون السُّجود بمعنَى التَّحْتِيَّة.
والسَّفِينة تَسجُد للرِّيح؛ أَي تَمِيل بمَيْله، وهو مَجَاز، ومنه أَيضًا فلانٌ ساجِدُ المَنْخرِ، إِذا كان ذَلِيلًا خاضعًا.
والسَّجَّاد: لَقَبُ عليَّ بنِ الحُسَين بن عليّ، وعليّ بن عبد الله بن عبّاس، ومحمّد بن طَلْحَةَ بنْ عبد الله التَّيْمِيّ، رضي الله عنهم.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
55-تاج العروس (نكس)
[نكس]: نَكَسَهُ يَنْكُسُه نَكْسًا: قَلَبَه علَى رَأْسِه، فانْتَكَسَ، وقال شَمِرٌ: النَّكْسُ: يَرْجِعُ إِلى قَلْبِ الشيْءِ ورَدِّه وجَعْلِ أَعْلاه أَسْفَلَه، ومُقَدَّمِه مُؤَخَّرَه، وقالَ الفَرّاءُ [في قَوْلِه تعالى]: {ثُمَّ} نُكِسُوا {عَلى رُؤُسِهِمْ} يقولُ: رَجَعُوا عَمّا عَرَفُوا مِن الحُجّةِ لإِبراهِيمَ عَليه السّلامُ.ونَكَس رَأْسَه: أَمالَهُ كنَكَّسَهُ تَنْكِيسًا، والتَشديدُ للمُبَالَغةِ، وبه قَرَأَ عاصِمٌ وحمزةُ: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ} نُنَكِّسْهُ وقرأَ غيرُهما بفتحِ النُّونِ وضَمِّ الكاف؛ أَي مَن أَطَلْنا عُمُرَه نَكَّسْنَا خَلْقَه فصارَ بعد القُوَّة الضَّعْفُ، وبعدَ الشَّبَابِ الهَرَمُ.
وفُلانٌ يَقْرَأُ القُرْآنَ مَنْكُوسًا؛ أَي يَبْتَدِئُ مِن آخِرِه؛ أَي مِن المُعَوِّذَتَين ثُمَّ يَرتَفِعُ إِلى البَقَرةِ، ويَخْتِمُ بالفَاتِحَةِ، والسُّنَّةُ خِلافُ ذلِكَ. أَو يبدأُ مِن آخِرِ السُّورةِ فيقرأُهَا إِلى أَوّلِهَا مَقْلُوبًا، وفي نُسْخَةٍ «مَنْكُوسَة». وهذا الوَجْهُ الأخِيرُ نقلَه أَبو عُبَيْدٍ، قال: وتأَوَّلَ به بَعْضٌ الحَدِيثَ «أَنَّه قِيلَ لابنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، إِنّ فُلانًا يَقْرَأُ القُرْآنَ مَنْكُوسًا، قالَ، ذلِك مَنْكُوسُ القَلْبِ» قال أَبو عُبَيْدٍ: وهذا شيءٌ ما أَحْسَبُ أَحدًا يُطِيقُه، ولا كانَ هذا في زَمَنِ عبدِ اللهِ، قال: ولا أَعْرِفُه، قال: ولكن وَجْهه عِنْدِي أَن يَبْدَأَ من آخِرِ القُرْآنِ من المُعَوِّذتينِ ثُمّ يَرتفعَ إِلى البقرة كنَحْوِ ما يَتَعَلَّمُ الصِّبْيَانُ في الكُتّاب، وكِلاهُمَا مَكْرُوهٌ، لا الأَوَّلُ في تَعْلِيم الصِّبْيَة، والعَجَميِّ المُفَضَّلَ وإِنما جاءَت الرُّخْصَةُ لهم لصُعُوبةِ السُّورِ الطِّوِالِ عليهم، فَأَمَّا مَن قَرَأَ القُرْآنَ وحَفِظَه ثمّ تَعَمَّد أَنْ يَقْرَأَه من آخِرِه إِلى أَوَّلِه، فهذَا هو النَّكْسُ المَنْهيُّ عنه، وإذا كَرِهْنَا هذا فَنَحْنُ للنَّكْس من آخِرِ السُّورةِ إِلى أَوَّلِها أَشَد كَرَاهَةً إِن كانَ ذلكَ يكون.
والمَنْكُوسُ فِي أَشْكَالِ الرَّمْلِ ثَلَاثَةُ أَزْوَاجٍ مُتَوَالِيَةٍ يتلُوهَا فَرْدٌ هكَذا وبعضُهم يُسَمِّيه الإِنْكِيس مِثَال إِزْمِيلٍ.
والوِلَادُ المَنْكُوسُ: أَنْ تَخْرُجَ رِجْلاهُ؛ أَي المَوْلودِ قَبْلَ رَأْسِه، هو اليَتْنُ، كما سَيَأْتِي.
والنُّكْسُ والنُّكَاسُ، بضَمِّهما، الأَخيرُ عن شَمِرٍ، وكذلك النَّكْسُ، بالفَتْح: عَوْدُ المَرِيضِ في مَرَضه بَعْدَ النَّقَهِ، وقال شَمرٌ: بَعْدَ إِفْرَاقِه، وهو مَجَازٌ، قال أُمَيَّةُ بنُ أَبي عائذٍ الهُذَلِيُّ:
خَيالٌ لِزَيْنَبَ قدْ هاجَ لي *** نُكَاسًا مِنَ الحُبِّ بَعْدَ انْدِمَالِ
وقد نُكِسَ في مَرَضه، كُعنِيَ، نَكْسًا: عاوَدَتْه العِلَّةُ، فهو مَنْكُوسٌ.
ويقال: تَعْسًا ونُكْسًا، بضَمّ النُّونِ، وقد يُفْتَح هنا ازْدِواجًا، أَو لأَنَّه لُغَةٌ.
والنَّاكِسُ: المُتَطَأْطِئُ رَأْسهُ مِن ذُلٍّ ج: نَوَاكِسُ، هكذا جُمِع في الشِّعْر للضَّرُورَةِ، وهو شاذٌّ كما ذكرناه في فَوَارِسَ، قال الفَرَزْدَقُ:
وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيْتَهُمْ *** خُضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبْصَارِ
قال سيَبَوَيْه: إِذا كَانَ الفِعْلِ لِغَيْرِ الآدَمِيِّين جُمِعَ علَى فَوَاعِلَ، لأَنّه لا يَجُوز فيه ما يَجُوزُ فيه في الآدمِيِّين، من الواوِ والنُّونِ في الاسمِ والفِعْل، يُقَال: جِمَالٌ بَوَازِلُ وعَوَاضهُ، وقد اضْطُرَّ الفَرَزْدَقُ فَقَال: «نَوَاكِسَ الأَبْصَارِ».
قالَ الأَزْهَرِيُّ: وقد رَوَى الفَرّاءُ والكسائِيُّ هذا البيتَ هكذا، وأَقَرَّا: «نَوَاكِسَ» على لفظ الأَبْصَارِ، وقال الأَخْفَشُ: يجوزُ: نَوَاكِسِ الأَبْصَارِ، بالجَرِّ، لا باليَاءِ، كما قالوا: جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ، ورَوَى أَحمدُ بنُ يَحْيَى: «نَوَاكِسِي الأَبْصَارِ» بإِدْخَال الياءِ، وقد مَرَّ البَحْثُ في ذلك في «ف ر س».
ومِن المَجَاز، نَكَسَ الطَّعَامُ وغيرُه دَاءَ المَرِيضِ، إِذا أَعَادَهُ إِلى مَرَضِهِ، ويُقَال: أَكَلَ كَذا فنُكِسَ.
وعن ابنِ الأَعْرَابِيِّ: النُكُسُ، بضمَّتَيْنِ: المُدْرَهِمُّونَ من الشُّيُوخ بَعْدَ الهَرَمِ.
والنَّكْسُ، بالكَسْر: السَّهْمُ يَنْكَسِرُ فُوقُه فيُجْعَلُ أَعْلاهُ أَسْفَله، قال الأَزْهَرِيُّ: أَنْشَدَنِي المُنْذِرِيُّ لِلْحُطَيْئةِ.
قَدْ ناضَلُونَا فسَلُّوا مِن كِنَانَتِهِمْ *** مَجْدًا تَلِيدًا وعِزًّا غَيْرَ أَنْكَاسِ
والنَّكْسُ: القَوْسُ جُعِلَ رِجْلُهَا رَأْسَ الغُصْنِ، كالمَنْكُوسَةِ، وهو عَيْبٌ. والنِّكْسُ: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ والجَمْع: أَنْكاسٌ.
وقيل: النَّكْسُ: النَّصْلُ يَنْكَسِرُ سِنْخُه فتُجْعَلُ ظُبَتُه سِنْخًا فلا يَرْجِعُ كما كَانَ، ولا يَكُونُ فيه خَيْرٌ. والجَمْع: أَنْكَاسٌ.
والنَّكْسُ: اليَتْنُ من الأَوْلَادِ، وهو المَنْكوسُ الَّذِي سَبَقَ قَريبًا، نقلَه ابنُ دُرَيْدٍ عن بعضِهم، قال: وليس بثَبْتٍ.
ومن المَجَاز: النِّكْسُ مِن الرِّجَال: المُقَصِّرُ عَن غَايَةِ النَّجْدَةِ والكَرَمِ. ج: أَنْكاسٌ، وأَنْشَد إبراهيمُ الحَرْبِيُّ:
رَأْسُ قِوَام الدِّينِ وابنُ رَأْسِ *** وخَضِلُ الكَفَّيْنِ غَيْرُ نَكْسِ
وقال كَعْبُ بن زُهَيْرٍ، يَمْدَحُ الصَّحَابَةَ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهم:
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلَا كُشُفٌ *** عِنْدَ اللِّقاءِ وَلا مِيلٌ مَعَازِيلُ
والمُنَكِّسُ كمُحَدِّثٍ: الفَرَسُ لا يَسْمُوا برَأْسه، وقالَ ابنُ فارِسٍ: هو الَّذِي لا يَسْمُوا برأْسِه ولا بِهَادِيهِ إِذا جَرَى، ضَعْفًا، فكأَنَّه نُكِسَ ورُدَّ، أَو الَّذِي لَم يَلْحَق الخَيْلَ في شَأْوِهِم، عن اللَّيْثِ؛ أَي لضَعْفِه وعَجْزِه، وهو النَّكْسُ أَيْضًا.
وانْتَكَسَ: وَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ، وهو مُطَاوِعُ نَكَسَه نَكْسًا، وفي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِىَ الله تَعَالَى عنه: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَار وانْتَكَسَ» أَي انْقَلَبَ على رَأْسِه، وهو دُعَاءٌ عليه بالخَيْبَةِ، لأَنَّ مَن انْتكَسَ في أَمْرِه فقَدْ خابَ وخَسِر، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ في الانْتِكاسِ:
ولَمْ يَنْتَكِسْ يَوْمًا فيُظْلِمَ وَجْهُهُ *** ليَمْرَضَ عَجْزًا أَو يُضَارِعَ مَأَثَمَا
أَي، لم يُنَكِّسْ رَأْسَه لأَمْرٍ يَأْنَفُ منه.
* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه:
قال شَمِرٌ: نُكِسَ الرَّجُلُ، إِذا ضَعُفَ وعَجَزَ.
وقال أَبو حَنِيفَةَ، رَحِمَه الله تعالَى: النَّكْسُ: القَصِيرُ.
وأَنْشد ثَعْلَبٌ:
إِنِّي إِذا وَجْهُ الشَّرِيبِ نَكَّسَا
قال ابنُ سِيَده: ولم يُفَسِّرْه، وأُراه عَنَى: بَسَرَ وَعَبَسَ.
ومن المَجازِ: نَكَسْتُ الخِضَابَ، إِذا أَعَدْتَ عليه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، قال:
كالوَشْمِ رُجِّعَ في اليَدِ المَنْكُوسِ
وقال ابن شُمَيْلٍ: نَكَسْتُ فُلانًا في ذلِكَ الأَمْرِ؛ أَي رَدَدْتُه فيه بَعْدَ ما خَرَجَ منه.
وإِنَّه لَنِكْسٌ من الأَنْكاسِ: لِلرَّذْلِ، وهو مجازٌ.
ونُكِسَ الرَّجُلُ، كعُنِيَ، عن نْظَرائِه، قَصَّرَ.
ونُكِسَ السَّهْمُ في الكِنانَة: قُلِبَ.
* ومِمَّا يُسْتَدْرَك عليه:
أَنْكَس: نَوْعٌ من السمَك عَظيمٌ جِدًّا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
56-تاج العروس (حص حصص حصحص)
[حصص]: الحَصُّ: حَلْقُ الشَّعرِ، حَصَّهُ يَحُصُّه حَصًّا، فحَصَّ حَصَصًا، وانْحَصَّ.وقِيلَ: الحَصُّ: ذَهَابُ الشَّعْرِ عَنِ الرَّأْسِ بِحَلْقٍ أَوْ مَرَضٍ.
وفي حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ، رَضِيَ الله تعالَى عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْه فقَالَتْ: إِنَّ ابْنَتِي عُرَيِّسٌ، وقَدْ تَمَعَّطَ شَعرُها، وأَمَرُونِي أَنْ أُرَجِّلَها بالخَمْرِ، فَقَالَ: إِن فَعَلْتِ ذلِكَ فأَلْقَى الله في رَأْسِها الحَاصَّة، هو داءٌ يَتَنَاثَرُ مِنْهُ الشَّعرُ. وقال ابنُ الأَثِيرِ: هي العِلَّةُ التي تَحُصُّ الشَّعر وتُذْهِبُه، وقال أَبُو عُبَيْدٍ: الحاصَّةُ: ما تَحُصُّ شَعرَهَا، تَحْلِقُه كُلَّه فَتَذْهَبُ بِهِ، وقَدْ حَصَّتِ البَيْضَةُ رَأْسَه، قال أَبو قَيْسِ بنِ الأَسْلَتِ:
قَدْ حَصَّت البَيْضَةُ رَأْسِي فمَا *** أَذُوقُ نَوْمًا غَيْرَ تَهْجَاعِ
ومِنَ المَجَازِ: يُقَالُ: بَيْنَهُمْ رَحِمٌ حَاصَّةٌ، أَيْ مَحْصُوصَةٌ، قَدْ قَطَعُوها وحَصُّوها، لا يَتَوَاصَلُونَ عَلَيْهَا، أَو ذاتُ حَصٍّ.
ويُقَال: حَاصَصْتُه الشّيءَ، أَيْ قاسَمْتُه.
وحَصَّنِي مِنْهُ كذَا، أَيْ صارَتْ حِصَّتِي مِنْهُ كَذا، أَو صارَ ذلِكَ حِصَّتِي. ويُقَالُ: هُوَ يَحُصُّ، أَيْ لا يُجِيرُ أَحَدًا. قالَ أَبو جُنْدَبٍ الهُذَلِيُّ:
أَحُصُّ فَلا أُجِيرُ ومَنْ أُجِرْهُ *** فَلَيْسَ كَمَنْ يُدَلَّى بالغُرُورِ
وقال السُّكَّرِيّ في شَرْحِه: أَحُصُّ، أَيْ أَمْنَعُ الجِوَارَ، يَقُول: ومَنْ أُجِرْهُ فلَيْس هو في غُرُورٍ.
ورَجُلٌ أَحَصُّ بَيِّنُ الحَصَصِ، أَيْ قَلِيلُ شَعرِ الرّأْسِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، أَيْ مُنْحَصُّه، مُنْجَرِدُه.
وكَذَا طائِرٌ أَحَصُّ الجَنَاحِ، أَيْ مُتَنَاثِرُه، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لتَأَبَّطَ شَرًّا:
كأَنَّمَا حَثْحَثُوا حُصًّا قَوَادِمُه *** أَوْ أُمَّ خِشْفٍ بِذِي شَثٍّ وطُبّاقِ
وقَال اليَزِيدِيُّ: إِذا ذَهَبَ الشَّعرُ كُلُّه قِيلَ: رَجُلٌ أَحَصُّ، وامْرَأَةٌ حَصّاءُ.
ومِنَ المَجَازِ: يَوْمٌ أَحَصُّ، أَيْ شَدِيدُ البَرْدِ لا سَحَابَ فِيهِ، وقِيلَ لرَجُلٍ من العَرَبِ: أَيُّ الأَيّامِ أَبْرَدُ؟ فقال: الأَحَصُّ: الأَزَبُّ، يَعْنِي بالأَحَصِّ: يَوْمٌ تَطْلُعُ شَمْسُهُ، ويَحْمَرُّ فِيهِ الأُفُقُ، وتَصْفُو سَمَاؤُهُ، هكذا في النُّسَخ، وهو غَلَطٌ صَوَابُه شَمَالُه، ولا يُوجَدُ لَهَا مَسٌّ من البَرْدِ، وهُوَ الَّذِي لا سَحابَ فِيهِ، ولا ينْكَسِرُ خَصَرُه، والأَزَبُّ: يَوْمٌ تَهُبُّه النَّكْباءُ، وتَسُوقُ الجَهَامَ والصُّرْاد، ولا تَطْلُع لَهُ شَمْسٌ، ولا يَكُونُ فيه مَطَرٌ، وقُولُه: تَهُبَّه، أَيْ تَهُبُّ فيه، وقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وقِيلَ لِبَعْضِهِم: أَيّ الأَيّامِ أَقَرُّ؟ قالَ: الأَحَصُّ الوَرْدُ، والأَزَبُّ الهِلَّوْفُ؛ أَي المُصْحِي، والمُغِيمُ الَّذِي تَهُبُّ نَكْباؤُه.
ومِنَ المَجَازِ: سَيْفٌ أَحَصُّ: لا أَثَرَ فِيه.
ومن المَجَازِ: الأَحَصُّ: المَشْئُومُ النَّكِدُ الَّذِي لا خَيْرَ فيه، عن أَبِي زيْدٍ، نَقَلَهُ ياقُوتٌ. قالَ الزَّمَخْشَرِيّ: ومِنْهُ الأَحَصَّانِ: العَبْدُ والحِمارُ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: لِأَنّهما يُمَاشِيَانِ أَثْمَانَهُمَا حَتَّى يَهْرَمَا فتَنْقُصَ أَثْمَانُهما ويَمُوتَا.
والأَحَصُّ وشُبَيْثٌ: مَوْضِعَانِ بتِهَامَةَ، الصَّوابُ بنَجْدٍ، كَمَا قالَهُ ياقُوت، وكَانَتْ مَنَازِلَ رَبِيعَةَ ثُمَّ مَنَازِلَ بَنِي وَائِلٍ: بَكْرٍ وتَغْلِبَ، وقيل: هُما ماءَان، وكانَ الأَحَصُّ حَمَاهُ كُلَيْبُ وَائِلِ، وفِيهِ يَقُولُ عَمْرُو بنُ المُزْدَلِفِ لِكُلَيْبٍ حِينَ قَتَلَه وطَلَبَ مِنْه شَرْبَةَ ماءٍ: «تَجَاوَزْت بالماءِ الأَحَصَّ وبَطْنَ شُبَيْثٍ». وثُمَّ كانَتْ حَرْبُ البَسُوسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وقَدْ ذَكَره النّابِغَةُ الجَعْدِيُّ في قولِه:
فَقَالَ: تَجَاوَزْتَ الأَحَصَّ ومَاءَهُ *** وبَطْنَ شُبَيْثٍ وَهْوَ ذُو مُتَرَسَّمِ
والأَحَصُّ وشُبَيْثٌ؛ مَوْضِعانِ بحَلَب، أَمَّا الأَحَصُّ فكُورَةٌ كَبِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ ذاتُ قُرَى ومَزَارِعَ قِبْلِيّ حَلَبَ، قَصَبَتُهَا خُنَاصِرَةُ، وأَمَّا شُبَيْثٌ فجُبَيْلٌ في هذِهِ الكُورَةِ، أَسْوَدُ في رَابِيَةٍ فَضَاء، فِيهِ أَرْبَعُ قُرًى خَرِبَت جَمِيعُهَا، ومِنْ هذا الجَبَلِ يَقْطَعُ أَهْلُ حَلَبَ وجَمِيعِ نَوَاحِيها حِجَارَةَ رُحِيِّهِم، وهِي سُودٌ خَشِنَةٌ، وإِيّاهَا عَنَى عَدِيُّ بنُ الرِّقاع بقولِه:
وإِذَا الرَّبِيعُ تَتَابَعَتْ أَنْوَاؤُهُ *** فسَقَى خُنَاصِرَةَ الأَحَصِّ وزَادَها
فأَضافَ خُنَاصِرَةَ إِلَى هذا المَوْضِعِ. وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ في كِتَابِ جَزِيرَةِ العَرَبِ، لِرَجُلٍ من طَيِّئٍ يُقَالُ له الخَلِيلُ بنُ قَروة، وماتَ ابنُه زَافِرٌ بالشَّامِ بدِمَشْقَ:
ولا آبَ رَكْبٌ مِنْ دِمَشْقَ وأَهْلِه *** ولا حِمْصَ إِذْ لَمْ يَأْتِ في الرَّكْبِ زافِرُ
ولا مِنْ شُبَيْثٍ والأَحَصِّ ومُنْتَهَى *** المَطَايَا بقِنَّسْرِينَ أَو بخُناصِرِ
وفِيهِ إِقْواءٌ، وإِيّاه عَنَى ابنُ أَبِي حَصِينَةَ المَعَرِّيُّ [بقوله]:
لَجَّ بَرْقُ الأَحَصِّ في لَمَعانِهْ *** فتَذَكَّرْتُ مَنْ وَرَاءَ رِعَانِهْ
فسَقَى الغَيْثُ حَيْثُ يَنْقَطِعُ الأَوْ *** عَسُ مِنْ رَنْدِه ومَنْبتِ بَانِهْ
أَوْ تَرَى النَّوْرَ مثلَ ما نُشِرَ البُرْ *** دُ حَوَالَيْ هِضَابِه وقِنَانِهْ
تَجْلُبُ الرّيحُ مِنْه أَذْكَى مِنَ المِسْ *** كِ إِذَا مَرَّتِ الصَّبَا بمَكَانِهْ
قالَ ياقُوت: فإِنْ كانَ قد اتَّفَقَ تَرَادُفُ هذَيْنِ الاسْمَيْنِ بمَكَانَيْنِ بالشَّامِ، ومَكَانَيْنِ بنَجْدٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فهُوَ عَجِيبٌ، وإِنْ كانَ جَرَى الأَمْرُ فِيهِمَا كَما جَرَى لِأَهْلِ نَجْرَانَ ودُومَةَ في بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حيثُ أَخْرَجَ عُمَرَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ، أَهْلَهما مِنْهُمَا فقَدِمُوا العِرَاقَ، وبَنَوْا لَهُمْ بها أَبْنِيَةً، وسَمَّوْها بِاسمِ ما أُخْرِجُوا منه فجائِزٌ أَنْ تَكُونَ رَبِيعَةُ فارَقَتْ منَازِلَهَا، وقَدِمَتِ الشّامَ، فأَقَامُوا به، وسَمَّوْا هذِه بتِلْكَ والله أَعْلَمُ.
ومِنَ المَجَازِ: الحَصّاءُ: السَّنَةُ الجَرْدَاءُ لا خَيْرَ فِيهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنشَدَ لِجَرِيرٍ:
يَأْوِي إِلَيْكُمْ بِلا مَنٍّ ولا جَحَدٍ *** مَنْ ساقَهُ السَّنَةُ الحَصّاءُ والذِّيبُ
قالَ: كَأَنَّهُ أَرادَ أَنْ يَقُولَ والضّبُع، وهي السَّنَةُ المُجْدِبَةُ، فوضَعَ الذِّيبَ مَوْضِعَه؛ لِأَجْلِ القَافِيةِ. وقَالَ غَيْرُه: سَنَةٌ حَصّاءُ، إِذا كانَتْ جَدْبَةً قَلِيلَة النَّبَاتِ وقِيلَ: هي الَّتِي لا نَبَاتَ فِيهَا، قال الحُطَيْئَةُ:
جَاءَتْ بهِ من بِلادِ الطُّورِ تَحْدُرُه *** حَصّاءُ لم تَتَّرِكْ دُونَ العَصَا شَذَبَا
وفي الحَدِيثِ «فجَاءَتْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ»، أَيْ أَذْهَبَتْه.
والحَصّاءُ: فَرَسُ سُرَاقَةَ بنِ مِرْداس بنِ أَبِي عامِرٍ السُّلَمِيِّ، أَوْ هُوَ فَرَسُ حَزْنِ بنِ مِرْداسٍ، ومثلُه في التَّهْذِيبِ، وقَال الصّاغَانِيُّ هكذا قرأتُه بخَطّ ثَعْلَب.
ومِنَ المَجَاز: الحَصّاءُ من النّسَاءِ؛ المَشْؤومَةُ الَّتِي لا خَيْرَ فِيها.
ومن المَجَازِ الحَصّاءُ من الرِّيَاحِ: الصّافِيَةُ بلا غُبَارٍ فِيهَا، قالَ أَبُو قَيْسِ بنِ الأَسْلَتِ:
كأَنَّ أَطْرَافَ وَلِيَّاتِهَا *** في شِمْأَلٍ حَصّاءَ زَعْزاعِ
والحَصّاصَةُ، بالتَّشْدِيدِ: قرية مِنْ قُرَى السَّوَادِ قُرْبَ قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ.
والحِصَّةُ، بالكَسْرِ: النَّصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ والأرْضِ وغَيْرِ ذلِك، ج: حِصَصٌ، وقال الرّاغِبُ: الحِصَّةُ: القِطْعَةُ من الجُمْلَةِ وتُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ النَّصِيبِ.
والحُصُّ، بالضَّمِّ: الوَرْسُ يُصْبَغُ بهِ، قالَ عَمْرُو بنُ كُلْثُوم:
مُشَعْشَعَةً كأَنَّ الحُصَّ فِيهَا *** إِذا ما الماءُ خَالَطَهَا سَخِينَا
قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهو صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ. أَو الزَّعْفَرَانُ، ج:
حُصُوصٌ وأَحْصاصٌ. قَالَ الأَعْشَى:
ووَلَّى عُمَيْرٌ وَهْوَ كَأْبٌ كأَنَّهُ *** يُطَلَّى بحُصٍّ أَو يُغَشَّى بعِظْلِمِ
ولَمْ يَذْكُرْ سِيبَوَيْه تَكْسِيرَ فُعْلٍ من المُضَاعَفِ على فُعُولٍ، إِنّمَا كَسَّرَه عَلَى فِعَالٍ، كخِفَافٍ وعِشَاشٍ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ: وقالَ بَعْضُهُمْ: الحُصُّ: اللُّؤْلُؤَةُ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ عَمرِو بنِ كُلْثُومِ، وإِلَيْه مالَ الزَّمَخْشَرِيّ وقالَ: سُمِّيَت بِه لمَلاستِهَا، وقالَ الأَزْهَرِيّ: ولَسْتُ أَحُقُّه ولا أَعْرِفُه.
والحُصَاص، بالضَمّ: أَنْ يَصُرَّ الحِمارُ بأُذُنَيْه ويَمْصَعَ بذَنَبه ويَعْدُوَ، وبِه فَسَّر عاصِمُ بنُ أَبي النَّجُود حَدِيثَ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه «إِنّ الشَّيْطَانَ إِذا سَمِعَ الأَذانَ وَلّى وله حُصَاصٌ» روَاهُ عَنْهُ حَمّادُ بنُ سَلَمَةَ هكذا، وصَوَّبَه الأَزْهَرِيُّ.
وقالَ الجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ: هُوَ الضُّرَاطُ، في قَوْلِ بَعْضِهمْ، قَالَ: وقَوْلُ عاصِمٍ أَعْجَبُ إِلَيَّ، وهو قَوْلُ الأَصْمَعِيِّ أَو نَحْوُه.
والحُصَاصُ أَيْضًا: شِدَّةُ العَدْوِ في سُرْعَةٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعِيّ، كالحَصِّ، وقد حَصَّ يَحُصُّ حَصًّا.
والحُصَاصُ: الجَرَبُ، عَنِ ابنِ عَبّادٍ؛ لأَنَّهُ يَتَمعَّطُ منه الشَّعرُ ويَتَنَاثَرُ.
والحُصَاصَةُ، بهَاء: ما يَبْقَى في الكَرْمِ بَعْدَ قِطَافِه، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.
وكان حَصِيصُهُمْ كَذَا وبَصِيصُهُم: أَيْ عَدَدُهُم، حكاهُ ابنُ الفَرَجِ.
وفَرَسٌ أَحَصُّ، وحَصِيصٌ: قَلِيلُ شَعرِ الثُّنَّةِ والذَّنَبِ، وهُوَ عَيْبٌ، عن ابنِ دُرَيْدٍ، والاسْمُ الحَصَصُ.
وشَعرٌ حَصِيصٌ: مَحْصُوصٌ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ، ويُقَال: الحَصِيصُ: اسْمُ ذلِكَ الشَّعرِ.
وبَنُو حَصِيصٍ: بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ القَبْسِ بنِ أَفْصَى، نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ.
وحَصِيصَةُ بنُ أَسْعَد: شاعِرٌ، كَمَا في العُبَابِ.
والحَصِيصَةُ: ما فَوْقَ أَشْعَرِ الفَرَسِ مَمَّا أَطافَ بالحَافِرِ، سُمِّيَ لِقِلَّةِ ذلِكَ الشَّعرِ، عن ابنِ عَبّادٍ.
والحِصْحِصُ، بالكَسْرِ، والكِثْكِثُ: التُّرَابُ، عن الكِسَائِيّ، يَقُولُونَ: بفِيهِ الحِصْحِصَ، وحَكَى اللِّحْيَانِيّ: الحِصْحِصَ لِفُلانٍ؛ أَي التُّرَابَ لَه، نُصِبَ كأَنَّهُ دُعَاءٌ، يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُم شَبَّهُوه بالمَصْدَرِ، وإِنْ كانَ اسْمًا، كما قالُوا: التُّرَابَ لَكَ، فنَصَبُوه، كالحَصْحاصِ، والحَصَاصاءِ، وهذا عَنِ ابنِ عبّادٍ.
والحِصْحِصُ أَيضًا: الحِجَارَةُ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ عَنِ الكسَائِيّ، وهو أَيْضًا: الحَجَرُ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُم: بفِيهِ الحِصْحِصُ.
وقَرَبٌ حَصْحَاصٌ: بَعِيدٌ، وقِيلَ: جَادٌّ سَرِيعٌ بِلا فُتُورٍ ولا وَتِيرَةَ فِيه، وكَذَا سَيْرٌ حَصْحَاصٌ، كالحَثْحاثِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعِيّ.
وذُو الحَصْحَاصِ: مَوْضِعٌ، كَمَا قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقالَ غَيْرُه: هُوَ جَبَلٌ مُشْرِفٌ عَلَى ذِي طُوًى، قال الجَوْهَرِيّ: وأَنْشَدَ أَبُو الغَمْرِ الكِلابِيُّ لرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ يَصِفُ نِسَاءً:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا *** ظِبَاءٌ بِذِي الحَصْحاصِ نُجْلٌ عُيُونُهَا
وأَحْصَصْتُه: أَعْطَيْتُه حِصَّتَه، أَيْ نَصِيبَهُ مِنَ الطَّعَامِ، أَو الشّرَابِ، أَو غَيْرِ ذلِكَ.
وأَحْصَصْتُه عَنْ أَمْرِه: عَزَلْتُه، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عن الفَرّاءِ.
وحَصَّصَ الشَّيْءُ تَحْصِيصًا، وحَصْحَصَ: بانَ وظَهَرَ بَعْدَ كِتْمانِه، كَما قَيَّدَه الخَلِيلُ، ولا يُقَالُ: حُصْحِصَ، أَيْ بالضّمِّ، ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْآنَ} حَصْحَصَ {الْحَقُّ} أَي ضاقَ الكَذِبُ وتَبَيَّنَ الحَقُّ، وقِيلَ: أَيْ ظَهَرَ وبَرَزَ، وقُرِئَ: حَصَّصَ، وقالَ الرّاغِبُ: حَصْحَصَ {الْحَقُّ}: وَضَحَ، وذلِكَ بانْكِشَافِ ما يَغْمُره وقالَ أَبُو العَبّاسِ: الحَصْحَصَةُ: المُبَالَغَةُ، يُقَال: حَصْحَصَ الرّجُلُ، إِذا بالغَ في أَمْرِهِ، وقِيلَ: اشْتِقاقُه في اللُّغَةِ مِنَ الحِصَّةِ، أَيّ بانَتْ حِصَّةُ الحَقِّ مِنْ حِصَّةِ الباطِلِ وقيلَ: حَصْحَصَ، أَيْ ثَبَتَ، من حَصْحَصَ البَعِيرُ، إِذا بَرَكَ.
وتَحَاصُّوا وحَاصُّوا: اقْتَسَمُوا حِصَصًا لَهُمْ مُحَاصَّةً وحِصَاصًا، فأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَه.
والحَصْحَصَةُ؛ الحَرَكَةُ في شَيْءٍ وقِيلَ: هُوَ تَحْرِيكُ الشَّيْءِ وتَقْلِيبُه وتَرْدِيدُه، ومِنْهُ حَدِيثُ عَليٍّ: «لأَنْ أُحَصْحِصَ في يَدَيَّ جَمْرَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَصْحِصَ كَعْبَيْنِ»، وقِيلَ: هو تَحْرِيكُ الشَّيْءِ في الشَّيْءِ حَتّى يَسْتَمْكِنَ مِنْهُ، ويَسْتَقِرَّ فِيهِ ويَثْبُتَ، ومِنْهُ قَوْلُ العِنَّين لِسَمُرَةَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ، حِينَ اشْتَرَى لَهُ جارِيَةً مِنْ بَيْتِ المالِ، وأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ لَيْلَةً، ثم سأَلَهُ: ما فَعَلْتَ؟ فقال: فَعَلْتُ حَتَّى حَصْحَصَ فِيهَا، فسَأَلَ الجَارِيَةَ فأَنْكَرَتْ فقالَ: «خَلِّ سَبِيلَهَا يا مُحَصْحِصُ».
قولُه: حَصْحَصَ فِيهَا: أَيْ حَرَّكْتُه حَتَّى تَمَكَّن واسْتَقَرَّ، وقال الأَزْهَرِيّ: أَرادَ الرَّجُلُ أَنَّ ذَكَرَه انْشَامَ فِيهَا، وبَالَغَ حَتّى قَرَّ فِي مَهْبِلِها.
والحَصْحَصَةُ: الإِسْرَاعُ في الذَّهَابِ والسَّيْرِ، قالَ:
لمّا رآنِي بالبَرازِ حَصْحَصَا
والحَصْحَصَةُ: فَحْصُ التُّرَابِ، وتَحْرِيكُه يَمِينًا وشِمَالًا، وكَذَا غَيْر التُّرَابِ.
والحَصحَصَةُ: الرَّمْيُ بالعَذِرَةِ، وهِيَ الخُرْءُ.
والحَصْحَصَةُ: أَنْ يَلْزَقَ الرّجُلُ بِكَ ويَأْتِيكَ ويُلِحَّ عَلَيْكَ.
والحَصْحَصَةُ: إِثْبَاتُ البَعِيرِ رُكْبَتَيْهِ لِلنُّهُوضِ بالثِّقْلِ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ:
فحَصْحَصَ فِي صُمِّ الصَّفَا ثَفِنَاتِه *** ونَاءَ بسَلْمَى نَوْأَةً ثُمَّ صَمَّمَا
قالَ الصّاغَانِيُّ: ويُرْوَى بِرَفْعِ التّاءِ مِنَ الثَّفِنَاتِ بالفَاعَلِيَّةِ، فيَكُونُ حَصْحَصَ بمَعْنَى تَحَرَّكَ.
والحَصْحَصَةُ بالسَّلْحِ: رَمْيُهُ وهو بعَيْنِهِ الرّمْيُ بالعَذِرَةِ الذي تَقَدَّم، فهو تَكْرارٌ.
والحَصْحَصَةُ مَشْيُ المُقَيَّدِ، كالدَّهْمَجَةِ.
ويُقَالُ: تَحَصْحَصَ وتَحَزْحَزَ، إِذَا لَزِقَ بالأَرْضِ واسْتَوَى، عَنْ شَمِرٍ، وقالَ ابنُ شُمَيْل: ويُقَالُ: ما تَحَصْحَصَ فُلانٌ إِلاَّ حَوْلَ هذا الدِّرْهَمِ لِيَأْخُذَه، قَالَ الزّجّاجُ: لا يُقَال تَحَصْحَصَ بمَعْنَى تَبَيَّنَ مِنْ حَصْحَصَ.
وانْحَصَّ الشَّعرُ مِنَ الرّأْسِ منه: ذَهَبَ وانْجَرَدَ وتَنَاثَرَ، كحَصًّ.
وانْحَصَّ الذَّنَبُ: انْقَطَعَ، وفي المَثَلِ: «أَفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُرْوَى ذلِك عن معاويةَ رضي الله تَعَالى عنه أَنّه كانَ أَرْسَلَ رَسُولًا منْ غَسّانَ إِلَى مَلِك الرُّومِ، وجَعَلَ له ثَلاثَ دِيَاتٍ عَلَى أَن يُنَادِيَ بالأَذَانِ إِذَا دَخَلَ مَجْلِسَه، ففَعَلَ الغَسّانيُّ ذلِك، وعِنْدَ المَلِكِ بَطَارِقَتُه، فوَثَبُوا لِيَقْتُلُوه، فنَهَاهُم المَلِكُ، وقالَ: إِنَّمَا أَرادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ أَقْتُلَ هذا غَدْرًا، وهُوَ رَسُولٌ، فيَفْعَلَ مثلَ ذلِكَ بِكُلِّ مُسْتَأْمَنٍ مِنّا. فلَمْ يَقْتُلْهُ، وجَهَّزَه، ورَدَّه، فلَمّا، رآهُ مُعَاويةُ قالَ ذلِكَ، فقالَ: كَلاّ إِنَّهُ لَبِهُلْبِه، أَيْ بشَعرِه. ثُمَّ حَدَّثَه الحَدِيثَ، فقالَ مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ الله تعَالَى عنه: أَصابَ ما أَرَدْتُ.
يُضْرَبُ مَثَلًا لمَنْ أَشْفَى عَلَى الهَلاكِ، ثمّ نَجَا. وقال أَبُو عُبَيْدٍ: يُضْرَبُ في إِفْلاتِ الجَبَانِ مِنَ الهَلَاكِ بَعْد الإِشْفاءِ عليه.
* ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
الحَصُّ: شِدَّةُ العَدْوِ في سُرْعَةٍ.
وحَصَّ الجَلِيدُ النّبْتَ حَصًّا: أَحْرَقَه. عن أَبِي حَنِيفَةَ، لُغَةٌ في حَسّه.
وانْحَصَّ وَرَقُ الشَّجَرِ، وانْحَتَّ، إِذا تَنَاثَرَ.
وذَنَبٌ أَحَصُّ: لا شَعرَ عَلَيْه.
وقَفًا مَحْصُوصٌ: قَدْ حُصَّ شَعرُه، وأَنْشَدَ الكِسائِيُّ:
جاءُوا مِنَ المِصْرَيْنِ باللُّصُوصِ *** كُلّ يَتِيمٍ بالقَفَا المَحْصُوصِ
وحَصَّ: بمَعْنَى حَصْحَصَ، في سائِرِ معانِيه، مِثْلُ كَبَّ وكَبْكَبَ، وكَفَّ وكَفْكَفَ، نَقَلَهُ الرّاغِبُ.
وحَصَّهُ: قَطَعَ منه إِمّا بالمُبَاشَرَة وإِمّا بالحُكْمِ، نَقَلَه الرّاغِبُ. قِيلَ: ومِنْهُ الحِصَّةُ.
وتَحَصَّصَ الحِمَارُ والبَعِيرُ: سَقَطَ شَعَرُهُ.
والحَصِيصَةُ: ما جُمِعَ مِمَّا حُلِقَ أَو نُتِفَ.
وهِيَ أَيْضًا: شَعرُ الأُذُنِ ووَبَرُهَا، كانَ مَحْلُوقًا أَوْ غَيْرَ مَحْلُوق. وقِيلَ: هُوَ الشَّعرُ والوَبَرُ عامّةً، والأَوّلُ أَعْرَفُ. ونَاقَةٌ حَصّاءُ، إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وَبَرٌ، قَالَ الشّاعِرُ:
عُلُّوا عَلَى صائفٍ صَعْبٍ مَرَاكِبُهَا *** حَصّاءَ لَيْسَ لَهَا هُلْبٌ ولا وَبَرُ
والحَصَّاءُ: فَرَسٌ لِبَنِي عبدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ كِلاب.
وتَحَصْحَصَ الوَبَرُ الزِّئْبِرُ: انْجَرَدَ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، وأَنْشَدَ:
لَمَّا رَأَى العَبْدُ مُمَرًّا مُتْرَصَا *** ومَسَدًا أَجْرَدَ قد تَحَصْحَصَا
يكادُ لَوْ لَا سَيْرُه أَنْ يُمْلَصَا *** جَدَّ بِهِ الكَصِيصُ ثُمَّ كَصْكَصَا
ولَوْ رَأَى فَاكَرِشٍ لبَهْلَصَا
والأَحَصُّ: الزَّمِنُ الَّذِي لا يَطُولُ شَعرهُ، والاسْمُ الحَصَصُ.
والحَصَصُ في اللِّحْيَةِ: أَنْ يَتَكَسَّرَ شَعْرُهَا ويَقْصُرَ، وقَدْ انْحَصَّتْ، ورَجُلٌ أَحَصُّ اللِّحْيَةِ أَو لِحْيَةٌ حَصّاءُ: مُنْحَصَّةٌ.
والأَحَصُّ: مَنْ لا شَعْرَ لَهُ في صَدْرِه.
والأَحَصُّ: قاطِعُ الرَّحِمِ.
ورَحِمٌ حَصّاءُ: مَقْطُوعَةٌ.
وأَحَصَّهُ المَكَانَ: أَنْزَلَه بهِ.
والحَصُّ: النَّقْصُ، ومنه قَوْلُ أَبِي طالِبٍ:
بمِيزَانِ صِدْقٍ لا يَحُصُّ شَعِيرَةً *** لَهُ شاهِدٌ في نَفْسِه غَيْر عائِلِ
ورَجُلٌ حُصْحُصٌ، وحُصْحُوصٌ، بضَمِّهما: يَتَتَبَّعُ دَقَائِقَ الأُمُورِ فيَعْلَمُهَا ويُحْصِيهَا.
والحَصْحَصَةُ: المُبَالَغَةُ في الأَمْرِ.
والحَصْحَاصُ: مَوْضِعٌ.
والحِصَّةُ، بالكَسْرِ: قَرْيَةٌ بمِصْرَ بالمُنُوفِيَّةِ، وتُعْرَفُ بحِصَّةِ المَعْنِيّ وهِيَ المَشْهُورَة الآنَ بشَبْرَا بَلُولة، وقَدْ دَخَلْتُهَا.
وبالدّقَهْلِيَّة حِصَّةُ عامِرٍ، وهي مُنْيَةُ الزِّمَامِ، وحِصّةُ بَنِي عَطِيَّةَ، وأُخْرَى بالقُرْبِ من مَحَلَّةِ دِمْنَةَ.
وبالغَرْبِيَّةِ حِصَّةُ حلافى، وحِصَّة الكَنِيسَةِ، وقَرْيَتَانِ غَيْرُهُمَا.
وبِالدَّنْجَاوِيَّةِ: حِصَّةُ أَبِي عَلِيّ، مِنْ كُفُورِ البَيْطُون، وحِصّةُ عُمَارَة، وحِصَّةُ المَغَارِبَةِ، وحِصَّةُ أَوْلادِ مُطرف، وحِصَّة كَرّام، وحِصّةُ دار الجامُوسِ، وحِصَّةُ ابنِ جُبَارَةَ، وحِصَّةُ أَبي الدُّرّ، وحِصَّةُ الجَمِيع.
وفي جَزِيرَةِ بَنِي نَصْرٍ: حِصّةُ قُسْطَةَ، وحِصّةُ عَامِرٍ، وحِصّةُ بِلْشايَة.
وبالأُشْمُونين قَرْيَةٌ تعرَفُ بالحِصَّةِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
57-تاج العروس (عقص)
[عقص]: عَقَصَ شَعرَهُ يَعْقِصُهُ، من حَدِّ ضَرَبَ، عَقْصًا: ضَفَرَهُ، وقِيلَ: فَتَلَهُ، وقِيلَ: هو أَنْ يَلْوِيَ الشَّعرَ حَتَّى يَبْقَى لَيُّهُ، ثمّ يُرْسَلَ، قال الجَوْهَرِيُّ: قال أَبُو عُبَيْد. فَلِهذَا قَوْلُ النِّسَاءِ: لهَا عِقْصَة. ومنه الحَدِيثُ: «لا تُصَلِّ وأَنْتَ عَاقِصٌ شَعرَك». والعِقْصَةُ، بالكَسْر، والعَقِيصَةُ: الضَّفِيرَةُ. وفي صِفَتِه صلى الله عليه وسلم: «إِن انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُه فَرَقَ، وإِلاَّ تَرَكَهَا». قال ابنُ الأَثير: العَقِيصَةُ: الشَّعرُ المَعْقُوصُ، وهو نَحْوٌ من المَضْفُورِ. وأَصْلُ العَقْصِ: اللَّيُّ وإِدْخَالُ أَطْرَافِ الشِّعرِ في أُصُولِه. قال: وهكذا جاءَ في رِوَايَةٍ، والمشهور عَقِيقَتُه، لِأَنَّه لم يَكُنْ يَعْقِصُ شَعرَهُ، صلى الله عليه وسلم. وقال اللَّيْثُ: العَقْصُ: أَنْ تَأْخُذَ المَرْأَةُ كُلَّ خُصْلَةٍ من شَعرٍ فتَلْوِيَها، ثُمَّ تَعْقِدَهَا حَتَّى يَبْقَى فِيهَا الْتِوَاءٌ، ثُمّ تُرْسِلَهَا، فكُلُّ خُصْلَةٍ عَقِيصَةٌ. قال: والمَرْأَةُ رُبَّمَا اتَّخَذَت عَقِيصَةً مِنْ شَعرِ غَيْرِها.وج العِقْصَةِ عِقَصٌ وعِقَاصٌ، مثل رِهْمَةٍ، ورِهَمٍ ورِهَامٍ، وجَمْعُ العَقِيصَةِ عَقَائِصُ وعِقَاصٌ.
وذُو العَقِيصَتَيْن: ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ، أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ ووَافِدُهُم، صَحَابِيٌّ، وقِصَّتُه مَشْهُورَة، وكان أَشْعَرَ ذا غَدِيرَتَيْن، كَذا في العُبَابِ، وفي اللّسَان: كَان خَصَّلَ شَعرَهُ عَقِيصَتَيْنِ ورْخَاهُما من جَانِبَيْه، وجاءَ في حَدِيثه: «إِنْ صَدَقَ ذُو العَقِيصَتَيْن لَيَدَخُلَنَّ الجَنَّة».
والعِقَاصُ، ككِتَاب: خَيْطٌ يُشَدُّ بِه أَطْرَافُ الذَّوَائِبِ.
ونَقَلَ شيخُنَا عن بَعْضٍ أَنَّه مِثْلُ الشَّوْكَة تُصْلِحُ به المَرْأَةُ شَعرَها. قلتُ: وهو غَرِيبٌ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: العِقَاصُ: المَدَارِي، وبه فُسِّر قَوْلُ امْرِئ القَيْس:
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلى العُلَا *** تَضِلُّ العِقَاصُ في مُثَنًّى ومُرْسَلِ
وَصَفها بكَثْرة الشَّعرِ والتِفَافِه. وزاد في الصّحاح: وقيل: هي التي تَتَّخِذُ من شَعرِها مِثْلَ الرُّمَّانة، وكُلُّ خُصْلَةٍ منه عَقِيصَةٌ. وفي حَدِيث حاطِبٍ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه: «فَأَخْرَجْتُ الكِتَابَ من عِقَاصِها» أَي ضَفائِرها، جَمْعُ عِقْصَة أَو عَقِيصَةٍ: وقِيلَ: هو الخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ به أَطْرَافُ الذَّوائبِ، والأَوّلُ الوَجْه.
وعُقْصَةُ القَرْنِ، بالضَّمِّ: عُقْدَتُه، قال حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه، يَصِفُ بَقَرَةً:
وهْيَ تَأَيَّا بسُرْعُوفَيْن قَدْ تَخِذَتْ *** من الكَعَانِبِ في نَصْلَيْهِمَا عُقَصَا
تَأَيَّا: تَعَمَّد. والسُّرعُوفان: القَرْنانِ. والكَعَانِبُ: العُقَدُ.
والمِعْقَص كمِنْبَر: السَّهْمُ المُعْوَجُّ، كذا في الصّحاح وأَنشد:
ولو كُنْتُمُ تَمْرًا لَكُنْتُمْ حُسَافَةً *** ولو كُنْتُمُ سَهُمًا لَكُنْتُمْ مَعَاقِصًا
قُلتُ: ورَوَاه غَيْرُهُ مَشاقِصًا، وقد تَقَدَّم للجوهَرِيّ ذلِكَ في «ش ق ص»، والبَيْتُ للأَعشَى، وفي بَعْضِ الرِّوايَات: نَخْلًا، بَدَلَ تَمْرًا، وجُرامَةً بدل حُسافَةً، ونَبْلًا بَدَلَ سَهْمًا. والصَّحِيحُ أَنَّهُمَا بَيَتَانِ في قَصِيدَةٍ وَاحِدَة على هذِه الصُّورة.
وقال الأَصْمَعِيّ: المِعْقَصُ: ما يَنْكَسِرُ نَصْلُهُ فيَبْقَى سِنْخُه في السَّهْمِ، فيُخْرَجُ ويُضْرَبُ حَتَّى يَطُولَ، ويُرَدُّ إِلى مَوْضِعِهِ، ولا يَسُدُّ مَسَدَّه، لأَنَّهُ دُقِّق وطُوِّلَ. قال: ولم يَدْرِ النّاسُ ما مَعاقِصُ. فقالوا: مَشَاقِصُ، للنِّصال الَّتِي ليستْ بعَرِيضةٍ، وأَنشد للأَعْشَى: وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: المِعْقَاصُ من الجَوَارِي: السَّيِّئَةُ الخُلُقِ إِلاّ أَنَّهَا أَسوَأُ مِنْ المِعْفَاصِ، بالفاءِ، وأَشْرَسُ.
والمِعْقَاصُ أَيضًا: الشَّاةُ المُعْوَجَّةُ القَرْنِ.
وعَقِيصَى، مَقْصُورًا، لَقَبُ أَبِي سَعِيدٍ، دِينَارٍ التَّيْمِيّ التّابعِيّ، مَشْهُورٌ.
والأَعْقَصُ من التُّيُوسِ: ما الْتَوَى قَرْناهُ على أُذُنَيْهِ مِنْ خَلْفِهِ، وهي عَقْصَاءُ. ومنه حَدِيثُ مانِعِ الزَّكَاةِ: «فتَطَؤُهُ بأَظْلافِها، لَيْسَ فيها عَقْصَاءُ ولا جَلْحَاءُ». وقال ابنُ عَبّادٍ: الأَعْقَصُ: الَّذِي تَلَوَّتْ أَصَابِعُه بَعْضُها على بَعْض. وقال غَيْرُه. الأَعْقَصُ: الَّذِي دَخَلَتْ ثَنَايَاهُ فِي فِيهِ والْتَوَتْ.
والعَقَصُ، مُحَرَّكَةً: خَرْمُ مُفَاعَلَتُن في زِحافِ الوافِر بَعْدَ العَصْبِ؛ أَي إِسكان الخَامِسِ من مُفَاعَلَتُنْ فيَصِيرُ مَفَاعِيلُنْ بنَقْلِه، ثمّ تُحْذَف النُّونُ منه مع الخَرْمِ، فيَصِيرُ الجزءُ مَفْعُولٌ، وَبَيْتُه:
لَوْ لَا مَلِكٌ رَؤُفٌ رَحِيمٌ *** تَدَارَكَنِي برَحْمَتِه هَلَكْتُ
وهو مُشْتَقٌّ مِنْهُ؛ أَي لِأَنَّه بمَنْزِلَةِ التَّيْس الَّذِي ذَهَبَ أَحَدُ قَرْنَيْهِ مائلًا، كَأَنَّهُ عُقِصَ، على التَّشْبِيه بالأَوَّلِ.
والعَقِصُ، ككَتِف رَمْلٌ مُنْعَقِدٌ. وفي بعض نُسَخِ الصّحاح: مُتَعَقِّدٌ، لا طَرِيقَ فيه، قال الراجِزُ:
كَيْفَ اهْتَدَتْ ودُونَهَا الجَزَائِرُ *** وعَقِصٌ من عَالِجٍ تَيَاهِرُ
وقِيلَ: العَقِصُ من الرَّمْل كالعَقِدِ. والعَقَصَةُ من الرَّمْل: مثلُ السِّلْسِلَةِ، وعَبَّرَ عنها أَبُو عَلِيٍّ فقال: العَقِصَةُ والعَقَصَةُ: رَمْلٌ يَلْتَوي بَعْضُه على بَعْضٍ ويَنْقَادُ، كالعَقِدَةِ والعَقَدَةِ.
وقال ابنُ فارِسٍ: العَقِصُ: عُنُقُ الكَرِشِ، وأَنشد:
هل عِنْدَكُم مِمَّا أَكَلْتُمْ أَمْسِ *** مِنْ فَحِثٍ أَو عَقِصٍ أَوْ رَأْسِ
ومن المَجَازِ: العَقِصُ أَيْضًا: البَخِيلُ، كما في الصّحاح، زاد: والسَّيِّئُ الخُلُقِ. وقال غَيْرُه: البَخِيلُ الكَزُّ الضَّيِّق، وقد عَقِصَ، كفَرِح، عَقَصًا. ومنه حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهما: «لَيْسَ معاوية مِثْلَ الحَصِرِ العَقِص» أَرَادَ ابنَ الزُّبَيْرِ، العَقِصُ: الأَلْوَى الصَّعْبُ الأَخْلاقِ، تَشْبِيهًا بالقَرْنِ المُلْتَوِى كالعَيْقَصِ، كحَيْدَرٍ وسِكِّيتٍ، وكَذلِكَ الأَعْقَصُ، الثّانِيَة عن ابنِ دُرَيْد، قال: وأَحْسَبُه مَأْخُوذًا من العَقَصِ، وهو انْقِبَاضُ اليَدِ عن الخَيْر.
ويُقَالُ: إِنَّ العُقَيْصاء كمُرَيْطَاءَ: كَرِشَةٌ صَغِيرَةٌ مَقْرُونَةٌ بالكَرِشِ الكُبْرَى.
والعقْنقصَةُ، بالفَتْح، كعَكَنْكَعَة وخُبَعْثِنَة؛ أَي بالضّمّ، واخْتَلَفَتْ نُسَخُ الجَمْهَرَةِ، ففي بعضِهَا بالقاف في مَوْضِعَين، وفي بَعْضِها الأُولَى قَافٌ والثَّانِيَة فَاءٌ، ومثْلُه في التَّكْمِلَة مُجَوَّدًا، وفي بعضها الأُولَى فَاءٌ، والثّانِيَةُ قَافٌ، ومثلُه في اللّسَان، وقد تَقَدّمَ: دُوَيْبَّةٌ، عن ابْنِ دُرَيْد.
وفي النَّوادِر: المُعَاقَصَةُ: المُعَازَّة، يقال: أَخَذْتُه مُعَاقَصَةً ومُقَاصَعَةً، وكَذلِكَ المُعَافَصَةَ، بالفاءِ، وقد تَقَدَّم.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
العَقَصَةُ، مُحَرَّكةً، من الرَّمْل: العَقِصُ والعُقُوصُ، بالضَّمِّ: خُيُوطٌ تُفْتَل من صُوفٍ وتُصْبَغُ بالسَّواد، وتَصِلُ به المَرْأَةُ شَعرَهَا، يمانِيَة. وعَقَصَت شَعرَهَا تَعْقِصُه عَقْصًا: شَدَّتْهُ في قَفَاهَا. وعَقَصَ أَمْرَه، إِذا لَوَاهُ فَلَبَّسَه. وهو مَجَاز.
والأَعْقَصُ: البَخِيلُ، وهو مَجَازٌ. والعَقِيصُ: السَّيِّئُ الخُلُقِ المُلْتَوِيةِ. وهو مَجَاز.
والعِقَاصُ، بالكَسْر: الدُّوَّارةُ الَّتي في بَطْنِ الشّاةِ، وهي المَرْبِض، والحَوِيَّةُ، والحَاوِيَةُ.
والعَقْصُ: إِمْسَاكُ اليَدِ بُخْلًا، وهو مَجازٌ.
وعَقِصَت عَلَي الدّابَّةُ، كفَرِحَ: حَرَنَتْ، وهو مَجَازٌ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
58-تاج العروس (قض قضض قضقض)
[قضض]: قَضَّ اللُّؤْلُؤَةَ يَقُضُّهَا قَضًّا: ثَقَبَهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. وفي اللِّسان: ومِنْهُ قِضَّةُ العَذْرَاءِ إِذَا فُرِغَ منها، كما سيأْتِي.وقَضّ الشَّيْءَ يَقُضُّهُ قَضًّا: دَقَّهُ، وكَذلِكَ قَضْقَضَهُ، والشَّيْءُ المَدْقُوقُ: قَضَضٌ.
وقَضَّ الوتِدَ يَقُضُّهُ قَضًّا: قَلْعَهُ، كما في العُبَابِ، وبَيْنَ دَقَّهُ وقَلْعَهُ حُسْنُ التَّقابُلِ.
وقَضَّ النِّسْعُ، وكَذلِكَ الوَتَرُ، يَقِضُّ قَضِيضًا: سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ عِنْد الإِنْبَاضِ، كَأَنَّهُ القَطْعُ، وصَوْتُه القَضِيضُ، كما في اللّسان والعُبَاب والتَّكْمِلَةِ، وهُوَ من حَدِّ ضَرَبَ.
وقَال الزَّجَّاجُ: قَضَّ الرَّجُلُ السَّوِيقَ يَقُضُّهُ قَضًّا، إِذا أَلْقَى فِيهِ شَيْئًا يَابِسًا، كقَنْدٍ أَوْ سُكَّرٍ، كَأَقَضَّهُ إِقْضاضًا، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.
وقَضَّ الطَّعَامُ يَقَضُّ، بالفَتْح، قَضَضًا، وهو طَعَامٌ قَضَضٌ، مُحرَّكَةً، وضَبَطَهُ الجَوْهَريّ ككَتِفٍ، وسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ في المكَانِ ضَبْطُه ككَتِفٍ فِيمَا بَعْد، وهُمَا وَاحِدٌ، إِذا كان فِيه حَصًى أَو تُرَابٌ فوَقَعَ بَيْنَ أَضْرَاسِ الْآكِلِ، وقد قَضِضْتُ أَيْضًا مِنْهُ، أَيْ بالكَسْرِ، وإِنَّمَا قُلْنَا أَيْضًا كما هُوَ نَصُّ الصّحاح، إِشارَةً إِلَى أَنَّ قَضَّ الطَّعَامَ يَقَضُّ من حَدِّ عَلِمَ، وقد اسْتُعْمِلَ لازِمًا ومُتَعَدِّيًا إِذا أَكَلْتَهُ ووَقعَ بَيْنَ أَضْراسِك حَصًى هذَا نَصُّ الجَوْهَرِيّ، وزَادَ غَيْرُهُ: أَو تُرَابٌ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: قَضَّ اللَّحْمُ إِذا كَانَ فِيهِ قَضَضٌ، يَقَعُ في أَضْرَاسِ آكِلِهِ شِبْهُ الحَصَى الصِّغَار.
ويُقَالُ: اتَّقِ القَضَّةَ والقَضَضَ في طَعَامِك؛ يُريدُ الحصَى والتُّرَابَ. وقد قَضِضْتُ الطَّعَامَ قَضَضًا: إِذا أَكَلْتَ مِنْهُ فَوَقَعَ بَيْنَ أَضْراسِكَ حَصًى.
وقَضَّ المَكَانُ يَقَضُّ، بالفَتْح، قَضَضًا، مُحَرَّكَةً فهُوَ قَضٌّ وقَضِضٌ ككَتِفٍ: صارَ فيه القَضَضُ، وهو التُّرَابُ يَعْلُو الفِرَاشَ كَأَقَضَّ واسْتَقَضَّ؛ أَي وَجدَهُ قَضًّا، أَوْ أَقَضَّ عليه، وقَضَّتِ البَضْعَةُ بالتُّرَابِ: أَصابَهَا منه شَيْءٌ كأَقَضَّ، والصَّوابُ كأَقَضَّتْ. وقال أَعْرَابِيٌّ يَصِفُ خِصْبًا ملأَ الأَرْضَ عُشْبًا: فالأَرْضُ اليَوْمَ لَو تُقْذَفُ بِهَا بَضْعَةٌ لَمْ تَقَضَّ بِتُرْبٍ.
أَي لَمْ تَقَعْ إِلاَّ علَى عُشْبٍ.
وكُلُّ ما نَالَهُ تُرابٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ ثَوْبٍ أَو غَيْرِهِمَا: قَضٌّ.
وقال أَبُو حَنِيفَةَ: قِيلَ لأَعْرَابِيّ: كَيْفَ رَأْيتَ المَطَر؟ قَال: لَوْ أَلْقَيْتَ بَضْعَةً ما قَضَّتْ. أَي لَمْ تَتْرَبْ، يعني من كَثْرَةِ العُشْبِ.
والقِضَّةُ، بالكَسْرِ: عُذْرَةُ الجَارِيَةِ، كما في الصّحاح.
يُقَالُ أَخَذَ قِضَّتَها؛ أَي عُذْرَتَها، عن اللِّحْيَانِيّ.
والقِضَّةُ: أَرْضٌ ذَاتُ حَصًى، كما في الصّحاح، وهكذا وُجِدَ بِخَطِّ أَبِي سَهْلٍ. وفي بَعْضِ نُسَخِهِ: رَوْضٌ ذَاتُ حَصًى، والأَوّلُ الصَّوابُ، وأَنْشَدَ لِلرّاجِزِ يَصِفُ دَلْوًا:
قد وقَعتْ في قِضَّةِ مِنْ شَرْجِ *** ثمّ اسْتَقَلَّتْ مِثْلَ شِدْقِ العِلْجِ
قال الصاغَانِيُّ: هو قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ. وقال غَيْرُه: هي بفَتْحِ القَافِ، وأَراد بالعِلْج الحِمَارَ الوَحْشِيّ.
أَو القِضَّةُ: أَرْضٌ مُنْخَفِضَةٌ تُرَابُهَا رَمْلٌ وإِلَى جانِبِها متْنٌ مُرتَفِعٌ وهذَا قَوْلُ اللَّيْثِ: قال: والجَمْع القِضَضُ.
وقال أَبُو عَمْرٍو: القِضَّة: الجِنْسُ، وأَنْشَدَ:
مَعْرُوفَةٌ قِضَّتُهَا زُعْرُ الهَامْ *** كالخَيْلِ لَمّا جُرِّدتْ لِلسُّوَّامْ
والقِضَّةُ: الحَصَى الصِّغَارُ. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. ويُفْتَحُ في الكُلّ.
وقِضَّةُ: موضع مَعْرُوفٌ كانَتْ فِيه وَقْعَةٌ بيْنَ بَكْرٍ وتَغْلِبَ تُسَمَّى يَوْمَ قِضَّةَ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ، وشَدَّدَ الضَّادَ فيها وذَكَرَها في المُضَاعَفِ، وقَدْ تُسكَّنُ ضَادُهُ الأُولَى، وقدْ تُخَفَّفُ، كما هُوَ في المُعْجَمِ واقْتَصَرَ عَلَيْه وقالَ: هو ثَنِيَّةٌ بِعَارِضٍ، جَبَلٍ باليَمَامَةِ مِنْ قِبَلِ مَهَبِّ الشَّمَالِ، بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَيّام.
والقِضَّةُ: اسْمٌ مِن اقْتِضَاضِ الجارِيَةِ، وهُوَ افْتِراعُهَا.
والقَضَّةُ، بالفَتْح، ما تَفَتَّتَ مِنَ الحَصَى، وهُو بِعَيْنِهِ قَوْلُ الجَوْهَرِيّ السَّابِقُ: الحَصَى الصِّغَارُ، وأَغْنَى عَنْهُ قَوْلُه أَوَّلًا: ويُفْتَحُ في الكُلِّ، كالقَضَضِ؛ أَي مُحَرَّكَةً. وقد ذَكَرَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيْضًا، وقال: هو الحَصَى الصِّغارُ، قال: ومنه: قَضَّ الطَّعَامُ. وقال غَيْرُه: القَضَضُ: ما تَكَسَّر من الحَصَى ودَقَّ. ويُقَالُ: إِنَّ الْقَضَضَ جَمْعُ قَضَّةٍ، بِالفَتْحِ.
والقَضَّةُ: بَقِيَّةُ الشَّيْءِ.
والقَضَّةُ: الكُبَّةُ الصَّغِيرَةُ مِنَ الغَزْلِ.
والقَضَّةُ: الهَضْبَةُ الصَّغِيرَةُ. وقِيلَ: هِيَ الحِجَارةُ المُجْتَمِعَةُ المُتَشَقِّقَةُ.
والقُضَّةُ، بالضَّمِّ: العَيْبُ، يُقَالُ لَيْسَ في نَسَبِهِ قُضَّةٌ، أَيْ عَيْبٌ. ويُخَفَّفُ. ويُقَالُ أَيْضًا: قُضْأَةٌ، بالهَمْزِ، وقد تَقَدَّمَ في مَوْضِعِهِ.
واقْتَضَّهَا، أَيْ الجَارِيَةَ: افْتَرَعَهَا، كافْتَضَّهَا، نَقلَهُ الجوْهَرِيُّ بالْقَافِ، والْفاءُ لُغَةٌ فيه.
وانْقَضَّ الجِدارُ انْقِضاضًا: تَصَدَّعَ ولَمْ يقَعْ بَعْدُ؛ أَي لَمْ يَسْقُطْ، كانْقَاضَّ انْقِضَاضًا. فإِذا سَقَطَ قِيلَ: تَقَيَّضَ تَقَيُّضًا.
هذا قوْلُ أَبِي زَيْدٍ. وقال الجَوْهريّ ومَنْ تَبِعَهُ: انْقَضَّ الحَائِطُ، إِذا سَقَطَ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {جِدارًا يُرِيدُ أَنْ} يَنْقَضَّ هكَذَا عَدَّهُ أَبُو عُبيْدٍ ثُنَائِيًّا، وجَعلَهُ أَبُو علِيّ ثُلَاثِيًّا مِنْ نَقَضَ فهُو عِنْدَهُ افْعَلَّ. وفِي التَّهْذِيبِ: {يُرِيدُ أَنْ} يَنْقَضَّ، أَيْ يَنْكَسِرَ. وقَرَأَ أَبُو شَيْخٍ البُنَانِيّ وخُلَيْدٌ العَصَرِيّ في إِحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عَنْهُما يُرِيدُ أَن يَنْقَاضَّ، بتَشْدِيدِ الضَّادِ.
وانْقَضَّت الخَيْلُ عَلَيْهِمْ، إِذا انْتَشَرتْ، وقِيلَ: انْدفَعتْ، وهو مَجَازٌ عَلَى التَّشْبِيهِ بانْقِضَاضِ الطَّيْرِ. ويُقَالُ: انْقَضَّ الطائِرُ، إِذا هَوَى فِي طيَرَانِهِ، كما في الصّحاح، وقَوْلُه لِيَقَعَ، أَيّ يُرِيدُ الوُقُوعَ. ويُقَالُ: هُوَ إِذا هَوَى مِنْ طيَرَانِهِ لِيَسْقُطَ عَلَى شيْءٍ. يُقالُ: انْقَضَّ البَازِي على الصَّيْدِ، إِذا أَسْرَعَ في طَيرَانِهِ مُنْكَدِرًا عَلَى الصَّيْدِ، كتَقَضَّضَ، على الأَصْلِ يُقَالُ: انْقَضَّ البازِي وتَقَضَّضَ. ورُبَّما قالُوا تَقَضَّى البَازِي يَتَقَضَّى، علَى التَّحْوِيلِ، وكان في الأَصْلِ تَقَضَّضَ، فلَمَّا اجْتَمَعَتْ ثَلاثُ ضَادَاتٍ قُلِبَتْ إِحْدَاهُنَّ ياءً، كما قالُوا: تَمطَّى وأَصْلُه تَمَطَّطَ؛ أَي تَمَدَّدَ، وكَذلكِ تَظَنَّى من الظَّنّ، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} وقَوْلُ الجوْهَرِيّ: ولم يستعملوا منه تَفَعَّلَ إِلاَّ مُبْدَلًا، إِشارةٌ إِلَى أَنَّ المُبْدَلَ في استِعْمَالِهِمْ هو الأَفْصَحُ، فَلا مُخَالَفَةَ في كلامِ المُصَنِّفِ لِقَوْل الجَوْهَرِيّ، كَما تَوَهّمَهُ شَيْخُنا، فتَأَمّلْ.
ومِنَ المُبْدلِ المشْهُورِ قَوْلُ العَجّاجِ يمْدَحُ عُمَرَ بنَ عُبيْدِ الله بنِ مَعْمَرٍ:
إِذا الكِرَامُ ابْتَدرُوا البَاعَ بَدَرْ *** تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
والقَضَضُ، مُحرَّكَةً: التُّرَابُ يَعْلُو الفِرَاشَ، ومِنْه قَضَّ المَكَانُ وأَقَضَّ.
وأَقَضَّ فُلانٌ، إِذا تَتَبَّع مَداقَّ الأُمُور الدَّنِيئَةِ وأَسفَّ إِلى خِسَاسِهَا، ولو قال: تَتَبَّعَ دِقَاقَ المَطَامِع، كما هو نَصُّ الصَّاغَانِيّ وابْنِ القطَّاعِ والجَوْهرِيّ، لكانَ أَخْصَر. قال رُؤْبَةُ:
ما كُنْتَ عن تَكَرُّمِ الأَعْرَاضِ *** والخُلُقِ العَفِّ عن الإِقْضاضِ
ويُرْوَى: الأَقْضَاضِ، بالفَتْح.
وأَقَضَّ علَيْه المَضْجَعُ: خَشُنَ وتَتَرَّب. قَال أَبُو ذُؤَيْبٍ الهُذَلّي:
أَمْ ما لِجَنْبِكَ لا يُلائِمُ مَضْجعًا *** إِلاَّ أَقَضَّ علَيْكَ ذَاكَ المَضْجَعُ
وقَرَأتُ في شَرْحِ الدِّيوان: أَقَضَّ، أَيْ صارَ علَى مَضْجعِه قَضَضٌ، وهو الحَصَى الصِّغَار. يَقُولُ: كَأَنَّ تحْت جَنْبِهِ قَضَضًا لا يَقْدِرُ على النَّوْمِ لِمَكَانِهِ.
وأَقَضَّهُ اللهُ؛ أَي المضْجَعَ: جعلَهُ كَذلِكَ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ. وأَقَضَّ الشَّيْءَ: تَرَكَهُ قَضَضًا أَيْ حَصًى صِغَارًا. ومنه حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْرِ وهدْمِ الكَعْبِة: «كانَ في المسْجِدِ حُفَرٌ مُنْكَرَةٌ وجَرَاثِيمُ وتَعَادٍ، فأَهابَ بالنّاسِ إِلى بَطْحِهِ، فلَمَّا أَبْرَزَ عن رُبْضِهِ دَعَا بكُبْرِهِ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، وأَخَذَ ابْنُ مُطِيعٍ العَتَلَةَ فعَتَلَ ناحِيَةً من الرُّبْضِ فَأَقَضَّهُ».
ويقال: جَاؤُوا قضّهم، بَفَتْحِ الضَّادِ وبِضَمِّهَا وفَتْح القَافِ وكَسْرِها ـ بقَضِيضِهم. الكَسْر عن أَبِي عَمْرو، كما في العُبَابِ؛ أَي بأَجْمَعِهم، كما في الصّحاح وأَنْشَدَ سِيبَوَيْه للشَّمَّاخ:
أَتَتْنِي سُلَيْمٌ قَضَّهَا بقَضِيضِهَا *** تُمَسِّحُ حَوْلِي بالبَقِيع سِبَالَهَا
وهو مَجازٌ، كما في الأَساس.
وكَذلِكَ: جَاؤُوا قَضَضُهم وقَضِيضُهُم؛ أَي جَمِيعُهُم.
وقِيلَ. جاءُوا بجَمْعِهِمْ لَمْ يَدَعُوا وَرَاءَهم شَيْئًا ولا أحَدًا: وهو اسْمٌ مَنْصُوبٌ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ المَصْدَر كَأَنَّه قال: جاءُوا انْقِضَاضًا. قال سِيبَويْه: كَأَنَّهُ يَقُولُ انْقَضَّ آخِرُهُمْ على أَوَّلِهِمْ، وهُوَ من المَصادِر المَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الأَحْوَال. ومِنَ العَرَبِ مَنْ يُعْرِبُهُ ويُجْرِيهِ عَلَى مَا قبْلَهُ. وفي الصّحاح: ويُجْرِيه مُجْرَى كُلِّهِمْ. وجَاءَ القَوْمُ بِقَضِّهِمْ وقَضِيضِهِم، عن ثَعْلَبٍ وأَبِي عُبَيْدٍ وحَكَى أَبو عُبَيْد في الحَدِيث: «يُؤْتَى بِقَضِّهَا وقِضِّها وقَضِيضِهَا».
