نتائج البحث عن (يُمْتَهَنُ)

1-العربية المعاصرة (مهن)

مهَنَ يَمهُن، مَهْنًا ومِهْنَةً ومَهْنَةً، فهو مَاهِن، والمفعول مَمْهُون (للمتعدِّي).

* مهَنَ الشَّخصُ: عمل في صنعته اتّخذ حرفة (مهَن التِّجارةَ).

* مهَنَ الشَّخصَ: جَهَدَهُ (مهَن العاملَ- مهَن ربُّ العمل عمّالَه).

مهُنَ يَمهُن، مَهانةً، فهو مَهِين.

* مهُنَ الشَّخصُ: حقُر وضعُف (كانت مصيبته كبيرة فمهُن أمامها- {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ} [قرآن]).

امتهنَ يمتهن، امتِهَانًا، فهو مُمتَهِن، والمفعول مُمْتَهَن.

* امتهن الرَّجُلُ مِهنةً أو حرفةً: اتّخذها عملا يؤدِّيه (امتهن التدريسَ عن رغبة صادقة).

* امتهن الشَّيءَ: ابتذله واحتقره (امتهن العملَ اليدويّ/كرامتَه).

* امتهن الشَّخصَ: اتّخذه خادمًا له، استعمله للخدمة.

مَهانَة [مفرد]: مصدر مهُنَ.

مَهْن [مفرد]: مصدر مهَنَ.

مَهْنَة [مفرد]: مصدر مهَنَ.

مِهْنَة [مفرد]: جمعه مِهْنات (لغير المصدر) ومِهَن (لغير المصدر):

1 - مصدر مهَنَ.

2 - عَمل، وظيفة منتظمة وخاصّة لشخص مناسب ومؤهّل لهذه المهنة (المحاماة مِهْنة حُرَّة).

3 - صنعةٌ بها مهارةٌ وحِذقٌ بممارستها، نوع العمل الذي يمارسه الإنسانُ (مِهْنة الحياكة/الصّحافة- نجح في مِهْنته) (*) أسرار المِهْنة: تقاليدها وقواعدها التي لا يعرفها إلاّ أبناؤها.

مِهْنيّ/مِهَنيّ [مفرد]:

1 - نسبة إلى مهنة: حرفيّ، صناعيّ (تدريب مِهْنيّ- يقبل الشّبابُ على التَّعليم المهنيّ) (*) إرشاد مِهنيّ/توجيه مِهنيّ: مساعدة الشَّخص على اختيار المِهنة المناسبة له- الضَّمير المهنيّ: ما يبديه الإنسانُ من استقامة وعناية وحرص ودقّة في قيامه بواجبات مهنته- تدريب مِهنيّ/تعليم مِهنيّ: تعليم نظريّ وعمليّ يُعدّ التلاميذ لممارسة مهنة من المِهَن- مَدْرسَة مِهْنيَّة: مَدْرسَة لتعليم مهارة أو عمل.

2 - عامل باليد أو صاحب مهنة كالمحامي والطبيب (مهنيّ ماهِر).

3 - ذو علاقة أو خاضع لتدريب في مهارة معيّنة يمكن أن تصبح لاحقًا حرفة.

مَهين [مفرد]: جمعه مَهينون ومُهَنَاء:

1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من مهُنَ.

2 - قليل التمييز ضعيف الرأي {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ} [قرآن].

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-العربية المعاصرة (نشر)

نشَرَ يَنشُر، نَشْرًا، فهو ناشِر، والمفعول مَنْشور ونَشير.

* نشَر الجندَ/نشَر الأشياءَ: فرَّقهم ووزَّعهم (نشر الراعي غنمَه في المرعى- نشر العدوُّ جيشَه في أنحاء جبهة القتال- نشر البضاعة- {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} [قرآن]) (*) نشَر اللَّيل أجنحتَه: أقبل، حلَّ.

* نشَر الثَّوبَ: بسطه ومدَّه، عكسه طواه (نشرتِ المرأةُ الثيابَ المبللة- {وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [قرآن]: مبسوط مفتوح- {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [قرآن]) - نشَر غسيلَه القذر: أظهر أمرًا يجب إخفاؤه، جاهر بسيِّئاته.

* نشَر النَّجَّارُ الخشبَ: شقَّه مستخدِمًا المنشار.

* نشَر الخبرَ: أذاعه وأشاعه (نشرت وكالاتَ الأنباء خبرَ اندلاع الحرب- نشرَ مذهبًا/أفكارًا/دعوةً/الرُّعبَ).

* نشَر الكتابَ: طبعه ووزَّعه (نشَر ديوانًا/بحثًا- ما زال الأديبُ الناشئ يبحث عن دار تنشر روايتَه).

* نشَر رائحةً: أفاحها وبعثها.

نشَرَ يَنشُر، نَشْرًا ونُشُورًا، فهو ناشِر، والمفعول مَنْشور.

* نشَر اللهُ الموتَى: بعَثَهم وأحْياهم {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [قرآن] - {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُورًا} [قرآن].

أنشرَ يُنشر، إنشارًا، فهو مُنشِر، والمفعول مُنشَر.

* أنشر اللهُ الموتَى: نشرهم؛ أحيْاهم وبعثهم بعد الموت {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ. ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [قرآن].

* أنشر اللهُ الأرضَ: أحياها بالماء {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [قرآن].

* أنشر الرِّياحَ: أثارها.

انتشرَ ينتشر، انتشارًا، فهو مُنتشِر.

* انتشر الشَّيءُ:

1 - انبسَط وامتدّ (انتشر الحريقُ في المبنى- انتشر الوباءُ في البلاد- انتشار الأسلحة النوويَّة- معاهدة تحرِّم انتشار الأسلحة النوويَّة- انتشرتِ السُّحُبُ في الفضاء) (*) انتشر النَّهار: طال وامتدّ.

2 - تفرَّق (انتشر الضُّوءُ في المكان- إعادة انتشار القوّات- انتشر الناسُ في الأسواق- {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [قرآن] - {وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [قرآن]).

3 - راج وكثُر استعماله (انتشر زيّ/تصميم/لون).

* انتشر الخبرُ: ذاع وشاع (انتشرتِ الفضيحةُ- الحديث السوء سريع الانتشار).

نشَّرَ ينشِّر، تنشيرًا، فهو مُنشِّر، والمفعول مُنشَّر.

* نشَّر الثَّوبَ والكتابَ ونحوَهما: نشَره؛ بسطَه ومدَّه (نشّرتِ المرأةُ الغسيلَ على الحبل- {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [قرآن]).

مِنْشار [مفرد]: جمعه مناشِيرُ: اسم آلة من نشَرَ1: أداة ذات أسنان يُشقّ بها الخَشَبُ وغيرُه (منشار يدويّ/كهربائيّ).

* منشار دائريّ: منشار آليّ لقطع الخشب أو المعدن يتألّف من قرص مسنَّن يدور بسرعة عالية.

* أبو مِنْشار: [في الحيوان] جنس سمك له هيكل غضروفيّ، يمتاز بمقدّم طويل مفلطح كالنصل، على جانبيه أسنان منشاريّة، وهو من الأسماك المفترسة.

* منشار الجمجمة: [في الطب] أداة جراحيَّة لها حوافّ شبيهة بالمنْشار، دائريّة الشكل، تستخدم لقصّ العظام وخاصَّة من الجمجمة.

مَنْشَر [مفرد]: جمعه مناشِرُ:

1 - اسم مكان من نشَرَ1: مكان مُعدّ للنشْر والتجفيف (مَنْشَر غسيل/تبغ/جلد- نشرتِ المرأةُ الثيابَ في المنشر).

2 - مصنع نَشْر الخشب والرخام (منشَر خشب/رُخام).

مَنْشَرة [مفرد]: جمعه مَنْشرات ومناشِرُ: مَنْشَر؛ مصنَع نشْر الخشب أو الرُّخام (مَنْشَرة خشب/رُخام).

مِنْشَرة [مفرد]: اسم آلة من نشَرَ1: آلة نشر الخشب، وهي أكبر من المنشار.

مَنْشور [مفرد]: جمعه منشورون (للعاقل) ومنشورات ومناشِيرُ:

1 - اسم مفعول من نشَرَ ونشَرَ.

2 - بيان بأمر من الأمور يُذاع بين الناس ليعلموه، كلُّ ما يُطبع ويُنشر (منشور وزاريّ/حكوميّ/رئاسيّ/ملكيّ- وزّع منشورات سياسيّة- منشورات علميّة).

3 - [في الهندسة] جسم كثير السطوح قاعدتاه أو طرفاه مضلَّعان متساويان ومتماثلان ومتوازيان، وكلّ سطح من سطوحه الأخرى الجانبيّة متوازي أضلاع وينسب عادة إلى شكل قاعدتيه (منشور ثلاثيّ/رباعيّ).

ناشِر [مفرد]: مؤنثه: ناشِرة، والجمع المؤنث ناشِرات ونواشِرُ:

1 - اسم فاعل من نشَرَ ونشَرَ (*) جاء ناشرًا أذنيه: أي: طامعًا.

2 - مَنْ يحترف طبع الكتب وتوزيعها (اتِّحاد الناشرين العرب- للناشرين دور كبير في النهضة الثقافيَّة).

3 - [في الحيوان] حيَّة سامَّة تتميّز بعنق مبطّط مستعرض ينفتح عند الغيظ، وهي: الصِّلُّ المصريّ.

* قائمة الناشر: قائمة بالكتب التي نشرها ناشر مُعيَّن ولا تزال متاحة بالسُّوق.

* بدون ناشر: إشارة في بطاقات الفهرسة إلى عدم الاستدلال على اسم الناشر.

ناشِرة [مفرد]: جمعه ناشِرات ونواشِرُ (لغير العاقل):

1 - صيغة المؤنَّث لفاعل نشَرَ ونشَرَ.

2 - [في التشريح] أحد الأوردة تحت الجلْد في باطن الذِّراع.

نُشارة [مفرد]: ما يسقط من الخشب ونحوه عند الشَّقّ (نُشارة خشَب- قد تستخدم النشارة فِراشًا لدواجن الطَّير).

نِشارة [مفرد]: حرفة النَّشَّار (يمتهن النِّشارةَ).

نَشْر [مفرد]:

1 - مصدر نشَرَ ونشَرَ (*) يَوْمُ النَّشْر: يوم القيامة.

2 - طبْع الكتب والصحف وبيعها (حريّة النشر- ازدهار حركة النشر يعدُّ مؤشِّرًا للنهضة الثقافية) (*) بيانات النَّشر: اسم المطبعة التي قامت بطبع الكتاب ومكان وزمان الطبع، وعنوان المطبعة، وتوضع عادةً في أسفل صفحة العنوان أو في أسفل آخر صفحة من الكتاب- حقُّ التَّأليف والنَّشر: حقّ خاصّ بمؤلِّف أو ناشر في استثمار عمل أدبيّ أو فنيّ أو علميّ لعدّة سنوات- دار النَّشْر: مؤسّسة تقوم بطبع الكتب وتوزيعها وعرضها للبيع.

3 - ريح طيِّبة (له نَشْر طيِّب- هبّ في الحديقة نشْرٌ منعش).

4 - قوم متفرِّقون لا يجمعهم رئيس (جاء العمال إلى المصنع نشرًا).

نَشْرة [مفرد]: جمعه نَشَرَات ونَشْرات:

1 - اسم مرَّة من نشَرَ ونشَرَ.

2 - بيان يُكتب ويُنشر في إحدى وسائل الإعلام المكتوبة أو المسموعة أو المرئيَّة، ليُعلم ما فيه (نشرة إخباريّة/طبيّة/ناطقة/سياسيّة/جويَّة) (*) نشرة الأخبار/نشرة الأنباء: ما يقرأه المذيع في الرَّاديو والتلفاز من أخبار محليَّة وخارجيَّة ليطّلع عليها الجمهور أو الرأي العام- نشرة الأسعار: ورقة رسميّة تكتب عليها أسعار السِّلع ويُلزم البائع بها.

3 - صحيفة مطبوعة (نشْرة شهريَّة/أسبوعيّة/دوريَّة).

نَشَّار [مفرد]: نجّار، من يحترف نشر الخشب (يعمل نشَّارًا- كلّفت النشَّارَ إصلاح المقعد الخشبي).

نُشور [مفرد]:

1 - مصدر نشَرَ (*) يَوْمُ النُّشور: يوم القيامة.

2 - انتشار طلبًا للرِّزق {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} [قرآن].

نَشير [مفرد]: صفة ثابتة للمفعول من نشَرَ1: منشور (ثوب نشير).

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


3-المعجم الوسيط (الأمْدَرُ)

[الأمْدَرُ]: الذي يَمْتَهِنُ نفسَه ولا يتعهَّدُها بالنظافة.

المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م


4-معجم متن اللغة (المعضد والمعضاد)

المعضد والمعضاد: ما يقطع به الشجر والمعروف أنه حديدة ثقيلة كهيئة المنجل يربط نصابها إلى عصا أو قناة ثم يهصر بها الراعي فروع غصون الشجر على إبله أو غنمه.

و-: ما عضدته في العضد من حرز أو سير.

و-: سيف يمتهن في قطع الشجر.

و-: الدملج ج معاضد.

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


5-معجم متن اللغة (الأمدر)

الأمدر: الخاريء في ثيابه (ز): العظيم البطن والجنبين المتتر بهما (ز): الكثير الرجيع العاحز عن حبسه (ز): الذي لا يتمسح بالماء ولا بالحجر (ز): الأقلف (ز): الأغبر الذي يمتهن نفسه ولا تعهدها (ز).

و- من الضباع: الذي في جسده لمح وعلي بطنه لمع من سلحه (ز).

معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م


6-التوقيف على مهمات التعاريف (البذلة)

البذلة: ما يمتهن من الثياب في الخدمة، وبذل الثوب وابتذله لبسه في أوقات الخدمة والامتهان.

ظهر الأمر ووضح كأنه حصل في براح يرى، والبارح من الوحش والطير ما ينحرف عن الرامي إلى جهة لا يمكنه رميه فيها فيتشاءم به، والسانح ضده. والبارحة الليلة الماضية، والعرب تقول قبل الزوال فعلنا الليلة كذا لقربها من وقت الكلام، وبعده فعلنا البارحة، ولما تصور من البارح التشاؤم اشتق منه التبريح والتباريح، فقيل برح به الأمر، وضربه ضربا مبرحا، ولقيت منه البرحين، والبرحاء الشدائد، وبرحاء الحمى شدتها.

التوقيف على مهمات التعاريف-زين الدين محمد المدعو بعبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-توفي: 1031هـ/1622م


7-القاموس المحيط (العضد)

العَضْدُ، بالفتح وبالضم وبالكسر، وككَتِفٍ ونَدُسٍ وعُنُقٍ: ما بين المِرْفَقِ إلى الكَتِفِ.

والعَضْدُ: الناحِيةُ، والناصِرُ، والمُعِينُ، وهمُ عَضْدِي وأعْضادِي.

وأعْضادُ الحَوْضِ والطَّريقِ وغيرِهِ: ما يُسَدُّ حَواليهِ من البِناءِ.

والعَضْدُ والعَضيدُ: الطريقةُ من النَّخْل، ج: كغِرْبانٍ.

وعَضَدَهُ يَعْضِدُهُ: قَطَعَهُ. وكنَصَرَهُ: أعانَهُ، ونَصَرَهُ، وأصابَ عَضُدَهُ. وكعُنِيَ: شَكا عَضُدَهُ.

والعَضِدُ، ككَتِفٍ: من دَنا من عَضُدَي الحَوْضِ، ومَن اشْتكى عَضُدَهُ، وحِمارٌ ضَمَّ الأُتُنَ من جَوانِبِها،

كالعاضِدِ، وبالتحريكِ: الشجرُ المَعْضودُ، وداءٌ في أعْضادِ الإِبِلِ،

عَضِدَ، كفَرِحَ. وكمِنْبَرٍ: ما يُقْطَعُ به الشجرُ والدُّمْلُجُ، وبهاءٍ: هِمْيانُ الدَّراهِمِ.

والعاضِدُ: الماشِي إلى جانِبِ دابَّةٍ، وجَمَلٌ يأخُذُ عَضُدَ الناقةِ فَيَتَنَوَّخُها.

والأَعْضَدُ: الدَّقيقُ العَضُدِ، والذي إحْدى عَضُدَيْهِ قَصيرَةٌ.

ويَدٌ عَضِدَةٌ، كفَرِحَةٍ: قَصُرَتْ عَضُدُها.

وعَضَدَ القَتَبُ البَعيرَ: عَضَّهُ فَعَقَرَهُ،

وـ الرَّكائِبَ: أتاها من قِبَلِ أعْضادِها، وضمَّ بعضَها إلى بعضٍ.