وحَكَى كُرَاع: أَتَوْنِي قُضُّهُمْ بقَضِيضِهِم؛ أَي بالرَّفْعِ، ورأَيْتُ قَضَّهُم بقَضِيضِهِم، ومَرَرْتُ بهِمْ قَضِّهِم بِقَضِيضِهِم، وقال الأَصْمَعِيّ في قَوْلِه:
جَاءَتْ فَزَارةُ قَضُّها بِقَضِيضِهَا
لَمْ أَسْمعْهُم يُنْشِدُون «قَضُّها» إِلا بالرَّفْع.
وقال ابنُ بَرِّيّ: شاهِدُ قَوْله جاءُوا قَضُّهُمْ بِقَضِيضِهِم؛ أَي بأَجْمعِهم، قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ.
وجَاءَتْ جِحَاشٌ قَضُّهَا بِقَضِيضِهَا *** بأَكْثرِ ما كَانُوا عَدِيدًا وأَوْكَعُوا
أَوْكَعُوا، أَيْ سَمَّنُوا إِبِلَهُمْ وقَوَّوْها لِيُغِيرُوا عَلَيْنَا. أَو القَضُّ هُنَا الحَصَى الصِّغَارُ، والقَضِيضُ: الحَصى الكِبَارُ وهو قَوْلُ ابْنِ الأَعْرابِيّ، وهكذا وُجِد في النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ.
والصَّوَابُ في قَوْلِه كَما نَقَلَهُ صاحِبُ اللّسَان وابنُ الأَثِير والصَّاغَانِيّ. القَضُّ: الحَصي الكِبَارُ، والقَضِيضُ: الحَصَى الصِّغَار. ويدُلُّ لِذلِكَ تَفْسِيرُهُ فِيمَا بَعْدُ أَي جَاءُوا بالكَبِيرِ والصَّغِيرِ. قال ابنُ الأَثِيرِ: وهذا أَلْخَصُ ما قِيلَ فِيه.
أَو القَضُّ بمَعْنَى الْقَاضِّ، كزَوْرٍ وصَوْمٍ، في زائِرٍ وصائِمٍ. والقَضِيضُ بمَعْنَى المَقْضُوضِ، لِأَنَّ الأَوَّلَ لِتَقَدُّمِهِ وحَمْلِهِ الآخِرَ عَلَى اللَّحَاقِ به، كَأَنَّهُ يَقُضُّهُ علَى نَفْسِهِ، فحَقِيقَتُهُ جاءُوا بِمُسْتَلْحَقِهِمْ ولَاحِقِهِمْ، أَيْ بأَوَّلِهِمْ وآخِرُهم، نَقَلَهُ ابنُ الأَثِيرِ أَيْضًا، وجَعَلَهُ مُلَخَّص القَوْلِ فِيه.
والقِضَاضُ، بالكَسْرِ: صَخْرُ يَرْكبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كالرِّضَام، الوَاحِدَةُ قَضَّةٌ، بالفَتْح.
والقَضْقَاضُ: أُشْنَانُ الشّامِ. وقَال ابنُ عَبّادٍ: هُوَ الأَخْضَرُ منه السَّبْطُ، ويُرْوَى بِالصَّادِ المُهْمَلَةِ أَيْضًا، أَو شَجَرٌ مِن الحَمْضِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ: هو دَقِيقٌ ضَعِيفٌ أَصْفَرُ اللَّوْنِ. وقد تَقَدَّمَ في الصَّادِ أَيْضًا.
والقَضْقَاضُ: الأَسَدُ يُقَالُ: أَسَدٌ قَضْقَاضٌ: يُقَضْقِضُ فَرِيستَهُ، كما في الصّحاح، وأَنْشَدَ قَوْلَ الرّاجِزِ، هُو رُؤْبةُ:
كَمْ جاوَزَتْ من حَيَّةٍ نَضْناضِ *** وأَسَدٍ في غِيلِهِ قَضْقاضِ
ويُضَمُّ. قال ابنُ دُرَيْدٍ: ولَيْس فُعْلَالٌ سِواهُ، ونَصُّ الجَمْهَرَةِ: لَمْ يَجِئْ في المُضَاعَفِ فُعْلالٌ بضَمِّ الفَاءِ إِلاّ قُضْقَاض، قالَ: ورُبَّمَا وُصِفَ به الأَسَدُ والحيَّةُ، أَو الشَّيْءُ الَّذِي يُسْتَخْبَثُ. وبِهذَا سقَطَ قَوْلُ شَيْخِنَا: هذَا قُصُورٌ ظاهِرٌ من المُصَنِّف، بلْ وَرَد منه قُلْقَاسٌ وقُسْطَاسٌ وخُزْعالٌ المُجْمَع عليه، وكَلامُهم كالصَّرِيحِ بَلْ صَرِيحٌ أَنه لا فُعْلالَ غَيْر خُزْعالٍ، وقد ذُكِرَ غَيْرُ هذِه في «المُزْهَر»، وزِدْتُ علَيْهِ في «المُسْفِر» انتهى، ووَجْهُ السُّقُوطِ هُوَ أَنَّ المُرَادَ من قَوْلِهِ ولَيْسَ فُلاَّلٌ سِواهُ؛ أَي في المُضاعَفِ كما هُوَ نَصُّ ابْنِ دُرَيْدٍ وما أَوْرَدَه من الكَلِمَات مع مُنَاقَشَةٍ في بعْضِهَا فإِنَّها غَيْرُ وَارِدَةٍ عَلَيْه، فتَأَمَّلْ، كالقُضَاقِضِ، بالضَّمِّ نَقَلَهُ الجَوْهَريُّ أَيْضًا. يُقَالُ: أَسَدٌ قُضَاقِضٌ: يُحَطِّمُ كُلَّ شَيْءٍ، ويُقَضْقِضُ فَرِيستَهُ، قال الرّاجِزُ:
قُضَاقِضٌ عِنْدَ السُّرَى مُصَدَّرُ
وقَوْلُ ابنِ دُرَيْدٍ السَّابِقُ: ورُبَّما وُصِفَ به الأَسَدُ والحَيَّةُ إِلخ، قُلْتُ: قد تَقَدَّمَ في الصادِ المُهْملَةِ عَنِ الجوْهَرِيّ: حَيَّةٌ قَصْقَاصٌ، نَعْتٌ لَها في خُبْثِهَا، ومِثْلُه في كِتَابِ العَيْنِ، ولَعلَّهُمَا لُغَتَان. وقد قَدَّمْنَا هُنَاكَ عن كِتَابِ العَيْنِ نَقْلًا في حُدُودِ أَبْنِيَةِ المُضَاعَفِ يَنْبَغِي أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْه وتَتَأْمَّلَ فِيهِ مَعَ كَلامِ ابْنِ دُرَيْدٍ هُنَا.
والقَضْقَاضُ: ما اسْتَوَى مِنَ الْأَرْضِ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ:
بَلْ منْهَلٍ ناءٍ مِنَ الغِيَاضِ *** ومِنْ أَذَاةِ البقِّ والإِنْقَاضِ
هابِي العَشِيِّ مُشْرِفِ القَضْقَاضِ
يَقُولُ: يَسْتَبِينُ القَضْقَاضُ في رَأْيِ العَيْنِ مُشْرِفًا لِبُعْدِهِ.
قَوْلُه: ويُكْسَرُ، خَطَأٌ، وكَأَنَّه أَخَذَهُ من قَوْلِ الصّاغَانِيّ: ويُرْوَى القِضَاض، فظَنَّهُ القِضْقَاض، وإِنَّما هو القِضَاضُ، بالكَسْرِ، جَمْعُ قَضَّةٍ، بالفَتْحِ.
والتَّقَضْقُضُ: التَّفَرُّق، وهو من مَعْنَى القَضِّ لا مِنْ لَفْظِه. ومنهُ حدِيثُ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ في غَزْوَةِ أُحُدٍ: «فَأَطَلَّ عَلَيْنَا يَهُودِيٌّ فقُمْتُ إِلَيْهِ فضَرَبْتُ رَأْسَهُ بالسَّيْفِ ثُمَّ رَمَيْتُ بِه عَلَيْهم فتَقَضْقَضُوا» أَي تَفَرَّقُوا.
والقَضَّاءُ: الدِّرْعُ المسْمُورَةُ، من قَضَّ الجَوْهَرَةَ، إِذا ثَقَبَهَا، قالهُ ابنُ السِّكِّيتِ. وأَنْشَدَ:
كَأَنَّ حَصَانًا قَضَّهَا الْقَيْنُ حُرَّة *** لَدى حَيْثُ يُلْقَى بالفِنَاءِ حَصِيرُهَا
شَبَّهَها على حَصِيرِهَا وهو بِسَاطُهَا بِدُرَّةٍ في صَدَفٍ فاسْتَخْرَجَهَا، كما في اللِّسَان والعُبَاب. وقال في التَّكْمِلَة.
وقد تَفَرَّدَ بهِ ابنُ السِّكِّيت. والَّذِي قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ: دِرْعٌ قَضّاء؛ أَي خَشِنَةُ المَسِّ، لَمْ تَنْسحِقْ بَعْدُ، وقولُه: خَشِنَةُ المَسِّ أَي مِنْ حِدَّتِهَا، فهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَضَّ الطَّعامُ والمَكَانُ، ووَزْنُه على هذَيْنِ القَوْلَيْنِ فَعْلَاءُ. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاسِ بنَحْوِ ما قَالَهُ الجَوْهَرِيّ. ويَقْرُب منه أَيْضًا قَوْلُ شَمِرٍ: القَضَّاءُ من الدُّرُوع: الحَدِيثَةُ العهْدِ بالجِدَّةِ، الخَشِنَةُ المَسِّ، من قَوْلِكَ: أَقضَّ عَلَيْهِ الفِراشُ. وأَنْشَد ابنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ النَّابِغَةِ:
ونَسْجِ سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاءَ ذائِل
قال: أَيْ كُلّ دِرْعٍ حَدِيثَةِ العَمَلِ. قال: ويُقَالُ: القَضَّاءُ: الصُّلْبَةُ الَّتِي امْلاس في مَجَسَّتِهَا قضة وخَالَفهم أَبو عَمْرو فَقَالَ: القَضَّاءُ هي الَّتِي فُرِغَ مِنْ عَمَلِها وأُحْكِمَ، وقد قَضَيْتُها؛ أَي أَحْكَمْتُهَا وأَنْشَدَ بيْتَ الهُذَلِيِّ:
وتَعَاوَرَا مَسْرُودَتَيْن قَضَاهُما *** دَاوُودُ أَوْ صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
قال ابنُ سِيدَه: وهذا خَطَأٌ في التَّصْرِيف لِأَنَّهُ لَوْ كانَ كَذلِكَ لَقَالَ قَضْيَاءَ. وقال الأَزْهَرِيّ: جَعَلَ أَبو عَمْرٍو القَضَّاءَ فَعَّالًا من قَضَى؛ أَي حَكَمَ وفَرَغَ، قال: والقَضَّاءُ فَعْلاءُ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قُلْت: وسيأْتِي الكَلامُ عَلَيْهِ فِي المُعْتَلِّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وقال أَبو بَكْر: القَضَّاءُ من الإِبِلِ: ما بَيْنَ الثَّلاثِينَ إِلَى الأَرْبَعِين، كما في العُبَابِ، والتَّكْمِلَة، والّلسانِ. وقال ابنُ بَرّيّ: القَضَّاءُ بِهذا المعْنَى ليْس من هذا البابِ لِأَنَّهَا مِنْ قَضَى يَقْضِي؛ أَي تُقْضَى بِهَا الحُقُوق.
والقَضَّاءُ مِنَ النّاسِ: الجِلَّةُ وإِنْ كان لا حَسَبَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا جِلَّةً في الأَبْدَانِ والأَشْنَانِ. وقال ابنُ برّيّ: الجِلَّة في أَسْنانِهِمْ.
وقال أَبُو زَيْدٍ: قِضْ، بالكَسْرِ مُخَفَّفَةً: حِكَايةُ صَوْتِ الرُّكْبَةِ إِذا صاتَتْ. يُقالُ: قَالَت رُكْبَتُه قِضْ، وأَنْشَدَ:
وقَوْلُ رُكْبَتِهَا قِضْ حِينَ تَثْنِيهَا
واستَقَضَّ مَضْجَعَهُ، أَيْ وَجَدَهُ خَشِنًا، نقله الجَوْهَرِيّ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه:
قَضَّ عَلَيْهِمُ الخَيْلَ يقُضُّها قَضًّا: أَرْسَلَها أَوْ دَفَعَهَا. قال:
قَضُّوا غِضَابًا عَلَيْكَ الخَيْلَ من كَثَبِ
وانْقَضَّ النَّجْمُ: هَوَى، وهُو مَجاز. ومِنْهُ قَوْلُهُم: أَتَيْنَا عِنْدَ قِضَّةِ النَّجْمِ؛ أَي عِنْدَ نَوْئِه. ومُطِرْنَا بِقِضَّةِ الأَسَدِ. قال ذُو الرُّمَّة:
جَدَا قِضَّةِ الآسادِ وارْتَجَزَتْ لَهُ *** بِنَوْءِ السَّماكَيْنِ الغُيُوثُ الرَّوائحُ
وقَضَّ الجِدارَ: هَدَمَهُ بالعُنْفِ.
وقَضَّ الشَّيْءَ يَقُضُّهُ قَضًّا: كَسَرَهُ.
واقْتَضَّ الإِداوةَ: فَتَحَ رأْسَها. وقد جاءَ في حَدِيثِ هَوَازِنَ. ويُرْوَى بالفَاءِ وقَدْ تَقَدَّمَ.
وطَعَامٌ قَضٌّ: فِيهِ حَصًى وتُرَابٌ، وقد أَقَضَّ.
وأَرْضٌ قَضَّةٌ: كَثِيرَةُ الحِجَارةِ والتُّرابِ.
ولَحْمٌ قَضٌّ: وقَع في حَصًى، أَو تُرابٍ فوُجِدَ ذلِكَ في طَعْمِهِ.
وقَضَّ عَلَيْه المَضْجَعُ: نَبَا، مِثْلُ أَقَضَّ المذْكُورُ في المَتْنِ. ويُقَالُ: قَضَّ وأَقَضَّ: لَمْ يَنَمْ، أَوْ لَمْ يَطْمَئِنّ به النَّوْمُ.
وقال أَبُو الهَيْثَمِ: القَضِيضُ جمْعٌ مثل كَلْبٍ وكَلِيبٍ، والقَضُّ: الأَتْبَاعُ ومنْ يَتَّصِلُ بِكَ.
ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي الدّحْداحِ:
وارْتَحِلِي.بالقَضِّ والأَوْلادِ
والقَضِيضُ: صِغارُ العِظَامِ، تَشْبِيهًا بصِغارِ الحَصَى، نَقَلَه القُتَيْبِيُّ.
وانْقَضَّ انْقِضاضًا: تَقَطّعَ، وأَوْصَالُه: تَفَرَّقَت.
وقال شَمِرٌ: القَضّانَةُ: الحَبَلُ يَكُونُ أَطْبَاقًا، وأَنْشَدَ:
كأَنَّمَا قَرْعُ أَلْحِيهَا إِذَا وجَفَتْ *** قَرْعُ المَعَاوِلِ في قَضّانَةٍ قَلَعِ
قال: القَلَعُ: المُشْرِفُ مِنْهُ كالقَلَعَة. قال الأَزْهَرِيّ: كَأَنَّهُ من قَضَضْتُ الشَّيْءَ، أَيْ دَقَقْتُه وهو فَعْلَانَة منه.
وَفي نَوَادِرِ الإِعْرَاب: القِضَّةُ: الوَسْمُ، وبه فُسِّر قَوْلُ الرَّاجز:
مَعْرُوفَةٌ قِضَّتُهَا زُعْر الهَامْ
وقد تَقَدَّم لِلْمُصَنّف أَنَّه بمَعْنَى الجِنْس وهو قَوْلُ أَبِي عَمْرو.
والقَضْقَضَة: كَسْرُ العِظَام والأَعْضَاءِ.
وقَضْقَضَ الشَّيْءَ فَتَقَضْقَضَ كَسَّره فتَكَسَّرَ. ومنه الحَدِيثُ: «فيُقَضْقِضُهَا» أَي يُكَسِّرُهَا. وقال شَمِرٌ: يُقَالُ: قَضْقَضْتُ جَنْبَه مِنْ صُلْبِه؛ أَي قَطَعْتُهُ.
وقَضَّضَ: إِذَا أَكْثَرَ سُكَّرَ سَوِيقهِ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ.
والمِقَضُّ، بالكَسْرِ: ما تُقَضُّ به الحِجَارَةُ؛ أَي تُكْسَرُ.
وأَقَضَّى عَلَيْهِ الهَمُّ، واسْتَقَضَّه صاحِبُهُ.
ويُقَالُ: ذَهَبَ بقِضَّتِهَا، وكانَ ذلِكَ عِنْدَ قِضَّتِهَا: لَيْلَة عُرْسِها، وهو مَجَازٌ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
59-تاج العروس (مقط)
[مقط]: مَقَطَ عُنُقَهُ يَمْقِطُهَا، ويَمْقُطُها من حَدَّيْ نَصَرَ وضَرَبَ: كَسَرَها. وقال بَعْضُهُم: مَقَطَ عُنُقَهُ بالعَصَا ومَقَرَهُ، إِذا ضَرَبَهُ بِها حَتَّى يَنْكَسِرَ عَظْمُ العُنُقِ والجِلْدُ صَحِيحٌ.ومَقَطَ فُلانًا يَمْقُطُهُ مَقْطًا، إِذا غَاظَهُ وبَلَغَ إِلَيْهِ في الغَيْظِ، عن أَبِي زَيْدٍ أَو مَقَطَه، إِذا مَلَأهُ غَيْظًا.
ومَقَطَ القِرْنَ مَقْطًا، ومَقَطَ بِه، وهذِه عن كُرَاعٍ: صَرَعَه.
ومَقَطَ الكُرَةَ مَقْطًا: ضَرَبَ بها الأَرْضَ ثُمَّ أَخَذَهَا، كما في اللِّسَانِ والعُبَابِ والتَّكْمِلَةِ. وقال الشَّمّاخُ:
كأَنَّ أَوْبَ يَدَيْهَا حِينَ أَدْرَكَها *** أَوْبُ المَرَاحِ وقَدْ نَادَوْا بِتَرْحالِ
مَقْطُ الكُرِينَ عَلَى مَكْنوسَةٍ زَلَفٍ *** في ظَهْرِ حَنّانَةِ النِّيرَيْنِ مِعزَالِ
وقال المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ يَصِفُ ناقَةً:
مَرِحَتْ يَدَاهَا للنَّجاءِ كَأَنَّهَا *** تَكْرُو بكَفَّيْ مَاقِطٍ في صَاعِ
ومَقَطَ الطائِرُ الأُنْثَى يَمْقُطُهَا مَقْطًا، مِثْلُ قَمَطَهَا، مَقْلُوبٌ منه.
ومَقَطَهُ بالأَيْمَانِ: حَلَّفَه بها، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.
والمَقْطُ: الضَّرْبُ، يُقَال: مَقَطَهُ بالعَصَا؛ أَي ضَرَبَهُ، وكَذلِكَ بالسَّوطِ.
والمَقْطُ: الشِّدَّةُ والضَّرْبُ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ أَبِي جُنْدَبٍ الهُذَلِيّ:
لَوْ أَنَّهُ ذُو عِزَّةٍ ومَقْطِ *** لَمَنَعَ الجِيرَانَ بَعْضَ الهَمْطِ
وقال اللَّيْثُ: المَقْطُ: الضَّرْبُ بالحُبَيْلِ الصَّغِيرِ المُغَارِ.
والمَقْطُ: شِدَّةُ الفَتْلِ. يُقَالُ: مَقَطَ الحَبْلَ، أَيْ فَتَلَهُ شَدِيدًا.
والمَقْطُ: الشَّدُّ بالمِقَاطِ. يُقَالُ: مَقَطُوا الإِبِلَ مَقْطًا، إِذا شَدُّوهَا بالمِقاطِ، كَكِتَابٍ، وهو الحَبْلُ أَيًّا كانَ، أَو هُو الحَبْلُ الصَّغِيرُ الشَّدِيدُ الفَتْلِ يَكَادُ يَقُومُ من شِدَّةِ فَتْلِهِ، كالقِماطِ، مَقْلُوبًا منه. وتقُول: شُدَّهُ بالقِمَاطِ، فإِنْ أَبَى فبِالمِقَاطِ.
وفي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ فقالَ: «مَنْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ المَقَامِ؟» وكان السَّيْلُ احْتَمَلَهُ مِنْ مَكانِهِ، «فقالَ المُطَّلِبُ بنُ أَبِي وَدَاعَةَ: قَدْ كُنْتُ قَدَّرْتُه وذَرَعْتُه بمِقَاطٍ عِنْدِي».
والمَاقِطُ: الحَازِي المُتَكَهِّنُ الطارِقُ بالحَصَى، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
والمَاقِطُ: مَوْلَى المَوْلَى.
في الصحاحِ: تَقُولُ العَرَبُ: فُلانٌ سَاقِطُ بنُ ماقِطِ بنِ لاقِطٍ، تَتَسَابُّ بذلِكَ، فالسّاقِطُ عَبْدُ المَاقِطِ، والماقِطُ عبدُ الّلاقِطِ، والّلاقِطُ: عبدٌ مُعْتَقٌ، نقلْتُه من كِتَابٍ مِنْ غَيْرِ سَماعٍ، انْتَهَى. وقد سَبَقَ ذلِكَ لِلْمُصَنِّف في «س ق ط» وفي «ل ق ط».
والمَاقِطُ: بَعِيرٌ قامَ مِنَ الإِعْياءِ والهُزَالِ ولَمْ يَتَحَرَّكْ.
وفي الصّحاح: قال الفَرّاءُ: المَاقِطُ من الأَبِلِ: مِثْلُ الرّازِمِ، وقَدْ مَقَطَ يَمْقُط مُقُوطًا؛ أَي هُزِلَ هُزالًا شَدِيدًا.
والماقِطُ: أَضْيَقُ المَوَاضِعِ في الحَرْب، هكَذَا هو فِي سائِرِ النُّسَخِ، ومِثْلُهُ فِي العَيْنِ، وهو غَلَطٌ، والصَّوابُ المَأْقِطُ، بالهَمْزِ، كمَجْلِسٍ وقد سَبَقَ له ذلِكَ في «أ ق ط» والمِيمُ ليست بأَصْلِيَّةٍ.
والمَاقِطُ: رِشَاءُ الدَّلْوِ، ج: مُقُطٌ، ككُتُبٍ، الصّوابُ أَنَّ مُقُطًا جَمْعُ مِقَاطٍ، وهو الحَبْلُ أَيًّا كانَ، ككِتَابٍ وكُتُبٍ، كما في اللِّسَانِ وغَيْرِه.
والمَاقِطُ: مِقْوَدُ الفَرَسِ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: هو المِقَاطُ، وكَذلِكَ قال في رِشَاءِ الدَّلْوِ، وقد حَرَّفَ المُصَنِّفُ.
والمَقِطُ، ككَتِفٍ: الَّذِي يُولَدُ لسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَة أَشْهُرٍ، عن ابنِ عَبّادٍ.
قال: والمُقْطُ، بالضَّمِّ: خَيْطٌ يُصَادُ به الطَّيْرُ، ج: أَمْقَاطٌ، كقُفْلٍ وأَقْفَالٍ.
ومَقَّطَهُ تَمْقِيطًا: صَرَعَهُ، عن ابنِ عَبَّادٍ، كمَقَطَهُ.
وامْتَقَطَهُ: اسْتَخْرَجَهُ. يُقَالُ: امْتَقَطَ فُلانٌ عَيْنَيْنِ، مِثْلَ جَمْرَتَيْنِ؛ أَي استَخْرَجَهُمَا.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
المُتَمَقِّطُ: المُتَغَيِّظُ، وهُوَ ماقِطٌ، أَيْ شَدِيدٌ.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ: رَجُلٌ مَاقِطٌ، وهو الَّذِي يُكْرِي من مَنْزِلٍ إِلَى مَنْزِلٍ. وقال غَيْرُهُ: كالمَقَّاطِ كشَدَّادٍ. وقِيلَ: المَقّاطُ: أَجِيرُ الكَرِيِّ.
وفي الأَسَاسِ: لَمْ أَرَ في السُّقّاطِ، مِثْلَ الكَرِيِّ والمَقَّاط، وهو كَرِيُّ الكَرِيِّ يَعْجَزُ عن حَمْلِ الرَّجُلِ في بَعْضِ الطَّرِيق فيَسْتَكْرِي لَهُ.
ومَقَّطَ الإِبِلَ تَمْقِيطًا: شَدَّها بالمِقَاط، وجَعَلَهَا مَقْطًا وَاحِدًا.
ومَقَطَهُ الشَّيْءَ مَقْطًا: جَرَّمَه، عن ابنِ عَبّادٍ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
60-تاج العروس (رعظ)
[رعظ]: رُعْظُ السَّهْمِ، بالضَّمِّ: مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ، وفَوْقَه الرِّصافُ، وهي لَفائفُ العَقَبِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهو قَوْلُ اللَّيْثِ. قال: وج: أَرْعَاظٌ، وأَنْشَدَ:يَرْمِي إِذا ما شَدَّدَ الأَرْعاظَا *** عَلَىَ قِسِيٍّ حُرْبِظَتْ حِرْباظا
ويُقَالُ: «إِنَّ فُلانًا لَيَكْسِرُ عَلَيْكَ أَرْعاظَ النَّبْلِ»، وهو مَثَلٌ يُضْرَبُ لِمَنْ يَشْتَدُّ غَضَبُهُ، كأَنَّه يَقُولُ: إِذا أَخَذَ السَّهْمَ وهو غَضْبانُ شَدِيدُ الغَضَبِ نَكَتَ به، أَيْ بنَصْلِهِ الأَرْضَ ـ وهو وَاجِمٌ ـ نَكْتًا شَدِيدًا، حَتَّى يَنْكَسِرَ رُعْظُه، هكَذَا فَسَّرُوه. أَوْ هو مِثْلُ قَوْلِهِم: «فُلانٌ يَحْرِقُ عَلَيْكَ الأُرَّمَ» مَعْنَاه يَحْرقُ عَلَيْكَ الأَسْنَانَ، أَرادُوا أَنَّهُ كان يَصْرِفُ بأَنْيَابِهِ من شِدَّة غَضَبِهِ حَتَّى عَنِتَتْ أَسْنَاخُهَا مِنْ شِدَّةِ الصَّرِيفِ، شَبَّه مَدَاخِلَ الأَنْيَابِ ومَنَابِتَهَا بِمَدَاخِلِ النِّصالِ من النِّبَالِ، كَما في اللِّسَانِ والعُبَابِ.
وفِي مَثَلٍ آخَر، يُقَالُ: مَا قَدَرْتُ عَلَى كَذَا وكَذَا حَتَّى تَعَطَّفَتْ عَلَيَّ أَرْعاظُ النَّبْلِ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ في العُبَابِ.
وفي الأَسَاسِ: طَلَبْتُ حاجَةً فَما قَدَرْتُ عَلَيْهَا حَتَّى ارْتَدَّتْ عَلَيَّ أَرْعاظُ النَّبْلِ، وهو مَجازٌ.
ورَعَظَهُ بالعَقَب، كمَنَعَهُ، رَعْظًا، جَعَلَ لَهُ رُعْظًا، كأَرْعَظَهُ، كِلاهُمَا عن الزَّجَّاجِ، أَيْ لَفَّهُ عليه، وشَدَّهُ به، فهو مَرْعُوظٌ ورَعِيظٌ.
وقال ابنُ عَبّادٍ: رَعَظَهُ وأَرْعَظَهُ: كَسَرَ رُعْظَهُ، فهو ضِدٌّ.
وقالَ أَيْضًا: التَّرْعِيظُ: التَّفْتِيرُ. يُقَالُ: ما زالَ يُرَعِّظُنِي عَنْهُ، أَيْ يُفَتِّرُنِي. وأَيْضًا التَّعْجِيلُ، يُقَالُ: لا تُرَعِّظْهُ عَنِّي، أَي لا تُعَجِّلْهُ، فهو ضِدٌّ، كَذَا في العُبَابِ. ووَقَعَ في التَّكْمِلَةِ: أَرْعَظَنِي عَنِ الأَمْرِ: فَتَّرَنِي [عنه].
وقال ابنُ عَبّادٍ أَيْضًا: التَّرْعِيظُ: تَحْرِيكُ الإِصْبَع لتَرَى أَبِهَا بَأْسٌ أَمْ لا، وهو في التَّكْمِلَةِ بالتَّخْفِيفِ. أَو التَّرْعِيظُ: تَحْرِيكُ الوَتِدِ لِتَقْلَعَهُ، عن ابنِ عَبّادٍ أَيْضًا.
قال والتَّرَعُّظُ: أَنْ تُحَاوِلَ تَسْوِيَةَ حِمْلٍ عَلَى بَعِيرٍ فيَرُوغَ، كَذا في العُبَابِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
رَعِظَ السَّهْمُ، كفَرِحَ: انْكَسَر رُعْظُه، فهو سَهْمٌ رَعِظٌ، نَقله الجَوْهَرِيّ.
وقالَ أَبو خَيْرَةَ العَدَويُّ: سَهْمٌ مَرْعُوظٌ، إِذا وُصِفَ بالضَّعْفِ، وأَنْشَدَ:
ناضَلَنِي وسَهْمُهُ مَرْعُوظُ
ونَقَلَهُ ابنُ عَبَّادٍ أَيْضًا هكَذَا.
وقال غَيْرُهُ: سَهْمٌ مَرْعُوظٌ: انْكَسَرَ رُعْظُه فشَدَّهُ بالعَقَبِ، وذلِكَ عَيْبٌ، قالَهُ ابْنُ بَرِّيّ.
ورَعِظَ، بالكَسْرِ: عَجِلَ، عن ابْنِ عَبّادٍ.
وقالَ اللَّيْثُ فِي المَثَلِ: «مَنْ أَبْهَظَ يرْعَظُ» أَي مَنْ أَلْجَأَ عَدُوَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ بالشَّرِّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
61-تاج العروس (قحف)
[قحف]: القِحْفُ، بالكَسْر العَظْمُ الذي يَكُونُ فَوْقَ الدِّماغِ من الجُمْجُمَةِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وهو قَوْلُ اللَّيْثِ، وَالجُمْجُمَةُ التي فيها الدِّماغُ.وقِيلَ: قِحْفُ الرَّجُلِ: ما انْفَلَقَ من الجُمْجُمَةِ فبانَ، وَلا يُدْعَى قِحْفًا حَتَّى يَبِينَ.
أَو لا يَقُولونَ لِجَمِيع الجُمْجُمَةِ قِحْفًا حَتَّى يَنْكَسِرَ منه شَيْءٌ فيُقالُ للمُنْكَسِرِ: قِحْفٌ، وإِن قُطِعَت منه قِطعَةٌ فهو قِحف أَيضًا. وقيل: القِحْفُ: القَبِيلَةُ من قَبائِلِ الرَّأْسِ، وهي كُلُّ قِطْعَةٍ منها.
وج كُلِّ ذلِك: أقْحافٌ، وقُحُوفٌ، وقِحَفَةٌ الأَخِيرُ بكَسْرٍ ففَتْحٍ، قال جَرِيرٌ:
تَهْوِي بذِي العَقْرِ أَقْحافًا جَماجِمُها *** كأَنّها الحَنْظَلُ الخُطْبانُ يُنْتَقَفُ
وقال الأَزْهَرِيُّ: القِحْفُ: القَدَحُ إِذا انْثَلَمَتْ، قال: وَرَأَيْتُ أَهْلَ النَّعَمِ إذا جَرِبَتْ إِبِلُهُم يَجْعَلُونَ الخَضْخَاضَ في قِحْفٍ، ويَطْلُونَ الأَجْرَبَ بالهِناءِ الذي جَعَلُوه فيه، قال: وَأَظُنُّهم شَبَّهُوه بقِحْفِ الرَّأْسِ، فَسَمَّوْهُ به.
أَو القِحْفُ: الفِلْقَةُ من فِلَقِ القَصْعَةِ أَو القَدَحِ، وقَولُه: إذا انْثَلَمَتْ حَقُّه أَنْ يُذْكَر عندَ القَدَح، كما هو نصُّ الأَزْهَرِيِّ، فتأَمّلْ ذلك.
وقال الجَوْهرِيُّ: القِحْفُ: إِناءٌ من خَشَبٍ، نَحْوُ قِحْفِ الرَّأْسِ، كأَنَّه نِصْفُ قَدَحٍ، وقال غيرُه: منه قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ عَلَى الشَّرابِ ـ حينَ قِيلَ له: قُتِلَ أَبُوكَ ـ: اليَوْمَ قِحافٌ، وغَدًا نِقافٌ: اليَوْمَ خَمْرٌ، وغَدًا أَمْرٌ: أي اليَوْمَ الشُّرْبُ بالقِحافِ.
أَو القِحْفُ، والقِحافُ، بكَسْرِهِما: شِدَّةُ الشُّرْبِ وبه فَسَّرَ بعضٌ قولَ امرِئِ القَيْسِ السابقَ.
وَقال أَبُو الهَيْثَمِ: المُقاحَفَةُ: شِدَّةُ المُشارَبَةِ بالقِحْفِ، وَذلِك أنَّ أَحَدَهُمْ إذا قَتَلَ ثَأْرَهُ شَرِبَ بقِحْفِ رَأْسِه، يَتَشَفَّى بهِ.
ويُقالُ: مالَه قِدٌّ ولا قِحْفٌ: أي شَيْءٌ، والقِدُّ: قَدَحٌ من جِلْدٍ وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه.
والقِحْفُ: قَدَحٌ من خَشَبٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وهُو أَفْلَسُ من ضارِبِ قِحْفِ اسْتِهِ، وهو شِقُّه، بمَعْنى لِحْفِ اسْتِه نَقَلَه الصّاغانِيُّ.
والقُحْفُ بالضمِّ: جَمْعُ قاحِفٍ، لمُسْتَخْرِجِ ما في الإِناءِ من ثَرِيدٍ وغيرِه.
ويُقال: رَماهُ بأَقْحافِ رَأْسِه: إذا أَسْكَتَه بداهِيَةٍ أَوْرَدَها عليهِ نقَلَه الجَوْهرِيُّ، أو إذا رَماهُ بالمُعْضِلاتِ، أو بالأُمورِ العِظام، أَو مَعْناه: رَماه بِنَفْسِه، أو نَطَحَه عَمّا يُحاوِلُه كما في العُبابِ.
والقَحْفُ، كالمَنْعِ: قَطْعُ القِحْفِ، أو كَسْرُه كما في العُبابِ أَو ضَرْبُه، أو إصابَتُه كما في الصِّحاحِ، وبِكُلِّ ذلِكَ فُسِّرَ قَوْلُهم: قَحَفْتُه قَحْفًا، فهو مَقْحُوفٌ.
والقَحْفُ: شُرْبُ جَمِيعِ ما في الإِناءِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ كالاقْتِحافِ يُقال: قَحَفَ ما في الإناءِ قَحْفًا، واقْتَحَفَه: شَرِبَه جمِيعَه.
والقَحْفُ: اسْتِخْراجُ ما في الإِناءِ ومنه القاحِفُ الذي ذُكِرَ.
أَو القَحْفُ: جَذْبُ الثَّرِيدِ وغَيْرِه منه أي: من الإِناءِ، وَنَصُّ كتابِ الجامِعِ لمُحَمّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزّازِ: القَحْفُ:
جَرْفُكَ ما في الإِناءِ من ثَرِيدٍ وغَيْرِه.
ورَجُلٌ مَقْحُوفٌ: مَقْطُوعُ القِحْفِ وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:
يَدَعْنَ هامَ الجُمْجُمِ المَقْحُوفِ *** صُمَّ الصَّدَى كالحَنْظَلِ المَنْقُوفِ
والمِقْحَفَةُ، كمِكْنَسَةٍ: المِذْرَاةُ وهي الَّتِي يُقْحَفُ بها الحَبُّ؛ أي: يُذْرَى قاله ابنُ سِيدَه.
والقاحِفُ: المَطَرُ الشَّدِيدُ، كما في الصِّحاحِ، زادَ الصّاغانِيُّ كالقاعِفِ، زادَ ابنُ سِيدَه يَجِيئُ فَجْأَةً فَيقْتَحِفُ سَيْلُه كُلَّ شَيْءٍ؛ أي يَذْهَبُ به ومنه قِيلَ: سَيْلٌ قُحافٌ، كما يَأْتِي قريبًا.
والقُحَيْفُ، كزُبَيْرٍ: ابْنُ عُمَيْرٍ هكَذا في النُّسَخِ، وَصوابُه ابنُ خُمَيْرٍ، بالخاءِ المُعْجَمة، كما هو نَصُّ العُبابِ ابنِ سُلَيْم بالتَّصْغِير، وقَوْلُه: النَّدَى لَقَبُه، هكَذا هو مَضْبُوطٌ في سائِرِ النُّسَخِ، وقالَ الصاغانِيُّ: رَأَيْتُ بخَطِّ محمَّدِ بنِ حَبِيب في أَوّل دِيوانِ شِعْرِه: القُحَيْفُ البَدِيّ، بالباءِ المُوَحَّدة وتشديدِ التَّحْتِيَّة، وهو ابنُ عبدِ الله بْنِ عوْفِ ابنِ حَزْنِ بنِ مُعاوِيَةَ بنِ خَفاجَةَ بنِ عَمْرو بن عُقَيْلٍ: شاعِرٌ وهو المُرادُ بالقُحَيْفِ العُقَيْلِيّ المَذْكُور في مُصَنَّفِ أَبي عُبَيْدٍ، ومنهم من يَنْسِبُهُ، فيَقولُ: العامِريُّ.
والقُحُوفُ: المَغارِفُ عن ابنِ الأَعْرابِيّ.
وسَيْلٌ قُحافٌ، وَقُعافٌ، وجُحافٌ كغُرابٍ: أي جُرافٌ كثيرٌ، يَذْهَبُ بكُلِّ شَيْءٍ.
وبَنُو قُحافَةَ كثُمامَةَ: بَطْنٌ من خَثْعَمَ.
وأَبُو قُحافَةَ، عُثْمانُ بنُ عامِر بنِ عَمْرِو بن كَعْبِ بنِ سَعْدِ ابنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ: صَحابِيٌّ، والِدُ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق ـ رضِيَ الله تَعالَى عَنْهُما ـ أَسْلَمَ يومَ الفَتْحِ، فأُتِيَ به، وكأَنَّ رَأْسَهُ ثَغامَةٌ، فقَالَ: غَيِّرُوا هذا بشَيْءٍ، واجْتَنِبُوا السَّوادَ.
وكُلُّ ما اقْتَحَفْتَه من شَيْءٍ واسْتَخْرَجْتَه فهو قُحافَةٌ وبه سُمِّيَ الرَّجُلُ.
وَقالَ أَبُو زَيْدٍ: عَجَاجَةٌ قَحْفاءُ وهي: الَّتِي تَقْحَفُ الشَّيْءَ، أي: تَذْهَبُ بِهِ.
قال: وأَقْحَفَ الرَّجُلُ: إذا جَمَعَ حِجَارَةً في بَيْتِه، فوَضَعَ علَيْها مَتاعَه كما في العُبابِ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
ضَرَبَهُ فاقْتَحَفَه: أَبانَ قِحْفًا من رَأْسِه.
وَالمُقاحَفَةُ، والقِحافُ: شِدَّةُ المُشارَبَةِ بالقِحْفِ، قالَهُ أَبُو الهَيْثَم.
وَقالَ غيرُه: مُقاحَفَةُ الشِّيْءِ واقْتِحافُه، وقِحافُهُ: أَخْذُه وَالذَّهابُ به.
وَالإِقْحافُ: الشُّرْبُ الشَّدِيدُ، ومنه حدِيثُ أَبِي هُرَيرةَ: «أَتُقَبِّلُ وأَنْتَ صائِمٌ؟ قال: نَعَمْ، أُقَبِّلُها وأَقْحَفُها» يَعْنِي أَشْرَبُ رِيقَها، وأَتَرَشَّفُه.
وَقِحْفُ الرُّمّانَةِ: قِشْرُها؛ تَشْبِيهًا بقِحْفِ الرَّأْسِ.
وَقَحَفَ يَقْحُفُ قُحافًا: سَعَلَ عن ابنِ الأَعرابيِّ. قلتُ: وَقَحَبَ ـ بالباء ـ مثلُه، لُغَةُ الْيَمَنِ.
وقَحَافَةُ كسَحابَةٍ: قَريةٌ بمصْر من أَعْمالِ الغَرْبيَّةِ، وأُخْرَى بالفَيُّومِ.
وَقالَ ابنُ عَبّادٍ: مَرّ مُضِرًّا مُقْحِفًا: أي مَرَّ مُقارِبًا.
وَقُحافَةُ بنُ رَبيعَةَ، يَروي عن أَبِي هُرَيْرَةَ، وعنه نُمَيْرُ بنُ يَزِيدَ القَيْنِيُّ.
وَالقِحْفُ: الِكُرْنافُ عامِّيّةُ، ومنه قَوْلُ بعضِ المُوَلّدِينَ:
رَأَيْتُ النَّخْلَ يَطْرَحُ كُلَّ قِحْفٍ *** وَذاكَ اللِّيفُ مُلْتَفٌّ عَلَيْهِ
فقُلْتُ: تَعَجَّبُوا من صُنْعِ ربِّي *** «شَبيهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إِلَيْهِ
وَالقحْفُ: لَقَبُ أَبِي عَبْدِ الله الحُسَيْنِ بنِ عُمَرَ، القاصِّ المِصْريِّ الشاعِرِ.
وَأَبو مُحَمّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ القحْف، روى عن أَبِي العَلاءِ بنِ سُلَيْمانَ، قالَه ابنُ العَدِيمِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
62-تاج العروس (جل جلل جلجل)
[جلل]: جَلَّ الرجُلُ يَجِلُّ جَلالَةً وجَلالًا أَسَنَّ واحْتَنَكَ فهو جَليلٌ ومنه الحدِيثُ: «فاعْتَرَضَ لهم إِبْلِيس في صُورةِ شيْخٍ جَلِيلٍ» من قومٍ جِلَّةٍ بالكسرِ.وجَلَّ جَلالًا وجَلالَةً عَظُمَ قَدْرُه فهو جَليلٌ.
قالَ الرَّاغِبُ: الجَلالَةُ: عظمُ القَدْرِ. والجلال التَناهِي في ذلِكَ، وخُصَّ بوصْفِ الله تعالَى فقيلَ: {ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}. ولم يُسْتَعْمل في غيرِه.
والجَلِيلُ: العَظيمُ القَدْرِ، وليسَ خاصًّا به، ووصْفُه تعالَى بذلِكَ إِمَّا لخَلْقِه الأَشْياءَ العَظِيمةَ المُسْتَدل بها عَلَيه، أَو لأَنَّه يُجَلُّ عن الإِحَاطَةِ به، أَو لأَنَّه يُجَلُّ أَنْ يُدْرَكَ بالحَواسِ.
وَجِلُّ بالكسرِ والفتحِ وجُلَالٌ كغُرَابٍ ورُمَّانٍ وهي جَليلةٌ وجُلالَةٌ بالضمِ وأَجَلَّهُ إجلالًا عَظَّمَهُ ورَفَعَ من شَأْنِه.
والتَّجِلَّةُ اسمٌ كالتَّكرمةِ.
وجُلُّ الشيءِ وجُلالُه بضمِّهما مُعظَمُه. يقالُ: أَخَذَ جله وكبره وعظمه بمَعنْىً واحِدٍ.
وتَجَلَّلَهُ إِذا عَلاهُ وأَيْضًا أَخَذَ جُلَّهُ أَي مُعظَمُه. وقالَ الرَّاغِبُ: تَجَلَّلت البَعِيرَ ناولتُ جُلَاله.
وتَجالَّ عنه تَعاظَمَ وكذا تَجالَّ عليه. ويقالُ: هو من أَصْدِقائِي وأَنَا أَتجاله أَي أُعَظمُه.
والجُلَّى كرُبَّى الأَمْرُ العظيمُ الجمع: جُلَلٌ مِثَالُ كُبْرى وكُبَر قالَ طَرْفَةُ:
متى أُدْعَ في الجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها *** وإِنْ تَأْتِك الأَعداءُ بالجَهْد أَجْهَدِ
وقالَ بَشامَةُ بنُ حَزْنِ النَّهْشَليُّ:
وإِنْ دَعَوْتِ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة *** يومًا سِراةً كرام الناسِ فادْعِينا
وقَوْمٌ جِلَّةُ بالكسرِ عُظماءُ سادةٌ خيارٌ ذَوُو أَخْطارٍ وهي أَي الجِلَّةُ أَيْضًا المَسانُّ مِنَّا وهذا قد تقدَّمَ بعَيْنِه فهو تِكْرَارٌ ومن الإِبِلِ للواحِدِ والجَمْعِ والذَّكَرِ والأُنْثَى يقالُ: جَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّتْ عن أَبي نَصْر. وقالَ الرَّاغِبُ: وخصَّ الجُلالَة بالناقةِ الجَسِيمةِ والجِلَّةُ بالمسانِّ منها. وقالَ الصَّاغَاني: الجِلَّةُ مِن الإِبِلِ المَسانُّ. وهو جَمْعُ جَلِيلٌ مِثْلُ صَبيِّ وصِبْيةٍ قالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلبٍ رضي الله عنه:
أَزْمانَ لم تأْخُذْ إِليَّ سِلاحِها *** إِبِلي بجِلَّتِها ولا أَبْكارِها
أَو هي الثَّنِيَّةُ إِلى أَنْ تَبْزُلَ أَي تَصيرَ بازِلًا، أَو الجَملُ إِذا أَنْثَى أَي دَخَلَ في الثانيةِ، أَو يقالُ بَعيرٌ جِلُّ وناقَةٌ جِلَّةٌ بكسرِهما.
والجُلَّةُ بالضمِ قُفَّةٌ كبيرةٌ للتَّمْرِ والجمعِ جُلَلٌ.
والجَلَلُ محرَّكةً الأَمْرُ العظيمُ والصَّغيرُ ضِدُّ.
فمن العَظيمِ قَوْلُ الحَارِثِ بنِ وَعْلَة الجرميُّ:
فلئن عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلًا *** ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي
وبمعْنَى الهَيِّنِ اليَسِيرِ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ حين قُتِل أَبُوه:
بِقَتْلِ بَني أَسَدٍ رَبَّهُم *** أَلَا كُلُّ شيءٍ سواهُ جَلَلْ!
وقالَ حَضْرميُّ بنُ عامِرٍ في جزءِ بنِ سِنَان بنِ مؤلة:
يقولُ جزءٌ ولم يقلْ جللا *** أَنّى تروّحتُ ناعمًا جدلا
وقالَ الرَّاغِبُ: الجَلَلُ، المُتَناولُ من البَعَرِ وعَبَّر به عن الشيءِ الحَقِيرِ وعلى ذلِكَ قَوْلُه: فكلُّ مُصيبةٍ بَعْدَه جَلَل.
والجِلُّ بالكسرِ ضِدُّ الدِّقِّ.
وقالَ الرَّاغِبُ: أَصْلُ الجَلِيل مَوضوعٌ للجِسمِ الغَلِيظِ ولمُرَاعاةِ معْنَى الغِلْظةِ فيه قُوبِلَ بالدَّقيقِ، وقُوبِلَ العَظيمُ بالصَّغيرِ، فقيلَ: جَلِيلٌ ودقيقٌ وعظيمٌ وصغيرٌ.
والجِلُّ من المَتَاعِ البُسْطُ والأَكْسِيَةُ ونَحْوُها وهو ضِدُّ الدِّقِّ منه كالحِلس والحَصِيرِ ونَحْوهما.
والجِلُّ: قَصَبُ الزَّرْعِ إذا حُصِدَ كما في العُبَابِ، ويُضَمُّ ويُفْتَحُ.
والجُلُّ بالضمِ وبالفتحِ ما تُلْبَسُهُ الدَّايَّةُ لتُصانَ به وقد جَلَّلْتُها تَجْلِيلًا وجَلَلْتُها بالتَخْفِيفِ أَلْبَسْتُها إيَّاه. يقالُ: فَرَسٌ مُجَلَّل ومَجلولٌ قالَ أَبُو النَّجْم:
مياسة كالفالجِ المُجَلَّلِ
الجمع: جِلالٌ بالكسرِ وأَجْلالٌ وجَمْعُ الجِلالِ أَجِلَّةٌ والجَلُّ بالفتحِ الشِّراعُ ويُضَمُّ الجمع: جُلولٌ قالَ القطامِيُّ:
في ذي جُلول يُقَضِّي المَوتَ صاحبُه *** إذا الصَّراري من أَهْواله ارْتَسما
أي كبر ودعا.
وجَلُّ: اسمُ أَبي حَيِّ من العَرَبِ من مُضَرَ وهو جَلُّ بنُ عَدِيِّ والِدُ الدول الآتي ذِكْرُه في دَوَلَ.
والجَليلُ والحَقيرُ ضِدُّ.
والجُلُّ بالضمِ ويُفْتَحُ الياسَمينُ والوَرْدُ بأَنْواعِهِ أَبْيَضُهُ وأَحْمَرُهُ وأَصْفَرُهُ قالَه أَبُو حَنِيفَةَ، الواحِدَةُ بهاءٍ قالَ: وهو كلامٌ فارِسِيُّ وقد دَخَلَ في كلامِ العَرَبِ. وذَكَرَ بعضٌ أَنَّه يقالُ له الوَتِيرُ الواحِدَةُ وَتِيرَةٌ. قالَ: والوَرْدُ ببِلادِ العَرَبِ كَثيرٌ رِيفيّ وبَريّ، وقالَ الصَّاغَانيُّ: هو مُعَرَّبُ كل، قالَ الأَعْشَى:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسمين والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها
ويُرْوَى الوَرْدُ والياسَمُون.
والجُلُّ: ماءٌ قُرْبَ واقِصَةَ وسَلْمَان كما في العُبَابِ.
وقالَ نَصْر: هو على سِتَّةَ عَشَر مِيلًا من الفَرْعاء بَيْنها وبَيْن الرمانتين على جادَّةِ طريقٍ يُسْلَكُ من القادِسِيَّةِ إلى زُبَالَة.
وجُلُّ بنُ حُقِّ بنِ رَبِيعَةَ في طَيِّءٍ وحِقّ بكسرِ الحاءِ المُهْمَلةِ، ويُرْوَى بضمِ الخاءِ المعْجَمةِ أَيْضًا وإليه يُنْسَبُ المرارُ بنُ مُنْقِذٍ الجليُّ الطَّائِيُّ الشاعِرُ كان في زمنِ الحجَّاجِ ولم يذْكرْه المصنِّفُ في المرارين من الشُّعراءِ وقد تقدَّمَ.
وجُلُّ بَيْتِكَ حَيْثُ ضُرِبَ وبُنِيَ وكسَحابٍ أَبو الجَلالِ الزُّبَيْرُ بنُ عُمَرَ الكِرْمِينِييُّ أَو هو بالحاءِ مُحَدِّثانِ هكذا في النسخِ. والذي في كُتُبِ الأَنْسابِ أَبُو الجَلالِ الزُّبَيْرُ بنُ عُمَرَ عن يوسُفَ بنِ عَبْدَة وعنه أَحْمَدُ بنُ عُرْوَة من أَهْلِ ما وَرَاء النَّهْرِ، وأَبُو الجَلالِ الكِرْمِينِيُّ عن العَبَّاسِ بن شَبيبٍ وجَعَلَه الخَطيبُ بحاءٍ مُهْملَةٍ.
قلْتُ: فحينئذٍ يَسْتَقيمُ قَوْلُهُ مُحَدِّثانِ لكن سَقَطَ واو العَطْفِ قَبْل الكِرْمِينيِّ ولكنْ قالَ الحافِظُ: هو والذي قَبْله واحِدٌ وذلِكَ واضِحٌ في كتابِ الأَميرِ.
قلْتُ: فاذن الصَّوابُ مُحَدِّث بالإِفرادِ.
وأُمُّ الجَلالِ بِنْتُ عَبْدِ الله بنِ كُلَيْبٍ العُقَيْلِيَّةُ أَوْرَدَها الحافِظُ، ومحمدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الجَلالِيُّ مُحَدِّثٌ رَوَى عن ابنِ الحُصَيْن مَاتَ سَنَة 592 عن مائة سَنَة، قالَهُ الحافِظُ.
وقالَ الدَّاوِديُّ: نَسْبَة إلى قَبِيلَةٍ من الأَكْرَادِ وذاتُ الجِلالِ بالكسرِ فَرَسُ هِلالِ بنِ قَيْسٍ الأَسَدِيِّ وكان يقالُ له عرقل.
والجُلالُ: بالضمِ الضَّخْمُ العَظيمُ.
وجلال جَبَلٌ.
والجُلالُ: مُعْظَمُ الشَيءِ كالجُلِّ وقد ذُكِرَ فهو تِكْرارٌ.
وجَلَّالٌ كشَدَّادٍ اسْمٌ لطَريقِ نَجْدٍ إلى مَكَّةَ سُمِّي به كما سُمِّي بمثْقَب والقَعْقَاع. وفي حدِيثِ الهِرْماس بن حَبِيبٍ عن أَبيهِ عن جَدّه قالَ: «التقطتُ شبكةً على ظهر جلّال بقُلة الحزن ذَكَرَه ابنُ شُمَيْلٍ قالَ الرَّاعي:
يُهيبُ بأُخْرَاهَا بُرَيْمَةُ بُعْدَمَا *** بَدَارَمْلُ جَلَّالٍ لَهَا وعَوَاتِقُهْ.
وفي الحدِيثِ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليهوآله، عن لُحومِ الجَلَّالَةِ
وهي البَقَرَةُ التي تَتَبّعُ النَّجاساتِ كنى عن العَذِرة بالجِلَّةِ فقيلَ لآكِلَتها جَلَّالَة.
والجُلالَةُ ككُناسَةٍ النَّاقَةُ العظيمةُ الجَسِيمةُ قال طَرَفَةُ:
فَمَرّتْ كَهاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلَالةٌ *** عقيلةُ شَيْخٍ كالوبيلِ يَلَنْدَدِ
والجُلَّةُ بالضمِ وِعاءٌ من خوصٍ يُتَّخَذُ للتَّمَرِ الجمع: جِلالٌ بالكسرِ وجُلَلٌ بضمٍ ففتحٍ وقد تقدَّمَ هذا.
والجِلَّةُ مُثَلَّثَةً والمَشْهُورُ الكسْرُ ثم الفَتْحُ البَعَرُ أَو البَعَرَةُ أَو الذي لم يَنْكَسِرْ يقالُ إنَّ بَنِي فلانٍ وَقُودهُم الجِلَّة.
وجَلَّ البَعَرَ يَجِلُّهُ جَلًّا وجَلَّةً جَمَعَهُ بيدِهِ ولَقَطَهُ واجْتَلَّهُ اجْتِلالًا الْتَقَطَه للوَقُودِ ويقالُ: فَعَلَهُ من جُلِّكَ بالضمِ وجَلالِكَ وجَلَلِكَ محرَّكَةً وتَجِلَّتِكَ وإِجْلالِكَ بالكسرِ أَي من أَجْلِكَ قالَ جميلٌ:
رَسْمِ دارٍ وَقَفْتُ في طَلَله *** كِدْتُ أَبْكي الغَداة من جَلَله
وكذا من أَجْلِ إِجْلالِكَ ومن أَجْلِكَ بمعْنىً واحِدٍ ويقالُ: جَلَلْتَ هذا على نَفْسِكَ أَي جَنَيْتَهُ وجلُّوا عن مَنازِلِهِم يَجِلُّونَ من حَدِّ ضَرَبَ، واقْتَصَرَ الصَّاغَانيُّ على يَجِلُّونَ من حَدِّ نَصَرَ، وجَمَعَ بَيْنهما ابنُ مالِكٍ وغيرهُ وهو الصَّوابُ، والاقْتِصارُ على أَحَدِهما قُصُورٌ. جَلولًا بالضمِ وجَلًّا أَي جَلَوْا عَنْها وخَرَجُوا إلى بلدٍ آخَرَ وهُمُ الجالَّةُ. ويقالُ: اسْتُعْمِل فلانٌ على الجالَّةِ كما يقالُ على الجَالِيَةِ وهما بمعْنى قالَ العجَّاجُ:
كأَنَّما نُجومُها إِذ ولَّتِ *** زورًا تَبَارى الغورُ إذْ تَدَلّتِ
غُفْرٌ وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ
وجَلُّوا الأَقِطَ جَلًّا أَخَذُوا جُلالَهُ بالضمِ.
وجَلُّ وجَلَّانُ حَيَّانِ من العَرَبِ. أَمَّا جَلُّ فقد تقدَّمَ أَنَّه في مُضَرَ. وأَمَّا جَلَّانُ فهو ابنُ العَتِيك بن أَسْلَم بن يذْكُر بن عُنْزَةَ بن أَسَدٍ قالَ ذو الرُّمَّةِ:
وبالشمائِل من جلّان مقتنص *** رذلَ الثيابِ خَفِي الشَّخْصِ منزربِ
وهو جَلَّانُ بنُ عُبَيْدٍ بن أَسْلَم بن يذْكُر وكانَتْ أُمُّ عَمْرٍو بنِ العَاصِ منهم.
والتَّجَلْجُلُ السُّؤوخُ في الأَرضِ ومنه الحدِيثُ: «خَرَجَ رجُلٌ في الجاهِلِيَّةِ يَتَبَخْترُ فأَمَرَ الله الأَرْضَ أَنْ تُخْسفَ به فهو يَتَجَلْجَلُ فيها إلى يَوْم القِيامَةِ.
والتَّجَلْجُلُ: التَّحرُّكُ وهو مطاوِعُ الجَلْجَلةِ وأَيْضًا التَّضَعْضُعُ يقالُ: تَجَلْجَلَت قَواعدُ البُنْيان أَي تَضَعْضَعَتْ.
والجَلْجَلَةُ التَّحريكُ يقالُ: جَلْجَلْته إذا حرَّكْته بيدِكَ فَتَجَلْجَلَ. قالَ أَوْسُ بنُ حجر:
فجلجلها طورين ثم أَمَرّها *** كما أُرْسِلَتْ مخشوبةٌ لم تخرمِ
ومنه جَلْجَلَ اليَاسِر القِدَاحَ إِذا حَرَّكَها.
والجَلْجَلَةُ: شِدَّةُ الصَّوْت. وأيْضًا صَوْتُ الرَّعْدِ وأَيْضًا الوَعيدُ من وَرَاء وَرَاء.
وقالَ الرَّاغِبُ: أَمَّا الجَلْجَلَةُ فحِكَايةُ الصَّوْتِ وليسَ من ذلِكَ الأَصْل في شيءٍ ومنه سَحابٌ مُجَلْجَلٌ أَي مُصَوِّتٌ وغَيْثٌ جَلْجالٌ كذلِكَ ورجُلٌ مُجَلْجَلٌ بالفتحِ أي على صيغةِ اسمِ المَفْعولِ ظَرِيفٌ جِدًّا لا عَيْبَ فيه. والمُجَلْجَلُ من الإِبِلِ ما تَمَّتْ شِدَّتُهُ وقُوَّتُهُ والمُجَلْجِلُ بالكسرِ السَّيِّدُ القَويُّ أَو البَعيدُ الصَّوْتِ. وقيلَ: هو الجَرِيءُ الدَّفاعُ المِنْطِيقُ الذي يخاطِرُ بنفْسِه وأَيْضًا الكَثيرُ من الأَعْدادِ عن ابنِ عَبَّاد.
والجُلْجُلُ بالضمِ الجَرَسُ الصَّغيرُ. ومنه إِبلٌ مُجَلْجَلَةٌ عُلِّقَ عليها الجُلْجُل ودارَةُ جُلْجُلٍ في قَوْلِ امْرِيءِ القَيْسِ:
ولا سِيَّما يوْمًا بدَارَةِ جُلجلِ
موضع بنَجْدٍ في دَارِ الضبابِ ممَّا يواجِهُ دِيارَ فَزَارَةَ قالَهُ نَصْر.
والجَلَلُ محرَّكةً الأَمْرُ العظيمُ والهَيِّنُ الحَقيرُ ضِدُّ وهذا قد تقدَّمَ وهو مكَرَّرٌ.
والجُلْجُلانُ بالضم ثَمَرُ الكُزْبرَةِ. وفي لغَةِ اليَمَنِ حَبُّ السِّمْسِمِ.
ومن المجازِ: الجُلْجُلانُ: حَبَّةُ القَلْبِ يقالُ: اسْتَقَرَّ ذلِكَ في جُلْجُلانِ قلْبِه أَي في سُويْدَائِه، وكلامٌ خَرَجَ من جُلْجُلانِ القَلْبِ إِلى قِمَعِ الأُذُنِ، وهو في الأَصْلِ السِّمْسِمُ قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.
وجَلْجَلَهُ خَلَطَهُ.
وجَلْجَلَ الفَرَسُ صَفا صَهيلُهُ.
وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: جَلْجَلَ الوَتَرَ أَي شَدَّ فَتْلَهُ.
وجَلاجِلُ بالفتحِ ويُضَمُّ موضع وهو جَبَلٌ من جِبالِ الدَّهناءِ قالَ ذو الرُّمَّةِ:
أَيَا ظبية الوَعْساء بين جَلاجِل *** وبين النَّقاآ أَنتِ أَمْ أُمِّ سَالم؟
ورَوَى أَبُو عَمْرٍو: ها أَنْتَ.
ووَقَعَ في بعضِ كُتُبِ اللغَةِ: جَلاجِلُ بالفتحِ وهو موضِعٌ آخَرُ، وفي بعضِها حُلاحِلُ بضمِ الحاءِ المُهْملَةِ قالَ الصَّاغَانِيُّ: وكِلَاهُما خلف.
والمَجَلَّةُ بفتحِ الجيمِ الصَّحيفَةُ فيها الحِكْمَةُ. وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كُلُّ كتابٍ عنْدَ العَرَبِ مَجَلَّةٌ. وقدم سُويدُ بنُ الصامِتِ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه فتَصَدَّى له رَسُولُ اللهِ صلى الله عليهوآله، فَدَعَاهُ فقالَ له سُويد: لعلَّ الذي مَعَك مِثْل الذي معي، قالَ: وما الذي مَعَك قالَ: مَجَلَّةُ لُقْمان.
قالَ النَّابغَةُ الذُّبْيانيُّ:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله ودِينُهم *** قَوِيم فما يَرْجُون غير العواقب
ويُرْوَى: مَحَلَّتُهم بالحاءِ أَي أَنَّهم يَحُجُّون فيَحِلُّون مواضِعَ مقَدَّسة. وفي الأَسَاسِ: وكانَ ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ الله تعالَى عنهما إِذا أَنْشَدَ شِعْرَ أُمَيَّة قالَ: مَجَلَّة ابن الصَّلْت.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: قلْتُ لأَعْرَابيِّ: ما المَجَلَّة وفي يدِي كرَّاسَةٌ؟ فقالَ: التي في يدِكَ.
وقالَ الرَّاغِبُ: والجلّ ما يُغَطَّى به المصْحَفُ ثم سُمِّي المصْحَفُ مَجَلَّةً.
والجَلِيلُ كأَمِيرٍ العظيمُ وهذا قد تقدَّمَ فهو تِكْرَارٌ جَمْعُه أَجِلَّةٌ وجلَّةٌ وأَجِلَّاءُ.
والجَلِيلُ: الثُّمامُ وهو نَبْتٌ ضَعِيفٌ يُحْشَى به خَصاصُ البُيُوتِ قالَ بِلالٌ رَضِيَ الله تعالَى عنه:
أَلَا ليْتَ شِعْرِي هل أَبيتنَّ ليلة *** بمكَّةَ حَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟
الواحِدَةُ جَلِيلَةٌ الجمع: جَلائلُ قال:
يلوذ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائِل
وجَلِيلٌ: اسْمُ جماعَةٍ منهم والِدُ عائِشَةَ التي رَوَتْ عن عائِشَةَ رَضِيَ الله تعالَى عنها، ومنهم الجَلِيلُ بنُ خالِدِ بنِ حريث العَبْدِيُّ البُخَاريّ جَدُّ أَبي الخَيْرِ أَحْمدُ بنُ محمَّدٍ الذي رَوَى عن البُخارِيّ كتابَ الأَدَبِ.
وبَنُو الجَلِيلِ قَوْمٌ باليمنِ منهم أَبو مُسْلِمٍ الجَلِيليُّ التابِعِيُّ أو من ذي الجَليلِ وادٍ بها فيه الثُّمامُ، وقالَ نَصْر: هو قُرْبَ مَكَّةَ. قالَ النابغَةُ الذَّبْيانِيُّ:
كَأَنَّ رَحْلِي وقد زَالَ النَّهْارُ بنَا *** بذِي الجَلِيلِ على مُسْتأْنِسٍ وَحَدِ
وجَبَلُ الجَليلِ بالشأْمِ في ساحِلِه مُمْتَدًّا إِلى قُرْبِ مِصْرَ كانَ مُعاوِيةُ رَضِيَ الله تعالَى عنه حَبَسَ فيه مَنْ ظَفِرَ به ممَّن كان يتَّهم بقَتْلِ عُثْمان رَضِيَ الله تعالَى عنه مِنْهم: محمَّدُ بنُ أَبي حذَيفَةَ وابنُ عُدَيْسٍ وكُرَيْبُ بنُ أَبْرَهَةَ وذلِكَ سَنَة سَبْع وثَلاثِيْن قالَهُ نَصْر.
والجَلِيلَةُ من الإِبِلِ التي نُتِجَتْ بَطْنًا واحِدًا كما في العُبَابِ.
ويقالُ: ما أَجَلَّنِي أَي ما أَعْطانِيها.
والجَلِيلَةُ: النَّخْلَةُ العظيمةُ الكثيرةُ الحَمْلِ الجمع: جَلِيل وفي بعضِ النسخِ جِلالٌ بالكسرِ وجَلُولاءُ بالمدِّ قرية ببَغْدادَ قُرْبَ خانِقينَ بِمَرْحَلَةٍ هي على سَبْعَةِ فَرَاسِخَ منها.
وهو جَلُولِيُّ على غيرِ قِياسٍ كحَرُورِيِّ إِلى حَرُورَاءَ ولها وقْعَةٌ مَشْهورة كانَتْ للمُسْلِمِين على الفُرْسِ.
وأُمُّ جَميلٍ فاطِمَةُ بِنْتُ المُجَلِّلِ كمُحَدَّثٍ ابنِ عَبْدِ الله القَرْشِيَّةُ العَامِرِيَّةُ صحابِيَّةٌ هاجَرَتْ مَعَ زَوْجِها حاطِب بن الحارِثِ بنِ المُغِيْرةَ إِلى الحَبَشَةِ فتُوفي هُنالِكَ ووَلَدَتْ له مُحمَّدًا والحارِثِ قالَهُ ابنُ فَهْدٍ في مُعْجمهِ.
وأَجَلَّ قَوِيَ وضَعُفَ ضِدُّ عن ابنِ عَبَّادٍ.
واجْتَلَلْتُهُ وتَجَالَلْتُه وهذه عن ابنِ عَبَّادٍ: أَخَذْتُ جِلالَهُ نَقَلَه الصَّاغَانيُّ.
وجَلُلْنا بفتحِ الجيمِ وضمِ اللَّامِ الأُولَى وسكونِ الثانيةِ قرية بنواحي النَّهْرَوانِ، هَنا ذَكَرَها الصَّاغَانِيُّ فتَبِعَه المصنِّفُ وقد مَرَّ له ذلِكَ في التاءِ الفَوْقيَّةِ أَيْضًا.
وجَلولَتَيْنِ تَثْنِيةُ جلول قرية قُرْبَ النَّهْرَوانِ من قُرَى بَغْدادَ سَمِعَ بها السمْعَانِيُّ من أَبي البَقَاء كَرَمُ بنُ أَبي البَقَاء بن مُلاعِبٍ الجلولَتَيْنِيُّ.
وأَبُو جُلَّةَ بالضمِ كُنْيَةُ رجُلٍ.
وجُلالَةُ بالضمِ عَلَمٌ امْرأَةٌ.
ومن المجازِ: أَبْثَثْتُهُ جُلاجِل نفْسِي بالضمِ أَي أَظْهَرْتُ له ما كان يَتَجَلْجَلُ أَي يَخْتَلِجُ فيها عن ابنِ عَبَّادٍ.
وحِمارٌ جُلاجِلٌ وجُلالٌ بضمِّهما صافي النَّهيقِ ونصّ المُحِيطِ: ناقَةٌ جُلالٌ. وحِمارٌ جُلالٌ صافي النهيقِ.
وغُلامٌ جُلاجِلٌ أَيْضًا.
وجُلْجُلٌ كهُدْهُدٍ وهذه عن ابنِ عَبَّادٍ أَي خَفيفُ الرُّوحِ نَشِيطٌ في عَمَلِهِ قالَ الصَّاغَانيُّ: التَرْكيبُ يدلُ على مُعْظمِ الشيءِ وعلى شيءٍ يَشْمِلُ شيئًا وعلى الصَّوتِ وقد شَذَّ عن هذا التَّرْكيبِ الجِلَّةُ البَعَر.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
جَلُّ بالفتحِ اسمُ رجُلٍ قالَ عَجْرَدٌ النَّهْمِيُّ:
عُوجِي عَلَينا وارْبَعِي يا ابْنَةَ جَلّ
والجالَّةُ: هي الجَلَّالةُ من الدَّوابِ والجَمْعُ جَوَالُّ. ومنه: فإنِّي إِنما كَرِهْتُ لك جَوَالَّ القَرْية.
وماءٌ مجلول وَقَعَتْ فيه الجلة. والأَجَلُّ: الأَعْظَمُ قال لِبَيْدٌ رَضِيَ الله تعالَى عنه:
غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التّقَى *** واجْزِها بالبِرِّ لله الأَجَلِّ
وقال آخَرُ:
الحمدُ للهِ العَلِيِّ الأَجْلَلِ
يُريدُ الأَجَلَّ وأَظْهَرَ التَّضْعِيفَ ضَرُورَةً.
وجلت الهاجِنُ على الولَدِ أَي صَغُرَتْ وهو مَثَلٌ.
والهاجِنُ الصبيَّةُ تُزَوَّجُ قَبْل بلوغِها، أَو كذلِكَ الصغيرُة من البهائِمِ.
وجَلُولاء: قَرْيةٌ بناحِيَةِ فارِسَ.
وجَلُولٌ: كصَبُورٍ فخذٌ من هوَّارَةَ أو قَرْيةٌ بتُونس وإليها نُسِبَ سُلَيْمنُ بنُ عَبْدِ الله الهوَّارِيُّ الجَلُوليُّ، كذا بخطِّ الحافِظِ المنْذريّ.
ويقالُ: فلانٌ يُعَلِّق الجُلْجُلَ في عُنُقِه إذا خاطَرَ بنفْسِه وهو مجازٌ قالَ أَبُو النَّجْمِ:
إلَّا امرءًا يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل
يعْني الجَرِيء الذي يخاطِرُ بنفْسِه. وقالَ أَبُو عَمْرٍو: هو مَثَلٌ أي يشهرُ نفْسَه فلا يتقدَّمُ عليه إلَّا شجاعٌ لا يُبالِيهِ، وهو صعْبٌ مَشْهورٌ.
وجُلْجُلان الشيءِ جَلِيلُهُ عن ابنِ عَبَّادٍ، قالَ: وبَعِيرٌ مجلول من الجل وقال أوس بن حجر:
وَرّثْتَنِي وُدّ أَقْوَامٍ وخُلّتَهمْ *** وذَكْرةٌ منكَ تَغْشاني بأِجلَالِ
أي بأُمورٍ عِظَامٍ.
والجُلّاء: بالضمِ وتَشْدِيدِ اللامِ مَمْدودًا الأَمْرُ العَظيمُ عن أَبي عَمْرٍو. وقالَ: والمَجَلَّةُ: العلْمُ والفقْهُ. ويقالُ: ما له دِقَّ ولا جِلُّ أي لا دقيقٌ ولا جَلِيلٌ ولا جَليلةٌ ولا دقيقَةٌ أي ناقَةٌ ولا شاةٌ.
وقالَ الرَّاغِبُ: قيلَ للبَعِيرِ جَليلٌ وللشَّاةِ دَقيقٌ لاعْتِبارِ أَحَدهما بالآخَرِ، فقيلَ ما له دَقيقٌ ولا جَلِيلٌ. وما أَجَلَّنِي ولا أَدَقَّنِي أي ما أَعْطَاني بعيرًا ولا شاةً، ثم جُعِلَ مَثَلًا في كلِّ كَبير وصَغيرٍ.
وفي العُبَابِ: لقيْتُ فلانًا فما أَجَلَّنِي ولا أَحْشَانِي أَي ما أَعْطاني جَلِيلةً ولا حاشِيَةً وقَوْل المرار الفَقْعَسِيُّ يصِفُ عَيْنه:
لجوجٍ إذا سَحَّتْ سَحُوحٍ إذا بكّتْ *** بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكاء وأَجَلَّتِ
أَي أَتَتْ بقَليلِ البُكَاءِ وكثيرِه. وفي الحَدِيثِ: «أَجلُّوا الله يَغْفِر لَكُم» أَي قُولُوا: يا ذَا الجَلالِ والإِكْرَامِ وآمِنُوا بعَظَمَتِه وجَلالِه، ويُرْوَى بالحاءِ أَيْضًا. ويُؤيِّدُ الرِّوايةَ الأُولَى الحدِيثُ الآخَرُ: «أَلِظُّوا بيَا ذا الجَلالِ والإِكْرامِ».
وأَجَلَّ فَرَسَه فرقًا من ذُرَةٍ أي عَلَفَها عَلَفًا جَلِيلًا.
وجَلَّلَ الشيءُ تَجْلِيلًا عَمَّ.
وسَحَابٌ مُجَلِّلٌ يُجَلِّلُ الأَرْضَ بالمطر أَي يعمُّ. وفي الأَسَاسِ راعِدٌ مطَبِّقٌ بالمطرِ. وفي المُفْرداتِ: كأَنَّه يُجَلِّلُ الأَرْضَ بالماءِ والنَّباتِ.
والجَلْجَلَةُ: صَوْتُ الجَرَسِ.
وتَجَالَّتِ المرْأَةُ أسَنَّتْ.
وذو الجَلِيل: كأَمِير وادٍ قُرْبَ أَجَأْ قالَهُ نَصْر، وضَبَطَه بعضٌ بالتَّصْغيرِ مع التَّشْديدِ، ولا يثْبّتُ. وأَيْضًا وادٍ قُرْبَ مَكَّةَ.
والجِلِّيّ بالكسرِ نِسْبَةُ جماعَةٍ من المُحَدِّثِين منهم أَبُو إسْحق إِبْرَاهيمُ بنُ محمَّدٍ بن الفتحِ المصِيْصِيّ عن محمَّدِ بن سُفْيان الصفَّار ومَاتَ سنة 385، وعُمَرُ بنُ محمّدِ بنِ أَبي زَيدٍ حدَّثَ عنه نظام الملكِ، وأَبُو الفتحِ عَبْدُ الله بنُ إسْمعيل الجِلِّيّ رَوَى عنه أَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ عَبْدِ الله بن أبِي جَرادة العُقَيْليُّ الجِليُّون، وأَحْمدُ بنُ إسْمعيل الجُلِّيّ بالضمِ نِسْبَةً إلى الجُلِّ كانَ يبيعُ جِلالَ الدوابِ وهو أَحَدُ عُلَماء الشَّيْعَةِ كانَ في زمنِ سَيْفِ الدَّولة بن حمْدَان وله تَصَانيفُ، وعَبْدُ الرَّحِيم بنُ محمَّدٍ اللواتي الجلّالي بالتّشديدِ حَكَى عنه السلفيُّ وعَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ مُهَذّب يُعْرَفُ بابنِ أَبي الجَلِيلِ كأَمِيرٍ اللُّغَويُّ كان على رَأْسِ الأرْبعمائة بِمصْرَ صَنَّفَ كتابَ السَّببِ لحصْرِ كَلامِ العَرَبِ في سِتِّين سِفْرًا ضَبَطَه محمَّدُ بنُ الزكيّ المُنْذِريّ ونَقَلَه الحافِظُ من خطِّه.
والجَلالُ كسَحَابٍ لَقَبُ قَيْسِ بنِ عاصِمٍ النَّهْدِيِّ جاهِلِيّ وفيه يقُولُ الشاعِرُ:
وإِنّي لداعيك الجَلَال وعاصمًا *** أَبَاك وعند الله علم المغيب
وجلجوليا: قَرْيةٌ بفِلِسْطين.
وأَبُو بَكْرٍ محمَّدُ بنُ زَكَريا الرَّازِي الطَّبيبُ المَعْرُوفُ بابنِ جِلْجِل كزِبْرِجٍ توفي سَنَة 311.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
63-تاج العروس (ستل)
[ستل]: سَتَلَ القومُ سَتْلًا واسْتَتَلُوا وتَسَاتَلُوا إِذا خَرَجوا مُتَتَابِعِين واحِدًا بعْدَ واحِدٍ؛ وقيلَ: بعضُهم في أَثر بعضٍ، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ.وكلُّ ما جَرَى قَطَرانًا كالدَّمْعِ واللُّؤْلُؤِ إِذا انْقَطَع سِلْكُه فهو ساتِلٌ قالَهُ اللَّيْثُ.
والمَسْتَلُ: كمَقْعَدٍ، الطَّريقُ الضَّيِّقُ، والجَمْعُ المَسَاتِلُ، لأَنَّ الناسَ يَتَسَاتَلُونَ فيها.
والسَّتَلُ: محرَّكةً، العُقاب أَو طائِرٌ شَبيهٌ به، هكذا ذَكَرَه أَبُو حاتِمٍ، أَو شَبيهٌ بالنَّسرِ يَضْرِبُ إِلى السَّوادِ، يَحْمِلُ عَظْمَ الفَخِذِ من البَعيرِ وعَظْمَ السَّاقِ، أَو كلّ عَظْمٍ ذي مُخٍّ حتى إِذا كانَ في كبدِ السَّماءِ أَرْسَلَه على صَخْر أَو صَفًا حتى يَنكَسر، ثم يَنْزل عليه فيَأْكلُ مُخَّه، الجمع: سُتْلانٌ بالضمِ والكسرِ.
والسَّتَلُ أَيْضًا التَّبَعُ.
وسَاتَلَ مُسَاتَلَةً: تابَعَ.
والسُّتالَةُ: بالضمِ، الرُّذالَةُ.
من كلِّ شيءٍ.
والمَسْتولُ: المَسْلوتُ مَقْلوبٌ عنه، وهو الذي أَخذَ ما عليه من اللّحْم.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
انْسَتَلَ القومُ خَرَجُوا تِبَاعًا واحِدًا في أَثرِ واحِدٍ، عن ابنِ سِيْدَه.
وانْقَطَع السلْكُ وتَسَاتَلَ اللُّؤْلُؤ، ونُعِيَ إِليه وَلَدُه فتَسَاتَلَتْ دُموعُه قالَ ذُو الرُّمَّةِ: قلْتُ: ما بال عَيْنَيْك الخ، بيتًا واحِدًا ثم أُرْتجَ عليَّ فمَكَثْت حَوْلًا لا أُضِيْفُ إِليه شيئًا حتى قَدِمْتُ أَصْبَهان فحُمِمْتُ بها حمَّى شَدِيدَة فهُدِيتُ لهذِهِ القَصِيدَةِ فتَسَاتَلَتْ عليَّ قَوافِيها فحُفِّظْتُ ما حُفِّظتُ منها وذَهَبَ عليَّ منها، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
64-تاج العروس (نصل)
[نصل]: النّصْلُ والنَّصْلانُ، هكذا هو برفعِ النونِ والصَّوابُ بكسْرِها، ففي المُحْكَمِ: النَّصلانِ: النَّصْلُ والزُّجُّ؛ قالَ أَعْشَى باهِلَة:عِشْنا بذلك دَهْرًا: ثم فارَقَنا *** كذلك الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَيْن ينكَسِر
قالَ: وقد سُمِّي الزُّجُّ وحدَه نَصْلًا. قالَ: والنَّصْلُ حَديدَةُ السَّهْمِ والرّمْحِ.
وفي التَّهْذِيبِ: النَّصْلُ: نَصْلُ السَّهْمِ، ونَصْلُ السَّيْفِ والسِّكِّين. ومِثْلُه في الصِّحاحِ.
وفي المُحْكَمِ: وهو حَديدَةُ السَّيْفِ ما لم يكنْ له مَقْبِضٌ، ونَصُّ المُحْكَمِ: لها. قالَ: حَكَاها ابنُ جنِّي قالَ: فإذا كانَ لها مَقْبِض فهو سَيْفٌ، ولذلِكَ أَضافَ الشاعِرُ النَّصْلَ إلى السَّيْفِ فقالَ:
قد عَلِمَتْ جارية عُطْبول *** أَنِّي بنَصْل السيفِ خَنْشَلِيل
وقالَ أَبو حَنيفَةَ: قالَ أَبو زِيادٍ النصْلُ كلُّ حَديدَةٍ مِن حَدائِد السِّهامِ الجمع: أَنْصُلٌ، كأَفْلُسٍ، ونِصالٌ، بالكسْرِ، ونُصولٌ، بالضمِ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل: النَّصْلُ السَّهْمُ العَريضُ الطويلُ يكونُ قَريبًا مِن فِتْر والمِشْقَصُ على النصفِ مِن النَّصْلِ، فلو الْتقطْتَ نَصْلًا لقلْتُ: ما هذا السَّهْم معك؟ ولو التقطْتَ قِدْحًا لم أَقُل ما هذا السَّهْم معك.
وقالَ: ابنُ الأعْرَابيِّ: النَّصْلُ القَهَوْبات بِلا زِجاجٍ، والقَهَوْباتُ السِّهامُ الصِّغارُ.
النَّصْلُ: ما أَبْرَزَتِ البُهْمَى وبَدَرَتْ به، هكذا في النسخِ، وفي بعضِ الأُصولِ: نَدَرَتْ به، بالنُّون؛ من أَكِمَّتِها، والجَمْعُ أَنْصُلٌ ونِصالٌ.
والنَّصْلُ: الرَّأْسُ بجميعِ ما فيه، كما في المُحْكَمِ.
والنَّصْلُ: القَمَحْدُوَةُ، كما في العُبَابِ.
وقيلَ: نَصْلُ الرأْسِ أَعْلاهُ.
والنَّصْلُ: طولُ الرَّأْسِ في الإِبِلِ والخَيْلِ ولا يكونُ ذلِكَ للإنْسانِ.
والنَّصْلُ: الغَزْلُ وقد خَرَجَ من المِغْزَلِ، كما في العُبَابِ.
وأَنْصَلَ السَّهْمَ ونَصَّلَهُ تَنْصِيلًا: جَعَلَ فيه نَصْلًا وقيلَ: أَنْصَله أَزالَهُ عنه، ونَصَّلَه: رَكَّبَ فيه النَّصْلَ، كِلاهُما أَي أَنْصَلَه ونَصَّلَه ضِدٌّ.
وفي الصِّحاحِ: نَصَّلْت السهمَ تَنْصيلًا: نَزَعْت نَصْلَه، وهو كقَوْلِهم: قَرَّدْت البعيرَ وقَذَّيْت العينَ إذا نَزَعْت منهما القُرادَ والقَذَى، وكَذلِكَ إذا ركَّبْت عليه النَّصْل، وهو مِن الأَضْدادِ، انتَهَى.
فالمُرادُ بقَوْلِه: كِلاهُما؛ أَي كلٌّ مِن أَنْصَلَ ونَصَّل.
ونَصَلَ السَّهْمُ فيه إذا ثَبَتَ ولم يخْرُجُ. ونَصَلْتُهُ أَنا نَصْلًا ونَصَلَ خَرَجَ فهو ضِدٌّ وأَنْصَلْتُه: أَخْرَجْتُه وكلُّ ما أَخْرَجْتُه فقد أَنْصَلْتُه.
وقولُ شيْخِنا لا معْنَى فيه للضّدِّيَّة وإنَّما هو ممَّا اسْتُعْمِل لازِمًا ومتعدِّيًا ولا يكونُ مِن الأَضْدادِ إلَّا إذا قيلَ: نَصَلَ دَخَلَ، ونَصَلَ خَرَجَ، وكأَنَّه أُلْحِق ثبت بدَخَلَ، انتَهَى، محل نَظَر.
ففي الصِّحاحِ: يقالُ: نَصَلَ السهمُ إذا خَرَجَ منه النَّصْل، ومنه قوْلُهم: رَماهُ بأَفْوَقَ ناصِلٍ؛ ويقالُ أَيْضًا: نَصَلَ السهمُ إذا ثَبَتَ نَصْلُه في الشيءِ فلم يخْرُجْ، وهو مِن الأضْدادِ، انتَهَى.
وقالَ ابنُ الأعْرَابيِّ: أَنْصَلْت الرمحَ ونَصَلْتَه جَعَلْت له نَصْلًا، وأَنْصَلْته نَزَعْت نَصْلَه.
وقالَ الكِسائيُّ: أَنْصَلْت السهمَ، بالأَلفِ، جَعَلْت فيه نَصْلًا، ولم يَذْكر الوَجْه الآخَر أَنَّ الإنْصالَ بمعْنَى النَّزْع والإخْرَاج، وهو صَحيحٌ.
وقالَ شَمِرٌ: لا أَعْرف نَصَل بمعْنَى ثَبَتَ، قالَ: ونَصَلَ عنْدِي خَرَجَ.
ونَصَلَتِ اللِّحْيَةُ، كنَصَرَ ومَنَعَ، نُصولًا فهي ناصِلٌ: خَرَجَتْ مِن الخِضابِ.
وفي الصِّحاحِ: نَصَلَ الشَّعَرُ يَنْصُل نُصولًا: زَالَ عنه الخِضابُ. يقالُ لحيَةٌ ناصِلٌ كتَنَصَّلَتْ. ونَصَلَتِ اللَّسْعةُ والحُمَّةُ إذا خَرَجَ سَمُّهُما وزَالَ أَثَرُهُما.
ونَصَلَ الحافِرُ نُصولًا: خَرَجَ من مَوْضِعِه فسَقَطَ كما يَنْصُلُ الخِضابُ.
والأُنْصُولَةُ، بالضَّمِ: نَوْرُ نَصْلِ البُهْمَى، أَو هو ما يُوبِسُه الحَرُّ من البُهْمَى فيشْتَدُّ على الأكَلَةِ، والجَمْعُ الأَناصِيلُ، قالَ الشاعِرُ:
كأَنَّه واضِحُ الأَقْراب في لُقُحٍ *** أَسْمَى بهنَّ وعَزَّتْه الأَناصِيلُ
أَي عزَّتْ عليه.
واسْتَنْصَلَ الحَرُّ السِّقاءَ، كذا في النسخِ، والصَّوابُ السَّفَا، بالفاءِ مَقْصورًا: جَعَلَه أَناصِيلَ، أَنْشَدَ ابنُ الأعْرَابيِّ:
إذا اسْتَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفَا بَرَّحَتْ به *** عِراقيَّةُ الأَقْياظِ نَجْدُ المَراتِع
وفي الأساسِ: اسْتَنْصَلَتِ الريحُ السَّفَا اسْتَأْصَلَتْه؛ ومنه نَصَلَ السيفُ والرِمحُ والمُغْزلِ؛ وفي العُبَابِ: إذا أَسْقَطَتْه؛ وقالَ غيرُه: اقْتَلَعَتْه مِن أَصْلِه.
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: النَّصِيلُ، كأَميرٍ: حَجَرٌ طَويلٌ رَقيقٌ كهَيْئةِ الصَّفِيحَةِ المحدَّدَةِ؛ وقيلَ: هو حَجَرٌ ناتئٌ قَدْرُ ذِراعٍ ونَحْوِها يَنْصُلُ مِن الحِجارَةِ يُدَقُّ به؛ وفي الفرقِ لابنِ السِّيدِ: تُدَقُ به الحجارَةُ.
وقالَ ابنُ الأثيرِ: هو حَجَرٌ طويلٌ مُدَمْلَك قَدْر شِبْرٍ وذِراعٍ، وجَمْعُه النُّصُلُ.
وقالَ غيرُه: هو البِرْطِيلُ ويشبَّهُ به رأْسُ البَعيرِ وخُرْطومُه إذا رَجَفَ في سَيْرِه، وقالَ أَبو خرَاشٍ في النَّصِيل فجَعَلَه الحَجَر يَصِفُ صَقْرًا:
ولا أَمْغَرُ السَّاقَيْن بات كأَنَّه *** على مُحْزَئِلَّات الإِكامِ نَصِيلُ
كالمِنْصيلِ كمِنْديلٍ ومِنْهالٍ.
والنَّصِيلُ: الحُنَكُ على التَّشبيهِ بذلِكَ.
والنَّصِيلُ من البُرِّ: النَّقِيُّ مِن الغَلَث.
والنَّصِيلُ: مَفْصِلُ ما بينَ العُنُقِ والرَّأْسِ تحتَ اللّحْيَيْنِ؛ وفي العَيْن: مِن باطِن مِن تحت اللّحْيَيْن.
والنَّصِيلُ: الخَطْمُ؛ وقيلَ: ما تحتَ العَيْن إلى الخَطْمِ.
وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: النُّصِيلُ البَظْرُ.
قالَ: وأَيْضًا الفأْسُ.
وقالَ غيرُه: النَّصِيلُ من الرَّأْسِ أَعْلاهُ كنَصْلِهِ.
والنَّصِيلُ: موضع؛ قالَ الأَفْوهُ الأوْديُّ:
تُبَكِّيها الأَرامِلُ بالمآلي *** بِداراتِ الصَّفائِح والنَّصِيلِ
والمُنْصُلُ، بضمَّتَيْن وكمُكْرَمٍ: السَّيفُ، اسمٌ له؛ قالَ عَنْترةُ:
إنِّي امْرؤٌ ومِن خيرِ عَبْسٍ مَنْصِبًا *** شَطْرِي وأَحْمي سائِرِي بالمُنْصُلِ
قالَ ابنُ سِيْدَه: لا نَعْرف في الكَلامِ اسْمًا على مُفْعُل ومُفْعَل إلَّا هذا، وقوْلُهم: مُنْخُل ومُنْخَل.
ومِعْوَلٌ نَصْلٌ: نَصَلَ؛ أَي خَرَجَ عنه نِصابُه، وهو ممَّا وُصِف بالمَصْدَرِ كزيد عَدْلٌ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:
شَرِيح كحُمَّاض الثَّماني عَلَتْ به *** على راجِفِ اللَّحْيَين كالمِعْوَل النَّصْل
ومِن المجازِ: تَنَصَّلَ إليه من الجِنَايَةِ والذنْبِ: خَرَجَ وتَبَرَّأَ؛ ومنه الحَدِيْث: «مَن لم يَقْبَل العُذْرَ ممَّنْ تَنَصَّل إليه صادِقًا أَو كاذِبًا لم يَرِدْ عليَّ الحَوْض إلَّا مُتَضَيّحًا» أَي انْتَفَى مِن ذنْبِه واعْتَذَرَ إليه.
وتنصَّلَ الشَّيءَ: أُخْرَجَهُ.
وتَنَصَّلَهُ: تَخَيَّرَهُ.
وتنصَّلَ فلانًا: أَخَذَ كلَّ شيءٍ معه كلُّ ذلِكَ في المُحْكَمِ.
أَو مُنْصِلُ الأسِنَّةِ ومُنْصِلُ الْأَلّ والْأَلَّةِ والألالِ: اسمُ رَجَبَ في الجاهِلِيَّةِ؛ أَي مُخْرِجُ الأسِنَّةِ مِن أَماكِنِها، كانَوا إذا دَخَلَ رَجَبٌ نَزَعُوا أَسِنَّةَ الرِّماحِ ونِصالَ السِّهامِ إِبْطالًا للقِتالِ فيه وقَطْعًا لأسْبابِ الفِتَنِ بحُرْمتِه، فلمَّا كان سَبَبًا لذلِكَ سُمِّي به. وفي المُحْكَمِ: إعْظامًا له ولا يَعْزُون ولا يُغِيرُ بعضُهم على بعضٍ، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للأعْشَى:
تَدارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ بعدما *** مَضَى غير دَأْدَاءٍ وقد كادَ يَذْهَبُ
أَي تَدَارَكَه في آخرِ ساعَةٍ مِن سَاعَاتِه.
واسْتَنْصَلَهُ: اسْتَخْرَجَهُ كتَنَصَّلَهُ.
واسْتَنْصَلَ الهَيْف السَّفَا: أَسْقَطَهُ وهذا بعَيْنه الذي مَرَّ ذِكْرُه ونَبَّهْنا عليه، ومَرَّ أَيْضًا شاهِدُه مِن قَوْلِ الشاعِرِ.
وانْتَصَلَ السَّهمُ: خَرَجَ، وفي العُبَابِ سَقَطَ، نَصْلُه وهو مُطاوِعُ أَنْصَلْته، ومنه حَدِيْث أَبي سُفْيان في غزوَةِ السَّويقِ: «فامَّرَطَ قُذَذُ السَّهمِ وانْتَصَلَ فعَرَفْت أَنَّ القومَ ليْسَتْ فيهم الحِيْلَة».
والمُنْصُلِيَّةُ، بالضَّمِ؛ أَي بضمِ الميمِ والصَّادِ: موضع فيه ملحٌ كثيرٌ.
والمِنْصالُ في الجَيْشِ، كمِحْرابٍ: أَقَلَّ من المِقْنَبِ، كما في العُبَابِ.
* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
سهمٌ ناصِلٌ: ذُو نَصْلٍ.
وسهمٌ ناصِلٌ: خَرَجَ منه نَصْلُه، ضِدٌّ؛ ومنه قوْلُهم: ما بَلِلْتُ منه بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظفِرْت منه بسهمٍ انْكَسَرَ فُوقُه، قالَ رَزِينُ بنُ لُعْط:
أَلاهل أَتَى قُصْوَى الأَحابيشِ أَنَّنا *** رَدَدْنا بني كَعْب بأَفْوَقَ ناصِلِ؟
والجَمْعُ النَّواصِلُ؛ قالَ أَبو ذَؤَيْب:
فَحُطَّ عليها والضُّلوعُ كأَنَّها *** من الخَوْفِ أَمثالُ السِّهام النَّواصِلِ
ونَصَلَ من بين الجِبالِ نُصولًا: ظَهَرَ.
ونَصَلَ الطريقُ مِن موْضِعِ كذا: خَرَجَ.
وتَنَصَّلَتِ السَّحابَةُ: خَرَجَتْ مِن طريقٍ أَو ظَهَرَتْ مِن حجابٍ، وقوْلُه:
ضَوْرِيةٌ أُوْلِعْتُ باشْتِهارِها *** ناصِلة الحِقْوَيْنِ مِن إِزارِها
إِنَّما عَنَى أَنَّ حِقْوَيْها يَنْصُلان مِن إِزارِها لتسلُّطِها وتَبَرُّجِها وقِلَّة تَثقُّفِها في مَلابِسِها لأَشَرِها وشَرَهِها.
ونَصِيلُ الحَجَرِ: وَجْهُه.
والنَّصِيلُ: شعبةٌ مِن شِعبِ الوَادِي.
ونَصَلَ بحقِّي صاغِرًا: أَخْرَجَه، وهو مجازٌ.
وأَنْصَلَت البُهْمَى: أَخْرَجَتْ نِصالَها.
ونَصَلَتِ الناقَةُ ونَضَتْ: تقدَّمَتِ الإِبِلَ، وهو مجازٌ.
وأَحْمدُ بنُ زيْدِ بنِ محمدِ بنِ الحُسَيْن الانصاليُّ أَحدُ الفُقهاءِ باليمنِ، ذَكَرَه الخَزْرجِيُّ.
وعليُّ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سُلَيْمان النُصَيْلانيُّ، بالضمِ، كان على رأْسِ الستمائة.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
65-تاج العروس (عين)
[عين]: العَيْنُ: أَوْصلَ معانِيها الشيْخُ بهاءُ الدِّيْن السَّبكيّ في قصِيدَةٍ له عَيْنِيّة مَدَحَ بها أَخَاهُ الشيْخ جَمَال الدِّيْن الحُسَيْن إلى خَمْسة وثَلاثِين معْنًى وأَوَّلها:هنيأ قد أقرّ الله عيني *** فلا رمت العدا أهلي بعين
وهي طَويلَةٌ، وأَوْصَلَها المصنِّفُ، رحِمَه الله تعالَى في كتابِهِ هذا إلى سَبْعة وأَرْبَعِين مُرَتَّبَة على الحُرُوفِ.
وفي كتابِ البَصائِرِ ما ينيفُ على خَمْسين رَتَّبها على حُرُوفِ التَّهَجِّي، وللنَّظَر مَجالُ المُناقَشَة في بعضِ ما ذَكَرَه.
قالَ: والمَذْكورُ في القُرآنِ سَبْعة عَشَرَ.
وقالَ شيْخُنا، رحِمَه الله تعالى: معانِي العَيْن زادَتْ عنِ المَائَةِ، قصرَ المصنِّفُ، رحِمَه الله تعالى، عن اسْتِيفائِها.
* قلْتُ: وتَفْصِيلُ ما ذَكَرَه البهاءُ السَّبكي: هي العَيْنُ والمُكاشِفُ والناحِيَةُ والذَّهَبُ وبمعْنَى أَحَد وأَهْل الدَّارِ والأَشْرَف وجَرَيان المَاءِ، وينْبُوع الماءِ، ووَسَطِ الكَلِمَة، والجَاسُوس وعَيْن الإبْرَةِ والشَّمْس، والنقد، وشُعاعُ الشَّمْس، وقبْلَة العِراقِ، واسمُ بَلَدٍ، وهو رأْسُ عَيْن، والدِّينارُ خاصَّةً، والخرمُ مِن المَزادَةِ، ومَطَرُ أَيَّام لا يُقْلِعُ، والعافِيَةُ، والنَّظَرُ، ونقْرَةُ الركبةِ، والشَّخْصُ، والصُّورَةُ، وعَيْنُ النَّظْرَةِ، وقَرْيةٌ بمِصْرَ، والأخُ الشَّقِيقُ، والأَصْلُ، وعَيْنُ الشَّجَرِ، وطائِرٌ، والركية، والضَّرَر في العَيْنِ، وكِتابٌ في اللُّغَةِ، وحَرْفٌ مِن المعْجَمِ.
وأَمَّا التي ساقَها المصنِّفُ في البَصائِرِ مُرَتَّبَة على حُرُوفِ الهِجاءِ فهي: أَهْلُ البَلَدِ، وأَهْلُ الدَّارِ، والإصابَةُ بالعَيْنِ، والإِصابَةُ في العَيْنِ، والإِنْسانُ، والباصِرَةُ، وبلدٌ لهُذَيْل، والجَاسُوسُ، والجَريانُ، والجلْدَةُ التي يَقَعُ فيها البنْدَقُ، وحاسَّةُ البَصَرِ، والحاضِرُ مِن كلِّ شيءٍ، وحَقيقَةُ القبْلَةِ، وخيارُ الشيءِ، ودَوائِرُ رَقِيقَة على الجلْدِ، والدَّيْدَبان، والدِّينارُ، والذّهَبُ، وذاتُ الشيءِ، والرِّبا، والسيِّدُ، والسَّحابُ، والسَّنامُ، واسمُ السَّبعين في حسابِ أَبْجد، والشَّمْسِ، وشُعاعُ الشَّمْس، وصديقُ عَيْن أي ما دامَ تراه، وطائِرٌ، والعَتِيدُ مِن المالِ، والعَيْبُ، والعِزُّ، والعلمُ، وقَرْيةٌ بالشام، وقرْيَةٌ باليمنِ، وكبيرُ القوْمِ.
ولَقِيْتُه أَوّل عَيْن: أي أَوّل شيءٍ؛ ويجوزُ ذِكْرُه في الشيءِ والمالِ؛ ومصبُّ القناةِ، ومَطَرُ أَيّامٍ لا يقلعُ، ومفجرُ الرّكية، ومنظرُ الرَّجل، والميلُ في المِيزانِ، والناحِيَةُ، ونصفُ دانِقٍ مِن سَبْعةِ دَنانِير، والنَّظَرُ، ونفسُ الشيءِ، ونقرَةُ الركبة، وأحدُ الأعْيانِ للأُخْوةِ مِن أَبٍ وأُمٍّ، وهو عرضُ عَيْن أي قَرِيب؛ وقد يُذْكَرُ في القافِ، يُنْبوعُ الماءِ.
وهذا أَوانُ الشُّروعِ في بيانِ مَعانِيها على التَّفْصيل فأَشْهَرها: الباصِرَةُ، وتعبرُ بالجارِحَةِ أَيْضًا.
ومنه قوْلُه تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}، وظاهِرُه أنَّ الباصِرَةَ أَصْلٌ في معْناها، وهو الذي جَزَمَ به كَثيرُونَ.
قالَ الرَّاغبُ: وتُسْتعارُ العَيْن لمعانٍ هي مَوْجُودَةٌ في الجارِحَةِ بَنَظَرَاتٍ مُخْتلفَةٍ؛ ولكن في رَوْض السَّهيليّ ما يَقْتَضِي أَنَّها مجازٌ سُمّيت لحلول الأبْصارِ فيها فتأَمَّل.
مُؤَنَّثَةٌ تكونُ للإِنسانِ وغيرِهِ مِن الحيوانِ.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: العَيْنُ التي يبصرُ بها الناظِرُ؛ الجمع: أَعْيانٌ، وأَعْيُنٌ في الكَثيرِ، وعُيونٌ، ويُكْسَرُ، شاهِدُ الأَعْيانِ قوْلُ يَزيدِ بنِ عبْدِ المَدانِ:
ولكِنَّني أَغْدُو عَليَّ مُفاضَةٌ *** دِلاصٌ كأَعْيانِ الجراد المُنظَّمِ
وشاهِدُ الأَعْيُن قوْلهُ تعالَى: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} و {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا}.
وزَعَمَ اللَّحْيانيُّ أنَّ أَعْيُنًا قد يكونُ جَمْع الكَثيرِ أَيْضًا.
ومنه قوْلُه تعالَى: {أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها}؛ وإنَّما أَرَادَ الكَثيرَ؛ جمع الجمع: أَعْيُناتٌ، أي جَمْعُ الجَمْع؛ أَنْشَدَ ابنُ بَرِّي:
بأَعْيُنات لم يُخالِطْها القَذى
والعَيْنُ. أَهْلُ البَلَدِ. يقالُ: بَلَدٌ قَليلُ العَيْنِ؛ ويُحَرَّكُ؛ يقالُ: ما بها عَيْنٌ وعَيَنٌ وشاهِدُ التّحْريكِ قوْلُ أَبي النَّجْمِ:
تَشْرَبُ ما في وَطْبها قَبْلَ العَيَنْ *** تُعارِضُ الكلبَ إذا الكلبُ رَشَنْ
والعَيْنُ: أَهْلُ الدَّارِ. يقالُ: ما بها عينٌ.
والعَيْنُ: الإصابَةُ بالعَيْنِ.
والعَيْنُ: الإِصابَةُ في العَيْنِ.
قالَ الرَّاغبُ: يُجْعَلُ تارَةً مِن الجارِحَةِ التي هي آلةُ في الضَّرب فيجري مجرى سفته ورَمَحْته أَصَبْته بسَيْفي ورمْحِي، وعلى نحْوِه في المَعْنَيَيْن قوْلُهم: يديتُ إذا أَصَبْتَ يَدَه وإذا أَصَبْته بيدِكَ.
وحَكَى اللّحْيانيّ إنَّك لجمِيلٌ ولا أَعِنْكَ ولا أَعِينُك، الجَزْم على الدّعاء، والرَّفْع على الإِخْبارِ، أي لا أُصِيبُك بعَيْنٍ.
وفي الحدِيثِ: «العينُ حقٌّ وإذا اسْتُغْسِلتم فاغْسِلُوا».
يقالُ: أَصابَتْ فلانًا عينٌ إذا نَظَرَ إليه عدوٌّ أَو حاسِدٌ فأَثَّرت فيه فمَرِضَ بسَبِبِها.
وفي حدِيثٍ آخر: «لا رُقْيَةَ إلَّا مِنْ عَيْنٍ أَو حُمَةٍ».
والعينُ: الإِنسانُ ومنه ما بها عَيْنٌ، أي أَحَدٌ.
والعينُ: بلد لهُذَيْلٍ في الحجازِ؛ والأَوْلى حَذْف لهُذَيْل، لأنَّه سَيَأْتي له فيمَا بَعْد أَنَّها موْضِعٌ لهُذَيْلٍ، والمُرادُ بالبَلَدِ هنا هو رأْسُ عَيْنٍ.
والعَيْنُ: الجاسُوُسُ، تَشْبيهًا بالجارِحَةِ في نَظَرِها، وذلِكَ كما تُسَمَّى المرْأَةُ فَرْجًا، والمَرْكُوبُ ظَهْرًا، لما كانَ المَقْصودُ منهما العُضْوَيْن.
وفي المُحْكَم: العَيْنُ الذي ينْظُرُ للقَوْمِ، يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، سُمِّي بذلِكَ لأنَّه ينْظُرُ بعَيْنِه، وكأَنه نقله عن الجزْءِ إلى الكلِّ هو الذي حَمَلَه على تَذْكِيرِه، فإنَّ حكْمَه التأْنِيث.
قالَ ابنُ سِيْدَه: وقِياسُ هذا عنْدِي أنَّ مَنْ حَمَلَه على الجزْءِ فحكْمُه أنْ يُؤَنِّثه، ومَنْ حَمَلَه على الكُلِّ فحكْمُه أنْ يُذَكِّره، وكِلاهُما قد ذَكَرَ سِيْبَوَيْه.
وفي الحدِيثِ: أَنَّه بعثَ بسْبَسَةً عَيْنًا يوْمَ بَدْرٍ، أي جاسُوسًا.
وفي حدِيثِ الحُدَيْبية: «كأَنَّ الله قد قطَعَ عَيْنًا مِنَ المُشْرِكِيْن»، أي كَفَى الله منهم مَنْ كانَ يَرْصُدنا ويَتَجَسَّسُ علينا أَخْبارَنا.
والعَينُ: جَرَيانُ الماءِ والدَّمْعِ، كالعَيَنانِ، محركةً.
يقالُ: عانَ الماءُ والدَّمْعُ يَعِينُ عَيْنًا وعَيْنانًا: جَرَى وسالَ.
والعينُ: الجِلْدَةُ التي يَقَعُ فيها البُنْدُقُ من القَوْسِ؛ والمُرادُ بالبُنْدُقِ الذي يرمَى به، وهو على التَّشْبيهِ بالجارِحَةِ في هَيْئتِها وشَكْلِها.
والعَيْنُ: الجَماعَةُ؛ ويُحَرَّكُ والعَيْنُ: حاسَّةُ البَصَرِ والرُّؤْيَةِ، أُنْثى تكونُ للإِنسانِ وغيرِهِ مِنَ الحَيوانِ.
والعَيْنُ: الحاضِرُ مِن كلِّ شيءٍ وهو نَفْسه المَوْجُود بينَ يَدَيْك.
والعَيْنُ هنا: حَقيقَةُ القِبْلَةِ.
والعَيْنُ: حَرْفُ هِجاءٍ حَلْقِيَّةٌ، من المخرجِ الثاني منها ويَلِيها الحاءُ في المخْرج، مَجْهورَةٌ.
قالَ الزجَّاجُ: المَجْهورُ حَرْفٌ أشبع الاعتماد في موْضِعِه ومنع النفس أنْ يَجْرِي معه، ويَنْبَغِي أنْ تُنْعَمَ أبانَتُه ولا يُبالَغَ فيه فَيَؤُولُ إلى الاسْتِكْراهِ، كما بَيَّنه أَبو محمدٍ مكي في كتابِ الرّعايَةِ، ومَرَّ بعض عنه في حَرْف العَيْن.
وعَيَّنَها تَعْيينًا: كَتَبَها. يقالُ عَيَّنَ عَيْنًا حَسَنَةً: أي عملَها، عن ثَعْلَب.
قالَ ابنُ جَنيِّ: وزن عين فَعْل، ولا يَجوزُ أنْ يكونَ فَيْعِلًا كميتٍ وهَيِّنٍ ولَيِّنٍ، ثم حذفَتُ عَيْن الفِعْل منه، لأنَّ ذلِكَ هنا لا يَحْسُن مِن قِبَلِ أنَّ هذه حُرُوفٌ جوامِدٌ بَعِيدَةٌ عن الحَذْفِ والتَّصَرّف، وكذلِكَ الغَيْن.
والعَيْنُ: خِيارُ الشَّيءِ. يقالُ: هو عَيْنُ المالِ والمَتاعِ، أي خِيارُه.
والعينُ: دَوائرُ رَقيقَةٌ على الجِلْدِ، كالأعين تَشْبيهًا بالجارِحَةِ في الهَيْئةِ والشَّكْل، وهو عَيْبٌ بالجِلْدِ.
والعينُ: الدَّيْدَبانُ، وهو الرَّقيبُ؛ وأَنْشَدَ الأَزْهرِيُّ لأبي ذُؤَيْب:
ولو أَنَّني استَوْدَعْتُه الشمسَ لارْتقَتْ *** إليه المَنايا عَيْنُها ورَسُولُها
وأَنْشَدَ أَيْضًا لجميل:
رَمَى الله في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى *** وفي الغُرِّ من أَنْيابِها بالقَوادِح
قالَ: مَعْناه رَقِيبَيْها اللذين يَرْقُبانها ويَحُولان بَيْني وبَيْنها.
* قلْتُ: وهذا مَكانٌ يَحْتاجُ إلى مُوافَقَة الأَزْهرِيّ عليه، وإلَّا فما الجَمْع بَيْنَ الدّعاءِ على رَقيبَيْها وعلى أَنْيابِها، وفيمَا ذَكَرَه تَكَلَّفٌ ظاهِرٌ.
والعَيْنُ: الدِّينارُ؛ قالَ أَبو المِقْدام:
حَبَشيٌّ له ثَمانون عيْنًا *** بينَ عَيْنَيْهِ قد يَسُوق إفالا
أَرادَ ثَمانُونَ دِينارًا بينَ عَيْنَيْ رأْسِه.
وقالَ سِيْبَوَيْه: قالوا عليه مائةٌ عَيْنًا، والرفْعُ الوَجْه لأنّه يكونُ مِن اسم ما قبْله، ويكونُ هو هو.
وقالَ الأَزْهرِيُّ، رحِمَه اللهُ تعالى: العَيْنُ: الدَّنانيرُ.
والعَيْنُ: الذَّهَبُ عامَّةً، تَشْبيهًا بالجارِحَةِ في كوْنِها أَفْضَل الجَواهِرِ، كما أنَّها أَفْضَل الجَوارِح.
والعَيْنُ: ذاتُ الشَّيءِ ونفْسُه وشَخْصُه، وأَصْلُه، والجَمْعُ أَعْيانٌ.
وفي الحدِيثِ: «أو عَيْنُ الرِّبا»، أي ذاتُه ونفْسُه.
ويقالُ: هو هو عَيْنُه، وهو هو بعَيْنِه، وهذه أَعْيانُ دَراهمِك ودراهِمُك بأَعْيانِها، عن اللّحْيانيّ، ولا يقالُ فيها أَعْيُنٌ ولا عُيُونٌ. ويقالُ: لا أَقْبَل إلَّا درْهمِي بَعيْنِه.
وقالَ الرَّاغبُ: قالَ بعضُهم: العَيْنُ اسْتُعْمل في ذاتِ الشيءِ فيُقالُ. كلُّ مالٍ عَيْنٌ، كاسْتِعْمال الرَّقَبةِ في المَمَالِيكِ، وتَسْمِيَة النِّساء بالفَرْجِ، مِن حيثُ أنَّه المَقْصودُ منه.
والعَيْنُ: الرِّبا كالعِيْنَةِ، بالكسْرِ كما سَيَأْتِي إنْ شاءَ الله تعالى. والعَيْنُ: السَّدُّ، هكذا في النُّسخِ، وفي بعضِها بالشينِ المعْجمَةِ، وكِلاهُما غَلَطٌ، والصَّوابُ: السَّيِّدُ، يقالُ: هو عَيْنُ القَوْمِ أي سَيِّدُهُم.
والعَيْنُ مِن السَّحابِ: ما أَقْبَل مِن ناحِيَةِ القِبْلَةِ.
وقالَ ثَعْلَب: إذا كانَ المَطَرُ من ناحِيَةِ القِبْلَةِ فهو مَطَرُ العَيْنِ، أَو مِن ناحِيَةِ قِبْلَةِ العِراقِ، أَو عن يَمِينِها، وهو قولٌ واحِدٌ فلا يُحْتاجُ فيه للتَّرْديدِ بأَو كما صَرَّحَ به غيرُ واحِدٍ، وكانتِ العَرَبُ تقولُ: إذا نَشَأَتِ السْحابَةُ مِن قِبَلِ العَيْن فإنَّها لا تكادُ تُخْلِفُ، أي مِن قِبَلِ قِبْلَةِ أَهْلِ العِراقِ.
وفي الحدِيثِ: «إذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّة ثم تَشاءَمَتْ فتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقةٌ، وذلك أَخْلَقُ للمَطَرِ في العادَةِ».
وقولُ العَرَبِ: مُطِرْنا بالعَيْنِ، جوَّزَه بعضٌ وأَنْكَره بعضٌ.
والعَيْنُ: الشَّمسُ نفْسُها، يقالُ: طَلَعَتِ العَيْنُ وغابَتِ العَيْنُ: حَكَاه اللّحْيانيُّ تَشْبيهًا لها بالجارِحَةِ لكَوْنِها أَشْرَف الكَواكِبِ كما هي أَشْرَف الجَوارِحِ أَو العَيْنُ مِن الشمسِ: شُعاعُها الذي لا تثبتُ عليه العَيْن.
وفي الأساسِ: والبَصَرُ يَنْكسِرُ عن عَيْنِ الشمسِ وصَيْخَدِها وهي نفْسُها.
ويقالُ: هو صَديقُ عَيْنٍ: أي ما دُمْتَ تَراهُ، يقالُ ذلِكَ للرَّجُلِ يُظْهِرُ لَكَ مِن نفْسِه ما لا يفي به إذا غابَ.
عَدَّ المصنِّفُ هذا مِن جملَةِ معاني العَيْنِ هنا وفي البَصائِرِ حيثُ أَوْرَدَه في الصَّاد بعد الشِّين وقَبْل الطَّاء، وفيه نَظَرٌ فإنَّ المُرادَ بالعَيْنِ هنا هي الباصِرَةُ بدَليلِ قوْلِه في تفْسِيرِه ما دُمْتَ تَراهُ، فتأَمَّل.
والعَيْنُ: طائِرٌ أَصْفَر البَطْنِ أَخْصَر الظَّهْر بعِظَم القُمْرِيِّ.
والعينُ: العَتيدُ من المالِ الحاضِر الناضّ.
والعَيْنُ: العَيْبُ بالجلْدِ من دَوائِر رَقِيقَة مِثْل الأَعْيَن.
والعَيْنُ: موضع ببِلادِ هُذَيْلٍ؛ قالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة الهُذَليُّ:
فالسِّدْرُ مُخْتَلَجٌ وغُودِ رَطافِيًا *** ما بَيْنَ عَيْنَ إلى نَباتَى الأَثْأبُ
ولم أَجِدْه في شعْرِه، ثم ينظرُ هذا مع قوْلِه فيمَا تقدَّمَ: العَيْن: بلَدٌ لهُذَيْلٍ؛ فالذي يظهرُ أنَّهما واحِدٌ وينظر ما وَجْه ذِكْره هنا وقبل قاف القرية، وكان المُناسِب إيراده في الميمِ لمناسَبَةِ الموْضِع كما عمله في البَلَدِ، ولعلَّه راعَى الإشارَة.
والعَيْنُ: قرية بالشَّامِ تَحْتَ جَبَلِ اللُّكامِ.
والعَيْنُ: قرية باليَمَنِ بمِخْلافِ سِنْحانَ.
والعَيْنُ: كبيرُ القَوْمِ؛ والجَمْعُ أَعْيانٌ، وهم الأَشْرافُ والأفاضِلُ، وهو قَرِيبٌ ممَّا ذَكَرَه آنِفًا.
والعَيْنُ: المالُ نفْسُه إذا كانَ خيارًا.
والعَيْنُ: مَصَبُّ ماءِ القَناةِ، تَشْبيهًا بالجارِحَةِ لمَا فيها مِنَ الماءِ.
والعَيْنُ: مَطَرُ أَيامٍ، قيلَ: خَمْسَة، وقيلَ: ستَّة أَو أكْثر، لا يُقْلِعُ؛ قالَ الرَّاعِي:
وَأَنْآءُ حَيٍّ تحتَ عَيْنٍ مَطِيرَةٍ *** عِظامِ البُيوتِ يَنْزلُونَ الرَّوابِيا
يعْنِي حيثُ لا تَخْفى بيوتُهم، يُريدُونَ أن تأْتِيَهم الأَضْياف.
والعَيْنُ: مَفْجَرُ ماءِ الرَّكِيَّةِ ومَنْبَعُها. يقالُ: غارَتْ عَيْنُ الماءِ تَشْبيهًا بالجارِحَةِ لمَا فيها مِنَ الماءِ. والعَينُ: مَنْظَرُ الرَّجُلِ: ومنه قوْلُه تعالى: {فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النّاسِ}، أي مَنْظرهم، كما في البَصائِرِ.
والعَيْنُ: المَيَلُ في المِيزانِ، قيلَ: هو أنْ تَرْجحَ إحْدَى كَفَّتَيْه على الأُخْرى، وهي أُنْثى. يقالُ: ما في المِيزانِ عَيْنٌ، والعَرَبُ تقولُ: في هذا المِيزانِ عَيْنٌ، أي في لسانِهِ مَيَلٌ قَليلٌ إذا لم يكنْ مُسْتويًا.
والعَيْنُ: النَّاحِيَةُ، وخَصّ بعضُهم: ناحِيَة القِبْلَة.
والعَيْنُ: نِصْفُ دانِقٍ من سَبْعَةِ دَنانيرَ؛ نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ.
والعَيْنُ. النَّظَرُ، وبه فُسِّرَ قوْلُه تعالَى: {وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي}، كما في البَصائِرِ.
وقالَ ثَعْلَب: أي لتُرَبَّى حيثُ أَراكَ؛ وكذا قوْلُه تعالَى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا} وللمُفَسِّرين هنا كَلامٌ طويلٌ محلّه غيرُ هذا.
والعَيْنُ: نَفْسُ الشَّيءِ وشَخْصُه، وهو قَرِيبٌ مِن ذاتِ الشَّيءِ كما تقدَّمَ، بل هو هو، والجَمْعُ أَعْيانٌ.
والعَيْنُ: نُقْرَةُ الرُّكْيةِ، كذا في النُّسخِ، والصَّوابُ: نُقْرَةُ الرُّكْبَةِ، وهي نُقْرَةٌ في مُقَدَّمِها عنْدَ السَّاقِ، ولكلِّ رُكْبَةٍ عَيْنان على التشبيهِ بنُقْرَةِ العَيْن الحاسَّة.
والعَيْنُ: واحِدُ الأعْيانِ للإخْوَةِ يكونُونَ من أَبٍ وأُمِّ؛ قالَهُ الجَوْهرِيُّ؛ وهذه الإِخْوَةُ تُسَمَّى المُعايَنَةَ. والأقْرانُ: بنُو أُمٍّ مِن رِجالٍ شتَّى، وبنُو العَلَّاتِ: بنُو رجُلٍ مِن أُمَّهاتٍ شتَّى.
وفي الحدِيثِ: أنَّ أَعْيانَ بَني الأُمِّ يتَوارَثُونَ دُونَ الإِخْوَةِ للأَبِ.
والعَيْنُ: يَنبُوعُ الماءِ الذي يَنْبعُ مِن الأرضِ ويَجْرِي، أُنْثى، الجمع: أَعْيُنٌ وعُيُونٌ.
قالَ الرَّاغبُ: تَشْبيهًا لها بالجارِحَةِ لمَا فيها مِن الماءِ.
وفي الحدِيثِ: «خيرُ المالِ عَيْنٌ ساهِرَةٌ لعَيْنٍ نائِمَةٍ»، أَرادَ عَيْنَ الماءِ التي تَجْرِي ولا تَنْقطِعُ لَيْلًا ولا نَهارًا، وعينُ صاحِبِها نائِمَة فجعَلَ السَّهَر مثَلًا لجرْيِها.
فهذه سَبْعةٌ وأَرْبَعُونَ معْنًى مِن معانِي العَيْن، وسَنْذكُرُ ما فَتَحَ اللهُ تعالَى به عَلَيْنا في المُسْتدرَكات.
ومِن المجازِ: نَظَرَتِ البلادُ بعَيْنٍ أَو بعَيْنَيْنِ: إذا طَلَعَ نَباتُها.
وفي الأساسِ: إذا طَلَعَ ما تَرْعاهُ الماشِيَةُ بغيرِ اسْتمْكانٍ، وهو مأْخُوذٌ مِن قوْلِ العَرَبِ: إذا سَقَطتِ الجبهة نَظَرَتِ الأرضُ بإحْدَى عَيْنَيْها، فإذا سَقَطَتِ الصّرْفَةُ نَظَرَتْ بهما جَمِيعًا، إنّما جَعَلُوا لها عَيْنَيْنِ على المَثَلِ.
ومِن المجازِ: أَنتَ على عَينِي: أي في الإِكْرامِ والحِفْظِ جَمِيعًا. وقوْلُهم: أَنتَ على رأْسِي، أي في الإِكْرامِ فقط.
ومِن المجازِ: هو عَبْدُ عَيْنٍ: أي هو كالعَبْدِ ما دَامَ تَراهُ، كذا في النُّسخِ، والصَّوابُ: ما دُمْتَ تَراهُ؛ وقيلَ: ما دَامَ مَوْلاه يَراهُ فهو فارِهٌ وأمَّا بعده فلا، عن اللّحْيانيّ.
قالَ: وكذلِكَ تُصَرِّفه في كلِّ شيءٍ كقوْلِكَ: هو صديقُ عَيْنٍ.
وقيلَ: يقالُ عَبْدُ عَيْنٍ وصديقُ عَيْنٍ للرجُلِ يُظْهِرُ لكَ مِن نفْسِه ما لا يَفِي به إذا غابَ؛ قالَ الشاعِرُ:
ومَنْ هو عبْدُ العَينِ أما لِقاؤُه *** فَحُلْوٌ وأَمَّا غَيْبُه فظَنُونُ
ورأْسُ عَيْنٍ، أو رأْسُ العَيْنِ: د* بين حَرَّانَ ونَصِيبينَ؛ وقيلَ: بينَ ربيعَةَ ومُضَر.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: يقالُ: قَدِمَ فلانٌ من رأْسِ عَيْنٍ، ولا يقالُ من رأْسِ العَيْنِ.
وحَكَى ابنُ بَرِّي عن ابنِ دَرَسْتَوَيْه: رأْسُ عَيْنٍ قَرْيةٌ بينَ نَصِيبين؛ وأَنْشَدَ:
نَصِيبينُ بها إخْوانُ صِدْقٍ *** ولم أَنْسَ الذين برأْسِ عَيْنٍ
وقالَ ابنُ حَمْزَةَ: لا يقالُ فيها إلَّا رأْسُ العَيْنِ، بالألفِ واللامِ، وأَنْشَدَ للمُخَبَّل:
وأَنْكحتَ هَزَّالًا خُليْدَة بعد ما *** زَعمْتَ برأْسِ العَيْنِ أنَّك قاتِلُهْ
وأَنْشَدَ أَيْضًا لامْرأَةٍ قَتَلَ الزِّبْرقانُ زَوْجَها:
تَجَلَّلَ خِزْيَها عوفُ بنُ كعبٍ *** فليسَ لخُلْفِها منه اعْتِذارُ
برأْسِ العَيْنِ قاتل من أَجَرْتم *** من الخابُورِ مَرْتَعُه السِّرارُ
وهو رَسْعَنِيٌّ في النِّسْبة إليه.
وعَيْنُ شَمْسٍ: بمِصْرَ، وسَبَقَ في «ش معروف س» أنَّه مَوْضِعٌ بالمطرية، وهي خارِجُ القاهِرَة، قد وَرَدْتُها مِرَارًا.
وعَيْنُ صَيْدٍ، وعَيْنُ تَمْرٍ، وعَيْنُ أَنَّى، كحتَّى: مَواضِعُ.
وقالَ الحافِظُ: العَيْنُ: خَمْسةُ وعشْرُونَ موْضِعًا وذَكَرَ منها: عَيْنُ جَالُوت، وعَيْنُ رزبَةَ، وعَيْنُ الوردَةِ، وعَيْنُ تاب وغيرُها.
وممَّنْ نُسِبَ إلى عَيْنِ التَّمْرِ: أَبو إسْحق إسْمعيلُ [بن] القاسم بن سويدِ بنِ كَيْسان الغَنَويُّ العَيْنيُّ المُلَقَّبُ أَبا العتاهِيَة الشاعِرَ، مَشْهورٌ أَصْلُه منها، وهي بليْدَةٌ بالحِجازِ ممَّا يلِي المَدينَةَ المُنوَّرَةَ، هكذا هو في أَنْسابِ السَّمعانيّ، والصَّوابُ أنَّها مِن أَعْمالِ العِراقِ مِن فتوحِ خالِدِ بنِ الوليدِ، رضِيَ الله تعالَى عنه؛ ثم قالَ: ومَنْشؤُه بالكُوفَة وسَكَنَ بَغْدادَ، ماتَ سَنَة 211.
ورجلٌ مِعْيانٌ وعَيُونٌ: شديدُ الإصابَةِ بالعَيْنِ، الجمع: عِينٌ بالكسْرِ وككُتُبٍ.
ويقالُ: ما أَعْيَنَهُ.
ويقالُ: صَنَعَ ذلك على عَيْنٍ، وعلى عَيْنَيْنِ، وعلى عَمْدَ عَيْنٍ، وعلى عَمْدَ عَيْنَيْنِ، كلُّ ذلك بمعْنًى واحِدٍ، أي عَمْدًا، عن اللّحْيانيّ.
وقالَ غيرُهُ: فعَلْتُ ذلك عَمْدَ عَيْنٍ إذا تَعَمَّدَهُ بِجِدٍّ ويَقِينٍ؛ قالَ امْرؤُ القَيْسِ:
أَبْلِغا عنِّي الشُّوَيْعِرَ أَني *** عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيما
وكذلِكَ: فَعَلْته عَمدًا على عَيْنٍ؛ قالَ خُفَافُ بنُ نُدْبة السُّلَميُّ:
فإن تَكُ خَيْلي قد أُصِيبَ صَميمُها *** فعمدًا على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكَا
وها هو عَرْضُ عَيْنٍ: أي قريبٌ؛ وكذا هو مِنِّي عَيْنُ عُنَّةَ، بضمِّ العَيْنِ وتَشْديدِ النُّون مجرى وغير مجرى.
ويقالُ: لَقِيتُه عَيْنَ عُنَّةَ إذا رأَيْتَه عِيانًا، ولم يَرَك.
وأَعْطاهُ ذلك عَيْنَ عُنَّةٍ: أي خاصَّةُ مِن بين أَصْحابِه، وقد تقدَّمَ في «ع ن ن».
ولَقِيتُه أَوَّلَ عَيْنٍ: أي أَوَّلَ شيءٍ وقبْلَ كلِّ شيءٍ.
وتَعَيَّنَ الإِبِلَ واعْتانَها وأَعانَها: اسْتَشْرَفَها ليَعِينَها، أي ليَعِينَها بعَيْنٍ، وقد عانَها عَيْنًا فهو عائِنٌ؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابيّ:
يَزِينُها للناظِرِ المُعْتانِ *** خَيْفٌ قرِيبُ العهْدِ بالحَيْرانِ
أي إذا كانَ عَهْدها قَرِيبًا بالوِلادَةِ كانَ أَضْخَم لضرْعِها وأَحْسَن وأَشَدّ امْتِلاءً.
ولَقِيتُه عِيانًا: أي مُعايَنَةً لم يَشُكَّ في رُؤْيَتِه إيَّاهُ.
ونَعِمَ الله بك عَيْنًا: أَنْعَمَها.
وعَيِنَ، كفَرِحَ، عَيْنًا وعِيْنَةً، بالكسْرِ، كذا في النُّسخِ، وفي بعضِ النسخِ: عِينَةً بالتَّحْريكِ مع كسْرِ العَيْنِ وهو نَصُّ اللّحْيانيّ: عَظُمَ سَوادُ عَيْنِه في سَعَةٍ، فهو أَعْيَنُ.
وإنَّه لبَيِّن العِينَةِ، عن اللّحْيانيّ.
والأَعْيَنُ: ضخمُ العَيْنِ واسِعُها، والأُنْثى عَيْناءُ، والجَمْعُ منها العِينُ، بالكسْرِ، وأَصْلُه فُعْل بالضمِّ، ومنه قوْلُه تعالَى: {وَحُورٌ عِينٌ}.
وفي الحدِيثِ: «أَمَرَ بقَتْلِ الكِلابِ العِينِ».
وفي حدِيثِ اللِّعَانِ: «إنْ جاءَتْ به أَدْعَجَ أَعْيَنَ».
والعِينُ، بالكسْرِ: بَقَرُ الوَحْشِ، وهو مِن ذلِكَ صفَةٌ غالِبَةٌ وبه شُبِّهَتِ النِّساءُ. وبَقَرَةٌ عَيْناءُ. والأَعْيَنُ: ثَوْرُهُ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: ولا تَقُلْ ثَوْرٌ أَعْيَنُ ولكن يقالُ: الأَعْيَنُ غَيْرُ مَوْصُوفٍ به كأَنَّه نقل إلى حدِّ الاسْمِيَّة.
وعُيونُ البَقَرِ: عِنَبٌ أَسْودُ ليسَ بالحالِكِ، عِظامُ الحَبِّ مُدَحْرَجٌ يُزَبَّبُ وليسَ بصادِقِ الحلاوَةِ؛ عن أَبي حَنيفَةَ على التَّشْبيهِ بعُيونِ البَقَرِ مِنَ الحَيوانِ، ومنهم مَنْ خَصَّ هذا النَّوعَ بالشامِ.
وأَيْضًا: إجَّاصٌ أَسْودُ، يُسَمَّى بذلِكَ على التَّشْبيهِ أَيْضًا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
66-تاج العروس (عري)
[عري]: ي العُرْيُ، بالضَّمِّ: خِلافُ اللُّبْسِ. عَرِيَ الرَّجُلُ من ثِيابِهِ، كرَضِيَ، عُرْيًا وعُرْيَةً، بضمِّهِما؛ وفي الصِّحاحِ: عُرِّيًا، بضمِّ فكسْرٍ مع تَشْديدٍ، وبكسْرِ العَيْن أيضًا هكذا ضُبِطَ في النسخِ؛ وتعرَّى، هو مُطاوعُ أعْرَاه وعَرَّاهُ.وأَعْراهُ الثَّوْبَ وأعْراهُ منه، وعَرَّاهُ تَعْرِيةً فهو عُرْيانٌ، الجمع: عُرْيانُونَ.
ورجُلٌ عارٍ، الجمع: عُرَاةٌ؛ وهي بهاءٍ؛ يقالُ: امرأَةٌ عُرْيانَةٌ وعارِيَةٌ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: وما كانَ على فُعْلانٍ فمؤَنَّثُه بالهاءِ.
وفَرَسٌ عُرْيٌ، بالضَّمِّ: بِلا سَرْجٍ ولا أَداةٍ، والجَمْعُ الأعْراءُ، ولا يقالُ عُرْيانٌ، كما لا يقالُ: رجُلٌ عُرْيٌ.
ومن سَجَعات الأساسِ: رأَيْتُ عُريًا تحْت عُريانٍ.
وفي المِصْباح: فَرَسٌ عُرْيٌ، وُصِفَ بالمَصْدَرِ ثم جُعِلَ اسْمًا وجُمِعَ فقيلَ: خَيْلٌ أَعْراءٌ، كقُفْلٍ وأَقْفال.
وجارِيَةٌ حَسَنَةُ العُرْيَةِ، بالضَّمِّ والكسْرِ، وحَسَنَةُ المُعَرَّى والمُعَرَّاةِ: أي حَسَنَةُ المُجَرَّدِ؛ أَي حَسَنَةُ إذا جُرِّدَتْ، وفي هذا المَعْنى قالَ بعضٌ:
حسن الغصونَ إذا اكْتَسَتْ أَوْرَاقُها *** وتَرَاهُ أَحْسَن ما يكونُ مَجَرَّدا
والجَمْعُ المَعارِي، وضُبِطَ في المُحْكم: المُعَرَّى والمُعَرَّاة، على صِيغَةِ اسْمِ المَفْعولِ، ومِثْلُه في الأساسِ.
وجعلَ المُعَرَّى والعُرْيَة كالمُجرَّدِ والجُرْدَةِ زِنَةً ومَعْنًى.
ويقالُ: ما أَحْسَنَ مَعارِيَ هذه المَرْأَة؛ قيلَ: المَعارِي حيثُ يُرَى، كالوجهِ واليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ، وقيلَ: هي مَبادِي العِظام حيثُ تُرَى مِن اللَّحْمِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لأبي كبيرٍ الهُذَلي:
مُتَكَوِّرِينَ على المَعارِي بَيْنَهُم *** ضَرْبٌ كتَعْطاطِ المَزاد الأَثْجَلِ
وقيلَ: مَعارِي المَرْأَةِ ما لا بُدَّ مِن إظْهارِهِ، واحِدُها مَعْرًى.
والمَعارِي: المَواضِعُ التي لا تُنْبِتُ.
والمَعارِي: الفُرُشُ، بضمَّتَيْن، جَمْعُ فِراشٍ، وبه فُسِّر قولُ الهُذَلي:
أَبِيتُ على مَعارِي واضِحَاتٍ *** بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
واخْتَارَها على مَعارٍ للوَزْنِ.
وفي الصِّحاح: ولو قالَ مَعارٍ لم يَنْكَسِرِ البَيْت، ولكن فَرَّ مِن الزحافِ.
والعُرْيانُ، بالضَّمِّ: الفَرَسُ المُقَلَّصُ الطَّويلُ القَوائِمِ.
وعُرْيانٌ: اسْمُ رجُلٍ.
وأَيْضًا أُطُمٌ بالمدينَةِ لبَني النجَّار من الخَزْرجِ.
والعُرْيانُ من الرَّمْلِ؛ نَقًا * أَوْ عَقْدٌ لا شَجَرَ عليه، نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
واعْرَوْرَى: سارَ في الأرضِ وحْدَهُ.
واعْرَوْرَى أَمْرًا قَبيحًا: رَكِبَه وأَتَاهُ، ولم يَجِئْ افْعَوْعَلَ مُجاوِزًا غَيْره، واحْلَوْلَيْتُ المكانَ: اسْتَحْلَيْتَه.
واعْرَوْرَى فَرَسًا: رَكِبَهُ عُرْيانًا، هكذا في النسخِ والصَّوابُ رَكِبَه عُرْيًا؛ كما هو نَصّ الجَوْهري وابن سِيدَه؛ وتقدَّم أَنَّه لا يقالُ: فَرَسٌ عُرْيَانٌ، كما لا يقالُ: رجُلٌ عُرْيٌ، ويمكن أَنْ يجعلَ عُرْيانًا حَالًا من ضَمِيرِ الفاعِلِ وهو بَعِيدٌ.
وجَعَلَه المَوْلى سعْدُ الدِّين في شرْحِه على التَّصْرِيفِ واوِيًّا، ووجهه محشيه الناصر اللقاني بكوْنِه من العُرْوِ وهو الخِلوّ واسْتَبْعَدَه.* قُلْت: وهو كذلكَ صَرَّحُوا أَنَّه من العُرْيِ لا مِن العُرْوِ.
والمُعَرَّى مِن الأَسْماءِ: ما لم يَدْخُلْ عليه عامِلٌ كالمُبْتَدَا؛ كذا نَصّ المُحْكم.
وقالَ البَدْرُ القرافيَ: الأوْلى الابْتِداءُ لأنَّه العامِلُ الرَّفْع في المُبْتَدَأ.
* قُلْتُ: وهو ساقِطٌ مِن أَصْلِهِ ومَنْشؤه عَدَم الفَهْم في عِبارَاتِ المُحقِّقِين.
والمُعَرَّى: شِعْرٌ سَلِمَ من التَّرْفِيلِ والإِذالَةِ والإسْباغِ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه، ثم ذَكَرَ هذا وما قَبْله ليسَ مِنَ اللُّغَةِ في شيءٍ وإنَّما هُما من قواعِدِ النحْوِ والعَرُوضِ، وكأَنَّه تَبعَ صاحِبَ المُحْكم فيه، وأَحَبَّ أَن لا يخلى بَحْرَه المُحيطَ ويُسْتَوْفِيه.
والعَراءُ، كسَماءٍ: المَكانُ الفَضاءُ لا يُسْتَر فيه بشيءٍ؛ وفي المُحْكم: لا يُسْتَتَرُ فيه شيءٌ.
وقالَ الراغبُ: لا ستْرَةَ به؛ مِثْلُه في الصِّحاح.
ومنه قولُه تعالى: {لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ}؛ الجمع: أَعْراءٌ. وقيلَ: العَراءُ، بالمدِّ: هو وَجْهُ الأرضِ الخالي، أَو هي الأَرضُ الواسِعَةُ.
وأَعْرَى الرَّجُلُ: سارَ فيه.
وأَيْضًا: أَقامَ فيه.
والعَرا، بالقَصْرِ: النَّاحِيَةُ. يقالُ نزلَ في عَراهُ؛ أَي ناحِيَتِهِ.
وأَيْضًا: الجَنابُ.
وفي الصِّحاح: الفناءُ والسَّاحةُ؛ كالعَراةِ.
قالَ الأزْهري: العَرا يُكْتَبُ بالألفِ، لأنَّ أُنْثاهُ عَرْوَةٌ؛ نزلَ بعَراهُ وعَرْوَتِهِ: أَي بساحَتِه؛ وهي؛ أَي العَراةُ، شِدَّةُ البَرْدِ؛ نَقلَهُ الجوهريُّ؛ وأَصْلُه عَرْوةٌ.
وأَعْراهُ النَّخْلَةَ: وَهَبَهُ ثَمَرةَ عامِها.
والعَرِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: النَّخْلَةُ المُعَرَّاةُ.
وقيل: هي التي أُكِلَ ما عليها، أَو التي لا تُمْسِكُ حَمْلَها يَتَنَاثَرُ عنها.
وقيلَ: ما عُزِلَ مِن المُساوَمَةِ عِنَدَ بَيْعِ النَّخْلِ، والجَمْعُ العَرايا.
وقال الجوهريُّ: العَرِيَّةُ النَّخْلَةُ يُعْرِيها صاحِبُها رجلًا مُحتاجًا، فيَجْعَل له ثَمَرَها عامًا فيَعْرُوها أَي يَأْتِيها، وهي فَعِيلَةٌ بمعْنَى مَفعولةٍ، وإنَّما أُدْخِلَت فيها الهاءُ لأنَّها أُفْردَت فصارَتْ في عِدادِ الأسماءِ مِثْل النَّطِيحةِ والأَكِيلةِ، ولو جِئْتَ بها مَعَ النَّخْلةِ قُلْت نَخْلةٌ عَرِيٌّ.
وفي الحديثِ: أَنَّه رَخَّصَ في العَرايَا بَعْدَ نَهْيِه عن المُزَابَنَةِ، لأنَّه رُبَّما تَأَذَّى المُعَرّي بدُخُولِهِ عليه فيَحْتاجُ إلى أن يَشْتَرِيَها منه بثمنٍ فرُخّص له في ذلكَ؛ قالَ شاعرٌ مِن الأَنْصارِ، هو سُوَيْدُ بنُ الصامِتِ:
وليسَتْ بسَنْهاءَ ولا رُجَّبِيَّة *** ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائِحِ
يقولُ: إِنَّا نُعْرِيها الناسَ المَحاوِيج، انتَهَى.
وفي النِّهايةِ: قد تكرَّرَ ذِكْرُ العَرِيَّةِ والعَرايا في الحديثِ، واخْتُلِف في تَفْسِيرِها فقيل: إنَّه لمَّا نَهَى عن المُزَابَنَةِ، وهو بَيْعُ الثَّمَرةِ في رُؤُوسِ النَّخْلِ بالتَّمْرِ، رخَّصَ في جملةِ المُزابَنةِ في العَرايا، وهو أن مَنْ لا نَخْلَ له من ذوي الحاجَةِ يُدْرِكُ الرُّطَبَ ولا نَقْدَ بيدِه يَشْترِي به الرُّطَب لعِيالِهِ، ولا نَخْلَ له يُطْعِمُهم منه، وقد فضلَ له من قُوتِه تَمْرٌ فيَجِيءُ إلى صاحِبِ النَّخْلِ فيقولُ له: بِعْني ثَمَرَ نَخْلةٍ أَو نَخْلَتَيْن بخِرْصِها من التَّمْرِ فيُعْطِيه ذلكَ الفَاضِل مِن التَّمْرِ بثَمَر تِلْكَ النَّخلات ليُصِيبَ مِن رُطَبها مع الناسِ، فرَخَّص فيه إذا كانَ دُونَ خَمْسَة أَوْسُق ثم قالَ: والعَرِيَّةُ فَعِيلَةٌ بمعْنَى مَفْعولةٍ مِن عَراهُ يَعْروه إذا قَصَدَه، أَو فَعِيلَةٌ بمعْنَى مَفْعولةٍ مِن عَرِيَ يَعْرَى إذا خَلَعَ ثَوْبَهُ، كأَنَّها عَرِيَتْ من جملةِ التَّحْريمِ أَي خَرَجَتْ، انتَهَى.
والعَرِيَّةُ: المِكْتَلُ.
وأَيْضًا: الرِّيحُ البارِدَةُ، كالعَرِيِّ، بغيرِ هاءٍ، وهذا قد تقدَّمَ، فالحَرْفُ واوِيٌّ ويائِيٌّ.
واسْتَعْرَى النَّاسُ في كلِّ وجْهٍ؛ وهو مِن العَرِيَّة؛ أَي أَكَلُوا الرُّطَبَ؛ نقلَهُ الجوهريُّ وابنُ سِيدَه.
وقوْلُهم: نَحْنُ نُعارِي؛ أَي نَرْكَبُ الخَيْلَ أَعْراءٌ، جَمْعُ عرى.
والنَّذِيرُ العُريانُ: رجُلٌ من خَثْعَمَ حَمَلَ عليه يَوْمِ ذي الخَلَصَةِ عَوْفُ بنُ عامِرِ بنِ أَبي عَوْفٍ بنِ عُوَيفِ بنِ مالِكِ ابنِ ذُبْيان بنِ ثَعْلَبَة بنِ يَشْكُر فقَطَعَ يَدَه ويَدَ امْرأَتِه، وكانتْ من بَني عُتْوارَةَ؛ قالَهُ ابنُ السِّكِّيت.
وجاءَ في الحديثِ: «إنَّما مَثَلي ومَثَلُكم كمَثَلِ رجُلٍ أَنْذَرَ قَوْمَه جَيْشًا فقالَ: أَنا النَّذِيرُ العُرْيان»، لأنَّه أَبْيَنُ للعَيْن وأَغْرَب وأَشْنَع عنْدَ المُبْصِر، وذلكَ أَنَّ رَبيئَةَ القوْمِ وعَيْنَهم يكونُ على مكانٍ عالٍ، فإذا رأَى العَدُوَّ قد أَقْبَلَ نَزَع ثَوْبَه وأَلاحَ به ليُنْذِرَ قَوْمَه ويَبْقى عُرْيانًا؛ قالَهُ ابنُ الأثير.
وعَرَيْتُه: غَشِيتُهُ، كَعَرَوْتُه؛ واوِيٌّ يائيٌّ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
عَرِيَ الرَّجُلُ عُرْيَةً شَديدَةً وعُرْوَةً شَديدَةً.
وعَرِيَ البَدَنُ مِن اللَّحْم.
وعارِي الثَّنْدُوَتَيْنِ: لم يكنْ عليهما لَحْمٌ.
وفَرَسٌ مُعْرَوْرٍ: لا سَرْجَ عليه؛ لازمٌ مُتَعدِّ؛ ويقالُ: مُعْرَوْرًى على صِيغَةِ المَفْعولِ أَيْضًا.
وقيلَ: مَعارِي المَرْأَةِ: العَوْرةُ والفَرْجُ؛ وبه فُسِّر قَوْل كثيِّرٍ:
لا تُجِنُّ العاريا
واسْتَعارَ تأَبَّط شرًّا الإعْرِيرَاءَ للمَهْلَكةِ.
وعَرَّاهُ مِن الأمْرِ: خَلَّصَهُ وجَرَّدَهُ، فعَرِيَ، كرَضِيَ.
وهو ما يُعَرَّى مِن هذا الأمْرِ: أَي ما يُخَلَّصُ؛ ومنه لا يُعَرَّى مِن الموْتِ أَحَدٌ.
وأعْراءُ الأرضِ: ما ظَهَرَ من مُتُونِها، الواحِدَةُ عَرًى.
والعَرَى: الحائِطُ.
ويقالُ لكلِّ شيءٍ أَهْمَلْتَه وخَلِّيْتَه، قد عَرَّيْته.
والمُعَرَّى: الذي يُرْسَل سُدًى ولا يُحْمَل عليه.
ويقالُ للمَرْأَةِ عُرْيانُ النَّجِيِّ؛ ومنه قولُ الشاعرِ:
ولمَّا رآني قد كَبِرْتُ وأَنَّه *** أَخُو الجنِّ واسْتَغْنى عنِ المَسْح شارِبُهْ
أَصاخَ لعُرْيانِ النَّجِيِّ وأَنَّه *** لأَزْوَرُ عن بَعْضِ المَقالَةِ جانِبُهْ
أَي اسْتَمَعَ إلى امْرأَتِه وأَهانَنِي.