وغُلامٌ عَضادٍ، كَرَباعٍ: قَصيرٌ مُكَتَّلٌ مُقْتَدِرُ الخَلْقِ.

وامرأةٌ عُضادٌ وعَضادٌ: غَليظَةُ العَضُدِ، سَمْحَتُها.

والعَضادُ، كسَحابٍ: القصيرُ من الرِّجالِ والنِّساءِ، والغَليظَةُ العَضُدِ. وككتابٍ: الدُّمْلُجُ،

كالمِعْضادِ، وحَديدَةٌ كالمِنْجَلِ يَهْصُرُ بها الراعِي فُروعَ الشجرِ على إبلِهِ.

وعُضْدانُ، بالضم: قَلْعَةٌ باليَمنِ.

والمِعضادُ: سَيْفٌ لِلقَصَّابِ يَقْطَعُ به العِظَامَ، وما عَضَدْتَهُ في العَضُدِ من سَيْرٍ ونحوِهِ، وسَيْفٌ يُمْتَهَنُ في قَطْعِ الشجرِ،

كالمِعْضَدِ. وعُضَيْدَةُ الظِّهْرِيُّ، كجُهَيْنَةَ: محدِّثٌ.

واليَعْضيدُ، كَيَبْرِينَ: بَقْلَةٌ.

ورَمى فأعْضَدَ: ذَهَبَ يمينًا وشِمالًا،

كعَضَّدَ تَعْضيدًا. وكمُعَظَّمٍ: ثَوْبٌ له عَلَمٌ في مَوْضِعِ العَضُدِ. وكمُحَدِّثٍ: بُسْرٌ يبدو التَّرْطيبُ في أحَدِ جانِبَيْه.

واعْتَضَدْتُهُ: جَعَلْتُهُ في عَضُدِي،

وـ به: اسْتَعَنْتُ به.

واسْتَعْضَدَ الشجرَةَ: عَضَدَها،

وـ الثَّمَرَةَ: اجْتَناها.

ورجلٌ عُضادِيُّ، مُثَلَّثَةً: عظيمُ العَضُدِ.

والعَضَدِيَّةُ، محركةً: ماءٌ شَرْقِيَّ فَيْدَ.

وفَتَّ في عَضُدِهِ: كسَرَ من نِيَّاتِ أعْوانِهِ، وفَرَّقَهُمْ عنه.

وتَعاضَدوا: تَعاونوا.

وعاضَدوا: عاوَنوا.

القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م


8-موسوعة الفقه الكويتية (تبذل)

تَبَذُّلٌ

التَّعْرِيفُ:

1- لِلتَّبَذُّلِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ: مِنْهَا: تَرْكُ التَّزَيُّنِ، وَالتَّهَيُّؤِ بِالْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ عَلَى جِهَةِ التَّوَاضُعِ.وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ: «فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً» وَفِي رِوَايَةٍ «مُبْتَذَلَةً».وَالْمِبْذَلُ وَالْمِبْذَلَةُ: الثَّوْبُ الْخَلِقُ.وَالْمُتَبَذِّلُ: لَابِسُهُ.وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «فَخَرَجَ مُتَبَذِّلًا مُتَخَضِّعًا»، وَفِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ.الْبِذْلَةُ وَالْمِبْذَلَةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا: مَا يُمْتَهَنُ مِنَ الثِّيَابِ.وَابْتِذَالُ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ: امْتِهَانُهُ.وَمِنْ مَعَانِي التَّبَذُّلِ أَيْضًا: تَرْكُ التَّصَاوُنِ.وَالتَّبَذُّلُ فِي الِاصْطِلَاحِ: لُبْسُ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ.وَالْبِذْلَةُ: الْمِهْنَةُ.وَثِيَابُ الْبِذْلَةِ هِيَ الَّتِي تُلْبَسُ فِي حَالِ الشُّغْلِ، وَمُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ، وَتَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ.

وَهُوَ بِهَذَا لَا يَخْرُجُ فِي مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيِّ عَمَّا ذُكِرَ لَهُ مِنْ مَعَانٍ لُغَوِيَّةٍ.

حُكْمُهُ الْإِجْمَالِيُّ:

2- التَّبَذُّلُ بِمَعْنَى تَرْكِ التَّزَيُّنِ.تَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا، وَتَارَةً يَكُونُ مَسْنُونًا، وَتَارَةً يَكُونُ مَكْرُوهًا، وَتَارَةً يَكُونُ مُبَاحًا، وَهُوَ الْأَصْلُ.

3- فَيَكُونُ وَاجِبًا: فِي الْإِحْدَادِ، وَهُوَ تَرْكُ الزِّينَةِ وَنَحْوِهَا لِلْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ.

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».

وَإِحْدَادُهَا يَكُونُ بِتَجَنُّبِ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَلُبْسِ الْحُلِيِّ، وَالْمُلَوَّنِ وَالْمُطَرَّزِ مِنَ الثِّيَابِ لِلتَّزَيُّنِ، وَالْكُحْلِ وَالِادِّهَانِ، وَكُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تُعْتَبَرَ مَعَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ مُتَزَيِّنَةً مَا لَمْ تَدْعُ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ، فَتُقَدَّرُ حِينَئِذٍ بِقَدْرِهَا، كَالْكُحْلِ مَثَلًا لِلرَّمَدِ، فَإِنَّهُ يُرَخَّصُ لَهَا بِاسْتِعْمَالِهِ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ فِي عَيْنِهَا صَبْرًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ: إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، قَالَ: إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلاَّ بِاللَّيْلِ، وَتَنْزِعِينَهُ بِالنَّهَارِ».

وَحَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ- رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَتَطَيَّبُ وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ».

وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا تَجَنُّبُ مَا تَتَجَنَّبُهُ الْحَادَّةُ، إِظْهَارًا لِلتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ.وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيلِ مُصْطَلَحَ (إِحْدَادٌ).

4- وَيَكُونُ التَّبَذُّلُ مَسْنُونًا فِي الِاسْتِسْقَاءِ.وَهُوَ طَلَبُ الْعِبَادِ السُّقْيَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا.فَيَخْرُجُونَ إِلَى الصَّحْرَاءِ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ خَاشِعِينَ مُتَضَرِّعِينَ وَجِلِينَ نَاكِسِينَ رُءُوسَهُمْ، إِذْ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجَابَةِ.فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ، وَيُكْثِرُونَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- لِلِاسْتِسْقَاءِ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى».وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيلِ مُصْطَلَحَ (اسْتِسْقَاءٌ).

5- وَيَكُونُ التَّبَذُّلُ مَكْرُوهًا: فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّزَيُّنَ مَسْنُونٌ لَهُمَا بِاتِّفَاقٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، وَالْجَدِيدُ مِنْهَا أَفْضَلُ، وَأَوْلَاهَا الْبَيَاضُ، وَيَتَطَيَّبُ.وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: حَدِيثُ «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثُمَّ صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ- رضي الله عنه- «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَقُولُ: مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ جُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ».

هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ.أَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ إِذَا أَرَدْنَ حُضُورَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ يَتَنَظَّفْنَ بِالْمَاءِ وَلَا يَتَطَيَّبْنَ، وَلَا يَلْبَسْنَ الشُّهْرَةَ مِنَ الثِّيَابِ؛ لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» أَيْ غَيْرَ مُتَعَطِّرَاتٍ؛ لِأَنَّهُنَّ إِذَا تَطَيَّبْنَ وَلَبِسْنَ الشُّهْرَةَ مِنَ الثِّيَابِ دَعَا ذَلِكَ إِلَى الْفَسَادِ وَالِافْتِتَانِ بِهِنَّ.فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَدْ دَلَّتْ عَلَى كَرَاهَةِ التَّبَذُّلِ لِلرِّجَالِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، وَعَلَى اسْتِحْبَابِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ فِيهِمَا.

وَانْظُرْ: (جُمُعَةً وَعِيدَيْنِ).

وَيُكْرَهُ التَّبَذُّلُ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ وَلِقَاءِ الْوُفُودِ.وَانْظُرْ لِتَفْصِيلِ ذَلِكَ مُصْطَلَحَ: (تَزَيُّنٌ).وَيُكْرَهُ تَبَذُّلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَالرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ؛ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَيَّنَ لِلْآخَرِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فَالْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ يَتَزَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، فَكَمَا يُحِبُّ الزَّوْجُ أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ زَوْجَتُهُ.فَكَذَلِكَ هِيَ تُحِبُّ أَنْ يَتَزَيَّنَ لَهَا.قَالَ أَبُو زَيْدٍ: تَتَّقُونَ اللَّهَ فِيهِنَّ كَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ فِيكُمْ.وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما-: إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَلْبَسُ الثِّيَابَ النَّفِيسَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ لِي نِسَاءً وَجَوَارِي، فَأُزَيِّنُ نَفْسِي كَيْ لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِي.وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي امْرَأَتِي، كَمَا يُعْجِبُهَا أَنْ أَتَزَيَّنَ لَهَا.

وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيلِ مُصْطَلَحَ (زِينَةٌ).

كَمَا يُكْرَهُ التَّبَذُّلُ فِي الصَّلَاةِ عَدَا مَا كَانَ مِنْهُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ بَيَانُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَلِّي فَرْدًا أَمْ فِي جَمَاعَةٍ، إِمَامًا كَانَ أَمْ مَأْمُومًا، كَأَنْ يَلْبَسَ الْمُصَلِّي ثَوْبًا يَزْرِي بِهِ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرِيدَ الصَّلَاةِ يَعُدُّ نَفْسَهُ لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ، وَلِذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْتَدِيَ أَكْمَلَ ثِيَابِهِ وَأَحْسَنَهَا لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وَهَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهَا فِيمَنْ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا إِلاَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَالْمُرَادُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ عِنْدَ الصَّلَاةِ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَيُخِلُّ بِالصَّلَاةِ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

6- وَيَكُونُ التَّبَذُّلُ مُبَاحًا فِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَنْ يَلْبَسُ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ فِي عَمَلِهِ أَوْ شُئُونِهِ الْخَاصَّةِ.

7- أَمَّا التَّبَذُّلُ بِمَعْنَى عَدَمِ التَّصَاوُنِ، فَهُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ.وَهُوَ حَرَامٌ إِنْ كَانَ عَدَمُ التَّصَاوُنِ عَنِ الْمَعَاصِي وَتَفْصِيلُهُ فِي (الشَّهَادَةِ).

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


9-موسوعة الفقه الكويتية (تصوير 2)

تَصْوِيرٌ -2

26- الْوَجْهُ الثَّانِي: كَوْنُ التَّصْوِيرِ وَسِيلَةً إِلَى الْغُلُوِّ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَعْظِيمِهِ حَتَّى يَئُولَ الْأَمْرُ إِلَى الضَّلَالِ وَالِافْتِنَانِ بِالصُّوَرِ، فَتُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى.وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- بُعِثَ وَالنَّاسُ يَنْصِبُونَ تَمَاثِيلَ يَعْبُدُونَهَا، يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ مُحَطِّمًا لِلشِّرْكِ وَالْوَثَنِيَّةِ، مُعْلِنًا أَنَّ شِعَارَهُ الْأَكْبَرَ (لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) وَمُسَفِّهًا لِعُقُولِ هَؤُلَاءِ.وَمِنَ الْمَنَاهِجِ الَّتِي سَلَكَتْهَا الشَّرِيعَةُ الْحَكِيمَةُ لِذَلِكَ- بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ- أَنْ جَاءَتْ إِلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً إِلَى الضَّلَالِ وَلَا مَنْفَعَةَ، أَوْ مَنْفَعَتُهُ أَقَلُّ، فَمَنَعَتْ إِتْيَانَهُ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالَّذِي أَوْجَبَ النَّهْيَ عَنِ التَّصْوِيرِ فِي شَرْعِنَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- مَا كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، فَكَانُوا يُصَوِّرُونَ وَيَعْبُدُونَ، فَقَطَعَ اللَّهُ الذَّرِيعَةَ، وَحَمَى الْبَابَ.

ثُمَّ أَشَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمُضَاهَاةِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ، لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّعْلِيلِ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ، قَالَ: نَهَى عَنِ الصُّورَةِ، وَذَكَرَ عِلَّةَ التَّشَبُّهِ بِخَلْقِ اللَّهِ، وَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا عِبَادَتُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ عَمَلَهَا مَعْصِيَةٌ، فَمَا ظَنُّكَ بِعِبَادَتِهَا.

وَاسْتَنَدَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي التَّعْلِيلِ إِلَى مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ نُوحٍ، مُعَلَّقًا.عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي: وَدٍّ، وَسُوَاعٍ، وَيَغُوثَ، وَيَعُوقَ، وَنَسْرٍ.قَالَ: هَذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ: أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ إِلَيْهَا أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ، وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ، عُبِدَتْ.

لَكِنْ إِلَى أَيِّ مَدًى أَرَادَتِ الشَّرِيعَةُ الْمَنْعَ مِنَ التَّصْوِيرِ لِتَكْفُلَ سَدَّ الذَّرِيعَةِ: هَلْ إِلَى مَنْعِ التَّصْوِيرِ مُطْلَقًا، أَوْ مَنْعِ الصُّوَرِ الْمَنْصُوبَةِ دُونَ غَيْرِ الْمَنْصُوبَةِ، أَوْ مَنْعِ الصُّوَرِ الْمُجَسَّمَةِ الَّتِي لَهَا ظِلٌّ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ؟ هَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ رَأَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- شَدَّدَ أَوَّلًا وَأَمَرَ بِكَسْرِ الْأَوْثَانِ وَلَطَّخَ الصُّوَرَ، ثُمَّ لَمَّا عُرِفَ ذَلِكَ الْأَمْرُ وَاشْتَهَرَ رَخَّصَ فِي الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ وَقَالَ: «إِلاَّ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ».

27- الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْعِلَّةَ مُجَرَّدُ الشَّبَهِ بِفِعْلِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَنْحِتُونَ الْأَصْنَامَ وَيَعْبُدُونَهَا، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُصَوِّرُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ تُعْبَدِ الصُّورَةُ الَّتِي يَصْنَعُهَا، لَكِنَّ الْحَالَ شَبِيهَةٌ بِالْحَالِ.كَمَا نُهِينَا عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا؛ لِئَلاَّ نَكُونَ فِي ذَلِكَ مِثْلَ مَنْ يَسْجُدُ لَهَا حِينَئِذٍ.كَمَا قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا حِينَئِذٍ الْكُفَّارُ» فَكُرِهَتِ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ لِمَا تَجُرُّهُ الْمُشَابَهَةُ مِنَ الْمُوَافَقَةِ.أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ.وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ صُورَةَ الْأَصْنَامِ هِيَ الْأَصْلُ فِي مَنْعِ التَّصْوِيرِ لَكِنْ إِذَا قِيلَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَهِيَ لَا تَقْتَضِي أَكْثَرَ مِنَ الْكَرَاهَةِ.

28- الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ وُجُودَ الصُّورَةِ فِي مَكَانٍ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ إِلَيْهِ.وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ.

وَرَدَّ التَّعْلِيلَ بِهَذَا كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ الْحَنَابِلَةُ، كَمَا يَأْتِي، وَقَالُوا: إِنَّ تَنْصِيصَ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ التَّصْوِيرِ، كَالْجَنَابَةِ، فَإِنَّهَا تَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ أَيْضًا لِمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ» فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُ الْجَنَابَةِ.

وَلَعَلَّ امْتِنَاعَ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ إِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ الصُّورَةِ مُحَرَّمَةً، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ.فَامْتِنَاعُ دُخُولِهِمْ أَثَرُ التَّحْرِيمِ، وَلَيْسَ عِلَّةً.وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي صِنَاعَةِ الصُّوَرِ:

أَوَّلًا: الصُّوَرُ الْمُجَسَّمَةُ (ذَوَاتُ الظِّلِّ).

29- صَنْعَةُ الصُّوَرِ الْمُجَسَّمَةِ مُحَرَّمَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَخْذًا بِالْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا كَانَ مَصْنُوعًا كَلُعْبَةٍ لِلصِّغَارِ، أَوْ كَانَ مُمْتَهَنًا، أَوْ كَانَ مَقْطُوعًا مِنْهُ عُضْوٌ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَدُومُ كَصُوَرِ الْحَلْوَى أَوِ الْعَجِينِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يَتَبَيَّنُ فِي الْمَبَاحِثِ التَّالِيَةِ.

ثَانِيًا: صِنَاعَةُ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي صِنَاعَةِ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ

30- مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ جَوَازُ صِنَاعَةِ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ مُطْلَقًا، مَعَ الْكَرَاهَةِ.لَكِنْ إِنْ كَانَتْ فِيمَا يُمْتَهَنُ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى.وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ إِذَا كَانَتِ الصُّوَرُ مَقْطُوعَةَ عُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَ فَقْدِهِ.