وفي كَلامِ الأساسِ ما يَقْتَضِي أَنَّه يُطْلَق على كلِّ مَنْ لا يَكْتُم السّرَّ.
واعْرَوْرَى السَّرابُ الإكامَ: رَكِبَها.
وطَرِيقٌ اعرورى: غَلِيظٌ. والعُرْيانُ من النَّبْتِ: الذي قد اسْتَبانَ لَكَ.
وأَعْرَى: أَقامَ بالناحِيَةِ.
وأَعْرَيْت واسْتَعْرَيْت واعْتَرَيْت: أَي اجْتَنَيْت؛ نَقَلَهُ الصَّاغاني.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
67-لسان العرب (وثأ)
وثأ: الوَثْءُ والوَثاءَةُ: وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ، وَلَا يَبْلُغ العَظْمَ، فَيَرِمُ.وَقِيلَ: هُوَ تَوَجُّعٌ فِي العَظْمِ مِنْ غيرِ كَسْرٍ.
وَقِيلَ: هُوَ الفَكُّ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ فِي المَفْصِلِ، وَيَكُونُ فِي اللَّحْمِ كَالْكَسْرِ فِي الْعَظْمِ.
ابْنُ الأَعرابي: مِنْ دُعائهم: اللهمَّ ثَأْ يَدَه.
والوَثْءُ: كَسْرُ اللَّحْمِ لَا كَسْرُ الْعَظْمِ.
قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابَ العظمَ وَصْمٌ لَا يَبْلُغ الْكَسْرَ قِيلَ أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة، مَقْصُورٌ.
والوَثْءُ: الضَّربُ حَتَّى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَرْبُ إِلَى العَظْمِ مِنْ غَيْرِ أَن يَنْكَسِرَ.
أَبو زَيْدٍ: وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وَثْأً وَقَدْ وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً، فَهِيَ وَثِئَةٌ، عَلَى فَعِلةٍ، ووُثِئَتْ، عَلَى صِيغة مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، فَهِيَ مَوْثُوءَةٌ ووَثِيئةٌ مِثْلُ فَعِيلةٍ، ووَثَأَها هُوَ وأَوْثَأَها اللهُ.
والوَثيءُ: المكسورِ اليَدِ.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِيلَ لأَبي الجَرَّاحِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مَوْثُوءًا مَرْثُوءًا، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: كأَنما أَصابه وَثْءٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ وُثِئَتْ يَدُه، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذكرُ مَرْثُوءٍ.
الْجَوْهَرِيُّ: أَصابَه وَثْءٌ.
وَالْعَامَّةُ تَقُولُ وَثْيٌ، وَهُوَ أَن يُصِيبَ العظمَ وَصْمٌ لَا يَبْلُغُ الكسر.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
68-لسان العرب (ثأب)
ثأب: ثَئِبَ الرَّجُل ثَأَبًا وتَثاءَبَ وتَثَأَّبَ: أَصابَه كَسَلٌ وتَوصِيمٌ، وَهِيَ الثُّؤَباءُ، ممْدود.والثُّؤَباءُ مِنَ التَّثاؤُب مِثْلَ المُطَواءِ مِنَ التَّمَطِّي.
قَالَ الشاعِر فِي صِفَةِ مُهْر: فافْتَرَّ عَنْ قارِحِه تَثاؤُبُهْ وَفِي الْمَثَلِ: أَعْدَى مِن الثُّؤَباءِ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: تَثاءَبْتُ عَلَى تَفاعَلْتُ وَلَا تَقُلْ تَثاوَبْتُ.
والتَّثاؤُبُ: أَن يأْكُلَ الإِنْسان شَيْئًا أَو يَشْربَ شَيْئًا تَغْشاهُ لَهُ فَتْرة كَثَقْلةِ النُّعاس مِنْ غَير غَشْيٍ عَلَيْهِ.
يُقَالُ: ثُئِبَ فُلَانٌ.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَثَأَّبَ يَتَثَأَّبُ تثَؤُّبًا مِنَ الثُّؤَباءِ، فِي كِتَابِ الْهَمْزِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «التَّثاؤُبُ مِنَ الشَّيْطان»؛ وإِنما جَعَلَهُ مِنَ الشَّيْطانِ كَراهِيةً لَهُ لأَنه إِنَّمَا يَكُونُ مِن ثِقَلِ البَدَنِ وامْتِلائه واستِرخائِه ومَيْلِه إِلَى الكَسَل وَالنَّوْمِ، فأَضافه إِلَى الشَّيْطَانِ، لأَنه الَّذِي يَدْعُو إِلَى إِعْطَاءِ النَّفْس شَهْوَتَها؛ وأَرادَ بِهِ التَحْذِيرَ مِنَ السبَب الَّذِي يَتَولَّدُ مِنْهُ، وَهُوَ التَّوَسُّع فِي المَطْعَمِ والشِّبَعِ، فيَثْقُل عَنِ الطَّاعاتِ ويَكْسَلُ عَنِ الخَيْرات.
والأَثْأَبُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي بُطُون الأَوْدية بِالْبَادِيَةِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْب التِّين يَنْبُت ناعِمًا كأَنه عَلَى شاطئِ نَهر، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنَ الْمَاءِ، يَزْعُم النَّاسُ أَنها شَجَرَةٌ سَقِيَّةٌ؛ واحدتُه أَثْأَبةٌ.
قَالَ الكُمَيْتُ:
وغادَرْنا المَقاوِلَ فِي مَكَرٍّ، ***كَخُشْبِ الأَثْأَبِ المُتَغَطْرسِينا
قَالَ اللَّيْثُ: هِيَ شَبِيهةٌ بشَجَرة تُسَمِّيهَا الْعَجَمُ النَّشْك، وأَنشد: فِي سَلَمٍ أَو أَثْأَبٍ وغَرْقَدِ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَثْأَبةُ: دَوْحةٌ مِحْلالٌ واسِعةٌ، يَسْتَظِلُّ تَحتَها الأُلُوفُ مِنَ الناسِ تَنْبُتُ نباتَ شجرَ الجَوْز، ووَرَقُها أَيضًا كَنَحْوِ وَرقِه، وَلَهَا ثمَر مثلُ التِّينِ الأَبْيَضِ يُؤْكل، وَفِيهِ كَراهةٌ، وَلَهُ حَبٌّ مِثْلُ حَبِّ التِّين، وزِنادُه جَيِّدَةٌ.
وَقِيلَ: الأَثْأَبُ شِبْه القَصَبِ له رؤوسٌ كَرؤُوس القَصَب وشَكِير كشَكِيرِه، فأَمّا قَوْلُهُ: قُلْ لأَبي قَيْسٍ خَفِيفِ الأَثَبَهْ فَعَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، إِنَّمَا أَراد خَفِيفَ الأَثْأَبة.
وَهَذَا الشَّاعِرُ كأَنه لَيْسَ مِنْ لُغَتِهِ الْهَمْزُ، لأَنه لَوْ هَمَزَ لَمْ يَنْكَسِرِ الْبَيْتُ، وظنَّه قَوْمٌ لُغَةً، وَهُوَ خَطَأٌ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ بَعْضُهُمْ الأَثْب، فاطَّرَح الْهَمْزَةَ، وأَبْقى الثاءَ عَلَى سُكونها، وأَنشد:
ونَحْنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلى شِعْبِ، ***مُضْطَرِب الْبانِ، أَثِيثِ الأَثْبِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
69-لسان العرب (حمت)
حمت: يومٌ حَمْتٌ، بِالتَّسْكِينِ: شَدِيدُ الْحَرِّ، وَلَيْلَةٌ حَمْتَةٌ، ويومٌ مَحْتٌ، وَلَيْلَةٌ مَحْتَةٌ.وَقَدْ حَمُتَ يومُنا، بِالضَّمِّ، إِذا اشْتَدَّ حَرُّهُ.
وَقَدْ حَمُتَ ومَحُتَ: كلُّ هَذَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
مِنْ سافِعاتٍ، وهَجيرٍ حَمْتِ
أَبو عَمْرٍو: الماحِتُ اليومُ الحارُّ.
أَبو عَمْرٍو: الحامِتُ التمرُ الشَّدِيدُ الْحَلَاوَةِ.
والحَمِيتُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: المَتِينُ، حَتَّى إِنهم لَيَقُولُونَ تَمْر حَمِيتٌ، وعَسل حَمِيتٌ، وَمَا أَكلتُ تَمْرًا أَحْمَتَ حَلَاوَةً مِنَ اليَعْضُوضِ أَي أَمْتن.
ابْنُ شُمَيْلٍ: حَمَتَكَ اللهُ عَلَيْهِ أَي صَبَّكَ اللَّهُ عَلَيْهِ بحَمْتِكَ.
وغَضَبٌ حَمِيت: شَدِيدٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى يَبُوخَ الغضَبُ الحَمِيتُ
يَعْنِي الشَّدِيدَ أَي يَنْكَسِرَ ويَسْكُنَ.
والحَمِيتُ: وِعَاءُ السَّمْن، كالعُكَّةِ، وَقِيلَ: وِعاءُ السَّمْنِ الَّذِي مُتِّنَ بالرُّبِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: الحَمِيتُ أَصغر منَ النِّحْيِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الزِّقّ الصَّغِيرُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حُمُتٌ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «أَنه قَالَ لِرَجُلٍ أَتاه سَائِلًا فَقَالَ: هَلَكْتُ فَقَالَ لَهُ: أَهَلَكْتَ»، وأَنتَ تَنِثُّ نَثِيثَ الحَمِيتِ؟ قَالَ الأَحمر: الحَمِيتُ الزِّقُّ المُشْعَرُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ السَّمْنُ وَالْعَسَلُ وَالزَّيْتُ.
الْجَوْهَرِيُّ: الحَمِيتُ الزِّقُّ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ للسَّمْن.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فإِذا جُعِلَ فِي نِحْيِ السَّمْن الرُّبُّ، فَهُوَ الحَميتُ، وإِنما سُمِّيَ حَمِيتًا، لأِنه مُتِّنَ بالرُّبِّ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «فإِذا حَمِيتٌ مِنْ سَمْنٍ»؛ قَالَ: هُوَ النِّحْيُ والزِّقُّ.
وَفِي حَدِيثِ وَحْشِيٍّ: «كأَنه حَمِيتٌ»؛ أي زِقٌّ.
وَفِي حَدِيثِ هندٍ لمَّا أَخبرها أَبو سُفْيَانَ بِدُخُولِ النبي، صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، مكةَ، قَالَتِ: «اقْتُلُوا الحَمِيتَ الأَسْوَدَ»؛ تَعْنِيهِ اسْتِعْظَامًا لقوله، حديث وَاجَهَهَا بِذَلِكَ.
وحَمِتَ الجَوْزُ وَنَحْوُهُ: فَسَدَ وتَغَيَّر.
والتَّحْمُوتُ: كالحَمِيتِ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ.
وتَمْرٌ حَمْتٌ، وحَمِيتٌ، وتَحْمُوتٌ: شديدُ الحَلاوة.
وَهَذِهِ التَّمْرَةُ أَحْمَتُ حَلاوةً مِنْ هَذِهِ أَي أَصْدَقُ حلاوَةً، وأَشدُّ، وأَمْتَنُ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
70-لسان العرب (عنت)
عنت: العَنَتُ: دُخُولُ المَشَقَّةِ عَلَى الإِنسان، ولقاءُ الشدَّةِ؛ يُقَالُ: أَعْنَتَ فلانٌ فُلَانًا إِعناتًا إِذا أَدْخَل عَلَيْهِ عَنَتًا أَي مَشَقَّةً.وَفِي الْحَدِيثِ: «الباغُونَ البُرَآءَ العَنَتَ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَنَتُ المَشَقَّةُ، وَالْفَسَادُ، والهلاكُ، والإِثم، والغَلَطُ، والخَطَأُ، وَالزِّنَا: كلُّ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ، وأُطْلِقَ العَنَتُ عَلَيْهِ، والحديثُ يَحْتَمِلُ كلَّها؛ والبُرَآء جَمْعُ بَريءٍ، وَهُوَ والعَنَتُ مَنْصُوبَانِ مَفْعُولَانِ لِلْبَاغِينَ؛ يُقَالُ: بَغَيْتُ فُلَانًا خَيْرًا، وبَغَيْتُك الشيءَ: طلبتُه لَكَ، وبَغَيْتُ الشيءَ: طَلَبْتُه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «فيُعنِتُوا عَلَيْكُمْ دينَكم أَي يُدْخِلوا عَلَيْكُمُ الضَّرَر فِي دِينِكُمْ؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: » حَتَّى تُعْنِتَه أَي تشُقَّ عَلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَيُّما طَبيب تَطَبَّبَ، وَلَمْ يَعْرفْ بالطِّبِّ فأَعْنَتَ، فَهُوَ ضامِنٌ»؛ أَي أَضَرَّ المريضَ وأَفسده.
وأَعْنَتَه وتَعَنَّته تَعَنُّتًا: سأَله عَنْ شَيْءٍ أَراد بِهِ اللَّبْسَ عَلَيْهِ والمَشَقَّةَ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «أَرَدْتَ أَن تُعْنِتَني»أَي تَطْلُبَ عَنَتِي، وتُسْقِطَني.
والعَنَتُ الهَلاكُ.
وأَعْنَتَه أَوْقَعَه فِي الهَلَكة؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ}، لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ؛ أَي لَوْ أَطاعَ مثلَ المُخْبِرِ الَّذِي أَخْبَره بِمَا لَا أَصلَ لَهُ، وَقَدْ كانَ سَعَى بِقَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ إِلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّهم ارْتَدُّوا، لوقَعْتُم فِي عَنَتٍ أَي فِي فَساد وَهَلَاكٍ.
وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ، فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}؛ مَعْنَاهُ: لَوْ شَاءَ لَشَدَّد عَلَيْكُمْ، وتَعَبَّدكم بِمَا يَصْعُبُ عَلَيْكُمْ أَداؤُه، كَمَا فَعَل بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.
وَقَدْ يُوضَع العَنَتُ موضعَ الهَلاكِ، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ: لَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُم أَي لأَهْلَككم بحُكْمٍ يَكُونُ فِيهِ غيرَ ظَالم.
قَالَ ابْنُ الأَنباري: أَصلُ التَّعَنُّتِ التَّشْدِيدُ، فإِذا قَالَتِ العربُ: فُلَانٌ يتعَنَّتُ فُلَانًا ويُعْنِتُه، فَمُرَادُهُمْ يُشَدِّدُ عَلَيْهِ، ويُلزِمُه بِمَا يَصعُب عَلَيْهِ أَداؤُه؛ قَالَ: ثُمَّ نُقِلَتْ إِلى مَعْنَى الْهَلَاكِ، والأَصل مَا وَصَفْنا.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِعْناتُ تَكْلِيفُ غيرِ الطاقةِ.
والعَنَت: الزِّنَا.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ؛ يَعْنِي الفُجُورَ وَالزِّنَا؛ وَقَالَ الأَزهري: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ لَمْ يَسْتَطِع طَوْلًا أَي فَضْلَ مالٍ يَنْكِحُ بِهِ حُرَّةً، فَلَهُ أَن يَنْكِحَ أَمَةً؛ ثُمَّ قَالَ: ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ، وَهَذَا يُوجِبُ أَن مَنْ لَمْ يَخْشَ العَنَتَ، وَلَمْ يَجِدْ طَوْلًا لحُرَّة، أَنه لَا يَحِلُّ لَهُ أَن يَنْكِحَ أَمة؛ قَالَ: واخْتَلَفَ الناسُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ أَن يَحْمِلَه شدّةُ الشَّبَقِ والغُلْمةِ عَلَى الزِّنَا، فيَلْقى العذابَ الْعَظِيمَ فِي الْآخِرَةِ، والحَدَّ فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَن يَعْشِقَ أَمَةً؛ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ عِشْقٍ، وَلَكِنَّ ذَا العِشْقِ يَلْقَى عَنَتًا؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَاليّ: العَنَتُ، هَاهُنَا، الْهَلَاكُ؛ وَقِيلَ: الْهَلَاكُ فِي الزِّنَا؛ وأَنشد:} أُحاولُ إِعْنَاتي بِمَا قالَ أَو رَجا
أَراد: أُحاولُ إِهلاكي.
وَرَوَى المُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الهَيْثَم أَنه قَالَ: العَنَتُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الجَوْرُ والإِثم والأَذى؛ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ التَّعَنُّتُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ؛ يُقَالُ: تَعَنَّتَ فلانٌ فُلَانًا إِذا أَدخَلَ عَلَيْهِ الأَذى؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق الزَّجَّاجُ: العَنَتُ فِي اللُّغَةِ المَشَقَّة الشَّدِيدَةُ، والعَنَتُ الوُقوع فِي أَمرٍ شاقٍّ، وَقَدْ عَنِتَ، وأَعْنَتَه غيرهُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو إِسحاق صَحِيحٌ، فإِذا شَقَّ عَلَى الرَّجُلِ العُزْبة، وغَلَبَتْه الغُلْمَة، وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّة، فَلَهُ أَن يَنْكِحَ أَمة، لِأَنَّ غَلَبَة الشهْوَة، واجتماعَ الْمَاءِ فِي الصُّلْب، رُبَّمَا أَدَّى إِلى العلَّة الصَّعبة، وَاللَّهُ أَعلم؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَنَتُ الإِثم؛ وَقَدْ عَنِتَ الرجلُ.
قَالَ تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُكم، وَهُوَ لقاءُ الشِّدَّة والمَشَقَّة؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ عَزِيزٌ أَي شديدٌ مَا أَعْنَتَكم أَي أَوْرَدَكم العَنَتَ والمَشَقَّة.
وَيُقَالُ: أَكَمةٌ عَنُوتٌ طويلةٌ شاقَّةُ المَصْعَد، وَهِيَ العُنْتُوتُ أَيضًا؛ قَالَ الأَزهري: والعَنَتُ الكسرُ، وَقَدْ عَنِتَتْ يَدُه أَو رجْلُه أَي انْكَسرتْ، وَكَذَلِكَ كلُّ عَظْم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَداوِ بها أَضْلاعَ جَنْبَيْكَ بَعْد ما ***عَنِتنَ، وأَعْيَتْكَ الجَبائرُ مِنْ عَلُ
وَيُقَالُ: عَنِتَ العظمُ عَنَتًا، فَهُوَ عَنِتٌ: وَهَى وَانْكَسَرَ؛ قَالَ رؤْبة:
فأَرْغَمَ اللهُ الأُنُوفَ الرُّغَّما: ***مَجْدُوعَها، والعَنِتَ المُخَشَّما
وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَثْءُ لَيْسَ بعَنَتٍ؛ لَا يَكُونُ العَنَتُ إِلَّا الكَسْرَ؛ والوَثْءُ الضَّرْبُ حَتَّى يَرْهَصَ الجِلدَ واللحمَ، ويَصِلَ الضربُ إِلى الْعَظْمِ، مِنْ غَيْرِ أَن يَنْكَسِرَ.
وَيُقَالُ: أَعْنَتَ الجابرُ الكَسِيرَ إِذا لَمْ يَرْفُقْ بِهِ، فَزَادَ الكَسْرَ فَسادًا، وَكَذَلِكَ راكبُ الدَّابَّةِ إِذا حَمَلَه عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُه مِنَ العُنْفِ حَتَّى يَظْلَع، فَقَدْ أَعْنَته، وَقَدْ عَنِتَت الدابةُ.
وجملةُ العَنَت: الضَّرَرُ الشاقُّ المُؤْذي.
وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: «فِي رَجُلٍ أَنْعَلَ دابَّةً فَعَنِتَتْ»؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ؛ أي عَرِجَتْ؛ وَسَمَّاهُ عَنَتًا لأَنه ضَرَرٌ وفَساد.
وَالرِّوَايَةُ: فَعَتِبَتْ، بِتَاءٍ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ، ثُمَّ بَاءٍ تَحْتَهَا نُقْطَةٌ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: والأَوَّلُ أَحَبُّ الْوَجْهَيْنِ إِليَّ.
وَيُقَالُ لِلْعَظْمِ الْمَجْبُورِ إِذا أَصابه شَيْءٌ فَهاضَه: قَدْ أَعْنَتَه، فَهُوَ عَنِتٌ ومُعْنِتٌ.
قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه يَهِيضُه، وَهُوَ كَسْرٌ بعدَ انْجِبارٍ، وَذَلِكَ أَشَدُّ مِنَ الكَسر الأَوّلِ.
وعَنِتَ عَنَتًا: اكْتَسَبَ مَأْثَمًا.
وجاءَني فلانٌ مُتَعَنِّتًا إِذا جاءَ يَطْلُب زَلَّتَكَ.
والعُنْتُوتُ: جُبَيْلٌ مُسْتَدِقٌّ فِي السَّمَاءِ، وَقِيلَ: دُوَيْنَ الحَرَّة؛ قَالَ:
أَدْرَكْتُها تَأْفِرُ دونَ العُنْتُوتْ، ***تِلْكَ الهَلُوكُ والخَريعُ السُّلْحُوتْ
الأَفْرُ: سَيْرٌ سَرِيعٌ.
والعُنْتُوتُ: الحَزّ فِي القَوْس؛ قَالَ الأَزهري: عُنْتُوتُ القَوْس هُوَ الحزُّ الَّذِي تُدْخَلُ فِيهِ الغانةُ، والغانةُ: حَلْقةُ رأْس الوتر.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
71-لسان العرب (كبرت)
كبرت: الكِبْريتُ: مِنَ الْحِجَارَةِ المُوقَد بِهَا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عربيا صَحِيحًا.اللَّيْثُ: الكِبْريت عَينٌ تجْري، فإِذا جَمَدَ ماؤُها صارَ كِبْريتًا أَبيضَ وأَصفَرَ وأَكْدَرَ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ كَبْرَتَ فلانٌ بعيرَه إِذا طَلاه بالكِبْريتِ مَخلُوطًا بالدَّسم.
التَّهْذِيبُ: والكِبْريتُ الأَحمرُ يُقَالُ هُوَ مِنَ الجَوْهر، ومَعْدِنُه خَلْفَ بلادِ التُّبَّتِ، وَادِي النَّمْلِ الَّذِي مَرَّ بِهِ سُلَيْمَانَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَيُقَالُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كِبْريتٌ، وَهُوَ يُبْسُه، مَا خَلَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فإِنه لَا يَنْكَسِرُ، فإِذا صُعِّدَ، أَي أُذِيبَ، ذهَبَ كِبْريتُه.
والكِبْريتُ: الياقوتُ الأَحمرُ.
والكِبْريتُ: الذهبُ الأَحمر؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
هَلْ يَعْصِمَنِّي حَلِفٌ سِخْتِيتُ، ***أَو فِضَّةٌ، أَو ذَهَبٌ كِبْريتُ؟
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: ظَنَّ رؤبةُ أَن الكِبْريتَ ذهبٌ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
72-لسان العرب (نضح)
نضح: النَّضْحُ: الرَّشُّ.نَضَح عَلَيْهِ الماءَ يَنْضَحُه نَضْحًا إِذا ضَرَبَهُ بِشَيْءٍ فأَصابه مِنْهُ رَشاشٌ.
ونَضَح عَلَيْهِ الماءُ: ارْتَشَّ.
وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ: «النَّضْحُ مِنَ النَّضْحِ»؛ يُرِيدُ مَنْ أَصابه نَضْحٌ مِنَ الْبَوْلِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَن يَنْضَحَه بِالْمَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ أَن يُصِيبَهُ مِنَ الْبَوْلِ رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: نَضَحْتُ عَلَيْهِ الماءَ نَضْحًا وأَصابه نَضْحٌ مِنْ كَذَا.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّضْح مَا كَانَ عَلَى اعْتِمَادٍ وَهُوَ مَا نَضَحْته بِيَدِكِ مُعْتَمِدًا، وَالنَّاقَةُ تَنْضَحُ ببولها.
والنَّضْخُ: مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ اعْتِمَادٍ، وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهُ رَشٌّ.
والقربةُ تَنْضَحُ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ ***فَوطِئَ عَلَى مَاءٍ فنَضَح عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ نَضْحُ الْبَوْلِ فِي حَدِيثِ إِبراهيم: «أَنه لَمْ يَكُنْ يَرَى بنَضْح الْبَوْلِ بأْسًا».
وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: النَّضْح كالنَّضْخ رُبَّمَا اتَّفَقَا وَرُبَّمَا اخْتَلَفَا.
وَيَقُولُونَ: النَّضْح مَا بَقِيَ لَهُ أَثر كَقَوْلِكَ عَلَى ثَوْبِهِ نَضْحُ دَمٍ، والعين تَنْضَحُ بِالْمَاءِ نَضْحًا إِذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ الْعَيْنُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ نَضَخَ عَلَيْهِ الماءُ يَنْضَخُ، فَهُوَ ناضخٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه».
وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ مِنَ الْخَاءِ فَعَلْتُ، إِنما يُقَالُ أَصابه نَضْخ مِنْ كَذَا؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَوْلَ أَبي زَيْدٍ أَصح، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {فيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ}؛ فَهَذَا يَشْهَدُ بِهِ.
يُقَالُ: نَضَخَ عَلَيْهِ الْمَاءُ لأَن الْعَيْنَ النَّضَّاخة هِيَ الفَعَّالة، وَلَا يُقَالُ لَهَا: نَضَّاخة حَتَّى تَكُونَ نَاضِحَةً؛ قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ قَيْسٍ يَقُولُونَ: النَّضح والنَّضْخُ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: نَضَحْتُه ونَضَخْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ الغَنَوِيّ يَقُولُ: النَّضْح والنَّضْخُ وَهُوَ فِيمَا بَانَ أَثره وَمَا رَقَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي: النَّضْح الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ فُرَجٌ، والنَّضْخُ أَرَقّ مِنْهُ؛ وَقَالَ أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ مَا رَقَّ وثَخُن بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بِالْكَسْرِ، نَضْحًا: رَشَّه؛ وَقِيلَ: رَشَّهُ رَشًّا خَفِيفًا.
وانْتَضَح عَلَيْهِمُ الْمَاءَ أَي تَرَشَّش.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الْمَدِيِنَةُ كالكِير تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها»، رُوِيَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، مِنَ النَّضْح وَهُوَ رَشُّ الْمَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَضَعَ.
ونَضَح الماءُ العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فَذَهَبَ بِهِ أَو كَادَ يَذْهَبُ بِهِ.
ونَضَح الماءُ المالَ يَنْضِحُه: ذَهَبَ بِعَطَشِهِ أَو قَارَبَ ذَلِكَ.
والنَّضَحُ، بِفَتْحِ الضَّادِ، وَالنَّضِيحُ: الْحَوْضُ لأَنه يَنْضَح الْعَطَشَ أَي يَبُلُّه؛ وَقِيلَ: هُمَا الْحَوْضُ الصَّغِيرُ، وَالْجَمْعُ أَنضاح ونُضُحٌ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّضِيحُ مِنَ الْحِيَاضِ مَا قَرُب مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى يَكُونَ الإِفراغ فِيهِ مِنَ الدَّلْوِ وَيَكُونُ عَظِيمًا؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْرَةَ الوِرْدِ، ***كَمَا تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بِالضَّادِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: فإِن شَرِبَ حَتَّى يَرْوَى قَالَ نَصَحْتُ، بِالصَّادِ، نَصْحًا ونَصَعْتُ بِهِ ونَقَعْتُ.
قَالَ: والنَّضْحُ والنَّشْحُ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَشْرَبَ دون الرِّيّ.
والنَّضْحُ: سَقْيُ الزَّرْعِ وَغَيْرِهِ بِالسَّانِيَةِ.
ونَضَحَ زرعَه: سَقَاهُ بالدَّلْو.
والناضحُ: الْبَعِيرُ أَو الثَّوْرُ أَو الْحِمَارُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ، والأُنثى بِالْهَاءِ، نَاضِحَةٌ وَسَانِيَةٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا سُقِيَ مِنَ الزَّرْعِ نَضْحًا فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ»؛ يُرِيدُ مَا سُقِيَ بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني وَلَمْ يُسْقَ فَتْحًا.
وَالنَّوَاضِحُ مِنَ الإِبل: الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا، وَاحِدُهَا نَاضِحٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَتاه رَجُلٌ فَقَالَ: إِن نَاضِحَ بَنِي فُلَانٍ قَدْ أَبَدَ عَلَيْهِمْ».
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ قَالَ للأَنصار وَقَدْ قَعَدُوا عَنْ تَلَقِّيهِ لَمَّا حَجَّ: «مَا فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟»كأَنه يُقَرِّعُهم بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا.
والنَّضَّاح: الَّذِي يَنْضَحُ عَلَى الْبَعِيرِ أَي يَسُوقُ السَّانِيَةَ وَيَسْقِي نَخْلًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كَمَا ***يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
وَهَذِهِ نَخْلٌ تُنْضَحُ أَي تُسْقَى.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَسْقي بالنَّضْحِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ.
والنَّضْحاتُ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الْمُتَفَرِّقُ مِنَ الْمَطَرِ.
قَالَ شَمِرٌ: وَقَدْ قَالُوا فِي نَضَحَ المطرُ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ.
والناضحُ: الْمَطَرُ؛ وَقَدْ نَضَحَتْنا السَّمَاءُ.
والنَّضْحُ أَمْثَلُ مِنَ الطَّلّ: وَهُوَ قَطْرٌ بَيْنَ قَطْرَيْن.
قَالَ: وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَتَحَلَّب مِنْ مَاءٍ أَو عَرَقٍ أَو بَوْلٍ: يَنْضَحُ: وأَنشد: يَنْضَحْنَ فِي حَافَاتِهِ بالأَبْوال ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحًا: فَضَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ.
والنَّضِيحُ والتَّنْضاحُ: الْعَرَقُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَنْضَحُ ذِفْراه بِمَاءٍ صَبِ
والنَّضُوحُ: الوَجُور فِي أَيّ الْفَمِ كَانَ.
ونَضَحَتِ الْعَيْنُ تَنْضَحُ نَضْحًا وانْتَضَحَت: فَارَتْ بِالدَّمْعِ؛ وَعَيْنَاهُ تَنْضَحانِ.
والنَّضْحُ يَدْعُوهُ الهَمَلانُ: وَهُوَ أَن تَمْتَلِئَ الْعَيْنُ دَمْعًا ثُمَّ تَنْفَضِحَ هَمَلانًا لَا يَنْقَطِعُ.
ونَضَحَتِ الْخَابِيَةُ والجَرَّة تَنْضَحُ إِذا كَانَتْ رَقِيقَةً فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنَ الخَزَف ورشَحَتْ؛ وَكَذَلِكَ الْجَبَلُ الَّذِي يَتَحَلَّبُ الْمَاءُ بَيْنَ صُخُورِهِ.
ومَزادةٌ نَضُوح: تَنْضَح [تَنْضِح] الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى الْبَعِيرِ بالعَرَق نَضْحًا؛ وَقَالَ القَطامِيّ:
حَرَجًا كأَنَّ، مِنَ الكُحَيْلِ، صُبابةً، ***نَضَحَتْ مَغابِنُها بِهِ نَضَحَانا
قَالَ: وَرَوَاهُ المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ.
واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شَيْئًا مِنْ مَاءٍ عَلَى فَرْجِهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ؛ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ مِنَ السنَّة وَذَكَرَ فِيهَا الانتضاحَ بالماءِ، وَهُوَ أَن يأْخذ مَاءً قَلِيلًا فيَنْضَحَ بِهِ مَذَاكِيرَهُ ومُؤْتَزَرَه بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْوُضُوءِ، لِيَنْفِيَ بِذَلِكَ عَنْهُ الوَسْواس: وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: انْتِفاض الْمَاءِ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ.
وَفِي حَدِيثِ عَطَاءَ: «وَسُئِلَ عَنْ نَضَحِ الْوَضُوءِ»؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ، مَا يَتَرَشَّشُ مِنْهُ عِنْدَ التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ.
ونَضَح بِالْبَوْلِ عَلَى فَخِذَيْهِ: أَصابهما بِهِ؛ وَكَذَلِكَ نَضَحَ بِالْغُبَارِ.
ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحًا: رَشَّها بِالْمَاءِ ليَتَلازَب تَمْرُها وَيَلْزَمَ بعضُه بَعْضًا.
ونَضَحَ الجُلَّة أَيضًا: نَثَرَ مَا فِيهَا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ عَلَى ***فَخْذَيْه، نَضْحَ العِيدِيَّةِ الجُلَلا
يُفَسَّرُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتَيْنِ.
ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحًا:
شَرِبَ دُونَهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَشْرَبَ حَتَّى يَرْوَى، فَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ نَضَحْتُ الأَدِيمَ بَلَلْتُهُ أَن لَا يَنْكَسِرَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ***بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لَوْ تَتَبَلَّلُ
نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ.
والنَّضُوحُ، بِالْفَتْحِ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ؛ وَقَدْ انْتَضَحَ به.
والنَّضْحُ: مِنْهُ مَا كَانَ رَقِيقًا كَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ نُضُوح وأَنْضِحَة، والنَّضْخُ مَا كَانَ مِنْهُ غَلِيظًا كالخَلُوق وَالْغَالِيَةِ.
وَفِي حَدِيثِ الإِحرام: «ثُمَّ أَصبح مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيبًا»أَي يَفُوحُ.
النَّضُوح: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ تَفُوحُ رَائِحَتُهُ، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فَشَبَّهَ كَثْرَةَ مَا يَفُوحُ مِنْ طِيبِهِ بِالرَّشْحِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ: وَجَدَ فَاطِمَةَ وَقَدْ نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح أَي طَيَّبته وَهِيَ فِي الْحَجِّ.
وأَرض مُنْضِحة: واسعة.
ونَضَّحَتِ الْغَنَمُ: شَبِعَت.
ونَضَحْناهم بالنَّبْل نَضْحًا: رَمَيْنَاهُمْ ورَشَقْناهم.
ونَضَحْناهم نَضْحًا: وَذَلِكَ إِذا فرَّقوها فِيهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ: «كَمَا تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل».
وَيُقَالُ: انِضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ للرُّماة يَوْمَ أُحُد: انْضَحوا عَنَّا الْخَيْلَ لَا نُؤْتَى مِنْ خَلْفِنا
أَي ارْمُوهُمْ بالنُّشَّاب.
ونَضَحَ عَنْهُ: ذَبَّ وَدَفَعَ.
ونَضَح الرَّجُلَ: ردَّ عَنْهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ.
ونَضَحَ الرجلُ عَنْ نَفْسِهِ إِذا دَفَعَ عَنْهَا بحُجَّة.
وَهُوَ يَنْضَح عَنْ فُلَانٍ أَي يَذُبُّ عَنْهُ وَيَدْفَعُ.
ورأَيته يَتَنَضَّحُ مِمَّا قُرِف بِهِ أَي يَنْتَفِي ويَتَنَصَّل مِنْهُ.
وَقَالَ شُجاعٌ: مَضَحَ عَنِ الرَّجُلِ ونَضَح عَنْهُ وذَبَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَيُقَالُ: هُوَ يناضِحُ عَنْ قَوْمِهِ ويُنافِحُ عَنْهُمْ أَي يَذُبُّ عَنْهُمْ؛ وأَنشد:
وَلَوْ بَلا، فِي مَحْفِلٍ، نِضاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عَنْهُ.
وقَوْس نَضُوح: شَدِيدَةُ الدَّفْعِ والحَفْز لِلسَّهْمِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
أَنْحَى شِمالًا هَمَزَى نَضُوحا
أَي مدَّ شِمَالَهُ فِي الْقَوْسِ.
هَمَزَى يَعْنِي القوسَ أَنها شَدِيدَةٌ.
والنَّضُوحُ: مِنْ أَسماء الْقَوْسِ كَمَا تَنْضَحُ بِالنَّبْلِ.
والنَّضَّاحة: الْآلَةُ الَّتِي تُسَوَّى مِنَ النُّحَاسِ أَو الصُّفْر للنَّفْطِ وزَرْقِه؛ ابْنُ الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ عِنْدَ عوامِّ النَّاسِ النَّضَّاحة وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ شُجاعًا السُّلَمِيّ يَقُولُ: أَمْضَحْتَ عِرْضِي وأَنْضَحْتَه إِذا أَفسدته؛ وَقَالَ خَليفة: أَنضَحْتُه إِذا أَنْهَبْتَه النَّاسَ.
وانْتَضَحَ مِنَ الأَمر: أَظهر الْبَرَاءَةَ مِنْهُ.
وَالرَّجُلُ يُرْمَى أَو يُقْرَف بتُهَمَة فيَنْتَضِح مِنْهُ أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي مِنْهُ.
وإِذا ابتدأَ الدَّقِيقُ فِي حَبِّ السُّنْبُل وَهُوَ رَطْبٌ فَقَدْ نَضَحَ وأَنْضَح، لُغَتَانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ فِي حَبِّ السُّنْبُلِ وَهُوَ رَطْبٌ.
ونَضَح الغَضا نَضْحًا: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ وَالنَّبَاتِ وعَمَّ بعضُهم بِهِ الشَّجَرَ؛ قَالَ أَبو طَالِبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كَمَا بُورِكَ ***نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ
فأَما قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ نُضُوح الشَّجَرِ فَلَا أَدري أَرآه لِلْعَرَبِ أَم هُوَ أَقْدَمَ فَجَمَعَ نَضْحَ الشَّجَرِ عَلَى نُضُوح، لأَن بَعْضَ الْمَصَادِرِ قَدْ يُجْمَعُ كَالْمَرَضِ والشُّغْل وَالْعَقْلِ، قَالُوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول.
ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت جُثَّتُهُ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
73-لسان العرب (برد)
برد: البَرْدُ: ضدُّ الْحَرِّ.والبُرودة: نَقِيضُ الْحَرَارَةِ؛ بَرَدَ الشيءُ يبرُدُ بُرودة وَمَاءٌ بَرْدٌ وَبَارِدٌ وبَرُودٌ وبِرادٌ، وَقَدْ بَرَدَه يَبرُدُه بَرْدًا وبَرَّدَه: جَعَلَهُ بَارِدًا.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَنْ قَالَ بَرَّدَه سَخَّنه لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
عافَتِ الماءَ فِي الشِّتَاءِ، فَقُلْنَا: ***بَرِّديه تُصادفيه سَخِينا
فَغَالَطَ، إِنما هُوَ: بَلْ رِدِيه، فأَدغم عَلَى أَن قُطْربًا قَدْ قَالَهُ.
الْجَوْهَرِيُّ: بَرُدَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، وبَرَدْتُه أَنا فَهُوَ مَبْرُود وبَرّدته تَبْرِيدًا، وَلَا يُقَالُ أَبردته إِلّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ، وَكَانَتِ الْمَنِيَّةُ قَدْ حَضَرَتْهُ فَوَصَّى مَنْ يَمْضِي لأَهله وَيُخْبِرُهُمْ بِمَوْتِهِ، وأَنْ تُعَطَّلَ قَلُوصه فِي الرِّكَابِ فَلَا يركبَها أَحد ليُعْلم بِذَلِكَ مَوْتُ صَاحِبِهَا وَذَلِكَ يَسُرُّ أَعداءه وَيُحْزِنُ أَولياءه؛ فَقَالَ:
وعَطِّلْ قَلُوصي فِي الرِّكَابِ، فإِنها ***سَتَبْرُدُ أَكبادًا، وتُبْكِي بَواكيا
والبَرود، بِفَتْحِ الْبَاءِ: الْبَارِدُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَبَاتَ ضَجيعي فِي الْمَنَامِ مَعَ المُنَى ***بَرُودُ الثَّنايا، واضحُ الثَّغْرِ، أَشْنَبُ
وبَرَدَه يَبْرُدُه: خَلَطَهُ بِالثَّلْجِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ.
وأَبْرَدَه: جَاءَ بِهِ بَارِدًا.
وأَبْرَدَ لَهُ: سقاهُ بَارِدًا.
وَسَقَاهُ شَرْبَةً بَرَدَت فؤَادَه تَبْرُدُ بَرْدًا أَي بَرَّدَتْه.
وَيُقَالُ: اسْقِنِي سَوِيقًا أُبَرِّد بِهِ كَبِدِي.
وَيُقَالُ: سَقَيْتُهُ فأَبْرَدْت لَهُ إِبرادًا إِذا سَقَيْتَهُ بَارِدًا.
وَسَقَيْتُهُ شَرْبَةً بَرَدْت بِهَا فؤَادَه مِنَ البَرود؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْية نَزَلُوا، ***بَرَدُوا غَوارِبَ أَيْنُقٍ جُرْب
أَي وَضَعُوا عَنْهَا رِحَالَهَا لتَبْرُدَ ظُهُورُهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذا أَبصر أَحدكم امرأَة فليأْت زَوْجَتَهُ فإِن ذَلِكَ بَرْدُ مَا فِي نَفْسِهِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، مِنَ البَرْد، فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَمَعْنَاهُ أَن إِتيانه امرأَته يُبرِّد مَا تَحَرَّكَتْ لَهُ نَفْسُهُ مِنْ حَرِّ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ أَي تُسْكِنُهُ وَتَجْعَلُهُ بَارِدًا، وَالْمَشْهُورُ فِي غَيْرِهِ يَرُدُّ، بِالْيَاءِ، مِنَ الرَّدِّ أَي يَعْكِسُهُ.
وَفِي عُمَرَ: أَنه شَرِبَ النَّبِيذَ بعد ما بَرَدَ أَي سَكَنَ وفَتَر.
ويُقال: جَدَّ فِي الأَمر ثُمَّ بَرَدَ أَي فَتَرَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمَّا تَلَقَّاهُ بُرَيْدَةُ الأَسلمي قَالَ لَهُ: مَنْ أَنت؟ قَالَ: أَنا بِرَيْدَةُ، قَالَ لأَبي بَكْرٍ: بَرَدَ أَمرنا وَصَلَحَ».
أَي سَهُلَ.
وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْعٍ: «بَرُودُ الظِّلِّ»أَي طَيِّبُ الْعِشْرَةِ، وَفَعُولٌ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى.
والبَرَّادة: إِناء يُبْرِد الْمَاءَ، بُنِيَ عَلَى أَبْرَد؛ قَالَ اللَّيْثُ: البَرَّادةُ كوارَةٌ يُبَرَّد عَلَيْهَا الْمَاءُ، قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري هِيَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَم كَلَامِ الْمَوَلَّدِينَ.
وإِبْرِدَةُ الثَّرَى وَالْمَطَرِ: بَرْدُهما.
والإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ فِي الْجَوْفِ.
والبَرَدَةُ: التُّخَمَةُ؛ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «كُلُّ دَاءٍ أَصله البَرَدة وَكُلُّهُ مِنَ البَرْد»؛ البَرَدة، بِالتَّحْرِيكِ: التُّخَمَةُ وَثِقَلُ الطَّعَامِ عَلَى الْمَعِدَةِ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَتِ التخمةُ بَرَدَةً لأَن التُّخَمَةَ تُبْرِدُ الْمَعِدَةَ فَلَا تَسْتَمْرِئُ الطعامَ وَلَا تُنْضِجُه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن الْبِطِّيخَ يَقْطَعُ الإِبردة»؛ الإِبردة، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ: عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ غَلَبَةِ البَرْد وَالرُّطُوبَةِ تُفَتِّر عَنِ الْجِمَاعِ، وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ.
وَرَجُلٌ بِهِ إِبْرِدَةٌ، وَهُوَ تقطِير الْبَوْلِ وَلَا يَنْبَسِطُ إِلى النِّسَاءِ.
وابْتَرَدْتُ أَي اغْتَسَلْتُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، وَكَذَلِكَ إِذا شَرِبْتَهُ لتَبْرُدَ بِهِ كَبِدُكَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ.
لَطالَما حَلأْتُماها لَا تَرِدْ، ***فَخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ،
مِنْ حَرِّ أَيامٍ ومِنْ لَيْلٍ وَمِدْ
وابْتَرَد الماءَ: صَبَّه عَلَى رأَسه بَارِدًا؛ قَالَ:
إِذا وجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ فِي كَبِدي، ***أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقاء الْقَوْمِ أَبْتَرِدُ
هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهرَهُ، ***فمَنْ لِحَرٍّ عَلَى الأَحْشاءِ يَتَّقِدُ؟
وتَبَرَّدَ فِيهِ: اسْتَنْقَعَ.
والبَرُودُ: مَا ابْتُرِدَ بِهِ.
والبَرُودُ مِنَ الشَّرَابِ: مَا يُبَرِّدُ الغُلَّةَ؛ وأَنشد:
وَلَا يبرِّد الغليلَ الماءُ
والإِنسان يَتَبَرَّدُ بِالْمَاءِ: يَغْتَسِلُ بِهِ.
وَهَذَا الشَّيْءُ مَبْرَدَةٌ لِلْبَدَنِ؛ قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لأَعرابي مَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى نَوْمَةِ الضُّحَى؟ قَالَ: إِنها مَبْرَدَةٌ فِي الصَّيْفِ مَسْخَنَةٌ فِي الشِّتَاءِ.
والبَرْدانِ والأَبرَدانِ أَيضًا: الظِّلُّ وَالْفَيْءُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِبَرْدِهِمَا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ:
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ ***خُدودُ جَوازِئٍ، بالرملِ، عِينِ
سيأْتي فِي تَرْجَمَةِ جزأَ؛ وَقَوْلُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
فَمَا رَوْضَةٌ بِالحَزْمِ طاهرَةُ الثَّرَى، ***ولَتْها نَجاءَ الدَّلْوِ بَعْدَ الأَبارِدِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ الأَبردين اللَّذَيْنِ هُمَا الظِّلُّ وَالْفَيْءُ أَو اللَّذَيْنِ هُمَا الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ؛ وَقِيلَ: الْبَرْدَانُ الْعَصْرَانِ وَكَذَلِكَ الأَبردان، وَقِيلَ: هما الغداة والعشي؛ وقيل: ظلَّاهما وَهُمَا الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فإِن شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الإِبراد انْكِسَارُ الوَهَج وَالْحَرُّ وَهُوَ مِنَ الإِبراد الدُّخُولِ فِي البَرْدِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ صَلُّوهَا فِي أَوّل وَقْتِهَا مِنْ بَرْدِ النَّهَارِ، وَهُوَ أَوّله.
وأَبرد القومُ: دَخَلُوا فِي آخِرِ النَّهَارِ.
وَقَوْلُهُمْ: أَبرِدوا عَنْكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي لَا تَسِيرُوا حَتَّى يَنْكَسِرَ حَرُّهَا ويَبُوخ.
وَيُقَالُ: جِئْنَاكَ مُبْرِدين إِذا جاؤوا وَقَدْ بَاخَ الْحَرُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: الإِبْرادُ أَن تَزِيغَ الشَّمْسُ، قَالَ: وَالرَّكْبُ فِي السَّفَرِ يَقُولُونَ إِذا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَدْ أَبردتم فرُوحُوا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فِي مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ هَذَا غَيْرَ أَنّ الَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنهم يَنْزِلُونَ لِلتَّغْوِيرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُقِيلُونَ، فإِذا زَالَتِ الشَّمْسُ ثَارُوا إِلى رِكَابِهِمْ فَغَيَّرُوا عَلَيْهَا أَقتابها وَرِحَالَهَا وَنَادَى مُنَادِيهِمْ: أَلا قَدْ أَبْرَدْتم فَارْكَبُوا قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ أَبرد الْقَوْمُ إِذا صَارُوا فِي وَقْتِ القُرِّ آخِرَ الْقَيْظِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»؛ البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ وَالْعَشِيُّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ يَسِيرُ بِنَا الأَبْرَدَيْنِ؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ مَعَ فَضالة بْنُ شَرِيكٍ: وسِرْ بِهَا البَرْدَيْن.
وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْدًا وبَرَدَ عَلَيْنَا: أَصابنا بَرَدُهُ.
وَلَيْلَةٌ بَارِدَةُ الْعَيْشِ وبَرْدَتُه: هَنِيئَتُهُ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
فَيَا لَكَ ذَا وُدٍّ، وَيَا لَكِ لَيْلَةً، ***بَخِلْتِ وَكَانَتْ بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
وأَما قَوْلُهُ: لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ؛ فإِن الْمُنْذِرِيَّ رَوَى عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنه قَالَ: وَعَيْشٌ بَارِدٌ هَنِيءٌ طَيِّبٌ؛ قَالَ:
قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها ***شبابٌ، ومخفوضٌ مِنَ العيشِ بارِدُ
أَي طَابَ لَهَا عَيْشُهَا.
قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ نسأَلك الْجَنَّةَ وبَرْدَها أَي طِيبِهَا وَنَعِيمَهَا.
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا قال: وا بَرْدَه عَلَى الْفُؤَادِ إِذا أَصاب شيئًا هنيئًا، وكذلك وا بَرْدَاه عَلَى الْفُؤَادِ.
وَيَجِدُ الرَّجُلُ بِالْغَدَاةِ البردَ فَيَقُولُ: إِنما هِيَ إِبْرِدَةُ الثَّرَى وإِبْرِدَةُ النَّدَى.
وَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنَ الْعَرَبِ: إِنها لَبَارِدَةٌ الْيَوْمَ فَيَقُولُ لَهُ الْآخَرُ: لَيْسَتْ بِبَارِدَةٍ إِنما هِيَ إِبْرِدَةُ الثَّرَى.
ابْنُ الأَعرابي: الْبَارِدَةُ الرَّبَاحَةُ فِي التِّجَارَةِ سَاعَةَ يَشْتَرِيهَا.
وَالْبَارِدَةُ: الْغَنِيمَةُ الْحَاصِلَةُ بِغَيْرِ تَعَبٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ
لِتَحْصِيلِهِ الأَجر بِلَا ظمإٍ فِي الْهَوَاجِرِ أَي لَا تَعَبَ فِيهِ وَلَا مَشَقَّةَ.
وَكُلُّ مَحْبُوبٍ عِنْدَهُمْ: بَارِدٌ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْغَنِيمَةُ الثَّابِتَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَدَ لِي عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ أَي ثَبَتَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ: وَدِدْتُ أَنه بَرَدَ لَنَا عملُنا.
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَبرد طَعَامَهُ وبَرَدَهُ وبَرَّدَهُ.
وَالْمَبْرُودُ: خُبْزٌ يُبْرَدُ فِي الماءِ تَطْعَمُهُ النِّساءُ للسُّمْنة؛ يُقَالُ: بَرَدْتُ الْخُبْزَ بالماءِ إِذا صَبَبْتَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَبَلَلْتَهُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْخَبْزِ الْمَبْلُولِ: البَرُودُ وَالْمَبْرُودُ.
والبَرَدُ: سَحَابٌ كالجَمَد، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ بَرَدِهِ.
وَسَحَابٌ بَرِدٌ وأَبْرَدُ: ذُو قُرٍّ وبردٍ؛ قَالَ:
يَا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ، ***أَسْقاك عَنِّي هازِمُ الرَّعْد برِدْ
وَقَالَ: كأَنهُمُ المَعْزاءُ فِي وَقْع أَبْرَدَا شَبَّهَهُمْ فِي اخْتِلَافِ أَصواتهم بِوَقْعِ البَرَد عَلَى المَعْزاء، وَهِيَ حِجَارَةٌ صُلْبَةٌ، وَسَحَابَةٌ بَرِدَةٌ عَلَى النَّسَبِ: ذَاتُ بَرْدٍ، وَلَمْ يَقُولُوا بَرْداء.
الأَزهري: أَما البَرَدُ بِغَيْرِ هَاءٍ فإِن اللَّيْثَ زَعَمَ أَنه مَطَرٌ جَامِدٌ.
والبَرَدُ: حبُّ الْغَمَامِ، تَقُولُ مِنْهُ: بَرُدَتِ الأَرض.
وبُرِدَ الْقَوْمُ: أَصابهم البَرَدُ، وأَرض مَبْرُودَةٌ كَذَلِكَ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَجَرَةٌ مَبْرودة طَرَحَ البَرْدُ وَرَقَهَا.
الأَزهري: وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ}؛ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ أَمثال جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ، وَالثَّانِي وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا بَرَدًا؛ وَمِنْ صِلَةٍ؛ وَقَوْلُ السَّاجِعِ:
وصِلِّيانًا بَرِدَا
أَي ذُو بُرُودَةٍ.
والبَرْد.
النَّوْمُ لأَنه يُبَرِّدُ الْعَيْنَ بأَن يُقِرَّها؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدًا وَلا شَرابًا}؛ قَالَ العَرْجي:
فإِن شِئت حَرَّمتُ النساءَ سِواكمُ، ***وإِن شِئت لَمْ أَطعَمْ نُقاخًا وَلَا بَرْدا
قَالَ ثَعْلَبٌ: الْبَرْدُ هُنَا الرِّيقُ، وَقِيلَ: النُّقَاخُ الْمَاءُ الْعَذْبُ، وَالْبَرْدُ النَّوْمُ.
الأَزهري فِي قَوْلِهِ تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدًا وَلا شَرابًا}؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدَ الشَّرَابِ وَلَا الشَّرَابَ
، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا، يُرِيدُ نَوْمًا، وإِن النَّوْمَ ليُبَرِّد صَاحِبَهُ، وإِن الْعَطْشَانَ لَيَنَامُ فَيَبْرُدُ بِالنَّوْمِ؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي زُبيد فِي النَّوْمِ:
بارِزٌ ناجِذاه، قَدْ بَرَدَ المَوْتُ ***عَلَى مُصطلاه أَيَّ بُرُودِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: بَرَدَ الموتُ عَلَى مُصْطلاه أَي ثَبَتَ عَلَيْهِ.
وبَرَدَ لِي عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ كَذَا أَي ثَبَتَ.
وَمُصْطَلَاهُ: يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَوَجْهُهُ وَكُلِّ مَا بَرَزَ مِنْهُ فَبَرَدَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَصَارَ حَرُّ الرُّوحِ مِنْهُ بَارِدًا؛ فَاصْطَلَى النَّارَ لِيُسَخِّنَهُ.
وَنَاجِذَاهُ: السنَّان اللَّتَانِ تَلِيَانِ النَّابَيْنِ.
وَقَوْلُهُمْ: ضُرب حَتَّى بَرَدَ مَعْنَاهُ حَتَّى مَاتَ.
وأَما قَوْلُهُمْ: لَمْ يَبْرُدْ مِنْهُ شَيْءٌ فَالْمَعْنَى لَمْ يَسْتَقِرَّ وَلَمْ يَثْبُتْ؛ وأَنشد:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه
قَالَ: وأَصله مِنَ النَّوْمِ وَالْقَرَارِ.
وَيُقَالُ: بَرَدَ أَي نَامَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أُحِبُّ أُمَّ خَالِدٍ وَخَالِدَا ***حُبًّا سَخَاخِينَ، وَحُبًّا بَارِدَا
قَالَ: سَخَاخِينَ حُبٌّ يؤْذيني وَحُبًّا بَارِدًا يَسْكُنُ إِليه قَلْبِي.
وسَمُوم بَارِدٌ أَي ثَابِتٌ لَا يَزُولُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه، ***مَن جَزِعَ اليومَ فَلَا تَلُومُهُ
وبَرَدَ الرَّجُلُ يَبْرُدُ بَرْدًا: مَاتَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الِاشْتِقَاقِ لأَنه عَدِمَ حَرَارَةَ الرُّوحِ؛ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «فهَبَره بِالسَّيْفِ حَتَّى بَرَدَ»أَي مَاتَ.
وبَرَدَ السيفُ: نَبا.
وبَرَدَ يبرُدُ بَرْدًا: ضَعُفَ وَفَتَرَ عَنْ هُزَالٍ أَو مَرَضٍ.
وأَبْرَده الشيءُ: فتَّره وأَضعفه؛ وأَنشد بن الأَعرابي:
الأَسودانِ أَبْرَدَا عِظامي، ***الماءُ والفتُّ ذَوَا أَسقامي
ابْنُ بُزُرج: البُرَاد ضَعْفُ الْقَوَائِمِ مِنْ جُوعٍ أَو إِعياء، يُقَالُ: بِهِ بُرادٌ.
وَقَدْ بَرَد فُلَانٌ إِذا ضَعُفَتْ قَوَائِمُهُ.
والبَرْد: تبرِيد الْعَيْنِ.
والبَرود: كُحل يُبَرِّد الْعَيْنَ: والبَرُود: كُلُّ مَا بَرَدْت بِهِ شَيْئًا نَحْوَ بَرُود
العينِ وَهُوَ الْكُحْلُ.
وبَرَدَ عينَه، مُخَفَّفًا، بالكُحل وبالبَرُود يَبْرُدُها بَرْدًا: كَحَلَها بِهِ وسكَّن أَلَمها؛ وبَرَدت عينُه كذلك، واسم الْكُحْلِ البَرُودُ، والبَرُودُ كُحْلٌ تَبْردُ بِهِ العينُ مِنَ الحرِّ؛ وَفِي حَدِيثِ الأَسود: «أَنه كَانَ يَكْتَحِلُ بالبَرُود وَهُوَ مُحْرِم»؛ البَرُود، بِالْفَتْحِ: كُحْلٌ فِيهِ أَشياء بَارِدَةٌ.
وكلُّ مَا بُرِدَ بِهِ شيءٌ: بَرُود.
وبَرَدَ عَلَيْهِ حقٌّ: وَجَبَ وَلَزِمَ.
وَبَرَدَ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا أَي ثَبَتَ.
وَيُقَالُ: مَا بَرَدَ لَكَ عَلَى فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ مَا ذَابَ لكَ عَلَيْهِ أَي مَا ثَبَتَ وَوَجَبَ.
وَلِي عَلَيْهِ أَلْفٌ بارِدٌ أَي ثَابِتٌ؛ قَالَ:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمُومه، ***مَنْ عَجَزَ اليومَ فَلَا تلومُه
أَي حَرُّهُ ثَابِتٌ؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حُجر:
أَتاني ابنُ عبدِ اللَّهِ قُرْطٌ أَخُصُّه، ***وَكَانَ ابنَ عمٍّ، نُصْحُه لِيَ بارِدُ
وبَرَد فِي أَيديهم سَلَمًا لَا يُفْدَى وَلَا يُطْلَق وَلَا يُطلَب.
وإِن أَصحابك لَا يُبالون مَا بَرَّدوا عَلَيْكَ أَي أَثبتوا عَلَيْكَ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: «لَا تُبَرِّدي عَنْهُ»؛ أي لَا تُخَفِّفِي.
يُقَالُ: لَا تُبَرِّدْ عَنْ فُلَانٍ مَعْنَاهُ إِن ظَلَمَكَ فَلَا تَشْتُمُهُ فَتُنْقِصَ مِنْ إِثمه، وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُبَرِّدوا عَنِ الظَّالِمِ» أَي لَا تَشْتُمُوهُ وَتَدْعُوا عَلَيْهِ فَتُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ عُقُوبَةِ ذَنْبِهِ.
والبَرِيدُ: فَرْسَخَانِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ كُلِّ مَنْزِلَيْنِ بَرِيد.
والبَريدُ: الرُّسُلُ عَلَى دوابِّ الْبَرِيدِ، وَالْجَمْعُ بُرُد.
وبَرَدَ بَرِيدًا: أَرسله.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيدًا فَاجْعَلُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الِاسْمِ»؛ البَرِيد: الرَّسُولُ وإِبرادُه إِرساله؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رأَيتُ لِلْمَوْتِ بَرِيدًا مُبْردَا
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رَسُولُ الْمَوْتِ تُنْذِرُ بِهِ.
وسِكَكُ البرِيد: كُلُّ سِكَّةٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ مِيلًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُقْصَرُ الصلاةُ فِي أَقلَّ مِنْ أَربعة بُرُدٍ»، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَميال، وَالْمِيلُ أَربعة آلَافِ ذِرَاعٍ، وَالسَّفَرُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ أَربعة بُرُدٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وأَربعون مِيلًا بالأَميال الْهَاشِمِيَّةِ الَّتِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ؛ وَقِيلَ لِدَابَّةِ الْبَرِيدِ: بَريدٌ، لِسَيْرِهِ فِي الْبَرِيدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنِّي أَنُصُّ العيسَ حَتَّى كأَنَّني، ***عَلَيْهَا بأَجْوازِ الفلاةِ، بَرِيدا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَهُوَ بَرِيد.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا أَخِيسُ بالعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ البُرْدَ»أَي لَا أَحبس الرُّسُلَ الْوَارِدِينَ عَلَيَّ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: البُرْدُ، سَاكِنًا، يَعْنِي جمعَ بَرِيد وَهُوَ الرَّسُولُ فَيُخَفَّفُ عَنْ بُرُدٍ كرُسُلٍ ورُسْل، وإِنما خَفَّفَهُ هَاهُنَا لِيُزَاوِجَ الْعَهْدَ.
قَالَ: والبَرِيد كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ يُرَادُ بِهَا فِي الأَصل البَرْد، وأَصلها [بَرِيدُهُ دَمٌ] أَي مَحْذُوفُ الذنَب لأَن بِغَالَ الْبَرِيدِ كَانَتْ مَحْذُوفَةَ الأَذناب كَالْعَلَامَةِ لَهَا فأُعربت وَخُفِّفَتْ، ثُمَّ سُمِّيَ الرَّسُولُ الَّذِي يَرْكَبُهُ بَرِيدًا، وَالْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ بَرِيدًا، وَالسِّكَّةُ مَوْضِعٌ كَانَ يَسْكُنُهُ الفُيُوجُ الْمُرَتَّبُونَ مِنْ بَيْتٍ أَو قُبَّةٍ أَو رِبَاطٍ، وَكَانَ يُرَتَّبُ فِي كُلِّ سِكَّةٍ بِغَالٌ، وبُعد مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ فَرْسَخَانِ، وَقِيلَ أَربعة.
الْجَوْهَرِيُّ: الْبَرِيدُ الْمُرَتَّبُ يُقَالُ حَمَلَ فُلَانٌ عَلَى الْبَرِيدِ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَلَى كلِّ مَقْصوصِ الذُّنَابَى مُعاودٍ ***بَرِيدَ السُّرَى بالليلِ، مِنْ خيلِ بَرْبَرَا
وَقَالَ مُزَرِّدٌ أَخو الشَّمَّاخِ بْنِ ضِرَارٍ يَمْدَحُ عَرابَة الأَوسي:
فدتْك عَرابَ اليومَ أُمِّي وَخَالَتِي، ***وناقتيَ النَّاجي إِليكَ بَرِيدُها
أَي سَيْرُهَا فِي البرِيد.
وَصَاحِبُ البَرِيد قَدْ أَبردَ إِلى الأَمير، فَهُوَ مُبْرِدٌ.
وَالرَّسُولُ بَرِيد؛ وَيُقَالُ للفُرانِق البَرِيد لأَنه يُنْذَرُ قدَّام الأَسد.
والبُرْدُ مِنَ الثيابِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: البُرْدُ ثَوْبٌ فِيهِ خُطُوطٌ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْوَشْيَ، وَالْجَمْعُ أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ.
والبُرْدَة: كِسَاءٌ يُلْتَحَفُ بِهِ، وَقِيلَ: إِذا جُعِلَ الصُّوفُ شُقة وَلَهُ هُدْب، فَهِيَ بُرْدَة؛ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنه كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْفَتْحِ بُرْدَةٌ فَلُوتٌ قَصِيرَةٌ»؛ قَالَ شَمِرٌ: رأَيت أَعرابيًّا بِخُزَيْمِيَّةَ وَعَلَيْهِ شِبْه مَنْدِيلٍ مِنْ صُوفٍ قَدِ اتَّزَر بِهِ فَقُلْتُ: مَا تُسَمِّيهِ؟ قَالَ: بُرْدة؛ قَالَ الأَزهري: وَجَمْعُهَا بُرَد، وَهِيَ الشَّمْلَةُ الْمُخَطَّطَةُ.
قَالَ اللَّيْثُ: البُرْدُ مَعْرُوفٌ مِنْ بُرُود العَصْب والوَشْي، قَالَ: وأَما البُرْدَة فَكِسَاءٌ مُرَبَّعٌ أَسود فِيهِ صِغَرٌ تَلْبَسُهُ الأَعراب؛ وأَما قَوْلُ يَزِيدَ بنِ مُفَرّغ الْحَمِيرِيِّ:
وشَرَيْتُ بُرْدًا لَيْتَنِي، ***مِنْ قَبْلِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ
فَهُوَ اسْمُ عَبْدٍ.
وَشَرَيْتُ أَي بِعْتُ.
وَقَوْلُهُمْ: هُمَا فِي بُرْدة أَخْمَاسٍ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنهما يَفْعَلَانِ فِعْلًا وَاحِدًا فَيَشْتَبِهَانِ كأَنهما فِي بُرَدة، وَالْجَمْعُ بُرَد عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فسَمعَتْ نَبْأَةً مِنْهُ فآسَدَها، ***كأَنَّهُنَّ، لَدَى إِنْسَائِهِ، البُرَد
يُرِيدُ أَن الْكِلَابَ انبسطنَ خَلْفَ الثَّوْرِ مِثْلَ البُرَدِ؛ وَقَوْلُ يَزِيدَ بْنِ الْمُفَرَّغِ:
مَعاذَ اللَّهِ رَبَّا أَن تَرانا، ***طِوالَ الدهرِ، نَشْتَمِل البِرادا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ جَمْعَ بُرْدةٍ كبُرْمةٍ وبِرام، وأَن يَكُونَ جَمْعَ بُرْد كقُرطٍ وقِراطٍ.
وَثَوْبٌ بَرُودٌ: لَيْسَ فِيهِ زِئبِرٌ.
وَثَوْبٌ بَرُودٌ إِذا لَمْ يَكُنْ دفِيئًا وَلَا لَيِّنًا مِنَ الثِّيَابِ.
وَثَوْبٌ أَبْرَدُ: فِيهِ لُمَعُ سوادٍ وَبَيَاضٍ، يَمَانِيَّةٌ.
وبُرْدَا الْجَرَادِ والجُنْدُب: جَنَاحَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رجْلا مُقْطَفٍ عَجِلٍ، ***إِذا تَجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَهْجُو بَارِقًا:
تُنَفِّضُ بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، وَلَمْ يَطِرْ ***لَنَا بارِقٌ، بَخْ للوَعيدِ وللرَّهْبِ
وأُم عَوْفٍ: كُنْيَةُ الْجَرَادِ.
وَهِيَ لَكَ بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خَالِصَةً.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ لَكَ بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خَالِصًا فَلَمْ يؤَنث خَالِصًا.
وَهِيَ إِبْرِدَةُ يَمِيني؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ لِي بَرْدَةُ يَمِيني إِذا كَانَ لَكَ مَعْلُومًا.
وبَرَدَ الحدِيدَ بالمِبْرَدِ ونحوَه مِنَ الْجَوَاهِرِ يَبْرُدُه: سَحَلَهُ.
والبُرادة: السُّحالة؛ وَفِي الصِّحَاحِ: والبُرادة مَا سَقَطَ مِنْهُ.
والمِبْرَدُ: مَا بُرِدَ بِهِ، وَهُوَ السُّوهانُ بِالْفَارِسِيَّةِ.
والبَرْدُ: النَّحْتُ؛ يُقَالُ: بَرَدْتُ الخَشَبة بالمِبْرَد أَبْرُدُها بَرْدًا إِذا نَحَتَّهَا.
والبُرْدِيُّ، بِالضَّمِّ: مِنْ جَيِّدِ التَّمْرِ يُشْبِهُ البَرْنِيَّ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
وَقِيلَ: البُرْدِيّ ضَرْبٌ مِنْ تَمْرِ الْحِجَازِ جَيِّدٌ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه أَمر أَن يؤْخذ البُرْدِيُّ فِي الصَّدَقَةِ»، وَهُوَ بِالضَّمِّ، نَوْعٌ مِنْ جَيِّدِ التَّمْرِ.
والبَرْدِيُّ، بِالْفَتْحِ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ وَاحِدَتُهُ بَرْدِيَّةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريفِ، ***ساقَ الرِّصافُ إِليه غَديرا
وَفِي الْمُحْكَمِ:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريفِ، ***قَدْ خالَطَ الماءُ مِنْهَا السَّريرا
وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ: السَّرِيرُ ساقُ البَرْدي، وَقِيلَ: قُطْنُهُ؛ وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَجُزَ هَذَا الْبَيْتِ:
إِذا خَالَطَ الْمَاءُ مِنْهَا السُّرورا
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الغِيل، بِكَسْرِ الْغَيْنِ، الْغَيْضَةُ، وَهُوَ مُغِيضُ مَاءٍ يَجْتَمِعُ فَيَنْبُتُ فِيهِ الشَّجَرُ.
وَالْغَرِيفُ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ.
قَالَ: وَالسُّرُورُ جَمْعُ سُرّ، وَهُوَ بَاطِنُ البَرْدِيَّةِ.
والأَبارِدُ: النُّمورُ، وَاحِدُهَا أَبرد؛ يُقَالُ للنَّمِرِ الأُنثى أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.
وبَرَدَى: نَهْرٌ بِدِمَشْقَ؛ قَالَ حَسَّانُ:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ ***بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
أَي مَاءَ بَرَدَى والبَرَدانِ، بِالتَّحْرِيكِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادة:
ظَلَّتْ بنِهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ، ***تَشْرَبُ مِنْهُ نَهَلاتٍ وتَعِلْ
وبَرَدَيَّا: مَوْضِعٌ أَيضًا، وَقِيلَ: نَهْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَهْرُ دِمَشْقَ والأَعرف أَنه بَرَدَى كَمَا تَقَدَّمَ.
والأُبَيْرِد: لَقَبُ شَاعِرٍ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وقول الشَّاعِرُ:
بِالْمُرْهِفَاتِ الْبَوَارِدِ
قَالَ: يَعْنِي السُّيُوفَ وَهِيَ الْقَوَاتِلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَدْرُ الْبَيْتِ:
وأَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ أَغَصَّني ***مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ
رأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ قَاضِيَ الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ خِلِّكَانَ فِي كِتَابِ ابْنِ بَرِّيٍّ مَا صُورَتُهُ: قَالَ هَذَا الْبَيْتُ مِنْ جُمْلَةِ أَبيات لِلْعِتَابِيِّ كُلْثُومِ بْنِ عَمْرٍو يُخَاطِبُ بِهَا زَوْجَتَهُ؛ قَالَ وَصَوَابُهُ:
وأَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ أَغصَّني ***مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ
قَالَ: وإِنما وَقَعَ الشَّيْخُ فِي هَذَا التَّحْرِيفِ لِاتِّبَاعِهِ الْجَوْهَرِيَّ لأَنه كَذَا ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ فَقَلَّدَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْرِفْ بَقِيَّةَ الأَبيات وَلَا لِمَنْ هِيَ فَلِهَذَا وَقَعَ فِي السَّهْوِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنِ خِلِّكَانَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مِنَ الأَدب حَيْثُ هُوَ، وَقَدِ انْتَقَدَ عَلَى الشَّيْخِ أَبي مُحَمَّدِ بْنِ بَرِّيٍّ هَذَا النَّقْدَ، وخطأَه فِي اتِّبَاعِهِ الْجَوْهَرِيَّ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْجَهْلِ بِبَقِيَّةِ الأَبيات، والأَبيات مَشْهُورَةٌ وَالْمَعْرُوفُ مِنْهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وأَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهَذِهِ الأَبيات سَبَبُ عَمَلِهَا أَن الْعِتَابِيَّ لَمَّا عَمِلَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي أَوّلها:
مَاذَا شَجاكَ بِحَوَّارينَ مِنْ طَلَلٍ ***ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عَنْهَا الأَعاصيرُ؟
بَلَغَتِ الرَّشِيدَ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقِيلَ: لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عِتَابٍ يُقَالُ لَهُ كُلْثُومٌ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: مَا مَنْعُهُ أَن يَكُونَ بِبَابِنَا؟ فأَمر بإِشخاصه مِنْ رَأْسِ عَيْنٍ فَوَافَى الرشِيدَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ غَلِيظٌ وَفَرْوَةٌ وَخُفٌّ، وَعَلَى كَتِفِهِ مِلحفة جَافِيَةٌ بِغَيْرِ سَرَاوِيلَ، فأَمر الرَّشِيدُ أَن يُفْرَشَ لَهُ حُجْرَةٌ، وَيُقَامُ لَهُ وَظِيفَةٌ، فَكَانَ الطَّعَامُ إِذا جاءَه أَخذ مِنْهُ رُقَاقَةً وَمِلْحًا وَخَلَطَ الْمِلْحَ بِالتُّرَابِ وأَكله، وإِذا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ نَامَ عَلَى الأَرض وَالْخَدَمِ يَفْتَقِدُونَهُ وَيَعْجَبُونَ مِنْ فِعْلِهِ، وأُخْبِرَ الرشِيدُ بأَمره فَطَرَدَهُ، فَمَضَى إِلى رأْس عَيْنٍ وَكَانَ تَحْتَهُ امرأَة مِنْ بَاهِلَةَ فَلَامَتْهُ وَقَالَتْ: هَذَا مَنْصُورٌ النَّمِرِيُّ قَدْ أَخذ الأَموال فَحَلَّى نِسَاءَهُ وَبَنَى دَارَهُ وَاشْتَرَى ضِيَاعًا وأَنت.