31- وَمِنَ الْحُجَّةِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ مَا يَلِي:

(1) حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَرَوَاهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الصَّحَابِيُّ- رضي الله عنهم-، أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، إِلاَّ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ» فَهَذَا الْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّصَاوِيرِ وَلَعْنِ الْمُصَوِّرِينَ.

(2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً».

وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ هَذِهِ الْأَحْيَاءَ سُطُوحًا، بَلِ اخْتَرَعَهَا مُجَسَّمَةً.

(3) اسْتِعْمَالُ الصُّوَرِ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا جَعَلَتِ السِّتْرَ مِرْفَقَتَيْنِ، فَكَانَ يُرْتَفَقُ بِهِمَا، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «وَإِنَّ فِيهِمَا الصُّوَرَ».

وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ قَالَتْ: «كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَائِرٍ، وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: حَوِّلِي هَذَا، فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ، ذَكَرْتُ الدُّنْيَا» فَعُلِّلَ بِذَلِكَ، وَكَانَ- صلى الله عليه وسلم- حَرِيصًا عَلَى أَلاَّ يَشْغَلَهُ أَمْرُ الدُّنْيَا وَزَهْرَتُهَا عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ وَالتَّفَرُّغِ لِعِبَادَتِهِ.وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عَلَى أُمَّتِهِ.وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ لَهَا: «أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّ تَصَاوِيرَهُ لَا تَزَالُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي» وَعُلِّلَ فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ بِغَيْرِ هَذَا عِنْدَمَا هَتَكَ السِّتْرَ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ لَا تَسْتُرِي الْجِدَارَ» وَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ».

وَيُوَضِّحُ هَذَا الْمَعْنَى جَلِيًّا حَدِيثُ سَفِينَةَ- رضي الله عنه- مَوْلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- رضي الله عنه- دَعَا النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- إِلَى بَيْتِهِ، فَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ فَرَجَعَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ: الْحَقْهُ فَانْظُرْ مَا رَجَعَهُ.فَتَبِعَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَدَّكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي- أَوْ قَالَ: لِنَبِيٍّ- أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا».

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ- رضي الله عنهما- عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَفِي رِوَايَتِهِ: «فَرَأَى سِتْرًا مَوْشَيًّا، وَفِيهَا أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ مَا لَنَا وَلِلدُّنْيَا، مَا لَنَا وَلِلرَّقْمِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ فَمَا تَأْمُرُنَا فِيهِ؟ قَالَ: تُرْسِلِينَ بِهِ إِلَى أَهْلِ حَاجَةٍ».وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي السِّتْرِ تَصَاوِيرُ.

(4) اسْتِعْمَالُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ وَالدَّرَاهِمَ الْفَارِسِيَّةَ وَعَلَيْهَا صُوَرُ مُلُوكِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ نُقُودٌ غَيْرُهَا إِلاَّ الْفُلُوسُ.وَقَدْ ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رضي الله عنه- عَلَى مَا تَذْكُرُهُ الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِي تَارِيخِ النُّقُودِ- الدَّرَاهِمَ عَلَى السِّكَّةِ الْفَارِسِيَّةِ، فَكَانَ فِيهَا الصُّوَرُ، وَضَرَبَ الدَّنَانِيرَ مُعَاوِيَةُ- رضي الله عنه- وَعَلَيْهَا الصُّوَرُ بَعْدَ أَنْ مَحَا مِنْهَا الصَّلِيبَ، وَضَرَبَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَعَلَيْهَا صُورَتُهُ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا، ثُمَّ ضَرَبَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْوَلِيدُ خَالِيَةً مِنَ الصُّوَرِ.

(5) مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الصُّوَرِ فِي السُّتُورِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُسَطَّحَاتِ.مِنْ ذَلِكَ اسْتِعْمَالُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ- رضي الله عنه- لِلسُّتُورِ ذَاتِ الصُّوَرِ، وَحَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.وَاسْتَعْمَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ- رضي الله عنه- وَأَقَرَّهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ- رضي الله عنه-، وَحَدِيثُهُمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ.وَاعْتَمَدُوا عَلَى مَا رَوَوْهُ عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- مِنْ قَوْلِهِ «إِلاَّ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ».

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ يَتَّكِئُ عَلَى الْمَرَافِقِ (الْوَسَائِدِ) الَّتِي فِيهَا تَصَاوِيرُ الطَّيْرِ وَالرِّجَالِ.

وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الصَّحَابِيِّ- رضي الله عنه- كَانَ رَجُلًا مُتَقَلِّدًا سَيْفًا.وَأَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ- رضي الله عنه- قَائِدِ فَتْحِ فَارِسَ، كَانَ أَيِّلًا قَابِضًا إِحْدَى يَدَيْهِ بَاسِطًا الْأُخْرَى، وَعَنِ الْقَاسِمِ قَالَ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عَبْدِ اللَّهِ ذَبَّابَانِ، وَكَانَ نَقْشَ خَاتَمِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ- رضي الله عنه- كُرْكِيَّانِ، وَرُوِيَ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- ذُبَابَتَانِ.

وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رضي الله عنهم- وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ بِبَيْتِهِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ حَجْلَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ الْقُنْدُسِ وَالْعَنْقَاءِ.قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ.

وَرَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- أَعُودُهُ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ.قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ التَّصَاوِيرُ فِي الْكَانُونِ؟ قَالَ: أَلَا تَرَى قَدْ أَحْرَقْنَاهَا بِالنَّارِ.فَلَمَّا خَرَجَ الْمِسْوَرُ قَالَ: اقْطَعُوا رُءُوسَ هَذِهِ التَّمَاثِيلِ.قَالُوا: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ لَوْ ذَهَبْتَ بِهَا إِلَى السُّوقِ كَانَ أَنْفَقَ لَهَا قَالَ: لَا.فَأَمَرَ بِقَطْعِ رُءُوسِهَا.

الْقَوْلُ الثَّانِي فِي صِنَاعَةِ الصُّوَرِ غَيْرِ ذَوَاتِ الظِّلِّ (أَيِ الْمُسَطَّحَةِ):

32- إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ كَصِنَاعَةِ ذَوَاتِ الظِّلِّ.وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَنُقِلَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ.

وَاسْتَثْنَى بَعْضُ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ الصُّوَرَ الْمَقْطُوعَةَ وَالصُّوَرَ الْمُمْتَهَنَةَ وَأَشْيَاءَ أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْبَحْثِ.

وَاحْتَجُّوا لِلتَّحْرِيمِ بِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي لَعْنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- لِلْمُصَوِّرِينَ، وَأَنَّ الْمُصَوِّرَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنْ يُكَلَّفَ بِنَفْخِ الرُّوحِ فِي كُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا.خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ صُوَرُ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا رُوحَ فِيهِ بِالْأَدِلَّةِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا، فَيَبْقَى مَا عَدَاهَا عَلَى التَّحْرِيمِ.قَالُوا: وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ لِإِبَاحَةِ صُنْعِ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ بِاسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- الْوِسَادَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيهِمَا الصُّوَرُ، وَاسْتِعْمَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لِذَلِكَ، فَإِنَّ الِاسْتِعْمَالَ لِلصُّورَةِ حَيْثُ جَازَ لَا يَعْنِي جَوَازَ تَصْوِيرِهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِتَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَلَعْنِ الْمُصَوِّرِ، وَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ اسْتِعْمَالِ مَا فِيهِ الصُّورَةُ.وَقَدْ عُلِّلَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِمُضَاهَاةِ خَلْقِ اللَّهِ وَالتَّشْبِيهِ بِهِ، وَذَلِكَ إِثْمٌ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ الِاسْتِعْمَالِ.

ثَالِثًا: الصُّوَرُ الْمَقْطُوعَةُ وَالصُّوَرُ النِّصْفِيَّةُ وَنَحْوُهَا:

33- تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ لَا يَرَوْنَ تَحْرِيمَ تَصْوِيرِ الْإِنْسَانِ أَوِ الْحَيَوَانِ- سَوَاءٌ أَكَانَتِ الصُّورَةُ تِمْثَالًا مُجَسَّمًا أَوْ صُورَةً مُسَطَّحَةً- إِنْ كَانَتْ نَاقِصَةَ عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ مِمَّا لَا يَعِيشُ الْحَيَوَانُ بِدُونِهِ.كَمَا لَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ، أَوْ كَانَ مَخْرُوقَ الْبَطْنِ أَوِ الصَّدْرِ.

وَكَذَلِكَ يَقُولُ الْحَنَابِلَةُ، كَمَا جَاءَ فِي الْمُغْنِي: إِذَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ التَّصْوِيرَةِ صُورَةُ بَدَنٍ بِلَا رَأْسٍ أَوْ رَأْسٌ بِلَا بَدَنٍ، أَوْ جُعِلَ لَهُ رَأْسٌ وَسَائِرُ بَدَنِهِ صُورَةُ غَيْرِ حَيَوَانٍ، لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ.وَفِي الْفُرُوعِ: إِنْ أُزِيلَ مِنَ الصُّوَرِ مَا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ لَمْ يُكْرَهْ، فِي الْمَنْصُوصِ.وَمِثْلُهُ صُورَةُ شَجَرَةٍ وَنَحْوِهِ وَتِمْثَالٍ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ

وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا، وَلَمْ يُنْقَلْ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ إِلاَّ مَا شَذَّ بِهِ الْمُتَوَلِّي، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ غَيْرَ الرَّأْسِ وَقَدْ بَقِيَ الرَّأْسُ.وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّحْرِيمُ، جَاءَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ وَحَاشِيَتِهِ لِلرَّمْلِيِّ: وَكَذَا إِنْ قُطِعَ رَأْسُ الصُّورَةِ.قَالَ الكوهكيوني: وَكَذَا حُكْمُ مَا صُوِّرَ بِلَا رَأْسٍ، وَأَمَّا الرُّءُوسُ بِلَا أَبْدَانٍ فَهَلْ تَحْرُمُ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ.وَالْحُرْمَةُ أَرْجَحُ.قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ لَا نَظِيرَ لَهُ: إِنْ جَوَّزْنَاهُ جَازَ ذَلِكَ، وَإِلاَّ فَلَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ.وَيَشْمَلُهُمَا قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ.

وَظَاهِرُ مَا فِي تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ جَوَازُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَفَقْدِ الرَّأْسِ فَقْدُ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ.

رَابِعًا: صُنْعُ الصُّوَرِ الْخَيَالِيَّةِ:

34- يَنُصُّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الصُّوَرَ الْخَيَالِيَّةَ لِلْإِنْسَانِ أَوِ الْحَيَوَانِ دَاخِلَةٌ فِي التَّحْرِيمِ.قَالُوا: يَحْرُمُ، كَإِنْسَانٍ لَهُ جَنَاحٌ، أَوْ بَقَرٍ لَهُ مِنْقَارٌ، مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْمَخْلُوقَاتِ.وَكَلَامُ صَاحِبِ رَوْضِ الطَّالِبِ يُوحِي بِوُجُودِ قَوْلٍ بِالْجَوَازِ.

وَوَاضِحٌ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ اللُّعَبِ الَّتِي لِلْأَطْفَالِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ- رضي الله عنها-: «أَنَّهُ كَانَ فِي لُعَبِهَا فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- ضَحِكَ لَمَّا رَآهَا حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ».

خَامِسًا: صُنْعُ الصُّوَرِ الْمُمْتَهَنَةِ:

35- يَأْتِي أَنَّ أَغْلَبَ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ اقْتِنَاءِ وَاسْتِعْمَالِ الصُّوَرِ الْمُجَسَّمَةِ وَالْمُسَطَّحَةِ.سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَقْطُوعَةً أَمْ كَامِلَةً، إِذَا كَانَتْ مُمْتَهَنَةً، كَالَّتِي عَلَى أَرْضٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ فِرَاشٍ أَوْ وِسَادَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا، ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ صُنْعِ مَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، كَنَسْجِ الْحَرِيرِ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ.

وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُ عِنْدَهُمْ خِلَافُ الْأَوْلَى.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ.وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَابِدِينَ.وَنَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ أَجَازَ التَّصْوِيرَ عَلَى الْأَرْضِ.

وَلَمْ نَجِدْ لِلْحَنَابِلَةِ تَصْرِيحًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَهُمْ مُنْدَرِجٌ فِي تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ.

وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى الِامْتِهَانِ.

سَادِسًا: صِنَاعَةُ الصُّوَرِ مِنَ الطِّينِ وَالْحَلْوَى وَمَا يَسْرُعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ:

36- لِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ فِي صِنَاعَةِ الصُّوَرِ الَّتِي لَا تُتَّخَذُ لِلْإِبْقَاءِ، كَالَّتِي تُعْمَلُ مِنَ الْعَجِينِ وَأَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ الْمَنْعُ.وَكَذَا نَقَلَهُمَا الْعَدَوِيُّ وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ هُوَ لِأَصْبَغَ.وَمَثَّلَ لَهُ بِمَا يُصْنَعُ مِنْ عَجِينٍ أَوْ قِشْرِ بِطِّيخٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَشَفَ تَقَطَّعَ.وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَحْرُمُ صُنْعُهَا وَلَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا.

وَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ نَصًّا فِي ذَلِكَ.

سَابِعًا: صِنَاعَةُ لُعَبِ الْبَنَاتِ:

37- اسْتَثْنَى أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَصِنَاعَةِ التَّمَاثِيلِ صِنَاعَةَ لُعَبِ الْبَنَاتِ.وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ تَصْوِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ، وَمِنِ اتِّخَاذِهِ لُعَبَ الْبَنَاتِ، لِمَا وَرَدَ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ.

وَهَذَا يَعْنِي جَوَازَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتِ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ تِمْثَالِ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ، مُجَسَّمَةً أَوْ غَيْرَ مُجَسَّمَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَمْ لَا، كَفَرَسٍ لَهُ جَنَاحَانِ.

وَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ لِلْجَوَازِ أَنْ تَكُونَ مَقْطُوعَةَ الرُّءُوسِ، أَوْ نَاقِصَةَ عُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بِدُونِهِ.وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ.

38- وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- قَالَتْ: «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي».

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ أَوْ خَيْبَرَ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ، فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ قَالَتْ: بَنَاتِي.وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهَا جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسَطَهُنَّ؟ قَالَتْ: فَرَسٌ.قَالَ: وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: جَنَاحَانِ.فَقَالَ: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟ قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟ قَالَتْ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ».

وَقَدْ عَلَّلَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لِصِنَاعَةِ اللُّعَبِ بِالْحَاجَةِ إِلَى تَدْرِيبِهِنَّ عَلَى أَمْرِ تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ.

وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَتِ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ إِنْسَانٍ، وَلَا يَظْهَرُ فِي أَمْرِ الْفَرَسِ الَّذِي لَهُ جَنَاحَانِ، وَلِذَا عَلَّلَ الْحَلِيمِيُّ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ، وَهَذَا نَصُّ كَلَامِهِ، قَالَ: لِلصَّبَايَا فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا عَاجِلَةٌ وَالْأُخْرَى آجِلَةٌ.فَأَمَّا الْعَاجِلَةُ، فَالِاسْتِئْنَاسُ الَّذِي فِي الصِّبْيَانِ مِنْ مَعَادِنِ النُّشُوءِ وَالنُّمُوِّ.فَإِنَّ الصَّبِيَّ إِنْ كَانَ أَنْعَمَ حَالًا وَأَطْيَب نَفْسًا وَأَشْرَحَ صَدْرًا كَانَ أَقْوَى وَأَحْسَن نُمُوًّا، وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّرُورَ يُبْسِطُ الْقَلْبَ، وَفِي انْبِسَاطِهِ انْبِسَاطُ الرُّوحِ، وَانْتِشَارُهُ فِي الْبَدَنِ، وَقُوَّةُ أَثَرِهِ فِي الْأَعْضَاءِ وَالْجَوَارِحِ.

وَأَمَّا الْآجِلَةُ فَإِنَّهُنَّ سَيَعْلَمْنَ مِنْ ذَلِكَ مُعَالَجَةَ الصِّبْيَانِ وَحُبَّهُمْ وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ طَبَائِعَهُنَّ، حَتَّى إِذَا كَبَرْنَ وَعَايَنَ لِأَنْفُسِهِنَّ مَا كُنَّ تَسَرَّيْنَ بِهِ مِنَ الْأَوْلَادِ كُنَّ لَهُمْ بِالْحَقِّ كَمَا كُنَّ لِتِلْكَ الْأَشْبَاهِ بِالْبَاطِلِ.