كَمَا تَرَى؛ فَقَالَ:
تلومُ عَلَى تركِ الغِنى باهِليَّةٌ، ***زَوَى الفقرُ عَنْهَا كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ
رأَتْ حولَها النّسوانَ يَرْفُلْن فِي الثَّرا، ***مُقَلَّدةً أَعناقُها بِالْقَلَائِدِ
أَسَرَّكِ أَني نلتُ مَا نَالَ جعفرٌ ***مِنَ العَيْش، أَو مَا نَالَ يحْيَى بنُ خالدِ؟
وأَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ أَغَصَّنِي ***مَغَصَّهُما بالمُرْهَفات البَوارِدِ؟
دَعِينِي تَجِئْنِي مِيتَتِي مُطْمَئِنَّةً، ***وَلَمْ أَتَجَشَّمْ هولَ تِلْكَ المَوارِدِ
فإنَّ رَفيعاتِ الأُمورِ مَشُوبَةٌ ***بِمُسْتَوْدَعاتٍ، في بُطونِ الأَساوِدِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
74-لسان العرب (سجد)
سجد: السَّاجِدُ: الْمُنْتَصِبُ فِي لُغَةِ طَيِّءٍ، قَالَ الأَزهري: وَلَا يُحْفَظُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ.ابْنُ سِيدَهْ: سَجَدَ يَسْجُدُ سُجُودًا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بالأَرض، وَقَوْمٌ سُجَّدٌ وَسُجُودٌ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا}؛ هَذَا سُجُودُ إِعظام لَا سُجُودُ عِبَادَةٍ لأَن بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنه كَانَ مِنْ سُنَّةِ التَّعْظِيمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَن يُسْجَد لِلْمُعَظَّمِ، قَالَ وَقِيلَ: خَرُّوا لَهُ سُجَّدًا أَي خَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ والأَشبه بِظَاهِرِ الْكِتَابِ أَنهم سَجَدُوا لِيُوسُفَ، دَلَّ عَلَيْهِ رؤْياه الأُولى الَّتِي رَآهَا حِينَ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ؛ فَظَاهِرُ التِّلَاوَةِ أَنهم سَجَدُوا لِيُوسُفَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَن أَشركوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وكأَنهم لَمْ يَكُونُوا نُهُوا عَنِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يَجُوزُ لأَحد أَن يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لأَهل الْعَرَبِيَّةِ: وَهُوَ أَن يُجْعَلَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا، وَفِي قَوْلِهِ: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ، لَامَ مِنْ أَجل؛ الْمَعْنَى: وَخَرُّوا مِنْ أَجله سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا لِمَا أَنعم اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ جَمَعَ شَمْلَهُمْ وَتَابَ عَلَيْهِمْ وَغَفَرَ ذَنْبَهُمْ وأَعز جَانِبَهُمْ وَوَسَّعَ بِيُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَهَذَا كَقَوْلِكَ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِعُيُونِ النَّاسِ أَي مِنْ أَجل عُيُونِهِمْ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
تَسْمَعُ لِلجَرْعِ، إِذا استُحِيرا، ***لِلْمَاءِ فِي أَجوافها، خَريرَا
أَراد تَسْمَعُ لِلْمَاءِ فِي أَجوافها خَرِيرَا مِنْ أَجل الْجَرْعِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ}؛ قال أَبو إِسحق: السُّجُودُ عِبَادَةٌ لِلَّهِ لَا عِبَادَةٌ لِآدَمَ لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، إِنما خَلَقَ مَا يَعْقِلُ لِعِبَادَتِهِ.
والمسجَد والمسجِد: الَّذِي يُسْجَدُ فِيهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَاحِدُ الْمَسَاجِدِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَوْضِعٍ يُتَعَبَّدُ فِيهِ فَهُوَ مسجَد [مسجِد]، أَلا تَرَى أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: جُعِلَتْ لِيَ الأَرض مَسْجِدًا وَطَهُورًا.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ}؛ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنه مَنْ أَظلم مِمَّنْ خَالَفَ مِلَّةَ الإِسلام؟ قَالَ: وَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ أَن لَا يَجِيءَ عَلَى مَفْعِل وَلَكِنَّهُ أَحد الْحُرُوفِ الَّتِي شَذَّتْ فجاءَت عَلَى مَفْعِل.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَما الْمَسْجِدُ فإِنهم جَعَلُوهُ اسْمًا لِلْبَيْتِ وَلَمْ يأْت عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ كَمَا قَالَ فِي المُدُقِّ إِنه اسْمٌ لِلْجُلْمُودِ، يَعْنِي أَنه لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَقِيلَ مِدَقٌّ لأَنه آلَةُ، وَالْآلَاتُ تَجِيءُ عَلَى مِفْعَلٍ كمِخْرَزٍ ومِكنَسٍ ومِكسَحٍ.
ابْنُ الأَعرابي: مسجَد، بِفَتْحِ الْجِيمِ، مِحْرَابُ الْبُيُوتِ؛ وَمُصَلَّى الْجَمَاعَاتِ مسجِد، بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَالْمَسَاجِدُ جَمْعُهَا، وَالْمَسَاجِدُ أَيضًا: الْآرَابُ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا وَالْآرَابُ السَّبْعَةُ مَسَاجِدُ.
وَيُقَالُ: سَجَدَ سَجْدَةً وَمَا أَحسن سِجْدَتَه أَي هَيْئَةَ سُجُودِهِ.
الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُل مِثْلَ دَخَلَ يَدْخُلُ فَالْمَفْعَلُ مِنْهُ بِالْفَتْحِ، اسْمًا كَانَ أَو مَصْدَرًا، وَلَا يَقَعُ فِيهِ الْفَرْقُ مِثْلَ دَخَلَ مَدْخَلًا وَهَذَا مَدْخَلُه، إِلا أَحرفًا مِنَ الأَسماء أَلزموها كَسْرَ الْعَيْنِ، مِنْ ذَلِكَ المسجِد والمطلِع وَالْمَغْرِبُ وَالْمَشْرِقُ والمَسْقِط والمَفْرِق والمَجْزِر والمَسْكِن والمَرْفِق مِن رَفَقَ يَرْفُقُ والمَنْبِت والمَنْسِك مِنْ نَسَك ينسُك، فَجَعَلُوا الْكَسْرَ عَلَامَةَ الِاسْمِ، وَرُبَّمَا فَتَحَهُ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي الِاسْمِ، فَقَدْ رُوِيَمسكَن ومسكِن وَسُمِعَ المسجِد والمسجَد والمطلِع والمطلَع، قَالَ: وَالْفَتْحُ فِي كُلِّهِ جَائِزٌ وإِن لَمْ نَسْمَعْهُ.
قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ فَعَل يفعِل مِثْلُ جَلَسَ يجلِسُ فَالْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ وَالْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، تَقُولُ: نَزَلَ منزَلًا بِفَتْحِ الزَّايِ، تُرِيدُ نَزَلَ نُزُولًا، وَهَذَا منزِله، فَتَكْسِرُ، لأَنك تَعْنِي الدَّارَ؛ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا الْبَابُ مِنْ بَيْنِ أَخواته، وَذَلِكَ أَن الْمَوَاضِعَ وَالْمَصَادِرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ تُرَدُّ كُلُّهَا إِلى فَتْحِ الْعَيْنِ وَلَا يَقَعُ فِيهَا الْفَرْقُ، وَلَمْ يُكْسَرْ شَيْءٌ فِيمَا سِوَى الْمَذْكُورِ إِلا الأَحرف الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
وَالْمَسْجِدَانِ: مَسْجِدُ مَكَّةَ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، شَرَّفَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ بَنِي أُمية:
لَكُمْ مَسْجِدَا اللَّهِ المَزُورانِ، والحَصَى ***لَكُمْ قِبْصُه مِنْ بَيْنِ أَثرَى وأَقتَرا
القِبْصُ: الْعَدَدُ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ بَيْنِ أَثرى وأَقترا يُرِيدُ مِنْ بَيْنِ رَجُلٍ أَثرى وَرَجُلٍ أَقتر أَي لَكُمُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، المُثْري مِنْهُمْ والمُقْتِر.
والمِسْجَدَةُ والسَّجَّادَةُ: الخُمْرَةُ الْمَسْجُودُ عَلَيْهَا.
والسَّجَّادةُ: أَثر السُّجُودِ فِي الْوَجْهِ أَيضًا.
والمَسْجَدُ، بِالْفَتْحِ: جَبْهَةُ الرَّجُلِ حَيْثُ يُصِيبُهُ نَدَبُ السُّجُودِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ}؛ قِيلَ: هِيَ مَوَاضِعُ السُّجُودِ مِنَ الإِنسان: الْجَبْهَةُ والأَنف وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالرِّجْلَانِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، قَالَ: السُّجُودُ مَوَاضِعُهُ مِنَ الْجَسَدِ والأَرض مَسَاجِدُ، وَاحِدُهَا مسجَد، قَالَ: والمسجِد اسْمٌ جَامِعٌ حَيْثُ سُجِدَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ لَا يَسْجُدُ بَعْدَ أَن يَكُونَ اتَّخَذَ لِذَلِكَ، فأَما الْمَسْجِدُ مِنَ الأَرض فَمَوْضِعُ السُّجُودِ نَفْسِهِ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، أَراد أَن السُّجُودَ لِلَّهِ، وَهُوَ جَمْعُ مَسْجِدٍ كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُ فِي الأَرض.
أَبو بَكْرٍ: سَجَدَ إِذا انْحَنَى وَتَطَامَنَ إِلى الأَرض.
وأَسجَدَ الرجلُ: طأْطأَ رأْسه وَانْحَنَى، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الأَسدي أَنشده أَبو عبيد:
وقلنَ له أَسجِدْ لِلَيْلى فأَسجَدَا
يَعْنِي بَعِيرَهَا أَنه طأْطأَ رأْسه لِتَرْكَبَهُ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ نِسَاءً:
فُضولَ أَزِمَّتِها أَسجَدَتْ ***سجودَ النَّصَارَى لأَرْبابِها
يَقُولُ: لَمَّا ارْتَحَلْنَ وَلَوَيْنَ فُضُولَ أَزمَّة جِمَالِهِنَّ عَلَى مَعَاصِمِهِنَّ أَسْجدت لَهُنَّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده:
فَلَمَّا لَوَيْنَ عَلَى مِعْصَمٍ، ***وكَفٍّ خضيبٍ وأَسوارِها،
فُضولَ أَزِمَّتِها، أَسْجدت ***سجودَ النَّصَارَى لأَحْبارِها
وسجدَت وأَسجدَتْ إِذا خَفَضَتْ رأْسها لتُرْكَبَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ كِسْرَى يُسْجِدُ لِلطَّالِعِ»أَي يَتَطَامَنُ وَيَنْحَنِي؛ والطالِعُ: هُوَ السَّهْمُ الَّذِي يُجَاوِزُ الهَدَفَ مِنْ أَعلاه، وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ كالمُقَرْطِسِ، وَالَّذِي يَقَعُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ يُقَالُ لَهُ عاصِدٌ؛ وَالْمَعْنَى: أَنه كَانَ يُسَلِّمُ لِرَامِيهِ وَيَسْتَسْلِمُ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يَخْفِضُ رأْسه إِذا شَخَصَ سَهْمُهُ، وَارْتَفَعَ عَنِ الرَّمِيَّة ليتَقَوَّم السَّهْمُ فَيُصِيبَ الدارَةَ.
والإِسجادُ: فُتورُ الطرفِ.
وَعَيْنٌ سَاجِدَةٌ إِذا كَانَتْ فَاتِرَةً.
والإِسجادُ: إِدامة النَّظَرِ مَعَ سُكُونِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِدامة النَّظَرِ وإِمراضُ الأَجفان؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ دَلَّكِ، عِنْدَنَا، ***وإِسجادَ عيْنَيكِ الصَّيودَيْنِ، رابحُ
ابْنُ الأَعرابي: الإِسجاد، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، اليهودُ؛ وأَنشد الأَسود:
وافى بها كدراهم الإِسجاد
أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ اعْطُونَا الإِسجاد أَي الْجِزْيَةَ، وَرُوِيَ بَيْتُ الأَسود بِالْفَتْحِ كَدَرَاهِمِ الأَسجاد.
قَالَ ابْنُ الأَنباري: دَرَاهِمُ الأَسجاد هِيَ دَرَاهِمُ ضَرَبَهَا الأَكاسرة وَكَانَ عَلَيْهَا صُوَرٌ، وَقِيلَ: كَانَ عَلَيْهَا صُورَةُ كِسْرَى فَمَنْ أَبصرها سَجَدَ لَهَا أَي طأْطأَ رأْسه لَهَا وأَظهر الْخُضُوعَ.
قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ شِعْرِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ رِوَايَةَ الْمُفَضَّلِ مَرْقُومٌ فِيهِ عَلَامَةٌ أَي....
وَنَخْلَةٌ سَاجِدَةٌ إِذا أَمالها حِمْلُهَا.
وَسَجَدَتِ النَّخْلَةُ إِذا مَالَتْ.
وَنَخْلٌ سَوَاجِدُ: مَائِلَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
بَيْنَ الصَّفا وخَلِيج العينِ ساكنةٌ ***غُلْبٌ سواجدُ، لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الخَصَرُ
قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن السَّوَاجِدَ هُنَا المتأَصلة الثَّابِتَةُ؛ قَالَ وأَنشد فِي وَصْفِ بَعِيرٍ سَانِيَةٍ:
لَوْلَا الزِّمامُ اقتَحَم الأَجارِدا ***بالغَرْبِ، أَوْ دَقَّ النَّعامَ السَّاجِدَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ لَمْ أُغير مِنْ حِكَايَتِهِ شَيْئًا.
وَسَجَدَ: خَضَعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الأُكْمَ فِيهَا سُجَّدًا للحوافِرِ
وَمِنْهُ سُجُودُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الأَرض وَلَا خُضُوعَ أَعظم مِنْهُ.
وَالِاسْمُ السِّجْدَةُ، بِالْكَسْرِ، وَسُورَةُ السَّجْدَةِ، بِالْفَتْحِ.
وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ وَخَضَعَ لِمَا أُمر بِهِ، فَقَدْ سَجَدَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ} أَي خُضَّعًا مُتَسَخِّرَةً لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ}؛ مَعْنَاهُ يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ وَيَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ.
وَيَكُونُ السُّجُودُ عَلَى جِهَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّوَاضُعِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَيَكُونُ السُّجُودُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ}؛ وأَنشد:
مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ الملوكُ وتَسْجُدُ قَالَ وَمَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا، سُجُودَ تَحِيَّةٍ لَا عِبَادَةٍ}؛ وَقَالَ الأَخفش: مَعْنَى الْخُرُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُرُورُ لَا السُّقُوطُ وَالْوُقُوعُ.
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّدًا}، قَالَ: بَابٌ ضَيِّقٌ، وَقَالَ: سُجَّدًا رُكَّعًا، وَسُجُودُ الْمَوَاتِ مَحْمَلُهُ فِي الْقُرْآنِ طَاعَتُهُ لِمَا سُخِّرَ لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}، إِلى قَوْلِهِ: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ}؛ وَلَيْسَ سُجُودُ الْمَوَاتِ لِلَّهِ بأَعجب مِنْ هُبُوطِ الْحِجَارَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ لِلَّهِ والإِيمان بِمَا أَنزل مِنْ غَيْرِ تَطَلُّبِ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ السُّجُودِ وَفِقْهِهِ، لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يُفَقِّهْنَاهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ تَسْبِيحُ الْمَوَاتِ مِنَ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ يَلْزِمُنَا الإِيمان بِهِ وَالِاعْتِرَافُ بِقُصُورِ أَفهامنا عَنْ فَهْمِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
75-لسان العرب (نكس)
نكس: النَّكْسُ: قَلْبُ الشَّيْءِ عَلَى رأَسه، نَكَسَه يَنْكُسُه نَكْسًا فانْتَكَسَ.ونَكَسَ رأَسَه: أَماله، ونَكَّسْتُه تَنْكِيسًا.
وَفِي التنزيل: ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
والناكِسُ: المُطأْطئ رأْسَه.
ونَكَسَ رأْسَه إِذا طأْطأَه مِنْ ذُلٍّ وَجُمِعَ فِي الشِّعْرِ عَلَى نواكِس وَهُوَ شَاذٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي فَوارس؛ وأَنشد الْفَرَزْدَقُ:
وإِذا الرِّجالُ رَأَوْا يَزيدَ، رأَيْتَهُم ***خُضْعَ الرِّقابِ، نَواكِسَ الأَبْصار
قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا كَانَ الفِعْل لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ جُمِعَ عَلَى فَواعِل لأَنه لَا يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي الْآدَمِيِّينَ مِنَ الْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ فَضَارَعَ الْمُؤَنَّثَ، يُقَالُ: جِمال بَوازلُ وعَواضِهُ؛ وَقَدِ اضطرَّ الْفَرَزْدَقُ فَقَالَ: " خُضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبصار لأَنك تَقُولُ هِيَ الرِّجَالُ فَشَبَّهَ بِالْجِمَالِ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَرَوَى أَحمد بْنُ يَحْيَى هَذَا الْبَيْتَ نَواكِسي الأَبصار، وَقَالَ: أَدخل الْيَاءَ لأَن رَدَّ النَّوَاكِسِ إِلى الرِّجَالِ، إِنما كَانَ: وإِذا الرِّجَالُ رأَيتهم نَوَاكِسَ أَبصارُهم، فَكَانَ النواكسُ للأَبصار فَنُقِلَتْ إِلى الرِّجَالِ، فَلِذَلِكَ دَخَلَتِ الْيَاءُ، وإِن كَانَ جَمْعُ جَمْعٍ كَمَا تَقُولُ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ حَسَني الْوُجُوهِ وحِسانٍ وجوهُهم، لَمَّا جَعَلْتَهُمْ لِلرِّجَالِ جِئْتَ بِالْيَاءِ، وإِن شِئْتَ لَمْ تأْتِ بِهَا، قَالَ: وأَما الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ فإِنهما رَوَيَا الْبَيْتَ نواكسَ الأَبصار، بِالْفَتْحِ، أَقرَّا نَوَاكِسَ عَلَى لَفْظِ الأَبصار، قَالَ: وَالتَّذْكِيرُ نَاكِسِي الأَبصارِ.
وَقَالَ الأَخفش: يَجُوزُ نَواكِسِ الأَبصارِ، بِالْجَرِّ لَا بِالْيَاءِ كَمَا قَالُوا جُحْرُ ضبٍّ خَرِبٍ.
شَمِرٌ: النَكْس فِي الأَشياء مَعْنًى يَرْجِعُ إِلى قَلْبِ الشَّيْءِ وَرَدِّهِ وَجَعْلِ أَعلاه أَسفله وَمُقَدَّمَهُ مُؤَخَّرَهُ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ}، يَقُولُ: رَجعوا عَمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحُجَّةِ لإِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «تَعِسَ عبدُ الدِّينار وانْتَكَس»؛ أي انْقَلَبَ عَلَى رأْسه وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْخَيْبَةِ لأَن مَنِ انْتَكَس فِي أَمره فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ.
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ: «قَالَ فِي السَّقْطِ إِذا نُكِسَ فِي الخَلْقِ الرَّابِعِ وَكَانَ مُخَلَّقًا» أَي تَبَيَّنَ خَلْقُهُ عَتَقَت بِهِ الأَمَة وَانْقَضَتْ بِهِ عِدَّةُ الحُرَّة، أَي إِذا قُلِبَ ورُدَّ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ، وَهُوَ المُضغة، لأَنه أَوّلًا تُرابٌ ثُمَّ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةٌ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ}؛ قال أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ مَنْ أَطلنا عُمْرَهُ نَكَّسنا خَلْقَهُ فَصَارَ بَدَلَ الْقُوَّةِ ضَعْفًا وَبَدَلَ الشَّبَابِ هَرَمًا.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: " قرأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ: نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ، وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ: نَنْكُسه فِي الْخَلْقِ "، بِالتَّخْفِيفِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الهَرَم، وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ نُكِسَ الرَّجُلُ إِذا ضَعُفَ وَعَجَزَ؛ قَالَ: وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي فِي الِانْتِكَاسِ:
وَلَمْ يَنْتَكِسْ يَوْمًا فيُظْلِمَ وَجْهُه، ***لِيَمْرَضَ عَجْزًا، أَو يُضارِعَ مَأْتَما
أَي لَمْ يُنَكِّس رأْسه لأَمر يأْنَف مِنْهُ.
والنَّكْس: السَّهْمُ الَّذِي يُنَكَّسُ أَو يَنْكَسِرُ فُوقُه فَيُجْعَلُ أَعلاه أَسفله، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ سِنْخُه نَصْلًا ونَصْلُه سِنْخًا فَلَا يَرْجِعُ كَمَا كَانَ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ، وَالْجَمْعُ أَنْكاس؛ قَالَ الأَزهري: أَنشدني الْمُنْذِرِيُّ لِلْحُطَيْئَةِ، قَالَ: وأَنشده أَبو الْهَيْثَمِ:
قَدْ ناضَلُونا، فَسَلُّوا مِنْ كِنانَتِهم ***مَجْدًا تلِيدًا، وعِزًّا غيرَ أَنْكاس
قَالَ: الأَنْكاس جَمْعُ النَّكْس مِنَ السِّهَامِ وَهُوَ أَضعفها، قَالَ: وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَن الْعَرَبَ كَانُوا إِذا أَسروا أَسيرًا خَيَّرُوهُ بَيْنَ التَّخْلِية وجَزِّ النَّاصِيَةِ والأَسر، فإِن اخْتَارَ جَزَّ النَّاصِيَةِ جَزُّوها وَخَلَّوْا سَبِيلَهُ ثُمَّ جَعَلُوا ذَلِكَ الشَّعْرَ فِي كِنَانَتِهِمْ، فإِذا افْتَخَرُوا أَخرجوه وأَرَوْهُم مَفَاخِرَهُمْ.
ابْنُ الأَعرابي: الكُنُس والنُّكُسُ مآرِينُ بقرِ الْوَحْشِ وَهِيَ مأْواها والنُّكُس: المُدْرَهِمُّون مِنَ الشُّيُوخِ بَعْدَ الهَرَم.
والمُنَكِّسُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا يَسمو برأْسه، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النِّكْس الْقَصِيرُ، والنِّكْسُ مِنَ الرِّجَالِ الْمُقَصِّرُ عَنْ غَايَةِ النَّجْدَة وَالْكَرَمِ، وَالْجَمْعُ الأَنْكاس.
والنِّكْسُ أَيضًا: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ؛ وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ: «زالُوا فَمَا زالَ أَنْكاسٌ وَلَا كُشُف»الأَنكاس: جَمْعُ نِكْس، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الرَّجُلُ الضَّعِيفُ.
والمُنَكِّس مِنَ الْخَيْلِ: المتأَخر الَّذِي لَا يَلْحَقُ بِهَا، وَقَدْ نَكَّس إِذا لَمْ يَلْحَقْهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " إِذا نَكَسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ وأَصل ذَلِكَ كُلِّهِ النِّكْسُ مِنَ السِّهَامِ.
والوِلادُ المَنْكوس: أَن تَخْرُجَ رِجْلَا الْمَوْلُودِ قَبْل رأْسه، وَهُوَ اليَتْن، وَالْوَلَدُ المَنْكوس كَذَلِكَ.
والنِّكْس: اليَتْنُ.
وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مَنْكوسًا: أَن يبدأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ ثُمَّ يَرْتَفِعَ إِلى الْبَقَرَةِ، والسنَّة خِلَافُ ذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: إِن فُلَانًا يقرأُ الْقُرْآنَ مَنْكوسًا، قَالَ: ذَلِكَ مَنْكوسُ القلبِ "؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يتأَوّله كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنه أَن يبدأَ الرَّجُلُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ فيقرأَها إِلى أَوَّلها؛ قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ مَا أَحسب أَحدًا يُطِيقُهُ وَلَا كَانَ هَذَا فِي زَمَنِ عَبْدِ اللَّه، قَالَ: وَلَا أَعرفه، قَالَ: وَلَكِنَّ وَجْهَهُ عِنْدِي أَن يبدأَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ثُمَّ يَرْتَفِعَ إِلى الْبَقَرَةِ كَنَحْوِ مَا يَتَعَلَّمُ الصِّبْيَانُ فِي الْكُتَّابِ لأَن السُّنَّة خِلَافُ هَذَا، يُعلم ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي يُحَدِّثُهُ" عُثْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كَانَ إِذا أُنزلت عَلَيْهِ السُّورَةُ أَو الْآيَةُ قَالَ: ضَعُوها فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَذْكر كَذَا وَكَذَا، أَلا تَرَى أَن التأْليف الْآنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ "وَسَلَّمَ، ثُمَّ كُتِبَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: وإِنما جَاءَتِ الرُّخْصة فِي تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ المُفَصَّلَ لِصُعُوبَةِ السُّوَرِ الطِّوَالِ عَلَيْهِمْ، فأَما مَنْ قرأَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ ثُمَّ تَعَمَّدَ أَن يقرأَه مِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوله فَهَذَا النَّكْسُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وإِذا كَرِهْنا هَذَا فَنَحْنُ للنَّكْس مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إِلى أَولها أَشد كَرَاهَةً إِن كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ.
والنُّكْسُ والنَّكْسُ، والنُّكاسُ كُلُّهُ: العَوْد فِي الْمَرَضِ، وَقِيلَ: عَوْد الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ بَعْدَ مَثَالته؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عائذ الهذلي:
خَيالٌ لزَينبَ قَدْ هَاجَ لِي ***نُكاسًا مِنَ الحُبِّ، بَعد انْدمال
وَقَدْ نُكِسَ فِي مَرَضِه نُكْسًا.
ونُكِس الْمَرِيضُ: مَعْنَاهُ قَدْ عاوَدَتْه الْعِلَّةُ بَعْدَ النَّقَه.
يُقَالُ: تَعْسًا لَهُ ونُكْسًا وَقَدْ يُفْتَحُ هَاهُنَا للازْدِواج أَو لأَنه لُغَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَقَوْلُهُ: " إِني إِذا وَجْهُ الشَّرِيبِ نَكَّسَا "قَالَ: لَمْ يُفَسِّرْهُ ثَعْلَبٌ وأَرى نَكَّسَ بَسَرَ وعَبَس.
ونَكَسْتُ الخِضابَ إِذا أَعَدْتَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ وأَنشد: " كالوشْمِ رَجَّعَ فِي اليَدِ الْمَنْكُوسِ ابْنُ شُمَيْلٍ: نَكَسْت فُلَانًا فِي ذَلِكَ الأَمر أَي رَدَدْته فيه بعد ما خرج منه.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
76-لسان العرب (حصص)
حصص: الحَصُّ والحُصاصُ: شِدّةُ العَدْوِ فِي سُرْعَةٍ، وَقَدْ حَصَّ يَحُصُّ حَصًّا.والحُصاصُ أَيضًا: الضُّراطُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «إِن الشَّيْطَانَ إِذا سَمِعَ الأَذانَ وَلَّى وَلَهُ حُصاصٌ»؛ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ عَاصِمِ بْنِ أَبي النَّجُود، قَالَ حَمَّادٌ: فَقُلْتُ لِعَاصِمٍ: مَا الحُصاصُ؟ قَالَ: أَما رأَيتَ الحِمارَ إِذا صَرَّ بأُذُنيه ومَصَعَ بذَنبِه وعَدا؟ فَذَلِكَ الحُصاصُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
وحَصَّ الجَلِيدُ النَّبْتَ يَحُصُّه: أَحْرَقَه، لُغَةٌ فِي حَسّه.
والحَصُّ: حَلْقُ الشَّعْرِ، حَصَّه يَحُصُّه حَصًّا فَحَصَّ حصَصًا وانْحَصَّ والحَصُّ أَيضًا: ذهابُ الشَّعْرِ سَحْجًا كَمَا تَحُصُّ البَيْضةُ رأْسَ صَاحِبِهَا، والفِعل كَالْفِعْلِ.
والحاصّةُ: الداءُ الَّذِي يَتَناثَرُ مِنْهُ الشَّعْرُ؛ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَن امرأَة أَتته فَقَالَتْ إِن ابْنتي عُريّسٌ وَقَدْ تمعّطَ شعرُها وأَمَرُوني أَن أُرَجِّلَها بالخَمْر، فَقَالَ: إِنْ فعلتِ ذَاكَ أَلْقَى اللهُ فِي رأْسها الحاصّةَ»؛ الحاصّةُ: هِيَ العِلّة الَّتِي تَحُصُّ الشَّعْرَ وتُذْهِبه.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحاصّةُ مَا تَحُصّ شَعْرَهَا تَحْلِقه كُلَّهُ فَتَذْهَبُ بِهِ، وَقَدْ حَصّت البَيْضةُ رأْسَه؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ الأَسْلت:
قَدْ حَصَّت البيضةُ رأْسي، فَمَا ***أَذُوقُ نَوْمًا غيرَ تَهْجاع
وحصَّ شعَرُهُ وانْحَصَّ: انْجَرَدَ وتناثَرَ.
وانْحَصَّ ورَقُ الشَّجَرِ وانْحَتّ إِذا تَنَاثَرَ.
وَرَجُلٌ أَحَصُّ: مُنْحَصُّ الشعرِ.
وذنَبٌ أَحَصُّ: لَا شَعَر عَلَيْهِ؛ أَنشد: " وذنَب أَحَصّ كالمِسْواطِ "قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ أَمثالهم فِي إِفْلات الْجَبَانِ مِنَ الْهَلَاكِ بَعْدَ الإِشْفاء عَلَيْهِ: أُفْلِت وانْحَصَّ الذنَب، قَالَ: ويُرْوى الْمَثَلُ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنه كَانَ أَرسل رَسُولًا مِنْ غَسّان إِلى مَلكِ الرُّومِ وَجَعَلَ لَهُ ثَلَاثَ دِيات عَلَى أَن يُبادِرَ بالأَذانِ إِذا دَخَلَ مَجْلِسَهُ، فَفَعَلَ الغسّانِيّ ذَلِكَ وَعِنْدَ الملِك بَطارِقتُه، فوَثَبُوا لِيَقْتلوه فَنَهَاهُمُ الْمَلِكُ وَقَالَ: إِنَّما أَراد مُعَاوِيَةُ أَن أَقْتُلَ هَذَا غَدْرًا، وَهُوَ رَسُولٌ، فَيَفْعَل مِثْلَ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ مُسْتأْمَنٍ مِنّا؛ فَلَمْ يَقْتله وجَهّزه وَرَدَّهُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ قَالَ: أُفْلِتَ وَانْحَصَّ الذَّنَبُ أَي انْقَطَعَ، فَقَالَ: كَلَّا إِنه لَبِهُلْبه أَي بشَعَره، ثُمَّ حدَّثه الْحَدِيثَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَقَدْ أَصابَ مَا أَردْتُ؛ يُضْرب مَثَلًا لِمَنْ أَشْفى عَلَى الْهَلَاكِ ثُمَّ نَجا؛ وأَنشد الكسائي:
جاؤوا مِنَ المِصْرَينِ باللُّصوصِ، ***كُلُّ يَتِيمٍ ذِي قَفًا مَحْصوصِ
وَيُقَالُ: طَائِرٌ أَحَصُّ الجناحِ؛ قَالَ تأَبّط شَرًّا:
كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصًّا قَوادِمُه، ***أَو بِذي مِّ خَشْفٍ أُشَثٍّ وطُبّاقِ
الْيَزِيدِيُّ: إِذا ذَهَبَ الشَّعْرُ كُلُّهُ قِيلَ: رَجُلٌ أَحَصُّ وامرأَةَ حصّاءُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَجَاءَتْ سنَةٌ حَصَّتْ كلَّ شَيْءٍ»أَي أَذْهَبَتْه.
والحَصُّ: إِذهابُ الشَّعْرِ عَنِ الرأْس بحَلْقٍ أَو مَرَضٍ.
وسنَة حَصَّاء إِذا كَانَتْ جَدْبة قليلةَ النَّبَاتَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
جاءَتْ بِهِ مِنْ بِلادِ الطُّورِ تَحْدُره ***حَصّاء، لَمْ تَتَّرِكْ دُونَ العَصا شَذَبا
وَهُوَ شَبِيهٌ بِذَلِكَ.
الْجَوْهَرِيُّ: سَنَةٌ حَصّاء أَي جَرْداءُ لَا خيرَ فِيهَا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَأْوِي إِليكمْ بِلَا مَنٍّ وَلَا جَحَدٍ ***مَنْ ساقَه السنةُ الحَصّاءُ والذِّيبُ
كأَنه أَراد أَن يَقُولَ: والضَّبُعُ وَهِيَ السَّنَةُ المُجْدِبة فَوَضَعَ الذِّئْبَ موضعَه لأَجل الْقَافِيَةِ.
وتَحَصّصَ الحِمارُ والبعيرُ سَقَط شعرهُ، والحَصِيصُ اسْمُ ذَلِكَ الشَّعْرِ، والحَصِيصةُ مَا جُمِع مِمَّا حُلق أَو نُتِف وَهِيَ أَيضًا شعَرُ الأُذُن ووَبَرُها، كَانَ مَحْلوقًا أَو غيرَ مَحْلوق، وَقِيلَ: هُوَ الشعرُ والوبَرُ عَامَّةً، والأَوّلُ أَعْرَفُ؛ وقولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فصَبَّحه عِنْد الشُّروقِ، غُدَيَّة، ***كلابُ ابنِ مُرٍّ أَو كلابُ ابنِ سِنْبِسِ
مغرَّثةً حُصًّا كأَنَّ عُيونَها، ***مِنَ الزجْرِ والإِيحَاء، نُوَّارُ عِضْرِسِ
حُصًّا أَي قَدِ انْحَصَّ شعرُها.
وابنُ مُرٍّ وابنُ سِنْبِس: صائدانِ مَعْروفانِ.
وناقةٌ حَصّاء إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وبَرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عُلُّوا عَلَى سائفٍ صَعْبٍ مراكِبُها ***حَصَّاءَ، لَيْسَ لَهَا هُلْبٌ وَلَا وبَرُ
عُلُّوا وعُولوا: وَاحِدٌ مِنْ عَلّاه وَعَالَاهُ.
وتَحَصْحَصَ الوَبَرُ والزِّئْبِرُ: انْجَرَدَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
لَمَّا رأَى العبدُ مُمَرًّا مُتْرَصا؛ ***ومَسَدًا أُجْرِدَ قَدْ تَحَصْحَصا،
يَكادُ لَوْلَا سَيْرُه أَن يُملَصا، ***جَدَّ بِهِ الكَصِيصُ ثُمَّ كَصْكَصا،
وَلَوْ رَأَى فاكَرِشٍ لبَهلَصا والحَصِيصةُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا فَوْقَ الأَشْعَرِ مِمَّا أَطاف بالحافِرِ لِقلّة ذَاكَ الشَّعْرِ.
وفرسٌ أَحَصُّ وحَصِيصٌ: قَلِيلُ شَعْرِ الثُّنَّةِ والذنَبِ، وَهُوَ عَيْبٌ، وَالِاسْمُ الحَصَصُ.
والأَحَصُّ: الزمِنُ الَّذِي لَا يَطول شَعْرُهُ، وَالِاسْمُ الحَصَصُ أَيضًا.
والحَصَصُ فِي اللِّحْيَةِ: أَن يَتَكَسَّرَ شعرُها ويَقْصُر، وَقَدِ انْحَصّت.
وَرَجُلٌ أَحَصُّ اللِّحْية، ولِحْيةٌ حَصّاءُ: مُنْحَصّة.
وَرَجُلٌ أَحَصّ بَيّنُ الحَصَصِ أَي قليلُ شعرِ الرأْس.
والأَحص مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا شَعْرَ فِي صَدره.
وَرَجُلٌ أَحَصُّ: قاطعٌ للرَّحم؛ وَقَدْ حَصَّ رَحِمَه يَحُصّها حَصًّا.
ورحِمٌ حَصّاءُ: مَقْطُوعَةٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ يُقَالُ بَيْنَ بَني فُلَانٍ رَحِمٌ حَاصَّةٌ أَي قَدْ قَطَعُوهَا وحَصوها لَا يَتواصَلُون عَلَيْهَا.
والأَحَصّ أَيضًا: النَّكِدُ المَشْؤُوم.
وَيَوْمٌ أَحَصُّ: شَدِيدُ الْبَرْدِ لَا سَحَابَ فِيهِ؛ وَقِيلَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ: أَيُّ الأَيّام أَبْرَدُ؟ فَقَالَ: الأَحَصُّ الأَزَبّ، يَعْنِي بالأَحَصِّ الَّذِي تَصْفُو شَمالُه ويَحْمَرُّ فِيهِ الأُفُق وتَطْلُع شَمسُه وَلَا يُوجِدُ لَهَا مَسٌّ مِنَ البَرْدِ، وَهُوَ الَّذِي لَا سَحَابَ فِيهِ وَلَا يَنْكسِر خَصَرُه، والأَزَبُّ يومٌ تَهُبُّه النَّكْباءُ وتَسُوق الجَهَامَ والصُّرّاد وَلَا تَطْلُعُ لَهُ شَمْسٌ وَلَا يَكُونُ فِيهِ مَطَرٌ؛ قَوْلُهُ تَهُبُّه أَي تَهُبّ فِيهِ.
وَرِيحٌ حَصّاءُ: صافيةٌ لَا غُبار فِيهَا؛ قَالَ أَبو الدُّقَيش:
كأَن أَطْرافَ ولِيّاتِها ***فِي شَمْأَلٍ حَصّاءَ زَعْزاعِ
والأَحَصّانِ: العَبْدُ والعَيْرُ لأَنهما يُماشِيانِ أَثْمانَهما حَتَّى يَهْرَما فتَنْقُص أَثْمانُهما ويَمُوتا.
والحِصّةُ: النَّصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ والأَرضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ الحِصَصُ.
وتَحاصّ القومُ تَحاصًّا: اقتسَموا حِصَصَهم.
وَحَاصَّهُ مُحاصّةً وحِصاصًا: قاسَمَه فأَخَذ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا حِصّتَه.
وَيُقَالُ: حاصَصْتُه "الشيءَ أَي قاسَمْته فحَصّني مِنْهُ كَذَا وَكَذَا يَحُصُّني إِذا صَارَ ذَلِكَ حِصّتي.
وأَحَصّ القومَ: أَعطاهم حِصَصَهم.
وأَحَصّه المَكانَ: أَنْزلَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ: وتُحِصُّ مِنْ نَظَرِه بَسْطة حَالِ الكَفالة والكفايةِ أَي تُنْزِل؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ: " بِميزانِ قِسْط لَا يَحُصُّ شَعِيرةً "أَي لَا يَنْقُص شَعِيرَةً.
والحُصُّ: الوَرْسُ؛ وَجَمْعُهُ أَحْصاصٌ وحُصوصٌ، وَهُوَ يُصْبَغ بِهِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
مُشَعْشَعة كأَنَّ الحُصَّ فِيهَا، ***إِذا مَا الماءُ خالَطَها سَخِينا
قَالَ الأَزهري: الحُصُّ بِمَعْنَى الوَرْسِ مَعْرُوفٌ صَحِيحٌ، وَيُقَالُ هُوَ الزَّعْفران، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ الحُصُّ اللُّؤْلُؤ، قَالَ: وَلَسْتُ أَحُقُّه وَلَا أَعْرِفه؛ وَقَالَ الأَعشى:
ووَلَّى عُمَيْر وَهُوَ كأْبٌ كأَنه ***يُطَلَّى بحُصٍّ، أَو يُغَشّى بِعظْلِمِ
وَلَمْ يَذْكُرْ سِيبَوَيْهِ تَكْسِيرَ فُعْلٍ مِنَ المُضاعَف عَلَى فُعُولٍ، إِنما كَسّره عَلَى فِعالٍ كخِفافٍ وعِشَاشٍ.
وَرَجُلٌ حُصْحُصٌ وحُصْحوصٌ: يَتَتَبّع دَقائِقَ الأُمور فيَعْلمها ويُحْصِيها.
وَكَانَ حَصِيصُ القومِ وبَصِيصُهم كَذَا أَي عَدَدُهم.
والأَحَصُّ: ماءٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
نَزَلُوا شُبَيْثًا والأَحَصَّ وأَصْبَحُوا، ***نَزَلَتْ مَنازِلَهم بَنُو ذُبْيانِ
قَالَ الأَزهري: والأَحَصُّ مَاءٌ كَانَ نَزَلَ بِهِ كُلَيب بْنُ وَائِلٍ فاسْتَأْثَر بِهِ دُونَ بَكْر بْنِ وَائِلٍ، فَقِيل لَهُ: اسقِنا؛ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ فَضْلٍ عَنْهُ، فَلَمَّا طَعَنه جَسّاس اسْتَسْقاهم الْمَاءَ، فَقَالَ لَهُ جَسّاس: تَجاوَزْت الأَحَصَّ أَي ذهَبَ سُلْطانُك عَلَى الأَحَصِّ؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْدِيُّ:
وَقَالَ لِجَسّاس: أَغِثْني بِشَرْبةٍ ***تَدارَكْ بِهَا طَوْلًا عَليَّ وأَنْعِمِ
فَقَالَ: تَجاوَزْتَ الأَحصَّ وماءَه، ***وبَطْنَ شُبَيثٍ، وَهُوَ ذُو مُتَرَسَّمِ
الأَصمعي: هَزِئ بِهِ فِي هَذَا.
وبَنُو حَصِيصٍ: بطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ.
والحَصّاءُ: فرسُ حَزْنِ بْنِ مِرْداسٍ.
والحَصْحَصةُ: الذهابُ فِي الأَرض، وَقَدْ حَصْحَصَ؛ قَالَ: " لَمَّا رَآنِي بالبِرَاز حَصْحَصا "والحَصْحَصةُ: الحركةُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَسْتَقِرّ فِيهِ ويَسْتَمْكن مِنْهُ وَيَثْبُتُ، وَقِيلَ، تَحْرِيك الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ حَتَّى يَسْتَمْكِنَ وَيَسْتَقِرَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ البعيرُ إِذا أَثْبَتَ رُكْبتيه للنُّهوض بالثِّقْل؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وحَصْحَصَ فِي صُمِّ الحَصى ثَفِنَاتِه، ***ورامَ القيامَ سَاعَةً ثُمَّ صَمَّما
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «لأَنْ أُحَصْحِصَ فِي يَدَيّ جَمْرتَيْنِ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن أُحَصْحِصَ كَعْبَيْنِ»، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الحَصْحَصَةُ التَّحْرِيكُ والتقليبُ لِلشَّيْءِ والترديدُ.
وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: «أَنه أُتي برجلِ عِنِّينٍ فَكَتَبَ فِيهِ إليه مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِليه أَن اشْتَرِ لَهُ جَارِيَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وأَدْخِلْها عَلَيْهِ لَيْلَةً ثُمَّ سَلْها عَنْهُ، ففَعَل سمرةُ فَلَمَّا أَصبح قَالَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: فعلتُ حَتَّى حَصْحَصَ فِيهَا، قَالَ: فسأَل الْجَارِيَةَ فَقَالَتْ: لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: خَلِّ سبِيلَها يَا مُحَصْحِصُ»؛ قَوْلُهُ: حَصْحَصَ فِيهَا؛ أي حَرّكتُه حَتَّى تَمَكَّنَ وَاسْتَقَرَّ، قَالَ الأَزهري: أَراد الرَّجُلُ أَنّ ذَكَرَه انْشَامَ فِيهَا وبالَغَ حَتَّى قَرَّ فِي مَهْبِلِها.
وَيُقَالُ: حَصْحَصْتُ الترابَ وَغَيْرَهُ إِذا حَرَّكْته وفحَصْتَه يَمِينًا وَشَمَالًا.
وَيُقَالُ: تَحَصْحَصَ وَتَحَزْحَزَ أَي لَزِقَ بالأَرض واسْتَوى.
وحَصْحَصَ فُلَانٌ ودَهْمَجَ إِذا مَشَى مَشْيَ المُقَيَّدِ.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: مَا تَحَصْحَصَ فلانٌ إِلَّا حَوْلَ هَذَا الدرهمِ لِيأْخُذَهُ.
قَالَ: والحَصْحَصَةُ لُزوقُه بكَ وإِتْيانُه وإِلْحاحُه عَلَيْكَ.
والحَصْحَصَةُ: بَيانُ الحَقِّ بَعْدَ كِتْمانِهِ، وَقَدْ حَصْحَصَ.
وَلَا يُقَالُ: حُصْحِصَ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ}؛ لَمَّا دَعَا النِّسْوةَ فَبَرَّأْنَ يوسُفَ، قَالَتْ: لَمْ يَبْقَ إِلا أَن يُقْبِلْنَ عَلَيَّ بِالتَّقْرِيرِ فأَقَرّت وَذَلِكَ قولُها: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ.
تَقُولُ: صافَ الكذبُ وتبيَّن الحقُّ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِ امرأَة الْعَزِيزِ؛ وَقِيلَ: حَصْحَصَ الحقُّ أَي ظَهَرَ وبرَزَ.
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الحَصْحَصَةُ المبالغةُ.
يُقَالُ: حَصْحصَ الرجلُ إِذا بالَغ فِي أَمره، وَقِيلَ: اشتقاقُه مِنَ اللُّغَةِ مِنَ الحِصَّة أَي بَانَتْ حِصّة الحقِّ مِنْ حِصَّةِ الْبَاطِلِ.
والحِصْحِصُ، بِالْكَسْرِ: الحجارةُ، وَقِيلَ: الترابُ وَهُوَ أَيضًا الحَجر.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: الحِصْحِصَ لِفُلانٍ أَي الترابَ لَهُ؛ قَالَ: نُصبَ كأَنه دُعاءٌ، يَذْهَبُ إِلى أَنهم شبَّهوه بِالْمَصْدَرِ وإِن كَانَ اسْمًا كَمَا قَالُوا الترابَ لَكَ فنصَبُوا.
والحِصْحِصُ والكِثْكِثُ، كِلَاهُمَا: الْحِجَارَةُ.
بِفِيهِ الحِصْحِصُ أَي الترابُ.
والحَصْحَصةُ: الإِسراعُ فِي السَّيْرِ.
وقَرَبٌ حَصْحاصٌ: بَعِيدٌ.
وقَرَبٌ حَصْحاصٌ مِثْلُ حَثْحاث: وَهُوَ الَّذِي لَا وتِيرةَ فِيهِ، وَقِيلَ: سيرٌ حَصْحاص أَي سَرِيعٌ لَيْسَ فِيهِ فُتور.
والحَصْحَاصُ: موضعٌ.
وَذُو الحَصْحاص: موضعٌ؛ وأَنشد أَبو الغَمْر الْكِلَابِيُّ لِرَجُلٍ مِنْ أَهل الْحِجَازِ يَعْنِي نِسَاءً:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَغَيّر بَعْدَنا ***ظِباءٌ بِذي الحَصْحاصِ، نُجْلٌ عُيونُها؟
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
77-لسان العرب (عقص)
عقص: العَقَص: التواءُ القَرْن عَلَى الأُذُنين إِلى الْمُؤَخَّرِ وانعطافُه، عَقِصَ عَقَصًا.وتَيْسٌ أَعْقَص، والأُنثى عَقصاء، والعَقْصاءُ مِنَ المِعْزى: الَّتِي التَوى قَرْناها عَلَى أُذُنيها مِنْ خَلْفها، والنَّصْباء: المنتصبةُ القَرْنين، والدَّفْواءُ: الَّتِي انْتَصَبَ قَرْناها إِلى طرَفَيْ عِلْباوَيْها، والقَبْلاءُ: الَّتِي أَقبَلَ قَرْنَاهَا عَلَى وَجْهِهَا، والقَصْماءُ: المكسورةُ القَرْن الْخَارِجِ، والعَضْباءُ: الْمَكْسُورَةُ القَرْن الداخلِ، وَهُوَ المُشاشُ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ.
والمِعْقاصُ: الشاةُ المُعْوَجَّةُ الْقَرْنِ.
وَفِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةِ: «فتَطَؤه بأَظلافها لَيْسَ فِيهَا عَقْصاءُ وَلَا جَلْحاءُ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَقْصاءُ المُلْتَوِيَةُ القَرْنَيْن.
والعَقَصُ فِي زِحاف الْوَافِرِ: إِسكان الْخَامِسِ مِنْ [مفاعلتن] فيصير [مفاعلين] بِنَقْلِهِ ثُمَّ تُحْذَفُ النُّونُ مِنْهُ مَعَ الْخَرْمِ فَيَصِيرُ الْجَزْءُ مَفْعُولٌ كَقَوْلِهِ:
لَوْلا مَلِكٌ رؤوفٌ رَحِيمٌ ***تَدارَكَني برَحْمتِه، هَلَكْتُ
سُمِّي أَعْقَصَ لأَنه بِمَنْزِلَةِ التَّيْسِ الَّذِي ذهبَ أَحدُ قَرْنَيْه مَائِلًا كأَنه عُقِصَ أَي عُطِفَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالأَوَّل.
والعَقَصُ: دخولُ الثَّنَايَا فِي الْفَمِ والتِواؤُها، والفِعْل كَالْفِعْلِ.
والعَقِصُ مِنَ الرَّمْلِ: كالعَقِد.
والعَقَصَةُ مِنَ الرَّمْلِ: مِثْلُ السِّلْسِلة، وَعَبَّرَ عَنْهَا أَبو عَلِيٍّ فَقَالَ: العَقِصَة والعَقَصة رملٌ يَلْتَوي بَعضُه عَلَى بَعْضٍ ويَنقادُ كالعَقِدة والعَقَدة، والعَقِصُ: رمْلٌ مُتَعَقِّد لَا طَرِيقَ فِيهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَيْفَ اهْتَدَتْ، ودُونها الجَزائِرُ، ***وعَقِصٌ مِنْ عَالِجٍ تَياهِرُ
والعَقْصُ: أَن تَلْوِيَ الخُصْلة مِنَ الشِّعْرِ ثُمَّ تَعْقِدها ثُمَّ تُرْسِلَها.
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن انْفَرَقَتْ عَقِيصتُه فَرَقَ وإِلا تَرَكها.
قَالَ ابْنُ الأَثير: العَقِيصةُ الشعرُ المَعْقوص وَهُوَ نحوٌ مَنِ المَضْفور، وأَصل العَقْص اللّيُّ وإِدخالُ أَطراف الشَّعْرِ فِي أُصوله، قَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ عَقيقَته لأَنه لَمْ يَكُنْ يَعْقِصُ شعرَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى إِن انْفَرَقَت مِنْ ذَاتِ نَفْسِهَا وإِلا تَرَكَها عَلَى حَالِهَا وَلَمْ يفْرُقْها.
قَالَ اللَّيْثُ: العَقْصُ أَن تأْخذ المرأَةُ كلَّ خُصْلة مِنْ شَعْرِهَا فتَلْويها ثُمَّ تَعْقِدَهَا حَتَّى يَبْقَى فِيهَا الْتِوَاءٌ ثُمَّ تُرْسلَها، فكلُّ خُصْلة عَقِيصة؛ قَالَ: والمرأَة رُبَّمَا اتَّخَذَتْ عَقِيصةً مِنْ شَعْرِ غَيْرِهَا.
والعَقِيصةُ: الخُصْلةُ، وَالْجَمْعُ عَقائِصُ وعِقاصٌ، وَهِيَ العِقْصةُ، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ عِقْصةٌ.
والعَقِيصةُ: الضفيرةُ.
يُقَالُ: لِفُلَانٍ عَقِيصَتان.
وعَقْصُ الشَّعْرِ: ضَفْرُه ولَيُّه عَلَى الرأْس.
وذُو العَقِيصَتين: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ خَصَّلَ شعرَه عَقِيصَتين وأَرْخاهما مِنْ جَانِبَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ ضِمام: «إِنْ صَدَقَ ذُو العَقِيصَتين لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ»؛ العَقِيصَتانِ: تَثْنِيَةُ العَقِيصة؛ والعِقاصُ المَدارَى فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
غَدائرُه مُسْتَشْزِراتٌ إِلى العُلى، ***تَضِلّ العِقاصُ فِي مُثَنَّىً ومُرْسَلِ
وصَفَها بِكَثْرَةِ الشَّعْرِ والْتِفافِه.
والعَقْصُ والضَّفْر: ثَلاثُ قُوىً وقُوَّتانِ، وَالرَّجُلُ يَجْعَلُ شعرَه عَقِيصَتَين وضَفيرتين فيرْخِيهما مِنْ جَانِبَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ لَبَّدَ أَو عَقَصَ فَعَلَيْهِ الحَلْقُ»، يَعْنِي الْمُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ أَو الْعُمْرَةُ، وإِنما جَعَلَ عَلَيْهِ الْحَلْقَ لأَن هَذِهِ الأَشياء تَقي الشَّعْرَ مِنَ الشَّعْث، فَلَمَّا أَرادَ حفظَ شَعْرِهِ وصونَه أَلزمه حَلْقَه بِالْكُلِّيَّةِ، مُبَالَغَةً فِي عُقُوبَتِهِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَقْصُ ضَرْبٌ مِنَ الضَّفْر وَهُوَ أَن يُلْوَى الشَّعْرُ عَلَى الرأْس، وَلِهَذَا تَقُولُ النِّسَاءُ: لَهَا عِقْصةٌ، وَجَمْعُهَا عِقَصٌ وعِقاصٌ وعَقائِصُ، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي تَتَّخِذ مِنْ شَعْرِهَا مثلَ الرُّمَّانةِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «الَّذِي يُصَلِّي ورأْسُه مَعْقُوصٌ كَالَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مكْتُوفٌ»؛ أَراد أَنه إِذا كَانَ شعرُه مَنْشُورًا سَقَطَ عَلَى الأَرض عِنْدَ السُّجُودِ فيُعْطَى صاحبُه ثوابَ السجودِ بِهِ، وإِذا كَانَ مَعْقُوصًا صارَ فِي مَعْنَى مَا لَمْ يَسْجد، وشبَّهه بِالْمَكْتُوفِ وَهُوَ المَشْدُودُ الْيَدَيْنِ لأَنهما لَا تَقَعانِ عَلَى الأَرض فِي السُّجُودِ.
وَفِي حَدِيثِ حَاطِبٍ: «فأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عِقاصِها»أَي ضَفائرِها.
جَمْعُ عَقِيصة أَو عِقْصة، وَقِيلَ: هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي تُعْقَصُ بِهِ أَطرافُ الذَّوَائِبِ، والأَول الْوَجْهُ.
والعُقُوصُ: خُيوطٌ تُفْتَل مِنْ صُوفٍ وتُصْبَغ بِالسَّوَادِ وتَصِلُ بِهِ المرأَةُ شعرَها؛ يَمَانِيَّةٌ.
وعقَصَت شعرَها تَعْقِصُه عَقْصًا: شدَّتْه فِي قَفاها.
وَفِي حَدِيثِ النَّخَعِيِّ: «الخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَهُوَ مَا دُون عِقاص الرأْس»؛ يُرِيد أَن المُخْتلعة إِذا افْتَدَت نفسَها مِنْ زَوْجِهَا بِجَمِيعِ مَا تَمْلِكُ كَانَ لَهُ أَن يأْخذ مَا دُونَ شَعْرِهَا مِنْ جَمِيعِ مِلْكِها.
الأَصمعي: المِعْقَصُ السهمُ يَنْكَسِرُ نَصْلُه فَيَبْقَى سِنْخُه فِي السَّهْمِ، فيُخْرَج ويُضْرَب حَتَّى يَطُولَ ويُرَدَّ إِلى مَوْضِعِهِ فَلَا يَسُدَّ مَسَدَّه لأَنه دُقِّقَ وطُوِّلَ، قَالَ: وَلَمْ يَدْرِ الناسُ مَا مَعاقِصُ فَقَالُوا مَشاقِصُ لِلنِّصَالِ الَّتِي لَيْسَتْ بِعَرِيضَةٍ؛ وأَنشد للأَعشى:
وَلَوْ كُنْتُمُ نَخْلًا لكنتمْ جُرامةً، ***وَلَوْ كنتمُ نَبْلًا لكنتمْ مَعاقِصَا
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: مَشاقِصا.
وَفِي الصِّحَاحِ: المِعْقَصُ السهمُ المُعْوَجّ؛ قَالَ الأَعشى: وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
لَوْ كنتمُ تَمْرًا لكنتمْ حُسَافةً، ***وَلَوْ كنتمُ سَهمًا لكنتمْ مَعَاقِصَا
وَهَذَانِ بَيْتَانِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي شِعْرِ الأَعشى.
وعَقَصَ أَمرَه إِذا لَوَاهُ فلَبَّسه.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَيْسَ مثلَ الحَصِر العقِصِ»يَعْنِي ابنَ الزُّبَيْرِ؛ العَقِصُ: الأَلْوَى الصعبُ الأَخْلاقِ تَشْبِيهًا بالقَرْن المُلْتَوِي.
والعَقصُ والعِقِّيصُ والأَعْقَصُ والعَيْقَصُ، كُلُّهُ: الْبَخِيلُ الْكَزُّ الضَّيِّقُ، وَقَدْ عَقِصَ، بِالْكَسْرِ، عَقَصًا.
والعِقاصُ: الدُّوّارةُ الَّتِي فِي بَطْنِ الشَّاةِ، قَالَ: وَهِيَ العِقاصُ والمَرْبِض والمَرْبَضُ والحَوِيّةُ والحاوِيةُ للدُّوَّارة الَّتِي فِي بَطْنِ الشَّاةِ.
ابْنُ الأَعرابي: المِعقاصُ مِنَ الجَوارِي السَّيِّئةُ الخُلُقِ، قَالَ: والمِعْفاصُ، بِالْفَاءِ، هِيَ النهايةُ فِي سُوءِ الخلُق.
والعَقِصُ: السيءُ الخُلُق.
وَفِي النَّوَادِرِ: أَخذتُهُ معاقَصةً ومُقاعَصةً أَي مُعازّةً.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
78-لسان العرب (قضض)
قضض: قَضَّ عَلَيْهِمُ الخيلَ يَقُضُّها قَضًّا: أَرْسَلها.وانْقَضَّتْ عَلَيْهِمُ الخيلُ: انْتَشَرَتْ، وقَضَضْناها عَلَيْهِمْ فانْقَضَّتْ عَلَيْهِمْ؛ وأَنشد: " قَضُّوا غِضابًا عليكَ الخيلَ مِنْ كَثَب "وانْقَضَّ الطائرُ وتَقَضَّضَ وتَقَضَّى عَلَى التَّحْوِيلِ: اخْتاتَ وهَوَى فِي طَيَرانه يُرِيدُ الْوُقُوعَ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا هوَى مِنْ طَيَرَانِهِ ليَسْقُط عَلَى شَيْءٍ.
وَيُقَالُ: انْقَضَّ الْبَازِي عَلَى الصيْدِ وتَقَضَّضَ إِذا أَسْرَعَ فِي طَيَرَانِهِ مُنْكَدِرًا عَلَى الصيْدِ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا تَقَضَّى يَتَقَضَّى، وَكَانَ فِي الأَصل تَقَضَّضَ، وَلَمَّا اجْتَمَعَتْ ثلاثُ ضَادَاتٍ قُلِبَتْ إِحداهن يَاءً كَمَا قَالُوا تَمَطَّى وأَصله تَمَطَّط أَي تمدَّد.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى}؛ وَفِيهِ: وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها؛ وقال الْعَجَّاجُ:
إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ، ***تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
أَي كسَر جَناحَيْه لِشدَّة طَيرانِه.
وانْقَضَّ الجِدار: تَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْقُطَ، وَقِيلَ: انْقَضَّ سقَط.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَوَجَدا فِيها جِدارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ}؛ هَكَذَا عدَّه أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ ثُنَائِيًّا وَجَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ ثُلَاثِيًّا مِنْ نَقَضَ فَهُوَ عِنْدَهُ افْعَلَّ.
وَفِي التَّهْذِيبِ فِي قَوْلِهِ تعالى: {يُرِيدُ أَنْيَنْقَضَّ}؛ أَي يَنْكَسِرَ.
يُقَالُ: قَضَضْتُ الشيءَ إِذا دَقَقْتَه، وَمِنْهُ قِيلَ للحَصى الصِّغار قَضَضٌ.
وانْقَضَّ الجدارُ انْقِضاضًا وانْقاضَ انْقِياضًا إِذا تَصَدَّعَ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْقُط، فإِذا سقَط قِيلَ: تَقَيَّض تَقَيُّضًا.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وهَدْم الكَعْبةِ: «فأَخذَ ابنُ مُطِيعٍ العَتَلَةَ فَعَتَلَ ناحِيةً مِنَ الرُّبْضِ فأَقَضَّه»أَي جَعَلَهُ قَضَضًا.
والقَضَضُ: الحصَى الصِّغار جَمْعُ قَضَّةٍ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ.
وقَضَّ الشيءَ يَقُضُّه قَضًّا: كَسَرَهُ.
وقَضَّ اللُّؤْلؤة يَقُضُّها، بِالضَّمِّ، قَضًّا: ثقَبها؛ وَمِنْهُ قِضّةُ العَذْراء إِذا فُرِغَ مِنْهَا.
واقْتَضَّ المرأَة افْتَرَعَها وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَالِاسْمُ القِضَّةُ، بِالْكَسْرِ.
وأَخذ قِضَّتَها أَي عُذْرَتها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والقِضّةُ، بِالْكَسْرِ: عُذْرة الْجَارِيَةِ.
وَفِي حَدِيثِ هَوَازِنَ: «فاقْتَضَّ الإِداوةَ»أَي فتَح رأْسَها، مِنِ اقْتِضاضِ البِكْر، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: انْقَضَّ الطَّائِرُ؛ أي هَوَى انْقِضاضَ الكَواكِب، قَالَ: وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِنْهُ تَفَعَّلَ إِلا مُبْدَلًا، قَالُوا تَقَضَّى.
وانْقَضَّ الحائِطُ: وقَع؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جَدَا قِضَّةَ الْآسَادِ وارْتَجَزَتْ لَهُ، ***بِنَوْءِ السّماكَينِ، الغُيُوثُ الرَّوائحُ
وَيُرْوَى حَدَا قِضَّةَ الْآسَادِ أَي تَبِعَ هَذَا الْجَدَايِرَ الأَسد.
وَيُقَالُ: جِئْتُهُ عِنْدَ قَضَّةِ النَّجْمِ أَي عِنْدَ نَوْئِه، ومُطِرْنا بِقَضَّةِ الأَسَد.
والقَضَضُ: الترابُ يَعْلُو الفِراشَ، قَضَّ يَقَضُّ قَضَضًا، فَهُوَ قَضٌّ وقَضِضٌ، وأَقَضَّ: صَارَ فِيهِ القَضَضُ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قِيلَ لأَعرابي: كَيْفَ رأَيت الْمَطَرَ؟ قَالَ: لَوْ أَلْقَيْتَ بَضْعةً مَا قَضَّتْ أَي لَمْ تَتْرَبْ، يَعْنِي مِنْ كَثْرَةِ العُشْبِ.
واسْتَقَضَّ المكانُ: أَقَضَّ عَلَيْهِ، ومكانٌ قَضٌّ وأَرض قَضَّةٌ: ذاتُ حَصىً؛ وأَنشد:
تُثِيرُ الدَّواجِنَ فِي قَضَّة ***عِراقِيّة وَسَطُهَا للفَدُورْ
وقضَّ الطعامُ يَقَضُّ قَضَضًا، فَهُوَ قَضِضٌ، وأَقَضَّ إِذا كَانَ فِيهِ حَصىً أَو تُرَابٌ فوَقع بَيْنَ أَضراسِ الآكِل.
ابْنُ الأَعرابي: قَضَّ اللحمُ إِذا كَانَ فِيهِ قَضَضٌ يَقَعُ فِي أَضْراسِ آكِلِه شِبْه الحصَى الصِّغار.
وَيُقَالُ: اتَّقِ القِضَّةَ والقَضَّةَ والقَضَضَ فِي طَعامِك؛ يُرِيدُ الْحَصَى وَالتُّرَابَ.
وَقَدْ قَضِضْت الطَّعَامَ قَضَضًا إِذا أَكلْتَ مِنْهُ فَوَقَعَ بَيْنَ أَضْراسِكَ حَصًى.
وأَرض قِضّةٌ وقَضَّة: كَثِيرَةُ الْحِجَارَةِ وَالتُّرَابِ.
وطعامٌ قَضٌّ وَلَحْمٌ قَضٌّ إِذا وَقَعَ فِي حَصًى أَو تُرَابٍ فوُجِد ذَلِكَ فِي طَعْمِه؛ قَالَ: " وأَنتم أَكلتم لَحْمَهُ تُرَابًا قَضّا "والفعلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ.
والقِضّة والقَضّةُ: الْحَصَى الصِّغَارُ: والقِضّة والقَضّة أَيضًا: أَرض ذاتُ حَصى؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ دَلْوًا:
قَدْ وَقَعَتْ في قِضّةٍ [قَضّةٍ] مِن شَرْجِ، ***ثُمَّ اسْتَقَلَّتْ مِثْلَ شِدْقِ العِلْجِ
وأَقَضَّتِ البَضْعةُ بالتُّراب وقَضَّتْ: أَصابَها مِنْهُ شَيْءٌ.
وَقَالَ أَعرابي يَصِفُ خِصْبًا مَلأَ الأَرض عُشْبًا: فالأَرضُ اليومَ لَوْ تُقْذَفُ بِهَا بَضْعةٌ لَمْ تَقَضَّ بتُرْب أَي لَمْ تَقَع إِلا عَلَى عُشْبٍ.
وكلُّ مَا نالَه ترابٌ مِنْ طَعَامٍ أَو ثَوْبٍ أَو غَيْرِهِمَا قَضٌّ.
ودِرْعٌ قَضَّاء: خَشِنةُ المَسّ مِنْ جِدَّتِها لَمْ تَنْسَحِقْ بَعْدُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الَّتِي فُرِغَ مِنْ عَمَلِها وأُحْكِمَ وَقَدْ قَضَيْتُها؛ قَالَ النَّابِغَةِ: " ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاء ذَائِلِ "قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُشْتَقٌّ مَنْ قَضَيْتُها أَي أَحكمتُها، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ فِي التَّصْرِيفِ لأَنه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ قَضْياء؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو بَيْتَ الْهُذَلِيِّ:
وتَعاوَرا مَسْرُودَتَيْن قَضاهُما ***داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ أَبو عَمْرٍو القَضَّاء فَعّالًا مِنْ قَضى أَي حكَم وفَرغَ، قَالَ: والقَضَّاء فَعْلاء غَيْرُ مُنْصَرِفٍ.
وَقَالَ شَمِرٌ: القَضَّاء مِنَ الدُّرُوع الحَدِيثةُ العَهْدِ بالجِدّةِ الخَشِنةُ المَسِّ مِنْ قَوْلِكَ أَقَضَّ عَلَيْهِ الفِراشُ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ: " كُلَّ قَضَّاء ذَائِلِ "كلُّ دِرْع حَدِيثَةِ الْعَمَلِ.
قَالَ: وَيُقَالُ القضَّاء الصُّلْبةُ الَّتِي امْلاس فِي مَجَسَّتها قَضَّةٌ.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: القَضَّاء المَسْمُورةُ مِنْ قَوْلِهِمْ قَضَّ الجَوْهرة إِذا ثَقَبَها؛ وأَنشد:
كأَنَّ حَصَانًا، قَضَّها القَيْنُ، حُرَّةٌ، ***لَدَيَّ حيْثُ يُلْقى بالفِناء حَصِيرُها
شَبَّهها عَلَى حَصِيرها، وَهُوَ بِساطُها، بدُرّة فِي صَدَفٍ قَضَّها أَي قَضَّ القينُ عَنْهَا صدَفها فَاسْتَخْرَجَهَا، وَمِنْهُ قِضَّةُ العَذْراء.
وقَضَّ عَلَيْهِ المَضْجَعُ وأَقَضَّ: نَبا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
أَمْ مَا لِجَنْبِكَ لَا يُلائِمُ مَضْجَعًا، ***إِلا أَقَضَّ عليكَ ذَاكَ المَضْجَعُ
وأَقَضَّ عَلَيْهِ المَضْجَعُ أَي تَتَرَّبَ وخَشُنَ.
وأَقضَّ اللهُ عَلَيْهِ المضجعَ، يتعدَّى وَلَا يتعدَّى.
واستَقَضَّ مضجَعُه أَي وجدَه خَشِنًا.
وَيُقَالُ: قَضَّ وأَقَضَّ إِذا لَمْ ينَمْ نَوْمةً وَكَانَ فِي مضجَعِه خُشْنةٌ.
وأَقَضَّ عَلَى فُلَانٍ مضجَعُه إِذا لَمْ يَطْمَئِنَّ بِهِ النومُ.
وأَقَضَّ الرجلُ: تَتَبَّع مَداقَّ الأُمور والمَطامعَ الدَّنِيئةَ وأَسَفَّ عَلَى خِساسِها؛ قَالَ:
مَا كُنْتَ مِنْ تَكَرُّمِ الأَعْراضِ ***والخُلُقِ العَفّ عَنِ الإِقْضاضِ
وجاؤوا قَضَّهم بقَضِيضِهم أَي بأَجْمَعهم؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِلشَّمَّاخِ:
أَتَتْني سُلَيْمٌ قَضَّها بِقَضِيضِها، ***تُمَسِّحُ حَوْلي بالبَقِيعِ سِبالَها
وَكَذَلِكَ: جاؤوا قَضَّهم وقَضِيضَهم أَي بجمْعهم، لَمْ يدَعُوا وَرَاءَهُمْ شَيْئًا وَلَا أَحَدًا، وَهُوَ اسْمٌ مَنْصُوبٌ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ كأَنه قال جاؤوا انْقِضاضًا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كأَنه يَقُولُ انْقَضَّ آخِرُهم عَلَى أَوَّلهم وَهُوَ مِنَ المَصادِر الموْضُوعةِ موضِع الأَحْوالِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُعْرِبه ويُجريه عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: ويُجْرِيه مُجْرى كلِّهم.
وَجَاءَ القومُ بقَضِّهم وقَضِيضِهم؛ عَنْ ثَعْلَبٍ وأَبي عُبَيْدٍ.
وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ فِي الْحَدِيثِ: «يؤْتى بقَضِّها وقِضِّها وقَضِيضِها، وَحَكَى كُرَاعٌ: أَتَوْني قَضُّهم بقَضِيضِهم ورأَيتهم قَضَّهم بقَضِيضِهم وَمَرَرْتُ بِهِمْ قَضِّهم وقَضِيضِهم».
أَبو طَالِبٍ: قَوْلُهُمْ جَاءَ بالقَضِّ والقَضِيض، فالقَضُّ الحَصى، والقَضِيضُ مَا تكسَّر مِنْهُ ودَقَّ.
وَقَالَ "أَبو الْهَيْثَمِ: القَضُّ الْحَصَى والقَضِيضُ جَمْعٌ مثلُ كَلْب وكَليب؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ: " جاءتْ فَزارةُ قَضُّها بقَضِيضِها "لَمْ أَسمعهم يُنْشدون قَضُّها إِلا بِالرَّفْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ قَوْلِهِ جاؤوا قضَّهم بِقَضِيضِهِمْ أَي بأَجمعهم قولُ أَوْس بْنِ حَجَر:
وجاءتْ جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها، ***بأَكثَر مَا كَانُوا عَدِيدًا وأَوْكَعُوا
وَفِي الْحَدِيثِ: «يُؤْتى بِالدُّنْيَا بقَضِّها وقَضِيضِها» أَي بِكُلِّ مَا فِيهَا، من قولهم جاؤوا بقَضِّهم وقَضِيضِهم إِذا جاؤوا مُجْتَمِعِينَ يَنْقَضُّ آخِرُهم عَلَى أَوَّلهم مِنْ قَوْلِهِمْ قَضَضْنا عَلَيْهِمُ الخيلَ وَنَحْنُ نقُضُّها قَضًّا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَتَلْخِيصُهُ أَن القَضَّ وُضِع مَوْضِعَ القاضِّ كزَوْرٍ وصَوْمٍ بِمَعْنَى زَائِرٍ وَصَائِمٍ، والقَضِيض موضعَ المَقْضُوضِ لأَن الأَوّل لِتَقَدُّمِهِ وَحَمْلِهِ الآخِر عَلَى اللِّحاق بِهِ كأَنه يقُضُّه على نفسه، فحقيقتُه جاؤوا بمُسْتَلْحَقِهم ولاحقِهِم أَي بأَوّلِهم وآخِرهم.
قَالَ: وأَلْخَصُ مِنْ هَذَا كُلُّهُ قولُ ابْنِ الأَعرابي إِنَّ القَضَّ الْحَصَى الكِبارُ، والقَضِيض الحصى الصِّغارُ، أَي جاؤوا بِالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: دَخَلَتِ الجنةَ أُمّةٌ بقَضِّها وقَضِيضِها.