هَذَا وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ عَنِ الْبَعْضِ دَعْوَى أَنَّ صِنَاعَةَ اللُّعَبِ مُحَرَّمَةٌ، وَأَنَّ جَوَازَهَا كَانَ أَوَّلًا، ثُمَّ نُسِخَ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ التَّصْوِيرِ.

وَيَرُدُّهُ أَنَّ دَعْوَى النَّسْخِ مُعَارَضَةٌ بِمِثْلِهَا، وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِذْنُ بِاللُّعَبِ لَاحِقًا.

عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- فِي اللُّعَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِهِ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ مُتَأَخِّرًا.

ثَامِنًا: التَّصْوِيرُ لِلْمَصْلَحَةِ كَالتَّعْلِيمِ وَغَيْرِهِ:

39- لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا، عَدَا مَا ذَكَرُوهُ فِي لُعَبِ الْأَطْفَالِ: أَنَّ الْعِلَّةَ فِي اسْتِثْنَائِهَا مِنَ التَّحْرِيمِ الْعَامِّ هُوَ تَدْرِيبُ الْبَنَاتِ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ كَمَا قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، أَوِ التَّدْرِيبُ وَاسْتِئْنَاسُ الْأَطْفَالِ وَزِيَادَةُ فَرَحِهِمْ لِمَصْلَحَةِ تَحْسِينِ النُّمُوِّ كَمَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ، وَأَنَّ صِنَاعَةَ الصُّوَرِ أُبِيحَتْ لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ، مَعَ قِيَامِ سَبَبِ التَّحْرِيمِ، وَهِيَ كَوْنُهَا تَمَاثِيلَ لِذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ.وَالتَّصْوِيرُ بِقَصْدِ التَّعْلِيمِ وَالتَّدْرِيبِ نَحْوُهُمَا لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: اقْتِنَاءُ الصُّوَرِ وَاسْتِعْمَالُهَا:

40- يَذْهَبُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ تَصْوِيرِ الصُّورَةِ تَحْرِيمُ اقْتِنَائِهَا أَوْ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِهَا، فَإِنَّ عَمَلِيَّةَ التَّصْوِيرِ لِذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ وَرَدَ فِيهَا النُّصُوصُ الْمُشَدَّدَةُ السَّابِقُ ذِكْرُهَا، وَفِيهَا لَعْنُ الْمُصَوِّرِ، وَأَنَّهُ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ، وَأَنَّهُ أَشَدُّ النَّاسِ أَوْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا.وَلَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ، وَلَمْ تَتَحَقَّقْ فِي مُسْتَعْمِلِهَا عِلَّةُ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ مِنَ الْمُضَاهَاةِ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ اقْتِنَاءِ الصُّورَةِ أَوِ اسْتِعْمَالِهَا، إِلاَّ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ عَذَابٍ أَوْ أَيِّ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اقْتِنَاءَهَا مِنَ الْكَبَائِرِ.وَبِهَذَا يَكُونُ حُكْمُ مُقْتَنِي الصُّورَةِ الَّتِي يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهَا: أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ صَغِيرَةً مِنَ الصَّغَائِرِ، إِلاَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَبِيرَةٌ، فَيَكُونُ كَبِيرَةً إِنْ تَحَقَّقَ الْإِصْرَارُ لَا إِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ، أَوْ لَمْ نَقُلْ بِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ.

وَقَدْ نَبَّهَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ التَّصْوِيرِ وَبَيْنَ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ فِي الْحُكْمِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ الصُّوَرِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَنَبَّهَ إِلَيْهِ الشَّبْرَامُلُّسِي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يَجْرِي كَلَامُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.

وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى مَنْعِ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ مِنْهَا:

(1) «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- هَتَكَ السِّتْرَ الَّذِي فِيهِ الصُّورَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ لِعَائِشَةَ: «أَخِّرِيهِ عَنِّي».وَتَقَدَّمَ.

(2) وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ».

(3) وَمِنْهَا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- أَرْسَلَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ: لَا تَدَعْ صُورَةً إِلاَّ طَمَسْتهَا» وَفِي رِوَايَةٍ: إِلاَّ لَطَّخْتَهَا «وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَا صَنَمًا إِلاَّ كَسَرْتَهُ».

41- وَفِي مُقَابِلِ ذَلِكَ نُقِلَ اسْتِعْمَالُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الصُّوَرِ لِذَوَاتِ الرُّوحِ.وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرِّوَايَاتِ الْمُبَيِّنَةِ لِذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ (ف 31) وَنَزِيدُ هُنَا مَا رُوِيَ أَنَّ خَاتَمَ دَانْيَالَ النَّبِيِّ- عليه السلام- كَانَ عَلَيْهِ أَسَدٌ وَلَبُؤَةٌ وَبَيْنَهُمَا صَبِيٌّ يَلْمِسَانِهِ.وَذَلِكَ أَنَّ بُخْتَ نَصَّرَ قِيلَ لَهُ: يُولَدُ مَوْلُودٌ يَكُونُ هَلَاكُكَ عَلَى يَدِهِ، فَجَعَلَ يَقْتُلُ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ.فَلَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ دَانْيَالَ أَلْقَتْهُ فِي غَيْضَةٍ رَجَاءَ أَنْ يَسْلَمَ.فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ أَسَدًا يَحْفَظُهُ وَلَبُؤَةً تُرْضِعُهُ.فَنَقَشَهُ عَلَى خَاتَمِهِ لِيَكُونَ بِمَرْأًى مِنْهُ لِيَتَذَكَّرَ نِعْمَةَ اللَّهِ.وَوُجِدَتْ جُثَّةُ دَانْيَالَ وَالْخَاتَمُ فِي عَهْدِ عُمَرَ- رضي الله عنه- فَدَفَعَ الْخَاتَمَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ.فَهَذَا فِعْلُ صَحَابِيَّيْنِ.

وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مِنَ الصُّوَرِ وَمَا لَا يَجُوزُ، وَتَوْفِيقُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ.

الْبَيْتُ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ:

42- ثَبَتَ هَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.وَفِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَمَيْمُونَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي طَلْحَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَغَيْرِهِمْ- رضي الله عنهم- أَجْمَعِينَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: سَبَبُ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً فَاحِشَةً، وَفِيهَا مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَعْضُهَا فِي صُورَةِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَعُوقِبَ مُتَّخِذُهَا بِحِرْمَانِهِ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ بَيْتَهُ، وَصَلَاتَهَا فِيهِ، وَاسْتِغْفَارَهَا لَهُ، وَتَبْرِيكَهَا عَلَيْهِ وَفِي بَيْتِهِ، وَدَفْعَهَا أَذَى الشَّيْطَانِ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ: إِنَّمَا لَمْ تَدْخُلْ لِأَنَّ مُتَّخِذَ الصُّوَرِ قَدْ تَشَبَّهَ بِالْكُفَّارِ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الصُّوَرَ فِي بُيُوتِهِمْ وَيُعَظِّمُونَهَا، فَكَرِهَتِ الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ.قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ هُمْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ.وَأَمَّا الْحَفَظَةُ فَيَدْخُلُونَ كُلَّ بَيْتٍ، وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَمَ فِي حَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالِهِمْ وَكِتَابَتِهَا.ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ صُورَةٍ حَتَّى مَا يُمْتَهَنُ.وَنَقَلَ الطَّحْطَاوِيُّ عَنْهُ: أَنَّهَا تَمْتَنِعُ مِنَ الدُّخُولِ حَتَّى مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.

وَفِي قَوْلِ النَّوَوِيِّ هَذَا مُبَالَغَةٌ وَتَشَدُّدٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ- رضي الله عنها-: «أَنَّهَا هَتَكَتِ السِّتْرَ وَجَعَلَتْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ، فَكَانَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- يَتَّكِئُ عَلَيْهِمَا وَفِيهِمَا الصُّوَرُ».وَكَانَ لَا يَتَحَرَّجُ مِنْ إِبْقَاءِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ فِي بَيْتِهِ وَفِيهَا الصُّوَرُ.وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ بَيْتَهُ مَا أَبْقَاهَا فِيهِ.وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يَتَرَجَّحُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصُّورَةَ الَّتِي تَمْتَنِعُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ دُخُولِ الْمَكَانِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَيْئَتِهَا مُرْتَفِعَةً غَيْرَ مُمْتَهَنَةٍ، فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُمْتَهَنَةً، أَوْ غَيْرَ مُمْتَهَنَةٍ لَكِنَّهَا غُيِّرَتْ هَيْئَتُهَا بِقَطْعِهَا مِنْ نِصْفِهَا أَوْ بِقَطْعِ رَأْسِهَا، فَلَا امْتِنَاعَ.

وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَابِدِينَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ لَا يُكْرَهُ إِبْقَاؤُهَا فِي الْبَيْتِ، لَا تَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ، سَوَاءٌ الصُّوَرُ الْمَقْطُوعَةُ أَوِ الصُّوَرُ الصَّغِيرَةُ أَوِ الصُّوَرُ الْمُهَانَةُ، أَوِ الْمُغَطَّاةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ تَشَبُّهٌ بِعُبَّادِهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ الصُّوَرَ الصَّغِيرَةَ أَوِ الْمُهَانَةَ، بَلْ يَنْصِبُونَهَا صُورَةً كَبِيرَةً، وَيَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهَا.

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ بَيْتًا فِيهِ صُوَرٌ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-.قَالَ: وَهُوَ نَظِيرُ

الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ» إِذْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى رُفْقَةٍ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَخْرُجَ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ لِقَصْدِ الْبَيْتِ عَلَى رَوَاحِلَ لَا تَصْحَبُهَا الْمَلَائِكَةُ وَهُمْ وَفْدُ اللَّهِ.وَمَآلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَلَائِكَةِ مَلَائِكَةُ الْوَحْيِ، وَهُوَ جِبْرِيلُ- عليه السلام- دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.وَنَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنَ الدَّاوُدِيِّ وَابْنِ وَضَّاحٍ، وَمَآلُهُ إِلَى اخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِعَهْدِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- وَبِالْمَكَانِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ انْتَهَتْ بِوَفَاتِهِ- صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ.

اقْتِنَاءُ وَاسْتِعْمَالُ صُوَرِ الْمَصْنُوعَاتِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْجَوَامِدِ وَالنَّبَاتَاتِ:

43- يَجُوزُ اقْتِنَاءُ وَاسْتِعْمَالُ صُوَرِ الْمَصْنُوعَاتِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْجَوَامِدِ وَالنَّبَاتَاتِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مَنْصُوبَةً أَوْ مُعَلَّقَةً أَوْ مَوْضُوعَةً مُمْتَهَنَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً فِي الْحَوَائِطِ أَوِ السُّقُوفِ أَوِ الْأَرْضِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُسَطَّحَةً كَمَا هُوَ مَعْهُودٌ، أَوْ مُجَسَّمَةً كَالزُّهُورِ وَالنَّبَاتَاتِ الِاصْطِنَاعِيَّةِ، وَنَمَاذِجِ السُّفُنِ وَالطَّائِرَاتِ وَالسَّيَّارَاتِ وَالْمَنَازِلِ وَالْجِبَالِ وَغَيْرِهَا، وَمُجَسَّمَاتِ تَمَاثِيلِ الْقُبَّةِ السَّمَاوِيَّةِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْكَوَاكِبِ وَالنُّجُومِ وَالْقَمَرَيْنِ.وَسَوَاءٌ اسْتُعْمِلَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ وَنَفْعٍ، أَوْ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَالتَّجْمِيلِ: فَكُلُّ ذَلِكَ لَا حَرَجَ فِيهِ شَرْعًا، إِلاَّ أَنْ يَحْرُمَ لِعَارِضٍ، كَمَا لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنِ الْمُعْتَادِ إِلَى حَدِّ الْإِسْرَافِ، عَلَى الْأَصْلِ فِي سَائِرِ الْمُقْتَنَيَاتِ.

اقْتِنَاءُ وَاسْتِعْمَالُ صُوَرِ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ:

44- يُجْمِعُ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ نَوْعٍ مِنَ الصُّوَرِ، وَهُوَ مَا كَانَ صَنَمًا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى.وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْهُ مِنْ خِلَافٍ.إِلاَّ أَنَّ الَّذِي تَكَادُ تَتَّفِقُ كَلِمَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَنْعِهِ: هُوَ مَا جَمَعَ الْأُمُورَ التَّالِيَةَ:

أ- أَنْ يَكُونَ صُورَةً لِذِي رُوحٍ إِنْ كَانَتِ الصُّورَةُ مُجَسَّمَةً.

ب- أَنْ تَكُونَ كَامِلَةَ الْأَعْضَاءِ، غَيْرَ مَقْطُوعَةِ عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَ فَقْدِهَا.

ج- أَنْ تَكُونَ مَنْصُوبَةً أَوْ مُعَلَّقَةً فِي مَكَانِ تَكْرِيمٍ، لَا إِنْ كَانَتْ مُمْتَهَنَةً.

د- أَنْ لَا تَكُونَ صَغِيرَةً.

هـ- أَنْ لَا تَكُونَ مِنْ لُعَبِ الْأَطْفَالِ أَوْ نَحْوِهَا.و- أَنْ لَا تَكُونَ مِمَّا يَسْرُعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ.وَقَدْ خَالَفَ فِيمَا جَمَعَ هَذِهِ الشُّرُوطَ قَوْمٌ لَمْ يُسَمَّوْا، كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ إِلاَّ أَنَّهُ خِلَافٌ ضَعِيفٌ.وَنَحْنُ نُبَيِّنُ حُكْمَ كُلِّ نَوْعٍ مِمَّا خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ.

أ- اسْتِعْمَالُ وَاقْتِنَاءُ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ:

45- يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ لَيْسَ مُحَرَّمًا، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ إِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُمْتَهَنَةً فَاسْتِعْمَالُهَا خِلَافُ الْأَوْلَى.

أَمَّا عِنْدَ غَيْرِ الْمَالِكِيَّةِ: فَالصُّوَرُ الْمُسَطَّحَةُ وَالْمُجَسَّمَةُ سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالُ، إِذَا تَمَّتِ الشُّرُوطُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

ب- اسْتِعْمَالُ وَاقْتِنَاءُ الصُّوَرِ الْمَقْطُوعَةِ:

46- إِذَا كَانَتِ الصُّورَةُ- مُجَسَّمَةً كَانَتْ أَوْ مُسَطَّحَةً- مَقْطُوعَةَ عُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ الصُّورَةِ حِينَئِذٍ جَائِزٌ، وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.وَقَدْ وَافَقَ عَلَى الْإِبَاحَةِ هُنَا بَعْضُ مَنْ خَالَفَ، فَرَأَى تَحْرِيمَ التَّصْوِيرِ وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ تَحْرِيمُ الِاقْتِنَاءِ، كَالشَّافِعِيَّةِ.وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الصُّورَةُ قَدْ صُنِعَتْ مَقْطُوعَةً مِنَ الْأَصْلِ، أَوْ صُوِّرَتْ كَامِلَةً ثُمَّ قُطِعَ مِنْهَا شَيْءٌ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ.وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مَنْصُوبَةً أَوْ غَيْرَ مَنْصُوبَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ التَّالِيَةِ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


10-المغرب في ترتيب المعرب (‏شفر-‏شفر‏)

‏ (‏شفر‏) ‏‏

(‏شُفْرُ‏) ‏ كُلِّ شَيْءٍ حَرْفُهُ وَالتَّرْكِيبُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ‏ (‏وَمِنْهُ‏) ‏ شَفْرَةُ السَّيْفِ حَدُّهُ ‏ (‏وَشَفِيرُ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ‏) ‏ حَرْفُهُ ‏ (‏وَمِشْفَرُ الْبَعِيرِ‏) ‏ شَفَتُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَصْغَرُ الْقَوْمِ شَفْرَتُهُمْ أَيْ خَادِمُهُمْ فَمُسْتَعَارٌ مِنْ الشَّفْرَةِ وَهُوَ السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ لِأَنَّهُ يُمْتَهَنُ فِي الْأَعْمَالِ كَمَا تُمْتَهَنُ هَذِهِ فِي قَطْعِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ ‏ (‏وَعَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ‏) ‏ يُقَالُ لِنَاحِيَتَيْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ الْإِسْكَتَانُ وَلِطَرَفَيْهِمَا الشُّفْرَانِ ‏ (‏وَشُفْرُ الْعَيْنِ‏) ‏ بِالضَّمِّ أَيْضًا مَنْبِتُ الْأَهْدَابِ ‏ (‏وَمِنْهُ‏) ‏ قَوْلُ النَّاصِحِيِّ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنِ الدِّيَةُ إذَا ذَهَبَ الشَّعْرُ وَلَمْ يَنْبُتْ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا لَفْظُ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً إذَا لَمْ تَنْبُتْ فَالصَّوَابُ فِيهِ ضَمُّ حَرْفِ الْمُضَارَعَة مِنْ الْإِنْبَاتِ أَيْ إذَا لَمْ تُنْبِتْ الْأَهْدَابُ أَوْ الشَّعَرُ وَإِنْ صَحَّ الْفَتْحُ فَعَلَى ‏"‏ مَعْنَى ‏"‏ إذَا لَمْ تَنْبُتْ أَهْدَابُهَا ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُسْنِدَ الْفِعْلُ إلَى ضَمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا بَسَطْتُ الْكَلَامَ فِيهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الثِّقَاتِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْأَشْفَارَ الْأَهْدَابُ وَالْعَجَبُ مَنْ الْقُتَبِيِّ أَنَّهُ بَالَغَ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ تَذْهَبُ الْعَامَّةُ فِي أَشْفَارِ الْعَيْنِ إلَى أَنَّهَا الشَّعَرُ وَذَلِكَ غَلَطٌ وَإِنَّمَا الْأَشْفَارُ حُرُوفُ الْعَيْنِ الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ وَالشَّعَرُ هُوَ الْهُدْبُ ثُمَّ لَمَّا انْتَهَى إلَى حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ ‏ [‏فِي صِفَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ‏] ‏ أَيْ سَوَادٌ فِي أَشْفَارِهِ غَطَفٌ أَوْ عَطَفٌ أَوْ وَطَفٌ فَسَّرَ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ بِالطُّولِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَشْفَارِ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ هَاهُنَا أَوْ مَجَازٌ ‏ (‏قُلْتُ‏) ‏ الْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَأَنَّهُ قِيلَ وَفِي شَعَرِ أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَإِنَّمَا حُذِفَ لِأَمْنِ الْإِلْبَاسِ وَأَنَّ الْمَدْحَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَهْدَابِ لَا فِي الْأَشْفَارِ نَفْسِهَا أَوْ سُمِّيَ النَّابِتُ بِاسْمِ الْمَنَابِتِ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ غَيْرُ عَزِيزٍ فِي كَلَامِهِمْ‏.

المغرب في ترتيب المعرب-ناصر بن عبدالسيد أبى المكارم ابن على، أبو الفتح، برهان الدين الخوارزمي المُطَرِّزِىّ-توفي: 610هـ/1213م


11-المغرب في ترتيب المعرب (‏عضد-‏العضد‏)

‏ (‏عضد‏) ‏‏

(‏الْعَضْدُ‏) ‏ قَطْعُ الشَّجَرِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ‏ (‏وَمِنْهُ‏) ‏ ‏ [‏وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا‏] ‏ ‏ (‏وَالْمِعْضَدُ‏) ‏ كَالسَّيْفِ يُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ الْأَشْجَارِ‏.

المغرب في ترتيب المعرب-ناصر بن عبدالسيد أبى المكارم ابن على، أبو الفتح، برهان الدين الخوارزمي المُطَرِّزِىّ-توفي: 610هـ/1213م


12-المنجد في اللغة (البرند)

البِرِنْدُ: القاطِعُ الحادُّ، والمِعْضاد: الذي يُمْتَهَنُ في قطع الشَّجر.

المنجد في اللغة-علي بن الحسن الهُنائي الأزدي، أبو الحسن الملقب بـ «كراع النمل»-توفي بعد: 309هـ/921م


13-المعجم الغني (اِمْتَهَنَ)

اِمْتَهَنَ- [مهن]، (فعل: خماسي. متعدٍّ)، اِمْتَهَنْتُ، أَمْتَهِنُ، المصدر: اِمْتِهانٌ.

1- "اِمْتَهَنَ مِهْنَةَ الْمُحاماةِ": جَعَلَها مِهْنَةًلَهُ.

2- "اِمْتَهَنَ أَعْمالَ زَميلٍ لَهُ": اِحْتَقَرَها، اِبْتَذَلَها. "لَمْ يَعُدْ يَمْتَهِنُ العَمَلَ الزِّراعِيَّ".

3- "كَيْفَ يُبيحُ لِنَفْسِهِ أَنْ يَمْتَهِنَ رَجُلًا": أَنْ يَتَّخِذَهُ خادِمًا.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


14-المعجم الغني (حَرَفَ)

حَرَفَ- [حرف]، (فعل: ثلاثي. لازم ومتعدٍّ. مزيد بحرف)، حَرَفْتُ، أَحْرِفُ، اِحْرِفْ، المصدر: حَرْفٌ.

1- "حَرَفَ عَنْهُ": مالَ عَنْهُ.

2- "حَرَفَ العُيونَ عَنْهُ": صَرَفَها، أَبْعَدَها.

3- "حَرَفَ لأبْنائِهِ": كَسَبَ لَهُمْ عَيْشَهُمْ بِما يَمْتَهِنُ مِنْ مِهْنَةٍ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


15-تاج العروس (عضد)

[عضد]: العَضْدُ، بالفتح، لُغَة تميم، كما في المصباح، وبالضّمّ وبالكسر، وككَتِفٍ، وهذه لُغَة أَسَدٍ، والكلام الأَكْثر: العَضُد، مثل نَدُسٍ وحكَى ثعلبٌ: العَضَد، بفتح العين والضّاد، كلٌّ يُذْكَّر ويُؤنَّث. وقال أَبو زيد: أَهلُ تِهَامَةَ يقولون: العُضُد، مثْل عُنُقٍ، ويذُكِّرون.

وقرأَ بها الحَسَنُ في قوله تعالى: {وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} وقال اللِّحْيَانيُّ: العَضُد مؤنّثةٌ لا غيرُ، وهما العَضُدانِ وجمعها: أَعضادٌ، لا يُكسَّر علَى غيرِ ذلِك. فهذه سِتُّ لُغاتٍ، ذكَرَها المصنِّفُ، وأَغفل السابِعةَ، وهي التَّحْرِيكُ، عن ثعْلَب.

ولو قال: العَضُد، كنَدُسٍ، وكَتِفٍ وعُنُقٍ، ويُثَلَّث، ويِحَرَّك لكان أَوْفَق لقاعدتِهِ، وأَمْيلَ لطريقتِه، وفيه تقديم الأَفصحِ المشهورِ على غيرِه، مع أَنَّ التَّثليث إِنَّمَا هو تخفيفٌ أَو إِتباعٌ على قياسِ أَمثالِه من المضمومِ الأَوسَطِ، أَو المكسورِ، وأَوردَه شيخُنَا أَيضًا ولم يَتعرَّضْ لقول ثعلبٍ، كما أَغفَلَ المصباحُ السادسةَ.

وفي حديثِ أُمِّ زَرْعٍ: «وملأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ» العَضُد من الإِنسان وغيرِه: السّاعِدُ وهو ما بَيْنَ المِرْفَقِ إِلى الكَتِفِ ولم تُرِدْه خاصَّةً، ولكنَّهَا أَرادَت الجَسَدَ كُلَّه، فإِنه إِذا سَمِنَ العَضُدُ سَمِنَ سائِرُ الجَسَدِ.

والعَضْدُ بفتح فسكون، من الطريق: الناحِيَة كالعِضادة، بالكسر وعَضُدُ الإِبط، وعَضَدُه كنَدُسٍ، وجَبَلٍ: ناحِيَتُه، وقيل: كلُّ ناحِيَةٍ: عَضُدٌ وعَضَدٌ.

وأَعضادُ البَيت: نَواحِيه، ويقال إِذا نَخَرَت الرِّيحُ من هذه العَضُدِ أَتاكَ الغَيْثُ، يَعنِي ناحِيَة اليَمَنِ.

ومن المجاز: العَضُد: الناصِر والمُعِينُ، على المَثَلِ بالعَضُد من الأَعضاد، وفي التنزيل: {وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} أَي أَعْضادًا؛ أَي أَنْصَارًا، وعَضُدُ الرَّجلِ: أَنصارُه وأَعوانُه، وإِنَّما أَفْردَ لتَعتَدِلَ رؤُوسُ الآيِ بالإِفرادِ، ويقال: فلانٌ عَضُدُ فُلانٍ وعِضَادَتُه ومُعاضِدُه، إِذا كان يُعاوِنه ويُرافِقُه. وهو مَجاز.

ويقال هم عَضُدِي وأَعْضادِي أَيضًا، قال الأَحرد:

مَن كانَ ذَا عَضُدٍ تُدْرَكْ ظُلامَتُهُ *** إِنَّ الذَّلِيلَ الذِي ليستْ لَهُ عَضُدُ

ويقال فَتَّ فُلانٌ في عَضُدِه وأَعْضَاده؛ أَي كَسَرَ من نِيَّاتِ أَعوانِهِ، وفَرَّقَهم عنه، «وفي» بمعْنَى «مِنْ»، ويقال قَدَحَ في ساقِهِ، يعْنِي نَفْسَه. وأَعْضَادُ الحَوْضِ والطَّرِيقِ وغيرِه ما يُشَدُّ ـ بالبناءِ للمعلوم والمجهول، وبالسين المهملة والمعجمة ـ حَوَالَيْهِ مِن البناءِ، الواحدُ عَضَدٌ وعَضُدٌ.

وعَضُدُ البناءِ كالصَّفائِحِ المنصوبةِ حَوْلَ شَفِيرِ الحَوْض، وعَضُدُ الحَوْضِ من إِزائِهِ إِلى مُؤَخَّرِه، وإِزاؤُه: مَصَبُّ الماءِ فيه. وقيل عَضُدُه: جانِبَاه، عن ابن الأَعرابيِّ، والجمع: أَعضادٌ وحَوْضٌ مُثَلِّمُ الأَعضادِ، وهو مَجاز، قال لَبِيدٌ يَصِفُ الحَوْضَ الذي طالَ عهدُه بالوَارِدَةِ:

راسِخُ الدِّمْنِ على أَعضادِهِ *** ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ

ويجمع أَيضًا على عُضُودٍ، قال الراجز:

فارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضُودُ *** من عَكَرَاتٍ وَطَؤْها وَئِيدُ

والعَضْدُ والعَضِيدُ: الطَّرِيقَةُ من النَّخْلِ، وفي الحديث: «أَنَّ سَمُرةَ كانت له عَضُدٌ من نَخْلٍ في حائِطِ رَجُلٍ من الأَنصار» حكاه الهَرَوِيُّ في «الغَرِيبَيْن» أَراد طَريقةً من النخْل، وقيل: إِنما هو عَضِيدٌ من النَّخْلِ. وقال غيره: العَضِيد: النَّخْلَةُ التي لها جِذْعٌ، يَتَنَاولُ منه المُتَناوِلُ، ج: عِضْدانٌ كغِرْبانٍ، قال الأَصمعيُّ: إِذا صار للنَّخْلَةِ جِذْعٌ يَتَنَاوَلُ منه المُتَناوِلُ فتِلْك النخلةُ العَضيدُ، فإِذا فاتَت اليَدَ فهي جَبَّارةُ.

ومن المجاز: ما لِسَمُرَتِهِ عاضِد، ولا لسِدْرته خاضِد، يقال: عَضَدَهُ أَي الشَّجَرَ يَعْضِدُهُ، من حَدِّ ضرب، عَضْدًا، فهو معضودٌ وعَضِيد: قَطَعَهُ بالمِعْضَدِ. وفي حديث تحريمِ المدينَةِ: «نَهَى أَنْ يُعْضَدَ شَجَرُهَا» أَي يُقْطَع. وفي حديث آخَرَ: «لَوَدِدْتُ أَنِّي شجرةٌ تُعْضَدُ»: وعن ثعلب: عَضَدَ الشَّجَرَةَ: نَثَرَ وَرَقَها لإِبِله، واسم ذلك الوَرَقِ: العَضَدُ.

ومن مَجاز المَجاز: عَضَدَه كنَصَره عَضْدًا: أَعَانَهُ ونَصَرَهُ، وفي كتب الأَمثال ما يَقْتَضِي أَنه صارَ مُتَعارَفًا كالحقيقة، قالوا: عَضَدَه إِذا صارَ له عَضُدًا؛ أَي مُعِينًا وناصِرًا، وأَصلُ العَضُد في اليَدَيْنِ، فاستُعِيرَ للمُعِينِ، ثم استَعْمَلوا مِن معناه الفِعْلَ، ثم شاعَ حتَّى صارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً.

قلْت: ولذا لم يذْكره الزَّمَخْشريّ في المَجَاز.

وعضَدَه يَعْضِده عَضْدًا: أَصابَ عَضُدَهُ. وعُضِدَ عَضْدًا، كُعنِيَ شَكَا عَضُده، يَطَّرِدُ على هذا بابٌ في جميعِ الأَعضاءِ.

والعَضِدُ، ككَتِفٍ مَن دَنا مِن عَضُدَيِ الحَوْضِ: جانِبَيْهِ، ومَن اشْتَكَى عَضُدَهُ. وحِمَارٌ عَضِدٌ: ضَمَّ الأُتُنَ من جَوانِبِها، كالعاضِدِ، نقله الصاغانيُّ.

والعَضَدُ، بالتحريك: ما عُضِدَ من الشَّجَر، بمنزلة المَعْضُود، كالعَضِيد، أَي: ما قُطِعَ من الشَّجَرِ؛ أَي يَضرِبُونه ليَسْقُطَ وَرَقُه فيتَّخذونه عَلَفًا لإِبِلِهم.

وفي حديث ظَبْيَانَ: «وكان بنو عَمْرِو بنِ خالدٍ من جَذِيمةَ يَخْبِطُون عَضيدَهَا، ويأْكُلون حَصِيدَها».

والعَضَدُ: دَاءٌ في أَعَضادِ الإِبِلِ فَتُبَطُّ، تقول منه: عَضِدَ البَعِيرُ، كفَرِحَ، فهو عَضِدٌ. قال النابِغَةُ:

شَكَّ الفَرِيصةَ بالمِدْرَى فأَنفَذَهَا *** شَكَّ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي من العَضَدِ

والمِعْضَدُ، كمِنْبَرٍ: مَا يُقْطَعُ بِه الشَّجَرُ، كالمِعْضَادِ، قال أَبو حنيفة: كُلُّ ما عُضِدَ به الشَّجرُ فهو مِعْضَدٌ، قال، وقال أَعرابِيُّ: المِعْضَد عندنا: حَدِيدةٌ ثَقِيلةٌ، في هَيْئةِ المِنْجَلِ يُقْطَع بها الشَّجَرُ.

والمِعْضَد: ما شُدَّ في العَضُدِ من الحِرْزِ، وقيل: هو الدُّمْلُجُ، لأَنَّه على العَضُد يكونُ، كالمِعْضَدَة. حكاه اللِّحْيَانيُّ، والجَمْع: مَعاضِدُ.

والمِعْضَدَة، بهاءٍ أَيضًا: هِمْيانُ الدَّراهِمِ، وقال اللَّحْيَانيُّ: هو ما يَشُدُّه المُسَافِرُ على عَضُدِه، ويَجْعَل فيها نَفَقَتَهُ.

والعَاضِدُ: الماشِي إِلى جانِبِ دَابَّة عن يَمينِه أَو يَسارِه، وتقول: هو يَعْضُدها: يكونُ مَرَّةً عن يَمينِها، ومَرَّةً عن يَسارِهَا لا يُفَارِقُها. وقد عَضَدَ يَعْضُدُ عَضْدًا والبَعيرُ مَعْضُودٌ، قال الراجز:

ساقَتُها أَرْبَعَةٌ بالأَشطَانْ *** يَعْضُدُها اثنانِ وَيَتْلُوها اثْنانْ

ويقال: اعضُدْ بَعِيرَك ولا تَتْلُه.

والعَاضِدُ: جَمَلٌ يَأْخُذُ عَضُدَ النَّاقَةِ فَيَتَنَوَّخُها، يقال: عَضَدَ البَعِيرُ البَعيرَ، إِذا أَخذَ بِعَضُدِه فصَرَعه. وضَبَعَه، إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ.

والأَعْضَدُ: الدَّقِيقُ العَضُدِ، والّذِي إِحدَى عَضُدَيْهِ قَصِيرَةٌ، ويَدٌ عَضِدَةٌ كَفَرِحَةٍ: قَصُرَتْ عَضُدُهَا.

وعَضُدٌ عَضِدَةٌ: قصيرةٌ.

وعَضَدَ القَتَبُ البَعِيرَ عَضْدًا: عَضَّهُ فَعَقَرَهُ، قال ذو الرُّمَّة:

وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ

وعَضَدَتْها الرِّحَالُ، إِذا أَلَحَّتْ عليها.