وَفِي حَدِيثِ أَبي الدَّحْدَاحِ: «وارْتَحِلي بالقَضِّ والأَوْلادِ»؛ أي بالأَتْباع ومَن يَتَّصِلُ بكِ.
وَفِي حَدِيثِ صَفْوانَ بْنِ مُحْرِز: «كَانَ إِذا قرأَ هَذِهِ الْآيَةَ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، بَكَى حَتَّى يُرى لقدِ انْقدّ قَضِيضُ زَوْرِه»؛ هَكَذَا رُوي، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ عِنْدِي خَطَأٌ مِنْ بَعْضِ النقَلةِ وأَراه قَصَص زَوْرِه، وَهُوَ وسَطُ صَدْرِه، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ إنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ أَن يُراد بالقَضِيضِ صِغارُ العِظام تَشْبِيهًا بصِغارِ الحَصى.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَوْ أَنَّ أَحدَكم انْقَضَّ مِمَّا صُنِعَ بِابْنِ عَفَّانَ لَحَقَّ لَهُ أَن يَنْفَضَ»؛ قَالَ شَمِرٌ: أَي يتقطَّع، وَقَدْ رُوِيَ بِالْقَافِ يَكَادُ يَنْقَضُّ.
اللَّيْثُ: القضَّةُ أَرْضٌ مُنْخَفِضةٌ تُرَابُهَا رَمْل وإِلى جانِبِها مَتْنٌ مُرْتَفِعٌ، وَجَمْعُهَا القِضُونَ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
بلْ مَنْهل ناءٍ عَنِ الغياضِ، ***هَامِّي العَشِيّ، مُشْرِف القَضْقاضِ
قِيلَ: القِضْقاضُ والقَضْقاضُ مَا اسْتَوى مِنَ الأَرض؛ يَقُولُ: يسْتَبينُ القِضْقاضُ فِي رأْي الْعَيْنِ مُشْرِفًا لِبُعْدِهِ.
والقَضِيضُ: صَوْتٌ تَسْمَعُهُ مِنَ النِّسْعِ والوتَر عِنْدَ الإِنْباضِ كأَنه قُطِعَ، وَقَدْ قَضَّ يَقِضُّ قَضِيضًا.
والقِضاضُ: صَخْر يركَب بعضُه بَعْضًا كالرِّضام؛ وَقَالَ شَمِرٌ: القضّانةُ الْجَبَلُ يَكُونُ أَطباقًا؛ وأَنشد:
كأَنَّما قَرْعُ أَلْحِيها، إِذا وَجَفَتْ، ***قَرْعُ المَعاوِلِ فِي قضَّانة قلَع
قَالَ: القَلَعُ المُشْرِفُ مِنْهُ كالقَلَعة، قَالَ الأَزهري: كأَنه مَنْ قَضَضْتُ الشيءَ أَي دَقَقْتُه، وَهُوَ فُعْلانة "مِنْهُ.
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: القِضّةُ الوَسْمُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ: " مَعْروفة قِضَّتها رُعْن الهامْ "والقَضّةُ، بِفَتْحِ الْقَافِ: الفَضَّةُ وَهِيَ الْحِجَارَةُ المُجْتَمِعةُ المُتَشَقِّقةُ.
والقَضْقَضَة: كسْرُ العِظام والأَعْضاء.
وقَضْقَضَ الشيءَ فَتَقَضْقَضَ: كسَّره فتكسَّر ودقَّه.
والقَضْقَضَةُ: صوتُ كسْرِ الْعِظَامِ.
وقَضَضْتُ السويقَ وأَقْضَضْتُه إِذا أَلقيتَ فِيهِ سكَّرًا يًابِسًا.
وأَسد قَضْقاضٌ وقُضاقِضٌ: يحْطِم كُلَّ شيءٍ ويُقَضْقِضُ فَرِيسَتَه؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ:
كمْ جاوَزَتْ مِنْ حَيَّةٍ نَضْناضِ، ***وأَسَدٍ فِي غِيلِه قَضْقاضِ
وَفِي حَدِيثِ مانِع الزَّكَاةِ: «يُمَثَّلُ لَهُ كَنْزُه شُجاعًا فيُلْقِمُه يدَه فيُقَضْقِضُها»؛ أي يُكَسِّرُها.
وَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلِب: «فأَطَلَّ عَلَيْنَا يَهُودِيٌّ فَقُمْتُ إِليه فضرَبْتُ رأْسَه بِالسَّيْفِ ثُمَّ رَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فتَقَضْقَضُوا»أَي انْكَسَرُوا وتفرَّقُوا.
شَمِرٌ: يُقَالُ قَضْقَضْتُ جَنْبَهُ مِنْ صُلْبِه أَي قَطَعْتُه، والذئبُ يُقَضْقِضُ العِظام؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ:
قَضْقَضَ بالتَّأْبِينِ قُلَّةَ رأْسِه، ***ودَقَّ صَلِيفَ العُنْقِ، والعُنْقُ أَصْعَرُ
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: لَوْ أَن رجلًا انْفَضَّ انْفِضاضًا مِمَّا صُنِعَ بِابْنِ عَفَّان لَحَقَّ لَهُ أَن يَنْفَضَ»؛ قَالَ شَمِرٌ: يَنْفَضُّ، بِالْفَاءِ، يُرِيدُ يَتَقَطَّع.
وَقَدِ انْقَضَّتْ أَوْصالُه إِذا تفرَّقَت وتقطَّعَت.
قَالَ: وَيُقَالُ قَضَّ فَا الأَبْعَدِ وفَضَّه؛ والفَضُّ: أَن يَكْسِر أَسنانَه؛ قَالَ: ويُرْوى بيتُ الكُمَيْت: " يَقُضُّ أُصولَ النخلِ مِنْ نَخَواتِه "بِالْفَاءِ وَالْقَافِ أَي يقْطَعُ ويرْمي بِهِ.
والقَضَّاء مِنَ الإِبل: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلى الأَربعين.
والقَضَّاء مِنَ النَّاسِ: الجِلَّةُ وإِن كَانَ لَا حسَب لَهُمْ بَعْدَ أَن يَكُونُوا جِلَّةً فِي أَبْدانٍ وأَسنان.
ابْنُ بَرِّيٍّ: والقَضَّاء مِنَ الإِبل لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لأَنها مِنْ قَضَى يَقْضي أَي يُقْضى بِهَا الحُقوقُ.
والقَضَّاء مِنَ النَّاسِ: الجِلَّةُ فِي أَسنانهم.
الأَزهري: القِضَةُ، بِتَخْفِيفِ الضَّادِ، لَيْسَتْ مِنْ حَدِّ المُضاعَف وَهِيَ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ الحَمْضُ مَعْرُوفَةٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: الْقِضَّةُ نَبْتٌ يُجْمع القِضِينَ والقِضُونَ، قَالَ: وإِذا جَمَعْتَهُ عَلَى مِثْلِ البُرى قُلْتَ القِضى؛ وأَنشد:
بِساقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضِينَ تَحُشُّه ***بأَعْوادِ رَنْدٍ، أَو أَلاوِيةً شُقْرا
قَالَ: وأَما الأَرضُ الَّتِي ترابُها رَمْلٌ فَهِيَ قِضَّةٌ، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ، وَجَمْعِهَا قِضَّاتٌ.
قَالَ: وأَما القَضْقاضُ فَهُوَ مِنْ شَجَرِ الحَمْضِ أَيضًا، وَيُقَالُ: إِنه أُشْنانُ أَهل الشَّامِ.
ابْنُ دُرَيْدٍ: قِضَّةُ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ كَانَتْ فِيهِ وَقْعة بَيْنَ بَكْر وتَغْلِب سُمِّيَ يَوْمَ قِضَّة، شَدَّد الضادَ فِيهِ.
أَبو زَيْدٍ: قِضْ، خَفِيفَةً، حكايةُ صوتِ الرُّكْبة إِذا صاتَتْ، يُقَالُ: قَالَتْ رُكْبَته قِضْ؛ وأَنشد: " وقَوْل رُكْبَتِها قِضْ حِينَ تَثْنِيها قعض: القَعْضُ: عَطْفُك الخشبةَ كَمَا تُعْطَفُ عُروشُ الكَرْم والهَوْدَج.
قَعَضَ رأْسَ الْخَشَبَةِ قَعْضًا "فانْقَعَضَت: عَطَفَها.
وَخَشَبَةٌ قَعْضٌ: مَقْعوضةٌ.
وقَعَضَه فانْقَعَضَ أَي انْحَنى؛ قَالَ رُؤْبَةُ يُخَاطِبُ امرأَته:
إِمّا تَرَيْ دَهْرًا حَنَانِي حَفْضا، ***أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَريشَ القَعْضا،
فَقَدَ أُفَدَّى مِرْجَمًا مُنْقَضَّا القَعْضُ: المَقْعُوضُ، وُصف بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِكَ مَاءٌ غَوْرٌ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَن القَعْضَ فِي تأْويل مَفْعُولٍ كَقَوْلِكَ دِرْهم ضرْبٌ أَي مَضْروبٌ، وَمَعْنَاهُ إِن تَرَيْني أَيَّتُها المرأَة أَن الهَرَم حَناني فَقَدْ كُنْتُ أُفَدَّى فِي حالِ شَبَابِي بِهِدايتي فِي المَفاوِز وقُوَّتي عَلَى السفَر، وَسَقَطَتِ النُّونُ مِنْ تَرَيْن لِلْجَزْمِ بالمُجازاة، وَمَا زَائِدَةٌ.
والصَّناعَيْن: تثنيةُ امرأَةٍ صَناعٍ.
والعَرِيشُ هُنَا: الهَوْدَجُ، وَقَالَ الأَصمعي: العريشُ القَعْضُ الضيِّقُ، وَقِيلَ: هو المُنْفَك.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
79-لسان العرب (مقط)
مقط: مَقَطَ عُنقَه يَمْقُطها ويَمْقِطها مَقْطًا: كَسَرَهَا.ومَقَطْتُ عُنُقه بالعَصا ومَقَرْتُه إِذا ضربتَه بِهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ عَظْمُ الْعُنُقِ وَالْجِلْدِ صَحِيحٌ.
ومقَط الرجلَ يَمْقطه مَقْطًا: غاظَه، وَقِيلَ: ملأَه غَيْظًا.
وَفِي حَدِيثِ حَكيم بْنِ حِزام: «فأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَامَ مُتمَقِّطًا»أَي متَغَيِّظًا، يُقَالُ: مَقَطْت صَاحِبِي مَقْطًا وَهُوَ أَن تَبْلغ إِليه فِي الغَيْظِ، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تقدَّم.
وامْتَقَط فُلَانٌ عَيْنَيْنِ مِثْلَ جَمْرتين أَي اسْتَخْرَجَهُمَا؛ قَالَ أَبو جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
أَيْنَ الفَتى أُسامةُ بْنُ لُعْطِ؟ ***هلَّا تَقُومُ أَنتَ أَو ذُو الإِبْطِ؟
لَوْ أَنَّه ذُو عِزّةٍ ومَقْطِ، ***لمنَعَ الجِيرانَ بعْضَ الهَمْطِ
قِيلَ: المَقْطُ الضرْب، يُقَالُ: مقَطه بالسَّوطِ.
قِيلَ: وَالْمَقْطُ الشِّدّة، وَهُوَ ماقِطٌ شَدِيدٌ، والهَمْطُ: الظُّلْم.
ومقَطَ الرجلَ مَقْطًا ومقَط بِهِ: صَرَعه؛ الأَخيرة عَنْ كَرَاعٍ.
ومقَطَ الْكُرَةَ يَمْقُطها مَقْطًا: ضَرَبَ بِهَا الأَرض ثُمَّ أَخذها.
والمَقْطُ: الضرْب بالحُبَيْل الصَّغِيرِ المُغارِ.
والمِقاطُ: حَبْلٌ صَغِيرٌ يَكَادُ يَقُومُ مِنْ شِدَّةِ فَتْلِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الصُّبْحَ: " مِنَ الْبَيَاضِ مُدَّ بالمِقاطِ وَقِيلَ: هُوَ الْحَبْلُ أَيًّا كَانَ، وَالْجَمْعُ مُقُطٌ مِثْلَ كِتَابٍ وكُتُب.
ومقَطَه يَمْقُطه مَقْطًا: شدَّه بالمِقاط، والمِقاطُ حَبْلٌ مِثْلَ القِماط مَقْلُوبٌ مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه، قَدِم مكةَ فَقَالَ: «مَن يَعْلَمُ مَوْضِعَ المَقام؟ وَكَانَ السيلُ احْتَمَلَهُ مِنْ مَكَانِهِ، فَقَالَ المُطَّلِبُ بْنُ أَبي وَداعةَ: قَدْ كُنْتُ قدَّرْتُه وَذَرَعَتْهُ بمِقاطٍ عِنْدِي»؛ المِقاط، بِالْكَسْرِ: الْحَبْلُ الصَّغِيرُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ.
والمَقّاطُ: الْحَامِلُ مِنْ قَرْية إِلى قَرْيَةٍ أُخرى.
ومقَط الطائرُ الأُنثى يَمقُطها مَقْطًا: كَقَمَطها.
والماقِطُ والمَقَّاط: أَجيرُ الكَرِيّ، وَقِيلَ: هُوَ المُكْتَرَى مِنْ مَنْزِلٍ إِلى آخَرَ.
والماقِطُ: مَوْلَى الْمَوْلَى، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: فُلَانٌ ساقِطُ بْنُ ماقِطِ بْنِ لاقِطٍ تَتسابُّ بِذَلِكَ، فالساقِطُ عبدُ الماقِط، والماقِط عَبَدَ اللَّاقِط، واللاقطُ عَبْدٌ مُعْتَقٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ.
والماقِطُ: الضَّارب بالحَصى المُتكَهِّن الحازِي.
والماقِطُ مِنَ الإِبل: مَثَّلَ الرّازِم، وَقَدْ مَقَطَ يَمْقُطُ مُقُوطًا أَي هُزِلَ هُزالًا شَدِيدًا.
الْفَرَّاءُ: المَاقِطُ الْبَعِيرُ الَّذِي لَا يتحرّكُ هُزالًا.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
80-لسان العرب (ذرع)
ذرع: الذِّراعُ: مَا بَيْنَ طرَف المِرْفق إِلى طرَفِ الإِصْبَع الوُسْطى، أُنثى وَقَدْ تذكَّر.وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: سأَلت الْخَلِيلَ عَنْ ذِرَاعٍ فَقَالَ: ذِراع كَثِيرٌ فِي تَسْمِيَتِهِمْ بِهِ الْمُذَكَّرَ ويُمَكَّن فِي المذكَّر فَصَارَ مِنْ أَسمائه خَاصَّةً عِنْدَهُمْ، وَمَعَ هَذَا فإِنهم يَصِفون بِهِ الْمُذَكَّرَ فَتَقُولُ: هَذَا ثَوْبُ ذِرَاعٌ، فَقَدْ يُمَكَّنُ هَذَا الِاسْمُ فِي الْمُذَكَّرِ، وَلِهَذَا إِذا سُمِّيَ الرَّجُلُ بِذِرَاعٍ صُرف فِي الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ لأَنه مُذَكَّرٌ سَمِّي بِهِ مُذَكَّرٌ، وَلَمْ يَعْرِفِ الأَصمعي التَّذْكِيرَ فِي الذِّرَاعِ، وَالْجَمْعُ أَذْرُعٌ؛ وَقَالَ يَصِفُ قَوْسًا عَربية:
أَرْمِي عَلَيْهَا، وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ، ***وهْيَ ثَلاثُ أَذْرُعٍ وإِصْبَعُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَسَّرُوهُ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ حِينَ كَانَ مُؤَنَّثًا يَعْنِي أَن فَعالًا وفِعالًا وفَعِيلًا مِنَ الْمُؤَنَّثِ حُكْمُه أَن يُكسَّر عَلَى أَفْعُل وَلَمْ يُكسِّروا ذِراعًا عَلَى غَيْرِ أَفْعُل كَمَا فَعَلوا ذَلِكَ فِي الأَكُفِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الذِّرَاعُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مُؤَنَّثَةٌ لَا غَيْرَ؛ وأَنشد لمِرْداس بْنِ حُصَين:
قَصَرْتُ لَهُ القبيلةَ إِذ تَجِهْنا [تَجَهْنا]، ***وَمَا دانَتْ بِشِدَّتِها ذِراعي
وَفِي حَدِيثِ عائشةَ وزَينبَ: «قَالَتْ زينبُ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُك إِذ قَلبَتْ لَكَ ابْنَةُ أَبي قُحافةَ ذُرَيِّعَتَيْها»؛ الذُّرَيِّعةُ تَصْغِيرُ الذِّرَاعِ ولُحوق الْهَاءِ فِيهَا لِكَوْنِهَا مُؤَنَّثَةً، ثُمَّ ثَنَّتْها مُصَغَّرَةً وأَرادت بِهِ ساعدَيْها.
وَقَوْلُهُمْ: الثَّوْبُ سَبْعٌ فِي ثَمَانِيَةٍ، إِنما قَالُوا سَبْعٌ لأَن الذِّرَاعَ مُؤَنَّثَةٌ، وَجَمْعُهَا أَذرع لَا غَيْرُ، وَتَقُولُ: هَذِهِ ذِرَاعٌ، وإِنما قَالُوا ثَمَانِيَةٌ لأَن الأَشبار مُذَكَّرَةٌ.
والذِّراع مِنْ يَدَيِ الْبَعِيرِ: فَوْقَ الوظيفِ، وَكَذَلِكَ مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ.
والذِّراعُ مِنْ أَيدي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَوْقَ الكُراع.
قَالَ اللَّيْثُ: الذِّرَاعُ اسْمٌ جَامِعٌ فِي كُلِّ مَا يُسَمَّى يَدًا مِنَ الرُّوحانِيين ذَوِي الأَبدان، والذِّراعُ وَالسَّاعِدُ وَاحِدٌ.
وذَرَّع الرجلُ: رَفَعَ ذِراعَيْه مُنذرًا أَو مُبَشِّرًا؛ قَالَ:
تُؤَمِّل أَنفالَ الخمِيس وَقَدْ رَأتْ ***سَوابِقَ خَيْلٍ، لَمْ يُذَرِّعْ بَشيرُها
يُقَالُ لِلْبَشِيرِ إِذا أَوْمَأَ بِيَدِهِ: قَدْ ذَرَّع البَشيرُ.
وأَذْرَع فِي الْكَلَامِ وتذَرَّع: أَكثر وأَفْرَط.
والإِذْراعُ: كثرةُ الكلامِ والإِفْراطُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ التَّذَرُّع.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَصله مِنْ مَدِّ الذِّراع لأَن المُكْثِر قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
وَثَوْرٌ مُذَرَّع: فِي أَكارِعه لُمَع سُود.
وَحِمَارٌ مُذَرَّع: لِمَكَانِ الرَّقْمةِ فِي ذِراعه.
والمُذَرَّعُ: الَّذِي أُمه عَرَبِيَّةٌ وأَبوه غَيْرُ عَرَبِيٍّ؛ قَالَ:
إِذا باهليٌّ عِنْدَهُ حَنْظَلِيَّةٌ، ***لَهَا وَلَدٌ مِنْهُ، فَذَاكَ المُذَرَّعُ
وَقِيلَ: المُذَرَّع مِنَ النَّاسِ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، الَّذِي أُمه أَشرف مِنْ أَبيه، وَالْهَجِينُ الَّذِي أَبوه عَرَبِيٌّ وأُمه أَمة؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الْعَدَوِيُّ:
إِنَّ المُذَرَّعَ لا تُعْنَى خُؤُولَتُه، ***كالبَغْلِ يَعْجِزُ عَنْ شَوْطِ المَحاضِير
وَقَالَ آخَرُ يَهْجُو قَوْمًا:
قَوْمٌ تَوارَثَ بيتَ اللُّؤْمِ أَوَّلُهم، ***كَمَا تَوارَثَ رَقْمَ الأَذْرُعِ الحُمُرُ
وإِنما سُمِّيَ مُذَرَّعًا تَشْبِيهًا بِالْبَغْلِ لأَنَّ فِي ذِرَاعَيْهِ رَقْمتين كرَقْمتي ذِرَاعِ الحِمار نَزَع بِهِمَا إِلى الحِمار فِي الشَّبَهِ، وأُمّ الْبَغْلِ أَكرم مِنْ أَبيه.
والمُذَرَّعة: الضَّبْعُ لِتَخْطِيطِ ذِراعَيْها، صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وغُودِرَ ثاوِيًا، وتَأَوَّبَتْه ***مُذَرَّعةٌ أُمَيْم، لَهَا فَلِيلُ
وَالضَّبْعُ مُذَرَّعة بِسَوَادٍ فِي أَذْرعها، وأَسد مُذَرَّع: عَلَى ذِراعَيْه دَمُ فَرائِسه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ يَهْلِكُ الأَرْقَمُ والفاعُوسُ، ***والأَسَدُ المُذَرَّعُ المَنْهُوسُ
والتذْرِيع: فَضْلُ حَبْلِ القَيد يُوثَق بِالذِّرَاعِ، اسْمٌ كالتَّنْبيت لَا مَصْدَرٌ كالتَّصْويت.
وذُرِّعَ البعيرُ وذُرِّعَ لَهُ: قُيِّدَ فِي ذراعَيْه جَمِيعًا.
يُقَالُ: ذَرَّعَ فُلَانٌ لِبَعِيرِهِ إِذا قَيَّدَه بِفَضْلِ خِطامه فِي ذِرَاعِهِ، وَالْعَرَبُ تَسَمِّيهِ تَذْريعًا.
وَثَوْبٌ مُوَشَّى الذِّراع أَي الكُمِّ، وموشَّى المَذارِع كَذَلِكَ، جُمِعَ عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ كمَلامحَ ومَحاسِنَ.
والذِّراعُ: مَا يُذْرَعُ بِهِ.
ذَرَع الثَّوْبَ وَغَيْرَهُ يَذْرَعُه ذَرْعًا: قدَّره بالذِّراع، فَهُوَ ذارِعٌ، وَهُوَ مَذْرُوع، وذَرْعُ كُلِّ شَيْءٍ: قَدْرُه مِنْ ذَلِكَ.
والتذَرُّع أَيضًا: تَقْدِير الشَّيْءِ بذِراع الْيَدِ؛ قَالَ قَيْس بْنُ الخَطِيم:
ترى قَصَدَ [قِصَدَ] المُرّانِ تُلْقَى، كأَنَّها ***تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وَقَالَ الأَصمعي: تَذَرَّعَ فُلَانٌ الجَرِيدَ إِذا وضَعه فِي ذِراعِه فشَطَبه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْس بْنِ الخَطِيم هَذَا الْبَيْتَ، قَالَ: والخِرْصانُ أَصلها القُضْبان مِنَ الجَرِيد، والشَّواطِبُ جَمْعُ الشاطِبة، وَهِيَ المرأَة الَّتِي تَقْشُر العَسِيب ثُمَّ تُلْقِيه إِلى المُنَقِّية فتأْخذ كُلَّ مَا عَلَيْهِ بسِكِّينها حَتَّى تَتْرُكَهُ رَقِيقًا، ثُمَّ تُلْقِيه المنقِّيةُ إِلى الشاطِبة ثَانِيَةً فتَشْطُبه عَلَى ذِراعها وتَتَذَرَّعُه، وَكُلُّ قَضِيب مِنْ شَجَرَةٍ خِرْصٌ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: التَّذَرُّع قَدْرُ ذِراع يَنكسر فَيَسْقُطُ، والتذَرُّع والقِصَدُ وَاحِدٌ عِنْدَهُ، قَالَ: والخِرْصان أَطراف الرِّمَاحِ الَّتِي تَلِي الأَسنَّة، الْوَاحِدُ خُرْص وخِرْص وخَرْص.
قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ الأَصمعي أَشبههما بِالصَّوَابِ.
وتَذَرَّعتِ المرأَة: شقَّت الخُوص لتعمَل مِنْهُ حَصِيرًا.
ابْنُ الأَعرابي: انْذَرَع وانْذَرَأَ ورَعَفَ واسْتَرْعَفَ إِذا تقدَّم.
والذَّرِعُ: الطويلُ اللِّسَانِ بالشَّرِّ، وَهُوَ السَّيَّارُ الليلَ والنهارَ.
وذَرَع البعيرَ يَذرَعُه ذَرْعًا: وَطِئه عَلَى ذِراعه ليرْكب صاحبُه.
وذَرَّعَ الرجلُ فِي سباحتِه تَذْرِيعًا: اتَّسَع ومدَّ ذِراعَيْه.
والتَّذْرِيعُ فِي الْمَشْيِ: تَحْرِيكُ الذِّراعين.
وذَرَّع بِيَدَيْهِ تَذْرِيعًا: حرَّكهما فِي السعْي وَاسْتَعَانَ بِهِمَا عَلَيْهِ.
وَقِيلَ فِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنه كَانَ ذَرِيعَ المشْي "أَي سريعَ المشْي واسعَ الخَطْوة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «فأَكَل أَكْلًا ذَريعًا» أَي سَرِيعًا كَثِيرًا.
وذَرَع البعيرُ يَده إِذا مَدَّها فِي السَّيْرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذْرَعَ ذِراعَيْه مِنْ أَسفلِ الجُبّةِ إِذْراعًا»؛ أَذْرَع ذِراعَيْه أَي أَخرَجهما مِنْ تَحْتِ الجُبَّة ومدَّهما؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " وَعَلَيْهِ جَمَّازةٌّ فأَذْرَع مِنْهَا يَدَهُ أَي أَخرجها.
وتَذَرَّعَت الإِبل الماءَ: خاضَتْه بأَذْرُعِها.
ومَذارِيعُ الدَّابَّةِ ومَذارِعُها: قَوَائِمُهَا؛ قَالَ الأَخطل:
وَبِالْهَدَايَا إِذا احْمَرَّت مَذارِعُها، ***فِي يَوْمِ ذَبْح وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
وَقَوَائِمُ ذَرِعاتٌ أَي سَريعاتٌ.
وذَرِعاتُ الدَّابَّةِ: قَوَائِمُهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ حِذَاقٍ الْعَبْدِيِّ:
فأَمْستْ كَنَيْسِ الرَّمْلِ، يَغْدُو إِذا غَدَتْ، ***عَلَى ذَرِعاتٍ يَعْتَلِين خُنُوسَا
أَي عَلَى قَوَائِمَ يَعْتَلين مَنْ جاراهُنَّ وهنَّ يَخْنِسْنَ بَعْضَ جَرْيِهن أَي يُبْقين مِنْهُ؛ يَقُولُ لَمْ يَبْذُلْن جَمِيعَ مَا عِنْدَهُنَّ مِنَ السَّيْرِ.
ومِذْراعُ الدَّابَّةِ: قَائِمَتُهَا تَذْرَعُ بِهَا الأَرض، ومِذْرَعُها: مَا بَيْنَ رُكْبَتِهَا إِلى إِبْطها، وثَور مُوَشَّى المَذارِع.
وَفَرَسٌ ذَروعٌ وذَرِيعٌ: سَريعٌ بَعِيدُ الخُطى بيِّن الذَّراعة.
وَفَرَسٌ مُذَرَّع إِذا كَانَ سَابِقًا وأَصله الْفَرَسُ يَلْحَقُ الوَحْشيّ وفارِسُه عَلَيْهِ يَطْعَنُه طَعْنة تَفُور بِالدَّمِ فيُلَطِّخ ذِراعَي الْفَرَسِ بِذَلِكَ الدَّمِ فَيُكُونُ عَلَامَةً لسَبْقِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تَمِيمٍ: " خِلالَ بُيوتِ الحَيِّ مِنها مُذَرَّع "وَيُقَالُ: هَذِهِ نَاقَةٌ تُذارِعُ بُعْد الطَّرِيقِ أَي تَمُدّ باعَها وذِراعها لتَقْطعَه، وَهِيَ تُذارِع الْفَلَاةَ وتَذْرَعُها إِذا أَسْرعت فِيهَا كأَنها تَقِيسُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الإِبل:
وهُنَّ يَذْرَعْن الرِّقاقَ السَّمْلَقا، ***ذَرْعَ النّواطِي السُّحُل المُرَقَّقا
والنواطِي: النَّواسِجُ، الْوَاحِدَةُ ناطيةٌ، وَبَعِيرٌ ذَرُوعٌ.
وذَارَع صاحِبَه فذَرَعه: غَلَبه فِي الخَطْو.
وذَرعه القَيْءُ إِذا غَلبه وسَبق إِلى فِيهِ.
وَقَدْ أَذْرَعه الرجلُ إِذا أَخرجه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَن ذَرَعه القَيْء فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ»أَي سبَقه وغَلبه فِي الخُروج.
والذَّرْعُ: البَدَنُ، وأَبْطَرَني ذَرْعِي: أَبْلى بَدنِي وقطَع مَعاشي.
وأَبطَرْت فُلَانًا ذَرْعَه أَي كَلَّفْته أَكثر مِنْ طَوْقه.
وَرَجُلٌ واسعُ الذَّرْع والذِّراع أَي الخُلُق، عَلَى الْمَثَلِ، والذَّرْعُ: الطاقةُ.
وضاقَ بالأَمر ذَرْعُه وذِراعُه أَي ضعُفت طاقتُه وَلَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَكْرُوهِ فِيهِ مَخْلَصًا وَلَمْ يُطِقه وَلَمْ يَقْو عَلَيْهِ، وأَصل الذرْع إِنما هُوَ بَسْط الْيَدِ فكأَنك تُرِيدُ مَدَدْت يَدَيْ إِليه فَلَمْ تَنَلْه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ ذِئْبًا:
وإِن باتَ وَحْشًا لَيْلةً لَمْ يَضِقْ بِهَا ***ذِراعًا، وَلَمْ يُصْبحْ لَهَا وَهُوَ خاشِعُ
وَضَاقَ بِهِ ذَرْعًا: مِثْلُ ضَاقَ بِهِ ذِراعًا، ونَصْبُ ذرْعًا لأَنه خَرَجَ مفسِّرًا مُحَوِّلًا لأَنه كَانَ فِي الأَصل ضَاقَ ذَرْعي بِهِ، فَلَمَّا حُوّل الْفِعْلُ خَرَجَ قَوْلُهُ ذَرْعًا مُفَسِّرًا، وَمِثْلُهُ طِبْت بِهِ نَفْسًا وقَرَرْت بِهِ عَينًا، والذَّرْعُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الطَّاقَةِ، والأَصل فِيهِ أَن يَذْرَع الْبَعِيرُ بِيَدَيْهِ فِي سَيْرِهِ ذَرْعًا عَلَى قَدْرِ سَعة خَطْوه، فإِذا حَمَلْتَهُ عَلَى أَكثر من طَوْقه قُلْتَ: قَدْ أَبْطَرْت بَعِيرَكَ ذَرْعه أَي حَمَلْته مِنَ السَّيْرِ عَلَى أَكثر مِنْ طَاقَتِهِ حَتَّى يَبْطَر ويَمُدّ عُنُقَهُ ضَعْفًا عَمَّا حُمِل عَلَيْهِ.
وَيُقَالُ: مَا لِي بِهِ ذَرْع وَلَا ذِراع أَي مَا لِي بِهِ طَاقَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْفٍ: «قَلّدوا أَمْركم رَحْب الذِّراع»أَي واسِعَ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ.
والذرْعُ: الوُسْع وَالطَّاقَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «فكَبُر فِي ذَرْعي» أَي عظُم وقْعُه وجلَّ عِنْدِي، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: فكسَر ذَلِكَ مِنْ ذَرْعي أَي ثَبَّطَني عَمَّا أَردته؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" إِبراهيم، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَوحى اللَّهُ إِليه أَنِ ابنِ لِي بَيْتًا فَضَاقَ بِذَلِكَ ذَرْعًا "، وجهُ التَّمْثِيلِ أَن الْقَصِيرَ الذِّراع لَا ينالُ مَا ينالهُ الطَّوِيلُ الذِّرَاعِ وَلَا يُطيق طاقتَه، فَضُرِبَ مَثَلًا لِلَّذِي سَقَطَتْ قوَّته دُونَ بُلُوغِ الأَمر وَالِاقْتِدَارِ عَلَيْهِ.
وذراعُ القَناة: صدرُها لتقدُّمه كتقدُّم الذِّرَاعِ.
وَيُقَالُ لِصَدْرِ الْقَنَاةِ: ذِرَاعُ الْعَامِلِ.
وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ: هُوَ لَكَ عَلَى حَبْلِ الذِّراع أَي أُعَجِّله لَكَ نَقْدًا، وَقِيلَ: هُوَ مُعَدٌّ حَاضِرٌ، والحبْلُ عِرْق فِي الذِّرَاعِ.
وَرَجُلٌ ذَرِعٌ: حَسَن العِشْرةِ والمخالَطةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الخَنْساء:
جَلْد جَمِيل مَخِيل بارِع ذَرِع، ***وَفِي الحُروبِ، إِذا لاقَيْتَ، مِسْعارُ
وَيُقَالُ: ذارعْتُه مُذَارَعَةً إِذا خَالَطْتَهُ.
والذِّراع: نَجم مِنْ نُجوم الجَوْزاء عَلَى شَكْلِ الذِّرَاعِ؛ قَالَ غَيْلانُ الرَّبْعِيُّ:
غَيَّرها بَعْدِيَ مَرُّ الأَنْواءْ: ***نَوءِ الذِّراعِ أَو ذِراعِ الجَوْزاءْ
وَقِيلَ: الذراعُ ذِراع الأَسد، وَهُمَا كوكبانِ نَيِّران ينزلُهما الْقَمَرُ.
والذِّراع: سِمةٌ فِي مَوْضِعِ الذِّراع، وَهِيَ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ أَهل الْيَمَنِ وناسٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ أَهل الرِّمال.
وذَرَّع الرجلَ تذْريعًا وذَرَّعَ لَهُ: جَعَلَ عُنقه بَيْنَ ذِرَاعِهِ وعُنُقه وعضُده فخنَقَه ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُخْنَق بِهِ.
وذَرَّعَه: قَتَلَهُ.
وأَمْر ذَريع: وَاسْعٌ.
وذَرَّع بِالشَّيْءِ: أَقَرَّ بِهِ؛ وَبِهِ سُمِّيَ المُذَرِّعُ أَحدُ بَنِي خَفاجةَ بْنِ عُقَيْل، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَجْلان ثُمَّ أَقرَّ بِهِ فأُقيدَ بِهِ فَسُمِّي المُذَرِّعَ.
والذَّرَعُ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ الوحْشِيَّة، وَقِيلَ: إِنما يَكُونُ ذَرَعًا إِذا قَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَجَمْعُهُ ذِرْعانٌ، تَقُولُ: أَذْرَعتِ البقرةُ، فَهِيَ مُذْرِعٌ ذَاتُ ذَرَعٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: هنَّ المُذْرِعات أَي ذَوَاتُ ذِرْعانٍ.
والمَذارِعُ: النَّخْلُ الْقَرِيبَةُ مِنَ الْبُيُوتِ.
والمَذارِعُ: مَا دَانَى المِصْر مِنَ الْقُرَى الصِّغار.
والمَذارِعُ: المَزالِفُ، وَهِيَ الْبِلَادُ الَّتِي بَيْنَ الرِّيفِ وَالْبَرِّ كالقادِسية والأَنْبار، الْوَاحِدُ مِذْراعٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ: «كَانُوا بِمَذْرَاعِ الْيَمَنِ»، قَالَ: هِيَ الْقَرِيبَةُ مِنَ الأَمصار.
ومَذارِعُ الأَرض: نَواحيها.
ومَذارِعُ الْوَادِي: أَضْواجُه وَنَوَاحِيهِ.
والذَّرِيعة: الْوَسِيلَةُ.
وَقَدْ تَذَرَّع فُلَانٌ بذَريعةٍ أَي توسَّل، وَالْجَمْعُ الذرائعُ.
والذريعةُ، مِثْلُ الدَّريئة: جَمَلٌ يُخْتَل بِهِ الصيْد يَمْشي الصيَّاد إِلى جَنْبِهِ فَيَسْتَتِرُ بِهِ وَيَرْمِي الصيدَ إِذا أَمكنه، وَذَلِكَ الْجَمَلُ يُسَيَّب أَوَّلًا مَعَ الْوَحْشِ حَتَّى تأْلَفَه.
والذريعةُ: السبَبُ إِلى الشَّيْءِ وأَصله مِنْ ذَلِكَ الْجَمَلِ.
يُقَالُ: فُلَانٌ ذَرِيعتي إِليك أَي سَبَبي ووُصْلَتي الَّذِي أَتسبب بِهِ إِليك؛ وَقَالَ أَبو وجْزةَ يَصِفُ امرأَة:
طافَت بِهَا ذاتُ أَلْوانٍ مُشَبَّهة، ***ذَرِيعةُ الجِنِّ لَا تُعْطِي وَلَا تَدَعُ
أَراد كأَنها جِنِّيَّةٌ لَا يَطْمَع فِيهَا وَلَا يَعْلمها فِي نَفْسِهَا.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ هَذَا الْبَعِيرُ الدَّرِيئة والذَّريعة ثُمَّ جُعِلَتِ الذريعةُ مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ أَدْنى مِنْ شَيْءٍ وقَرَّب مِنْهُ؛ وأَنشد:
وللمَنِيَّةِ أَسْبابٌ تُقَرِّبها، ***كَمَا تُقَرِّب للوَحْشِيَّة الذُّرُع
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَنت ذَرَّعْت بَيْنَنَا هَذَا وأَنت سَجَلْته؛ يُرِيدُ سَبَّبْتَه.
والذَّريعةُ: حَلْقة يُتَعلَّم عَلَيْهَا الرَّمْي.
والذريعُ: السريعُ.
وَمَوْتٌ ذريعٌ: سَرِيعٌ فاشٍ لَا يَكَادُ النَّاسُ يَتدافَنُون، وَقِيلَ: ذَريع أَي سَرِيعٌ.
وَيُقَالُ: قَتَلُوهُمْ أَذْرَع قَتْلٍ.
وَرَجُلٌ ذَرِيعٌ بِالْكِتَابَةِ أَي سَرِيعٌ.
والذِّراعُ والذَّراعُ، بِالْفَتْحِ: المرأَة الخفيفةُ الْيَدَيْنِ بالغَزل، وَقِيلَ: الْكَثِيرَةُ الْغَزَلِ القويَّةُ عَلَيْهِ.
وَمَا أَذْرَعَها وَهُوَ مِنْ بَابِ أَحْنَكِ الشاتَيْن، فِي أَن التَّعَجُّبَ مِنْ غَيْرِ فِعل.
وَفِي الْحَدِيثِ: «خَيْرُكنَّ أَذْرَعُكن للمِغْزَل»أَي أَخَفُّكُنَّ بِهِ، وَقِيلَ: أَقْدَركنَّ عَلَيْهِ.
وزِقٌّ ذارِعٌ: كَثِيرُ الأَخذ مِنَ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَيْر الْمَازِنِيُّ:
باكَرتُهُم بسِباء جَوْنٍ ذارِعٍ، ***قَبْل الصَّباحِ، وقَبْلَ لَغْو الطائرِ
وقال عبد بن الْحَسْحَاسِ:
سُلافة دارٍ، لَا سُلافة ذارِعٍ، ***إِذا صُبَّ مِنْهُ فِي الزُّجاجةِ أَزْبدا
والذارِعُ والمِذْرَعُ: الزِّقُّ الصَّغِيرُ يُسْلَخ مِنْ قِبَلِ الذِّراع، وَالْجَمْعُ ذَوارِعُ وَهِيَ لِلشَّرَابِ؛ قَالَ الأَعشى:
والشارِبُونَ، إِذا الذَّوارعُ أُغْلِيَتْ، ***صَفْوَ الفِصالِ بطارِفٍ وتِلادِ
وابنُ ذارِعٍ: الكلْب.
وأَذْرُعٌ وأَذْرِعات، بِكَسْرِ الرَّاءِ: بَلَدٌ يُنْسَبُ إِليه الْخَمْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَنوَّرْتُها مِنْ أَذْرِعاتِ، وأَهلُها ***بيَثْرِبَ أَدْنى دارِها نَظَرٌ عَالِي
يُنْشَدُ بِالْكَسْرِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ مِنْ أَذرعاتِ، وأَما الْفَتْحُ فَخَطَأٌ لأَن نَصْبَ تَاءِ الْجَمْعِ وَفَتْحَهُ كَسْرٌ، قَالَ: وَالَّذِي أَجاز الْكَسْرَ بِلَا صَرْفٍ فلأَنه اسْمٌ لفظُه لفظُ جَمَاعَةٍ لِوَاحِدٍ، وَالْقَوْلُ الجيِّد عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ الصَّرْفُ، وَهُوَ مِثْلُ عَرفات، وَالْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ عَرَفاتٍ عَلَى الْكَسْرِ وَالتَّنْوِينِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَلَفْظُهُ لَفْظُ جَمْعٍ، وَقِيلَ أَذرعات مَوضِعانِ يُنْسَبُ إِليهما الْخَمْرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَمَا إِنْ رَحِيقٌ سَبَتْها التِّجارُ ***مِنْ أَذْرِعاتٍ، فَوادِي جَدَرْ
وَفِي الصِّحَاحِ: أَذْرِعات، بِكَسْرِ الرَّاءِ، مَوْضِعٌ بِالشَّامِ تُنْسَبُ إِليه الْخَمْرُ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ مَصْرُوفَةٌ مِثْلَ عَرَفَاتٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ لَا يُنَوِّنُ أَذرعات، يَقُولُ: هَذِهِ أَذرعاتُ ورأَيت أَذرعاتِ، بِرَفْعِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالنِّسْبَةُ إِلى أَذْرِعات أَذْرَعِيٌّ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَذرعات بِالصَّرْفِ وَغَيْرِ الصَّرْفِ، شَبَّهُوا التَّاءَ بِهَاءِ التأْنيث، وَلَمْ يَحْفَلوا بِالْحَاجِزِ لأَنه سَاكِنٌ، وَالسَّاكِنُ لَيْسَ بِحَاجِزٍ حَصين، إِن سأَل سَائِلٌ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ قَالَ هَذِهِ أَذرعاتُ ومسلماتُ وَشَبَّهَ تَاءَ الْجَمَاعَةِ بِهَاءِ الْوَاحِدَةِ فَلَمْ يُنَوِّن لِلتَّعْرِيفِ والتأْنيث، فَكَيْفَ يَقُولُ إِذا نكَّر أَيُنوّن أَم لَا؟ فَالْجَوَابُ أَن التَّنْوِينَ مَعَ التَّنْكِيرِ وَاجِبٌ هُنَا لَا مَحَالَةَ لِزَوَالِ التَّعْرِيفِ، فأَقْصى أَحوال أَذْرِعات إِذا نَكَّرْتَهَا فِيمَنْ لَمْ يَصْرِفْ أَن تَكُونَ كحمزةَ إِذا نَكَّرْتَهَا، فَكَمَا تَقُولُ هَذَا حمزةُ وحمزةٌ آخَرُ فَتَصْرِفُ النَّكِرَةَ لَا غَيْرَ، فَكَذَلِكَ تَقُولُ عِنْدِي مسلماتُوَنَظَرْتُ إِلى مسلماتٍ أُخرى فَتُنَوِّنُ مسلماتٍ لَا مَحَالَةَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَذْرِعات ويَذْرِعات مَوْضِعٌ بِالشَّامِ حَكَاهُ فِي الْمُبْدَلِ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ: " إِلى مَشْرَبٍ بَيْنَ الذِّراعَيْن بارِد "فَهُمَا هَضْبتان.
وَقَوْلُهُمْ: اقْصِدْ بذَرْعِك أَي ارْبَعْ عَلَى نَفْسك وَلَا يَعْدُ بِكَ قَدْرُك.
والذَّرَعُ، بِالتَّحْرِيكِ: الطمَعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ: " وَقَدْ يَقُودُ الذرَعُ الوَحْشِيَّا والمُذَرِّعُ، بِكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً: الْمَطَرُ الَّذِي يَرْسَخ فِي الأَرض قدرَ ذِراع.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
81-لسان العرب (جلل)
جَلَلَ: اللهُ الجَليلُ سُبْحَانَهُ ذُو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال اللَّهِ، وجَلالُ اللَّهِ: عظمتُه، وَلَا يُقَالُ الجَلال إِلا لِلَّهِ.والجَلِيل: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَقَدَّسَ وَتَعَالَى، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ الأَمر الْعَظِيمُ، وَالرَّجُلُ ذُو الْقَدْرِ الخَطِير.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَلِظُّوا بِيَا ذَا الجَلال والإِكرام»؛ قِيلَ: أَراد عَظِّمُوه، وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: أَسْلِمُو؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبي الدَّرْدَاءِ فِي الأَكثر؛ وَهُوَ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى الجَلِيلُ الْمَوْصُوفُ بِنُعُوتِ الجَلال، وَالْحَاوِي جميعَها، هُوَ الجَلِيلُ المُطْلَق وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى كَمَالِ الصِّفَاتِ، كَمَا أَن الْكَبِيرَ رَاجِعٌ إِلى كَمَالِ الذَّاتِ، وَالْعَظِيمُ رَاجِعٌ إِلى كَمَالِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ.
وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالًا وجَلالةً وَهُوَ جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، والأُنثى جَلِيلة وجُلالة.
وأَجَلَّه: عَظَّمه، يُقَالُ جَلَّ فُلَانٌ فِي عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلًا نَبيلًا، وأَجْلَلْتُه فِي الْمَرْتَبَةِ، وأَجْلَلْتُه أَي عَظَّمته.
وجَلَّ فُلَانٌ يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالَةً أَي عَظُم قَدْرُه فَهُوَ جَلِيل؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
غَيْرَ أَن لَا تَكْذِبَنْها فِي التقَى، ***واجْزِها بالبِرِّ لِلَّهِ الأَجَلّ
يَعْنِي الأَعظم؛ وَقَوْلُ أَبي النجم:
الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلَل، ***أَعْطى فَلَمْ يَبْخَل وَلَمْ يُبَخَّل
يُرِيدُ الأَجَلَّ فأَظهر التَّضْعِيفَ ضَرُورَةً.
والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسْمٌ كالتَّدْوِرَة والتَّنْهيَة؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه، ***تَرى عَلَيْهِمْ لِلنَّدَى أَدِلَّه
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلَيْلَى الأَخْيَلية:
يُشَبَّهون مُلوكًا فِي تَجِلَّتِهم، ***وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم
وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: مُعْظَمُهُ.
وتَجَلَّلَ الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله.
وَيُقَالُ: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها.
وتَجَالَلْت الشَّيْءَ تَجَالًّا وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وَتَدَاقَقْتُهُ إِذا أَخذت دُقاقه؛ وَقَوْلُ ابْنُ أَحمر:
يَا جَلَّ مَا بَعُدَتْ عَلَيْكَ بِلادُنا ***وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ
يَعْنِي مَا أَجَلَّ مَا بَعُدت.
والتَّجالُّ: التَّعَاظُمُ.
يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَجالُّ عَنْ ذَلِكَ أَي يَتَرَفَّعُ عَنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «تَزَوَّجَتِ امرأَة قد تَجَالَّتْ»؛ تَجَالَّت؛ أي أَسَنَّت وكَبِرَتْ.
وَفِي حَدِيثِ أُم صِبْيَة: «كُنَّا نَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ نِسْوةً قَدْ تَجَالَلْنَ»أَي كَبِرْنَ.
يُقَالُ: جَلَّتْ فَهِيَ جَلِيلَة، وتَجَالَّتْ فَهِيَ مُتَجَالَّة، وتَجَالَّ عَنْ ذَلِكَ تَعاظم.
والجُلَّى: الأَمر الْعَظِيمُ؛ قَالَ طَرَفة:
وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُماتِها، ***وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد
وَمِنْهُ قَوْلُ بَشامة بْنِ حَزْن النَّهْشَلي:
وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة، ***يَوْمًا، كِرامًا مِنَ الأَقْوامِ، فادْعِينا
قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَنْ ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، وَمَنْ فَتَحَ الْجِيمَ مَدَّهُ، فَقَالَ الجَلَّاء الْخَصْلَةُ الْعَظِيمَةُ؛ وأَنشد:
كَمِيش الإِزارِ خَارِجٌ نِصْفُ ساقِه، ***صَبُور عَلَى الجَلّاءِ طَلَّاع أَنْجُد
وَقَوْمٌ جِلَّة: ذَوُو أَخطار؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ.
ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ جَلِيل.
وجَلَّ الرَّجُلُ جَلالًا، فَهُوَ جَلِيل: أَسَنَّ واحْتُنِك؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ:
يَا مَنْ لِقَلْبٍ عِنْدَ جُمْلٍ مُخْتَبَلْ ***عُلِّق جُمْلًا، بعد ما جَلَّت وجَلّ
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَجَاءَ إِبليس فِي صُورَةِ شَيْخٍ جَلِيل»أَي مُسنٍّ، وَالْجَمْعُ جِلَّة، والأُنثى جَلِيلة.
وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وَهُوَ جَمْعُ جَلِيل مِثْلُ صَبيٍّ وصِبْية؛ قَالَ النَّمِرُ:
أَزْمانَ لَمْ تأْخذ إِليَّ سِلاحَها ***إِبِلي بجِلَّتِها، وَلَا أَبْكارِها
وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت.
وجَلَّتِ الهاجِنُ عَنِ الْوَلَدِ أَي صَغُرَتْ.
وَفِي حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ: «أَخذت جِلَّة أَموالهم»أَي العِظام الكِبار مِنَ الإِبل، وَقِيلَ المَسانُّ مِنْهَا، وَقِيلَ هُوَ مَا بَيْنَ الثَّنِيِّ إِلى الْبَازِلِ؛ وجُلُّ كُلِّ شَيْءٍ، بِالضَّمِّ: مُعْظَمه، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَخذت مُعْظَمَ أَموالهم.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ مِنَ الإِبل، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وَنَاقَةٌ جِلَّة، وَقِيلَ الجِلَّة النَّاقَةُ الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وَقِيلَ الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى.
وَهَذِهِ نَاقَةٌ قَدْ جَلَّت أَي أَسَنَّت.
وَنَاقَةُ جُلالة: ضَخْمة.
وبَعِير جُلال: مُخْرَجٌ مِنْ جَلِيلٍ.
وَمَا لَهُ دَقِيقَةٌ وَلَا جَلِيلة أَي مَا لَهُ شَاةٌ وَلَا نَاقَةٌ.
وجُلُّ كُلِّ شَيْءٍ: عُظْمه.
وَيُقَالُ: مَا لَهُ دِقٌّ وَلَا جِلٌّ أَي لَا دَقِيقٌ وَلَا جَلِيل.
وأَتيته فَمَا أَجَلَّنِي وَلَا أَحْشاني أَي لَمْ يُعْطِنِي جَلِيلة وَلَا حَاشِيَةً وَهِيَ الصَّغِيرَةُ مِنَ الإِبل.
وَفِي الْمَثَلِ: غَلَبَتْ جِلَّتَها حَوَاشِيهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الجَلِيلة الَّتِي نُتِجَتْ بَطْنًا وَاحِدًا، والحَواشي صِغَارُ الإِبل.
وَيُقَالُ: مَا أَجَلَّنِي وَلَا أَدَقَّني أَي مَا أَعطاني كَثِيرًا وَلَا قَلِيلًا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ: " بَكَتْ فأَدَقَّتْ فِي البُكا وأَجَلَّتِ أَيْ أَتت بِقَلِيلِ الْبُكَاءِ وَكَثِيرِهِ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّه دِقَّه وجِلَّه»أَي صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ.
والجَلَل: الشَّيْءُ الْعَظِيمُ وَالصَّغِيرُ الهَيِّن، وَهُوَ مِنَ الأَضداد فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَيُقَالُ لِلْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ جَلَل؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ لَمَّا قُتل أَبوه:
بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم، ***أَلا كُلُّ شَيْءٍ سِوَاهُ جَلَل
أَي يسيرٌ هَيِّنٌ؛ وَمِثْلُهُ لِلَبِيدٍ:
كُلُّ شيءٍ، مَا خَلَا اللَّهَ، جَلَل ***وَالْفَتَى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل
وَقَالَ الْمُثَقَّبُ الْعَبْدِيُّ:
كُلُّ يومٍ كَانَ عَنَّا جَلَلًا، ***غيرَ يومِ الحِنْو مَنْ يَقْطَعْ قَطَر
وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
إِن يُسْرِ عَنْكَ اللَّهُ رُونَتَها، ***فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ
والرُّونة: الشِّدَّةُ؛ قَالَ: وَقَالَ زويهر بن الحرث الضَّبِّيُّ:
وَكَانَ عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا، ***فكلُّ الَّذِي لاقَيْت مِنْ بعدِه جَلَل
وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ: «قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ القَتْلى جَلَلٌ مَا عَدَا مُحَمَّدًا»أَي هَيِّنٌ يَسِيرٌ.
والجَلَل: مِنَ الأَضداد يَكُونُ لِلْحَقِيرِ وَلِلْعَظِيمِ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لأَبي الأَخوص الرِّيَاحِيِّ:
لَوْ أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي ***بِذِي نَجَبٍ، ما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ
أَي دَخَلت فِي الجَلَل وَهُوَ الأَمر الصَّغِيرُ.
قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ هَذَا الأَمر جَلَل فِي جَنْب هَذَا الأَمر أَي صَغِيرٌ يَسِيرٌ.
والجَلَل: الأَمر العظيم؛ قال الحرث بْنُ وَعْلَةَ بْنِ الْمُجَالِدِ بْنِ يَثْرِبِيِّ بْنِ الرَّبَابِ بْنُ الْحَرْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سِنَانِ بْنِ ذُهَلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي، ***فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي
فَلَئِنْ عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلًا، ***وَلَئِنْ سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي
وأَما الجَليل فَلَا يَكُونُ إِلا لِلْعَظِيمِ.
والجُلَّى: الأَمر الْعَظِيمُ، وَجَمْعُهَا جُلَل مِثْلُ كُبْرى وكُبَر.
وَفِي الْحَدِيثِ: «يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة الرَّحْل فِي مِثْلِ جُلَّة السَّوْط» أَي فِي مِثْلِ غِلَظِه.
وَفِي حَدِيثِ أُبيّ بْنِ خَلَف: «إِن عِنْدِي فَرَسًا أُجِلُّها كُلَّ يَوْمٍ فَرَقًا مِنْ ذَرَّةٍ أَقْتُلك عَلَيْهَا، فَقَالَ: عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَلْ أَنا أَقْتُلك عَلَيْهَا، إِن شَاءَ اللَّهُ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير:؛ أي أَعلفها إِياه فَوَضَعَ الإِجْلال مَوْضِعَ الإِعطاء وأَصله مِنَ الشَّيْءِ الجَلِيل؛ وَقَوْلُ أَوس يَرْثي فَضَالَةَ: " وعَزَّ الجَلُّ وَالْغَالِي "فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي بأَن الجَلَّ الأَمر الجَلِيل، وَقَوْلُهُ وَالْغَالِي؛ أي أَن مَوْتَهُ غالٍ عَلَيْنَا مِنْ قَوْلِكَ غَلا الأَمر زَادَ وعَظُم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَسْمَعِ الجَلَّ فِي مَعْنَى الجَلِيل إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ.
والجُلْجُل: الأَمر الْعَظِيمِ كالجَلَل.
والجِلُّ: نَقِيضُ الدِّقِّ.
والجُلال: نَقِيضُ الدُّقاق.
والجُلال، بِالضَّمِّ: الْعَظِيمُ.
والجُلالة: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ.
وَكُلُّ شَيْءٍ يَدِقُّ فجُلاله خِلَافُ دُقاقه.
وَيُقَالُ: جِلَّة جَريمة للعِظام الأَجْرام.
وجَلَّل الشيءُ تَجْلِيلًا أَي عَمَّ.
والمُجَلِّل: السَّحَابُ الَّذِي يُجَلِّل الأَرض بِالْمَطَرِ أَي يَعُمُّ.
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: «وابِلًا مُجَلِّلًا»أَي يُجَلِّل الأَرض بِمَائِهِ أَو بِنَبَاتِهِ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَفْعُولِ.
والجِلُّ مِنَ الْمَتَاعِ: القُطُف والأَكسية والبُسُط وَنَحْوُهُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ.
والجَلُّ والجِلُّ، بِالْكَسْرِ: قَصَب الزَّرْعِ وسُوقه إِذا حُصِد عَنْهُ السُّنبل.
والجُلَّة: وِعَاءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الْخُوصِ يُوضَعُ فِيهِ التَّمْرُ يُكْنَزُ فِيهَا، عَرَبِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا ضَرَبْتَ مُوقَرًا فابطُنْ لُهْ، ***فَوْقَ قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه
يَعْنِي جَمَلًا عَلَيْهِ جُلَّة فَهُوَ بِهَا مُوقَر، وَالْجَمْعُ جِلال وجُلَل؛ قَالَ:
بَاتُوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جَارَهُمْ، ***وعندهُمُ البَرْنيُّ فِي جُلَل دُسْم
وَقَالَ:
يَنْضَح بِالْبَوْلِ، والغُبار عَلَى ***فَخْذَيه، نَضْحَ العِيديَّة الجُلَلا
وجُلُّ الدَّابَّةِ وجَلُّها: الَّذِي تُلْبَسه لتُصان بِهِ؛ الْفَتْحُ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ جِلال وأَجْلال؛ قَالَ كثيِّر:
وَتَرَى الْبَرْقَ عَارِضًا مُسْتَطِيرًا، ***مَرَحَ البُلْق جُلْنَ فِي الأَجْلال
وَجَمْعُ الجِلال أَجِلَّة.
وجِلال كُلِّ شَيْءٍ: غِطاؤه نَحْوَ الحَجَلة وَمَا أَشبهها.
وَتَجْلِيلُ الْفَرَسِ: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّلَه أَي عَلاه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه جَلَّلَ فَرَسًا لَهُ سَبَق بُرْدًا عَدَنِيًّا» أَي جَعَلَ البُرْد لَهُ جُلًّا.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنه كَانَ يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ».
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «اللَّهُمَّ جَلِّل قَتلة عُثْمَانَ خِزْيًا»؛ أي غَطِّهم بِهِ وأَلْبِسْهم إِياه كَمَا يَتَجَلَّلُ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ.
وتجَلَّلَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ وَالْفَرَسُ الحِجْر: عَلَاهَا.
وتجَلَّلَ فُلَانٌ بِعِيرِهِ إِذا عَلَا ظَهْرَهُ.
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وَقِيلَ: هُوَ الْبَعَرُ الَّذِي لَمْ يَنْكَسِرْ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلَّة عَلَى الْوَاحِدَةِ.
وإِبِل جَلَّالة: تأْكل العَذِرة، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ لُحُومِهَا وأَلبانها.
والجَلَّالة: الْبَقَرَةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكل الجلَّالة وَرُكُوبِهَا "؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: " نُهِيَ عَنْ لَبَنِ الجلَّالة "؛ والجلَّالة مِنَ الْحَيَوَانِ: الَّتِي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة.
والجِلَّة: الْبَعَرُ فَاسْتُعِيرَ وَوُضِعَ مَوْضِعَ العَذِرة، يُقَالُ: إِن بَنِي فُلَانٍ وَقودهم الجِلَّة وَوَقُودُهُمُ الوَأْلة وَهُمْ يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يَلْقُطُونَ الْبَعَرَ.
وَيُقَالُ: جَلَّت الدَّابَّةُ الجِلَّة واجْتَلَّتها فَهِيَ جَالَّة وجَلَّالة إِذا الْتَقَطَتْهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فإِنما قَذِرَتْ عَلَيْكُمْ جَالَّة القُرى».
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: فإِنما حَرَّمتها مِنْ أَجل جَوَالِّ القَرْية "؛ الجَوَالُّ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: جَمْعُ جَالَّة كسامَّة وسَوامّ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِني أُريد أَن أَصحبك، قَالَ: لَا تَصْحَبْنِي عَلَى جَلَّال»، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ، فأَما أَكل الجلَّالة فَحَلَالٌ إِن لَمْ يَظْهَرِ النَّتْنُ فِي لَحْمِهَا، وأَما رُكُوبُهَا فَلَعَلَّهُ لِمَا يَكْثُرُ مِنْ أَكلها العَذِرة وَالْبَعَرَ، وَتَكْثُرُ النَّجَاسَةُ عَلَى أَجسامها وأَفواهها وَتَلْمِسُ رَاكِبَهَا بِفَمِهَا وَثَوْبَهُ بِعَرَقها وَفِيهِ أَثر العَذِرة أَو الْبَعَرِ فَيَتَنَجَّسُ.
وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلًّا: جَمعه والتقطعه بِيَدِهِ.
واجْتَلَّ اجْتِلالًا: الْتَقَطَ الجِلَّة لِلْوَقُودِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الدَّابَّةُ الَّتِي تأْكل الْعَذِرَةَ الجَلَّالة، واجْتَلَلت الْبَعَرَ.
الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلًّا إِذا الْتَقَطَ الْبَعَرَ واجْتَلَّه مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ لجَإٍ يَصِفُ إِبلًا يَكْفي بعرُها مِنْ وَقود يُسْتَوقد بِهِ مِنْ أَغصان الضَّمْران:
يَحْسَبُ مُجْتَلّ الإِماءِ الْحُرُمِ، ***مِنْ هَدَب الضَّمْران، لَمْ يُحَطَّم
وَيُقَالُ: خَرَجَتِ الإِماء يَجْتَلِلْن أَيْ يَلْتَقِطْنَ الْبَعَرَ.
وَيُقَالُ: جَلَّ الرجلُ عَنْ وَطَنِهِ يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولًا وَجَلَا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى موطنِه.
وجَلَّ القومُ مِنَ الْبَلَدِ يَجُلُّون، بِالضَّمِّ، جُلولًا أَي جَلَوا وَخَرَجُوا إِلى بَلَدٍ آخَرَ، فَهُمْ جالَّة.
ابْنُ سِيدَهْ: وجَلَّ القومُ عَنْ مَنَازِلِهِمْ يَجُلُّون جُلولًا جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج:
كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ، ***عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ
وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتُعْمِل فُلَانٌ عَلَى الجالِيَة والجَالَّة، وَهُمْ أَهل الذِّمَّةِ، وإِنما لَزِمَهُمْ هَذَا الِاسْمُ لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَجْلى بَعْضَ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ وأَمر بإِجلاء مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فأَجْلاهم عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فسُمُّوا جالِية لِلُزُومِ الِاسْمِ لَهُمْ، وإِن كَانُوا مُقِيمِينَ بِالْبِلَادِ الَّتِي أَوْطَنوها.
وَهَذِهِ نَاقَةٌ تَجِلُّ عَنِ الْكَلَالِ: مَعْنَاهُ هِيَ أَجَلُّ مِنْ أَن تَكِلّ لِصَلَابَتِهَا.
وَفَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ جَرَّاك وَمِنْ جُلِّك؛ ابْنُ سِيدَهْ: فِعْلُهُ مِنْ جُلِّك وجَلَلِك وجَلالِك وتَجِلَّتِك وإِجلالِك وَمِنْ أَجْل إِجْلالك أَي مِنْ أَجلك؛ قَالَ جَمِيلٌ:
رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ فِي طَلَله، ***كِدْتُ أَقْضي الغَداة مِنْ جَلَله
أَي مِنْ أَجله؛ وَيُقَالُ: مِنْ عِظَمه فِي عَيْنِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وأَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ: " كِدْتُ أَقضي الْحَيَاةَ مِنْ جَلَله "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد ربَّ رَسْمِ دَارٍ فأَضمر رُبَّ وأَعملها فِيمَا بَعْدَهَا مُضْمَرَةً، وَقِيلَ: مِنْ جَلَلك أَي مِنْ عَظَمتك.
التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ جَلَل كَذَا وَكَذَا أَي مِنْ عِظَمه فِي صَدْرِي؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ عَلَى قَوْلِهِمْ فَعَلْتُهُ مِنْ جَلالِك أَي مِنْ أَجلك قَوْلَ الشَّاعِرِ:
حَيائيَ مِنْ أَسْماءَ، والخَرْقُ بَيْنَنَا، ***وإِكْرامِيَ القومَ العِدى مِنْ جَلالِها
وأَنت جَلَلْت هَذَا عَلَى نَفْسِكَ تجُلُّه أَي جَرَرْته يَعْنِي جَنَيته؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والمَجَلَّة: صَحِيفَةٌ يُكْتَبُ فِيهَا.
ابْنُ سِيدَهْ: والمَجَلَّة.
الصَّحِيفَةُ فِيهَا الْحِكْمَةُ؛ كَذَلِكَ رُوِيَ بَيْتُ النَّابِغَةِ بِالْجِيمِ:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِينُهم ***قَوِيم فَمَا يَرْجُون غَيْرَ الْعَوَاقِبِ
يُرِيدُ الصَّحِيفَةَ لأَنهم كَانُوا نَصَارَى فَعَنى الإِنْجيل، وَمَنْ رَوَى مَحَلَّتهم أَراد الأَرض الْمُقَدَّسَةَ وَنَاحِيَةَ الشَّامِ وَالْبَيْتَ المقدَّس، وَهُنَاكَ كَانَ بَنُو جَفْنة؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مَوَاضِعَ مُقَدَّسَةً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كُلُّ كِتَابٍ عِنْدَ الْعَرَبِ مَجَلَّة.
وَفِي حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ: «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلَ الَّذِي مَعِي، فَقَالَ: وَمَا الَّذِي مَعَكَ؟ قَالَ: مَجَلَّة لُقْمَانَ»؛ كُلُّ كِتَابٍ عِنْدَ الْعَرَبِ مَجَلَّة، يُرِيدُ كِتَابًا فِيهِ حِكْمَةُ لُقْمَانَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنس: «أُلقي إِلينا مَجالُ»؛ هِيَ جَمْعُ مَجَلَّة يَعْنِي صُحُفًا قِيلَ إِنها معرَّبة مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ عَرَبِيَّةٌ، وَقِيلَ: مَفْعَلة مِنَ الْجَلَالِ كَالْمَذَلَّةِ مِنَ الذُّلِّ.
والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وَهُوَ نَبْتٌ ضَعِيفٌ يُحْشَى بِهِ خَصاص الْبُيُوتِ، وَاحِدَتُهُ جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ لِبِلَالٍ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبيتَنَّ لَيْلَةً ***بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِياه مَجَنَّةٍ؟ ***وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شامَةٌ وطَفِيل؟
وَقِيلَ: هُوَ الثُّمام إِذا عَظُمَ وجَلَّ، وَالْجَمْعُ جَلائل؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " يَلُوذُ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل وَذُو الجَلِيل: وَادٍ لِبَنِي تَمِيمٍ يُنبت الجَلِيل وَهُوَ الثُّمَامُ.
والجَلُّ، بِالْفَتْحِ: شِرَاعُ السَّفِينَةِ، وَجَمْعُهُ جُلُول، قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فِي ذِي جُلُول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه، ***إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهواله ارتَسما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جُمِعَ عَلَى أَجْلال؛ قَالَ جَرِيرٌ:
رَفَعَ المَطِيّ بِهَا وشِمْت مُجَاشِعًا ***والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذُو الأَجْلال
وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ، ***جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُ
يَعْنِي مَدَّ هَذَا القُرْقورَ أَي زَادَ فِي جَرْيه جَلٌّ، وَهُوَ الشِّراع، يَقُولُ: مَدَّ فِي جَرْيِهِ، والصُّرَّاء: جَمْعُ صارٍ وَهُوَ مَلَّاح مِثْلُ غازٍ وغُزَّاء.
وَقَالَ شِمْرٌ: رَوَاهُ أَبو عَدْنَانَ الْمَلَّاحُ جُلٌّ وَهُوَ الْكِسَاءُ يُلْبَس السَّفِينَةَ، قَالَ: وَرَوَاهُ الأَصمعي جَلٌّ، وَهُوَ لُغَةُ بَنِي سَعْدٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ.
والجُلُّ: الْيَاسَمِينُ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَرْدُ أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فَمِنْهُ جَبَليّ وَمِنْهُ قَرَويّ، وَاحِدَتُهُ جُلَّة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهُوَ كَلَامٌ فَارِسِيٌّ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ والجُلُّ الَّذِي فِي شِعْرِ الأَعشى فِي قوله:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسمين ***والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها
هُوَ الْوَرْدُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ وقُصَّابها: جَمْعُ قَاصِبٍ وَهُوَ الزَّامِرُ، وَيُرْوَى بأَقصابها جَمْعُ قُصْب.
وجَلُولاء، بِالْمَدِّ: قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ فَارِسَ وَالنِّسْبَةُ إِليها جَلُوليٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مِثْلُ حَرُورِي فِي النِّسْبَةِ إِلى حَرُوراء.
وجَلٌّ وجَلَّان: حَيَّان مِنَ الْعَرَبِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِنا وَجَدْنَا بَنِي جَلَّان كُلَّهمُ، ***كَسَاعِدِ الضَّبِّ لَا طُول وَلَا قِصَر
أَي لَا كَذِي طُولٍ وَلَا قِصَر، عَلَى الْبَدَلِ مِنْ سَاعِدٍ؛ قَالَ: كَذَلِكَ أَنشده أَبو عَلِيٍّ بِالْخَفْضِ.
وجَلٌّ: اسْمٌ؛ قَالَ:
لَقَدْ أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ، ***لأَهل حُباحبٍ، حَبْلًا طَوِيلًا
وجَلُّ بْنُ عَدِيّ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ رَهْط ذِي الرُّمَّةِ العَدَوي.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «قَالَ لَهُ رَجُلٌ الْتَقَطْتُ شَبَكَةً عَلَى ظَهْر جَلَّال»؛ قَالَ: هُوَ اسْمٌ لِطَرِيقِ نَجْدٍ إِلى مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ فِي الأَرض أَو الْحَرَكَةُ والجوَلان.
وتَجَلْجَل فِي الأَرض أَي سَاخَ فِيهَا وَدَخَلَ.
يُقَالُ: تَجَلْجَلَت قواعدُ الْبَيْتِ أَي تَضَعْضَعَتْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن قَارُونَ خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ يَتَبَخْتَرُ فِي حُلَّة لَهُ فأَمر اللَّهُ الأَرض فأَخذته فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الخُيَلاء خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يتَجَلْجل إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يَتَجَلْجَلُ يَتَحَرَّكُ فِيهَا أَي يَغُوصُ فِي الأَرض حِينَ يُخسف بِهِ.
والجَلْجَلَة: الْحَرَكَةُ مَعَ الصَّوْتِ أَي يَسُوخ فِيهَا حِينَ يُخْسف بِهِ.
وَقَدْ تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلًا، والجَلْجَلَة: شِدَّةُ الصَّوْتِ وحِدَّته، وَقَدْ جَلْجَلَهُ؛ قال:
يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصًا كأَنه، ***بغَيْفَة لَمّا جَلْجَلَ الصوتَ، جَالِبُ
والجَلْجَلَة: صَوْتُ الرَّعْدِ وَمَا أَشبهه.
والمُجَلْجِل مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي فِيهِ صَوْتُ الرَّعْدِ.
وسحابٌ مُجَلْجِل: لِرَعْدِهِ صَوْتٌ.
وَغَيْثٌ جَلْجَال: شَدِيدُ الصَّوْتِ، وَقَدْ جَلْجَلَ وجَلْجَلَهُ: حَرَّكَهُ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: جَلْجَلْت الشَّيْءَ جَلْجَلَة إِذا حَرَّكْتَهُ بِيَدِكَ حَتَّى يَكُونَ لِحَرَكَتِهِ صَوْتٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ تحرَّك فَقَدْ تَجَلْجَلَ.
وَسَمِعْنَا جَلْجَلَة السَّبُع: وَهِيَ حَرَكَتُهُ.
وتَجَلْجَل القومُ لِلسَّفَرِ إِذا تحرَّكوا لَهُ.
وخَمِيسٌ جَلْجَال: شَدِيدٌ.
شِمْرٌ: المُجَلْجَل الْمَنْخُولُ الْمُغَرْبَلُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ: " حَتَّى أَجالته حَصًى مُجَلْجَلا
أَي لَمْ تَتْرُكْ فِيهِ إِلا الْحَصَى المُجَلْجَل.
وجَلْجَلَ الفرسُ: صَفَا صَهِيله وَلَمْ يَرِقَّ وَهُوَ أَحسن مَا يَكُونُ، وَقِيلَ: صَفَا صَوْتُهُ ورَقَّ، وَهُوَ أَحسن لَهُ.
وَحِمَارٌ جُلاجِل، بِالضَّمِّ: صَافِي النَّهيق.
وَرَجُلٌ مُجَلْجَل: لَا يَعْدِله أَحد فِي الظَّرْف.
التَّهْذِيبُ: المُجَلْجِل السَّيِّدُ الْقَوِيُّ وإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَبٌ وَلَا شَرَفٌ وَهُوَ الْجَرِيءُ الشَّدِيدُ الدَّافِعُ... وَاللِّسَانُ، وَقَالَ شِمْرٌ: هُوَ السَّيِّدُ الْبَعِيدُ الصَّوْتِ؛ وأَنشد ابْنُ شُمَيْلٍ:
جَلْجَلَ سِنَّك خَيْرَ الأَسنان، ***لَا ضَرَع السِّنِّ وَلَا قَحْمٌ فَانِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ الْجَرِيءِ إِنه ليُعَلِّق الجُلْجُل؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ: "" إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل ""يُرِيدُ الْجَرِيءَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ؛ التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ:
يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل، ***إِلَّا امْرَأً يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُل
يَعْنِي رَاعِيَهُ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ وَرَبَّاهُ وَهُوَ صَغِيرٌ يَعْرِفُهُ فَلَا يُؤْذِيهِ؛ قَالَ الأَصمعي: هَذَا مَثَلٌ، يَقُولُ: فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ إِلَّا شُجَاعٌ لَا يُبَالِيهِ، وَهُوَ صَعْبٌ مَشْهُورٌ، كَمَا يُقَالُ مَنْ يُعَلِّق الجُلْجُل فِي عُنُقِهِ.
ابْنُ الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ.
وَغُلَامٌ جُلْجُل وجُلاجِل: خَفِيفُ الرُّوحِ نَشِيط فِي عَمَلِهِ.
والمُجَلْجَل: الْخَالِصُ النَّسَبِ.
والجُلْجُل: مَعْرُوفٌ، وَاحِدُ الجَلاجِل.
والجُلْجُل: الجَرَس الصَّغِيرُ، وَصَوْتُهُ الجَلْجَلة.
وَفِي حَدِيثِ السَّفَرِ: «لَا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فِيهَا جُلْجُل»؛ هُوَ الْجَرَسُ الصَّغِيرُ الَّذِي يُعَلَّقُ فِي أَعناق الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا.
والجَلْجَلة: تَحْرِيكُ الجُلْجُل.
وإِبل مُجَلْجَلة: تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الأَجراس؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ: " أَيا ضَيَاع الْمِائَةِ المُجَلْجَله "والجُلْجُل: الأَمر الصَّغِيرُ وَالْعَظِيمُ مِثْلُ الجَلَل؛ قَالَ:
وَكُنْتُ، إِذا مَا جُلْجُل الْقَوْمُ لَمْ يَقُم ***بِهِ أَحد، أَسْمو لَهُ وأَسُور
والجُلْجُلان: ثَمَرَةُ الكُزْبُرة، وَقِيلَ حَبُّ السِّمسم.
وَقَالَ أَبو الْغَوْثِ: الجُلْجُلان هُوَ السِّمْسِمُ فِي قِشْرِهِ قَبْلَ أَن يُحْصَدَ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: «وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ فِي الجُلْجُلان هُوَ السِّمْسِمُ»، وَقِيلَ: حَبٌّ كالكُزْبُرة، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَدَّهِن عِنْدَ إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان.
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِمَا فِي جَوْفِ التِّينِ مِنَ الْحَبِّ الجُلْجُلان؛ وأَنشد غَيْرُهُ لوَضّاح:
ضحِك النَّاسُ وَقَالُوا: ***شِعْر وَضَّاحِ الْكَبَانِي،
إِنما شِعْرِيَ مِلْح ***قَدْ خُلِطْ بجُلْجُلانِ
وجُلْجُلان الْقَلْبِ: حَبَّته ومُنَّته.
وعَلِمَ ذَلِكَ جُلْجُلان قَلْبِهِ أَي علِمَ ذَلِكَ قَلْبُهُ.
وَيُقَالُ: أَصبت حبَّة قَلْبِهِ وجُلْجُلان قَلْبِهِ وحَمَاطة قَلْبِهِ.
وجَلْجَل الشيءَ: خَلَطَهُ.
وجَلاجِل وجُلاجِل وَدَارَةُ جُلْجُل، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ، وجَلاجِل، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الدَّهناء؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَيا ظَبْيَةَ الوَعْساء، بَيْنَ جَلاجِل ***وَبَيْنَ النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سَالِمِ؟
وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمَضْمُومَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَتِ الرُّوَاةُ هَذَا الْبَيْتَ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ جُلاجِل، بِضَمِّ الْجِيمِ لَا غَيْرُ، وَاللَّهُ أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
82-لسان العرب (نصل)
نصل: التَّهْذِيبُ: النَّصْلُ نصلُ السَّهْمِ ونَصْلُ السيفِ والسِّكِّينِ والرمحِ، ونَصْلُ البُهْمَى مِنَ النبات ونحوه إِذا خَرَجَتْ نصالُها.الْمُحْكَمُ: النَّصْلُ حديدةُ السَّهْمِ والرمحِ، وَهُوَ حَدِيدَةُ السَّيْفِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَقْبَض [مَقْبِض]؛ حَكَاهَا ابْنُ جِنِّي قَالَ: فإِذا كَانَ لَهَا مَقْبَض [مَقْبِض] فَهُوَ سَيْفٌ؛ وَلِذَلِكَ أَضاف الشَّاعِرُ النَّصْل إِلى السَّيْفِ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ عُطْبول ***أَنِّي، بنَصْل السَّيْفِ، خَنْشَلِيل
ونَصْل السَّيْفِ: حَدِيدُهُ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ النصْل كُلُّ حَدِيدَةٍ مِنْ حَدَائِدِ السِّهام، وَالْجَمْعُ أَنصُل ونُصُول ونِصال.
والنَّصْلانِ: النَّصْل والزُّجُّ؛ قَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
عِشْنا بِذَلِكَ دَهْرًا ثُمَّ فارَقَنا، ***كَذَلِكَ الرُّمْحُ ذُو النَّصْلَيْن ينكَسِر
وَقَدْ سمِّي الزُّجُّ وحدَه نَصْلًا.
ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّصْل السَّهْمُ العريضُ الطويلُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ فِتْر والمِشْقَصُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ النَّصْل، قَالَ: وَالسَّهْمُ نَفْسُ النَّصْل، فَلَوِ التقطْتَ نَصْلًا لقلْتُ مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَكَ؟ وَلَوِ التقطتَ قِدْحًا لَمْ أَقل مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَكَ.
وأَنْصَلُ السهمَ ونَصَّلَه: جَعَلَ فِيهِ النَّصْلَ، وَقِيلَ: أَنْصَلَه أَزال عَنْهُ النَّصْل، ونَصَّلَه ركَّب فِيهِ النَّصْل، ونَصَلَ السهمُ فِيهِ ثَبَتَ فَلَمْ يَخْرُجْ، ونَصَلْتُه أَنا ونَصَلَ خَرَجَ، فَهُوَ مِنَ الأَضداد، وأَنْصَلَه هُوَ.
وَكُلُّ مَا أَخرجته فَقَدْ أَنْصَلْتَه.
ابْنُ الأَعرابي: أَنْصَلْت الرمحَ ونَصَلْته جَعَلْتُ لَهُ نَصْلًا، وأَنْصَلْته نَزَعْتُ نَصْلَه.
وَفِي حَدِيثِ أَبي سُفْيَانَ: «فَامَّرَطَ قُذَذُ السَّهْمِ وانْتَصَلَ»؛ أي سَقَطَ نَصْلُه.
وَيُقَالُ: أَنْصَلْت السهمَ فانْتَصَلَ أَي خَرَجَ نَصْلُه.
وَفِي حَدِيثِ أَبي مُوسَى: «وإِن كَانَ لِرُمْحِك سِنان فأَنْصِلْه»أَي انزعْه.
وَيُقَالُ: سَهْمٌ نَاصِل إِذا خَرَجَ مِنْهُ نَصْلُه، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا بَلِلْتُ مِنْ فُلَانٍ بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي مَا ظفِرت مِنْهُ بِسَهْمٍ انْكَسَرَ فُوقُه وَسَقَطَ نَصْلُه.
وَسَهْمٌ نَاصِل: ذُو نَصْل، جَاءَ بِمَعْنَيَيْنِ مُتضادَّين.
الْجَوْهَرِيُّ: ونَصَل السهمُ إِذا خَرَجَ مِنْهُ النَّصْل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَماه بأَفْوَقَ ناصِلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَحُطَّ عَلَيْهَا والضُّلوعُ كأَنها، ***مِنَ الخَوْفِ، أَمثالُ السِّهام النَّواصِلِ
وَقَالَ رَزِين بْنُ لُعْط:
أَلا هَلْ أَتى قُصْوَى الأَحابيشِ أَننا ***رَدَدْنا بَنِي كَعْب بأَفْوَقَ نَاصِلِ؟
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: «ومَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بأَفْوَقَ نَاصِلٍ»أَي بِسَهم مُنْكَسِرِ الفُوق لَا نَصْل فِيهِ.
وَيُقَالُ أَيضًا.
نَصَل السَّهْمُ إِذا ثَبَتَ نَصْلُهُ فِي الشَّيْءِ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد.
ونَصَّلْت السهمَ تَنْصِيلًا: نَزَعْتُ نَصْلَه، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ قَرَّدْت البعيرَ وقَذَّيْت العينَ إِذا نَزَعْتَ مِنْهَا القُراد والقَذَى، وَكَذَلِكَ إِذا ركَّبت عَلَيْهِ النَّصْل فَهُوَ مِنَ الأَضداد، وَكَانَ يُقَالُ لِرَجَب: مُنْصِل الأَلَّةِ ومُنْصِل الإِلال ومُنْصِل الأَلِّ لأَنهم كَانُوا يَنزِعون فِيهِ أَسِنَّة الرِّماح؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانُوا يُسَمُّونَ رَجَبًا مُنْصِل الأَسِنَّة»أَي مخرِج الأَسِنَّة مِنْ أَماكنها، كَانُوا إِذا دَخَلَ رَجَبٌ نزَعوا أَسِنَّة الرِّماح ونِصالَ السِّهام إِبطالًا لِلْقِتَالِ فِيهِ وَقَطْعًا لأَسباب الفِتَن لحُرْمته، فَلَمَّا كَانَ سَبَبًا لِذَلِكَ سمِّي بِهِ.
الْمُحْكَمُ: مُنْصِلُ الأَلِّ رَجَبٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا ينزِعون الأَسِنَّة فِيهِ إِعْظامًا لَهُ وَلَا يَغْزُون وَلَا يُغِيرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ الأَعشى:
تَدارَكَه فِي مُنْصِل الأَلِّ بعد ما ***مضَى غَيْرَ دَأْداءٍ، وَقَدْ كادَ يَذْهَبُ
أَي تَداركه فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِهِ.
الْكِسَائِيُّ: أَنْصَلْت السهمَ، بالأَلف، جَعَلْتُ فِيهِ نَصْلًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَجْهَ الْآخَرَ أَن الإِنْصال بِمَعْنَى النَّزْع والإِخراج، قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لرجبٍ مُنْصِل الأَسِنَّة.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّصْل القَهَوْباة بِلَا زِجاجٍ، والقَهَوْبات السِّهامُ الصغارُ.
ونَصَلَ فِيهِ السَّهْمُ: ثَبَتَ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَقِيلَ: نَصَلَ خَرَجَ، وَقَالَ شِمْرٌ: لَا أَعرف نَصَلَ بِمَعْنَى ثَبت، قَالَ: ونَصَلَ عِنْدِي خَرَجَ.
ونَصْلُ الغَزْلِ: مَا يَخْرُجُ مِنَ المِغْزَلِ.
وَيُقَالُ للغزْل إِذا أُخْرج مِنَ المِغْزَل: نَصَل.
ونَصَلَ مِنْ بَيْنِ الْجِبَالِ نُصُولًا: خَرَجَ وَظَهَرَ.
ونَصَلَ فُلَانٌ مِنَ الْجَبَلِ إِلى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا عَلَيْنَا أَي خَرَجَ.
ونَصَلَ الطريقُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا: خَرَجَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ تَنَصَّلَت هَذِهِ تَنْصُرُ بَني كَعْبٍ» أَي أَقبلت، مِنْ قَوْلِهِمْ نَصَلَ عَلَيْنَا إِذا خَرَجَ مِنْ طَرِيقٍ أَو ظَهَرَ مِنْ حِجَابٍ، وَيُرْوَى: تَنْصَلِتُ أَي تقصِد لِلْمَطَرِ.
ونَصَلَ الحافرُ نُصُولًا إِذا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَسَقَطَ كَمَا يَنْصُلُ الخِضابُ.
ونَصَلَتِ اللحيةُ تَنْصُلُ نُصُولًا، ولحيةٌ نَاصِل، بِغَيْرِ هَاءٍ، وتَنَصَّلْت: خَرَجَتْ مِنَ الخِضاب؛ وقوله:
كَمَا اتَّبَعَتْ صَهْباءُ صِرْفٌ مُدامةٌ ***مُشاشَ المُرَوَّى، ثُمَّ لَمَّا تَنَصَّلِ
مَعْنَاهُ لَمْ تَخرج فيَصْحو شارِبُها، وَيُرْوَى: ثُمَّ لَمَّا تَزَيَّل.
ونَصَلَ الشَّعَرُ يَنْصُلُ: زَالَ عَنْهُ الخِضاب.
ونَصَلَتِ اللَّسْعَةُ والحُمَةُ تَنْصُلُ: خَرَجَ سَمُّها وَزَالَ أَثَرُها؛ وَقَوْلُهُ:
ضَوْرِيةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها، ***نَاصِلَة الحِقْوَينِ مِنْ إِزارِها
إِنما عَنَى أَن حِقْوَيْها يَنْصُلان مِنْ إِزارِها، لتسلُّطها وتَبَرُّجِها وقلَّة تثقُّفها فِي مَلَابِسِهَا لأَشَرِها وشَرَهِها.
ومِعْوَلٌ نَصْل: نَصَلَ عَنْهُ نِصابُه أَي خَرَجَ، وَهُوَ مِمَّا وصِف بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
شَرِيح كحُمَّاض الثَّماني عَلَتْ بِهِ، ***عَلَى راجِفِ اللَّحْيَين، كالمِعْوَل النَّصْل
وتَنَصَّلَ فُلَانٌ مِنْ ذَنْبِهِ أَي تبرَّأَ.
والتَّنَصُّلُ: شِبْهُ التبرُّؤ مِنْ جِنَايَةٍ أَو ذَنْبٍ.
وتَنَصَّلَ إِليه مِنَ الْجِنَايَةِ: خَرَجَ وتبرَّأَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ تَنَصَّلَ إِليه أَخوه فَلَمْ يقبَل»أَي انْتَفَى مِنْ ذَنْبِهِ وَاعْتَذَرَ إِليه.
وتَنَصَّلَ الشيءَ: أَخرجه.
وتَنَصَّلَه: تَخَيَّره.
وتَنَصَّلُوه: أَخذوا كُلَّ شَيْءٍ مَعَهُ.
وتَنَصَّلْت الشَّيْءَ واسْتَنْصَلْته إِذا اسْتَخْرَجْتَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ: " قَرْم تَنَصَّلَه مِنْ حاصِنٍ عُمَرُ "والنَّصْل: مَا أَبْرَزتِ البُهْمَى ونَدَرتْ بِهِ مِنْ أَكِمَّتها، وَالْجَمْعُ أَنْصُلٌ ونِصَال.
والأُنْصُولَةُ: نَوْرُ نَصْل البُهْمَى، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُوبِسُه الحرُّ مِنَ البُهْمَى فَيَشْتَدُّ عَلَى الأَكَلَة؛ قَالَ:
كأَنه واضِحُ الأَقْراب فِي لُقُحٍ ***أَسْمَى بهنَّ، وعَزَّتْه الأَناصِيلُ
أَي عزَّت عَلَيْهِ.
واسْتَنْصَل الحرُّ السَّفَا جَعَلَهُ أَناصِيل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا اسْتَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفَا، بَرَّحَتْ بِهِ ***عِراقيَّةُ الأَقْياظِ نَجْدُ المَراتِع
وَيُرْوَى المَرابع؛ عِراقيَّة الأَقْياظ أَي تطلُب الْمَاءَ فِي القَيْظ، قَالَ غَيْرُهُ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى العِراق الَّذِي هُوَ شَاطِئُ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ: نَجْدُ المَراتِع أَراد جَمْعَ نَجْديٍّ فَحَذَفَ يَاءَ النَّسَبِ فِي الْجَمْعِ، كَمَا قَالُوا زَنْجِيّ وزَنْج.
وَيُقَالُ: اسْتَنْصَلَتِ الريحُ اليَبِيسَ إِذا اقتلَعَتْه مِنْ أَصله.
وبُرٌّ نَصِيلٌ: نَقِيٌّ مِنَ الغَلَثِ.
والنَّصِيل: حَجَرٌ طَوِيلٌ قدْرُ ذِراع يُدقُّ بِهِ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّصِيل حَجَرٌ طَوِيلٌ رقيقٌ كَهَيْئَةِ الصَّفِيحَةِ المحدَّدة، وَجَمْعُهُ النُّصُل، وَهُوَ البِرْطِيلُ، وَيُشَبَّهُ بِهِ رأْس الْبَعِيرِ وخُرْطومه إِذا رَجَف فِي سَيْرِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ فَحْلًا:
عَرِيض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ، ***لَيْسَ بلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
وَقَالَ الأَصمعي: النَّصِيل مَا سَفَل مِنْ عَيْنَيْه إِلى خَطْمه، شبِّه بِالْحَجَرِ الطَّوِيلِ؛ وَقَالَ أَبو خِرَاشٍ فِي النَّصِيل فَجَعَلَهُ الحجَر:
وَلَا أَمْغَرُ السَّاقَيْن بَاتَ كأَنه، ***عَلَى مُحْزَئِلَّات الإِكام، نَصِيلُ
وَفِي حَدِيثِ الخُدْرِيّ: «فَقَامَ النَّحَّامُ العَدَويّ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ أَقام عَلَى صُلْبه نَصِيلًا»؛ النَّصِيلُ: حَجر طَوِيلٌ" مُدَمْلَك قَدْرَ شِبْرٍ أَو ذِرَاعٍ، وَجَمْعُهُ نُصُل.
وَفِي حَدِيثِ خَوَّاتٍ: «فأَصاب ساقَه نَصِيل حَجَرٍ».
والنَّصِيل: الحنَك عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ.
والنَّصِيل: مَفْصِل مَا بَيْنَ الْعُنُقِ والرأْس تَحْتَ اللَّحْيين، زَادَ اللَّيْثُ: مِنْ بَاطِنٍ مِنْ تَحْتِ اللَّحْيين.
والنَّصِيل: الخَطْمُ.
ونَصِيلُ الرأْس ونَصْله: أَعلاه.
والنَّصْلُ: الرأْس بجميع ما فيه.
والنَّصْلُ: طُولُ الرأْس فِي الإِبل وَالْخَيْلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ للإِنسان؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ: " بِناصِلاتٍ تُحْسَبُ الفُؤُوسا "قَالَ: الْوَاحِدُ نَصِيل وَهُوَ مَا تَحْتَ الْعَيْنِ إِلى الخَطْم فَيَقُولُ تَحْسَبها فؤُوسًا.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّصِيل حَيْثُ تَصِل الجِباه.
والمُنْصُل، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالصَّادِ، والمُنْصَل: السَّيْفُ اسْمٌ لَهُ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا نَعْرِفُ فِي الْكَلَامِ اسْمًا عَلَى مُفْعُل ومُفْعَل إِلا هَذَا، وَقَوْلُهُمْ مُنْخُل ومُنْخَل.
والنَّصِيل: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَفوه:
تُبَكِّيها الأَرامِلُ بِالْمَآلِي، ***بِداراتِ الصَّفائِح والنَّصِيلِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
83-لسان العرب (فصم)
فصم: الفَصْم: الْكَسْرُ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ.فَصَمه يَفْصِمُه فَصْمًا فانْفَصَم: كَسَرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِينَ، وتَفَصَّم مِثْلُهُ، وفَصَّمه فَتَفَصَّم.
وخَلْخال أفْصَمُ: مُتَفَصِّم؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ، وَأَنْشَدَ لِعُمَارَةَ بْنِ رَاشِدٍ:
وأمَّا الأُلى يَسْكُنَّ غَوْرَ تِهامةٍ، ***فَكُلُّ كَعابٍ تَتْرُكُ الحِجلَ أَفْصَما
وفُصِم جانبُ البيتِ: انهدمَ.
والانفِصامُ: الِانْقِطَاعُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لَا انْفِصامَ لَها}؛ أَيْ لَا انْقِطَاعَ لَهَا، وَقِيلَ: لَا انْكِسَارَ لَهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ: " دُرَّةٌ بَيْضاءُ لَيْسَ فِيهَا فَصْم وَلَا وَصْم.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الفَصم، بِالْفَاءِ، أَنْ يَنْصَدِعَ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِين، مِنْ فَصَمت الشَّيْءَ أَفْصِمه فَصْمًا إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِ، فَهُوَ مَفصُوم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ غَزَالًا شَبَّهَهُ بدُمْلُج فِضَّةٍ:
كأنَّه دُمْلُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهٌ، ***فِي مَلْعَبٍ مِن جَوَارِي الحَيِّ، مَفْصُومُ
شَبَّهَ الْغَزَالَ وَهُوَ نَائِمٌ بِدُمْلُجِ فِضَّةٍ قَدْ طُرح ونُسِي، وَكُلُّ شَيْءٍ سَقَطَ مِنْ إِنْسَانٍ فَنَسِيَهُ وَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ فَهُوَ نَبَهٌ، وَهُوَ الخُرت والخُرات.
وَالنَّاسُ كلهم يقولون خُرت وَهُوَ خَرق النِّصَابِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مَفْصُومًا لِتَثَنِّيهِ وَانْحِنَائِهِ إِذَا نَامَ، وَلَمْ يَقُلْ مَقْصُومٌ، بِالْقَافِ، فَيَكُونَ بَائِنًا بِاثْنَيْنِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قِيلَ فِي نَبَهٍ إِنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ النَّفِيسُ الضَّالُّ الْمَوْجُودُ عَنْ غَفْلَةٍ لَا عَنْ طَلَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَنْسِيُّ.
الْفَرَّاءُ: فأْس فَصيم.
وَهِيَ الضَّخْمَةُ، وفأْس فِنْدَأْيةٌ لَهَا خُرت، وَهُوَ خَرْقُ النِّصَابِ، قَالَ: وَأَمَّا الْقَصْمُ، بِالْقَافِ، فأَن يَنْكَسِرَ الشَّيْءُ فَيَبِينَ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: « إِنِّي وَجَدْتُ فِي ظَهْرِي انْفِصامًا أَيِ انْصِدَاعًا»، وَيُرْوَى بِالْقَافِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « استَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ عَنْ فِصْمة السِّوَاكِ »أَيْ مَا انْكَسَرَ مِنْهُ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ.
وأَفْصَم الفحلُ إِذَا جَفر؛ وَمِنْهُ قِيلَ: كُلُّ فَحْلٍ يُفْصِم إِلَّا الإِنسان أَيْ يَنْقَطِعُ عَنِ الضِّرَابِ.
وَانْفَصَمَ الْمَطَرُ: انْقَطَعَ وأَقْلَع.
وأَفصم المطرُ وأَفْصى إِذَا أَقلَع وَانْكَشَفَ، وأَفْصَمَت عَنْهُ الحُمَّى.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: « أَنَّهَا قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِل عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ البرْدِ فَيُفْصِم الوَحْيُ عنه وإِنَّ جَبِينَه ليَتَفصَّد عرَقًا »؛ فيُفْصِم أَيْ يُقلِع عَنْهُ.
وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: « فيُفصم عَنِّي وَقَدْ وَعَيْت يَعْنِي الوَحْي أَيْ يُقلع».
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
84-لسان العرب (قصم)
قصم: القَصْمُ: دَقُّ الشَّيْءِ.يُقَالُ لِلظَّالِمِ: قَصَمَ اللَّهُ ظَهْرَهُ.
ابْنُ سِيدَهْ: القَصْمُ كَسْرُ الشَّيْءِ الشَّدِيدِ حَتَّى يَبين.
قَصَمَه يَقْصِمُهُ قَصْمًا فانْقَصَمَ وتَقَصَّمَ: كسَره كسْرًا فِيهِ بَيْنونة.
وَرَجُلٌ قَصِمٌ أَي سَرِيعُ الانْقِصام هَيَّابٌ ضَعِيفٌ.
وقُصَمُ مِثْلُ قُثَم: يَحْطِم مَا لَقِيَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ قُصَمٌ مِثْلُ قُثَمٍ تَصْرِفُهما لأَنهما صِفتانِ، وإِنما الْعَدْلُ يَكُونُ فِي الأَسماء لَا غَيْرُ.
وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَنه قَالَ فِي أَهل الْجَنَّةِ يُرْفَعُ أَهلُ الغُرَفِ إِلى غُرَفِهم فِي دُرَّة بَيْضاء لَيْسَ فِيهَا قَصْمٌ وَلَا فَصْمٌ »؛ أَبو عُبَيْدَةَ: القَصْمُ، بِالْقَافِ، هُوَ أَن يَنْكَسِرَ الشَّيْءُ فيَبين، يُقَالُ مِنْهُ: قَصَمْت الشَّيْءَ إِذا كسرتَه حَتَّى يَبِينَ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانٌ أَقْصَمُ الثَّنِيَّة إِذَا كَانَ مُنْكَسِرَهَا، وأَما الفَصْمُ، بِالْفَاءِ، فَهُوَ أَن يَنْصَدِعَ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَن يَبِين.
وَفِي الْحَدِيثِ: « الفاجرُ كالأَرْزَةِ صمَّاءُ مُعْتدِلة حَتَّى يَقْصِمها اللَّهُ».
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: « وَلَا قَصَمُوا لَهُ قَناة »، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ.
وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ: « وَجَدْتُ انْقِصامًا فِي ظَهْرِي »، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَا.
وَرُمْحٌ قَصِمٌ: مُنْكَسِرٌ، وَقَنَاةٌ قَصِمَةٌ كَذَلِكَ، وَقَدْ قَصِمَ.
وقَصِمَتْ سِنُّه قَصَمًا وَهِيَ قَصْماء: انْشَقَّتْ عَرْضًا وَرَجُلٌ أَقْصَمُ الثنية إِذا كان منكسرها مِنَ النِّصْفِ بَيِّنَ القَصَمِ، والأَقْصَمُ أَعمُّ وأَعرف مِنَ الأَقصف، وَهُوَ الَّذِي انْقَصَمَتْ ثَنْيَتُهُ مِنَ النِّصْفِ.
يُقَالُ: جاءتكمُ القَصْمَاء، تَذْهَبُ بِهِ إِلى تأْنيث الثَّنِيَّةِ.
قَالَ بَعْضُ الأَعراب لِرَجُلٍ أَقْصَمِ الثنيةِ: جَاءَتْكُمُ القَصْمَاء، ذَهَبَ إِلى سِنِّه فأَنثها.
والقَصْمَاء مِنَ الْمَعَزِ: الَّتِي انْكَسَرَ قَرْنَاهَا مِنْ طَرَفَيْهِمَا إِلى المُشاشة، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القَصْمَاء، مِنَ الْمَعْزِ الْمَكْسُورَةُ القرنِ الخارجِ، والعَضْباء الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ الدَّاخِلِ، وَهُوَ المُشاش.
والقَصْمُ فِي عَروض الْوَافِرِ: حَذْفُ الأَول وإِسكان الْخَامِسِ، فَيَبْقَى الْجُزْءُ فاعِيلٌ، فَيُنْقَلُ فِي التَّقْطِيعِ إِلى مَفْعولن، وَذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ بقَصْم السِّنِّ أَو القَرْن.
وقَصْمُ السواكِ وقَصْمَتُه وقِصْمَتُه الْكَسْرَةُ مِنْهُ، وَفِي الْحَدِيثِ: « اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ عَنْ قِصْمَةِ السواكِ».
وَالْقِصْمَةُ، بِكَسْرِ الْقَافِ، أَي الْكَسْرَةُ مِنْهُ إِذا اسْتِيكَ بِهِ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ.
وقَصَمَه يَقْصِمُه قَصْمًا: أَهلكه.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ}؛ كَمْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بقَصَمنا، وَمَعْنَى قَصَمْنَا أَهلكنا وأَذهبنا.
وَيُقَالُ: قَصَمَ اللَّهُ عُمُر الْكَافِرَ أَي أَذهبه.
والقاصِمةُ: اسْمُ مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى ذَلِكَ لأَنها قَصَمت الْكُفْرَ أَي أَذْهَبته.
والقَصْمة، بِالْفَتْحِ: مَرْقاة الدَّرَجَةِ مِثْلَ القَصْفة.
وَفِي الْحَدِيثِ: « إِن الشَّمْسَ لتَطْلُعُ مِنْ جَهَنَّمَ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا تَرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ مِنْ قَصْمة إِلا فُتحَ لَهَا بَابٌ مِنَ النَّارِ، فإِذا اشتدَّت الظَّهِيرَةُ فُتحت الأَبواب كُلُّهَا».
وَسُمِّيَتِ الْمَرْقَاةُ قَصْمَة لأَنها كَسْرَةٌ مِنَ القَصْم الْكَسْرِ.
وكلُّ شَيْءٍ كَسَرْته فَقَدْ قَصَمْته.
وأَقْصامُ المَرْعى: أُصُوله وَلَا يَكُونُ إِلا مِنَ الطَّريفة، الْوَاحِدُ قِصْمٌ.
والقَصْمُ: الْعَتِيقُ مِنَ الْقُطْنِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
والقَصِيمَة: مَا سَهُلَ مِنَ الأَرض وَكَثُرَ شَجَرُهُ.
والقَصِيمةُ: مَنْبِت الغَضى والأَرْطَى والسَّلَم؛ وَهِيَ رَمَلَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وكتِيبة الأَحْلافِ قَدْ لاقَيْتُهمْ، ***حيثُ اسْتَفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ
وَقَالَ بِشْرٌ فِي مُفْرَدِهِ:
وباكَرَه عِندَ الشُّروقِ مُكَلَّبٌ ***أَزَلُّ، كسِرْحانِ القَصِيمةِ، أَغْبَرُ
قَالَ: وَقَالَ أُنَيْف بْنُ جَبَلة:
ولقدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَحْمِلُ شِكَّتي ***عَتِدٌ، كسِرْحانِ القَصِيمَة، مُنْهِب
اللَّيْثُ: القَصِيمَةُ مِنَ الرَّمْلِ مَا أَنبت الغَضَى وَهِيَ القَصَائِمُ.
أَبو عُبَيْدٍ: القَصَائِمُ مِنَ الرِّمَالِ مَا أَنبت العِضاه.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي القَصِيمَة مَا يُنبت الْغَضَى هُوَ الصَّوَابُ.
والقَصِيمُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ يَشُقُّه طَرِيقُ بَطْن فَلْجٍ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
يَا رِيَّها اليومَ عَلَى مُبِينِ، ***عَلَى مُبينٍ جَرِدِ القَصِيمِ
مُبِين: اسْمُ بِئْرٍ.
والقَصِيم: نَبْت.
والأَجارِدُ مِنَ الأَرض: مَا لَا يُنبت؛ وَقَالَ:
أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وعِشارٍ كُومِ ***باتَتْ تُعَشَّى اللَّيلَ بالقَصِيم،
لبَابة مِنْ هَمِقٍ عَيْشُوم الرِّيَاشِيُّ: أَنشدني الأَصمعي فِي النُّونِ مَعَ الْمِيمِ:
يَطْعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ، ***تحْتَ الذُّنابَى فِي مكانٍ سُخْنِ
قَالَ: وَيُسَمَّى هَذَا السِّنَادُ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمَّى الدَّالَ وَالْجِيمَ الإِجادة، رَوَاهُ عَنِ الْخَلِيلِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ صَيّادًا:
وأَشْعَثَ أَعْلى مَالِهِ كِفَفٌ لَهُ، ***بفَرْشِ فَلاة، بَيْنَهُنَّ قَصِيمُ الفَرْش
مَنابت العُرْفُط.
ابْنُ الأَعرابي: فَرْشٌ مِنْ عُرفط، وقَصِيمَةٌ مِنْ غَضىً، وأَيْكَةٌ مِنْ أَثْل، وغالٌّ مِنْ سَلَم، وسَلِيلٌ مِنْ سَمُرٍ لِلْجَمَاعَةِ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصِيمُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَجَمة الْغَضَى، وَجَمْعُهَا قَصَائِم وقُصْم.
والقَصِيمَةُ: الغَيْضة.
والقَيْصُوم: مَا طَالَ مِنَ الْعُشْبِ، وَهُوَ كالقَيْعُون؛ عَنْ كُرَاعٍ.
والقَيْصُوم: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَيْصُوم مِنَ الذُّكُورِ وَمِنَ الأَمْرار، وَهُوَ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مِنْ رَياحين الْبَرِّ، وَوَرَقُهُ هَدَب، وَلَهُنَوْرَة صَفْرَاءُ وَهِيَ تَنْهض عَلَى سَاقٍ وَتَطُولُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
نَبتَتْ بمَنْبِتِه فطابَ لشمِّها، ***ونَأَتْ عَنِ الجَثْجاثِ والقَيْصُوم
وَقَالَ الشَّاعِرُ: بلادٌ بِهَا القَيْصُومُ والشِّيحُ والغَضَى أَبو زَيْدٍ: قَصَم رَاجِعًا وكصَمَ رَاجِعًا إِذَا رَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ وَلَمْ يُتِمَّ إِلَى حَيْثُ قصَد.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
85-لسان العرب (ريا)
ريا: الرَّايَةُ: العَلَم لَا تَهْمِزُهَا الْعَرَبُ، وَالْجَمْعُ راياتٌ ورايٌ، وأَصلها الْهَمْزُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ رَاءَةً بِالْهَمْزِ، شَبَّهَ أَلف رَايَةٍ وإِن كَانَتْ بَدَلًا مِنَ الْعَيْنِ بالأَلف الزَّائِدَةِ فَهَمَزَ اللَّامَ كَمَا يَهْمِزُهَا بَعْدَ الزَّائِدَةِ فِي نَحْوِ سِقاء وشِفاء.ورَيَّيْتُها: عَمِلْتها كغَيَّيْتُها؛ " عَنْ ثَعْلَبٍ.
وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ: « سأُعْطِي الرَّايَةَ غَدًا رجُلًا يُحِبُّه اللهُ ورسولُه »؛ الرَّايَةُ هَاهُنَا: العَلَمُ.
يُقَالُ: رَيَّيْتُ الرَّايَةَ أَي رَكَزْتها.
ابنُ سِيدَهْ: وأَرْأَيْتُ الرايةَ رَكَزْتها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ وَهَمْزُهُ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ إِنما حُكْمُهُ أَرْيَيْتُها.
التَّهْذِيبُ: يُقَالُ رأَيْت رَايَةً أَي رَكَزْتُها، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أَرْأَيْتُها، وَهُمَا لُغَتَانِ.
والرايةُ: الَّتِي توضَع فِي عُنقِ الْغُلَامِ الآبِق.
وَفِي الْحَدِيثِ: « الدَّيْنُ رايةُ اللَّهِ فِي الأَرضِ يَجْعَلُها فِي عُنُقِ مَنْ أَذَلَّه »، قَالَ ابْنُ الأَثير: الرايةُ حَدِيدَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ عَلَى قَدر العُنُق تُجعل فِيهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" قتادةَ فِي الْعَبْدِ الآبِق: كَرِهَ لَهُ الرَّايَةَ ورَخَّصَ فِي الْقَيْدِ.
اللَّيْثُ: الرَّايَةُ مِنْ رَاياتِ الأَعْلامِ، وَكَذَلِكَ الرَّايَةُ الَّتِي تُجعل فِي العُنق، قَالَ: وَهُمَا مِنْ تأْلِيف يَاءَيْنِ وَرَاءٍ، وَتَصْغِيرُ الرَّايَة رُيَيَّةٌ، وَالْفِعْلُ رَيَيْتُ رَيًّا ورَيَّيْتُ تَرِيَّةً، والأَمر بِالتَّخْفِيفِ ارْيِهْ، وَالتَّشْدِيدُ رَيِّهْ.
وعَلَمٌ مَرِيٌّ، بِالتَّخْفِيفِ، وإِن شِئْتَ بَيَّنْت الياءَات فَقُلْتَ مَرْيِيٌّ بِبَيَانِ الياءَات.
ورايةُ: بَلَدٌ مِنْ بِلَادِ هُذَيْلٍ.
والرَّيُّ: مِنْ بِلَادِ فَارِسَ، النسبُ إِليه رازِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.
وَالرَّاءُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهور مُكَرَّرٌ يَكُونُ أَصلًا لَا بَدَلًا وَلَا زَائِدًا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي وأَما قَوْلُهُ:
تَخُطُّ لامَ أَلِف مَوْصُولِ، ***والزايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ
فإِنما أَراد وَالرَّاءَ، مَمْدُودَةً، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ الْوَزْنُ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ مِنَ الرَّاءِ، وَكَانَ أَصل هَذَا وَالزَّايَ وَالرَّاءَ أَيَّما تَهْلِيل، فَلَمَّا اتَّفَقَتِ الْحَرَكَتَانِ حُذِفَتِ الأُولى مِنَ الْهَمْزَتَيْنِ.
ورَيَّيْتُ رَاءً: عَمِلْتها، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما أَبو عَلِيٍّ فَقَالَ أَلف الرَّاءِ وأَخواتها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ وَالْهَمْزَةُ بَعْدَهَا فِي حُكْمِ مَا انقلبتْ عَنْ يَاءٍ، لِتَكُونَ الكلمةُ بَعْدَ التَّكمِلةِ والصَّنعة الإِعرابية مِنْ بَابِ شَوَيْتُ وطَوَيْتُ وحَوَيْت، قَالَ ابْنُ جِنِّي، فَقُلْتُ لَهُ أَلسنا قَدْ عَلِمْنَا أَن الأَلف فِي الرَّاءِ هِيَ الأَلف فِي يَاءٍ وَبَاءٍ وَثَاءٍ إِذا تَهَجَّيْتَ وأَنت تَقُولُ إِن تِلْكَ الأَلف غَيْرُ مُنْقَلِبَةٍ مِنْ يَاءٍ أَو وَاوٍ لأَنها بِمَنْزِلَةِ أَلف مَا وَلَا؟ فَقَالَ: لَمَّا نُقِلت إِلى الِاسْمِيَّةِ دَخَلَهَا الحُكْم الَّذِي يَدْخُلُ الأَسماء مِنَ الِانْقِلَابِ والتَّصَرُّف، أَلا تَرَى أَننا إِذا سَمَّيْنَا رَجُلًا بضَرَبَ أَعربناه لأَنه قَدْ صَارَ فِي حَيِّز مَا يَدْخُلُهُ الإِعراب، وَهُوَ الأَسماء، وإِن كُنَّا نَعْلَمُ أَنه قَبْلَ أَن يُسمى بِهِ لَا يُعْرَبُ لأَنه فِعْلٌ مَاضٍ، وَلَمْ تَمْنَعْنا مَعْرِفَتُنا بِذَلِكَ مِنْ أَن نَقْضِيَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ مَا صَارَ مِنْهُ وإِليه، فَكَذَلِكَ أَيضًا لَا يَمْنَعُنا عِلْمُنا بأَن ألف رَا بَا تَا ثَا غَيْرُ مُنْقَلِبَةٍ، مَا دَامَتْ حُرُوفَ هِجَاءٍ، مِنْ أَن نَقْضِيَ عَلَيْهَا إِذا زِدْنَا عَلَيْهَا أَلفًا أُخرى، ثمَّ هَمَزْنَا تِلْكَ الْمَزِيدَةَ بأَنها الْآنَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ وأَن الْهَمْزَةَ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ إِذا صَارَتْ إِلى حُكْمِ الِاسْمِيَّةِ الَّتِي تَقْضي عَلَيْهَا بِهَذَا وَنَحْوِهِ، قَالَ: وَيُؤَكِّدُ عِنْدَكَ أَنهم لَا يجوِّزون رَا بَا تَا ثَا حَا خَا وَنَحْوَهَا مَا دَامَتْ مَقْصُورَةً مُتَهَجَّاةً، فإِذا قُلْتَ هَذِهِ رَاءٌ حَسَنَةٌ وَنَظَرْتَ إِلى هَاءٍ مَشْقُوقَةٍ جَازَ أَن تُمَثِّلَ ذَلِكَ فَتَقُولُ وَزْنُهُ فَعَلٌ كَمَا تَقُولُ فِي دَاءٍ وَمَاءٍ وَشَاءٍ إِنه فَعَلٌ، قَالَ: فَقَالَ لأَبي عَلِيٍّ بعضُ حَاضِرِي الْمَجْلِسِ أَفتجمع عَلَى الْكَلِمَةِ إِعلال الْعَيْنِ وَاللَّامِ؟ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَحرف صَالِحَةٌ فَيَكُونُ هَذَا مِنْهَا وَمَحْمُولًا عَلَيْهَا.
ورايةُ: مَكَانٌ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَيْزارَة:
رِجالٌ ونِسْوانٌ بأَكْنافِ رايةٍ، ***إِلى حُثُنٍ تلكَ العُيونُ الدَّوامعُ
والله أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
86-لسان العرب (عرا)
عرا: عَرَاهُ عَرْوًا واعْتَرَاه، كِلَاهُمَا: غَشِيَه طَالِبًا مَعْرُوفَهُ، وَحَكَى ثَعْلَبٌ: أَنه سَمِعَ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ إِذا أَتيْت رجُلًا تَطْلُب مِنْهُ حَاجَةً قلتَ عَرَوْتُه وعَرَرْتُه واعْتَرَيْتُه واعْتَرَرْتُه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَرَوْتُه أَعْرُوه إِذا أَلْمَمْتَ بِهِ وأَتيتَه طَالِبًا، فَهُوَ مَعْرُوٌّ.وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: « مَا لَك لَا تَعْتَرِيهمْ وتُصِيبُ مِنْهُمْ؟ »هُوَ مِنْ قَصْدِهم وطَلَبِ رِفْدِهم وصِلَتِهِم.
وَفُلَانٌ تَعْرُوه الأَضْيافُ وتَعْتَرِيهِ أَي تَغْشاهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
أَتيتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيابي، ***عَلَى خَوْفٍ، تُظَنُّ بيَ الظُّنونُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانُوا كَذَّبوه يَعْنِي هُودًا، ثُمَّ جعَلوه مُخْتَلِطًا وادَّعَوْا أَنَّ آلهَتَهم هِيَ الَّتِي خَبَّلَتْه لعَيبِه إِيَّاها، فهُنالِكَ قَالَ: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ مَا نَقُولُ إِلا مَسَّكَ بعضُ أَصْنامِنا بجُنون لسَبِّكَ إِيّاها.
وعَراني الأَمْرُ يَعْرُوني عَرْوًا واعْتَرَانِي: غَشِيَني وأَصابَني؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
قالَتْ خُلَيْدةُ: مَا عَرَاكَ؟ ولمْ تكنْ ***بَعْدَ الرُّقادِ عن الشُّؤُونِ سَؤُولا
وَفِي الْحَدِيثِ: « كَانَتْ فَدَكُ لِحُقوقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي تَعْرُوه» أَي تَغْشَاهُ وتَنْتابُه.
وأَعْرَى القومُ صاحِبَهُم: تَرَكُوهُ فِي مَكَانِهِ وذَهَبُوا عَنْهُ.
والأَعْرَاءُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ لَا يُهِمُّهم مَا يُهِمُّ أَصحابَهم.
وَيُقَالُ: أَعْرَاه صَدِيقُه إِذا تَبَاعَدَ عَنْهُ وَلَمْ يَنْصُرْه.
وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ لكلِّ شَيْءٍ أَهْمَلْتَه وخَلَّيْتَه "قَدْ عَرَّيْته؛ وأَنشد:
أَيْجَعُ ظَهْري وأُلَوِّي أَبْهَرِي، ***لَيْسَ الصحيحُ ظَهْرُه كالأَدْبَرِ،
وَلَا المُعَرَّى حِقْبةً كالمُوقَرِ "والمُعَرَّى: الجَمَل الَّذِي يرسَلُ سُدًى وَلَا يُحْمَل عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ نَاقَةً:
فكَلَّفْتُها مَا عُرِّيَتْ وتأَبَّدَتْ، ***وَكَانَتْ تُسامي بالعَزيبِ الجَمَائِلا
قَالَ: عُرِّيت أُلْقي عَنْهَا الرحْل وتُرِكت مِنَ الحَمْل عَلَيْهَا وأُرْسِلَتْ تَرْعى.
والعُرَوَاءُ: الرِّعْدَة، مِثْلُ الغُلَواء.
وَقَدْ عَرَتْه الحُمَّى، وَهِيَ قِرَّة الحُمَّى ومَسُّها فِي أَوَّلِ مَا تأْخُذُ بالرِّعْدة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَسَدٌ تَفِرُّ الأُسْدُ مِنْ عُرَوَائِه، ***بمَدَافِعِ الرَّجَّازِ أَو بِعُيُون
الرَّجَّازُ: وَادٍ، وعُيُونٌ: موضعٌ، وأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمل فِيهِ صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
وَيُقَالُ: عَرَاه البَرْدُ وعَرَتْه الحُمَّى، وَهِيَ تَعْرُوه إِذا جاءَته بنافضٍ، وأَخَذَتْه الحُمَّى بعُرَوَائِها، واعْتَرَاهُ الهمُّ، عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ الأَصمعي: إِذا أَخَذَتِ المحمومَ قِرَّةٌ ووَجَدَ مسَّ الحُمَّى فَتِلْكَ العُرَوَاء، وَقَدْ عُرِيَ الرجلُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ مَعْرُوٌّ، وإِن كَانَتْ نَافِضًا قِيلَ نَفَضَتْه، فَهُوَ مَنْفُوضٌ، وإِن عَرِقَ مِنْهَا فَهِيَ الرُّحَضاء.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العُرَواء قِلٌّ يأْخذ الإِنسانَ مِنَ الحُمَّى ورِعدَة.
وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: « أَنه كَانَ تُصيبُه العُرَواءُ »، وَهِيَ فِي الأَصْل بَرْدُ الحُمَّى.
وأَخَذَتْه الحُمَّى بنافضٍ أَي برِعْدة وبَرْد.
وأَعْرَى إِذا حُمَّ العُرَوَاء.
وَيُقَالُ: حُمَّ عُرَواء وحُمَّ العُرَوَاء وحُمَّ عُرْوًا.
والعَرَاة: شِدَّةِ البرْد.
وَفِي حَدِيثِ أَبي سَلَمَةَ: « كنتُ أَرى الرُّؤْيا أُعْرَى مِنْهَا »أَي يُصيبُني البَرْدُ والرِّعْدَة مِنَ الخَوْف.
والعُرَوَاء: مَا بينَ اصْفِرارِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ إِذا اشْتَدَّ البَرْدُ وهاجَتْ رِيحٌ باردةٌ.
ورِيحٌ عَرِيٌّ وعَرِيَّةٌ: بارِدَة، وَخَصَّ الأَزهري بِهَا الشَّمالَ فَقَالَ: شَمال عَرِيَّةٌ بَارِدَةٌ، وَلَيْلَةٌ عَريَّةٌ بَارِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي دُواد:
وكُهولٍ، عِنْدَ الحِفاظ، مَراجِيح ***يُبارُونَ كلَّ رِيحٍ عَرِيَّة
وأَعْرَيْنا: أَصابنا ذَلِكَ وَبَلَغْنَا بردَ الْعَشِيِّ.
وَمِنْ كلامِهم: أَهْلَكَ فقَدْ أَعْرَيْتَ أَي غَابَتِ الشَّمْسُ وبَرَدَتْ.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: العَرَى البَرْد، وعَرِيَت لَيْلَتُنا عَرًى؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وكأَنَّما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ ***بِعَرًى، تنازعُه الرياحُ زُلال
قَالَ: العَرَى مَكَانٌ بَارِدٌ.
وعُرْوَةُ الدَّلْوِ والكوزِ ونحوهِ: مَقْبِضُهُ.
وعُرَى المَزادة: آذانُها.
وعُرْوَةُ القَمِيص: مَدْخَلُ زِرِّه.
وعَرَّى القَمِيص وأَعْراه: جَعَلَ لَهُ عُرًى.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا تُشَدُّ العُرَى إِلَّا إِلى ثَلَاثَةِ مَساجِدَ »؛ هِيَ جمعُ عُرْوَةٍ، يريدُ عُرَى الأَحْمالِ والرَّواحِلِ.
وعَرَّى الشَّيْءَ: اتَّخَذَ لَهُ عُرْوَةً.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها}؛ شُبِّه بالعُرْوَة الَّتِي يُتَمسَّك بِهَا.
قَالَ الزَّجَّاجُ: العُرْوَة الوُثْقَى قولُ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَقَدْ عَقَدَ لنَفْسِه مِنَ الدِّين عَقْدًا وَثِيقًا لَا تَحُلُّه حُجَّة.
وعُرْوَتا الفَرْجِ: لحْمٌ" ظاهِرٌ يَدِقُّ فيَأْخُذُ يَمْنَةً ويَسْرةً مَعَ أَسْفَلِ البَطْنِ، وفَرْجٌ مُعَرًّى إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.
وعُرَى المَرْجان: قلائدُ المَرْجان.
وَيُقَالُ لطَوْق القِلادة: عُرْوَةٌ.
وَفِي النَّوَادِرِ: أَرضٌ عُرْوَةٌ وذِرْوَة وعِصْمة إِذا كَانَتْ خَصيبة خِصَبًا يَبْقَى.
والعُرْوَة مِنَ النَّباتِ: مَا بَقِي لَهُ خضْرة فِي الشِّتَاءِ تَتعلَّق بِهِ الإِبلُ حَتَّى تُدرِكَ الرَّبيع، وَقِيلَ: العُرْوَة الْجَمَاعَةُ مِنَ العِضاهِ خاصَّةً يَرْعَاهَا الناسُ إِذَا أَجْدَبوا، وَقِيلَ: العُرْوَةُ بَقِيَّةُ العِضاهِ والحَمْضِ فِي الجَدْبِ، وَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنَ الشَّجَرِ عُرْوَةٌ إِلَّا لَهَا، غيرَ أَنه قَدْ يُشْتَقُّ لِكُلِّ مَا بَقِيَ مِنَ الشَّجَرِ فِي الصَّيْفِ.
قَالَ الأَزهري: والعُرْوَة مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ مَا لَهُ أَصلٌ باقٍ فِي الأَرض مِثْلُ العَرْفَج والنَّصِيِّ وأَجناسِ الخُلَّةِ والحَمْضِ، فَإِذَا أَمْحَلَ الناسُ عَصَمت العُرْوةُ الماشيةَ فتبلَّغَت بِهَا، ضَرَبَهَا اللهُ مَثَلًا لِمَا يُعْتَصَم بِهِ مِنَ الدِّين فِي قَوْلِهِ تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى}؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
مَا كَانَ جُرِّبَ، عندَ مَدِّ حِبالِكُمْ، ***ضَعْفٌ يُخافُ، وَلَا انْفِصامٌ فِي العُرَى
قَوْلُهُ: انْفِصَامٌ فِي العُرَى أَي ضَعْف فِيمَا يَعْتَصِم بِهِ النَّاسُ.
الأَزهري: العُرَى ساداتُ النَّاسِ الَّذِينَ يَعْتَصِم بِهِمُ الضُّعفاء ويَعيشون بعُرْفِهم، شبِّهوا بعُرَى الشَّجَر الْعَاصِمَةِ الماشيةَ فِي الجَدْب.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعُرْوَة أَيضًا الشَّجَرُ المُلْتَفُّ الَّذِي تَشْتُو فِيهِ الإِبل فتأْكلُ مِنْهُ، وَقِيلَ: العُرْوَة الشيءُ مِنَ الشجرِ الَّذِي لَا يَزالُ بَاقِيًا فِي الأَرض وَلَا يَذْهَب، ويُشَبَّه بِهِ البُنْكُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: العُرْوَة مِنَ الشَّجَرِ مَا يَكْفِي المالَ سَنَته، وَهُوَ مِنَ الشَّجَرِ مَا لَا يَسْقُط وَرَقُه فِي الشِّتاء مِثْلُ الأَراكِ والسِّدْرِ الَّذِي يُعَوِّلُ الناسُ عَلَيْهِ إِذا انْقَطَعَ الكلأَ، وَلِهَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ إِنَّهُ الشَّجَرُ الَّذِي يَلجأُ إِلَيْهِ المالُ فِي السَّنَةِ المُجْدبة فيَعْصِمُه مِنَ الجَدْبِ، والجمعُ عُرًى؛ قَالَ مُهَلْهِل:
خَلَع المُلوكَ وسارَ تَحْتَ لِوائِه ***شجرُ العُرَى، وعُراعِرُ الأَقوامِ
يَعْنِي قَوْمًا يُنتَفَع بِهِمْ تَشْبِيهًا بِذَلِكَ الشَّجَرِ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى الْبَيْتُ لشُرَحْبِيل بنِ مالكٍ يمدَحُ معديكرب بْنَ عَكِبٍ.
قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وَيُرْوَى عُراعِر وعَراعِر، فَمَنْ ضَمَّ فَهُوَ وَاحِدٌ، وَمَنْ فتَح جَعَلَهُ جَمْعًا، ومثلُه جُوالِق وجَوالِق وقُماقِم وقَماقِم وعُجاهِن وعَجاهِن، قَالَ: والعُراعِرُ هُنَا السيِّد؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ولمْ أَجِدْ عُرْوَةَ الخلائقِ إلا ***الدِّينَ، لمَّا اعْتَبَرْتُ، والحَسبَا
أَي عِمادَه.
ورَعَيْنا عُرْوَة مكَّةَ لِما حولَها.
والعُرْوَة: النفيسُ مِنَ المالِ كالفَرَسِ الْكَرِيمِ وَنَحْوِهِ.
والعُرْيُ: خلافُ اللُّبْسِ.
عَرِيَ مِنْ ثَوْبه يَعْرَى عُرْيًا وعُرْيَةً فَهُوَ عارٍ، وتَعَرَّى هُوَ عُرْوة شَدِيدَةً أَيضًا وأَعْرَاهُ وعَرَّاه، وأَعْرَاهُ مِنَ الشيءِ وأَعْرَاه إِياهُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبلٍ فِي صِفَةِ قِدْحٍ:
بِهِ قَرَبٌ أَبْدَى الحَصَى عَنْ مُتونِه، ***سَفاسقُ أَعْرَاها اللِّحاءَ المُشَبِّحُ
ورَجلٌ عُرْيَانٌ، وَالْجَمْعُ عُرْيَانُون، وَلَا يُكسَّر، وَرَجُلٌ عارٍ مِنْ قومٍ عُرَاةٍ وامرأَة عُرْيَانَةٌ وعَارٍ وعَارِيَةٌ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَا كَانَ عَلَى فُعْلانٍ فَمُؤَنَّثُه بِالْهَاءِ.
وجاريةٌ حسَنة العُرْيةِ والمُعَرَّى والمُعَرَّاةِ أَيِ المُجَرَّدِ أَي حَسَنَة عندَ تَجْريدِها مِنْ ثِيَابِهَا، وَالْجَمْعُ المَعَارِي، والمَحاسِرُ مِنَ المرأةِ مِثْلُ المَعَاري، وعَرِيَ البَدَن مِنَ اللَّحْم كَذَلِكَ؛ " قَالَ قَيْسُ بنُ ذَريح:
وللحُبِّ آيَاتٌ تُبَيّنُ بالفَتى ***شُحوبًا، وتَعْرَى مِنْ يَدَيْه الأَشاجعُ
وَيُرْوَى: تَبَيَّنُ شُحُوبٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عارِي الثَّدْيَيْن "، وَيُرْوَى: الثَّنْدُوَتَيْن؛ أَراد أَنه لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَعْرٌ، وَقِيلَ: أَرادَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا لَحْمٌ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَشْعَر الذراعَيْن والمَنْكِبَين وأَعْلى الصَّدرِ.
الْفَرَّاءُ: العُرْيَانُ مِنَ النَّبْتِ الَّذِي قَدْ عَرِيَ عُرْيًا إِذَا اسْتَبانَ لَكَ.
والمَعَارِي: مَبَادِي العِظامِ حيثُ تُرى مِنَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هِيَ الوَجْهُ واليَدَانِ والرِّجْلانِ لأَنها باديةٌ أَبدًا؛ قَالَ أَبو كبِيرٍ الهُذَليّ يَصِفُ قَوْمًا ضُرِبُوا فسَقَطوا عَلَى أَيْديهم وأَرْجُلِهمْ:
مُتَكَوِّرِينَ عَلَى المَعَاري، بَيْنَهُم ***ضَرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
وَيُرْوَى: الأَنْجَلِ، ومُتَكَوِّرينَ أَي بعضُهم عَلَى بَعْضٍ.
قَالَ الأَزهري: ومَعَارِي رؤوس الْعِظَامِ حَيْثُ يُعَرَّى اللحمُ عَنِ العَظْم.
ومَعَارِي الْمَرْأَةِ: مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ إظْهاره، واحدُها مَعْرًى.
وَيُقَالُ: مَا أَحْسَنَ مَعَارِيَ هَذِهِ المرأَة، وَهِيَ يَدَاها ورِجْلاها ووجهُها، وأَورد بَيْتِ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا يَنْظُر الرَّجُلُ إِلَى عِرْيَة المرأَةِ »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ، يُرِيدُ مَا يَعْرَى مِنْهَا ويَنْكَشِفُ، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ" لَا يَنْظُر إِلَى عَوْرَة المرأَةِ "؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فإنْ تَكُ ساقٌ مِنْ مُزَيْنَة قَلَّصَتْ ***لِقَيْسٍ بحَرْبٍ لَا تُجِنُّ المَعَارِيا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَراد العورةَ والفَرْجَ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ الهُذَلي:
أَبِيتُ عَلَى مَعَارِيَ واضِحَاتٍ، ***بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
فَإِنَّمَا نَصَبَ الياءَ لأَنه أَجْراها مُجْرى الحَرْفِ الصَّحِيحِ فِي ضَرُورةِ الشِّعْرِ، وَلَمْ يُنَوّن لأَنه لا يَنْصرِف، وَلَوْ قَالَ مَعارٍ لَمْ ينكَسر البيتُ وَلَكِنَّهُ فرَّ مِنَ الزِّحَافِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَعَارِي الفُرُش، وَقِيلَ: إنَّ الشَّاعِرَ عَناها، وَقِيلَ: عَنى أَجْزاءَ جِسْمِها واخْتار مَعَارِيَ عَلَى مَعَارٍ لأَنه آثَرَ إتْمامَ الوَزْنِ، وَلَوْ قَالَ معارٍ لمَا كُسر الْوَزْنُ لأَنه إِنَّمَا كَانَ يَصِيرُ مِنْ مُفاعَلَتُن إِلَى مَفاعِيلن، وَهُوَ العَصْب؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فلَوْ كانَ عبدُ اللهِ مَولًى هَجَوْتُه، ***ولكِنَّ عبدَ اللهِ مَولى مَوَالِيا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للمُتَنَخّل الْهُذَلِيِّ.
قَالَ: وَيُقَالُ عَرِيَ زيدٌ ثوبَه وكسِي زيدٌ ثَوْبًا فيُعَدِّيه إِلَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ ضَمْرة بنُ ضَمْرَةَ:
أَرَأَيْتَ إنْ صَرَخَتْ بلَيلٍ هامَتي، ***وخَرَجْتُ مِنْها عَارِيًا أَثْوابي؟
وَقَالَ الْمُحْدَثُ:
أَمَّا الثِّيابُ فتعْرَى مِنْ مَحاسِنِه، ***إِذَا نَضاها، ويُكْسَى الحُسْنَ عُرْيَانا
قَالَ: وَإِذَا نَقَلْتَ أَعرَيْت، بِالْهَمْزِ، قُلْتَ أَعْرَيْتُه أَثْوَابَه، قَالَ: وأَما كَسِيَ فتُعَدِّيه مِنْ فَعِل إِلَى فَعَل فَتَقُولُ كَسَوْتُهُ ثَوْبًا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَعْرَيْته أَنا وعَرَّيْتُه تَعْرية فتَعَرَّى.
أَبو الْهَيْثَمِ: دَابَّةٌ عُرْيٌ وخَيْلٌ أَعْرَاءٌ ورَجلٌ عُرْيَان وامرأَةٌ عُرْيَانَةٌ إِذَا عَرِيا مِنْ أَثوابهما، وَلَا يُقَالُ رجلٌ عُرْيٌ.
ورجلٌ عارٍ إِذَا أَخْلَقَت أَثوابُه؛ وأَنشد: الأَزهري هُنَا بَيْتَ النَّابِغَةِ: أَتَيْتُك عارِيًا خَلَقًا ثِيابي "وَقَدْ تَقَدَّمَ.
والعُرْيانُ مِنَ الرَّمْل: نَقًا أَو عَقِدٌ لَيْسَ عَلَيْهِ شَجَرٌ.
وفَرَسٌ عُرْيٌ: لَا سَرْجَ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَعْراءٌ.
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ: هُوَ عِرْوٌ مِنْ هَذَا الأَمر كَمَا يُقَالُ هُوَ خِلْوٌ مِنْهُ.
والعِرْوُ: الخِلْو، تَقُولُ أَنا عِرْوٌ مِنْهُ، بِالْكَسْرِ، أَيْ خِلْو.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورجلٌ عِرْوٌ مِنَ الأَمْرِ لَا يَهْتَمُّ بِهِ، قَالَ: وأُرَى عِرْوًا مِنَ العُرْيِ عَلَى قَوْلِهِمْ جَبَيْتُ جِباوَةً وأَشاوَى فِي جَمْعِ أَشْياء، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فبابُه الياءُ، والجمعُ أَعْرَاءٌ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
والنِّيبُ إنْ تُعْرَ منِّي رِمَّةً خَلَقًا، ***بَعْدَ المَماتِ، فَإِنِّي كُنتُ أَتَّئِرُ
وَيُرْوَى: تَعْرُ مِنِّي أَي تَطْلُب لأَنها رُبَّمَا قَضِمت العظامَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تُعْرَ منِّي مَنْ أَعْرَيْتُه النخلةَ إِذَا أَعطيته ثَمَرَتَهَا، وتَعْرُ مِنِّي تَطْلُب، مِنْ عَرَوْتُه، ويروى: تَعْرُمَنِّي، بِفَتْحِ الْمِيمِ، مِنْ عَرَمْتُ العظمَ إِذَا عَرَقْت مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنَّهُ أُتيَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرٍ »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي لَا سَرْج عَلَيْهِ وَلَا غَيْرَهُ.
واعْرَوْرَى فرسَه: رَكبه عُرْيًا، فَهُوَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ، أَو يَكُونُ أُتي بِفَرَسٍ مُعْرَوْرىً عَلَى الْمَفْعُولِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واعْرَوْرَى الفرسُ صارَ عُرْيًا.
واعْرَوْرَاه: رَكبَه عُرْيًا، وَلَا يُسْتَعْمل إِلَّا مَزِيدًا، وَكَذَلِكَ اعْرَوْرَى الْبَعِيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ، تَرْكُضُه ***أُمُّ الْفَوَارِسِ بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ
وَهُوَ افعَوْعَل؛ واسْتَعارَه تأَبَّطَ شَرًّا للمَهْلَكة فَقَالَ:
يَظَلُّ بمَوْماةٍ ويُمْسِي بغيرِها ***جَحِيشًا، ويَعْرَوْرِي ظُهورَ المَهالكِ
وَيُقَالُ: نَحْنُ نُعاري أَي نَرْكَبُ الْخَيْلَ أَعْرَاءً، وَذَلِكَ أَخفُّ فِي الْحَرْبِ.
وَفِي حَدِيثِ أَنس: « أَن أَهل الْمَدِينَةِ فَزِعوا لَيْلًا»، فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لأَبي طَلْحَةَ عُرْيًا.
واعْرَوْرَى مِنِّي أَمرًا قَبِيحًا: رَكِبَه، وَلَمْ يَجِئ فِي الكلامِ افْعَوْعَل مُجاوِزًا غَيْرَ اعْرَوْرَيْت، واحْلَوْلَيْت المكانَ إِذَا اسْتَحْلَيْته.
ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِمْ أَنا النَّذير العُريان: هُوَ رَجُلٌ مَنْ خَثْعَم، حَمَل عَلَيْهِ يومَ ذِي الخَلَصة عوفُ بنُ عَامِرِ بْنِ أَبِي عَوْف بْنِ عُوَيْف بْنِ مَالِكِ بْنِ ذُبيان ابن ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَشْكُر فقَطع يدَه وَيَدَ امرأَته، وَكَانَتْ مِنْ بَنِي عُتْوارة بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا مَثَلي ومَثَلُكم كَمَثَلِ رَجُلٍ أَنْذَر قومَه جَيْشًا فَقَالَ: أَنا النَّذير العُرْيان أُنْذِركم جَيْشًا »؛ خَصَّ العُرْيان لأَنه أَبْيَنُ لِلْعَيْنِ وأَغرب وأَشنع عِنْدَ المُبْصِر، وَذَلِكَ أَن رَبيئة الْقَوْمَ وعَيْنَهم يَكُونُ عَلَى مَكَانٍ عالٍ، فَإِذَا رَأَى العَدُوَّ وَقَدْ أَقبل نَزَع ثَوْبَهُ وأَلاحَ بِهِ ليُنْذِرَ قومَه ويَبْقى عُرْيانًا.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ عُرْيَان النَّجِيِّ إِذَا كَانَ يُناجي امرأَتَه ويُشاوِرها ويصَدُرُ عَنْ رَأْيها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَصاخَ لِعُرْيانِ النَّجِيِّ، وإنَّه ***لأَزْوَرُ عَنْ بَعْض المَقالةِ جانِبُهْ
أَي اسْتَمع إِلَى امْرَأَتِهِ وأَهانني.
وأَعْرَيتُ المَكانَ: ترَكْتُ حضُوره؛ قَالَ ذُو الرمة: " ومَنْهَل أَعْرَى حَياه الْحُضَّرُ "والمُعَرَّى مِنَ الأَسماء: مَا لمْ يدخُلْ عَلَيه عاملٌ كالمُبْتَدإ.
والمُعَرَّى مِنَ الشِّعْر: مَا سَلِمَ مِنَ الترْفِيلِ والإِذالةِ والإِسْباغِ.
وعَرَّاهُ مِنَ الأَمرِ: خَلَّصَه وجَرَّده.
وَيُقَالُ: مَا تَعَرَّى فُلَانٌ مِنْ هَذَا الأَمر أَي مَا تخلَّص.
والمَعَارِي: الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ.
وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: العَرَا الفِناء، مَقْصُورٌ، يُكْتَبُ بالأَلف لأَن أُنْثاه عَرْوَة؛ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ العَرَا الساحةُ والفِناء، سُمِّيَ عَرًا لأَنه عَرِيَ مِنَ الأَبنية والخِيام.
وَيُقَالُ: نَزَلَ بِعَراه وعَرْوَتِه وعَقْوَتِه أَي نزَل بساحَتهِ وَفِنَائِهِ، وَكَذَلِكَ نَزَل بِحَراه، وأَما العَراء، مَمْدُودًا، فَهُوَ مَا اتَّسَع مِنْ فَضَاءِ الأَرض؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ المكانُ الفَضاءُ لَا يَسْتَتِرُ فِيهِ شيءٌ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرضُ الْوَاسِعَةُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ، وجَمْعُه أَعْرَاءٌ}؛ قَالَ ابْنَ جِنِّي: كَسَّروا فَعالًا عَلَى أَفْعالٍ حَتَّى كَأَنَّهُمْ إِنَّمَا كسَّروا فَعَلًا، وَمِثْلُهُ جَوادٌ وأَجوادٌ وعَياءٌ وأَعْياءٌ، وأَعْرَى: سارَ فِيها؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ عَراءٌ لأَنه لَا شَجَرَ فِيهِ وَلَا شَيْءَ يُغَطِّيه، وَقِيلَ: إِنَّ العَرَاء وَجْه الأَرض الْخَالِي؛ وأَنشد:
وَرَفَعْتُ رِجلًا لَا أَخافُ عِثارَها، ***ونَبَذْتُ بالبَلَدِ العَرَاء ثِيَابِي
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العَرَاء عَلَى وجْهين: مَقْصُورٌ، وَمَمْدُودٌ، فَالْمَقْصُورُ النَّاحِيَةُ، وَالْمَمْدُودُ الْمَكَانُ الْخَالِي.
والعَراء: مَا اسْتَوَى مِنْ ظَهْر الأَرض وجَهَر.
والعَراء: الجَهراء، مُؤَنَّثَةٌ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ.
والعَرَاء: مُذكَّر مَصْرُوفٌ، وهُما الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ المُصْحرة وَلَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا جبالٌ وَلَا آكامٌ وَلَا رِمال، وَهُمَا فَضاء الأَرض، وَالْجَمَاعَةُ الأَعْرَاء.
يُقَالُ: وَطِئْنا عَرَاءَ الأَرض والأَعْرِيَة.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَرَا مِثْلَ العَقْوَة، يُقَالُ: مَا بِعَرانا أَحَدٌ أَي مابعَقْوَتنا أَحدٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « فكَرِهَ أَن يُعْرُوا الْمَدِينَةَ »، وَفِي رِوَايَةٍ: أَن تَعْرَى أَي تَخْلُو وَتَصِيرُ عَرَاءً، وَهُوَ الْفَضَاءُ، فَتَصِيرُ دُورهُم فِي العَراء.
والعَراء: كلُّ شيءٍ أُعْرِيَ من سُتْرَتِه.
وتقول: اسُتُرْه عَنِ العَرَاء.
وأَعْرَاءُ الأَرض: مَا ظَهَر مِنْ مُتُونِها وظُهورِها، واحدُها عَرًى؛ وأَنشد: " وبَلَدٍ عارِيَةٍ أَعْرَاؤه "والعَرَى: الحائطُ، وقيلَ كلُّ مَا سَتَرَ مِنْ شيءٍ عَرًى.
والعِرْو: الناحيةُ، وَالْجَمْعُ أَعْرَاءٌ.
والعَرَى والعَرَاةُ: الجنابُ والناحِية والفِناء وَالسَّاحَةُ.
ونزَل فِي عَرَاه أَي فِي ناحِيَتِه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي: " أَوْ مُجْزَ عَنْهُ عُرِيَتْ أَعْراؤُه "فَإِنَّهُ يكونُ جمعَ عَرىً مِنْ قَوْلِكَ نَزَل بِعَراهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ عَراءٍ وأَن يَكُونَ جَمع عُرْيٍ.
واعْرَوْرَى: سَارَ فِي الأَرضِ وَحْدَه وأَعْرَاه النَّخْلَةَ: وَهَبَ لَهُ ثَمرَة عامِها.
والعَرِيَّة: النَّخْلَةُ المُعْراةُ؛ قَالَ سُوَيدُ بْنُ الصَّامِتِ الأَنصاري:
لَيْسَتْ بسَنْهاءَ وَلَا رُجَّبِيَّة، ***وَلَكِنْ عَرَايا فِي السِّنينَ الجَوائحِ
يَقُولُ: إنَّا نُعْرِيها الناسَ.
والعَرِيَّةُ أَيضًا: الَّتِي تُعْزَلُ عَنِ المُساومةِ عِنْدَ بَيْعِ النخلِ، وَقِيلَ: العَرِيَّة النَّخْلَةُ الَّتِي قَدْ أكِل مَا عَلَيْهَا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: خَفِّفوا فِي الخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ العَرِيَّة والوَصِيَّة، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ رَخَّص فِي العَرِيَّة والعَرَايا "؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَرَاياوَاحِدَتُهَا عَرِيَّة، وَهِيَ النَّخْلَةُ يُعْرِيها صاحبُها رَجُلًا مُحْتَاجًا، والإِعراءُ: أَنْ يجعلَ لَهُ ثَمرَة عامِها.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ مِنَّا مَنْ يُعْرِي، قَالَ: وَهُوَ أَن يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ النخلَ ثُمَّ يَسْتَثْنِيَ نَخْلَةً أَو نَخْلَتَيْنِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَرَايَا ثَلَاثَةُ أَنواع، وَاحِدَتُهَا أَن يَجِيءَ الرَّجُلُ إِلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيَقُولُ لَهُ: بِعْني مِنْ حَائِطِكَ ثَمَرَ نَخلَات بأَعيانها بِخرْصِها مِنَ التَّمْر، فَيَبِيعُهُ إِيَّاهَا وَيَقْبِضُ التَّمر ويُسَلِّم إِلَيْهِ النخَلات يأْكلها وَيَبِيعُهَا ويُتَمِّرها وَيَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ، قَالَ: وجِماعُ العَرَايا كلُّ مَا أُفْرِد لِيُؤْكَلَ خاصَّة وَلَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَةِ الْمَبِيعِ مِنْ ثَمَر الْحَائِطِ إِذَا بيعَتْ جُمْلتُها مِنْ وَاحِدٍ، وَالصِّنْفُ الثَّانِي أَن يَحْضُر رَبَّ الْحَائِطِ القومُ فَيُعْطِي الرجلَ النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ وأَكثر عَرِيَّةً يأْكلها، وَهَذِهِ فِي مَعْنَى المِنْحة، قَالَ: وللمُعْرَى أَن يَبِيعَ ثَمرَها ويُتَمِّره وَيَصْنَعَ بِهِ مَا يَصْنَعُ فِي مَالِهِ لأَنه قَدْ مَلَكه، وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ مِنَ الْعَرَايَا أَن يُعْرِي الرجلُ الرجلَ النَّخلةَ وأَكثر مِنْ حَائِطِهِ ليأْكل ثَمَرَهَا ويُهْدِيه ويُتَمِّره وَيَفْعَلَ فِيهِ مَا أَحبَّ وَيَبِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ مِنْهُ، فَتَكُونُ هَذِهِ مُفْرَدة مِنَ الْمَبِيعِ مِنْهُ جُمْلَةً؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: العَرَايا أَن يَقُولَ الغنيُّ لِلْفَقِيرِ ثَمَرُ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَو النَّخلات لَكَ وأَصلُها لِي، وأَما تَفْسِيرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّهُ رخَّص فِي العَرَايا، فَإِنَّ التَّرْخِيصَ فِيهَا كَانَ بَعْدَ نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن المُزابَنة "، وَهِيَ بَيْعُ الثَّمَرِ في رؤوس النَّخْلِ بِالتَّمْرِ، ورخَّصَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُزَابَنَةِ فِي الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوسُق، وَذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَفْضُل مِنْ قُوتِ سَنَته التَّمْرُ فيُدْرِك الرُّطَب وَلَا نَقْدَ بِيَدِهِ يَشْتَرِي بِهِ الرُّطَب، وَلَا نَخْلَ لَهُ يأْكل مِنْ رُطَبه، فَيَجِيءُ إِلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيَقُولُ لَهُ بِعْنِي ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَو نَخْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثٍ بِخِرْصِها مِنَ التَّمْر، فَيُعْطِيهِ التَّمْرَ بثَمَر تِلْكَ النَّخلات ليُصيب مِنْ رُطَبها مَعَ النَّاسِ، فرَخَّص النبيُّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّم مِنَ المُزابَنة فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُق، وَهُوَ أَقلُّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَهَذَا مَعْنَى تَرْخِيصِ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فِي العَرايا لأَن بَيْعَ الرُّطَب بالتَّمْر محرَّم فِي الأَصل، فأَخرج هَذَا الْمِقْدَارَ مِنَ الْجُمْلَةِ المُحَرَّمة لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ العَرِيَّة مأْخوذة مِنْ عَرِيَ يَعْرَى كأَنها عَرِيَتْ مِنْ جُمْلَةِ التَّحْرِيمِ أَي حَلَّتْ وخَرَجَتْ مِنْهَا، فَهِيَ عَرِيَّة، فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ المستثناةِ مِنَ الْجُمْلَةِ.