وعَضُدُ الرَّكَائِبِ: ما حَوَالَيْهَا، يقال: عَضَدَ الرَّكائِبَ يَعضُدُها عَضْدًا، إِذا أَتَاهَا مِن قِبَلِ أَعضادِهَا، وضَمَّ بعضَهَا إِلى بعضٍ: أَنشدَ ابنُ الأَعرابِيِّ:

إِذَا مَشَى لم يَعْضُدِ الرَّكائِبَا

وغُلامٌ عَضَادٍ، كرَبَاعٍ، وشَنَاحٍ: قَصِيرٌ مُكَتَّلٌ مُقْتَدِرُ الخَلْقِ مُوَثَّقُهُ، قال:

لعلَّكِ إِن زايَلْتِني أَن تَبَدَّلِي *** مِنَ القَوْمِ مِبْطَانَ القُصَيْرَى عَضَادِيَا

وامرَأَةٌ عُضَادٌ، كسَحَابٍ، وعَضَاد، كرَباعٍ: غَلِيظَةُ العَضُدِ سَمْجَتُها كذا في نوادر الفَرَّاءِ.

والعَضَادُ، كَسَحَابٍ: القَصِيرُ من الرِّجالِ، قاله المُؤرِّج، وأَنشد قَوْلَ العُجَير السَّلُوليّ:

ثَنَتْ عُنُقًا لم تَثْنِهِ جَيْدَرِيَّةٌ *** عَضَادٌ ولا مكْنُوزةُ اللَّحْمِ ضَمْزَرُ

الضَمْزَر: الغليظةُ اللِّئيمةُ ومن النساءِ أَيضًا: عَضَادٌ، عن المؤرِّج أَيضًا. والعَضَاد أَيضًا: الغَليظة العَضُدِ مِنْهُنّ، ولا يَخْفَى، أَنَّه مع ما قَبْلَه تَكرارٌ مَحْضٌ.

والعِضَادُ، ككِتَابٍ: ما شُدَّ في العَضُدِ من الحِرْز والدُّمْلُج، كالمِعْضَادِ والمِعْضَد.

والمِعْضَادُ حَدِيدةٌ كالمِنْجَل ليس لها أُشُرٌ، يُربَطُ نِصَابُها إِلى عصًا أَو قَناةٍ، ثم يَهْصُرُ بها الرَّاعِي فُروعَ غُصونِ الشَّجَرِ على إِبِلِه أَو غنمِه، قال:

كأَنَّما تُنْحِي على القَتَادِ *** والشَّوْكِ حَدَّ الفَأْسِ والمِعْضادِ

وعُضْدانُ، بالضّمّ، قَلْعَةٌ باليَمَنِ من قِلَاعِ صنعاءَ، نقله الصاغانيُّ.

والمِعْضاد أَيضًا: سَيْفٌ للقَصَّابِ يَقْطَعُ به العِظَامَ، عن ابن شُمَيلٍ.

والمِعْضَدُ والمِعْضَاد: ما عَضَدْتَهُ في العَضُدِ مِنْ سَيْرٍ ونحْوه، كالحِرْزِ، عن ابنِ دُرَيْدٍ، ويقال له بالفارسية: بازُوبَنْد.

والمِعْضاد: سَيْفٌ يُمْتَهَنُ في قَطْعِ الشَّجَرِ، كالمِعْضَدِ، أَنشد ثعلب:

سَيْفًا بِرِنْدًا لم يَكُن مِعْضَادَا

وعُضَيْدَةُ بنُ عَبَّاس الظِّهْرِيُّ، كجُهَيْنَةَ: مُحَدِّثٌ، منسوبٌ إِلى الظِّهْرِ بالكسر، قال ابنُ الأَثِيرِ: هو بَطْنٌ من حِمْيَر، وسيأْتي، يَرْوِى عن أَبِيه، عن جَدِّه، وعنه ابنُه يَعقوبُ بنُ عُضَيْدَةَ.

واليَعْضِيدُ، كَيَبْرِينَ، وفي بعض النسخ: كيَقْطين: بَقْلَةٌ زَهرُها أَشدُّ صُفْرةً من الوَرْسِ. وقيل: هي من الشَّجَرِ، وقيل؛ من بُقول الرَّبيعِ، فيها مرارةٌ. كذا في المحكم.

وقال أَبو حنيفة: هي بَقْلَةٌ من الأَحرارِ، مُرَّة، لها زَهرةٌ صَفراءُ، تَشْتَهِيها الإِبِلُ والغَنَمُ، والخَيْلُ أَيضًا تُعجَب بها وتُخْصِب عليها، قال النابغةُ وَوصفَ خيلًا:

يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْدَاقِها *** صُفْرًا مَناخِرُها من الجَرْجارِ

وقيل: هي الطَّرْخَشْقُوقُ، وفي التهذيب: التَّرْخَجْقُوق.

وَرَمَى فأَعْضَدَ: ذَهَبَ يَمِينًا وشِمَالًا، كعَضَّدَ تَعضيدًا، وهذا مِمَّا استُدرِك به على اللِّسَان.

ومن المجاز: هُنَّ رافلاتٌ في الوَشْيِ المُعَضَّد.

المُعَضَّد، كمُعَظَّمٍ: ثوبٌ لَهُ عَلَمٌ في مَوْضِعِ العَضُدِ مِن لابِسِه، قال زُهَيْر، يصف بقرةً:

فجالَتْ على وَحْشِيِّها وكأَنَّها *** مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ

وقيل: ثَوبٌ مُعَضَّد: مُخَطَّط على شَكْلِ العَضُدِ. وقال اللِّحْيَانِيُّ: هو الّذي وَشْيُه في جوانِبِهِ.

وفي الأَساس: ثَوبٌ مُعَضَّد: مُضَلَّع.

والمُعَضَّدُ كَمُحَدِّثِ بُسْرٌ يَبْدُو التَّرْطِيبُ في أَحَدِ جانِبَيْهِ وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة.

واعْتَضَدْتُه: جَعَلْتُه في عَضُدِي واحتَضَنْته، كتَعَضَّدْته، ومنه قول الحَرِيرِيّ: اعتضَدَ شِكْوتَه، وتَأَبَّط هِرَاوَتَه.

والاعتِضادُ: التَّقَوِّي والاستعانةُ، يقال: اعتضَدتُ به؛ أَي استَعَنْت بِه.

واستعضَدَ الشَّجَرةَ، عَضَدَها؛ أَي قَطَعَها بالمِعْضَدِ، عن الهَرَوِيّ.

واستَعْضَدَ الثَّمَرَةَ: اجتَناها، قال الهَرَويّ: ومنه‌حديث طَهْفَةَ: «ونَسْتَعْضِدُ البَرِيرَ» أَي نَقطَعه ونَجْنِيه مِن شَجَرِهِ للأَكْل. يقال: عَضَدَ واستَعْضَد، وعَلَا واستَعْلَى، وقَرَّ واستَقَرَّ.

وَرَجُلٌ عُضَادِيُّ، مُثَلَّثَةً، الفتح والكسْر عن الكِسائِيِّ: عَظِيمُ العَضُدِ، وأَعْضَدُ، دَقِيقُها. وقد تقدَّم.

والعَضَدِيَّةُ محرَّكَةً ماءٌ شَرْقِيَّ فَيْدَ، وفي التكملة: غَرْبِيَّ فَيْدَ، قَريبٌ من أَجَإِ وسَلْمَى.

والعرب تقول: فَتَّ فُلانٌ في عَضُدِهِ، إِذا كَسَر مِن نِيَّاتِ أَعوانِهِ، وهم أَهْلُ بيتِه، وفَرَّقَهُم عَنْهُ، وقَدَح في ساقِه يَعْنُون نَفْسَه. و«في» بمعنى: «من»، كقولِ امرئِ القَيْسِ:

وهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ *** ثَلاثِينَ حَوْلًا في ثَلاثةِ أَحوالِ

أَي من ثلاثةِ أَحوالٍ.

وتَعَاضَدُوا: تَعَاوَنُوا.

وعَاضَدُوا مُعَاضدةً: عاوَنُوا، وعاضَدَنِي فلانٌ على فُلانٍ: أَعانَنِي، وهو مُعَاضِدُه: مُرَافِقُه، ومُعَاوِنه، كَعاضِدِه.

* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

في صِفَتِهِ صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم «كان أَبيَضَ مُعَضَّدًا». هكذا رواه يَحْيَى بن مُعِين وهو المُوَثَّق الخَلْقِ. والمَحْفوظُ في الرِّواية «مُقَصَّدًا» واستَعْمَل ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ الأَعضادَ للنَّحْل، فقال:

وكَأَنَّمَا جَرَسَتْ على أَعضَادِهَا *** حَيْثُ استقَلَّ بها الشَّرَائعُ مَحْلَبُ

شَبَّه ما عَلى سُوقِهَا من العَسَلِ بالمَحْلَب.

وأَعضَد المَطَرُ وعَضَّدَ: بَلَغَ ثَرَاه العَضُدَ.

والعِضَادُ: ككِتَابِ من سِمَاتِ الإِبل وَسْمٌ في العَضُد عَرْضًا، عن ابنِ حبيب من «تذكرة» أَبي عليٍّ، ويقال لها القَذُورُ.

والعَضُد: القُوَّةُ، لأَن الإِنسانَ إِنَّمَا يَقْوَى بِعَضُده، فسُمِّيَت القُوَّةُ به.

وفي التنزيل: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} قال الزّجَّاج: أَي سَنُعِينُك بِأَخِيك. قال: ولَفْظُ العَضُد على جِهَةِ المَثَلِ، لأَنَّ اليَدَ قِوَامُهَا عَضُدَها.

واملِكْ أَعضادَ الإِبِلِ: قَوِّمْ مَسِيرَها، حتَّى لا تَذهبَ يمينًا ولا شِمالًا.

وفُلانٌ عِضَادَةُ فُلانٍ؛ أَي لا يُفَارِقه. وهما من المَجَاز. وعَضُدَا الرَّحْلِ: خَشَبتان تَلْزَقانِ بواسِطَته، وقيل: بأَسْفَلِ واسِطَتِه. وقال أَبو زيد: يقال لأَعْلَى ظَلِفَتَيِ الرَّحْلِ مِمَّا يَلِي العَرَاقِيَ: العَضُدانِ، وأَسْفَلِهما: الظَّلِفَتانِ، وهما ما سَفَلَ من الحِنْوَيْنِ، الواسِطِ والمُؤَخَّرةِ.

وعَضُدُ النَّعْلِ، وعِضَادَتاهَا: اللَّذَانِ يَقَعَانِ على القَدَمِ.

وعِضادَتَا البابِ والإِبْزِيمِ: ناحِيَتَاه، وما كان نَحْوَ ذلك فهو العِضَادة. وعِضَادَتا البابِ: الخَشَبَتَانِ المَنْصُوبتانِ عن يَمِينِ الداخِلِ منه وشِمَاله. والعِضادَتانِ: العُودانِ اللَّذَانِ في النِّير الّذِي يكون على عُنُقِ ثَوْرِ العَجَلَةِ. والوَاسِطُ: الّذِي يكونُ وَسْطَ النِّير.

والعاضِدَانِ: سَطْرَانِ من النَّخْل على فَلَجٍ.

ورَجلٌ عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ، الأَخيرةُ عن كُرَاع: قَصِيرٌ.

والعَوَاضِد: ما يَنْبُت من النَّخْلِ على جانِبَيِ النَّهرِ.

وقال النَّضْر: أَعضادُ المَزارِعِ: حُدودُهَا، يعني الحدُودَ الّتي تكون فيما بينَ الجارِ والجارِ كالجُدْرَانِ في الأَرَضِينَ.

وفي الأَساس، في المجاز: وارْفَعْ أَعْضَادَ الدَّبْرَةِ [وهي] جُدُرُهَا الّتي تُمسِكُ الماءَ.

ووَقَفا كأَنَّهُما عِضادَتانِ.

ودَارَةُ اليَعْضِيد: من دارَاتِهم.

ونَاقةٌ عَضَادٌ، وهي الّتي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتَّى يَخْلُو لَهَا، تَنْصَرِمُ عن الإِبل.

وقال أَبو زيد: يقال إِذا نَخَرَت الرِيحُ من هذه العَضُدِ أَتاكَ الغَيْثُ، يعنِي ناحِيَةَ اليَمنِ.

وسَمَّوْا مِعْضادًا، كمِحْرَابٍ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


16-تاج العروس (مدر)

[مدر]: المَدَرُ، مُحَرَّكةً: قِطَعُ الطِّينِ اليابِسِ المُتماسِكِ، أَو الطِّينُ العِلْكُ الَّذِي لا رَمْل فيه، وَاحدَتُه بهاءٍ. ومن المَجَاز قولُ عامر بن الطُّفيْل للنَبيِّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم: «لنا الوَبَرُ ولكُم المَدَر» إِنّمَا عَنَى به المُدُن أَو الحَضَر، لأَنَّ مَبَانيَهَا إِنّمَا هي بالمَدَر، وعَنَى بالوَبَرِ الأَخْبِيَةَ لأَنّ أَبْنِيَةَ البَادِيَةِ بالوَبَر.

والمَدَرُ: ضِخَمُ البطْنِ، ومنه مَدِرَ الرجلُ، كفَرِحَ، مَدَرًا، فهو أَمْدَرُ بَيِّنُ المَدَرِ، إِذا كان عَظيمَ البطْنِ مُنْتفِخَ الجَنْبَيْن، وهي مَدْرَاءُ. وسيأْتي معنى الأَمْدَر بعدُ أَيضًا.

وأَمّا قولُهُم: الحِجَارَةُ والمِدَارَةُ، بالكسْر، فهو إِتْباع، ولا يُتكلَّم به وَحدَه مُكسَّرًا على فِعَالة، هذا مَعْنى قولِ أَبي رِيَاش.

وامْتَدَر المَدَر: أَخَذَه.

ومَدَرَ المَكانَ يَمْدُرُهُ مَدْرًا: طانَهُ، كمَدَّرَهُ تَمْديرًا. ومَكانٌ مَدِيرٌ: مَمْدُور. ومَدَرَ الحَوْضَ: سَدَّ خَصَاصَ حِجارَتِه بالمَدَرِ، وقيل: هو كالقَرْمَدَة إِلَّا أَنَ القَرْمَدَة بالجِصّ، والمَدْرَ بالطَّين. وفي التهذيب: والمَدْرُ: تَطْيِينُكُ وَجْهَ الحَوضِ بالطِّين الحُرّ لئلَّا يَنْشَفَ؛ وقيل: لئلَّا يَخْرُج منه الماءُ. وفي حَديث جابر: فانْطَلَق هو وجَبَّارُ بنُ صخْرَةَ فنَزَعَا في الحَوض سَجْلًا أَو سَجْلَيْن فمَدَارَه أَي [طيّناه و] أَصْلحاه بالمَدَر.

والمِمْدَرَة، كمِكْنسَة، وتُفْتحُ الميمُ، الأُولى نادِرَة: المَوْضِعُ فيه طِينٌ حُرٌّ يُسْتعَدُّ لذلكَ. وَضَبَط الزمخشريُّ اللُّغة الثانِيَة كمَقْبُرَة وتقُول: أَمْدِرُونا من مَمْدُرَتكُم.

والهَدَّة مَمْدُرَةُ أَهْل مكَّة. ومَدَرَتُك مُحَرَّكة: بَلْدَتُك أَو قَرْيَتُك، وفي اللّسان: والعربُ تُسمِّي القَريَةَ المَبْنيَّة بالطِّين واللَّبِن المَدَرةَ، وكذلك المدينةُ الضَّخْمة يُقال لها المَدَرَة، وفي الصحاح: والعربُ تُسمِّي القَرْية المَدَرَة. قال الراجزُ يصفُ رجُلًا مجتهدًا في رِعْيَةِ الإِبلِ، يقومُ لوِرْدِها من آخرِ اللَّيْل لاهْتمامه بها:

شَدَّ علَى أَمْرِ الوُرُودِ مِئْزَرَهُ *** لَيْلًا وما نَادَى أَذِينُ المَدَرَهْ

والأَذِينُ هنا: المُؤذِّن. قلتُ: وهو مَجاز. ومن سجعات الأَساس: اللهُمَّ أَخْرِجْني من هذه المَدَرَةِ، وخَلِّصْني من هؤُلاءِ المَدَرَة. الأَخير جمْع مادِر.

ومن المَجاز: بَنُو مَدْراءَ: أَهْلُ الحَضَر؛ لأَنَّ سُكناهُم غالبًا في البُيُوت المَبْنيَّة بالمَدَر.

والأَمْدَرُ: الخارِئُ في ثِيَابه. قال مالكُ بنُ الرَّيْب:

إِنْ أَكُ مضْرُوبًا إِلى ثَوْبِ آلِفٍ *** مِن القَوْمِ أَمْسَى وهْو أَمْدَرُ جانِبُهْ

أَو الأَمْدَر: الكَثيرُ الرَّجِيع العاجِزُ عن حَبْسِه، نقله أَبُو عُبَيْدٍ عن بعضهم.

والأَمْدَرُ: الأَقْلفُ، وبه فَسَّر خالدُ بنُ كُلثوم قَولَ عَمْرو بن كُلْثُوم:

أَلَا هُبِّي بصَحْنِك فاصْبَحِينَا *** ولا تُبُقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا

بالميم، نقلَه الصاغانيّ. قلتُ: هكذا قالهُ شَمِرٌ، سمعْتُ أَحمد بن هانئٍ يقولُ: سمعتُ خالدَ بن كُلْثوم، فذكرَه.

والأَمْدرُ: الأَغْبَرُ، وهو المِعْمالُ الَّذِي يَمْتَهِنُ نَفْسَه ولا يَتعهَّدها، كقولهم للمِسْفار: أَشْعَث أَغْبَر، وهو مَجاز.

والأَمْدرُ: المُنْتَفِخُ الجَنْبَيْن العظيمُ البطْنِ، قاله أَبو عُبيْد وأَنشد للرَّاعي يَصفُ إِبِلًا لها قَيِّم:

وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْنِ مُنْخَرِقٍ *** عنْهُ العَبَاءَةُ قَوَّامٍ على الهَمَلِ

ويُقالُ: الأَمْدَرُ: منْ تَتَرَّبَ جَنْبَاهُ من المَدَر، يذهَبُ به إِلى التُّراب؛ أَي أصابَ جَسدَه التُّرابُ.

والأَمْدَرُ من الضِّباع: الَّذي في جَسده لُمَحٌ، وفي اللِّسَان على بَطْنِه لُمَعٌ من سَلْحِهِ، ويقال: لَوْنٌ له، وفي حديث إِبراهيمَ النَّبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم: «أَنّه يأْتيه أَبُوه يَومَ القِيامة فيسأَلُه أَنْ يَشْفع له، فيلتفتُ إِليه فإِذا هو بضِبْعانٍ أَمْدَرَ، فيقولُ: ما أَنت بأَبي» وفي لفْظٍ: أَمْجَر، بالجيم، وقد تقدَّم، وهو مجاز.

ومنْ أَمْثالهم: أَلْأَمُ مِنْ مَادِرٍ. وفي الأَساس: «أَبْخَلُ من مَادِرٍ». قالوا: مَادِرٌ لَقبُ مُخارِقٍ لَئيمٍ جَدّ بني هلال بن عامرٍ. وفي الصّحاح: هو رجُلٌ مِن بني هِلالِ بن مالك، كذا في النُّسخ، وصوابُه كما في الصحاح وغيْره: هِلال بن عامر بن صَعْصَعة بن مُعاويَة بن بكْر بن هَوازِن، لأَنَّه سَقَى إِبلَه فبَقِيَ في أَسْفَلِ الحَوْضِ ماءٌ قليلٌ فسَلَح فيه ومَدَرَ الحَوضَ به، بُخْلًا أَن يُشْرَب من فَضْله. قال ابنُ برِّيّ: هذا هلالٌ جدٌّ لمحمدّ بن حَرْبٍ الهلاليّ صاحب شُرْطةِ البَصْرة.

وكانتْ بنُو هِلال عَيَّرَت بني فَزَارَةَ بأَكْلِ أَيْرِ الحِمَار، ولمَّا سَمِعت فَزارَةُ بقول الكُمَيْت بن ثعْلبَة:

نَشَدْتُكَ يا فَزارُ وأَنْتَ شَيْخٌ *** إِذَا خُيِّرْتَ تُخْطئُ في الخِيَارِ

أَصَيْحَانِيَّةٌ أُدِمَتْ بسَمْنِ *** أَحَبُّ إِليْكَ أَمْ أَيْرُ الحِمَارِ

بلَى، أَيْرُ الحِمَار وخُصْيَتَاهُ *** أَحَبُّ إِلى فَزَارةَ من فَزَارِ

قالت بنو فَزَارة: أَلَيْسَ منكم يا بني هِلالٍ مَن قَرَا في حَوضه فسَقَى إِبلَه، فلمَّا رَوِيَتْ سَلَحَ فيه ومَدَرَه، بُخْلًا أَنْ يُشْرَب منه فَضْلُه، وكانُوا جعلُوا حَكَمًا بينهم أَنَس بنَ مُدْرِك، فقضَى علَى بَني هِلال بعظم الخِزْي. ثم إِنّهم رَمَوْا بني فَزارةَ بِخِزْيٍ آخَرَ وهُوَ إِتْيَانُ الإِبل، ولهذَا يَقُول سالمُ بنُ دَارَةَ:

لا تَأْمَنَنَّ فَزَارِيًّا خَلَوْتَ بهِ *** على قَلُوصِك واكْتُبْها بأَسْيارِ

لا تَأْمَنَنْهُ ولا تَأْمنْ بَوَائقَهُ *** بَعْدَ الذي امْتَلَّ أَيْرَ العَيْرِ في النَّارِ

فقال الشَّاعرُ:

لَقَدْ جَلَّلَتْ خِزْيًا هِلَالُ بنُ عامرٍ *** بَنِي عامرٍ طُرًّا بسَلْحَةِ مادِرِ

فأُفٍّ لكمْ لا تَذْكُرُوا الفَخْرَ بعدَهَا *** بَنِي عامرٍ أَنْتُمْ شِرَارُ المَعَاشِرِ

ومَدَرى، كجَمَزَى: جَبَلٌ من جِبَالِ نَعْمَانَ، نقله الصاغانيّ.

ومدَرُ، كجَبَل: قرية باليَمَن. ومنه فُلانٌ المَدَرِيُّ. كذا في الصحاح.

والمَدَرَةُ، محرَّكَةً وفي التَّكملة: ومَدَرَةُ: مَضِيقٌ لبَني شُعْبَةَ قُرْبَ مَكَّةَ، شرَّفها الله تعالَى، وهو ممَّا يَلِي اليَمَنَ، في ديارهم.

وثَنِيَّةُ مِدْرَانَ، بالكَسْر: من مَسَاجدِ النّبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وسلم بين المَدينَة وتَبُوك.

والمَدْرَاءُ: الضَّبُعُ، ويقالُ: ضَبُعٌ مَدْرَاءُ، إِذا كَان عَظيمَ البَطْنِ. وفي الأَساس: ويُقَال: أَعْيَثُ من المَدْراءِ، وهي الضَّبُع، لغُبْرَةِ لَوْنَها. انْتَهَى، وقال ابن شُمَيْل. المَدْراءُ من الضِّباع: التي لَصِقَ بها بَوْلُهَا.

ومَدْراءُ: ماءٌ بنَجْدٍ لبَني عُقَيْل، نَقَلَه الصاغَانيُّ.

ومَدَّرَ تَمْديرًا: سَلَحَ، وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمل في الضَّبُع.

والمُمَدَّرَةُ، كمُعَظَّمَةٍ: الإِبلُ السِّمَانُ، وهو مَجاز:

* وممّا يُسْتَدْرك عليه:

مَكَانٌ مَدِيرٌ: مَمْدُورٌ.

والمَمْدُور: مَوضِعٌ بعَينه في دِيار غَطَفانَ.

والأَمْدَرُ: الرَّجُل لا يَمْتَسِح بالمَاءِ ولا بالحَجَر.

والمَدَرِيَّةُ، مُحَرَّكَةً: رِمَاحٌ كانت تُرَكَّبُ فيها القُرُون المُحَدَّدَة مَكَانَ الأَسِنَّة، قال لَبيد يَصف البقَرَةَ والكِلابَ:

فلَحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لها مَدَرِيَّةٌ *** كالسَّمْهَرِيَّة حَدُّها وتَمَامُهَا

كذا في اللسان، قال الصاغانيُّ: والصَّوابُ مَدْرِيَّة، بسُكُون الدال أَي مُحَدَّدة، وموضع ذِكْره في المُعْتَلّ.

وقال الزَّمَخْشَريُّ: ومن المَجَاز: عَكَرَةٌ كَدْرَاءُ مَدْرَاءُ: ضَخْمَةٌ كبيرةٌ، وهو من كُدْرَةِ اللَّوْن وغُبْرَته، كما يُشَبَّهُ الجَمْعُ الكَثيفُ باللَّيْل. ويُقال له: السَّوادُ والدَّهْماءُ.

ومَدَرَ الرجُلُ: أَبْدَى؛ لاستعماله المَدَرَ، وكنى عن السَّلْح بالطِّين.

وفي مختصر البُلْدان: المَدَارُ، كسَحَابٍ: مَوضِعٌ بالحِجاز في دِيار عَدْوانَ.

ومُحمَّد بنُ عليٍّ المَادَرَائيّ وَزيرُ مصرَ، وأَبو بكْرٍ مُحمَّدُ بنُ محمَّد بن أَحْمدَ بن مادَرَة المادَرَيِّ الفقيهُ، حدَّث عنه أَبو سَعْد الإِدْريسيّ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


17-تاج العروس (بذل)

[بذل]: البَذْلُ معروف مَعْرُوفٌ وهو الإِعْطَاءُ عن طيبِ نَفْسٍ بَذَلَهُ يَبْذُلُهُ ويَبْذِلُهُ من حَدَّي نَصَرَ وضَرَبَ الأَخِيرَةُ عن ابنِ عبَّادٍ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على الأُوْلَى، بَذْلًا أَعْطَاهُ وجادَ به والابْتِذالُ ضِدُّ الصِّيانَةِ وقد ابْتَذَلَه أَهَانَه ثَوْبًا أَو غَيْرَه، يقالُ: مالَهُ مصون وعِرْضُه مُبْتَذَلٌ والمبذلة كمِكْنَسَةٍ ما لا يُصانُ من الثِّيابِ كالبِذْلَةِ بالكسرِ وهو الثَّوبُ الخَلَقُ كالمِبْذَلِ كمِنْبَرٍ والجَمْعُ. المَباذِلُ. قالَ ابنُ بَرِّي: وأَنْكَرَ عليُّ بنُ حَمْزَةَ: المِبْذَلَةُ وقالَ: هي مِبْذَلٌ بغيرِ هاءٍ، وحَكَى غيرُه عن أَبي زَيْدٍ مِبْذَلة، وقَدْ قيلَ أَيْضًا: مِيْدَعَةٌ ومِعْوَزَةٌ عن أَبي زَيْدٍ لواحِدَةِ المَؤادِع والمَعَاوِز، وهي الثِّيابُ والخُلُقُ وكذلك المَبَاذِلُ، يقالُ خَرَجَ عَلَيْنا في مَبَاذِلِه، أي فيمَا يُمْتَهن به من الثِّيابِ ويتبذل في مَنْزِلِه، وقَوْلُ العامَّةِ: البَدْلَةُ بالفتحِ وإهْمال الدَّال للثيابِ الجدُدِ خَطَأٌ من وُجُوهٍ ثلاثَةٍ والصَّوابُ بكسرِ المُوَحَّدَةِ وإِعْجام الذَّال وأَنَّه اسمٌ للثّيابِ الخُلقِ فتأمَّلْ ذلِكَ، وقَد تُجْمَعُ البَذْلَةُ على بِذَلٍ كعِنَبٍ والمُبْتَذِلُ لابِسُه وأَيْضًا مَنْ يَعْمَلُ عمَلَ نَفْسِه وفي المحْكَمِ الذي يلي عَمل نفسه كالمُتَبَذِّلِ ومنه حدِيثُ الاسْتِسْقاء فَخَرَجَ مُتَبَذِّلًا أي تارِكُ التَّزين على جِهَةِ التَّوَاضُعِ ومن المجازِ: سيفٌ صَدْقُ المُتبذلِ إذا كان ماضِي الضَّرِيبَةِ ومن المجازِ: هذا فرسٌ له صَوْنٌ وبَذْلٌ أَي يَصُون بعضَ جَرْيهِ ويَبْذَلُ بعضه لا يخرجه كلّه دفعةً، أو فرسٌ له ابْتِذالٌ أي له حُضْرٌ يَصُونُه لوَقْتِ الحاجةِ إليه ومَبْذولٌ شاعِرٌ من غَنِيٍّ، وبَذْلٌ كَنجْمٍ وشَدَّادٍ وزُبَيْرٍ أَسماءٌ أَمَّا بَذْلٌ فإنَّه اسمُ امرأةٍ لها ذِكْرٌ في الأَغاني وأَمَالي الصُّولي، ذَكَرَها ابنُ نُقْطَةَ قالَهُ الحافِظُ وأَمَّا بُذَيْلٌ فقالَ السهيليُّ في الرَّوضِ نَقْلًا عن الدَّارْقُطْنِيِّ أَنَّه ليس في العَرَبِ بُذَيْل إلَّا بُذَيْلُ بنُ سَعْدٍ بن عَدِيِّ بنِ كاهِلٍ بنِ نَصْر بن مالِكٍ بن غَطَفَان بن قَيْسِ بن جُهَيْنة وهو جدُّ عَدِيّ بن أَبي الزغْبَاءَ المَذْكُور في غَزْوَةِ بَدْرٍ.

قلْتُ: وهو الصَّحابِيُّ رَضِيَ الله تعالَى عنه، ويقالُ: اسمُ أَبِيه سِنَانُ بنُ سُبَيْع بن رَبِيْعَة بن زُهْرَة بن بُذَيْل.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

رجُلٌ صَدْقُ المُبْتَذَل: أي ماضي الضَّرِيبَةِ وهو الذي إذا ابْتَذَلْته وَجَدْتُه صُلْبًا قال لَبِيدُ رضي ‌الله‌ عنه:

ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرَى *** عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدقِ المُبْتَذلْ

والتَّبَذّلُ: تَرْكُ التَّصَوّنِ. والبذالة: البَذْلُ ويقالُ: هُم مَبَاذِيلُ للمَعْرُوفِ.

وكَلامٌ ومَثَلٌ مُبْتَذَلٌ أي مَلْهُوجٌ بذِكْرِه مُسْتَعْملٌ. وسَأَلْته فأَعْطَاني بَذْلَ يمينِه أي ما قَدِرَ عليه، ومن المجازِ: صَوْنُه خيرٌ من بَذْلِه أي باطِنُه خيرٌ من ظاهِرِه.

وبَذَلَ الثَّوبَ لَبِسَه في أَوْقاتِ الخدْمَةِ كابْتَذَلَه واسْتَبْذَلَه: طَلَبَ منه البَذْلَ.

ورجُلٌ بَذَّالٌ وبَذُولٌ: كثيرُ البَذْلِ للمالِ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


18-المصباح المنير (بذل)

بَذَلَهُ بَذْلًا مِنْ بَابِ قَتَلَ سَمَحَ بِهِ وَأَعْطَاهُ وَبَذَلَهُ أَبَاحَهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَبَذَلَ الثَّوْبَ وَابْتَذَلَهُ لَبِسَهُ فِي أَوْقَاتِ الْخِدْمَةِ وَالِامْتِهَانِ وَالْبِذْلَةُ مِثَالُ سِدْرَةٍ مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْخِدْمَةِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ بَذَلْت الثَّوْبَ بِذْلَةً لَمْ أَصُنْهُ وَابْتَذَلْت الشَّيْءَ امْتَهَنْته وَالْمِبْذَلَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِثْلُهُ وَالتَّبَذُّلُ خِلَافُ التَّصَاوُنِ.

المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م


19-المصباح المنير (عضد)

عَضَدْتُ الشَّجَرَةَ عَضْدًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعْتُهَا.

وَالْمِعْضَدُ وِزَانُ مِقْوَدٍ سَيْفٌ يُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ الشَّجَرِ وَالْمِعْضَدُ أَيْضًا الدُّمْلُجُ.

وَعَضَدْتُ الدَّابَّةَ أَعْضِدُهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْضًا عُضُودًا مَشَيْتُ إلَى جَانِبِهَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَمِنْهُ.

سَهْمٌ عَاضِدٌ إذَا وَقَعَ عَنْ يَمِينِ الْهَدَفِ أَوْ يَسَارِهِ وَالْجَمْعُ عَوَاضِدُ.

وَعَضَدْتُ الرَّجُلَ عَضْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ أَصَبْتُ عَضُدَهُ أَوْ أَعَنْتُهُ فَصِرْتُ لَهُ عَضُدًا أَيْ مُعِينًا وَنَاصِرًا وَتَعَاضَدَ الْقَوْمُ تَعَاوَنُوا.