قَالَ الأَزهري: وأَعْرَى فُلَانٌ فُلَانًا ثَمَرَ نخلةٍ إِذَا أَعطاه إِيَّاهَا يأْكل رُطَبها، وَلَيْسَ فِي هَذَا بيعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلٌ وَمَعْرُوفٌ.
وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَحمد عَنْ أَبيه قَالَ: العَرايا أَن يُعْرِي الرجلُ مِنْ نَخْلِهِ ذَا قَرَابَتِهِ أَو جارَه مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ أَي يَهبَها لَهُ، فأُرْخص للمُعْرِي فِي بَيْعِ ثَمَرِ نَخْلَةٍ فِي رَأْسِهَا بِخِرْصِها مِنَ التَّمْرِ، قَالَ: والعَرِيَّة مستثناةٌ مِنْ جُمْلَةِ مَا نُهِي عَنْ بَيْعِهِ مِنَ المُزابنَة، وَقِيلَ: يَبِيعُهَا المُعْرَى مِمَّنْ أَعراه إيَّاها، وَقِيلَ: لَهُ أَن يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَالَ الأَزهري: النَّخْلَةُ العَرِيَّة الَّتِي إِذَا عَرَضْتَ النخيلَ عَلَى بَيْع ثَمَرها عَرَّيْت مِنْهَا نَخْلَةً أَي عَزَلْتها عن الْمُسَاوَمَةِ.
وَالْجَمْعُ العَرَايا، وَالْفِعْلُ مِنْهُ الإِعْرَاء، وَهُوَ أَن تَجْعَلَ ثَمَرَتَهَا لِمُحْتاج أَو لِغَيْرِ مُحْتَاجٍ عامَها ذَلِكَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَرِيَّة فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَإِنَّمَا أُدخلت فِيهَا الْهَاءُ لأَنها أُفردت فَصَارَتْ فِي عِدَادِ الأَسماء مِثْلَ النَّطِيحة والأَكيلة، وَلَوْ جِئْتَ بِهَا مَعَ النَّخْلَةِ قُلْتَ نَخْلَةٌ عرِيٌّ؛ وَقَالَ: إِنَّ تَرْخِيصَهُ فِي بَيْعِ العَرايا بَعْدَ نَهْيِهِ عَنِ المُزابنة لأَنه ربَّما تأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى أَن يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ فرُخِّص لَهُ فِي ذَلِكَ.
واسْتعْرَى الناسُ فِي كلِّ وجهٍ، وَهُوَ مِنَ العَرِيَّة: أَكلوا الرُّطَبَ مِنْ ذَلِكَ، أَخَذَه مِنَ العَرايا.
قَالَ أَبُو عَدْنَانَ: قَالَ الْبَاهِلِيُّ العَرِيَّة مِنَ النَّخْلِ الفارِدَةُ الَّتِي لَا تُمْسِك حَمْلَها يَتَناثر عَنْهَا؛ وأَنشدني لِنَفْسِهِ:
فَلَمَّا بَدَتْ تُكْنَى تُضِيعُ مَوَدَّتي، ***وتَخْلِطُ بِي قَوْمًا لِئامًا جُدُودُها
رَدَدْتُ عَلَى تُكْنَى بَقِيَّةَ وَصْلِها ***رَمِيمًا، فأمْسَتْ وَهيَ رثٌّ جديدُها
كَمَا اعْتكرَتْ للَّاقِطِين عَرِيَّةٌ ***مِنَ النَّخْلِ، يُوطَى كلَّ يومٍ جَريدُها
قَالَ: اعْتِكارُها كثرةُ حَتِّها، فَلَا يأْتي أَصلَها دابَّةٌ إِلَّا وَجَدَ تَحْتَهَا لُقاطًا مِنْ حَمْلِها، وَلَا يَأْتِي حَوافيها إِلَّا وَجَد فِيهَا سُقاطًا مِنْ أَيّ مَا شاءَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « شَكا رجلٌ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَعًا فِي بَطْنِهِ فَقَالَ: كُلْ عَلَى الرِّيقِ سَبْعَ تَمَرات مِنْ نَخْلٍ غَيْرِ مُعَرّىً »؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: المُعَرَّى المُسَمَّد، وأَصله المُعَرَّر مِنَ العُرَّة، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ فِي عَرَرَ.
والعُرْيان مِنَ الْخَيْلِ: الفَرَس المُقَلِّص الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبِهَا أَعراءٌ مِنَ الناسِ أَي جماعةٌ، واحدُهُم عِرْوٌ.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَتَتْنا أَعْرَاؤُهم أَي أَفخاذهم.
وَقَالَ الأَصمعي: الأَعْرَاء الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالْقَبَائِلِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَاحِدُهُمْ عُرْيٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وأَمْهَلْت أَهْلَ الدَّارِ حَتَّى تَظاهَرُوا ***عَليَّ، وَقَالَ العُرْيُ مِنْهُمْ فأَهْجَرَا
وعُرِيَ إِلَى الشَّيْءِ عَرْوًا: بَاعَهُ ثُمَّ اسْتَوْحَش إِلَيْهِ.
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ عُريتُ إِلَى مالٍ لِي أَشدَّ العُرَوَاء إِذَا بِعْته ثُمَّ تَبِعَتْه نفسُكَ.
وعُرِيَ هَواه إِلَى كَذَا أَي حَنَّ إِلَيْهِ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزة:
يُعْرَى هَواكَ إِلَى أَسْماءَ، واحْتَظَرَتْ ***بالنأْيِ والبُخْل فِيمَا كَانَ قَد سَلَفا
والعُرْوَة: الأَسَدُ، وبِه سُمِّي الرَّجُلُ عُرْوَة.
والعُرْيَان: اسْمُ رَجُلٍ.
وأَبو عُرْوَةَ: رجلٌ زَعَموا كَانَ يَصِيحُ بالسَّبُعِ فيَموت، ويَزْجُرُ الذِّئْبَ والسَّمْعَ فيَموتُ مكانَه، فيُشَقُّ بَطْنُه فيوجَدُ قَلْبُه قَدْ زالَ عَنْ مَوْضِعِهِ وخرَجَ مِنْ غِشائه؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ، إذا اغْتابَك، ***زَجْرًا مِنِّي على وَضَمِ
زَجْرَ أَبي عُرْوَةَ السِّباعَ، إِذَا ***أَشْفَقَ أَنْ يَلْتَبِسْنَ بالغَنَمِ
وعُرْوَةُ: اسمٌ.
وعَرْوَى وعَرْوَانُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ ساعِدَة بْنُ جُؤيَّة:
وَمَا ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها ***دُفاقٌ، فعَرْوانُ الكَراثِ، فَضِيمُها؟
وَقَالَ الأَزهري: عَرْوَى اسْمُ جَبَلٍ، وَكَذَلِكَ عَرْوَانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وعَرْوَى اسْمُ أَكَمة، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
كَطاوٍ بعَرْوَى أَلْجَأَتْهُ عَشِيَّةٌ، ***لَهَا سَبَلٌ فِيهِ قِطارٌ وحاصِبُ
وأَنشد لِآخَرَ:
عُرَيَّةُ ليسَ لَهَا ناصرٌ، ***وعَرْوَى الَّتِي هَدَمَ الثَّعْلَبُ
قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمزة وعَرْوَى اسْمُ أَرْضٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا وَيْحَ نَاقَتِيَ، الَّتِي كَلَّفْتُها ***عَرْوَي، تَصِرُّ وِبارُها وتُنَجِّم
أَي تَحْفِرُ عَنِ النَّجْمِ، وَهُوَ مَا نَجَم مِنَ النَّبْت.
قَالَ: وأَنْشَدَه المُهَلَّبي فِي المَقصور كلَّفْتها عَرَّى، بِتَشْدِيدِ الراءِ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا عَرَّى وادٍ.
وعَرْوَى: هَضْبَة.
وابنُ عَرْوَانَ: جبَل؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:
حِلْمُه وازِنٌ بَناتِ شَمامٍ، ***وابنَ عَرْوانَ مُكْفَهِرَّ الجَبينِ
والأُعْرُوَانُ: نَبْتٌ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وفسَّره السِّيرَافِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ عُرْوَة بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: « وَاللَّهِ مَا كلَّمتُ مسعودَ بنَ عَمْروٍ مُنْذُ عَشْرِ سِنين والليلةَ أُكَلِّمُه»، فَخَرَجَ فَنَادَاهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُرْوَة، فأَقْبَل مسعودٌ وهو يقول:
أَطَرَقَتْ عَرَاهِيَهْ، ***أَمْ طَرَقَتْ بِداهِيهْ؟
حَكَى ابْنُ الأَثير عَنِ الْخَطَّابِيِّ قَالَ: هَذَا حرفٌ مُشْكِل، وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهِ إِلَى الأَزهري، وَكَانَ مِنْ جَوَابِهِ أَنه لَمْ يَجِدْه فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، والصوابُ عِنْده عَتاهِيَهْ، وهي الغَفْلة والدَّهَش أَي أَطَرَقْت غَفْلَةً بِلَا روِيَّة أَو دَهَشًا؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ لَاحَ لِي فِي هَذَا شيءٌ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الكَلِمة مُركَّبةً من اسْمَيْن: ظاهرٍ، ومكْنِيٍّ، وأَبْدَل فِيهِمَا حَرْفًا، وأَصْلُها إماَّ مِنَ العَراءِ وَهُوَ وَجْهُ الأَرض، وإِما منَ العَرا مقصورٌ، وَهُوَ الناحيَة، كأَنه قال أَطَرَقْتَ عَرائي أَي فِنائي زَائِرًا وضَيْفًا أَم أَصابتك داهِيَةٌ فجئْتَ مُسْتَغِيثًا، فالهاءُ الأُولى مِنْ عَرَاهِيَهْ مُبدلَة من الهمزة، وَالثَّانِيَةُ هاءُ السَّكْت زِيدَتْ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يحتمِل أَن يكونَ بِالزَّايِ، مصدرٌ مِنْ عَزِه يَعْزَهُ فَهُوَ عَزِةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرَبٌ فِي الطَّرَب، فَيَكُونُ.
مَعْنَاهُ أَطَرَقْت بِلَا أَرَبٍ وحاجةٍ أَم أَصابَتْك دَاهِيَةٌ أَحوجَتْك إِلَى الِاسْتِغَاثَةِ؟ وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ عَرَا حَدِيثَ المَخْزومية الَّتِي تَسْتَعِيرُ المَتاع وتَجْحَدُه، وَلَيْسَ هَذَا مكانَه فِي ترتيبِنا نَحْنُ فَذَكَرْنَاهُ في ترجمة عَوَر.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
87-أساس البلاغة (عين)
عينفلان عيون وعيّان ومعيان. «وهو عبد عين» وصديق عين وأخو عين: لمن يخدمك ويصادقك رياءً. وأنشد الجاحظ:
ومولىً كعبد العين أمًا لقاؤه *** فيُرضى وأما غيبه فظنون
وتقول لن بعثته واستعجلته: «بعين ما أرينّك» أي لا تلو على شيء فكأني أنظر إليك. ولأضربن الذي فيه عيناك أي رأسك. «ولقيته أدنى عائنة» أي قبل كل شيءٍ. وعان على القوم عيانةً إذا كان عينًا عليهم، وتعيّنًا عينًا يتعيّن لنا أي يتبصّر ويتجسّس. وفي الميزان عين أي ميل، وأصلح عين ميزانك، ومنه قولهم: تعين الرجل واعتان عينةً أي استسلف سلفًا. وباعه بعينة أي بنسيئة لأنها زيادة، وعن ابن دريد لأنها بيع العين بالدين. قال ابن مقبل:
فكيف لنا بالشرب إن لم تكن لنا *** دراهم عند الحانويّ ولا نقد
أندّان أم نعتان أم ينبري لنا *** أغر كنصل السيف أبرزه الغمد
وعيّنت الرجل بمساويه إذا بكّته في وجهه وعلى عينه. وعيّن قربتك: صبّ فيها ماءً حتى تنسدّ عيون الخرز، وتعين السقاء: بلي ورقّت منه مواضع. قال القطّاميّ:
ولكن الأديم إذا تفرّى *** بلًى وتعيّنا غلب الصّناعا
والقوم منك معانٌ أي بحيث تراهم بعينك. وهذا معان الحيّ. والبصر ينكسر عن عين الشمس وصيخدها وهي نفسها.
ومن المجاز: نظرت الأرض بعينٍ أو بعينين إذا طلع بأرض ما ترعاه الماشية بغير استمكان. قال:
إذا نظرت بلاد بني نمير *** بعين أو بلاد بني صباح
رميناهم بكلّ أقبّ نهد *** وفتيان العشيّة والصّباح
أي القرى والغارة. وعين الشجر: نوّر. وثوب معين: فيه ترابيع صغار تشبه العيون. وهو من أعيان الناس أي من أشرافهم. وأعيان الإخوة: الذين هم لأب وأم. وأولاد الرجل من الحرائر: بنو أعيان. وفيهم عين الماء أي النفع والخير. قال الأخطل:
أولئك عين الماء فيهم وعندهم *** من الخيفة المنجاة والمتحوّل
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
88-أساس البلاغة (قعد)
قعدهذه بئر قعدة: اي طولها طول إنسان قاعد. وهو حسن القعدة، وقعد مثل قعدة الدب. وأتينا بثريدة مثل قعدة الرجل، وهو قعدة ضجعة: للعاجز الذي لا يكتسب ما يعيش به. وفلان قعديٌّ: يحب القعود في بيته. قال:
إذا القعديّ صافح الأرض جنبه *** تململ يزجى المكرمات سبيلها
وقاعدته، وهو قعيدي. وما للافنٍ ارمأة تقعده وتقعّده.
ومن المجاز: قعد عن الأمر: تركه. وقعد له: اهتمّ به. وقعد يشتمني: أقبل. وأرهف شفرته حتى قعدت كأنها حربة: صارت. وقال الدّيا الحارثيّ:
لأصبحن ظالمًا حربًا رباعيةً *** فاقعد لها ودعن عنك الأظانينا
وتقاعد عن الأمر وتقعّد، وما قعد به عن نيل المساعي، وما تقعّده وما أقعده إلا لؤم عنصره. وقال:
بنو المجد لم تقعد بهم أمهاتهم *** وآباؤهم آباء صدق فأنجبوا
وقعدت الفسيلة: صار لها جذع، وفي أرض بني
فلان من القاعد كذا: من الفسيل الذي قعد. ونخلة قاعدةٌ: لم تحمل. وارمأة قاعد: كبيرة قعدت عن الحيض والأزواج. وقعدت الرخمة: جثمت. وأقعده الهرم. ورجلٌ مقعد. وثديٌ مقعد: ملء الكف ناهد لا ينكسر. قال النابغة:
والبطن ذو عكنٍ لطيف طيّه *** والنحر تنفجه بثديٍ مقعد
ورجل مقعد الأنف: في منخريه سعةٌ وقصر. وأسهرتني المقعدات: الضفادع. قال الشمّاخ:
توجّسن واستيقنّ أن ليس حاضرًا *** على الماء إلا المقعدات القوافز
والقطا على المقعدات: على الفراخ. قال:
إلى مقعدات تطرح الريح بالضحى *** عليهنّ رفضًا من حصاد القلاقل
وإنّ حسبك لمقعد بالكسر أي يقعدك عن بلوغ الشرف. قال:
لقًى مقعدُ الأنساب منقطعٌ به *** إذا القوم راموا خطّةً لا يرومها
واقتعد الدابة: ابتذله بالركوب، وهي قعدته وقعوده، وهنّ قعائده وقعداته. قال الأخطل:
فبئس الظاعنون غداة شالت *** على القعدات أشباه الزباب
وقعدك الله، وقعيدك الله لا أفعل. قال جرير:
قعيد كما الله الذي أنتما له *** ألم تسمعا بالبيضتين المناديا
وهي قعيدته: لامرأته، وبنى بيته على قاعدة وقواعد. وقاعدة أمرك واهية. وتركوا مقاعدهم: مراكزهم. وهو أقعد منه نسبًا: أقرب منه إلى الأب الأكبر. وهو قعدد، وورثته بالقعدد: صفة للنسب. وقومٌ قعدٌ: لا يغزون ولا ديوان لهم. وهو من القعدة: قوم من الخوارج قعدوا عن نصرة عليّ رضي الله عنه وعن مقاتلته. وفلان قعديٌّ. وأخذه المقيم المقعد. وهذا شيء يقعد به عليك العدوّ ويقوم. قال عمر بن أبي ربيعة:
واعلم بأن الخال يوم ذكرته *** قعد العدوّ به عليك وقاما
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
89-مجمل اللغة (عقص)
عقص: العقص: التواء في قرن التيس.والعقصة: عقدة فيه.
والعقص: دخول الثنايا في الفم.
والعقص: إمساك اليد عن البذل بخلا.
والعقص: أن تأخذ المرأة الخصلة من الشعر فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى التواؤها ثم ترسلها.
ويقال: بل عقص الشعر ضفره وفتله.
والعقاص: الخيط الذي تعقص به أطراف الذوائب.
والعقص: رمل لا طريق فيه.
قال الراجز:
كيف اهتدت ودونها الجزائر
وعقص من عالج يياهر
والمعقص: السهم ينكسر نصله فيبقى سنخه في السهم، فيضرب أصل النصل حتى يطول.
ويقال: [إن] العقيصاء: كرشة صغيرة مقرونة بالكرش الكبرى.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
90-مجمل اللغة (نكس)
نكس: النكس: قلبك شيئا على رأسه تنكسه.والولاد المنكوس: أن تخرج رجلاه قبل رأسه.
والنكس في المرض، تقول: نكس نكسا.
ويقال: تعسا له ونكسا، وقد يضم الثاني.
والنكس: السهم الذي ينكسر فوقه فيجعل أعلاه أسفله.
ويقال للمائق: إنه لنكس تشبيهًا ذلك.
والمنكس من الخيل: الذي إذا جرى لم يسم بهاديه ولا رأسه من ضعفه.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
91-مقاييس اللغة (عقص)
(عَقَصَ) الْعَيْنُ وَالْقَافُ وَالصَّادُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الْتِوَاءٍ فِي شَيْءٍ قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَقَصُ: الْتِوَاءٌ فِي قَرْنِ التَّيْسِ وَكُلِّ قَرْنٍ.يُقَالُ كَبْشٌ أَعْقَصُ، وَشَاةٌ عَقْصَاءُ.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْعَقَصُ: كَزَازَةُ الْيَدِ وَإِمْسَاكُهَا عَنِ الْبَذْلِ.
يُقَالُ: هُوَ عَقِصُ الْيَدَيْنِ وَأَعْقَصُ الْيَدَيْنِ، إِذَا كَانَ كَزًّا بَخِيلًا.
قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: الْعَقِصُ مِنَ الرِّجَالِ: الْمُلْتَوِي الْمُمْتَنِعُ الْعَسِرُ، وَجَمْعُهُ أَعْقَاصٌ.
قَالَ:
مَارَسْتُ نَفْسًا عَقِصًا مِرَاسُهَا.
قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَقْصُ: أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ خُصْلَةٍ مِنْ شَعْرٍ فَتَلْوِيَهَا ثُمَّ تَعْقِدَهَا حَتَّى يَبْقَى فِيهَا الْتِوَاءٌ، ثُمَّ تُرْسِلَهَا.
وَكُلُّ خُصْلَةٍ عَقِيصَةٌ، وَالْجَمْعُ عَقَائِصُ وَعِقَاصٌ.
وَيُقَالُ عَقَصَ شَعْرَهُ، إِذَا ضَفَرَهُ وَفَتَلَهُ.
[وَيُقَالُ] الْعَقْصُ أَنْ يَلْوِيَ الشَّعْرَ عَلَى الرَّأْسِ وَيُدْخِلَ أَطْرَافَهُ فِي أُصُولِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَرْنٌ أَعْقَصُ.
وَيُقَالُ لِكُلِّ لِيَّةٍ عِقْصَةٌ وَعَقِيصَةٌ.
قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلَى الْعُلَى *** تَضِلُّ الْعِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَلِ
وَيُقَالُ: الْعِقَاصُ الْخَيْطُ تُعْقَصُ بِهِ أَطْرَافُ الذَّوَائِبِ.
وَمِنَ الْبَابِ: الْعَقِصُ مِنَ الرِّمَالِ: رَمْلٌ لَا طَرِيقَ فِيهِ.
قَالَ:
كَيْفَ اهْتَدَتْ وَدُونَهَا الْجَزَائِرُ *** وَعَقِصٌ مِنْ عَالِجٍ تَيَاهِرُ
"قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمِعْقَصُ: سَهْمٌ يَنْكَسِرُ نَصْلُهُ وَيَبْقَى سِنْخُهُ، فَيُخْرَجُ وَيُضْرَبُ أَصْلُ النَّصْلِ حَتَّى يَطُولَ وَيُرَدُّ إِلَى مَوْضِعِهِ فَلَا يُسَدُّ الثُّقْبَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ دُقِّقَ; مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّاةِ الْعَقْصَاءِ."
وَمِنَ الْحَوَايَا وَاحِدَةٌ يُقَالُ لَهَا الْعُقَيْصَاءُ.
وَيَقُولُونَ: الْعَقِصُ: عُنُقُ الْكَرِشِ.
وَأَنْشَدَ:
هَلْ عِنْدَكُمْ مِمَّا أَكَلْتُمْ أَمْسِ *** مِنْ فَحِثٍ أَوْ عَقِصٍ أَوْ رَأْسِ
وَقَالَ الْخَلِيلُ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تَضِلُّ الْعِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَلِ.
هِيَ الْمَرْأَةُ رُبَّمَا اتَّخَذَتْ عَقِيصَةً مِنْ شَعْرِ غَيْرِهَا تَضِلُّ فِي رَأْسِهَا.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهَا كَثِيرَةُ الشَّعْرِ، فَمَا عُقِصَ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِي جَمِيعِهِ، لِكَثْرَةِ مَا يَبْقَى.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
92-مقاييس اللغة (نكس)
(نَكَسَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالسِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى قَلْبِ الشَّيْءِ.مِنْهُ النَّكْسُ: قَلْبُكَ شَيْئًا عَلَى رَأْسِهِ.
وَالْوِلَادُ الْمَنْكُوسُ: أَنْ يَخْرُجَ رِجْلَاهُ قَبْلَ رَأْسِهِ.
وَالنِّكْسُ: السَّهْمُ الَّذِي يَنْكَسِرُ فُوقُهُ، فَيُجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ.
وَيُقَالُ لِلْمَائِقِ: إِنَّهُ لَنِكْسٌ، تَشْبِيهًا بِذَلِكَ.
وَالْمُنَكِّسُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي إِذَا جَرَى لَمْ يَسْمُ بِرَأْسِهِ وَلَا هَادِيهِ مِنْ ضَعْفِهِ.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
93-صحاح العربية (حمت)
[حمت] حمت يومنا بالضم، إذا اشتد حره، فهو يوم حمت بالتسكين.وغضب حميت، أي شديد.
والحميت: الزق الذى لا شعر عليه، وهو للسمن.
قال ابن السكيت: فإذا جعل في نحى السمن الرب فهو الحميت.
وإنما سمى حميتا لانه متن بالرب.
قال رؤبة:
حتَّى يَبوخَ الغَضَبُ الحَميتُ *** يعنى الشديد، أي ينكسر ويسكن.
وحمت الجوز ونحوه: فسد وتغير.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
94-صحاح العربية (نكس)
[نكس] نكست الشئ أنكسه نكسا: قلبته على رأسه فانْتَكَسَ.ونَكَّسْتُهُ تَنْكيسًا.
والناكِسُ: المُطأطئ رأسه.
وجمع في الشعر على نواكِسَ، وهو شاذ على ما ذكرناه في فوارس.
قال الفرزدق: وإذا الرجال رَأَوْا يَزيدَ رأَيْتَهُمْ *** خَضُعَ الرقابِ نواكِسَ الأبْصارِ *** والوِلادُ المَنْكوسُ: الذي تخرج رجلاه قبل رأسه.
وهو اليتن
والمنكس من الخيل: الذى لا يسمو برأسه.
والنُكْسُ بالضم: عَوْدُ المريض بعد النَقَهِ.
وقد نُكِسَ الرجل نُكْسًا.
يقال تَعْسًا له ونكسا: وقد يفتح هاهنا للازدواج، أو لانه لغة.
والنِكْسُ بالكسر: السهم الذي ينكسر فوقه فيُجعل أعلاه أسفله.
والنِكْسُ أيضا: الرجل الضعيف.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
95-منتخب الصحاح (نكس)
نَكَسْتُ الشيء أنْكُسُهُ نَكْسًا: قلبته على رأسه فانْتَكَسَ.ونَكَّسْتُهُ تَنْكيسًا.
والناكِسُ: المُطأطئ رأسه.
وجمع في الشعر على نواكِسَ وهو شاذٌّ.
قال الفرزدق:
وإذا الرجالُ رَأًوْا يزيدَ رأيتَهُمْ *** خُضْعَ الرقابِ نواكِسَ الأبْصارِ
والوِلادُ المَنْكوسُ: الذي تخرج رجله قبل رأسه.
وهو اليَتْنُ.
والمُنَكِّسُ من الخيل: الذي لا يسمو برأسه.
والنُكْسُ بالضم: عَوْدُ المريض بعد النَقَهِ.
وقد نُكِسَ الرجل نُكْسًا.
يقال: تَعْسًا له ونُكْسًا: وقد يُفتح ها هنا للازدواج، أو لأنَّه لغة.
والنِكْسُ بالكسر: السهم الذي ينكسر فوقه فيُجعل أعلاه أسفله.
والنِكْسُ أيضًا: الرجل الضعيف.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
96-المحيط في اللغة (عقص)
العَقَصُ: الْتِواءٌ في قَرْن التَّيْس، ومنه العُقْصَة: العقدة فيه.ودُخول الثنايا في الفم.
والعَقْصُ: أن تلوي كلَّ خُصلةٍ من الشعر ثم تعقدَها حتى يبقى فيها الْتِواء، والخصْلَة: عَقِيْصَة، وجمعُها عَقائص وعِقاص.
والمِعْقَص: السهْم ينكسر نصلُه فيبقى سِنْخُه في السهم فَيُخْرَج ويُدَقَّق أصلُ النصل ويُطول ويُرَدّ إلى موضعه.
وقيل: هو الذي ينكسِر فتتخفه المرأة مِعْقَصًا تَعْقِصُ به شعرها.
والعِقَاصُ: الخَيطُ يُعْقَصُ به أطرافُ الذَّوائب.
والعَقِصُ: الرَّمْل الوَعْرُ الذي لا طريقَ فيه، الواحدة عَقَصَة.
والسًيئَ الخُلُقِ العَسِر.
والبخيل، ومثله العَيْقَص.
والعُقَيْصاءُ: ما فيه عُيونٌ وكثافة من حَشْوَةِ البطْن.
والأعْقَصُ: الذي تَلوتْ أصابعُه بعضُها على بعض.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
97-المحيط في اللغة (شدخ)
شدخ الغرة الشادخة التي تغشي الوجه من أصل الناصية إلى الأنف، والاسم الشدخ.وهي الطويلة من الأتر.
والشادخ العادل المائل.
وشداخ رجل من بني ليث.
والمشدخ بسر يغمن حتى ينكسر.
ويقال للصبي الفطيم شدخ.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
98-تهذيب اللغة (عقص)
عقص: روي عن عمر بن الخطّاب أنه قال: «من لبّد أو عَقَص فعليه الحلق» يعني من المحرِمينَ بالحج أو العمرة.قال أبو عبيد: العَقْص: ضربٌ من الضَّفْر، وهو أن يُلوَى الشَّعَر على الرأس، ولهذا يقال: للمرأة عِقْصة وجمعها عِقَصٌ وعِقاص.
وقال امرؤ القيس يصف شعر امرأة:
غدائره مستشزِراتٌ إلى العُلَا *** تَضِلُ العِقاصُ في مثنَّى ومرسَلِ
وصفها بكثرة الشعر والتفافِه.
وقال الليث: العَقْص: أن تأخذ المرأة كل خُصْلة من شعرها فتلويَها ثم تَعقِدَها حتّى يبقى فيها التواءٌ ثمَّ تُرسلها؛ وكلُّ خُصلة عقيصة.
قال: والمرأة ربّما اتّخذَتْ عقيصةً من شعر غيرها.
وقال شمر: سمعتُ ابن الأعرابي يقول: العِقاص: المَدَارِي في قول امرىء القيس.
قال: العَقْص والضَّفر ثلاث قُوًى، وقُوَّتان.
قال: والرجل يجعل شعره عقيصتين وضفيرتين فيرُخيهما من جانبيه.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابي: العِقاص، والرَّبَض، والحوِيّة، والحاوية واحد، وهي الدُّوَّارة التي في بطن الشاة.
أبو عبيد عن أبي زيد: العَقْصاء من المِعْزى: التي قد التوَى قرناها على أذنيها من خلفها.
والقَصماء: المكسورة القرن الخارج.
والعَضْباء: المكسورة القرن الداخل، وهو المُشاش.
والنَّصْباء: المنتصبة القرنين.
وقال أبو عبيد: العَقِص من الرجال: الضيِّق البخيل.
وقال أبو عمرو: العَقِص من الرَّمل كالعَقِد.
وقال الأصمعيّ: المِعقَص: السهم ينكسر نصله فيبقى سِنْخُه في السهم، فيُخرج ويُضرب حتى يُطَوَّل ويردّ إلى موضعه فلا يسدّ
مسدّهُ؛ لأنه دُقِّق وطُوِّل.
قال الأصمعي: ولم يدر الناس ما مَعاقص فقالوا مَشاقص، للنصال التي ليست بعريضة.
وأنشد للأعشى:
ولو كنتُم نبْلًا لكنتم معاقصا
ورواه غيره: «مشاقصا» قال: وعقص أمره، إذا لواه فلبَّسَه.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: المِعقاص من الجواري: السيِّئة الخُلُق.
قال: والمِعقاص هي النِّهاية في سوء الخلق.
قال: والمِعقاص: الشاة المعوّجة القرن.
وفي «النوادر»: يقال أخذْتُه معاقصة ومقاعصة، أي مُعازَّةً ومُغالبة.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
99-تهذيب اللغة (عنت)
عنت: قال الله عزوجل: {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النِّساء: 25] نزلت الآية فيمن لم يستطع طَوْلًا أي فَضْل مالٍ ينكح به حُرّة، فله أن ينكح أمَة، ثم قال: {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}.وهذا يوجب أن من لم يخش العَنَت ووجد طَوْلًا لحُرَّة أنه لا يحلّ له أن ينكح أَمَة.
واختلف الناس في تفسير العَنَت.
فقال بعضهم: معناه: ذلك لمن خاف أن يحمله شدّة الشَّبَق والغُلْمة على الزنى فيلقى العذاب العظيم في الآخرة، والحَدَّ في الدنيا.
وقال بعضهم: معناه: أن يعشق أَمَة، وليس في الآية ذكر عشق، ولكن ذا العِشقِ يلقى عَنَتًا.
وقال أبو العباس محمد بن يَزيد الثُمَاليّ: العَنَت ههنا: الهلاك.
وأخبرني المنذريّ عن أبي الهَيْثَم أنه قال: العَنَت في كلام العرب: الجَوْر والإِثْم والأَذَى.
قال: فقلت له: آلتعنُّت من هذا؟ قال: نعم، يقال: تعنت فلان فلانًا إذا أدخل عليه الأَذَى.
وقال أبو إسحاق الزجَّاج: العَنَت في اللغة: المَشَقَّة الشديدة؛ يقال: أكمَة عَنُوت إذا كانت شاقَّة
المَصْعَد.
قلت: وهذا الذي قاله أبو إسحاق صحيح، فإذا شَقَّ على الرجل العُزْبة وغلبته الغلْمة ولم يجد ما يتزوّج به حُرّة فله أن ينكح أَمَة؛ لأن غلبة الشهوة واجتماعَ الماء في صُلْب الرجل ربما أدّى إلى العِلَّة الصعبة، والله أعلم.
وقول الله عزوجل: {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] معناه: ولو شاء الله لشدَّد عليكم وتعبَّدكم بما يَصعب عليكم أداؤه؛ كما فَعل بمن كان قبلكم.
وقد يوضع العَنَت موضع الهلاك، فيجوز أن يكون معناه: {لَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ} أي أهلككم بحكم يكون فيه غير ظالم.
وقول الله عزوجل: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} [التّوبَة: 128] معناه: عزيز عليه عَنَتكم، وهو لقاء الشدّة والمشقّة.
وقال بعضهم: معناه: عزيز عليه أي شديد ما أعنتكم أي ما أوردكم العَنَت والمَشَقَّة.
وقوله عزوجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحُجرَات: 7] أي لو أطاع مثل المُخْبِر الذي أخبره بما لا أصل له ـ كان سعى بقوم من العرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ارتدّوا ـ لوقعتم في عَنَت أي فساد وهلاك.
وهو قوله عزوجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ} [الحُجرَات: 6] الآية.
وقال الليث: يقال: أعنت فلان فلانًا إعناتًا إذا أدخل عليه عَنَتًا أي مَشَقَّة.
قال: وتعنَّته تعنُّتًا إذا سأله عن شيء أراد به اللَبْس عليه والمشَقَّة.
قال: والعَظْم المجبور يصيبه شيء فَيُعْنِته.
قلت: معناه: أنه يَهيضه، وهو كسر بعد انجبار، وذاك أشدّ من الكسر الأوّل.
وقال ابن شُمَيل: العَنَت: الكسر، وقد عنِتَت يده أو رجله أي انكسرت.
وكذلك كل عظم.
وأنشد:
فداوِ بها أضلاع جنبيك بعدما *** عَنِتن وأعيتك الجبائر من عَلُ
وقال النَضْر: الوَثْءُ ليس بعَنَت، لا يكون العَنَت إلا الكسر.
والوَثْء: الضرب حتى يَرْهَص الجلدَ واللحم ويصل الضرب إلى العظم من غير أن ينكسر.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال: الإعنات: تكليف غير الطاقة.
ويقال: أعْنت الجابر الكسيرَ إذا لم يَرفُق به، فزاد الكسرَ فسادًا.
وكذلك راكب الدابَّة إذا حمله على ما لا يحتمله من العُنْف حتى يَظْلعَ فقد أعْنته.
وقد عنِتَت الدابَّة.
وجُملة العَنَت الضرر الشاقّ المؤذي.
والعُنْتُوت: العَقَبة الكَئُود الشاقَّة، وهي العَنُوت أيضًا، قاله ابن الأعرابيّ وغيره.
قال: وعُنْتُوت القوس: هو الحَزّ الذي تدخل فيه الغانة، والغانة: حَلْقة رأس الوَتَر.
وقال ابن الأنباريّ: أصل العَنَت التشديد وتعنَّته إذا ألزمه ما يصعُب عليه.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
100-تهذيب اللغة (ذرع)
ذرع: في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذرع ذِراعيه من أسفل الجُبَّة إذراعًا، قال النضر: أذرع ذراعيه أي أخرجهما.ورجل ذَرِيع اليد بالكتابة أي سريع اليد.
الحرّانيّ عن ابن السكيت: هذا ثوب سَبْع في
ثمانية فقالوا: سبع لأن الأذرع مؤنَّثة، تقول: هذه ذراع، وقلت: ثمانية لأن الأشبار مذكّرة.
وقال الليث: الذراع من طَرَف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى.
وقد ذَرَعت الثوب وغيره أَذْرَعه فأنا ذارع وهو مذروع.
والرجل يذرِّع في سِبَاحته تذريعًا.
قال: والذِّرَاع: اسم جامع في كل ما يسمَّى يدًا من الروحانيين ذوي الأبدان.
قال: ومذاريع الدابَّة: قوائمها، واحدها مذراع، ويقال: مذراع، وثَوْر مَوْشِيّ المذَارع.
ومذارع الأرض: نواحيها.
أبو عبيد عن أبي عمرو قال: المذارع: هي البلاد التي بين الريف والبَر؛ مثل القادسيَّة والأنبار، وهي المَزَالِف أيضًا.
وقال الليث: موت ذَريع: سريع فاشٍ، لا يكاد الناس يتدافنون.
والذِّرَاع: سِمَة بني ثعلبة من اليمَن.
قال: وذِراع العامل صَدْر القناة.
قال: والذَّرِيعة: حَلْقة يعلَّم عليها الرَّمْي.
والذريعة: جَمَل يَستتِر به الرامي من الصيد فيرميه.
ويسيَّب الجَمَل مع الصيد حتى يأتلفا، ويمشي الصيَّاد إلى جَنْبه فيرمي الصيدَ إذا أكثبه.
أبو عبيد: الذَّرَع: ولد البقرة الوحشيَّة، وأُمّه مُذْرِع.
وقال الليث: هنّ المُذْرِعات أي ذوات ذِرْعان.
قال: وأذرعات: بلد تنسب إليه الخمر.
وأنشد بعضهم:
تنوّرتُها من أذرعاتٍ وأهلها *** بيثربَ أدنى دارِها نظر عال
قال: وهذا أكثر الرواية.
وقد أنشد بالكسر بغير تنوين من أذرعات، فأمّا الفتح فخطأ، لأن نصب تاء الجميع وفتحه وحفضها كسر.
قال والذي أجاز الكسر بلا صَرْف فلأنه اسم لفظه لفظ جماعة لواحد.
والقول الجيد عند جميع النحويين الصرف، وهو مثل عَرَفات، والقُرّاء كلهم في قوله: {مِنْ عَرَفاتٍ} [البقرة: 198] على الكسر والتنوين، وهو اسم لمكان واحد، ولفظه لفظ جمع.
أبو الهيثم: المذرَّع من الناس: الذي أُمّه أشرف من أبيه.
قال: والهَجِين: الذي أبوه عربي وأمّه أَمَة.
وأنشد هو أو غيره:
إذا باهليّ تحته حنظليَّة *** له ولد منها فذاك المذرَّعُ
وإنما سمّي مذرَّعًا تشبيهًا بالبَغْل، لأن في ذراعيه رَقْمين كرَقْمَتَيْ ذِرَاع الحِمَار نَزَع بهما إلى الحمار في الشّبَه، وأُمّ البغل أكرم من أبيه.
الذوارع الزِقاق، واحدها ذارع.
وقال الأعشى:
والشاربون إذا الذوارع أُغْليت *** صَفْو الفِضَال بطارف وتِلاد
أبو عبيد: امرأة ذِرَاع إذا كانت خفيفة اليدين بالغَزْل.
ويقال: ذرَّع فلان لبعيره إذا قَيَّده بفضل خِطامه في ذراعيه، والعرب تسمّيه تذريعًا.
ويقال: ضقت بالأمر ذَرْعًا وذِرَاعًا، نصبت ذرْعًا لأنه خرج مفسرًا محوَّلًا؛ لأنه كان في الأصل ضاق ذرعي به، فلمَّا حُوّل الفعل خرج قوله ذَرْعًا مفسرًا.
ومثله قَرِرْت به عَينًا وطِبت به نَفْسًا.
والذَّرْع يوضع موضع الطاقة.
والأصل فيه
أن يَذْرَع البَعِيرُ بيديه في سَيره ذَرْعًا على قَدْر سَعَة خَطْوه، فإذا حملته على أكثر من طَوْقه قلت: قد أبطرت بعيرك ذَرْعَه، أي حملته من السير على أكثر من طاقته حتى يَبْطَر ويَمُدَّ عنقه ضَعْفًا عمَّا حُمِل عليه.
ومن أمثال العرب السائرة: هو لك على حَبْل الذراع، أي أُعَجِّله لك نَقْدًا.
والحَبْل عِرْق في الذراع، ويقال: ما لي به ذَرْع ولا ذِرَاع أي ما لي به طاقة.
وفَرَس ذَريع: شريع واسع الخَطْو.
وفرس مذرّع إذا كان سابقًا، وأصله الفرس يلحق الوحشيّ وفارسُه عليه، فيطعُنه طعَنْة تفور بالدم فتلطِّخ ذراعي الفرس بذلك الدم فيكون علامة لسبْقه.
ومنه قول تميم بن أُبَيْ بن مقبل يصف الخيل فقال:
خلال بيوت الحيّ منها مذرَّع
والضَبُع مُذَرَّعة لسواد في أذرعها ومنه قول الهذلي:
مذرَّعة أُمَيْمَ لها فَلِيل
وذرعات الدابَّة: قوائمه.
ومنه قول ابن خذَّاق العبديّ يصف فرسًا:
فأمْست كتيس الرَبْل تعدو إذا عدت *** على ذَرِعات يعتلينَ خُنُوسا
أي: على قوائم يعتلين مَن جاراهن وهنّ يخْنِسْن بعض جريهنّ أي يُبْقين منه، يقول: لم يَبْذلن جميع ما عندهن من السَير.
ويقال: فلان ذَريعتي الليلة أي سبَبي ووُصلتي الذي به أتسبَّب إليك، أُخِذ من الذَّرِيعة.
وهو البعير الذي يستتِر به الرامي من الصيد ويخاتله حتى يُكْثِبُه فيرميه.
وقال أبو وَجْزَة يصف امرأة:
طافت به ذات ألوان مشبّهة *** ذَريعة الجِنّ لا تعطي ولا تدعُ
أراد كأنها جِنّية لا يُطمَع فيها ولا يُعلَم ما في نفسها.
أبو عُبيد عن الأمويّ: التذريع: الخَنِق، وقد ذرَّعته إذا خَنَقته.
وقال أبو زيد: ذرّعته تذريعًا إذا جعلت عُنُقه بين ذراعك وعضدِك فخَنَقْته.
وقال الأصمعي: تذرَّع فلان الجريدَ إذا وضعه على ذراعه فشَطَّبه.
ومنه قول قيس بن الخَطيم:
ترى قَصَد المُرّان تُلْقَى كأنها *** تَذَرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشواطب
قال: والخِرْصان أصلها القضبان من الجريد، والشواطب جمع الشاطبة.
وهي المرأة التي تقشُر العَسِيب ثم تلقيه إلى المنقّية فتأخذ كلّ ما عليه بسكّينها حتى تتركه رقيقًا، ثم تلقيه المنقّية إلى الشاطبة ثانية فتشطُبه على ذراعها وتتذرّعه.
وكل قضيب من شجرة خُرْص.
وهذا كله قول الأصمعيّ حكاه عنه ابن السكيت.
قال: وقال أبو عبيدة: التذرّع، قدر ذراع ينكسر فيسقط.
قال: والتذرّع والقِصَد عنده واحد.
قال: والخِرْصان: أطراف الرماح التي تلي الأسِنَّة، الواحد خِرْص وخُرْص وخَرْص.
قلت: وقول الأصمعيّ أشبههما بالصواب.
ويقال: ذرع البعير يده إذا مدَّها في السير.
ويقال اقصِد بذرعك أي لا تَعْدُ بك قدرَك.
وقال ابن شميل: مذارع الوادي: أضواجه ونواحيه.
ويقال: هذه ناقة تذارع بُعْدَ
الطريق أي تمدّ باعها وذراعها لتقطعه.
وهي تذارع الفلاة وتَذْرعها إذا أسرعت فيها كأنها تقيسها.
وقال الراجز يصف الإبل:
وهن يَذْرَعن الرَقَاق السَمْلَقا *** ذَرْع النواطي السُحُل المرقَّقا
والنواطي: النواسج، الواحدة ناطية.
ويقال: ذَرَّع فلان بكذا إذا أقرَّ به، وبه سمّي المذرِّع أحد بني خَفَاجة بن عُقَيل وكان قتل رجلًا من بني عَجْلان ثم أقرَّ بقتله فأقيد به فسمّي المذرِّع.
وفي «نوادر الأعراب»: أنت ذرَّعت بيننا هذا وأنت سحلته، يريد: سبَّبْته، ورجل ذَرِع: حَسَن العِشرة والمخالطة.
ومنه قول خَنْساء:
جَلْد جميل مُخِيل بارع ذَرع *** وفي الحروب إذا لاقيت مسعار
ويقال: ذراعته مذارعة إذا خالطته.
أبو زيد: الإذراع: كثرة الكلام والإفراطُ فيه، وقد أذرع إذا أفرط في الكلام.
ويقال ذَرَعه القيء إذا سَبَق إلى فيه، وقد أذرعه الرجل إذا أخرجه.
أبو عبيد عن أبي زيد: ذَرَّع فلان تذريعًا إذا حرَّك ذِرَاعه في السعي واستعان بها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: اندرع وانذرع واندر أو رَعَف واسترعف إذا تقدّم.
قال: والذَّرِع: الطويل اللسان بالشرّ.
وهو السَيَّار الليلَ والنهار.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
101-تهذيب اللغة (نضح)
نضح: قال الليث: النّضْح كالنَّضْخ ربما اتّفقا وربما اختلفا، ويقولون: النّضْخ: ما بقي له أثر كقولك: على ثوبِه نَضْخُ دم، والعينُ تَنْضَح بالماء نَضْحًا إذا رأيتها تَنُور، وكذلك تَنْضَخ العَيْن.وقال أبو زيد: يقال: نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ فهو ناضخ، وفي الحديث «يَنْضَخُ البَحْرُ ساحِله * وقال الأصمعي: لا يُقال من الخاء فَعَلْتُ، إنما يقال: أصابه نَضخٌ من كذا.
وقال أبو الهَيْثَم: قَوْلُ أبي زَيْد أَصَحُّ، والقرآنُ يَدُلّ عليه، قال الله جلّ وعزّ: {فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ} [الرَّحمن: 66] فهذا يشهد به يقال: نضخ عليه الماء، لأن العين النَّضّاخة هي الفَعّالة، ولا يقال لها نَضّاخة حتى تكون ناضحة.
وقال ابن الفَرَج: سَمِعْت جماعة من قَيْس يقولون: النَّضْح والنَّضْخ واحد، قال: وقال أبو زيد: نَضَحْتُه.
ونَضختُه بمعنى واحد، قال: وسمعتُ الغَنَوِيّ يقول: النَّضْح والنَّضْخ وهو فيما بان أَثَره وما رَقَّ بمعنى واحد.
قال: وقال الأصمعي: النَّضْخ: الذي ليس بينه فُرَج، والنَّضْح أرقّ منه.
وقال ابن الأعرابي: النَّضح: ما نَضحْتَه بيدك مُعْتَمد، والناقةُ تَنْضح ببولها، والقِرْبة تَنضحُ، والنَّضح مِن غير اعتماد: إذا مَرَّ فوطىء على مَاءٍ، فَنَضَح عليه وهو لا يُريد ذلك ومنه نَضْحُ البَوْل في حديث إبراهيم.
أنه لم يكن يَرَى بِنضْح البَوْل بأْسًا.
قال: وقال أبو لَيْلى: النَّضْح والنَّضْخ: ما رَقَّ وثَخُن بمعنى واحد.
وقال اليزيديّ: نَضَحْناهم بالنَّبْل نَضْحا، ونَضَخْناهم نَضْخًا وذلك إذا فَرَّقوها فيهم.
وقال شمر: يقال: نَضحْتُ الأديمَ: بَلَّلته ألّا يَنْكسِر، وقال الكُمَيْت:
نَضحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم *** بآصِرَة الأرْحام لو يَتَبلَّلُ
نَضحْت أي وصلتُ.
قال: وقد قالوا في نَضْح المطر بالحاء والخاء.
والنّاضحُ: المطر، وقد نضحْتنا السماءُ.
والنَّضْحُ أَمْثَل من الطّلّ، وهو قَطْر بين قَطْرَيْن، قال: ويقال لكل شيء يتحلب من عرق أو ماءٍ أو بول يَنْضَح، وأنشد:
* يَنْضَحْن في حافاته بالأبوالِ*
وقال: عيناه تنضحان.
وقال: النَّضْح يَدْعُوه الهَمَلَان، وهو أَنْ تمتلىء العين دمعًا ثم تَنفضخ هَمَلَانًا لا ينقطع، والجَرَّة تَنْضح ونَضَحَت ذِفْرَى البَعير بالعَرَق نَضْحًا ونَضخًا، وقال القطامي:
حَرَجًا كأن من الكُحَيْلِ صُبابةً *** نَضَحَت مَغابِنُها به نَضحَانا
قال: ورواه المُؤرّج: نُضِخَت.
وقال أبو عُبَيد: قال أبو عمرو: نَضحْتُ الرِّيّ بالضّاد.
وقال الأصمعي: فإن شَرِب حتى يَرْوَى، قال: نَصحْتُ بالصّاد الرِّيّ نَصْحا ونَصعْت به ونَقَعت، قال: والنَّضح والنَّشْح واحد: وهو أن يَشرب دون الرِّيّ.
وقال غيرهم: نضحوهم بالنَّبْل أي رَشقوهم ورمَوْهم.
ويقال: هو يُناضِح عن قومه وينافح عن قومه أي يذُب عنهم، وأنشد:
* ولو بَلَا، في مَحفِلٍ، نِضَاحي *
أي: ذَبيِّ ونَضْحِي عنه.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: نَضَحتُ الماء نضْحًا، ونَضَح الرجلُ بالعرق مثله إذا عَرِقَ، وقال الكِسَائي مثله.
وقال الأصمعي: نَضَح الشجرُ إذا تَفَطَّر بالنبات.
وقال أبو طالب بن عبد المطلب:
بُورِكَ الميِّت الغَريبُ كما بور *** ك نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيتُون
قال: والنَّضَح بفتح الضّاد: الحَوْضُ الصغير وجمعه أنضَاح: قُلْتُ: ويُسمَّى نضيحًا أيضًا قاله أبو عُبَيد.
قال: والنّاضِحُ: البَعير الذي يَستَقِي الماء والأُنْثى ناضحة، وفي الحديث «ما سُقي من الزَّرْع نَضْحًا ففيه نصفُ العُشْر» يريد ما سُقِي بالدِّلاء والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتحًا.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عَدَّ عشر خلال من السُّنّة، وذكر فيها الانتضاح بالماء، وهو أن يأخذ ماء قليلًا فَينْضَحَ به مذاكيره ومؤتَزَره بعد فراغه من الوضوء لينفي بذلك عنه الوَسْواس، وهو في خبر آخر انتفاض الماء ومعناهما واحد.
والرجل يُرْمَى بأمر أو يُقْرَف بتهمة فَينْتَضِح منه أي يُظهر التبرُّؤ منه.
وقال الليث: النَّضِيح من الحُيَاض: ما قَرُب من البئر حتى يكون الإفراغ فيه من الدلو ويكون عظيمًا، وقال الأعْشى:
فَغَدَونا عليهم بكرةَ الوِرْ *** دِ كما تُورِدُ النَّضيحَ الهِيامَا
قال: وإذا ابتدأ الدَّقيق في حب السُّنْبُل وهو رَطْب فقد نَضحَ وأَنْضح لغتان.
قال: والنَّضُوح: الطِّيبُ.
الحَرّاني عن ابن السكيت: النَّضوحُ: الوَجور في أَيِّ الفم كان، وقال أبو النَّجم يصف راميا:
* أنْحى شِمَالا هَمَزَى نَضُوحا*
أي: مَدَّ شِماله في القوس هَمَزى يعني القوس أنها شديدة.
والنَّضوح أيضًا من أسماء القَوْس كأنها تَنْضَحُ بالنّبْل.
والنَّضَّاحة: الآلة التي تُسَوَّى من النُّحاس أو الصُّفْر للنِّفْط وزَرْقه.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: المِنْضحة والمِنْضخة بالحاء والخاء: الزَّرّاقَةُ.
قلت: وهي عند عوام الناس النَّضاحة ومعناهما واحد.
قال ابن الفرج: سمعت شُجاعًا السُّلَمي
يقول: أمضَحْتُ عِرْضي وأَنضَحته إذا أفْسَدْته، وقال خليفة: أَمضَحْتُه إذا أَنْهَبْته الناس.
وقال شُجاع: مَضَح عن الرجل، ونَضَح عنه، وذَبَّ عنه بمعنى واحد.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
102-تهذيب اللغة (قض)
قض: أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: قَضَ اللَّحمُ إذا كان فيه قَضَضٌ يقع في أضراسِ آكلهِ شِبْهُ الحصى الصِّغارِ، وأرضٌ قَضّةٌ ذاتُ حَصًّى وأنشد:تُثِيرُ الدَّواجِنَ في قَضَّةٍ *** عِرَاقيَّةٍ وسْطَهَا الغَضْوَرُ
قال: ويقال: قَضَ وأقَضَ إذا لم يَنمْ نومه وكان في مَضجعهِ خُشْنةٌ.
وقال الليث: يقال: قَضَضْنَا عليهم، الخيلَ فانقضَّتْ عليهم، وانقضَ الحائط أي وقع، وانقضَ الطائرُ إذا هَوَى من طَيرانهِ لِيسقط على شيءٍ وأنشد:
قَضُّوا غِضابًا عَليكَ الخَيْلَ من كَثب
وقول الله جل وعز: {جِدارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ فَأَقامَهُ} [الكهف: 77]، أي: يَنكَسِرَ.
يقال: قَضضْنَا عليهم الخيل فانقضت عليهم، وقَضضْتُ الشيءَ إذا دَقَقْتهُ ومنه قيل للْحَصَى الصِّغارِ قَضَضٌ.
ويقال: اتَّقِ القِضَّةَ والقضضَ في طعامِكَ يُريدُ الحصى والتُّرابَ.
ويقال: أقَضَ عَلَى فُلانٍ مَضجَعُهُ إذا لم يَطْمَئِنَّ بِهِ النَّومُ.
وقال الْهُذَلِيُّ:
أم ما لِجَنْبِكَ لا يُلائمُ مَضْجَعًا *** إلّا أَقَضَ عليه ذاكَ المَضْجَعُ
وقال الفراء: قَضضْتُ السَّويقَ وأقْضضْتُه إذا ألقيتَ فيه سُكَّرًا يابسًا.
وقال الأصمعي: دِرْعٌ قَضَّاء إذا كانت خَشِنَة المَسِّ لم تَنْسَحِق.
وقال أبو عبيد قال أبو عمرو: القَضَّاء من الدُّروعِ التي فُرِغَ من عَمَلِهَا، وقد قَضَيْتُها.
وقال أبو ذُؤيْبٍ:
وتَعَاوَرا مَسْرودَتيْنِ قَضاهُما *** دَاودُ أو صَنَعُ السّوابغ تُبَّعُ
قلت: جعل أبو عمرو القَضَّاءَ فَعَّالًا من قضى إذا أحكم وفرغَ، والصوابُ ما قال الأصمعي في تفسيرها، وقَضَّاء عَلَى قوله فَعْلاء غير منصرف من القَضِ، ومنه قول النابغةِ:
ونَسْجُ سُليمٍ كلَ قَضَّاءَ ذائل
وقال شمر نحوه: القَضَّاءُ من الدروع: الحديثة العهدِ بالجِدّة الخشنة المَسِّ، من قولك: أقض عليه الفراش.
وقال ابن السكيت في قوله: كل قضاء ذائل، أراد كل دِرْعٍ حديثة العهد بالعملِ.
قال: ويقال: القضاء الصُّلْبةُ التي لم تملاسّ كأن في مَجَسَّتِهَا قَضّةٌ.
قال: وقَضَ اللؤلؤة: إذا ثقبها، ومنه: قِضّة العَذْرَاءِ إذا فُرغَ منها.
وقال الليث يقال: أقَضَ الرجل إذا تَتَبَّعَ مَداقَّ المطامع.
وقال رؤبةُ:
ما كنتَ من تَكَرُّمِ الأعراضِ *** والخُلُقِ العَفِّ عن الإقضاضِ
قال: ولَحْمٌ قَضّ وطعامٌ قَضٌ وأنشد:
وأَنتمْ أكلتُمْ لَحْمَه تربًا قَضّا
ويقال: جاء بنو فُلانٍ قضَّهُمْ بقضيضهم إذا جاءوا بجماعتهم لم يخلفوا شيئًا ولا أحدًا.
ويقال أيضًا: جاءوا بِقضهم وقضيضهم.
وأخبرني المنذري عن أبي طالب جاء بالْقَضِ والقضيضِ معناه: جاء بالكبير والصغير فالقَضُ الحَصَى، والقضيضُ ما تَكسَّرَ منه وَدَقَّ.
وقال أبو بكر: القضّاء من الإبل ما بين الثلاثين إلى الأربعين، والقَضَّاء من الناس الجلَّةُ وإن كان لا حَسَبَ لهمْ، ودِرْعٌ قَضَّاء خَشِنَةُ المَسِّ من جِدَّتِها كالقضيضِ وهو الحَصَى الصِّغارُ.
وقال ابن السكيت: القَضَّاء المَسْمُورَةُ، ونراه من قولهم: قَضَ الجوهرة إذا ثَقَبَها وأنشد:
كأن حصانًا قضَّها القين حُرَّة *** لدى حيث يلقي بالفناءِ حَصيرها
ويروى فَضَّها القينُ، والقَيْنُ الغَوّاصُ، والحصان الدُّرَّةُ.
ويقال: انقضَ البازي على أثر الصيد وتَقضّضَ إذا أسرع في طَيرَانهِ مُنْكَدرًا عليه، وإنما قالوا تَقَضَّى يَتقضَّى، والأصل تَقضَّض فلما اجتمعت ثلاثُ ضادَاتٍ قلبت إحْداهنّ ياءً كما قال:
تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كسر
وقال شمر: القَضَّانَةُ: الجبل يكون أطباقًا وأنشد:
كأنما قرع ألحيها إذا وَجَفَتْ *** قرعُ المعاولِ في قَضَّانةٍ قلعِ
قال: والقلع: المشرف منه كالقلعةِ، قلت: كأنه من قَضضْتُ الشيءِ إذا دَقَقْتُهُ، وهو فعلانَة منه.
وفي «نوادر الأعراب»: القِضَّةُ: الوسْمُ.
وقال الراجز:
مَعْروفَةٌ قِضَّتها رُعْن الْهامْ
والقضَّة بِفَتْحِ القافِ، الفضَّةُ وهيَ الحجارَة المجتمعةُ المتَشقّقَةُ.
وقال الليث: القَضقضَةُ كَسْرُ العظام والأعضاء، وأسدٌ قَضْقاضٌ يُقضقِضُ فريسَتَهُ.
وقال رُؤبة:
كم جاوزتْ من حَيَّةٍ نَضناضٍ *** وأَسَدٍ في غِيلهِ قَضقاضِ
وقال أبو عمرو: قَضقضَ الشيءَ إذا كسره ودقَّهُ.
وقال الليث: القِضَةُ أرضٌ منخفضةٌ تُرابُها رملٌ وإلى جَانبها مَتَنٌ مرتفعٌ وجمعُها القِضُون.
قلتُ: القِضَة بتخفيفِ الضادِ ليست منْ حدِّ المضاعَفِ، وهي شَجَرةٌ من شَجَرِ الحمضِ معروفة.
وأخبرني المنذريُّ عن الحراني عن ابن السكيت قال: القِضَة نبْتٌ، يجمَعُ القضينَ والقِضون، وإذا جمعتَه على مثال البُرَى قلتَ القِضَى.
وأنشد الفرَّاء:
بسَاقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضِين تحشُّه *** بأَعوَادِ رَنْدٍ أَوْ أَلَاوِيَةٍ شَقْرَا
وأما الأرضُ التي تُرابَها رملٌ فهي قِضَّةٌ بتشديد الضاد وجمعُها قِضّاتٌ، وأما القضقَاضُ فهو من شَجَرِ الحمضِ معروفٌ ويقال: إنه أشنانُ أهلِ الشام.
وقال ابن دُريد: قِضّةُ موضعٌ معروف كانت فيه وَقْعةٌ بين بكرٍ وتغلِبَ تسمّى يومَ قِضّة، الضاد مشدَّدةٌ.
وقال الليث: القَضيضُ: أن تسمعَ منَ الوَتر أو النِّسْع صوْتًا كأنه قَطعٌ والفعلُ قضَ يقَضُ قَضيضًا.
وقال أبو زيد: قِضْ خفيفَةٌ حكاية صوتِ الرُّكبة إذا صاتَتْ، يقال: قالت ركبتُه قِض، وأنشد:
وقولُ ركبتِها قِضْ حينَ تثنيها
أبو زيد: انقضّ الجدَارُ انقِضاضًا وانقاض انقِياضًا إذا تَصدَّع من غيرِ أن يَسْقُطَ فإذا سقَط قيل: تقيّضَ تقَيُّضًا.
وقال شمر: يقال: قَضضْتُ جنبَه منْ صُلبه أي: قَطعْتُه، والذئبُ يُقضقِضُ العظام.
وقال أبو زبيد:
فقَضقَضَ بالنَّابينِ قُلّة رأسِه *** ودقَّ صلِيفَ العُنْقِ والعُنقُ أصعَرُ
وقال شمر في الحديث: أن بعضَهم قال: «لو أنَّ رجلًا انفَضَّ انفضاضًا ممّا صُنِعَ بابن عفان لَحَقَّ له أنْ ينفضّ».
قال شمر: انفَضَّ بالفاء: انقطَعَ، وقد انفضّتْ أوْصالُه إذا انقطعتْ وتفرقتْ.
قال: وقال الفراء: فَضَّ اللهُ فالأبعدِ وفضَّضَهُ، والفضُّ أن تُكسَرَ أسنانَه.
قال: ويُرْوَى بيتُ الكمَيت:
يَفُضُّ أصولَ النَّخْلِ من نجوَاتِه
بالفاء والقافِ أي: يقطعُ ويرمى به.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
103-تهذيب اللغة (قصم)
قصم: قال الليث: القَصْمُ: دقُّ الشيء، ويقال للظالم: قَصَمَ الله ظهره، ورجلٌ قَصِمٌ، أي: هارٍ ضعيف سريع الانكسار، وقناةٌ قَصِيمةٌ أي منكسرة، والأقْصَمُ أعمُّ وأعرف من الأقصَفِ وهو الذي انقصمت ثنيَّتُه من النصف والقَصِيمَةُ من الرَّمل ما أنبت الغَضى، وهي القصائم.وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ويُرفعُ أهل الغُرفِ إلى غُرفهم في دُرَّة بيضاء ليس فيها قَصْمٌ ولا فَصْمٌ».
قال أبو عبيد: القصم ـ بالقاف ـ هو أن ينكسر الشيء فَيَبينَ، يقال منه: قصمتُ الشيء: إذا كسرته حتى يَبِينَ، ومنه قيل: فلانٌ أقْصَمُ الثَّنِيَّةِ إذا كان منكسِرها.
ومنه الحديث الآخر: «استغنوا عن الناس ولو عن قِصْمَةِ السِّواك» يعني ما انكسر منه إذا اسْتِيكَ به.
قال: وأما الفَصْمُ ـ بالفاء ـ فهو أن ينصدع الشيء من غير أن يَبِينَ.
أبو عبيد: القَصائمُ من الرِّمال ما ينبت العِضاه.
أبو منصور: وقول الليث في القَصِيمَةِ: ما ينبت الغَضى هو الصواب، كذلك حفظته عن العرب، والقَصيمُ موضع معروف يشقُّه طريق بطن فلجٍ.
وأنشد ابن السكيت:
يا ريّها اليوم على مبين *** على مُبين جرد القصيم
وإياه عنى الراجز:
أفرِغْ لشولٍ وعشارٍ كُومِ *** باتت تُعَشَّى الليل بالقَصيم
وقال آخر يصف صيادًا:
وأشعثَ أعلى مالهِ كِفَفٌ لهُ *** بفرشِ فلاةٍ بينهنَ قَصيمُ
والفرش: منابتُ العُرْفُطِ.
شمر عن ابن الأعرابي: فرشٌ من عُرْفُطٍ وقصيمةٌ من غَضىً، وأيكةٌ من أثْلٍ، وغالٌ من سَلَمٍ وسليلٌ من سمرٍ.
وفي الحديث: «تطلعُ الشمس من جهنم بين قَرْني شيطان فما ترتقع في السماء من قَصْمَةٍ إلا فُتح لها باب من النار فإذا اشتدت الظهيرة فُتحت الأبواب كلها»، القصْمةُ: مرقاةُ الدرجة سميت قَصْمةً لأنها كِسرةٌ، وكل شي كسرته فقد قصمتهُ.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
104-تهذيب اللغة (مقط)
مقط: قال الليث: المِقاط: حَبلٌ صغير يكاد يقوم من شدّة إغارته، والجميع المَقط:من البياضِ مُدَّ بالمِقاطِ
يصف الصبح.
قال: والمقَّاط: أجِير الكَرِيّ، والماقِط: مولَى الموالي.
والمقط: الضرب بالحبيل الصغير.
شمر: المقَّاط: الحامل من قرية إلى قرية أخرى.
حكاه عن ابن شميلٍ أبو عمرو فيما روى عنه.
أبو عبيد: المِقَاط: الحَبل، وجمعُه مُقُط.
قال: وقال الفراء: الماقط: البعير الذي لا يتحرك هُزالًا، وقد مَقط يَمقط مُقوطًا، وهو الرازمُ أيضًا.
أبو زيد: مَقطتُ صاحبي أمقطه مَقطًا، إذا
بلغتَ إليه في الغيظ.
وَمقطْتُ عنقَه بالعصا ومَقرْته، إذا ضربتَه بها حتى ينكسر عَظم العُنق والجلدُ صحيحٌ.
وقال أبو جندب الهذلي:
أين الفتى أسامة بن لُعْطِ *** هلّا تقوم أنت أو ذو الإبطِ
لو أنه ذو عِزّةٍ ومَقطِ *** لمنعَ الجيرانَ بعض الهمط
قيل: المقط: الضَّرب.
يقال: مقطه بالسَّوط.
قيل: والمقط: الشدَّة، وهو ماقِط: شديد.
والهمط: الظُّلم.
وقال الليث: المقط: الضرب بالحُبَيل الصغير المغار.
وقال غيره: امتقط فلانٌ عَينين مثلَ جمرتين، أي: استخرجهما.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
105-تهذيب اللغة (كبرت)
كبرت: وقال الليث: الكِبْرِيتُ: عَيْنٌ تَجْرِي.فإذا جَمَدَ ماؤُهَا صار كبْرِيتًا أَبْيَضَ، وأَصْفَرَ، وأَكْدَرَ.
قال: والكِبْريتُ الأحْمَرُ؛ يقال هو من الجَوْهَرِ، ومَعْدِنُه خَلْفَ بلادِ التُّبَّت، وادي النَّمْلِ الذي مَرَّ به سليمانُ النبي عليهالسلام.
ويقال: في كل شيءٍ كِبْرِيتٌ وهو يُبْسُه ما خلا الذَهَبَ والفِضَّةَ فإنه لا يَنْكَسِرُ، فإذا صُعِّدَ أي أُذِيبَ ذَهَبَ كِبْرِيتُه.
وقال في قول رؤبة:
هلْ يَعْصَمَنِّي حَلِفٌ سِخْتيتُ *** أو فِضَّةٌ أو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ
قال: هو الذهبُ الأحمرُ في قوله: وقال ابن الأعرابي: ظن رؤبةُ أن الكِبْرِيتَ ذَهَبٌ.
وسمعْتُ أَعْرابيًّا يقولُ: كَبْرَتَ فلانٌ بَعِيرَهُ إذا طلاهُ بالكِبْرِيتِ والْخَضْخَاضِ.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
106-تهذيب اللغة (فصم)
فصم: في الحديث: «دُرّةٌ بيضاء ليس فيها فَصْمٌ ولا وَصْمٌ».قال أبو عُبَيْد: الفَصْمُ ـ بالفاء ـ أن ينصدعَ الشيءُ من غير أن يَبين؛ يقال منه: فصَمْتُ الشيءَ أَفصِمه فَصْمًا، إذا فعلت ذلك به، فهو مفصوم؛ وقال ذو الرُّمّة يذكر غَزَالًا شَبَّهه بدُمْلُج فضّة:
كأنّه دُمْلُجٌ من فضّةِ نَبَهٌ *** في مَلْعبٍ مِن جَوارِي الحيِ مَفْصومُ
قال: وأمّا القَصْم ـ بالقاف ـ فأَن يَنْكسِرَ الشيءُ فيَبين.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {لَا انْفِصامَ لَها} [البقرة: 256]، وقيل: لا انْكسارَ لها.
وأفْصَمَ المَطَرُ: إذا أَقلَعَ.
وأَفصَم الفَحْلُ: إذا جَفَر.
وفي حديث عائشة أنَّها قالت: «رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُنْزَل عليه في اليوم الشديدِ البَرْدِ فيَفْصِمُ الوَحْيُ عنه، وإنَّ جَبينَه ليتفصّد عَرَقًا».
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: أَفْصَمَ المطرُ وأفْصَى: إذا أَقْلَعَ؛ ومنه قيل: كلُّ فَحْل يُفْصِمُ إلا الإنسان؛ أي: ينقطع عن الضِّراب.
أخبَرني المنذريُّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفرّاء.
قال: فأس فَيْصَمٌ: وهي الضخمة.
وفأسٌ قِيدَايَةٌ لها خُرْتٌ؛ وهو خَرق النِّصاب.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
107-معجم العين (عقص)
عقص: العَقْصُ: الِتَواءٌ في قَرْنِ الشَّاةِ والتَّيْسِ، ويُسْتْعَملُ في كُلِّ ذي قَرنٍ، يقال: شاة عقصاءُ أي مُلْتَويَةُ القَرْنِ.وهو أيضًا دُخُول الثَّنايا في الفمِ.
والنَّعْتُ أعْقَصُ وعَقْصاءُ.
ويُجْمعُ على عُقْص.
والعَقْصُ أخذُك خُصْلَةُ من شعْر فَتَلْوِيها ثم تعْقِدُها حتّى يبْقى فيها الِتواءٌ.
ثُمَّ تُرسِلُها، فكُلُّ خُصْلَةٍ عَقيصَةٌ، وجمعُها عَقَائِصُ وعِقاصٌ.
قال امرؤ القيس:
غدائره مُسْتشْزرات إلى العُلا *** تضِلُّ العِقاصُ في مُثَنَّى ومُرْسل
(والمِعْقصُ: سَهْمٌ ينْكسِرُ نصْلُه فيَبْقى سِنْخه في السَّهْم فيُخْرجُ ويُضْربُ حتَّى يَطُول ويُرَدَّ إلى مَوْطِنِه فلا يَسُدَّ مَسَدَّه لأنَّه طُوِّل ودُقِّق، قال الأعشى:
ولو كُنْتُمُ نَخْلًا لكُنْتُمْ جُرامَةً *** ولو كنْتم نبْلًا لكُنْتُمْ معاقصا)
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
108-معجم العين (كبرت)
كبرت: الكِبْريت، يقال: عين تجري، فإذا جمد ماؤها صار كِبْريتًا أبيض وأصفر وأكدر.والكِبْريتُ الأحمر، يقال: هو من الجوهر، ومعدنه خلف بلاد التبت، في وادي النمل الذي مر به سليمان بن داود ع.
ويقال: في كل شيء كِبْريت، وهو يبسه ما خلا الذهب والفضة فإنه لا ينكسر، فإذا صعد الشيء ذهب كِبْرِيتُه.
صعد: نقل من حال إلى حال.
والكِبْرِيتُ في قول رؤبة: الذهب الأحمر، قال:
هل ينجيني حلف سختيت *** أو فضة، أو ذهب كبريت
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م