وَالْعَضْدُ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ إلَى الْكَتِفِ وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ وِزَانُ رَجُلٍ وَبِضَمَّتَيْنِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51] وَمِثَالُ كَبِدٍ فِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ وَمِثَالُ فَلْسٍ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَالْخَامِسَةُ وِزَانُ قُفْلٍ قَالَ أَبُو زَيْدٍ أَهْلُ تِهَامَةَ يُؤَنِّثُونَ الْعَضُدَ وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ وَالْجَمْعُ أَعْضُدٌ وَأَعْضَادٌ مِثْلُ أَفْلُسٍ وَأَقْفَالٍ.

وَفُلَانٌ عَضُدِي أَيْ مُعْتَمَدِي عَلَى الِاسْتِعَارَةِ.

وَالْعِضَادَةُ بِالْكَسْرِ جَانِبُ الْعَتَبَةِ مِنْ الْبَابِ.

وَرَجُلٌ عُضَادِيٌّ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا عَظِيمُ الْعَضُدِ.

المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م


20-مختار الصحاح (بذل)

(بَذَلَ) الشَّيْءَ أَعْطَاهُ وَجَادَ بِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ.

وَ (الْبِذْلَةُ) وَ (الْمِبْذَلَةُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا مَا يُمْتَهَنُ مِنَ الثِّيَابِ وَ (ابْتِذَالُ) الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ امْتِهَانُهُ وَ (التَّبَذُّلُ) تَرْكُ التَّصَاوُنِ.

مختار الصحاح-محمد بن أبي بكر الرازي-توفي: 666هـ/1268م


21-أساس البلاغة (مدر)

مدر

مدر الحوض يمدره، وحوضٌ ممدور. والهدّة ممدرة أهل مكة بالفتح والضم كالمقبرة. وأمدرونا من ممدرتكم. وتقول: كيف يثبت في الغدر، من لا يصبر عن المدر. «وأعيث من المدراء» وهي الضّبع لغبرة لونها كما قيل لها: الغثراء.

ومن المجاز: ما رأيت في الوبر والمدر مثله أي في البدو والقرى. وفي الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعامر بن الطفيل «أسلم يا عامر» فقال: على أن لي الوبر ولك المدر. وقال:

شدّ على أمر الورود مئزره *** ليلًا وما نادى أذين المدره

وتقول: اللهم أخرجني من هذه المدره، وخلّصني من هؤلاء المدره؛ تريد جمع المادر وهو الذي يمدر حوضه بسلحه لشحه لئلا يسقى فيه غيره، ومنه المثل «أبخل من مادر» وعكرة كدراء مدراء: للضّخمة الكبيرة وهو من كدرة اللون وغبرته كما يشبّه الجمع الكثيف بالليل ويقال له: السّواد والدهماء، ومنه قولهم: ضبعان أمدر: للضخم البطن المنتفخ الجنبين. ويقال: فلان أمدر الجنبين: للعمال الذي يمتهن نفسه ولا يتعهدها كقولهم: أشعث أغبر: للمسفار. قال الراعي:

وقيّم أمدر الجنبين منخرق *** عنه العباءة قوّام على الهمل

ومدر الرجل: أبدى، لاستعماله المدر، أو كنى عن السلح بالطّين. قال جرير:

فلم ينج إلاّ بالتي لم تدع له *** فؤادًا ومنها بين رجليه مدّرا

التي لم تدع: الخيفة، ومنه قيل في الضّبعان: الأمدر وهو الذي به لمع من سلحه.

أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م


22-مجمل اللغة (عضد)

عضد: العضد: ما بين المرفق إلى الكتف يقال: عضُد وعضْد.

وعضدت فلانًا إذا أعنته.

وفلان عضدي وهو استعارة.

ويقولون: رجل أعضد: دقيق العضد.

والعضد: داء يأخذ في العضد، عضد من كان.

وإبل معضدة: موسومة في أعضادها، والسمة عضاد.

والمعضد: الدملج.

وأعضاد كل شيء: ما يشد حواليه من البناء وغيره، كأعضاد الحوض، وهي الحجارة تنصب حول شفيره.

وكذلك عضادتا الباب.

واليعضيد: بقلة.

والعضيد: النخلة التي تتناولها بيدك لقربها

والجمع عضدان.

وعضدت البسرة: أرطبت من وسطها.

وقال أبن الأعرابي: هو أن يبدو الترطيب في أحد جانبيها.

والعضد: قطع الشجر بالمعضد: والمعضد: سيف يمتهن في قطع الشجر، والعاضد: القاطع.

والعضد: ما يقطع من الشجرة إذا عضدت.

وبرد معضد: مخطط.

وغلام عضادي: قصير ملزز.

والعاضدان: سطران من النخل على فلج.

والعاضد: الجمل يأخذ عضد الناقة فيتنوخها.

مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م


23-صحاح العربية (عضد)

[عضد] العَضُدُ: الساعد، وهو من المِرفق إلى الكتف.

وفيه أربع لغات: عضد وعضد، مثال حذر وحذر، وعضد وعضد، مثال ضعف وضعف وعَضَدْتُهُ أعْضُدُهُ بالضم: أعَنْتُهُ، وكذلك إذا أصبت عَضُدَهُ.

وعَضَدتُ الشجر أعضِدُهُ بالكسر، أي قطعته بالمِعْضَدِ، فهو مَعْضودٌ وعَضَدٌ بالتحريك.

ومنه قول الهذليّ:

ضَرْبُ المُعَوِّلِ تحت الديمةِ العَضَدا *** والمُعاضدة: المعاونة.

واعْتَضَدْتُ بفلان، أي استعنت به.

واعْتَضَدْتُ الشئ جعلته في عضدي.

والمعضد والمِعْضاد: سيفٌ يُمتَهَنُ في قطع الشجر.

والمِعْضَدُ: الدُمْلُجُ.

والعاضِدان: سطران من النخَل على فَلَجٍ.

والعاضِدُ: الجمل يأخذ عَضُدَ الناقة فيتنوَّخها.

الأصمعيّ: إذا صار للنخلة جذعٌ يتناول منه المتناولُ فتلك النخلة العَضِيد، وجمعها عِضدانٌ.

قال: فإذا فاتَتُ اليدَ فهي جبَّارةٌ.

ورجلٌ أعضدُ: دقيق العَضُدِ.

وعُضادِيٌّ: عظيم العَضُدِ.

ويدٌ عَضِدَةٌ، إذا قصرت عضدها.

عن ابن السكيت.

وأعضاد كل شئ: ما يُشَدُّ حواليه من البناء وغيره، كأعْضادِ الحوض، وهي حجارة تنصب حول شَفيرِه.

وكذلك عِضادَتا الباب، وهما خشبتاهُ من جانبيه.

والعَضَدُ بالتحريك: داءٌ يأخذ الإبل في أعْضادِها فتُبَطُّ.

تقول منه عَضِدَ البعير بالكسر.

قال النابغة.

شَكَّ الفريصة بالمدرى فأَنْفَذَها *** شَكَّ المبَيْطِرِ إذ يَشْفي من العضد - والمعضد: الثوب الذي له عَلَمٌ في موضع العضد من لا بسه.

قال زهير يصف بقرة: فجالتْ على وَحْشِيِّها وكأنَّها *** مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيٍّ معضد -

وإبل معضدة: موسومة في أعضادها، والسمة عضاد.

والمعضدة بكسر الضاد: البسرة التي يبدو الترطيب في أحد جانبيها.

واليعضيد: بقلة، وهى الطر خشقوق.

صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


24-صحاح العربية (بذل)

[بذل] بذلت الشئ أبذله بذلا، أي أعطيته وجُدْتُ به.

والبِذْلَةُ والمِبْذَلَةُ: ما يُمْتَهَنُ من الثياب، يقال: جاءنا فلان في مَباذِلِهِ، أي في ثياب بِذْلَتِهِ.

وابْتِذالُ الثوب وغيرهِ: امتهانُه.

والتَبَذُّلُ: تركُ التصاون.

صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


25-منتخب الصحاح (بذل)

بَذَلْتُ الشيءَ أَبْذُلُهُ بَذْلًا، أي أعطيته وجُدْتُ به.

والبِذْلَةُ والمِبْذَلَةُ: ما يُمْتَهَنُ من الثياب، يقال: جاءنا فلان في مَباذِلِهِ، أي في ثياب بِذْلَتِهِ.

وابْتِذالُ الثوب وغيرهِ: امتهانُه.

والتَبَذُّلُ: تركُ التَصاوُنِ.

منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


26-منتخب الصحاح (عضد)

العَضُدُ: الساعد، وهو من المِرفق إلى الكتف.

وفيه أربع لغات: عضَد، وعضِد، وعَضْدٌ وعُضْدٌ.

وعَضَدْتُهُ أعْضُدُهُ بالضم: أعَنْتُهُ، وكذلك إذا أصبت عَضُدَهُ.

وعَضَدتُ الشجر أعضِدُهُ بالكسر، أي قطعته بالمِعْضَدِ، فهو مَعْضودٌ وعَضَدٌ بالتحريك.

ومنه قول الهذليّ:

ضَرْبُ المُعَوِّلِ تحت الديمةِ العَضَدا

والمُعاضدة: المعاونة.

واعْتَضَدْتُ بفلان، أي استعنت به.

واعْتَضَدْتُ بالشيء: جعلته في عَضُدي.

والمِعضد والمِعْضاد: سيفٌ يُمتَهَنُ في قطع الشجر.

والمِعْضَدُ: الدُمْلُجُ.

والعاضِدان: سطران من النخَل على فَلَجٍ.

والعاضِدُ: الجمل يأخذ عَضُدَ الناقة فيتنوَّخها.

الأصمعيّ: إذا صار للنخلة جذعٌ يتناول منه المتناولُ فتلك النخلة العَضِيد، وجمعها عِضدانٌ.

قال: فإذا فاتَتُ اليدَ فهي جبَّارةٌ.

ورجلٌ أعضدُ: دقيق العَضُدِ.

وعُضادِيٌّ: عظيم العَضُدِ.

ويدٌ عَضِدَةٌ، إذا قصرت عَضُدُها.

وأعضادُ كلِّ شيء: ما يُشَدُّ حواليه من البناء وغيره، كأعْضادِ الحوض، وهي حجارة تنصب حول شَفيرِه.

وكذلك عِضادَتا الباب، وهما خشبتاهُ من جانبيه.

والعَضَدُ بالتحريك: داءٌ يأخذ الإبل في أعْضادِها فتُبَطُّ.

تقول منه: عَضِدَ البعير بالكسر.

قال النابغة:

شَكَّ الفَريضَةَ بالمِدْرى فأنفَذها *** شكَّ المُبَيْطِرِ إذ يشفي من العَضَدِ

والمُعَضَّدُ: الثوب الذي له عَلَمٌ في موضع العضُدِ من لابسه.

قال زهير يصف بقرة:

فجالتْ على وَحْشِيِّها وكأنَّها *** مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ

وإبلٌ مُعَضَّدةٌ: موسومةٌ في أعضادِها؛ والسِمَةُ عِضادٌ.

والمُعَضِّدَةُ: البُسرة التي يبدو الترطيب في أحد جانبيها.

منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م


27-تهذيب اللغة (عضد)

استعمل من وجوهه: عضد: قال الله جلّ وعزّ: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القَصَص: 35] قال الزجاج: أي سنُعينك بأخيك.

قال: ولفظ العضد على

جهة المثل، لأنّ اليدَ فوقها عضدها؛ وكلّ معينٍ فهو عَضُد.

وعاضَدَني فلانٌ على فلانٍ، أي عاونَني.

أبو عبيد عن أبي زيد: أهل تهامة يقولون العُضُد والعُجُز.

فيؤنّثونهما، وتميم تقول العَضُد والعَجُز ويذكِّرون، وفيه لغتان أخريان عَضْدٌ وعُضْد.

وقال جلّ وعزّ: {وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51].

وقرىء: {كنتَ}، أي ما كنت يا محمد لتتّخذ المضلِّين أنصارًا.

وعضُد الرجل: أنصارُه وأعوانه.

والاعتضاد: التقوِّي والاستعانة.

وقال الليث: العضُد: ما بين المَرفِق إلى الكتف، وهما العَضُدَان، والجميع الأعضاد.

وفلانٌ يَعضُد فلانًا، أي يُعِينه.

قال: واليَعْضِيد: بقلةٌ من بقول الربيع فيه مرارة.

أبو عبيد عن أبي زيد: عَضُد الحوض: من إزائه إلى مؤخّره.

والإزاء: مصبُّ الماء فيه.

قال الليث: وجمعه أعضادٌ.

وأنشد للبيد:

راسخ الدِّمْنِ على أعضاده *** ثلمتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ

يصف الحوضَ الذي قد طال عهدُه بالواردة.

وقال أبو عبيد: المعضّد: الثوب المخطَّط.

قال: وقال أبو زيد: يقال لأعلى ظَلِفَتي الرَّحْل ممّا يلي العَرَاقِي العَضُدان، وأسفلهما الظَّلِفتان، وهما ما سَفَلَ من الحِنْوَين: الواسط والمؤخرة.

وقال الليث: للرَّحْل العَضُدان، وهما خشبتان لصيقتانِ بأسفل الواسط.

قال: وعِضادتا الإبزيم من الجانبين، وما كان نحو ذلك فهو العِضادة.

قلت: وعضادتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشِماله.

ويقال فلانٌ عَضُدُ فلانٍ، وعِضادته، ومُعاضِده، إذا كان يعاونه ويرافقه.

وقال لبيد:

أو مِسحَلٌ سَنِقٌ عِضادةُ سَمحجٍ *** بسَراتها نَدَبٌ له وكُلومُ

يقول: هو يَعضُدها يكون مرّةً عن يمينها ومرّةً عن يسارها لا يفارقها: والعاضد: الذي يمشي إلى جانب دابّةٍ عن يمينه أو عن يساره.

وقد عَضَد يعضُد عُضودًا، والبعير معضود.

وقال الراجز:

ساقَتُها أربعةٌ كالأشطانْ *** يَعضُدها اثنان ويتلوها اثنانْ

ويقال اعضُدْ بعيرك ولا تَتْلُه.

وعضَد البعيرُ البعيرَ، إذا أخذَه بِعضُده فصرعه، وضَبَعَه إذا أخذه بضَبْعه.

وحمار عَضِدٌ وعاضد، إذا ضمَّ الأتُن من جوانبها.

وقال أبو عمرو: العضادتان: العودان اللذان في النِّير الذي يكون على عُنُق ثور العَجَلة.

قال: والواسط: الذي يكون وسطَ النِّير.

وقال الكسائيّ: يقال للدُّملج المِعضَدَةُ، وجمعها مَعاضد.

أبو عبيد عن الأصمعي: إذا صار للنخلة جِذعٌ يتناول منه المتناوِل فتلك النَّخلةُ

العَضِيد، وجمعها عِضْدانٌ.

وقال غيره: عَضَدَ القتبُ البعيرَ عضْدًا، إذا عضَّه فعقَره.

وقال ذو الرمة:

وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحال صوابرُ

وعضَدَتها الرِّحالُ، إذا ألحّتْ عليها.

وأعضاد البيت: نواحيه.

والعَضَد: ما عُضِدَ من الشَّجر، بمنزلة المعضود.

وقال النضر: أعضاد المزارع: جُدورها.

والعَضَد: داء يأخذ البعير في عَضُده، ومنه قول النابغة:

شَكَّ المُبيطِرِ إذْ يَشفي من العَضَدِ

ورجلٌ عُضاديٌ: ضخم العضُد.

أبو عبيد عن أبي زيد: عضَدتُ الرجلَ أعضُده، إذا أصبتَ عَضُده، وكذلك إذا أعنتَه وكنت له عَضُدًا.

وقال ابن شميل: اليَعضِيد: التَّرْخَجْقُوق.

وقال ابن السكيت: امرأةٌ عَضَادٌ.

وقال المؤرّج: ويقال للرجل القصير عَضَاد.

وأنشد قول الهذليّ:

لها عُنُق لم تُبْلِهِ جَيْدريَّةٌ *** عَضَادٌ ولا مكنوزةُ اللَّحم ضَمْرَزُ

عمرو عن أبيه: ناقةٌ عَضادٌ، وهي التي لا تردُ النَّضيح حتى يَخلُوَ لها، تنصرمُ عن الإبل.

ويقال لها القَذُور.

ثعلب عن ابن الأعرابي: العرب تقول: فلانٌ يفُتُّ في عَضُد فلانٍ ويَقدح في ساقه.

قال: فالعَضُد: أهل بيته.

وساقُه: نَفسُه.

وقال أبو زيد: يقال: إذا نحرت الرِّيح من هذه العضُد أتاك الغيث، يعني ناحية اليمين.

الأصمعيّ: السيف الذي يُمتَهَنُ في قطع الشجر يقال له المِعضَد.

وقال ابن شميل: المعضاد: سيف يكون مع القصّابين يُقطَع به العظام.

تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com